كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

اكتشاف جديد في مئوية أورسون ويلز

أمير العمري*

 

يحتفل العالم السينمائي في هذا العام بمرور مائة عام على مولد عبقري السينما الأميركية أورسن ويلز (1915-1985) صاحب التحفة الكبرى "المواطن كين"، وهو الفيلم الذي ظل طوال خمسين عاما ضمن قائمة الأفلام العشرة المفضلة لدى عشاق السينما.

وقد شهد هذا العام أيضا حدثا آخر مثيرا هو الكشف عن فيلم قديم، أو بالأحرى ثلاثة أفلام قصيرة كان قد صورها ويلز لكي تعرض في بداية كل فصل من الفصول الثلاثة لمسرحية تحمل عنوان "جونسون كثيرا جدا" (Too Much Johnson) كتبها الممثل والمخرج الأميركي وليم جيليت في أواخر القرن الـ19.

وكان مسرح ميركوري يرغب في إنتاج المسرحية عام 1938، وقد سعى ويلز -الذي كان في الـ23 من عمره في ذلك الوقت ولم يكن قد أخرج بعد عمله الكبير "المواطن كين" (وهو فيلمه الروائي الطويل الأول" عام 1941)- إلى إقناع منتجي المسرحية بفكرة المزج بين السينما والمسرح.

وقد حدث بين الطرفين اتفاق أولي، وتقول المعلومات المتوفرة حول المسرحية إن ويلز قام بالتدخل في النص، واختصر الكثير من العمل الذي كان يدور حول شخصية زير نساء مستهتر، وأفسح مجالا لإدخال أفلامه الثلاثة المتسلسلة التي كانت ستعرض قبل كل فصل من فصول المسرحية.

اكتشاف ثمين

لكن الفيلم -الذي هو عبارة عن ثلاثة أفلام قصيرة- لم يكتمل أو لم يقدر له أن يعرض قط، وتتضارب المعلومات بشأن الأسباب التي حالت دون عرضه، فقيل إن السبب ربما يرجع لعجز الشركة المنتجة للمسرحية (شركة ميركوري) عن العثور على جهاز عرض يصلح لاستخدامه في المسرح (كانت أجهزة العرض السينمائي لا تزال في مراحلها الأولى، ولم تكن قد شهدت ما عرفته بعد ذلك من تقدم كبير سواء في الحجم أم في الكفاءة).

"خبراء "الحفريات السينمائية" -وهي مهنة غير موجودة بكل أسف في أوساط السينما العربية- تمكنوا من اكتشاف الفيلم الذي صوره أورسن ويلز وكان الجميع يعتقد أنه فقد إلى الأبد"

كما قيل أيضا إن ويلز فقد اهتمامه بالمسرحية بعد أن قررت الشركة المنتجة أخذها وعرضها في مدينة أخرى على سبيل التجربة قبل أن تعرض في برودواي، وشعر ويلز بضيق الوقت وانشغل في عمل آخر، كما تردد أيضا أن "ميركوري" لم تكن تمتلك حقوق استغلال المسرحية في فيلم سينمائي.

وظل الاعتقاد السائد منذ ذلك الوقت أن نسخة الفيلم دمرت في حريق بفيلا في مدريد عام 1970 حيث كان ويلز قد ترك الكثير من علب أفلامه، لكن المكتشفين وخبراء "الحفريات السينمائية" -وهي مهنة غير موجودة بكل أسف في أوساط السينما العربية- تمكنوا من اكتشاف الفيلم.

المؤكد أن لا أحد شاهد هذا العمل من قبل إلى أن تم العثور على "نيغاتيف" الفيلم الذي يصل إلى أكثر من ساعة في أحد المخازن في روما، وقامت معامل جورج إيستمان الشهيرة بالتعاون مع مدينة السينما في روما -التي حصلت على منحة مالية من مؤسسة حفظ الأفلام في الولايات المتحدة- بترميم واستعادة النيغاتيف وطبع نسخة منه عرضت على نطاق محدود للغاية في أواخر العام الماضي، ثم أصبحت الآن متاحة للمشاهدة عبر شبكة الإنترنت عبر موقع "مؤسسة حفظ الأفلام" في نسختين، الأولى هي الكاملة وتقع في 67 دقيقة، والثانية هي النسخة المختصرة التي جاءت كما كان يعتزم ويرغب أوروسون ويلز، في 34 دقيقة فقط، متبعة نفس أسلوبه وطريقته الشهيرة في المونتاج كما صرح بذلك المونتير الذي أنجز العمل.

الفيلم يصور رجلا ينتحل شخصية أحد ملاك الأراضي الأثرياء (هو جونسون) يقيم علاقة عاطفية مع زوجة أحد الأثرياء، لكن الرجل يكتشف خيانة زوجته له، ويتمكن من العثور على صورة لعشيقها، ويبدأ في مطاردته باعتباره جونسون إلى أن يصبح جونسون الحقيقي طرفا في القصة المثيرة.

أثر العملاق

والفيلم مصنوع على غرار الأفلام الكوميدية الأولى التي اشتهر بها شابلن وماك سنيت وبستر كيتون، خاصة أنه ينتمي للسينما الصامتة مع شريط موسيقي ثقيل مقصود به إحداث تأثير كوميدي على جمهور المسرح.

"ويلز لم يصنع فيلما متكاملا، بل كان يعتمد على أن ما صوره سيصبح مكملا للمسرحية في بادرة تسبق زمانها بأكثر من ربع قرن حينما بدأ في الستينيات استخدام العروض السينمائية في المسرح"

الواضح أن ويلز لم يصنع فيلما متكاملا، بل كان يعتمد على أن ما صوره سيصبح مكملا للمسرحية في بادرة تسبق زمانها بأكثر من ربع قرن حينما بدأ في الستينيات استخدام العروض السينمائية في المسرح، وربما أيضا أنه أراد أن يثبت لشركات هوليوود أن باستطاعته إخراج فيلم سينمائي، وهو الذي لم يكن وقتذاك قد أخرج أكثر من فيلم قصير أقرب إلى أفلام الهواة!

يذكر أن الممثل الشهير جوزيف كوتن (1905-1994) هو الذي يقوم بدور العشيق المزور في هذا الفيلم أمام فيرجينيا نيكولسون، كما يظهر ويلز بنفسه في الفيلم أيضا.

لا شك في أن مشاهدة النسخة الطويلة يمكن أن تصيب المشاهد بنوع من الارتباك، ففيها الكثير من التعارض في اللقطات وعدم المحافظة على اتجاهات وزوايا الكاميرا وهو ما يرجع أساسا إلى كون الفيلم صوّر لمواكبة عرض مسرحي وليس للعرض السينمائي الخالص في حد ذاته، كما أنه عمل تعاقب عليه أكثر من مصور.

والأفضل كثيرا مشاهدة النسخة المختصرة التي روعي في عمل المونتاج لها استخدام الإيقاع السريع الذي اشتهر به ويلز، والاستخدام المؤثر للزوايا.

أخيرا، قد لا يكون هذا الفيلم اكتشافا سينمائيا عظيما فهو لا يزيد على تدريب سينمائي أولي كوميدي بسيط، ولكن للاكتشاف سحره، خاصة عندما يرتبط بالذكرى المئوية لعملاق مثل أورسون ويلز!

* كاتب وناقد سينمائي

الجزيرة نت في

25.05.2015

 
 

'أنفيني' أداء مسرحي في فيلم علمي عابر للأزمنة

العرب/ طاهر علوان

إنهم يتكدسون خارج الزمن وخارج الكون المعلوم، خارج مدار الكوكب الأرضي بعدما حل ما حل فيه من خراب ودمار، عالم لا تعرف له شكلا محددا، فالأرض الأم لم يعد الكلام حولها إلاّ في حكم المبني للمجهول، والبشر المتبقون يحاولون أن يخرجوا من الدوامة بحثا عن حياة أخرى، ولهذا ها هم يتكدسون، أولئك الناجون من الكارثة وهم يسعون إلى النفاذ عبر المجرات لإيجاد موطئ قدم بديل وحياة أخرى لا تشبه تلك الحياة السابقة المحطمة، هذه هي خلاصة فيلم "أنفيني".

يقدم فيلم «أنفيني» (إنتاج 2015) للمخرج الأسترالي شين آبيس، البشرية في القرن الـ23، وقد أصابها ما أصابها من خراب ودمار خلّف أرضا مشوهة وجوعا شديدا وفقرا لا حــدود له.

حشد من الأشخاص المدربين يجري إعدادهم للذهاب في مهمة خارج المدار، تمهيدا لإيجاد موطئ قدم لما تبقّى من سكان الأرض المهددين بالفناء، محطة أبحاث متقدمة تجمع ثلة من المتحمسين للنفاذ إلى فضاءات أخرى وصولا إلى الأرض البديلة المجهولة، يكون في مقدمتهم ويت كراميكل (الممثل دانييل مكفيرسون) الذي يودّع زوجته الحامل ذاهبا في مهمة لا تعرف نتائجها.

على الطرف الآخر هنالك قاعدة للمراقبة والتحليل مزودة بأجهزة وتقنيات متطورة، وبينما القائد يستعرض لمساعديه الخطة المقبلة لإنقاذ من تبقى من سكان الأرض، يتم إبلاغه بهلاك كامل المجموعة التي ذهبت منذ حين في مهمة استكشاف ومن بينهم ويت، وهنا يتقرر إرسال وحدة إنقاذ مدججة بالسلاح والأقنعة ضد الغازات الكيمياوية والانبعاثات السامة لغرض التحري في ما إذا كان هنالك من ناجين.

وفي مقابل ذلك لم يكن في الحسبان أن يصيب المجموعة الهالكة وباء فتاك يتسبب في دمار كامل للحواس ولأجهزة الجسم، ويتحول الإنسان إلى كائن وحشي يريد التخلص من نفسه، فضلا عن إجهازه على زملائه الذين يراهم خصوما له.

وسط هذه المهمة وفيما مجموعة الإنقاذ تتحرّى الأمر في درجة حرارة منخفضة للغاية، تفاجأ بهجوم أحد الناجين وتسببه فورا في قتل أحد أفراد مجموعة الإنقاذ، ثم تقع المفاجأة الأكبر في كون ويت من بين الناجين، وهو الذي تختبر قدرته على تشغيل المحطة وأجهزتها المعقدة وقدرته على العودة بالطاقم إلى قواعدهم سالمين.

هنا يجري الاشتباه في إصابة ويت بالفيروس، ولهذا لا يلبث أن يخوض صراعا مع بعض أفراد مجموعة الإنقاذ، وأما عن الأعراض الغريبة التي تنتابه، فإنه يعزوها إلى شعوره بألم بسبب كسر في أحد أضلاعه جرّاء سقوطه من ارتفاع شديد، وهي حقا مفارقة أن يسقط من ذلك العلو الشاهق، ثم يبقى حيا رغم أنه لا يملك أية قدرات خارقة تحول دون موته في مثل تلك الحالات.

في موازاة ذلك نعيش مع أفراد المجموعة المصابة بذلك الفيروس، وهي تقدم مشاهد متواصلة عن المعاناة من جراء الإصابة، وكيف تتحول فجأة إلى ما يشبه كائنات دراكولا، بل إنه فيروس زومبي فتاك.

ما يلفت النظر هو وجود بعض الحوارات المطولة والمتشعبة بين الأفراد المصابين في نوع من الأداء المسرحي، أكثر منه تقديم لمشاهد سينمائية، وتلك صفة لازمت الكثير من حوارات الفيلم الذي يفترض كونه من أفلام الخيال العلمي الذي يركز على عناصر الحركة والصورة، أكثر من الحوار الذي ينحدر أحيانا إلى الترهل والإسهاب.

الفيلم لم يخل من ثغرات مونتاجية من حيث تتابع الأزمنة والأحداث والمشاهد، فالقفزات المفاجئة تكررت أكثر من مرة

في المقابل يجري زج الفيلم بكل ما أتيح من عناصر بصرية تحقق إيهاما بأننا فعلا في عوالم أخرى، ووسط تحديات حقيقية تلاحق الوجود البشري، ومن ذلك ما عرف بتجارب “سليبستريم” وهي التجارب الفردية التي من خلالها يتم تنفيذ برنامج إنقاذ البشرية، رغم أنها مغامرة لا تعرف نتائجها كما حصل للفريق الذي التحق بتلك التجارب فهلك الفريق، إلاّ ناجيين اثنين.

ومن الملاحظات التي سجلت على الفيلم أيضا ذلك الشكل المونتاجي الغريب، إذ لا تخفى على مشاهد دقيق الملاحظة وجود ثغرات مونتاجية من حيث تتابع الأزمنة والأحداث والمشاهد، فهنالك قفزات مفاجئة تكررت أكثر من مرة.

ومثال ذلك أن تظهر شخصية في مشهد ما ضمن فئة المصابين، ثم تظهر في مشهد لاحق وهي غير مصابة وطبيعية، وهو اختلاط غريب إذ تظهر الشخصية في موقف مأزوم، ثم في مشهد لاحق وهي تتجاذب أطراف الحديث في مرح كامل وهكذا…

مع ذلك يحسب للفيلم تلك المعالجة الإخراجية وقيادة فريق عمل محترف ومتماسك، وخاصة أداء الممثل دانييل مكفيرسون الذي أجاد تجسيد الشخصية التي يلاحقها الوباء من جهة والخصوم من فريق الإنقاذ من جهة أخرى، فضلا عن الحنين المتكرّر للعودة إلى المنزل وإلى الزوجة.

وهو ما تكرّر في أكثر من مشهد في ما يتعلق بالشخصيات الأخرى، لينتهي الفيلم نهاية جميلة وسعيدة بعودة مجموعة الإنقاذ مصحوبين بويت سالمين إلى الأرض، وليكون هذا الأخير إلى جانب زوجته التي تنتظر وليدها الأول.

العرب اللندنية في

25.05.2015

 
 

يتكبّرون على التكريم ولا يحضرون ويحصدون النتيجة في آخرتهم...

بقلم محمد حجازي

يريد الفنانون النجوم بهرجة ووجاهة وحضور وجوه توازيهم أهمية مثل الوزراء على سبيل الحصر، إضافة إلى اعتبارات أخرى تجعلهم يعطون موافقتهم على حضور مهرجان أو حفل، أو احتفالية، أو عرض، أو تكريم.

منذ أيام حضرت كل هذه العناصر في ليلة احتفالية مهرجانية سينمائية شبابية لكن النجوم لم يحضروا لتسلّم الدروع التكريمية التي تحمل أسماءهم... كل المطلوب منهم تسلّمها فقط، فلا حضروا ولا اعتذروا ولا أرسلوا مَنْ ينوب عنهم في استلامها، فبدت الصورة غير مريحة بحضور وزير الثقافة وبعض مسؤولي الأجهزة الثقافية.

نُودِيَ تِباعاً على نور الشريف، يحيى الفخراني، خالد الصاوي، لقاء الخميسي، صبري عبد المنعم، علي بدرخان، مجدي رشوان، أسماء وأسماء ولا أحد منهم يُجيب... لأنّهم أصلاً لم يأتوا...

هذا المناخ مُعتاد في المهرجانات العربية، ومنها خصوصاً المصرية، وإذا كنّا ضد الذين ينوبون عن الفنانين فقط من أجل الفوز بتمثال معدني لإضافته إلى المجموعة الكبيرة من التقديرات التي ينالونها في ظروف مختلفة، فإنّنا بالتأكيد لا نصدّق أنّ الفنان لا يأتي ولا يرسل ممثّلاً ينوب عنه.

هذه مشكلة حقيقية.. وغير مقبول من الفنانين هذا الاستخفاف في التعاطي مع الجهات التي تتّصل بهم لتكريمهم.. عليهم أنْ ينظروا إلى الغرب ويتعلّموا منه، إنّ الكبار لا يغيبون عن أي احتفالية يُدعون إليها، ويعتبرون أنّ كل كلمة تقدير لهم تُعتبر وساماً يستحقونه في حياتهم خصوصاً المتأخّرة بعد مسيرة طويلة، إلى الحد الذي يوصف بأنّه شحنة معنوية فائقة الرفعة والقيمة، بعض الفنانين ما عادوا يرونها ضرورية بعد طول جماهيرية ونجومية وثراء، يعني «لزوم ما لا لزوم له».

الصورة الآنفة سبق لنجم مصري أنْ رسمها لنا في واحدة من دورات مهرجان القاهرة السينمائي التي حضر ختامها في مكان قريب من الاحتفال وليس فيه، وعندما سألناه: لماذا تتصرّف هكذا؟ بادرنا: ما فيش فايدة من اللي بيعملوه هنا، حفضل أجمّع في الجوائز والدروع لحد إمتى، وعلشان إيه، هذه كذبة علينا وعليهم وعلى الجميع.

يردّد النجوم أنّهم يكتفون من حب الناس، من تصفيقهم والكلمات الجميلة التي يتودّدون بها إليهم، وصحيح أنّ التقديرات المكتوبة، أو المنقوشة أو المرصّعة تصبح كلها غير ذات بال على الدوام، لكن هناك مَنْ يخلط بين المفهومين ويقول: حب الناس حاصل عليه، وهذه الشهادات والتقديرات سأراها لوحدي لاحقاً ولن تفيدني في شيء.

وهنا يخطر ببالنا ما كان قاله لنا الفنان المتميّز محمد توفيق في سنّه المتقدّمة: خذوا كل ما نلته من جوائز ودروع وعالجوا لي عيني كي أرى جيداً، وأعطوني مالاً أصرفه على يومياتي.

ياه.. كان كلاماً صعباً، قاسياً وحقيقياً.

لكنه يجيء كالعادة متأخّراً، وليس في وقته، فلن يسمعه أحد، لأنّ الناس تسمع الفنان والأضواء مضاءة فوق رأسه وحواليه، وعندما يزول الضوء لا يعود حتى للفنان فعل حياة في دنيا جمهوره، لذا السؤال: لماذا لا يبادر والشهرة في عزّها لأنْ يُتمّم صورتها ويدعمها، بأنْ يكون حاضراً حين يُدعى كي يكرَّم، هنا يكون كل شيء مناسباً وفي وقته، سيسمع تصفيقاً وكلاماً جميلاً وسيُحاط بكل عناية ورعاية واهتمام.. لأنّه حين تنحسر عنه أضواء الشهرة ويراه الجمهور سيقول أفراده: «يا حرام ليك فلان كيف صار..».

الشفقة تحلُّ مكان التقدير، ويغدو الفنان ذليلاً، وهي أرذل مراحل الحياة عنده، حيث لا يخلو الأمر من أنفة وتكبّر ورؤية الأمور خطأ أكبر من حجمها الطبيعي، ثم تكون المفاجأة حين يجد نفسه غير قادر على شيء فيدفع الثمن هو وحده، لا أحد حوله، والكل يمالئه، لا يجالسه، ولا يتفاعل معه، ويتعاملون معه على أنّه شيء من الماضي ولا حاجة إليه تدعو لأي دبلوماسية معه.

ومعروف أنّ من أبلوا بلاء طيباً في شباب شهرتهم، ظلّت الأنظار مصوّبة عليهم باحترام أكبر، لأنّ مَنْ تكبّر على الجمهور مرّة سيجد الحساب عسيراً في ما بعد والجمهور الذي ينظر إليه على أنّه يقبل بكل شيء هو أشد حساسية ورقّة مشاعر من الفنانين أنفسهم، يعني سرعان ما يغضبون، وتتوزّع صفوفهم في أكثر من اتجاه ولا يعودون كالصورة المأخوذة عنهم، يحبّون، يصفّقون ولا تفارق الضحكات وجوههم، إنّهم يتحوّلون إلى الضد.. وسريعاً.

«أرق» و«السر المدفون» مع وجوه لبنانية وحضور في الصالات لأسبوعين فقط

(Survivor) شريط رتيب يكرر أجواء سبق وتناولها آخرون!!!

عربيان على شاشاتنا في عروض جماهيرية..

إنهما اللبنانيان:

- السر المدفون، إنتاج شركة الأرز، وإخراج الإيراني علي غفاري مع فريق لبناني كامل يتقدمه: باسم مغنية، عمار شلق، كارمن لبس، يوسف حداد، ورصد لواقع أحد المقاومين الذي نفذ العديد من العمليات ضد الإسرائيليين ولم يكن يعرف بأمره سوى والدته.

- حراس الزمن الضائع، أو «أرق» للمخرجة الشابة ديالى قشمر، وفيه تواكب مجموعة من شباب المقاتلين السابقين في صفوف «حركة أمل»، وكيف هي يومياتهم حالياً بعيداً عن الأوضاع التي كانت سائدة، بصراحة يروون كل شيء عن واقعهم ولا يتوانون عن الاعتراف بأمور مفاجئة.

{ (Survivor):

شريط جديد في 96 دقيقة، صوّر بكامله في لندن بميزانية 20 مليون يورو، إخراج جيمس ماكتايغ، عن سيناريو لـ فيليب شيلبي، وأحداث تكاد تكون مكررة عن عمل إرهابي يتم التحضير له في لندن لكي ينفذ في نيويورك ليلة رأس السنة، ولا ندري كيف رضي أحد أفضل العملاء «صفر صفر سبعة» بعد شون كونري، بيرس بروسنان الذي يحمل بندقية قناص على مدى الفيلم استعداداً للخطة الحاسمة بالتنسيق مع وجوه أوروبية هذه المرة، حيث خبير في الكيميائيات ينظم توليفة داخل مخزن كبير يتم حمله إلى أحد أكبر أبنية نيويورك لإحداث أكبر انفجار عند الـ 12 ليلاً، من ليلة رأس السنة.

التحضيرات وفق الفيلم تتم في لندن، وسيد اللعبة الميدانية يتقدّم من السفارة الأميركية في لندن طالباً تأشيرة دخول إلى أميركا، ولأن السفارة استعانت أخيراً بخبيرة أمنية تراجع الطلبات المقدمة، فقد اشتبهت في هذا المهندس وطلبت التريّث في الموافقة على منحه التأشيرة، وإذا بالرجل يحظى بالتأشيرة بضغط من أحد الفاعلين، يجنّ جنون المرأة (ميلا جوفوفيتش) وتتحرك لوقف هذه المهاترة، واستكشاف ما الذي يحصل فعلاً، حيث تعززت الشكوك حوله، ومع مصرع أكثر من رجل أمن خلال فترة وجيزة، وتعرّضها هي لمحاولة إغتيال من المسؤول المباشر عنها، ثم من صانع الساعات (بروستان)... هنا تسارع إلى تدارك الأمر وتعدّ لرحلة إلى نيويورك بعدما عرفت بأمر سفر حامل التأشيرة إلى نيويورك ووصلت إلى هناك وشاهدت الصانع، وطالب التأشيرة وتعززت الشكوك بأن هناك عملاً سيئاً يتم تدبيره، فصعدت إلى المبنى المقصود واستطاعت منع الصايغ من تنفيذ تفجير كبير يؤذي مئات الآلاف ممن تجمعوا في الساحة العامة احتفالاً برأس السنة.

شريط عادي جداً، لفتنا فيه الممثل ديلان ماك ديرموت، وأنجلينا باسيت في دور السفيرة الأميركية في لندن

(Danny Collins): «آل باتشينو» الفكاهي الساخر أفرح قلوبنا

لمَّاح.. عميق وممثل لا يضاهى خدمه نص عبقري في سياقه وعمقه...

ما أروع آل باتشينو في آخر أفلامه..

النجم الذي أحببناه مقاتلاً وعرَّاباً وقاسياً في مواجهة أعدائه على الشاشة من المجرمين، يخوض مجال الكوميديا الساخرة، المعبّرة ويسجل هدفاً في المرمى الجماهيري يحسده عليه كل زملائه الكبار.

(Danny Collins) جديده الممتع، الذكي والباسم على مدى 106 دقائق، نص وأخراج دان فوغلمان يعتبر درساً مهماً في كتابة السيناريو، و«الكاستنغ» المميّز والمناسب وقدرة الممثلين كل في موقعه على ملء فضائه الخاص وبلوغ أرفع مكانة في الأداء.

بساطة حتى التلاشي..

لكن عمق ليس كمثله عمق في مناخ غنائي موسيقي عائلي إجتماعي درامي من دون بلوغ الميلودراما، انطلاقاً من شخصية داني كولينز، المتداخلة، المتبدّلة، المزاجية،  الصلبة، والمتغيّرة، الطيبة، والفاعلة كموهبة في الغناء والموسيقى، مع جمهور رائع من الشابات والشباب.

هو فيلم صغير الانتاج.

عشرة ملايين دولار فقط كلفته، فيما أثره يجعله ثقيلاً، له وزن الكبار ولا مجال معه لتصوّر أن أحداً يحل مكان أحد من فريقه على الشاشة.

داني مغنٍّ معروف ناجح والكل ينتظره حين يقيم حفلات واسعة ورحبة ويحظى بالكثير من التقدير والإعجاب، لكنه مدمن على المخدرات، على التبذير في مصاريفه، على عدم الإنتباه إلى صحته أبداً، ومع ذلك فان رجلاً عنيداً صادقاً وصديقاً يقف إلىِ جانبه على الدوام هو مدير أعماله فرانك غروبمان (كريستوفر بلامر) الذي يعتبر ضابط إيقاعه، والأقدر بين الجميع على فرض ما يريده عليه منعاً لانهياره أو تدهور حالته بطريقة من الطرق.

فرانك ورغم وجود طائرة خاصة بـ كولينز أبلغه بأن وضعه المالي غير جيد، وبالتالي عليه التصرف ومعرفة أفضل طريقة لانقاذ نفسه، بمعنى أن يوقف التبذير ويعتمد نظاماً متواضعاً في الحياة لا يكون مكلفاً، وإذا به يهدي عاملاً في استقبال الفندق سيارته الفارهة، وتقع عيناه على مديرة الفندق الجميلة رغم تقدّمها في السن ماري سينكلير (آنيت بينينغ)، يحاول إيجاد جسر بينهما لعلاقة مميّزة لكنه هو من يخالف المواثيق في كل مرة، إنه مدمن، ويقوم بأفعال شائنة غير مقدّر العواقب، وهو استقبل في جناحه بالفندق صديقته مع صديقها، وحوَّلوا المكان في لحظات إلى جحيم لا يطاق.

لكنه يغني في أحد المرابع.

يحضر إبنه توم دونللي وحفيدته الصغيرة، وزوجة ابنه سامانتا (جنيفر غارنر) وماري وكلهم يلاحظون كم هو حضوره رائع، وكم جمهوره متميّز وقادر على تحمّل مزاجه وما يخطر بباله من وقت لآخر، التقرّب من ابنه يمر بفترات مختلفة لكن ورغم تعثره يكون مشهد الختام جميلاً عندما يقول داني لإبنه:

«لقد تعوّدنا عندما يناديك السيد دونللي تكون هناك نتيجة سيئة صحياً، وعندما يناديه بإسمه توم يكون الخبر الصحي إيجابياً». لذا ففي المشهد الأخير حيث ينتظر كولينز مع نجله في صالون العيادة يخرج الطبيب وينادي: توم. ويقفل الفيلم على هذا النداء: توم، يعني الخبر جيد.
موسيقى الفيلم أليفة وحميمة لـ ايان ادامس وتيودور شابيرو

«بيتر سيلرز» مكرّماً في لبنان...

في 29 و30 من أيار/ مايو الجاري تكرّم الجامعة الأميركية في بيروت خلال إحتفالها الأكاديمي السنوي النجم الانكليزي العالمي بيتر سيلرز المتوفي عن 54 عاماً، في 24 تموز/ يوليو 1980.

سيلرز المتوفي قبل 35 عاماً، إسمه الأصلي ريتشارد هنري سيلرز، التحق خلال الحرب الثانية بالسلاح الجوي الملكي، وبعد الحرب عمل على مدى تسع سنوات في إذاعة الـ «بي. بي. سي» (بين عامي 1951 و1960) عبر برنامج (The Goon Show).

بدايته السينمائية كانت عام 51 في فيلم (Penny Points to Paradise) بإدارة المخرج أنطوني يانغ عن نص لـ جون أورموند، وفي التمثيل: هاري سيكومب، وآلفرد ماركس، وكانت مدته 77 دقيقة. وتم تصويره بالكامل خلال ثلاثة أسابيع فقط بين برايتون وإيست سوساك

النجوم والأفلام...

طوى مهرجان كان السينمائي الدولي دورته الـ 68 وسط تناقض في ردود الفعل على الأفلام التي عرضت في التظاهرات الرسمية أو تلك التي قدّمت خارج المسابقة وهي كثيرة وكبيرة.
«
كان» هذا العام، أياً تكن النتيجة التي خرج بها المشاركون، سطع فيه النجوم وكانت السينما محط مفاجأة لأنها كانت أقل مما كان منتظراً منها

اللواء اللبنانية في

25.05.2015

 
 

"عمدة البلدية الصيني"

قيس قاسم

توصيف مهرجان "سندانس" العالمي للوثائقي الصيني "عمدة البلدية الصيني" كأحد أهم الأفلام السياسية لهذا العام دقيق جداً، وبخاصة إلصاق صفة السياسي به، لأنه حقاً حاول الاقتراب من منطقة يصعب الوصول اليها وذات صلة بالتركيبة الهرمية للحزب الشيوعي الصيني وطريقة إدارته للبلاد التي ما عادت "شيوعية" مثلما أراد لها زعيمها التاريخي ماو تسي تونغ، ولم تصبح "رأسمالية" خالصة بعد، مع أن كل توجهاتها تشير إلى انعطاف نحو هذا الاتجاه، أي أنها تقف اليوم على مفترق طرق بين اتجاهين فكريين وبين خيارين يتأرجح بينهما الإنسان الصيني وحتى قيادته السياسية التي غالباً ما تلجأ إلى أنصاف الحلول لتتجنب الظهور بمظهر تحرص على إخفائه فيما كل الدلالات تفضح ميلها إليه.

 هذا التوصيف لسياسية الشريط يسهل قوله، أما كيف تم توثيقه وتجسيده سينمائياً فتلك معضلة حقيقية دونها الإحجام وترك الفكرة جانباً، لكن المخرج الصيني الألمعي "زهو هاو" له رأي آخر عَبَر عنه من خلال استلهامه فكرة وثائقي لا تعالج بالضرورة حالة الحزب الشيوعي الصيني، بل تدخل إليها عبر رسم "بورتريه" لأحد رجاله، تميَّزه يُبرِّر اختياره، وبهذا يجنب نفسه الخوض في العموميات وربما لا يخرج منها إلا بـ "كليشيهات" إيديولوجية كما رأيناها في عديد من الوثائقيات الغربية عن الصين ونظامها السياسي الجديد.

على جينغ يانبو، عمدة بلدية "داتونغ"، وقع الاختيار لخصال فيه ستكون هي نفسها ما يمنح الفيلم قيمته السردية ويُبرِّر خياره الذي سيُلزمه بمتابعة حياة رجل لا يعرف السكون، لا يكلّ ولا يملّ. من أجل تحقيق حلمه ومشاريعه الطموحة لا يأبه كثيراً بالمحيطين به ولا يصغي إلا إلى الصوت الذي في داخله. رجل تكرهه أول الأمر لأنه يبدو لك مثل  مخلوق آلي لا مشاعر عنده لا يعرف سوى العمل. أما مشروعه، الذي من خلاله سيدخل الوثائقي بطريقة غير مباشرة إلى عالم الحزب الشيوعي الصيني وطريقة إدارته للبلاد، فكان إحياء مدينة "داتونغ"، عاصمة الصين قبل حوالي 1600 عاماً، عبر بناء جديد لسورها القديم ليصبح وجهة سياحية نشطة تعوضها عن الركود الاقتصادي التي تمر به اليوم.

 مدينة "داتونغ" التي نُصب قبل سنوات قليلة عمدة عليها، تُعدّ من أكثر مدن الصين تلوثاً بسبب مناجم الفحم التي فيها وعمليات استخراجه التي يعتمد سكانها في معشيتهم عليها. مشروع إعادة بنائها يتطلب ترحيل نصف مليون من مواطنيها إلى خارج حدود مساحة المدينة القديمة التي يزمع العمدة إعادة الاعتبار إليها كصرح ثقافي بتكلفة عالية تزيد على عدة مليارات من الدولارات وبموافقة الحزب الشيوعي الصيني

عملية ترحيل الناس من بيوتهم تُجلي حقائق جديدة يراكمها الوثائقي لرصيده الباحث عن رسم صورة للعمدة والحياة في الصين اليوم من منظور شديد الخصوصية، عنوانه التصادم المتوقع بين الرافضين مغادرة بيوتهم، التي عاشوا فيها عقوداً قبل مجيء العمدة جينغ يانبو بفكرته الطموحة، وبين نظام البلديات والأقاليم.

يكشف التصادم والرفض فوضى الإدارة، فمعظم ساكني تلك الأحياء لا يمكلون تصاريح بناء وبالتالي هم وفق القانون سكان غير شرعيين لمساكن عشوائية بنوها بأنفسهم وسكتت قيادة البلدية عليهم دهراً، واليوم ودون سابق إنذار يواجهون حقائق جديدة تضعهم في الضد من مشروع العمدة الذي خطط لنقلهم إلى شقق سكنية حديثة تعوضهم عن بيوتهم الفقيرة

طوال الفيلم هناك دوماً شيء من العلاقة التناحرية بين سكان المدينة وعمدتهم، فهو بقدر ما يبدو صارماً فيه شيء من الرأفة ورغبة في إزالة الحيف عن الناس، بالمقابل هو شديد مع بيروقراطية الدولة وموظفيها، الذين يبدون بالمقارنة به وبنشاطه المحموم والمخلص لقيم يؤمن بها، كسالى وعديمي الضمير لا يهمهم سوى المراكز والتملُّق لمرؤوسيهم حفاظاً على امتيازات تؤمِّنها لهم مراكزهم الحزبية.

هذا كله واضح في الفيلم وعلى طول مدته التي تقارب الساعة والنصف ولكن ثمة إحساس يخالج متابعه بأن أمراً ما سيحدث غير ذلك الذي نراه. أمر كامن تحت السطح وهناك أيادي خفية تنتظر اللحظة التي تضغط  فيها على الزر حتى يحدث الانفجار/ المفاجأة.

 خلال تجواله، في سيارته الفارهة والتي وضع على مقدمتها تمثال صغير للقائد التاريخي ماو تسي تونغ، كشاهد على أزمنة جديدة ربما ما كان يرغب في رؤيتها، أو هكذا يوحي وجوده في كل مرة تقترب عدسة الكاميرا منه، تجري أشياء كثيرة كلها ذات صلة بنشاط العمدة وسباقه مع الزمن من أجل تحقيق حلم اعتبره شخصياً وربط معنى حياته بإنجازه.

حب للمجد وعصامية مستمدّة من قيم الحزب ورغبة في تحقيق مشاريع تجارية من صلب التحول الرأسمالي، تناقضات تفاعلت كلها في شخصية رجل يعكس وجوده وإلى حد بعيد الصين وحزبها وتوجهها الآني، وكنتاج لها يواجه الناس الرجل وعلى الدوام بأسئلة قلقة يريدون بها معرفة ما الذي سيربحونه من مشروع سياحي، ولماذا لا يجري التركيز بدلا من ذلك على بناء مصانع جديدة والاهتمام بتطوير الزراعة التي تركها الناس منذ عقود.

أسئلة ملتاعة يتوقف الرجل عندها وتجبره على تأمل أفكاره ملياً. واحدة من جماليات شغل "زهو هاو" تُجنِّبه الحوارات المباشرة واستعباده كلياً للمعلِّق واستبدال وسائل التوضيح بجمل مختصرة مكتوبة بآلة طابعة ومراهنته الكاملة على التصوير كوسيلة تعبير لها الأولوية المطلقة عنده
كما لا يمكن تجاهل طريقة تنفيذ المشاهد التي صُوِّرت غالبيتها بعدسات مفتوحة على سعتها وانسجامها الدائم المدهش مع الأخرى التي تُقرِّب الوجوه وتنقل تعابيرها كما هي وبما تحمل من دلالات عميقة جعلت من "عمدة البلدية الصيني" تحفة بصرية صينية تنافس في قوة تعبيرها السينمات الاحترافية المرموقة كالهوليوودية وشبيهاتها.

في منتصفه يراقب الفيلم موقف قيادة الحزب من ممثلها في البلدية ومساعدتها له بقرارات فوقية على تمديد فترة وظيفته في اجتماع منظمة الإقليم الدوري والطلب من مندوبيه التصويت لصالحه بالإجماع، ما يوحى بدعمهم المطلق للمشروع وصاحبه، فاندفع بدوره في عمل لا يُصدّق أن إنساناً عادياً قادرا على إنجازه، ومع هذا مثّلت البيروقراطية والفساد الإداري عقبات خلقت له مزيداً من المشاكل. فالشقق الجديدة البديلة لم تكن بالمواصفات التي تعاقدت البلدية مع الشركات المنفذة لها، ما يكشف خرقاً لمبادىء الحزب وتغيُراً في قيّمه التي طالما افتخر بها؛ كالصرامة والتضحية والتواضع.

على المستوى الشخصي يظهر العمدة كآلة لا يأبه لعائلته فنرى زوجته تلاحقه وتطالبه بالتخفيف من اندفاعه وتكريس جزءاً من وقته لأطفاله ولها، وعلى مستوى صلاته الإنسانية فلا تعدو أن تكون ضمن إطار عمل مكلف به حزبياً وعليه التعامل معها، ومع هذا فقد أسّس لنفسه سمعة طيبة يستحقها اختلف الناس حولها.

فالبعض اعتبر تفانيه هوساً ورغبة في إقران ظهور المملكة الصينية القديمة باسمه والبعض وجد فيه رجلاً يريد الخير للبلدية التي لم يكن منها لأنه منتسب إليها من مدينة ثانية. ستُظهر هذه الحقيقة خلّلاً في إدارة الحزب لكوادره لأنه لم يعد يثق بالقيادات المحلية فيلجأ إلى تغييرها باستمرار ويُنسبها إلى أماكن بعيدة عن مسقط رأسها ما خلق حالة من التنافر بين المهمة ومُنفذِّها لكونها تعتمد بالأساس على اللاثقة لا على الكفاءة وتحمل المسؤولية وهذا ما صرح به العمدة مرة للكاميرا التي ما فارقته لحظة ونسى كلياً وجودها.

 ربما كلامه وحتى قبل أن يُعرض في الفيلم قد سبب له مشكلة أو لنقل عبّر بعفوية عن علاقة غير سوية بينه وبين قيادة الحزب في بكين، لأنه أراد إنجاز عملاً غير ممكن الإنجاز في تصورهم، فقبلوا به ثم تملصّوا منه حين قارب على النجاح تعكزا فيما يبدو على ظهور شكاوى وتذمر منه بين سكان المدينة القديمة! وفي اللحظة التي اقترب فيها من تحقيق حلمه أصدر الحزب قراراً بنقله إلى بلدية أخرى وطلب من بديله المعين إيقاف ما تم إنجازه تاركين مليارات الدولارات نهباً للرياح. لقد تم هدر كل ما بناه الرجل طيلة سنوات على حساب صحته وعلاقته بعائلته.

لقد حلّت اللحظة التي طالما شعرنا بها وبالأيادي الخفية التي قررت الضغط على الزر كي تحدث المفاجأة التي ستُسبب بدورها مفاجآت أخرى ليس أقلها خروج مظاهرات واسعة في المدينة تطالب بإعادته إلى وظيفته وإكمال ما قارب الإنجاز.

 دموع الرجل لحظة وداعه للمدينة ستغفر له كل قساوته وستجلب التعاطف معه بدلاً من الكراهية التي ولدّها اندفاعه وقلة تعبيره عن مشاعره طيلة الوقت، لكنها في الوقت ذاته عبّرت عن خيبة أمله الشخصية بالحزب الذي آمن بأفكاره بقدر إيمانه بالتوجّه الرأسمالي الذي يعرف حجم تغلغله في أساسات دولته العظيمة. في اللحظة التي كان المتظاهرون فيها يتصادمون مع رجال الشرطة ينتقل الوثائقي إلى بيوت الفقراء العشوائية ليلة أعياد رأس السنة الصينية ليصوِّر ساكينها وهم في أشد لحظات حياتهم حيرة.

 فهم لا يعرفون هل كان الرجل يعمل من أجل مدينتهم وهل كان قرار الحزب بوقف مشروع طموح كلف المليارات من الدولارات دون إكماله صحيحاً، وهل جرى كل هذا من أجل مصلحتهم؟ لقد شعروا وهم يهمّون في الإعداد لاستقبال العام الجديد بأنهم يقفون وسط الطريق بين عام سيىء مرّ عليهم وآخر لا يعرفون ما الذي سيحلّ بهم وببلدتهم التي علّق الحزب مشروع بناء سورها القديم دون تفسير وتركها غارقة في رماد فحمها المتطاير.

الجزيرة الوثائقية في

25.05.2015

 
 

الحزن على طريقة أبيلين كلارك

جيلان صلاح – التقرير

“هل كنت تعرفين أنك ستكونين خادمة لدى البيض؟”

“نعم يا سيدتي، أمي كانت خادمة، وجدتي كانت أمة لدى البيض”

“وهل حلمت يومًا بأن تمتهني مهنة أخرى؟“

ابتسامة خجلى، وإيماءة بالإيجاب.

بهذا الحوار الرشيق يبدأ فيلم The Help 2011 أو “المساعدة”، وهو الفيلم النسائي النسوي بامتياز، والذي يضع المرأة محورًا لأحداثه بالكامل، بداية من رسم الشخصيات، وبناء الحكاية، حتى تسلسل الأحداث وتصاعدها. مدينة جاكسون بالمسيسيبي هي بالأحرى مدينة النساء، ليس لقلة الرجال فيها، فهم كثر، لكن لأننا نرى الأحداث بعين امرأة ومن وجهة نظر امرأة، بطلتنا أبيلين والتي تؤدي دورها ببراعة الفنانة السمراء فيولا ديفيز.

أبيلين على عكس الراوي الأول الذي اعتدنا عليه في معظم أفلام النساء، امرأة غير شغوفة، ملولة، قلبها به حقد على الحياة وكاره لها منذ مات ابنها على يد روؤسائه البيض، وفي رسم إنساني وحقيقي للشخصيات، يظهر لنا الفيلم أبيلين كشخصية تعيسة، غير محبة للحياة، كارهة لمخدوميها وأبناءهم الذين يرثون قسوة آباءهم وأمهاتهم عندما يكبرون. أبيلين بمقاييس المجتمع شخصية في الدرك الأسفل من السلم الاجتماعي؛ وعلى لسان شخصية أخرى في فيلم آخر شديد الأهمية بالنسبة للمرأة –بشكل عام والسمراء بشكل خاص- “اللون البنفسجي” The Color Purple 1985 هي “سوداء، فقيرة، قبيحة، وامرأة؛ أي أنها لا شيء في هذا العالم”.

هذا هو بيت القصيد، هذا هو ما يحاول العالم أن يبيعه لنا –معشر النساء- منذ فجر التاريخ وحتى لحظة كتابة هذه السطور. أنتن غير مهمات. العالم لا يحتاج إلى مزيد من حكاياتكن. وربما كان هذا هو ما وقف حائلًا بين أبيلين وبين إقدامها على الكتابة، وخوفها من إملاء اعترافاتها على الكاتبة البيضاء الفيمينست يوجينيا “سكيتر”، لكن الشق المتمرد في أعماقها تغلب على خوفها في النهاية، ورغم انغماسها في الحزن والحقد والكراهية، إلا أنها حملت مشاعرها بين يديها وأطلقت سراحهم على الورق.

فيلم The Help محمل بطاقم عمل محترف وخاص للغاية، التمثيل يعد على أعلى مستوى والشخصيات مرسومة بحرفية ودقة، مما يجعل المشاهد، رجل كان أو امرأة، في عمق الحكاية، متورط فيها رغم أنفه. أبدى بعض النقاد اعتراضهم على الفيلم الذي يبتز المشاهدين عاطفيًا من خلال الإفراط في العاطفة، وربما يكون هذا صحيحًا، لكن المشاهدين معظمهم تغاضوا عن استنزاف عواطفهم في اتفاق غير معلن بينهم وبين صانع العمل تيت تايلور، وهذا ما جعل The Help أكثر من مجرد قصة عن العنصرية ضد السود.

قد يتوقف المرء أمام الكثير في هذا الفيلم، وقد حصدت إحدى بطلاته؛ أوكتافيا سبنسر، الفنانة السمراء الجميلة على أوسكار أحسن ممثلة مساعدة عن أدائها لدور الخادمة لاذعة اللسان، والطاهية العبقرية ميني، لكننا هنا سنقف أمام تابلوه الحزن العتيق الذي جسدته فيولا ديفيز في أفضل تجسيد لامرأة حزينة رأته كاتبة هذه السطور على الشاشة منذ زمن.

يحتاج التمثيل لإنسان يمتلك موهبة جراح ماهر، يمسك بمشرطه بمهارة ويشرح الشخصية كاشفًا عن عروقها وشرايينها وأوردتها دون أن يخدشها، الفنان الحقيقي هو الذي يقدر على تفتيت المشاعر أمامنا على الشاشة، والفارق بين تأدية الهستيريا، والانهيار العصبي، والاكتئاب، والحزن، يحتاج لحذق ذواق النبيذ وحساسيته.

أداء ماريون كوتيلار لشخصية امرأة مصابة بالاكتئاب في فيلم “يومان وليلة” Deux Jours, Une Nuit 2014، لا يدع مجالًا للشك في أن هذه المرأة تعاني من الاكتئاب الحاد في أبسط وأعمق صوره، ولا يمكن الخلط بين اكتئاب كوتيلار، وحزن ديفيز. فديفيز صورت حزن أبيلين في أوقع وأبسط صوره، طريقتها في الضحك، التي تكشف عن انفصال عن الدنيا عادة بمباهجها، جلوسها في البانيو، وقد خلعت ملابسها والباروكة التي تعطيها هيئة أشبه ببقية النساء من حولها، محاولة منها للاندماج مع طبقتها أولًا، ومع المشهد العام للنساء والصورة التي يجب أن يظهرن بها، ثانياً. المتابع لتاريخ فيولا ديفيز الفني، سيذكر المشهد الصادم البديع الذي أدته في نهاية الحلقة الرابعة من مسلسل How to Get Away with Murder? عندما أزالت مكياجها وزينتها وباروكة الشعر التي تخفي رأسها شبه الحليق، وشعرها المجعد الحقيقي الذي يشير لأصلها الحقيقي كأمريكية أفريقية. ديفيز ممثلة ناعمة، تتسلل تحت الجلد وتزيل طبقات الزيف والأكاذيب من على وجهها فقط لتكشف عن الحقيقة التي كانت أمام ناظرينا طوال الوقت؛ ومع هذا، تغمرنا الدهشة.

في مشهد البداية، بينما سكيتر تستجوب أبيلين، كأول خادمة في كتابها الذي سيحمل اعترافات الخادمات صاحبات البشرة السمراي عن إساءة معاملتهن وإهانتهن على يد سيداتهن البيضاوات، يحمل وجه أبيلين الانفعالات تباعًا، باليتة ألوان على قماشة الحزن، فمن التفهم، إلى الاستسلام والرضوخ للواقع، إلى الأمل الخجول، وأخيرًا، تدفع القماشة بالألوان المسكوبة عليها بعيدًا، ويظهر الحزن جليًا واضحًا، عندما ترنو أبيلين ببصرها إلى صورة ابنها الراحل تريلور المعلقة على الحائط. في مشهد آخر من مشاهد الاعترافات المكتوبة، تتحدث أبيلين عن سيدتها ومخدومتها إليزابيث، وتعلق وقد استمدت قوتها من بذرة المرارة التي نبتت في قلبها منذ أن مات ابنها، بأنها تتمنى لو لم تنجب مخدومتها مرة أخرى، بل أنها لا ترى أن “الله” لا يجب أن يهبها أطفالاً مرة ثانية، وتطلب من سكيتر أن تضيف هذه المعلومة للكتاب، فلا يعتبر اعترافها تطهرًا بقدر ما هو طاقة مشاعر فجرتها أبيلين في وجه العالم الذي أمرها بالسكوت والخنوع منذ وعيت عليه. براعة فيولا ديفيز ظهرت واضحة في هذا المشهد، حيث عبرت عن حقدها وكراهيتها دون أن تتغير خلجاتها، فقط هي نبرة الصوت التي حملت كل ما يعتملها من غل، مما يجعل من يشاهدها يرتعب ويندهش في آن واحد؛ هل معقول أن تحمل تلك المرأة الهادئة المستكينة كل هذه المشاعر المختلطة؟

في النهاية، تتحرر أبيلين، وعلى عكس مشاعر الحرية المصحوبة بالسعادة في الأفلام، تكون حرية أبيلين هنا ممتزجة بالمرارة والألم. فهي وإن قطعت روابطها بالعالم الوحيد الذي تعرفه، فهي أيضًا كتبت النهاية لرحلتها مع الطفلة ماي والتي كانت تعتبر أبيلين سندها الوحيد في الحياة، كما أنها وهي تبكي راحلة عن منزل مخدومتها الأخيرة، كانت أيضًا تضحك أنها ستستكمل الطريق الذي كانت تحلم أن يبدأه ابنها، طريق الكتابة والفن والإبداع، طريق الحرية، فبدلاً من أن تكون امرأة تدعم نجاح رجلها وتفوقه بينما تعيش هي وتموت في الظل، اختارت أن تسير هي للأمام، فتدعم نفسها وتبرز للمقدمة، بينما الرجل طيف وذكرى تعيش داخلها للأبد. مسيرتها المتألمة، جسدها المنهك، دموعها المتساقطة، مشاعرها التي أخيرًا طغت على الحزن، كانت هذه هي أسلحة أبيلين في طريقها للحرية.

في النهاية، The Help فيلم نسوي إنساني يتأجج بالعواطف، ورغم كل العناصر الجاهزة للنجاح فيه، فإن الفضل كله يعود لامرأة تدعى فيولا ديفيز، أو أبيلين كلارك.

نظيف”.. البوسني الذي ندهته النداهة

عبد الرحمن حويت – التقرير

تحت عنوان “حلقة من حياة جامع حديد”، فاز فيلم بوسني بجائزتين في مهرجان برلين الـ63، جائزة النقاد، وحاز البطل “نظيف موجيتش” على جائزة الدب الفضي لأحسن ممثل عام 2013.

لم يخبر “نظيف” أي أحد أن باقي حلقات حياة جامع الحديد ستكون أفضل من الحلقة الماضية، الراوي لم يكمل قصته بتلك الطريقة؛ ولكن “نظيف” أحبها هكذا، رواده حلم الحلقات الأفضل لنفسه ولعائلته.

في عام 2013، تبدأ الحكاية عند المخرج البوسني “دانيس تانوفيتش” الفائز بجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي عام 2001 عن فيلم No Man’s Land من كتابته وإخراجه، الذي سمع مصادفة بحياة “نظيف” وزوجته “سينادا” وابنتيه التوأم “سيمسا وساندرا”.

“نظيف” يعيش في قرية صغيرة قرب مدينة “توزلا” في البوسنة، أغلب سكان القرية من أقلية “روما” الأوروبية، تلك الأقلية التي تنحدر من أصولٍ هندية وموزعين على بلدان وسط وجنوب شرق أوروبا (صربيا، سلوفاكيا، مقدونيا، البوسنة والهرسك، ألبانيا، بلغاريا وكروتيا وغيرهم من البلدان المجاورة).

يخرج “نظيف” يوميًا بجيوب خاويية في رحلة بحث عن شيئين؛ الخشب للتدفئة المنزلية، والخردة لبيعها والعودة ببعض المال، يبحث في مقالب القرية عن الحديد أو يقطع حديد السيارات القديمة.

في أحد الأيام عاد “نظيف” لبيته ليجد زوجته الحامل في شهرها السادس تعاني من ألم شديد في البطن، أقلّها في سيارته المتهالكة لمستشفى “توزلا” ليكتشف أن الجنين مات من فترة، ولابد من تدخلٍ جراحيٍ فوريٍ لإنقاذ الأم. ولعدم امتلاكه تأمينًا صحيًا، فعليه أن يدفع 950 ماركًا (500 يورو) لإجراء العملية.

يتوسل “نظيف” لإدارة المستشفى لإجراء العملية فورًا وتقسيط المبلغ ولكن المستشفى ترفض، ليبدأ “نظيف” رحلته المؤلمة للبحث عن حل.

يكثّف تجميعه للخردة لأيام، ولكنه يعلم تمامًا أنه لا يمتلك رفاهية الوقت، يستنجد بمنظمات حقوقية ومنظمات الدفاع عن المرأة والطفل، ولكن مجددًا الوقت ينهش بطن زوجته.

في النهاية تأتيه النجدة من أقارب زوجته حيث تعيره إحداهن بطاقة تأمينها لتستخدمها زوجته وينقذ حياتها، ليبدأ بعدها رحلة بحث جديدة عن ثمن الدواء.

حين سمع المخرج”دانيس تانوفيتش” بتلك القصة ذهب لمقابلة “نظيف”، وطلب منه وعائلته أن يمثلوا فيلمًا عن قصتهم، أن يجسدوا أنفسهم.

وجاء إخراج “دانيس” للعمل بسيطًا متخذًا الطابع الوثائقي، بكاميرا ديجيتال واحدة ممسوكة باليد، وفيلم تزيد مدته عن الساعة والربع ببضع دقائق.

شارك الفيلم في مهرجان برلين وفجأة وجد “جامع الحديد” نفسه مقيمًا في فندق فخم بالعاصمة الألمانية وسائق بسيارة ليموزين وسجادة حمراءٌ وأضواء كاميرات.. وأخيرًا دب فضي أسمّاه “تيدي”.

حين عاد “نظيف” لقريته الفقيرة وجد يافطة مكتوبٌ عليها “هنا يعيش أحسن ممثل بالبوسنة والهرسك” وأخرى تقول “القرية فخورة بأهلها”، وقوبل باحتفاء شديد من أهله وأصدقائه.

من السجادة الحمراء لوسخ القرية

لا أعلم الكثير عن ثقافة القرية في البوسنة، ولكن القرية المصرية تقول “ندهته الندّاهة” عن أمثال “نظيف”، عاد الرجل لقريته وجلس في منزله دون عمل في انتظار أن تنهال العروض السينمائية عليه.

انتظر شهورًا دون أن يتقدم إليه عرض واحد رغم إيمانه التام بموهبته الفذة التي اكتشفها المخرج “وصديقه المفضل” دانيس، حاول أصدقاؤه إقناعه بأنه ليس بممثل، وأنه حاز على الجائزة لأنه جسّد نفسه لا لشيء آخر لكنه لم يقتنع.

وبعد شهور بلا عمل، وبالتالي دون مال، كفر بقريته وبلده وعمله وحتى بصديقه المخرج، الذي كان قد أحبه لدرجة أن سمّى ابنه المولود بعد تصوير الفيلم على اسمه. فقرر الخروج من تلك البلد غير المقدر لموهبته والسفر لألمانيا التي احتضنته وعظّمت موهبته.

ذهب وعائلته لألمانيا، طالبًا اللجوء من السلطات الألمانية، وملأ هناك الدنيا ضجيجًا بكفره ببلده المجحف وصرح بوضوح أنه يفضل الانتحار عن العودة للبوسنة.

بعد عدة شهور من الإجراءات رفضت ألمانيا طلبه للجوء وصدر قرار بترحيله في مارس 2014، استنجد “نظيف” بمن قدّروا موهبته من عامٍ مضى، فذهب لإدارة مهرجان برلين وزارة رئيس المهرجان في مخيم اللاجئين وعيّن له محاميًا للدفاع عن قضيته؛ ولكن قوانين اللجوء لألمانيا واضحة، ففي عام 2001 وضعوا البوسنة والهرسك تحت تصنيف “البلد الآمن” بعد انتهاء الحرب، لا مفّر من الرجوع يا “نظيف”!

نظيف في مخيم اللاجئين

رجَع “نظيف” لقريته بخفي حنين ليجد يافطة “هنا يعيش أحسن ممثل”قد استبدلت بـ”ممنوع إلقاء القمامة هنا!”.

حاول أن يعود لعمله كجامع للخردة، ولكن العاملين رفضوه، أولًا لما صرح به في ألمانيا، ثانيًا لاعتقادهم بأنه أصبح غنيًا بعد فوزه بجائزة “الأوسكار”، كما أخبره أحد البسطاء، مع العلم أن مهرجان برلين لا يقدم مقابلًا ماديًا للفائزين.

وانقطعت عنّا منذ تلك اللحظة أخبار “نظيف” ودبه الفضي.. ربما يجدر بنا البحث عنه حيث تسكن الندّاهة!

التقرير الإلكترونية في

25.05.2015

 
 

«سَبُو للفيلم القصير بالقنيطرة» يختتم فعالياته تحت شعار: «الشباب دعامة أساسية للفعل الثقافي»

القنيطرة ـ المغرب ـ «سينماتوغراف»: أحمد بوغابة

اختتم مهرجان سَبُو للفيلم القصير بمدينة القنيطرة فعالياته ليلة السبت 23 مايو/أيار 2015، بحفل توزيع جوائزه (تبعد المدينة 30 كلم شمالا عن الرباط العاصمة. أما كلمة «سَبو» فهي لإسم النهر الذي يخترق المدينة وواحد من أكبر الأنهار بالمغرب). وقد أسفرت نتائج المداولات، حول الأفلام المشاركة في المسابقة، على ما يلي: الجائزة الأولى الكبرى والتي تحمل إسم مدينة القنيطرة ذهبت إلى فيلم «أيام الصيف» للمخرج عماد بادي، وجاءت جائزة المدينة الثانية من نصيب فيلم «الانتظار في ثلاث مشاهد» للمخرج عبد الإله زيرات، أما جائزة لجنة التحكيم فقد حاز عليها فيلم «نكهة التفاح» للمخرج إدريس الباين، كما نوهت اللجنة بفيلمين وهما «حدود» للمخرجين علي الصميلي وكلير كاهن، وفيلم «وسيط» للمخرج الطيب بوحنانة.

وقد تم عرض 20 فيلما قصيرا مغربيا في المسابقة الرسمية خلال أمسيتين، يومي الخميس 21 والجمعة 22 مايو/أيار، أمام لجنة ترأسها المخرج المغربي داوود أولاد السيد وبعضوية كل من الممثلة المغربية سليمة بنمومن والمخرجة المصرية، المقيمة بالمغرب، شيرين طلعت، والناقد السينمائي المغربي نور الدين محقق، والفنان التشكيلي المغربي نور الدين فيضالي.

يدور الفيلم، الفائز بالجائزة الكبرى (15 دقيقة)، داخل فضاء مغلق وهو بيت بسيط جدا لأسرة فقيرة تتكون من أم وابن شاب وبنت مازالت طفلة، ونعرف أيضا أن الشاب يشتغل في الفران وهو العائل الوحيد للأسرة، ويُعَرِّفُنا أيضا بزمن الفيلم وهو فصل الصيف الشديد الحرارة، فوق المعدل، والطفلة حبيسة البيت بسبب العطلة الصيفية وبتلك الحرارة المفرطة حيث أمنيتها الوحيدة أن يوفر لها أخوها مِرْوَحَة للتخفيف من حدة الحرارة لأن منازل الفقراء غير مكيفة الهواء. اشترى الشاب المروحة لكنها لم تشتغل فتعارك مع البائع بسبب الغش الذي تعرض له حسب الحوار الذي دار بين الأم وإبنها. فقد حاول إصلاحها دون جدوى بل حتى أخته الطفلة حاولت من جانبها إصلاحها إلى أن تحولت المروحة إلى لعبة لها بسبب الفراغ الذي تعيشه في عالمها المغلق عليها بالجدران والطبيعة (الحرارة) والفقر.

إشارات كثيرة استخدمها المخرج الشاب عماد بادي لتأثيث فيلمه ونتعرف على شخصياتها وموقعها الاجتماعي دون اللجوء إلى الوصف أو الكلام لنفهم ذلك. لقد شاهدنا أن الجميع ينام على السجاد الموضوع مباشرة على الأرض، ووجود مصباح عار دلالة تلك البيوت، وأيضا الشاب كان يأكل «القطاني» في عز الصيف ونحن نعلم أنها تزيد في حرارية الجسم، والأجمل في الفيلم هو أن المخرج جعل موقع الكاميرا يتخذ نفس مسافة شخصياته وحجمها، لم ترتفع إطلاقا عنهم ولم تتجاوزهم وكأنها واحدة منهم حيث كانت تبدو دائما «شاردة» في مشاهدتهم بنفس المستوى الذي يشاهدونها، وكانت الكاميرا «تجلس وتفترش» بدورها الأرض. لم يكن الفيلم ثرثارا بكلام زائد كانعكاس للفراغ والجمل القليلة التي تم تداورها (وتكررت بعضها قصدا) حول الباب والمروحة لذا لم يوظف المخرج الموسيقى مجانا بإقحامها إلا عند الضرورة ليبقى في إطار لب الفيلم الذي أشرنا إليه.

كل الأفلام التي احتضنها المهرجان هي حديثة الإنتاج (بعضها تُعرض لأول مرة في هذا المهرجان) وتحظى باهتمام عِلْمي من خلال النقاشات الصباحية اليومية التي أطرها الناقد السينمائي والأستاذ الجامعي بوشتى فرقزيد الذي يملك تجربة مهمة في إدارة النقاش حول السينما بهدف تقييمها بمنظور نقدي تفيد أصحابها من المخرجين الشباب والجمهور على حد سواء، وهذا ما يتميز به مهرجان سَبُو كمحطة ثقافية مهمة حول الفيلم القصير. غالبية الجمهور المتابع للأفلام هو أيضا كان غالبيته مكونا من الشباب المتعطش للثقافة السينمائية كنتيجة منطقية لاشتغال النادي طيلة العام معهم وليس فقط بشكل مناسباتي أو مرة في السنة، بقدر ما ينظم أنشطة متعددة ومختلفة، في العروض والتكوين والتأهيل، بُغية خلق استمرارية للعمل الثقافي والفني بالمدينة. ولذلك رفع المهرجان ومعه النادي شعار «الشباب دعامة أساسية للفعل الثقافي».

يُعد مهرجان سَبُو للفيلم القصير بالقنيطرة، الذي افتُتِحَ يوم الأربعاء 20 مايو/أيار مساء، من أهم المهرجانات في المغرب المُشتغلة على الفيلم القصير المغربي، وتكمن هذه الأهمية في كون الجهة المنظمة هي النادي السينمائي بالمدينة، وهو واحد من أقدم الأندية بالبلد، وواحد من الأندية المُؤَسِسَة للإطار التاريخي «الجامعة الوطنية للأندية السينمائية» سنة 1973 ولم تكن كثيرة حينها، وبذلك يكون النادي السينمائي الوحيد، من ذلك التاريخ الجميل، مازال مستمرا في نضاله السينمائي التطوعي حيث يترأسه الرئيس الأسبق لجامعة الأندية وهو الأستاذ المختار أيت عمر.

واصل المهرجان نجاحاته وهو يدشن دورته التاسعة هذا العام، محتفظا بفقراته الدائمة مع تطوير بعضها وتعديل أخرى، ومن بين أهم التغييرات التي مست الدورة الحالية، هو تغيير فضاءه من قاعة البلدية إلى قاعة المركز الثقافي بالمدينة.

وجديد هذه السنة كذلك، أن إدارة المهرجان فسحت المجال، في حفل الافتتاح، لفرقة من تلاميذ المدينة «هواة المسرح» ضمن ورشة التكوين المسرحي بقيادة الفنان محمد البدري، حيث قدمت هذه الفرقة مشهدا مسرحيا في 10 دقائق بعنوان «الوعد». يتحدث هذا المشهد المسرحي عن القاعات السينمائية بالقنيطرة التي يجهل الأطفال والشباب تاريخها، ووجودها أصلا، إلا من خلال رجل اشتغل لمدة 40 سنة في بعضها فتحسر عليها لأنها كانت جزء من حياته والحياة الثقافية للمدينة، وَعَدَهُ التلاميذ بإعادتها إلى حظيرة المدينة بتكسيرهم «للجدار الرابع»، بمعنى النزول من خشبة المسرح والتوجه مباشرة عند بعض السينمائيين الحاضرين في القاعة للحصول على دعمهم باسترجاع القاعات السينمائية. ولهذا «التكسير» دلالة بتحمل الشباب مسؤوليته بيده. وقد كان موقف المخرج المغربي حسن بنجلون رائعا ومتميزا في موقفه حين قام واقفا أمام الجمهور طالبا من أعضاء الفرقة المتجولين، وسط القاعة، بأن عليهم التوجه مباشرة إلى المسؤولين الرسميين الحاضرين لكي يفكروا جيدا في هذه المعضلة التي تترك أجيالا من الأطفال والشباب يجهلون ماذا تعني قاعة سينمائية لأنه لم تطأها أقدامهم أبدا.

تقليد آخر دأب عليه مهرجان سَبُو للفيلم القصير بالقنيطرة، منذ خمس سنوات، يتجلى في عرض يوم الافتتاح الفيلم المغربي القصير الحائز على الجائزة الكبرى بالمهرجان الوطني السنوي في طنجة الذي يُعقد عادة قبل القنيطرة. يجعل المهرجان من هذا الفيلم في مرتبة فيلم السنة ضمن خانة الأفلام القصيرة ومناسبة للاحتفاء بمخرجه. إلا ان هذه السنة وقع تغيير بعرضه في حفل الاختتام قبل توزيع الجوائز. ويتعلق الأمر بفيلم «حوت الصحراء» (30 دقيقة) للمخرج الشاب علاء الدين الجم الذي حصل على الجائزة الكبرى بالمهرجان الوطني في دورته الأخيرة (فبراير/شباط 2015). وفي المقابل تم إلغاء فقرة «سينما الضيف» التي كانت في السنوات السابقة تكون في نهاية المهرجان، إذ سبق للمهرجان أن استضاف الجزائر وتونس. وهذا التغيير الاضطراري جاء بسبب مشاكل تقنية.

وجدير بالذكر أن حفل الافتتاح، تضمن تكريما مزدوجا، فقد تم في البداية تكريم المخرجة المغربية فريدة بورقية التي اشتغلت في المسرح والتلفزيون والسينما لأزيد من أربعة عقود ومازالت مواظبة على الإنتاج والعطاء بنفس الحيوية. ثم كان بعدها الممثل والملحن والمغني المغربي الشهير يونس ميكري، وقد استجاب هذا الأخير لطلب الجمهور الغفير بأداء أغنيته الشهيرة «ليلي طويل» فشاركته القاعة بحفاوة كبيرة مستجيبة لالتفاته النبيلة. كما تم تنظيم«درس السينما» مع رئيس لجنة التحكيم المخرج داوود أولاد السيد.

سينماتوغراف في

25.05.2015

 
 

بدء عروض فيلم «عيون الحرامية» لنجوى نجار في عواصم عربية وعالمية

عمان - الرأي

يشارك الفيلم الروائي الفلسطيني الاردني المشترك «عيون الحرامية» لمخرجته نجوى نجار ضمن فعاليات مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي الذي ينطلق بداية الشهر المقبل وهو الفيلم الذي نافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي بالولايات المتحدة.

ويسرد سيناريو الفيلم الذي ستبدأعروضه في العديد من العواصم العربية والاوروبية في الفترة المقبلة بهد ان استهل عروضه في اثينا باليونان، شخصية اسير فلسطيني يعود إلى منزله بعد قضاء ما يقرب من عشر سنوات في سجون الاحتلال الاسرائيلي، على خلفية مشاركته في الانتفاضة الفلسطينية ومواجهته للاجتياحات الإسرائيلية في الاراضي الفلسطينية من خلال قصة الأب «طارق» الذي يبحث عن ابنته التي اضطرته الظروف إلى أن يتركها قبل 10 سنوات.

يركز العمل الذي حصل على دعم الكثير من الجهات من بينها الصندوق الاردني لتمويل الافلام احد انجازات الهيئة الملكية الاردنية للأفلام، على تحولات القضية الفلسطينية عبر تناول المخرجة لمجموعة من العلاقات الانسانية التي تقطن في فلسطين المحتلة في لحظات سعيها للتحرر والانعتاق. شارك في أداء أدوار الفيلم الرئيسية مجموعة من الممثلين العرب من بينهم النجم المصري خالد أبوالنجا والموسيقية الجزائرية سعاد ماسي والفلسطينية نسرين فاعور.

احداث الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية وقعت عام 2002 عن عملية فلسطينية حدثت بالمكان الذي اقتبس اسم الفيلم منه، حيث جرى تصوير غالبية مشاهد الفيلم في مدينة نابلس والمناطق الريفية المحيطة. الجدير بالذكر ان هذا الفيلم الروائي الطويل الثاني للمخرجة نجار التي تقيم بين القدس وعمان ،حيث درست السينما في الولايات المتحدة، وسبق وأن أخرجت فيلم «المر والرمان» الذي جال في الكثير من المهرجانات العربية والدولية خلال العام 2008.

الرأي الأردنية في

25.05.2015

 
 

يعرضه التلفزيون المصري الأربعاء المقبل

«الأسطورة».. فيلم عن فاتن حمامة في ذكرى ميلادها

أبوظبي (الاتحاد) سعيد ياسين (القاهرة)

يعرض التليفزيون المصري بعد غدٍ الأربعاء فيلماً تسجيلياً وثائقياً طويلاً يحمل عنوان «الأسطورة» يتناول قصة حياة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة تزامناً مع ذكرى ميلادها في 27 مايو 1931.

والفيلم من تأليف وإخراج أسامة فهمي وسيناريو سناء الشيخ، وإنتاج قطاع الإنتاج في التليفزيون المصري، وتدور أحداثه حول حياة سيدة الشاشة العربية الاجتماعية والفنية والسياسية، ويعكس تاريخ مصر منذ فترة الأربعينيات من القرن الماضي وحتى وقتنا الحالي، حيث كانت حمامة مرآة تنعكس عليها كل المتغيرات الاجتماعية والسياسية.

يتضمن الفيلم التسجيلي عرض محطات مختلفة من حياة فاتن حمامة

ويؤكد الفيلم الذي تحدثت فيه عن الراحلة المخرجة إنعام محمد علي التي تعاونت معها في مسلسل «ضمير أبلة حكمت»، على إيمان الفنانة الراحلة بأن للفن رسالة تؤثر في المجتمع بشكل إيجابي، وهو ما حرصت على تقديمه في كل أعمالها، وكيف كانت ثروة قومية كما وصفها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكيف ترجل الرئيس عبدالفتاح السيسي عند لقائه بالفنانين أثناء مؤتمر ترشحه للرئاسة من على منصته، وذهب إليها وصافحها تكريماً لها ولمشوارها الفني.

وكانت فاتن توفيت في 17 يناير الماضي عن 84 عاماً، وتعد من أهم نجمات الفن العربي، حيث أثرت الشاشة الفضية بعشرات الأفلام الناجحة التي شاركت في مهرجانات عربية ودولية عدة.

الإتحاد الإماراتية في

25.05.2015

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)