كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حصاد الدورة 17 لـ«سالونيك»:

«أم غايب» تحضر.. وفلسطين مطلوبة وسوريا تفوز (تحليل نقدي)

كتب: رامي عبد الرازق

 

دورتين في نهاية القرن الماضي وخمسة عشر دورة في الألفية الجديدة جعلت من شعار مهرجان سالونيك للأفلام التسجيلية الذي تنظمه عاصمة الأقليم الشمالي اليوناني سالونيك الجميلة (صور من القرن الحادي والعشرين) يطابق ما وصف به المخرج الفرنسي الكبير آلان رينيه الفيلم التسجيلي بأنه القادر على أن يمنحنا تقريرا عن حضاراتنا.

هذا العام وضمن فعاليات الدورة السابعة عشرة التي اتخذت زمن اقامتها في الفترة (من 13 وحتى 22 مارس) يستمر شعار المهرجان في التجلي بوضوح أكثر عبر 185 فيلما تسجيليا في 11 قسم وبرنامج عروض وبشكل متقشف لا علاقة له ببهرجة المهرجانات التقليدية، فالمدينة الشمالية العريقة تملك سحرا يجعل كل محاولات التمليع المهرجانية المعتادة مثل السجاجيد الحمراء وخلافه أمرا يدعو للرثاء والسخرية وهل هناك أروع من أن تقيم مهرجانا يعرض أبرز محاولات الحضارة الإنسانية للتعبير عن نفسها في مدينة هي نفسها تمثل نموذجا استثنائيا من تراكم طبقات الحضارات المختلفة عبر آلاف السنين.

السمعة الأثرية الأثيرة لتلك المدينة أنها تتكون من ستة طبقات بنائية كل طبقة تمثل منجزًا حضاريا بداية من اليوناني الهيلينني مرورًا بالروماني والعثماني وصولا إلى زمن الأزمة الاقتصادية، ولعل مشروع مترو الأنفاق الذي تحاول الحكومات المتتالية إنجازه منذ عشرين عاما في المدينة أبرز مثال على ذلك فكلما حفر أهل المدينة عدة أمتار من الأرض برزت لهم طبقة تحوي من الأثار والنفائس التاريخية ما لا يقدر بثمن بل ويعيد كتابة التاريخ مرة بعد أخرى.

الفيلم التسجيلي هو متحف الحضارة الأنية وما أروع أن تشاهد متحفا وأنت تقف على أرض متحف أخر مفتوح ومتجذر في رئة الزمن وهواء التاريخ.

«أم غايب».. تحضر

اقتصرت المشاركة المصرية هذا العام على عرض فيلم «أم غايب» للمخرجة الشابة نادين صليب والذي سبق وأن حصلت على جائزة من مهرجان أبوظبي السينمائي في عرضه العالمي الأول وجائزة أخرى من مهرجان إدفا الذي يعتبر بمثابة (كان السينمائي) بالنسبة لصناع الأفلام التسجيلية.

وقد عرض الفيلم ضمن سبعة أفلام فقط اختيرت في قسم رؤى من العالم وهو أحد ابرز الأقسام في المهرجان لأن اختياراته تعني بعنصرين اساسيين يجب أن يتوافرا في الفيلم المعروض وهما الشكل الغير تقليدي والخوض في جينات المجتمع بعيدا عن النظرة العرقية الضيقة واغلب الأفلام التي عرضت خلال هذا البرنامج تحديدا يمكن أن نلمح فيها توافر هذين العنصرين بشكل واضح وربما كان ام غايب و«ملكة الصمت» من إخراج الألمانية اجنيسيزكا سويفكا هما ابرز مثالين على ذلك.

الأول يحكي في اطار من التسجيلية الشعرية عن حقائق الوجود المختلف عليها عبر حالة اجتماعية وانسانية هي المرأة العاقر التي تحاول بشتى الطرق الدينية والدنيوية أن تساهم في إخراج بذرة جديدة للحياة من رحمها الجاف أنها «حنان» أم الغايب وهي الصفة الاجتماعية التي يطلقونها في صعيد مصر على المرأة العاقر كي لا تصاب باليأس من الخلفة وكأنها أنجبت بالفعل ولكن ابنها غائب إلى حين وسيعود ذات يوم.

أما الفيلم الثاني «ملكة الصمت» فهو من أبرز التجارب التسجيلية التي عرضت خلال المهرجان هذا العام على مستوى الشكل والذي يمزج نوعيا ما بين التسجيلي والروائي في مساحة فانتازية موسيقية خاصة حيث تقف الفتاة الغجرية ذات العشرة أعوام دينيا لتقدم لنا لوحات هندية راقصة بخلفيات من الراقصين تحاول المخرجة أن تحاكي بها ما يدور شعوريا في مخيلتها الصغيرة رغم أنها صماء كلية.

أنه فيلم عن حواس الروح التي تجعل منها راقصة صغيرة تستمع إلى الأيقاع عبر عينيها وتتحرر من كوخها العشوائي واضطهاد المجتمع المتحضر لعرقها الغجري عبر سفرات فانتازية يخلقها التحليق في عوالم الرقص الهندي المميز والاحتفالي جدا بالحياة والحب والحرية.

فيلم يحمل مغامرة شكلية تليق بالحرية التي طالما كان الغجر رمزا لها منذ كارمن وحتى دينيسا الحرية الروحية التي لا يمكن للقوانين الأجتماعية المجحفة والمنحازة إلى فئة دون أخرى أن تمنعها من الرقص والوجود.

«أبقار فلسطين»

اقتصرت المشاركة العربية هذا العام على مصر وسوريا وفلسطين في انتاجات مشتركة وهي السمة الأساسية الآن بالنسبة لصناعة الفيلم السجيلي في العالم كله وليس فقط في المنطقة العربية حيث شاركت مصر بـ«أم غايب» وسوريا بالفيلم الذي سبق وعرض ضمن فعاليات مهرجان كان العام الماضي «ماء فضة»ل أسامة محمد وسيماف بدرخان وفلسطين «المطلوبون الـ18» للمخرجين أمير شوميل وباول كوان- إنتاج فلسطيني كندي فرنسي مشترك- وهو أحد أشهر الأفلام التسجيلية العربية في 2014 ولكنها شهرة ربما سببها الموضوع وليس المستوى السينمائي للفيلم ذاته فهو تجربة خلافية فيما يخص العلاقة ما بين الشكل والحكاية في الفيلم التسجيلي.

حكاية الأبقار الـ18 التي كانت وسيلة من وسائل المقاومة الفلسطينية في بلدة بيت حانون خلال انتفاضة 1987 حكاية درامية مكتملة الأركان تصلح في واحدة من مستوياتها أن تكون أقرب لحكايات ما قبل النوم التي تخلق بذور الأحلام الطيبة في مخيلة الأطفال لينموا وهم يعتقدون أن غدا يوم أفضل ولما كانت حكاية ما قبل النوم تعني وجود الكثير من الخيال فقد قرر المخرجين أن يعيدا صياغة التفاصيل عبر مستويين، الأول هو إعادة تمثيل الجانب الواقعي فيما يخص شراء الأبقار من «اسرائيل» ومحاولة التعاطي مع عملية تربيتها وإنتاج اللبن في بلدة بيت حانون وقت الانتفاضة كنوع من الاكتفاء الذاتي ومقاطعة الألبان الإسرائيلية، والمستوى الثاني الخوض في الجانب الفانتازي لوجدان البقر ذاتهم وكأنهم كائنات عاقلة لها افكار ومشاعر تماما مثل كل الكائنات الغير بشرية الناطقة بلسان حال البشر في قصص الأطفال.

لكن أزمة الفيلم الحقيقية هي أن هذا الجهد الكبير في إعادة تمثيل الأيام الطويلة للانتفاضة والمقاومة عبر اخفاء الأبقار الـ18 التي بدأ الجيش الاسرائيلي في البحث عنها كي لا تتحول فكرة الاكتفاء الذاتي إلى عنصر ضغط على الحكومة الأسرائيلية التي يهمها أن تظل الأراضي المحتلة تابعة لها اقتصاديا وتجاريا بالإضافة إلى الجهد التحريكي والخيالي في تأليف قصة موازية بطلتها الأبقار نفسها في علاقتها بأهل بيت حانون هذه الجهد لو أننا صفيناه من اللقاءات التقليدية مع أهالي القرية لرواية الحكاية بعد سنوات لصارت الحكاية اقرب للشكل الروائي منه للأشكال التسجيلية مع الأخذ في الأعتبار أن اعادة تمثيل الواقع وانشائه خياليا هو نوع من التسجيلية المعترف بها ولكننا نقصد هنا حجم التأثير الذي يحدثه توليد الدراما من حدث هو درامي ومحبوك وصراعي بالفعل والذي يصبح اكثر قوة وعمقا وانتشارا عند تناوله روائيا وليس تسجيليا كما قدم خلال الفيلم.

رؤى وليست توازنات

من بين البرامج المتنوعة للمهرجان هذا العام يمكن ملاحظة تلك القدرة على برمجة أفلام تكمل بعضها البعض على مستوى الرؤى وطرح وجهات النظر السياسية والإنسانية على حد سواء مثل أن يعرض الفيلم الفلسطيني «المطلوبون الـ18» في مقابل الفيلم الإسرائيلي الدنماركي الإنجليزي المشترك «الليل سوف يسقط» للمخرج أندريه سينجر والذي يحتوي على قصة المواد المصورة من قبل وحدات السينما في جيوش الحلفاء عن معسكرات الاعتقال النازية إبان نهاية الحرب العالمية الثانية والتي استخدم بعضها في محاكمات النازيين في نومنبرج ولكنها ظلت ضمن محفوظات الأرشيف الأنجليزي حتى طبق عليها قانون الوثائق المفرج عنها بعد خمسين عاما من تاريخ حفظها.

وبالمثل يمكن اعتبار مجموعة الأفلام التي تتحدث عن إفريقيا بداية من ثلاثية المخرج الفرنسي النمساوي هيربيرت سوبير(يوميات كينشاسا وكابوس داروين ولقد اتينا كأصدقاء)، وهو أحد المكرمين هذا العام في المهرجان- ومرورا بأفلام مثل الالماني «35 بقرة وكلاشينكوف» للمخرج الراحل اوزالد فون ريتشهوفن والصومالي الدنماركي «محاربون من الشمال» للمخرجين نصيب فرح وسورن ستين جيسبريسن في مقابل الأفلام الأمريكية مثل «الوادي السعيد»ل أمير بارليف و«القبض على باميلا سمارت» للمخرج جيريمايا سايجر.

هذا النوع من التقابلات التي قد يظن البعض أن الغرض منها إحداث توازن ما بين الأفلام التي تتحدث عن المآساة الفلسطينية في مقابل تاريخ الهولوكست اليهودي أو تصاريف الشمال الأوروبي في الجنوب الأفريقي المصاب بداء العبودية والاستعمار والعولمة منذ قرون، ولكن المتابع الدقيق للمهرجان يكتشف أن الأمر بعيد عن التوازنات السياسية الساذجة والطفولية ولكنها مسألة رؤى تكمل بعضها البعض فالمسافة ما بين الفيلم الفلسطيني والفيلم الإسرائيلي هي ذاتها المسافة التي يجب على وعي المتلقي أن يقطعها لكي يدرك حجم المآساة التي تعيشها البشيرة حين يتحول الضحية إلى جلاد يحاكي أساليب من انتهكوا روحه بلا جريرة سوى أنه مختلف.

الرؤية التي تطرحها الأفلام الأفريقية -موضوعا- تصبح أكثر بروزا وقوة عندما نقاربها مع الأفلام الأمريكية التي تتحدث عن كيفية صيغة الوجدان الجمعي للمجتمع الأمريكي الذي يتشدق بالحرية بينما يتم اغتيال سمعة وحيوات أفراده لمجرد أن الألة الأعلامية نظرت إليهم كمادة تصلح لجذب الجمهور وتحقيق مكاسب اعلانية هائلة ففي «الوادي السعيد» لأمير بارليف نتابع واحدة من أشهر قضايا التحرش الجنسي في التسعينيات والتي حدثت في ولاية بنسلفانيا واتهم فيها مدرب لإحدى فرق النشئ بإحدى الجامعات الأمريكية بينما في فيلم «القبض على باميلا سمارت» فإنها القصة الأشهر في الثمانينيات عن المدرسة الشابة التي اغوت ثلاثة مراهقين لقتل زوجها والتي قدمت في فيلمين شهيرين في بداية التسعينيات، الأول من بطولة هيلين هانت والثاني هو الذي اطلق نجومية نيكول كيدمان ولكن المخرج يعود لينقب في أرشيف الحادث ويجري مقابلات عديدة مع باميلا سمارت التي حولها الإعلام إلى نموذج للأنثى الشهوانية التي تمكنت عبر جسدها من توريط ثلاثة مراهقين في قتل زوجها بينما لم يكن الامر سوى أنها كانت على علاقة بأحدهم وهو الذي قرر قتل الزوج ليخلو له جسدها بمفرده.

يضع كلا الفيلمين الأمريكيين الآلة الدعائية الأعلامية في ميزان النقد الأجتماعي والأنساني وهي نفسها ذات الآلة التي تدعي أن الغرب الأبيض قد ذهب إلى أفريقيا كأصدقاء وهو عنوان فيلم هيربيرت سوبير الذي يتحدث عن تقسيم السودان ما بين الشمال الذي تسيطر عليه المصالح الصينية والجنوب الذي استمرت المصالح الأمريكية تحركه حتى انفصل حدوديا عبر خط النفط المتنازع عليه ما بين الصين وأمريكا.

القومي اليوناني

لا تنظم اليونان مهرجانات قومية ولكنها تضمن كلا المهرجانين اللذان يقاما في مدينة سالونيك خلال شهري مارس ونوفمبر- الأول للتسجيلي والثاني للأفلام الروائية- برنامجا خاصا تحت عنوان «بانوراما الفيلم اليوناني» لعرض كل انتاجات السينما اليونانية خلال عام كامل والتي بلغت هذه الدورة خمسون فيلما تسجيليا من أصل 185 فيلم هم حصيلة افلام المهرجان هذا العام.

هذه الحصيلة لا تعني بالطبع جودة عالية أو مستوى فني راق ولكننا في النهاية أمام مشهد سينمائي وثقافي يمنح المتلقي المحلي والضيف الدولي مساحة للاطلاع على احدث التجارب الفيلمية التي ينجزها المهتمون بالفيلم التسجيلي، صحيح أن هناك كوارث حقيقية بعضها يصل إلى حد الشعور بالغثيان اثناء المشاهدة- نذكر منها فيلم حياة كاملة والذي يحاول توثيق حياة ممثل بورنو شاب يعمل في افلام الشواذ والساديةـ فبغض النظر عن الموضوع الذي يمكن أن يكون فاتحة حديث طويل عن المهمشين والعاطلين والظروف الأقتصادية والاجتماعية والأسرية التي تدفع بشاب مثله لهذا العمل وكيفية توافقه معه إلا أنه على المستوى السينمائي يمثل حالة مقززة من حالات انتهاك نفسية المتلقي بتفريغ الفيلم من أي مضمون يستحق لصالح مشاهد طويلة من ممارسة الشذوذ والجنس السادي وشرب البول ولعق الأقدام بالدرجة التي ادت بالعديد من المشاهدين لمغادرة العرض بأكلمه.

ولكن تبقى الإشارة إلى أن هذه التظاهرة الهامة تضمن اطلاع دولي على تجارب السينما المحلية خاصة مع وجود عدد لا بأس به من الصحافيين والنقاد الدوليين بالإضافة إلى مخرجي الأفلام من كل العالم وهي التظاهرة التي يمكن أن نفكر بأخذها في عين الأعتبار في مصر خاصة مع فشل المهرجان القومي المصري في جذب الإنتباه الدولي أو الإقليمي المطلوب كما هو الحال في مهرجانات قومية ومحلية مثل المهرجان الوطني المغربي أو مهرجان الخليج السينمائي الذي توقف لأسباب تمويلية ولكنه كان إحدى التظاهرات المحلية ذات البريق الدولي الجاذب للتعرف على سينما الخليج بأكملها من العراق لليمن ومن السعودية لعمان.

سوريا تفوز

قال المخرج النمساوي هيربيرت سوبير في معرض لقائه المفتوح عن السينما التسجيلية الذي أقيم على هامش تكريمه هذا العام ضمن فعاليات الدورة السابعة عشر، أن الأفلام يمكن أن تغير العالم بالفعل لكن إلى أي اتجاه أو صوب فلا أحد يدري ومشاهدة فيلم مثل «ماء الفضة» من اخراج اسامة محمد وسيماف بدرخان والذي عرض ضمن برنامج أفلام عن حقوق الأنسان مع 11 فيلما اخرين يجعلنا بالفعل نشعر إلى أي مدى يمكن أن تغير الأفلام نفسية المتلقي وافكاره باتجاه اعادة تقييم الوجود الأنساني ككل وليس فقط الوضع السياسي في بلد يعاني من حرب أهلية مبهمة النهايات.

صحيح أن الفيلم يعاني من مشكلات عدة لها علاقة بحجم المباشرة والنمطية التي أصبحت عليها الأفلام المصنوعة من لقطات وجمل بصرية التقطت بكاميرات بدائية أو كاميرات المحمول بالأضافة إلى افتقاده قوام بنائي متماسك وواضح واعتماده الكامل على تأثير الجثث والانفجارات والأطلال أكثر من اعتماده بناء حركي مؤثر يتجاوز ميلودراما الدم إلى التفكير فيما وراء الدم إلا أنه يظل شهادة حية وحقيقية عما حدث ايا كانت اسبابه وهو ما دعى لجنة برنامج حقوق الإنسان في المهرجان تمنحه جائزة حقوق الأنسان لدورة هذا العام دون الأفلام الأحدى عشر الأخرى لأنه باختصار يضعنا أمام مرآة لما وصلت إليه الحضارة الأنسانية عقب قرون من التطور السياسي والديني والاجتماعي والتي تنفسها مشاهد الفيلم في لحظة عندما نرى حجم الموت الذي يسكن في كل مكان فوق ارض متنازع على حكمها بين بشر سوف يغادرونها في النهاية غير مأسوف عليهم.

المصري اليوم في

24.03.2015

 
 

جودار ولينش وكروننبرج وآلان وممثلوهم

أحمد شوقي

ضمن منشورات المركز القومي للترجمة، صدر مؤخرا كتاب شديد الأهمية بعنوان "محاضرات في الإخراج السينمائي"، إعداد وتحرير لوران تيرار وترجمة محسن ويفي. الكتاب يضم 21 مقابلة مختارة، أجراها الناقد والمخرج الفرنسي مع كبار مخرجي العالم لحساب مجلة "استوديو"، يسألهم فيها مجموعة محددة من الأسئلة، حول مصدر أفلامهم وطريقتهم في التصوير والتعامل مع الممثلين، وغيرها من الموضوعات التي يجيب عنها مخرجون بحجم جان لوك جودار وإمير كوستوريتسا ومارتن سكورسيزي ووانج كار واي.

كل حوار على حدة مفيد في إلقاء الضوء على أسلوب المخرج وطريقة تفكيره في السينما، لكن تجاور هذه الحوارات يمنح الأمر بعدا مختلفا، فيه نظرة أعم على طرق وأفكار بعضها يقف على طرفي نقيض، بين مخرج يحضر كل لقطاته قبل الذهاب للتصوير وآخر يذهب بذهن خال ليقرر في الموقع، وبين مخرج يصور اللقطة من زاوية واحدة وآخر يغطي نفسه بأكثر من زاوية.

في النهاية كل المتحدثين تقريبا مخرجون عظام صنعوا أفلاما ممتازة، وهو ما يؤكد الحقيقة الوحيدة في الفن: ليس هناك حقائق على الإطلاق، لا توجد طريقة مثلى لصنع أي شيء، هناك فقط الموهبة والحدس والروح الخاصة بكل مبدع.

ومن بين الموضوعات العديدة والإجابات المتنوعة، اخترت أربعة اقتباسات لحديث أربعة مخرجين كبار عن الممثلين، كيف يتعاملون معهم وما رأيهم في علاقة المخرج بالممثل. جودار ولينش وكروننبرج وآلان يتحدثون.

دافيد كروننبرج

"في البداية كنت أرى الممثلين كخصوم لأنّي أشعر أنهم لا يتفهمون الضغط الذي يمارس علىّ. كنت قلقا بشأن محاولتي صنع الفيلم في وقته المحدد وداخل ميزانية، وبدا أن كل ما يقلقهم هو شعرهم وماكياجهم وملابسهم. وبدت كل هذه الأشياء تافهة بالنسبة لي بالطبع. لكن بمرور الوقت أدركت أنني مخطئ. هذه الأشياء هي كل أدواتهم، هي بنفس أهمية الكاميرا والإضاءة لي.

بالنسبة لمخرج، الأدوات هي كل شيء في الفيلم. ولكن بالنسبة لممثل، فكل شيء يدور حول الشخصية، وبالتالي فهم ليسوا تماما على نفس الموجة، إنهم ليسوا تماما في نفس الواقع، لكن إذا تواصل الممثلون والمخرج فإنهم يستطيعون التحرك في نفس الاتجاه معا. سيحاول أغلب المخرجين الشبان تجاوز تلك المشكلة عن طريق الكذب على الممثلين. أعرف أن ذلك يحدث ولكنني لم أفعل ذلك. وبمرور الوقت، تُدرك أنك لو كنت أمينا، فإن الممثلين لن يكونوا فقط سعداء لمساعدتك في حل مشاكلك، بل إنهم يصنعون وصلة لتحقيق ذلك".

جان لوك جودار

"هذه الأيام أشعر بالمزيد من المشاكل في العثور على أشخاص أتبادل معهم الأفكار. الناس الذين أعمل معهم يبدون غير مبالين، لا يبدو عليهم أنهم يسألون أنفسهم أسئلة كثيرة، وبالتأكيد هم لا يسألوني أية أسئلة.

في أحد أفلامي الأخيرة مثلا، تقول واحدة من الممثلات السطر التالي: الأداء يقتل النص. هذا كلام مارجريت دورا الذي لا أوافق عليه بالضرورة، وقد وضعته في الفيلم على هيئة سؤال أكثر من كونه صيغة تقريرية. ومع ذلك ما فاجأني بالفعل أن الممثلة الشابة التي نطقت بهذه الجملة لم تسألني أبدا ماذا تعني الجملة أو لماذا طلبت منها أن تقولها.

إنني أواجه مزيدا ومزيدا من المشاكل في العثور على أناس مغرمين بالفعل بصنع الأفلام. والوحيد الذي مازلت أُجري معه نوعا من الحوار هو المنتج، لأن لديه اهتمام واضح بالفيلم. ربما يكون اهتماما ماديا، لكنّه أفضل من لا شيء. يشعرني معظم الآخرين أنني مثل فتاة القرية غير الشرعية، أنت تعرف تلك الفتاة التي يضاجعها كل الأولاد الشبان ثم يتباهون بذلك".

دافيد لينش

"أعتقد أن أفضل حركة في كل أفلامي هي في مشهد من الرجل الفيل "The Elephant  Man". عندما تكتشف الشخصية التي يؤديها أنتوني هوبكنز الرجل الفيل لأول مرة، فتتحرك الكاميرا قريبا كي ترى رد الفعل على وجهه. أتحدث عن التكنيك، الحركة كانت رائعة جدا، ولكن أيضا ما إن تتوقف الكاميرا أمام وجه هوبكنز تماما، يبكي دموعا. هذا لم يكن مخططا له على الإطلاق، إنها فقط واحدة من الأشياء السحرية التي تحدث في مواقع التصوير الفيلم. ومع أنها كانت اللقطة الأولى، عندما شاهدت ذلك، قررت أنه من العبث حتى محاولة إعادتها مرة أخرى".

وودي آلان

"غالبا ما يسألونني عن سر توجيه الممثلين، ويعتقدون دائما أنني أهزل عندما أجيب بأن كل ما عليك فعله هو أن تتعاقد مع ممثلين موهوبين، ودعهم يفعلون عملهم، هذا حقيقي.

يميل بعض المخرجين إلى الإفراط في توجيه ممثليهم، ويتهاون الممثلون في ذلك لاأهم، حسنا، يحبون المبالغة في الأداء. إنهم يحبون مناقشات لا حد لها عن هذه الجزئية. إنهم يحبون جعل مجمل مسألة إبداع شخصية ما عملية ذهنية. وغالبا ما يفسر ذلك اضطرابهم وفقدانهم لعفويتهم أو لموهبتهم الطبيعية. الآن أعتقد أنني أعرف من أين ينتج كل ذلك. فأعتقد أن الممثلين ـ وربنا المخرج أيضا ـ يشعرون بالذنب تجاه فعل شيء بسيط وطبيعي بالنسبة إليهم مثل هذا، ومن ثم يحاولون جعله أكثر تعقيدا كي يبرروا سداد المال من أجله. وأعتقد بأنني بعيد عن مثل هذا التفكير.

بطبيعة الحال، لو أن لدى الممثلين سؤالا أو اثنين سأجيب عنهما، كما أنني أستطيع بالأحرى، التعاقد مع ممثلين وأدعهم يفعلون ما هم جديرون به. لن أجبرهم أبدا على أى شيء، فأنا أثق تماما في غريزتهم التمثيلية، ولم أُصبْ أبدا بخيبة أمل.

أيضا كما قلت أقوم بتصوير لقطات بعيدة، مشاهد غير مولّفة. التي يحبها الممثلون لأن ذلك هو ما يدور حوله التمثيل. في أغلب الأحيان يقومون في الأفلام بتصوير لقطة ثلاثية ثنائية، حيث يقومون بتحريك رؤوسهم ويتفوهون بكلمتين، ومن ثم عليهم الانتظار لأربع ساعات لتصوير نهاية هذا المشهد من زاوية أخرى. فهم ما إن يسخنوا حتى يتوقفوا.

إنه أمر محبط للغاية، وأعتقد أنه يسير عكس نفس الشيء، الذي يجعل من مهنتهم شيئا منعشا. لذا في كل الأحوال، ما إن يظهر أحد أفلامي، يندهش الممثلون أنفسهم من روعة أدائهم ويعاملونني مثل بطل! لكن الحقيقة هي أنهم هم من أنجزوا كل العمل".

موقع (دوت مصر) في

24.03.2015

 
 

«هز وسط البلد» قنبلة سينمائية بدائية الصنع !

مجدي الطيب

• خسائر الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي لم تمتع إدارتها من الدخول في شراكة جديدة خاسرة !

تئن الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي من وطأة الخسائر الفادحة،التي سجلها الجهاز المركزي للمحاسبات في تقرير رسمي أكد فيه أن «الأعمال الفنية التي تم إنتاجها بلغت 461 مسلسلا بتكلفة 594 مليون جنيه في حين بلغت العائدات 464 مليون جنيه فقط». وأعلن أسامة هيكل رئيس الشركة «أن هدفه منذ أن تولى إدارتها هو وقف نزيف الخسائر،وتحويلها إلى شركة رابحة» !

مع هذا تجد الشركة الخاسرة المال والوقت للدخول في شراكة مع شركة «شاهين فيلم»،التي تملكها إلهام شاهين وأشقائها،لإنتاج فيلم «هز وسط البلد» سيناريو وحوار وإخراج محمد أبو سيف،الذي اختارها للبطولة،ومعها شقيقها «أمير»،بينما تولى الشقيق الثاني «أيمن» مهمة الإشراف العام على الإنتاج،الذي أسند مسئوليته إلى نجله «محمود»،واختيرت شقيقتهم «إيناس» للإشراف الفني Art Director !

تبدأ أحداث فيلم «هز وسط البلد» بلقطات لفقراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء جنباً إلى جنب مع الكلاب،بينما تشير ساعة الميدان إلى السابعة صباحاً،وفي إشارة لا تخلو من مباشرة فجة تركز الكاميرا على لوحة مرورية لسيارة تحمل حروف «ي و م» والأخرى «ط ي ن»، ثم ترصد الكاميرا سكيراً (تامر عبد المنعم) يدعو الله،وبيده كأس الخمر،أن يغدق عليهم بالمال والإيرادات التي تؤدي إلى نجاح فيلم تقول الأفيشات الدعائية على واجهة دار العرض إن اسمه «الصدر والورك» !

هذا الإسقاط،في حال اعتبرناه كذلك،ينقلب إلى غلظة مع هبوط امرأة أخرى مخمورة من سيارة،وتتعثر خطواتها وهي تحاول تلمس مدخل العمارة التي تقطنها فتلجأ إلى جارها الملتحي الذي يسكن العمارة المجاورة،ومن دون سبب تكيل له الشتائم،وتسخر منه بسماجة،وبعدها يبدأ الفيلم في استعراض شخصيات قاطني «وسط البلد»،التي أصبحت بديلاً للوطن بأكمله؛إذ تضم السفير السابق (محمود قابيل) جنباً إلى جنب مع تاجر السوق السوداء (لطفي لبيب)،الراقصة المعتزلة (هياتم)،الفاجر (فتحي عبد الوهاب)،الأم المتسولة (إلهام شاهين)،منتج السينما الهابطة (تامر عبد المنعم)،صاحب المقهى (علي حسانين)،الصحفي الوضيع (رامي غيط)،البائعة الجائلة (حورية فرغلي) والباحثة عن لقمة عيش شريفة (زينة)،بالإضافة إلى المتطرف (عمر حسن يوسف) الذي يقوم بتصنيع القنابل لحساب الخائن (منذر رياحنة) !

منذ الوهلة الأولى يستشعر المتابع أن ثمة تمازجاً وانصهاراً،أو ما يُطلق عليه تماهياً،بين فيلم «هز وسط البلد» وفيلم «كباريه» (إنتاج 2008) تأليف أحمد عبد الله والمخرج سامح عبد العزيز؛ففي التجربتين وحدة زمانية ومكانية،وعظة أخلاقية مباشرة (صنوف البشر،الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم،ومن ثم يستوجب عقابهم،ومحوهم من على وجه الأرض)،بواسطة متطرف فجر نفسه في «كباريه» وأصبح أكثر حرصاً في «هز وسط البلد» فاكتفى بتصنيع ست قنابل موقوتة !

أمر طبيعي أن تتحمس إلهام شاهين لإنتاج فيلم «هز وسط البلد»؛إذ يبدو وكأنه محاولة لتصفية الحسابات،ورغبة في تشويه صورة المحسوبين على الدين؛فالزوج الذي هجرها - في الفيلم – مخادع،تظاهر بالورع والتقوى،وضمها إلى نسائه الأربعة، وبعد أن أنجبت منه أربع أولاد هجرها ليجاهد في أفغانستان والعراق،ولم يكن أمامها سوى أن تتسول ثم تبيع جسدها لتطعم أولادها (!) أما الشاب الملتحي «رفاعة» فهو محبوب بين الجميع،وميسور الحال،كونه يملك ورشة كبيرة ورثها عن والده،ويستطيع أن يبيعها بمبلغ ضخم،ومع هذا يسقط بسهولة في براثن «العميل الغامض» (منذر رياحنة) الذي يقنعه بأنه يعيش في مجتمع كافر وعفن،ويحرضه على أن يواجه الحرب الصليبية التي تُحاك ضد الإسلام (!) بينما يأخذ الهجوم على المتأسلمين شكلاً أخر من خلال شخصية «الشيخ ياسين» (سمير العصفوري) الذي يدعو الناس إلى التبرع بالمال لبناء مسجد وهمي !

المخرج محمد أبو سيف من ناحيته لم يكتف بالزيف والصنعة الصارخة في ديكور «وسط البلد»،وإنما واصل نهجه في توظيف الرمز السخيف المباشر،عبر الاستخدام المتكرر، والمستفز، للساعة المعلقة، واللوحات المرورية للسيارات للتعليق على الرؤى والمواقف، ما دعاه إلى الاستعانة بخمسة عشر لوحة تحمل حروف «ف ق ر»، «و غ د»، «ر ع ب»، «ب ي ع»، «س و ق»، «ج ن س»، «ق و ا د»، «ع ج ز»، «ط ف س»، «ز ا غ»، «ر ا ح»، «ف ج ر» و«ب ذ خ»، ومع التكرار الذي فقد معناه، ورسالته،أصبح التوظيف عبئاً ثقيلاً على التجربة برمتها فضلاً عن ضجيج وزعيق أداء زينة،وافتعال حورية فرغلي، والاستعانة بموسيقى (حسين علي إسماعيل) تليق بفواجع الفيلم،الذي تدني كثيراً في الحديث عن وجود علاقة مثلية جنسية بين حورية فرغلي وشيخة خليجية،وتعمد الحط من دور الصحافة !

جريدة القاهرة في

24.03.2015

 
 

قصص” لرخشان بني اعتماد

فيلم عن معاناة الفقراء والمنسيين في طهران*

ناصر ونوس

بعد ثماني سنوات من الانقطاع عن إخراج الأفلام لأسباب رقابية تطل المخرجة وكاتبة السيناريو الإيرانية “رخشان بني اعتماد” بفيلم روائي جديد بعنوان “قصص”، عرض خلال الدورة الثامنة لمهرجان أبوظبي السينمائي (2014)، ونال بجدارة جائزة أفضل سيناريو في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية، ورشح لنيل الجائزة الذهبية للمهرجان. (شخصياً كنت أعرف أن الفيلم نال إحدى جوائز مهرجان البندقية لكنني لم أكن أعرف أيتها، وعند مشاهدتي إياه كنت أقول في نفسي أنه لو قدر لي إعطاء جائزة لهذا الفيلم لأعطيته جائزة أفضل سيناريو). ذلك أن سيناريو فيلم “قصص” وحواره مكتوبان بكل جوارح المخرجة، فكل كلمة وكل جملة هي معجونة بأحاسيس المخرجة، بقلبها وروحها. تلك الأحاسيس المتأتية من معايشة المخرجة بني اعتماد لشخصياتها بأفعالهم وسلوكهم وأحاسيسهم، كما أسرّت لي بعد الفيلم، وهذا هو أسلوبها في الإبداع السينمائي: “صناعة السينما ليست مهنتي وإنما حياتي…لا أستطيع إخراج سيناريو لست أنا كاتبته، لإنني لا أستطيع إخراج فيلم إلا إذا عشت كل لحظة من لحظاته، ومعايشة كل حالة وكل حدث وكل شخصية”. كما أنها لا تستطيع إخراج أي فيلم يتناول أي موضوع كان، فهي معنية بالقضايا الاجتماعية تحديداً، بمشاكل الناس الفقراء المطحونين في حياتهم اليومية، الذين يلهثون وراء لقمة العيش، التي لا يحصلون عليها إلا بشق الأنفس. بالناس الذين يقدسون كرامتهم ويدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة. والمخرجة بني اعتماد خبيرة بهذا النوع من الإبداع السينمائي، خبرة اكتسبتها من عملها الطويل في التلفزيون الوطني الإيراني (18 عاماً) درست خلالها في معهد السينما وتحولت تدريجياً إلى الإخراج السينمائي. ليكون رصيدها حتى الآن خمسة عشرة فيلماً بين الروائي والوثائقي، نالت عليها خمس عشرة جائزة عالمية وستة ترشيحات.

وفيلم “قصص” هو عن هؤلاء الناس الذين تتوجه إليهم دوماً رخشان بني اعتماد. صورته في البداية كأفلام قصيرة لتتحاشى الاصطدام مع الرقابة، ثم دمجت هذه الأفلام/ القصص وحاكتها في نسيج واحد وروح واحدة لتحصل على هذا الفيلم الروائي الذي أمامنا.

يتناول “قصص” سبع شخصيات معظمهم من قاع المجتمع الإيراني في العاصمة طهران. من سائق التاكسي الذي تعرض لعملية احتيال وسرقة ويعمل ليلاً نهاراً هو وزوجته لتأمين معيشتهما مع طفلهما. إلى مخرج الأفلام الوثائقية الذي يصطحب الكاميرا معه دوماً وينظر إلى الحياة عبر “العين السينمائية” ليعيدنا في الذاكرة إلى بداية السينما التسجيلية وفيلم “الرجل مع الكاميرا” (1929) للسوفييتي “دزيغا فيرتوف”. إلى المرأة المشردة مع طفلها التي تعرض على السائق جسدها من أجل تأمين الدواء لطفلها المريض، ليكتشف سائق التاكسي أنها ليست سوى جارته “معصومة” التي هربت من بيت أهلها وهي ماتزال صغيرة. إلى المرأة الستينية التي تعمل في أحد المصانع ولم يدفع لها مرتبها منذ تسعة أشهر. إلى الموظف المتقاعد الذي خضع لعملية جراحية وترفض شركة التأمين تغطية تكاليفها. إلى نرجس التي اعتاد زوجها على ضربها وانتهى به الأمر إلى رميها بالماء المغلي على وجهها لتصاب بحروق كبيرة. إلى سائق الحافلة الأمي الذي يتلقى الرسالة المرسلة إلى زوجته من عشيقها السابق يبلغها فيها أنه قرر توريثها منزلاً لم يعد بحاجته، فيقع الزوج في حيرة بين أن يرفض عرض العشيق السابق لزوجته حفاظاً على كرامته أو أن يقبله لحاجته الشديدة له. وأخيراً إلى الفتاة البائسة المصابة بمرض نقص المناعة.

في مقابل هؤلاء الناس الفقراء والمنسيين هناك المسؤول الإداري الذي يعقّد عمل المراجعين بدل تسهيله، ففي مشهد غلب عليه الأسلوب التراجيكوميدي نجد كيف ينشغل هذا الموظف بأموره الشخصية أكثر من انشغاله بحل مشاكل المراجعين. يدخل إليه “محمـد جواد حليمي” ليعرض عليه مشكلته، لكن المتقاعد المسكين لا يكاد ينطق بعبارة إلا ويقاطعه بالرد على إحدى المكالمات الهاتفية، مرة من زوجته التي توصيه بإحضار أحد الحاجيات المنزلية، ومرة أخرى يتصل هو لكي يحل مشكلة سيارته، وبعدها تتصل عشيقته فنجده وقد أصبح كالفأر أمامها بينما كان قبل لحظات يتنمر على المراجعين. وعندما يحتج المتقاعد على طول انتظاره إياه يطلب له الشرطة على الفور كي يخرجوه من الدائرة الحكومية.

في هذا الفيلم استطاعت المخرجة رخشان بني اعتماد إيصال ماتريد إيصاله عبر وسائل مختلفة؛ فهي تستخدم حيلة مخرج الأفلام الوثائقية الذي يصور كل مايجده مثيراً من حوله، فيصور العمال العائدين في إحدى الحافلات وقد استرسلوا في سرد قصص معاناتهم اليومية وظروفهم المعيشية القاسية. وتذهب إلى المصحة العقلية لتصور في مشهد مؤثر قصة “نرجس” مع زوجها الذي لا يكف عن ضربها، وإيذائها، بل حرق وجهها عمداً بالماء المغلي، وقد أتى إلى المصحة لاستعادتها وهو في ذروة غضبه، لكن سرعان ما يتحول هذا الغضب إلى إجهاش بالبكاء أمامها، قائلاً إنه ليس لديه أحد في هذا العالم غيرها. لكنها ترفض العودة معه لأنه كان يعاملها كعبدة ويضربها أمام أولادها، وإذا أخذها بالقوة فإنها ستحرق نفسها. ورغم كل هذه المعاملة القاسية أخفت نرجس قصة حرقه لوجهها كي لا تؤذيه، وقالت إن الحرق سببه انفجار غاز. لتكون بذلك الضحية التي لا تريد إلحاق الأذى بجلادها.

إضافة لهذه القصص هناك قصص جانبية تكمل رسم لوحة مجتمع طهران، ففي الحافلة التي تقل الموظف المتقاعد نشاهد في الخلفية إحدى النساء وهي تتفق مع أحد الشباب على زيارتها إلى البيت محاولة تطمينه أن زوجها لا يعود إلى البيت في تلك الساعة.

وفي المشهد الأخير يدور حوار في الحافلة الصغيرة بين السائق الشاب والفتاة سارة التي تساعد مريضة الإيدز، خلال نقل الفتاة إلى بيتها، حوار أقرب إلى المناكفة، لكنه يعبر عن حالة من الإعجاب الخفي المتبادل بين الشاب والفتاة، يصل ذروته عندما تسأله الفتاة على نحو مفاجئ وفي غمرة مناكفتهما: هل أنت معجب بي؟.

ليست اللوحة التي ترسمها رخشان بني اعتماد في “قصص” قاتمة كلها، فثمة مساحة للتكافل الاجتماعي والتعاون الإنساني والعمل الخيري، نقلتها بلقطات ومشاهد عدة كالمشهد الذي يعرض ما تقوم به الفتاة سارة لمساعدة مريضة الإيدز، وسائق سيارة الأجرة الذي يشتري الدواء واللعبة لطفل تلك المرأة المشردة التي التقطها من الشارع، والتي لا تمتلك حتى حق الدواء. ومشهد الطبيب الذي يعمل متطوعاً في المركز الطبي، رغم إعاقته المتمثلة بفقدان ذراعه اليسرى، ربما في الحرب العراقة الإيرانية، حاله في ذلك حال مئات آلاف الإيرانيين الذين جرحوا في تلك الحرب وفقدوا أحد أطرافهم أو أعضائهم أو أصيبوا بإعاقة دائمة.

هذه القصص إذاً هي عن أشخاص متباينين من المجتمع الإيراني، استطاعت المخرجة ربطها فيما بينها لتبني لوحة سينمائية متكاملة عن حياة هؤلاء الناس العاديين والمهمشين والفقراء في قاع هذا المجتمع. لقد نقلت المخرجة نبض هذا المجتمع بأجوائه وموسيقاه وأغانيه وإيقاعه، بقيادتها لممثلين اعتاد معظمهم العمل معها في أفلامها السابقة وأتقنوا أدوارهم ونقلوها إلى الشاشة بكل أمانة وصدق، وهم غلاب آدینه، صابر ابر، فرهاد اصلاني، بابك حمیدیان، نكار جواهریان، ریما رامینفر، حبیب رضایي، عاطفه رضوي، مهراوه شریفي ‌نیا، محمد رضا فروتن، بیمان معادي، فاطمه معتمد آریا، حسن معجوني، مهدي هاشمي، وابنتها باران کوثري الممثلة التي لعبت دور سارة متقنة إياه ومتألقة به.

*نشرت أولاً في العدد الأخير من مجلة دبي الثقافية

موقع (سينما العالم الثالث) في

24.03.2015

 
 

محسن محي الدين.. اسمع يا غايب حدوتة حتتنا

أفنان فهيد – التقرير

قرر “محسن محي الدين” بعد غياب دام ثلاثة وعشرين عامًا أن يعود إلينا مرة أخرى. فظهر في مسلسلين في رمضان الماضي، “المرافعة” و”فرق توقيت”، كما أدلى بتصريحات عن تحضيره لفيلم تغلب عليه الفانتازيا عن الثورة المصرية، وأن الإخراج سيكون من نصيبه. ولكن السؤال الذي يحضرنا هنا، هل يستطيع “محسن” أن يكمل أسطورته الناقصة؟ أو إنه في هذا العمر، يستطيع المضي قدمًا في مشواره الذي لم يكمله؟ أم تراه أخرج كل ما في جعبته في السنوات والأعمال القليلة التي عمل بها؟ هذا السؤال لن يكون في إمكاننا الإجابة عنه سوى بتتبع مشواره الفني قبل الاعتزال، وانتظار أعماله الجديدة ومن ثم يمكننا الحكم.

قبل أن ينضم “محسن” لفريق عمل “يوسف شاهين”، مثّل دور الطفل والشاب المراهق في خمسة أفلام، لكن موهبته الحقيقية وعبقريته الكاملة لم تظهر إلا عندما اكتشفه “شاهين”. وأقصد بالاكتشاف هنا، نفض التراب عن موهبته المختفية تحت صِغر الأدوار التي تُعرض عليه.

الفيلم الأول الذي قدمه “محسن” مع “شاهين”، كان “إسكندرية.. ليه؟”. لم يكن عمر “محسن” وقتها قد تجاوز العشرين عندما قام بهذا الكم الهائل من التراجيديا والكوميديا والاستعراض، الذي لا نستطيع أن نجزم أيهم الأفضل؟ لأنهم كانوا ببساطة على درجة متساوية من العبقرية.

فمشهد “هملت” الصغير الذي قدمه في فيلم “إسكندرية.. ليه؟” استطاع أن ينافس به النجوم الكبار الذين قدموا المسرحية كاملة على المسرح.

لم يقدم أحد شخصية “يحيى شكري” أفضل مما قدمها “محسن”؛ حتى النجوم الكبار الذين قدموا الشخصية في مرحلة عمرية متقدمة مختلفة عن مرحلة المراهقة التي قام بها “محسن”، وُضعوا في مقارنة بين أدائهم وأداء “محسن” ويمكنني الجزم أن أداء “محسن” قد تفوق عليهم جميعًا؛ لذا فيلم “إسكندرية.. ليه؟” هو الأشهر في مجموعة الأفلام التي تحكي سيرة “شاهين” الذاتية. كما يمكنني الجزم أن أحدًا لم يفهم رأس “شاهين” كما فهمها “محسن”، وأن أحدًا لم يقدر موهبة “محسن” كما قدرها “شاهين”. “شاهين” نفسه صرح قبل ذلك أنه أثناء التصوير عندما كان يوجه تعليماته لـ”محسن” كان يرد عليه “خلاص خلاص فهمت” ثم يقوم بالمشهد تمامًا كما أراد “شاهين” رغم أنه لم يكن قد أكمل كلامه بعد!

خفة الظل التي اشتهر بها “محسن” كانت دائمًا ما تخفف من وطأة التراجيديا في العمل، ومن الصعب جدًا أن تجد ممثلًا يمكنه القيام بالكوميديا والتراجيديا على نحو متساوٍ وبدون افتعال. بنظرة واحدة من عينيه يبكيك، وبتعبير واحد على وجهه وقبل أن يفتح فمه ليقول الحوار، يُضحكك.

وبالرغم من أنه قدّم نفس الشخصية في فيلم “حدوتة مصرية” بشكل ثانوي ولم تتجاوز مدة ظهوره على الشاشة ثلث الساعة؛ إلا أن هذا لم يمنعه من التألق والحضور المبهر.

أما فيلمه التالي مع “يوسف شاهين”، “وداعًا بونابرت” فكان بداية الخلافات بينه وبين “شاهين”؛ فقد شعر أن الأخير يقيد أداءه ويملي عليه طريقة التمثيل، ولكن بالرغم من ذلك خرج الفيلم في صورة جيدة جدًا، وتفوق فيه “محسن” على نفسه بعيدًا عن دور “يحيى شكري” الذي قدمه في الفيلمين السابقين.

حيث قام بدور شاب مصري “عليّ” وقت قدوم الحملة الفرنسية على مصر، واتهامه من قِبل أهله أنه محب ومؤيد لهذا النوع من الاحتلال؛ وذلك لصداقته لأسرة رجل فرنسي في الإسكندرية قبل قدوم الحملة، وتلقيه اللغة فرنسية على يده.

“عليّ” الذي يتقدم المظاهرات التي تقوم ضد الاحتلال وفي نفس الوقت لا يمانع الاستفادة من الحملة العلمية التي جاءت مع الحملة الاحتلالية، ولا يعتبر ذلك نوعًا من الخيانة.

أما الفيلم الأخير مع “شاهين” والذي اشتد فيه الخلاف كما صّرح “محسن”، كان فيلم “اليوم السادس” المأخوذ من رواية عالمية بنفس الاسم لـ”أندريه شديد”. خرج علينا “محسن” في دور “عوكا” القرداتي، المُحب لمهنته، والذي ألقته الأقدار في طريق السيدة الفلسطينية “صديقة” التي تعيش في مصر، فتورط في أزمتها مع حفيدها الذي أصابه الكوليرا والتي حاولت أن تبعده عن العيون حتى يمر اليوم السادس على خير، فيتخطى بذلك مرحلة الخطر.

“عوكا” في البداية كان شخصًا أنانيًا، يبحث فقط عن راحته، ثم أدى تورطه مع “صديقة” إلى تحوله من الصورة الأنانية المستهترة إلى صورة الشخص المسؤول، الذي يحاول بكل طريقة أن يجد حلًا لأزمتها. ثم في النهاية يمنعها من الانتحار بعد فقد حفيدها.

رغم أن قصة الفيلم تراجيدية في أصلها؛ إلا أنها احتوت على بعض المشاهد الكوميدية التي أدّاها “محسن” بخفة ظله المعهودة، كما قام بتأدية بعض الحركات الاستعراضية، وقام بغناء الأغنية الشهيرة “حدوتة حتتنا”.

بعد هذا الفيلم انفصل “محسن” عن “شاهين”؛ والسبب -حتى وإن أعلنوا عنه- لايزال غامضًا وغير معروف. فقد أعلن “شاهين” في فيلم “إسكندرية كمان وكمان” أن الخلاف وقع بسبب أن “محسن” ضجر من الأفلام التي لا تحقق ربحًا ماديًا، ولا تجني جوائز عالمية، وأعلن “محسن” أن “شاهين” استعبده، وحاول تقييد طريقته التمثيلية وتحويله لنسخة أخرى منه. كما كان العرف السائد أن “شاهين” يحتكر من يعمل معه، ولا يستطيع العمل مع مخرجين أو منتجين آخريين. تكاثرت الشائعات حول ذلك ومن منهما الصادق ومن منهما الكاذب، ولكننا لا نعرف إن كان الأمر بهذه البساطة وأخذها “شاهين” بحساسية مفرطة فقط.

لكننا في النهاية لا نستطيع أن نجزم بأسباب غير التي صرح بها كلاهما. فرغم الانفصال الفني؛ إلا أن الولد المدلل لـشاهين ظل يحتفظ بنفس القدر من المحبة والاحترام في قلب “شاهين”، ولا يزال “محسن” يعبر عن احترامه لـ”شاهين” في كل لقاء تلفزيوني وصحفي، وإن كان يبدي تحفظًا على قول من يقول إن “شاهين” من اكتشفه.

عمل “محسن” مع مخرجين آخرين، مثل المخرج “هنري بركات” في فيلم “ليلة القبض على فاطمة”، وقام بدور الأخ الصغير المزوّر، الذي تجمعت فيه كل صفات الخسة والنذالة.

ولم يكن هذا الفيلم الأول مع الفنانة الراحلة “فاتن حمامة”؛ بل وقف أمامها قبل هذا في دور صغير في فيلم “أفواه وأرانب”.

ثم تجربته المسرحية الشهيرة أمام الفنان العظيم “فؤاد المهندس” في دور صغير جدًا في مسرحية “سك على بناتك”. ورغم صغر حجم الدور؛ إلا أنه لفت جميع الأنظار لخفة ظله، وحركاته الاستعراضية الهائلة في الرقصة الشهيرة مع شريهان.

مثّل “محسن” أكثر من فيلم بعد انفصاله عن “شاهين”، إلا أنهم لم يحققوا نفس القدر من الشهرة، ثم جاء القرار الصادم الذي زلزل الوسط الفني، فأعلن عن اعتزاله واختفى تمامًا عن الأضواء هو وزوجته الفنانة “نسرين”.

فهل يستطيع “محسن” الآن وبعد غياب دام أكثر من عشرين عامًا أن يكمل أسطورته غيرالمكتملة؟ أم أن الأسطورة كُتب لها عدم الاكتمال وأن تقف هكذا عند المنتصف كحكاية لم تنته تُروى مرارًا وتكرارًا دون أن نعرف لها نهاية؟!

التقرير الإلكترونية في

24.03.2015

 
 

«بيزنس» الفنانين... بين «الحق» المشروع و{استثمار» الشهرة

كتب الخبرأحمد بركات

أثار إعلان الفنانة الاستعراضية صافيناز نيتها الاستثمار في مصر لحل مشكلة الإقامة التي تطاردها دوماً، تساؤلات حول استغلال الفنانين المشاريع الاقتصادية دعماً لوجودهم على الساحة الفنية. وتباينت آراء النقاد بين من يعتبرها مساحة شخصية خاصة ومستحقة، ومن يؤكد أن في الأمر تداخلاً بين الفن و{البيزنس».

صافيناز التي قدرت استثماراتها داخل مصر، كما أعلنت عبر محاميها، برأس مال قدره 3.5 مليون جنيه، سيكون نشاطها إقامة حفلات غنائية وفنون استعراضية، وإنتاجها وتوزيعها، وقد حصلت على التصاريح اللازمة من وزارة القوى العاملة المصرية لشركتها التي تأسست أخيراً.

ما فعلته صافيناز ليس الأول من نوعه، فثمة فنانون كثر يسعون إلى تأسيس مشاريع خاصة بهم تعتمد على استثمار اسمهم وشهرتهم.

لا استغلال

توضح الناقدة الفنية ماجدة خيرالله أن فنانين كثراً يلجأون إلى مشاريع غير فنية تعتمد على رؤوس أموال خاصة لأسباب من بينها الرغبة في تأمين المستقبل مادياً، والحصول على أرباح بما لا يؤثر على الأعمال التي يقدمونها، أو جمع الأموال للأعمال الخيرية والترويج لمؤسسات غير هادفة للربح، أو الترويج لمشاريع خاصة في الأسواق، على غرار الظهور في إعلانات العطور والملابس وما شابهها.

تضيف: {لا تعيب المساعي الربحية الفنان ما دام يحافظ على المسافة بينها وبين ما يقدمه للفن، لكنني أستاء من نجوم لامعين يقدمون كل ما هو مفيد في مجالهم ثم ينطفئ ذلك كله بسبب تركيزهم في الحملات الإعلانية أو المشاريع الخاصة وتحوّلهم من فنانين إلى {موديلز}.

تتابع: {في فترة ما كان ثمة {وكلاء} يديرون مشاريع الفنانين، ليقرر هؤلاء، في ما بعد، إدارتها بأنفسهم اعتماداً على {صخب ظهورهم} كشخصيات عامة، وأن لاعبي كرة القدم يتفوقون على الفنانين في هذا الأمر}.

في ما يتعلق بصافيناز تؤكد خيرالله أن {أعمالها الخاصة لا تعيبها، ما دام الأمر لن يصبح {فرض وجود} على الساحة باستخدام هذا الاستثمار، ويصبح، في هذه الحالة، أحد أنواع {التحايل}، ولكن ما دامت تظهر بأعمالها أو حفلاتها ضمن نشاطها الفني المعتاد فلا يجب انتقاد مشاريعها الشخصية}.

دور جيد

في تصريح لـ{الجريدة} يؤكد ماجد المصري أن الأمر ليس استغلالاً لاسم الفنان، ولا يعتبر تداخلاً بين الـ {بيزنس} والفن، ولا يؤثر أحدهما على الآخر، بل يكون وثيق الصلة بالمتغيرات في المجال الفني نفسه، فبعد ثورة يناير حل ركود تام على الساحة الفنية، واضطر الفنانون إلى اللجوء إلى الاستثمار والمشاريع الخاصة.

ويضيف أن حالة صافيناز {لا تضر} الفن من قريب أو من بعيد، بل تنعكس إيجاباً على أحوال البلاد الاقتصادية، فعندما يفتتح فنان مشهور مشروعاً ما يشهد إقبالا وحركة تجارية، ما ينعش الأوضاع حول هذا المشروع، وهو {دور جيد { يقوم به.

يتابع أن فناني هذا الجيل استوعبوا الدرس من أجيال فنية سابقة وأسماء لامعة رحلت وهي {فقيرة تماماً}، {بل إن البعض مات لعدم قدرته المادية على توفير مستحقات علاجه أو سكنه، لذلك نبحث عن مصدر دخل ثابت حتى لو اعتمدنا على علاقتنا في المجال الفني لخدمة الاستثمار الجديد}.

بدوره يرى محمد الشقنقيري أن فنانين كثراً قرروا أن تكون مشاريعهم الاستثمارية وثيقة الصلة بفنهم، {فنراهم يمتلكون استديوهات لتسجيل الأغاني أو دبلجة الأصوات، وشركات إنتاج واستديوهات لتنفيذ مراحل في الأعمال الفنية}، معتبرا ذلك {الأنسب} في حال أرادوا اقتحام عالم المال والأعمال .

يضيف: {يجب ألا نلوم الفنانين في حال لجأوا إلى أنشطة تجارية، لأن المجال الفني غير مضمون دوماً، ولا يحقق الأمان الوظيفي الذي تتمتع به شرائح أخرى في المجتمع.  ثم بحكم عمله، الفنان معرض لأمراض الضغط والقلب وغيرهما، ويحتاج إلى ما يعتمد عليه غير نجوميته أو شهرته}.

يذكر أن سامي العدل يمتلك أحد أشهر المقاهي بحي الزمالك الراقي، أحمد السقا معارض لتأجير السيارات بالإضافة إلى {إسطبلات} للخيول،  أحمد حلمي شركة إنتاج فني تنتج أعماله، حنان ترك متجر تزيين الشعر للمحجبات، المنتج محمد السبكي سلسلة محلات لتجارة اللحوم بالدقي وشركة لإنتاج الأفلام وتسويقها.

الجريدة الكويتية في

24.03.2015

 
 

«ماكس المجنون»:

«طريق الغضب» الحدث السينمائي المرتقب لعام 2015

عبدالستار ناجي

يعتبر فيلم ماكس المجنون: طريق الغضب الحدث السينمائي المرتقب لعام 2015.

ويستمد الفيلم اهميته من مجموعة من الاعتبارات التي يأتي في طليعتها انه الجزء الرابع لهذه السلسلة التي كتبها وأخرجها السينمائي الاميركي جورج ميلر، كما انه الجزء الجديد الذي لا يقوم ببطولته النجم الاسترالي الاميركي المولد ميل غيبسون بالاضافة الى كل ذلك فانه يذهب عبر أحداثه الى مرحلة زمنية حيث كوكب الأرض تجتاحه الفوضى والدمار والتشرذم والقوى التي تتحكم بالصحارى التي تحولت الى مصدر لاستقطاب الخارجين عن القانون .

وسط تلك الفوضى الضاربة نتابع حكاية اثنين من المتمردين اللذين يحاولان استعادة النظام وهما ماكس ويجسد الشخصية في الجزء الجديد النجم توم هاردي بدلا من ميل غيبسون الذي جسد ذات الشخصية في الاجزاء الثلاثة الاولى مشيرين الى ان تلك الشخصية والسلسلة كانتا وراء الشهرة والنجومية الطاغية التي حقهها ميل غيبسون عالميا . اما الشخصية الثانية فكانت فوريوسا التي تقدمها النجمة الجنوب أفريقية تشارليز ثيرون والتي استطاعت ان تقيم منطقة آمنة تسيطر عليها النساء القويات.

وخلال رحلته يصل ماكس الى تلك المنطقة حيث تتواجه القوى الضاربة في تلك القفار البعيدة حيث منصة الحرب التي تسيطر عليها فوريوسا وهناك تشتعل حروب عدة من بينها حرب البترول والمياه وغيرها من الحروب التي يعيشها العالم في هذه المرحلة من تاريخ البشرية .

في الفيلم كمية لا توصف من مشهديات الحروب القاسية والصعبة والتي تجعلنا في عدد من المشاهد نستعيد من خلالها عددا من مشاهد الاجزاء الثلاثة الماضية . ولكننا هنا أمام حروب مقرونة بتقنيات سينمائية قامت بتوفيرها ستديوهات وارنر براذرز لتقدم لنا فيلما سيكون احد اهم الافلام المرتقبة لصيف 2015 بل ان الأخبار القادمة من ادارة مهرجان كان السينمائي تؤكد بان الفيلم سيكون له موقع بارز على خارطة الأفلام المعروضة خارج المسابقة الرسمية .

النهار الكويتية في

24.03.2015

 
 

قريبا بصالات السينما «ماد ماكس ـ طريق الغضب» 14 مايو و«العالم الجوراسي» 12 يونيو

الحدث المرتقب لعام 2015..

خاص ـ «سينماتوغراف»

يشهد صيف عام 2015 ظاهرة سينمائية جديدة وهي عرض عدد من الأفلام المقتبسة من أعمال سينمائية قدمت خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.

وفي مقدمة هذه الأفلام «ماد ماكس ـ Mad Max» والذي يعرض بعنوان جانبي هو «طريق الغضبFury Road   »ويطرح في صالات السينما 14 مايو المقبل،  وهو مقتبس من ثلاثية سينمائية قام ببطولتها النجم ميل غيبسون أعوام 1979 و1981 و1985 على التوالي.

والجديد في هذا الفيلم هو مشاركة عدد كبير من نجوم هوليوود في مقدمتهم البريطاني توم هاردي الذي يؤدي شخصية «ماكس» التي وقدمها غيبسون من قبل، إضافة إلى النجمة الجنوب إفريقية تشارليز ثيرون والممثلة الشابة زوي كرافيتز وأخرون، ويعد الحدث السينمائي المرتقب لعام 2015، ويستمد أهميته من أنه الجزء الـرابع لهذه السلسلة التي حققت نجاحا كبيرا في شباك التذاكر.

وتدور أحداث الجزء الجديد في عالم متخيل تسوده الفوضى ويتقاتل فيه البشر من أجل احتياجاتهم الأساسية كالماء والغذاء، ويبرز وسط هذه الفوضى ماكس الذي يلتقي بإمرأة غامضة تدعى فيوريسا والتي تسعى لقطع صحراء قاحلة للوصول إلى موطنها الأصلي بمساعدة ماكس، ليواجها خلال الطريق عشرات المواقف المثيرة، حيث تشتعل معارك عدة، من بينها حرب المياة وغيرها من الحروب التي يعيشها العالم في هذة المرحلة من تاريخ البشرية.

أما الفيلم الثاني فيحمل اسم «العالم الجوراسي ـ Jurassic World» ويطرح في صالات السينما 12 يونيو، وهو مقتبس عن سلسلة أفلام قدمها المخرج الأميركي الشهير ستيفن سبيلبرغ في التسعينات.

وكما في سلسلة سبيلبرغ، تدور أحداث هذا الفيلم الذي أخرجه كولين تريفورو حول عالم يتوصل لطريقة لاستنساخ الديناصورات التي كانت تعيش على سطح الأرض في العصر الجوراسي  ويؤسس حديقه لهم ، إلا أن الأمور تخرج عن السيطرة بسبب جشع الشركات الكبرى الساعية للسيطرة على الحديقة.

وفي الجزء الجديد وبعد مرور 22 عام من كارثة حديقة الديناصورات في الجزء الأول، وعلى جزيرة «أيلا نوبلار» ذاتها، تفتح حديقة «العالم الجوراسي» أبوابها أخيرًا للجمهور، ويتوافد عليها آلاف الزائرين كل يوم. إلى أن يحدث شيءٌ ما خطأ، وتخرج الديناصورات من محابسها لتنشر الفوضى في أنحاء الجزيرة.

وتطرح عودة هوليوود لتقديم هذه النوعية من الأفلام أسئلة حول مدى قدرة الأجزاء الجديدة على تحقيق نفس النجاح الذي حققته سابقاتها خاصة وانها تخاطب جيلا جديدا ومغايرا تماما.

سينماتوغراف في

24.03.2015

 
 

المنتج الشتيلي جعل الميزانية مفتوحة لتقديم عمل راق

القصر” رعب وإثارة سينمائية يجمع الخبرة مع الشباب

كتب – محمد جمعة:

أعلن فريق الفيلم الكويتي “القصر” عن تفاصيل تجربتهم السينمائية في مؤتمر صحافي أقيم برعاية وحضور الشاعر الشيخ دعيج الخليفة ومؤلف ومخرج الفيلم نادر الحداد والمنتجين نواف الشتيلي وأحمد الحداد وعادل العنزي من شركة “ارت دايمنشن”, ونجوم العمل جمال الردهان, علي جمعة, عماد العكاري, مبارك سلطان وأحمد الحليل, وغيرهم, فضلاً عن حشد من وسائل الإعلام المحلية التي حرصت على التواجد لتوثيق التجربة الجديدة التي تضاف إلى الحراك السينمائي المحلي الهادف لدفع عجلة السينما إلى الأمام.

بدأ المؤتمر, الذي أداره الزميل عبدالحميد الخطيب, بكلمة من المخرج نادر الحداد الذي يخوض تجربته الأولى التي كشف خلالها عن نيته التوجه خلال الفترة المقبلة إلى العمل في السينما بعد أعوام طويلة أمضاها في رحاب الدراما التلفزيونية ومثمناً تجارب الشباب في الفترة الماضية.

وقال الحداد عن قصة الفيلم الذي صاغ أحداثه بعد محاولات عدة على الورق: استوحيت قصة “القصر” من زيارتي إلى قصر الراحل الشيخ عبدالله المبارك ووضعت رؤية معينة, مبنية على النجوم المشاركين معنا, وأسعدني دعم الشيخ دعيج الخليفة ما يدعوني إلى التفاؤل والرغبة في التميز لنخرج بأفضل صورة ممكنة, كاشفاً عن نيته هو والقائمين على الفيلم المشاركة به في المهرجانات السينمائية المختلفة خارج الكويت.

وأضاف: قصة الفيلم تحكي عن مجموعة من الأشخاص يدخلون أحد القصور, عقب خدعة يتعرضون لها وتتوالى الأحداث, مؤكدا على أن النص تمت إجازته من الرقابة منذ فترة وجاهز للتصوير المقرر أن يبدأ يوم الأربعاء.

واستطرد الحداد في السياق نفسه: تجارب السينما في الكويت بالفترة الأخيرة تعتبر جيدة نوعاً ما, وأتمنى أن نصل من خلال “القصر” إلى السينما العالمية… كاشفاً ان مدة الفيلم تتراوح بين ساعة ونصف وساعتين إلا ربعا, وسيعرض في الكويت والخليج, والمهرجانات الدولية, نافياً وجود أي تشابه بين عمله وفيلم “090″ الذي طرح أخيراً في دور العرض السينمائية.

وأكد الحداد على انه قرر تصوير الفيلم بطريقة “وان شوت” ولن يتم استخدام الخدع والغرافيكس, وسيتم الاعتماد على الأحداث الطبيعية لأن تركيبة النص لا تحتاج للخدع.

وعن سبب عدم استعانتهم بنجوم شباب لديهم حضور في الدراما التلفزيونية رد نادر الحداد: يشارك في الفيلم إلى جانب النجوم الكبار عددا من الفنانين الواعدين الذين يملكون موهبة حقيقية, وقد حرصنا على أن تكون التوليفة متوازنة ومزيجا بين الخبرة والشباب.

من جانبه, قال الفنان جمال الردهان: لم أتردد لحظة في الموافقة عندما عرض علي فيلم من إخراج نادر الحداد صاحب الخبرة الطويلة في المجال الفني, وأؤكد بأن أعماله حتى لو كانت “غشمرة” هي مدرسة للآخرين وأثق أنه سيترك أثراً مهماً من خلال “القصر”.

وأكمل: توجد في الخليج مهرجانات سينمائية ومسرحية مهمة, ونحن مع الأسف تخلفنا عن الركب, فلا وجود للكويت بالفعاليات الخارجية أخيراً إلا ما ندر, لذلك ندعم تجربة الحداد, ونتمنى أن نوفق جميعاً فيها.

مستطرداً “أنا حنبلي” في اختياراتي الفنية وقد وجدت حرفية عالية بين سطور “القصر”, وكأنه فيلم أميركي من بطولة فنانين كويتيين, ونتمنى أن يصل للجمهور.

وقال الردهان رداً على سؤال “السياسة” عن أهمية المخزون الفني في تمثيل الكويت خارجياً: الكويت لديها مخزون فني عظيم, وهي “هوليوود الخليج”, ولكن للأسف ليس لدينا نتائج لهذا المخزون, وأصبحنا بعيدين عن المنافسة وأتمنى كدولة رائدة, تكثيف التجارب السينمائية لتنشيط هذه الصناعة بما يصب في صالح تطورها.

بدوره, قال الفنان علي جمعة: عيون نادر الحداد ثاقبة ورؤيته مختلفة, وأعتقد ان علينا مسؤولية كبيرة لنقدم للسينما الكويتية عملا مميزا يضيف إلى هذه الصناعة التي تحتاج جهودا كبيرة للنهوض بها.

بينما علق الفنان عماد العكاري على مشاركته في “القصر” قائلاً: بعد قراءة متأنية لنص الفيلم شعرت بالخوف الشديد, فالأحداث مليئة بالإثارة والتشويق والغموض, وهذه النوعية من الأفلام يحبها الجمهور.

أما المنتج نواف الشتيلي فقال: تصوير الفيلم سيكون في قصر الشيخ الراحل عبدالله المبارك, وقد رصدنا ميزانية مفتوحة ليخرج العمل في أفضل صورة ممكنة, مشدداً على انه لا يفكر في الربح قدر اهتمامه بجودة العمل, وأضاف: لا يهم أن تصل الكلفة إلى مليون دينار أو أكثر, نحن في حاجة لوجود أفلام كويتية قادرة على المنافسة.

من جهته, قال عادل العنزي من “شركة ارت دايمنشن”: نشارك في الإنتاج لأن هدفنا تقديم عمل راق يليق باسم الكويت ونجومها المتميزين, لذلك ساهمنا في توفير كافة الإمكانات لإنجاز العمل في موعده المحدد, واتفق معه المنتج أحمد الحداد قائلاً: نسعى لأن نصل بالسينما الكويتية إلى أعلى مستوى ممكن.

وفي مداخلة قال راعي الحفل الشيخ دعيج الخليفة: يسعدني أن أكون أحد أعضاء فريق فيلم “القصر”, الذي سيعرض في السينما الكويتية ليستمتع الجمهور بعمل مميز من كافة النواحي. فيما تمنى الفنان مبارك سلطان الوصول بالفيلم إلى بر الأمان.

يذكر ان فيلم “القصر” من تأليف وإخراج نادر الحداد, وإنتاج نواف الشتيلي وأحمد الحداد وشركة “ارت دايمنشن” عادل العنزي, منتج منفذ مؤسسة “تيك تو” للانتاج الفني, مخرج مساعد علي كريم شاه, مساعد مخرج جراح ليلي, مدير تصوير وإضاءة محمد دعيبس, تمثيل: جمال الردهان, علي جمعة, أمل عباس, عماد العكاري, مبارك سلطان, أحمد الحليل, شهد سلمان, محمد الوزير, محمود الفيلكاوي, عبدالله الفريج, وليد حمادة, زياد الحامد, عبدالعزيز الموسوي, فوزية محمد, وغيرهم, مدير إدارة الإنتاج مشاري الفواز, مدير الإنتاج محمد الخيبري, ماكياج ليلى البلوشي.

السياسة الكويتية في

24.03.2015

 
 

أميتاب باتشان :

شربت من نيل مصر كثيرا لذا يجب أن أعود إليها

كتب - هيثم الهوارى

عبر الفنان الهندى الكبير أميتاب باتشان - فى مقطع فيديو له تم تحميله من قبل السفارة الهندية بالقاهرة على موقوع  يوتيوب – عن سعادته البالغة بزيارة مصر والمشاركة فى افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان الثقافى الهندى " الهند على ضفاف النيل . "

شعرت بالانتماء لها وقد عرفت قولاً مأثوراً فى مصر وهو إن شربت من ماء وأضاف الفنان الهندى " أن دولتكم "مصر " هى أحدى الدول التى لطالما شعرت بالانتماء لها وقد عرفت قولاً مأثوراً فى مصر وهو إن شربت من ماء الكثير من ماء النيل فستعود إلى مصر مجدداً ، لافتا إلى أنه يبدو أنه شرب كثيرا من مياه النيل التى دفعته للعودة إلى مصر والاستمتاع  بمشاعر الحب والمودة .

تنوع المهرجان حيث يضم الموسيقى المعاصرة والكلاسيكية والرقص والمسرح وتابع أنه سعيد لكونه ضيف شرف المهرجان مؤكدا أن ما لفت نظره هو والفنون البصرية والأفلام .

ياتى هذا فى اطار رعاية وزارة السياحة بالشراكة مع السفارة الهندية بالقاهرة ووزارة الثقافة إقامة الدورةالثالثة لمهرجان الهند على ضفاف النيل الذى تنطلق فعالياته هذا العام من 30 مارس حتى 17 إبريل- بإقامة مجموعة متنوعة من الفاعليات التى تعرض مختلف جوانب الثقافة الهندية وذلك بمشاركة نجم بوليوود الكبير أميتاب باتشان  الذى يحل ضيفا على القاهرة يوم 30 مارس .

يأتى ذلك فى إطار الجهود المبذولة لاستعادة حركة السياحة الوافدة والعمل على تحسين الصورة الذهنية للمقصد السياحى المصرى .

والسفير الهندى بالقاهرة مؤتمرا صحفيا بحضور النجم العالمى أميتاب باتشان ومن المقرر أن يعقد وزير السياحة خالد رامى بالتنسيق مع وزير الثقافة للإعلان عن انطلاق فعاليات المهرجان وذلك يوم 31 مارس بأحد فنادق القاهرة ، كما يتم إفتتاح العروض السينمائية مساء ذات الليلة من على سفح الاهرامات بحضور باتشان ، وتأتى هذه الزيارة بعد غياب امتد لـ24 عاماً ، حيث كانت آخر زيارة للنجم الهندى للقاهرة عام 1991

الكواكب المصرية في

24.03.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)