كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

أفلام فرانشيسكو روسي انطلقت واقعية ثم ارتاحت في بحر الأدب

أعطت نظرة اجتماعية للعالم السري للجريمة والفساد في إيطاليا

لوس أنجليس: محمد رُضا

 

قدم المخرج الإيطالي فرانشيسكو روسي الذي توفي السبت عن (92 عاما) من خلال أفلامه الشجاعة نظرة اجتماعية للعالم السري للجريمة والفساد في إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية. ولد روسي ونشأ في بيت من بيوت الطبقة الوسطى في مدينة نابولي التي عانت طويلا من عصابات المافيا والفساد ثم انتقل إلى روما حيث توفي.

وتأثر روسي بمخرجي الواقعية الجديدة بعد الحرب العالمية الثانية وتطرقت بعض أفلامه إلى قصص أناس حقيقيين تورطوا في شبكات سرية للسلطة أدت في النهاية إلى أفول نجمهم.

وفاز فيلمه «ذا ماتي أفير» بالسعفة الذهبية من مهرجان كان عام 1972. وفاز بجائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية عام 1963 عن فيلم «هاندز أوفر ذا سيتي» وهو عن الفساد السياسي في مدينة نابولي.

ويعتبر فانريكو ماتي من خلال «قضية ماتي» (The Mattei Affair) شخصية سياسية معروفة في إيطاليا وجد السبيل للتحول إلى ظاهرة في مجال علاقاته وخططه السياسية لاستحواذ المناصب وتحقيق الغايات الاقتصادية لشركته المتخصصة في مصادر الطاقة النفطية. خطواته تلك قادته، في مطلع الستينات، إلى مشكلات مع شركات النفط الأميركية عندما حاول عقد صفقات شراء نفط عربي بأسعار أرخص مما تعرضه الشركات الأميركية على إيطاليا. لكن محاولاته هذه لم تثمر كونه مات في حادثة طائرة سنة 1962 بقيت ظروفها غامضة وأبقاها فيلم روسي على غموضها ليخرج منها بتساؤلات ترجح أن طائرة «ماتاي» الخاصة لم تسقط نتيجة عطل طارئ، بل بسبب حادث مخطط تم ترتيبه ليبدو عاديا.

كما الحال في فيلم «جون ف. كندي» JFK (أوليفر ستون، 1991) اشتغل روسي على نظريات وحقائق متوازية. على عكسه، وفر المخرج للمشاهد فيلما من التشويق السياسي ذي وجهة النظر الأكثر مشاكسة ضمن أسلوب سرد أفضل تنفيذا.

في الحقيقة، «قضية ماتاي» كان أحد 3 أفلام متتابعة من الأسلوب التحقيقي أنجزه روسي في السبعينات وحملته إلى نجاح أفضل مما كان حققه من قبل. الفيلمان الآخران هما «لوشيانو المحظوظ» Lucky Luciano و«جثث ممتازة». على تشابه المعالجة إلا أن أسلوب تنفيذ كل فيلم يختلف من واحد لآخر.

* مناخات صقلية وأميركية

ولد روسي في مدينة نابولي سنة 1922. والده كان يملك كاميرا سوبر 8 يصور بها على هواه كلما سنحت له ظروف عمله في شركة شحن بحري. لكن فرانشيسكو استجاب لرغبة أبيه في دراسة القانون دافنا رغبته في دراسة السينما في روما. خلال دراسته تلك اندلعت الحرب العالمية الثانية مما أدى لتوقفه عن الدراسة لبعض الوقت ثم استكمالها قبيل نهاية الحرب. خلال الفترة لم يكن ينقطع عن مشاهدة الأعمال المسرحية والأفلام وفي عام 1947 وجد عملا صغيرا في الأفلام وبعد عام وجد نفسه المساعد الأيمن للمخرج الإيطالي الكبير الآخر لوتشينو فيسكونتي «الأرض تهتز». كانت تجربة مثمرة جدا بالنسبة لروسي، ليس فقط لأنه تشرب السينما من أحد أهم أركانها بل أيضا لأنه وجد نفسه، وقد أشرف على مراحل كثيرة من هذا الفيلم، يطالع قواعد اللغة السينمائية أولا بأول.

كون الفيلم، الذي يتحدث عن مآلات صيادي سمك في قرية صقلية، واقعيا جعل روسي يغرف من ذلك الأسلوب أولا قبل أن يقوم بمعالجته حسب رؤيته الخاصة. هذا لم يتم إلا من بعد أن عمل كمساعد في 7 أفلام أخرى من بينها «بليسيما» لفسيكونتي و«المدينة تحاكم» للويجي زامبا و«مقهور» لمايكل أنجلو أنطونيوني، حتى إذا ما جاء عام 1957 وجدنا روسي ينتقل إلى الدفة الأولى عبر فيلم «التحدي» الذي يبدو على صلة حكائية مع تلك القصص التي كانت السينما المصرية تحفل بها في الخمسينات والستينات حول الفتوة الذي يواجه «المعلم» حالما يبدأ محاولة تحقيق طموحاته برفع مستوى معيشته. هذا تماما موضوع فيلم روسي الأول حيث فيتو (جوزيه سواريز) هو ذلك الشاب الذي قرر أنه عوض بيع السجائر في حارات نابولي يريد أن يصبح تاجر الخضراوات التي يسيطر عليها نافذ كبير يواجه تلك المحاولة بقسوة.

في هذه السنوات (النصف الثاني من الخمسينات) نجد خطوطا متوازية لا ريب أن بعضها استفاد من البعض الآخر. هناك الخطان الواقعيان في السينما المصرية والسينما الإيطالية ثم الخط الواقعي الاجتماعي الذي وفرته الأفلام الأميركية منذ أواخر الأربعينات عبر أفلام لأنطوني مان «الهدف الطويل» لويس ألن «فجأة»، جول داسين «الليل والمدينة» وسواها. من المحتمل جدا أن فرانشيسكو روسي، وقد ألم بتلك الأفلام التي عادت فغزت السوق الأوروبية بعد فترة الاحتجاب بسبب الحرب، قرر أن يخط ذلك الأسلوب الذي تبلور جيدا فيما بعد وهو أسلوب يجمع بين الواقعية مشروطة بسمة التحقيق البوليسي كما لو كانت يوميات مصورة.

لكنه في انطلاقته كان عليه أن يواصل الاستناد أيضا إلى موقعه الإيطالي الجنوبي لذلك نجد أن عددا من أفلامه الأولى منها «التحدي» و«النصابون» بقي في إطاره الصقلي. ونراه في «سلفاتوري جوليانو» (1961) يتناول حكاية واقعة. سلفاتوري كان رجل عصابات ألف زمرته من الخارجين على القانون في غرب صقلية وعرف كيف يستقطب تأييدا شعبيا متماثلا بشخصية روبن هود (يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء… ونفسه!) لكنه أخذ يخسر مواقعه عندما انضم إلى محاولة دعاة انفصال صقلية عن إيطاليا حتى انتهى والكثير من أركان تلك الحركة للعمل لدى المافيا التي كانت مرتبطة بمصالح سياسية مع الحزب الفاشي (الذي ولد في عام مولد روسي ذاته، 1922) مما جعلها تعتمد على سلفاتوري جوليانو ليتصدى لنمو الحركة اليسارية المناهضة. في الأول من مايو (أيار) سنة 1947 تصدى ورجاله إلى المحتفين بعيد العمال وفتحوا النار مما أدى لسقوط 11 و27 جريحا ليموت سلفاتوري بعد ذلك بـ3 سنوات وفي ظروف غامضة.

* روايات أدبية:

هذا الفيلم هو البداية الفعلية كذلك لمنوال روسي التحقيقي المتبلور. لكن المخرج لم يكن يريد الاكتفاء بالتحقيق متخذا مسافة ما منه في سبيل عرضه من دون وجهة نظر. على العكس كان يريد أن يعبر عن رأيه فيما يعرضه لذلك فإن أعماله هذه تميزت بقوة مضاعفة: حكاياتها الباحثة في الشخصيات التي صاغت الأحداث التي اختار التوقف عندها من التاريخ الإيطالي ومعالجاتها على النحو الذي لا تكتفي بالعرض بل بالنقد من خلاله. بعد هذا الفيلم أنجز دراما ذات دلالات مماثلة بعنوان «الأيدي فوق المدينة» (1963) وجلب الأميركي رود ستايغر لبطولته ساندا إليه شخصية المستثمر اليميني إدواردو نوتولا الخيالية. الموضوع كان محاولة بطله التهرب من مسؤوليته بعدما انهار أحد المباني على قاطنيه وتحولت الساحة السياسية المحلية إلى ملعب كرة سلة كل يرمي الكرة للفريق المناوئ لإلقاء اللوم عليه.

بعد «قضية ماتاي» (1972) تناول حكاية رجل العصابات شارلي لوشيانو، جان ماريا فولونتي الذي لعب أيضا بطولة «قضية ماتاي»، الذي خرج من السجن الذي أودع فيه بتهمة القتل ليواصل زعامته للمافيا لا في إيطاليا فحسب بل في الولايات المتحدة بعدما نقل نشاطه إلى هناك.

إنها الفترة التي تكاثرت فيه أفلام المافيا على طرفي المحيط الأطلسي والتي أنبتت «العراب» و«الدون مات» و«أوراق فالاتشي». لكن فيلم روسي هو الوحيد الذي يحمل أسلوبه المتعارف عليه والذي يجعل الجوانب الخيالية تبدو كما لو كانت جزءا من الواقع وذلك بسبب طريقة رصده وسرده.

بقي روسي في المناخ الصقلي نفسه عندما حقق فيلمه اللاحق «جثث ممتازة» مستوحيا هذه المرة رواية للكاتب ليوناردو سكاسكيا. هنا ما يبدأ كتحقيق تمهيدي لرجل بوليس نظيف (لينو فنتورا، رائع في مثل هذه الأدوار كعادته) حول من قتل أحد القضاة، يتطور إلى قضايا شائكة تتداخل فيها المصالح السياسية والتحالف بين المافيا وأجهزة الدولة وينتهي الفيلم بانتصار التحالف واغتيال التحري وبالتالي القانون.

ينظر بعض النقاد إلى أعمال روسي ضمن ما تقدم معتبرينها أفضل ما حققه. لكن روسي قرر بعد ذلك الفيلم أن الوقت حان لكي يرتاح من هذا النوع من المعالجات الدءوبة إلى ما هو أهدأ ويتمتع براحات طبيعية ونفسية جميلة. أنجز عن سيناريو كتبه مع تونينو غويرا اقتباسا لرواية كارلو ليفي «المسيح توقف عند إيبولي» سنة 1979 (من بطولة جيان ماريا فولونتي أيضا) ثم «ثلاثة أشقاء» سنة 1981 عن رواية لأندريه بلاتونوف (وسيناريو تونينو غويرا). والمد الأدبي استمر معه لفيلميه اللاحقين «كارمن» (1984) و«مفكرة موت متنبأ» (1987).

مثل مخرجين كبار آخرين عمل فرانشيسكو روسي مع من اعتبرهم قريبين إليه ويعرفون كما يفهمون أسلوبه في العمل. الكاتب الشهير غويرا كان أحد 3 ممن احتكوا به طويلا، منذ الستينات عندما كتب له «أكثر من معجزة » سنة 1967. الاثنان الآخران هما مدير التصوير باسكالينو دي سانتيس والمونتير روجيرو دي سانتيس. كل واحد من هؤلاء، بمن فيهم روسي، يستطيع أن يخط تاريخ السينما في إيطاليا من جوانب تختلف تبعا لعمل كل منهم، فما البال إذا ما كانت إبداعاتهم التقت في أعمال أدارها مخرج من قيمة روسي؟

وفاة المخرج السينمائي الإيطالي فرانشيسكو روسي عن 92 عاما

حاز جوائز كبرى المهرجانات السينمائية

روما: «الشرق الأوسط»

توفي فرانشيسكو روسي، وهو مخرج سينمائي إيطالي معروف اشتهر بأعماله الرائعة خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي أمس السبت عن عمر ناهز 92 عاما. وحصل روسي، الذي ولد في نابولي، على جائزة مهرجان فينيسيا السينمائي في عام 1963 من خلاله فيلمه «هاندز أوفر ذا سيتي» ومهرجان كان السينمائي في عام 1972 بفيلمه «ذا ماتي أفير». وحصل روسي أيضا على جائزتين في مهرجان برلين السينمائي في عام 2008 وفي فينيسيا بعد ذلك بأربع سنوات. ومن المقرر تشييع جنازته في روما غدا الاثنين.

الشرق الأوسط في

11.01.2015

 
 

الانتظار أمام بَيت الفتاة اليهودية

محمد موسى

إذا كان هاجس كثير من الأفلام التسجيلية المُهتمة بتوثيق أزمان ومناسبات عامة عابرة، هو قدرتها في القبض على "روح" ما لتلك الأزمان والمناسبات وحفظها، وكيف يمكن أن تنقل وقائع الراهن، وتقديمه عبر صور تتوخى الأمانة  إلى درجة التطابق مع ذلك "الواقع" أو الاقتراب منه، كل هذا ضمن الظروف الإنتاجية المُتاحة، والمحكومة غالباً بعناصر خارجية مُتقلبّة وزمن لا ينتظر أحداً وإمكانيات تبقى دائماً شحيحة أو محدودة، فإن فيلم "في الصَفّ لآنا فرانك" للمخرج الهولندي روبرت سخينكيل، تَمتَّع بحرية أسلوبية كبيرة، رغم أنه أيضاً يُسجل حدثاً عابراً. لكن "الحدث" الذي سجله الفيلم الهولندي يتكرر كل يوم تقريباً، ولا تُوجد فروقات جوهرية  في النفَس العام للقصص التي ترويها الشخصيات التي يبتغيها الفيلم، أو إذا تم التسجيل في الصيف أو الشتاء. في يوم واحد، أو على أزمان مُختلفة وفي أيام مُتفرقة.

من على باب البيت الشهير لعائلة فرانك، اليهودية الديانة الألمانية الأصل، في العاصمة الهولندية أمستردام، سيكون موقع تصوير هذا الفيلم التسجيلي، الذي بالكاد يغادر تلك البقعة الجغرافية المُطلّة على إحدى قنوات أمستردام (يذهب أحياناً قليلة إلى داخل البيت في مشاهد سريعة ). أما الموضوع فسيكون قصص الناس، الآتين من كل بقاع العالم لزيارة البيت. فتُسجِّل الكاميرا شهاداتهم أثناء وقفتهم في الصَفّ بانتظار دورهم لزيارة الأثر الذي صار متحفاً والتقرُّب من عوالم أهل البيت، الذين تحولوا إلى أيقونة للعذاب اليهودي في أوروبا  في القرن العشرين. فالبيت هذا، هو ذاته الذي اختبأت به العائلة لمدة عامين بعد احتلال القوات الألمانية النازية للمدينة الهولندية في بدايات عقد الأربعينات، وفي أحد غرفه الخلفيّة ستكتب ابنة العائلة (آنا) يومياتها عن الزمن ذاك، والذي يُعدّ اليوم من أشهر كتب اليوميات في العالم، إذ تُرجم إلى معظم اللغات الحيّة، ويتم استعادته كل بضعة أعوام عبر معظم الفنون المُعاصرة.

يطرح الفيلم سؤالاً بسيطاً إلى حد البداهة على الذين تم اختيارهم من صَفّ المنتظرين. لن نسمع السؤال في الفيلم، لكن بالإمكان تخمينه. هو عن دوافعهم لزيارة البيت والانتظار الطويل أحياناً في الشارع (يسمح المتحف لمجموعة محددة بالدخول في وقت واحد إلى داخل البيت القديم بسبب ضيق هذا الأخير وحفاظاً على متعلقاته). أما الإجابات فجاءت متنوعة، لكنها عندما توضع إلى جانب بعضها في الفيلم، تكاد تُشكِّل قصة عالمية واحدة للظلم والتمرُّد عليه، وأمثلة على تاريخ داميّ لبشر لم يتعلموا من أخطائهم وعثراتهم أبداً. فالعراقي الكردي وزوجته المحجبة اللذان كانا في الصَفّ، سيستعيدان قصة من تاريخ الأكراد في شمال العراق، وكيف هربا ذات يوم من بطش نظام صدام حسين، والخوف الذي تلبسّهم لأشهر. أما الفتاتان المصريتان المحجبتان فستشددان على أهمية الحرية الدينيّة في عالم اليوم، الذي يتجه  إلى مزيد من الانعزال والتضييق، وتُذكرّان بأن عائلة فرانك قُتلت لأسباب عرقية دينية. وسيربط رجل أمريكي مُسِنّ أسود كان ينتظر مع  زوجته، بين ما حصل لآنا فرانك وعائلتها وتاريخ حركة السُود في الولايات المتحدة الأمريكية.

ولعل أكثر القصص تأثيراً، تلك التي روتها هولندية يهودية كانت مع آنا فرانك في السجن النازي (قُبض على آنا فرانك مع عائلتها بعد وشاية جيران في عام 1944 وأُرسلت الى سجن ألماني وتم حرقها في أفران الغاز في يوم غير معروف من شهر مارس من عام 1945). تتذكر السيدة المُسِنَّة آنا فرانك، لكنها لا تعرف ماذا حَلَّ بها في السجن. كما تستعيد بعضاً من أهوال سنوات السجن، وكيف كانت تشاهد المئات يُساقون إلى أفران الغاز كل يوم، وأن الموت كان أمنية للبعض للتخلص من سجون لا تُوصف قسوتها. يسجل الفيلم حواراً آخر مع هولندي يهودي نجح مع أهله في الهروب من المدينة في بدايات الأربعينات من القرن الماضي والهجرة إلى أمريكا، ولم يجد الجرأة للعودة إليها بعد ذلك. سيُذكر الرجل هذا بمقدار الحظ الذي تمتعت به عائلته، على عكس عائلة فرانك الألمانية، والتي اختارت هولندا كوجهة بعد صعود النازية  في ألمانيا في بدايات عقد الثلاثينات، لكن النازية ستتبعهم إلى المدينة الهولندية، التي كان يُعرف عنها التسامح مع اليهود.

إلى جانب الشهادات الشخصية التي شكّلت عِمَاد الفيلم، يقدم هذا الأخير مقاطع من يوميات "آنا"، مقروءة بلغات مختلفة عن طريق فتيات من جنسيات مختلفة، أغلبهن بعمر قريب من ذاك للفتاة اليهودية الراحلة ( وصلت إلى الخامسة عشر من العمر)، وكن ينتظرن مع أهلهن في صَفّ المنتظرين نفسه. تحدق الفتيات بالكاميرا وهن يقرأن تلك اليوميات، لتبدو هذه المشاهد خارج سياق العملية التسجيلية للفيلم، بل تندرج، وبسبب التركيز البؤري للعدسة على الفتيات وعدم وضوح ما خلفهن في تشكيلات جماليّة مقصودة، ضمن محاولات الفيلم لتقديم مشاهد شاعرية  تخرج عن الإطار الواقعي الذي صورت به الشهادات، والتي خرجت بدورها  أيضاً عما اعتدناه من الحوارات السريعة المسجلة في أمكنة عامة، فهي تغوص قليلاً في الذاتية، باحثة عن معاني عميقة لتداعيات الأحداث التاريخية ومفاعليها المتواصلة في حياتنا اليوم.

يربط المخرج في معالجته الحساسّة المتفائلة بين الماضي والحاضر بسلاسة لافتة، فالفيلم الذي يَتَشكَّل من استعادة لمآساة معروفة، يتفتح في مناخاته، ليُقدم، عبر شهادات الزائرين بهوياتهم المختلفة، عالماً معاصراً منفتحاً ومتفهماً، هو على النقيض من ذلك الذي أحاط بالبيت الهولندي قبل ستين عاماً ونيف. هذا الخط المتفائل، يقابله آخر في الفيلم، لا ينسى المظالم الأخرى التي مرّت على البشر منذ محرقة اليهود على يد النازية، والتي نقل بعضا منها، زوار بيت عائلة فرانك في العاصمة الهولندية أمستردام، إذ كان كثير منهم ينوء تحت وِزْر الأحداث التاريخية الكبيرة التي عصفت بحياتهم.

الجزيرة الوثائقية في

11.01.2015

 
 

حنان مطاوع: الارتباط «نصيب» ولم أغلق باب الزواج

حوار - سهير عبدالحميد

قالت حنان مطاوع إنها تبحث دائما عن التنوع فى الأعمال التى تقدمها حتى لا يتم حصرها فى نمط واحد لذلك لم تتردد فى تجسيد شخصية رابحة الفتاة الصعيدية المعقدة الشريرة فى مسلسل «دهشة»، وأشارت مطاوع إلى أنها ليست لديها رفاهية اختيار الأدوار التى تحبها لكنها تحاول اختيار أفضل المعروض عليها وهذا جعل الأعمال التى تقدمها قليلة.

حنان تحدثت فى الحوار التالى عن علاقتها بوالدتها سهير المرشدى والصفات التى أخذتها منها وذكريات طفولتها فى المسرح وتعاونها مع الفخرانى ورأيها فى الزواج وأحدث أعمالها.

بداية حدثينا عن مسرحية «أنا الرئيس» التى تتقاسمين بطولتها مع سامح حسين؟

ــ المسرحية مأخوذة عن رواية «المفتش العام» وهى تنتمى لنوعية الأعمال الكوميدية السياسية التى تناقش حالة الفساد الموجودة فى المجتمع ولا تنطبق على عصر معين فقد ترينها فى العصر الذى نعيشه أو عصور مضت ومتفائلة لأننى أول مرة أقدم الكوميديا فى المسرح.

وهل سيضم العمل استعراضات؟

ــ هى لوحات بسيطة نابعة من الموقف الذى تدور فيه فأنا لست متخصصة فى هذا المجال ولا أزعم أننى فنانة استعراضية أنافس العظيمتين نيللى وشريهان.

وكيف ترين حال المسرح فى الفترة الأخيرة؟

ــ أراه مثل حال كل شىء موجود فى مصر يحاول أن ينهض ويستعيد عافيته من جديد ويداوى جراح الماضى والقيم التى تهدمت وأرى أن هناك محاولات بدأت من أجل عودة المسرح لسابق عصره خاصة فى القطاع العام وكان أهم الأشياء التى أراها حدثت خلال 2014 هو افتتاح المسرح القومى فهذا المكان صرح فنى كبير وعودته أراها هى عودة الحياة للمسرح المصرى ونحن ننتظر عروضًا تليق بهذا المكان العظيم

هل استعدت ذكريات الماضى عندما حضرت افتتاح المسرح القومى؟

ــ بالتأكيد فقد دخلت المسرح القومى مع والدى ووالدتى وأنا عمرى 6 سنوات عندما كانوا يقدمان عروضًا مسرحية على خشبته وتعلمت وقتها أن المسرح ليس مجرد خشبة وستاير لكن يأخذ أهميته من أهمية العروض التى تقدم فيه.

حدثينا عن كواليس اللحظة التى قمت بتقبيل يد والدتك الفنانة سهير المرشدى اثناء افتتاح المهرجان القومى للمسرح؟

ــ هذا التصرف شىء عادى ولا إرادى بالنسبة لى أقوم به باستمرار لأننى أحرص أن أقبل يدها كل يوم وهذا شىء نشأت عليه وعندما كنت اقدم حفل افتتاح المهرجان القومى ووالدتى صعدت على المسرح باعتبارها أحد أعضاء لجان التحكيم لم اشعر بنفسى إلا وأقوم بهذا التصرف.

لماذا لا يوجد أعمال فنية تجمعك بوالدتك الفنانة سهير المرشدى؟

ــ سبق وقدمنا سويا اكثر من عمل منها مسرحية «يوم من هذا الزمان» ومسلسل «لا أحد ينام فى الإسكندرية» والسهرة التليفزيونية «رصاصة فى العقل» فأى عمل أقدمه مع ماما يسعدنى وأتمنى تكرار التعاون معها لانها فنانة كبيرة أتعلم منها وتمدنى بخبراتها دائمًا.

وهل تتعاملين معها فى الاستديو كـ«سهير المرشدى» الفنانة أم كوالدتك؟

ــ بالتأكيد أتعامل معها كماما لأن الأصل فى العلاقة هى كونها والدتى فأنا فى طفولتى وصبايا كنت لا أدرك المكانة الاجتماعية لبابا وماما، وأذكر أن والدى الفنان كرم مطاوع توفى وكنت فى أول عام التحق به فى المرحلة الجامعية ولم أكن وقتها احترفت الفن لهذا لم اعترف بمفهوم «الواسطة».

قدمت تجربة مهمة فى رمضان الماضى من خلال مسلسل «دهشة». حدثينا عن هذا العمل وتعاونك مع الفنان يحيى الفخرانى؟

ــ فعلاً مسلسل «دهشة» من العلامات الفارقة فى حياتى فيكفى تعملى مع الفنان الكبير يحيى الفخرانى الذى تعلمت منه أشياء كثيرة على المستوى الفنى والإنسانى وسعدت جدا بالقرب منه خاصة أننى من معجباته أيضًا نص «دهشة» مختلف وصعب، كما سعدت جدا مع المخرج شادى الفخرانى الذى يتميز بالحساسية الشديدة.

وهل هذه تجربتك الأولى مع الأعمال الصعيدية؟

 ــ ليست الاولى فقد سبق أن قدمت أدوارًا صعيدية فى مسرحية نوارة ومسلسل «الحب موتا» لكن هذه المرة فالأمر مختلف لأن شخصية رابحة شخصية شريرة ولها أبعاد وتفاصيل صعبة ومعقدة خاصة فى علاقتها بوالدها الباسل وقد حاولت إتقان اللهجة الصعيدية بمساعدة متخصص فى اللهجات كان يرافقنا طوال التصوير

هل تجد نفسك أكثر فى الأدوار المركبة؟

ــ ليست لدى رفاهية اختيار الأدوار التى أحبها فأنا أحاول قدر المستطاع أن أنوع فى الأعمال التى أقدمها فتارة تجديننى أقدم دور لايت كوميدى وآخر تراجيدى وهكذا بجانب اننى أكره «النمطية».

وما رأيك فى مسلسلات ال 60 حلقة التى يحاول المنتجون فتح مواسم جديدة بها؟

ــ أرى أن هذه النوعية من المسلسلات لن تدوم طويلاً فهى موضة ستنتهى بعد فترة مثل مسلسلات الست كوم لأن الناس أصبحت تمل.

أما الشق الخاص بفتح مواسم جديدة بعيدًا عن رمضان فهذا شىء مطلوب حتى لا نترك المشاهدين طول العام يبحثون عن أعمال جديدة فيضطروا لمشاهدة المسلسلات المكسيكى والتركى.

وماذا عن الزواج؟

ـــ هو فى الأول والآخر قسمة ونصيب فعندما يأتى الشخص المناسب لن أقول لا خاصة أننى لم أغلق الباب وأنا دائمًا أؤمن أن الزواج ليس قرارًا للإنسان ولكنة قدر وقسمة ونصيب مثل الرزق والحياة والموت.

روز اليوسف اليومية في

11.01.2015

 
 

بالفيديو:

«سينماتوغراف» تنفرد بكواليس بانوراما الفساد في «هز وسط البلد»

«سينماتوغراف» ـ هشام لاشين، تصوير: منال الليثي

ينتمي فيلم «هز وسط البلد» للمدرسة الواقعية التي تربي عليها المخرج محمد ابو سيف عبر افلام ابيه المخرج الكبير صلاح ابو سيف، وان كان لم ينفذها في افلامه السابقة. انه فيلم عن حالة التوحش التي اصابت الناس في العقد الأخير من خلال رحلة في شارع من شوارع مصر، بل يمكن ان يحدث في اي محافظة مصرية. والأحداث كلها تدور خلال 12 ساعة عبر خليط اجتماعي مثل صاحب المقهي وصاحب البوتيك والصرافة والجواهرجي ورجل المرور والشحاذين وغيرهم.. 35 شخصية رئيسية .. ليس هناك بطل وبطلة تقليديان.. والسيناريو الذي كتبه نفس المخرج محمد ابو سيف يتكون من 175 مشهد وأكبر دور لايتجاوز عدد مشاهده 30 مشهدا .

الفيلم الذي صور في مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية بواسطة مهندس الديكور وائل صقر، والذي يشمل منطقة وسط البلد وتم بناؤه تسهيلا للتصوير والابتعاد عن زحمة منطقة وسط البلد الحقيقية، من بطولة إلهام شاهين، نيللي كريم، زينة، حورية فرغلي، هياتم، محمود الجندي، انتصار، اياد نصار، وامير شاهين، ومجموعة كبيرة من الشباب الذين يقدم بعضهم ادواره للشاشة لأول مرة بينما تكلفت ميزانيته 10 ملايين جنيه.

ليست هناك حدوتة واحدة بل مجموعة حكايات متداخلة كما يقول ابو سيف قبل ان يضيف قائلا: «أثناء كتابتي السيناريو لم تكن هناك خطة واضحة لكل شخصية منفصلة بل كان مايشغلني هو صهر الشخصيات كلها بتداخلها وعلاقاتها المتشابكة، وكنت اسال نفسي (هو احنا قمنا بثورة ليه) وانا اعتقد اننا قمنا بثورة ضد أنفسنا وليس ضد نظام أو رئيس.. ثورة ضد فسادنا وسكوتنا. ضد الرشوة والدعارة. ثورة ضد الفساد في التعليم والفن وكل شيئ. واعتقد أننا تخطينا مرحلة الفساد الي مرحلة العفن فترك شيئ فاسد لفترة طويلة يدفعه للتعفن وقد بدأت إرهاصات ذلك تظهر قبل 10 سنوات علي الأقل».

ويضيف ابو سيف: «عندما كتبت الفيلم كانت الجرائد تعج بحوادث من نوعية أب يقتل أبناءه لأنه لايستطيع إطعامهم، أو من يحرق نفسه أمام مجلس الوزراء احتجاجا علي البؤس والتجاهل. وقد سألني البعض ألا يجب أن تغير السيناريو بعد الثورة؟ وكان ردي لماذا؟ فلا الفساد إختفي ولا المحسوبية انتهت؟ لا شيئ تغير. نحن الآن مثلما كنا قبل الثورة.. لم يتغير شيئ .. كل مافعلناه أننا أظهرنا غضبنا ثم عادت ريما لعادتها القديمة .. وما أردت قوله عبر الفيلم أننا الفاسدون وليست الحكومات بل نحن الذين نفسد الحكومات».

ولكن كيف نشأت فكرة الفيلم في ذهن صانعه؟ يجيب ابو سيف: «كتبت الفيلم عام 2007 عن واقعة شهيرة لقيام احدي الراقصات «دينا» بالرقص امام احدي دور العرض ترويجا لأحد الأفلام وهو مانتج عنه إنقلاب في وسط البلد وضجة كبيرة. وقلت لنفسي هل وصلنا الي هذه الدرجة التي يتسبب فيها حدث تافه بكل هذه الضجة؟ بعدها كنت عضوا بلجنة تحكيم مهرجان تنظمه مكتبة الإسكندرية وكانت هالة خليل تعرض فيلمه «قص ولزق»واعجبت جدا بالفيلم وصار بيني وبينها حوار، وقلت لها انني أفكر في موضوع انت السبب في إستفزازي له وهو تصوير فيلم كامل في الشارع المصري ورويت لها قصة الراقصة فقالت لي ولكنك الآن تملك نهاية الفيلم والمهم ما الذي وصل بنا لذلك.. بمعني ماهي المقدمات التي قادت المجتمع لذلك .. فهناك رحلة طويلة للوصول لذلك.. وكانت تلك البداية لكتابة هذا الفيلم الذي اعتبر نفسي مدينا بفكرته لهالة خليل».

شخصية «حورية» التي قدمتها إلهام شاهين.. أو المتسولة.. واحدة من الشخصيات المترعة بالإنسانية والشجن وهي كما تقول: «ليست مجرد إمرأة تبيع أولادها أو تتعرض لخطفهم منها، ولكن الماساة الكبري في كيف وصلت الي ذلك خصوصا وانها جزء من نسيج عام لمجتمع وصل بها ومعها لما وصل إليه .. فالسيناريو يبدو مثل منمنات مصرية لو صح التعبير أو جرافيكي يشبه لوحة الفسيفساء فكل تفصيلة وحدها لاتكشف عن معني لكن تجميعها في لوحة واحدة يمنحها القيمة وهو ما أعجبني في هذا الفيلم منذ عرض علي. فكل مشهد في الفيلم لايتجاوز النصف صفحة والبطولة للعمل وليست لشخص بعينه وانا اعشق هذه النوعية من الأعمال».

بدوره يري المخرج ان تجربته الثانية مع الهام شاهين بعد «خالي من الكوليسترول» سببها ان الهام شاهين هي أفضل ممثلة موجودة علي الساحة اليوم علي مستوي الأجيال الموجودة كلها بلا منازع فهي لاتمثل وانما تعيش الشخصية بصدق واندماج، كما ان هناك كيمياء للتفاهم موجودة بينهما. كما يري ان لديها مساحات واسعة من الأداء وهي تستخدم كل ادوات الممثل بدءا من لغة العيون مرورا بتعبيرات الجسد والوجه وصولا للصوت. كما انها من النوع الذي يعد نفسه للمشهد قبله وهي من القلائل االلاتي يندمجن في الاداء ويصبح إيقافهن صعبا عن الإسترسال.

الأحداث ايضا تجري في نصف يوم تقريبا تماما مثل بعض افلام المخرج الأولي مثل «التفاحة والجمجمة» و«نهر الخوف» حيث ان تقديم عالم كامل في مكان واحد وفي وقت محدود رغم صعوبته يخلق قانونا دراميا وواقعيا للمكان وليس قانون هذا المجتمع المتعارف عليها وهو أمر يسمح بحرية أكثر في رسم العلاقات واعادة تشكيلها من جديد.

والمكساج في فيلم كهذا له دور أساسي حيث خصوصية الصوت والضوضاء في الشارع المصري وهو هنا يعتمد علي الإيقاع الصاخب للفيلم بحكم طبيعته أيضا. فهناك مشهد يجمع أمير شاهين وزينة مثلا يطلبها فيه للزواج وسط مشاجرة وعندما تسأله مستنكرة هو في حد يخطب واحدة في خناقة يرد عليها قائلا: «ما احنا بنعيش حياتنا كلها في خناقة.. نأكل واحنا بنتخانق ونتفاوض واحنا بنتخانق ونتزوج أيضا واحنا بنتخانق». وذلك هو نسيج الفيلم وبالتالي إيقاعه وشريط الصوت فيه.

نفس الامر في المونتاج فهو أيضا يلائم إيقاع الفيلم والسيناريو المكثف. ويري المونتير«محمد حسن» ان التركيز علي الإيقاع هنا أساسي وهو التدفق المناسب لإسلوب الفيلم ذي المشاهد التلغرافية. ولذلك فإن أطول مشهد لايتجاوز الثلاثين ثانية علي الشاشة.

أما مدير التصوير «حسام الدين محمد»، فيقدم أول أفلامه واختاره المخرج من واقع انه حاصل علي كورسات ستيدي كام وابريتور مناسب لإسلوب فيلمه حيث يتحرك في كل اتجاه وهو الإسلوب الذي يناسب شكل وإيقاع الفيلم. وقد قام المصور بارتداء حذاء البايتناج فى قدمه رغبة من المخرج في تصوير مشاهد الحركة وليحل محل الشاريوه في بعض المشاهد.

يقول حسام: «اعتمد الفيلم علي التوب لايت وعواكس لإنارة وجوه الممثلين، لأن اسلوب الإضاءة جمع بين المأساة والملهاة. فإضاءة النهار صاخبة وتلائم التناقض القائم بين الشخصيات بعضها البعض وبينها وبين الشارع، وهي اضاءة ترصد الخشونة في علاقات الفيلم حيث الظل الحاد والنور اللاطش بينما تجد اضاءة الليل اكثر هدوءا ونعومة.. بإختصار لايوجد فلاتر والوجوه بعبلها».

«زوجة فرعون» تفتتح « مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية»

«سينماتوغراف» تنفرد بتسليط الضوء بالصور على الفيلم الألماني الذي أنتج عام 1922

خاص ـ «سينماتوغراف»

أكدت الناقدة ماجدة واصف رئيس مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، أن دورة هذا العام والتي تعد الثالثة هي دورة خاصة، وسيتم افتتاحها بالفيلم الألماني «زوجة فرعون»، والذي تم ترميمه بشكل يذكرنا بأسطورة إيزيس وأوزوريس، حيث وجد كل جزء منه في دول العالم المختلفة وسوف يعرض الفيلم في حفل الافتتاح في مدينة هابو بالأقصر، وتسلط «سينماتوغراف» الضوء على هذا الفيلم الذي تم انتاجه عام 1922، وتستعرض لقطات منه مع البوستر الخاص به في التقرير التالي:

يحمل الفيلم بالالمانية عنوان «Das Weib des Pharao » أو «The Loves of Pharaoh»بالانجليزية.  وبالعربية «حبيبة فرعون» أو «زوجة فرعون» وكان من أكثر الأفلام الألمانية كلفة في ذلك الوقت وأنتج في عام 1922.

ضم الفيلم أعدادا ضخمة من الممثلين والكومبارس، والديكور الفخم والأزياء الرائعة. وكانت هناك معارك كبيرة تم تصويرها من «بالون عبر 16 كاميرا». وهو من بطولة الممثلة داجني سيرفايس والممثلين ايميل جانينجز، و بول فيجنر.

وقد فتح الفيلم شهية شركة «بارامونت» الاميركية التي عرضت تمويل انتاجه بمبلغ 75 ألف دولار وهو مبلغ كبير في وقت الكساد الاقتصادي الذي كان يضرب العالم.

ولعب بول فيجنر دور «ساملاك»، الملك الأثيوبي، وأميل جانينجز دور «الفرعون أمينيس» ..

يقدم الملك الحبشي «ساملاك» ابنته «ماكيدا» إلى فرعون مصر القوي «أمينيس» كعربون صداقة من أجل تأمين السلام بين البلدين. وما كان مقصودا به أن يكون خطوة سياسية ينتهي بكارثة. فبدلا من «ماكيدا»، يختار الفرعون فتاة جميلة يونانية من بين جواري المك الحبشي هي«سيونيس». ولا ينجح الفرعون في استمالة الجارية اليوناينة لارتباطها بحب الشاب المصري«رامفيس» الذي أنقذها من الأسر في الحبشة وأعادها إلى بلادها.

وبعد أن شعر الإثيوبيين بالمهانة قرروا إعلان الحرب على مصر ليصاب الفرعون في إحدى المعارك. ثم يعود ليسترد محبوبته ويقاتل «رامفيس» الذي ينتصر عليه ويعيش هانئا مع«سيونيس».

وقد أدخلت تعديلات على النسخة الألمانية الأصلية في النسخ الروسية والإيطالية والأميركية، حيث يظهر الفرعون في النسخة الروسية كحاكم قاس مستبد. أما النسخة الإيطالية، فأكدت على ضعف الفرعون الذي يفقد قوته نتيجة حبه للفتاة الرقيقة الجميلة. وكان هذا تصورا غير مقبول في روسيا في ذلك الوقت وتم تعديل الفيلم وفقا لذلك. وفي النسخة الأميركية ينتهي الفيلم مع رفع «رامفيس» على العرش وهنائه مع محبويته، وذلك لصالح نهاية سعيدة لتلبية تطلعات الجماهير في الولايات المتحدة الأميركية.

«الفراعنة» يتصدرون «السينما الأوروبية»

القاهرة ـ «سينماتوغراف»

أكدت الناقدة ماجدة واصف رئيس مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، أن دورة هذا العام والتي تعد الثالثة دورة خاصة تم الإعداد لها خلال فترة قصيرة.

وفي المؤتمر الصحفي الذي أقيم مساء أمس الأحد بالمجلس الأعلى للثقافة، بحضور اللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر، الناقد الفني يوسف شريف رزق الله المدير الفني للمهرجان، وليد شكري،  د. محمد كمال القليوبي، محمد أبو سعدة رئيس قطاع التنمية الثقافية بالنيابة عن د. جابر عصفور وزير الثقافة، أشارت واصف قائلة: «رغم ضيق الوقت توصلنا لبرنامج ثري جدًا من الناحية السينمائية وسوف يبدأ المهرجان بالفيلم الألماني زوجة فرعون، وتم ترميمه بشكل يذكرنا بأسطورة إيزيس وأوزوريس، حيث وجد كل جزء منه في دول العالم المختلفة وسوف يعرض الفيلم في حفل الافتتاح في مدينة هابو بالأقصر».

وأضافت ماجدة واصف قائلة: أنه سيتم خلال فعاليات الدورة الثالثة تكريم عدد من الفنانين والكتاب أبرزهم : «الفنانة لبلبة، الكاتب السينمائي الراحل فايز غالي، تكريم المخرج صلاح أبو سيف»، ونوهت إلي أنه سيتم إقامة ليالي للسينما المصرية ضمن فاعليات المهرجان، وسيتم عرض أفلام جديدة مثل «الجزيرة 2، قط وفار، ديكور، وفيلم آخر مفاجأة للحضور».

وأشارت واصف إلى أن المهرجان سيعرض فيلمين من الأوسكار أحدهما روسي والثاني من جورجيا بالإضافة لفيلم حائز على جائزة برلين لعام 2014 ولأول مرة 4 أفلام مصرية تشارك في المهرجان.

وطرحت إدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية والأوروبية، خلال المؤتمر الصحفي البوستر الرسمي للدورة الثالثة المقرر انطلاقها بدءاً من 24 وحتى 31 يناير الجاري، وتصدر «أفيش»، أو «بوستر» المهرجان في دورته الثالثة صور «الفراعنة القدماء»، حيث ضمَّ ثلاث  فتيات من الفراعنة.

وأكد «يوسف شريف رزق الله» المدير الفنى لمهرجان القاهرة للسينما المصرية والأوربية، أن المهرجان سيستضيف مجموعة من مخرجى الأفلام الأجنبية لمناقشتهم في أعمالهم التي ستعرض، موضحًا أن بعضهم استغل فرصة قدومه إلى مصر واصطحب معه زوجته وأولاده على نفقته الخاصة.

وأوضح رزق الله أنه سيتم عرض ستة أفلام للمخرج الراحل «صلاح أبو سيف»، تعبر عن رحلته الفنية الطويلة.

ولفت إلى أنه تم تخصيص مبلغ من ميزانية المهرجان لتوفير أجهزة ديجيتال حديثة، لعرض الأفلام بأفضل جودة ممكنة.

وفاة أنيتا إيكبرج أيقونة «لا دولشي فيتا»

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

أفادت وسائل إعلام محلية أن الممثلة السويدية الفاتنة أنيتا إيكبرج التي تحولت إلى أيقونة سينمائية بفضل مشهد النافورة الشهير في فيلم «لا دولشي فيتا» للمخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني توفيت اليوم الأحد عن 83 عاما في عيادة قرب العاصمة الإيطالية.

وذكرت نشرة أنسا الإخبارية ووسائل إعلام أخرى أنه بعد مرض ومشاكل مالية في الآونة الأخيرة توفيت إيكبرج في عيادة سان رافاييلي دي روكا دي بابا. ولم تذكر وسائل الإعلام سببا لوفاتها.

وولدت إيكبرج في مدينة مالمو السويدية عام 1931. وبدأت مسيرتها الفنية بعد أن توجت ملكة جمال السويد في أوائل الخمسينات. وذاع صيتها عالميا بعد أن لعبت دور نجمة الإغراء سيلفيا أمام الممثل مارشيلو ماستروياني في فيلم «لا دولشي فيتا» الذي يتناول حياة المجتمع الراقي الفاسد في روما في عام 1960.

ويعتبر مشهدها وهي تتهادى داخل نافورة تريفي بفستان أسود مكشوف قبل أن تهتف لماستروياني «مارشيلو .. تعال هنا.. أسرع» من أشهر المشاهد في تاريخ السينما.

ويذكر أن النافورة الشهيرة بنيت في القرن السابع عشر، واكتسبت شهرتها الفنية من مشهد الممثلة ايكبرج وهي تستحم فيها ضمن أحداث الفيلم الذي أخرجه العبقري فيدريكو فيليني.

سينماتوغراف في

11.01.2015

 
 

«أنا لست غاضباً» للمخرج الإيراني رضا دورمشيان يصور حال شاب إيراني أحب وثار على واقعه المرير

أنا لست غاضباً.. فقط رقبتي مدلاة عند إشارة المرور!

دبي: إبراهيم توتونجي

أنا مدمن على حبوب المهدئات ليل نهار، أبحث عن روحي، بعيدة عني، كما هي أحلام الوظيفة والمال الشريف، أبحث عن روحي، لكن المهدئات تقتلها، وتقتلني، وتقتل الكثير من الشباب من أبناء جيلي، الذين يقف بعضهم الآن لكي يتفرج على موتي، في الساحة العامة، ساحة القصاص، عند إشارة المرور، فيما بعض النساء ينتحبن والبعض الآخر يلوي شفتيه تأسفاً، أو شماتةً، والشباب الأصغر مني سناً يتناقلون مشهد إعدامي في فيديوهات تبث مباشرة على شبكات الإعلام الاجتماعي.. وأمام كاميرا مخرج الفيلم.

اسمي نافيد وجريمتي أنني أعشق سيتاري، وأنني مستعد للموت من أجل من أعشق، لكنني عاجز، عن الفوز بها، وعن التغلب على غضبي المكبوت في داخلي كبركان يتحضر للانفجار في أي لحظة، وأخاف أن يدمرني الانفجار ومن حولي.

سوف ألفُ طهران من شرقها إلى غربها، وأذرعها بخطواتي المتثاقلة تحت تأثير الدواء، وأطرق كل الأبواب، وأفتش في دفاتري عن عناوين زملاء المدرسة وأصدقاء الأصدقاء، وأستجدي وظيفة شريفة، في المدينة التي يتحدث عن إرادتها القادة في كل وقت عبر شاشات التلفاز، وعن كونها ضحية الحصار الذي يكلف كل فرد من أبنائها ومن أبناء البلاد فاتورة باهظة من العيش الضنك والمعاناة.. عليه أن يدفعها بكرامة وطنية وكبرياء الانتماء.

لحظة، هل قلت كل أبناء الوطن؟ هل يدفعها ذلك الشاب، المدلل، كريه الوجه، منفر الملامح، الذي يقود سيارته الفاخرة ويملك برجاً له واجهات زجاجية تقي من خلفها من تلوث الفضاء والنفوس، وتلوث الأفكار والأماني، وتلوث الأمل بمستقبل أفضل لمن هم في وضعي.. هل يدفع فاتورة الحصار «العادلة» قريبي الذي يتاجر بكل شيء، وتنهمر أرقام الأموال من مكالماته الهاتفية في كل لحظة؟ هل يدفعها إلا المقهورون أمثالي.. الضعفاء الذين يستغلهم أرباب العمل ويتلاعبون بكرامتهم لأنهم فقط يملكون القدرة على التحكم بأرزاقهم؟

سأضرب اليوم رب عملي الذي يهينني، ويقول أنني «حشرة» لا تقوى على شيء، سأغضب، وأستيقظ لوهلة من تأثير الأقراص، والكمه، وأهشم عظمة يده، لكنه سينتقم عاجلاً أم آجلاً ويسحقني هو ورجاله تحت الأقدام.. كحشرة!

أنا لست غاضباً، أنا لست غاضباً، أنا لست غاضباً.. عليّ أن أردد هذا باستمرار.. هكذا طلب مني المخرج، في الحكاية التي أرويها، لكي أستمر في روايتها لكم طيلة ما يقارب الساعتين.

ليست حكايتي كلها سوداء، ففيها وقت للفرح والنور المنبعث من روحي في أوقات نادرة وثمينة.

حين ألتقي سيتاري، أنتظرها عند بوابة الجامعة (التي طردت منها للأسف لأسباب لا أقوى على التصريح عنها بشكل واضح الآن)، وحين تبتسم في اللحظة الأولى التي تلمحني فيها، أشعر أنني أحلق، مرتفعاً فوق غيوم المدينة السوداء، وشعاراتها السوداء وأفكارها السوداء وأحلام شبابها المرملة وأمنيات أهاليها التي ترتدي ثياب الحداد وغيوم التلوث الداكنة وبالتأكيد فوق الأبراج الشاهقة للأموال الفاسدة.

أحلق، وأعود لكي أخطف حبيبتي على جناحيّ وأطير بها مرة جديدة إلى فضائنا السعيد. وأمنياتنا البسيطة والمتواضعة، مثل لقاءاتنا، نأكل أصابع الفطائر الهندية الحارة من عربات بيع الطعام في الشارع، نلعب البلياردو، نغني، وفي مرات، حين يأخذنا الشوق إلى من مات من أصدقائنا في أحداث التظاهرات السياسية التي تم قمعها بوحشية في 2009، نجلس على الإسفلت، في البقعة التي سقطت فيها صديقتنا ولم تقم، ونرطب الإسفلت بالماء، ونملس عليه بأكفنا. نسقي ذكراها العطشة، المتشققة، الجافة، وروحها المضطربة اللاهثة الغاضبة علها تعود من جديد.

أنا لست غاضباً، لكنني إنسان. من لحم ودم. يبحث عن الحرية، والكرامة والحق في أن يحب ويكون محبوباً، ويفوز بمن يحب، وحين يبتلعني العجز، وتصبح المهدئات باعثاً على الهلوسة.. سوف أفقد رشدي، وأقتل من يمنعني من أن أكون مع من أحب، حتى لو كان أبوها. سينفجر بركاني، في وجه هذا المسكين، وأقتله، وبدل أن أنال مرادي، سيعلقونني عند إشارة المرور ويتناقلون صور رقبتي المدلاة.

أنا لست غاضباً.. أنا فقط رويت لكم حكايتي.. هل غضب أحد منكم؟».

التوقيعنافيد، إيراني كردي أعيش في طهران، أو.. كنت كذلك!

(الرسالة متخيلة ومبنية على أحداث فيلم «أنا لست غاضباً» للمخرج الإيراني رضا دورمشيان من تمثيل نافيد محمد زاده وباران كوساري وآخرين وعرض في «برلين السينمائي» و«دبي السينمائي» و«القاهرة السينمائي» ونال جوائز عدة.)

مجلة أرى الإماراتية في

11.01.2015

 
 

سينما 2015  تقدمها: خيرية البشلاوى

هرم فيلم رعب أمريكي .. ضعيف!!

"الهرم" "pyramid" أو "هرم" فقط بدون التعريف.. فيلم أمريكي ضعيف من أفلام الرعب السهل نسيانها حيث جرعات الخوف أضعف من ان تثير الرعب وحجم التهديد المنذر لحياة الشخصيات منتهي الصلاحية. باختصار عمل مستهلك.

استوديوهات هوليود لديها ميراث عريض ومخزون مائة عام من شرائط الرعب.. وتقدم مؤثرات الصوت والصورة جعلت صناعة الايهام والوهم قادرة علي النفاذ حتي النخاع.. لقد تطور "الرعب" المصنوع المرئي والمسموع مما جعل الوسيط السينمائي قادراًعلي شل الأعصاب. وكتم الأنفاس وإلغاء الصوت في لحظات حتي يصبح الصمت سيد الموقف داخل صالات العرض وبصورة خاصة عندما تكون الفرجة علي فيلم رعب جيد. وكلما تمرس الجمهور المستقبل لهذه النوعية كلما احتاج صناع الأفلام إلي ابتكار أساليب ومهارات فنية جديدة لتحقيق الهدف الوحيد المنتظر ألا وهو "الرعب".

هوليود لديها أساتذة كبار في هذا المضمار تذكروا هتشكوك "ورومان بولانسكي" وويس جرافيس علي سبيل المثال.

وفيلم "هرم" يعتبر عملاً تقليدياً.. الإثارة التي يتضمنها خائبة والشخصيات فاشلة. عاجزة لا تقوي علي جذب المتفرج وايهامه بالخوف وبأنه مطارد من الموت والرعب من المجهول ومن الشرور التي خلفت بقايا بشر لقوا حتفهم في أزمان غابرة حاولوا ان يسبروا أغوار عالم "هرم" مجهول ولم تكن الحيوانات والقطط المتوحشة والاشباح وملك الموت و"انيبوس" وكلها صناعة كمبيوترية علي مستوي التجارب السابقة ولا تضاهي الواقع "الداعشي" الذي جعل الإنسان أكثر إثارة ووحشية ورعباً من الحيوان!!

صناعة الرعب الواقعي الذي تصدره الشرائط الإخبارية حول القتلي وقاتليهم وكيف قُطعت رءوسهم واستقرت منفصلة فوق جثثهم.. هذه الصناعة اليومية الفعلية كيف يمكن تجاوزها؟؟ وحتي "الرعب" المصنوع في "هرم" هوليود في نسخته الأخيرة لا يوفر فرصة للتدقيق في ملامحه بسبب عتمة الإضاءة وغياب جماليات الرعب في تكوينات الظلال وانعكاساتها وتشكيلات الضوء ومساحات العتمة وصرير الأصوات المفاجئة العالية الممطوطة فضلاً عن القطاعات المفاجئة.. وللانصاف توجد لحظات شحيحة من التفاعل عندما يهبط المحتوي الخيالي المصطنع إلي مضمون إنساني واقعي وذلك في اللقطات الحوارية القليلة بين عالم الآثار المشغول باكتشافه العالمي وبين المخرجة التسجيلية التي تشوهت بالجراح بفعل "عدوان" من مخلوقات مجهولة.

الإثارة التي حاول المخرج جريجوري ليفاسور أن يصدرها لنا هي إننا ازاء هرم لا يشبه أي أهرامات أخري وأنه مدفون في أعماق الصحراء المصرية علي بعد مسافة من أهرامات الجيزة ومع ذلك فإن المادة الموضوعية التي اعتمد عليها كاتبا السيناريو "داينيل ميرساند. ونيك سائمون لا تختلف عن الأفلام التي دارت في نفس البيئة المصطنعة للاثار المصرية الفرعونية في أفلام هذه النوعية التي يذكرها عشاق عالم المومياوات وأسرار العالم القديم وغزاة الكنوز المفقودة. والأهرامات والصحاري وما يموج به "كتاب الموتي" من حكايات بالاضافة إلي حكايات الكبت المقدسة المليئة بالإثارة.

الهرم المدفون في رمال صحراء الجيزة ليس سوي سجن من يدخله مفقود ولا أمل في النجاة. فالخارج مولود ولا توجد مخارج. ورحلة البحث عن طاقة نور للخلاص تتحول إلي جحيم لا يطول أحد من المشاهدين.

ماذا يبقي في هذا العمل "المرعب" من أفلام الفراعنة واقتباسات "كتاب الموتي" الذي شكل طاقة متجددة لماكينة صناعة الأفلام الغرائيبية المخيفة والسخيفة في أحيان كثيرة.

الفيلم يخلو من فكرة مبتكرة ولكنه اختار توقيتاً بعينه لرحلة الكشف الجهنمية للهرم المدفون منذ آلاف السنين توقيت يتزامن مع مظاهرات وقلاقل اجتماعية في مصر بعد ثورة 30 يونيه و3 يوليه. مما جعل أحد الجنود المصريين من حراس المنطقة واسمه "شديد" وهو عربي مستورد بلكنة ليست مصرية يصطدم مع أفراد "البعثة" التي جاءت إلي القاهرة للتنقيب عن "الهرم" في الصحراء.

أحداث فيلم "هرم" تبدأ في النصف الثاني من أغسطس 2013"!!" فهل هذا التاريخ المختار مجرد مصادفة؟؟ ونحن نري مشاهد لمظاهرات من شرائط الأخبار أم ان صناع العمل يرغبون في "حمولة" سياسية تضاف إلي عناصر "الرعب" بالاشارة ضمنا إلي 30 يونيه و3 يوليه باعتبارهما "انقلاب" وتذكروا ان الفيلم أمريكي ومن إنتاج 2014 أي بعد استيعاب صناعة لأحداث السنوات الصاخبة حيث لم تكن أمريكا بعيدة عنها بطبيعة الحال. وان كان أحد المنتجين الضالعين في إنتاجه مصرياً. ويمتلك شركة إنتاج في القاهرة. ولكن التعاون مع شركة مثل "فوكس للقرن العشرين" يمثل إغراء يجب أي اعتبار آخر بالنسبة للشريك المصري "ونفس الشيء بالمناسبة ينطبق علي ممثلين مصريين ليس لديهم مانع من الظهور في رحاب الشيطان طالما أنه "عالمياً" "أمريكياً" وعلي الرغم من ان الأحداث تتم في القاهرة إلا ان التصوير الفعلي لوقائع ما جري علي الشاشة تم في المغرب ولكن لأسباب أخري موضوعية.

القصة من الأول

عالم آثار أمريكي "دنيس اوهير" وابنته عالمة الآثار "اشلي هنيشو" ومعهما طاقم فيلم تسجيلي يضم مخرجة ومراسلة تليفزيونية ومصوراً ومهندسي "روبوت" اطلقوا عليه اسم "شورتي".

الأب ينتمي إلي مدرسة تقليدية في مجال التنقيب علي الآثار بينما الابنة تفضل الاعتماد علي تكنولوجيا الأقمار الصناعية والاستعانة بالروبوت المستعار من وكالة ناسا مقابل مبلغ مالي ضخم.

ثمة إشارة إلي صراع الأجيال "الأب - الأبنة" وصراع الحضارات كذلك ليس بعيداً أيضاً "علماء الآثار والبحث عن الهرم المدفون" في مقابل التخلف البادي في عمال الحفر والقلق السياسي الظاهر في مشهد المظاهرات.

ولكن هذه "الاشارات" الواعدة بمادة موضوعية مهمة وجديرة بالانتباه تقضي إلي مجرد "لغو" أو "فاتح شهية" وهمي فالأب يموت بفعل وحشي مجهول ينتزع قلبه خارج صدره.. والمراسلة التليفزيونية مخرجة الأفلام التسجيلية يتحول صدرها نصف العاري وجسدها إلي طعام للقطط المتوحشة ثم الهواء المسموم والفطريات القاتلة التي تتغذي علي الجلد البشري إلي جانب العتمة التي تخفي التفاصيل ومعها الأتربة المتخلفة عن انهيار الأرض والرمال التي تتساقط بغزارة لتتحول إلي فخ يحاصر من تبقي من أعضاء البعثة.

كل هذا المجهود التقني المرئي والمسموع لا يفلح في منح الفيلم دفعة تحوله من فيلم ضعيف إلي عمل مقبول.. لأنه في نهاية الأمر جعجعة بلا طحن.

المخرج جريجوري ليفاسور يفشل في أول أعماله الروائية الطويلة برغم خبرته ككاتب سيناريو في هذا النوع من أفلام الرعب فهو كاتب فيلم "التلال لها عيون" للمخرج الكسندر أجا الذي يترك موقعه كمخرج ليكون منتجاً في هذه التجربة مع رفيقه الذي يتولي الإخراج.

الشرور اللامعقولة والأحداث التي تتجاوز المعقول والمنطق داخل المغارات والممرات التي صممت علي نحو يجعلها أقرب إلي المتاهة مثلما أشار الدكتور عالم الآثار والذي انتهت حياته نهاية مأساوية في الدنيا وفي "الآخرة" أيضاً وفق تقدير الملك الفرعوني "انيبوس" الذي يزن قلوب الموتي فإن خفت موازينه لن يكون لهم مكان في مملكة الموتي ولن ينتقلوا إلي العالم الآخر.. قلب "العالم" حسب الميزان ليس "طاهرا" ولا يستحق صاحبه الحياة الأبدية بعد الموت.

الفيلم "هرم" مثال لنوعية من الأفلام يطلق عليها "Found Footage" وهي نوعية ارتبطت أساساً بأفلام الرعب وتعني ان العمل يقوم علي أثر أو بقايا أجزاء لعمل تم العثور عليه. فالدكتورة بطلة الفيلم تحمل معها كتاباً قديماً يتضمن الاشارة إلي أجزاء سبق تصويرها.. فالروبوت الذي سجل والتقط جانباً من هذا الاكتشاف يتعرض داخل الهرم إلي الدمار مما يضطر أعضاء البعثة إلي الدخول لمحاولة استرجاع الأجزاء التي انفصلت عنه وأثناء البحث تعثر علي بقايا أناس لقوا حتفهم عندما حاولوا سبر أغوار هذا الأثر الذي دفن في جوف الأرض سنوات قبل بناء الأهرامات الثلاثة.

ان أكثر العناصر التي تقلل من تأثير عناصر الرعب عدم القدرة علي تصديق الشخصيات التي تواجه مصادر الخوف وتحاول الفكاك من كماشة الشرور التي تحاصرها وعموماً لم يحقق الفيلم إيرادات مُرضية في السوق الأمريكي ولم يستقبل نقدياً بالإعجاب.. علي عكس ما سمعت من انه يحقق نجاحاً معقولاً في السوق المصري.. فهو من الأفلام قليلة الميزانية بالمقارنة بالأفلام الأمريكية المعروضة وقليل الوهج ومن الأفلام التي تسقط من الذاكرة فور الفرجة عليها.

سينما 2015  تقدمها: خيرية البشلاوى

بعد أكثر من مائة عام علي الشاشة

لماذا فشل السينمائيون المصريون في تخويف المتفرج؟!

تاريخ "فيلم الرعب" يبدأ من نهاية القرن التاسع عشر عندما حاول المخرج الفرنسي جورج ميلييه أن يغزو هذه المنطقة لاول مرة باستخدام الاختراع الجديد "الصور المتحركة".. قدم ذلك الساحر الفرنسي شريطاً بعنوان "الكهف الملعون" أو "العقد المسكون" عام .1896 

ومنذ هذا التاريخ البعيد والسينما في العالم لم تتوقف عن خلق الشخصيات المرعبة والحكايات التي تلعب علي غريزة الخوف.. فلجأت إلي الكوابيس وقوي السحر والشياطين والرعب من المجهول والاشباح التي تطارد ضحاياها في الظلام وامتلأ "البوم" الرعب بشخصيات غريبة من نوع "نوسفراتو." وأحدب نوتردام" وكاليجاري" واكلة لحوم البشر والسفاحين وتطور الوسيط نفسه مع تطور ادوات "التخويف" وقدرة الكمبيوتر علي انتاج صور ما يطأ الخيال من وحوش وأخطار فوق العادة وهجوم قوي الطبيعة الخارقة والغرباء الذين يهبطون من المساء

أفلام الرعب مع التطور المتلاحق أصبحت أكثر تعقيدا وسفسطة وصناعها الحاليون استفادوا من التراث القديم وزادوا عليه ابتكارات الحداثة التي تتجاوز ما سبق تقديمه فليس من السهل أن تخيف المتفرج بالعادي والمألوف أي بما سبق تقديمه من أشكال الرعب.. ومع تطور أدوات وعناصر الترهيب علي أرض الواقع وابتكارات قوي الارهاب بعناصره الرسمية وغير الرسمية في شكل الجماعات المسلحة ازدادت صعوبة "التخويف" وإثارة الرعب عند الشخص العادي.. اصبح علي صانع "الرعب" ان يتجاوز الشرائط التي يعرضها التليفزيون التي يصنعها من يريدون اللعب داخل "الدماغ". 

إن كل شئ حسب قناعاتي- يبدأ في "الرأس" بمعني أن علي من يريد أن يحقق الخوف ويدفع بنوعية أفلام الرعب إلي الامام أن يلجأ إلي "الافكار" التي تهز صمام الامان داخل الروح. ان تستفز الحواس للدفاع عن الوجود ذاته. فالرعب بالادوات الخارجية. وبمؤشرات الصوت والصورة وحدهما مؤقت ويزول بزوال المؤثر

يحضرني- حالياً فيلم "الآخرون" بطولة نيكول كيدمان للمخرج اليخاندرو امينبار.. واتذكر تأثيره.. فعندما يتهدد الامان وانت في عز الامان تتواري مشاعر السلام الداخلي ويبدأ التهديد من حيث لاتعرف كيف تسلل إلي عالمك! الجانب النفسي والمعنوي في التكوين الانساني هو أكثر اماكن الضعف. انه الركن الذي إن هددته أثرت الرعب لاشك.. الثبات لايهتز الا إذا اهتز اليقين

والميراث المصري في عالم الرعب شحيح جدا.. فلا تكاد تذكر تجربة قوية خرجت منها وانت تحمل آثاراً أو حتي تتذكرها نفسها

الان اصبح من الصعب فعلا إثارة الرعب علي الشاشة بالادوات العادية أو من دون أن تقتحم منطقة اللاوعي. والتفكير.. "الافكار" أكثر انفاذا من الوحوش المصطنعة. فالجن والانس تبادلوا المواقع

في طفولتي كنت ارتعد من حكايات الفلاحين حول "الشيبة" الاسم البديل للجنية في قري الشرقية. وكانت ترقد إلي جوار شاطئ البحر "الترعة" وتنادي بأصوات يعرفها من يمر عليها ثم تجره حين يقترب منها إلي أعماق الماء

صحيح أنني لم أكن قد رأيت أيا من ضحاياها ولكن الحكاية كانت تحدث بداخلي ردود أفعال مخيفة لانها تعني غياب الامان من المكان الجميل الذي أحببته. وعلي نحو واقعي لان الجميع من حولك يقرون بوجودها

الان "الشيبة" اختفت بالكامل حتي في الحكايات الشعبية. وأطفال القرية وكبارها لن ينصتوا اليها لان صوتها "أزيح" بمعني تواري من العقل الباطن العالم تطور حتي هناك واصبحت "داعش" مصدر اقوي للرعب

الافلام المصرية "المرعبة" لم تتطور ولم تخف مخلوق عند عرضها وبدت في حينها كأحد مصادر الخرافة وجسر للعبور إلي "الدين" بمفهومه السطحي والساذج دون التعمق في الايمان وجوهره

تحتاج هذه النوعية تحريك "الدماغ" والعزف علي "اوتار" اللاوعي. واكتساب حرفية الايهام وبعث بيئة خاصة تولد مزاجا كثيفا ثقيلا يحتوي المستقبل للتجربة.. ولسنا في حاجة إلي ما لا نملكه الان من مؤثرات تكنولوجية عالية التكاليف.. تحتاج إلي أفكار ومهارات عالية لصياغتها تملك القدرة علي احتواء المتفرج

المساء المصرية في

11.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)