كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

سلمى حايك لـ"النهار":

حلمتُ بهذه الزيارة منذ سنين وهذه هديتي للبنانيين

موريال جلخ

 

أخيراً وصلت سلمى حايك الى لبنان، وحققت حلماً كان يراودها منذ مدة بعيدة وكل مرة كان ظرف يعاكسها ويحول دون لقائها اللبنانيين. وصلت الجمعة الى لبنان وكان كثيرون متأهبين للزيارة التي تحمل معاني كثيرة لها ان على الصعيد الشخصي لأنها تزور للمرة الاولى ارض اجدادها ولطالما سمعت منذ نعومة اظفارها، أهلها يحدثونها عن لبنان، وقد بدا الشوق الى ارض أجدادها وحماستها واضحين عندما التقيناها في الجناح المخصص لها في فندق le Gray في بيروت، وان على الصعيد المهني هي الحاملة بفخر فيلم "النبي" الذي انتجته بتمويل من FFA PRIVATE BANK بادارة جان رياشي وتوزيع محمد فتح الله.

عندما تبدأ الحديث معها تفاجأ ببساطتها وعفويتها وحماستها، وهي تخبرك عن فيلم "النبي" الذي أعطت كثيراً من نفسها كي يبصر النور. تسألها عما شعرت بوصولها الى لبنان فتجيب بأن مشروع الزيارة استغرق تحضيراً منذ مدة وحتى آخر لحظة قبل صعودها الطائرة كانت خائفة الا يتحقق. تقول حايك لـ"النهار": "لطالما تخيلت نفسي في لبنان وهذا البلد بجميع تفاصيله ومنذ ان وطئت قدماي ارض الوطن، تأكدت ان كل ما تخيلته بدأ يتحقق، ولكن بطريقة اروع. الاستقبال في المطار وحفاوة الناس جعلاني اعشق هذا البلد اكثر فأكثر".

تعرف سلمى جيداً معاناة اللبنانيين وتود من خلال فيلم "النبي" "ان يستطيعوا العودة الى الذات ويروا الحياة بطريقة مختلفة. فالفيلم يحاكي كل انسان بطريقة مختلفة وفريدة، وكل مشاهد سيجد في كلام جبران خليل جبران معنى لحياته. تقول: "المرأة تحديداً بفعل عدم التوعية الكافية من المجتمع تعتقد في عشرينياتها ان عليها أن تسبق الوقت وتحقق جميع المشاريع التي قررت أن تقوم بها لأن الوقت لن يسمح لها لاحقاً بذلك. هذه فكرة مغلوطة، تكمل حايك، وقد اختبرتها". عندما كانت في سن العشرين لم تفكر يوماً انها ستصبح منتجة لفيلم "النبي" وتعطي صوتها لبطلة الفيلم ولم تكن تعرف آنذاك انها ستمتلك الشجاعة الكافية لتصبح ممثلة.

أرادت حايك أن توصل فلسفة جبران عن الحياة بجميع تفاصيلها من خلال هذا العمل. تعبر به ايضاً عن حبها وتعلّقها بالاولاد، وتوضح ان الفصل الأحب الى قلبها هو عن الاولاد في الفيلم، وكلما تشاهده تكتشف جديداً ومختلفاً في كلام جبران خليل جبران. وشعره على ما تقول يأخذ المرء كل مرة الى مكان مختلف لم يكن اكتشفه. أما الفصل المتعلق بالعمل فتقول ان مشاهده طورت مباشرة، واستعملت المخرجة تقنية التصوير مرة واحد بدون توقف مما سحر حايك.

وعن موضوع الحرية الاساس في الفيلم، قالت ان الحرية تبدأ من الداخل. على كلٍ منا أن يجد حريته في داخله، كي يستطيع لاحقاً الدفاع عن الحرية كمفهوم عام. المصطفى بطل فيلم "النبي" قرر أن يموت من أجل افكاره، وهذا بحسب حايك يعطي فكرة ان موت الجسد لا يوقف الافكار التي يتركها المرء بعد الرحيل. بل ستبقى خالدة محفورة في اذهان الجميع. انه مفهوم مختلف ولكن يستحق التفكير. وهل تختار هي الموت من اجل افكارها؟ أجابت وهي تضحك انها تحب الحياة الى اقصى الحدود وإذا اضطرت فسوف تهرب وتكمل بعث افكارها. فهي والدة ولديها مسؤوليات تجاه اولادها وعليها ان تكون موجودة من أجلهم، والاهم بالنسبة اليها فكرة ان الروح لا يمكن حبسها في اي مكان. المصطفى كان مقيداً بالمكان لكنه كان حراً أكثر من اشخاص ينعمون بحرية مطلقة.

وعن تحضير الفيلم والصعوبات التي اعترضت طريقها تقول حايك ان "كل تفصيل في انتاجه كان صعباً. عقبات كثيرة كانت ستحول دون اكتماله. وطبيعي ان كل شخص يحاول القيام بأمر جديد وخارج عن المألوف سيعترض طريقه اشخاص محاولين افشاله. بداية كانت الصعوبة في ايجاد التمويل اللازم للفيلم، واشكر من كل قلبي هنا جميع اللبنانيين على دعمهم الذي كان اساسياً. وفي المقابل كان اختيار السيناريو الافضل والمخرج الذي سيتولى المهمة عملاً دقيقاً. وتوزيع الفيلم ايضاً لاقى صعوبات، فهو لا يشبه اي فيلم آخر ومحاولة بيعه ليست سهلة تالياً. ولا يقدم جميع الموزعين على خوض مجازفة كهذه. في بريطانيا مثلاً لا يزالون غير متأكدين بعد من عرضه أما في اليابان وايطاليا فاشتروه بعد مرور 20 دقيقة فقط على عرضه. في فرنسا والولايات المتحدة سيتولى أهم الموزعين توزيعه.

والفيلم، رغم الصعوبات الجمّة التي اعترضته، هو مثار فخر واعتزاز لحايك، وتذكر أنها مستعدة لتكرار التجربة بكل سرور. في نهاية الحديث عبّرت حايك عن حماستها ليكتشف المشاهد اللبناني الفيلم الذي طال انتظاره.

مبدع آخر من لبنان كانت له الفرصة للمشاركة في الفيلم. غابريال يارد المؤلف الموسيقي لفيلم "النبي"، يقول لـ"النهار" ان العمل هذا ارجعه الى جذوره. يذكّر بأن الموسيقى لا ترتكز على امور مادية، كما هي حال كتابات جبران خليل جبران التي تشبه الموسيقى. ويكمل يارد بأنه "خرج من ذاته" من اجل تأليف هذه الموسيقى. وعادة عندما ينتهي الفيلم توضع له الموسيقى اما "النبي" فسبقت موسيقاه التصوير. كان عليه تخيل الموسيقى من دون ان يرى المشاهد، مخيلته رسمت الموسيقى. ونص الزواج هو الاحب الى قلبه. يرى كلمات جبران خليل جبران عن الموضوع قاسية وصعبة، ومخرج هذا الفصل اجتمع بيارد قبل بدء التصوير واختبره عن الفكرة كي يستطيع يارد تأليف الموسيقى المناسبة، وبدأ العمل على الفيلم منذ آذار 2013.

اما المخرج روجير اليرز فيرى ان الاصعب في اخراج الفيلم هو العمل في وقت ضيق. في العادة تستقر الافلام المتحركة اربع سنوات تقريباً لتبصر النور. اما فيلم "النبي" فأخذ سنتين فقط وهذا وقت قياسي مقارنة بأفلام متحركة اخرى. لم يفصح اليرز عن الفصل الاحب اليه. فهو لا يريد التأثير على رأي المشاهد بل يترك له الحرية الكاملة للاختيار. وهو قام ببحوث عن لبنان وعن منطقة البحر الابيض المتوسط كي يتمكن من توجيه الفيلم. ويروي انه عاش مرحلة من حياته في جزيرة كريت في اليونان واستوحى منها جغرافياً ليستطيع رسم معالم الفيلم. لم يتسنَّ له الوقت الكافي لزيارة لبنان قبل بدء التصوير ولكنه لا يندم على اي مشهد في الفيلم، فكل ما تخيله عن لبنان حققه في الفيلم. ويشدد على ان المكان الذي تخيل فيه الفيلم يجب الا تكون له حدود جغرافية. تماما مثل شعر جبران خليل جبران الذي لا يقف عند حدود دولة او منطقة. يقول اليرز وهو مخرج لأهم الافلام المتحركة مثل The Beauty and the Beast, Lion king وغيرها من الاعمال التي طبعت الذاكرة ان فيلم "النبي" هو الاكثر فلسفة وعمقاً، وهذه التجربة فريدة على كل الاصعدة. ويوضح اليرز انه اضطر الى قطع مقاطع من شعر جبران كي يحترم الوقت المتبقي من الفيلم، وكان دقيقاً جداً وكان يطلب من جبران مساعدته وإلهامه في هذه المهمة.

وقد استهلت حايك يومها الثالث في لبنان بزيارة لبشري مسقط جبران خليل جبران، وكانت في استقبالها نائبة المنطقة ستريدا جعجع ورئيس لجنة جبران الوطنية الدكتور طارق الشدياق، ورئيس بلدية بشري انطوان طوق. وبعد زيارة حايك والوفد المرافق متحف جبران كتبت في السجل الذهبي: "اسير عبر حلم لأغوص في روح صديق عنى لي الكثير. لم يسبق ان شعرت به قريباً الى هذه الدرجة. واعلم انني لطالما اردت ان اكون هنا".

وعلى هامش الزيارة قالت النائبة جعجع لـ"النهار": "ان زيارة حايك للبنان هي بمثابة لفحة امل وشمعة تضاء في هذا الشرق، خصوصا في الظرف الصعب الذي تمر به المنطقة وانها من اصل لبناني. زيارتها لبشري تحديداً تنير المنطقة وزيارتها لمتحف جبران ذات ابعاد تاريخية وثقافية وتشهد لفن جبران العالمي.

muriel.jalkh@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

27.04.2015

 
 

حُكم الهوية: سلمى العارية صارت عائدة

روجيه عوطة

"حصلت المقايضة: تروج فيلمها بالإنتماء إلى هوية جبران، ويشدّ اللبنانيون أرض هويتهم المرتخية بالنجمة العالمية" (محمود طويل)

قبل سنوات ثلاث، انتشر خبر، مفاده أن الممثلة سلمى حايك "تتنكر لجذورها اللبنانية". حينها، عمدت الصحافة إلى إذاعته بطريقةٍ تأنيبية، تجمع بين اللوم والتخلي، إذ ترافق نشر التصريح مع صور محددة، تظهر فيها حايك عاريةً. كما لو أن الإعلام، آنذاك، ترك "الابنة" لمصيرها، الذي، بحسبه، لا يمت لحشمة هويته ورزانته الأخلاقية بأي صلة.

إلا أن اليوم، الحال مختلفة، فحايك قالت إنها لبنانية وتفتخر بأصولها العربية، وبالتالي، ما عاد القاطنون في تلك الهوية ينظرون إليها من خلال صورها العارية. هذه المرة، مَدَّتهم بفيلم "النبي"، المأخوذ عن كتاب جدّ اللبنانية، جبران خليل جبران، وقالت لهم "استقبلوني في ربوعكم عبره". ففرحوا، وهللوا بعودة "الابنة" إلى "جذورها" على متن الإنتاج السينمائي.

وقعت الهوية على موضوعٍ، تسُدّ به عجزها المتفاقم، وهو وقوع بمثابة أكثر من انتصار بالنسبة إليها. أولاً، انقلب نكران حايك الهوياتي إلى اعتراف. وثانياً، لم تطأ "أرض الوطن" كزائرة-ممثلة، بل كضيفة-منتجة، أي أنها، واستناداً إلى أدبيات الهجرة اللبنانية، غادرت بلدها لتعود إليه من باب إفادته. وثالثاً، تعلّق انتاجها باسم من أسماء أسطورة "بلاد الأرز"، جبران خليل جبران. في النتيجة، تلبي حايك، بعودتها، شروط الإنتماء إلى الهوية الوطنية، وتستجيب لخرافاتها، الواحدة تلو الآخرى، فكيف لا يحتفي بها سكانها، خصوصاً أنهم في وضع المنتصرين على ضلال "النجمة العالمية"؟

وأول الإحتفاء هو التفتيش عن أوراق رسمية، تثبت للـ"مواطنين" أن حايك واحدة منهم، بحيث أن انتماءها لهويتهم على اتصال بتاريخٍ غليظ، وليس مجرد مصادفة عرضية. أخذ برنامج "كلام الناس" مهمة البحث في المستندات المؤسساتية على عاتقه، كأنه مكلف بتوفير إخراج قيد تلفزيوني للعائدة. وفي المقلب الآخر، حوّل الإعلام فيلم "النبي" إلى هديةٍ، حملتها حايك معها من "الغربة" إلى "وطنها الأم". ولأن الهَدية لا تحصل على معناها سوى لما يكون حاملها منتظراً فرصة تقديمها، فبدأت إحدى الصحف مقالتها بـ"وأخيراً وصلت..."، لتصف اللبنانيين بأنهم على أهبة الإستعداد لاستقبال "الواصل" وقبول فيلمها. وهنا، تتغير الهَدية إلى هِدية، ذلك، أن حايك، ورغم "تيهها" الماضي، رجعت إلى سراطها الهوياتي، وما فيلمها سوى رمز هذا الرجوع، وإشارة إلى توبة نجمته.

وإذاً، حصلت المقايضة. من جهة، سلمى حايك تروج فيلمها عبر الإنتماء إلى هوية جبران خليل جبران. ومن جهة أخرى، يشدّ "اللبنانيون" أرض هويتهم المرتخية من خلال الإحتفاء بعودة "النجمة العالمية" إليها. الطرف الأول يعبر من الإنتماء إلى التسويق، والطرف الثاني يجد مبرراً جديداً لاستنقاعه والإحتفاء به، على اعتقاده أن مبارحي المستنقع سيعودون إليه عاجلاً أم آجلاً، وفعلهم هذا، سيبرهن أنه ليس راكداً، كما أن مياهه ليست آسنة. فهو، في نهاية المطاف، عبارة عن بحيرة. ربما، في هذا السياق، يندرج الخبر، الذي أوردته بعض المواقع الإلكترونية عن "تأثر" حايك لدرجة البكاء في مقابلتها مع مارسيل غانم، إذ أن دموعها ستسقي أرض الهوية الجافة، مثلما ستحرك مياه مستنقعها النتن.

يُضاف بكاء سلمى حايك على شاشة التلفزيون إلى كليشيهات الرجوع إلى "الوطن" والندم على العدول عن سبيله. تالياً، سيتعرض المتفرج إلى مشهد مؤثر، قد يدفعه إلى تبين هويته في مشاعره، ليثق بها أكثر فأكثر. وفي الوقت نفسه، يرغب في "النجومية"، ما دام مستنقعه خصباً لإنباتها. وقد يتذكر نكران حايك لهويتها، لكنه سيرمي مسؤوليته على علاقتها تاجر المخدرات المكسيكي بسيرجو دورانجو. فالأخير، هو الذي أجبرها على التنكر للبنانيتها. على هذا النحو، سيتمسك المتفرج بدموع العائدة، ويأخذها على محمل التعب نتيجة الإبتعاد عن الأهل، والجد في رفع إسمهم عالياً. لقد نجحت حايك في التسويق لفيلمها، ونجحت الهوية وسكانها في الترويج للتوهم، وطبعاً، هنا تكمن "النبوة".

سلمى حايك تطلق "النبي" في بيروت:

الكبّة قبل التاكوس!

المدن - ثقافة

"في لبنان، يمكن للمرء أن يلمس طاقة التاريخ. أينما نظرتَ، الطبيعة قصيدة. لم أرَ شيئاً كهذا من قبل"، قالت سلمى حايك خلال طلالتها الإعلامية صباح اليوم في فندق "برايم" (الحمرا) بمناسبة إطلاق فيلم "النبي" المقتبس من الكتاب الشهير لجبران خليل جبران. روت حايك إنها تأثرت جداً بزيارتها الأولى لأرض أجدادها، ولم تشعر في حياتها بما شعرت به أمس: "لديّ أصدقاء أتواصل وإياهم منذ سنوات، وأمس التقيتهم للمرة الأولى لدى زيارتنا لمتحف جبران. كنت حزينة لأني زرتُ كلّ مكان باستثناء لبنان. اليوم، أنا في حال أفضل. لم يعد قلبي مجروحاً. اليوم، بعدما زرتُ لبنان، عرفتُ لماذا لم أزره من قبل: لم أكن أريد أن آتي ويداي فارغتان".

وأخبرت حايك أن جدّها كان يحب كتاب "النبي". من خلاله تعرّفت إلى جدها: "لهذا السبب، الفيلم شخصي جداً، كنت أريد أن يعرف الناس أن ثمة شاعراً عربياً بُيعت 100 مليون نسخة من كتابه في العالم. لم أبدأ بمشروع الفيلم، المشروع كان سابقاً لي. في البداية، كنا نريد أن ننجز عملاً من 13 لوحة بموازنة أقل. كنا نريد فيلماً للجيل الجديد، فيلماً لكلّ العائلة. ثم تطور. هذا الفيلم قلبه وجذوره في لبنان، لكنه أبعد من لبنان".

وصرّحت حايك بأن لغتها العربية ليست جيدة، وإنكليزيتها أًيضاً، وقالت: "بالأمس، سألتني سيدة إذا كنت أحب المطبخ اللبناني، فصِحتُ: بالطبع أحبّه، فأنا بدأتُ أكل الكبّة قبل أكل التاكوس! يحزنني جداً أني لا أتكلم العربية، مع أني تربّيتُ على الطريقة اللبنانية. اليوم، بعد هذا الفيلم، أشعر أن أجدادي يفتخرون بي".

"اللقاء الثاني":

بصمات لبنانية في السينما العالمية

هوفيك حبشيان

"اللقاء الثاني: رحلة الى السينما العالمية من خلال منتجين لبنانيين"، هو العنوان العريض الذي ترفعه سينما "متروبوليس" من 24 نيسان/ابريل الجاري الى 3 أيار/مايو المقبل. هذا النشاط عبارة عن عرض مجموعة من 14 فيلماً شارك في تحقيقها منتجون من أصول لبنانية، ممن أقاموا وعملوا خارج لبنان، واقتصر نشاطهم على السينما غير اللبنانية. في البرنامج، عدد من الأفلام التي يحفظها البعض منّا عن ظهر قلب؛ أعمال كلاسيكية تنتمي الى التراث السينمائي العالمي، وأخرى أحدث عهداً تبقى رهناً للاكتشاف. هذه الدورة الثانية من سلسلة استعادات تقدّمها "متروبوليس" افتُتحت في 2012 بـ"أجمل أيام حياتي" التي كانت مخصصة للأفلام اللبنانية المُنتَجة بين ستينات القرن الماضي وسبعيناته

بدأ "اللقاء الثاني" مساء الجمعة الفائت بـ"قلبي على ولدي" (1953) لهنري بركات، انتاج آسيا داغر، الممثلة المصرية من أصل لبناني (مواليد تنورين) التي بدأت مسيرتها كممثلة في مصر مع "ليلى" العام 1927. عاشت داغر بين 1908 و1986. "قلبي على ولدي"، من بطولة كمال الشناوي ونزهة يونس. تبتزّ راقصة لعوب أموال طاهر، فتنسيه دوره كربّ أسرة، وينتهي به الأمر في السجن.

ثلاثة أفلام أخرى من انتاج داغر تشق طريقها أيضاً الى "متروبوليس" في إطار هذا الحدث: "ساعة لقلبك" لحسن الإمام (1950)، مع شادية وكمال الشناوي. يتعرّض أحمد لمكيدة من تدبير زوجة والده وعشيقها بطل الملاكمة لإبعاده من الفتاة التي يحبّ. الفيلم الثاني: "يا ظالمني" لابرهيم عمارة (1954) مع صباح وحسين صدقي (يقدمه للجمهور محمود زيباوي). تفقد عفاف والدها إثر حادثة على متن القطار، وتستعيد فرح الحياة بفضل مدرّسها الأستاذ رؤوف، لكنّ عمة عفاف تقف بالمرصاد لعلاقتهما. الفيلم الثالث: "اللقاء الثاني" (ألهَمَ عنوان التظاهرة) لحسن الصيفي (1967) مع سعاد حسني وكمال ياسين. الفيلم عن هدى التي تعيش صراعاً ما بين إرضاء والدتها المريضة والزواج بالدكتور رأفت صديق العائلة الذي يتولّى عنايتها، أو الإصغاء الى قلبها واللحاق بحبيبها الضابط البحري حسن في بعثة الى الخارج.

من ضمن كلاسيكيات السينما الفرنسية، نجد في هذه التظاهرة رائعة موريس بيالا "لن نشيخ سوياً" (1972) التي تولى انتاجها جان بيار رسّام. جان وكاترين (جان يانّ ومارلين جوبير)، أحدهما يعشق الآخر بجنون منذ ست سنوات. لم يشأ هو الطلاق، وظلّ يعيش مع زوجته، أما هي فتعيش مع والديها. يتواعدان يومياً في الفندق والسيارة خلال العطلات ونهاية الأسبوع، الى ان تقررّ كاترين إنهاء العلاقة.

جان بيار رسّام، هذا المنتج الكبير الذي لم يكرمه لبنان يوماً، كان خلف أفلام فرنسية كثيرة. لم يعش رسّام طويلاً، إذ قرر وَضْع حد لحياته عام 1985 عن 43 عاماً. هاجر رسّام الى فرنسا مع عائلته في عمر الثامنة، درس العلوم السياسية قبل أن يقرر الانخراط في الانتاج السينمائي، متعاوناً مع صديقه السويسري الفرنسي باربيت شرودر الذي كان أسس آنذاك في منتصف الستينات مع المخرج اريك رومير شركة "أفلام لوزانج" (علماً انه يُعرَض لشرودر أيضاً في هذا النشاط فيلمه "محامي الشيطان" عن جاك فيرجيس الذي شاركت في انتاجه اللبنانية ريتا داغر).

طوال مسيرته، أنتج رسّام نحو عشرين فيلماً تنتمي اليوم الى تاريخ السينما الفرنسية. والى أفلام الممثل والمخرج جان يانّ الذي موّل معظمها، توّرط أيضاً في أفلام مثل "الوليمة الكبرى" لماركو فيريري و"لانسلو البحيرة" لروبير بروسون (يُعرَض في المهرجان) و"تسّ" لبولانسكي. عام 1974، سعى رسّام الى شراء شركة "غومون" العملاقة، بيد أنّ الصفقة فشلت وغرق رسّام في الاحباط، ليقع تدريجاً أسير المخدرات والكحول. في سجله أيضاً أربعة أفلام لجان لوك غودار، منها "كلّ شيء على ما يرام" (1972) الذي تستعيده تظاهرة "اللقاء الثاني". حكاية خلاف بين زوجين تجري أحداثها عام 1972، في مجتمع يعبر في أزمة. ايف مونتان يضطلع بدور مخرج أصيب بخيبة وبات بلا عمل بعد ثورة 68. أما جاين فوندا فهي مراسلة في فرنسا لمحطة إذاعية أميركية. يستغل غودار قصة الحبّ بينهما للتشكيك في اقتناعات المجتمع.

لدينا أيضاً فرصة مشاهدة "الكاتن كلوب" (1984) لفرنسيس فورد كوبولا الذي انتجه اللبناني سيلفيو تابت. وسيحضر تابت مساء اليوم (الاثنين) في "متروبوليس" لتقديم الفيلم. يصوّر مخرج "العراب" أجواء العام 1919 في نيويورك، خلال فترة الحظر الذي أدى الى تصاعد حدة العنف في أميركا. نرى العصابات والسياسيين والنجوم يتذوقون الملذات في ملهى "ذي كاتن كلوب" الشهير. أما غبريال بستاني، المعروف بمشاركته في انتاج حفنة من الأفلام الفرنسية خلال الثماننيات، فأُختير له "أتلانتيك سيتي" للوي مال، الذي خرج الى الصالات عام 1980. في أتلانتيك سيتي، يقع سفاح متقاعد في حبّ جارته الشابة وهي موظّفة مبتدئة في نادي القمار وزوجة تاجر مخدرات. يجمع الفيلم بين برت لانكاستر وسوزان ساراندون وميشال بيكولي. بستاني سيكون موجوداً خلال عرض الفيلم مساء غد (الثلثاء). أخيراً، عن حياة اسطورة السينما تشارلي شابلن، يأتينا المخرج البريطاني الراحل ريتشارد أتنبورو بفيلم "شابلن" (1992)، انتاج الهوليوودي المشهور ماريو قصّار، الرجل الذي ذاع صيته بعد انتاجه عدداً من أفلام سيلفستر ستالوني، وأيضاً "غريزة أساسية" لبول فرهوفن مع شارون ستون.

(*)"اللقاء الثاني: رحلة الى السينما العالمية من خلال منتجين لبنانيين" ــ "متروبوليس" من 24 نيسان الجاري الى 3 أيار 2015. 

المدن الإلكترونية في

27.04.2015

 
 

لبنانيون تركوا بصماتهم على شاشات العالم

بانة بيضون

بعد «أجمل أيام حياتي» التي استعادت أفلاماً أنتجت في الستينات والسبعينات، ها هي «متروبوليس» تطلق «اللقاء الثاني» بالتعاون مع «مكتب السياحة اللبناني في باريس». تظاهرة تشكّل تحية إلى المنتجين اللبنانيين الذي قدّموا اسهامات للفن السابع من القاهرة مروراً بالموجة الجديدة في فرنسا وصولاً إلى هوليوود

«اللقاء الثاني» هو عنوان الدورة الثانية من سلسلة الاستعادات التي تنظمها جمعية «متروبوليس» بعد «أجمل أيام حياتي» عام 2012. التظاهرة التي انطلقت في 24 نيسان (أبريل) وتستمرّ حتى الثالث من أيار (مايو) هي بمثابة تحية إلى المنتجين اللبنانيين الذين تركوا بصمتهم في السينما العربية والعالمية. افتتاح التظاهرة كان مع فيلم «قلبي على ولدي» (1953) للمخرج هنري بركات وبطولة كمال الشناوي، وزكي رستم والفنانة اللبنانية الاستعراضية نزهة يونس. الشريط من إنتاج «لوتس فيلم»، إحدى أقدم شركات الإنتاج في مصر التي أسستها الممثلة اللبنانية آسيا داغر. تعد الأخيرة إحدى أبرز الشخصيات النسائية والاستثنائية التي خاضت الإنتاج السينمائي، بالإضافة إلى مسيرتها كممثلة في أعمال عدة أولها «ليلى» (1927) أول فيلم مصري صامت، بالإضافة إلى «غادة الصحراء» (1929)، «وخز الضمير» (1931)، و«شجرة الدر» (1935).

قدمت داغر للشاشة نخبة من كبار المخرجين والممثلين كهنري بركات وحسن الإمام ، وعز الدين ذو الفقار وكمال الشيخ، كذلك فاتن حمامة في فيلم «الهانم» (1947)، وصباح التي ظهرت للمرة الأولى على الشاشة في فيلم «القلب له واحد» أيضاً لهنري بركات عام 1945. كذلك، تظهر في «قلبي على ولدي» الفنانة والمغنية اللبنانية هيام يونس التي تكرمها هذه التظاهرة، وهي أخت الفنانة نزهة يونس حيث تغني في الفيلم الأغنية الشهيرة «وحي يا وحي» وهي لما تزل طفلة. كذلك، يعرض فيلم «من القلب للقلب» (1952 ــ 1/5 ـ س:20:00) لهنري بركات وبطولة كمال الشناوي، وليلى مراد ومحمود المليجي. يذكر هنا أنّ صباح أدّت بطولة الفيلم في نسخته الاولى، غير أنه بعد انتهاء التصوير، احترق الفيلم، فأعادت آسيا إنتاجه واستبدلت صباح بليلى مراد. ومن الأفلام الأخرى التي أنتجتها داغر وتستعيدها التظاهرة البيروتية فيلم «ساعة لقلبك» (1950 ــ 30/4 ـ س:20:00) للمخرج حسن الإمام وبطولة شادية وكمال الشناوي. أيضاً، يُعرض «يا ظالمني» (1954 ــ 2/5 ـ س:20:00) للمخرج ابراهيم عمارة (1910 ــ 1972) وبطولة صباح، منى، حسين صدقي، ومحمود المليجي وهو التعاون الثاني بين آسيا داغر وابراهيم عمارة بعد «المال والبنون» أيضاً عام 1954. أنتجت داغر كذلك فيلم «اللقاء الثاني» (1967 ـ 3/5 ـ س:20:00) لحسن الصيفي وبطولة سعاد حسني، وأحمد مظهر، وحسن يوسف وزهرة العلا.

ومن المنتجين اللبنانيين التي برزوا في السينما العالمية وتكرمهم تظاهرة «متروبوليس» جان بيار رسام (1941- 1985) الذين عمل مع كبار المخرجين كجان لوك غودار الذي أنتج له العديد من الافلام منها «كل شيء على ما يرام» (1972) الذي عُرض أول من أمس في «متروبوليس أمبير صوفيل»، بالإضافة إلى فيلم «لن نشيخ سوياً» للمخرج موريس بيالا. أيضاً أنتج لروبير بروسون فيلم «لانسلوت البحيرة» (1974 ــ 2/5 ـ س: 22:00) الذي يستعيده المهرجان.

عمل جان بيار رسام مع كبار السينمائيين كجان لوك غودار

وكان جان بيار رسام انتحر في باريس عام 1985 بعد معاناة طويلة مع الاكتئاب والإحباط. رغم كل النجاح الذي حققه، إلا أن محاولته الفاشلة لشراء شركة «غومون» للإنتاج عام 1974 كانت أحد أسباب تدهور حالته النفسية. أيضاً من الوجوه النسائية التي يكرمها المهرجان المنتجة اللبنانية ريتا داغر التي أنتجت وثائقي «محامي الرعب» (2007 ـــ 30/4 ـ س:22:00) للمخرج السويسري الفرنسي باربيت شرودر. يصوّر الأخير المحامي الفرنسي جاك فيرجيس الذي اشتهر بدعمه لحرب التحرير الجزائرية ودفاعه عن المناضلة جميلة بوحيرد الذي تزوجها لاحقاً، ومواقفه المثيرة للجدل كدفاعه عن ماجدلينا كوب (زوجة كارلوس) ورفيقهما السويسري برونو بريغيه من تنظيم كارلوس (منظمة الثوار الأمميين) وعن النازي كلاوز باربي. أيضاً، تستعيد التظاهرة فيلم «شابلن» (1992 ــ 29/4 ـ س:20:00) الذي يروي سيرة شارلي شابلن، وهو واحد من الأفلام الذي شارك في إنتاجها اللبناني ماريو قصار مؤسس شركة «كارولكو» للإنتاج بالتعاون مع صديقه الهنغاري اندرو جي فاجنا. تملك الشركة في رصيدها العديد من الإنتاجات الهولوودية الضخمة كـ «الدم الأول» (1982)، و«غريزة أساسية 2». أما «نادي القطن» (1984 ـ اليوم ـ س:20:00) لفرانسيس فورد كوبولا الذي يعرض اليوم ضمن التظاهرة، فيصوّر نادي الجاز الشهير في هارلم في الثلاثينات. شارك في إنتاج الشريط المنتج والمخرج اللبناني سيلفيو تابت. كذلك، يحضر السينمائي الفرنسي لوي مال في «مدينة اتلانتيك» (1980 ــ 28/4) الذي شارك في إنتاجه اللبناني غابريال بستاني. وقبل عرض لوي مال، نشاهد وثائقي «القاهرة منورة بأهلها» (1991) الذي يأخذنا في رحلة إلى القاهرة عبر عدسة يوسف شاهين. شريط عمل فيه اللبناني غابريال خوري كمنتج تنفيذي.

رحلة بدأت مع آسيا داغر

علا الشافعي

القاهرةصحيح أنّ مصر هي من أوائل الدول العربية التي عرفت السينما بعد ظهورها في فرنسا، إلا أنّ أحداً لا ينكر أن حال هوليوود الشرق في بداياتها كان شيئاً، وبعد نزوح الفنانين اللبنانيين إليها، بات شيئاً آخر. مثلاً، لم يكن للمسرح المصري تأثير جوهري قبل ظهور جورج أبيض الذي أنشأ الفرقة القومية المسرحية عام 1935، وأدى بطولة أول فيلم غنائي عربي ناطق، وانتخب كأول نقيب لممثلي مصر عام 1934.

كثيرون من الفنانين اللبنانيين مثل جورج أبيض، أسهموا في صناعة السينما المصرية والعربية، فتركوا العديد من التجارب المهمة التي أثرت في تاريخ السينما، وأيضاً اكتشفوا العديد من النجوم وقدموهم للسينما. من أوائل هؤلاء سيدة الإنتاج العربي وصاحبة أجمل عينين زرقاوين على الشاشة اللبنانية، آسيا داغر. تعد الأخيرة واحدة من رائدات السينما المصرية، إذ أنتجت ما يقارب 70 فيلماً.

آسيا داغر (1901 ــ 1986) المولودة في قرية تنورين، جاءت إلى مصر التي كانت وقتها «كوزموبوليتان» تتسع لجميع الحضارات والثقافات. في 1927، أسست شركة «لوتس فيلم» واستمرت في الإنتاج، بينما توقفت شركات إبراهيم وبدر لاما، وعزيزة أمير، وبهيجة حافظ. ولذلك استحقت لقب عميدة المنتجين وأصبحت شركتها من أقدم شركات الإنتاج السينمائي في مصر. أول إنتاج وبطولة لها كانا فيلم «غادة الصحراء». ثم تعاونت مع بدر لاما لإخراج «وخز الضمير» (1931). بعدها، تعرّفت إلى السينمائي والروائي والصحافي أحمد جلال، فأخرج لها كل ما أنتجته بين 1933 و1942 مثل «عيون ساحرة»، «شجرة الدر»، و«فتاة متمردة». لاحقاً، تزوج أحمد جلال ابنة أختها الفنانة ماري كويني وأسسا معاً استوديو جلال (يقوم بتأجيره في الوقت الحالي المخرج رأفت الميهي) وتفرغ جلال لإخراج أفلام شركته الخاصة مع زوجته. هنا، راحت داغر تبحث عن مخرج آخر، فاتجهت إلى مساعد مخرج شاب ليخرج فيلم «الشريد» عام 1942 وهو هنري بركات ذو الأصول اللبنانية أيضاً. قدم معها العديد من الأفلام ومنها «قلبي على ولدي» (بطولة كمال الشناوي وكيتي) و»من القلب للقلب» (بطولة ليلى مراد وكمال الشناوي ومحمود المليجي) و»يا ظالمني» (بطولة صباح وحسين صدقي)، و»اللقاء الثاني» (بطولة أحمد مظهر وسعاد حسني)، وفيلم «ساعة لقلبك» (بطولة شادية وكمال الشناوي). وتوالت إنتاجات آسيا وصولاً إلى فيلم «الناصر صلاح الدين» للمخرج الشاب آنذاك يوسف شاهين. للأسف لن تجد الكثير من المراجع التي تؤرخ لحركة الإنتاج وإسهامات المنتجين من جنسيات أخرى في صناعة السينما المصرية. هذا ما يؤكده السينمائي اللبناني جورج نصر قائلاً: «تحول الموزعون اللبنانيون الذين تمرّسوا في توزيع الأفلام المصرية في الخمسينيات إلى منتجين، ووصل عدد الأفلام اللبنانية - المصرية المنتجة سنوياً إلى 25، ولكنها كانت بلا هوية أو جنسية».

لم يقف الإنتاج اللبناني ـ المصري عند حد تصوير أفلام مصرية بأموال لبنانية في بيروت. امتد التعاون إلى مجيء المنتجين اللبنانيين إلى مصر وتكوين شركات داخل مصر، ما نتج منه عدم القدرة على تصنيف الأفلام، هل هي أفلام مصرية أم لبنانية بما أن الإنتاج لبناني؟ لذلك كان لا بد من الحصول على شهادة تاريخية على تلك الفترة من النجمة نادية لطفي التي تمتلك ذاكرة تحسد عليها. تقول لـ»الأخبار» إنّ «جون خوري من أكبر المنتجين الذين أثروا السينما المصرية بتجارب متنوعة، وكان يمتلك شركة «الشروق» وكانت تنافسه في السوق شركة «دولار» ومقرهما في ذلك الوقت كان في شارع رمسيس». وتضيف: «أهم ما ميز شركة خوري أنه عند اكتشافها لنجم معين، كانت تمهد له الطريق بالتعليم والدراسة السينمائية الصحيحة، ثم الدعاية والإعلان، ليصبح ممثلاً محترفاً. وهذا ما كانت تفعله مع الكتّاب مثل الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وسبق للشركة أن قدمت قبلي النجمة لبنى عبد العزيز».

«نصف السماء» حملته جوسلين اللعبي

محمد الخضيري

إنّها مترجمة «عائد إلى حيفا» لغسان كنفاني، و«البئر الأولى» لجبرا إبراهيم جبرا. ساندت دوماً القضية الفلسطينية ونضالات حركات التحرر في العالم العربي. هذه المرة، يضيء المخرج عبد القادر لقطع على معركتها المستميتة من أجل إطلاق سراح زوجها الشاعر والمناضل اليساري عبد اللطيف اللعبي في مغرب السبعينيات والثمانينيات

باريستحمل النساء نصف السماء وفق المثل الصيني. الكاتبة والمترجمة جوسلين اللعبي (1943) حملت على عاتقها نصف السماء لسنوات إثر اعتقال زوجها الشاعر المغربي والمناضل السابق في اليسار الماركسي اللينيني عبد اللطيف اللعبي. المخرج عبد القادر لقطع (1948) انطلق من كتابها «رحيق الصبر» La liqueur d›aloès، لإنجاز فيلم «نصف السماء» (بطولة صونيا عكاشة وأنس الباز ــ 2014). فيلم عبارة عن سيرة تابع فيها المخرج طريقها الطويلة في الدفاع عن قضية زوجها، كمعتقل سياسي في سجون نظام الحسن الثاني.

من خلال سيناريو ألفه مع عبد اللطيف اللعبي، يقترب المخرج من سنوات الانتظار الطويلة، والاعتقالات المتكررة التي لم يكن ضحيتها اللعبي وحده، بل زوجته وأطفاله الثلاثة. كان «ذنبهم» الوحيد القرابة مع رجل اختار الكتابة والشعر كمعارضة سياسية لنظام شمولي ذاقوا لظاه. اللعبي الذي جعل مجلته «أنفاس» صوتاً للمعارضة الفكرية والأدبية والسياسية، كان أيضاً من قيادات منظمة «إلى الأمام» اليسارية مع أبراهام السرفاتي وآخرين. هذا ما جعله تحت المراقبة الأمنية، والاعتقالات المتكررة منذ بداية السبعينيات وصولاً إلى محاكمته عام 1972، بعشر سنوات سجن قضى ثمانية منها في المعتقل.

يحكي الفيلم هذه الفترة بالضبط، لكن بعيون جوسلين التي انخرطت في حراك أسر المعتقلين السياسيين، ووصل بها الأمر إلى أن تصير حلقة وصل بين القيادات داخل السجن وخارجه. المعلوم عن الصبر أنه نبات يعيش في مناخات قاسية، ومعركة جوسلين وزوجات وأمهات وحبيبات المعتقلين السياسيين في سجون المغرب خلال السبعينيات والثمانينيات، كانت مجبولة بنفس المعاناة. شكلت النساء الواجهة الأساسية والفاعلات في نضالات طالبت الدولة بالاعتراف بأن الملف هو قضية اعتقال سياسي. عشن اعتقالاً مضاعفاً: سجن رجالهن، وقسوة حيواتهن، في مجتمع فرضت عليه السلطة السياسية إنكار كلمة «الاعتقال السياسي» والصمت الجماعي بقوة الحديد.

أهدى المخرج العمل إلى شهداء «اليسار الجديد»

يركز الفيلم على شخصية المرأة، بينما يتوارى اللعبي الذي يؤدي دوره أنس الباز الذي تعرّف إليه جمهور السينما مع فيلم «كازانيكرا» لنور الدين الخماري. استطاعت صونيا عكاشة التي تعرّف إليها الجمهور أيضاً في فيلم نور الدين الخماري الثاني «الزيرو» أن تؤدي شخصية جوسلين المعقدة. جوسلين الفرنسية الأصل هي مغربية الهوى، أمضت حياتها كلها في المغرب. حضور عكاشة الطاغي، رافقه شبه اختفاء للباز الذي لم يمنح الكثير من المساحة داخل السيناريو، وكان ظهوره باهتاً خلال مشاهد المحاكمة التاريخية التي حكم فيها بعشرات السنين من السجن على المعتقلين اليساريين. بدا أنّ الباز غير ملمّ لا بتاريخ اليسار ولا بأدبياته، ولا حتى بشخصيته. بدا كأنه يتلعثم فيه، ولم يتقمص بقوة الشخصية بقدر ما كان يؤدي بشكل باهت حوارات، يغطي عليها مظهره الوسيم.

حقق «نصف السماء» مساراً محترماً في المهرجانات، فافتتح الدورة الأخيرة من «المهرجان الوطني للسينما» في طنجة، واختتم مهرجان «بانوراما السينما المغاربية والشرق الأوسطية» الذي اختتم قبل أيام في «معهد العالم العربي» في باريس. إلا أنه يظل بطعم نصف الفيلم. رغم جمالية الصورة، وتركيبتها، والإضاءة، إلا أن هنات تظهر هنا وهناك. هنات تصل إلى الإيقاع، والحبكة الدرامية، التي تحوم حول بعض الحكايات المرتبطة بالاعتقال، ولا تشكل بالضرورة محطات أساسية تسهم في شد الانتباه ورفع مستوى توقعات المشاهد.

ما يحسب للفيلم أنه لم يسقط في البكائية ولا خطاب البطولات. قدم نماذج مختلفة لنساء ساهمن في حراك عائلات المعتقلين بخاصة إيفلين السرفاتي، أخت أبراهام السرفاتي التي عذبت في مخافر الشرطة، بسبب قربها من أخيها الفار حينها من الدولة، وصديقات الرفاق وأمهاتهم اللواتي أصررن على النضال للحصول على حريتهم. وفِّق المخرج أيضاً في مشاهد التعذيب التي كانت خَفِرَةً، ولم تسقط في فخ العنف، بقدر ما أصرت على الإيحاء. كما أنه قدم الكثير من اللحظات الطريفة في اعتقال اللعبي، كقدرة جوسلين على إدخال الفودكا إليه في السجن، وتواطؤ حارس الأمن معه الذي أخرجه من الاعتقال إلى شاطئ البحر، في السنة السادسة من اعتقاله.

أهدى المخرج الفيلم إلى شهداء حراك «اليسار الجديد» في المغرب في سنوات السبعينيات، كعبد اللطيف زروال، وسعيدة المنبهي، وجبيهة رحال، ووفى جوسلين اللعبي بعض حقها. هي المرأة التي وقفت دائماً إلى جانب القضايا العادلة نضالاً سياسياً وأدبياً: فهي مترجمة «عائد إلى حيفا» إلى الفرنسية، ومعها «البئر الأولى» لجبرا إبراهيم جبرا، كما ساندت دوماً القضية الفلسطينية ونضالات حركات التحرر في العالم العربي.

خميس السينما | في غاليري صفير

روان عز الدين

منذ تأسيسها في بيروت عام 2005، شغلت غاليري «صفير ـ زملر» مساحة واسعة من النشاط البيروتي الفني المعاصر والمفهومي. احتضنت معارض فردية لوليد رعد وأكرم زعتري وإيتل عدنان وإيتو برادة، كما شكّلت منصة للتبادل الثقافي في الشرق الأوسط. أخيراً، أطلق هذا الفضاء نادياً للسينما، يستعيد فيه كلاسيكيات السينما العربية. الخطوة بدأت ضمن فعاليات 3010 Gallery للإحتفال بمرور 30 عاماً على افتتاح «غاليري صفير ــ زملر» في ألمانيا، و10 سنوات في لبنان.

يفتتح نادي السينما برنامجه مع إعادة عرض بعض هذه الأفلام في «غاليري صفير ــ زملر»، إلى جانب أعمال لمخرجين صنعوا ذائقة السينما الكلاسيكية العربية خلال القرن الماضي أولها «باب الحديد» (1958) ليوسف شاهين (1926 ــ 2008) الذي شاهدناه الخميس الماضي. الموعد الثاني (30/4) مع المصري سعيد مرزوق (1940 ــ 2014)، ورائعته «زوجتي والكلب» (1971 ــ 90 د). تتعمق أحداث الشريط في الداخلي والمخبأ لنفسية أبطاله أهمها الريس مرسي (محمود مرسي).

أعمال لسعيد مرزوق وأحمد بوعناني وأحمد معنوني

يبتلع الشك الهوسي رأس الريس ويغرقه بالهواجس عن احتمال خيانة زوجته (سعاد حسني) مع معاونه نور (نور الشريف). المحطة التالية (6/5) مع أحد أبرز أعمال المغربي أحمد المعنوني (1944). في تسجيلي «الحال» (1981 ــ 86 د) يتتبع المخرج أسلوب حياة فرقة «ناس الغيوان» التي شكلت «صوت الشعب» في المغرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين. يظهر الفيلم علاقة أعضاء الفرقة بالحي المحمدي في الدار البيضاء الذي انطلقت منه أواخر الستينات. ألهم «الحال» مارتن سكورسيزي، فاختار بعض أغاني «ناس الغيوان» لموسيقى شريطه «الإغواء الأخير للمسيح» (1998). من المغرب أيضاً نشاهد «السراب» (1979 ــ 110 د ــ 14/5) لأحمد البوعناني (1938 ــ 1911). إنه الشريط الروائي الأول للمعلم المغربي الذي لعب دوراً أساسياً في إدخال النفس التجريبي إلى السينما المغربية. نرى قصة فلاح شاب يعثر على مال في كيس طحين، حادثة تقوده إلى متاهات المدينة عبر بناء سردي يستعير عناصره من الأدب.

أحمد راشدي يتخلى عن البطل الأوحد!

زهور غربي

الجزائرفي «ساحة سي الحواس» مقابل قصر أحمد باي في قسنطينة، أعطت وزيرة الثقافة الجزائرية نادية لعبيدي إشارة انطلاق تصوير الفيلم التاريخي «أسوار القلعة السبعة» للمخرج المعروف أحمد راشدي. الشريط الذي تنتجه الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ـ لارك»، بدعم من وزارة الثقافة و«صندوق دعم وتطوير تقنيات السينما»، مقتبس عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب محمد معارفية. في هذا الكتاب، سرد معارفية قصة عن الثورة الجزائرية التي وصفها أحمد راشدي بأفضل ما كُتب في الرواية عن الثورة الجزائرية. قصة غير مقترنة بشخصية معينة، تدور أحداثها في قرية صغيرة في الشرق الجزائري. أحمد راشدي الذي عرض أخيراً آخر أفلامه التاريخية «العقيد لطفي» وقبله «كريم بلقاسم» (كلاهما عرضا في عام 2015)، وفي عام 2009، قدم فيلمه «مصطفى بن بولعيد»، ها هو يعود مجدداً إلى الأفلام التاريخية. لكنه يبتعد هذه المرة عن أفلام البطل الأوحد، رغم أنه يؤكد أنّ البطل الأوحد هو الشعب. يقدم راشدي تصوراً جديداً عن انتفاضة الشعب حين يتعلق الأمر بالأرض. يقول لـ «الأخبار»: «أصرّ دائماً على النبش في فترات مهمة من تاريخ الجزائر.

هذه المرة نستنطق الأرض ونسرد قصص نضال الشعب الجزائري وتمسكه بأرضه وهي أغلى ما يملك. فهي بمثابة انتهاك لعرضه وشرفه، فبينما شرعت فرنسا بعد احتلالها للجزائر سنة 1830 بتشييد قلاع وأحصنة كأنها ستخلّد على هذه الأرض، استمات أبناء الجزائر الأحرار في دكّ قلاعها وأسوارها والدفاع عنها إلى أن أخرجوها سنة 1962».

في 120 دقيقة، سيحاول صاحب «الأفيون والعصا» تسليط كاميراه على شخصية «الحاج العيد» وهو رجل طاعن في السن، ويعدّ الشخصية الرمزية لقصة هذا الفيلم. قبل انطلاق ثورة الفاتح من نوفمبر 1954، يحاصر ابنه الثوري العنيد «ثابتي» منزل أحد المعمرين الذين سلبوه أرضه ويتمتعون بخيراتها، سعياً منه للانتقام. لكن الهجوم يقابل بالفشل ويواجه القائد «لوسيان» الذي يتمسك بأرض الجزائر، «لأن الجزائر هي فرنسا». ويدخل الطرفان في مواجهات قوية. سيشهد الشريط مشاركة أكثر من 70 ممثلاً وفق ما كشف لنا أحمد راشدي يتقدمهم الممثل حسان كشاش. وسيستمرّ التصوير 14 أسبوعاً في ولايات عدة منها سوق أهراس، وباتنة، ومستغانم، والمسيلة والجزائر العاصمة. وكشف راشدي لنا أنّه في صدد التفكير بمشروع سيناريو، يتناول فترة الأحداث التي وقعت بعد 5 تموز (يوليو) 1962.

موسم «شمّ النسيم» سينمائياً : ابن «الزعيم» ليس زعيماً

علا الشافعي

القاهرةشهد الموسم السينمائي المصري «شمّ النسيم» تطوّراً واختلافاً عن موسم منتصف العام. رغم تنوّع الأفلام التي عُرضت خلاله، إلا أنّه لم يحقّق إيرادات كبيرة. لكن الموسم الحالي الذي تُعرض فيه ستة أفلام، يشهد منافسة حقيقية منذ بدء عرض أفلام موسم الربيع التي دخلت أسبوعها الثالث. مع ذلك، تستمرّ في حصد الإيرادات وتحقيق الملايين.

كما أن الشركات المنتجة تعمد إلى استغلال أشكال الدعاية للترويج لأفلامها، إذ تسيّر الدعاية التقليدية جنباً إلى جنب مع أشكال أخرى من الدعاية، وتحديداً الفيلمين اللذين يتصدران الإيرادات. المنتج أحمد السبكي يصطحب نجوم فيلمه «زنقة ستات» (تأليف هشام ماجد، وكريم فهمي وإخراج خالد الحلفاوي، بطولة حسن الرداد وإيمي سمير غانم) في جولات على دور العرض في القاهرة، فتجدهم يقفون وسط الجمهور يرقصون ويغنّون أو يقومون بقطع التذاكر لمرتادي دور العرض. أما فيلم «كابتن مصر» (إخراج معتز التوني وتأليف عمر طاهر وبطولة محمد عادل إمام) فيعتمد على السمعة التي يحقّقها الفيلم، والأرقام الكبيرة التي يواصل حصدها يومياً. كذلك، اعتمد الفيلم على حملات الترويج على غرار قيام عادل إمام باصطحاب بعض أصدقائه، ومنهم الكاتب يوسف معاطي لمشاهدة فيلم ابنه، والاطمئنان على إيراداته ونجاحاته المتتالية. لا تحمل الأفلام المعروضة أيّ بُعد فنيّ، فهي أفلام تجارية في تركيبتها الدرامية وتوليفتها. يخرج المشاهد من دور العرض من دون أن يحمل منها شيئاً في الذاكرة، تماماً مثل أوراق «الكلينكس». ولكن رغم تلك التركيبات التجارية النمطية، إلا أن «زنقة ستات» الذي تصدّر الإيرادات حتى الأسبوع الماضي ووصلت إلى 10 ملايين ونصف المليون جنيه مصري (مليون و372 ألف دولار)، يقدّم موهبة جديدة في الإخراج وهو خالد الحلفاوي. والأخير نجح في أوّل تجربة سينمائية له، وأعاد إطلاق حسن الرداد كنجم كوميدي من خلال فيلم كتبه كريم فهمي وهشام ماجد، وهما نفسهما ممثلان ولكنهما اكتفيا بالكتابة في هذا الفيلم.

حقّق «زنقة ستات» إيرادات وصلت إلى مليون و372 ألف دولار

يروي «زنقة ستات» حياة طبيب يدعى علي (حسن الرداد) أجبره والده الطبيب النفسي (سامي مغاوري) على دراسة الطبّ، بينما هو يكره هذه المهنة ويتمنّى السفر إلى لندن لتسلم المصنع الذي ورثه عن والدته الإنكليزية. ولكن والده يرفض أن يمنحه له خوفاً من استهتاره وعلاقاته النسائية المتعدّدة، فهو يتنافس ووالده في معرفة أكبر عدد من النساء. كما أنه لا يتردّد في استغلال مريضات والده اللواتي يذهبن لتلقي العلاج، عن طريق الممرضة المستغلّة التي تعمل في العيادة (إيمي سمير غانم). رغم نمطية السيناريو والصدف الكثيرة المبنيّة عليها الحبكة، إلا أن الكاسب الوحيد من «زنقة ستات» هو حسن الرداد. ليس فقط بفضل ذكاء المنتج أحمد السبكي في الترويج له، بل لأن هناك مُخرجاً يعرف كيف يقدّم نجماً بشكل مختلف، وكيف يصنع فيلماً كوميدياً ذا إيقاع رغم تكرار التيمة.

وإذا كان الرداد نجح من خلال مخرج شاب ومنتج ذكي، إلا أن «كابتن مصر» الذي قفز في نهاية الأسبوع الماضي إلى المركز الأوّل محقّقاً 11 مليون جنيه مصري (مليون و473 ألف دولار ـ بطولة محمد عادل إمام) نجح بفضل التركيبة التي صُنعت خصيصاً لخاطر عيون ابن «الزعيم». ذلك النجاح بدأ من التيمة الشعبية للعمل وهي لعبة كرة القدم، وصولاً إلى اختيار عدد من نجوم الكوميديا الذين لمعوا أخيراً ومنهم من قدّمهم أحمد مكي في مسلسل «الكبير قوي» على غرار: بيومي فؤاد، ومحمد سلام، وأحمد فتحي، وعلي ربيع. تدور أحداث «كابتن مصر» حول كمال (محمد إمام) لاعب الكرة الذي انتقل من الوقوف على الخطّ احتياطياً ليُصبح في لحظات نجماً جماهيرياً تأتيه عروض لتقديم حملات إعلانية، وتطارده النساء. لقطات تأتي سريعة ومتلاحقة تعبّر عن الطفرة التي حدثت لكمال أو «كيمو»، كما تحمل سخرية من بعض الشخصيات العامة على غرار مرتضى منصور، ولاعب الكرة مجدي عبد الغني. فجأة، تنقلب الأحداث رأساً على عقب عن طرق القتل الخطأ، إذ يجد كمال نفسه في السجن، يأتيه في الحلم من يخبره بأنه دخل السجن بسبب الكرة وسيخرج منه بالكرة، وينشئ فريقاً من المساجين ليبدأ في الحضور عبر الميديا. الفيلم بالطبع يكرّر طرح رسالة مفادها «الجريمة لا تفيد» التي سبق وشاهدناها وما زلنا في الكثير من الأفلام. ورغم أننا أمام فيلم كوميديّ بامتياز من خلال كمّ المفارقات والشخصيات المشاركة في العمل، لكن يبدو من خلال تعليقات الجمهور أن بعضهم دخل ليبحث عن الشاب علي ربيع، أو بيومى فؤاد، أو أحمد فتحي. شخصيات يتجاوب معها الجمهور ويحفظ تعليقاتها، ووحده ابن «الزعيم» لا يحقّق هذا التجاوب رغم وسامته ومحاولته إلقاء إيفيهات ونكات. ورغم تصدّره المركز الأول، إلا أن الحاجز الأكبر الذي يواجه محمد إمام أنه لا يستطيع الخروج من عباءة والده عادل إمام. إذ يصرّ على محاكاته في لزماته، والطريقة التي ينظر بها إلى الكاميرا، ولكن ابن «الزعيم» الذي يتصدّر الإيرادات ضَمن أيضاً عرضاً حصرياً لفيلمه على mbc التي يظهر نجومها في لقطات في الفيلم ومنهم الإعلامي شريف عامر، والشيف حسن، وأبو حفيظة.

اللجوء السوري: أنجلينا «بهدلت» مجلس الأمن

وسام كنعان

عندما زارت أنجلينا جولي اللاجئين العراقيين في مخيم «جرمانا» عام 2009، تركت انطباعاً بالغ الأثر، حتى أنّ النجم الراحل نضال سيجري حكى عن تأثير هذه الزيارة في تجربته الإخراجية الأولى في الفيلم التلفزيوني «بطعم الليمون». كذلك، التقط أحدهم صورة لرجل متعب يغفو على كرسي في حديقة عامة أمام الفندق الذي نزلت فيه النجمة الهوليوودية.

أُطلق على الصورة يومها اسم «في انتظار أنجلينا جولي». بقيت الحسناء الأميركية محط أنظار الملايين من عشاقها السوريين إلى أن بعثرت الحرب هؤلاء وأحالتهم لاجئين في مخيمات الشتات، وكتب لبعضهم رؤية جولي وجهاً لوجه وهي تذرف دموعاً على حالهم. ثم طرب آخرون لنيتها تبني طفلة سورية. كل ذلك رسّخ مكانتها في قلوب السوريين. على هذا المنوال، كانت عطلة نهاية الأسبوع حافلة بصور نجمة هوليوود على المواقع والصفحات السورية، مذيلة بجمل الثناء وببعض مما قالته أمام مجلس الأمن، إضافة إلى فيديو يظهرها في الجلسة وهي تدعو أعضاء مجلس الأمن إلى زيارة اللاجئين السوريين لرؤية أوضاعهم عن كثب. وأضافت أنّ «مجلس الأمن لا يستخدم الصلاحيات المخولة له كي يحمي ما يزيد عن 4 ملايين سوري من ضحايا النزاع الدائر هناك، ولا يملك الإرادة السياسية كي يحل هذه الأزمة». واستطردت: «لقد ذهبت 11 مرة إلى مناطق مختلفة لوجود اللاجئين السوريين منذ بداية الأزمة عام 2011.

إن أمل هؤلاء في الأمم المتحدة تحوّل إلى غضب بعد 4 سنوات من النزاع المسلح من دون تدخل دولي، وما يثير الغثيان أن نرى الآلاف من اللاجئين غرقى على عتبة أغنى قارات العالم. نحو أربعة ملايين لاجئ سوري ضحايا لصراع لا يشاركون فيه، ورغم ذلك فهم مرفوضون وينظر إليهم باعتبارهم عبئاً. إن عمل الأمم المتحدة يقتضي إيجاد الحلول للمشاكل والحفاظ على الحياة (...) لكننا فشلنا في سوريا. ونتحمل المسؤولية الأخلاقية التي لا يمكن التنصل منها لحماية هؤلاء اللاجئين».

القصة لم تمض على خير. بعض الأقلام المشاكسة لم تكتف بمديح النجمة، بل وجهت نقدها إلى النجوم السوريين الذين يفترض أن يقوم أحدهم بهذا الدور. ولأنه كتب على السوريين النزاع حتى في ما تتفق غالبيتهم عليه، بادر صحافيون مبتدئون وناشطون إلى انتقاد «المديح المجاني لأنجلينا جولي وافتخار الجمهور السوري بشعور الشفقة الذي أبدته تجاهه» على حد تعبيرهم. في المقابل، انتفض آخرون معتبرين أنها تتقاضى مليارات الدولارات على ما تقوم به وليس لها منّة على أحد. مع ذلك، بقيت تلك الأصوات مجرد نشاز لا يسمعه أحد وسط حالة الحفاوة بجولي التي عبّرت عما يجول في خاطر السوريين بعد تماسها المباشر معهم.

https://www.youtube.com/watch?v=Dwe8EMI3JN4

آل باتشينو في عيده... شيخ الشباب

نادين كنعان

احتفل النجم الهوليوودي آل باتشينو (الصورة) أوّل من أمس بعيد ميلاده الخامس والسبعين. خلال العقود الخمسة الماضية، قدّم عملاق السينما الأميركية أدواراً لا تُنسى، مثل مايكل كورليوني في ثلاثية «العرّاب» (إخراج فرانسيس فورد كوبولا)، وفرانك سيربيكو في «سيربيكو» (1973 ــ إخراج سيدني لوميت)، وبيغ بوي كابريس في «ديك ترايسي» (1990 ــ إخراج وارن بيتي)، وريكي روما فيGlengarry Glen Ross (عام 1992 ــ إخراج جايمس فولي)، وكوهين في المسلسل القصير Angels in America الذي أنتجته HBO عام 2003 تحت إدارة المخرج مايك نيكولز.

رغم لائحة الإنجازات الطويلة، ما زال النجم الأسطوري على رأس اللعبة، مسجّلاً تحوّلاً في الأداء من خلال دوره في الفيلم الإيروسي ــ الكوميدي The Humbling للمخرج باري ليفنسون، الصادر العام الماضي ويستند إلى رواية فيليب روث التي تحمل الاسم نفسه (2009)، وفق ما ذكرت مجلة «رولينغ ستون» في بداية 2015.

في الذكرى الـ75 لميلاده، احتفت الصحف الأجنبية على طريقتها بالممثل المولود في مانهاتن لوالدين إيطاليين. الـ «غارديان» البريطانية نقلت عنه مجموعة من التصريحات، بينها أنّه تعلّم ألا يعيش في الخفاء، مضيفاً أنّه يصعب على أولاده الثلاثة (جولي 25 سنة، والتوأم أنطون وأوليفيا 14 سنة) الخروج معه في العلن: «إذا صودف خروجي من دون أن يعرفني الناس، فهذا ترف حقيقي». وتابع قائلاً إنّه «مرّت عليّ أوقات في صغري عانيت فيها من ضيق مادي، حتى أنّني بعد التخرّج كنت بلا وظيفة مراراً، ونمت على باب أحد المتاجر لأيّام».

مرّت عليّ أوقات في صغري عانيت فيها من ضيق مادي

وأوضح أنّ «جدّي جايمس جيراردي علّمني كل شيء عن العمل. أي نوع عمل كان مصدر السعادة في حياته»، لافتاً إلى أنّ أساتذته في المدرسة اعتقدوا «أنّني كنت بحاجة إلى أب. والداي انفصلا عندما كنت في الثانية، وأردت أن أتعاطى مع أولادي بطريقة مختلفة، فقسّمت وقتي بينهم وبين العمل».

وأشار إلى أنّه ليس محروماً من الأصدقاء في حياته، كما أنّه يتفهّم قيمة وقوّة مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنّه ليس ناشطاً عليها شخصياً: «لدي صفحة على فايسبوك تحتوي على 5.4 مليون لايك. ماذا يعني هذا؟ لا أعرف! لكنّني أقدّر أنّ هذه المنصات مفيدة في إيصال الرسائل». وأقرّ بأنّ مايكل كورليوني ما زال أصعب دور أدّاه حتى اليوم، وأردف قائلاً: «أجدادي جاؤوا من بلدة في صقلية تُدعى كورليوني. قدر؟ نعم ربّما!». وختم نافياً وجود أي منافسة بينه وبين روبرت دي نيرو كما يشيع بعضهم، مؤكداً أنّه «صديق، وهناك الكثير من القواسم المشتركة بيني وبين بوبي. أعشق ما يقدّمه في الكوميديا. إنّه عبقري».

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترKanaanNadine@

الأخبار اللبنانية في

27.04.2015

 
 

في احتفالات الإسكندرية…

أحمد زكي يسرق الأضواء من الرئيس السادات

كمال القاضي - القاهرة ـ «القدس العربي»:

في مدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر، وبالتحديد داخل قصر ثقافة الشطبي، عرض فيلم «أيام السادات» للمخرج محمد خان في إطار الاحتفال المقرر من الإدارة العامة للسينما التابعة لوزارة الثقافة، بعيد تحرير سيناء ولم يكن معهودا أن تتحول المناسبة إلى احتفاء واحتفال ليس بالتحرير فقط وإنما بالنجم الأسمر الكبير الراحل أحمد زكي، الذي جسد شخصية الرئيس السادات، فقد ركز الجمهور على نجمه المفضل واختلطت المشاعر الوطنية بمشاعر الإعجاب بالأداء المتقن والعبقرية البادية في التمثيل، والقدرة الفائقة على التقمص، فبعد مرور عشر سنوات لا يزال رحيل أحمد زكي يثير الشجون والأحزان كونه توفي في أوج مجده وعطائه، ولم يكن قد بلغ الستين من عمره بعد، حيث لم يزد سنه وقت رحيله عن السابعة والخمسين عاما، فضلا عن أن إصرار الفنان القدير على العمل حتى آخر لحظة جعله الأقرب إلى مشاعر الجماهير وأحاسيسهم، بيد أنه خلال فترة مرضه كان موضع الاهتمام والتركيز.

جسد أحمد زكي في آخر أفلامه شخصية عبد الحليم حافظ، الأكثر شعبية، وتعرض في مراحل الشخصية إلى المرض والإعياء فحدث نوع من التماثل بينه وبين عبد الحليم، فأدى ذلك إلى زيادة شحنات التعاطف، ومن ثم كانت الحالة التمثيلية محض تمهيد لفراقه، حيث استشعر الجمهور أن ما يعانيه ليس براعة في تقمص الشخصية والتماهي في الحالة، ولكنه إعياء حقيقي يمكن أن يؤدي بحياة أحمد زكي وقد كان مات الرجل قبل أن ينهي الفيلم، وفي توقيت قريب جدا من تاريخ وفاة عبد الحليم حافظ الذي وافته المنية في 31 مارس/آذار عام 77 بينما رحل زكي يوم 27 / 3 أي بفارق أربعة أيام فقط.

كان المطرب الكبير الملقب بالعندليب الأسمر هو الشخصية الرابعة التي جسدها أحمد زكي في إطار تقديمه العبقري للسير الذاتية فقد كانت الشخصية الأولى هي شخصية طه حسين التي قدمها في مسلسل «الأيام» أوائل الثمانيات مع المخرج يحيى العلمي، وأبدى فيها تفوقا ملحوظا، رغم تباعد الملامح الشكلية والإنسانية بينه وبين عميد الأدب العربي. الشخصية الثانية كانت للرئيس جمال عبد الناصر في فيلم «ناصر 56» للمخرج محمد فاضل، وكالعادة كانت العبقرية في الأداء عنوان الفيلم الحقيقي، وبعدها جاءت التجربة الأكثر قربا شكلا ومضمونا في فيلم «أيام السادات» عن حياته وبدايته وحتى اغتياله، وبالطبع نجح الفيلم نجاحه المتوقع فليس معهودا أن يفشل الممثل القدير المعجون بالموهبة المريض بالتقمص في أداء أي دور من الأدوار القريبة أو البعيدة عنه.

تلك كانت ملامح المسيرة الفنية في مراحله الأخيرة. أما ما سبق فهو أكبر من أن يختصر في سطور، فالرحلة رغم مداها الزمني القصير تشكل امتدادات طويلة وعريضة على مستوى التأثير، ولو تحدثنا فقط عن الجزء الذي جسد فيه أحمد زكي أنماطا بشرية لشخصيات ووظائف سنحتاج إلى مساحات أوسع من مجرد دراسة مكثفة أو مقال محدود، ففي فيلم «زوجة رجل مهم» ينقل لنا صورة لشخصية ضابط أمن الدولة بكل إرهاصاتها وانفعالاتها وتكويناتها وتناقضاتها الحادة، ينقلها الفنان ببراعة وتلقائية وبساطة كأنها شخصيته الحقيقية.

وفي «البيه البواب» نرى آيات البؤس والشقاء في الجزء الأول من الفيلم، هي الأوضح في التكوين الإنساني لعبد السميع البواب، وسرعان ما تتحول إلى استعلاء وغطرسة واستقواء بالمال بعد الثراء. وأيضا في فيلم «ضد الحكومة» نرى المحامي المستهتر وهو ينتفض دفاعا عن حقوق الكبار المتسببين في الكارثة ونرصد التحول والقدرة الفائقة على المعايشة والانتقال بين مستويات أدائية مختلفة لا تنم إلا عن موهبة فذة يتمتع بها الفنان الراحل الكبير.

ربما تطرق الكثيرون لخصوصية أداء الفنان أحمد زكي، مما يجعل الإسهاب فيه تكرارا للمعاني والدلالات نفسها، لكن ما لم يكتب عنه بالشكل الكافي هو ارتباط طبيعته النفسية والإنسانية بفكرة التفاني في الأدوار إلى حد الانصهار، فهو كما يقال مدير أعماله وطني، الذي عاش معه سنوات طويلة ورافقه طوال مشواره الحياتي والفني لا يعرف شيئا غير التمثيل ولا يكترث بأمر آخر غير الدور الذي يؤديه، يبدأ في متابعة الشخصية الدرامية من لحظة الكتابة وحتى دخول الأستوديو لتصويرها، وهنا يتوحد معها تماما فيتوارى أحمد زكي ويبقى الضابط أو البواب أو المحاكي أو الصعلوك إلى أن يخرج من الشخصية ويعود إلى ذاته الحقيقية بعد ظهور الدور على الشاشة.

هذه الشهادة تدلنا على الفنان الراحل وكيف كان يتعامل مع فنه وشخصياته، ولأنه كان شديد الحساسية كان سريع الغضب ولا يتحمل النقد ويعتبره في بعض الأحيان تشكيكا في قدراته الإبداعية، وله جراء ذلك صولات وجولات ومعارك خاضها دفاعا عن وجوده وحفاظا على قمته التي تربع عليها بجهده الشخصي وموهبته ليس إلا. أثناء تصوير فيلمي «عبد الناصر» و»السادات» ثارت خلافات ومشكلات نتيجة تشبث أحمد زكي بوجهه نظره ففي فيلم «ناصر 56» كان الظاهر على السطح والمعلن في الصحف ووسائل الإعلام أن الخلاف على أنف عبد الناصر، الذي أصر على أن يتم تركيبه حتى يتناسب مع أنف ناصر الحقيقي، فيما كانت جهة الإنتاج معترضة لأنها مكلفة وعبء على ميزانية الفيلم. كذلك حدثت مشادة بينه وبين المخرج محمد خان وصلت إلى حد التلاسن بسبب الإصرار والتصميم على بعض التفاصيل والتدخل في بعض الفنيات، وهي تصرفات تعكس شخصية فنان غيور على فنه فتحمل المسؤولية لا يقبل أنصاف الحلول ولا يرضى بنصف النجاح.

هذا كان سر عصبية أحمد زكي، الخوف من الإخفاق واهتزاز صورته كممثل وليس كنجم فهو معني بالأساس بالإجادة ولا يهمه كونه نجما أو ممثلا قديرا فحسب، الأهم من وجهة نظره أن يكون راضيا عن أدائه العام وهو ما يفتقده غيره من بعض النجوم ويجعله في الوقت نفسه حالة استثنائية وموهبة فوق العادة وممثلا بامتياز مع مرتبة الشرف.

عزيز داداس أفضل ممثل مغربي في مهرجان طنجة

يدعو إلى مصالحة الجمهور مع قاعات السينما

من فاطمة بوغنبور - الرباط – «القدس العربي» :

من عقدين من الزمن على الركح نحو تحقيق نجاح ساحق على الشاشة الفضية. حقق فيلمه «الطريق إلى كابول» أطول مدة عرض سينمائي ونجاح جماهيري في ثلاث سنوات من العرض على شاشات سينما المغرب. حققت فيها شخصيته الكوميدية نجاحا غير مسبوق في تاريخ السينما المغربية. سرعان ما أثبت أنها لم تكن ضربة حظ أو حالة تألق عابرة. لأن اختياراته الموالية في أفلام «زيرو» «دالاس» ثبتت أكثر من مكانته سينمائيا وأهلته لحصد جائزة أفضل ممثل مغربي في المهرجان الوطني للسينما في طنجة. يصر في كل حواراته على فتح نقاش قلة القاعات السينمائية في المغرب يرفض الألقاب ويعتبر أن التحدي الأول الآن هو مصالحة الجمهور مع القاعات وتكوين قاعدة جماهيرية. مع عزيز دادس أفضل ممثل في المغرب في 2015 كان هذا الحوار:

حدثنا عن فيلمك الأخير «أوركسترا منتصف الليل»؟

□ هو حكاية مغن يهودي يعود للمغرب بعد سنوات طويلة من الإغتراب، وحين عودته يأخذه حنينه للأمكنة التي شهدت طفولته وشبابه وتألقه الفني إلى الرغبة في البحث عن أعضاء جوقه الفني الذين نسجوا معه حكاية الشهرة والتألق سنوات الستينيات. 

وحين شعر بأن القدر لن يمهله لتحقيق حلمه يستدعي أكبر أبنائه الذي حضر ساعات قبل وفاته وهو يجهل تماما تاريخ المودة والتسامح الذي طالما جمع المسلم واليهودي. لكن رحلة البحث عن أعضاء الفريق برفقة سائق التاكسي المسلم الذي أجسد دوره ستجعله يقف على حقائق مذهلة عن التعايش وأواصر المحبة بين مسلمي ويهوديي البلد الواحد. وخلال رحلة البحث نستعرض محطات تاريخية تبرز تجذر المكون اليهودي في النسيج المغربي. الفيلم الذي يحمل عنوان «أوركسترا منتصف الليل» سيلعب أدواره معي الفنان العالمي جاد المالح والفنان حسن الفذ وآخرون. 

حصلت على جائزة أفضل ممثل مغربي في مهرجان الفيلم الوطني الأخير عن فيلم «دالاس» وحققت نجاحا كبيرا في فيلم «الطريق إلى كابل» هل يمكن اعتبار أن هذه فترة تألقك أم مازال هناك المزيد؟

□ الجوائز والتتويج بالنسبة لي حافز إيجابي وأعتراف هذا يزيد من حجم المسؤولية. لكن طريقي ما زال طويلا جدا وما زال هناك الكثير الذي يمكن إنجازه، وأوله أن تفتح المزيد من القاعات السينمائية في المغرب بأن لا يقول أولادنا مستقبلا بأننا لم نترك لهم فنا جميلا وبوتقة من خلالها يطلون على حاضرنا الفني والإنساني، ولأن السينما أيضا منطق اقتصادي، ففيلم الطريق إلى كابول جنى أموالا طائلة ما كانت لتكون لو استثمر رأس ماله في العقار، فهو قدم قصة قريبة من الناس بحوار ووجوه تمس مباشرة الناس. 

هل يمكن اعتبار «الطريق إلى كابول» تذكرة عبورك نحو النجاح؟

□ نعم لهذا الفيلم مكانة خاصة وهو محطة مهمة في مسيرتي الفنية لأنه قدم كوميديا الموقف وليس كوميديا الكلمات، وهو بالتالي حقق لي حلما قديما بأن أقدم شيئا أنا مقتنع به فتعاطف الناس مع الشخصية وأحبوها وكما فتح لي أفاقا جديدة أثبتنا أيضا من خلاله أن للسينما جمهورا قويا في المغرب حين نمنحها أفلاما مغربية تستجيب تماما لتطلعات الجمهور. الفيلم منحنا الأمل في أن الفن السابع حيوي ونابض بالحياة في المغرب وجمهوره قوي وحاضر.

وصفك نقاد وصحافيون بـ«عادل إمام» المغرب، ماذا يعني لك الوصف؟

□ جميل لكن الأمر أضحكني لأني لا أرى نفسي في صنف فني واحد، أنا فقط ممثل بعد دوري الكوميدي في «الطريق إلى كابول» دخلت فيلم «زيرو» بشخصية مغايرة تماما لا ضحك فيها، ثم فيلم «دالاس» بشخصية مضطربة نفسيا، ثم في «أوركسترا منتصف الليل» شخصية ابن البلد الشهم.. أحاول أن أنوع في الشخصيات وأقدم كل الألوان. وأتذكر حين عرض الفيلم في مصر قال الفنان المصري القدير أحمد ماهر، لماذا لا تنتجون له خصيصا أفلام؟ لكن الألقاب لا تعني لي الشيء الكثير ولا أهتم بعبارات التفخيم، ما يعجبني هي عبارة «خويا عزيز». ولهذا أحب جدا اللقاءات الخيرية والإنسانية وأيضا اللقاء المباشر بالجمهور وعامة الناس في الشارع أريد أن أكون قريبا منهم دون حواجز وتصنيفات وألقاب تميزني عن الآخرين.

كيف تقيم الوضع السينمائي في المغرب؟

□ أنا معجب بما حققته السينما المغربية فنحن ننتج حوالي 23 فيلما في السنة. المشكل الوحيد الذي يؤرقني أن عدد الأفلام المنتجة يفوق عدد القاعات السينمائية في المغرب، فهناك فقط 24 قاعة سينمائية. صحيح أن هناك مشروعا لإحياء قاعات قديمة وإنشاء جديدة، لكن الوضع مازال صعبا فهناك أفلام ناجحة جماهيريا لكنها توقف عن العرض في عز نجاحها لتدخل أخرى بطريقة الدور، في مصر مثلا هناك شركات إنتاج تملك قاعات سينمائية خاصة بها ولها الحرية في أن تعرض فيلمها المدة الزمنية التي تريد.

فيلم «زيرو» كان من الأفلام التي ساهمت في إثارة الجدل حول اللغة الجريئة التي باتت تستعملها بعض الأفلام المغربية ما رأيك في مقولة أن هذه النوعية من الأفلام تخالف قيم المجتمع؟

□ هذه اللغة نسمعها في البيت والعمل والشارع، ولكن حين تعرض في السينما نغضب. أتساءل كيف يمكن للفيلم أن يكون واقعيا دون أن يستعمل لغة الواقع، في دور ضابط شرطة مثلا ونحن نسمع قصصا من «الويل والثبور» داخل أقسام الشرطة هل يمكن أن نتوقع أن هناك شرطيا يقول لزميله مثلا «من فضلك أعطني مفاتيح السيارة» هكذا سنكذب على الناس، لهذا دائما أقول دعونا أولا نكون قاعدة جماهيرية نصالح الناس مع السينما آنذاك أنتجوا إن شئتم أفلام بمعاييركم الخاصة المهم ألان أن نجذب الجمهور.

القدس العربي اللندنية في

27.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)