كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

نور الشريف:

عندما يصبح التمثيل موسيقى بحركات الجسد ونظرات العيون

بقلم: سمير فريد

٣١/ ١/ ٢٠١٥

 

فى فيلمه الروائى الطويل الرابع منذ ٢٠٠٧ «بتوقيت القاهرة» يقدم المخرج أمير رمسيس الممثل الكبير نور الشريف فى دور من أعظم أدواره يعود به إلى شاشة السينما بعد سنوات اقتصر فيها على التمثيل فى المسلسلات التليفزيونية، وهو دور أب يعانى من مرض النسيان المعروف باسم «ألزهايمر»، ويعيش بين قسوة ابنه الذى لا يقدر ظروف المرض، وحنان ابنته التى تعرف معنى الأبوة.

يستجمع نور الشريف خبرته الطويلة والعميقة فى هذا الدور، ويصل إلى ذروة جديدة فى تاريخه الحافل، حيث يصبح التمثيل فى السينما موسيقى خالصة، ولكن بحركات الجسد الذى تثقله السنون، ونظرات العيون المرهقة، والموسيقى هى أعلى درجات التعبير فى كل الفنون لأنها لغة التجريد الكامل الذى يطلق الخيال من غير حدود.

يحيى شكرى مراد «نور الشريف» يتمسك بالحياة حتى آخر نفس، ويعبر المخرج وهو كاتب السيناريو عن هذا المعنى من خلال بحث «يحيى» عن صاحبة صورة يمسك بها رغم أنه لم يعد يتذكر اسمها، ويسافر من مدينته الإسكندرية إلى القاهرة على أمل العثور عليها، وعلى الطريق يستقل يحيى سيارة يقودها الشاب حازم «شريف رمزى» الذى يتاجر فى المخدرات وتطارده العصابة، وتلحق بهما أميرة «درة» ابنة يحيى، وفى مقهى على الطريق يلتقى الثلاثة، ويبدو التمثيل كموسيقى فى هذا المشهد، على سبيل المثال عندما يوحى الأب لابنته أنه لا يعرفها حتى لا يعود معها إلى الإسكندرية، ويؤكد لنا كمتفرجين أنه يدعى ذلك، فالنظرات هنا تجمع بين معرفته لها والادعاء بغير ذلك فى نفس الوقت، وأسلوب إلقاء الكلمات يتضافر مع النظرات لتأكيد نفس المعنى.

ويتقاطع بحث يحيى عن صاحبة الصورة مع ليلى «ميرفت أمين» الممثلة المعتزلة التى تذهب إلى زميلها سامح «سمير صبرى» فى القاهرة، وتطلب منه أن يطلقها حتى تتزوج، حيث إنهما تزوجا فى أحد الأفلام، وبعد أن اقتنعت بفتوى أحد مشايخ القنوات التليفزيونية الإسلامية بأن الزواج فى السينما صحيح شرعاً طالما توفرت فيه كل إجراءات الزواج فى الواقع، وهى فتوى حقيقية أذيعت عام ٢٠٠٧، ونراها فى الفيلم كوثيقة تسجيلية.

ويتقاطع بحث يحيى المستحيل وطلب ليلى الخرافى مع اللقاء الأول داخل شقة فى القاهرة بين سلمى «أيتن عامر» ووائل «كريم قاسم» اللذين يتبادلان الحب، ولكنهما يترددان فى ممارسة الجنس قبل الزواج رغم قرارهما النهائى بالزواج، ويتجه حازم وبصحبته يحيى إلى منزل سامح ليبيع له المخدرات، وهناك يكتشف يحيى أن ليلى هى صاحبة الصورة، وكانت حبه الأول، ونكتشف أن سلمى هى ابنة ليلى التى كانت تتحدث معها تليفونياً طوال الفيلم، ويتعرض حازم للضرب المبرح من العصابة، وفى الشارع يبدو وائل وسلمى وقد قررا عدم التردد.

«بتوقيت القاهرة» نظرة على الواقع المعاصر فى مصر فى إطار السينما السائدة، ولكن مع محاولة لتجاوز سطحية وجمود هذه السينما، وإن كان يستسلم تماماً لما يعرف بـ«السينما النظيفة» حيث لا يعقل أن يجتمع شابان متحابان داخل شقة من دون أن يلمس أحدهما الآخر على طريقة السينما الإيرانية، والمشكلة الدرامية الكبرى فى الفيلم تكرار ما يحدث فى منزل سامح وفى الشقة التى يجتمع فيها الشابان من البداية حتى النهاية فيما لا يقل عن عشرين دقيقة زائدة من زمن الفيلم «١١٠ دقائق»، وهذا أيضاً استسلام لأحد تقاليد السينما السائدة التى لا تعترف بفيلم من ٨٠ دقيقة.

 

هى ألف منارة ضد التطرف وتؤدى إلى نهضة صناعة مصرية كبرى

بقلم   سمير فريد

٢٨/ ١/ ٢٠١٥

طالبت وزارة الشباب فى «صوت وصورة»، أمس الأول، بإنشاء ألف قاعة جديدة للعرض السينمائى فى ألف مركز من مراكز الشباب، التى يزيد عددها على أربعة آلاف فى كل محافظات مصر، وذلك فى إطار استخدام الميزانية التى كان الإخوان، فى سنة حكمهم، قد خصصوها لتحويل هذه المراكز إلى مراكز إخوانية، والتى تبلغ مليار جنيه مصرى أو ما تبقى منها فى الوزارة.

إنشاء قاعة جديدة للعرض السينمائى الآن لم يعد يتكلف كما كان الأمر قبل الثورة التكنولوجية، فالعرض بنظام (D C P) الديجيتال أقل كلفة من العرض بالنظام التقليدى، ولم يعد عدد المقاعد بالآلاف كما كان الأمر قبل قنوات التليفزيون الفضائية، وإنما مائتا مقعد، ومع توفر الأرض فى مركز للشباب، فإن متوسط إنشاء القاعة لن يتجاوز ربع مليون جنيه أو نحو ذلك.

وليس من الضرورى بالطبع أن يكون المشروع إنشاء ألف قاعة فى نفس الوقت، وإنما أن يكون هذا هو المستهدف، وأن تكون البداية حتى مائة قاعة. وتحقق هذه القاعات العديد من الأهداف، فهى من ناحية استثمار يوفر لمركز الشباب إيرادات تساهم فى زيادة موارده المالية وتحقيق أغراضه المختلفة، ومن ناحية أخرى تؤدى إلى نهضة صناعة مصرية كبرى هى صناعة السينما، وهى ليست إنتاج الأفلام المحلية كما هو شائع وإنما أيضا توزيع الأفلام الأجنبية، فعدد القاعات- الشاشات الآن- لا يزيد على مائة ونيف وكان فى العصر الذهبى أكثر من خمسمائة، وأكبر عدد فى العالم العربى اليوم حوالى ثلثمائة فى الإمارات.

والأهم من هذا وذلك أن كل قاعة للسينما تنشأ فى هذه المدينة أو تلك القرية هى منارة حقيقية ضد التطرف بمجرد وجودها أيا كانت الأفلام التى تعرضها، فالسينما كما هو معروف من الفنون المحببة لدى الشباب، وعددهم أكثر من نصف سكان مصر، وهى أرخص وسائل التسلية وملء الفراغ، ومن شأن وجود سينما فى أى تجمع بشرى إحداث نقلة حضارية بكل معنى الكلمة، ولهذا يتم إنشاء ١٥ شاشة جديدة كل يوم فى الصين مثلاً.

وقد توقعت أن تعلق وزارة الشباب على هذا الاقتراح، وأن تتبناه غرفة السينما ونقابة السينمائيين وغيرهما من مؤسسات السينما الحكومية والشعبية، ومازلت أتوقع ذلك، وأتوجه بهذا المقال إلى إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، الذى يفكر دائما فى المستقبل.

 

السنة ٨٢ العدد ٣٣٠٩

بقلم   سمير فريد

٢٧/ ١/ ٢٠١٥

تابعت بالكثير من الإعجاب والتقدير التطور الكبير فى مجلة «الكواكب» بعد أن تولت رئاسة التحرير الزميلة العزيزة أمينة الشريف، وانتظرت العدد الخاص الذى ستصدره المجلة عن فاتن حمامة بعد رحيلها، وجاء العدد تحت عنوان «عدد خاص جداً».

وكما هو متوقع تفوقت «الكواكب» على كل المجلات الأسبوعية الأخرى، فهى تصدر من دار الهلال التى تملك أكبر وأعرق أرشيف للصور فى مصر وكل العالم العربى، ولكن عدد وداع فاتن حمامة اقترن بإعادة ترقيم المجلة ليصبح العدد رقم ٣٣٠٩ والسنة ٨٢، فيما يمكن اعتباره من الأحداث الصحفية المهمة مع مطلع العام الميلادى الجديد.

وكنت قد طالبت الزميل والصديق الكبير مكرم محمد أحمد عندما تولى رئاسة دار الهلال بأن يفعل ذلك منذ عشرين سنة ويزيد، فالناس فى كل مكان يبحثون عن حجر هنا وهناك ليثبتوا أن لهم تاريخاً، ولم يكن من المعقول أن تصدر الكواكب عام ١٩٣٢ أسبوعية، وعندما تصبح شهرية يبدأ الترقيم من جديد، وعندما تعود أسبوعية يبدأ مرة ثالثة من جديد، وقد طالبت بذلك مراراً وتكراراً فى هذا العمود وفى كل مناسبة ومن دون مناسبة، حتى حققت أمينة الشريف هذا المطلب الحضارى، إذا جاز التعبير، وتصبح «الكواكب» فى مكانها المستحق كأعرق مجلات السينما فى مصر والعالم العربى، ومن أعرقها فى العالم كله بكل اللغات، وربما لا يتجاوز عدد مجلات السينما، التى يتجاوز عمرها ٨٠ سنة، أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة.

بقى أن يحذو المهرجان القومى للسينما المصرية حذو «الكواكب»، فقد بدأ بدوره الترقيم من جديد عندما تولى إدارته صندوق التنمية الثقافية، ثم بدأ من جديد عندما أصبح للأفلام الطويلة والقصيرة معاً! والمرء يشعر بالخجل عندما يقال إن دورة العام الماضى كانت الدورة الـ١٨، وكأن الدولة لم تهتم بمنح جوائز مالية للأفلام والسينمائيين إلا منذ الـ١٨ سنة فقط، بينما بدأ إنتاج الأفلام القصيرة فى مصر عام ١٩٠٧، والطويلة الصامتة عام ١٩٢٧، والطويلة الناطقة عام ١٩٣٢، نفس عمر «الكواكب»، وفى نفس هذه السنة ١٩٣٢ منحت الدولة أول جوائز مالية للأفلام.

ترقيم المهرجان القومى يجب أن يبدأ من ١٩٣٢ أيضاً، وهو المطلب الذى نتمنى أن يحققه سمير سيف، رئيس المهرجان، أى حساب المسابقات ذات الجوائز المالية من الأموال العامة منذ ذلك العام وحتى ٢٠١٤.

 

.. وهكذا يمكن إضافة ألف شاشة جديدة فى مصر خلال سنة واحدة

بقلم   سمير فريد

٢٦/ ١/ ٢٠١٥

هناك أكثر من أربعة آلاف مركز للشباب فى كل محافظات مصر، تابعة لوزارة الشباب، وكان من المقرر فى سنة حكم الإخوان أن تتحول إلى مراكز إخوانية، وتم رصد مليار جنيه لذلك، وعندما رفض الشعب الحكم باسم الدين فى ٣٠ يونيو، وأنهى حكم الإخوان، بقيت هذه الأموال، أو ما تبقى منها فى الوزارة.

وقد صرح خالد عبدالعزيز، وزير الشباب، بأن ألف مركز تقريباً من هذه المراكز هى ما يمكن أن نطلق عليها مراكز للشباب بحق، ومن البدهى أن تستخدم الوزارة ما لديها من أموال لتصبح كل المراكز «حقيقية»، على حد تعبير الوزير، وفى إطار المفهوم الجديد للوزارة بعد أن تغير اسمها من وزارة الشباب والرياضة إلى وزارة الشباب، لأن الألعاب الرياضية وحدها لا تكفى، وبناء العقل لا يقل أهمية عن بناء الجسم.

وفى إطار ذلك المفهوم الجديد، يدور الحديث عن استخدام ٢٠٠ مليون جنيه من أموال الوزارة لإنتاج أفلام «هادفة» لتوعية الشباب وتعميق الانتماء الوطنى، ولكن اختلفت الآراء حول آلية التنفيذ فى اجتماعات عقدت بين المسؤولين فى الوزارة وعدد من السينمائيين: هل تقوم الوزارة بإنشاء شركة يكون هذا المبلغ رأسمالها، أم يتم الإنتاج عن طريق المركز القومى للسينما فى وزارة الثقافة، أم ماذا؟!

إنتاج الدولة للأفلام والفنون يرتبط بنظم حكم الحزب الواحد الشمولية، وقد ثار الشعب المصرى ضد حكم الحزب الواحد باسم الوطنية فى ٢٥ يناير، وباسم الدين فى ٣٠ يونيو، ومن ناحية أخرى، فالأعمال التى تنتجها الدولة تدخل فى باب «الدعاية السياسية»، وقَلّ أن تكون لها قيمة فنية، وتوعية الشباب وتعميق الانتماء الوطنى يبدأ من المدرسة إلى الجامعة، وللفنون دورها فى ذلك، ولكن بوسائلها الخاصة، وعن طريق القيمة الفنية، التى تتحقق بحرية الفنان فى التعبير، وليست بتوجيه الفنون.

وإذا كانت وزارة الشباب تريد إنفاق الملايين على السينما لخدمة الشباب، فهى تستطيع أن تفعل ذلك بإنشاء قاعة عرض من مائتى مقعد فى كل مركز من مراكز الشباب، أو على الأقل فى الألف مركز التى يتحدث عنها الوزير، وتكون التوعية وتعميق الانتماء الوطنى باختيار الأفلام التى تُعرض فى هذه المراكز وتحقق ذلك، وهكذا يمكن إضافة ألف شاشة جديدة فى مصر خلال سنة واحدة.

 

اليوم افتتاح مهرجان الأقصر الثالث للسينما المصرية والأوروبية

بقلم   سمير فريد

٢٤/ ١/ ٢٠١٥

يفتتح اليوم فى مدينة الأقصر مهرجان السينما المصرية والأوروبية فى دورته الثالثة التى تعلن جوائزها يوم السبت المقبل. يعرض فى الافتتاح، ولأول مرة فى مهرجانات مصر السينمائية الدولية، أحد الأفلام الصامتة التى تم ترميمها حديثاً، وهو ما يؤكد المفهوم الصحيح لمهرجانات السينما كأحداث ثقافية.

ولا غرابة فى هذه البداية الثقافية الرفيعة لمهرجان الأقصر، فالجهة التى تنظمه مؤسسة «نون» التى يرأسها الناقد والباحث والمخرج محمد كامل القليوبى، وترأسه الناقدة ماجدة واصف ومديره الفنى الناقد يوسف شريف رزق الله، والثلاثة من كبار صناع الثقافة السينمائية فى مصر والعالم العربى منذ عقود طويلة.

وفيلم الافتتاح الألمانى «زوجة فرعون» إخراج أرنست لوبيتش «١٨٩٢ - ١٩٤٧»، وهو من كبار المخرجين فى تاريخ السينما الذين أخرجوا الأفلام الصامتة منذ ١٩١٤، ومنها فيلمان عن مصر القديمة الفرعونية «عيون المومياء» ١٩١٨، و«زوجة فرعون» ١٩٢٢، ثم الأفلام الناطقة فى هوليوود التى هاجر إليها بعد صعود النازى إلى الحكم عام ١٩٣٣، ومنها روائع مثل «نينوتشكا» ١٩٣٩.

السينما الوطنية ضيف الشرف فى الدورة السينمائية الفرنسية، وهى أم السينما التى شهدت اختراع سينما توجراف لوميير منذ ١٢٠ سنة، وفى هذا الإطار تم اختيار المخرج الفرنسى الكبير إيف بواسيه لرئاسة لجنة التحكيم الدولية، والذى ولد عام ١٩٣٩ وأصدر سيرته الذاتية عام ٢٠١١ فى كتاب «الحياة اختيار»، ويعتبر من أعلام السينما السياسية المعاصرة فى العالم، ومن أفلامه «الهجوم» عام ١٩٧٢ عن قضية اغتيال الزعيم المغربى المهدى بن بركة فى باريس، و«قضية دريفوس» عام ١٩٩٥.

ويشترك فى عضوية لجنة التحكيم الناقد الألمانى أبيرهار سبرينج، والخبير الصربى دراجان مارينكوفيتش، والممثلة النرويجية جان هيلتبيرج، والمنتجة اليونانية ألينى كوسيفيدو، والمخرجة المصرية هالة لطفى، وفى المسابقة «١٢ فيلماً» يعرض من مصر «بتوقيت القاهرة» إخراج أمير رمسيس، وتتضمن ثلاثة من أهم أفلام العالم عام ٢٠١٤، «جزيرة الذرة إخراج جورجى أوفشفيلى من جورجيا»، و«محطات الصليب» إخراج ديتريش بورجمان من ألمانيا، و«ليفياثان» إخراج أندريه زفياجينتسين من روسيا.

وبينما يكرم المهرجان الممثلة الفنانة المصرية الكبيرة لبلبة، وهو تكريم مستحق وعن جدارة، يحتفل بمئوية ميلاد كل من المخرجين صلاح أبوسيف وكامل التلمسانى.

 

عن ليلى مراد وإسرائيل مرة أخرى

بقلم   سمير فريد

٢٢/ ١/ ٢٠١٥

على غلاف عدد السبت الماضى من مجلة «روزاليوسف» صورة ليلى مراد «١٩٠٨ - ١٩٩٥» وعنوان «ليلى مراد نجمة إسرائيل البريئة»! وداخل العدد الحلقة الأولى من دراسة بعنوان «نساء الموساد»، والعنوان «عملية تجنيد ليلى مراد وراقية ونجمة إبراهيم» للأستاذ توحيد مجدى، والثلاث المذكورات من كبريات نجمات التمثيل فى تاريخ السينما المصرية، وكن من يهود مصر، والكاتب - كما هو واضح من بعض مصادر دراسته - يجيد اللغة العبرية.

من المعروف أن وجود إسرائيل على أرض فلسطين عام ١٩٤٨ لم يؤد فقط إلى المآسى التى يعانى منها الشعب الفلسطينى منذ ذلك الحين، وإنما أدى أيضاً إلى الشك فى مدى انتماء أى يهودى فى العالم إلى وطنه، أو فى أحسن الأحوال إلى اعتبار أن ولاءه مزدوج إلى وطنه وإلى إسرائيل، وذلك على أساس الادعاء الصهيونى بأن إسرائيل هى وطن كل اليهود.

وكما قال شابلن، عندما عرض عليه بن جوريون عام ١٩٤٧ أن يحمل الهوية الإسرائيلية رقم ١، ساخراً: «إن استهداف جمع كل اليهود فى فلسطين مثل استهداف جمع كل الكاثوليك فى الفاتيكان»، وكان يهود مصر موضع الشك مثل غيرهم فى كل مكان، وقد هاجر عدد كبير من يهود الدول العربية، أو هُجِّروا إلى إسرائيل، ولكن أقل عدد كان من مصر، ولا يتجاوز ثلاثة فى المائة منهم، أغلبهم من الفقراء، وكان عدد يهود مصر فى النصف الأول من القرن العشرين قد وصل إلى ما يقرب من ثلاثمائة ألف، أى حوالى نصف عددهم فى فرنسا الآن.

وقد كنت أتصور أن ملف الشك فى ليلى مراد قد أغلق تماماً بعد أن ثبت أن ولاءها كان لمصر مثل أى مواطنة، ولكن يبدو أنه لن يغلق أبداً، والأمر نفسه بالنسبة لنجمة إبراهيم «١٩١٠ - ١٩٧٦» التى فقدت بصرها عام ١٩٦٣، وعولجت على نفقة الدولة فى إسبانيا وشفيت، وإذا كان صحيحاً أن «الموساد» حاول تجنيدهما، فهذا لا يعنى الشك فى ولائهما، وهذا ما تريده إسرائيل تماماً.

وهناك خطأ فى المعلومات فيما يتعلق بأن راقية إبراهيم كانت شقيقة نجمة إبراهيم، فلم تكن هناك أى صلة عائلية بينهما، وإنما مجرد تشابه لقب العائلة، وكان لنجمة إبراهيم شقيقة تعمل بالتمثيل أيضاً، ولكن اسمها سيرينا إبراهيم «ولدت ١٨٨٨»، وملف راقية إبراهيم لايزال غامضاً، فقد هاجرت من مصر وهى فى ذروة التألق، ولكن أحداً لا يعرف إلى أين، وهل لاتزال تعيش وأين!

 

«تيمبوكتو» موريتانيا يصل بالسينما العربية إلى الترشيحات النهائية للأوسكار

بقلم   سمير فريد

٢١/ ١/ ٢٠١٥

أعلنت الترشيحات النهائية لمسابقة الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم السينمائية المعروفة باسم الأوسكار التمثال الذهبى رمز جوائزها، والتى تعلن جوائزها يوم ٢٢ فبراير المقبل فى لوس أنجلوس، شاهد أعضاء الأكاديمية، وعددهم ٦ آلاف و١٢٤ عضواً، ٣٢٣ فيلماً، وتم اختيار ٨ أفلام لتنافس على جائزة أحسن فيلم روائى طويل، وهى:

«قناص أمريكى» أحدث أفلام المخرج والممثل كلينت إستوود.

«فندق بوادبست الكبير» إخراج ويس أندرسون الذى عرض فى افتتاح مهرجان برلين وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

«زمن الصبا» إخراج ريتشارد لينكلاثر الذى عرض فى مهرجان برلين وفاز بجائزة أحسن إخراج.

«الرجل الطائر» إخراج اليخاندرو جونزاليس إنياريتيو الذى عرض فى افتتاح مهرجان فينسيا.

«لعبة المحاكاة» إخراج مورتين تيلدوم الذى عرض فى مهرجان تيليرويد.

«سيلما» إخراج آف دوفيرناى الذى عرض فى مهرجان معهد الفيلم الأمريكى.

«نظرية كل شىء» إخراج جيمس مارش الذى عرض فى مهرجان تورنتو.

«ويبلاش» إخراج داميان شازيلى الذى عرض فى مهرجان صاندانس.

ومن الجدير بالذكر أن ٦ من الأفلام الثمانية ماعدا «قناص أمريكى» و«ويبلاش» رشحت لجائزة أحسن فيلم فى مسابقة «جولدن جلوب» حيث فاز «زمن الصبا» كأحسن فيلم درامى، و«فندق بودابست الكبير» كأحسن فيلم كوميدى، ورشح لجائزة أحسن إخراج إنياريتيو ولينكلاثر وإندرسون وتيلدوم إلى جانب بينت ميللر عن «صائد الثعالب» الذى عرض فى مهرجان كان.

ورشح لجائزة أحسن فيلم أجنبى «أى غير ناطق بالإنجليزية» الفيلم البولندى «إيدا» إخراج بافل بافليكوفسكى الذى عرض فى مهرجان تيليرويد، والفيلم الأستونى «فاكهة اليوسفى» إخراج زازا أورشادزى الذى عرض فى مهرجان وارسو، وثلاثة أفلام عرضت فى مهرجان كان، وهى الفيلم الروسى «ليفيا ثان» إخراج أندريه زفيا جينتسييف، والفيلم الأرجنتينى «حكايات وحشية» إخراج داميان سيفرون، والفيلم الموريتانى «تيمبكوتو» إخراج عبدالرحمن سيساكو الذى أصبح المخرج العربى الثانى الذى يصل بالسينما العربية إلى الترشيحات النهائية لأوسكار أحسن فيلم أجنبى بعد الفلسطينى هانى أبوأسعد، ومن يدرى ربما يصبح سيساكو أول مخرج عربى يفوز بالأوسكار.

 

بل كان وداعاً لا يليق بها

بقلم   سمير فريد

٢٠/ ١/ ٢٠١٥

أما هى ففى رحاب الله سبحانه وتعالى بعيداً عن كل ما يحدث فى عالمنا، ولكنى لا أصدق أنها أوصت بعدم إقامة عزاء، وأرى أن جنازتها لم تكن لائقة بها، بل وكل القرارات التى اتخذت بعد وفاتها.

كان الصحيح فور وفاة فاتن حمامة أن تعلن الأسرة الخبر رسمياً عن طريق وكالة أنباء الشرق الأوسط، وأن تكون الجنازة بعد يوم أو اثنين بالتنسيق مع وزارة الداخلية لتكون مثل جنازة أم كلثوم الموثقة بالسينما، وكانت جنازة رسمية وشعبية منظمة مثل جنازات كل الشخصيات الكبيرة، ولإتاحة الفرصة لمن يريد المشاركة فيها من خارج مصر، وأن يقام العزاء فى نفس يوم تشييع الجنازة.

وكان هذا يتفق مع شخصية فاتن حمامة التى عرف عنها حب النظام والنظافة والأناقة فى كل شىء، لقد كانت الجنازة عشوائية، ولم تكن الفنانة الكبيرة تكره أى شىء قدر كراهية العشوائية: حتى علم مصر الذى كان على التابوت أثناء الصلاة سقط فى الطريق إلى السيارة التى حملته إلى المقبرة، وحتى فى المدافن كانت الفوضى شاملة، وبالطبع لم يكن هناك وقت لكتابة أن هذه مقبرة فاتن حمامة، وكذلك لإقامة شاهد المقبرة وتاريخ ميلادها ووفاتها، وكم كانت المذيعة التليفزيونية بوسى شلبى على حق عندما قارنت بين جنازة فاتن فى القاهرة وجنازة صباح فى بيروت، وتحسرت على حالنا فى مصر.

كانت جنازة نجيب محفوظ، أكبر رموز الأدب العربى والعالم، عشوائية أيضاً، والمقارنة بين جنازتى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ فى سبعينيات القرن الماضى، وجنازتى نجيب محفوظ وفاتن حمامة فى مطلع القرن الجديد، تبدو كأننا كنا فى مصر أخرى.

والآن السؤال عن متحف فاتن حمامة، وقد سألنى الكاتب والأديب والمذيع التليفزيونى محمود الوروارى عندما استضافنى فى برنامجه «الحدث المصرى»، على قناة العربية الحدث، يوم جنازة الراحلة الكبيرة عن مسؤولية الحكومة، ممثلة فى وزارة الثقافة، عن إقامة ذلك المتحف، وكانت إجابتى بل هى مسؤولية عائلة فاتن، وبالتحديد ابنتها نادية عزالدين ذوالفقار، وابنها طارق عمر الشريف، فليس لدىَّ أى أمل فى أن يقام هذا المتحف بواسطة وزارة الثقافة.

المطلوب فيلا صغيرة تشتريها العائلة أو يتبرع بها أحد كبار رجال أو نساء الاقتصاد، وسوف يكون التمويل ميسوراً بعد ذلك لإقامة متحف فاتن حمامة فى القاهرة.

تصويب:

وقع فى عمود «صوت وصورة»، أمس، عن فاتن حمامة خطأ مطبعى فى السطر الأول، حيث نشرت عبارة «تألمت مثل إعلاميين»، والصحيح «تألمت مثل الملايين فى مصر والعالم العربى».

 

فاتن.. وبس!

بقلم   سمير فريد

١٩/ ١/ ٢٠١٥

تألمت مثل إعلاميين فى مصر والعالم العربى عندما علمت، أمس الأول، بوفاة الفنانة فاتن حمامة. أرسلت لى جوسلين صعب الخبر المؤلم عبر التليفون المحمول، وذكرت فى رسالتها أن صوتها لايزال يتردد فى سمعها، وكانت المخرجة اللبنانية آخر من التقى معها من السينمائيين فى منزلها للحوار حول فيلم جديد، وكنت فى انتظار معرفة ما الذى دار فى ذلك الحوار، ولم أتوقع أبداً أن يكون الخبر هو الموت، رغم الوعكة الصحية التى أصابتها منذ أسابيع، ورغم ثقل السنين «٨٤ عاماً».

وكانت جوسلين قد التقت مع فاتن حمامة، عام ٢٠١٣، عندما سافرت إلى العاصمة اللبنانية لتسلم الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية فى بيروت، وهى الرحلة التى أصبحت آخر رحلاتها خارج مصر، وقد كنت على اتصال بالفنانة الراحلة عبر التليفون فى مكالمات تطول أحياناً حسب رغبتها، فلم أشأ أن أثقل عليها أبداً، وكانت آخر مكالمة عندما دعوتها لافتتاح معرض مئوية ميلاد مخرجها الأثير بركات، فاعتذرت لصعوبة الحركة وخشية الزحام، وقالت سوف أكون معكم بروحى، وبالفعل كانت معنا بروحها فى المعرض الذى أقيم فى إطار الدورة ٣٦ لمهرجان القاهرة التى توليت رئاستها، وسوف تظل حاضرة بروحها وأفلامها دائماً.

علاقتى مع فاتن حمامة طويلة ومركبة، وقد شرفتنى باختيارى لتحرير الكتاب التذكارى الذى أصدرته وزارة الثقافة عنها عند تكريمها فى المهرجان القومى للسينما المصرية، عام ١٩٩٥، ومن المعتاد أن يكون لكل كتاب من هذه الكتب عنوان، ولكنى اكتفيت باسمها، اقتداءً بعنوان مقال أستاذها زكى طليمات المعنون «فاتن.. وبس»، وقتها اتصل بها وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى ليحصل على موافقتها، ثم اتصل بى وقال إنها وافقت وطلبت طلبين الأول أن أكتب الكتاب، والثانى عدم استخدام «الليزر» فى حفل الافتتاح!

وكان من المعتاد أيضاً أن تقرأ الشخصية المكرمة الكتاب التذكارى قبل صدوره، ولكن فاتن حمامة قالت لى: «سوف أقرأ الكتاب بعد صدوره لأننى أثق فى موضوعيتك»، وسوف أذكر ما لها وما عليها، وهذا ما كان، وقد ذكرت هذه الواقعة فى الكتاب، وعلقت «إننى أقول لها إن كل شىء لها، وليس عليها شىء، كلنا - جمهور السينما والنقاد والعاملين فى السينما - مدينون لفاتن حمامة، وهى ليست مدينة لأحد، لقد أمتعتنا بفنها أكثر من نصف قرن، والموضوعية الحقيقية أن ننحنى ونقبل يديها جزاء ما قدمت لنا من متعة فنية».

وجاء فى مقدمة ذلك الكتاب: «حين نقول السينما العربية، أى الناطقة بالعربية، نعنى فاتن حمامة، وحين نقول فاتن حمامة، نعنى السينما العربية، فهى أكبر رموزها الشعبية، مثل سيد درويش فى الموسيقى، وأم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش فى الغناء، ومحمود مختار فى النحت، ونجيب محفوظ فى الرواية، ويوسف إدريس فى القصة القصيرة، ومحمود سعيد ويوسف كامل وراغب عياد فى الرسم، وطه حسين وعباس العقاد وتوفيق الحكيم فى الأدب، ويوسف وهبى فى المسرح، وغيرهم من أعلام مصر فى القرن العشرين فى مجالات الإبداع المختلفة»، رحم الله سبحانه وتعالى الفنانة الكبيرة بقدر ما أعطت.

 

اليوم.. يبدأ فى مكتبة الإسكندرية الاحتفال بمئوية أورسون ويلز

بقلم   سمير فريد

١٨/ ١/ ٢٠١٥

الخطة السنوية لبرامج السينما فى مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية تتضمن برامج عن السينما فى كل قارات العالم، إلى جانب السينما المصرية، والسينما العربية، ويوم المرأة العالمى، ويوم السلام العالمى ويوم شكسبير، ويوم نجيب محفوظ فى يوم ذكرى ميلاد كل منهما.

ويخصص برنامج السينما الأمريكية، الذى يبدأ اليوم، للاحتفال بالمئوية الأولى لميلاد أورسون ويلز «١٩١٥ - ١٩٨٥»، التى يحتفل بها طوال العام فى كل العالم، وهو مخرج وممثل وكاتب مسرح وسينما وراديو وتليفزيون، أخرج ١٢ فيلماً طويلاً من ١٩٤١ إلى ١٩٧٣، وترك فيلمين لم يتما «دون كيشوت ١٩٥٤»، و«الجانب الآخر من الريح» ١٩٧٥، ويعتبر من كبار المبدعين فى تاريخ السينما، وفيما يلى برنامج الأفلام التى تعرض فى المكتبة:

اليوم الأحد ١٨ يناير «المواطن كين» أول أفلام ويلز عام ١٩٤١.

■■ عمق الحياة/ الثقافة الأمريكية، تأثير وسائل الاتصال بالجماهير «الصحافة المكتوبة فى النصف الأول من القرن العشرين، رجل واحد يقرر أن يجعل كل الناس فى بلاده يفكرون كما يريد».

جاء الفيلم فى المرتبة الأولى لأكثر الأفلام أهمية فى تاريخ السينما لأنه كان نقطة تحول فى التعبير، بلغة السينما، قال جودار: «كل سينمائى يدين له بكل شىء».

الاثنين ١٩ يناير «الغريب» ١٩٤٦.

■■ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية «١٩٣٩ - ١٩٤٥»، أحد النازيين يعيش فى مدينة أمريكية صغيرة بعد أن بدأ حياة جديدة، ولكن يأتى إلى المدينة أحد «صيادى النازى».

الحبكة تبدو لفيلم سياسى، أو من أفلام الدعاية السياسية، ولكن ويلز لم يصنع أبداً أفلاماً من النوعين، إنه دراما إنسانية مركبة من عالم ويلز الرحب.

الثلاثاء ٢٠ يناير «عطيل» ١٩٥٢.

■■ الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان ١٩٥٢، أخرج ويلز فيلمين عن تراجيديات شكسبير «ماكبث» ١٩٤٧ و«عطيل»، كما أخرج عام ١٩٦٥ «أجراس منتصف الليل» عن فولستاف، وهى من شخصيات شكبير الدرامية المعروفة.

الأربعاء ٢١ يناير «المحاكمة» ١٩٦٢.

■■ قراءة ويلز السينمائية لإحدى أعظم روايات القرن العشرين، التى صدرت بعد وفاة كاتبها فرانز كافكا «١٨٨٣ - ١٩٢٤» الذى ولد فى براج وتوفى فى الأربعين من عمره.

جوزيف. ك. يحاكم ولا يعرف ما هى جريمته، ويصنع ما أصبح يُعرف بالعالم الكافكاوى.

الخميس ٢٢ يناير «تاء التزوير» ١٩٧٣.

■■ آخر أفلام ويلز، وفيلمه التسجيلى الوحيد، وأول فيلم «سيرة ذاتية» لسينمائى بلغة السينما فى تاريخ السينما.

ما هو الفن وما هى الحياة، ما هو الأصلى وما هو المزور، ما هو الروائى وما هو التسجيلى، ما هو الذاتى وما هو الموضوعى؟، عمل فنى فذ وغير مسبوق، وإذا كان «المواطن كين» فجر الحداثة فى السينما، فإن «تاء التزوير» فجر ما بعد الحداثة بامتياز.

 

فن السينما يفقد مخرجاً عظيماً

بقلم   سمير فريد

١٥/ ١/ ٢٠١٥

توفى المخرج السينمائى الإيطالى فرانشيسكو روزى (١٥ نوفمبر ١٩٢٢ - ١٠ يناير ٢٠١٥)، وهو من كبار المخرجين فى إيطاليا والعالم وفى كل تاريخ فن السينما. وقد أعلنت إدارة مهرجان برلين السينمائى الدولى ٦٥ (٥ - ١٥ فبراير ٢٠١٥) عن إقامة حفل خاص لتكريم اسم الفنان الراحل، وعرض فيلمه «الرجال معترضون» الذى أخرجه عام ١٩٧٠ عن الحرب العالمية الأولى، وكان عرضه الأول فى مهرجان فينسيا ذلك العام.

عرف «روزى» بأنه من أعلام السينما السياسية الإيطالية التى كانت من أهم تيارات السينما العالمية فى ستينيات وسبعينيات القرن الميلادى الماضى، ولكن النظر إليه من هذه الزاوية فقط يقلل من قيمته التى تتجاوز البعد السياسى إلى آفاق إنسانية وحضارية تجعل أفلامه تعبيراً عن عصره وشهادة عليه.

بدأ «روزى» حياته فى الفن ممثلاً وكاتباً فى تمثيليات الراديو، وعاش أحداث الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ - ١٩٤٥) وهو فى العشرينيات من عمره، وبعد الحرب عمل مساعداً للإخراج مع لوكينو فيسكونتى فى فيلمه «الأرض تهتز» عام ١٩٤٧ الذى كان من الأفلام المؤسسة لحركة الواقعية الجديدة الإيطالية، وأخرج «روزى» فى ٤٠ سنة ١٥ فيلماً من ١٩٥٧ إلى ١٩٩٧، ومن بين الكتب المهمة التى صدرت عنه كتاب الناقدة الروسية ى. فيكتوروفا، الذى ترجمه الناقد الأردنى الكبير عدنان مدانات وصدر فى بيروت عام ١٩٨١.

أفلام «روزى» هى «التحدى» ١٩٥٧، «الباعة المتجولون» ١٩٥٩، «سالفاتورى جوليانو» ١٩٦٢ الذى فاز بالدب الفضى فى مهرجان برلين، «الأيدى فوق المدينة» ١٩٦٣ الذى فاز بالأسد الذهبى فى مهرجان فينسيا، «لحظة الحقيقة» ١٩٦٥، «كان يا مكان» ١٩٦٧، «الرجال معترضون» ١٩٧٠، «قضية مائية» ١٩٧٢ الذى فاز بالسعفة الذهبية فى مهرجان كان، «لاكى لوتشيانو» ١٩٧٣، «جثث فاخرة» ١٩٧٥، «المسيح توقف فى إيبولى» ١٩٧٨، «ثلاثة إخوة» ١٩٨٠، «كارمن» ١٩٨٤، «وقائع قتل علنى» ١٩٨٧، و«الهدنة» ١٩٩٧.

وفى السنوات الماضية كرمه مهرجان برلين بالدب الذهبى الشرفى عن مجموع أفلامه عام ٢٠٠٨ وعرض نسخاً جديدة من أغلب أفلامه (١٣ فيلماً)، وكرمه مهرجان فينسيا بالأسد الذهبى الشرفى عام ٢٠١٢، وأتيح لكاتب هذه السطور أن يصفق له مرتين فى فينسيا عام ١٩٧٠ بعد عرض «الرجال معترضون»، وعام ٢٠١٢ فى حفل تسلم الأسد الذهبى الشرفى. حقاً لقد فقد فن السينما مخرجاً عظيماً.

 

«ديكور» السينما والحياة فى «ديكور»

بقلم   سمير فريد

١٤/ ١/ ٢٠١٥

إذا كانت حركة الواقعية الجديدة أهم حركات التجديد فى السينما المصرية فى ثمانينيات القرن الميلادى الماضى، فإن حركة السينما المستقلة هى أهم حركات التجديد منذ مطلع القرن الجديد، وهى التى عبرت البحر المتوسط إلى أوروبا حيث فاز إبراهيم البطوط، الأب الروحى للحركة، بالجائزة الذهبية فى مهرجان تاورمينا ٢٠٠٨ عن فيلمه «عين شمس»، وفاز أحمد عبدالله السيد، أحد أعلامها، بالجائزة الذهبية فى مهرجان قرطاج ٢٠٠١ عن فيلمه «ميكروفون»، وبالجائزة الذهبية فى مهرجان مونبلييه ٢٠١٣ عن فيلمه «فرش وغطا».

بدأ أحمد عبدالله السيد، الذى ولد ١٩٧٩ ودرس الموسيقى، حياته فى السينما على مائدة المونتاج، وهى المدرسة العملية التى تخرج فيها عدد كبير من أهم المخرجين فى مصر والعالم، وتتماهى الموسيقى مع المونتاج الذى يصنع موسيقى لغة السينما من الصور والأصوات. وكان فيلمه الروائى الطويل الأول «هليوبوليس» ٢٠١١ من علامات وصول السينما المستقلة إلى مرحلة النضج بعد عشرين سنة من بدايتها فى الأفلام القصيرة، وهى الحركة التى بدأت مع بداية الثورة الرقمية وارتبطت بكاميرات الديجيتال من ناحية، والأفلام قليلة التكاليف التى تساعد على التحرر من مقاييس السوق من ناحية أخرى.

وفى كل فيلم جديد من أفلامه يخوض المخرج الشاب تجربة جديدة، وأحدثها فيلم «ديكور». ربما يقال هنا كيف يكون هذا الفيلم «مستقلاً»، بينما قامت بإنتاجه شركة كبيرة (دولار فيلم- نيو سينشرى)، وبميزانية كبيرة، أو ليس قليل التكاليف. والإجابة أن «الاستقلال» يرتبط أساساً بالتحرر من مقاييس السوق بدرجة أو بأخرى، وهذا ما تحقق فى فيلم «ديكور».

وربما يقال كذلك إن المخرج، ولأول مرة، لم يكتب السيناريو، وبالتالى لم يعد ذلك «المؤلف» الذى عرفناه فى أفلامه السابقة. والإجابة أن التأليف فى السينما لا يرتبط بكتابة المخرج للسيناريو أو عدم كتابته، وإنما أن يكون له أسلوبه الخاص المميز فى التعبير بلغة السينما على الشاشة، وليس بلغة الأدب على الورق، وقد ظل الفنان مؤلفاً للسينما فى «ديكور» رغم أنه قصة وسيناريو وحوار شيرين ومحمد دياب.

القصة تقليدية عن مها (حورية فرغلى) مصممة الديكور التى تعمل فى السينما، وتعيش بين عالمين: فى الواقع مع زوجها مصطفى (ماجد كدوانى) وابنتهما (٨ سنوات)، وفى الخيال مع زميلها شريف (خالد أبوالنجا) الذى تبادلت معه الحب، ولكن والدتها رفضت زواجهما، وتزوج الممثلة شهيرة (يارا جبران) وأنجبا ابنهما الأول. وتعالج مها فى مستشفى للأمراض النفسية وعندما تشفى ترفض الاختيار بين مصطفى وشريف، وترفضهما معاً. وبقدر تقليدية القصة بقدر عدم تقليدية معالجة السيناريو، وأسلوب الإخراج الذى حلق بها إلى آفاق رحبة.

أبيض وأسود وألوان

تم تصوير الفيلم بالأبيض والأسود، وقام بالتصوير طارق حفنى، ولم تتم التفرقة بين العالمين اللذين تعيش فيهما مها بالإضاءة، وإنما بالمونتاج الذى قامت به سارة عبدالله. وكان اختيار الأبيض والأسود مناسباً تماماً لأن الفيلم تحية طويلة إلى مدرسة السينما المصرية (١٩٣٣-١٩٦٣)، وهى نحو ألف فيلم بالأبيض والأسود، وتحية خاصة إلى فاتن حمامة الرمز الكبير لهذه المدرسة، وتتقاطع الأحداث مع فيلمها «الليلة الأخيرة» إخراج كمال الشيخ، وكذلك مع فيلميها «أيامنا الحلوة» إخراج حلمى حليم و«نهر الحب» إخراج عز الدين ذوالفقار.

مها تعيش حالة نادية وفوزية فى «الليلة الأخيرة»، وكابوس «نهر الحب» المروع وبطلته لا تستطيع مغادرة سيارتها على قضبان القطار القادم نحوها، وينتهى الديكور نفس نهاية «أيامنا الحلوة» وبطلته تتطلع من غرفتها إلى من تنافسوا على حبها وهم يغادرون المستشفى قبل أن تسقط ميتة. ولكن الفيلم يستمر بعد هذه النهاية ليصنع نهايته الخاصة، والتى تغلق الدائرة مع بدايته، وتقدم المفتاح الأساسى لتلقى هذا العمل الفنى الجميل.

تكتب على الشاشة كلمة «النهاية» ولكن الكاميرا تتراجع لنرى الجمهور يغادر دار العرض، وتتابع فتى وفتاة يخرجان إلى الشارع، وتكون اللقطة الأخيرة بالألوان فى أقل من دقيقة. السينما أبيض وأسود والحياة بالألوان. أين يبدأ الواقع وأين ينتهى الخيال. وفى البداية نرى مها وشريف يصنعان ديكور فيلم من إخراج إبراهيم البطوط، فما الفرق بين ديكور السينما والحياة فى ديكور، ما الفرق بين ديكور السينما، الخيال، وديكور المنزل، الواقع. ويتضح من الحوار أثناء تصوير فيلم البطوط أن الفيلم من الأفلام السائدة أو التجارية، وهو الأب الروحى للسينما المستقلة كما ذكرنا، فأين ينتهى التجارى وأين يبدأ الفنى.

يطرح الفيلم هذه الأسئلة فى مباراة ممتعة للتمثيل بين ماجد كدوانى وخالد أبوالنجا وحورية فرغلى فى واقع الفيلم وأخرى بين زكى رستم وعمر الشريف ومحمود مرسى وفاتن حمامة فى مقاطع الأفلام الخيال. ويكتفى الفن دائما بطرح الأسئلة، ويترك الإجابات لجمهوره. ويبدو أحمد عبدالله السيد من خلال الحوار عن فيلم البطوط داخل الفيلم، ومثل كل فنان حقيقى يعبر عن همومه الذاتية فى أعماله، يقلقه سؤال الفنى والتجارى. والإجابة من داخل فيلم «ديكور» أن الفنى هو التعبير عن أسئلة الثنائيات العميقة التى يثيرها الفيلم من دون أن تصبح مها مريضة وتحتاج إلى العلاج فى المستشفى، ومن دون هذه المشاهد الثلاثة التى تشرح المشروح مع الطبيب النفسى، والتجارى أن تصبح هذه الأسئلة نتيجة المرض وليس دعوة إلى التفكير والتأمل.

 

أسماء البكرى التى عاشت حياتها وصنعت أفلامها كما تريد

بقلم   سمير فريد

١٣/ ١/ ٢٠١٥

فقدت السينما المصرية، الأسبوع الماضى، المخرجة أسماء البكرى «٢٨ أكتوبر ١٩٤٧ - ٥ يناير ٢٠١٥»، التى درست الأدب الفرنسى وتخرجت فى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية عام ١٩٧٠، وعملت مساعدة للإخراج مع يوسف شاهين «١٩٢٦ - ٢٠٠٨»، ومخرجين آخرين، ولكنها ارتبطت مع شاهين ارتباطاً وثيقاً، وتعتبر من مدرسته السينمائية التى تميزت بالتمرد على السائد وخوض تجارب فنية جديدة وانتزاع أكبر قدر من حرية التعبير فى جميع الظروف.

ولدت أسماء البكرى فى قصر السكاكينى باشا بحى الظاهر بالقاهرة عام ١٩٤٧، والذى نزعت ملكيته بعد ثورة ١٩٥٢ وتحول إلى متحف وزارة الصحة، وكانت والدتها هينريت ابنة حبيب السكاكينى باشا، ووالدها محمد سيف الدين البكرى سليل عائلة أخرى كبيرة، وبالطبع كان لمولدها ونشأتها وانتمائها الطبقى تأثير على أفلامها، وهى ١٢ فيلماً أخرجتها فى ٢٥ سنة: ٨ أفلام تسجيلية قصيرة «قطرة ماء» ١٩٧٩، «دهشة» ١٩٨١، «بورتريه» ١٩٨٣، «الرخام» ١٩٨٤، «حى الظاهر» ١٩٨٥، «بيت الهراوى» ١٩٩٤، «نهر النيل» ١٩٩٥، والفيلم التسجيلى الطويل «المتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية» ١٩٩٥، والأفلام الروائية الطويلة «شحاتين ونبلاء» ١٩٩١، «كونشرتو درب سعادة» ٢٠٠٠، و«العنف والسخرية» ٢٠٠٤، الذى لم يعرض حتى الآن.

فيلمان من أفلامها الروائية الطويلة الثلاثة «الأول والثالث» عن روايتين من روايات الكاتب المصرى ألبير قصرى «١٩١٣ - ٢٠٠٨»، الذى كان يكتب باللغة الفرنسية، وأقام فى باريس أغلب سنوات عمره من دون أن يغير جواز سفره، ومن دون أن يكتب عن غير مصر، وكان مقلاً فى إنتاجه الأدبى الذى لم يتجاوز سبع روايات ومجموعة قصص قصيرة فى نحو ٥٠ سنة، والتماهى بين الكاتب والمخرجة ليس فى قلة الإنتاج فقط، وإنما أساساً فى النظرة الوجودية إلى العالم، والتى لخصتها فى قولها عنه: «لا أملك شيئاً ولا أريد شيئاً، ولذلك فأنا حر»، (محمد الأسيوطى فى «الأهرام ويكلى» فى ٢ يناير ٢٠٠٣).

وكانت أسماء البكرى مولعة بالموسيقى الغربية، وعن هذا الولع أخرجت «كونشرتو درب سعادة»، الذى كتبته مع ناقد الموسيقى حسام الدين زكريا، وتدور أغلب أحداثه فى دار أوبرا القاهرة، وفيه مقاطع من أوبرات «عايدة» و«توسكا» و«لابوهيم» بأصوات إيمان مصطفى وداليا فاروق وأشرف سويلم وغيرهم من الأصوات الأوبرالية المصرية، ومقاطع من موسيقى فاجنر وموتسارت وشوبرت، بقيادة المايسترو أحمد الصعيدى، عاشت أسماء البكرى حياتها وصنعت أفلامها كما تريد تماماً.

 

الصورة بين الواقع والخيال

بقلم   سمير فريد

١٢/ ١/ ٢٠١٥

من بين مشاكل الصورة العلاقة بين الواقع والخيال، والتى أثيرت مع اختراع الفوتوغرافيا فى منتصف القرن التاسع عشر الميلادى، وتعاظمت مع اختراع السينما فى نهاية القرن نفسه، ثم مع اختراع التليفزيون فى منتصف القرن العشرين، ثم اختراع الكاميرا الرقمية فى نهايته.

عندما كان الرسام يرسم شخصية حقيقية فى لوحة، لم يكن هناك خلاف على أنها تعبر عن هذه الشخصية، كما يراها الفنان، وليس كما هى فى الواقع، وإنما تشبهها بدرجة أو أخرى، ولكن الصورة الفوتوغرافية أثارت الخلاف بين الواقع والخيال، فهل هى واقعية لأن التطابق كامل بين الواقع والصورة، أم مجرد درجة أعلى من التشابه، لأن المصور يختار زاوية معينة وإضاءة معينة، ويمكن لمصور آخر أن يختار زاوية أخرى وإضاءة أخرى.

وحتى اتجاهات ما بعد الحداثة، كانت الصورة فى السينما تنقسم إلى ثلاثة أجناس من دون أى خلط بينها: الروائى والتسجيلى والتشكيلى، وكان الخلاف حول العلاقة بين الواقع والخيال فى الفيلم التسجيلى هو الخلاف ذاته فى الصورة الفوتوغرافية، وكان استخدام مشهد روائى فى فيلم تسجيلى مثل الكفر فى الدين، وخداع لا أخلاقى للمتلقى، وغش مثل الغش التجارى، بينما يقبل التشكيل فى فيلم روائى.

الآن، ونحن فى عصر ما بعد الحداثة فى الأدب والعمارة وكل الفنون، أصبح من العادى استخدام كل الصور فى أى فيلم من دون التفرقة بين الأجناس الثلاثة، واستخدام كل الفنون فى أى عمل فنى من دون التفرقة بين الموسيقى والتشكيل والمسرح والسينما، وأصبحت هناك أبعاد جديدة للعلاقة بين الواقع والخيال فى الصورة.

لم يتم تصوير الملك فاروق وهو يغادر مصر، والصور التى نراها عن هذا الحدث على أنها تسجيلية هى مشهد تمثيلى خيالى خالص من الفيلم الروائى «الله معنا»، إخراج أحمد بدرخان، والأمر نفسه بالنسبة لكل مشاهد العبور فى حرب أكتوبر، ولكن من يعرف ذلك غير بعض نقاد ومؤرخى السينما، ثم ما المشكلة فى أن يصدق المتفرجون أنها مشاهد تسجيلية، أليس الأهم موضوع الفيلم والهدف من معالجته.

وعندما ذهبت إلى صقلية عام ٢٠٠٧ وجدت صورة براندو فى فيلم «الأب الروحى» الذى أنتج عام ١٩٧١ فى كل مكان، والمعروف أن الفيلم عن المافيا التى نشأت فى صقلية، وأن براندو يمثل شخصية خيالية لزعيم من زعماء المافيا يسمى دون كورليونى، وعندما سألت عن سبب انتشار الصورة قال لى أحد الباعة إن العديد من السائحين يسألون عن بيت دون كورليونى وكأنه شخصية حقيقية، بل إن بعض المحتالين يطلبون منهم أموالاً لإرشادهم إلى بيت ما على أنه بيته! قلت لنفسى هذا يحدث بعد نحو ٤٠ سنة من إنتاج الفيلم، فماذا سيحدث بعد مائة سنة أو أكثر: هل سيتم اكتشاف أن دون كورليونى كان شخصية خيالية فى فيلم سينمائى وقام بتمثيل هذه الشخصية ممثل يدعى مارلون براندو؟!

 

أليس الأنبياء بشراً مثلنا

بقلم   سمير فريد

١١/ ١/ ٢٠١٥

تعليقات عديدة عن مقال الأربعاء الماضى، والذى ذكرت فيه أننى ضد تجسيد الأنبياء فى السينما والمسرح والتليفزيون، وذلك حسب نص المقال «لأن التجسيد يصنع صورة ذهنية محددة ومحدودة، بينما الأفضل أن يكون لكل إنسان الصورة التى يتخيلها من واقع ثقافته بحرية تامة».

تعلمت من فؤاد زكريا، أحد عظماء المفكرين المصريين فى القرن العشرين، الفصل فى مناقشة الأمور المتعلقة بالدين بين المناقشة داخل دائرة الدين، والمناقشة خارج هذه الدائرة، أى أننى لم أسبب موقفى ضد تجسيد الأنبياء مستشهداً بآية من القرآن الكريم، أو بعدم وجود آية تحرّم التجسيد، وإنما تحدثت خارج دائرة الدين، وفى إطار تأمل تأثير الصورة، وعصرنا هو عصر الصورة بامتياز.

يتناقض الرسام التجريدى عندما يسمى إحدى لوحاته، ولا يتناقض الرسام التجسيدى عندما يسمى لوحة باسم «الغذاء على العشب» أو «نبات بحرى» أو أى اسم، والصحيح ترقيم اللوحات التجريدية مثل الأعمال الموسيقية الخالصة «كونشرتو البيانو الخامس لفلان، والسيمفونية الثالثة لفلان، وهكذا»، فإطلاق اسم على اللوحة التجريدية أو العمل الموسيقى الخالص يحد من حرية خيال المتلقى عندما يشاهد اللوحة أو يسمع الموسيقى، ونفس الأمر عندما يتم تجسيد أحد الأنبياء بواسطة ممثل، إننى أطالب بالحرية فى تخيل الأنبياء.

قيل لى، ولماذا لا يتجسد الأنبياء، أليسوا بشراً مثلنا، والإجابة أنهم بشر بالطبع، ولكنهم ليسوا مثلنا، وإنما اختصهم الله الذى خلقهم، وخلق كل شىء، بأن يكونوا رسله إلى البشر، وأكرر أنه من «الأفضل» أن يكون لكل إنسان الحرية الكاملة فى تخيل صورة كل منهم.

وقيل لى، ولماذا كان موقفك ضد منع فيلم يوسف شاهين «المهاجر» عن النبى يوسف، والإجابة أننى ضد منع أى عمل فنى، أو أى فيلم حتى الأفلام التى لا تتفق مع وجهة نظرى كناقد سينمائى، وعندى أن أفلام الدعاية الدينية مثل أفلام الدعاية السياسية، وما أفضله الأفلام التى تعبر عن الرؤى الذاتية أياً كان موضوعها، وليس أفلام الدعاية مهما كان الهدف منها.

الصورة الذهنية لصلاح الدين الأيوبى عند كل من شاهد فيلم يوسف شاهين عنه هى صورة أحمد مظهر فى دور صلاح الدين، وهى صورة غير حقيقية، يبدو معها وكأنه ملاك لا ينقصه سوى الجناحين، وذلك لأنه من أفلام الدعاية السياسية الناصرية، وكان المقصود منه عند عرضه عام ١٩٦٣ أن عبدالناصر هو صلاح الدين الجديد الذى سيوحد القدس المقسمة ويحررها، ولنضع جانباً ما حدث فى الواقع، واحتلال إسرائيل لكل القدس عام ١٩٦٧.

 

مؤتمر النقابة وملاحظات أخرى

بقلم   سمير فريد

٨/ ١/ ٢٠١٥

أرسل مسعد فودة، نقيب السينمائيين، رسالة إلى «صوت وصورة» تعليقاً على مقال الأحد الماضى، وفيما يعرب عن استجابته لاقتراح إقامة مؤتمر سنوى تنظمه النقابة فى يناير من كل عام، وذلك لمناقشة أحوال السينما المصرية، والترحيب والتعريف بالمخرجين الجدد الذين عرضت أفلامهم الطويلة الأولى فى العام السابق، والذين بلغ عددهم ١٣ مخرجاً عام ٢٠١٤ ـ نتوجه للنقيب الفنان وصاحب المواقف الوطنية والإنسانية الصادقة بالشكر على استجابته السريعة، وننتظر انعقاد المؤتمر الأول.

تعلن السبت المقبل جوائز ساويرس الثقافية لعام ٢٠١٤، التى تنظمها مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، إحدى أهم مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر.

هذه هى الدورة العاشرة للجوائز التى أصبحت من معالم الحياة الثقافية المصرية، والتى بدأت للقصة والرواية، ثم أضافت النص السينمائى «السيناريو» والنص المسرحى، ومع الدورة العاشرة نقد الفنون أيضاً، وبقى الشعر والنقد الأدبى، أو أن تشمل جائزة النقد فنون الأدب. مبروك الشمعات العشر الأولى، وكما يقول المصريون «عقبال ميت سنة».

لم أشاهد فيلم ريدلى سكوت «الخروج: آلهة وملوك»، ويتردد أن به «أخطاء» عن تاريخ مصر، وسواء كان ذلك صحيحاً أم غير صحيح، قالوا فالواجب، بدلاً من أن نلعن ريدلى سكوت، أن ننتج الأفلام عن تاريخنا من دون تلك «الأخطاء».

أضع كلمة «الأخطاء» بين قوسين عن عمد لأن التاريخ وجهات نظر، والأخطاء تكون فى المعلومات، الوقائع المجردة، وعلى سبيل المثال ذكر أن تأميم قناة السويس كان عام ١٩٥٣ خطأ، فقد كان التأميم عام ١٩٥٦، أما تقييم هذا القرار واعتباره ضاراً أو مفيداً فهذه أو تلك وجهتا نظر، ولا أنسى قول المؤرخ الكبير الراحل يونان لبيب رزق عندما سألته المذيعة منى الشاذلى فى ختام حوارها معه: «ما هى خلاصة دراستك للتاريخ؟»، فقال: «ويل للمغلوب».

نشرت «المصرى اليوم» مقالين لكاتب السيناريو مصطفى محرم، أحدهما سياسى مُنع من النشر فى «الأهرام» لأنه يحذر الرئيس السيسى من الناصريين، والثانى عن فيلم «حلاوة روح»، منع من النشر فى «الأخبار»، لأنه ضد قرار رئيس مجلس الوزراء بمنع الفيلم.

نشر المقالين فى «المصرى اليوم» يؤكد أنها حقاً جريدة مستقلة، وإتاحة النشر فيها لمصطفى محرم مكسب لها، فهو من كتاب السيناريو القلائل الذين يجمعون بين الموهبة والثقافة العميقة، ودوره كباحث ومترجم لا يقل أهمية عن دوره كمؤلف مبدع.

 

عن تجسيد الأنبياء والمنع فى زمن الفضائيات والثورة التكنولوجية

بقلم   سمير فريد

٧/ ١/ ٢٠١٥

تشرفت العام الماضى بالاشتراك فى اجتماع مع شيخ الأزهر العالم الجليل الدكتور أحمد الطيب وعدد من الكتاب والفنانين حول العلاقة بين الأزهر والأعمال الفنية، وكان رأيى دائماً ولايزال أن من حق الأزهر أن تكون له وجهة نظر فى أى عمل فنى، وكذلك الكنيسة، ولكن من دون أن تكون لهما، أو لأى مؤسسة دينية، سلطة المنع طالما أننا فى دولة مدنية.

وكاتب هذه السطور ضد تجسيد الأنبياء فى السينما أو المسرح أو التمثيليات التليفزيونية لأن التجسيد يصنع صورة ذهنية محددة ومحدودة، بينما الأفضل أن يكون لكل إنسان الصورة التى يتخيلها من واقع ثقافته بحرية تامة، وقد رصدت فى كتابى «تاريخ الرقابة على السينما فى مصر» المناقشات التى جرت فى أواخر عشرينيات القرن الميلادى الماضى عندما حاول وداد عرفى إخراج فيلم عن حياة النبى محمد، عليه الصلاة والسلام، وكيف انتهت إلى رفض المشروع، ولاحظت أن شركات السينما فى هوليوود والعالم كله احترمت رغبة المسلمين فى عدم تجسيد النبى الذى يؤمنون بنبوته، فلم يتم إنتاج أى فيلم يتجسد فيه فى أى مكان وفى كل تاريخ السينما حتى الآن، ويتردد أن الفيلم الإيرانى «محمد» إخراج ماجيد ماجيدى سيكون الفيلم الأول.

يجرى العمل على إنتاج هذا الفيلم منذ خمس سنوات ويزيد، وقد تم بناء ديكورات كاملة لمدينة مكة وكل الأماكن التى عاش فيها الرسول كما كانت فى حياته، واستغرق التصوير عامين قضاهما مدير التصوير الإيطالى فيتوريو ستورارو فى إيران، وهو من عظماء المصورين فى العالم، إن لم يكن الأعظم، وبالطبع فالفيلم أكبر إنتاج فى تاريخ السينما الإيرانية، وسوف يعرض لأول مرة فى افتتاح مهرجان فجر فى طهران فى فبراير المقبل.

أقول: يتردد أنه يجسد رسول الإسلام لأول مرة، لأن هذا الأمر غير مؤكد حتى الآن، وعندما توليت رئاسة الدورة ٣٦ من مهرجان القاهرة طلبت أن يعرض فى افتتاح المهرجان إذا لم يكن يجسد شخصية الرسول، وكان الرد أن الفيلم لم يزل فى المونتاج، ولن يكون جاهزاً للعرض فى نوفمبر، وذلك من دون نفى أو تأكيد مسألة التجسيد.

إذا كان الفيلم يجسد الرسول فهذا يعنى أنه يأتى فى إطار المزيد من إحياء الصراع بين السنة والشيعة لأسباب سياسية بحتة، وكأن الفتنة الكبرى وقعت منذ أسابيع، وليس من مئات السنين، وإذا كان كذلك فمن حق الأزهر أن يطالب بمنع عرضه فى دور السينما، وأن ينصح بعدم مشاهدته بوسائل العرض الأخرى التى أصبح من المستحيل معها منع أى فيلم كما كان الأمر قبل زمن الفضائيات والثورة التكنولوجية.

 

١٥ شاشة جديدة كل يوم فى الصين.. إنهم يعرفون أهمية السينما

بقلم   سمير فريد

٦/ ١/ ٢٠١٥

بثت وكالة أنباء الصين أن متوسط إنشاء دور جديدة للعرض السينمائى فى الصين عام ٢٠١٤ كان ١٥ شاشة جديدة كل يوم، وبذلك وصل إجمالى عدد الشاشات إلى نحو ٢٤ ألف شاشة، وجاءت الصين فى المرتبة الثانية بين دول العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وبها أكثر من ٤٠ ألف شاشة.

الدول الثمانى الأخرى فى قائمة العشر هى الهند «١١ ألف شاشة»، وكل من فرنسا والمكسيك «٥ آلاف»، وألمانيا «٤ آلاف»، وكل من إسبانيا وبريطانيا وروسيا واليابان «ثلاثة آلاف»، وكل الأرقام تقريبية، حيث إننا لسنا بصدد دراسة اقتصادية، وإنما حديثنا عن الدور الاجتماعى لشاشات العروض السينمائية.

كان المسرح، حيث تعرض المسرحيات وتقام حفلات الموسيقى، هو المكان الوحيد الذى يجمع عدداً من الناس لا يعرفون بعضهم البعض لتلقى تجربة شعورية واحدة من شأنها التقريب بينهم رغم الاختلافات الطبقية واختلاف المستويات التعليمية والفكرية وغيرها من الاختلافات بين الناس، وبتكرار التجارب الشعورية المشتركة تتحقق درجة من التقارب تدعم العلاقات الإنسانية، أو كما جاء فى القرآن الكريم أن الله خلق البشر مختلفين ليتعارفوا.

ومن تقاليد المسرح فى أمريكا فتح شباك التذاكر قبل دقائق من بداية العرض لطابور «ادفع ما تستطيع» أو «Pay What You Can» وهذا يعنى أن يجلس فرد دفع دولاراً إلى جانب من دفع مائة دولار أو أكثر، ومثل هذه التقاليد نتيجة فكر عميق ليصبح الوطن مكاناً لـ«السعادة المشتركة» - على حد تعبير رائد الحداثة فى مصر رفاعة الطهطاوى.

ومنذ اختراع السينما تم إدراك أن دار العرض السينمائى تفوق المسرح فى تأثيرها الاجتماعى، حيث يتم تلقى التجربة الشعورية فى الظلام، وعبر صور تكبر حجم الإنسان «الممثل» أضعاف ما هو عليه فى الحياة «الممثل فى المسرح»، وتجمع كل الفنون من فنون الأدب إلى فنون التشكيل والموسيقى والمسرح، بل تم استخدام السينما فى بعض مناطق أفريقيا للتوحيد بين القبائل.

إنشاء ١٥ شاشة جديدة فى الصين يعنى أن نظام الحكم يعرف أهمية السينما ودورها فى المجتمع، أما فى مصر فقد كان لدينا ٥٠٠ شاشة مثل النمسا وبلجيكا وهولندا وسويسرا الآن، وتم إغلاق ما يقرب من ٤٠٠ شاشة بما فى ذلك شاشات قصور الثقافة الحكومية مع الفتح الإسلامى الجديد على طريقة داعش والقاعدة وبوكو حرام، لأن السينما أيضاً حرام!

ثار الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو ضد الحكم باسم الدين، كما كان الحال فى أوروبا فى العصور الوسطى، وسوف تنتصر القوات المسلحة من جيش وشرطة على جماعات العنف المسلح لأنها أكثر قوة، ولكن الانتصار الحقيقى لن يكون إلا بثورة ثقافية تبدأ من المدرسة إلى الجامعة، وبإنشاء ألف مسرح وألف شاشة سينما.

 

المخرجون الجدد ونقاد السنيما

بقلم   سمير فريد

٥/ ١/ ٢٠١٥

يشرفنا أن يكون الفنان الكبير عادل إمام من متابعى قراءة هذا العمود، وقد حدثنى تليفونيا أكثر من مرة معلقاً على بعض ما ورد فيه، وأذكر أنه عبر عن إعجابه بمقولة سارتر التى نشرتها ذات يوم، وهى أن النقد لقاء بين ثلاث حريات، هى حرية المبدع وحرية الناقد وحرية المتلقى.

أعيد نشر هذه المقولة اليوم فى إطار حقيقة أن هناك ١٢٥ مخرجاً جديداً عرضوا أفلامهم الطويلة الأولى فى الـ١٥ عامًا الماضية، وحقيقة أن الملف الصحفى للمقالات النقدية عن هذه الأفلام قليل للغاية وربما هناك أكثر من مائة فيلم لم ينشر عنها أى مقال، أو مقال واحد أو اثنين وبغض النظر عن مستوى المقال وقيمته النقدية.

السؤال: هل مهمة الناقد أن يكتب عن كل فيلم أم يختار الفيلم الذى يكتب عنه؟ والواقع فى السينما وكل الفنون والآداب وفى مصر والعالم كله، وجود هذين النمطين من النقاد، ولكن النقد يكون فى أزمة عندما يوجد النمط الثانى فقط دون الأول. وقد مارست نقد الأفلام منذ عام ١٩٦٥، وكنت نحو عقدين أكتب عن كل الأفلام، ولكن لويس عوض، وهو من أساتذتى الكبار، فضلا عن ارتباطى معه بصفة شخصية وثيقة، قال لى لابد أن نختار، فمستوى النقد يرتبط بموضوعه، وليس من مهام الناقد إصلاح الضعيف.

ومشكلة وجود عمل فنى من دون تقييم نقدى، قديمة، وفى كل الفنون.. والحل الذى توصلت إليه مؤسسات نقاد الأفلام فى أمريكا وأوروبا والعديد من دول العالم، والصحف والمجلات المتخصصة العريقة مثل «فارايتى» الأمريكية، التى تصدر يوميا منذ ١٩٠٥، العمل على نقد كل الأفلام أو أكبر عدد ممكن منها على الأقل، وذلك بتكليف النقاد الذين يفضلون أو لا يمانعون فى الكتابة عن أى فيلم. وقد قال بونويل يوما لا يخلو فيلم من ٥ دقائق جيدة.

وأشهر نماذج متابعة كل الأفلام بالإنجليزية «نشرة الفيلم الشهرية» (مانتلى فيلم بوليتان) البريطانية.

وعندما تولى أستاذ الأساتذة أحمد الحضرى فى مصر إدارة مركز الثقافة السينمائية أصدر مثلها بالعربية، ولكنها توقفت مع الأسف. ومن الواجب أن تصدرها جمعية نقاد السينما المصريين حتى لا يكون النقد السينمائى المصرى فى أزمة، خاصة مع وجود نقاد يثابرون بدأب يحسب لهم على نقد أغلب الأفلام مثل مجدى الطيب ومحمد صلاح الدين، وغيرهما من نقاد السينما من كل الأجيال. من حق كل سينمائى أن يقرأ ولو رأيا نقديا واحدا عن عمله.

 

دعوة إلى نقابة السينمائيين لإقامة مؤتمر سنوى فى يناير من كل عام

بقلم   سمير فريد

٤/ ١/ ٢٠١٥

من بين أهم مقاييس درجة الحرية والديمقراطية فى أى بلد مدى قوة النقابات المهنية، فكلما كانت أقوى من الحكومة كانت قوتها، وكلما كانت الحكومة أقوى كان ضعفها، والذى يعنى ضعف المهنية، وبالتالى افتقاد القدرة على النجاح والتطور والتقدم، والذى يعنى بالضرورة انعدام القدرة التنافسية.

أدى حكم الحزب الواحد إلى تحويل النقابات إلى صندوق للمعاشات والمساعدات فى تكاليف معالجة المرضى ودفن الأموات دون غيرها من أهداف النقابات، وفى مجال السينما أصبح من المثير للأسى والألم أن يتراجع دور نقابة المهن السينمائية فى مناقشة وتحليل مشكلات الواقع وتصورات المستقبل لحساب مؤسسات ولجان وزارة الثقافة وغيرها من وزارات الحكومة.

وليس هذا بسبب تقاعس النقيب أو المجلس فى هذه النقابة أو غيرها من النقابات، وإنما بسبب حكم الحزب الواحد كما ذكرت، وربما يقال هنا إن هذا الحكم قد سقط بعد ثورة يناير بسقوط الحزب الوطنى الديمقراطى، وإن الرئيس السيسى لا يمثل أى حزب، وهذا صحيح من الناحية القانونية الشكلية، ولكنه ليس صحيحاً فى الواقع المعاش، فالحكم الآن عملياً لحزب واحد هو حزب الدولة العميقة البيروقراطية.

هذه دعوة إلى نقيب السينمائيين، مسعد فودة، وأعضاء مجلس النقابة، إلى إقامة مؤتمر سنوى فى يناير من كل عام للسينما فى مصر، من دون مشاركة أى جهة حكومية أو أى موظف فى الحكومة، وإنما لصناع وخبراء السينما ونقادها ومؤرخيها لبحث واقع السينما ومستقبلها مع غرفة صناعة السينما، ونقابات الفنانين الأخرى التى يعمل أعضاؤها فى هذه الصناعة.

وقد ذكرت فى «صوت وصورة» أمس، أن هناك ١٣ مخرجاً جديداً عرضت أفلامهم الطويلة الأولى عام ٢٠١٤، ومن الضرورى أن يتضمن المؤتمر المقترح جلسات مع هؤلاء المخرجين للترحيب والتعريف بهم، ومعرفة ظروف إنتاج أفلامهم الأولى، ومساعدتهم على الاستمرار وإخراج أفلامهم القادمة، وإذا لم يحدث هذا فى نقابة السينمائيين فأين يحدث، ولماذا لا يحدث.

كل فيلم هو جزء من تاريخ السينما مهما كان الخلاف أو الاتفاق على مستواه الفنى، والنجوم «الكبار» فى كل فنون السينما «كنوز» وطنية، ولكن الجدد ليسوا «صغاراً»، وبالضرورة يأتى من بينهم «كبار» المستقبل.

 

١٣ مخرجاً جديداً فى السينما المصرية

بقلم   سمير فريد

٣/ ١/ ٢٠١٥

هناك حديث دائم لا يتوقف فى أغلب صحافة السينما فى مصر عن «أزمة» السينما المصرية، فهو «كلشيه» ثابت مثل «افتتاح مهرجان كذا بلا نجوم»، حتى لو كانت الصورة المنشورة تحت العنوان تجمع عشرة نجوم أو أكثر، كما فى افتتاح مهرجان الإسكندرية العام الماضى.

والواقع أن «الأزمة» فى صحافة السينما وليست فى السينما المصرية، وترجع إلى ميل العديد من الصحفيين الشباب فى هذا المجال إلى الاستسهال وعدم بذل الجهد الكافى لتحصيل المزيد من المعرفة، وعدم التدقيق فى المعلومات، والبحث عن «الإثارة» ولو على حساب الحقيقة، والأدهى أن هذه الأمراض انتقلت إلى التليفزيون أيضاً.

أزمة مصر كلها وأى بلد فى العالم تتلخص فى كلمتين «افتقاد المهنية»، وإنقاذها فى كلمتين «احترام المهنية» فى الطب والهندسة والجيش والشرطة والقضاء والسينما والمسرح والموسيقى، وكل المجالات «المهنية» سر هزيمة يونيو، وسر انتصار أكتوبر، وبقدر «المهنية» يكون النجاح والفشل.

من واقع الأفلام الروائية الطويلة الجديدة التى عرضت منذ أول يناير ٢٠٠٠ وحتى آخر ديسمبر ٢٠١٤ وحسب توثيق كاتب هذه السطور، تم عرض ٤٧٤ فيلماً، أى أن المتوسط فى ١٥ سنة ٣٢ فيلماً فى السنة، وهذا العدد فى إطار ظروف الإنتاج السينمائى فى مصر يعنى أن السينما المصرية ليست فى «أزمة».

وعندما يتم تقييم وتحليل هذه الأفلام على الصعيد الفنى، وبأى من مقاييس النقد، يتوصل الناقد إلى أنها لا تقتصر على الأفلام السائدة، أو التى تسمى «تجارية»، فهناك تجديد من داخل هذه الأفلام، بل تجديد من خارجها، وبوجود الاتجاهات الثلاثة تكون أى سينما فى «نهضة» وليست فى «أزمة».

وعندما تعرض السينما المصرية ٤٧٤ فيلماً فى ١٥ سنة، ويكون من بينها ١٢٥ فيلماً لمخرجين يقدمون أول أفلامهم الروائية الطويلة، لا يمكن بأى حال اعتبارها سينما فى «أزمة»، حتى لو لم تعتبر فى «نهضة»، فالمتوسط هنا ٩ مخرجين جدد كل سنة.

المخرجون الجدد فى العام الماضى ١٣ مخرجاً، هم: هانى فوزى ونادر سيف الدين وطارق أمين ومحمد عبدالحسيب وإبرام نشأت وهالة لطفى وأحمد الشوربجى وطونى نبيه وهانى حمدى ومحمد الطحاوى وأحمد فوزى ورامى غيط وأسامة عمر. وهم دماء جديدة، وإن لم ترحب بهم صحافة السينما العجوز ونقاد المخرجين الكبار فقط!

 

مئويات السينما المصرية ٢٠١٥ ومن ينس التاريخ فلا حاضر له ولا مستقبل

بقلم   سمير فريد

١/ ١/ ٢٠١٥

منذ ثلاث سنوات نبهنى الصديق العزيز ريتشارد بين، أستاذ الدراسات السينمائية فى جامعة كولومبيا الأمريكية، إلى أن مئوية ميلاد صلاح أبوسيف فى عام ٢٠١٥، وأنه كمدير لمركز لينكولن فى نيويورك على استعداد كامل للاشتراك مع السينماتيك المصرى للاحتفال بهذه المناسبة.

وقد كان ردى عبارات تفيض بالأسى والخجل لأنه لا يوجد سينماتيك مصرى مع الأسف، ورغم أنه حلم قديم لكل صناع ونقاد السينما فى مصر، يبدو أنه لن يتحقق أبداً، وكل ما أمكن التخطيط له أن يحتفل مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بمئوية أبوسيف عام ٢٠١٥ كما احتفل بمئوية بركات عام ٢٠١٤ بإقامة معرض وإصدار كتاب.

ومئويات السينما المصرية عام ٢٠١٥ تتضمن أيضاً مئوية ميلاد المخرج كامل التلمسانى والممثلة والراقصة تحية كاريوكا ومدير التصوير وديد سرى، ولأن البرامج السينمائية فى مكتبة الإسكندرية لها خطة سنوية توضع قبل نهاية العام المنصرم، وضعت خطة عام ٢٠١٥ على أساس الاحتفال بمئوية تحية كاريوكا فى يوم المرأة العالمى «٨ مارس»، ومئوية صلاح أبوسيف وكامل التلمسانى فى يوم السينما المصرية «٢١ يونيو» وهو يوم عرض أول فيلم مصرى عام ١٩٠٧، ومئوية وديد سرى فى يوم نجيب محفوظ «١١ ديسمبر» بعرض فيلم «الطريق» الذى قام بتصويره.

وقد شهد عام ٢٠١٣ احتفال مهرجان القاهرة بمئويات ميلاد المخرجين كمال سليم وفطين عبدالوهاب وحسين صدقى، ومديرى التصوير عبدالحليم نصر وأحمد خورشيد والباحث والموثق فريد المزاوى، مؤسس أرشيف المركز الكاثوليكى للسينما، وأصدر المهرجان عن هؤلاء الرواد والإعلام خمسة كتب هى:

كمال سليم تأليف وليد سيف.

فطين عبدالوهاب تأليف أشرف غريب.

حسين صدقى تأليف ناهد صلاح.

عبدالحليم نصر وأحمد خورشيد تأليف سعيد شيمى.

فريد المزاوى إعداد محمد عبدالفتاح.

وتم إصدار هذه الكتب تحت إشراف الناقد الكبير كمال رمزى، رئيس تحرير كتب المهرجان، ووزعت مجاناً على ضيوف المهرجان من داخل وخارج مصر أثناء انعقاد الدورة ٣٦ فى نوفمبر الماضى، حيث تم طبع ألف نسخة من كل كتاب، وقدمت إدارة المهرجان ما تبقى من النسخ هدية إلى هيئة الكتاب لتوزيعها فى مكتباتها لحساب الهيئة حتى تتاح لمن يريد من عموم القراء فى مصر.

المصري اليوم في

01.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)