كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

البؤساء”..

ملحمة غنائية يجب أن تشاهدها

منة الله فهيد – التقرير

 

أعترف أن ولعي الشديد برواية “البؤساء” هو ما دفعني لمشاهدة الفيلم في بادئ الأمر، ولكن بمجرد وصول إيقاع أغنية البداية “انظر لأسفل” إلى مسامعي علمت أني سأحب هذا الفيلم أكثر من أي تجسيد سينمائي آخر للرواية.

الفيلم يعد بمثابة خطوة جريئة للغاية من المخرج “توم هوبر”، فبعد نجاحه في اقتناص جائزة الأوسكار عن عمله السابق “خطاب الملك”، جاء اختياره لفيلم “البؤساء” المقتبس عن الرواية العالمية للكاتب “فيكتور هوجو” والتي تم تحويلها بالفعل لعدة أفلام ومسرحيات بلغات مختلفة. لذا كان السؤال: ما الشيء الجديد الذي يستطيع “هوبر” أن يقدمه لجمهوره هذه المرة؟

وجاءت الإجابة مبهرة حد قطع الأنفاس، فـ “توم هوبر” اختار أن يجعل من الرواية الأشد “بؤسًا” عرضًا “غنائيًا” رائعًا، يُشعرك عند مشاهدته أنك جالس أمام خشبة المسرح تشاهد أحد عروض الأوبرا. إمعانًا في ذلك لم يتبع “هوبر” ما جرت عليه العادة في تصوير الأفلام الغنائية من قبل، من أن يقوم الممثلون بتسجيل الأغاني قبل التصوير بفترة، ومن ثم تركيبها على المشاهد في مرحلة الإنتاج، في هذا الفيلم -ولأول مرة- اختار المخرج أن يكون الأداء الغنائي للممثلين بشكل مباشر أثناء التصوير، وذلك عن طريق وضع جهاز دقيق بآذانهم يقوم بتوصيل عزف بيانو حي ليقوم بتتبع رتم غناء الممثل ومجاراته في اللحن؛ مما تطلب منه انتقاء ممثلين أصحاب أصوات قوية، وحملهم على الالتزام بعدم تناول أي كحوليات طوال فترة التصوير ليتمكنوا من الغناء بشكل يومي أثناء التصوير.

السياق الدرامي للأحداث -لا يختلف كثيرًا عن سابقيه-، يدور حول السجين “جان فالجان”، الذي زُج به في السجن خمس سنوات من أجل رغيف خبز، قام بسرقته لينقذ ابن أخته من الموت جوعًا، محاولته للهرب أثناء قضاء مدة عقوبته زادت عليها 14 سنة أخرى، ليكون المجمل 19 سنة من عمره مقابل رغيف خبز. قضى “جان فالجان” فترة عقوبته ليجد بعد خروجه بأن سراحه مشروط، وأن بطاقة هويته ما هي إلا بطاقة للحكم عليه بالنبذ من المجتمع الذي يرفض التعامل مع سجين سابق. استقبله على غير المعتاد قس في منزله ومنحه الطعام ومكانًا للنوم، فما كان من “جان فالجان” -الذي ما عاد يعرف الخطأ من الصواب- إلا أن سرق فضيات المنزل وهرب، لتقوم الشرطة بالقبض عليه وإعادته للقس الذي يخبرهم أنه هو من أعطاه هذه المقتنيات ويأمرهم بفك وثاقه ليذهب. كان هذا الموقف بمثابة تحول مصيري في حياة “جان فالجان” الذي قرر أن ينسى ماضيه ويُقطع بطاقة هويته ويبدأ من الصفر مبتعدًا عن الحرام ومتقربًا إلى الله الذي أنار بصيرته مرة أخرى بإرسال هذا القس إلى طريقه ليعيد له إيمانه الذي ظن أنه فقده في السجن، ولكن هل كان هذا كافيًا للتكفير عن ذنب اقترفه منذ 19 سنة؟ إذا كانت الإجابة هي (نعم) من وجهة نظرك فبالتأكيد لم تكن كذلك من وجهة نظر “جافير”.

جافير/الحرب

“جافير” هو الشرطي الذي كان يشرف على “جان” أثناء سجنه، يُنصب “جافير” نفسه منفذًا للأحكام وحاميًا للقانون، وبالنسبة لـ “جافير” فالقانون هو عقيدته التي يؤمن بها، ومقدار اتباع الأشخاص للقانون من عدمه هو الفيصل في حكمه عليهم، فإذا كانت صحيفة الشخص بيضاء فهو إذًا صالح، أما إذا اتسخت صحيفته -أيًا كانت أسبابه وأعذاره التي لن تعني له شيئًا- فهو إذًا مذنب ولا يستحق سوى العقاب والنبذ والمطاردة طوال حياته.

يختار “جافير” منذ مشهد البداية أن يشن “الحرب” على “جان فالجان”، فبالرغم من مرور ثمانِ سنوات على آخر لقاء جمع بينهما، وبالرغم من أن الأخير أصبح الآن رجلًا صالحًا وهو عمدة بلدة “مونتريل” ويمتلك مصنع ملابس تعمل به سيدات البلدة الفقراء؛ إلا أنه مازال مذنبًا من وجهة نظر “جافير” لخرقه شروط إطلاق السراح.

ربما بدا “جافير” طوال الأحداث متحجر القلب لا تأخذه رأفة بأحد المخالفين للقانون، مما يضع حوله علامة استفهام، مالذي أوصله إلى هذا القدر من التعنت مع المذنبين؟ أجاب على السؤال “جافير” نفسه أثناء إحدى مطارداته مع “جان فالجان” بأنه قد سجن من قبل ومر بنفس الظروف التي مر بها الأخير، مع الفرق أنه لم يتخذ من ذلك حجة ليعيش مخالفًا للقانون، بل تعلم الدرس وأصبح من ممثليه.

لمحة إنسانية واحدة أبداها “جافير” قد تظهر أنه ليس عديم الرحمة بالكامل، عند مروره بجثث شباب الثورة، التي ساعد في إجهاضها، استوقفته جثة طفل بينهم؛ فجلس بجواره وخلع وسامه من على بدلته ووضعه على صدر الصبي.

أثناء احتجاز شباب الثورة لـ “جافير” كان “فالجان” هو من حرره. أخبر “جافير” حينها “فالجان” أن هذا لن يجعله يتوقف عن مطاردته، ولكن عند لقائهما التالي طلب الأخير منه أن يمنحه فقط ساعتين حتى يتمكن من إنقاذ “ماريوس” أحد شباب الثورة. تردد “جافير”، لأول مرة، في اتخاذ إجراء قانوني وشعر أن إنقاذ “جان فالجان” لحياته هو ما جعله يتراجع عن تنفيذ القانون هذه المرة. وكما أشرت من قبل فالقانون هو عقيدة “جافير” التي يؤمن بها، وتراجعه هذا عن إلقاء القبض على “جان فالجان” كان بمثابة زعزعة لإيمانه، هذا التشكك هو ما جعله يلقي بنفسه في المياه فور تركه لـ “جان فالجان”.

جان فالجان/الأمل

“جان فالجان” هو أكثر شخصية ستمس المُشاهد، فتركيبته تشبهنا جميعًا، التخبط بين الخير والشر، بين الخطأ والصواب، ارتكاب الأخطاء، تدارك الأخطاء بأخطاء أكبر، مقاومة النفس الأمارة بالسوء، محاولة الحصول على فرصة ثانية لإصلاح الأمور، التحجج لتبرير الأفعال. كل هذه الصفات سنجدها في أنفسنا إذا أمعنا البحث، ولكن ما يميز “فالجان” عنا جميعًا وعن أبطال الفيلم الآخرين هو “الأمل”؛ فالأمل في الحصول على حريته هو ما دفعه لمحاولة الهرب من السجن، والأمل كان كل ما يملكه في مواجهة العالم الذي يرفض التعامل مع سجين أسبق، الأمل الذي منحه له “القس” عندما أخبره أنه سيكون له شأن عظيم هو ما جعله  يستطيع أن يمتلك مصنعًا ويصبح عمدة لـ “مونتريل”، وهو ما جعله يهرب في كل مرة حاول فيها “جافير” القبض عليه. في الواقع لقد كاد “فالجان” أن يسلم نفسه إلى “جافير” فور تعرف الأخير عليه في “مونتريل”، ولم يمنعه حينها سوى وعد قطعه إلى “فانتين”.

فانتين/الحلم

“فانتين” هي أكثر الشخصيات بؤسًا وأقلهم حظًا، فالفتاة التي تخلى عنها والد طفلتها لم تجد خيارًا أمامها سوى أن تترك ابنتها مع أسرة “مستغلة” ليهتموا بها، نظير مبلغ من المال ترسله إليهم كل شهر. عملت “فانتين” في مصنع “جان فالجان” بـ “مونتريل” وأخفت أمر ابنتها عن الجميع، الأمر الذي انكشف فيما بعد بسبب تلقيها للعديد من خطابات الأسرة التي ترعى ابنتها يطلبون فيها المزيد من المال، تسبب هذا في فصلها من العمل، وبسبب انشغال “جان فالجان”،صاحب المصنع، حينها بلقاء “جافير”، وجدت “فانتين” نفسها بلا مأوى، والأهم بلا مال ترسله لتسد جشع عائلة “ثيناردير”.

في البداية: اضطرت “فانتين” أن تبيع شعرها مقابل عشرة فرانكات، ثم أسنانها الخلفية مقابل 20، وفي نهاية الأمر اضطرت أن تبيع نفسها مقابل المزيد من الفرنكات حتى تتمكن من سد دين “ثيناردير” وزوجته؛ كي لا يلقوا بطفلتها إلى الشارع.

قتلت الحياة “حلم” فانتين في أن يجتمع شملها بابنتها ثانية، وبات أقصى أملها أن تحصل على أي أموال لتضمن لابنتها المسكن والطعام. كاد “جافير” أن يلقي القبض عليها بسبب دعوى كاذبة من رجل كان يحاول الحصول عليها ضد رغبتها ولم ينقذها منه سوى شهادة العمدة “جان فالجان” الذي صادف مروره ورؤيته لما حدث. لم تشكر “فانتين” “جان فالجان”، بل على العكس بصقت في وجهه، فالرجل بالنسبة لها هو السبب فيما آل إليه حالها بعدما ترك أمر فصلها لمدير مصنعه ولم يتدخل وقتها.

حاول “فالجان” إصلاح الأمور ووعدها بإحضار ابنتها إليها مهما تكلف الأمر، ولكن مرض “فانتين” لم يمنحها الوقت كي ترى “كوزيت”.

كوزيت/الحب

“كوزيت” هي امتداد “الحب” بين شخصيات الفيلم، فالطفلة التي ماتت أمها من أجل أن تضمن نفقات معيشتها؛ ما إن رآها “جان فالجان” حتى وجد فيها ضالته المنشودة، وأصبح لديه شيء يعيش من أجله، وبات قرار تسليم نفسه لـ “جافير” أمرًا من الماضي، فالأمر لم يعد يتعلق به وحده، الآن أصبح لديه “كوزيت” ليعيش من أجلها ومن أجل ضمان إسعادها.

ضمان إسعادها هو ما جعل “جان فالجان” يتسلل إلى صفوف الثوار -الخاوية- معرضًا حياته للخطر، فقط كي يحمي “ماريوس” الشاب الذي جمع الحب بين قلبه وقلب “كوزيت”، وبرغم لقائه بـ “جافير”هناك وإنقاذه من موت محتوم؛ إلا أن الأخير حاول إلقاء القبض عليه لاحقًا أثناء حمله لـ “ماريوس” المصاب عبر بالوعات الصرف الصحي بعدما تم إجهاض الثورة والقضاء على كل من شارك بها.

نجح “فالجان” في إنقاذ حبيب ابنته “كوزيت”، الذي كان غائبًا عن الوعي ولم يتعرف قط على هوية منقذه وإيصاله إلى منزل جده، وأخبره “جان فالجان” بحقيقة أنه سجين هارب، وأنه ببقائه معهما سيعرض سمعتهما للضرر، وهذا شيء لا يستطيع فعله أبدًا بمحبوبته “كوزيت” لذا كان القرار بالرحيل قبل إقامة الزفاف.

علم “ماريوس” لاحقًا من “ثيناردير” وزوجته، اللذان اقتصر دورهما طوال الفيلم على محاولات الإيقاع بـ “جان فالجان” بسبب أخذه لـ “كوزيت” منهما فيما مضى، بأن منقذه كان “فالجان”؛ جعله هذا يخبر “كوزيت” بسبب رحيل أباها الذي أخفاه عنها من قبل، ليذهبا إليه فيجداه بانتظار الموت. تأتي “فانتين” لاصطحابه للموت فيذهب معها تاركًا “كوزيت” بين دموعها. يخرج “جان فالجان” ليجد جميع من سبقوه إلى الموت القس وشباب الثورة يغنون في مشهد مسرحي أشبه بتلك المشاهد التي يخرج فيها أبطال العمل لإلقاء التحية على الجمهور.

الفيلم يعد كقطعة فنيه تصل حد الكمال، أتخيل أن انتقاء الممثلين كان الأصعب في العمل ولكنه بلا شك كان الأفضل، وبالفعل ترشح كل من “هيو جاكمان” و”آن هاثواي” للأوسكار عن أدائهما لـ “فالجان” و”فانتين” على التوالي وفازت بها الأخيرة. وبرغم عدم ترشحه؛ إلا أن النجم “راسل كرو” نجح في رسم خطوط شخصية “جافير” الذي بدا قاسي الملامح متجهم الوجه بصوته الرخيم وأغنياته المفعمة بالقوة والسُلطة، وحقيقة الأمر أنه لا يوجد ممثل لم يبهرني بأدائه وصوته مهما بلغ صغر دوره.

فاز الفيلم أيضًا بجائزة الأوسكار لأفضل مكياج وتصفيفات الشعر ومزج الأصوات، كما ترشح لجائزة أفضل فيلم. ويعد هذا أول ترشيح لفيلم غنائي منذ ترشح فيلم “شيكاجو” 2002، كما ترشح أيضًا لجائزة أفضل أزياء وإنتاج وموسيقى.

الفيلم إنتاج 2012، وتقييمه على موقع IMDb العالمي: 7.7

للمزيد يمكن مطالعة صفحة الفيلم على موقع IMDB

ميرال.. قصة أربع نساء

تسنيم فهيد – التقرير

“ميرال: زهرة حمراء تنبت على جانب الطريق، ربما تكون قد شاهدت الملايين منها!”.

يبدأ المشهد الأول من فيلم “ميرال” والمأخوذ عن السيرة الذاتية للصحفية الفلسطينية الإيطالية “رولا جبريل”، باحتفال عيد الميلاد سنة 1947 في منزل عائلة ثريّة، حيث شجرة الميلاد وافرة الزينة في المنتصف، وكثير من المدعويين الذين تجمع بينهم الأرستقراطية ولا تُفرّقهم الديانات المختلفة.

في المشهد التالي، صورة أرشيفية من العام 1948، يعلن فيها مجلس الشعب إنهاء الانتداب البريطاني وإنشاء دولة إسرائيل ورقص الإسرائليين في الشوارع واحتفالهم بوضع أيديهم -بمباركة الحكومة البريطانية- على أرض فلسطين.

للحزن أولادٌ سيكبرون..

للوجعِ الطويلِ أولادٌ سيكبرون

للأرض، للحارات، للأبواب، أولادٌ سيكبرون*

هند الحُسيني

تلتقي هند الحُسيني ابنة العائلة المقدسية الشهيرة، في طريق عودتها لمنزلها بمجموعة من الأطفال الفلسطنيين الذين نجوا من مذبحة دير ياسين دون آبائهم وأمهاتهم. تأخدهم “هند” لمنزلها وتُخبر أمها أن هؤلاء الأطفال سيمكثون لدينا لبرهة من الوقت، لكن البرهة وبسبب النكبة والمذابح التي جرت على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي والقرى التي تم محوها، تستمر لسنوات. والأطفال الذين كانوا في البداية 55 طفلًا، ازداد عددهم لـ900 طفل. جاهدت “هند” بمساعدة أمها وبعض المواطنيين لافتتاح دار الطفل العربي، مدرسة داخلية ونُزل إيواء لهؤلاء الأطفال اليتامي، الذين تحتاجهم فلسطين.

بعد النكسة، يبدأ التضييق على “هند” في استخراج الأوراق والتصاريح للسماح لها بإيواء الأطفال وتعليمهم، يحدث ذلك في نفس الوقت الذي يزداد فيه عدد الأطفال في “دار الطفل العربي” إلى 2000 طفل.

هند” التي رفضت أية مساعدات من الحكومات العربية، واعتمدت على مالها الخاص وإرث عائلتها وبعض التبرعات من المواطنيين الفلسطنيين والعرب، كانت تسعى لحفظ الهوية الفلسطينية لأطفالها وأن يعرفوا من أين جاءوا ومن هم.

كافحت “هند” خلال هذه السنوات في إبعاد أبناء الدار عن العراك السياسي أو العمل النضالي المسلّح، مُكتفية بتربية الأطفال الفلسطينيين اليتامى وأبناء الشهداء والحفاظ عليهم من أجل يوم -بعيد أو قريب- تُعلن فيه الدولة الفلسطينية ليُسارعوا لبنائها والعمل على رفع رايتها.

نادية

“كان يجب عليكِ أن تحميني“. هذا ما صرخت به نادية في وجه أمها حين حاولت منعها من مغادرة المنزل. غادرت نادية البيت؛ لأن زوج أمها داوم الاعتداء عليها جنسيًا. تلجأ “نادية” للرقص في ملهى ليلي، وتبدأ في التعود على شرب الكحوليات. تُدان بلكم امرأة إسرائيلية في وجهها فيُحكم عليها بالسجن 6 أشهر. تتعرف نادية في السجن على “فاطمة” المقدسية المحكوم عليها بـ 3 سنوات، وتُعرّفها “فاطمة” على أمها وأخيها “جمال” أحد حرّاس المسجد الأقصى، وتطلب منهم أن يعتنوا بها، ليتزوجها “جمال” بعد خروجها من السجن.

 لا تستطيع “نادية” التوقف عن شرب الكحول ولا التخلّص من الاكتئاب والشعور بأنها قذرة، بالرغم من حب “جمال” اللامنتاهي لها وصبره عليها. لتُنهي حياتها بالغرق في البحر، في تأكيد على شعورها الداخليّ بأنها متسخة وأنها لا تصلُح لأحد.

فاطمة

والمقصود بها فاطمة البرناوي أول أسيرة فلسطينية في السجون الإسرائيلية.

كانت “فاطمة” تعمل كممرضة ورئيسة للممرضات في جناح في مستشفى. وإبان حرب الستة أيام عام 1967 والمعروفة بالنكسة، مرّضت العديد من الجنود الفلسطنيين والعرب، حتى أتى جنود من جيش الاحتلال وأخبروهم أن هؤلاء الجنود أسرى حرب. طلب منها أحد الجنود المصابين أن تُساعده على الهرب؛ ففكّرت للحظة، هؤلاء الجنود أتوا من الأردن ليُحاربوا مع الشعب الفلسطيني، إذن أقل ما يُمكن تقديمه لهم هو أن يُسمح لهم بالعودة للوطن. منحتهم تصاريح للخروج، ففُصلت من عملها. امتهنت “فاطمة” العمل النضالي والكفاح المسلّح، “كنت أريدهم أن يُعانوا مثلنا“.

نادية: كيف يمكنك قتل شخص أنتِ لا تعرفينه؟!

فاطمة: الاحتلال العسكريّ هو الوحش الذي يأكل روحك، أنا أراهم كجنود!

وجدير بالذكر أن “فاطمة” واصلت النضال ضد الاحتلال حتى حُكم عليها بالسجن المؤبد في أكتوبر عام 1967، ثم خرجت بعد 10 سنوات في نوفمبر عام  1977 وقبل زيارة “السادات” لإسرائيل، لتُبعد خارج فلسطين لتواصل النضال ضمن صفوف حركة فتح، لتعود عام 1994 وتؤسس الشرطة النسائية الفلسطينية.

ميرال شاهين

بعد انتحار “نادية”، يحمل “جمال” “ميرال” لـ دار الطفل العربي، ويُخبر “هند الحسيني” أنه لا يريد أن تشبّ ابنته كأمها “نادية” أو عمتها “فاطمة”. تكبُر “ميرال” ما بين المدرسة الداخلية التابعة لدار الطفل العربي وبين بيت أبيها.

تشترك “ميرال” في النضال الفلسطيني إبان انتفاضة الحجارة عام 1987، تخرج في المظاهرات وتفقد صديقتها المقربة. تهاجِم “ماما هند” حين تُخبرها أنها لن تسمح لها بالخروج لهذه المُظاهرات التي قد تتسبب في إلحاق الأذى بالدار الذي كافحت طوال حياتها من أجل بقائها. تُعتقل “ميرال” وتُعذّب، ويُفرج عنها بغرامة. ليُبعدها أبوها إلى يافا. تبدأ أفكار “ميرال” في التغيّر وتتجه أفكارها نحو دولة مشتركة يعيش فيها الكل بسلام وينطبق على الجميع نفس القانون ويكون عليهم نفس الواجبات ولهم نفس الحقوق.

 ينتهي الفيلم بسفر “ميرال” لمنحة دراسية إلى إيطاليا، ووفاة “ماما هند” وقت مفاوضات أوسلو التي أقرّت قيام دولتين مستقلتين، الأمر الذي يُنفّذ إلى اليوم.

تؤكد “رولا جبريل” والمخرج “جوليان شنابيل“ في آخر الفيلم على أنه مُكرّس من أجل الذين يطمحون ويأملون في العيش في سلام من الجانبين.

الفيلم من إخراج المخرج الأمريكي اليهودي “جوليان شنابيل”، والذي اعترف بأنه لم يعرف عن القضية الفلسطينية إلا من خلال “رولا جبريل”، وتم تصويره في أماكن حدوثه الحقيقية، في حيفا ورام الله  والبلد القديمة والقدس ومدرسة دار الطفل العربي.

وبغض النظر عن الرسالة التي يطرحها الفيلم وتبنّيه لفكرة العيش في سلام مع العدو المحتل واختلافي الشخصي معها، إلا أنه يجب الإشارة إلى أنه اختصر حقبة مهمة وطويلة من حياة الشعب الفلسطيني، من الأربعينيات وحتى توقيع اتفاقية أوسلو، كما أنه ضمّ صورًا أرشيفية لحرب الـ 67 وأحداث الانتفاضة الأولى.

كما يظهر جليًّا للمشاهد حرص كل من “جوليان شنابل” و”رولا جبريل” على تجنُب عرض عنف الدولة لكي يصنعوا فيلمًا سِلميًا ومتفائلًا من وجهة النظر الغربية. حتى إنهما فرضا هذا المنطق ابتداءً من المَشاهِد الأولى، فقدما للمشاهد مجتمعًا متمايزًا وحديثًا، نافيين بذلك التصوّر الغربي عن فلسطين المتخلفة وكذلك الخـُرافة الصهيونية عن البلد الذي كان فارغًا من السكان.

وجدير بالذكر أن الفيلم أثار غضب إسرائيل بعد عرضه الأول داخل الولايات المتحدة الأمريكية في حرم الجمعية العامة للأمم المتحدة، واشتكت إسرائيل بحجة أن الفيلم “لم يكن متوازنًا” في سرد الأحداث، وأن ذلك يُعد انحيازًا من الأمم المتحدة لوجهة النظر الفلسطينية المطروحة.

الفليم أُنتج عام 2010، من إنتاج فرنسي/إيطالي/أمريكي/هندي مشترك، وقامت هيام عباس الفلسطينية من عرب 48 بدور هند الحسيني، وياسمين المصري بدور نادية، ورُبى بلال بدور فاطمة، وقامت الهندية فريدا بينتو بدور ميرال، كما قام ألكسندر سيديج بدور جمال شاهين.

*الأبيات من قصيدة “منشورات فدائية على جدران إسرائيل” لـ نزار قباني.

التقرير الإلكترونية في

27.01.2015

 
 

Django Unchained .. العبودية من وجهة نظر تارنتينو

علياء طلعت – التقرير

تعد الفترة التي استعبد فيها الإنسان أخاه الإنسان من أكثر الفترات إظلامًا في التاريخ، وأكثر من تضرر من هذه الفعلة الشائنة هي القارة الإفريقية، بسكانها الذين تم اختطافهم من منازلهم وسوقهم كالنعاج حتى يباعوا في الأسواق الأمريكية.

ومن يريد أن يعرف أكثر عن كيفية معاملة العبيد أثناء نقلهم من بلادهم وحتى أسيادهم الجدد، من الممكن أن يطلع على رواية الجذور لأليكس هايلي التي تناولت قصة أسلافه، وتم تحويلها  لفيلم ومسلسل شهير باسم بطل الرواية “كونتا كنتي”.

والمجتمع الأمريكي إلى الآن يحاول أن يكفر عن هذا الذنب بشتى الطرق، ومنها أفلام جلد الذات التي تدور حول العبودية والتي لا يمر عام أو عامان حتى تقدم لنا هوليوود عملًا جديدًا ينتمي لهذه الفئة، لعل من آخرها فيلم 12 Years a Slave الذي اكتسح الترشيحات عام 2014، وفاز بثلاث جوائز أوسكار وحجز لنفسه مكانًا بين أعظم الأفلام في التاريخ.

واليوم نكتب عن فيلم آخر عن العبودية، لكن من وجهة نظر المخرج Quentin Tarantino، وهو من تأليفه وإخراجه، وتم إنتاجه عام 2012 وفاز بجائزتي أوسكار، ومن بطولة ذي الألف وجه Jamie Foxx الذي نجح في تمثيل الجزء المأساوي في حياة العبد جانجو وإضفاء لمسة ساخرة تشي بخفة ظله المشهورة. ويمكن قراءة المزيد عن مشوار المخرج Tarantino من خلال هذا الموضوع الذي نشرته (التقرير) في وقت لاحق.

قصة الفيلم 

تدور الأحداث حول العبد جانجو الذي يلتقي بالطبيب السابق وجامع الجوائز وقاتل المجرمين الحالي الدكتور شالتز، ويساعده في قتل ثلاثة إخوة كانوا -فيما سبق- أسياده، وفرقوا بينه وبين زوجته مقابل أن يهبه (شالتز) حريته.

بعد إتمام المهمة يعقدا اتفاقًا جديدًا بمقتضاه يقوم جانجو بمساعدة الطبيب في عمله أثناء فصل الشتاء على أن يساعده الطبيب في العثور على زوجته وتخليصها من أسرها الجديد، وبالفعل يحدث هذا بعد أن تجمع بين الاثنين علاقة صداقة وطيدة.

بعد انتهاء الشتاء تبدأ مهمتهما الجديدة في استرجاع برومهيلدا من أسرها، ليكتشفا أنها قد تم بيعها إلى صاحب الأملاك ومحب مصارعة الزنوج الثري المعروف كالفن كاندي، والذي يقوم بدوره الساحر Leonardo DiCaprio ليبدأ الفصل الأهم في الفيلم.

Leonardo DiCaprio وأداء رائع كالمعتاد

كان هذه الفيلم سيفتقد الكثير إن لم يشترك فيه دي كابريو الذي أضفى على الفيلم الكثير من الحيوية بعد أحداث رتيبة نوعًا ما في الجزء الأول، وذلك بأدائه المتميز لشخصية الثري المجنون قليلًا كالفن كاندي.

كالفن العاشق لمصارعة الزنوج كان المدخل الوحيد له هو التظاهر بأن الطبيب ومساعده قادمان لشراء زنوج بسعر خيالي، ما أغراه وجعله يصطحبهم إلى منزل أخته حيث وجدوا برومهيلدا مسجونة بسبب محاولاتها الهرب، وحين تكاد الصفقة أن تتم تنقلب الأمور رأسًا على عقب بتدخل الخادم ستيفن.

أسود بمبادئ شديدة البياض

منذ المشهد الأول الذي ظهر فيه الخادم ستيفن، الذي يقوم بدوره Samuel L. Jackson في دور من أفضل أدواره، حتى لفت الانتباه برفضه إقامة جانجو في المنزل ومعاملته بطريقة سيئة؛ لأنه زنجي على الرغم من أنه عبد هو الآخر.

هذا الخادم رغم أنه يحمل نفس الجينات وأصول العبيد؛ إلا أنه بمكانته كرئيس الخدم يشعر أنه أفضل منهم ويعاملهم بمبادئ البيض في عنصرية بغيضة بين أصحاب اللون الواحد، وبدهائه يكتشف أن شراء زنوج المُصارعة ماهو إلا غطاء للحصول على الفتاة، وهو ما يخبر به سيده لتنهار الصفقة وينتهي الأمر بأن يقوم الطبيب بشراء الفتاة بمبلغ كبير بعد تهديد كالفن بقتلها.

تنظير الأخطاء البشرية 

الطبيعة البشرية قادرة على اختراع النظريات لتفسير كل عيوبها وأخطائها، فالذي يسرق من صاحب العمل يعلل فعلته بضعف الراتب، وغيرها من الأمثلة.

أما عن العبودية فيعود سببها في نظر كالفن لخضوع السود، فلو ثاروا أو قتلوا أسيادهم لاحترمهم الناس وأعطوهم حريتهم، ودلل على ذلك بالشرح على جمجة أحد خدم والده السابقين، وأن المنطقة الخاصة بالفكر المستقل لدى البيض يوجد بها لدى ذوي الأصول الإفريقية ما يفسر خضوعهم.

وهي فعلًا النظرية التي كان يبرر بها الكثير من البيض لأنفسهم العبودية، بالإضافة لنظريات أخرى مثل أن ذوي الأصول الإفريقية بدونهم لن يستطيعوا تدبر أمرهم أو إنهم من جنس أدنى من البشر.

هل جانجو بطل؟

رغم أن الفيلم حاول أن يُظهر جانجو بشخصية البطل الذي يحارب البيض، لكن الحقيقة إنه كان يقوم بذلك لتخليص زوجته، وليس دفاعَا عن مبدأ يؤمن به؛ وإلا كان سيترك الطبيب يساعد أحد الزنوج الذي رماه كاندي لتأكله الكلاب ولكنه على العكس نهاه عن ذلك حتى لا يعرقل خطته.

كان يحمل التعاطف لبني جنسه والغضب لما يحدث لهم، لكن الأهم كانت سعادته الشخصية وهو مانزع عنه صفة البطولة.

ولكن، من يستحق كل احترام في الحقيقة هو الطبيب، الذي ساعده منذ البداية وحرره في أول فرصة أُتيحت له، وكان أكثر اهتمامًا من جانجو بمصير الزنوج الآخريين واختار أن يموت على أن يتخلى عن مبادئه.

خاتمة أقل من المستوى

بعد إتمام الصفقة يمعن كالفن في إذلال الطبيب ويطالبه بمصافحته، وإلا يعتبر ما بينهما منتهيًا، وهو ما استفز الأخير بشدة حتى اضطر لقتله، وبالتالي قامت معركة كبيرة أدت لوفاة الطبيب والعديد من الخدم والمساعدين وأسر جانجو.

في الحقيقة كان من الأفضل أن ينتهي الفيلم عند هذا الجزء سواء بانتصار جانجو أو هزيمته، لكن المخرج أراد أن يضيف فصلًا جديدًا من المغامرات وإضفاء هالة أسطورية على انتصار جانجو، وهو ما أوقعه في فخ الملل، فلم تكد تمضي بضع دقائق على مشهد المعركة الدموية الأولى حتى بدأت الثانية والتي انتهت كما هو متوقع بانتصار جانجو.

في النهاية، الفيلم يقدم عرضًا مختلفًا للعبودية في الولايات المتحدة، مع أداء تمثيلي أكثر من رائع لكل النجوم، والموسيقى التصويرية فيه أيضًا ملفتة.

صفحة الفيلم على موقع IMDB

الإعلان الأول للفيلم

الإعلان الثاني

الموسيقى التصويرية

التقرير الإلكترونية في

28.01.2015

 
 

«أسوار القمر» .. السعادة المنقوصة

«سينماتوغراف» ـ إسراء إمام

يقول الروائى جوزيه سارماجو، فى روايته العمى.. «الظلمة التى يعيشها الأعمى ما هى إلا غياب الضوء، بينما العمى الحقيقى هو رؤيتنا للأشياء من خلف حجاب أسود يحجب عنا مظهرها وكينونتها الفعلية».

وهذه هى الفكرة التى أسهب سيناريو فيلم «أسوار القمر» فى التأكيد عليها، نسجها فى رواق وتأنى ووعى إعتدنا على إفتقادهم منذ زمن، محققا معادلة بدائية بصياغة حداثية، جمع فيها بين التعرض لصفات شعورية معقدة وحبكة مثيرة مشوقة، صنع فيها مأساة حقيقة قد يشوبها بعض التعثر سهوا، ولكنها فى النهاية تعد نموذجا لخلق المعاناة الإنسانية بغير إبتذال.

إنها تجربة حياتية، يمكن أن يمر بها بعض منا، وآخرون يلحق بهم الموت قبل أن يعلموا عنها، سُردت بخيوط مُلتبسة، يَلِمها الغموض، ويحفِها الفضول لتظل فى حد ذاتها نوعا غير مسبوق من المعالجات، على الرغم من تلامس خيوط حكيها، مع التصنيفات المعهودة للأفلام.

السيناريو ما له وما عليه

 زينة (منى زكى) فتاة جميلة، على وشك الزواج من أحمد، الرجل المناسب لها شكلا وموضوعا، ولكنها وعلى رغم مضوائية الإطار الذى يجمعهما، ويرتفع بهما فى عيون الآخرين إلى الكمال، تشعر بمنطقة نقص فى علاقتها معه، تؤرقها لدرجة تدفعها أحيانا للتردد حيال قرار إرتباطهما.

عند هذه النقطة يتبين جمال سيناريو محمد حفظى، فعلى قدر كمال الصورة التى رسمها لنا، أتى ليجارى خيبتها على الجانب الآخر فى نفس زينة. مثل هذه التفاصيل الملتفة، من الصعب أن يتعاطى معها الجمهور بسهولة، وإلى الآن يهابها أى كاتب سيناريو، ويؤثر السلامة إن أراد منعطفا مماثلا. فيضع أسبابا بديهية قريبة، ومفهومة تأتى فى غير صالح شخصية أحمد، حتى وإن سعى السيناريو لنَصرتها فى النهاية. ليُشّرِع تردد زينة ويجعله مستساغا مقبولا..

حالة الإنطفاء حتى مع وجود الحب، هذا ما ثابر السيناريو على أن يبلغه بعناد، على الرغم من كونه عصى على التوصيف، إلا أنه وجد طريقا للتعبير عنه. لم يوفر وقته، وجهده دون مناله. وخاصة مع ظهور رشيد فى حياة زينة، لتكتمل الصورة، وتُمنطِق معناها بنفسها. هذا الشاب الذى يخلب لبها، ويمنحها ما كانت تبحث عنه دون أن تعلم هويته وكُنهه. كتابة تُذكِرنا بمهارة تامر حبيب، فى مراقبة العلاقات واصطياد نتفاتها ليجعلها مواضيع حية على أوراقه.

ويأتى النصف الثانى من الفيلم، ليبدأ مع شخصية رشيد متاهة أخرى، لها لون ومعنى مغاير، ولكنها تتفق مع الحِرص الواضح على النبش فى النفس الإنسانية، وتعرية متناقضاتها. رشيد يبدأ دوره فى إسعاد زينة، سعادة حقيقية خالصة، ولكنه ومع تفانيه فى حبها يقلب حياتهما إلى جحيم. إنها أيضا معادلة مختلة لمعنى الرضا، مفتقرة إلى التمام. ومع تبعاتها الكابوسية، تعود زينة لتُفضِل عليها علاقتها القديمة مع أحمد. تيقظ السيناريو إلى أن يحافظ على براءة ونقاء رشيد إلى النهاية. لم ينتزع منه طيبته، ويفرد له نابان ويحيله إلى مصاص دماء، حتى حينما تبدت عيوبه المرضية التى تدفعه لتصرفات هجمية يعاب عليها أى بنى آدم، وتُطَوِعه تحت حكم أخلاقى وإنسانى معتاد ومقولب. رشيد تمادى فى مرضه بحب زينة، إلى ضربها، حبسها، التسبب فى حادثة عماها. ولكننا أبدا لم نكرهه، بل حملنا السيناريو إلى التعاطف معه، وإبراز مدى إنسانيته، ليتبدى فى أقسى لحظات عنفه ضحية.

ولكن ثمة خط تراجع مر به السيناريو، حينما شدد أكثر من مرة على ندم زينة حيال إحساسها المنقوص تجاه أحمد، وإعتباره شعورا نابعا من قلة خبرتها، وإلتباس فهمها لمعنى الحب. ليقر بصحة ومعافاة شكل علاقتها مع أحمد، وكأنه المعادلة الأصح وليست الأنسب. فمن أهم مميزات صياغة العلاقتين (علاقة زينة بأحمد، وعلاقة زينة برشيد) أنهما مثلا دليلا نابضا على نسبية المشاعر، وانتفاء معايير فهمها، وتصفيتها من معنى الصح والخطأ. ما فقدته زينة مع أحمد، ستظل تفقده مرارا، ولكنه مقارنة بعلاقتها مع رشيد يمثل لها خيارا أفضل وأأمن. ولكن السيناريو لم يدع هذه الفكرة لتمرق بسلام، وأصر أن يشوهها، ويصور زينة فتاة وقعت ضحية جهلها بالحب، فنسمعها تقول جمل من عينة«كنت تافهة»، «ماكنتش فاهمة يعنى ايه حب». الحب ليس مادة للفكر، هو حالة شعورية لا صلة لها بالخبرات ورجاحة العقل. يمكن لأحدهم أن يتوهم الحب، ولكن أبدا لا يحدث العكس، أن يحيا سنوات مع شخص يفتقد معه وهج الحب، ومن ثم وبعد الفراق يكتشف عندما يقارن إحساسه بتجربة أخرى أنه كان فى تجربة حب. قد تكون زينة بالفعل أحبت أحمد، ولكنه شكل من أشكال الحب الهادىء المفتقر إلى حالة اتقاد، يعد عنصرا أساسيا من عناصر حالة الحب الحقيقية التى لا يمكن فهمها أو التعبير عنها. وهى الحالة التى وجدتها مع رشيد، ولكنها سرعان ما اُجهضت نتيجة ما عانته معه من ألم لا يُحتمل. فإن خلا رشيد من هواجسه المرضية لم تكن زينة لتقر بحبها لأحمد أبدا. فقط ظروف الشخصيتين وضعتها بين خيارين لم يصل كل منهما للكمال على طريقته.

من السمات الأساسية لهذا السيناريو، شكل السرد. والإصرار على بِدئه من منطقة حساسة، مُلهمة، تضيف فوق قيمة الحدث وروابط علاقات الشخصيات أضعاف المتعة والتورط فى المتابعة. هذا التفانى فى خلق خط إثارة مواز، محبوك بلياقة تلائم الحدث الأصلى، وتُخَدِم عليه. فتدفعنا لرؤية كل شىء ببصيرة زينة المتخبطة، فى وقت حاسم وصل فيه الصراع بين أحمد ورشيد إلى نقطة محتدمة قد تصل للقتل الفعلى. فنحتار حيرتها، ونظن بنفس الطريقة التى تضعها كإحتمالية، لنكتشف فى النهاية أنها لم تقو على التمييز بينهما، لم تستدل بأى إحساس داخلها على حقيقة هوية كل منهما. هذه الجزئية، بالرغم من كونها حدثا ماديا ملموسا، إلا أنها تمثل قيمة رمزية قد لا يقصدها السيناريو لكنها تحققت بشكل أو بآخر، بحيث جسدت إحساس زينة الفطرى بتساوى أحمد ورشيد كخيارات منقوصة للسعادة، بعيدا عن كونها عمياء، أو فاقدة قدرتها على التذكر لتُفرق بينهما. وبناء عليه بدا ارتماؤها على أحمد  فى الصراعات الأخيرة نوعا من الدفاع عن غريزة القدرة على الإختيار، فهى حتى وإن ماتت مع أحمد على المركب وقتما رفضت أن تتركه، ستكون موتة آمنة، إختارتها وإرتاحت إليها، على العكس من المصير الذى سيجبرها عليه رشيد، فهى معه تفقد جزءا مهما من أمنها وحريتها.

آخر كلمتين:

ـ مشاهد النهاية بدت على عجالة أكثر من اللازم، فجأة ظهرت زينة فى حضن أحمد، دون أن نعلم كيف توصل إليها، وعلم مكانها بهذه السهولة. إضافة إلى أننا، لم نتبين ما حدث لها بخصوص استعادة ذاكرتها، فهى من دون المعايشة الحقيقية المخزنة فى ذاكرتها وليس هاتفها فقط، ستظل الفتاة قليلة الخِبرة التى لا يمكنها أن تخط رواية كما كانت تظن دوما.

ـ إنسيابية منى زكى، ملامحها الوافية، وطلتها الصادقة. عادت تارة أخرى، لتؤكد وجودها، وتزيد من إحساسنا بالوحشة إليها منذ وقت. فهى أقوى من أن تتكرر فى أداء آخر، وموهبة مثيلة. منى دائما تحسم الموقف لصالحها، وتتغلب على نقاط ضعفها التى قد توجد فى أى ممثل، وتأخذ من حضوره، وهذه هى ميزتها النادرة حقا، أنها تجبرك على التعايش معها لدرجة تُجبرنا على إغفال أى مما يمكن أن تأخذه عليها.

ـ آسر ياسين كان أفضل من عمرو سعد رغم إجتهاد الثانى، ولكن الإثنين أخفقا بشدة حينما تبادلا الأدوار.

ـ مجهود كتابة الحوار، والحفاظ فيه على جُمل سيظل معناها معلقا حتى نهاية الفيلم (أسوار القمر، نور النجوم)، بدا جديرا بالإعجاب والتحية.

سينماتوغراف في

28.01.2015

 
 

28 يناير 2015

فنّانون "اختفوا" فجأة (1):

من خنق سميرة توفيق؟

هدى الأسير

أين يذهب النجوم بعد أن تنطفىء أضواء الشهرة؟

سؤال يخطر على بال كثيرين. في هذا التحقيق محاولة لاستعراض بعض الأسماء التي لا تزال صور أصحابها عالقة في الأذهان، وبعض الذين غابت صورهم عن البال. منهم من اختار الابتعاد طوعاً ومنهم من أُجبِر عليه قسراً، ومن مختلف مجالات الفنّ، بين التمثيل والطرب، وعرض الأزياء... نماذج تقول إنّ الشهرة والأضواء، مجرّد مجد باطل. ونبدأ بالفنانة الكبيرة سميرة توفيق. 

أين سميرة توفيق؟ 

أثار غياب الفنانة الكبيرة سميرة توفيق عن الساحة الفنية، وهي في عزّ توهّجها، تساؤلات كثيرة... لماذا انكفأت؟ لماذا غابت؟ لماذا لا تردّ على هاتفها المنزلي؟ ولا على هاتفها الدولي؟ هي في بيروت؟ أو في لندن؟ 

لا حسّ ولا خبر ولا أيّ كلام عنها أو منها. إلى حدّ أنّ مهرجانات وجهات مختلفة أرادت تكريمها لكنّها لم تجد طريقة أو طريقاً كي تتحدّث إليها، وأهل البيت عندها في منطقة الحازمية جوابهم دائماً واحد وسهل: مسافرة.

ما الذي يدفع فنانة كبيرة إلى أن تنسحب بهذه الطريقة من الوسط الفني الذي لطالما كانت نجمته، وهي أكثر الحاضرات على قيد الحياة قدرة على الحضور مجدّداً لو أُتيحت لها فرصة أن تطلّ لكي تقول شيئاً.

لم تقل يوماً إنّ عليها الاعتزال باكراً. بل وفي مقابلة مصوّرة مع "تلفزيون لبنان" أيّام عزّه قالت بالحرف: "أنا أغنّي كما أتنفّس ولا أريد أن أتوقف عن الغناء لئلا أختنق". فمن خنقها؟ 

البعض أسهب في إطلاق شائعات عن مرضها ومعاناتها مع السمنة الزائدة، لكنّ الحقيقة أنّها تعيش حياة سعيدة إلى جانب عائلتها في منزلها بالحازمية في بيروت، بعيدة عن مجهر وسائل الإعلام، إلى أن عادت وظهرت من خلال صورة نشرتها لها مقدّمة البرامج ندى دبوق على صفحتها في "تويتر"، وهي في مطار الدوحة، حيث بدت محافظة على جمالها وجاذبيتها رغم محاولتها إخفاء ملامحها بالحجاب والنظارات الكبيرة... 

وبعد أن شكّلت صورتها حدثاً تمّ التداول به عبر وسائل التواصل الإجتماعي، فُتِحَت الأبواب لمن أراد أن يتكهّن حول فحوى هذه الصورة ودلالاتها. فعلمنا أنّ الفنانة سميرة توفيق لم تعتزل. لأنّ العزلة ليست من شيمها، وجلّ ما في الأمر أنّ الساحة الفنية أصبحت ممتلئة بكلّ من يريد أن يدّعي أنّه فنان. 

هكذا برّرت مصادر قريبة منها، في حديث لـ"العربي الجديد"، غيابها عن الأضواء. فهي لم ولن تكفّ عن الغناء، لكن ضمن إطار العائلة والأصدقاء. تريد أن تعيش حياة عائلية وليست حياة تحت الأضواء. والصورة الأخيرة التُقطت لها في مطار الدوحة أثناء مشاركتها في مناسبة اجتماعية لأحد الأقرباء. 

سميرة توفيق هي التي أطفأت ضوء الشهرة، وقرّرت أن تنام في حضن العائلة.

30 يناير 2015

فنّانون "اختفوا" فجأة(2):

حكاية أشهر عارضة أزياء لبنانية مشوّهة

هدى الأسير

عارضة الأزياء اللبنانية الجميلة كارين حتّي كانت طموحاتها كبيرة جدّاً. وكان حلم الشهرة والثراء جزءًا لا يتجزّأ من هذه الطموحات التي بدأت محاولاتها تحقيقها من خلال دخولها عالم الأضواء وهي لا تزال صغيرة. فتربّعت على عرش الجمال وعرفت طعم المجد والشهرة في عمر صغير جداً. 

كانت في عمر الـ14 انتخبت كأجمل وجه في مسابقة جمالية. وبدأت منذ تلك الفترة تنهال عليها العروض من مصمّمي الأزياء لتحوّلها سريعاً إلى نجمة مشهورة، يلمع اسمها في عالم دور عرض الأزياء وتملأ صورها الجميلة وأخبارها مختلف المجلات والوسائل الإعلامية، قبل أن تلتقي زوجها مصطفى علي برّي الذي حوّلها من آية في الجمال إلى إنسانة مشوّهة تقشعرّ لرؤية وجهها الأبدان.

بعد الزواج تحوّل الزوج من إنسان لطيف محبّ إلى شخص غيور وهجومي بطريقة مرضية. كان يضربها بشكل مستمرّ وكان يهدّدها بالقتل وتشويهها بماء النار أو الحرق. وذات يوم ضربها ثم وضع يديه حول عنقها وخنقها حتّى غابت عن الوعي. فظنّ أنّها ماتت. ولكي يخفي جريمته وبصمات يديه عن جسدها حملها ووضعها في مغطس الحمام، وفتح الماء المغلي فوق رأسها. لم يستغرق الأمر أكثر من 15 دقيقة حتّى استفاقت وهي في حالة يرثى لها. فاستجمعت قواها ونزلت إلى الشارع وطلبت من أحد المارّة المساعدة. ونُقِلت إثر ذلك إلى المستشفى. وهناك دخلت في غيبوبة لمدّة شهرين. استفاقت بعدها على وضع مأساوي. فأُصيبت بانهيار عصبي عندما اكتشفت حجم التشوّه الذي أصاب وجهها وجسدها.. 

هكذا اعتزلت كارين الحياة العامة مجبرة، بعدما أُجري لها أكثر من 23 عملية تجميل وترميم على مدى عام كامل، استطاعت بعدها استعادة الوجه البشري، وإن لم يكن بالجمال الذي كانت عليه في بداية مشوارها الفنيّ.

31 يناير 2015

فنانون "اختفوا" فجأة (3):

آلين خلف اختارت العائلة

هدى الأسير

كان والد الفنانة آلين خلف معارضاً لدخولها مجال الفنّ. لكنّ والدتها دفعتها إلى الغناء ولفتت نظرها إلى موهبتها في الصوت الجميل. فشاركت في برنامج "ليالي لبنان" العام 1983 حيث لاقت استحسان لجنة الحكم.

تابعت مسيرتها الفنية حتّى أصدرت أوّل ألبوم لها بالتعاون مع شركة "ريلاكس إن" وتمكّنت من تكوين شخصيّتها الفنيّة الخاصّة. ثم ارتبطت بمتعهد الحفلات آنذاك، جيجي لامارا، كمدير أعمال. لكنّها سرعان ما انفصلت عنه عندما بدأت في الظهور والانتشار عربياً، رافضة الكشف عن أسباب انفصالها عنه. ورفضت إعلان من تخلّى عن الآخر. وقالت إنّ "جيجي" لم يعد يريد العمل في الفنّ، وإنّها فوجئت بعمله مع الفنانة نانسي عجرم لاحقاً. 

علماً أنّ كثيرين كانوا يعلمون كواليس قصّة ارتباطها برجل أعمال عربي نافذ وثري قرّرت الزواج منه. وهو دفع البند الجزائي الكبير الذي ينصّ عليه عقدها الاحتكاري مع جيجي لامارا، وقيل يومها إنّه مليون دولار. فاختفت عن الساحة الفنية. 

في هذه الأثناء عمل جيجي لامارا على تحضير نانسي عجرم للانطلاق بقوّة. وعندما فشل مشروع زواج آلين من الثري العربي حاولت العودة إلى موقعها الفني، لكنّها لم تفلح. فاعتبرت أنّها "غُيّبت". ورفضت الاعتراف بأنّها قامت بخيار خاطىء جعلها تفقد مستقبلا كبيراً. 

لاحقاً قالت إنّها غير نادمة على خطوة الانفصال عن جيجي، برغم تراجع نجوميتها عقب إعلان انفصالها عنه. على خلاف ما حدث مع نانسي عجرم التي تزداد نجوميتها سطوعاً يوماً بعد يوم.

في العام 2010 تزوّجت آلين بعقد شرعي غير موثق وغير معلن من الشاب اللبناني أحمد صباغ. وبعد شهر سرعان ما دبّت الخلافات بينهما بعدما اتّهمته بالنصب عليها وسرقة أموالها فانفصلا وضجّ الإعلام بقصّة الزواج والطلاق السريعين.

في العام 2013 ارتبطت آلين بقصّة حبّ جديدة مع ابن "المونولوجيست" اللبناني إيلي أيوب، كارلو. ورغم رفض والده هذه العلاقة، تزوّجا مدنياً، وأنجبا في العام 2014 طفلة سمياها "ليفي".

هكذا حطّت آلين في حضن "عائلة" هي أيضاً، كانت تبحث عنها منذ البداية. منذ زواجها الأوّل. وجدت العائلة، التي كانت تفتّش عنها أكثر من اهتمامها بالفنّ والشهرة. وكان لها ما أرادت. 

2 فبراير 2015

فنانون "اختفوا" فجأة (4):

إيمان الطوخي ولعنة حسني مبارك

هدى الأسير

أين إيمان الطوخي؟ 

كشفت تقارير صحافية في وقت سابق أنّ السبب في اختفاء الفنانة المصرية إيمان الطوخي، واعتزالها الفنّ، هو رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في مصر، زكريا عزمي، وليس الرئيس المصري السابقحسني مبارك. فقد قالت تقارير إعلامية إنّه طاردها وطلبها لنفسه، لكنّها رفضت. 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة مصرية فإنّ الطوخي رفضت مسلسلا مشروطاً بقبولها لزكريا عزمي، وأضافت الجريدة أنّه كان يشتهر بعلاقاته النسائية المتعدّدة، التي لا يخفيها، ويظهر مع الفتيات علناً في أماكن السهر التي يرتادها هو وشلّته من أصحابه المقرّبين. وكانت شائعة قالت إنّ إيمان الطوخي هي زوجة الرئيس مبارك وأم لابن يبلغ الآن 16 عاماً، مشيرة إلى أنّ حرم الرئيس المخلوع كانت على علم بتلك العلاقة، وأنّها تدخّلت لإنهاء مشوار إيمان الفني، سواء في مجال التمثيل أو الغناء، وأنّها استخدمت نفوذها لمحاربتها وإجبارها على البقاء في المنزل دون عمل. 

وتقول الشائعة أيضا إنّ الرئيس السابق أعجب بالطوخي وبأدائها التمثيلي ودورها المهم، وشياكة ملابسها في الجزء الثاني من مسلسل "رأفت الهجّان"، حيث أدّت دور الفتاة اليهودية "أستر بولينسكي"، في العام 1987. وعندما تمّ الإعداد للجزء الثالث من المسلسل لم يكن دور الطوخي موجودا بالمسلسل، وبالتالي لم يكن هناك داعٍ لاشتراكها فيه، وعندما علم الرئيس بذلك تدخّل لدى القائمين على المسلسل فأقنعوا مؤلّفه الكاتب الراحل صالح مرسي بكتابة دور لها في الجزء الثالث، وهكذا حصل. لكنه لم يكن على المستوى المطلوب كما في الجزء الأوّل. 

وعندما علمت سيّدة مصر الأولى السابقة باهتمام زوجها الرئيس مبارك بالطوخي، أصدرت أوامرها بعدم مشاركتها في أدوار تمثيلية بالتلفزيون المصري، ما دفع إيمان الطوخي إلى تفضيل الاعتزال. لكنّ زملاءها في الوسط الفني حاولوا إقناعها بالعودة، وتم ذلك بالفعل، لتشارك في عمل واحد، ثم تعتزل مرّة أخرى، مبرّرة ذلك بأنّ مهنة الفنّ أصبحت مليئة بدخلاء أساؤوا إلى الفنانين الحقيقيين. 

هكذا قرّرت الطوخي الاتجاه إلى الغناء، وبالفعل قدّمت العديد من الأغنيات الناجحة التي كان أشهرها أغنية "النظرة الأولى". لكنّها اعتزلت بعد ذلك، لتظلّ إلى اليوم بعيدة عن الوسط الفنّي الغنائي والتمثيلي.

العربي الجديد اللندنية في

28.01.2015

 
 

3 أفلام أوروبية تجذب اهتمام المشاهدين في ثاني أيام مهرجان الأقصر

مخرج «جزيرة الذرة» المرشح للأوسكار: سعيد للغاية لوجودي على أرض الفراعنة

الأقصر (مصر): «الشرق الأوسط»

في إطار فعاليات اليوم الثاني لمهرجان الأقصر الدولي للسينما المصرية والأوروبية في دورته الثالثة، جذبت 3 أفلام أوروبية أنظار المشاهدين بقصصها المؤثرة وتقنياتها الحديثة مساء أول من أمس الاثنين. وضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة عرض الفيلم البلغاري «الدرس»، والذي تدور أحداثه في إطار إنساني حول معلمة تدعى ناديجدا تكتشف حدوث سرقة بأحد فصول المدرسة التي تعمل بها من جانب أحد الطلاب فتحاول البحث عن السارق لينال العقاب، في نفس الوقت تتعرض لظروف شخصية عصيبة حيث يتم إخطارها بأن البنك سوف يقوم بالحجز على منزلها وبيعه بالمزاد بسبب تأخرها في دفع أقساط الرهن العقاري. وفي رحلتها الشاقة للبحث عن أموال للسداد تصطدم بكثير من الخيارات الصعبة وفي الوقت الذي تتوصل فيه لحل مشكلتها بعد تقديم تنازلات غالية تتوصل لمعرفة الجاني الذي تسامحه بعدما تتوصل إلى أن الدرس الحقيقي هو أنه في خضم الحياة وصراعاتها لا أحد ينجو من الوقوع في الخطأ. أما في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، عرض الفيلم السويسري «البعوضة» والذي جاء رائعا بتقنية فنية عالية رغم صمته حيث الصراع بين رجل عجوز وبعوضة تنتهي بنهاية مأساوية، وقد يقول الفيلم إن الأشياء التافهة رغم أنها لا تستحق إلا أنها يمكن أن تقتل الإنسان. كما عرض في المسابقة نفسها الفيلم النرويجي «ضوئي في الظلام»، والذي تدور أحداثه في القرن التاسع عشر الميلادي وفي أجواء ريفية ليحكي قصة حب بين طرفين متناقضين ومختلفين: شاب غريب فقير وفتاة صغيرة جميلة ولكن تنتهي بنهاية مأساوية لتظل قصص الحب هي الباقية والخالدة في كل زمان ومكان.

وقال الجورجي جورج أوفاشفيلي، مخرج فيلم «جزيرة الذرة» إنه سعيد للغاية بوجوده في مصر «أرض الفراعنة» ومشاركة فيلمه في المسابقة الرسمية للمهرجان. وأكد أوفاشفيلي خلال الندوة التي أعقبت عرض فيلمه مساء الاثنين بقاعة قصر ثقافة الأقصر وأدارها الناقد أحمد شوقي أنه كان يعتقد أنه من السهل أن يجد جزيرة طبيعية يصور عليها فيلمه الذي تدور أحداثه في 3 فصول مختلفة من السنة، إلا أنه لم يجد تلك الجزيرة التي يمكن بناء الديكور المطلوب عليها.

وقال أوفاشفيلي: «حينما طرحت فكرة بناء جزيرة صناعية على المنتج وصف تلك الفكرة على الفور بالغبية، إلا أنه في النهاية وجدنا أحد المهندسين المتخصصين الذي عرض بناء الجزيرة المطلوبة في مياه عمقها من 5 إلى 6 أمتار». وأوضح أوفاشفيلي أن «سيناريو الفيلم يستدعي في النهاية تدمير الجزيرة، فوجدت مشكلة جديدة وهي تدمير الجزيرة، مما اضطرنا إلى بناء جزيرة أخرى لمشهد التدمير فقط، الأمر الذي أدى إلى رفع تكلفة إنتاج الفيلم إلى مليون و300 ألف يورو وهو أمر غير معتاد في السينما الجورجية».

وشهد ثالث أيام المهرجان إقامة ندوتين لفيلمي «ديكور» والذي يعرض ضمن برامج ليالي السينما المصرية، وفيلم حلم المشهد الذي ينافس ضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة.

وأقيمت الندوة عقب عرض الفيلم بحضور المخرج أحمد عبد الله، الذي بدأ حياته الفنية كمونتير في فيلم «هو فيه إيه» عام 2002 وفي فيلم «عين شمس» مع المخرج إبراهيم البطوط عام 2009. وتوجه للعمل في السينما المستقلة ككاتب ومخرج مستقل في فيلم «هليوبوليس» عام 2009 وفيلم «ميكروفون» عام 2010 وفيلم «فرش وغطا» عام 2013. أما الندوة المخصصة لفيلم حلم المشهد فأدارها الناقد محمد عاطف بحضور مخرج الفيلم ياسر شفيعي. الذي عمل كمونتير لعدد من الأفلام القصيرة من بينها «فأر تجارب» لأحمد شوقي عام 2011 (المسابقة الرسمية لمهرجان يالا للأفلام القصيرة بباريس). كما عمل أيضا كمسؤول عن اختيار ممثلي فيلم «فتاة المصنع» لمحمد خان عام 2013 (المسابقة الرسمية لمهرجان دبي).

كما عمل مساعد مخرج لكريم حنفي في «باب الوداع» ولداود عبد السيد في «قدرات غير عادية» عام 2014. يقوم الآن بإخراج فيلم تسجيلي طويل عن المخرج المصري داود عبد السيد.

أنجلينا جولي: الأسرة الدولية لا تؤدي واجبها لحماية المدنيين

الممثلة الأميركية سفيرة النيات الحسنة في زيارة للعراق

خانكي (العراق): «الشرق الأوسط»

صرحت الممثلة والمخرجة الأميركية أنجلينا جولي أن الأسرة الدولية لا تؤدي واجبها في حماية المدنيين المتأثرين من النزاع في العراق وسوريا، وذلك خلال زيارة إلى شمال العراق الأحد. وقامت جولي، وهي سفيرة النيات الحسنة لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، بزيارة إلى مخيم للاجئين السوريين والنازحين العراقيين بالقرب من دهوك في كردستان العراق. وصرحت جولي أمام صحافيين في مخيم في خانكي: «لقد صدمت بما رأيت اليوم. إنها الزيارة الخامسة لي إلى العراق منذ 2007 والمعاناة أسوأ من أي وقت مضى». وتعود آخر زيارة لجولي إلى العراق إلى 2012 قبل أن يتزايد نفوذ تنظيم داعش، ويسيطر على أراض شاسعة من سوريا والعراق. ونزح أكثر من مليوني شخص في العراق العام الماضي وحده. ولجا نصفهم تقريبا إلى كردستان والأعداد لا تزال في تزايد.

وتابعت جولي أن «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حصلت في 2014 على نصف التمويل الذي تحتاج إليه لبرامج في العراق وسوريا وهناك قلق كبير حول بطء التعهدات بتقديم مساعدات هذا العام. من دون مساعدات إضافية الوضع لن يكون قابلا للاستمرار». ومضت تقول: «هذا اختبار لنا هنا كأسرة دولية وحتى الآن ورغم كل الجهود الكبيرة والنيات الحسنة، فإننا فشلنا».

وأعرب نيل رايت ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق عن أسفه لكون تعهدات الدول الكبرى لا تعكس حجم الأزمة التي أدت إلى نزوح أكثر من 13 مليون شخص من منازلهم في سوريا والعراق. وقال رايت: «الوقت حان لنتساءل ما إذا كان على الجهات المانحة أن تعيد التوازن بين المليارات التي تنفقها على الحلول السياسية وبين الملايين التي تخصصها لتخفيف معاناة النازحين ومعاناة المجتمعات التي تستضيفهم».

وبحسب أرقام مفوضية اللاجئين فإن أكثر من 3.8 ملايين سوريا فروا إلى تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر هربا من النزاع في بلادهم.

الشرق الأوسط في

27.01.2015

 
 

"يوم في.. الجزائر"

الجزيرة الوثائقية - الدوحة

تبدأ قناة الجزيرة الوثائقية هذا الشهر مادة برامجية جديدة بعنوان "يوم في.. " تعرض من خلالها في الجمعة الأخيرة من كل شهر مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تحكي عن الجوانب المتعددة سياسيا وثقافيا واجتماعيا وتراثيا لبلد من البلدان العربية.

بدءا من يوم الجمعة 30 يناير، سيتم عرض هذه المادة البرامجية، افتتاحا بالجزائر، حيث تعرض القناة من التاسعة صباحا وحتى الحادية عشر مساء بتوقيت مكة المكرمة، ثمانية أفلام عن الجزائر.

يُفتتح البرنامج بفيلم "قصور وادي مزاب" الذي يدور في معقل الإباضية بالجزائر، حيث يتناول حياتهم، وكيف يحاولون الحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية لمواجهة التحولات التي لا تنفك تؤثر على وحدة المجتمع الجزائري عاملة على محو كل الخلافات، وجميع الخلفيات عبر التاريخ.
يليه فيلم "ثورة الحراشي" الذي يحكي عن دحمان الحراشي وهو أسطورة فنية فريدة من نوعها قلما تكررت والذي خلّف تراثا غنائيا فريداً حيث عُرف بأدائه المميز لأغنية «يا الرايح وين مسافر» التي تم إعادة إحيائها من قبل رشيد طه. في سنة 1949 انتقل إلى فرنسا وهناك ازدادت شعبيته من خلال حفلاته في بعض المقاهي الخاصة بالمهاجرين. تميَّز بصوته القوي وبكونه واحداً من أشهر عازفي آلة البانجو. يضم سجل دحمان الحراشي الفني الأكثر من 500 أغنية، تطرق من خلالها إلى مواضيع جديدة منها ما كان يُعتبر من المحرمات في وطنه الجزائر كالنساء الكحول والهجرة، ولكن القدر لم يمهله حيت لقي حتفه في 31 آب سنة 1980 إثر حادث سير.

ثم يُعرض فيلم "مخلوفيوهو ضمن سلسلة  "أحرار الملاعب" التي تتناول في كل حلقة حكاية لاعب والتجاذبات التي تحدث في حياته بين الرياضة والسياسة والمجتمع، وهذه الحلقة تتناول حياة اللاعب الجزائري "رشيد مخلوفي" وهو أول من حمل الرقم 10 في منتخب الجزائر الذي كان يدعى آنذاك في حقبة الاحتلال الفرنسي بفريق "جبهة التحرير الوطني".وعن المفكر الجزائري الكبير يُعرض ضمن سلسلة بصمات فيلم "مالك بن نبي.. المجهول في قومهوالذي يحكي قصة حياته وأثره وإسهاماته في الفكر الإسلامي في مختلف البلدان.

وهران

أما المدينة الساحرة التي تغنّى بها الجزائريون طويلا فهي موضوع فيلم "وهران.. يا حسرا" الذي يحكي عن تاريخ المدينة التي بناها الأندلسيون لتحمل ملامح احتلال أسباني طويل، وكيف تتقاطع في شوارعها ملامح متعددة برؤى وهموم مختلفة، تتجمع كلها في مدينة واحدة، المؤرخ والمعماري والأديب والفنان يعشقون وهران ويبكونها.

جولة سريعة من خلال "تاكسي المدينةداخل شوارع الجزائر تُعرض في حلقة "الجزائر"، مسلطة الضوء على سيارات الأجرة التي تُشكّل جزءا أساسيا من صورة المدينة حيث يأتي السائق كممثل للطبقة الشعبية والذي يلعب في الوقت نفسه دور الشاهد والحكواتي العارف بأحياء المدينة وأزقتها لتتحول سيارته إلى صالون نقّال يستضيف الحكايات والوجوه والشخصيات ويرويها.

في مدينتي تلمسان ومعسكر لازالت الأعراس الجزائرية التقليدية  تُقام كما كانت منذ آلاف السنين وكأن التاريخ يسكنها. هناك تدور أحداث فيلم "أعراس الجزائر"، حيث يواكب الفيلم مراحل وخطوات العرس الجزائري ابتداءً بعادة التعارف عند النساء ومروراً بالخطبة وقراءة الفاتحة وعادة الحناء للعريس والعروس والزفاف وما يصاحب هذه المراحل من عادات خاصة بالجزائريين، ويشترك في هذا الفيلم ثلاثة أعراس، حيث يتعرض الفيلم لتفاصيل اللباس الخاص بالعروس والتجهيز والأكل الذي يقدم في العرس والأهازيج والرقصات واللباس التراثي الذي ترتديه العروس في كل مرحلة إضافة لعادة الزفة برفقة الخيّالة وهم بلباس الحرب القبائلي وبصحبتهم البارود، يتخلل الفيلم مداخلات من مختصين في التراث والتقاليد الجزائرية.

كاليدونيا.. مظلمة النفي

انتهى الاستعمار الفرنسي للجزائر منذ سنوات طويلة  لكن ما خلّفه وراءه ظل باقيا وكأنه بلا نهاية. ضمن سلسلة "هذا انا" يُختم برنامج "يوم في.." بعرض الفيلم المهم"كاليدونيا.. مظلمة النفي" الذي يكشف تفاصيل وخفايا حملات النفي القسري التي مارستها السلطات الاستعمارية الفرنسية ضد الآلاف من المقاومين الجزائريين للاحتلال الفرنسي خلال الفترة ما بين عامي 1870 و1880 نحو جزيرة كاليدونيا. هؤلاء الآن يشكلون مجتمعا عربيا إسلاميا من نحو عشرين ألف شخص، بما يقارب خُمس سكان الجزيرة التابعة لفرنسا في جنوب المحيط الهادئ.

 وغالبية هؤلاء من أحفاد المنفيين من الجيل الثاني وحتى الرابع لايزال معظمهم  يتجرع  الآلام والعذاب ومرارة فقد الأصل والنسب وضياع الوطن والهوية. يتناول الفيلم السرد التاريخي لقصة هؤلاء المنفيين والمظالم التي مارسها المحتل ضد المقاومة وما ألحقه بالمقاومين من تعذيب وقهر وإبعادٍ سَلبهم هويتهم وأفقدهم ذاكرتهم.   

وعن سبب اختيار هذا الموضوع تحديدا يحكي مخرج الفيلم "عبدالقادر مام" أنه منذ كان طفلا جذبه ذكر "المنفى" ورسوخه في المخيلة الجزائرية حتى على مستوى الأهازيج الشعبية كالأغنية الشهيرة "يا المنفي" والتي يقول مطلعها: "قولوا لامي ما تبكيش يا منفي ولدك ربي ما يخليش يا منفي.." من هنا بدأ شغفه لتتبُّع الخيط ومعرفة سبب الوجود الدائم لموضوع المنفى في التراث الجزائري، وما يصاحبه من حكايات لا تنتهي عن الألم والحنين والسرد الإنساني للتاريخ والثورة، فكان فيلمه: "كاليدونيا.. مظلمة النفي". 

يوم في .. الجزائر  يأتيكم الجمعة 30 يناير اعتبارا من التاسعة صباحا وحتى الحادية عشرة مساء بتوقيت مكة المكرمة كما تُعاد البرامج في نفس اليوم بمواقيت مختلفة.

الجزيرة الوثائقية في

27.01.2015

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)