كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

"ألتمان": مخرجٌ لا يساوم

محمد هاشم عبد السلام

 

 Altman 2014 "ألتمان" هو آخر أفلام المخرج والمنتج التسجيلي الكندي رون مان، ويتناول فيه قصة حياة المخرج المتميز روبرت ألتمان، الذي حطّم الكثير من القواعد الراسخة في نظام العمل والاستوديو بهوليوود، وصار واحدًا من أعظم المخرجين الأمريكان.

يعتبر الفيلم نظرة عميقة لحياة الراحل روبرت ألتمان، المخرج والإنسان. وقد حاول فيه مان رصد رحلة حياة المخرج منذ أن كان طيارًا في الحرب العالمية الثانية، ومرورًا بتاريخه المهني في السينما، مستعينًا في ذلك بأرشيف من الصور وأفلام أسرته، إلى جانب بعض الأفلام القصيرة التي لم ترَ النور، والمقاطع المُصورة أثناء إخراجه لأفلامه. وهي في حدّ ذاتها مادة شديدة الغزارة واحتلّت ما يقترب من نصف زمن الفيلم، الذي يزيد عن ساعة ونصف الساعة تقريبًا.

نال ألتمان، "بوب" كما يطلقون عليه في الفيلم، الكثير من الإشادة والتقدير والجوائز في أنحاء العالم نظرًا لأسلوبه المتميز في الإخراج، الأمر الذي أكسبه صداقة العديدين، في حين كان لأسلوب ألتمان في تنفيذ أفلامه الكثير مما هو غير سائد ومتصادم مع العادي والشائع آنذاك وبالذات مع مدراء الاستوديوهات في هوليوود، الأمر الذي أكسبه أيضًا عداوة الكثيرين. غير أن ألتمان نجح في أن يُمهِّد لنفسه الطريق كي يكون واحدًا من الرواد والآباء المؤسسين بحق للسينما المستقلة في أمريكا، عندما أخرج أول أفلامه وكان بعنوان "المنحرفون" (1957).

ينطلق الفيلم من فكرة محورية تدور حول السؤال الذي طرحه مخرج الفيلم، "ما هي الألتمانية؟" (نسبة إلى ألتمان). هذا السؤال، وجهّه المخرج إلى العديد من المتعاونين مع ألتمان على مدار حياته المهنية في صناعة السينما أو خارجها حيث الأصدقاء وحتى أسرته. وبالطبع مع كل إجابة يتكشّف لنا شيئًا فشيئًا الكثير مما نجهله، سواء فيما يتعلق بأسلوب ألتمان وطريقته في العمل أو فيما يتعلق بحياته الخاصة وعائلته وأصدقائه، أو وجهة نظره هو تجاه الحياة بصفة عامة، والتي ننصت إليها بصوته في مراحل متعددة من حياته، وذلك عبر الاعتماد على عدد كبير من المواد الأرشيفية والمقابلات الصحفية والتليفزيونية واللقاءات المسجلة معه على مدى حياته، إضافة إلى أشرطة الفيديو والتسجيلات والصور الفوتوغرافية المملوكة لعائلة ألتمان، والتي عملت أرملته "كاترين ألتمان" على إمداد المخرج بها.

وقد لجأ مان أيضًا إلى ابنيّ ألتمان، روبرت وستيفن، كي يوضحان العديد من المواقف أو يستكملان الكثير من الفجوات التي لم تفلح الشرائط الفيلمية والمواد الأرشيفية في استكمالها أو توضيحها والإجابة عنها. أيضًا تطرّق مان لمناقشة علاقة ألتمان بابنيه وأمهما وغيرها من الأمور الأسرية، التي جاءت الإجابة عنها على نحو خجول وموارب كثيرًا، في حين صرّح ستيفن بجرأة شديدة أن والده كان كثير التغيُّب، وكيف أنهما لأغلب الوقت لم يكونا من ضمن أولوياته على الإطلاق. كذلك تظهر على نحو أساسي في الفيلم أرملته كاترين ريد ألتمان، التي رافقته في مسيرته المهنية منذ البداية وتعرف العديد من المعلومات والأسرار عن مهنة زوجها ومشاريعه والكثير مما كان يفكر فيه. وكاترين، كما ورد بالفيلم، في التسعينات من عمرها. وتقول إن زواجها بألتمان استمر لستة وأربعين عامًا تقريبًا، وقد وصفت حياتهما معًا بكونها صعبة، لكنها كانت رائعة في ذات الوقت.

تطرّق الفيلم إلى مهنة ألتمان ككاتب، حيث كانت أولى مساهماته في الحقل السينمائي ككاتب مشارك في قصة فيلم بعنوان "عشية عيد الميلاد" في عام 1947، وكيف واصل ألتمان الكتابة السينمائية حتى قبل وفاته بسنوات قليلة، وفي رصيده التأليفي ما يزيد عن خمسة وثلاثين عملا. وكيف أنه وقبل أن ينتقل إلى الإخراج السينمائي، مارس العمل كمخرج مُنفِّذ لعدة سنوات، ثم انتقل للإنتاج بعد ذلك، حتى شارك بأول فيلم روائي من إخراجه في عام 1957، وكان بعنوان "الجانحون".

أطلق هذا الفيلم شهرة ألتمان، ودشنّه كمخرج سينمائي لافت ومتميز، وهو أيضًا الذي جعل المخرج الكبير ألفريد هيتشكوك يختاره كي يكلفه بإخراج مختارات من سلسلته التليفزيونية الشهيرة "ألفريد هيتشكوك يقدم"، والتي قدمها هيتشكوك في الفترة من عام 1955 وحتى عام 1962. وقد أنجز ألتمان المهمة باقتدار، وقدم تلك السلسلة في جزأين حملا عنوان "الشاب" و"معًا". وقد أسهمت تلك النقلة في فتح المجال على اتساعه أمام ألتمان ليعمل أكثر بالتليفزيون بوتيرة سنوية استمرت حتى منتصف الستينات تقريبًا.

ومع انتصاف الستينات قرر ألتمان ترك التليفزيون والعمل بالمسلسلات رغم ما حققه من شهرة ونجاح لافت،  وذلك للاشتباك الجدي مع المنتجين والاستوديوهات من أجل تقديم أفلامه. وقد تحقق له هذا بالفعل في مطلع السبعينات، وتحديدًا عام 1970 مع فيلمه الذي حقق نجاحًا تجاريًا وجماهيريًا، وكان بعنوان "ماش"، وهو فيلم حربي درامي وكوميدي، بطولة دونالد سازيرلاند وروبرت دوفال. وكان عن الحرب الكورية، وقد أخرجه ألتمان وهو في الرابعة والأربعين من عمره، وفاز عنه بالسعفة الذهبية في مهرجان "كان".

وقد ركّز بعض النقاد والكثير ممن عملوا مع ألتمان، على عدد من التقنيات المغايرة التي كان يستخدمها في أفلامه مثل البطء أو اللقطات المقربة على نحو شديد من عدة كاميرات وبأكثر من زاوية، والكثير من المشاهد المرتجلة التي تحيد تمامًا عن النص الأصلي. كذلك لجوء ألتمان لبعض الحيل الجديد مثل الميكروفونات الصغيرة جدًا التي يسجل بها حوار كل ممثل، ثم يقوم بعد ذلك بدمجها معًا على نحو مكثف، بحيث تبدو كضوضاء متداخلة أو كأصوات متراكبة.

من الشخصيات المعروفة التي ظهرت بالفيلم، إضافة إلى زوجة ألتمان وابنيه، الممثل الراحل روبن وليامز، والممثلة جوليان مور، والممثل بروس ويلز، والممثل جيمس كان، والممثل كيث كاردين. وأيضًا المخرج بول توماس أندرسون، الذي أهدى فيلمه "سيكون هناك دم" لألتمان، والذي قال عنه "لقد سرقت من بوب بقدر ما أمكنني".

يقول الراحل روبن وليامز عن الألتمانية، إنها "توقُّع ما هو غير متوقَّع"، في حين أجاب بروس ويلز على نفس السؤال قائلا، "ركل مؤخرة هوليوود". وبعد الكثير من النقاش حول هذا السؤال المحوري المطروح من جانب مخرج الفيلم والحصول على العديد من الإجابات المتنوعة، نخرج في النهاية بإجابة مفادها أن الألتمانية ليست فقط مجرد أسلوب أو نهج إخراجي ما، بل هي قدر من الحساسية المضادة للمؤسسة، والمؤيدة للاستقلالية الفردية، وقد تتسّم بالخشونة والصخب، لكنها في النهاية غاية في الإنسانية والصدق.

ليس ثمة شك في أن الفيلم يعتبر من أقوى المداخل للتعرف على سينما وحياة المخرج الكبير روبرت ألتمان لمن لا يعرفه. وهذا ما يذكره مخرج الفيلم صراحة، ويعترف بأنه بإخراجه لهذا الفيلم يكون قد أدّى ما عليه تجاه الرجل والأجيال التي ترغب في التعرُّف على عمله.

لكن، وبالرغم من نبل المحاولة والكثير من الجهد المبذول من جانب مان، نجد أن الفيلم في النهاية، من الناحية الفنية والتقنية، لم يكن سوى مجرد تلخيص سردي عادي لحياة المخرج الراحل. وقد جاء هذا التخليص غير متوازن بعض الشيء، ويعتمد كثيرًا على العديد من المقاطع المأخوذة بكاميرا ألتمان المنزلية له ولأطفاله ونزهاتهم إلى آخره، من دون أي سبب واضح، سوى الإعجاب بتلك المادة، التي منحها له آل ألتمان.

وفي النهاية لم يفلح رون مان في الاقتراب كثيرًا من روح ألتمان الفنان والمخرج في أعماله كمبدع ومبتكر ومجدد في لغة السينما، وكذلك الاقتراب من الكيفية التي صنع بها العديد من الأفلام المهمة والناجحة أو التي لم تلقَ القبول والنجاح أيضًا. لكن رون مان أفلح، على أية حال، في تقريبنا من ألتمان الإنسان وأطلعنا على تجربته على نحو استعراضي شامل، يتسِّم بالصدق والإخلاص لموضوعه قدر الإمكان.

لقد صنع العديد من الأفلام التي كان يرغب في صناعتها وعلى النحو الذي يريد، دون أن يلجأ للحيل أو المساومات أو الحلول الوسط، إلا فيما ندر. يقول مان، وقد اعتاد قول هذا كثيرًا لطلابه ومريديه، "لو حاول أي مخلوق أن يعبث بفيلمك، احرق النيجاتيف". ليس ثمة شك في أن ذلك الرجل، بتلك التركيبة الشديدة التعقيد والجنون والجموح، والتي شاهدنها في الفيلم، لم يكن ليتردد بالمرة في الإقدام على هذا الفعل.

ولد المخرج الكندي رون مان في تورنتو عام 1959، وهو أيضًا منتج سينمائي معروف في مجال السينما التسجيلية التي تركز على الفن والثقافة الشعبية المعاصرة. ومن أشهر أفلامه التي أخرجها "كتاب كوميدي سري" (1988)، و"العشب" (1999)، و"اذهب لأبعد من ذلك" (2003).

مهرجان سالونيك: رحلات، أفلام وبشر..

قراءة في ملامح الدورة السابعة عشر لمهرجان سالونيك الدولي للأفلام التسجيلية
رامي عبد الرازق - اليونان

من بين عشرة أقسام ضمّتها الدورة السابعة عشر لمهرجان سالونيك الدولي للأفلام التسجيلية (13-22 مارس) شهد قسمي"رحلات إنسانية" و "تكريمات" محاولة للاحتكاك مع التفاصيل والسياقات الفكرية التي ينجز من خلالها المخرجين تجاربهم، وبالتحديد أربعة من أهم مخرجي العالم سواء في مجال الأفلام الوثائقية أو الروائية.

في قسم رحلات إنسانية الذي عرض 22 فيلما من أصل 185 فيلم، هم حصيلة برامج المهرجان العشر، قدم المخرج الدنماركي كريستيان تومسون فيلم "فاسبندر: أن تحب دون متطلبات" عن المخرج الألماني الراحل راينر فيرنير فاسبندر (1945-1982) بينما قدّم الألماني كونستانتين وولف فيلمه "ايرليش سيدل: المخرج أثناء العمل" عن السينمائي النمساوي صاحب "ثلاثية الجنة" و "موديلز" و "تصدير واستيراد".

في حين كرّم المهرجان في قسم التكريمات اثنين من صناع السينما الوثائقية الأوروبيين والذين أنجزوا أفلاما تنحاز في المقام الأول إلى الإنسان قبل الحدث، وهما الفرنسي النمساوي الأصل "هيبرت سوبير" والروماني "ألكسندر سولومون" وذلك بعرض خمسة أفلام لكل منهم في إطار برنامج التكريمات التي يمنحها المهرجان كل عام لصناع السينما الوثائقية في العالم.

فاسبندر المسكون بالعاطفة

في عام 1982 توفى المخرج الألماني الشاب راينر فاسبندر على إثر جرعة زائدة من المهدئات، فيما تأرجحت الآراء بعدها هل كان انتحارا أم لا! وبقدر ما كانت نهاية مأساوية للمقربين منه، كانت أيضا صدمة للأوساط السينمائية العالمية التي أبهرها هذا الشاب الألماني خلال سنوات عمره القليلة بأفلامه المغايرة "الخوف يأكل الروح" و "الحب أكثر برودة من الموت" و "ليلي مارلين".

كان فاسبندر شاب يعاني من ثنائية الميول الجنسية وهو ما ورطّه في الكثير من العلاقات الغريبة والشاذّة عبر سنوات عمره مع الكثير ممن عمل معهم لإنجاز أفلامه سواء كممثل شاب في بداية السبعينيات، أو كمخرج واعد صاحب رؤى متطورة في العلاقة ما بين البصري والدرامي والنفسي.

وفي عام 1982 وقبل وفاة فاسبندر بثلاثة أسابيع، كان مساعده الدنماركي الشاب آنذاك كريستيان طومسون يجلس معه في غرفته الفندقية أثناء حضور فعاليات مهرجان "كان" بمفردهم مع الكاميرا التي سبق وأن سجل بها كريستيان العديد من المقابلات والجلسات الودية بينه وبين فاسبندر منذ أن التقاه للمرة الأولى عام 1969 في مهرجان برلين واستمر في العمل معه حتى وفاته.

بعد هذا التاريخ بحوالي 22 عاما قرر كريستان أن يصنع فيلما وثائقيا عن الرجل الذي كان له أكبر الأثر في حياته فكريا ومهنيا، مفرجا للمرة الأولى عن اللقاءات المصورة التي كان يجريها مع فاسبندر عبر عدة سنوات والتي كان أهمها بالطبع الجلسة الأخيرة في "كان "82. وقد أضاف كريستان على تلك المادة عددا من اللقاءات الحديثة التي أجراها مع زوجة فاسبندر السابقة ومساعديه وعدد من الممثلين الذين عملوا معه في أفلامه، متخذّا من شكل السيرة الذاتية إطارا عاما له ولكن بتوجه أساسي يكمن في الوصول إلى هدف محدد، وهو أن المخرج الشاب  كان يعيد إنتاج الحياة كما عاشها في سنوات عمره القليلة من خلال تصفيتها من شوائب الاجتماعيات والمواقف الأسرية، وبثّها في شكل انفعالات وعواطف مصورة عبر أفلامه.

إنه فيلم عن السينما والحياة وما بينهما من علاقة جدلية، فلا أحد يدري تحديدا أيهما يصنع الآخر، ففي اللقاءات المطولة التي عرضها المخرج يبدو فاسبندر مستسلما للحكي عن نفسه وأسرته ومشاعره، ثم ينتقل المخرج مباشرة إلى مشاهد ولقطات ومقاطع من أفلامه أو كواليسها ليطابق أو يقارن بين فاسبندر الإنسان المستلقي أمام الكاميرا الـ 16 مم، وفاسبندر المخرج الرابض خلف كاميراه التي لا تدع شخصية من شخصيات أفلامه مكسوة أو مستورة بأي بشرة اجتماعية أنيقة.

مغامرة وثائقية أقدم عليها كريستيان تومسون بفرد مساحة واسعة للقاءات، سواء المادة المفرَج عنها من أرشيفه، أو تلك اللقاءات الحديثة مع أصدقاء فاسبندر حيث تلكأ الإيقاع في كثير من الفصول. وباستثناء المواد التي تحتوي على لقاءات فاسبندر أو بعض اللقاءات القصيرة مع مساعديه ومعارفه، إلا أن الكثير من اللقاءات مع زوجته السابقة وبعض أصدقائه بدا مكررا سواءً لمن يعرفون المخرج الشاب أو حتى بالنسبة للمعلومات أو التفاصيل التي تبدو واضحة خلال سياقات بصرية ومقابلات أخرى خلال الفيلم. وبالتالي كان الطول النسبي لزمن الفيلم في غير صالح الإيقاع لكنه في النهاية اختبأ داخل تلك اللمعات والشطحات النفسية التي كان يطلقها فاسبندر عن ذاته أو السينما، أو عن علاقته بالآخرين أو نظرته للحياة خلال مجموعة المقابلات التي عُرضت لأول مرة في سياق الفيلم.

"سيدل" وعورات الحضارة 

يعتبر المخرج النمساوي ايرليش سيدل صاحب وضع استثنائي بالنسبة لمهرجان سالونيك بفعالياته الوثائقية في شهر مارس والروائية في شهر نوفمبر (الدورة السادسة والخمسين سوف تتخذ موقعها الزمني في الفترة من 6 - 15 نوفمبر القادم).

 فأفلام سيدل هي حالة خاصة من "تأليف الوثائقي" - بحسب المصطلح الفرنسي - فهي حلول بصري ودرامي في منطقة الما بين، وهي منطقة مظللة يصعب الخوض فيها ذهنيا ولكنها تحتاج إلى متلقِّي حر لا يشغل باله بالشكل في مقابل الاستغراق داخل مضامين وتأويلات عديدة بعضها مفهوم وبعضها الآخر محسوس رغم غموضه.

شهدت الدورة السابعة عشر عرض أحدث أفلام سيدل "بداخل القبو" في قسم "قصص تروى" وهو تجربة وجودية سياسية اجتماعية رائعة عن فكرة القبو النفسي للبشر، فالعالم قد تغير منذ أن قال أرسطو جملته (تكلم حتى أعرفك) وأصبح الآن (قل لي ماذا في قبو منزلك أقل لك من أنت!) إنها الشوارع الخلفية لنفوس وأذهان شرائح وطبقات وأنماط من البشر أقرب للعينة المعملية لكشف عورات الحضارة الأوروبية على وجه الخصوص والإنسانية بشكل عام. الأقبية هي مساحات خاصة وداخلية يمارس فيها ساكن البيت حريته بالكامل دون قيود اجتماعية ودون تخوُّف من حضور ضيف مفاجئ أو تلصص جار، إنها الأماكن التي توازي كل ما هو سفلي وباطني وحر.

يعرِّي "سيدل" عورات الحضارة عبر تتبُّع عورات الأقبية السفلية في العديد من المنازل، فأحدهم يصنع من قبوه متحفا لتاريخ النازية ويجتمع هو وأصدقائه ليحيون صور هتلر وجوبلز ويمارسون طقوسهم العنصرية بكل فخر واستمتاع. وآخر يسكو جدران قبوه برؤوس الحيوانات المحنطة ومختلف أنواع الأسلحة وأدوات الصيد الذي يمارسه بولع وشبق عميق. ناهينا عن الأقبية التي حولّها أصحابها إلى أماكن لممارسة الجنس السادي والشذوذ بمختلف أنواعه، كل هذا عبر كاميرا ثابتة وكادر واسع أقرب للبورتريه (الصورة الشخصية) للمكان والأشخاص، وكأنه يصطحب عيوننا وأفكارنا إلى دواخل الآخرين / أقبيتهم بشكل يجعلنا نعيد التفكير في أقبيتنا الخاصة سواء في منازلنا أو نفوسنا.

في قسم "رحلات إنسانية" قدّم المخرج الألماني قنسطنطين وولف محاولة للنفاذ خلف الأسوار الباردة والعالية لعوالم سيدل المغرقة في عرق النفوس وعورات البشر، من خلال تصويره كواليس أحدث أفلامه "بداخل القبو" كتجربة لاستقراء وتحليل عناصر الصورة التي يصنعها سيدل ومدى قربها من أفكاره وتصوراته التي يريد طرحها على العالم.

أجرى وولف عدة لقاءات مع سيدل في مواقع تصوير الفيلم، بالإضافة إلى حضور بروفات إحدى المسرحيات التي كان يقوم بالإعداد لها والتي مثّلت انطلاقة لثلاثية "الجنة" التي نفذ من خلالها أسفل المسامات الغريزية والمادية لثلاثة من أكثر الاسئلة التي تؤرِّق البشر: ما الإيمان، ما الحب، وما الأمل؟!

ولكن تجربة وولف لا تعدو أكثر من مجرد تحقيق تليفزيوني، أو هي أقرب لتصوير كواليس إحدى أفلام مخرج كبير تحت مبدأ (المخرج في موقع التصوير) وهو نمط تليفزيوني معروف يُستخدم أحيانا للدعاية، ولكنه هنا يبتعد عن مساحة الدعاية دون أن يقترب كثيرا من مساحة التحليل الواعي والدقيق، بل تبدو الكاميرا منبهرة أو تعكس انبهار صانع "التقرير" الوثائقي عن المخرج الكبير، والانبهار آفة من آفات التوثيق لأن الضوء المبهر عادة ما يعيق الرؤية ويطمس الملامح تماما مثل الضوء الضعيف أو الظلال الكثيفة.

سوبير: أنا لست كاميرا 

وفي إطار تكريم المخرج الفرنسي النمساوي الأصل هيبرت سوبير عرض له خلال فعاليات برنامج التكريمات خمسة أعمال هي: "على الطريق مع إميل" إنتاج 93، "بمفردنا مع قصصنا" إنتاج ،2001 ثم ثلاثيته الأفريقية "يوميات كنشاسا"1998،"كابوس داروين"2004 ، "جئنا كأصدقاء"2014.
بكاميرا صغيرة وبضعة مساعدين استطاع سوبير أن يُقدِّم الكثير من التفاصيل المسكوت عنها في اللحظة الحضارية الآنية التي يدّعي فيها البشر أنهم بلغوا من الإيمان والعلم والرقي ما لم يبلغه أجدادهم، إن مشاهدة واحدة لثلاثية أفريقيا كاملة، كفيلة بأن تجعلنا نستشعر أن السنوات الأخيرة من عمر البشرية ما هي إلا حشد مكثف لكل الآثام والخطايا التاريخية التي مارستها الشعوب لأجيال.

يقول سوبير : "إنني أصنع الأفلام كي أشارك العالم أفكاري ومشاعري تجاه الأحداث والآخرين، ولكن هذا يتطلب وقتا وجهدا كبيرا، فأفلامي ذات أشكال محددة ونحن نغرق في عشرات الأشكال الوثائقية كل يوم مع انتشار الفضائيات، ولكن الأهم بالنسبة لي أن أصنع تلك الشرارة ما بين الحدث والمتلقي، وبحثي الدائم هو عن الشكل الذي يصنع هذه الشرارة."

لا يضع سوبير تعليقا صوتيا في أفلامه، يتحدث إلى المتلقي عبر نظرات العيون السمراء إلى الكاميرا، يصنع الحكاية عبر التقابلات المونتاجية بين مشهد وآخر، تتحدث شخصيات أفلامه إلى الكاميرا في حميمية وكأنها جلسة أصدقاء لا مقابلة رسمية.

يقول سوبير : أنا أؤمن جدا بالمصطلح الفرنسي (تأليف الوثائقي) فهو أمر له علاقة بالشكل وليس المضمون، فأنا ليس لدي ممثلين يقولون حوارا كُتب لهم مسبقا بل هم أشخاصا حقيقيين، ولكن كيف أقوم بتصويرهم، كيف أُضيئ وجوههم، ما الخلفية الموسيقية أو الصوتية التي أختارها لحديثهم، أو ما هو حجم الصمت المطلوب في مشاهدهم، حين يسألني أحدهم عن التقرير الذي أقوم بتصويره حاليا أقول له أنا لست مراسل إخباري أنا صانع أفلام، وفي صناعة الوثائقي أكثر ما يشغلني هو الحقائق وليس الإحصائيات أو الأرقام.

في نهاية برنامج التكريمات نظمت إدارة المهرجان نقاشا مفتوحا ما بين سوبير وضيوف المهرجان وجمهوره، تحدث فيها سوبير بكل أريحية عن أفكاره وموضوعات أفلامه وأساليبه في التعبير عن وجهة نظرة في العالم عبر وسيط السينما الوثائقية.

يقول سوبير:

"عندما أصنع فيلما لا أريد أن أبدو مثل قسّ تبشيري يأمر الناس بعبادة الله، بل أريد فقط أن أدعوا لاكتشافه تاركا حرية الإيمان مرهونة بحجم الاكتشاف والقدرة على الوصول إلى الأفكار التي أطرحها في أفلامي، أنا لا أضع موقع إلكتروني للتبرعات في نهاية أي فيلم، أريد فقط أن أجعلك تفكر فيما تريد أن تفعله، هذا التشوُّش الذي تُحدثه الأفلام ريما يصبح مطلوبا، أنا لست كاميرا تصوير أنا أعمل لسنوات على الفيلم، أفكر وأطرح أسئلة وهذا جهد أكبر من أن أكون مجرد كاميرا."

سولومون: العائش في الزمن

ثاني تكريمات الدورة السابعة عشرة ذهبت لعروض أفلام الروماني المخضرم ألكسندر سولومون والذي عُرض له خلال فعاليات المهرجان أفلام: "أعظم العمليات الشيوعية لنهب البنوك" إنتاج2005 و"كالا ب" إنتاج 2006 و"موجات باردة" إنتاج 2007 و"نهاية العالم على عجلات"2008 و"العولمة معادلاتنا المتطورة"2010.

منذ عام 1992 بدأ سولمون في تقديم تجاربه الوثائقية القصيرة طوال فترة التسعينيات، ثم أتبعها مع منتصف العقد الأول من الألفية بتجاربه الطويله المميزة التي جعلته أحد أهم صناع السينما الوثائقية في شرق أوروبا في مرحلة ما بعد انهيار المعسكر الشرقي وتفكُّك الإمبراطورية السوفيتية خلال الربع قرن الماضي.

سولمون هو مخرج عائش في الزمن حيث يتحرك في أفلامه داخل سياق الماضي والحاضر لبلده تاركا استقراء المستقبل أو معايشة الواقع رفاهية متاحة لمتلقي أفلامه. فتجربة أعظم العمليات الشيوعية تدور تفاصيلها عام 1959 حين أقدم ستة من الأعضاء السابقين في الحزب الشيوعي والبوليس السري على نهب البنك الوطني.

وفيلمه "كارلا بي" يقوم بالأساس على مواد أرشيفية وهي مجموعة صور من عصر الاضطهاد العرقي في أوروبا خلال القرن العشرين، من خلال إعادة بناء حكاية المصورة التي تدعى كالا بي عبر أحد مشرفي الأرشيف الوطني الشباب والذي يكشف كم كبير من الصور والمواد المكتوبة حول حياة هذه المرأة المجهولة التي تُمثِّل الوجه الآخر لعمليات الاضطهاد العنصري وحروب الأجناس في أوروبا.

لا يَعتبر سولومون التاريخ حاجزا أمام السينما، بل يحاول دوما أن يخوض مغامراته الوثائقية عبر الذاكرة الحية سواءً التي أبقتها الصور والمواد الأرشيفية أو التي لا تزال تنبض في عقول المعاصرين للأفكار والحوادث التي يُقدِّمها في أفلامه.

لا يُقدِّس سولومون التاريخ في تجاربه بل يتشكك فيه، تاركا هذا الشك يمتدّ في خيط نفسي وذهني على استقامته إلى الحاضر، حيث يعرف كيف يقيس المسافة ما بين الرواية الرسمية وبين الحقيقة تاركا الانحياز كمساحة حرة للمشاهد، فإما أن يقبل التاريخ كما يروى له، أو يرفض الإملاء ويشتهي البحث والاكتشاف.

في فيلمه "الموجات الباردة" يكشف ببساطة شديدة ودون صخب كيف كانت تستخدم الحكومة خلال سنوات الثمانينيات - قبل الانهيار الشيوعي الكبير - محطة الراديو الرسمية في صناعة منهج دعائي ساذج من أجل محاولة إحكام السيطرة على الواقع اليومي للشعب الذي يستمع إلى الراديو ليل نهار.

تكريم كل من هيبرت سوبير وألكسندر سولمون خلال فعاليات الدورة السابعة عشرة لمهرجان سالونيك، بما يُمثِّلاه من تيار مناهض ومعادي للعديد من القيم الغربية الراسخة والمعادلات الأيديولوجية والاقتصادية التي قامت عليها أوروبا ولا تزال تمارس سلطتها عبر الحاضر وتُهدِّد المستقبل، هو تكريم يحمل هرمونية شديدة الاتساق والعمق، خاصة مع الظروف الاقتصادية التي تعانيها اليونان، والأمل في القفز من فوق فوهة السقوط الحضاري والدولي عبر التشبث بالحكومة اليسارية الجديدة التي تولّت دفة الحكم عبر الانتخابات الشعبية الشهر الماضي.

إن المهرجانات ليست مجرد واجهة ثقافية أو نظم دعاية سياحية بإقامة مريحة ونزهات صباحية، بل هي نسق حضاري وثقافي وفني متكامل يعكس التوجّهات السياسية والاجتماعية والإنسانية للدول التي تقام فيها، وكلما اتسقّت توجهات المهرجانات مع السياسيات الثقافية لبلدانها دون رقابة أو توجيه، ولكن عبر احترام حرية التعبير والرأي الآخر، كلما أصبحت ذات ثقل حقيقي في الأوساط السينمائية والفنية واستطاعت أن تساهم في تشكيل وعي الجماهير المحلية التي تصبح أكثر الأطراف المستفيدة من إقامة تلك الفعاليات فوق أرضها وعلى شاشاتها.

الجزيرة الوثائقية في

07.04.2015

 
 

«زاوية النسيان» لروكز إسطفان.. حروب أخرى

نديم جرجوره

جديد الكاتب اللبناني روكز إسطفان يحمل عنوان «زاوية النسيان» («الدار العربية للعلوم ناشرون»، الطبعة الأولى، 2014). رواية عن الحرب الأهلية اللبنانية؟ ليس بالضبط. الفصل الأخير من جانبها العسكريّ المباشر يُشكّل خلفية لنصّ ذاهبٍ بشخصياته إلى حرب من نوع آخر. بين «حرب تحرير» (1989) و «حرب إلغاء» (1990) تروي الحكاية شيئاً من الصدام الحاصل بين قوى عسكرية ـ سياسية مختلفة، أبرزها الصراع الدموي بين جنود الجيش اللبناني بقيادة الجنرال ميشال عون وميليشيا القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، لكن من دون تسميات مباشرة. هذه خلفية لحرب أخرى. هذا ديكور لما يدور في مكان آخر. هذا جزءٌ من ذاكرة لم يُكتب عنه كثيراً.

بعيداً عن قسوة «حرب الإلغاء» (31 كانون الثاني ـ 13 تشرين الأول 1990)، يسرد راوٍ عجوز مُصاب بتشوّه في الوجه وبخلل في المشي حربه الخاصّة. المكان؟ شيء ما بين قرية ومدينة. ديكور يجمع طبيعة ريفية بإطلالة على البحر. 3 شخصيات أساسية، إحداها الراوي نفسه. ابنه المتزوّج حديثاً من ابنة امرأة ذات صيت سيئ. الابنة نفسها ذات صيت سيئ أيضاً. مرارة المواجهة لا تُحتَمل. لم يستطع الأب التصدّي لهذه الغزوة الحاصلة داخل بيته. يُدرك هو أن لعبة خبيثة تجري فصولها عبر ابنه الضعيف البنية الجسدية والمعنوية والروحية. يحاول إيجاد أكثر من سبيل لمقارعة الـ «ظلم» الواقع عليه. صيتا الأم وابنتها لا يُحتَملان أيضاً. كثيرون يعرفون أن الأم تمارس الجنس مع رجال عديدين يأتون إلى منزلها بعد أن تضع منوّماً لزوجها المريض. يُقال إن الابنة تعتني بوالدها خير اعتناء. تذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد. الصورة غير مطابقة لواقع معروف. هكذا يقول الراوي الثري. ثراؤه حافزٌ للانقضاض على ابنه المستسلم لغواية امرأة مخادعة.

تدخل الزوجة عرين أسد منهار، يعاني اضطرابات جسدية عديدة. هو ليس دخولاً، بل اختراقاً وتعدّياً سافراً عليه. يقول الراوي حكايته. لا حكاية غيرها. الوصف نابعٌ من أحاسيسه وأفكاره ورؤيته. يرسمه بعينيه ويرويه بلغته الخاصّة. يُعلن موقفاً معادياً لجنرال بعبدا، على النقيض التام من موقف زوجة الابن، عاشقة الجنرال. تندلع الحرب العسكرية الأخيرة. تفتح الزوجة أبواب البيت أمام الجنود. تمنح جسدها لأحد ضباطهم تُشْعِر الراوي أنها تحبّه بديلاً عن ابنه «العاق». يحاول الراوي كشف ما يجري لابنه، من دون أن ينجح في ذلك أبداً. تفاصيل كثيرة مروية على لسان عجوز يبدو كمن يعيش أيامه الأخيرة، لكن تشبّثه بالحياة كفيلٌ بدفعه إلى خوض آخر فصول المعركة ضد من استباحت قصره وحياته، من دون وجه حقّ. المال؟ دافع أساسيّ لارتكاب المعصيات كلّها. أما النهاية، فمتروكة لقارئ ينتبه إلى جوانب عديدة في سيرة الراوي، عبر سرده مجريات ما يحدث معه الآن، وبعض ما حدث معه سابقاً.

نصّ سرديّ يصف ويقول ويتابع. ملعونٌ هو الراوي العجوز. لديه حنكة وقدرة على الالتفاف على المصائب، وإن من غير طائل يُذكَر. يبدو روكز إسطفان كمن يترك له حرية قول ما يشاء، ووصف ما يريد، بالطريقة التي يرغب فيها. يستسلم الروائيّ لحكاية الراوي. يكاد لا يُهذِّب شيئاً من حكايته. يتيح له تسمية قادة سياسيين ـ عسكريين بـ «أوصاف» لا بأسمائهم الحقيقية. يتوارى وراء الوصف لأسباب قد تكون روائية محضة، لكن يُمكنها أن ترتبط بـ «خوف» ما من ردّة فعل من صاحب الوصف الحقيقيّ.

«زاوية النسيان» حكاية من حكايات العيش اللبناني. الاجتماع والتقاليد والمواربة الحياتية أمور معتادة. السياسة قليلة، كذلك الحرب بحدّ ذاتها. أسلوب مبسّط، وسردٌ متتالٍ، وملامح بيئة اجتماعية وسط نار القتل وجنون الخراب.

السفير اللبنانية في

07.04.2015

 
 

نادي السينما تكتبه هذا الأسبوع صفاء الليثي*

الأقصر للسينما الأفريقية والحفاظ علي الهوية

مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يعتبر المهرجان النوعي الوحيد في مصر والذي أرجو أن يحافظ علي تميزه وسط مهرجانات دولية كما القاهرة والإسماعيلية. وألا يلحق مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط الذي لم يعد كذلك. في الدورة الرابعة أضيفت مسابقة سميت بأفلام الحريات. شاركت فيها أفلام غير افريقية منها الفلسطيني والكندي. والهولندي .. وأري ضرورة إلغاء هذا القسم المستحدث وضم الأفلام حسب نوعياتها إلي الأقسام الروائية الطويلة والتسجيلية الطويلة ثم القصيرة دون تفريق بين الروائي والتسجيلي بها بعد أن لاحظنا قلة عدد التسجيلي مقارنة بالروائي وتداخل النوعين في عدد لا بأس به من الأفلام . ولابد من تخصيص عروض لجمهور الأقصر يراعي فيها ترجمة الأفلام إلي اللغة العربية . علي أن تكون العروض بقصر ثقافة الأقصر لتنشيطه بعد تطوير أجهزة العرض به. ومسئولية هذا التنشيط مشتركة بين المهرجان ومحافظة الأقصر. 

¢ الأقصر الإفريقي ¢ يكاد يكون الوحيد الذي ينظمه سينمائيون من صناع السينما وليس من النقاد وهذا أيضا ملمح آخر من ملامح تميزه وخاصة مع الورش المقامة ضمن فعالياته. وهذه الورش تحتاج دعما أكبر من نقابة السينما كمؤسسة علي ألا تتضمن بالضرورة إنتاجات أفلام لا يوجد وقت كاف لتنفيذها فتكون دون المستوي . أمر آخر أري ضرورة مراجعة اقتراح تقليل دعوة الصحفيين والنقاد بحجة عدم انتظامهم في حضور عروض الأفلام وخاصة أن عددا من الضيوف من صناع الأفلام لم ينتظموا ايضا في الحضور. 

العقاب الجماعي لا يصح ووجدته ضارا بالمهرجان إذ يقلل من حجم المتابعات المصاحبة له والتي عن طريقها يتعرف المهتمون بالمهرجان علي فعالياته . صحيح أن وجود عدد من أصحاب الثقافات العامة يثري المهرجان ولكن لا يجب أن يكون وجودهم سببا لعدم دعوة الصحفيين ونقاد السينما المتخصصين. 

يقام المهرجان بدعم من وزارات عدة من أموال الشعب المصري. وحضوره حق للسينمائيين صناعا وصحفيين . ويجب أن يعي الجميع هذا فلا يشعر القائمون عليه بأنهم يمنون علي أحد. ولا يشعر الضيوف بالحاجة إلي المهادنة حتي تتم دعوتهم لاحقا. فأي تظاهرة ثقافية لاتكتمل إلا بمشاركين يحضرون ندواته وعروضه ويكملون صورته. 

مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يؤدي دورا مهماً يتخطي فن السينما إلي توطيد علاقة مصر مع البلدان الإفريقية . ولهذا فإنه من الضروري المحافظة علي هويته ولابد من تحديد اختصاصات إدارته ولابد من العمل علي تجاوز مشكلته الكبري المتمثلة في انصراف جمهور البلد الذي يحمل اسمه لابد من الابتعاد عن الشخصنة والاهتمام بنوعية الأفلام المشاركة لا بكمها لابد من احترام كونه مهرجانا للسينما وليس فرصة لعروض مسرحية وغنائية كان وجودها مزاحما للأفلام يجب أن يقتصر وجود الفعاليات الجانبية علي حفل واحد يقام بالتعاون مع أجهزة المحافظة ومع المؤسسات خاصة وعامة لانتقاء فقرات من التراث والتعاون في جذب جمهور الأقصر ليكون جزءا من المهرجان دون الحاجة إلي دفعه إلي المشاركة بتقديم خدمات شكلية كورشة سريعة لصنع الأفلام لايكفي الوقت لجديتها. 

ومن الغريب عدم الاستعانة بكلية للفنون الجميلة الموجودة بالأقصرللتعاون والمشاركة يجب أيضا ترشيد استخدام وسائل الانتقال فلا يتحرك أتوبيس كبير يسع خمسين شخصا لينقل خمسة أفراد. يجب العمل علي تحسين الوجبات المقدمة ولو بالاكتفاء بوجبتين بدلا من ثلاثة مع مراعاة أن يكون هناك وقت كاف لتناولها دون أن نضطر لفقدان فيلم أو فعالية هامة. لابد من مراجعة البرنامج الذي كان مزدحما بحيث لا يمكن لأحد أن يلاحقه . وتقليل عدد الأفلام والحرص علي عرض أفلام الأقسام الرئيسية مرتين بحيث يتمكن الحضور من اللحاق بفيلم فاتهم . فاتني أن أذكر أن حسن الإدارة تمثل في تجاوز المشاكل العارضة مثل ما حدث مع المركز الصحفي حيث توقفت الرسائل اليومية التي كانت هامة لتغطية الفعاليات ولم يحصل المشاركون علي مواد صحفية عن الأفلام إلا بجهودهم الخاصة. وعن طريق العلاقة مع صناع الأفلام. 
ملاحظتي الأخيرة خاصة بالمطبوعات التي نفذ بعضها علي عجل وكانت من ملامح تميز المهرجان في دوراته السابقة. والإيجابية تمثلت في كتب مترجمة من وإلي الفرنسية دعمت التواصل وحققت الغرض منها. 

*ناقدة سينمائية 

أصالة سلمت الجائزة لطارق العريان

آسر ياسين.. أفضل ممثل في مهرجان "تطوان" بالمغرب

"الشاب الرائع" أحسن فيلم.. والأسبانية "لولا" تفوز بجائزة التمثيل

حسام حافظ

فاز آسر ياسين بجائزة أفضل ممثل في مهرجان تطوان المغربي لسينما البحر المتوسط في دورته "21" عن دوره في فيلم "أسوار القمر" للمخرج طارق العريان الذي تسلم الجائزة نيابة عنه لانشغاله بتصوير فيلم "من ضهر راجل" للمخرج الكبير السبكي.. قامت المطربة اصالة بتسليم الجائزة للمخرج. 

وقد اختتم المهرجان فعالياته وتم توزيع الجوائز في حفل الختام يوم السبت الماضي وحصل الفيلم الايطالي "الشاب الرائع" اخراج ماريو مارتوني علي جائزة تمودا الذهبية. وفازت بجائزة أحسن ممثلة الأسبانية لولا دونياس عن دورها في فيلم "الظواهر" للمخرج ألفونسو زاروزا. وحصل الفيلم التركي "سيناس" اخراج كان مقدسي علي جائزة العمل الأول وفاز الفيلم الفرنسي "أرض قلاشية" للمخرج حورج أولاس علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة. 

كما فاز بجائزة الجمهور الفيلم المغربي "افراح صغيرة" للمخرج محمد الشريف الطريبق. وحصل الفيلم المغربي "نصف سماء" للمخرج عبدالقادر لقطع علي جائزة حقوق الانسان التي يمنحها المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الانسان. 

وقد تنافس هذا العام علي جوائز المهرجان أفلام من 16 دولة من دول حوض البحر المتوسط واختتم المهرجان بعرض الفيلم الجزائري "الوهراني" اخراج الياس سالم. وقد عرض المهرجان 70 فيلما. 12 فيلما في مسابقة الافلام الروائية الطويلة و12 في مسابقة الافلام الروائية القصيرة و15 فيلما في مسابقة الافلام الوثائقية بالاضافة الي أفلام أخري في برنامج التكريمات و"استعادة الماضي" و"العروض الأولي". 

وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة فاز الفيلم المغربي "مول الكلب" للمخرج كمال الأزرق بجائزة أحسن فيلم. وفاز الفيلم الاسباني "فلاش" للمخرج البرتورويز بجائزة الابتكار وفاز بجائزة لجنة التحكيم الفيلم الفرنسي "آخر الفرنسيين الأصلاء" اخراج ايمانويل أكون. 

وفي مسابقة الأفلام الوثائقية فاز بالجائزة الكبري الفيلم الفلسطيني "روشميا" للمخرج سليم أبو جبل وفاز الفيلم اللبناني "حلاوة الديار" للمخرجة نادين ناعوس بجائزة لجنة التحكيم. وفاز بجائزة العمل الأول الفيلم المغربي "قراصنة سلا" للمخرجة مريم عدو. 

آسر ياسين "34 سنة" واحد من أفضل النجوم الشباب في السينما المصرية تخرج في كلية الهندسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. وقام ببطولة مجموعة من أفضل الأفلام المصرية خلال العشر سنوات الأخيرة منها فيلم "رسايل البحر" للمخرج داود عبدالسيد وفيلم "الوعد" للمخرج محمد ياسين و"احنا اتقابلنا قبل كده" للمخرج هشام الشافعي و"حديقة الأسماك" للمخرج يسري نصر الله وحصل آسر ياسين من قبل علي جائزة أحسن ممثل في مهرجان قرطاج بتونس عام 2011 عن دوره في فيلم "رسايل البحر". 

العالم يودع "دي أوليفيرا"..

أكبر مخرج في تاريخ السينما

فقدت السينما الأوربية هذا الأسبوع أكبر مخرج معمر في تاريخ السينما وهو البرتغالي مانويل دي أوليفيرا "1908 - 2015" الذي توفي يوم الجمعة الماضي عن 107 سنوات. وكان معروفا بقدرته علي العمل حتي العام الأخير. وقد عاصر في حياته كل الأحداث الكبري في القرن العشرين منذ الحرب العالمية الأولي 1914 حتي سقوط جدار برلين وانهيار برجي التجارة بنيويورك. وعمل منذ عام 1928 في السينما الصامتة ثم بعد أن نطقت والسينما الملونة والسكوب وثلاثية الأبعاد. 

قام أوليفيرا بتقديم بعض التجارب السينمائية التي حظيت بنجاح محدود حتي عام 1943 وهو العام الذي توقف فيه عن العمل لمدة 20 عاما ولم يعد الي السينما الا عام 1963 بفيلم "سر الربيع" عن احتفالات أهالي قرية برتغالية. باسبوع آلام المسيح منذ القرن 16 حتي اليوم أي طوال 400 عاما يحتفلون بنفس الطريقة. ويتوقف مرة أخري عن العمل ويتفرغ لتجارة الأحذية وهي مهنة والده. لكنه يعود مرة أخري للسينما عام 1978 بفيلم "الحب المدمر". وتبدأ انطلاقة أوليفيرا الحقيقية في السينما بعد سن السبعين ويحقق عام 1985 فيلم "حذاء الشيطان" ملحمة من 7 ساعات عن نص مسرحي لبول كلوديل ويحصل عن هذا الفيلم علي الأسد الذهبي من مهرجان فينسيا 1986 وهي أكبر جائزة يحصل عليها في حياته الطويلة. 

ومنذ عام 1990 أخرج أوليفيرا أكثر من 10 أفلام منها: "المجد الباطل للحكم" 1990 و"الكوميديا الالهية" 1991 و"الدير" 1995 و"أعود الي المنزل" 2001 و"جميلة دائما" 2006 و"حكاية انجلينا الغرائبية" .2010 

وعمل معه النجم الايطالي مارشيللو ماستريوني في فيلم "رحلة الي بداية العالم" عام 1997 وهو آخر فيلم لماستريوني قبل أن يرحل. وفي عام 2012 قدم أوليفيرا آخر أفلامه الروائية الطويلة بعنوان "جيبو وظله" بطولة مايكل لونزدال وكلوديا كاردينالي. وقد احتفل مهرجان كان بعيد ميلاد أوليفيرا المائة عام 2008 ومنحه سعفة تذكارية. وقدم العام الماضي "2014" آخر أفلامه وهو من الأفلام الروائية القصيرة بعنوان "عجوز ريستيلو". 

وتعرض مكتبة السينما البرتغالية هذا الأسبوع فيلم "ذكريات واعترافات" الذي أخرجه دي أوليفيرا عام 1982 عن سيرة حياته ولم يعرضه حتي وفاته وهو يقدم من خلال نظرته للحياة والسينما وقد أعلنت البرتغال الحداد الرسمي علي وفاته ونعاه رئيس الجمهورية وكذلك فعل مهرجان كان في بيان رسمي. 

فيلم وثائقي عن حياة المخرج روبرت ألتمان

بدأ عرض الفيلم الوثائقي "ألتمان" في دور السينما بالولايات المتحدة.. الفيلم اخراج رون مان ويتناول حياة المخرج الأمريكي الراحل روبرت ألتمان الذي حصل علي شهرة فائقة وفاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1970 عن فيلم "ماش". وقد تخصص في تقديم الكوميديا السوداء وتحدث في الفيلم نجوم الاخراج في السبعينات فرنسيس فوردكوبولا وجورج لوكاش ومارتن سكورسيزي. وقد منح ألتمان أول فرصة لنجم الكوميديا الراحل روبين ويليامز في الكوميديا الموسيقية "باباي" في الثمانينات وتوفي روبرت التمان عام 2006 عن 81 عاما. 

أبيض وأسود

النجم الكبير

حسام حافظ

أكدت زيارة أميتاب باتشان للقاهرة ان نجم السينما الذي يعشقه الجمهور هو أعظم سفير لبلاده عندما يسافر إلي أي مكان في العالم. وأول ما يلفت الانتباه ان باتشان وصل الي مطار القاهرة وهو يرتدي الزي الوطني الهندي وحرص علي ارتداء هذا الزي في كل الحفلات والتكريمات التي دعي اليها. جاءت الزيارة في اطار مهرجان الثقافة الهندية علي ضفاف النيل. ان أميتاب باتشان يعمل لدي وطنه الهند. كما انه يعمل خادما عند الشعب الهندي طالما أصبح رمزا للفن والسينما الهندية. 

وحتي ندرك مدي قوة تأثير أفلام أميتاب باتشان علي الشباب. سعدت بقراءة مقال للأديب مكاوي سعيد يحكي فيه عن أول الأفلام التي شاهدها للنجم الهندي الكبير ويقول: "ثم تعرفنا علي أميتاب باتشان وتتبعت أفلامه عقب رؤيتي لمشهد له تطارده طائرة هليوكبتر ومن داخلها مجموعة تطلق عليه النار من أسلحة متعددة. وهو يزوغ منها كالضوء جاريا فوق الكوبري. ثم يجذب باتشان حبلا من حقيبته ويصوبه تجاه الطائرة فيشتبك بمراوحها ويشدها بكل قوة حتي يسقطها علي الأرض من تلك اللحظة بدأ حبي لاميتاب باتشان وتصميمي علي عدم افلات فيلم من أفلامه. وقد أبعدتني وأنا في سن المراهقة الخطرة عن المخدرات والمكيفات لخيالها الخصب الرائق". 

انتهي كلام مكاوي سعيد وهو يستحق ندوة من ندوات معرض الكتاب. والغريب ان كلامه يختلف تماما عن حديث المتخصصين عن التأثير المدمر لأفلام العنف والأكشن علي الأولاد في سن المراهقة. لأن فرحة مكاوي الشاب بمستوي الخيال العالي في فيلم لباتشان. جعله يبتعد عن المخدرات لأنها لن تقدم له ما هو أعظم من هذا؟! 

نعود لزيارة أميتاب باتشان للقاهرة. ونؤكد علي مجموعة من الحقائق منها أن حب الجماهير لهذا النجم لا علاقة له بكون السينما التي يقدمها غير قابلة للتصديق أو مسرفة في الخيال الفج. ولكنها قادرة علي جذب الملايين الي الشاشة ومن المستحيل أن يقدم باتشان دور الشرير المنتصر. بل هو دائما معه الحق ويمثل الخير ويواجه القوة الغاشمة وينتصر عليها. ويتعلق الجمهور بحلم العدالة التي يفتقدها في الواقع ويجسدها باتشان علي الشاشة.. النجومية الكبيرة مسئولية كبيرة أيضا. 

hafezhossam@gmail.com

الجمهورية المصرية في

08.04.2015

 
 

الحرب «من دون سياسة» في كواليس «دنيا 2»

روز سليمان

ربما تكون عبارة «ثرثرة من دون ثرثرة» التوصيف الأكثر اختصاراً لتجربة «دنيا». المسلسل الكوميدي السوريّ الشهير، يحمل ضحكته، من دون أن تتكلّف بطلتُه الهجومَ على المشاهدين، وهي تقول لهم «إنّي أتكلّم بهذه اللكنة، فقط كي أُضحِكَكُم». لذلك على الأرجح، صمدت دنيا، الشخصيّة والعمل، بوجه السنين، وبقيت تحمل عناصر نجاحها، بالرغم من مرور 16 عاماً على إنتاج الجزء الأوّل.

كما بات معلوماً، فإنّ تصوير الجزء الثاني من العمل انطلق قبل أيّام، بإدارة المخرج زهير قنوع، ويتواصل حالياً في إحدى شقق منطقة أبو رمانة قرب حديقة الجاحظ في دمشق. «السفير» زارت المكان، لتجد أنّ ضحكة دنيا تغيّرت قليلاً، لكنّ ظرفها الأنيق بقي على حاله، وكذلك صوتها، ولهجتها، وخجلها المبطّن، واندهاشها، وسائر ملامح الشخصية الدرامية التي حافظت على استقلاليتها. على الرغم من ضيق الشقّة حيث يستكمل قنوع تصوير إحدى حلقات الجزء الثاني، إلا أنّه يحتال على المكان، يصوّر عن قرب، يثق بالنصّ والكاميرا، يتدخّل في المشهد، يقرأ الحوار، ويطلب من الممثلين إجراء بعض التعديلات.

تحافظ أمل عرفة في نصّ الجزء الثاني الذي كتبته مع سعيد حنّاوي على السخرية كطريقة في التواصل مع الشخصية. وفي موقع التصوير، تبقى النكتة حاضرة بين الزملاء، مع استرسال في الأداء مرَّة، وخروج عن النصّ ومراجعة ونقد مرة أخرى.

يقول زهير قنوع لـ «السفير» إنّ تولّي إخراج جزء ثان لعمل عُرض قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، لا يحتاج إلى جرأة استثنائية. «يحمل المسلسل في جزئه الثاني عوامل نجاحه معه، بدءاً من النصّ القوي، مروراً بالبطلتين أمل عرفة وشكران مرتجى، إضافة إلى متطلبات الإنتاج المتوافرة» (إنتاج شركة «غولدن لاين»). يعمل الفريق على إنجاز عمل اجتماعي إنساني واقعي وكوميدي، عبر ثلاثين حلقة منفصلة متّصلة، تتابع قصص دنيا وطرفة، بعد نزوحهما هذه المرّة من قرية بين القصرين المدمّرة، إلى أحد أحياء دمشق. ومن شخصيّة طرفة، يتفرّع خطّ جديد، يتمثّل بعائلتها أيّ بزوجها وأبنائها، وذلك ما يمنح العمل تنوّعاً، بحسب المخرج.

في الجزء الثاني، تستمرّ دنيا في تنقّلها من «بيت شقاع لبيت رقاع» (من مكان إلى مكان، كما تقول في أغنية مقدّمة المسلسل)، تستمع إلى حكايات الناس وتعرضها. المختلف هذه المرّة أنّ الأزمة السوريّة ستكون حاضرة في العمل، «ولكن خارج إطار السياسة»، بحسب قنوع. «يمكن القول بأنّ ما ننجزه ليس الجزء الثاني أو تتمة للجزء الأول، بل هو تناول لما أصبحت عليه دنيا وطرفة بعد مرور خمسة عشر عاماً، حيث يتقاطع الجزآن عند شخصيّة دنيا، لكنّهما يفترقان في الشكل الفنّي، وطريقة التناول».

إلى جانب أمل عرفة وشكران مرتجى، يشارك في العمل الممثلون أيمن رضا، عبد المنعم عمايري، أندريه سكاف، سليم صبري، ديمة قندلفت، وفاء موصللي، نزار أبو حجر وآخرون... من بينهم من يحلّ على العمل ضيفاً في حلقة واحدة، كما في حالة ديمة قندلفت التي تؤدّي دور مديرة لشركة إنتاج. تقول لـ «السفير»: «مسلسل سوري، نصّ مهمّ وأبطاله نجوم، ومخرجه متميّز، وعليه، فإنَّ ظهوري في حلقة واحدة ينبع من إحساسي بضرورة أن يبقى صناع الدراما السوريّة بجانب بعضهم البعض كما كانوا دائماً. ففي الدراما السورية، ليس هناك مسلسل البطل الواحد، ومن الضروري تكريس هذه الحالة». وتضيف: «لستُ مع تقديم أعمال عن الأزمة كحدث سياسي، لكن يمكن أن نقدم أعمالاً اجتماعية في ظلّ الأزمة كأن نسمع أصوات الرصاص، ونقف على الحواجز، نقيس يوميّاتنا على مواقيت انقطاع الكهرباء».

يستعيد العمل بعض شخصيّات الجزء الأوّل، مثل كاتبة السيناريو سحاب وتؤدّي دورها أمانة والي. تقول والي لـ «السفير»: «تظهر علامات الزمن على الشخصيّة، وكيف تتحول بفعل الظروف من ملتزمة وصاحبة مبدأ، إلى كاتبة تكتب ما تريده شركات الإنتاج». ويحلّ الممثل خالد القيش ضيفاً في حلقة واحدة ويؤدي دور ممثّل يدعى سامر. يقول: «الشخصية جديدة بالنسبة لي، وثقتي بكاميرا قنوع ومحبتي لشخصية دنيا التي تنقل من خلال كوميديا الموقف حكايات شرائح المجتمع كافة، أسباب كافية لأكون موجوداً في العمل حتى إن اقتصر ظهوري على حلقة واحدة».

نجمة العمل أمل عرفة، فضّلت عدم الحديث للصحافة في الوقت الحاضر، ريثما تكتمل صورته بشكل نهائي. ربما تنتظر أكثر من غيرها الإجابة عن سؤال: هل سيكون «دنيا 2» قادراً على إخلاء الشوارع في أوقات عرضه، خلال رمضان 2015؟ أم أنّ أولويّات السوريين، كما ضحكاتهم، تغيّرت بشكل جذريّ؟

السفير اللبنانية في

08.04.2015

 
 

بعضها يرجع لزمن الأبيض والأسود

بالصور: كواليس أشهر أفلام هوليوود

24 - محمد هشام عبدالسلام

نشر موقع "ديستراكتفاي" المتخصص في الصور المتميزة في شتى الموضوعات من جميع أنحاء العالم، مجموعة من الصور السينمائية النادرة لعدد من النجوم والمخرجين في كواليس تصوير أفلامهم.

بعض هذه الصور قديمة بالفعل، ترجع إلى زمن الأبيض والأسود، وأخرى إلى بدايات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

 1- من فيلم "البريق" للمخرج الشهير ستانلي كوبريك. صورة للتوأم الذي ظهر في الفيلم.

2- كواليس فيلم "البريق"، يلتقط المخرج كوبريك صورة سيلفي له في المرآة مع ابنته، في حين يعتقد جان نيكلسون بطل الفيلم أنه يصوره هو.

 3 - لقطة من فيلم "تايتنيك" الشهير، النجم ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت.

4 - ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت والمخرج جيمس كاميرون أثناء تصوير آخر مشاهد الفيلم.

5 - من فيلم "اقتل بيل" للمخرج كوينتن تارانتينو، الممثلة إيما ثورمان ومعها الممثلة لوسي ليو.

6 - من فيلم "إي. تي." الشهير، دمية إي. تي. والمخرج الكبير ستيفن سبيلبيرج.

 7 - من فيلم "فورست جامب"، توم هانكس في اللقطة الأولى من المشهد الأول بالفيلم.

8 - تصوير شعار شركة "مترو جولد ماير"، الأسد الشهير أثناء التصوير.

9 - فيلم "حرب النجوم" استراحة لتناول الطعام.

10 - من فيلم "فرانكشتاين" الشهير، البطل بوريس كارلوف (فرانكشتاين) يتناول الشاي.

11 - من فيلم "جودزيلا" للمخرج أشيرو هوندا، لقطة تبين الخدعة

12 - من فيلم "العودة إلى المستقبل" للمخرج روبيرت زيميكس.

13 - من فيلم "القروش" سبيلبيرغ يضحك في فم القرش.

14 - من فيلم "سبارتاكوس"، حيث تتحضر المجاميع للتصوير كقتلى حرب.

15 - لقطة من فيلم "غناء تحت المطر"، من إخراج جين كيلي وستانلي دونن.

16 - من فيلم "الثور الهائج" للمخرج مارتن سكورسيزي، دينيرو شاباً يحمل أحد الأطفال.

للمخرج "أوليفر هير شبيغل"

"13 دقيقة" جديد السينمات الألمانية

24. إعداد: محمد هاشم عبد السلام

بدأت في دور العرض الألمانية أمس الثلاثاء، أولى عروض الفيلم الألماني المتميز "إلزير أو 13 دقيقة"، للمخرج القدير أوليفر هير شبيغل، والذي كان قد عرض حصرياً ضمن مسابقة الدورة الخامسة والستين من مهرجان برلين السينمائي في فبراير (شباط) الماضي.

"إلزير أو 13 دقيقة"، هو الفيلم الرابع عشر في مسيرة المخرج السينمائي الألماني أوليفر هيرشبيغل، سبعة وخمسين عاماً، والفيلم كتب له السيناريو والحوار الأخوان أوليفر وفريد برينرسدورفر، وامتد زمن عرضه لما يقترب من الساعتين، والفيلم محكم البناء، يميل إلى النمط الكلاسيكي في بنيته وتركيبته وسرد أحداثه.

والتزم هيرشبيغل بهذا النمط في الإخراج لأن الفيلم بالأساس يتناول قصة حياة تستند إلى وقائع حقيقية حدثت بالفعل، ونظراً لأن الأحداث مثيرة وتقطع الأنفاس فعلاً، فقد آثر المخرج أن يقدمها في أبسط الطرق الممكنة كي تصل مباشرة إلى الجمهور.

يرجع عنوان الفيلم "إلزير، 13 دقيقة"، إلى الفترة الزمنية التي كانت سوف تفصل بين إمكانية تغيير النجار "جورج إلزير" (كريستيان فريديل) لمجرى التاريخ برمته، حيث كان الزعيم النازي أدولف هتلر غادر القاعة التي وضع بها جورج إلزير قنبلته قبل ثلاثة عشر دقيقة فقط من انفجارها.

تلك الواقعة التاريخية الشهيرة حدثت في الثامن من نوفمبر عام 1939، في مدينة ميونيخ الألمانية، عندما كان أدولف هتلر يلقي خطاباً هناك بإحدى المحاضرات بقاعة من القاعة الضخمة في مؤتمر من مؤتمرات الحزب النازي. وكان جورج إلزير قد صمم قنبلة موقوتة، وقام بوضعها في القبو، كي تنفجر أثناء إلقاء هتلر لخطبته، لكن شاءت الأقدار أن ينصرف هتلر مبكراً ربع ساعة عن موعده المحدد، أو بالتحديد ثلاثة عشر دقيقية، فتنفجر القنبلة بالفعل بعد انصرافه وينجو من اغتيال مُحقق كان من الممكن أن يتغير بعده مجرى الأحداث.

والفيلم، يرجع بنا على فترات إلى حياة جورج في فترة شبابه، ثم إلى مرحلة التحقيقات معه بعد القبض عليه، ويبين لنا أن جورج لم يكن منضماً إلى أي تنظيم سري أو يساري أو غيرهما، وأن ما اقترفه كان بوازع شخصي نابع منه شخصياً، وليس بإيحاء من أحد، ويوضح كيف أنه طوال حياته كان بعيداً تماماً عن الانخراط في السياسة أو الأحزاب أو المقاومة، فقط يمارس العزف بإحدى الفرق الموسيقية أو يقوم بأعمال النجارة، وكل ما كان يرغب فيه هو تخليص محبوبته إيلزا من زوجها المتوحش والزواج بها وتكوين أسرة.

تزويد سماعات راس للحضور

باريس تفتتح مهرجاناً سينمائياً خاصاً لفاقدي البصر

24 - محمد هاشم عبد السلام

بدأ أخيراً في العاصمة الفرنسية باريس، أول مهرجان سينمائي لعشاق الفن السابع من فاقدي البصر، وتستمر فعاليات المهرجان، الذي يحمل عنوان "المهرجان السينمائي السمعي البصري"، حتى الرابع عشر من هذا الشهر.

وبدأت فعاليات المهرجان في جنوب باريس، حيث تعرض الأفلام على شاشات سينمائية مزودة بسماعات للرأس. تلك السماعات متصلة بشبكة داخلية، تقدم للجمهور خدمة صوتية تصف لهم لحظة بلحظة، وبمنتهى الدقة، أحداث الفيلم التي تعرض على الشاشة الكبيرة.

ويعرض في المهرجان أحدث الأفلام الموجودة في دور العرض الفرنسية، واللافت في الأمر أن المهرجان موجه بالأساس إلى الأطفال وطلبة المدارس الابتدائية، من فاقدي البصر الكلي والجزئي.

وبهذه المناسبة، أجرت وكالة الأنباء الفرنسية مجموعة من الحوارات مع هؤلاء الأطفال، ومن بين الإجابات اللافتة قول أحد التلاميذ "إنني أتخيل الفيلم وأحاول أن "أرى" الوصف".

موقع (24) الإماراتي في

08.04.2015

 
 

يسرا وفهمي وأبوالنجا بلجنة استشاريي #مهرجان_القاهرة

القاهرة - أحمد الريدي

أعلنت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي، في دورته الـ37 والتي تترأسها الدكتورة ماجدة واصف، عن اللجنة الاستشارية للمهرجان، الذي تقام دورته المقبلة في الفترة من 11 نوفمبر وتستمر حتى 20 من الشهر نفسه.

وضمت اللجنة إلى جوار رئيسة المهرجان ماجدة واصف، والمدير الفني يوسف شريف رزق الله بحكم منصبهما، كلاً من #يسرا، و #حسين_فهمي، و #خالد_أبوالنجا، والناقد الفني طارق الشناوي، والمنتج محمد حفظي، ومحمد كامل القليوبي، والكاتبة مريم نعوم، والناشطة الحقوقية منى ذو الفقار.

وتقوم اللجنة التي تمت مراعاة أن تضم مدارس فنية وأجيال مختلفة، بوضع الاستراتيجية العامة للدورة المقبلة، وكذلك تحديد التفاصيل الفنية الخاصة بالمهرجان.

وكانت الدكتورة ماجدة واصف، قد قامت قبل فترة بالاتصال بأعضاء اللجنة من أجل إبلاغهم بالاختيار، ووعدتهم بأن تكون للجنة صلاحيات تنفيذية فيما يخص المهرجان، وألا تكون مجرد لجنة شرفية فقط، على أن يكون الاجتماع الأول للجنة في العشرين من الشهر الجاري، من أجل أن يلتقي أعضاء اللجنة، ويتم وضع الخطة الخاصة بالعمل حتى يحين موعد الدورة المقبلة.

يذكر أن الدكتورة ماجدة واصف تولت رئاسة الدورة المقبلة من المهرجان، بعدما كان الناقد سمير فريد هو رئيس الدورة السابقة من مهرجان القاهرة، قبل أن يقدم اعتذاراً عن عدم الاستمرار في منصبه.

العربية نت في

08.04.2015

 
 

The Forger عصابة عائلية لمهمة مستحيلة

المصدر: "دليل النهار" - جوزفين حبشي

في لبنان اعتدنا الوراثة المهنية، بحيث أن ابن الطبيب يصبح طبيباً، ونسيب المحامي محامياً، وحفيد الزعيم زعيماً ووزيراً ونائباً. في هوليوود، وفي الثريلر الدرامي The Forger، لا يختلف الأمر كثيراً، فاللصوصية هي التي تورّث من جيل الى جيل، والجد كريستوفر بلامر وابنه جون ترافولتا وحفيده تاي شيريدان يلتقون مجدداً ويشكلون فريقاً واحداً من اجل مهمّة اخيرة يديرها المخرج فيليب مارتن.

يروي الفيلم حكاية راي كاتر (جون ترافولتا) اشهر مزوّري اللوحات الفنية، الذي يوافق على ابرام اتفاق مع احدى العصابات للحصول على افراج مبكر من السجن من اجل تمضية وقت اطول مع ابنه ويل (تاي شيريدان) المصاب بالسرطان. الاتفاق ليس سهلاً، إذ ينص على قيامه اولاً بتزوير لوحة الرسام العالمي كلود مونيه المعلقة في المتحف، ثم سرقة الاصلية واستبدالها بالمزورة. للقيام بهذه المهمة شبه المستحيلة، يعتمد على مساعدة والده جوزف (كريستوفر بلامر) وابنه ويل.

لصوصية وثريلر ونجم الاكشن جون ترافولتا وشرطية (ابيغايل سبنسر)... لكن التوقعات ليست بحجم الواقع. الشريط ليس حافلا بالتشويق والحركة والايقاع، بل على العكس، يسير ببطء وبوتيرة مملة، رغم انه لافت بنجومه واداءاتهم الصلبة التي تعتبر أهم ما يميّز الفيلم. جون ترافولتا مثلاً مقنع في تعمقه لفهم عقلية مونيه الرسام اثناء خلقه اللوحة. ايضاً يبدو الفيلم في أفضل حالاته عندما يركّز على العلاقة بين هؤلاء الرجال الثلاثة المختلفين أشد الإختلاف، بدءًا بالجد الصارم كريستوفر بلامر الذي لم يكن يوماً والداً جيداً كما هو اليوم ابنه مع حفيده. جون ترافولتا، رغم ارهاقه وآثار العمر فيه، مؤثر في دور والد عليه طمأنة ابن على وشك ان يموت (وهي تجربة سبق وعاناها)، وهذا الابن هو تاي شيريدان الذي سبق وأثبت موهبته الكبيرة في شريطي The Tree of LifeوJoe، وهو يمنح الفيلم الكثير من الشجن من خلال تجسيده شخصية فتى يرغب في تذوّق الحياة قبل فوات الاوان.

اذن لا من اجل التشويق ولا من اجل الاكشن، بل من اجل الممثلين الثلاثة واداءاتهم المؤثرة، يستحق فيلم The Forger المشاهدة ابتداء من الخميس 9 نيسان في صالات غراند وفوكس.

النهار اللبنانية في

08.04.2015

 
 

الفيلم الفرنسي «أنطون تشيخوف 1890»…

سيرة الكاتب الروسي ورحلته إلى جزيرة ساخالين

سليم البيك - باريس ـ «القدس العربي»:

لأفلام السيرة الذاتيّة طبيعة مزدوجة، حسب الشخصيّة التي تُنقل سيرتها في فيلم، فيمكن للسيرة أن تساعد على نجاح نسبيّ للفيلم بتأثير إعجاب المُشاهد المسبق بهذه الشخصيّة على رأيه بالفيلم، وخروجه من الصالة راضياً بمشاهدة تصوير لسيرةٍ هو معجب بها وبصاحبها قبل دخوله الصالة. 

كما يمكن للفيلم الناقل لسيرة شخصيّة أن يكون بنقله هذا مقصّراً وغير مخلص بما فيه الكفاية بالنسبة للمشاهدين المعجبين مسبقاً بصاحب السيرة، فيخرجون من الصالة بشعور أنّ السيرة تستحق طرحاً سينمائياً أكثر جديّة. وذلك يختلف من مُشاهد لآخر، حسب المعايير والاعتبارات المتباينة بين المشاهدين.

في الفيلم الفرنسي «أنطون تشيخوف 1890» المعروض حالياً في الصالات، يمكن 
طرح تلك الأسئلة ويمكن أن تتجاور آراء تتراوح بين الإعجاب لما نقله الفيلم من مرحلة غير معروفة تماماً من حياة الكاتب الروسي، وبين اللوم، لأنّ فيلماً بهذا الموضوع كان يمكن أن يخرج إلى الصالات بتنفيذ أفضل. لكن قد يُخفّف الحكم الأخير، إن أخذنا بعين الاعتبار أنه يُصنّف ضمن الأفلام المستقلة، فلا شركات إنتاج ضخمة له كما أن الصالات التجارية لم تعرضه، بل ما تُعرف بصالات السينما المستقلة في فرنسا، والفيلم أخرجه وكتبه وأنتجه الفرنسي رينيه فيري.

يمكن تقسيم الفيلم إلى نصفيْن، الأول يصوّر بمراحل مختصرة تحوّلَ أنطون تشيخوف (نيكولا جيرو) إلى كاتب قصص ومسرحيات معروف، وقد بدأ بنشر قصصه في الصحافة للمساعدة في إعالة أسرته، والديه وأخوته، موقّعاً إياها باسم أنتوشا تشيخونتي، فيزوره لاحقاً محرّران مهمّان يتبنّيان موهبته، ويخرج معهما من حالة الفقر ويصير كاتباً محترفاً، من أهمّ كتّاب روسيا، وصديقاً لتولستوي وحائزاً جائزة بوشكين. وفي هذا القسم من الفيلم نتعرّف على شخصيّة تشيخوف الهادئة وعلى أسرته وعلاقته القويّة بها، وخاصة أخته القارئة والناقدة الأولى لقصصه. ويمكن القول ألا جديد في هذا القسم، فليس هناك موضوع محدّد يمكن بناء فيلم عليه، بل سرد انتقائي لسيرة الكاتب الروسي، إلا إذا اعتبرناه مقدّمة مطوّلة لما سيطرحه النصف الثاني من الفيلم، وهي رحلة تشيخوف إلى جزيرة ساخالين في أقصى شرق روسيا، شمال اليابان.

أهميّة الفيلم، أو الجديد فيه، هي هذه الرحلة، ولعلّه من الأفضل للفيلم لو أنّه اختَصر من نصفه الأوّل وأطال في تصوير رحلة تشيخوف ومكوثه في هذه الجزيرة، وإنجاز كتابه الصحافي عنها، ويكون الفيلم بذلك أساساً عن تشيخوف وساخالين مقدّماً الجديد للكثير من قرّاء تشيخوف ومجمل الأدب الروسي.

في النصف الأوّل من الفيلم يموت أخوه بمرض سيعرف لاحقاً صاحب «الشقيقات الثلاث» أنّه مصاب به، وسيتذكّر بعد وفاة أخيه أنّه كان قد وعده وهو على فراش المرض بأن يذهب معه إلى جزيرة ساخالين البعيدة عشرة آلاف كيلومتر عن موسكو، يقرّر لاحقاً الإيفاء بوعده، ويبدأ رحلة من ثلاثة أشهر إلى هذه الجزيرة، حيث يُنفى سجناء الإمبراطورية الروسية.

في الجزيرة يبدأ تشيخوف بمقابلة السجناء في سجونهم بعدما حصل على موافقة من السلطات بذلك، سيلتقي بالأهالي هناك، الفقر والدعارة متفشّية ولا بنى تحتيّة في الجزيرة، لا منشآت فعليّة، ما نراه هو صخور ومنحدرات وغابات. 

بزيارته إلى الجزيرة، حيث توفّي بعد فترة قصيرة من عودته، من دون تمّكنه من إكمال كتابه، أنجز تشيخوف تحقيقات صحافيّة عن الحالة البائسة للسجناء هناك، تُعدّ من أفضل ما كُتب في هذا المجال، ويمكن تصنيفه مرجعا في العلوم الاجتماعية. جمّع تشيخوف تحقيقاته التسعة في كتاب سماه «جزيرة ساخالين»، كما يحوي الكتاب رسائله إلى أخته وأهله، التي تُعتبر بحدّ ذاتها نصوصاً أدبيّة رفيعة.

تكمن أهمّية الفيلم في الشخصيّة التي تصوّرها، وتحديداً مرحلة ساخالين التي تحتاج لوحدها فيلماً مخصّصاً، ما وقع به الفيلم هو محاولة الجمع بين نقل مراحل تطوّر تشيخوف ككاتب، وبين إلقاء الضوء على رحلته التي سيخرج منها بكتابه، وبهذا الجمع يُجرّ المخرج أولاً إلى تعميمات تعوزها الوضوح، وثانياً إلى إدخال تفاصيل من حياة تشيخوف قد لا تكون ذات صلة بمجمل موضوع الفيلم، اللقاء الوحيد والقصير مع تولستوي في الفيلم مثلاً، كان مختزلاً وخارجاً عن السياق، على أهمية الإشارة إلى صاحب «أنا كارنينا». الرحلة الممتدة لأشهر إلى الجزيرة لم نعرف عنها شيئاً، لقاءات الكاتب بالسجناء كانت سريعة، عودته إلى موسكو والتحقيقات التي أنجزها وأصداؤها، لم نعرف عنها شيئاً كذلك.

لا يمكن شمل كل شيء في فيلم واحد يروي سيرة ذاتيّة لشخصيّة غنيّة وحيويّة أدبياً كتشيخوف. وهذه الرغبة، أي شمل كل شيء، كثيراً ما تؤثّر سلباً على أعمال السير الذاتيّة، والحديث دائماً عن الأفلام، حيث بالكاد تصل مدّتها لساعتيْن، لا عن كتب السير التي قد تتخطى بعضها الألف صفحة.

القدس العربي اللندنية في

08.04.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)