كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

بمناسبة مئوية صلاح أبوسيف

محمد أبوسيف يكشف جوانب جديدة من حياة "رائد الواقعية"

حوار - أحمد عثمان تصوير: أشرف شبانة

 

اكتسبت السينما المصرية ريادتها وتميزها على مدار أكثر من مائة عام بفضل إبداع عدد كبير من صناعها كتاب وممثلين ومخرجين وإن أردت أن تدخل أبواب التاريخ السينمائي المصرى،

فعليك أن تبدأ ببابها الأهم وإن لم يكن الأول فيها وهو باب سينما صلاح أبو سيف رائد سينما الواقعية كما أطلق عليه النقاد فى مصر والعالم صاحب أحد أهم عشرة أفلام فى قائمة الـ100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، هذه القامة السينمائية صلاح أبو سيف مرت مئوية ميلاده في 10 مايو، حيث إنه من مواليد 1915، ومن الصعب أن نغفل هذه الذكرى ولا نقف عند الحاضر فقط لسينما تردى إبداعها، وإنما كان علينا أن نعود للوراء لنقلب صفحات من تاريخ صلاح أبو سيف وزمنه الجميل لنكشف عن محطات مهمة في حياته صعدت به للقمة، وكان لنا حوار مع نجله المخرج المتميز محمد أبوسيف الذي كشف عن جوانب جديدة في حياة والده بعيداً عن الأشياء المعروفة لأن مدرسة صلاح أبوسيف مختلفة ومبدعة وخالدة علي مر الزمان، فهو سجل وسطر وجسد تاريخ واقعه وزمنه علي مدار 50 عاماً خلف الكاميرا وترك لنا أكثر من 40 فيلماً من روائع السينما المصرية!

قبل أن نبدأ الحوار عن رائد الواقعية حدثنا المخرج محمد أبوسيف عن بداية والده كموظف بسيط في حسابات شركة غزل المحلة واكتشفه نيازي مصطفي بالمصادفة عندما كان يصور فيلماً تسجيلياً عن شركات طلعت حرب ورافقه في جولته صلاح أبوسيف ثم توسط نيازي لنقله لاستديو مصر، وهناك عمل بالمونتاج حتي أصبح رئيس قسم المونتاج وتعرف علي زوجته هناك وبعدها اكتسب خبرة عظيمة مكنته من الإخراج بعدما قام بدراسته في إيطاليا وفرنسا.. تربي علي يد والدته بعد طلاقها من والده العمدة الذي كان يريدها أن تعيش معه في بني سويف لذلك شب وعنده عقدة نفسية من العمد والمشايخ وهو ما جعله يسخر منهم في كل أفلامه خاصة «الزوجة الثانية».

·        ما الذي تستحضره في ذهنك عن صلاح أبوسيف في مئويته التي نحتفل بها الآن؟

- وحشنا جدا ومفتقدينه ونحن بحاجة لفنه وإبداعه الآن بعدما تردي الوضع، نحن نفتقد إخلاصه وحبه للسينما وعزاؤنا الوحيد أنه ترك خلفه تلاميذ وأحفادا يسيرون علي نفس النهج، شباب أبدعوا في السينما ويقدمون أعمالا جادة وصادقة رغم ما يبدو علي السطح من رغاوي سريعة الزوال.. وأضاف: أستحضر في ذهني الآن الأب والإنسان الذي عاش ومات وهو متمسك بهدوئه وابتسامته رغم أنه كان يصنع نجوما ممثلين إلا أنه ظل كما هو لم يتغير، أستحضر المخرج العظيم الذي بني مجده في السينما والإخراج من نتاج تنشئته وتربيته وانحيازه للطبقة العاملة والمهمشين التي عبرت بصدق عن واقعه وعما كان يريد أن يقول، ويكمل محمد أبوسيف ربما اكتشفت أيضا في والدي أنني كل لحظة عشتها معه كانت مهمة وكان عنده حق في كل نصيحة يوجهها لي ولأخوتي، ولم أتذكر أنه قال لي يوما شيئا وتبين أنه خطأ إلا شيء واحد وهو اعتراضه علي دخولي مجال السينما، وكان مخطئ الظن لأنه اعتقد أنني سوف أستفيد من اسمه وأثبت أنني ليس لي علاقة به في عملي، أتذكر الإنسان والمخرج الذي ظل هادئا في المنزل والاستديو وتميز بالبساطة والعقلانية الشديدة ولم يلجأ للعنف حتي ونحن في قمة شقاوتنا ونحن أطفال إلا مرة واحدة اضطر لضرب بقال في الاسكندرية شاهده يفتري عليّ وأنا طفل في الحادية عشرة.

·        هل كنت تري في بدايتك امتدادا لوالدك؟

- أنا تلميذه بحكم العشرة والتربية في كنفه لكن صعب أصنف نفسي امتدادا له، لأنه بصراحة لا يوجد أحد امتداد للآخر، لاختلاف البيئة والنشأة والمناخ والتركيبات الاجتماعية واختلاف الأدوار، ولم تحدث في التاريخ أن كان أحد امتدادا للآخر حتي لو كان ابنه وبصراحة أناعشقت هذا المجال بسبب المناح الذي عشته في منزل والدي وإنما كان لي منهج وشكل مختلف عن صلاح أبوسيف لأن الزمان اختلف، ففي وقتهم كانوا يحاربون عدوا أجنبيا أما الآن فنحن المصريون نحارب مصريين أرادوا للأسف «بلع» البلد في بطولتهم وتحولوا لسرطان يجب أن نقضي عليه وهم المسمون بالإخوان.

·        وما الذي يعلق بذاكرتك عن مواقف غير معروفة عن صلاح أبوسيف.. لا يعرفها غيرك؟

- مواقف كثيرة لعل أهمها عندما حضرت معه العرض الأول لفيلم «القضية 68» وكان به نقد ضد التيار الاشتراكي بعد نكسة 67 فأرسل جماعة الاتحاد الاشتراكي بلطجية لضربه وتصديت لهم أنا والجمهور الذي كان يعشق أبوسيف وأضاف: هذا يؤكد أن صلاح أبوسيف كان لا يخشي إلا الله ورغم ما كان بنيه وبين «عبدالناصر» من احترام إلا أنه انتقده.. وأشار محمد أبوسيف لم أر أبي يبكي إلا ثلاث مرات في حياته وهي يوم وفاة والدته «جدتي» ويوم وفاة «عبدالناصر» ويوم وفاة والدتي «زوجته».

·        وكيف ترصد علاقته برؤساء مصر الثلاثة الذين عاصرهم؟

- كان بينه وبينهم احترام متبادل وجميعهم كرموه وأعطوه حقه في التكريم، وبعد وفاته صدر طابع بريد باسمه وهذا أهم تكريم يناله مبدع، وأضاف لم يصدم مباشرة بأحد منهم رغم أن معظم أفلامه كانت تحمل طابعا وإسقاطا سياسيا علي الواقع وكان دائما مهموما ومشفقا علي الراحل جمال عبدالناصر وكان دائما يري أن سلبيات عصره لم تكن بسبب مباشر منه.

·        في رأيك لماذا اختفت الواقعية بشكل كبير بعد والدك؟

- اختفت لأن الزمن الجميل البسيط اختفي وأصبحت الحياة أكثر فجاجة والناس توحشت واختفت الطبقة المتوسطة التي كانت هي مخزن الأخلاق في المجتمع المصري وقضي الضغط علي هذه الطبقة، وبالتالي انهار مخزون الأخلاق في المجتمع وأصبحت الأخلاق في طبقة الـنصف في المائة لا تعنيها ولدي الفقراء رفاهية والدليل ما نراه الآن من كم الفجر والدعارة والدم الذي غزا السينما والدراما.

·        كان يقدس المرأة لكنه كان يقدمها مقهورة في أفلامه كيف تري ذلك؟

- صلاح أبوسيف كان يقدس المرأة ويحاول أن يلفت نظر المجتمع الي ما تتعرض له من قهر من خلال أفلامه أو ربما أدان بالكاميرا والده العمدة الذي كان يعيش في بني سويف وتزوج أمه وأراد أن يجعلها تعيش معه عندما رفضت طلقها وتولت هي تربيته، لذلك كان دائما يسخر من عقلية العمدة في أفلامه مثلما حدث في «الزوجة الثانية». وأضاف محمد أبوسيف بالمناسبة والدي ندم مثلا علي قتل «شفاعات» في فيلم «شباب امرأة» وقال: لو قدر لي إعادة تصوير هذا الفيلم لن أحكم علي «شفاعات» بالموت لأنني ظلمتها كما ظلمها المجتمع.

وأشار بالمناسبة هذا الفيلم قصة حقيقية عاشها و الدي في باريس عندما تعلقت به سيدة وأرادت أن تستقطبه لعالمها بما لها مقابل شبابه وربما كان هذا أحد أسباب عودته من باريس، وعندما عاد حكي هذه القصة ليوسف جوهر صديقه وكتبها الاثنان فيلم وظهر «شباب امرأة» بشكل مصري.

·        هل ندم والدك علي عمل سينمائي قدمه؟

- إطلاقا.. فهو لم يتوقف سوي عند فيلم «الحب بهدلة»، وقدمه مجاملة دون أجر لمنتج صديقه كان يمر بضائقة مالية وهو بطولة كمال الشناوي وإسماعيل ياسين ولولا صدقي.

·        ولم يندم علي فيلم «حمام الملاطيلي» مثلا رغم ما أثاره من ضجة؟

- الفيلم رغم أن الكثيرين يرونه من أفلام «البورنو» لكنه كان يحمل غطاء سياسيا، وكان يرمز لانهيار الجبهة الداخلية لانغماس الناس في ملذاتها وابتعادهم عند مشاكلهم الحقيقية، وأضاف: الفيلم بالمقارنة لما يحدث الآن في السينما هو فيلم أراه «مؤدبا جدا» وواقعيا في هذه الفترة.

·        هل هناك أسماء بعينها لصلاح أبوسيف فضل عليها في السينما؟

- صلاح أبوسيف كان لا يميل للشلة ولم يختر أحدا في أفلامه إلا بعقله وكان لا يميل للعاطفة لأن حله الأول والأخير هو السينما وكل فنان عمل معه اختاره بإحساسه وعقله ولم يجامل أحدا وكان ينصحنا وينصح تلاميذه بذلك ولم تكن له شلة معروفة سوي فطين عبدالوهاب وعبدالرحيم الزرقاني ويوسف شاهين وحسن التلمساني وعبدالقادر التلمساني، وأضاف: لكن منزلنا كان يستقبل نجوم هذا الجيل مثل أحمد مظهر ومديحة يسري، وكان يحب دائما أن يقدم اكتشافات جديدة، فمثلا اكتشف مصطفي محرم وكان يحبه ومع ذلك لم يعمل معه و اكتشف محسن زايد وعمل معه وكذلك لينين الرملي ورأفت الميهي، وكان يحب نور الشريف ويؤمن بموهبته لكنه لم يعمل معه، وكان «نور» يسأله «امتي هشتغل معاك يا أستاذ؟» وكان يرد عليه ويضحك ويقول له: في انتظار العمل الذي أراك فيه.

·        وما حقيقة خلافه مع يوسف شاهين؟

- لم يكن هناك خلاف بينهما وكانوا أصدقاء وإنما كل واحد منهم مدرسة مختلفة ووالدي كان لا يحب الخلاف ولا يميل له وإنما كان صديقا للجميع فمثلا عمل دويتو رائعا مع إحسان عبدالقدوس وقدم معه روائع رومانسيات السينما مثل «لا أنام، أنا حرة، الوسادة الخالية». وأضاف: صلاح أبوسيف قدم كل ألوان السينما كوميدي مثل «بين السما والأرض» و«الزوجة الثانية» وسياسي مثل «القاهرة 30» والأكشن في «الفتوة» والوحش والاجتماعي والاستعراضي في «سنة أولي حب» و«البنات والصيف» والسياسي في «القضية 68» و«السقا مات» والديني مثل «فجر الإسلام» و«القادسية» فهو كان مدرسة متنوعة في منهج واقعي.

·        ما الذي تعلمته منه بعد هذه الرحلة؟

- ورثت عنه حب كتابة السينما مع الإخراج فهو كان يؤمن دائما أن كل مخرج يقدم اللي بداخله ويخرج شبهة، وقدمت 90٪ من أفلامي في السينما بالسيناريو والإخراج، وهذا ما اكتسبته من أبي وكان إضافة له كمخرج وكذلك أنا فهي قدرات، وتعلمت منه أن المخرج لازم يتعلم يسمع حتي لو من أصغر عامل في الاستديو وكذلك كان يقول دائما لا داعي لاستعراض عضلاتك لأن الناس تعرف إنك المخرج.

وكان دائما يقول إن البلد الذي لا يقف وراء السينما يخسر سلاحا استراتيجيا من الدرجة الأولي وصدق كلامه وأصبحنا نعيش حالة غزو ثقافي لتمحو دور الفن المصري.

·        فيلم «الزوجة الثانية» تحول لمسلسل.. فكيف رأيته؟

- من أسوأ ما شاهدت في حياتي فهو كان «سبوبة» تافهة من ناس شوهت واحدا من أهم أفلام السينما وحولته لسلعة رخيصة.. للأسف من أجل الفلوس وتاريخ من أنتجه معروف.

·        وكيف تري مشوار محمد أبوسيف في السينما؟

- الحمد لله راضٍ عما قدمته بداية من «التفاحة والجمجمة» و«جحيم تحت الماء» وفيلم «أولي ثانوي» الذي تم اختياره ضمن قائمة أفضل مائة فيلم حتي فيلم «بطل من الجنوب» و«النعامة والطاووس» و«خلي الدماغ صاحي» الذي اكتشف خالد صالح ثم فيلم «خالي من الكوليسترول» الذي اختصرت فيه رحلتي لمدة 20 عاما في عالم الإعلانات الوهمي حتي فيلم «هز وسط البلد».

·        لكن هذا الفيلم لم يحقق إيرادات جيدة وانتقده الجمهور؟

- الفيلم حقق إيرادات مثل باقي الأفلام التي عرضت معه وأثر عليه وجود فيلم آخر لبطلته إلهام شاهين وهو «ريجاتا» لكن البعض أثني علي مضمونه والرسالة التي تتضمنه والنقد طبيعي وحق أصيل للجمهور والنقاد لكن أنا وأبطاله مقتنعون به.

·        وهل تري هناك أملا في عودة السينما للحياة؟

- أكيد لأن هناك عقولا وقدرات جيدة تستطيع عمل شيء لو توافر لها المناخ مثل هالة خليل ونادين خان وماجي مرجان ومروان حامد وغيرهم وهناك تجارب سينمائية جديدة ومهمة وسارت عكس السائد في السينما مثل «الفيل الأزرق».

·        وما الذي تطلبه الآن من الدولة لحفظ إبداعات الموهوبين مثل صلاح أبوسيف؟

- لا أطلب سوي استكمال مشروع أرشيف السينما المصرية «سينماتيك» الذي يحفظ تاريخ 100 سنة سينما في مصر ولابد من تحديثه باستمرار لأنه تراث لا يقدر بمال.

·        وأخيرا.. ما الفارق الذي تراه بين جيل صلاح أبوسيف والجيل الحالي؟

- فارق كبير وهو أن جيل والدي تجد أن لديهم قدرا ونوعا من الجودة لا يتنازل عنها أما الآن هناك أفلام لا تتحملها لمدة 10 دقائق، رحم الله والدي وجيله العظام الذي  خرَّج كتيبة نجوم من أفلامه مثل رشدي أباظة وفريد شوقي وأحمد مظهر وسناء جميل وعمرو الشريف وغيرهم.

الوفد المصرية في

14.05.2015

 
 

المال والسلطة في كوريا الشمالية

أمير العمري

هذا فيلم تسجيلي جيد من جميع النواحي: البحث الدقيق الممتاز الذي يغطي جوانب القصة بأكملها، الصورة الجيدة التي تدعم الصوت، صور الأماكن المختلفة عبر دول مختلفة، ظهور أشخاص حقيقيين يدعمون بالحديث والوصف المختصر الدال كل ما يأتي عبر شريط الصوت من تعليق من خارج الصورة، إيقاع محكم ينجح في شد المتفرج من بداية القصة إلى وسطها ثم نهايتها، مع تشويق يجعل المتفرج في انتظار المزيد طول الوقت، وإخراج مخطط له جيدا، بحيث ينتقل من زاوية إلى أخرى دون أن يفقد التركيز على الموضوع الرئيسي للفيلم، والموضوع هو "قوة المال وقوة السلطة في كوريا الشمالية"، وكيف تمكن نظام عائلي ديكتاتوري دموي شمولي، من البقاء في الحكم لمدة 70 عاما.

الفيلم يحمل عنوان "المال والسلطة في كوريا الشمالية: الاقتصاد الخفي"، وهو يبحث في جانب مثير، هو كيف تحصل كوريا الشمالية - رغم الحصار المفروض عليها دوليا - على العملات الصعبة، وفيم تستخدمها، ومن الذي يتحكم فيها؟

الفيلم يعتمد على ما هو متوفر من معلومات من جانب عدد من كبار المسؤولين السابقين في بيونغ يانغ، من الذين انشقوا على النظام ولجأوا إلى كوريا الجنوبية. ويظهر بعضهم في مقابلات موزعة جيدا على مدار الفيلم، كما يظهر مسؤول عسكري رفيع المستوى يتحدث عما كان يعقده شخصيا من صفقات لبيع الأسلحة في الخارج.

يستخدم الفيلم، وهو من إنتاج التليفزيون الياباني، الكثير من لقطات الأرشيف القديمة، التي تستعرض قصة صعود عائلة "كيم" إلى الحكم في دولة يفترض أنها جمهورية حديثة، تحكم طبقا للأيديولوجية الشيوعية، لكن على نمط شرقي إقطاعي عائلي، حيث يرث الأبناء الآباء، فمؤسِّس كوريا الشمالية هو كيم إيل سونغ الذي حكم البلاد منذ تقسيم الكوريتين عام 1945 حتى وفاته عام 1994، ثم خلفه إبنه كيم جونغ إيل حتى وفاته عام 2011 لكي يخلفه كيم جونغ أون، وهو الرئيس الحالي البالغ من العمر 32 سنة

يضم الفيلم أيضا الكثير من اللقطات الحديثة المصورة من داخل كوريا الشمالية، سواء تلك التي صُوِّرت خصيصا لحساب هذا الفيلم، ومنها ما تم تصويره سرا، أو لقطات مأخوذة من الأفلام الدعائية التسجيلية التي تُصوِّر الاحتفالات العامة ومظاهر تكريم رجالات الدولة ومكافأتهم، وهو موضوع يتفرع عن الموضوع الرئيسي للفيلم ويصب فيه، ويطلق على تلك السياسة "سياسة الهدايا"، وهي السياسة التي ابتدعها الزعيم الراحل كيم جونغ إيل- كما يقول الفيلم- لشراء ولاء كبار المسؤولين عن طريق تقديم هدايا قيمة لهم.

ويتحدث في الفيلم رجل من المنشقين الكوريين، كان مسؤولا عن شراء الهدايا من بلدان الغرب مثل ألمانيا والنمسا، ومنها سيارات مرسيدس الفاخرة، وهدايا مصنوعة من الذهب، مثل بنادق الصيد وغيرها. وقد ورث الرئيس الحالي السياسة نفسها، وأخذ يتوسع فيها ويغدق على معاونيه ومرؤوسيه، وخاصة النخبة العسكرية، لضمان ولائهم خاصة لشخصه. ونشاهد في الفيلم الكثير من اللقطات التي يظهر فيها كيم جونغ أون وهو يقدم هذه الهدايا بنفسه في احتفالات رسمية خصوصا الاحتفال بعيد ميلاده!

ينتقل الفيلم في سرد موضوعه من بيونغ يانغ إلى سول عاصمة كوريا الجنوبية، إلى فيينا إلى ماكاو إلى الصين إلى طوكيو إلى واشنطن إلى داكار عاصمة السنغال، إلى ناميبيا إلى منغوليا. يتحدث مسؤول سابق في الإدارة الأمريكية عن الضغوط التي مارستها الإدارة على نظام بيونغ يانغ لإرغامه على التفاوض بشأن البرنامج النووي، وكيف حاول الأمريكيون محاصرة وخنق النظام الاقتصادي الخاص الذي أنشأه الحاكم الحالي ويطلق عليه في الفيلم اسم "اقتصاد البلاط الملكي"، وهو نوع من تراكم الثروة بطريق مباشر في يد الرئيس من وراء ظهر برلمان الشعب والحزب الشيوعي، وخاصة العملات الصعبة التي يتم الحصول عليها من طرق عدة، يتطرق إليها الفيلم بالتفصيل، وتودع هذه الموارد المالية السائلة في مبنى يطلق عليه "الغرفة 39" في وسط بيونغ يانغ، وتستخدم هذه الأموال في شراء الهدايا التي يقدمها الرئيس للمسؤولين، وكذلك في الإنفاق على البرنامج السري للتسليح والبرنامج النووي حسب ما يقول الفيلم.

ويرى بعض الخبراء الذين يتحدثون في الفيلم أن هذا الاقتصاد الموازي يبلغ حاليا نحو 60 في المائة من الاقتصاد الكلي للبلاد، وأنه السبب الرئيسي في معاناة الشعب في كوريا الشمالية حيث يعتبر نوعا من اغتصاب ثروات البلاد. أما مصادر المال فهي تأتي من تجارة السلاح وبيعه للكثير من الدول في الشرق الأوسط مثل إيران وسورية، أو من تشغيل أكثر من مائة ألف عامل كوري في بلدان خارجية مثل منغوليا التي أنشات فيها كوريا الشمالية مصانع لإنتاج المنسوجات يعمل فيها عمال كوريون، يحصلون فقط على نصف أجورهم ويذهب النصف الثاني إلى "الغرفة 39". 

ينتقل الفيلم إلى الجزيرة الصينية - ماكاو- التي تشتهر بكازينوهات القمار حتى أنها تفوقت الآن على لاس فيجاس الأمريكية، ويغشاها عادة كبار المسؤولين الصينيون.

وهناك تعقد الصفقات مع كوريا الشمالية، ويتم تهريب الأموال عبرها، وبيع الذهب والحصول في المقابل، على أموال سائلة، ثم يتم شحن السيولة المالية إلى بيونغ يانغ. ويتابع الفيلم بالكاميرا مسؤولا سابقا وخبيرا في الاقتصاد في كوريا الشمالية، وهو يسير في شوارع ماكاو، لا نرى سوى ساقيه فقط، يشير بيده إلى مبنى مغلق تماما لا توجد عليه أي لافتات، ويقول إنه المبنى الذي تتم فيه تلك الصفقات السرية.

يقارن الفيلم في لقطات مكثفة، بين حياة الترف التي يعيشها الرئيس وحاشيته، والمباني الشاهقة التي أقامها في وسط بيونغ يانغ لكي يتفاخر بها أمام العالم، وبين حياة الفقر التي تعيش فيها ملايين الأسر في عموم البلاد. ونرى فيلما دعائيا لأسرة من الطبقة العاملة حصلت على  مسكن جيد في وسط العاصمة بعد ان اخُتيرت كأسرة عمالية مثالية، ثم نشاهد الرئيس بنفسه، يقوم بزيارتها مع زوجته ويجلس مع الرجل وزوجته أمام الكاميرا لالتقاط الصور، للإيحاء أمام الشعب بأنه مانح الرخاء الأوحد.

وبعد ذلك نشاهد في مقابلة خاصة المرأة العاملة وهي تتحدث عن سعادتها بالمسكن الذي لم تتخيل لحظة أن من الممكن أن يكون لها.. ولا في الأحلام - على حد تعبيرها. ويستخدم النظام هذا النوع من الهدايا في الدعاية، كما يستخدم مهارة الفنانين التشكيليين، وخصوصا المثالين في إقامة تماثيل هائلة الحجم لزعماء إفريقيا كما نرى في داكار (السنغال) ونامبيا، حيث أقيمت تماثيل ضخمة على النمط الدعائي الذي يستخدم في تخليد قادة كوريا الشمالية نفسها. ويتحدث وزير الثقافة السنغالي في الفيلم عن تعاون الكوريين في اقامة التمثال الضخم الذي يطل من فوق قمة جبل على المدينة، وهو لرجل إفريقي يحمل طفلا (تعبيرا عن المستقبل) والطفل يشير بيديه إلى الأمام. ويقول الوزير إن الكوريين كانوا سعداء بما حصلوا عليه من مال مقابل التمثال. ويذكر التعليق الصوتي أن التمثال تكلف إنشاؤه 50 مليون دولار حصل الكوريون على نصفها.

ويتابع الفيلم صعود جانغ سونغ ثايك، المستشار الاقتصادي البارز للرئيس كيم جونغ أون، وكيف نجح في الحصول على ثقة المسؤولين الصينيين ودعم الكثير من الشركات الصينية، ثم تمكن من تحقيق مداخيل كبيرة من العملات الصعبة، وصار المتحكم الأول فيها، إلا أن الرئيس خشى أن ينافسه بسبب استحواذه على تلك الأموال، فأمر بالقبض عليه في أواخر 2013، ووجهت له تهمة تخريب اقتصاد البلاد، ثم أعدم!

الفيلم مليء بالصور المدهشة للزعيم الكوري الشاب، منها لقطة طويلة قريبة تركز على وجهه وهو ينظر في ساعة يده طويلا، ثم يقطب حاجبيه ويفكر مليا في أمر ما، وكأنه يخطط لتدبير معين للخلاص من منافسه الذي يشك في أنه أصبح يتمتع بالمال وبالتالي يمكن أن يهدد سلطته. هذه اللقطة تأتي مباشرة قبل اللقطات التي نرى فيها المستشار الاقتصادي مقبوضا عليه، ثم يظهر مذيع على شاشة التليفزيون الرسمي، يقرأ بيان الاتهام للرجل، ويقول إنه أقام "مملكة خاصة" لا أحد يمكنه الاقتراب منها!

الفيلم في النهاية ممتع، ومثير للتفكير، ويدعو المشاهد إلى البحث عما وراء الصورة التي نراها من بعيد لتلك الدولة التي تبدو كدولة فقيرة تعاني من المجاعات، إلا أنها في الواقع تعاني من احتكار المال والسلطة وفرض مبدأ عبادة الفرد، الرئيس، الحاكم، نصف الإله، وسط تهليل النخبة!

الجزيرة الوثائقية في

14.05.2015

 
 

«الهجرة السرية» ... موت واحتيال

بشار إبراهيم

يأخذ وثائقي «الهجرة السرية»، أحد حلقات سلسلة «الصندوق الأسود»، على قناة «الجزيرة الوثائقية»، صيغة التحقيق الصحافي، انطلاقاً من راهنية هذه الظاهرة التي باتت رحلة «موت» مُعلنة، تنخرط فيها أعداد متزايدة يوماً بعد يوم، بخاصة مع إمعان «الربيع العربي» في تفاقمه الدامي، فيضع الوثائقي أسئلته الأولى: «من أين يأتي هؤلاء؟ ومن يتولّى ترتيب هروبهم؟ وأي واقع يلاقونه؟ وأي مصير ينتظرهم أثناء رحلتهم وحتى الوصول إلى المجهول؟»، ويستغرق فيها.

ستبدو الأسئلة بدهية، للوهلة الأولى، إذ ليس من المغالاة القول إن المشاهدين بغالبيتهم يعرفون الأجوبة الصحيحة لها، وإن لم يكونوا على إلمام دقيق في التفاصيل. وربما من هنا تأتي أهمية الوثائقي، في أنه يسعى لالتقاط التفاصيل الميدانية، من خلال الانغماس في تحقيق صحافي، ومطاردات ميدانية، بما فيها زرع كاميرات سرية في المسارات البرية والبحرية والجوية، التي يحاولها المهاجرون، في هذه الهجرات التي ما عادت سرية.

لا يأبه هذا الوثائقي في البحث عن الأسباب التي أدّت إلى انخراط الآلاف، إن لم نقل عشرات الآلاف، من السوريين واللاجئين الفلسطينيين السوريين، في هذه الرحلة المحفوفة بالموت، وإلى أي درجة هي أسباب حقيقية، أو صادقة حقاً، أو أن لا خيار سواها، بل يتعامل معها باعتبارها أسلوب وصول إلى أوروبا، نجاةً بالنفس، أو بحثاً عن حياة أكثر أمناً واستقراراً للذات والأبناء...

ومع ملاحظته أن «الهجرة السرية» باتت على شيوع واسع منذ العام 2011، فإنها كذلك ترافقت مع حوادث الموت غرقاً، فضلاً عن عمليات القتل التي تمثلت بالإجبار على الغرق، من قبل التجار والمهربين وأصحاب المراكب، الذين حدث أن أجبروا المهاجرين، غير مرة، على القفز إلى المياه في عرض البحر، أو ضربهم بالعصي والسواطير وإطلاق النار، في ما لا يقلّ عن تسميته «مجازر» حقيقية.

يعترف الوثائقي أنه مع تزايد حجم الهجرة وكثافتها من الهاربين من جحيم الحرب في سورية، وتكرار المآسي وحوادث الغرق والإغراق، فإن أعداد الضحايا باتت غير معروفة، ولا يمكن حصرها، لا سيما أن منها ما لا يعرف بها أحد، ولا يتم اكتشافها، وتنطوي على أسرارها، ريثما يلفظ البحر الجثث، أو يجرؤ ناج على القول.

يختار الوثائقي 3 طرق منها: عبر البحر من السواحل الليبية إلى الشواطئ الإيطالية، وعبر الغابات من تركيا إلى بلغاريا، ورحلات جوية بجوازات سفر وتأشيرات مزيفة. وفي تتبّعه لهذه المحاولات يكتشف أن ثمة شبكات قائمة، متعاونة، ومتكاملة، ومن جنسيات مختلفة، بما فيها جنسية المهاجرين أنفسهم، ومن بني جلدتهم.

أحد الراغبين في الهجرة، وممن وقع في الخديعة أكثر من مرة، يقول أن محاولات هروبه مع عائلته كلّفته، حتى الآن أكثر من 120 ألف دولار! سنخرس هنا، ونلتفتُ نحو «مخيم الزعتري»، مثلاً، حيث قرابة 120 ألف لاجئ في العراء.

الحياة اللندنية في

14.05.2015

 
 

هوسيب مادينيان... زخرفة العالم

أحلام الطاهر

في فيلم غودار «رجال الدرك» (1963) يُدعى رجلان فقيران للانضمام إلى جيش الملك، مع وعد أن يكون بمقدورهما أن يغنما ويقتلا ويغتصبا ويفعلا ما شاء لهما. لكن حقيقة الغنائم التي عاد بها ميكل انج وأوليس إلى زوجتيهما بعد سنوات لم تكن سوى بطاقات بريدية، المئات منها، تصوّر مخازن حكومية، حيوانات، عجائب طبيعية، وسائل نقل، أعمال فنية تمجّد العالم الذي قاتلا من أجله. تُحاكي «نكتة» غودار السحر الملتبس للفوتوغراف.

الكاميرا في طبعها المكثّف للبيئة، المُحبّ للتملك هي تجربة الاستيلاء. «عندما أتأمّلكِ، لا أعرّيكِ بنظري، بل الأرجح أُلغّزكِ. أكسوك بطقوس نظر لا يخترق بل يخترع. نظري يدُ خيالي». قال الراحل أنسي الحاج، ما ينطبق تماماً على بورتريهات الفوتوغرافي الأرمني هوسيب مادينيان (1915-2012) التي رعاها بكثير من الصنعة والانتباه والغموض. عثرت عليها المصوِّرة والفنانة والاختصاصية في الأنثروبولوجيا والتقاليد البشرية هدى قساطلي عن طريق الصدفة في سوق البسطة عام 2012، مذيّلة بتوقيع «سارو». تعقّبت أثر صاحبها الذي جاء إلى لبنان طفلاً هرباً من مذابح الأرمن، تعلّم اللاهوت وافتتح استوديو في ساحة الدبّاس وأماكن أخرى، مُوقّعاً صوره باسم الراعي سارو في «أوبرا أنوش». المعرض الذي تخصصه «غاليري أليس مغبغب» لفنان البورتريه ويضمّ 30 صورة التقطها الفنان مع نصّ لهدى قساطلي، يتزامن مع صدور كتاب «هوسيب مادينيان: فنان البورتريه المنسي» (دار العين).

كانت الأسر تدهن صور الأسلاف بالبرنيق كل ربيع، ما جعلها تنأى عن الحاضر سنة بعد سنة، تغور على مهلها في بركة داكنة من برك الغابات. الرسام يبني، لكن الفوتوغرافي يكشف ويحرّر، تبدو صور مادينيان كأنها رسومات عُزلت في مُختبر بغية «تنظيفها»، نُزعت اللمسات والطلاءات الشفافة الأخيرة وأعيدت في نشوة من الظفر إلى أصباغها السفلى، إلى الدراسة الدقيقة الصلبة التي يبدأ بها الرسّام لوحته.

وجّهت هدى قساطلي الأنظار إلى الفنان المنسيّ

لكن وإن كان مادينيان مُخلصاً للصورة المتقنة التي يأخذها بجهاز «شنايدر» أو «كوداك» بالأبيض والأسود تحت إضاءة ناعمة ويعكف على تلوينها يدوياً، فإنه يميل إلى حماية موديلاته من النظرة النافذة المُحدّقة للكاميرا.

في أسوأ سنوات الأزمة الألمانية عام 1930، وضع هلمار ليرسكي خلاصة وافية عن الوجوه المتوجعة، نُشرت تحت عنوان «وجوه يومية». الموديلات/ المأجورون في هذا العمل الذي دعاه ليرسكي «دراسات موضوعية عن الشخصية» كانوا خدماً وعاطلين ومتسوّلين وكنّاسي شوارع وبائعين متجوّلين لا مبالين بعدائية الكاميرا التي كشفت مسام الوجه المكبّرة بإفراط والغضون وشوائب البشرة. فضّلت الأجيال الحديثة من الفوتوغرافيين كشف الحقيقة لا الجمال، واستقطاب حكاية مقلقة أكثر من عزل «شكل مُبسّطّ». الصور التي التقطها دبليو يوجين سميث في نهاية الستينيات في قرية يابانية لصيادي السمك تُدعى ميناماتا، وكان أغلب سكّانها مصابين بالشلل ويعانون الموت البطيء من سموم الزئبق، تثير مشاعرنا لأنها توثّق الخزي والمعاناة وترتبط بالرغبة في التغيير السياسي والاجتماعي، لكنها في الوقت نفسه تحيّد مشاعرنا لأنها صورة رائعة عن الألم. أما صور جاكوب رايس الخاطفة، فتبدو جميلة بسبب قوة مواضيعها وتأطيرها الخطأ وعدم السيطرة على النقاوة اللونية. هذه الجمالية مزدوجة المعايير - نتاج الفطرة أو الخطأ أو الاهمال- تقابلها جمالية تقليدية عند سارو وجهد لزخرفة العالم. تزيين الموضوع أو جعله مثالياً، يظل هدفاً للتصوير الفوتوغرافي اليومي والتجاري، لكن هل هو فن؟

صحيح أن بورتريهات مادينيان لا تتدّعي بأنها كذلك، إلا أن القوام الإنساني الذي تقف عليه، يحيلنا إلى ما يمكن اعتباره حالة سردية لظرف اجتماعي وجغرافي اختبره المصوّر شخصياً، وانعكست تحوّلاته على سيرة مجتمع كامل، ولعدسته أن تكون شفوقة ومهذّبة وهي تثبّت معجزة الهنا ومعجزة الآن، متنقلة بين صور جوازات سفر وأعراس وأطفال ورياضيين وقرويين وفاتنات في مهرجان الزهور في بكفيا قبل الحرب.

الأخبار اللبنانية في

14.05.2015

 
 

السينما وابن الزبال

حنان شومان

يبدأ كلامنا سلامنا يطوف ع السامعين، معنا عصفور محندق يزقزق كلام موزون وله معنى.. فأرجو أن يكون فى كلاى أى معنى.. هل السينما المصرية بأفلامها الجيدة والسيئة وأسودها وأبيضها وألوانها مسؤولة عن الطبقية وكل موبقات المجتمع المصرى وكثير من ظواهره السلبية؟ سؤال يطرح نفسه منذ أن برزت أزمة وزير العدل السابق وتصريحاته التى خصت ابن الزبال وأحقيته فى أن يكون قاضياً على العباد، لست المدافعة عن السينما بحلوها ومرها، ولكنى فقط أقر واقعاً وأنبه القاصى والدانى لحقيقة تأثير السينما وأفلامها على الشعوب عامة، ثم على الشعب المصرى خاصة. تقف السينما وأفلامها قادرة على أن تخلق صورة شىء أو شخص أو معنى وتكرار تلك الصورة أو النمط كفيل بأن يؤثر على الشعوب وهو ما حدث ومازال يحدث فى السينما الأمريكية غزيرة الإنتاج المنتشرة فى كل العالم، فقديماً كان الرجل الأسود هو الشرير وقبله الهندى الأحمر وفى فترة أخرى كان أهل فيتنام عرضة لخلق صورة نمطية للشر، ثم صار العربى المسلم هو مصدر كل الشرور، فكم من مرة بل مرات تضبط نفسك متعاطفاً مع البطل الأمريكى الأبيض ضد بنى جلدتك أنفسهم على الأقل مدة الساعة ونصف التى تدور فيها أحداث الفيلم على الشاشة؟! هوليوود تفعل ذلك بأفلامها وصناعتها فهى صاحبة فكر وقرار سياسى وقرار دولى، وهى تفعل ما تفعل وهى مدركة تماماً لدورها وهدفها على اختلاف شركات الإنتاج وشخوص المسؤولين. ولكن تعالوا إلى السينما المصرية التى لا تتبع فكرا واحدا ولا هدفا واحدا ولا رؤية ولا إدراك لدورها إلا من رحم ربى، اللهم إلا فى نهاية الخمسينات وفترة الستينيات حين تدخلت الدولة فى الإنتاج، لأنه كان لديها مشروع ثقافى وسياسى واجتماعى، ولا مجال هنا لنقاش مدى نجاحه أم فشله، ولكن لو نحينا هذه الفترة جانباً فإن السينما بريئة من ذم ابن الزبال، ولكنها قد تكون مسؤولة عن الصورة السلبية للراقصة خرابة البيوت وسارقة الأزواج مثلاً، أما ابن الزبال وغيره من فقراء المجتمع المصرى فعلى العكس هم دائماً فى وضع البطل الذى يجذب تعاطفنا، فعادل إمام مثلاً صنع نجوميته من كونه الفقير الضعيف، وفاتن حمامة من قبله صنعت اسمها من ضعفها وعوزها، وهل يمكن أن ننسى يوسف بك وهبى وأولاد الفقراء.. مئات من الأمثلة تؤكد أن المجتمع السينمائى لا يطرد الفقراء من الجنة، وأن طبقية المجتمع تعود لأسباب أخرى كثيرة قد يكون أضعفها أو أقلها تأثيراً هو السينما المصرية بأفلامها. إن كثيرا من أمراضنا وأوجاعنا لم تصنعها ولم تساهم حتى فيها السينما هى فقط مرآة لنا فلم نلوم المرآة وننسى من يقف أمامها

اليوم السابع المصرية في

14.05.2015

 
 

محمد ملص: سقف للقنيطرة

سامر محمد اسماعيل*

يقف «محمد ملص ـ 1945» اليوم بين خرابين ناظراً من شرفة بيته في حي الطلياني الدمشقي نحو مدينته القنيطرة؛ الخراب الأول كان الإسرائيلي قد تركه على هيئة جدران وأسقف متداعية لمدينة شهدت بيوتها وشوارعها ومعابدها أعتى فصول الانتقام البشري بعد اندحار العدوّ عنها في حرب التحرير عام 1973؛ أما الخراب الثاني؛ فيبدو خراباً طويل الأمد لحربٍ لا تزال تنتج نفسها بنفسها منذ أكثر من أربع سنوات.

هناك في الجولان يرنو صاحب «اليوم السـابع ـ 1972ـ معهد السينما» إلى ذكرياته التي كان يحسب أنها قد استقرت على حطام بناء « سينما الدنيا» الصالة التي شارك والده ببنائها في الشارع الرئيسي لمدينة القنيطرة القديمة: «أتذكر الآن كيف استطاع أبي أن يصنع لها سقفاً ملائماً كما هو حال صالات السينما مطلع خمسينيات القرن الفائت؛ منذ الطفولة كنتُ أحبُ أن أنتمي إلى عالم السينما؛ لكني لم أكن أعرف أن هذا الحب سيتطور إلى دراستها».

الرغبة التي كانت تعتري صاحب «أحلام المدينة ـ 1984ـ مؤسسة السينما» بالسفر إلى خارج البلاد، جعلتهُ يتقدم لامتحان بعثة الإخراج السينمائي وكان لا يزال مدرّساً في معهد المعلمين بعد دراسته لعلم الاجتماع بجامعة دمشق، وفعلاً تمكن وقتذاك من الحصول على منحة الإيفاد عام 1968 إلى الاتحاد السوفياتي السابق؛ ليدرس الشاب هناك في «معهد السينما ـ موسكو V. G .I K» متخرجاً منه عام 1974.

حكاية قصيرة لا تتطلب أحداثها كلاماً، ‍كان هذا هو تمرينه، لتحقيق فيلمه الأول في الأكاديمية السوفياتية: «يومها كتبتُ قصة أدبية قصيرة بعنوان (حلم مدينة صغيرة) ، وحين قرأها المعلم (إيغور تالانكين) أُعجب بها، وأتاح لي الفرصة بأن أحمل الكاميرا للمرة الأولى في حياتي، فبعث بي مع زميلي الطالب مثلي في المعهد، المصور سمير جبر، إلى أماكن أحداث القصة في دمشق، لنصوّر الفيلم. يومها لمستُ وقبّلتُ (الصورة) قبلتي الأولى؛ وحين عدنا بالحكاية مصورة، وشاهد الـ (RUSH) أستاذ المونتاج الكبير (فـيلونوف) والذي كان واحداً من مؤسسي هذا المعهد… ابتسم العجوز الجليل وقال لي بصوت مجروح، ودمعة قد احتُبست في طرف عينيه: (لقد فاحت أمامي رائحة الــ (REALISM NEW). لم أكن أعرف يومها أني قد استخرجتُ من روحي تمريني الأول لما سأفعله في السينما في ما بعد».

تتداخل أربع أنواع من الذاكرة في الأعمال الأولى للمخرج السوري؛ فالأب الذي مات في الجامع في ذاكرة ملص الواقعية سنة 1949، يموت موتاً سينمائياً سنة 1967 في فيلم «الليل» وهو يشتم ويقاوم الإسرائيليين، حقيقة جوهرية لشريط يعيد صياغة المدينة وفق ذاكرة مشتهاة حقق لهذا الرجل (سينما المفقود)، وذلك عبر اللجوء إلى الذاكرة الشخصية لصياغة ذاكرة عامة، فالذاكرة الشخصية هنا بدت وقتها كركيزة أساسية لصياغة مشروع سينمائي سيصبح مرجعاً جمالياً لصاحب «باب المقام 2005 - دنيا فيلم ـ 98 دقيقة».

الذاكرة المفقودة

في السينما فقط اكتشف أبرز مخرجي موجة سينما المؤلف في بلاده؛ أن موت أبيه في المسجد لم يكن وقتها موتاً طبيعياً؛ بل من القهر الذي انتابه بعد حدوث الانقلاب العسكري الأول على يد حسني الزعيم عام 1949. هذا المشهد من فيلم «الليل ـ1992ـ مؤسسة السينما» كان فيلماً عن (الذاكرة المفقودة) كما يطيب له تسميتها؛ بعكس روايته «إعلانات عن مدينة ـ 1976ـ ابن رشد ـ بيروت» والتي أعاد «ملص» من خلالها بناء القنيطرة بالنص بالكلمة، أما السينما فأعادتها بالصورة: «كنتُ أحتاج إلى مدينتي التي لم يكن أمامي طريقة لاستعادتها إلا عبر السينما وهذا ما حدث في (الليل) حين أردتُ لهذا الأب أن يموت سنة 1967 حين احتل الإسرائيليون مدينة القنيطرة، لقد جعلته يموت في الذاكرة المشتهاة؛ أذكرُ هنا أن الجدار الذي هدمناه في فيلم الليل، كان الجدار الوحيد الذي دمّرناه من أجل السينما، لكننا لم ندمر مدينة بأكملها كما فعل الإسرائيليون».

«كل شيء على ما يرام سيدي الضابط ـ 30 دقيقة ـ 1974» كان أطروحة التخرج التي قدّمها (ملص) بشراكة في كتابة السيناريو مع رفيق الدراسة في « فغيك» الروائي صنع الله إبراهيم؛ وجنباً إلى جنب مع الراحلين شريف شاكر وفؤاد الراشد؛ رفاق الدراسة الذين مثّلوا مع «صنع الله» في فيلم تناول واقع المثقفين اليساريين في المعتقلات الناصرية ووقوع هزيمة 1967؛ سينما ملص التي لم تغفل بعدها حال معتقلي الرأي في بلاده؛ لا سيما في فيلمه «فوق الرمل تحت الشمس ـ 1998 ـ 30 دقيقة» الروائي القصير الذي سيعود إليه صاحب «محارم ـ 2008 ـ 30 دقيقة» مقتبساً منه مشاهدَ لفيلمه الأخير «سلّم إلى دمشق ـ 2013 ـ Appout Production» معيداً البكَرة بلغة آسرة إلى كابوس البلاد الماضي ـ الحاضر: «اليوم أخاف على سورية التي ربما نفقدها كل يوم؛ أو ربما فقدناها إلى الأبد؛ لا أحد يريد أن يتكلم عن ذلك؛ لا أحد...».

كلمات صاحب «حلب ـ مقامات المسرّة ـ 1998 ـ وثائقي ـ 50 دقيقة» تعيده إلى ذكرياته التي يحققها اليوم على شكل مفكرة مطوّلة عن مشوار العمر المضني؛ تحديداً تلك المشاريع التي لم يهدأ التفكير بها مع رفيق دربه الراحل عمر أميرالاي حيث يطلعنا (ملص) على بعض ما كتب في مفكرته عن هذه السينما المؤجلة والدور الذي ساهما به مع كل من نبيل المالح وسمير ذكرى وأسامة محمد في النادي السينمائي بدمشق: «كان لدينا إحساس عميق أنا وعمر بأننا سينمائيو (العين البصيرة واليد القصيرة). ربما كان لانفرادنا بصداقتنا وتمركز هذه الصداقة حول محورها الأساسي كسينمائيين في سوريا؛ في هذه الظروف الصعبة؛ وفي هذه الأجواء المخيفة، لم يكن يترك أمامنا خياراً آخر إلا أن نلتقي. فلعب هذا اللقاء اليومي دوراً عضوياً في تكثيف وتركيز وتأكيد ما كان يدور في داخلنا من أفكار. أعتقد أن تلك اللقاءات صاغتنا وصاغت تجربتنا. ولعلها هي التي حمتنا وقتها من الكثير من الأمراض التي كان من الممكن أن تولد في داخلنا في تلك المرحلة. فالواقع غدا بالخوف ضد نفسه، ربما يمضي ليكون عدوا لنفسه! لا فكاك من هذا أبداً». كنت أشعر بالحنين لماضٍ ما؛ بينما كان عمر يواجه الحنين بالرفض ويعتبره مرضاً تجب مقاومته. كنا نختلف حتى في تشريح هذا الحنين أو وصفه أو تفسيره. وحتى بأسباب الشعور به؛ فعلى الرغم من اتفاقنا على الغايات؛ كنتُ أحس باختلاف آليات التفكير؛ وفي النظرة للفن والتعبير».

المهد

في جعبة هذا الفنان العديد من الأشرطة السينمائية التي لم تحظ بفرصة العرض لعل أبرزها فيلمه «البحث عن عائدة ـ 1999 ـ روائي ـ 90 دقيقة» وهو مونودراما سينمائية عن فلسطين؛ كان قد حققه مع الممثلة التونسية جليلة بكار لمناسبة مرور خمسين سنة على النكبة؛ أما فيلمه «المهد 2007 ـ روائي ـ 120 دقيقة» فقد تم إخفاء نسخه بالكامل؛ لولا تسريب للشريط ساعد (ملص) على فرصة تقديم عروض خاصة به في كل من بيروت ودمشق؛ ففي «المهد» أعاد صاحب «فرات ـ 1980 ـ وثائقي ـ 32 ـ التلفزيــون الســوري» الزمن العربــي إلــى جدلية حساســة وصادمة من جهــة تطلعــها نحــو غــدٍ عربي لا يفتح أبوابه الموصدة على ممالكــه وعروشــه المنتفخة بالنفط وشــرعة المقدس والممنوع؛ نســأل ملص عن الجــوائز العديــدة التي نراها في خزانة خاصة أمامنا كان قد نــالها في العديد من المهرجانات الدوليــة والعربــية: أحبها إلى قلبي FAPA جائــزة اليونســكو في مهرجان كان ـ 1989 عن فيــلم (المنام)؛ وهذه جائزة (التانيت الذهبي) نلتــها فــي مهــرجان قرطاج ـ عام 1984 عن فيــلم (أحــلام المدينة) وتلك كما ترى النخــلة الذهــبية ـ فالنسيا ـ 1984 عن فيلم «الليل»؛ وهــذه جائــزة مهرجان جنيف ـ 2014 عن فيلم (سلّم إلى دمشق)».

لكن هل الجوائز فقط ما ناله صاحب «الذاكرة ـ 1975 ـ وثائقي ـ 13 دقيقة» من مشواره الطويل؛ أم أن هناك ندوبا لا تمحى، لا سيما الحادث الذي كاد يودي بحياته أثناء تصويره لفيلم (الليل)... «لقد أدهشني حين استخرجتُ بعض المعلومات الوثائقية، التي حدثت في الفترة التي أحوم حولها في مشروعي عن كتاب مفكرتي السينمائية؛ فوجدتُ أن الضربة الدماغية كانت قد حدثت لي في العاشر من تموز 1990، وإن الصحوة الأكثر وضوحاً في ذاكرتي بعد ثلاثة وعشرين يوماً حصلت في الثاني من آب 1990. أذكر وقتها أني استيقظتُ بعد فترات متباعدة من وعي متناوب، وفتحتُ الراديو المجاور لي كعادتي اليومية؛ فسمعت خبر اجتياح صدام حسين للكويت واحتلالها. فهمستُ لحظتها وهي ضربة دماغية ثانية! لأعود بعدها إلى الغيبوبة من جديد».

«المنام ـ مفكرة فيلم ـ الآداب بيروت ـ 1999» و «كتاب الليل ـ دار كنعان - 2003» و «الكل في مكانه سيدي الضابط ـ مفكرة فيلم ـ المدى ـ بيروت ـ 2003» و«مذاق البلح ـ رفوف ـ 2010»، جميعها كتب حققها ملص من تجربة فنية أنجز إلى جانب العديد من أفلامها، كتباً هي في الأصل قد تبدو على هيئة كتاب «الرسائل المتبادلة» بينه وبين الناقد فيصل دراج ـ (قيد النشر) لكنها في أحيانٍ كثيرة تبدو ليست مجرد «دفتر مذكرات» لم يغادره يوماً، قبل سفره إلى موسكو وأثناء إقامته فيها، وبعد انتهاء دراسته والعودة إلى دمشق، أو حتى في أسفاره التي شغل فيها مديراً للعديد من لجان التحكيم السينمائية الدولية؛ بل هي في هذه الكتابة الدائمة ربما تعكس رغبة دفينة لدى محمد ملص في ترجمة عمره الشخصي إلى أفلام.

*كاتب سوري

قُبلة الجَمال وقُبلة المهانة!

سليمان الحقيوي*

تطرح السينما العربية في سنواتها الأخيرة أسئلة كثيرة ـ حتى وإن تجاوزنا منها المتعلقة بمستواها الضعيف، وانحيازها التام للتيمات الموغلة في التجارة والضحك، الأسئلة التي نقصد تلك التي تمس اختفاء أنماط ومواضيع كانت حاضرة بشكل طبيعي كما يجب أن تكون دائما، وتحت هذا المدخل يحق لنا أن نتساءل مثلا أين اختفت القبل التي كانت تتخلل مشاهد كثيرة في السينما العربية؟

إن فيلما واحدا مثل «أبي فوق الشجرة» 1969 إخراج حسين كمال، وبطولة عبد الحليم حافظ، ونادية لطفي وميرفت أمين، يضاهي في عدد القبل التي تضمنتها مشاهده أفلاما أنتجت في عقود من الزمن.

القبلة صارت غريبة

القبلة في السينما صارت غريبة حتى إن وجدت بوفرة، وهناك فرق كبير بين القبلة في سينما الأبيض والأسود وما جاء بعدهما، وبين القبل في سينما اليوم، ويمكننا أن نميز بينهما بما يلي:

1 ـ المضمون: أفلام الماضي كانت مبنية بطريقة كلاسيكية بسيطة؛ هناك علاقة بين البطل والبطلة تأتي القبلة في سياقها، تعبر عن الحب، السينما في تلك الفترة كانت تقدم الانطباع عن المجتمع العربي وأحلامه. أما القبلة اليوم فهي أقرب إلى كونها منتزعة، قُبل الحب صارت نادرة الحدوث في مقابل قبل تأتي في سياقات أكثر عنفا.

2 ـ السياق العام: الجمهور والمخرج كانا في شبه تواطؤ في الماضي، وكأنهما يلعبان لعبة يجيدان هما الاثنان قواعدها كما يقول كليطو عن السرد، كان المخرج يعرف حاجة الناس لمشاهدة أفلام تعكس واقعا جميلا فيه حب ومرح، وهناك تعليق ينسب لجمال عبد الناصر عن فيلم أبي فوق الشجرة «خلي الناس تنبسط» وهو يلخص نظرة الناس للقبل في السينما. في المقابل الجمهور كان في هذا الوقت المبكر، يتقبل ويستمتع بالسينما ومشاهد القبل فيها، الظاهرة التي كادت أن تصير عادة تلقي. لكن مع مرور الوقت، أصبح العنف الموجه ضد هذه الأفلام يزداد، وأصبح المخرج يحترز في مشاهده، وانقسم الممثلون في آرائهم حول قبول أو رفض تأدية مشاهد فيها قُبل.

3 ـ تراجع الثقافة الفنية: يعتبر هذا السبب أساسيا في معرفة ظاهرة اختفاء القبلة من السينما، لأن الثقافة الفنية تراجعت بشكل مخيف، حتى لدى الفنان نفسه، رغم تطور الإعلام ووسائله. إن مناهج التدريس مسؤولة عن ذلك، فليس هناك تربية تمكن من التواصل مع الفيلم السينمائي داخل إطاره الذي يمثله، كقصة مصورة يؤديها ممثلون على الشاشة. في مقابل ذلك هناك تنامٍ لثقافة أخرى معارضة ورافضة للفن وأشكاله، تستند على الدين في تبريراتها. والمسألة الخطيرة في موضوع القبلة هو اختفاء القبل المجسدة لمشاعر الحب والجمال؛ بين البطل والبطلة، وبقاء قبل أخرى تجسد القبح؛ قُبل الذل والمهانة؛ تقبيل اليد، تقبيل الجزمة، تقبيل الرأس، سواء في مشاهد أفلام أو في حواراتها، حتى أصبحت لغة تداول يومي بالإضافة إلى تنامي سينما العنف وإقبال الناس عليها. فالمجتمع العربي صار يحتفي بالمهانة والعنف أكثر من الجمال، فهناك إحساس جماعي عنيف يتنامى ضد مفاهيم الجمال وصوره، وتصاعد لغة التحريم والتجريم، وفي هذا المناخ لا يكون للقبلة معنى داخل الفيلم السينمائي حتى إن وجدت.

القبلة وبناء الفيلم

ما يثار من نقاش حول وجود قبل في بعض المشاهد، وتبرير تنفيذها، سواء من طرف فنانين أو نقاد أو جمهور، هو نقاش في غير مساره الصحيح، إذ يستند الكل على مبدأ التبرير الدرامي للقبلة داخل المشهد، وهذا وإن كان منطقا صحيحا باعتبار سير الأحداث وترابط الحكاية فكودار نفسه يرى أن: أفلام الجنس يجب أن تخضع لقصة ما. لكننا نعتبر هنا أن المنطلق يجب أن يكون حرية الفن أولا، ثم التبرير الدرامي ثانيا، فمن حق الفن أن يعبر عن قضاياه بوسائله الفنية من دون ضغوط تنظر إليه من خارجه والجمهور. إن انحياز السينما إلى مشاهد جنسية بطريقة مبتذلة هو قطيعة الثقافة السينمائية مع السينما في شكلها التحرري، ما ولّد لدى الجمهور رغبة لمشاهدة مشاهد جنس في السينما بغض النظر عن كيفية تقديمها، وإن كان العكس هو الذي حصل أي أن السينما استمرت في سياقها الفني التصاعدي بغير تأثر بالتقلبات السياسية، فكانت سترفع من قيمتها الفنية ولم نكن لنشاهد سينما بئيسة ـ ليس بنوعية مشاهدها ـ بل ببنائها الضعيف وافتقارها إلى رؤية.

فالأمر سائر الآن إلى زوال مجموعة من عادات التلقي التي تسم علاقة الجمهور بالسينما خصوصا في ظل انتشار لغة العنف والمنع. لأن السينما صورة لنمط الحياة التي تعيشها المجتمعات، وما نعيشه اليوم لا ينذر بحال أفضل للسينما أو غيرها من الفنون.

*ناقد سينمائي مغربي

السفير اللبنانية في

15.05.2015

 
 

إيمج نيشن أبوظبي تتعاون مجدداً مع المخرج الإماراتي المبدع علي مصطفى لصناعة الفيلم الروائي الجديد ذا وورثي

أعلنت إيمج نيشن عن تعاون جديد مع المخرج الإماراتي المبدع علي مصطفى “من ألف إلى باء” من أجل صناعة فيلم روائي جديد بعنوان “ذا وورثي”، سيتم تصويره في وقت لاحق من هذا العام.

وسيتعاون مخرج فيلم “من ألف إلى باء” مع عدد من أهم صانعي الأفلام في هوليود مثل بيتر سافران “ذا كونجورينغ” و”أنابيل”، وستيفن شنايدر “بارانورمال أكتيفيتي”، و”إنساديس”، واللذين سيتولان إنتاج العمل السينمائي الجديد بالتعاون مع رامي ياسين الذي أنتج فيلمي “ظل البحر” و”من ألف إلى باء”.

وتدور أحداث الفيلم في المستقبل البائس والذي يشهد حالة من الفوضى العارمة بسبب نقص المياه الصالحة للشرب.

وتسعى مجموعة صغيرة من الناجين للبحث عن مصدر المياه النظيف الوحيد المتبقي في المنطقة. ومع تسلل شخصين غريبين إلى المنطقة الخاصة بهم، يتحولون إلى مجرد أداة للاختبار من أجل النجاة، وواحد فقط يستحق النجاة.

وسينضم علي مصطفى إلى المنتج رامي ياسين و بن روس ، رئيس قسم الأفلام الروائية في إيمج نيشن، في مهرجان كان للإعلان عن الفيلم.

وبهذه المناسبة قال علي مصطفى: “إن العمل على هذا الفيلم يمثل مغامرة جديدة بالنسبة لي، خاصة وأنها المرة الأولى التي أعمل فيها على إخراج فيلم أكشن/ تشويقي. كما أنني سعيد للعمل مع بيتر وستيفن اللذين سبق لهما صناعة عدد من أهم الأفلام الناجحة في شباك التذاكر مثل “ذا كونجورينغ”، و”بارانورمال أكتيفيتي”. إنهما من أفضل العاملين في هذا المجال، وسيقدمان خبرة لا حدود لها في هذا الفيلم، وأنا مسرور للعمل معهما ومع إيمج نيشن مرة أخرى لصناعة فيلم “ذا وورثي”.

بدوره صرح المنتج بيتر سافران:” إن صناعة السينما في أبوظبي في مرحلة مثيرة جدا من التقدم والنمو، وأنا أتطلع للعب دور صغير في تطور هذه الصناعة من خلال العمل على هذا الفيلم الرائع”

وقال ستيفن شنايدر عن الانضمام إلى المشروع باعتباره منتج الفيلم: “شركة إيمج نيشن هي القوة الرائدة في المجتمع الإماراتي وعلي مصطفى موهبة فريدة من نوعها. أعتقد أن لدينا فريق مدهش يعمل على هذا المشروع، وأنا ممتن لكوني جزءاً من ذلك “.

ويأتي الإعلان عن فيلم “ذا وورثي” بعد النجاح الذي حققه فيلم “من ألف إلى باء” للمخرج علي مصطفى، والذي تم إنتاجه بالتعاون ما بينtwofour54 وإيمج نيشن. وكان الفيلم قد تصدر قائمة تطبيق “آي تونز” في كافة أنحاء الشرق الوسط، ومن المقرر أن يكون في صالات العرض في كل من المملكة المتحدة وإيطاليا هذا العام.

وفي تصريح له حول المشروع القادم، قال محمد المبارك، رئيس مجلس إدارة شركة إيمج نيشن: “نحن سعداء للغاية بالعمل مع المخرج علي مصطفى مرة أخرى لتقديم هذا الإنتاج الجديد، فهو يمتلك موهبة حقيقية تعبر عن تطلعاتنا المستقبلية في صناعة الأفلام المحلية والإقليمية”.

وقال مايكل غارين، المدير التنفيذي لشركة إيمج نيشن: “إنتاج إيمج نيشن لمثل هذه المشاريع يعتمد بالأساس على قدرتها على جمع صناع السينما في هوليوود مع المواهب المحلية.”

وكانت إيمج نيشن قد عملت على تقديم العديد من الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية خلال العام الماضي، وأنهت مؤخراً أعمال تصوير فيلمها الروائي القادم “زنزانة”، والذي يعد أول أعمال المخرج الإماراتي الموهوب ماجد الأنصاري، والذي سيتم إطلاقه في الإمارات خلال الخريف القادم.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت شركة إيمج نيشن عن تقديم تمويل كامل للعمل السينمائي المعاصر القادم الذي يتولى إخراجه جميس بونسولت، والمأخوذ عن رواية الدائرة “ذا سيركل” للمؤلف والكاتب ديف إيغرز ومن بطولة توم هانكس وأليشيا فيكاندر. ستتولى إيمج نيشن تنفيذ العمل بالتعاون مع شركة باركس ماكدونالد برودكشنز، فيما سيقوم بإنتاجه توم هانكس وغاري غوتزمان من شركة بلايتون، وأنتوني بريغمان من شركة لايكلي ستوري، وبونسولت.

وتتضمن قائمة الأفلام الوثائقية التي تتولى إيمج نيشن العمل عليها، الفيلم الوثائقي “سماني ملالا” للمخرج ديفيس جوجنهايم، الحائز على جائزة الأوسكار عن فيلم “أن إينكونفينيانت تروث” والذي تم إنتاجه بالتعاون مع بارتيسبنت ميديا، وتتولى شركة فوكس سيرتشلايت بيكتشرز العالمية عرض الفيلم في الولايات الأمريكية المتحدة ابتداءً من 2 اكتوبر. والفيلم الوثائقي “حتى آخر طفل” للمخرج الحائزعلى الجوائز توم روبرتس، والذي يروي قصة خمسة أشخاص خلال أزمة مرض شلل الأطفال التي تعاني منها باكستان. وتتولى زيتجيست فيلمزعرض فيلم “حتى آخر طفل” في الولايات المتحدة ابتداءً من 3 يونيو. وكان الفيلم قد قدم مؤخراً ضمن عرض خاص خلال مهرجان هوت دوكس الدولي للأفلام الوثائقية في كندا.

الفنية المغربية في

15.05.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)