كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

هيربيرت سوبير: أصنع الأفلام لكي أحمي حكايات البسطاء

رامي عبد الرازق- سالونيك

 

أصبح المخرج النمساوي الأصل، هيربيرت سوبير، واحدا من أشهر صناع الافلام الوثائقية منذ بداية الألفية وذلك بعد أن انجز عددا من أهم الأفلام السياسية التي قدمت عبر افريقيا في محاولة لتسجيل الجراح الواقعية التي تسبب فيها الغرب فوق مسام القارة السمراء والتأثيرات التراجيدية التي ادت إليها تصاريف الأستعمار والعولمة على حد سواء.

أفلامه عادة ما تصور في ظل ظروف انتاجية وبيئية شديدة الصعوبة، وفي مجتمعات لا تزال تحتفظ بقدر كبير من وعورتها الإنسانية والتي زادتها خشونة توالي تيارات العبودية والاستعمار على أجيالها المتعاقبة، ميزانيات متواضعة واطقم تصوير مكونة من افراد قليلين وكاميرات صغيرة قد لا تلاحظ في الكثير من الأحيان، فالبشر والحكايات والوجوه هي كل ما يشغله، أنه يعطي صوتا لهؤلاء الذين لا صوت لهم حتى ولو لم يتحدثوا، صوتا قادما من عيونهم التي تنظر إلى الكاميرا كي تبوح.

إنه لا يحاكم أحدا ولكنه فقط يطرح عبر أفلامه فكرة الميزان لكي يضع كل طرف من اطراف الحكاية اثقاله تاركا المتلقي يحسب حجم المكاسب والخسارات.

هدفه الأساسي هو الوعي، والإدراك بأن ثمة أمور تحدث في العالم من حولنا لا يجب أن تمر بشكل عابر أنها افلام تحاول أن تسمي الأشياء باسمائها لا عبر اطلاق الأسماء بل عبر الأشارة إلى ما يمكن أن يكون اسما حقيقيا لما يحدث بالفعل.

هذا العام قررت إدارة مهرجان سالونيك الدولي للأفلام الوثائقية في دورته السابعة عشر(13-22 مارس) أن تكرم اثنين من صناع السينما الوثائقية الأوروبيين انجزا افلاما تنحاز في المقام الأول إلى الإنسان قبل الحدث وهما الفرنسي النمساوي الأصل هيربيرت سوبير، والروماني الكسندر سولومون وذلك بعرض خمسة أفلام لكل منهما في اطار برنامج التكريمات التي يمنحها المهرجان كل عام لصناع السينما الوثائقية في العالم.

وفي اطار تكريم سوبير عرض له خلال فعاليات المهرجان أفلام "على الطريق مع اميل" إنتاج 1993، و"وحيدون مع قصصنا" إنتاج 2001 ثم ثلاثيته الأفريقية الأشهر"يوميات كنشاسا"   1998  و"كابوس داروين" 2004 و"لقد اتينا كأصدقاء"2014  .

وفي اليوم الأخير لعروض التكريمات نظمت إدارة المهرجان لقاء مفتوحا مع المخرج الكبير بدا اقرب لدرس في السينما حيث تحدث سوبير عن افلامه ورحلته مع"تأليف الوثائقي" وهو المصطلح الأقرب إلى قلبه وأفكاره عن صناعة الأفلام، هذا الدرس السينمائي الرائع يمكن أن يشكل زاوية جيدة لقراءة وتحليل وإعادة مشاهدة أفلام هذا الحالم بعالم أفضل عبر اكتشاف المسافة التي اوجدها قرب الذات وبعد الأخر في العقلية الأوربية والغربية طوال قرون.

يقول سوبير:

كل نقاش جيد يبدأ بسؤال والسؤال الاول الذي يمكن أن يوجه إلى أي صانع أفلام وثائقي أو غير وثائقي هو ما الذي يحركك لصناعة الأفلام التي تصنعها؟

وبما أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تكريمي فإن هذا يعني أنني اتقدم في السن، ولهذا فإن الإجابة على سؤال كهذا يجعلني أرجع بالزمن إلى الوراء سنوات طويلة، فالمحرك الأساسي بالنسبة لي هو ان لا تكون بمفردك فيما تفكر فيه أو تكتشفه عندما تعرف أن هناك جنودا يريدون الانتحار نتيجة لما شاهدوه في الحرب فتلك خبرة يجب أن تشاركها مع العالم.

ان الأسئلة والمخاوف والهواجس تمتزج وجدانيا في السينما والأفلام بشكل رائع. وما نفعله هو محاولة أن نتشارك هذه الأفكار والكوابيس على حد سواء، أن نحتفي بالمشاعر طالما لدينا القدرة على المشاركة. عندما يكون لديك حادث سعيد فأنت تريد الاحتفال به ومشاركته مع الأخرين والعكس صحيح مع تنحية فكرة الاحتفال لصالح فكرة المشاطرة والتلاقي الفكري والشعوري عندما يكون الحادث أليم أو قاس.

انني اصنع الأفلام كي اشارك العالم أفكاري ومشاعري تجاه الأحداث والأخرين، ولكن هذا يتطلب وقتا وجهدا كبيرا فأفلامي ذات أشكال محددة، ونحن نغرق في عشرات الأشكال الوثائقية كل يوم مع انتشار الفضائيات ولكن الأهم بالنسبة لي أن أصنع تلك الشرارة ما بين الحدث والمتلقي وابحث دوما عن الشكل الذي يصنع هذه الشرارة.

الكثير من أفلامي يحدث في أفريقيا ولكنه ليس عن افريقيا ولا يدور حول أفريقيا، أنا صانع افلام أوروبي، وتاريخنا مع أفريقيا مشترك ومتداخل لآلاف السنين، إنظروا إلى موقع افريقيا الجغرافي سوف ترون انها في منتصف العالم، وفي القرون الأخيرة صارت افريقيا مرتعا لثلاثة تيارات سياسية بدأت بالعبودية ثم الاستعمارية ثم العولمة، والثلاثة وجوه مختلفة لعملة واحدة، في كل شكل من هذا الاشكال السياسية يتجلي العنصران الأخران، ومن أجل محاولة فهم حجم الفوضى العالمية الحادثة منذ مئات السنين في هذه البقعة القريبة منا في العالم حاولت أن التقط الأجزاء التاريخية والاجتماعية والاقتصادية لاستعياب شئ ما يخص شخصيتنا وهويتنا الإنسانية كأوربيين وبشر.

كابوس داروين

لقد بدأت فيلم"كابوس دارون"- عرض عام 2001- وفي ذهني فكرة التبادل التجاري العجيب بين الشمال والجنوب حيث تأتي الطائرات من الشمال محملة بالأسلحة وترحل من الجنوب محملة بالأسماك، لكن هذه الفكرة أخذتني بعيدا إلى كل ما حاولت تصويره في فيلمي حول الواقع الأنساني والاجتماعي والنفسي لواحد من المجتمعات الأفريقية الغنية التي يضطر اهلها إلى اكل عظام الأسماك والنساء للعمل كعاهرات لأن الرجال أما ماتوا في رحلات صيد غامضة أو ذهبوا للقتال في حروب قبيلة وحدودية لا تنتهي.

وفي"أتينا كأصدقاء"-عرض 2014- بدأت بالأساس عمل فيلم عن الاستعمار الحديث وتأثيرات العولمة ولكنه أيضا أخذني بعيدا عندما ذهبت إلى السودان التي طالما كانت ارضا هامة تم غزوها من كل الامبراطوريات الاستعمارية على مر التاريخ بداية من الامبراطورية المصرية القديمة مرورا باليونانيين والرومان ووصولا إلى الأمريكيين والصينين. إن السودان يمثل النموذج الامثل لتقسيم القارة الواحدة إلى 50 دولة، إنها تاريخ الأشخاص الذين لم يطأوها يوما ولكنهم جلسوا على طاولاتهم الشمالية ورسموا بأصابعهم خطوطا على الخريطة، ويكفي أن الملكة فيكتوريا التي اطلق اسمها على أكبر بحيرة في العالم لم تزر افريقيا مرة واحدة، والعبثي أن نفس الأصابع لاتزال حتى الأن ترسم خطوطا فوق بشرة القارة السمراء حتى السنوات الثلاث الأخيرة عندما تم تقسيم السودان إلى الجانب الصيني في الشمال والجانب الأمريكي في الجنوب عبر خط حدودي يمر بحقول النفط!

انها نفس الفكرة التي أعتدت عليها منذ سنوات أن اصنع فيلما عن مجموعة ضخمة من العناصر السياسية من خلال التركيز على مساحة صغيرة من العالم تبدو أقرب للجينوم، انها نفس البقعة التي لا يزال الصراع قائما عليها منذ قرون ولا أحد يكترث لمن يموت هناك ولكن يكفي أن تنظر إلى تاريخ أي بلد افريقي من بلدان الوسط او الجنوب او الغرب لتفسر جيدا نفسية الأوروبي الذي لم يخطو فوقها خطوة واحدة وما يفعله في الآخرين بسبب تلك الخطوات الخيالية فوق الخرائط متحكما في مصائر الملايين أن افلامي الأفريقية اذا جاز التعبير هي افلام عن اوروبا من خلال ما تفعله في افريقيا.

دعوني أقول لكم إنني لست مخرجا سينمائيا من امريكا الشمالية ممن لديهم تلك القناعة بالأخلاقيات والهدف والانحياز التاريخي والسياسي، فأنا لا اهتم بذلك في أفلامي بل لا أحاول ان اشتبك مع التاريخ، أنا أؤمن أن الأفلام تغير العالم ولكننا لا نعلم إلى أي اتجاه أو صوب، أنا اصنع الفيلم الوثائقي للطرح لا للقيادة، لا احب أن اقود المتلقي بل افضل فقط أن اشير إليه.

إن الأفلام قوة ضاربة لأنها تخاطب وجدانك وروحك مباشرة ومشاهدة فيلم واحد قد تغيرك إلى الأبد ولكن إلى أي اتجاه أعود فاقول لكم..لا أعلم!

بالطبع أريد لمن يشاهد الفيلم أن يتغير للأفضل، أو يذهب إلى كل ما هو جيد وايجابي ولكنني لا املك تسييره فعندما يشاهد أفراد مختلفين افلامي أتمنى أن يتأثروا بشكل افضل للوصول بالعالم إلى حالة جيدة ومقبولة لكن ما الذي يحدث داخل عقولهم فأنا لا اعرف في الزمن الذي نعيشه والذي يشهد تحولات عظيمة على الأصعدة السياسية والأقتصادية والاجتماعية فإن صناع الأفلام الوثائقية ليس لديهم سوى رفاهية طرح الاسئلة فقط وترك الأجابات للنور الذي يسعى خلفه الجميع.

عندما أصور فيلما في اوروبا فأنه يختلف بالطبع عن تصويره في افريقيا ولكنها ليست الاختلافات التي قد تظنونها من نوعية المعدات والتفاصيل الأنتاجية والاشخاص المساعدين لا، ثمة فروق هائلة غير محسوسة تبرز فجأة وتضعني في مآزق البحث عن وسيلة للتعامل معها او تجاوزها، على سبيل المثال فنحن الأوربيين نملك هوسا بالزمن والمسافة ولكن في افريقيا لو سألت عن المسافة بين قريتين سوف يجيبك أحدهم أنها ليست بعيدة وليست قريبة!

أضف إلى ذلك الهوس الأوروبي العميق بالحدود والملكية سواء الفردية او العامة، نحن لا نكتشف انفسنا إلا فوق ارض الاخرين.

انا وجه ابيض في الكونغو يحمل تاريخا دمويا، أنا حفيد ملوك واباطرة ذهبوا إلى اقصى الأرض لكي يقتلوا بشرا مسالمين يعيشون في وطنهم الأم بدعوى أن هذا من اجل رقي البشرية واننا (أتينا كأصدقاء) إننا نروج لهذه الفكرة عن جلب الحضارة والدين والإيمان، وكأننا نملك كل هذا أو نحتكره وكأن الأخرين لا يملكونه، ولكننا في حقيقة الأمر لا نفعل ذلك، أنه أمر مشوش جدا أن نواجه أنفسنا او نعيد اكتشافها بشكل أوضح بعيدا عن الأدعاءات والهوس بأفضليتنا لأننا لسنا الأفضل والتاريخ والواقع يشهدان على ذلك.

عندما اصنع فيلما لا أريد أن ابدو مثل قس تبشيري يأمر الناس بعبادة الله بل أريد فقط أن ادعو لاكتشافه تاركا حرية الإيمان مرهونة بحجم الاكتشاف والقدرة على الوصول إلى الأفكار التي أطرحها في أفلامي. أنا لا اضع موقعا الكترونيا للتبرعات في نهاية أي فيلم، أريد فقط أن أجعلك تفكر فيما تريد أن تفعله، هذا التشوش الذي تفعله الأفلام ريما يصبح مطلوبا، أنا لست كاميرا تصوير، أنا أعمل لسنوات على الفيلم، أفكر وأطرح اسئلة وهذا جهد كبيير على أن اكون مجرد كاميرا.

لقد صنعت "كابوس داروين" بكاميرا صغيرة وميزانية قليلة جدا وعندما تم ترشيحه للأوسكار ذهبت نسخة منه إلى رئيس تانزانيا- حيث صورت الفيلم- ولكنه لم يعجب به بالطبع فقرر أن يوجه طاقته الرسمية وغير الرسمية ضدي طوال ثلاث سنوات حتى أنه قام بحبس وطرد كل الأصدقاء التنزانيين الذين ساعدوني في الفيلم. ولقد صورت فيلما عما حدث لهم بالفعل ولكني انتظر تأمينهم حتى استطيع أن أقوم بعرضه.

تأليف الوثائقي

أنا أؤمن جدا بالمصطلح الفرنسي (تأليف الوثائقي) فهو أمر له علاقة بالشكل وليس المضمون فأنا ليس لدي ممثلين يقولون حوارا مكتوب لهم إنما هما اشخاص حقيقيين، ولكن كيف اقوم بتصويرهم كيف اضيئ وجوههم، ما الخلفية الموسيقية أو الصوتية التي اختارها لحديثهم او ما هو حجم الصمت المطلوب في مشاهدهم.

حين يسألني احدهم عن التقرير الذي اقوم بتصويره حاليا أقول له أنا لست مراسل اخباري بل أنا مخرج سينمائي، وفي صناعة الوثائقي اكثر ما يشغلني هي الحقائق وليست الإحصائيات أو الأرقام، بل أطرح الحقيقة كما أراها في الواقع ولكنه الواقع النفسي والفكري الخاص بي. في"كابوس داروين"هناك مشهد عن تمليح الأسماك وتصديرها ثم شهد أخر عن أهل البلدة وهم يشوون رؤوس الأسماك وعظامها التي تحمل بقايا اللحم، وعند عرض الفيلم نشرت الصحف خبرا من تنزانيا يؤكد أن الرؤوس والعظام للكلاب وليست للبشر، فالحقائق لا تتغير ولكن يمكن طمسها أو تزييفها وما ابحث عنه هو ان اعرضها كما رأيتها بالشكل الذي يحدث في نفسية المتلقي نفس الأثر الذي احدثه في نفسيتي عند رؤيتها ومعاينتها.

بخصوص السرد والحكايات دعونا نتوقف أمام فيلمي "وحيدون مع قصصنا". إنه بالمناسبة فيلم سياسي بالأساس وليس اجتماعيا كما يبدو من اطاره الخارجي، فهو يتحدث عن الواقع السياسي الفرنسي عبر شهادات النساء اللائي يتعرضن للموت والضرب على يد الرجال في واحد من اكثر المجتمعات تشدقا بمبادئ الحرية والمساواة. ولكن كيف كان يمكن أن ادفع هؤلاء النسوة للحديث معي؟ في الحقيقة أنا لا ادفع الأشخاص في أفلامي للحكي ولكنني قبل كل شئ أقيم معهم علاقة وأتركهم يملئونها بحديثهم أمام الكاميرا، ان تلك العلاقة من الأمور الهامة جدا التي لولاها ما كانت الأفلام على الصورة التي خرجت بها ولا يوجد بالمناسبة وسيلة محددة لإنشاء تلك العلاقة، لذلك لا توجد ضمانات، أنا فقط اُشعر الشخصيات في أفلامي بأنها مهمة جدا بالنسبة لي وأنني مهتم بمشاعرها وأفكارها، وفي المقابل ارغب في أن تعلم الشخصيات أنني اريد أن اكون مهما بالنسبة لها ايضا وإلا فلن تثق بي.

دعني اقص عليكم طرفا من سحر تلك العلاقات التي تؤدي إلى صناعة الأفلام، ذات يوم اثناء تصوير "لقد اتينا كأصدقاء" كنت أجلس في استراحة صغيرة فجاءت امرأة لا أعرفها وعرضت علي بعض الشاي فاستجبت لها في هدوء فتشجعت وجلست بجانبي لتحكي لي اشياء هامة جدا ورائعة وفي صلب الموضوع الذي كنت اقوم بتصويره دون أن تدري أنني بالفعل كنت ابحث عما تقوله فاستئذنتها أن اصورها ووافقت وبدأت بالحديث ثم راحت تغني الأغنية التي عرفت فيما بعد أنها سوف تكون محور الفيلم بأكمله- أغنية "ارضي" - التي جاءت دون سابق تحضير أو بحث، لقد عملت لثلاثة سنوات على هذا الفيلم، وسافرت إلى السودان مرات عديدة ولكن في غضون ساعة واحدة حصلت على هذا الشئ الرائع وإذا كان ثمة درس مستفاد من هذه الحكاية فأنا اقول لكم اقبلوا دعوات الشاي وانتم في منتصف التصوير واجعلوا حواسكم ومشاعركم متفتحة دوما أمام زهور الآخرين، فأنت لا تدري في أي زهرة يكمن الرحيق الذي تبحث عنه لصناعة عسلك الخاص، يجب أن تكون كاميرتك حاضرة وذهنك منشغلا بالفيلم طوال الوقت كي لا تضيع فرصة يمكن أن تصنع لفيلمك قيمة أكبر.

وكلمة اخيرة

عندما اشاهد قوة تأثير الأفلام في هذا العالم أعيد التفكير في كل شئ يخص الوجود والبشر، أنا اصور أشخاصا في السلطة واشخاصا خارج السلطة، ولكن طرق الحكايات تؤدي دوما لنفس ميادين الحقائق، المشكلة فقط أن اصحاب النفوذ لديهم ما يحميهم من بطش من هم اكثر نفوذا منهم وقوة ولكن البسطاء من يحمي حكاياتهم في النهاية سوى الأفلام ذاتها.

أنني أصنع الأفلام لكي أحمي حكايات البسطاء.

عين على السينما في

31.03.2015

 
 

"البحيرة المُرّة" ومستنقع السياسة الغربية

أمير العمري

فيلم "البحيرة المُرّة" Bitter Lake هو أحدث الأفلام التي أنتجها تليفزيون بي بي سي، وهو من إخراج المخرج المثير للجدل آدم كيرتس Adam Curtis، وفي تجربة جديدة تماما من نوعها قرر تليفزيون بي بي سي أخيرا، عرض الفيلم عبر موقعه " أي بلاير" IPlayer وبالتالي إتاحة الفرصة للمشاهدين لإبداء آرائهم عليه مباشرة من منازلهم.

ينتقل الفيلم (الذي يبلغ زمنه 137 دقيقة) بين الكثير من العناوين والأفكار التي يجمعها خيط واحد ولكن من خلال سياق فني ذاتي، أي ينطلق من فرضيات خاصة بمخرجه ومن رؤيته الجمالية الخاصة أيضا التي ليس من الممكن اعتبارها رؤية موضوعية تماما.. إنه ينتقل من الحرب في أفغانستان إلى حرب الأفيون، ومن صعود "الوهابية" في الجزيرة العربية، إلى مكافحة الشيوعية في الشرق الأوسط، ومن الوهابية إلى القاعدة وداعش، ومن ظهور البترول إلى الأطماع الغربية في المنطقة، ومن الحرب ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وتسليح المجاهدين، إلى صعود أسامة بن لادن ووقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وما ترتب عليها من غزو غربي لأفغانستان، ومن تداعيات الحرب في العراق وأفغانستان إلى انهيار السوق المالية في أمريكا والعالم في 2008.

لكن المحور الرئيسي للفيلم يدور حول نقد سياسة الغرب، استنادا إلى فرضية أن ليس كل ما نسمعه في الإعلام الغربي نقلا مما يقوله الساسة، حقيقي، بل ما هو سوى محض خداع وغش وتضليل، وأهم هذه الأفكار المتداولة التي ثبت عدم جديتها حسبما يقول الفيلم، فكرة أن الصراع في الشرق الأوسط، أو بالأحرى الصراع الدائر في العالم اليوم، الذي يُطلَق عليه حينا مكافحة الإرهاب، وحينا آخر محاربة التطرف الديني، ليس في الحقيقة صراعا بين الأشرار والأخيار، أو بين الأسود والأبيض، بل إن الصورة الحقيقة صورة "رمادية"، إذا ما اقتربنا منها، وهو ما يحاول أن يفعله آدم كيرتس مخرج الفيلم، بأسلوبه الفني الخاص الذي قد يراه الكثيرون مخالفا لكل قواعد الفيلم الوثائقي المألوفة.

وهو يتوقف طويلا على سبيل المثال أمام العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، ويعرض لقطات بالألوان لذلك اللقاء الشهير بين الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت، والملك عبد العزيز آل سعود، على متن مدمرة أمريكية في البحيرات المُرّة بقناة السويس عام 1846، أي بعد معاهدة يالطا مباشرة التي جرى بموجبها تقسيم مناطق النفوذ في العالم بين القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية.

هذا اللقاء الذي سيتمخض عنه اتفاق استراتيجي بين الدولتين، سيظل ساريا حتى يومنا هذا، ويقضي بأن تدعم الولايات المتحدة بشتى الطرق، السعودية، وتضمن حماية العائلة الحاكمة في كل الظروف، مقابل ضمان تدفق البترول دون عوائق إلى أمريكا والغرب بوجه عام. لا يشوب سريان هذا الاتفاق، حسب ما نراه في الفيلم سوى موقف أمريكا الداعم لإسرائيل، وهو ما أصبح عُرفا مستقرا في السياسة الأمريكية منذ مجيء الرئيس هاري ترومان إلى الحكم خلفا لروزفلت. هنا يتوقف الفيلم طويلا أمام صعود الأمير فيصل ليصبح ملكا وكيف أصبح فيصل، أول مسؤول سعودي كبير، يوجه انتقادات علنية غير مسبوقة للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل. ونرى في لقطات نادرة من الأرشيف، الملك فيصل وهو يلقي خطابه الشهير المدوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويتحدث خلاله صراحة عن اغتصاب "اليهود" لأراضي فلسطين.

صعود التطرف

السعودية ضمنت تزويد الأمريكيين بالبترول وحصلت على مئات المليارات من "البترودولار" مما كفل لها إعادة بناء المدن والبنية التحتية في الداخل، لكنه أتاح لها أيضا تمويل بناء الآلاف من المدارس الدينية في باكستان وأفغانستان وغيرهما، التي يعتبرها مخرج الفيلم بؤرة لتفريخ غلاة المتطرفين، فقد أتاحت الصفقة كما يقول الفيلم بشكل مباشر، ضمان حماية أمريكا للفكر الوهابي، والتغاضي عن طبيعة نظام الحكم في السعودية القائم على المزاوجة بين السياسة المحافظة والمذهب الديني المتشدد، ويقول آدم كيرتس إنه المسؤول عن ظهور الكثير من الحركات الإسلامية التي تحلم باستعادة دولة الخلافة الإسلامية باعتبارها الوسيلة الوحيدة القادرة على التصدِّي للمشروع الغربي الاستعماري.

التناقض نفسه سنراه فيما يتعلق بزراعة آلاف الأفدنة بالأفيون في أفغانستان، في تلك الأراضي التي تحصل على ما تحتاجه من المياه وهو ما تحقَّق بفعل المشاريع التي أقامتها الولايات المتحدة هناك، أي مشاريع بناء السدود والتنمية الزراعية والاستصلاح.

لا يتوقف الفيلم عند هذا الحد بل من خلال أسلوب مخرجه التعليمي الذي يستخدم التعليق الصوتي والرسوم والشروح والبيانات المكتوبة على الشاشة والتقابل بين الصور واللقطات على طريقة "المونتاج الذهني" التي ابتكرها واستخدمها أيزنشتاين في أفلامه التي اعتُبرت - على نحو ما - أفلاما دعائية، يبدأ المخرج الذي تمرَّس في مدرسة بي بي سي الوثائقية، فيلمه ويتوقف خلاله ثم ينتهي به، عند الفكرة الرئيسية التي تشغله والتي صنع من أجل تأكيدها، وهي أن كل ما فعله الغرب منذ أن قدّمت أمريكا المساعدات الاقتصادية لحكومة الملك محمد ظاهر شاه في أفغانستان (الذي حكم من 1933 إلى حين الإطاحة به عام 1973)، ثم الاستثمارات العسكرية الهائلة بالتعاون مع السعودية، في محاربة الوجود السوفييتي في أفغانستان، ثم التدخل العسكري المباشر بعد 11 سبتمبر 2001 للقضاء على طالبان، كل هذه ثبت أنها كانت تأتي بعكس ما كانت تروِّج له سياسات أمريكا والغرب وخصوصا بريطانيا التي يتوقف أمام دورها ويستعين بآراء بعض العسكريين البريطانيين الذين خدموا في أفغانستان، لكي يدلل على الدور العكسي - السلبي للتدخل العسكري هناك.

فعلى حين يقال لنا إن دعم القبائل الأفغانية سيساهم في تطويق طالبان، أصبحت القبائل تستخدم البريطانيين في صراعاتها القبلية الداخلية القديمة من أجل بسط نفوذها على حساب غيرها، ومن جهة أخرى، فشلت الولايات المتحدة في تطبيق النموذج الديمقراطي هناك بسبب الفساد الهائل الذي انتشر بين السياسيين الأفغان وعلى رأسهم الرئيس حامد قرضاي كما يوضح الفيلم، مما أدى إلى زيادة سخط الأهالي ورجال القبائل. ونرى في الفيلم كيف يطالب شيوخ القبائل العسكريين البريطانيين بضرورة التصدي لفساد المسؤولين الأفغان باعتبار أن هذا هو الكفيل بمقاومة نفوذ طالبان، لكن لا يبدو أن أحدا يستمع أو يهتم، كما نرى في مقابلات مباشرة، كيف يعبر كثير من الأفغان العاديين عن سخطهم على الحكومة والمسؤولين الإداريين، وكيف أنهم أصبحوا لا يجدون قوت يومهم بينما يتم تهريب ملايين الدولارات - من أموال الدعم الأمريكي - للخارج!

لقطات نادرة

يستخدم المخرج الكثير من اللقطات النادرة التي حصل عليها مما صُوِّر ولم يُستخدَم وتُرك في مكاتب بي بي سي في كابول بعد إخلائها في ظروف الحرب المستعرة هناك. من هذه اللقطات نرى لقطة طويلة لجندي بريطاني يقوم بتصوير بصمات العيون لشيوخ القبائل الأفغان بشكل مهين، كما نرى ممارسة التعذيب ضد المشتبه فيهم، وهو ما لا يحول دون اختراق الكثير من المحتالين للقوات، وفي مشهد هائل مصور مباشرة نرى محاولة اغتيال الرئيس قرضاي وإطلاق الرصاص على موكبه وسقوط عدد من القتلى من الحراس والمحيطين بالموكب من خلال كاميرا مهتزة وتصوير مباشر أقرب إلى أسلوب "سينما الحقيقة". 

يستخدم المخرج آدم كيرتس أيضا التعليق المباشر بصوته على الفيلم، ويستخدم الموسيقى بطريقة درامية، ويُدخل الكثير من اللقطات الفنية المأخوذة من زوايا خاصة، منها لقطة قريبة لسائحة بريطانية تقف فوق رأس أحد تمثالي بوذا المنحوت في الصخر في وادي باميان، قبل أن تتسّع زاوية الكاميرا في حركة "زووم" مبتعدة إلى لقطة عامة من بعيد جدا مع موسيقى درامية تصل إلى ذروتها، وبالطبع يعرف المشاهد كيف أن هذا التمثال وغيره تم تفجيره من جانب قوات طالبان.

وفي لقطة أخرى، نرى كيف تشرح معلمة بريطانية لمجموعة من الأفغان البسطاء معالم الفن الحديث ومغزاه وتستخدم نموذجا من تمثال مصنوع من مادة معدنية صلبة، في حين أن المتحلقِّين حولها يحدقون دون أن يفهموا مغزى ما تقوله، ويجعل الفيلم من هذه اللقطة التي تتكرر، "موتيفة" تشير إلى عجز العقل الغربي عن فهم البيئة المختلفة التي يتعامل معها، وكيف تختلف أولوياتها كثيرا عن الأولويات التي يتطلع إليها الناس في الغرب

ويستخدم المخرج الكثير من اللقطات "الفنية" لصفوف الجنود وهم يسيرون في خطوة عسكرية كما تنعكس على عدسات نظارات يرتديها جندي أمريكي، أو لطفلين يسيران نحو الأفق في الصحراء، يستخدم مثل هذه اللقطات للربط بين أجزاء فيلمه، كما يجري حوار غريبا مصورا في الظلام، بإضاءة خافتة تماما، مع جنود أمريكيين يتحدثون عن عدد من قتلوهم في ذلك اليوم، وهم يضحكون ويسخرون ويُعبّرون عن استمتاعهم بالعمل في صفوف المارينز.

وهو يستخدم بين الحين والآخر، لقطات من فيلم بريطاني كوميدي للسخرية من النظرة الغربية السطحية للغرب إلى الشرق،  أما "الموتيفة" الأخرى التي تتكرر كثيرا ويستند عليها الفيلم، فتتمثل في استخدام لقطات من الفيلم الروسي (السوفيتي) الشهير "سولاريس" للمخرج أندريه تاركوفسكي، مع تلقي بصوت المخرج كيرتس يشرح لنا كيف يفشل بطل الفيلم الذي أرسلته السلطات إلى كوكب آخر للسيطرة عليه، في فهم طبيعة ذلك الكوكب أو التحكم فيه، ويعود من رحلته وقد انعكست عليه آثار التجربة بشكل قاس، وارتدت إليه وجعلته أكثر تشوشا وانعداما لليقين إزاء ما يحدث في كوكب الأرض.

إننا نرى كيف تتحدث امرأة في زمن الوجود السوفيتي في أفغانستان، عن تمتُّع المرأة بالمساواة مع الرجل، وما تُحقّقه المرأة من تقدم في كل المجالات هناك، ثم نرى امرأة قريبة الشبه منها كثيرا ولكن بعد مرور أكثر من عشرين عاما، وهي تتحدث حديثا يكاد يكون متطابقا، مشيدة بالدور الأمريكي في البلاد. والفيلم يخلص إلى أن كلا من التجربة السوفيتية والأمريكية قد فشلتا في تحقيق أي تقدم في أفغانستان، وأن التجربة قد ارتدت ضد الجميع اليوم بعد أن أصبحت المنطقة بأسرها بؤرة تُهدد بانهيار المنظومة الغربية نفسها!  

الرقابة على السينما .. القيود والحدود (2-2)

عدنان حسين أحمد

يضمّ باب حوارات ثلاثة لقاءات أو مجابهات على الأصحّ مع ثلاثة رؤساء للرقابة على المصنفات الفنية وهم علي أبو شادي والدكتور مدكور ثابت وعليّة ربيع وإن جاء الحوار الثالث ضمن باب "تجارب". استهلّ الكاتبان محمود الكردوسي ومجدي الطيب حوارهما مع علي أبو شادي بأنه كان يُحرّض على رفض الرقابة ثم قبِل برئاستها وبدأ يطبِّع بين المبدعين والرقابة لمصلحة الإبداع.

وكانت حجة أبو شادي مفادها "إذا رفض الجميع منصباً ما فمن سيقبله؟". أوضح أبو شادي بأنه لم يتلقَ أية توجيهات من الوزير وكل ما يتوجب عليه كرئيس للرقابة هو "احترام العقائد" أما البند الثاني فيتمثل بـ "خدش الحياء العام" التي يرى فيها عبارة مطاطة جداً.

يعتزّ أبو شادي بعدد غير قليل من المواقف الشجاعة التي تبنّاها خلال مدة رئاسته للرقابة فهو الذي صرّح بعرض فيلم "حليف الشيطان" لتايلور هاكفورد وأسفر عرض هذا الفيلم عن رفع قضية حسبة ضدّه لكنها لم تعق مسيرته أو إيمانه بحرية الإبداع. وحينما سأله أحد المحاورَين عن سبب رفضه لعرض أربعة أفلام أجاب بأن هذه الأفلام فيها أبعاد إلحادية تمسّ بالذات الإلهية وتتعرض للملائكة وهذه الأفلام هي "مدينة الملائكة" و "ماتريكس" و "المومياء" و  Meet Joe Black  وقد أجرى للفيلم الأخير ثلاث محاولات مونتاج مع السيدة عبلة عبد المنعم دون جدوى لأن تلك المحاولات كانت ستفضي إلى تشويه الفيلم وتحطيم بنيته الإيقاعية.

يريد أبو شادي من الرقابة أن تحمي المبدع كما تحمي المجتمع في الوقت ذاته. ويتمنّى على الرقيب العام أن يمتلك وعياً سياسياً قوياً إضافة إلى وعيه بالحركة الثقافية. ويضيف إلى تمنياته السابقة في أن تكون الرقابة عنصر أمان لا عنصر ترهيب.

يفتخر أبو شادي بأنه خلال مدة عمله التي استمرت 39 شهراً في الرقابة قد تغيّر شكلها جوهرياً ويتحدى كل من يقول إن هناك شخصاً واحداً قد شكا من تعامله معه على المستويين الشخصي والموضوعي. وقد أشعرَ الموظفين في الرقابة بأنه كرئيس لهم مسؤول عن أي خطأ سواء أكان من طرفه أم من طرفهم. وقد دخل في حوارات غير مسبوقة مع وزارة الحربية والأمن القومي وأمن الدولة وخرج منها بنتائج طيبة تخدم المجتمع المصري بأسره. لابد من الإشارة إلى بعض المواقف الاستثنائية لأبي شادي ففي قضية فيلم "أبو الدهب" للمخرج كريم ضياء الدين أدلى بشهادة ضد جهاز الرقابة الذي يرأسه وهذا شيئ غير مسبوق في العمل الرقابي. ويختم أبو شادي حواره بالقول: "لا يجب التعامل مع أي مصنّف فني بالحذف أو الإضافة لأنه سيخلّ بالمعنى الذي وافقت عليه الرقابة".

لا تختلف رؤية الدكتور مدكور ثابت للرقابة عن رؤية أبو شادي، فهو يرى أن الرقابة يجب أن تحمي المبدع وتعتبره جزءاً لا يتجزأ من المجتمع. وفي ردّه على سؤال إن كانت الرقابة تختلف من بلدٍ إلى آخر أجاب بأنه من الطبيعي أن تختلف الرقابة من بلدٍ إلى آخر، فتقبيل فتىً لفتاة في باريس يعتبر مشهداً عادياً ومألوفاً لكنه غير مألوف في ميدان التحرير في مصر.

طالبَ مدكور أن تتحول الرقابة من إدارة إلى مركز قومي مثل المركز القومي للسينما أو المسرح على أن تُحذف كلمة الرقابة ويصبح الاسم الجديد هو "المركز القومي للتراخيص وحق المؤلف" وهنا سوف تتحول الرقابة من رقابة على الإبداع إلى رقابة على شؤون الإبداع وهي حقوق المِلْكية الفكرية، والحماية من السرقة والقرصنة.  ويرى مدكور أن فكرة الرقابة التقليدية سوف تختفي تلقائياً. كما أثنى مدكور على دور الأستاذ علي أبو شادي في تحسين العلاقة وتعميقها بين المثقفين والرقابة حيث أقامَ جسراً لمن يأتي بعده كمسؤول عن الرقابة شرط أن يكون من الخندق نفسه.

تجارب

في باب "تجارب" كتبَ حسن محمود إبراهيم مقالاً عنوانه "جمعية الفيلم تُحاور مديرة رقابة" جاء فيه بأن عينيه قد وقعتا في أثناء زيارته لدائرة الرقابة على المصنفات الفنية على أفلام كثيرة ممنوعة لأنها مليئة بالعري والعنف والمشاهِد اللامألوفة، لكن لفت نظره فيلم أميركي يحمل عنوان "المراهقات"  وهو فيلم من وجهة نظره في منتهى الخطورة والأهمية حيث يتمحور الفيلم على موضوع ابتزاز فتاة يتم تصويرها سراً وهي تمارس الحُب مع شاب وسيم يستدرج الفتيات المبتدئات ثم يبيعون هذا الفيلم إلى محلات البورنو. وحينما تمت دعوة السيدة علية ربيع بوصفها مديراً عاماً للرقابة على المصنفات الفنية تدخّل الحاضرون الذين شاهدوا الفيلم وقالوا إن العُري فيه لا يهدف إلى الإثارة الجنسية وإنما هو في صلب الموضوع ويخدم الحدث الدرامي.

وفي نهاية المناقشة اقتنعت المديرة العامة وقررت إجازة عرض الفيلم الممنوع مُقدمةً بذلك صياغة لافتة لشكلٍ رقابيٍ جديد. إن سماع رأي النخبة المثقفة مهم جداً، كما أنّ تراجع السيدة عليّة ربيع عن قرارها السابق يدلّ على شجاعتها وسعة أفقها لأن الأعمال الفنية لا يمكن أن تخضع لمنظورٍ فردي، ومقياس واحد، وقوالب جامدة كما يذهب حسن محمود إبراهيم كاتب المقال المذكور سلفاً.

تؤكد السيدة علية ربيع بأن كل الأفلام التي تمرّ على الرقابة تخضع لضوابط ومعايير القانون رقم 430 لسنة 1955 الذي يحافظ على النظام العام، والآداب العامة، ومصالح الدولة العليا والأمن العام. وهي ترى في خاتمة المطاف بأن "الرقابة تُهذِّب ولا تشوّه".

نظرة تاريخية

كتبَ محمود علي مقالاً تحت عنوان "نظرة تاريخية" متقصّياً فيه الجذور التاريخية للرقابة ومصادرها، وذكرَ بأن أول تاريخ موثّق لدخول السينما إلى مصر هو 5 نوفمبر 1896. وأشارَ بأن لائحة السينماتوغراف قد أُضيفت سنة 1909 "إلى المحلات الخطرة والمُقلقة للراحة" علماً بأن العروض الأولى للسينماتوغراف لم تكن لها صالات عرض ثابتة وكانت تندرج ضمن محلات التفرّج العمومية. ينوّه الكاتب محمود علي بأن هناك خبرين نُشرا في صحف 1906 يشيران إلى إعلان لعروض سينما "باتيه" حيث رأى "السيدات المصونات يتهافتنَ على الحضور لخلوه مما يشين". فيما يتناول الخبر الثاني حدث اعتداء رعاع إسرائيليين على أولاد يوزعون تلك الإعلانات في أثناء عرض فيلم "آلام السيد المسيح". ونستطيع أن نستشف من هذين الخبرين أن هناك عروضاً لأفلام مثيرة سياسياً ودينياً بل فيها خروج عن الآداب ولم تمتدّ إليها يد الرقابة لأن أصحابها كانوا يتمتعون بالامتيازات الأجنبية. يختم الكاتب مقاله بمقارنة بين قانون الإنتاج الأميركي وقانون الإنتاج المصري الذي يرد فيه العديد من النواهي والمحظورات.

الرقابة في عالَم جديد

يقترح العمري الذي أدار هذه الندوة وشارك في بعض الإجابات ألا نعترف بكلمة "الرقابة" وطالبَ بإزالتها وتبني نظام تصنيف الأفلام بدلاً عنها. وبعد تقديمه المقتضب منح فرصة الكلام لمصطفى درويش الذي كان مديراً للرقابة على المصنفات الفنية. يرى درويش بأنه شخصياً كان متقدماً بعض الشيئ على الرأي العام وكان السينمائيون منزعجين من تحطيمه لقواعد الرقابة. وقد سمحَ بعرض أفلام مثيرة  مثل "هيروشيما حبيبتي" لألن رينيه، و Blow-up لمايكل أنجلو أنطونيوني، بل إن أحد المشاهدين قد خرج في أثناء عرض فيلم "الجمال الأميركي"  للمخرج سام منديز بحجة أن أولاده في خطر، علماً بأن الفيلم كان مُصنّفاً للكبار فقط بينما جلبَ هذا الرجل أولاده الصغار إلى فيلم مخصص للكبار. ذكر درويش بأنه لا يوجد جهاز رقابة في أوروبا وإنما يوجد نظام لعرض الأفلام يراعى فيه الصغار، أي حماية الأطفال من الراشدين.

أما هنا فنحن نحمي أنفسنا، كما كانت السيدة اعتدال ممتاز تقول "بأنها تحمينا من أنفسنا! ". أشارَ درويش إلى وجود تعليمات رقابية يزيد عددها على الستين ولكنها كانت تعليمات رقابية خفيّة، أي أن الرأي العام لا يعرف كل شيئ.

ومع ذلك فإن درويش قد صرّح بعرض العديد من الأفلام الممنوعة حتى اتُهم بأنه "ليبرالي" وكما يذهب فإن هذه التُهمة كانت خطيرة جداً في حينها ويمكن أن تُفضي به إلى الإعدام، لكنه ليس نادماً على أي شيئ قام به خلال فترة رئاسته لدائرة الرقابة.

تدخّل العمري سائلاً إياه عن إمكانية أن تكون فكرة تصنيف الأفلام فكرة واقعية فأجاب درويش إن تحديد عرض الأفلام للصغار أو للكبار هو الحل الأمثل كما هو الحال في أوروبا وأميركا.

تحدث الناقد والمخرج صبحي شفيق عن "دور التكنولوجيا على المفهوم الرقابي" حيث أوجزها بثلاث مصافٍ وهي مصفاة القراءة والرقابة والمُشاهدة. أما الكاتبة سلوى بكر فهي ترى أن الرقباء غير مؤهلين للحكم على الأعمال الإبداعية الأمر الذي أدى إلى غياب الإبداع وهو ناتج طبيعي لشيوع آليتي القمع والفساد.

أجاب العمري على سؤال محمود أنور إن كانت السينما صناعة أم فناً؟ فقال: "إن السينما هي فن وصناعة وتجارة وثقافة". أما المخرجة والكاتبة عطيات الأبنودي التي تحدثت عن تجربتها الشخصية في إخراج الأفلام الوثائقية قد نوهت في طرحها بأن السينما التسجيلية في مصر تأتي في آخر القائمة وكأنه لا يوجد شيئ يحمل اسم السينما التسجيلية وركزت على رقابة النقاد السينمائيين، ورقابة التلفزيون، ومعهد السينما، وبعض الصحفيين الذين تعتبرهم السبب في حجب أفلامها ومنعها من العرض في المنابر السينمائية والتلفزيونية في مصر ولأسباب سياسية

أدلى الناقد سمير فريد بدلوه عن الرقابة وقال بأن كِتاب أحمد بدرخان الصادر عام 1936 يحوي عشر صفحات يتحدث فيها عن ضرورة الرقابة وأهميتها.

والسينمائيون في مصر هم الذين طالبوا بالرقابة. واعتبر مفهوم الحرية ليس من خبراتنا ولهذا تسلل سمّ العبودية أو افتقاد الحرية إلى صنّاع الأفلام وإلى الصحفيين بحيث أن الرقابة لم تمنع أي فيلم منذ عام 1984 لكن من طالبَ بالمنع هم الصحفيون وليس نقاد السينما. يعتقد فريد بأن الأزمات بدأت مع فيلم "الغول" 1981، و "درب الهوى" 1985، و "المذنبون" 1976، و "ناجي العلي" 1992 الذي كان آخر معركة وكل المعارك بدأها صحفيون و "نقّاد سينمائيون" لا يمتّون إلى النقد السينمائي الحقيقي بصلة!

نوّه فريد في خاتمة حديثه إلى أنّ الخطاب الرسمي للدولة يقول بأن "الحرية لها أنياب" و "لها سقف محدد" وإلا سادت الفوضى، ولكنه شدّد على القول "بأنا يجب أن نؤمن بالحرية، وندافع عنها، وألا نغرق في التفاصيل".

مع الرقابة

تحدث المخرج مجدي أحمد علي عن تجربته الشخصية وعن ردود أفعال المشاهدين لفيلمه "يا دنيا يا غرامي" الذي عُرض في أسبوع ثقافي خارج مصر وقد حضره كورت فالدهايم والسفير المصري مصطفى الفقي. وصادف في اليوم الثاني عرض فيلم "ناصر 56" لمحمد فاضل الذي حضره الفقي أيضاً وامتدحه بينما كان يتحدث عن فيلم "يا دنيا يا غرامي" بطريقة سيئة جداً، ومع ذلك فرح مجدي لأنه فيلمه قد ساهم في تعرية نفوس هذا النمط من المثقفين.

أما الحكاية الثانية التي سردها مجدي فتتعلق بفيلمه المعنون "البطل" حيث صرخ أحد المشاهدين: أين الرقابة؟ فطلب مجدي من علي أبو شادي أن يحذف اللقطة لكنه اعترض منتصراً للإبداع. أكد مجدي في نهاية تعليقه بأنه مع الرقابة وضد إلغائها لأنها أرحم بكثير من استقبال بعض الناس!

أما الأستاذ أحمد الحضري فقد وضع نفسه في الجانب المقابل وقال لو ألغينا الرقابة فسوف تعمّ حالة من الفوضى الخرافية وأكد على ضرورة وجود الرقابة مُستشهداً بمثال الطفل الذي يلقي العروسة الكبيرة من فوق الجسر لتربك السير وتصدم عدة سيارات بعضها ببعض لأن هذا الفيلم لم يمر على رقيب أو يبدو أن الرقيب لم يشاهد هذا الجزء الغريب من الفيلم.

وفي ختام الندوة قال العمري بأنه راجع 18 دولة من دول العالم بما فيها أميركا اللاتينية فوجد أنها تمتلك لجان تصنيف لكنها لا تمتلك رقابة بالمعنى الموجود في مصر. ثم طلب العمري من الحاضرين نقل هذا الحوار إلى المنابر الصحفية كي تُدرس القضية بشكل عميق وتعم الفائدة على الجميع.

ضم باب وثائق وهو المحور الأخير في هذا الكتاب ثلاثة قوانين وقرارات رئيسة معززة بمذكراتها الإيضاحية وهي قانون رقم 430 لسنة 1955 الذي يتعلق بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحري والأغاني والمسرحيات والمونولوجات والأسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي. والقرار رقم 220 لسنة 1976 الذي يتمحور على القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية. أما القانون الثالث فهو قانون رقم 427 لسنة 1954 الذي يتعلق بمنع الأحداث من دخول دور السينما وما يماثلها لمشاهدة ما يُعرض فيها من الأشرطة السينمائية وغيرها.

لعل أخطر هذه القوانين والقرارات هي المادة الثانية من القرار 220 لسنة 1976 التي لا تجيز الترخيص بعرض أو إنتاج أو الإعلان عن أي من المصنّفات الفنية التي تنطوي على الإلحاد أو المسّ بالذات الإلهية والتعريض بالأديان والعقائد السماوية، ونظام الحكم، ومراسم الجنازة والموت، أو عرض العُري والجنس، والجريمة، والانتحار وما إلى ذلك بحيث لم يترك هذا القرار شيئاً إلاّ ووضعه في باب المحظورات.

وفي الختام لا بد لنا أن نحيّي الناقد حسين بيومي على هذا الجهد القيّم الذي بذله في إعداد هذا الكتاب وتقديمه إلى القرّاء الكرام من مختلف الاختصاصات آخذين بنظر الاعتبار أن السينمائيين سوف يجدون فيه ضالتهم المنشودة فيما يتعلق بأسرار الرقابة على المصنفات الفنية والكم الكبير من المحاذير والنواهي والمحظورات التي تتربص بالفن السابع الذي يكتظ على الدوام بالدهشة والمتعة والفائدة.

الجزيرة الوثائقية في

31.03.2015

 
 

Souad Sida مشروع فيلم وثائقي درامي

راني بيطار: عندنا فصام شامل وفي كلّ منّا سعاد

نديم جرجوره

لن تكون سهلةً معرفة أي شيء عن سعاد، الشخصية الأساسية في الفيلم الجديد لراني بيطار Souad Sida، قبل الانتهاء من تحقيقه، وإطلاق عروضه. سعاد إمرأة معروفة داخل «كادرات» الفيلم، وفي قلـــب سياقه الدرامي. لا تظهر على الشاشة إلاّ عبر كلام يُقال عنها، وأوصاف تُلصق بها، و «اتّهامات» تُســاق ضدها. راني بيــطار يترك كل شيء معلّقا حتى النهاية: نهاية تحقيق مشروعه السينمائي الجديد هذا، ونهاية المسار الدرامي ـ الحكائيّ داخل الفيلم.

حكايات

الدقائق الـ 15 التي تسنّت لي مشاهدتها تقول إن صورة سينمائية جميلة ستُقدَّم في مزج الروائيّ بالوثائقي: «إنه منتمٍ إلى نوع «الدوكو ـ دراما»، ومن يُشاهده سيظنّ أنه وثائقيّ، مع أنه خليطٌ بين النوعين السينمائيين»، يقول بيطار في تحديده شكل البناء السينمائي لحكاية سعاد: «قيل كلامٌ كثيرٌ عنها. لذا، أُريد معرفة من هي، وما هي حقيقتها، ولماذا توصف بأنها عاهرة؟ أثناء عمل سابق لي على تنفيذ مشروع سينمائي، استمعتُ إلى حكاية امرأة أسميتها لاحقاً سعاد. بدأتُ البحث عنها. سألتُ أناساً أعرفهم. أخبروني أموراً حقيقية وأخرى غير حقيقية. منذ ذلك الحين، وأنا مشغول بالقصّة. منذ العام 2004 وأنا راغبٌ في تحقيق مشروع سينمائيّ خاص بي. أردتُ معرفة المزيد، فعدت إلى الذين أخبروني حقائق عنها. تطلّب الأمر وقتاً طويلاً: الاستماع إلى حكايات متنوّعة عنها من أناس أعرفهم. غربلة هذه القصص. رسم الشخصيات وتركيبها. بناء النصّ الأساسيّ للحبكة. أمور تحتاج إلى وقت وجهد». يضيف: «اشتغلتُ كثيراً مع أناس لم يُصدّقوا ما أريد فعله. حماستي أخافتهم، أو بالأحرى أخافت بعضهم. أمضيتُ وقتاً طويلاً مع كثيرين أستمع إلى حكاياتهم، ثم جمعت الحكايات، وتمّ تركيب الشخصيات».

في الشريط الذي شاهدتُه، تظهر شخصيات عديدة لأناس مقيمين في المدينة وتناقضاتها، وفي الحياة اليومية وتبدّلاتها. أناس يعكسون، بشكل غير مباشر، ثقافة اجتماعية تقليدية صارمة وبالية في تواصلها مع الذات والآخر: «الجنس؟ موجود. يقولون عن سعاد إنها عاهرة. لكن المسألة، بالنسبة إليّ، أبعد من الجنس. هناك واقع اقتصادي ـ اجتماعي ـ ثقافي لا يزال يتحكّم بالسلوك اليومي والحياة العامة للناس». يسأل راني بيطار نفسه عن سبب إقدامه على تحقيق هذا الفيلم. السؤال مشروعٌ وطبيعي، لكن الجواب كامنٌ في صلب الحبكة وتفرّعاتها: شخصيات تروي أمام الكاميرا ما تعرفه عن سعاد. هذه واجهة. الخلفية أعمق من مجرّد كلام عن إمرأة «مُدانة» سلفاً، ومن دون أدنى معرفة متعلّقة بحقيقة قصّتها.

يُحدّد راني بيطار نقاطا تُشكّل نظرته العامة إلى وقائع الأمور اللبنانية: أولى كامنةٌ في غياب الحقيقة المطلقة. ثانية تتناول مسألة «إلى أي حدّ نحن لا نزال مجتمعاً ذكورياً يُطلق الأحكام على النساء». هذه نقطة تبدو معروفة ومتداولة في مجتمع يدّعي ليبرالية تفكير وممارسة وانفتاح، لكنه واقعٌ في غطرسة ذكورية متعالية ومتسلّطة. هذه نقطة لا تزال فاعلة في المجتمع نفسه: «سهلٌ جداً إطلاق أحكام على النساء. نحن نحاكم النساء أكثر بكثير من محاكمتنا الرجال». وقائع لبنانية عديدة تؤكّد هذا. Souad Sida يستلّ حكاياته من وقائع كهذه أيضاً.

يتساءل بيطار: «إلى أي مدى نحن، كأفراد وكمجتمع، لدينا «انفصام بالشخصية»، ليس فقط على مستوى الجنس، بل أيضاً في السياسة والعمل/ الوظيفة، وفي أمور حياتية أخرى. في السرّ نكون/ نقول شيئاً، وفي العلن نكون/ نقول شيئاً آخر تماماً. الانفصام واضح». يُضيف أن العُهر لن يكون معقوداً على الجنس فقط، «لأنه سياسيّ واقتصاديّ أيضاً، وموجود في الوظيفة والسلوك». ويخلص إلى القول إن «في كل واحد منّا، هناك سعاد».

الحرب

لن تؤدّي توضيحات كهذه إلى كشف معالم الفيلم وسياقاته ومعالمه الدرامية والفنية والجمالية. هذه توضيحات متداولة في الحياة اليومية، يستفيد الفيلم منها في اشتغالات سينمائية، تتوضّح في طريقة التصوير والتوليف، وفي آلية السرد، وفي البناء المتكامل للسياق الحكائيّ وفضاءاته المتنوّعة: «كل واحد يحكي عن سعاد طوال الوقت، لكنه في النهاية يبدو كمن يحكي عن نفسه. في كل شخصية أمرٌ لا نراه في شخصية أخرى. كل شخصية من الشخصيات الأربع الأساسية في النصّ السينمائيّ مختلفة تماماً عن الأخرى. كل واحدة تمتلك قصّة عن سعاد وعن نفسها في الوقت ذاته، وهي قصّة مختلفة تماماً عن قصص الآخرين. كل واحدة تنظر إلى المسائل بشكل مختلف عن الأخرى».

هناك شخصية توتو مثلاً، المقاتل السابق: «توتو موجودٌ لديّ منذ البداية. أعرفه وأراه كل يوم. بنيت الشخصية عليه، على نقيض ما فعلته مع الآخرين. تسألني عمّا إذا كان يرمز إلى الحرب الأهلية، وعما إذا كان حضوره في الفيلم يعكس جانباً من هذه الحرب؟ نعم، بالتأكيد. نحن في حالة حرب دائمة. هي موجودة في الفيلم لكن ليس بشكل مادي مباشر، بل بالمعنى الاجتماعي ـ الاقتصادي. حرب مع الأهل والآخر. في السياسة، كما في غيرها من أمور العيش اليومي. الحرب مستمرة عندنا بشكل دائم».

إنتاج مشروع كهذا ليس سهلاً. يقول راني بيطار إن «جرأة ندى طرّاف (دارك سايد للإنتاج السينمائي والتلفزيوني) ساعدتني كثيراً. كانت الشركة معي منذ البداية. هم أساس الإنتاج. هناك منتج مشارك ممثَّل بشركة «توينز بروداكشن». صوّرت 40 بالمئة من الفيلم لغاية الآن. الإنتاج مكلف. أحاول تأمين المطلوب. لكن، إذا لم أستطع، سأعمل في مشاريع أخرى لجمع المال ومتابعة تحقيق مشروعي هذا. أتعاون مع أناس لديهم حماسة ولهفة ورغبة: مدير التصوير نسيم جعجع، والمصوّران سليم ناصيف ورشيد أسمر. الصوت لهيثم عتمة. شباب صغار في العمر، يمتلكون حيوية العمل السينمائي».

في النهاية، يتوقّف راني بيطار عند مسألة فنية أساسية: «صوّرت بـ 3 كاميرات، لأنه من الضروريّ بالنسبة إليّ التقاط كل شيء لحظة حدوثه. كمية الكلام ومضمونه جعلاني أشعر بالحاجة إلى هذه الكاميرات معاً لتصوير والتقاط كل شيء. هذه لعبة سينمائية».

السفير اللبنانية في

31.03.2015

 
 

خمسة مخرجين في مواقع التصوير

أحمد شوقي

في الأسبوع الماضي بدأنا رحلة مع كبار مخرجي العالم، من خلال ما قالوه في كتاب "محاضرات في الإخراج السينمائي"، إعداد وتحرير لوران تيرار وترجمة محسن ويفي، الكتاب الذي يجمع مقابلات مختارة مع 21 من أعظم المخرجين، يتحدث فيها كل منهم عن أسلوبه السينمائي وتعامله مع عناصر صناعة الفيلم. الأسبوع الماضي قدمنا بعض الآراء عن التعامل مع الممثلين، وهذا الأسبوع ننتقل لعنصر التعامل مع موقع التصوير والتحضير له.

كلود سوتيه

"تفصيلة صغيرة يمكن أن تؤثر على مجمل الفيلم. لكن العنصر الذي يتمتع بالأثر الأكثر جسامة على عمل المخرج ـ ومن العبث ادعاء غير ذلك ـ هو العامل الاقتصادي، فالهدف الأكثر واقعية لسينما الموجة الجديدة الفرنسية مثلاً، كان شديد الارتباط بمسائل الميزانية. أحيانا يشعر الناس أن التصوير في الأماكن الطبيعية هو الأرخص. ولهذا يقومون بالتصوير في شقق حقيقية بديلا عن الاستوديو. لكن كلا القرارين له نتائج مهمة بالنسبة لسمات الفيلم الجمالية. عندما تصور داخل ستوديو، فأنت تحاول أن تدب الحياة في مكان مصطنع، بينما في الحالة المعاكسة، فأنت تحاول أن "تؤسلب" مكانا حقيقيا كاملا. ولهذا، ففي الاستوديو، يشتمل الهدف الأسلوبي على خلق فوضى، وفي الموقع الحقيقي، يشتمل على خلق نظام. وهذا يؤدي إلى تغير عدد متعاظم من الأشياء. بالإضافة إلى ذلك، في المكان الطبيعي ستضطر لاستخدام عدسات بأطوال بؤرية قصيرة والحد من حركات الكاميرا، لأنك لن تستطيع تحريك الحيطان من الطريق كما تفعل في الاستوديو. وكل ذلك يؤدي إلى التأثير في المفهوم البصري للفيلم".

تيم بيرتون

"في أي موقع تصوير فيلم، والأكثر في موقع تصوير فيلم هوليوودي، تبدو المخاطر جسيمة والضغط مرتفعا حتى يدفعك لتخطيط أشياء عديدة قدر المستطاع مقدما. لكن كلما صنعت أفلاما أدركت أن التلقائية هي بالفعل أفضل نهج، لأنك ـ وهذا بالتحديد أعظم درس تلقيته خلال تجربتي ـ لا تعرف أي شيء حتى تدخل بالفعل إلى موقع التصوير. يمكنك إجراء بروفات كما تريد، يمكنك جدولة لقطات السيناريو لو أن ذلك يبعث الطمأنينة في نفسك، لكن ما إن تصير في مكان التصوير الفعلي، فلا شيء من ذلك يعني الكثير. فجدولة السيناريو ستكون دائما أقل إثارة للاهتمام، لأن الديكوباج يقدم لك واقعا ببعدين، بينما موقع التصوير هو وسيط ذو ثلاثة أبعاد.

لذا فأنا أميل إلى عدم الاعتماد على جداول السيناريو كثيرا. ونفس الشيء مع الممثلين. فهم لا يتصرفون أبدا بنفس السلوك عندما يكونون في موقع التصوير الفعلي وهم بملابسهم مع الماكياج. لذا أحاول أن أطرد أية أفكار مسبقة عندما أصل إلى مكان التصوير، وأدع جزءا كبيرا لسحر اللحظة. وبالمناسبة، فكل فيلم له جانبه التجريبي الخاص به. بطبيعة الحال، الاستوديوهات لا تريد الاستماع لمثل هذا الكلام. لأنهم يرغبون في تصديق أنك تعرف بالضبط ما تنوي فعله. ولكن الحقيقة هي أن القرارات الأكثر أهمية الخاصة بالفيلم تتخذ في اللحظة الأخيرة، وأن المصادفة تلعب دورا أساسيا. إنها أفضل طريقة للعمل، وأود حتى الذهاب لأبعد من ذلك بكثير كي أقول إنها الطريقة الوحيدة لصنع فيلم مثير للاهتمام".

وونج كار واي

"أما عن قرار وضع الكاميرا في لقطة محددة، حسنا، هناك قاعدة نحوية، ومع ذلك فإنها دائما ما تخضع للتجربة. عليك دائما أن تسأل نفسك سؤال لماذا؟ لماذا أضع الكاميرا هنا وليس هناك؟ لابد أن يكون هناك نوع من المنطق، حتى ولو لم يعنِ ذلك شيئا لأي أحد فيما عداك. إنه مثل الشعر، بالفعل، فالشعر يستخدم كلمات بوسائل مختلفة، أحيانا يكون ذلك من أجل جرس الصوت، أو من أجل النغمة، من أجل المعنى.. إلخ. كل واحد يستطيع خلق لغة مختلفة باستخدام نفس العناصر. لكن مع الاستمرار، فلابد أن ذلك يقصد شيئا ما. ربما يبدو ذلك تحليليا، لكنه ليس كذلك. تعد أغلب قراراتي غريزية. فلدي عادة إحساس قوي بما هو على صواب وبما ليس كذلك، والأمر يحدث بمثل هذه البساطة".

دافيد كروننبرج

"هناك مشهد في فيلم وجود eXistenZ تقول فيه جنيفر جاسون ليه: عليك أن تمارس اللعبة كي تعرف عن ماذا تدور اللعبة. بوضوح، هذا ما أعتبره الهدف من صنع الأفلام. فلن أتمكن أبدا من تفسير ما الذي يدفعني تجاه مشروع محدد، بصنع فقط الفيلم أستطيع أن أفهم لماذا صنعته، ولماذا صنعته بهذه الطريقة. معظم أفلامي بالإضافة إلى ذلك هي مفاجأة كاملة عندما أشاهدها بعد الانتهاء منها. وهذا شيء لا يزعجني. بل في الواقع، إنه شيء أتطلع له.

بعض المخرجين يقولون إن لديهم رؤية ملموسة للغاية عن الفيلم داخل ذهنهم قبل أن يقوموا بصنعه، إنهم لو نفذوا الفيلم الذي هو داخل ذهنهم فسيكون 90 بالمائة متمازجا مع المنتج النهائي الفعلي. لا أفهم كيف يحدث ذلك، لأن هناك تغييرات عديدة صغيرة تحدث يوما بعد يوم عندما تصنع فيلما. تغييرات صغيرة يمكن أن تتراكم في النهاية كي تصنع فارقا كبيرا عن ذلك التصور الذي كان في ذهنك منذ البداية.

أعرف أن ألفريد هيتشكوك قد زعم أنه قادر على تصوير فيلمه بصريا لقطة لقطة. ولكنني لا أصدقه. أعتقد أن الذي يتكلم هكذا هي ذاته المتضخمة. وأؤمن أن الأكثر أهمية هو أن يكون في مقدورك أن تعرف، بالحدس، أن القرارات التي اتخذتها صحيحة، دون محاولة تفسيرها عقليا ـ على الأقل أثناء صنعك للفيلم. وسيكون لديك المزيد من الوقت كي تحلل هذه القرارات بعد أن يستكمل الفيلم. في الواقع، لو أن ما قاله هيتشكوك حقيقي، فإنني أشفق عليه تقريبا. فهل يمكنك تصور انقضاء عام من عمرك وأنت تعمل في فيلم قد رأيته بالفعل في ذهنك؟ سيكون ذلك شيئا مضجرا للغاية".

وودي آلان

"وأخيرا، الخطر الجسيم الذي أحذر أي مخرج في المستقبل منه هو أن تعتقد أنك تعي كل شيء عن السينما. أصنع أفلاما الآن ومازلت أصاب بالدهشة وحتى بالصدمة أحيانا على ردود أفعال المتفرجين. أظن أنهم سيعجبون بهذه الشخصية، فتنقلب الحال وتجدهم غير مكترثين إطلاقا بها، وإنما يحبون شخصية أخرى. أظن أنهم سيضحكون عند موضع محدد، فتنتهي بهم الحال إلى الضحك عن شيء ما لم أعتقد إطلاقا أنه مثير للضحك. إنه أمر محبط قليلا. ولكن هذا ما يجعل هذه المهنة ساحرة للغاية، شديدة الجاذبية، وممتعة. لو أنني أعتقد معرفتي بكل شيء فيها، لكنت قد توقفت عن ممارستي لها منذ زمن بعيد".

موقع (دوت مصر) في

31.03.2015

 
 

«ذيب» هائماً في الصحراء: جمالية القسوة

بانة بيضون

بعدما حصد العديد من الجوائز في مهرجانات العالم، طرح أخيراً شريط ناجي أبو نوار في الصالات اللبنانية. عمل ساحر ومفاجأة جميلة تقدمها السينما الأردنية لعشّاق الفن السابع

بشعره الأسود الكث الذي جففته رياح الصحراء وعينيه السوداوين اللتين تحاولان عبثاً إخفاء الرقة الكامنة فيهما، يراقب الطفل «ذيب» بفضول حذر العالم المحيط به ويصارع ليشبه اسمه، وليس «ذيخ» كما يلقبه الرجال للسخرية منه. ذلك هو الممثل الصغير الموهوب جاسر عيد بطل فيلم «ذيب» للمخرج الأردني ناجي أبو نوار الذي يعرض حالياً في الصالات اللبنانية بعدما حصد الجوائز في العديد من المهرجانات منها «البندقية» و«بلغراد»، و«أبوظبي» و«القاهرة».

التقدير الذي حظي به الشريط ليس اعتباطياً، فهو بمثابة المفاجأة الجميلة التي تقدمها السينما الأردنية للمشاهد. وإذا كان الفيلم وصف بـ «الويسترن» الأردني لأسلوب التشويق الذي يعتمده في بعض المقاطع بخاصة تلك التي تصور المواجهات في الصحراء، فذلك لا يفيه حقه تماماً. العمل يعبر عن خصوصية المنطقة والصحراء العربية... تلك البطلة الرئيسة الحاضرة بكل تفاصيلها التي يبث فيها المخرج الحياة. تمتزج مع جسد الشخصيات حتى تصبحا واحداً. تدور أحداث «ذيب» في صحراء الأردن أثناء الحرب العالمية الأولى، إبان الثورة العربية الكبرى. يصور لنا المخرج تفاصيل الحياة اليومية للطفل «ذيب» وعلاقته بأخيه الأكبر «حسين» الذي يهتم به منذ وفاة الأب. يسعى إلى تقوية عوده كي يدخل عالم الرجال، بدءاً من تدريبه على السلاح إلى ذبح الماعز. أمر لا يقوى عليه «ذيب» رغم إلحاح الأخ. منذ البداية، نقف أمام لغة سينمائية خاصة ومبتكرة تجعل الصحراء عنصراً مهماً في السرد السينمائي. يتناول المخرج لقطات تفصيلية تصوّر القسوة التي تلتصق بجلد ذيب الطري كما في اللقطة التي تظهر رجلاه اللتان جف عليهما الكلس وهو يملأ الماء من البئر. لكنه أيضاً يجسد غموض الصحراء في كيفية تصويره للبئر، والتناقض بين جمالية انسياب الماء والخشية التي تسببها أعماقه.

حساسية سينمائية عالية في تصوير أكثر التفاصيل واقعيةً

حتى أبسط تفاصيل الملبس كعمامة الرأس، تتحول إلى عناصر جمالية في هندسة المشاهد كما حين يعبر «حسين» بين العمامتين اللتين تبرزان في مقدمة المشهد ليختفي تدريجاً في العتمة بحثاً عن الوافدين الجدد، البدوي والضابط الإنكليزي اللذان يزعزع قدومهما سكينة إيقاع الحياة في العشيرة. يطلبان من حسين أن يرشدهما إلى أحد المواقع في الصحراء ويركب الثلاثة الجمال. لكن ذيب يلحق بهما خفية رغم معارضة أخيه، ممتطياً الحمار الذي يظل يعانده إلى أن ييأس ويترجل ويكمل طريقه سيراً في أحد المشاهد الطريفة. المخرج أيضاً ينجح في أنسنة الحيوانات والصحراء كما في اللقطات التي تصوّر وجه الجمل الذي يصرخ أحياناً رافضاً الانصياع لراكبه الذي يود منه الجثوم، أو أنين العنزة وهي تحاول أن تقاوم الذبح. علاقة السيطرة والخضوع تتماهى مع علاقة البشر في ما بينهم. ذلك كله من دون لجوء إلى الميلودراما أو الرسم الكلاسيكي لعلاقة الجلاد بالضحية.

هو يشرح بحساسية سينمائية عالية أكثر التفاصيل الواقعية التي تجسد ما يمكن تسميته بجمالية القسوة المتبادلة بين الإنسان والطبيعة. يستغل بذكاء كل عناصر الصحراء من خصوصية الضوء إلى الصوت والتواتر بين شمس النهار الحارقة وعتمة الليل الدامسة التي تتحول مسرحاً للخوف، حين يهجم قطاع الطرق على ذيب وأخيه المختبئين في الجبال. لا يسمعان سوى صدى الأصوات التي تتردد من كل زاوية.

حتى الذباب يتحول عنصراً في السرد السينمائي، فيتكاثر إثر سقوط الجثث ويحوم حولها في حين أنّ ذيب الذي يبقى وحيداً بعد مقتل أخيه، يحاول طرده في البداية. إلا أنه يستسلم تدريجاً، فيصبح الذباب الملتصق بجلده أو حتى بفمه جزءاً منه، ويبرز في كل المشاهد التي تصوره مع قاتل أخيه، كتذكير بالموت الذي لا مفر منه. إنّها بداية تحوله من «ذيخ» كما يلقبونه للسخرية من ضعفه إلى «ذيب». يوجه المسدس في النهاية صوب قاتل أخيه. إنّها أيضاً بداية تحول هذا العالم البدائي الذي غزته الحداثة المتمثلة بسكة الحديد ــ ذلك «الحمار على أربعة دواليب» كما يشير الفيلم ــ والحرب العالمية الأولى التي بات ذيب الصغير طرفاً فيها من دون علمه. حتى أنه يسأل في أحد المقاطع: «ما هو الإنكليزي» في إشارة إلى الضابط الإنكليزي الذي تتسبب في مقتل أخيه على يد قطاع الطرق الموالين للأتراك.

تاريخ لبنان في «مارسيدس» هادي زكاك

محمد همدر

«مارسيدس» (2011 ــ 68 د ـ «دارك سايد للإنتاج» و«زاك فيلم») هادي زكاك بات متوافراً في الأسواق اللبنانية. الوثائقي الذي يروي حقبة من تاريخ لبنان من خلال سيارة المَرسيدس، حاز العديد من الجوائز وﻋُﺭﺽ لفترة في «متروبوليس أمبير صوفيل» قبل أن يطرح على dvd ضمن احتفال احتضنه «مسرح الجميزة» قبل أيام.

تصل سيارة المرسيدس «البونتون 180» (1953-1962) أو «المدعبلة» كما سماها اللبنانيون إلى البلد في أواخر الخمسينيات. تنخرط السيارة وأفراد عائلتها الذين أتوا بعدها في المجتمع اللبناني، لتهيمن على المهنة الأهم وهي قيادة التاكسي، من دون أن يقف بقية الأفراد عند هذه المهنة. تراهم يصلون إلى مراتب أعلى، كالسيارة الأولى مثلاً، أي سيارة رئاسة الجمهورية. لا تكتفي المرسيدس بالتفرّج على الأحداث التي يشهدها لبنان منذ السبعينيات، بل تشارك في القتال وجلاء الجرحى والنزوح والتهجير، وتُستهدف في عمليات الاغتيال بالرصاص وبالعبوات الناسفة، والقصف من البحر والجو، وتشارك أهل البلد أحزانهم وأزماتهم كما أفراحهم بنهاية الحرب، والتحرير والانتفاضة في الشارع ومحاولة الخروج من الأزمات.

لكنها تصطدم بالعوائق نفسها التي تبقي البلد على حاله، بل تزيده سوءاً.

اعتمد زكاك (1974) بقوة على مواد الأرشيف في عملية بحث دامت سنوات ليستغرق إنجاز «مارسيدس» أربعة أعوام. خلال هذه الفترة، أعاد تصوير جولات لسيارة المرسيدس وبعض أفراد عائلتها.

الشخصية الرئيسية هي السيارة المدعبلة «البونتون 180». أما الشخصيات الثانوية، فهي سيارات مرسيدس أخرى. سيارات ـ كالمجتمع التي دخلت إليه ـ توزعت الى طبقات وأطياف، وأخذت من عاداته وشاركته أحداثه الفرحة والمؤلمة، فأصبحت تقدم نفسها كطائفة جديدة داخل البلد.

كما في أغلب أعماله الوثائقية، يحاول زكاك فكك شيفرات أو تساؤلات كثيرة عن ماضي البلد وحاضره، بلد الصراعات الدائمة وما نتج منها، بدءاً من أعماله الأولى كـ «لاجئون مدى الحياة» (2006) عن يوميات اللجوء الفلسطيني في لبنان ومأساته المستمرة.

بعدها، حاول مقاربة الانقسام العامودي بعد عام 2005 من خلال أفكار الشباب المنتمي إلى أكثر من توجّه وفكر من خلال ثلاثية «أصداء سنية من لبنان»، و«أصداء شيعية من لبنان»، و«حرب السلام في لبنان».

يضمّ الـ «دي في دي» أيضاً فيلم «شهر عسل 58»

في 2007، قدّم فيلم «التسرّب النفطي في لبنان» عن الآثار البيئية الكارثية التي خلفها عدوان تموز 2006، كما أبرز مشكلة غياب ثقافة التاريخ الموّحد من خلال «درس في التاريخ» (2009) الذي صوّره في المدارس الخاصة بعد رفض المدرسة الرسمية دخول الكاميرا الى حصص التاريخ في حرمها.

وخصص زكاك بعض أعماله للبحث عن حلقات ضائعة في تاريخ السينما اللبنانية كـ «سينما الحرب في لبنان» و«لبنان من خلال السينما»، وصدر له كتاب بالفرنسية عن تاريخ السينما اللبنانية منذ البدايات بعنوان «السينما اللبنانية، مصير نحو المجهول». وفي تحية الى بيروت، العاصمة المتحولة المتغيرة على أهلها، قدّم «بيروت وجهات نظر» و«تاكسي بيروت».

تقنياً، شارك في «مارسيدس» كل من موريال أبو الروس (كاميرا) مهاب شانه ساز (صوت) إميل عواد (ميكساج وموسيقى) وإلياس شاهين (مونتاج). الفيلم الذي يصدر بنسخة خاصة يضم أيضاً الفيلم القصير «شهر عسل 58» عن شهر عسل عروسين (والدا هادي) عام 1958 مع اندلاع الثورة التي أدت إلى حرب أهلية قصيرة، بالإضافة الى وثائقي عن إنجاز «مارسيدس» (20 د) من إخراج فرح علامة.

أميتاب باتشان في المحروسة للمرّة الثالثة

محمد عبد الرحمن

القاهرةبالرغم من أنّ السينما الهندية تواصل تقديم العديد من النجوم الجدد، ورغم أنّ بعضهم نجح في اختراق هوليوود، تظل للنجم الهندي أميتاب باتشان (الصورة) مكانة مميّزة بين المصريين، أكدّتها زيارته الثالثة الأخيرة للمحروسة.

ضمن فعاليات مهرجان Indian by the Nile (الهند على ضفاف النيل) الذي تنظّمه السفارة الهندية في القاهرة بالتعاون مع وزارة السياحة المصرية ويُختتم في 16 نيسان (أبريل) المقبل، انشغل المصريّون خلال الساعات الماضية بوصول باتشان.

هذا الانشغال لم يتقصر على الجمهور بل طاول الإعلام أيضاً، وكأنّ أهل المحروسة اعتبروه استراحة جاءت في وقتها بعد سلسلة من الأحداث السياسية والاقتصادية التي شغلتهم خلال الشهر الحالي، بدءاً بالمؤتمر الاقتصادي ثم عملية «عاصفة الحزم» التي تزامنت مع عقد القمة العربية في شرم الشيخ.

وفي تصريحات أدلى بها خلال برنامج «يحدث في مصر» مع الإعلامي شريف عامر على «mbc مصر»، أبدى النجم الهندي اندهاشه من حفاوة المصريين به، وقال إنّه يبحث عن سر كل هذا الحب، معتبراً عودته إلى القاهرة مجدداً تطبيقاً للمثل المصري الشهير «اللي يشرب من النيل لازم يرجع له تاني». وكان باتشان قد حظي باستقبال تاريخي في تسعينيات القرن الماضي عندما حلّ ضيفاً على «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي». لكن تلك كانت زيارته الثانية، وهو لم يذكر الكثير عن زيارته الأولى في تصريحاته لعامر. وأدى التنافس على استضافة الممثل الهندي الشهير إلى نشوب حرب بيانات بين برنامج «يحدث في مصر»، و«معكم» الذي تقدّمه منى الشاذلي على cbc، إذ قال كل برنامج إنّه حظي بالحوار «الأوّل والأطول مع باتشان»، لكن كفّة «إم. بي. سي.» كانت الأرجح كون قناة «إم. بي. سي. بوليوود» هي الراعية لمهرجان «الهند على ضفاف النيل».

وكان شريف عامر قد بدأ حواره مع باتشان بعبارات ترحيب باللغة الهندية، فيما استقبله العشرات لدى وصوله إلى مطار القاهرة، كما أعلنت «أكاديمية الفنون» منحه الدكتوراه الفخرية، على أن يُكرّم مساء اليوم في «دار الأوبرا المصرية» إلى جانب تنظيم زيارة خاصة له إلى منطقة الأهرامات.

على خط موازٍ، حرصت الممثلة المصرية ليلى علوي على حضور الاستقبال الذي أقيم على شرف أميتاب في منزل سفير الهند في القاهرة نقديب سوري، وشارك فنانون آخرون بينهم بشرى، وحسن الرداد، وصفاء جلال.

وقد رفض النجم الهندي المقارنة المستمرة بين هوليوود وبوليوود، مؤكداً أنّ للسينما الهندية تاريخاً كبيراً ومهماً في صناعة السينما العالمية، وهي تتمّيز عن السينما الأميركية بـ«عمق التناول والاهتمام بالثقافات المحلية، وهو سرّ تفوّقها عالمياً». كما أعرب أميتاب باتشان عن امتنانه للجمهور المصري الذي يُحب السينما الهندية، قائلاً: «هذا الشغف من الجمهور الذوّاق للسينما يُعطي دافعاً للفنانين في الهند على مزيد من العمل».

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترMhmdAbdelRahman@

الأخبار اللبنانية في

31.03.2015

 
 

أميتاب باتشان: مصر والهند يجمعهما حب صادق بين شعبيهما

هشام صلاح

قال النجم الهندي، اميتاب بتشان، إن مصر والهند يجمعهما حب صادق بين شعبيهما، مضيفا «وقوفي أمام الأهرامات (إحدى اعظم الأماكن في العالم) تؤكد وجود ترابط بين الهند وبلاد النيل».
ورحب الفنان الهندي، بحرارة الترحاب، لافتا إلى أنه زار مصر لأول مره عام 1991، قائلا: إن «المصريين والهنود قديمًا عبدوا الشمس معًا، ما يدل على إخوة الشعبين منذ قديم الأزل، مبديًا إعجابه بالحضارة المصرية القديمة»، مضيفا أن «الأهرامات وأبو الهول معروفان عند الشعب الهندي، ما يزيد من حب والتفاهم والاتصال بين حضارتي الهند ومصر».

وأضاف «السينما عابرة للحدود، وليس للدول فقط، ولكني لم أكن أعلم أن السينما الهندية قد وصلت للشعب المصري الذي أحبه وأقدره بشكل كبير»، مؤكدا أن الصورة المتمثلة في الأفلام والموسيقى والرسم وجميع الفنون تترك صورة خيالية ترسخ الحب بين الشعوب.

وختم الفنان اميتاب، حديثه بشكره الشديد للجمهور وحبه للحضارة المصرية.

وردا على سؤال عن التشابه بين مصر والهند من كونهما دولًا نامية وفقيرة وماذا تمثل السينما للفقراء، قال: «السينما تمثل للفقراء عالم آخر ينسى فيه همومه ويعيشون واقعًا جديدًا».

وحول أهمية الفنان في دعم التحضر ومواجهة العنف والتطرف، قال «اميتاب»، «جميع رسائل السينما تؤكد أن لدينا جميعا سلام داخليًا يجمعنا عندما ندخل السينما، فرغم اختلافنا، نرى نفس المشاهد ونسمع نفش الغناء».

وعن كيفية تمثيل الشخصيات ومدى ارتباطها بالممثل المؤدي في حياته الطبيعية، قال: «نحن نترك شخصياتنا في أستوديو التصوير؛ فلا ترتبط شخصيتي بالور الذي أقوم به، فأنا أتركها داخل مركز العمل».

وردا على سؤال، من تختاره ليلعب دوره في أحد الأفلام قال: «أنا أشفق على من سيلعب دوري.. إلا أني أختار ابني ابيشاي».

وعن رحلة حياته في جميع أفلامه، قال «بتشان»: «كانت هذه ٤٥ عامًا من عمري في السينما.. من الصعب قولها، إلا أن هناك حقيقة واحدة، وهي أنكم أنتم الجمهور، من أعطيتموني الحب والشغف».

وختم «أميتاب» قوله، إنه «يشعر بالفخر في كل مرة يزور فيها مصر، وأنه ممتن للحب من شعب مصر، وأنه شعب قريب جدًا من قلبه».

وغادرة الفنان الهندي اميتاب بتشان، المسرح المقام أسفل أهرامات الجيزة.

نشر فى : الثلاثاء 31 مارس 2015 - 7:27 م

المصريون على موعد مع النجم الهندي أميتاب باتشان

هشام صلاح

لايزال الجمهور في انتظار الحفل الذي يحضره النجم الهندي أميتاب باتشان، ذو التاريخ الكبير في مجال السينما الهندية، وذلك على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، حيث من المقرر أن يبدأ الحفل في تمام السابعة.

وتبدأ الأمسية بترحيب مصري من فرقة طبول المصرية، يتبع ذلك مجموعة من الرقصات تقدمها فرقة بوليوود، ثم بعد ذلك، يحاور أحد الفنانين المصريين البارزين النجم الهندي أميتاب باتشان، ثم يطرح بعض الفائزين من مسابقة "اسال أميتاب بتشان"، الأسئلة، بشكل مباشر على النجم الهندي.

بعد ذلك تقدم فرقة فنون شعبية مصرية عرضا خاصا لأميتاب باتشان، على أن يختتم الحفلة عرضا لفرقة "ادفايتا " الهندية.

نشر فى : الثلاثاء 31 مارس 2015 - 12:36 م

أميتاب بتشان يتأخر عن مؤتمر وزير السياحة.. وهرج في القاعة أثناء وصوله

صفية منير

سيطرة حالة من الهرج داخل القاعة المخصصة لإستقبال مؤتمر وزير السياحة ووفد السفارة الهندية في حضور النجم الهندي أميتاب بتشان.

فبعد أن تأخر النجم عن حضور الحفل نحو ساعة لإنشغاله بتصوير حلقة لبرنامج منى الشاذلي تكالبت الكاميرات على النجم عقب دخوله القاعة، وحاول المسئولين عن المؤتمر السيطرة على القاعة.

حاول المسئولون عن تنظيم المؤتمر إبعاد مصوري الفوتوغرافيا عن النجم الهندي ، فيما تشهد القاعة إزدحاما شديدا.

الشروق المصرية في

31.03.2015

 
 

أميتاب باتشان في القاهرة: أسعى قريبًا لتصوير فيلم في مصر

في زيارته الرابعة لها لتدشين مهرجان «الهند على ضفاف النيل»

القاهرة: داليا عاصم

«ستظلون دائما قريبين إلى قلبي، وسببا في أن أحمل ذكريات حميمة، بفضل محبتكم لي».. بهذه الكلمات للشعب المصري، وبعد غياب 15 سنة عن مصر؛ دشن أسطورة السينما الهندية النجم أميتاب باتشان ظهر أمس الثلاثاء فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان «الهند على ضفاف النيل»، الذي تستمر فعالياته حتى 17 أبريل (نيسان) الحالي، وذلك في حضور وزير السياحة المصري خالد رامي، ونافاديب سوري السفير الهندي بالقاهرة، والمخرج الهندي سانجوي روي، ود.حنان منيب نيابة عن وزير الثقافة المصري.

وصرح باتشان في المؤتمر الصحافي الذي عقد بفندق «ماريوت الزمالك»: «أتطلع فعليا لعمل سينمائي يتم تصويره في مصر، ولن أتردد في ذلك إذا عثرت على قصة جيدة». واستطرد «ولطالما حلمت بذلك منذ زيارتي الأولى إلى مصر التي كانت عام 1975 بعد فيلم (المقامر الكبير)، أما اليوم فأنا وللمرة الرابعة في هوليوود الشرق، لذلك أصبحت من المعتقدين في أن من يشرب من مياه نهر النيل في مصر لا بد أن يعود إليه يوما».

وأعلن النجم السينمائي عن أحدث مشاريعه الفنية، قائلا «انتهيت من تصوير 3 أفلام سوف يعرض أولها في شهر مايو المقبل وهو فيلم (بيكو)، إلى جانب تصوير بعض المسلسلات، وسوف أقدم النسخة الهندية من برنامج (من سيربح المليون) نهاية العام الحالي».

ووسط باقات من الورود وهدايا المعجبين وصيحاتهم، قال باتشان بتواضع شديد «كل مرة أزور فيها مصر أشعر بشعور رائع، وهذه المرة تأتي بعد 15 سنة منذ آخر زيارة لي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لكن هذه المرة أدركت أن حب الشعب المصري لي عميق جدا». وقال مداعبا الحضور «أتعجب كثيرا من أن شعبيتي لدى الجمهور المصري أكثر من شعبيتي في الهند».

وأعرب النجم الهندي عن متابعته للسينما المصرية وحبه لها، وحث النجم الهندي العالمي القائمين على التوزيع السينمائي في مصر والهند بضرورة وجود منافذ ثقافية لعرض الأفلام المصرية في الهند، وإعادة عرض الأفلام الهندية من خلال دور العرض المصرية حيث كانت تحظى بإقبال شديد.

وفي حديثه عن أهمية المهرجان؛ اعتبر النجم الهندي السينما هي الوسيط القوي القادر على دمج حضارتين عظيمتين بحجم حضارتي مصر والهند، وقال باتشان «فور عودتي إلى الهند سأقول لأبناء وطني إن مصر آمنة، وسأدعوهم لزيارتها والاستمتاع بحضارتها الأثرية العظيمة».

واحتضنت دار الأوبرا المصرية مساء أمس «بانوراما أفلام أميتاب باتشان»، ولقاء جماهيريا مع باتشان أداره الصحافي والكاتب الهندي سيدرات بهاتيا حول حياته وأعماله وذكرياته مع فيلم «أمار أكبر أنطوني».

وتحت عنوان «عودة الأسطورة»، شارك النجم الهندي الكبير في احتفالية فنية كبرى تحت سفح الأهرامات مساء أمس «الثلاثاء»، بحضور حشد من النجوم والإعلاميين المصريين، قدمتها فرقة رقص بوليوود على أغاني أفلام أميتاب باتشان، وأعقبها حديث للنجم الهندي عن أعماله السينمائية ومسيرته الفنية الطويلة التي بدأها عام 1969، واختتم الحفل برقصات معاصرة لفرقة «أدفايتا».

كما تقام احتفالية صباح اليوم «الأربعاء» لمنح النجم الهندي درجة الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون بالهرم. وعلى هامش المهرجان أقام السفير الهندي في القاهرة احتفالية خاصة بمنزله على شرف باتشان، بحضور عدد من الفنانين المصريين، من بينهم النجمة ليلى علوي.

من جانبه، قال السفير الهندي إن «النسخة الثالثة من المهرجان متميزة حقا، بحضور أشهر نجوم السينما الهندية أميتاب باتشان، وهي أفضل رسالة ترويجية للسياحة المصرية تقول للعالم إن مصر بأمان». وأضاف «نحرص كل عام على أن يجلب المهرجان لمحات من الثقافة الهندية، سواء عبر اللقاءات والندوات أو الاستعراضات الفنية، وهذا العام تقدم فرقة (أدفايتا) المشهورة، عبر مزج الموسيقى الكلاسيكية الهندية مع موسيقى الروك الغربية، عرضها الجديد لأول مرة في العالم». وأشار إلى أن المهرجان سيتضمن 50 فعالية ثقافية في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية، تتنوع ما بين مهرجان لأشهر المأكولات الشعبية الهندية، ومهرجان للشاي ورياضة الأيوروفيدا.

ولفت وزير السياحة المصري لأهمية حضور نجم كبير بحجم أميتاب باتشان لمصر، الذي هو أيقونة السينما الهندية، قائلا «إنها دعاية للسياحة المصرية لا تقدر بثمن». وأضاف «الحمد لله عادت السياحة العربية لمصر وإن كانت بمعدلات أقل من عام 2010، إلا أننا نأمل في القريب العاجل أن تستعيد عافيتها كما كانت، ونأمل أيضا أن يصل عدد السائحين الهنود في مصر إلى مليون سائح هندي».

وأعلن المخرج الهندي سانجوي روي عن وجود مفاوضات حول إطلاق مهرجان مصري مماثل في الهند نهاية هذا العام، لمزيد من التقارب بين البلدين.

الشرق الأوسط في

31.03.2015

 
 

«الفيل الأزرق» يكسر التابوهات الشرقية في «بروكسل للسينما الخيالية»

القاهرة ـ «سينماتوغراف»

ينافس فيلم «الفيل الأزرق» للمخرج مروان حامد على جوائز الدورة الـ 33 من مهرجان بروكسل الدولي للسينما الخيالية، والتي تُقام فعالياتها في الفترة من 7 إلى 19 أبريل – نيسان المقبل، ويتخصص في عرض أفلام الإثارة والخيال والرعب من مختلف أنحاء العالم.

وعبر موقعه على الإنترنت، أشاد مهرجان بروكسل بالمخرج مروان حامد في تعريفه بالفيلم، والذي جاء نصاً «ليس من السهل مشاهدة فيلم إثارة مصري متناغم بهذا الشكل، ففيلم الفيل الأزرق هو نقلة سينمائية ذكية، استطاع أن يكسر العديد من التابوهات العربية، والتي ساعدت عليها اللغة البصرية الثرية للمخرج مروان حامد والأداء القوي لـنيللي كريم، فالفيلم تجربة تستحق المشاهدة».

وتأتي مشاركة الفيل الأزرق في المهرجان بدعم من مهرجان بروكسل السينمائي الدولي وسفارة جمهورية مصر العربية في بروكسل.

ومؤخراً، فاز الفيل الأزرق بـجائزة النيل الكبرى في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وهي الجائزة الأولى في المهرجان ومسابقة الأفلام الروائية الطويلة.

ويحكي الفيل الأزرق قصة د. يحيى الذي يعود بعد 5 سنوات من العزلة الاختيارية إلى العمل في مستشفى العباسية للصحة النفسية، حيث سيعمل في القسم الذي يقرر الحالة العقلية لمرتكبي الجرائم، ويقابل صديقاً قديماً يحمل إليه ماضياً جاهد طويلاً لينساه، ويجد يحيى نفسه وسط مفاجآت تقلب حياته، لتتحول محاولته لاكتشاف حقيقة صديقه إلى رحلة مثيرة لاكتشاف نفسه.

وفي الفيل الأزرق يقدم المخرج والمنتج مروان حامد صياغة سينمائية لرواية الكاتب أحمد مراد التي تحمل الاسم نفسه وتصدرت قوائم مبيعات الكتب منذ إطلاقها في 2012، ووصلت إلى القائمة القصيرة في جائزة بوكر العالمية، ويقوم ببطولة الفيلم كريم عبد العزيز، خالد الصاوي، نيللي كريم والنجمة الكبيرة لبلبة.

سينماتوغراف في

31.03.2015

 
 

"كل شيء سيكون على ما يرام"

أحدث أفلام المخرج الألماني فيم فيندرز بتقنية الأبعاد الثلاثية

24. إعداد: محمد هاشم عبد السلام

بدأت في دور السينما الألمانية العروض التجارية لآخر أفلام المخرج الألماني فيم فيندرز، "كل شيء سيكون على ما يرام"، والفيلم، الذي عرض لأول مرة عالمياً على هامش مهرجان برلين الشهر الماضي، والمُنفذ بتقنية الأبعاد الثلاثية، ستتوالى عروضه التجارية في أنحاء أوروبا بداية من منتصف أبريل.

"كل شيء سيكون على ما يرام"، بطولة جيمس فرانكو وشارلوت جينسبيرغ وراشيل ماك آدامز، والسيناريو من تأليف كاتب السيناريو النرويجي "بيورن أولاف يوهانيسن"، وتصل مدة عرضه لما يقترب من ساعتين.

يتناول الفيلم بقدر يتسم بشيء من التجديد، قصة الكاتب الروائي "توماس"، الذي يعاني نفسياً على نحو عميق، ولا يستطيع التصالح مع نفسه ولا مسامحتها، وذلك على امتداد سنوات طويلة، امتدت لاثني عشر عاماً، كادت فيها حياتها أن تنهار كلية، رغم محاولته تجاوز ما حدث، والوقوف على قدميه مجدداً، واستئناف الكتابة وتحقيق بعض المجد شخصي، وتكوين أسرة، بعدما فشلت علاقته، عقب الحادث الذي تعرض له وأثر على مجرى حياته كلية.

وكان توماس، بسبب كثافة الثلوج وصعوبة الطقس، ارتكب بسيارته، عن دون قصد، حادث سير تسبب في مقتل طفل، وبالرغم من تصالحه نوعاً ما مع والدة الطفل، إلا إن علاقته بكريستوفر، شقيق القتيل، الذي لم يُصب في الحادث، تظل هي حجر العثرة أمام تكيف توماس مع ما حدث ومواصلة حياته على النحو الذي يبغيه، من دون إحساس بالذنب، لا سيما وأنه يعاني من عدم الإنجاب.

ولم يكن هذا التصالح ليحدث، في نهاية الأمر، لولا اقتراب كريستوفر المفاجئ، بعدما بلغ السابعة عشر من عمره، من توماس وتصالحهما على نحو ما، الأمر الذي رسم الابتسامة في النهاية على وجه توماس، الذي ظل كئيباً وحزيناً طوال الفيلم، نحن، دون أدنى شك، أمام مخرج كبير مسيطر على كل شيء بداية من السيناريو إلى التمثيل والكادرات، باختصار، أمام فيلم متقن بالفعل ومحكم البناء جداً، وأمام مخرج يعرف ما يفعله.

موقع (24) الإماراتي في

31.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)