كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

حياته وأعماله

جين هاكمان .. 84 عاماً من الفن

24 - محمد هاشم عبد السلام

 

ولد الممثل الأمريكي المتميز، "يوجين آلان هاكمان"، المعروف باسم جين هاكمان، في الثلاثين من يناير عام 1930، بسان برناندينو، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية.

على مدى حياته المهنية، التي امتدت لقرابة خمسة عقود من الإبداع الفني الراقي، منذ منتصف الستينات وحتى مطلع هذا القرن، قدم جين هاكمان الكثير من الأعمال السينمائية والمسرحية والتليفزيونية المتميزة، وفي رصيد هاكمان السينمائي، الذي يحتفل بميلاده الرابع والثمانين، تسعة وتسعين فيلماً وعشر مسرحيات تقريباً.

نشأته

ولد جين هاكمان في سان برناردينو، بكاليفورنيا، لـ "ليدا هاكمان" و"يوجين عزرا هاكمان"، وهو الثاني في الترتيب بعد شقيقه الأكبر "ريتشارد". ووالدته، التي ولدت في كندا، ذات أصول إنجليزية اسكتلندية، أما والده فمن أصول بافارية ألمانية، كانت عائلته دائمة التنقل، إلى أن استقرت بولاية ألينوي، ببيت جدته لأمه، وهناك افتتح والده مطبعة صغيرة، أصدرت جرائد محلية ودعائية.

قد مرت طفولة هاكمان دون أي متاعب أو صعوبات تذكر، باستثناء بعض الشجارات بين والديه، التي انتهت لاحقاً بانفصالهما عام 1962، وهجران الأب لأسرته، وقد توفيت والدته في وقت متأخر من نفس العام جراء حريق تسببت فيه أثناء تدخينها.

تلقى جين دراسة عادية وكان مثالاً للالتزام والانضباط، الأمر الذي دفعه وهو في سن السادسة عشر لمغادرته منزله والانضمام إلى قوات مشاة البحرية الأمريكية، حيث خدم لأكثر من أربع سنوات كعامل تشغيل لأجهزة الراديو والاتصال الإذاعي، وبعد تركه الخدمة، انتقل هاكمان إلى نيويورك، حيث تنقل بين عدة وظائف هامشية للتعيش من عائدها.

مرحلة الستينات

في عام 1956 دخل جين هاكمان "مسرح باسادينا" الشهير في كاليفورنيا، حيث درس المخرج يوسف شاهين التمثيل، ليدرس باستديو الممثل، وهناك، عقد صداقة وثيقة مع مغمور مثله، اشتهر فيما بعد، وهو الممثل داستن هوفمان، وبسبب التعنت والمعاملة الغريبة التي عاملهما بها زملائهما، وتشكك الجميع في نجاحهما لاحقاً، تركا المدرسة، ربما كانت تلك المعاملة هي الحافز بالفعل في تصميم هاكمان على تحقيق النجاح، فترك المدينة كلها، وانتقل للعيش في نيويورك وتجربة حظه بالعمل هناك، وكان هذا في مطلع الستينات.

وقد ظل هاكمان يتنقل بين وظائف متدنية وعادية ويجرب حظه في عدة أدوار لا تذكر سواء بالسينما أو المسرح، خاصة المسرحيات التي كانت تعرض على هامش برودواي، وفي عام 1961، كان أول دور بطولة له، بالمعنى المتعارف عليه، في المسرح، الأمر الذي فتح أمامه باب السينما، فأخذ يعمل فيها لسنوات بعدة أدوار متفاوتة المساحة والأهمية، حتى عام 1967، عندما ظهر كممثل مساعد في دور "باك بارو" بأحد أشهر الأفلام الهوليوودية "بوني وكلايد"، الذي ترشح عنه لأول مرة في حياته لأوسكار أحسن ممثل مساعد، وقد تتالت عليه الأدوار منذ ذاك الفيلم فعمل بالمسرح وبالتليفزيون أيضاً، والأغلب الأعم في السينما، لكن الأفلام لم تكن دائماً بنفس مستوى الجودة.

السبعينات
في عام 1971 ترشح هاكمان مرة أخرى لأوسكار أحسن ممثل مساعد عن دوره في فيلم "لم أغن أبداً لوالدي" (1970)، لكنه فاز بها في العام التالي كأحسن ممثل، وذلك عن الفيلم البوليسي "الرابط الفرنسي"، وقام فيه بدور مُحقق مدينة نيويورك، الذي يُوقِع بعصابة تهريب مخدرات كبرى، ويحول دون وصول شحنتها القادمة من فرنسا.

مع ذلك التحقق الكبير انطلق هاكمان يؤدي العديد من أدوار البطولة في كثير من الأفلام المتباينة المستوى بين الجيد والقوي مع العديد من المخرجين، من بينهم فرانسيس فورد كوبولا، وقد ترشح عنها أيضاً لعدة جوائز مهمة، ومع منتصف السبعينات، أقدم هاكمان على خوض مغامرة التمثيل الكوميدي، وقد أبلى بلاء حسناً وحقق سمعة طيبة في تلك الأدوار، والتي كان أشهرها الفيلم الذي حمل عنوان "فرانكشتاين الصغير".

من منتصف وحتى نهاية عقد السبعينات لم ينشغل هاكمان بأداء العديد من الأدوار، ورفض الكثير مما عُرِض عليه بالسينما أو المسرح أو التليفزيون، واكتفى بأداء دور بطولة في فيلم واحد كل سنة تقريباً، وقد تنوعت تلك الأدوار بين الكوميدي والتاريخي والحربي والجريمة والإثارة، في الوقت نفسه، خاض هاكمان تجربة العمل بأفلام متعددة الأجزاء، فأقدم على العمل في "الرابط الفرنسي" الجزء الثاني، واشترك كذلك في "سوبر مان" الجزء الأول والثاني.

الثمانينات
خلال عقد الثمانينات تراوحت أدوار هاكمان بين البطولة المطلقة أو الأدوار الثانوية، وبرغم تزايد وتيرة الأفلام التي عمل بها هاكمان خلال الثمانينات، إلا إنها لم تتجاوز معدل الفيلمين فقط في السنة، وذلك مع حرصه على تنوع أدواره وعدم تكرارها ومحاولة التجديد قدر الإماكن، وقد أتيحت له تلك الفرصة باشتراكه في فيلم "هوسرس" (1986) كمدرب كرة سلة يصل بإحدى الفرق المدرسية المغمورة للفوز بأهم البطولات، وقد اختتم هاكمان العقد بترشحه لجائزة أوسكار أحسن ممثل عن دوره في فيلم "احتراق المسيسبي" (1989)، والذي حصل عنه أيضاً على جائزة الأسد الفضي بمهرجان برلين.

التسعينات
في أوائل التسعينات تعرض هاكمان لمتاعب صحية بالقلب أدت لإبعاده عن العمل لبعض الوقت، وبعد تعافيه السريع عاد هاكمان للسينما وقام بأداء عدة أدوار بسيطة، حتى أدى دور الشريف السادي في فيلم "غير المتسامح" (1992)، والذي فاز عنه بثاني أوسكار له كممثل مساعد أمام البطل والمخرج كلينت أيستوود، ومنذ ذلك الفيلم وحتى نهاية التسعينات وهاكمان يؤدي العديد من الأدوار المتنوعة والمتميزة التي وقف فيها أمام العديد من النجوم في دور البطلة أو كممثل مساعد، مثل توم كروز وليوناردو دي كابريو وراسل كرو ودينزل واشنطون وروبين ويليامز وويل سميث وكلينت إيستوود وشارون ستون وناثان لي.

مطلع القرن

منذ مطلع القرن، بدأ القدير جين هاكمان يقلل من ظهوره في السينما، وحتى من مساحة أدواره، فمنذ عام 2000 وحتى 2004، لم يقدم للسينما سوى أحد عشر فيلماً فحسب، وكان آخر أفلامه "مرحباً بكم في موسبورت"، حيث قام فيه بدور رئيس سابق للولايات المتحدة، ولم تكن تلك بالطبع المرة الأولى التي يقوم فيها هاكمان بذلك الدور، وفي العام 2003 توّج جين هاكمان في حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب، بجائزة "سيسيل بي، ديميل" التكريمية، وذلك لـ "مساهمته البالغة في مجال السينما".

تقاعد وتفرغ أدبي

يعتبر هاكمان من الممثلين القلائل جداً في تاريخ السينما العالمية الذين اتخذوا قراراً باعتزال مهنتم، وقد اتخذ هاكمان ذلك القرار في نهاية عام 2004، وقد أعلنه على الملأ بأحد البرامج التليفزيونية الواسعة الانتشار، والغريب في الأمر، وعلى عكس ظن الجميع، لم يعدل هاكمان عن قراره منذ ذلك الحين، بل وقلل كثيراً جداً من ظهوره في أي محفل عالمي.

ومن المعروف عن جين هاكمان أنه من المهتمين بالأدب والكتابة الأدبية، لا سيما الرواية، وقد أصدر هاكمان العديد من الروايات وذلك منذ عام 1999، وكانت آخر رواية له بعنوان "مطاردة"، وهي رواية بوليسية صدرت عام 2013.

جوائز وترشيحات

نال جين هاكمان العديد من الجوائز والترشيحات، التي توجت أدائه المهني المتنوع على امتداد مسيرته الحافلة، فقد فاز هاكمان بثلاث ترشيحات للأوسكار، اثنان كأحسن ممثل مساعد، عن دوره في فيلم "بوني وكلايد" (1967)، وفي فيلم "أنا لم أغن أبداً لوالدي" (1970)، وترشح وحيد لأحسن ممثل عن دوره في "احتراق المسيسبي" (1988)، وقد وفاز هاكمان بجائزة الأوسكار لأحسن ممثل عن دوره في "الرابط الفرنسي" (1971)، ولأحسن ممثل مساعد عن دوره في "غير المتسامح" (1999).

وقد ترشح هاكمان خمس مرات لجوائز "الجولدن جلوب" كأحسن ممثل وأحسن ممثل مساعد، وفاز بها أربع مرات، كما ترشح لجوائز "البافتا" كأحسن ممثل وأحسن ممثل مساعد ثلاث مرات، وفاز بها مرتين، وفاز أيضاً بجائزة "الأسد الفضي" في مهرجان برلين السينمائي عن دوره في "احتراق المسيسبي" عام (1989).

حياته الخاصة

تزوج جين هاكمان من "فاي مالتيس"، واستمر زواجه بها قرابة ثلاثة عقود، وأنجب منها ثلاثة أبناء، ولد وابنتان، وقد انفصل عنها في منتصف الثمانينات، وقد تزوج هاكمان مرة ثانية في أوائل التسعينات بزوجته الحالية "بيتسي أراكاوا"، ولم ينجب منها.

والمعروف عن جين هاكمان، إلى جانب ولعه بالأدب والكتابة الروائية، ممارسته لرياضية ركوب السيارات، ومشاركته الفعالة في العديد من السباقات الرياضية التي تقام بأمريكا لتلك الرياضة، وقد فاز بعدة جوائز في بعضها، وهو من هواة قيادة سيارات الجاجور الرياضية.

موقع "24" الإماراتي في

30.01.2015

 
 

'القيادة في القاهرة' فيلم يحول فوضى الطريق إلى أسلوب حياة

العرب/ محمد هاشم عبدالسلام

فيلم وثائقي يرصد مراحل التدهور المروري والسلوكي بمصر، ويتطرق إلى مشكلة الازدحام القاتل الذي ينبئ بانفجار ثوري.

على امتداد عرض فيلم “القيادة في القاهرة” للمخرج شريف القطشة، يجد المشاهد نفسه مدفوعا إلى التساؤل الدائم عن الكيفية التي سينهي بها المخرج فيلمه هذا، والذي يبدو من خلال مادته الثرية أنها لن تنتهي أبدا. ومع اقتراب الفيلم من نهايته يتأكد من أن ثمة نهاية حتمية لا بدّ وأن ينتهي بها الفيلم، تلك النهاية الحتمية من المؤكد أن تكون -كي تكتمل الصورة التي يطرحها الفيلم- نهاية كارثية، وقد كانت.

يفتتح شريف القطشة فيلمه بمجموعة لقطات علوية مأخوذة من فوق أحد الكباري، يرصد من خلالها الحركة المرورية بأهم ميادين مصر، ثم يأخذ في تسريع من وتيرة اللقطات، كي يكثف بالصورة ما يرغب الفيلم في تصديره، وذلك بعدما وضع عدة عناوين افتتاحية تفيد بأن القاهرة مدينة يعيش فيها عشرون مليون مواطن، وتسير بها أربعة عشر مليون مركبة متنوعة.

يتناول فيلم “القيادة في القاهرة” قضية بالغة الأهمية والحيوية تمس المجتمع المصري، وبالتحديد القاهري، وهي القيادة والطرق والمواصلات في العاصمة المصرية، تلك المشكلة المستعصية على جميع المستويات، والتي تعتبر من أهم العناصر المشتركة بين القاهريين، وتمثل قاسما أعظم يوميا، لا يفرّق بين الكبير والصغير أو الغني والفقير أو المترجل والراكب.

وقد أراد المخرج من خلال هذا الموضوع وعلى امتداد ساعة وثلث الساعة هي زمن الفيلم، التطرق إلى مناقشة العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المهمة التي تمس حياة المواطن القاهري مع مطلع كل شمس. وذلك عبر تتبعه لعدّة خيوط سردية أساسية تتبع مسارها حتى النهاية، إلى جانب بعض الخطوط الفرعية التي فرضتها ظروف السرد أو التقطتها الكاميرا مصادفة، وشكــلت جانبا مهمّا لما أراد الفيلم أن يرصده.

وعبر الخطوط الرئيسية للفيلم عرض المخرج مجموعة من المشكلات التي يعانيها أفراد حققوا امتلاكهم أو رغبتهم في امتلاك، أو تعلم القيادة والحصول على الرخصة اللازمة لذلك، ومبرارات كل شخصية من الشخصيات التي تصب في النهاية تصب مرّة ثانية في المشكلة الرئيسية.

فتلك السيدة التي ترغب في تعلم القيادة تريد بذلك تحاشي الازدحام المروري وتفادي التغيّب عن العمل، أو تلك التي ترغب في إيصال أبنائها إلى المدارس في مواعيدهم دون خوف عليهم، أو تلك الراغبة في تجنب مشاكل المواصلات العامة ومضايقاتها، فيلجأن إلى تعلم القيادة وشراء السيارة، فيكتشفن بعد مرور الوقت أن المشكلة الأساسية لم تحل.

الفيلم ينضح بالمرارة والكآبة والسخرية اللاذعة والضحك الفاتر، تماما كأحوال البشر اليوم في تلك المدينة القاهرة

ومن أجل الانتقال بين الخطوط الرئيسية والفرعية في الفيلم وتعميق الإحساس بالمشكلة، لجأ المخرج إلى الكثير من اللقطات المصورة لأغلب طرق وميادين القاهرة، سواء كانت لقطات علوية من أماكن مرتفعة أغلبها من فوق الكباري، أو من داخل السيارات أو من فوق الدراجات البخارية، أو حتى اللقطات الأرضية التي كادت الكاميرا تلامس فيها الإسفلت.

وأغلب تلك اللقطات في حدّ ذاتها تشكل تهديدا كبيرا، لفداحة ما يتوفر من سلوكيات واستهانة بأبسط قواعد السير والقيادة الآمنة في شوارع يسير فيها آدميون، ولتعميق ذلك الأثر المزعج، لجأ المخرج إلى تكثيف تلك اللقطات إما بعرضها بوتيرة زمنية بطيئة أو بالغة السرعة، تشبه إلى حدّ كبير في تركيبها وتكوينها عشوائية ما هو في الشارع بالضبط.

فوضى منظمة

امتدّ زمن تصوير فيلم “القيادة في القاهرة” على أكثر من أربع سنوات، منذ عام 2009 وحتى نهاية عام 2012 تقريبا، من قبل الثورة وانتهاء بالانتخابات الرئاسية في مصر وفوز محمد مرسي بها آنذاك.

وقد أتاحت تلك الفترة الزمنية الطويلة للمخرج شريف القطشة أن يرصد مراحل التدهور المروري والسلوكي، وذلك الانفجار الوشيك الذي استشعره المرء على لسان السائقين وغيرهم من تعسف وتعنت رجال المرور والقـــوانين والأحــوال المعيشية بصفة عامة، وضرورة تمخض كل هذا عن شيء ما يلوح في الأفق لا يعرف المرء ما هو، وقد رصد الفيلم هذا التوتر المتصاعد، الذي بدا مكثفا وسريعا.

من أجل الانتقال بين الخطوط الرئيسية والفرعية في الفيلم وتعميق الإحساس بالمشكلة، لجأ المخرج إلى الكثير من اللقطات المصورة لأغلب طرق وميادين القاهرة

بالتأكيد لم يكن في تخطيط المخرج شريف القطشة منذ البداية أن يكون فيلمه راصدا للثورة في مصر، أو حتى أن يضفي لاحقا بعض العمق على فيلمه بالدخول على خط الثورة، ولا المراحل التي تلتها حتى الانتخابات المصرية، لكن مردّ ذلك بالطبع طول الفترة التي تمّ تصوير الفيلم خلالها، والتي جعلته يقف على الكثير من الأمور اللافتة في الشارع المصري قبل الثورة.

ومنها على سبيل المثال مقابلته لأحد القيادات الأمنية المرورية التي وصفت ما يحدث في شوارع القاهرة بأنه: “فوضى.. فوضى مرورية.. لكنها فوضى مرورية منظمة”. أو رصده لزيارة أوباما وكيف تبدّلت أحوال الشوارع لتصير نظيفة ومطلية، بل وفارغة على غير العادة أثناء الزيارة والخطاب، لتعود ثانية كما كانت.

وبعد الثورة رصد أيضا أيّ تغير ربما يكون قد طرأ على أحوال المرور وسلوكيات القاهريين في الشوارع، وكيف أن الأمر تبدل كلية مع اندلاع الثورة وأثناء أيامها الأولى إلى درجة تصدّي المواطنين بأنفسهم لتنظيم الشوارع مروريا؛ “عندما يكون عندي ما يكفي من الوقت ولا أجد ما أفعله، أنزل من تلقاء نفسي لتنظيم المرور”، يقول أحد الذين رصدتهم كاميرا القطشة في الشوارع أيام الثورة.

براعة المونتاج

اللافت أيضا هو عدم خشية الناس وقتها من التصوير والتحدث إلى الكاميرا على نحو جريء يصل حدّ التبجح، بينما كان العكس تماما هو ما حدث قبل الثورة. ومن المفارقات الجميلة التي توقف عندها الفيلم طويلا، رصد أتوبيس المرشح الرئاسي عمرو موسى، وكيف خالف قائد أتوبيس المرشح المحتمل كل القوانين وتسبب في ازدحام بالغ وحادثة واختناق مروري ضخم، امتدّ طويلا بأحد الشوارع الرئيسية أثناء توصيله للناس لحضور المؤتمر الرئاسي الذي بدأ وانتهى، ولم تحل المشكلة التي تسبب فيها الأتوبيس.

وبمرور الوقت وازدياد العشوائية أكثر فأكثر في كل شيء دون أي رادع من أي نوع، تبدّت ملامح الكآبة والوجوم على وجوه كل من يقود وسيلة نقل في شوارع القاهرة أو سجلت معه الكاميرا، وقد رصدت الكاميرا أيضا من بين ما رصدته تخلي الجميع عما كانوا عليه من روح أيام الثورة، والعودة إلى أسوإ ما كانوا عليه من سلوكيات، وفقدان الأمل في أيّ تحسن ملحوظ قد يطرأ على أحوالهم في المدى القريب.

المونتاج نجح في تحقيق رغبة المخرج بعدم التركيز مع شخصية بعينها من الشخصيات دون الأخرى، مع الرغبة في إكمال كل قصة أو خيط سار وراءه

فلا القوانين ردعت كما هو مفترض، ولا من تدرب من أجل استخراج الرخصة تدرّب بالفعل، ولا من رغب في الحصول على الرخصة بطرق مشروعة حصل عليها فعلا بالطرق المشروعة. ومع انتهاء الفيلم ومرور كل تلك الفترة الزمنية، لم تتغير كثيرا أحوال الشخصيات التي تتبعها الفيلم منذ بدايته. ولذلك أيضا فإن الفيلم ينضح بالمرارة والكآبة والسخرية اللاذعة والضحك الفاتر تماما كأحوال البشر اليوم في تلك المدينة القاهرة.

إن البطل الرئيسي بالفيلم هو المونتاج من دون شك، الذي لعب دورا كبيرا في الحفاظ على ذلك البناء الهيكلي للفيلم من اللقطات غير المتجانسة، التي التقطت على مدى تلك السنوات، كما ساعد المونتاج في تحقيق رغبة المخرج بعدم التركيز مع شخصية بعينها من الشخصيات دون الأخرى، مع الرغبة في إكمال كل قصة أو خيط سار وراءه حتى ولو لم يكن له علاقة بموضوع الفيلم.

ويعيب الفيلم إقحامه لعدة لقطات غير ذات أهمية في السياق مثل لقطات الراقصة غير مفهوم المراد منها، وكذلك مشكلة سائق سيارة الإسعاف الاجتماعية، بينما كان المهم أكثر التركيز على مشاكله أثناء القيادة، والتطرق إلى شريحة أخرى مماثلة وهي شريحة سائقي سيارات الإطفاء، على سبيل المثال.

كذلك يعيب الفيلم، ما ينتاب المتفرج بأنه يخاطب شريحة معينة من الناس صنع الفيلم لأجلهم، وهي الطبقة فوق المتوسطة التي لا تتحدث سوى الأنكليزية طوال الفيلم، ولا تسكن سوى في المعادي وغيرها من الأماكن الراقية.

وحتى عندما تناول المخرج حادثة واحدة يتيمة لشابة يافعة راحت ضحية حادث أليم، كانت لابنة مهندس أميركي وزوجته يعيشون منذ فترة طويلة بالقاهرة.

العرب اللندنية في

30.01.2015

 
 

الرقابة: مشاهد خادشة وإيحاءات جنسية فى «ريجاتا» و«أبو فتلة»

كتبت- آية رفعت

كشف رئيس الرقابة على المصنفات الفنية د.عبد الستار فتحى عن حذفه لعدد من المشاهد والالفاظ الخادشة للحياء بفيلم «ريجاتا» الذى يعرض حاليا فى دور العرض حيث قال إن الفيلم قد أثار مشاكل عديدة وتم وضع ملاحظات عديدة على نسخة العمل الاولية مؤكدا ان المخرج محمد سامى قد تفهم الملاحظات ونفذها كلها وبالتالى تم التصريح له بالعرض.

 وأضاف فتحى قائلا: «كل التصريحات التى تؤكد احتواء الفيلم على مشاهد خارجة تم عرضها بالبرومو الخاص بالفضائيات ليس له اساس من الصحة، فالمخرج قام بالموافقة وتنفيذ كل ملاحظات الرقابة وبالتالى عندما شاهدنا نسخة العمل النهائية لم نجد بها أى مشاكل».

وعن البرومو المعروض على الفضائيات قال فتحي:» المشكلة أن الرقابة ليست لها دخل قانونى على وزارة الاستثمار التى تندرج تحت إدارتها الفضائيات بانواعها فنحن نقوم بالتصاريح على برومو للفيلم بما يتناسب مع الأداب العامة أيضا خاصة أنه يدخل لكل بيت، والبرومو المعروض حاليا ليس لنا دخل به ولم يخرج بتصريح رسمى من الجهاز، كما أنه يحتوى على عدد كبير من المشاهد التى تم حذفها من الفيلم ولكن الشركة المنتجة تعرضها كنوع من الدعاية للفيلم وعندما يدخل المشاهد للسينما يفاجأ بعدم وجودها.. ولقد حاولنا كثيرا التوصل لحل فى أمر عدم التزام الفضائيات بتصريح الرقابة للبروموهات العائية والأغانى الخاصة بالأفلام ولكن دون جدوى.. ومازلنا نبحث عن حل يلزمهم بالبرومو الرسمى الذى تصدره الرقابة مثل التليفزيون المصرى».

فيلم ريجاتا بطولة عمرو سعد وإلهام شاهين ومحمود حميدة ورانيا يوسف وأحمد مالك وعدد كبير من الفنانين وتدور قصته حول ما يدور فى الحارة المصرية الشعبية من مشاكل وتجارة غير مشروعة.

ومن جانب آخر قال فتحى انه قام بحذف عدد من الالفاظ الخارجة من فيلم «هز وسط البلد» للفنانة إلهام شاهين وفتحى عبدالوهاب والتى جاءت بسبب تواجد ابطال العمل فى بيئة شعبية وطبقة الراقصات وبيوت الدعارة.. مؤكدا ان الجهاز يتيح للمنتج القيام بتقديم نسخة اولية للعمل قبل طبعه بشكل نهائى لكى لا يتكلف أموالاً طائلة ثم يتم حذف المشاهد أو الألفاظ ويضطر المنتج لاعادة الحذف والطبع مرة أخرى.

 ولقد تم حذف الألفاظ من النسخة المبدئية بالفيلم وتفهم المخرج محمد أبوسيف الأمر ونفذ تعليمات الرقابة كلها فى النسخة النهائية. وهذا ما حدث فى فيلم «القط» للفنان عمرو واكد وفاروق الفيشاوى.. والذى تم حذف اكثر من مشهد منه كما تمت اجازته للكبار فقط لما يتضمنه من مشاهد دموية وجريئة.

كما قال فتحى إنه قد تم الاعتراض على ذكر لفظ الجلالة «الله» فى احد مشاهد فيلم «قدرات غير عادية» لداود عبدالسيد حيث قال: فوجئت بوجود شخصية البواب فى الفيلم وهو اسمه «حبيب الله» وفى كل الأحداث تتم مناداته بـ«حبيب» فقط ولكن عندما كان ينادى عليه احد الابطال بعصبية فيقول له «يا حبيب الله يا حمار» فوجدنا أن فكرة وجود لفظ الجلالة ويليه سبة لا تليق أن تذكر خاصة إنها ليست لها ضرورة درامية تذكر فاتفقت مع عبد السيد على محاولة حذفها من المونتاج باى شكل بينما لم نعترض على اى لفظ او مشهد آخر بالفيلم وننتظر حتى الآن النسخة النهائية الموجود بها حذف هذا اللفظ فقط».

ونفى عبد الستار ما تردد على لسان المخرج ابرام نشأت حول استلام الرقابة لنسخة معدلة من فيلم «أبوفتلة» للراقصة سما المصرى حيث قال انه لم يتسلم اى شيء من اسرة العمل ولم يتوصل معهم لاتفاق بعد آخر مرة كانت المصرى مجتمعة معه منذ شهر ونصف الشهر تقريبا.. وأضاف قائلا «الفيلم سيئ للغاية واتعجب من إصرارهم على نشره خاصة  أن الرقابة متعنتة عليه بينما الفيلم لا توجد له قصة من الاساس ولولا أننا اخذنا عهدا على أنفسنا بعدم رفض أى عمل كان قوبل بالرفض القاطع».

كما أعلن فتحى أنه تم التصريح لاغلب الأفلام الأخرى التى تعرض حاليا والتى سيتم عرضها قريبا بدون وجود أى ملاحظات ومنها فيلم «قط وفار» لمحمود حميدة وسوزان نجم الدين و«أسوار القمر» لمنى زكى وعمرو سعد و«خطة بديلة» لخالد النبوى وتيم حسن.

روز اليوسف اليومية في

30.01.2015

 
 

«حرث السماء» للمخرج المكسيكي هوراسيو أكالا:

تحريض على اكتشاف شغف الحياة

رشا حسني

الشغف
من المؤكد أن الهدف من الحياة لا يقتصر فقط على ما يبدو لنا من مظاهرها وفقط، ولكن هناك أهداف أسمى، أجمل وأمتع من أن يحيا الإنسان مثله كمثل الكثيرين ممن يسيرون على وجه البسيطة، من دون هدف، من دون غاية والأهم من دون «شغف». فالشغف هو ذاك الهاجس أو الدافع الذي يظل يطارد الإنسان كي يكتشف ما بداخله من قدرات ومقومات تجعل منه إنساناً مختلفاً، إنساناً ناجحاً، فالشغف ببساطة هو سر استمتاع المرء بحياته. 

يعتبر الفيلم الوثائقي»حرث السماء» للمخرج المكسيكي هوراسيو أكالا فيلماً مُحرضاً ومُلهماً في الوقت نفسه، فهو يُحرض كل من يُشاهده على اكتشاف شغف حياته، شغفه تجاه ما يريد فعلاً أن يفعله، بل ويتفوق في فعله ومُلهماً لأنه من الممكن أن يتلمس المُشاهد من خلال قصص أبطال العمل أولى خطواته لتحقيق حلم حياته وشغفه. الفيلم مرآة تعكس لمُشاهده ما لا يراه وما يجب أن يراه ويبحث عنه.

يُلقي الفيلم الضوء على تجارب أداء «سيرك لو سوليه» بفرنسا لاختيار مؤدين جدد للسيرك ليغوص الفيلم داخل مجموعة حكايا اختارها المخرج بعناية شديدة تتمتع بالتنوع والتميز الإنساني والحركي والبدني، ولقد تم تصوير الفيلم في إحدى عشرة دولة مختلفة بثلاث لغات مختلفة.
الاختلاف
يندرج فيلم «حرث السماء» تحت فئة الأفلام الوثائقية، ولكن ومنذ الوهلة الأولى يمكنك أن تشعر بمدى اختلافه عن المفهوم التقليدي والشائع للفيلم الوثائقي، من وجود عدد معين من الضيوف أو المتحدثين في أماكن تتكرر روتينياً في أحجام لقطات ثابتة يغلب عليها الحجم المتوسط، ويظل هؤلاء الضيوف يروون حكاياهم ويسردون ذكرياتهم لتلك الآلة الصماء التي أمامهم برتابة شديدة حتى إن كان حجم المعلومات التي يلقونها تفوق ما يمكن العثور عليه من خلال عشرات الكتب والمجلدات.

البداية
يبدأ الفيلم بجملتين من أهم الجمل التي جاءت في الفيلم على ألسنة أبطاله أولاهما «أنه حتى عشرين عاماً مضت كان العمل في السيرك قاصراً فقط على أبناء وأقارب العاملين بالسيرك»، وهي جملة جيدة لجذب انتباه المشاهد من حيث اهتمامه بالذي حدث بعد ذلك ليتأخر المخرج وعن عمد عن الإجابة على هذا التساؤل حتى منتصف الفيلم تقريبا، وهو النهج الذي اتبعه على مدار الفيلم، فكان يعرض لنا بداية حكاية أحد أفراد السيرك ثم لا يكملها ليذهب بنا إلى حكاية أخرى أيضاً لا يكملها حتى نقترب من نهاية الفيلم لينسج لنا في تتابع سردي بصري مُحكم نهايات الحكايا لتتشابك – لا إراديا – لدى المشاهد عناصر الحكاية الأساسية للفيلم، مع نهايات حكايا أبطال الفيلم ليصل المشاهد إلى خط النهاية أخيرا مُحملاً بقدرٍ هائلٍ من التساؤلات الجوهرية الشخصية التي يفرضها عقله عليه عقب انتهاء مشاهدته للفيلم. ويُعد هذا في حد ذاته قيمة مضافة للفيلم، فالفيلم الجيد هو الذي يظل مع مشاهده وجدانياً، عقلياً وعاطفياً ويظل يُمتعه ويُثير بداخله التساؤلات كلما تذكره.

أما الجملة الثانية «نظرياً أي شخص من الممكن أن يكون فنان سيرك»، فهذه الجملة أيضاً من نوعية الجملة السابقة التي تطرح في ذهن المُتلقي العديد من التساؤلات على شاكلة، إذن ما الذي يُميز فنان سيرك عن آخر وما الذي يجعل فناني السيرك مختلفين عن غيرهم، هل هي قدرتهم على التعامل والتحكم بأجسادهم، أم هل هي مداومتهم على التدرب، أم هي قدرتهم على الإبداع من خلال حجم التجديد والاختلاف لفقراتهم، ليظل ذهن المشاهد ومنذ اللحظات الأولى مُنشغلاً بالسيرك وفنونه وعوالم أعضائه.

التحريض البصري

حرض المخرج المشاهد بصريا على البحث عن شغفه الخاص وحلمه الخاص، من خلال سرد بصري راق ورائع ومختلف عن مجموعة حكايات لمجموعة من البشر مختلفين في اللغة، في الشكل، في بلد الإقامة، في مستوى التعليم في ما يفرقهم أكثر بكثير مما يجمعهم ولكن ما يجمعهم أهم بكثير مما يفرقهم ألا وهو الشغف بحب السيرك وبأداء فنون أدائية جديدة ومبتكرة تندرج تحت فن السيرك.

ثم كان التحريض أيضاً من خلال أبطال العمل فيقول أحد أبطال العمل ما دفعه لابتكار فقرة أدائية جديدة وهي فقرة الرقص داخل العجلة، هو حلمه بالطيران، وأكد على أن الإنسان من الممكن أن يحقق حلمه عبر صور مختلفة عن الصور والأشكال التقليدية فهو يشعر وهو يؤدي فقرته داخل العجلة بأنه يطير. وقال أيضاً بأن شغف الإنسان بما يفعل يجعله يتغلب على أي صعوبات من الممكن أن تواجهه أثناء تحقيق حلمه. 

وظف المخرج المكسيكي هوراسيو أكالا كل عناصر الوسيط السينمائي لإضفاء روح مختلفة على عمله المختلف فنجده وبمساعدة مدير التصوير بالطبع يستغلون عنصر الإضاءة استغلالا ماهراً من خلال الحكايا ومن خلال تكوينات المخرج البصرية التي أعدها المخرج ببراعة كما لو أنه يعدها لفيلم روائي وليس وثائقيا، وبتضافر هذه العناصر وغيرها استطاع المخرج أن يجعل من فيلمه فيلماً وثائقياَ مختلفاً.

النهاية…. البداية

في نهاية الفيلم ومع تضافر خيوط الفيلم، من خلال وضوح حكاية كل بطل من أبطال الفيلم، خاصة بعد الصعوبات التي مر بها كل منهم خلال مشواره لتحقيق حلم نكتشف أنها ليست إلا البداية، بداية من تعرضوا لإصابات بالغة منها ما هي في العمود الفقري كانت كفيلة بإقعادهم مدى حياتهم ومنعهم من العمل مرة أخرى، وكيف أن إصرارهم على العمل والنجاح كان كفيلاً بتذليل معوقات بدنية وحركية. 

التواصل الإنساني…. يشعر المشاهد بأهمية القدرة على التواصل الإنساني من جديد، رغم الصعاب الحياتية من خلال الحياة اليومية، فهي قيمة ضرورية ليس فقط لنجاح فرق الأداء داخل السيرك، ولكن لنجاح أي فريق عمل في أي مجال، فحين فقد لاعب السيرك لحظة التواصل الإنساني التي تجمعه بشريكه سقط شريكه وتعرض لحادث مؤلم، وحينما استطاعا التغلب على ذلك الفقد استطاعوا أن يستعيدوا لحظة التواصل مرة أخرى كبداية جديدة. 

الثقة…نجد الفتاة التي تذكر لشريكها بالفقرة الأدائية أنها لولاه لما فعلت ما تفعله، لما امتلكت لا الجرأة ولا الشجاعة للقيام بمثل تلك الحركات أو الفقرة كلها، كدليل على أن الثقة في العمل بين العاملين شرط أساسي لنجاح أي عمل، فهي لا تأمن لا على جسدها ولا على شكل أدائها مع أحداً غيره كدليل أيضاً على مدى التناغم والتوافق الذي وصلا إليه كشريكين.

وأخيراً فاقد الشيء من الممكن أن يعطيه… ففي حكاية الشاب الفلسطيني الذي افتقد لمدرسة أو مؤسسة يتعلم من خلالها فنون السيرك، خاصة بعد تعرضه لإصابة شديدة بعموده الفقري، نجده ليس فقط يتعلم فنون السيرك رغم إصابته، ولكنه يعود لوطنه بل ويجوب العالم لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحلمون بتعلم وممارسة فنون السيرك الذين لا تتاح لهم تلك الفرصة، فيقوم بتدريبهم ومعاونتهم على تحقيق حلمهم ليغير من مفهوم فن السيرك ليس فقط في وطنه، ولكن بشكل عام أن من حق أي شخص يريد أن يتعلم أو يُتقن أي شيء أن يجد نافذة ولو صغيرة تعينه على تحقيق حلمه وشغفه. لينتهي الفيلم بسؤال تحريضي للمشاهد على اكتشاف شغفه بالحياة «هذه هي قصة حياتي فما هي قصتك؟

*ناقدة مصرية

الفيلم الاسرائيلي «أصوات بلا رقابة»:

السلطة مفسدة في إسرائيل والبلاد العربية

حسام عاصي - لوس أنجليس – «القدس العربي»

في غياب للأفلام التسجيلية العربية التي كانت عادة تسلط الضوء على صراعات الشرق الاوسط ومشاكله السياسية والاجتماعية الشائكة، توجهت الانظار في مهرجان «صندانس» هذا العام الى الفيلم التسجيلي الاسرائيلي «أصوات بلا رقابة»، الذي يكشف عن جرائم بشعة ارتكبها جنود الجيش الاسرائيلي خلال حرب الايام الستة عام 1969 التي انتهت باحتلال اسرائيل للقدس، والضفة الغربية، وغزة، وسيناء والجولان، من خلال اعترافات ادلى بها بعض الجنود من الكيبوتسات الاسرائيلية في لقاءات مع زملائهم – منهم المؤلف المشهور عاموس عوس- بعد 10 أيام من انتهاء الحرب. وهذه المرة الاولى التي سمح فيها الجيش الاسرائيلي بنشر هذه اللقاءات.

بينما كان الغرب يمجد بطولاتهم ويمدحهم على دحر الجيوش العربية «الهمجية» بسرعة هائلة، كان الجنود الاسرائيليون مشغولين بقتل الاسرى والمدنيين المصريين والفلسطينيين والسوريين وتشريد أهالي قرى في الجولان وسيناء والضفة الغربية من ديارهم. 

وقال الجنود إنهم تلقوا أوامر بان لا يرحموا أحدا وأن يقتلوا أكبر عدد من العرب. ولهذا اطلقوا النار على كل من تحرك إن كان جنديا أو مدنيا. «كنا نشاهد الناس يمشون في مدن في سيناء ونطلق عليهم النار. نراهم يسقطون على الارض ولكن لم يهربوا. فكنا نقتلهم كلهم ولم نشعر شيئا تجاههم»، يقول أحد الجنود.

وكانت الصدمة الاولى لهم عندما واجهوا الاسرى المصريين. «كانوا يتوسلون بنا ويقبلون اقدامنا لاعطائهم الماء. لم يكونوا متوحشين، كما كنا نتخيلهم. وهنا شعرت بالإثم على ما ارتكبناه من قتل. ولكن في الوقت نفسه كنت اأدرك أنه لو نحن كنا المهزومين لفعلوا بنا ما نفعل بهم. لا أريد هذه الحرب المقرفة». وكشف الجندي أنه تم نقل جنود أسرى مصريين الى مناطق معزولة في سيناء، حيث أجبروا على حفر قبورهم قبل إعدامهم ودفنهم.

وقال أحد الجنود إن فئة من القوات الخاصة أوقفت قافلة قرويين من الجولان متجهة الى سوريا واعدموا كل الرجال تاركين النساء والاطفال مع الأغنام والعتاد. اما في الضفة الغربية فكانوا يطلقون النار على كل من يظهر وراء شباك أو على سطح بيته. «قلت فى نفسي «إنهم مدنيون – هل يجب أن نقتلهم أم لا؟ ثم استطرد.. إننى حتى لم أفكر في ذلك. فقط أقتل! أقتل كل شخص تراه عيناك».

وقارن الجنود تصرفهم بتصرف النازيين، مشبها الضحايا العرب باليهود الذين كانوا يُقادون الى الموت في المحارق». نحن لسنا قتلة. ولكن في الحرب، أصبحنا جميعا قتلة»، اضاف الجندي. ولكن عندما طلبت من مخرجة الفيلم، مور لوشاي، أن تعلق على ذلك، في لقاء أجريته معها هنا في «صندانس»، ردت غاضبة. «لا يجوز أن تقارن جنودنا بالنازيين. لأن جنودنا يشعرون بألم الجانب الآخر. هم ذكروا النازيين لانهم عانوا من بشاعتهم». حقا أن الإسرائيليين حساسون تجاه المحرقة والنازيين. ولكنها أيضا لم توافق على مقارنة جرائم الجيش الاسرائيلي بجرائم «داعش»، رغم أن الجنود اعترفوا بقتل المدنيين والأسرى. «يجب أن تعلم أن جنودنا لم يكن لديهم خيار وكانوا يدافعون عن وطنهم من الجيوش العربية»، تقول لوشاي.

غريب أن الاسرائيليين دائما يبررون قتلهم العشوائي المتعمد للأبرياء بالدفاع عن النفس، كما فعلوا مؤخرا في غزة. وتؤكد لوشاي أن الفيلم موجه للشعب الاسرائيلي وليس للرأي العام العالمي، رافضة أي شجب لاسرائيل. «الحرب والاحتلال يفسدا روح الإنسان، ولكن هذا الفيلم ليس عن جرائم حرب. هذا فيلم عن جنود تكهنوا بعواقب تلك الحرب، التي ما زلنا نعاني منها حتى اليوم، وعلى المجتمع الاسرائيلي أن يستمع لما يقولونه ويشعر بألم الشعب الفلسطيني من اجل خلق واقع جديد يمهد الطريق لوقف سفك الدماء لكي نعيش بسلام.»

من السذاجة أن يظن أحد أن هذا الفيلم سوف يؤثر على عقلية الإسرائيليين او يخفف من كراهيتهم للعرب، اذ فضحت عدة أفلام إسرائيلية سابقة جرائم الدولة العبرية ولن تحرك ساكنا عندهم. عادة هذه الأفلام لا تجد إقبالا جماهيريا وتقتصر مشاهدتها على اليساريين، الذين انكمشوا في السنوات الأخيرة الى نسبة ضئيلة من المجتمع الاسرائيلي. والجيش الإسرائيلي ما زال يرتكب جرائم أشد بشاعة من سابقها. «لو غيرنا عقلية شخص واحد فقط، فهذا يكون نجاحا. التغيير يأتي على مراحل وعلينا أن نستمر بتوعية المجتمع الاسرائيلي حتى نحقق السلام»، تقول لوشاي.

الحقيقة هي أن الإسرائيليين لا يختلفون عن غيرهم من البشر في ارتكاب جرائم حرب ضد ضحاياهم. فالسلطات العربية ترتكب جرائم قتل وتشريد وتعذيب ضد شعوبها لا تقل بشاعة. وهذا الموضوع كان محور فيلمين آخرين في المهرجان وهما «المختَبِر» و»اختبار سجن ستانفورد» اللذين يتناولان تأثير السلطة على عقلية الإنسان وتصرفه.

فيلم «المختَبِر» يسرد قصة عالم نفس يهودي من جامعة ييل الامريكية، ستانلي ميلغرام، الذي قام باختبار في بداية السيتينيات لكي يرد على السؤال: هل كان الجنود النازيون الذين نفذوا الهولوكوست شركاء في الجريمة؟ 

يشارك في اختبار ميلغرام ثلاثة مشتركين: المشرف (السلطة) والمشترك (المعلم) والممثل (التلميذ). المعلم يعاقب التلميذ، الذي يجلس في غرفة اخرى، بصعقات كهربائية كلما اخطأ في رده على سؤال. الصعقات تزداد شدتها تدريجيا الى 450 فولت (وهذه الصعقة القاتلة) حتى يرد التلميذ بالجواب الصحيح. 

المشرف يلح على المشترك للاستمرار في أداء دوره في الاختبار، رغم صراخ الممثل، الذي يدعى بأنه مريض بالقلب، وتوسله بالرحمة عليه. المدهش هو أن 65 ٪ من المشاركين استمروا بمعاقبة التلميذ حتى صعقة الموت (450 فولت)، رغم أنهم عبروا عن اشمئزازهم من الأمر. ولم يتوقف أي مشارك قبل مستوى صعقة الـ 300 فولت (وهي مؤلمة جدا). كما لم يقم أحد منهم بمغادرة الغرفة للتحقق من سلامة التلميذ.

نتائج الاختبار كانت متشابهه في مختلف بقاع العالم بغض النظر عن دين وجنس وعرق المشارك. هذه النتائج ترجح أن الطبيعة البشرية غير جديرة بالاعتماد عليها لتبعد الإنسان عن القسوة والمعاملة اللا أخلاقية، عندما تتلقى الأوامر من قبل سلطة فاسدة. نسبة كبيرة من الناس مستعدون لتنفيذ اوامر السلطة الشرعية حتى لو كانت تتناقض مع مبادئهم وترفضها ضمائرهم. نتائج مشابهة نشاهدها في فيلم «اختبار سجن ستانفور» الذي يجسد دراسة نفسية قام بها فريق من الباحثين يقوده فيليب زيمباردو من جامعة ستانفورد. ويشترك في الاختبار 24 طالبا متطوعا، 12 منهم مساجين و12 حراس في قبو في الجامعة يحاكي السجن تماما. 

الحراس ارتدوا ملابس عسكرية وتسلموا عصي شرطة وزُودوا بنظارات عاكسة لتجنب التواصل مع المساجين الذين كانوا يلبسون رداء فضفاضا من دون ملابس داخلية وصنادل مطاطية، ويعتمرون قبعات ضيقة من النايلون ليبدوا محلوقي الرأس وخُيطت ارقام على ملابسهم عوضا عن اسمائهم.

نتائج الاختبار كانت مذهلة اذ تعامل الحراس، الذين مُنحوا السلطة المطلقة، بتعسف وبشاعة تجاه المساجين من اليوم الاول. وعندما حاول المساجين التمرد، اشتدت ممارسات الحراس السادية والمهينة ضدهم مثل منعهم من دخول الحمامات واجبارهم على تنظيف المراحيض بأيديهم المجردة واجبارهم على النوم عراة بعد اخراج فراشهم من الزنزانة وحرمانهم من الطعام والتحرش بهم جنسيا. وكان استجاب السجناء بأحدى ثلاث طرق: أما المقاومة، أو الإنهيار أو الرضوخ والطاعة. وتم ايقاف التجربة بعد 6 أيام بسب تفاقم الامور.

وفي نهاية الفيلم يسأل أحد المساجين حارسا: «لماذا تصرفت بتلك القذارة؟». فرد عليه: «أنا كنت اقوم بدوري واردت أن اجرب اشياء تمنحني اياها السلطة، لا يمكنني أن أفعلها في حياتي العادية. أنا متأكد بانك كنت تتصرف كذلك لو سنحت لك الفرصة. السلطة تغيرك». وهذا ما أكده علماء النفس: سلوك الشخص تتغير حسب المحيط والبيئة التي يكون فيها. المثير هو أن الجندي الاسرائيلي ذكر في «أصوات بلا رقابة» أن السلطة التي منحته اياها الحرب على ضحاياه العرب كانت مصدر متعة وقوة هائلة مكنته من التعسف تجاههم واذلالهم كما يشاء. واستغرب ان ضحاياه كانوا يطيعون اوامره بدون اي مقاومة او تحد، مثلما كان اليهود يرضخون لأوامر النازييين. هذا الجندي الاسرائيلي كان في بداية العشرينات من عمره مثل الطلاب المتطوعين في اختبار سجن ستانفور. فهل هو مجرم أم انه ضحية لغريزتة او أنه مطاوع يلبي اوامر قادته؟ وهل هناك فرق بينه وبين الجندي النازي او عنصر «داعش» او الجندي السوري الذي يقتل ابناء بلده ويغتصب بناته ويدمر مدنه؟

twitter@husamasi

توماس باكلز: فيلم «زوجة فرعون» عاد للحياة من لا شيء وجمعناه من روسيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا

رانيا يوسف: الأقصر – «القدس العربي»

أقام مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية لقاء مفتوحا بين توماس باكلز، المشرف على ترميم الفيلم الألماني الصامت «زوجة فرعون» وجمهور الأقصر أعقبه إعادة عرض للفيلم الذى افتتح الدورة الثالثة للمهرجان.

قال توماس إنه كان من المهم أن يعرف المشاهدون كيف تم ترميم هذا العمل وإعادته للحياة من لا شيء، مشيرًا إلى أنه بالرغم من التعليقات الجيدة التي تلقاها عن الفيلم، إلا أن النسخة المعروضة حاليًا ليست كاملة، وذلك لأن الفيلم تم فقده لمدة 60 عامًا، وهو ما جعل تجميعه مرة أخرى يأخذ وقتًا كبيرًا. 

وأضاف باكلز أنه أثناء البحث عن أجزاء الفيلم وجد منها 60 % في روسيا وكان يحمل الترجمة الروسية، ويعتبر هذا الجزء هو الأكبر من الفيلم الذي تم إيجاده في بلد واحد.

وقال باكلز إلى أنه بالرغم من الوصول إلى السيناريو الخاص بالفيلم، إلا انه عند مطابقته مع المادة الفيلمية التي عُثر عليها، وجدوا أن هناك جزءا كبيرا لم يكن موجودا في النسخة الروسية، ومع استمرار البحث وجدوا جزءا كبيرا منها في النسخة الموجودة في إيطاليا.

وأضاف «الجزء الموجود في إيطاليا كان حوالي 35 دقيقة، وكان في حيازه شركة كوداك التي تحتفظ به في الأرشيف الخاص بها، ورفضت الشركة التعامل مع الأرشيف الألماني المسؤول عن الترميم.

وقالت إنها ستتولى مهمة الترميم وتكمل الفيلم بنفسها، وفي محاولة شخصية مني حاولت مع كوداك لإقناعهم بأن يعطونا الجزء الموجود لديهم، وأننا سنحافظ عليها، وأن كل هدفنا هو خروج الفيلم مرة أخرى للنور بصورة جيدة، وبالفعل أقنعتهم ونجحت في الحصول على الجزء الإيطالي».
ومع تجميع الجزء الإيطالي مع الجزء الروسي أشار توماس أنه وجد هناك ترابطا بين الجزأين، وعند مطابقتهما سويًا وجد أن هناك مشاهد تكمل الأخرى بينهما، وأضاف عليها بعد ذلك الجزء الموجود في باريس، والذي كان عبارة عن 3 دقائق، وجزء آخر صغير في سينما في ألمانيا، وعندما جمع تلك الأجزاء كان الفيلم بدون صوت، حيث أن السينما في ذلك الوقت لم يكن دخل عليها الصوت.

وأشار باكلز أن الفيلم لم يكن له صوت حتى عام 2011 وكان حتى ذلك الحين يتبع السينما الصامتة، ومنذ ذلك الوقت بدأنا العمل على الصوت الخاص به، ولجأنا إلى المقطوعة الموسيقية التي وزعها ادوارد كونكي للفيلم عند صنعه عام 1922، وقمنا بعزفها لأول مرة.

واستطرد المسؤول عن ترميم الفيلم الألماني حديثه قائلًا «واجهتنا مشكلة أخرى بعد الجمع وهي أن الثقوب الموجودة على جانبي النيغاتيف حول الصورة في بعض الأماكن لم تكن موجودة، وهو ما صعب عملية النقل للديجيتال، حيث كانت المدة الخالية من الثقوب 20 دقيقة، ولكن قمنا بعمل العديد من المحاولات لتسهيل عملية النقل».

وأكد باكلز على أن الفريق كان يسعى إلى ترميم الفيلم بشكل سليم فقام الفريق بترقيم المشاهد وتم عمل لها عملية المسح الضوئي لتحويلها إلى الديجيتال، وتمت المعالجة بنجاح.

القدس العربي اللندنية في

30.01.2015

 
 

ماجدة واصف:

رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي مسؤولية كبيرة

القاهرة ــ مروة عبد الفضيل

على الرغم من أنّ الدورة الأخيرة كان قد قام برئاستها الناقد سمير فريد الذي تعرض لحملات هجومية عديدة وقدّم استقالته بنفسه، متعللاً بحالته الصحية التي لا تسمح بمباشرة مهامه في المهرجان. لكن السبب الرئيسي يعود إلى إحالته للتحقيق من قبل وزارة الثقافة بتهمة إهدار المال العام، وهو ما اعتبره سمير إهانة لا يجدي الصمت حيالها، والرد الوحيد لها هو تقديم استقالته. وبعد أن أقدم على هذه الخطوة، تردد أنّ سهير عبد القادر هي من ستتولى رئاسة المهرجان كونها نائبة رئيس المهرجان، إلاّ أنّ هذا لم يحدث وحلّت مكانها ماجدة واصف. 

وفي أول تصريح للرئيسة الجديدة للمهرجان ماجدة واصف، قالت لـ"العربي الجديد": بالطبع سعيدة، ليس بالمنصب، بقدر ما أنا سعيدة بالثقة الكبيرة التي منحت لي من الدكتور جابر عصفور". متمنيّة أن تكون جديرة بهذه المسؤولية، التي وصفتها أنّها "ليست سهلة أبداً، وتحتاج إلى فكر وتطوير، خصوصاً أنّ مهرجان القاهرة يعد من أعرق وأهم المهرجانات على مستوى العالم كله". 

وأضافت واصف أنّها تعد حالياً للدورة المقبلة من مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، وبعد الانتهاء منه ستبدأ خطواتها نحو الترتيبات لمهرجان القاهرة. إذ ستخطط له مبكراً حتى يكون لديها متسع من الوقت، خصوصاً أنّ هناك أفكاراً جديدة ستعمل على تنفيذها، رافضة الإفصاح عنها حالياً. 

ورداً على ترددها في قبول المنصب الجديد في ظل المشاكل والأزمات التي تحدث مع كل دورة، قالت ماجدة: "فكّرت بالأمر قليلاً، لأنّ المسؤولية كبيرة". 

وعن رأيها في الدورة الماضية التي تولى رئاستها سمير فريد، أعربت عن تقديرها واحترامها له، ووجدت أنّه عمل جيداً من الناحية الفنية، وأشارت إلى أنّ فريد صديق قديم، وكانت قد تحدثت معه منذ فترة. لكن واصف ستواصل العمل على إيجابيات المهرجانات في دوراته السابقة وتلاشي السلبيات، وستحاول تنظيم مهرجان يليق بمصر وبمكانتها في مجال السينما والثقافة والفنون، قائلة: "مصر هوليود الشرق ولا بد أن تكون كل خطوة في هذا المهرجان منظمة".

العربي الجديد اللندنية في

30.01.2015

 
 

زوربا اليونانية لثيوذوراكس.. فن الانتصار على البؤس

شخصية حقيقية قابلها المؤلف فكتب رواية باسمها

أثينا: عبد الستار بركات

أصبحت موسيقى ورقصة زوربا فلكلورا يونانيا مميزا، ومن أهم العلامات الفنية للرقص والغناء اليوناني. وتعتمد الرقصة على موسيقى زوربا التي أبدعها المؤلف الموسيقى اليوناني العالمي ميكيس ثيوذوراكيس لكي تكون الموسيقى المستخدمة في فيلم «زوربا اليوناني» عام 1960، والمبنى على الرواية التي تحمل اسمه التي كتبها نيكوس كازانتزاكيس، وهو من أبرز الأدباء اليونانيين في تاريخنا المعاصر، بل هو من أبرز الأدباء العالميين؛ حيث يعتبر شاعرا ذا إلهام ملحمي وروح شمولية، إضافة إلى كونه روائيا متميزا جدا وصاحب دراسات فلسفية مهمة.

وتعد رواية زوربا اليوناني من أشهر أعمال كازانتزاكيس على الإطلاق واسم هذه الرواية في الأصل «حياة أليكسس زورباس» وموضوعها في غاية البساطة؛ إذ تدور الأحداث عن شاب من أبناء المدينة وضع نصب عينيه أن يستكشف منجما للمعادن برفقة شخص يوناني التقاه صدفة ويدعى أليكسس زورباس. والرواية هي حكاية اللقاء والمساعي والمغامرات التي قام بها زوربا وصديقه ابن المدينة. وقد ترجمت روايته «زوربا» إلى عدد كبير من اللغات ووزعت بملايين النسخ، إضافة إلى أنها تحولت إلى فيلم سينمائي ناجح من إخراج اليوناني مايكل كاكويانيس وبطولة أنتوني كوين الذي مثل دور زوربا.

بعد نجاح الفيلم لاقت موسيقى زوربا شعبية هائلة في اليونان، وسرعان ما أصبحت أحد معالم الموسيقى اليونانية وقد استخدمت في عدة مسلسلات وأفلام أجنبية بعضها غير يوناني. ولعل كان أهمها استخدام الموسيقى في إحدى حلقات المسلسل الأميركي «prison break». تؤدى الرقصة بوجود الراقصين في صف واحد بينهم مسافات معينة تحدد بمد كل راقص ذراعه ووضعها على كتف الراقص المجاور له، أما حركة الأرجل فتكون تبادلية بحيث تتحرك الأرجل لتوضع القدم اليسرى أمام اليمنى مع التبادل؛ أي أن توضع بعدها الرجل اليمنى أمام اليسرى، وفي أثناء ذلك يتحرك الصف بأكمله إلى اليسار واليمين وبسرعات مختلفة على حسب الإيقاع الخاص بموسيقى زوربا، وقد يترك أحد الراقصين أو بعضهم الصف ليؤدى عددا من الحركات الاستعراضية الراقصة خارجه قبل أن يعود للصف مرة أخرى.

ويعشق كثير من الناس موسيقى وفن زوربا، وتدور أحداثها عن قصة رجل مثقف، اسمه فاسيلي، غارق في الكتب يلتقي مصادفة برجل، أمي مدرسته الوحيدة هي الحياة وتجاربه فيها، سرعان ما تنشأ صداقة بين الرجلين، ويتعلم فيها المثقف فاسيلي الذي ورث مالا من أبيه، كثيرا من زوربا عن الحياة وعن حبها وفن عيشها.

وجدير بالذكر أن زوربا هي شخصية حقيقية قابلها كازانتزاكيس في إحدى أسفاره، وقد أعجب به إعجابا شديدا، فكتب رواية باسمه. اللافت في رواية «زوربا»، هو قدرة نيكوس كازانتزاكيس على وصف شخصية زوربا بشكل مطول ومفصل وعميق، حتى إنك تشعر لوهلة أن زوربا هو الشخص الأعظم في هذا الكون، والمميز في زوربا هو أنه يحب الحياة بكل أشكالها، لا يذكر الحزن، بل يذكر الفرح دائما في لحظات حزنه الشديد، أو سعادته الشديدة، يرقص رقصته المشهورة (رقصة زوربا)، وفي تلك الرقصة يقفز إلى الأعلى لأمتار ويستغل كل ما هو حوله من بشر أو من أدوات وجمادات.

يروي شخصية زوربا شخص لقبه «الرئيس»، وهو شخص يوناني يرغب في استثمار أمواله في مشروع ما، فيقنعه زوربا بأنه يستطيع استثمار أمواله في منجم للفحم، ولكن محاولات زوربا لصناعة مصعد ينقل الفحم من مكان لمكان، تبوء بالفشل، ولكن زوربا المفعم بالحياة لا ييأس، ويحتاج زوربا لأدوات من المدينة، فيأخذ كل أموال «الرئيس» ويذهب إلى المدينة، فيشعر بالتعب، ويدخل إحدى الحانات، فتقترب منه «غانية» فيرفضها، فتشعره بانتقاص الرجولة، ولكن زوربا المفعم بالرجولة لا يقبل هذا التصرف، ويصرف كل أمواله عليها، ويكتب رسالة إلى «الرئيس» أنه «دافع عن كل الرجولة في العالم».

كما قام زوربا خلال الرواية برحلة يكتشف فيها ذاته ويتحرر من الأوهام ويتعلم كيف يعيش على يدي ذلك العامل البسيط، ويجري ذلك بالحوار والشجار بينهما، وسلسلة من المشكلات مع القرويين والأعيان والرهبان، في تلك الجزيرة.

وتبدأ حبكة صور الرواية في مقهى في مرفأ بيرايوس غرب أثينا، حيث كان ينتظر فاسيلي السفينة المبحرة إلى كريت جنوب اليونان، ويشعر أن هناك من يراقبه، فيتلفت حوله ويرى رجلا عند باب المقهى يحدق به، يسير الرجل إليه ويقدم نفسه باسم أليكسس زوربا، ويقول إنه خبير في أعمال المناجم ويريد عملا، فيعجب فاسيلي بشخصيته ويأخذه معه إلى جزيرة كريت.

وتعتمد زوربا على عمق الرؤية، فهي ليست تقديرا أدبيا فقط، بل هي علم، علم أساسه كيفية انتخاب عناصر بعينها من الواقع المحيط بنا، بحيث تكشف عما يبرر سلوكنا، وعما تحدده النظم السياسة والاجتماعية التي نجد أنفسنا سجناء أطرها، والتي نسعى – بما نملكه من قدرة على تكبير تفاصيل الواقع - إلى «تجاوز» أوضاعنا الحالية كي نفتح للحياة من حولنا آفاقا جديدة.

15 فيلما تدخل مسابقة المهرجان السينمائي المغربي

ينظم في مدينة طنجة أواخر فبراير المقبل

الرباط: «الشرق الأوسط»

جرى انتقاء 15 فيلما مغربيا طويلا للمشاركة في مسابقة الدورة الـ16 للمهرجان الوطني للفيلم الذي تحتضنه مدينة طنجة (شمال البلاد) في الفترة من 20 إلى 28 فبراير (شباط) المقبل.
وأفاد المركز السينمائي المغربي بأن اللجنة المنظمة للمهرجان، وأمام ارتفاع عدد الأفلام المنتجة بالمغرب، قررت حصر الأفلام الطويلة المشاركة في المسابقة في 15 فيلما، جرى انتقاؤها من قبل لجنة تشكلت بمبادرة من مدير المركز السينمائي المغربي ورئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، صارم الفاسي الفهري.

وتضم قائمة الأفلام الطويلة المتنافسة على جوائز مهرجان طنجة «أغادير إكسبريس» ليوسف فاضل، و«الشعيبية» ليوسف بريطل، و«الفروج» لعبد الله فركوس، و«دالاس» لمحمد علي مجبود، و«الوشاح الأحمر» لمحمد اليونسي، و«الأوراق الميتة» ليونس الركاب، و«كاريان بوليود» لياسين فنان، و«خنيفسة الرماد» لسناء عكرود، و«نصف سماء» لعبد القادر لقطع، و«إطار الليل» لطالا حديد، و«جوق العميين» لمحمد مفتكر، و«رهان» لمحمد الكغاط، و«عايدة» لإدريس المريني، «الريف 58 - 59» لطارق الإدريسي (وثائقي)، و«الحمالة» لسعيد الناصري.

واختارت اللجنة هذه القائمة بعدة مشاهدة 22 عملا (17 فيلما روائيا و5 أفلام وثائقية)، كلها من إنتاج 2014.

وتشكلت اللجنة من خليل الدمون، رئيس الجمعية المغربية لنقاد السينما، وإدريس الإدريسي، ممثل اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة، وجمال السويسي، ممثل الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام، ومحمد عبد الرحمان التازي، رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام. وجرى اعتماد القرعة لتحديد برمجة عروض هذه الأفلام، حيث أقيمت العملية بمقر المركز السينمائي المغربي بحضور ممثلي الهيئات المهنية.

يذكر أن فيلم «أوركسترا العميان» لمخرجه محمد مفتكر، مثل المغرب، في المسابقة الرسمية للدورة الـ14 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، كما عرضت 4 أفلام مغربية ضمن فقرة «خفقة قلب» المخصصة للأفلام خارج المسابقة الرسمية، وهي «كاريان بوليود» للمخرج ياسين فنان صاحب سلسلة «بنات للا منانة»، و«رهان مثير» للمخرج محمد الكغاط، و«نصف سماء» للمخرج عبد القادر لقطع، و«إطار الليل» للمخرجة طالا حديد.

الشرق الاوسط في

30.01.2015

 
 

الفيلم الوحيد لعفاف راضي

«مولد يا دنيا».. علامة فارقة في السينما الاستعراضية

القاهرة (الاتحاد)

يتربع فيلم «مولد يا دنيا»، على قمة الأفلام الاستعراضية والغنائية، حيث جعلت منه، على رغم ، بساطته الاستعراضات الجذابة والألحان التي وضعتها نخبة ملحنين، وصوت عفاف راضي. واحداً من الأفلام الناجحة والمهمة في تاريخ السينما المصرية، خصوصاً أن عرضه استمر في دور السينما العام 1976 أكثر من‏ 30‏ أسبوعاً.

ودارت أحداث الفيلم حول مجموعة من الشباب المشردين الذين تضطرهم ظروفهم القاسية للوقوع في يد رئيس عصابة يدفعهم للتسول والسرقة في الموالد الشعبية، وبمرور الوقت يلتقون بمدرب رقص يؤمن بموهبتهم ويحاول إشراكهم في فرقة للفنون الشعبية، وينجح في ذلك بعد سلسلة من الأحداث الدرامية.

وشاركت في بطولة الفيلم عفاف راضي، التي سبق اسمها على الأفيش كل المشاركين فيه، مثل محمود ياسين وعبدالمنعم مدبولي وسعيد صالح ولبلبة، ومن إخراج الراحل حسين كمال.

واحتوى الفيلم على أغان رائعة، منها «المولد» من كلمات مرسي جميل عزيز، وألحان علي إسماعيل، التي صاحبت مقدمة الفيلم، وصورت تصويراً حياً في أحد الموالد الشعبية. وقدمت عفاف، التي كان الفيلم تجربتها السينمائية الوحيدة، عدداً من الأغنيات بمفردها وبمشاركة فريق العمل، ومنها «تعالى جنبي» و«يلا يا دنيا»، و«زمان وكان يا ما كان» وكانت واحدة من الأغنيات التعبيرية الثرية لملحنها كمال الطويل، وأداها ببراعة عبد المنعم مدبولي، وكانت عبارة عن نص شعبي فلسفي توازنت فيه المعاني والألفاظ والمشاعر والأفكار.

واللافت، أن فضائية أجرت استفتاءً، وجهت خلاله سؤالاً الى فنانين ونقاد عن أفضل 3 أغنيات سمعوها في حياتهم، وجاءت أغنية مدبولي في مقدم الأغنيات، وهو ما يؤكده الناقد طارق الشناوي «الأغنية دليل على أن المخرج كان عرف كيف يقدم أغنية سينمائية في التوقيت الصحيح درامياً ونفسياً».

الإتحاد الإماراتية في

30.01.2015

 
 

فجر يوم جديد: {مهرجان} في مأزق!

كتب الخبرمجدي الطيب

مع انطلاق أعمال الدورة الثالثة لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية (24 – 31 يناير 2015)، قلت للمخرج د.محمد كامل القليوبي، الباحث السينمائي المعروف والأستاذ في معهد السينما ورئيس مؤسسة نون للثقافة والفنون التي تنظم المهرجان، إن أزمة حقيقية ستواجهه، ومؤسسة نون، بعد قرار وزير الثقافة المصري د. جابر عصفور اختيار رئيس مهرجان الأقصر ماجدة واصف ومديره الفني يوسف شريف رزق الله ليتوليا نفس المنصبين في الدورة السابعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهو ما يعني استقالتهما فور انتهاء الدورة الثالثة لمهرجان الأقصر!

  كان د. القليوبي في حيرة بالفعل ولكنه لم يشأ أن يعترف بها، وسعى إلى طمأنتي بأنه يفكر في «البديل المناسب» رافضاً فكرة الجمع بين رئاسة المهرجان ورئاسة مؤسسة نون للثقافة والفنون، وضرب لي المثال بما حدث معه في الدورة التي ترأسها في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، والعقبات الكثيرة التي واجهته، وأصابته بخيبة أمل كبيرة، على رأسها، كما قال، تدخلات ممدوح الليثي رئيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، التي تنظم مهرجان الإسكندرية!

مقارنة ليست في مكانها، لأن «القليوبي» يترأس الجهة المنظمة، ومن ثم فلن يعاني تدخلات من تلك الضغوطات، بالإضافة إلى أنه يستطيع أن يكتفي بالرئاسة الشرفية لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، ويسند المهام الفنية والمسؤوليات الإدارية إلى أبناء الجيل الجديد، وهي الاستراتيجية التي كان يطمح إلى تحقيقها الناقد الكبير سمير فريد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي قبل أن يتقدم باستقالته من منصبه في ظروف غامضة!

ينبغي التأكيد، في الأحوال كافة، أن مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، كذلك مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، نافذتان مهمتان لنشر وتوسيع رقعة الثقافة السينمائية في أرجاء مصر، والخروج من الدائرة الضيقة المتمثلة في العاصمة الأولى، القاهرة، والثانية، الإسكندرية، فضلاً عن دورهما الحيوي في ما يتعلق بتوطيد العلاقات بين «الدولة المركزية» و{الأقصر» من ناحية و{إفريقيا» من ناحية أخرى، ووصل ما انقطع لفترات طويلة بسبب الجهل والتجاهل وقصور الوعي، وانعدام الرؤية. غير أن ما نستطيع تسجيله في هذا الصدد أنه برغم وصول مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية إلى دورته الثالثة في يناير الجاري، وبلوغ مهرجان السينما الإفريقية عامه الرابع في مارس المقبل، فإن ثمة خللاً خطيراً لا يخفى عن أعين المراقبين للمهرجانين، يتمثل في الانفصال الواضح بينهما ورجل الشارع الذي لا يكاد يشعر أن مهرجاناً يُقام على أرض محافظة الأقصر، بسبب الدعاية الضعيفة، والتقصير المؤسف من الهيئات والأجهزة والمؤسسات المحلية في دعم المهرجان، وحث الأهالي على التجاوب مع عروضه، والإقبال على مشاهدة أفلامه، وهو التقصير الذي استشعرته أثناء انعقاد الدورة الثالثة لمهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، حينما التقيت مواطناً «أقصرياً» لم يكن يدري أن ثمة عروضاً وبرامج سينمائية تستضيفها قاعة المؤتمرات التي تقع في قلب عاصمة المحافظة، بينما بدا واضحاً أن مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية نجح في التواصل مع الشعوب الإفريقية بأكثر مما فعل مع شعب الأقصر!

الأمر الثاني، الأهم، أن ثلاث سنوات من المهرجانات السينمائية التي تُقام على أرض الأقصر لم تفلح في إقناع الدولة ممثلةً بوزارة الثقافة، والقطاع الخاص ممثلاً برجال الأعمال، ببناء دار عرض سينمائية واحدة، وما زالت الأقصر تعاني أزمة غياب الصالات المخصصة لعرض الأفلام التجارية طوال العام، وتشكو إهمال الجانب التنويري، والعجز عن تفعيل دور قصر الثقافة المبني على أحدث الطرز وأجملها لكنه يعاني الوحدة، وانفضاض المواطنين، بسبب غياب الرؤية الثقافية، والأنشطة الجاذبة، وكل الخوف من أن يتحول، بفعل هذه السياسة الخرقاء، إلى «خرابة» ينعق فيها الغربان!

لن أمل القول إن المهرجانات السينمائية، التي اختارت الهروب من العاصمة الأولى، وانتقلت بعروضها وبرامجها إلى المدن المصرية، كالأقصر والإسكندرية والإسماعيلية، لن تحقق أهدافها: الوصول بالثقافة السينمائية إلى الأقاليم المهملة، وتعزيز الوعي السينمائي لدى المواطن، وتعويضه عن فترات طويلة من الإهمال والتجاهل كانت سبباً في ارتمائه في براثن الجهل والتطرف والتعصب الأعمى، والقضاء على المركزية، واستثمار المناطق السياحية، وإلقاء الضوء على المعالم الحضارية، في حال إذا لم تؤمن أن جمهور هذه الأقاليم «حجر الأساس»، الذي لا ينبغي إسقاطه من الحسابات أو النظر إليه بوصفه «ضيف الشرف»، الذي يمكن الاستغناء عنه في أي لحظة، فالجمهور لمن لا يعرف هو «الرقم الصعب» في معادلة المهرجانات السينمائية التي تُقام في المحافظات المصرية، ويوم أن يشعر المواطن البسيط أنه «شريك» بل «صاحب المهرجان» وليس غريباً عنه أو ضيفاً ثقيلاً عليه سيصبح لمهرجاناتنا المحلية شأن آخر.

لعنة الأزمات تطارد «عزازيل ابن الشيطان»

كتب الخبرأمين خيرالله

أزمات كثيرة واجهت فيلم {عزازيل ابن الشيطان} أجَّلت عرضه في موسم نصف العام الدراسي بعدما أعلن ذلك. كتب قصة الفيلم والسيناريو والحوار عمرو علي، وتتولى البطولة مجموعة من النجوم الشابة.

أولى الأزمات التي لاحقت فيلم «عزازيل ابن الشيطان» توقفه أكثر من مرة بسبب ضعف التمويل المادي على مدار سنة كاملة. أما الأزمة الثانية فكانت الحملة التي واجهها الصانعون بسبب خوض الفيلم المبالغ في العلاقة بين الجن والإنس، لا سيما أن البعض يرى أن مثل هذه الأعمال تروج للتخلف والجهل والدجل والشعوذة. بالإضافة إلى ذلك، جاءت مشكلة تشابه فكرة الفيلم مع أحداث «وردة» الذي عُرض منذ أشهر.

أما أكبر العقبات التي واجهت «عزازيل ابن الشيطان» فكانت بياناً أصدره الروائي يوسف زيدان اعترض فيه على اسم الفيلم معتبراً أنه استحواذ غير مبرر على اسم روايته «عزازيل» التي حصدت أكثر من جائزة، ورأى أن صانعي الفيلم أرادوا الاستفادة من شهرة روايته الواسعة.

قال زيدان: «ضاعف صانعو الفيلم من حجم كلمة عزازيل فيما جاءت كلمتا «ابن الشيطان» بخط صغير، ذلك للإيحاء بوجود صلة بين الرواية وبين الفيلم»، مضيفاً (في بيان نشره على صفحته الفيسبوكية) أنه لن يتخذ ضد أصحاب الفيلم أي إجراءات قانونية مكتفياً بما كتبه على صفحته. وأكد «أننا لو كنا في بلدٍ يحترم مبدعيه وحقوق مؤلفيه وخصوصية أعمالهم الإبداعية لما حدث ذلك».
المخرج رضا الأحمدي مخرج ومنتج فيلم «عزازيل ابن الشيطان»، أكد في تصريحات  لـ{الجريدة» أنه يرفض الإدعاءات التي تقول إن فيلمه يتشابه مع «وردة»، وأوضح: «بدأت في الإعداد والإعلان عن فيلمي منذ أكثر من عام، وقبل أي أحد، بالإضافة إلى أنه سيكون أقوى فيلم رعب بدليل أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية صنفه للكبار فقط». وسخر من تصريحات الروائي يوسف زيدان بالقول: «عزازيل اسم الشيطان بين الملائكة قبل أن يلعن، ولو أن يوسف زيدان اكتشف أو اخترع هذا الاسم كان ليحق له رفض الفيلم. لكن الاسم معروف منذ أزمنة بعيدة». وأشار إلى أن إضافة كلمتي ابن الشيطان جاءت لإبعاد الفيلم عن الرواية نهائياً.

وجوه جديدة

يقول الأحمدي: «تأجَّل عرض الفيلم إلى إجازة نصف العام الدراسي كي نستطيع زيادة دور العرض، ذلك بالإضافة إلى الطقس السيئ الذي واجهناه في مصر، وهذا كان رأي «الشركة العربية للإنتاج والتوزيع» التي تولت توزيع الفيلم»، مشيراً إلى التأثيرات الصوتية والبصرية في الفيلم التي تولاها فريق عمل كندي، متابعاً: «لدي مشروعات عدة لأعمال رعب مثل فيلم «الجاثوم» ومسلسل رعب أيضاً لم أستقر على اسمه بعد».

أوضح الأحمدي أنه أصرَّ على اختيار الوجوه الجديدة لـ «عزازيل» بعد دراسة وافية لسوق أفلام الرعب في الخارج، حيث وجد أن «غالبية أفلام الرعب نفذتها وجوه جديدة كي يتعايش معها الجمهور جيداً، ويصدقها. مثلاً، لن يصدق الجمهور أن أحمد السقا ملبوس من الجن لأنه اعتاد عليه في أفلام الحركة ومشاهد القتال، فكيف له أن يقتنع بوقوعه تحت تأثير الجن»، مضيفاً: «يرفع النجوم ميزانية الفيلم كثيراً، أما أنا فأفضل أن أنفق هذه الأموال على التأثيرات والإخراج والإنتاج».

عفاف رشاد التي تشارك في الفيلم، قالت عن تجربتها: «سيكون المستقبل لأفلام الرعب بعدما ملَّ الجمهور من الأعمال الكوميدية والرومانسية والاجتماعية والحركة، مشيرة إلى أنها تعرضت فعلاً لمواقف مرعبة عدة خلال التصوير، لا سيما أن الفيلم يجسد قصة.

من ناحيته قال الطبيب النفسي الدكتور يحيى الرخاوي إن «تأثير الأفلام المرعبة يختلف من شخص إلى آخر، فالمراهقون مثلاً يعتقدون خطأً أن مشاهدتها تعطيهم القوة والقدرة على مواجهة الحياة. أما الأطفال فيتأثرون سلباً أكثر من أي شخص آخر، لأنهم لا يدركون أنهم يشاهدون خدعاً سينمائية تصنع عالماً من الرعب والقصص المخيفة، لذلك غالباً ما تأتي هذه الأفلام بنتائج عكسية تؤثر على حالتهم النفسية في المستقبل».

يرى الرخاوي أن «الطفل الذي يشاهد أفلام الرعب بكثرة قد يتعرَّض للإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب والعزلة، إضافة إلى الخوف الشديد والأوهام التي قد تصاحبه»، مشيراً إلى أن «المشكلة الحقيقية في مشاهدة أفلام الرعب والجن هي الوصول إلى مرحلة إدمانها لأن المشاهدة العابرة يمكن التغلّب على أضرارها بسهولة، لكن كثرة المشاهدة تسبب اللامبالاة والتبلد وقلة الانفعال». وطالب الأسر العربية بعدم المبالغة في مشاهدة أبنائهم لهذه الأعمال بكثرة.

الجريدة الكويتية في

30.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)