كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

إلى الأبد: هل هذا ممكن؟

محمد هاشم عبد السلام

 

مع الاقتراب من منتصف فيلم "إلى الأبد"، نجدنا إزاء لقطة خلفية، كنا قد شاهدناها من قبل للبطل "كوستاس" (كوستاس فليبوجلو)، سائق المترو، وهو يقف في منتصف صالة الوصول مستقبلا الباب. لكننا، وعلى العكس من اللقطات السابقة بالفيلم، لا نجد بالباب أثرًا للبطلة "آنّا" (آنّا ماسكا) التي كان يتتبع خطواتها دائمًا بعد نزولها من عربة المترو وحتى خروجها من الباب الرئيسي. وقبل أن نُصاب بالارتباك تلحقنا مخرجة ومؤلفة الفيلم "مارجريتا ماندا"، بلقطة مُقربَّة لوجه البطل، فنجده وقد أغمض عينيه وأخذ يعدّ بصوت هامس، وإذ بنا نسمع على شريط الصوت وقع خطوات تعلو وتجلجل في فضاء المحطة المقفرة. ينفتح الكادر، فنشاهد آنّا وهي تسير بمحاذاة كوستا متجاوزة إياه في طريقها المعتاد وفي نفس التوقيت نحو البوابة الرئيسية.
والسؤال الهام الذي يطرحه هذا المشهد الشديد المحورية بالفيلم، والبديع في فكرته وتنفيذه، هل كان كوستاس سيقدم على متابعة آنا ثم ملاحقتها فمطاردتها كي يصارحها بحبه قبل ذلك اليوم أبدًا؟ أم كان سيلتزم الصمت إلى الأبد ولا يقدم قط على هذه المغامرة، ويكتفي برؤية محبوبته وتوصيلها كل يوم ذهابًا وإيابًا، والاطمئنان عليها من بعيد في غدوها ورواحها؟ أكان من الحتمي أن يمرض ويؤمر بالراحة كي يكسر روتين تتبعه اليومي ويُدفع دفعًا إلى الخروج من شرنقته؟ أم أن الوحدة وازدياد وطأتها عليه، وقد باتت ساعات الفراغ أكبر وأشد ثقلا من ذي قبل، هي الدافع الرئيسي؟

أسئلة أخرى كثيرة لا بد وأن تطرحها على نفسك أثناء وبعد مشاهدة فيلم "إلى الأبد"، الفائز بالهرم الفضي لمهرجان القاهرة السينمائي هذا العام 2014 بعد أول عرض عالمي له، منها تلك المتعلقة بالفترة العمرية التي يقع البطلان فيها في الحب، فكلاهما في مطلع أو في منتصف الخمسينيات. وأيضًا طبيعة ذلك الحب ومقارنته مثلا بحب لبطلين في نصف عمريهما. كذلك كيفية اقتراب كلا الطرفين، وخشيتهما منه في تلك المرحلة العمرية في مقابل الوحدة التامة المغلفّة لحياتهما. أيضًا، ذلك التردد وعدم الاقتناع في البداية من جانب آنا، التي تسخر بمرارة من أنه ليس ثمة ما يُدعى بالحب الأبدي أو معًا إلى الأبد، والتي هي على النقيض من كوستاس، الواثق تمامًا من حبه العميق لها، والذي يؤمن بأن الحب الأبدي جائز وممكن.
ثمّة أسطورة قديمة، قد تكون حقيقية بالفعل أو ربما هي مختلقة تمامًا من جانب المخرجة المؤلفة، لم نكن ندري عن كنهها أي شيء إلا عند اقتراب الفيلم من نهايته. فقط، كنا نشاهد كوستاس يمسك يوميًا، عقب عودته من العمل والانتهاء من التناول الروتيني للطعام، بميكروفون صغير ويشرع في تسجيل صوته على شريط الكاسيت. تلك الأسطورة نسمعها لأول مرة كاملة بصوته، عندما تهبط آنا الدرج ذات صباح مقتربة من باب بنايتها في حذر، خشية أن يكون كوستاس لا يزال ينتظرها أمام المنزل، دون أن يأبه بتهديدها له بطلب الشرطة لمطاردته لها كي تجلس وتصغي إليه، فإذ بها تجد آلة التجسيل فتستمع لها.

ذات مرة كانت هناك العديد من الأنهار بأثينا، كان الناس يعشقونها كل العشق، بل ويبجلونها كآلهة صغيرة. كانت تلك الأنهار الوعاء الناقل لعلاقاتهم وحبهم، الأوردة والشرايين الحاملة لدفقاتهم وصلة الوصل الرابطة بينهم وبين البحر بكل ما يحمله لهم من مدد وما يغسله ويطهره من علاقات أو ما يبتلعه من قصص. لكن، على مدى سنوات طويلة، جفت هذه الأنهار. حلّت محلها الدروب والطرقات السريعة، وبذلك صمتت مدينة الآلهة الصغيرة. وكانت النتيجة أن توقف الناس عن حب بعضهم البعض وغرقت المدينة في حزن مقيم.

بعد سماعها وسماعنا لتلك الأسطورة، تلين آنا وتسمح لمشاعرها بالانطلاق، لا سيما وقد لمست صدق وإصرار كوستاس، الذي كثيرًا ما وقف ينتظرها على امتداد يوم عملها دون أن يتزحزح من أمام كشك بيع تذاكر عبّارات السفن الذي تعمل به، ودون أن يكترث ببرودة الجو وقسوته واستدعائها لصديقها الشرطي الذي يعمل معها بالمكان. ومن ثم، نجدهما معًا لأول مرة وقد ضمهما كادر واحد وقد جلسا متقابلين في هدوء، بخلاف الكادرات السابقة التي كان يغلب عليها الحدة والمواجهة والضيق والمرور اللحظي العابر أو حتى الخوف. إذن، كان أول لقاء غرامي لهما على متن نفس ذلك الترام الذي يقوده كوستاس كل يوم والذي تستقله آنا منذ سنوات ولنفس المسافة والمحطات من منزلها إلى عملها، وليس في أي مكان آخر كمقهى أو حتى كرسي في حديقة. فقط، في وسيلة مواصلات.

بالطبع لم يكن اختيار مارجريتا لعمل كوستاس كسائق عربة مترو ووظيفة آنا كبائعة لتذاكر العبارات اختيارًا عشوائيًا. كذلك لم يكن اختيارها أو اختلاقها لتلك الأسطورة دافعه الصدفة. فصحيح أن أنهارًا كثيرة قد تكون جفت، بأي مدينة وليس فقط أثينا، وحلت محلها وسائل نقل جامدة لا تعبأ بمن تنقلهم ولأي مصير تحملهم، لكن ليس معنى هذا أن يستسلم البشر لذاك الموات، لذلك الروتين اليومي القاتل ولتلك المادية التي تسحق الإنسان وتسلمه لوحدة قاسية مميتة. وأنه دائمًا وسط كل ذلك العدم البادي في أي مدينة صاخبة، وبخاصة أثينا، التي اختارت المخرجة عن عمد أن تعزل بطليها تمامًا عن كل ما يحيط بهما ويمتّ للحياة بصلة بغية تعميق الشعور بالوحدة والحزن، ثمة دائمًا ما هو كامن تحت الركام، ينبض ويئن ويتألم ويستوحد ويتوق للحب والتواصل الإنساني.

ومن هذا المنطلق، وبالرغم من أن الفيلم يبدو للوهلة الأولى شديد الإغراق في الحزن والكآبة، وصحيح أنه نجح في أن ينقل لنا هذا على نحو بليغ وعميق وبوسائل عديدة منها بطء الإيقاع والتفتح المتمهل للحبكة وتطورها وكذلك أجواء الفيلم التي يغلب عليها الرمادي وحتى ملابس بطلي الفيلم التي لم تتغير أبدًا، إلا إننا في النهاية، ومع التفكيك الجمالي والفلسفي وكذلك للعلاقة الإنسانية بين البطلين، نجدنا إزاء فيلم رومانسي شديد العذوبة والعمق ليس مصنوعًا على الطريقة التقليدية المثيرة النفور والغارقة في كلاشيهات هذا النوع. والأهم من كل ذلك أنه يدعونا بقوة وصدق إلى الأمل، الأمل في الحياة التي تتسرّب من بين أيدينا، في الحب الذي قد يأتي بغتة وفي أي مرحلة عمرية، وفي إنسانيتنا التي بتنا نفقدها مع كل طلعة نهار في غمرة الانشغال اليومي بتأمين سبل العيش وكل ما هو مادي. إنه دعوة إذن إلى نفض التراب الذي تراكم عبر سنوات طبقة إثر أخرى فوق علاقاتنا الإنسانية دون أن نلمحه، ودعوة لئلا نخشى خوض غمار أي شيء بدافع كونه أبديًا أو غير أبدي.

لماذا تبدو أجواء اليونان، وبخاصة أثينا مغايرة في أفلامك، لاسيما السماء؟ كان هذا السؤال كثيرًا ما يوجه لأحد عمالقة الإخراج، اليوناني الراحل ثيو أنجلوبولوس. والمُطلّعون على أعمال أنجلوبولوس، وكل ما هو أنجلوبولوسي الأجواء، سيجدون أنفسهم بعد فترة من الاستغراق في الفيلم، إزاء عقد مقارنة بسيطة إلى حد ما لكن لا تخطئها العين بين أجواء فيلم "إلى الأبد" وأجواء الكثير من أفلامه، وكذلك أيضًا تيمة موسيقية بعينها تكررت غير مرة أثناء الفيلم واستخدمها المخرج الراحل. والجميل أن تلك المقارنة تؤكدها المخرجة مع تترات النهاية إذ، لأنها متمكنة قبل كل شيء ولا تخشى شيئًا، تهدي فيلمها هذا للمعلم الراحل ثيو أنجلوبولوس في لفتة عظيمة من مخرجة كبيرة، في ثاني تجربة إخراجية لها بعد فيلمها الروائي الأول "تراب الذهب".

الجزيرة الوثائقية في

07.01.2015

 
 

الفقد والاكتمال.. ثنائية الحواس

زهراء إبراهيم – التقرير

كيف ستكون الحياة لو أن البشر فقدوا حواسهم؟ وما الذي يميز الإنسان عن أي شيء آخر؟

كما تحكي القصة: في البدء، علّم الإلهُ آدمَ الأسماء كلها. وفي المنتهى، تودع البشريةُ العالمَ كما تعرفه بتحية لجميع أسمائه وأشكال الحياة فيه. النور والظلام، النساء والرجال، المرض والدواء، الطعام والعمل والزحام. العالم كما تخيلناه، وكما لن يكون بعد ذلك.

من بين العناوين المبهرة التي تدفعني دفعًا لمشاهدة أفلامها كان هذا العنوان: Perfect Sense-الإحساس المكتمل. في رحلة جارفة من المشاعر والأحاسيس المادية والمعنوية يفاجئنا هذا الفيلم بتجربة بصرية وشعورية وفكرية فريدة ومكثفة. ينتشر وباء غير معلوم المصدر، يسلب البشر من حواسهم الواحدة تلو الأخرى. ويزدهر وسط هذه الفوضى حب غير متزن بين سوزان (إيفا جرين) ومايكل (ايوان ماكجريجور)، حيث إن كليهما لديه مشاكل عاطفية تمنعه من التواصل الحميمي المستمر مع شخص واحد. في هذه الحياة المليئة بانعدام العاطفة الدافئة الأصيلة، والعالم المليء بالأشخاص الوحيدين، ينتشر وباء كجدار صلب يمنع الإنسان من التواصل مع العالم كما عهده، وتبدأ نهاية العالم من انتهاء البشرية.

لا يبدأ الأمر بالحواس التي تدرك المادة، إنه يصل لما وراءها أولًا، يضرب أعمق ما بمراكز شعورنا ويكشفها للهواء الجاف ويعصف بها حتى يستنفدها. كل ما لا نحسب وجوده ونعتبره مضمونًا ندرك فجأة أنه هو ما يبقينا على حافة الحياة، أن هذا هو ما يجمع شتاتنا وذراتنا الصغيرة حتى لا تنفرط. يتطاير النسيان الذي يغطي الأشياء التي وضعناها في ركن بعيد مظلم، تنفجر قلوبنا بالحزن، تعصف بنا أعتى الذكريات القاسية وتتركنا نحترق، ثم نفقد الشم ونفقد معه الذكريات التي لا يمكن إثارتها إلا به. الغشاء الرقيق الذي يلف هشاشتنا يتمزق بقسوة، يتلبّسنا الفزع وتنهار السكينة التي تبقينا على أقدامنا، نخاف من الوحدة والموت، ومواجهة الموت مع الوحدة سويًا، ندرك ضعفنا، وقوة الحياة التي لا تهتم بنا، ونحن نستمر في التغافل عن هذه الحقيقة لنحياها، ثم جوع بشري ضخم ينقض على كل ما في طريقه حتى نفقد الذائقة. القشرة الجليدية التي تغطي تحضرنا تتصدع تحت ضغط موجة عابرة من الغضب الشديد، نخرج أسوأ ما لدينا ونلقيه في وجه العالم قبل أن نفقد السمع. وأخيرًا، قبل أن يهبط الظلام على العالم، تملؤنا الحياة، ونمتلئ بالرغبة فيها، الرغبة في الدفء والحب والعطاء، ندرك وجودنا ونقدره، ثم نفقد البصر.

هكذا تصل الأحاسيس إلى ذروتها وتطلب الامتلاء حتى تخبو فجأة وتختفي، فلا يشعر البشر بالحرمان إلا في لحظات الإدراك الأخيرة لحقيقة ما يمتلكونه. لكن، قوة الحياة بداخل البشر تدفعهم للاستمرار. يستخدمون الأدب والموسيقى لإشعال الخيال وإثارة الذكريات، ويستخدمون الطعم القوي للتعويض عن حاسة الشم. ثم الإحساس بالملمس والحركة للتعويض عن التذوق والسمع. ثم مجرد الإحساس الخام بكل شيء للتعويض عن البصر الذي فقدوه. وفي الظلام.. يصبح البشر ملتصقين ببعضهم البعض، عشاق فقدوا حواسهم -لا أكثر- وأصبحوا يمتلكون الإحساس المثالي.

لكن، من أجل عالم مثالي لابد من فوضى عارمة. هكذا يمتحن هذا الفيلم مشاعرنا باستمرار مقلبًا إياها على اختلاف أوجهها، مع صوت إيفا جرين في الخلفية، والاختيارات الموسيقية العبقرية التي تنسج مع صوت إيفا تهويدة هادئة ومليئة بالشجن تصلح لقصة تحكي عن نهاية العالم. الكثير من البكاء والحزن والغضب والرغبة، والعلاقة بين سوزان ومايكل وتلامس جسديهما. بعد ليلة من العناق المليء بالبكاء، حينما يفقد الاثنان حاسة الشم، يقترب مايكل من سوزان ويشم وجهها، كرسالة محملة بالعاطفة. يمارسان الحب، ثم يأكلان الصابون سويًا، ويحكيان لبعضهما حكايات لا يعلمها أحد. كل محاولات الاستمرار في الحياة بعد فقدان الحواس والحكايات المختلفة عن هذا الثنائي، أو عن العالم، والصور الكثيرة المليئة بالبشر في أشكال وهيئات وأفعال مختلفة هي تجارب حياتيّة مكثفة في وحدة صغيرة من الزمن. قد تشعر لأول مرة ببطء انسيابية المشاهد، لكنه ليس للمشاهدة لمرة واحدة فقط. ولا يناقش الفيلم التغيرات العالمية الناتجة عن انتشار هذا المرض، اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية أو بيئية، بل يركز على الأحاسيس وتأثير فقدانها على علاقة الحب الأساسية.

الغريب في الأمر أن الفيلم لم يأت على ذكر الانتحار، أو الموت، أو الرغبة في اعتزال هذا العالم الغارق في الفوضى والذاهب بخطى حثيثة نحو نهايته. انقسم البشر إلى مجموعتين فقط: الفئة التي تكتسب قوة من ضعف الجموع، فتسرق ثم تهرب. والأخرى، التي تستمر في الحياة؛ لأنها لا تعلم كيف ستتصرف إن توقفت الحياة قليلًا. كأنك بمشاهدتك لهذا الفيلم تحمل درعًا في وجه كآبتك ولحظات التطلع في الفراغ، وتفكر لبعض الوقت فيما لو لم يكن الموت أمرًا مطروحًا. إن البشر هنا لا يعرفون الهرب، مدفوعون دائمًا بفعل قوة أكبر منهم، قد تدعى الرغبة، أو التمسك بالحياة وإن ظهر نقصانها، وربما التعلق بما تبقى من الوجود.

التقرير الإلكترونية في

07.01.2015

 
 

"حاضنة الشمس".. وميلاد ثورة

أمير العمري

قبل بدء فيلم "حاضنة الشمس" للمخرج السوري عمارالبيك، تظهر لافتة على الشاشة، تقول كلماتها إن هذا الفيلم ينتمي إلى مجموعة من الشباب الذين "سيصورون أفلامهم بإنفاق قرشهم الأخير عليها، من دون أن يسمحوا للروتينيات المادية للمهنة بأن تصادرهم".  وهكذا يحدد لنا البيك أن فيلمه صوِّر بإمكانياته الذاتية، وباستخدام أفراد أسرته الصغيرة بديلا عن الممثلين: زوجته وابنته الطفلة الرضيعة حديثة الولادة، وهو نفسه. وعبر مراحل عدة، أنجز البيك فيلمه منطلقا في البداية، من رغبته في توجيه التحية لشباب الثورة المصرية الذين أدهشوا العالم بصلابتهم في ميدان التحرير في قلب القاهرة خلال ثمانية عشر يوما، ثم الربط بين الثورة المصرية، والثورة التي كانت وقتها، في بداياتها الجنينية في سورية، ثم استخدام لقطات تُصوِّر ولادة طفلته الرضيعة "شمس"، كمعادل رمزي لفكرة "الولادة".

والحقيقة أن الموضوع الرئيسي الذي يرمز إليه الفيلم بأسره هو موضوع الولادة، ولادة الثورة، ولادة فكرة التمرُّد والغضب، ولادة الطفلة كرمز للقادم المشرق، للشمس التي ستخترق السحب التي نراها في اللقطة الأخيرة من الفيلم، كثيفة توحي بأن شيئا ما غامضا يختفي خلفها، لكن الفيلم ينتهي باللقطة التي نرى فيها الطفلة شمس داخل الحضّانة التي يوضع فيها الأطفال الذين لم يكتمل نموهم بعد، وكأنه يقول إنها ستكون رمزا للبداية البسيطة غير الواضحة، غير المكتملة إلى أن تتمكن من محو الغيوم، وحينها لابد أن تنتصر للثورة.

يتكون الفيلم من مشاهد محدودة. ويبدأ في اللقطة الأولى بعد نزول العناوين، بداية تمهيدية رمزية أيضا، فنحن نرى يدين تغتسلان بالماء من صنبور الحوض في الحمام، لشاب هو المخرج نفسه، وهو يغسل يديه المصطبغتين بالأحمر القاني، بلون الدم، وقد يتسلل إلينا الانطباع بأنه الدم، لكننا بعد قليل سندرك أن اللون ما هو إلا الصبغة الحمراء التي كُتبت بها لوحة تحمل ثلاث كلمات فقط هي "إرحل... الحرية لمصر".

مشهد غسل الأيدي يمهد لما سيقع من تضحيات بالدماء لاحقا، في خضم الانتفاضة الثورية الأولى في سورية. ونحن نشاهد اللقطة وما بعدها على خلفية شريط الصوت الذي تتردد عليه هتافات الشباب المصري في ميدان التحرير والتي تنادي برحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة. وتستمر الهتافات بينما تقوم الأم بتنظيف الطفلة في الجانب الأيمن من الشاشة، ونرى على الجانب الأيسر، جهاز التليفزيون ونشاهد على شاشته لقطات حية من القاهرة لشباب التحرير. اللقطات طويلة، وثابتة، والكاميرا تتخذ لها مسافة من المنظور   object أي جهاز التليفزيون، فنحن لا نشاهد لقطات مظاهرات التحرير أو حتى لقطات أول شهيد في الثورة السورية – وهو الطفل حمزة الخطيب - التي نراها بعد ذلك عبر شاشة التليفزيون أيضا، فالأسلوب الذي يتبعه الفيلم، أسلوب يوحي بالتأمل، بالرغبة في الفهم، بالدهشة، بالصدمة، بالتفكير العقلاني وليس بالانفعال العاطفي، ولذلك فاللقطات تظهر من على مسافة ما تتيح التأمل.

عندما يبث التليفزيون لقطات لحمزة الخطيب الذي أطلق عليه عسكر النظام السوري الرصاص في بطنه وصدره، يركز المخرج أكثر على تصوير رد فعله مع زوجته، وهما جالسان أمام التليفزيون يتناولان الطعام، لكنهما لم يستطيعا الاستمرار في الأكل، تصيبهما غصة، فيحدقان في صدمة إلى الصور، ويستمعان إلى صوت الناشط السياسي وهو يشرح كيف تم تعذيب الصبي بطريقة وحشية بل وكيف قطعوا عضوه الذكري قبل أن يطلقوا الرصاص عليه من مسافة قريبة
تستمر الهتافات في التحرير في الجزء الأول من الفيلم، حتى ونحن نرى شاشة التليفزيون سوداء أي بعد إغلاق الجهاز، بينما الزوجة تعلق اللوحة الحمراء على مقبض الباب قبل أن تغادر البيت للانضمام إلى المسيرة الشعبية التي ستنطلق في دمشق تأييدا للثورة المصرية، وبعد أن يكون عمار البيك، المخرج، الذي يظهر حاملا طفلته، قد غادر المنزل بالفعل، ولاشك أن المخرج يقدم صورته كشاب سوري لا ينبغي للمشاهد المحايد أن يعرف من هو تحديدا وعلاقته بالفيلم، والمعنى المقصود أن الهتافات أصبحت جزءا من الحالة النفسية للعائلة، ولم يعد يهم ظهور الصور من عدمه، فهي مستمرة في الذهن والذاكرة والوعي.

الكاميرا ثابتة في معظم اللقطات، لا تتحرك إلا في المشهد الأخير، الذي يعود فيه المخرج إلى اللقطات التي تسجل ولادة ابنته "شمس"، هنا تتخذ الكاميرا زوايا متنوعة، وتتحرك حركات سريعة، فهذه لحظات الميلاد، بكل ما تحمله من زخم، ومن حيوية وتوتر وقلق وارتباك

ولعل من الملفت للنظر أن عمار البيك يطلق على فيلمه "حاضنة الشمس" وليس "حاضنة شمس" فالطفلة هنا ترمز الى ما هو أكبر منها، أي إلى عالم جديد ستشرق شمسه مهما بلغت التضحيات

يهدي البيك فيلمه إلى الشهداء الثلاثة الأوائل: محمد البوعزيزي في الثورة التونسية، وخالد سعيد في الثورة المصرية، وحمزة الخطيب في الثورة السورية. والفيلم يبدأ بالمطر وينتهي بالغيوم، وتتوقف الصورة على تلك الغيوم الكثيفة التي تحجب المستقبل. وينتهي الفيلم بعد 11 دقيقة يلخص فيها المخرج إحساسه ويعكس رؤيته الأولية ويحاول التفاعل مع الأحداث التي هزت مشاعره، في مصر وسورية، من دون كلام ولا صراخ وانفعالات أو حتى مشاهد مباشرة للعنف، فقد كان اهتمامه منصبا على التأمل ورصد رد الفعل، فالزوجة - الأم تغادر لتنضم إلى زوجها وابنتها في المسيرة التي نعلم - من خارج الفيلم - كيف تم قمعها على أيدي قوات النظام، وهو القمع الذي لم ينجح في وقف الثورة بل زادها اشتعالا.

جدير بالذكر أن الفيلم أُنجز في البداية بعد أربعة أشهر فقط من الثورة المصرية في يناير 2011، ثم استكمله المخرج مع اندلاع المظاهرة الأولى في درعا التي سقط فيها الشهيد حمزة الخطيب، وما تلاها. وقد عُرض الفيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي 2011 وحقق صدى جيدا. وقد انتهى عمار البيك أخيرا من إنجاز فيلم جديد بعنوان "نور" سيعرض في الدورة القادمة من مهرجان برلين السينمائي التي ستفتتح في الخامس من فبراير- شباط القادم

الجزيرة الوثائقية في

08.01.2015

 
 

من الكِتاب إلى السينما: "ليبارك الله فرنسا"

ندى الأزهري - باريس

مُتعدّد المواهب، مُغني راب شهير وشاعر وكاتب وها هو اليوم يُحقِّق أول  فيلم سينمائي.

عبد المالك، "ريجي" سابقا، كان جانحا من سكان الضواحي الفرنسية. بعد فترات من التخبُّط والبحث عن الذات وعن هدف للوجود، اختار طريق الإيمان والتصوف. في كتابه " ليبارك الله فرنسا" الصادر عام 2004 في فرنسا، سردٌ لسيرته الذاتية و طريقه على درب الإسلام. لم يكن يفكر في بداية الأمر بتحويل الكتاب إلى فيلم لكن "قوة السينما" هي التي جذبته. فالسينما هي "هذا الفن الذي يتحلّى بقدرة إنسانية كبيرة، ويسمح بالتوغل خلف المظاهر، ليبيّن أن الكائنات تعمل بنفس الطريقة" كما يقول في لقاء معه. تجربته السينمائية الأولى بإخراج السيرة كانت بهدف نقل نظرة أحد أبناء الضواحي، نظرة من الداخل تبدي صورا حقيقية بعيدة عن تلك النمطية وعن الأفكار المسبقة التي تحيط بسكان هذه المناطق المهمّشة.

في " ليبارك الله فرنسا" ( Qu'Allah bénisse la France) الذي يُعرض في دور السينما الفرنسية هذه الأيام، بدا تأثر عبد الملك واضحا بفيلم علّم السينما الفرنسية كأول عمل يُظهر الضواحي الفرنسية بواقعها الصادم وحياة أبنائها الشباب المنغمسين في الجريمة والفراغ  والعنف. بيد أن فيلم " الكراهية"    (La Hain 1995)لصاحبه ماتيو كاسوفيتز ( Mathieu Kassovitz) لم يجعل من  الإسلام موضوعه، بل إنه لم يتطرق له حتى رغم كثافة حضوره في الضواحي. لعل ذلك يعود إلى أنه لم يكن على هذه الدرجة من التأثير التي يملكها اليوم.

أم مكافحة وأبناء على هواهم

ريجي" المراهق وأخواه يعيشان في إحدى ضواحي مدينة ستراسبورغ مع والدتهما المسيحية، أم مكافحة قادمة من الكونغو. يمضي وقته بين المدرسة والسرقة وترويج المخدرات والمشاغبة، سلوك شبان الضواحي "التقليدي" كما يصوَّر على الدوام، وكما يصل عبر الإعلام. بيد أن "ريجي" يتحلى بخصلة نادرة في هذه الأجواء، فحبّ المطالعة يجعل من الكتاب رفيقه الملازم له حتى بعد عملية سرقة عجوز وتقاسم الغنيمة. إنه كذلك مهتم بالإسلام.

يُقسم السيناريو، الذي كتبه عبد المالك أيضا، إلى مراحل تركت كل منها أثره  في حياته ووجهته نحو طريق الخلاص من عيش محكوم عليه بالفشل والضياع. كان أولها لقائه مع أستاذة الفلسفة في الثانوية التي كانت دروسها حافزا له للتأمل الوجودي، ثم جاءت صدمته عند تصفية عصابة من الحيّ لأحد معارفه الشباب وهو شقيق محبوبته الفتاة المغربية (صابرينا وزّاني) التي فتحت عيناه على التجربة الصوفية، وكان استماعه فيما بعد لخطبة الإمام في المقبرة عند دفن الشاب العامل الحاسم الذي دفعه لاعتناق الإسلام. أحداث شكّل أحدها تلو الآخر، إضافة إلى عشقه الثابت للموسيقى وللتأليف الموسيقي، منعطفا كان يقربه أكثر فأكثر من روحانية الإسلام وتسامحه وتقبُّله لكافة الأطياف والألوان.

بين الكتاب والفيلم

قد يرى قارئ الكتاب أن السيناريو لم ينجح في التعبير بالعمق المطلوب عن التحولات الجذرية في الشخصية، فيفاجئ بها ولا يقتنع تمام الاقتناع بدوافع الفتى. يشهد المشاهد تطور الشخصية دون أن يرافق تماما هذا التطور، كما أنه يشعر بفراغ السيناريو رغم غنى الكتاب. يركّز الفيلم، كما السيرة، على تفرد تجربة عبد المالك ونجاحها في محيط يسيطر عليه الفشل والانحراف وأصدقائه خير مثال. وتبدو شخصيته القوية الواثقة التي تفرض نفسها على الآخرين وعلى الظروف بمثابة عامل حاسم في تحكمه بمصيره، لكن الممثل (مارك زينغا) الذي أدّى الدور لم يبدُ على الدرجة المطلوبة من قوة الحضور.

ربما تكون تلك أمور لا ينتبه لها حقا من لم يقرأ الكتاب وأعجب بعمقه وتابع مع بطله تساؤلاته وحيرته وتحولاته. تلك هي دائما مشكلة نقل العمل الأدبي. هنا تمحورت هذه على صعيد المضمون، لكن الفيلم نجح على صعيد الشكل. فالمخرج بدا مهتما بالهمّ الجمالي واختار التصوير بالأبيض والاسود، صحيح كان هذا كنوع من التكريم لفيلم "الكراهية" الذي ترك أثره الكبير عليه، لكنه باختياره أضفى جمالية و أجواء خاصة على شخصياته وأحداثه. لقد استعان عبد المالك بـ" بيار عايم" مصور" الكراهية"، "فكانت أجواء العمل وزوايا التصوير والكادر تحيل إلى ذلك فيلم لكن دون أن تكون مقلدة له. و لعبت الموسيقى التصويرية بجودتها و بتنوعها، حيث جمعت بين الموسيقى الإلكترونية (لورانت غارنييه) وأغان لشريكة عبد الملك الحالية وموسيقى الراب المؤلفة خصيصا للفيلم، دورا في فهم بعض من أبعاد الشخصية ومحيطها، كما بدا ديكور الأمكنة الداخلية والخارجية أقرب ما يكون إلى الواقع.

صور الفيلم في ضاحية ستراسبورغ حين نشا عبد المالك واستغرق تحضيره ستة شهور لكن فترة التصوير لم تتجاوز الشهر. فيلم من الأفضل ألا تقرأ الكتاب قبل مشاهدته لأنه هذا  يبخسه حقه بعض الشيء!

الجزيرة الوثائقية في

08.01.2015

 
 

«ميستا» أحلام الفنان الجزائري وإحباطاته

«سينماتوغراف»: وردة ربيع ـ الجزائر

«لم يتغلب الفن على الإرهاب».. جملة بدأ بها المخرج السينمائي الجزائري «كمال يعيش» نقاشة مع الصحافة أمس عقب عرض فيلمه «ميستا»، معقبا بأنّه ركزّ في موضوعه على الفنان وأحلامه الضائعة في دهاليز العشرية السوداء، وأنّه قدمه بصورة واقعية وبقراءته الخاصة بغض النظر عن التفاصيل الصغيرة التي تضمنها العمل والتي قال عنها إنّها غير مهمة، بقدر ما تهمّ الأشياء الأساسية كتأثير الإرهاب على الفن وطموحات أهله بصفة خاصة والمواطن الجزائري بشكل عام.

وأوضح «كمال يعيش» في اللقاء الذي تم مباشرة عقب العرض الخاص لفيلم «ميستا» المخصص للصحافة أمس، بقاعة ابن زيدون برياض الفتح بالعاصمة  الجزائرية أنّ الفيلم يدرج ضمن فئة الأعمال الواقعية انطلاقا من القصة المعالجة برؤيته الشخصية وبقراءته ولم يستثن نسبة التطرق إلى الإرهاب، حيث سلّط عليه الضوء كما بقية القصة الأخرى المتعلقة بطموح «مراد» الشخصية الرئيسية عبر طلقات الرصاص وصوت القنابل وتهديدات الإرهابيين والذبح وغيرها.

وأكد في السياق ذاته ارتكازه على أداء الممثلين عبر لحظات الصمت والحوارات الطويلة التي غلب عليها الطابع المسرحي، مع توجيههم بطريقة موضوعية. وعن العنوان«ميستا»، أشار «يعيش» إلى أنه عبارة عن مكان اجتماع أو لاختلاط الناس على الهامش.

أما بالنسبة لقصة الفيلم، فقال «يعيش» أنه مقسم إلى جزأين، الأول يحكي حياة «مراد» مع العائلة والمجتمع والعمل وأحلامه وآماله التي حطمها الإرهاب، والثاني يتعلق بالشاب «سمير» الممثل المسرحي الذي يعيش للفن ويأمل في أن ينتج أول مسرحية مقتبسة من كتاب «zoo story» بطلاها «جيري وبيتر». وكشف أن ما قدمه لم يحمل انتقادا للفنان ووضعية الفن في الجزائر، بل صور حياة بسيطة لأفراد بسطاء، يرغبون يوما أن يكونوا ما يريدون.

و«ميستا» أول فيلم سينمائي جزائري يقدم في عام 2015، ويعد أول تجربة في مجال الفيلم الروائي الطويل للمخرج كمال يعيش، حيث سبق له العمل في مجال المسرح، حياة «مراد» (دحمان عيدروس) رجل يعيش بحي شعبي، بالجزائر خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي، يشتغل في مقهى «ببلكور» نهارا ويبيع الخمر ليلا على الشاطئ رفقة أصدقائه، ليعيل عائلته، وسط تهديد الإرهابيين له، حيث يهدده أخوه «الارهابي» المطلوب لدى العدالة، بالقتل. انغمس مراد في الرتابة منذ عدة سنوات ليجد حياته تقلب رأسا على عقب، بين عشية وضحاها، حينما يتعرف على شاب «سمير» في مقتبل العمر، مثقف ومسرحي، كان قد أنقذه من الغرق في ليلة سمر. وتشاء الظروف أن يعرض «سمير» على «مراد»، المشاركة في مسرحية عن نص «زو ستوري» لإدوارد آلبي، فبعد تفكير طويل يقبل بالفكرة، ويبدأ العمل، وفي موعد عرض المسرحية بالمسرح الوطني، يشاء القدر في النهاية أن الحلم الذي لم يبق له سوى لحظات، يتوقف بعد أن ذبح الإرهاب صديقه العزيز ورفيق دربه مساء العرض.

شارك في العمل الذي أنتجه يوسف سنان عن مؤسسة «كويرات للإنتاج» بالتعاون مع الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ووزارة الثقافة، كوكبة من الممثلين تتقدمهم «رانيا سيروتي» في دور «زوجة مراد»، «نبيل» (فوزي صايشي)، «سمير» (مراد أوجيت)، إضافة إلى الممثلة نادية طالبي وأمين بوشملة، أحمد بن عيسى في دور «الحاج المختار»، عزيز بوكروني، وآخرين.

مورجان فريمان الواثق صاحب النظرة العميقة

«سينماتوغراف» ـ أميرة لطفى

يعد الممثل المبدع والكبير مورجان فريمان واحدا من أكثر الشخصيات احتراماً وموهبة فى السينما الامريكية الحديثة. لمعت موهبته خلال الـ 50 عاما الماضية ليصبح كما يقول النقاد عنه كاللاعب المحترف فى التمثيل والانتاج أيضا، وواحدا من أهم نجوم الصف الاول فى هوليوود الذين إعتلت افلامهم قائمه البوكس أوفيس. وبالرغم من ذلك، يعتبر مظلوما جداً في نصيبه من الجوائز سواء الأوسكار أو غيرها. فقد تم ترشيحه لجائزة الأوسكار خمس مرات وفاز بواحدة فقط. ويطلق على النجم مورجان صاحب الصوت العميق والهاديء، وصاحب الشخصية المسيطرة والقائدة، الرزين.

ولد مورجان بورترفيلد فريمان في مدينة ممفيس بولاية تينيسي عام 1937 أي أنه يبلغ من العمر 77 عاما.

ونشأ في بيئة فقيرة لكن ذلك لم يمنعه من دخول السينما. فقد كان يحصل على قيمة التذكرة من بيع علب البيبسي والكوكاكولا التي يعود ليلتقطها مرة أخرى بعد أن يرميها الناس ليكسب بعض السنتات من قيمة استرجاعها.

إنه ممثل بالفطرة، بدأ يؤدي بعض الأدوار التمثيلية منذ طفولته وكان يحلم بأن يصبح مثل الممثلين المشهورين الذين كان يشاهدهم في السينما عندما كان يذهب اليها  كل يوم ويعتبرها والافلام ملجأه الآمن.

 بدأ التمثيل فى فتره السبعينيات من القرن الماضي، وكان أول أفلامه «من يقول إنني لا أستطيع ركوب قوس قزح؟» إلا أنه لم يقم بعد ذلك بأي دور سينمائى لفترة طويلة.

ومن يتابع الأعمال الأولى لفريمان بشكل عام يجد أنه لعب أدوارا بارزة في العديد من الأفلام الروائية وأغلبها كان يقوم فيها بدور الممثل المساعد وليس البطل الرئيسى للفيلم. إلا أن أداءه جعله يكتسب سمعة جيدة لرؤيته الثاقبة والحكيمة، للشخصيات التى يوافق على أن يؤديها على الشاشة والتى جعلت منه نجما كبيرا.

وتعتبر بداية مورجان فريمان والتى لفتت اليه إنتباه النقاد ورفعت من شعبيتة علي مستوي الجمهور دوره في فيلم «Street Smart ـ ابن الشارع» عام 1987 والذى تدور أحداثه حول قصة حقيقية تتعلق بحياه الجريمة ورُشح عنه لأول جائزة أوسكار فى حياته. وبعد هذا الفيلم توالت إبداعات مورجان فريمان التمثيلية فى افلامه  المتوالية ولكنه بعد النجاح الكبير الذى حققه فيلم «ابن الشارع» اسندت له ادوار البطوله فى الافلام التى يشارك بها ومنها فيلمه الناجح«Driving Miss Daisy» أو «قيادة الانسة ديزى» عام  1989والذى حصل عنه على جائزة الغولدن غلوب كأفضل ممثل وترشح عنه لجائزة الأوسكار أيضا.

كان«Se7en» عام 1995 من أهم الافلام التى مثل فيها مورجان فريمان. وفى تقييم النقاد انه فيلم اكثر من رائع وأنه من الافلام التى لن تمحى من الذاكرة أبدا، وأن أداء مورجان فى دور المحقق المخضرم كان بمثابة التون الخاص الذى حدد نغمة وايقاع الفيلم. فقد كان بارعا فى أداء دور المحقق بنظراته العميقة الواثقة واستطاع أن يكشف لنا ما يمتلكه من حدس سوداوي صائب تجاه ما يقابله من جرائم، وكأنه استطاع النفاذ لذلك الشر القاتم داخل النفس الإنسانية.

ويذكرنا ذلك الحدس الغامض المنذر بالنهاية القاتمة التى كان يرددها بصوته الهادىء طوال أحداث الفيلم بتلك الموسيقى التصويرية التي كانت تسبق ظهور القرش دائما في أفلام المخرج الكبير «ستيفن سبيلبيرج».

وكتب عن هذا الفيلم انه نادرا ما كان هناك فيلم مع مثل هذا الجو المظلم الذى إقشعرت له الأبدان. وعلق عليه البعض بالقول إن أحداثه المثيرة توحى بأنه فيلم رعب أكثر من أن يكون فيلما دراميا. ويشير الفيلم في حكايته الى سبع خطايا مميتة حول قيام سفاح مثقف ومحنك بمعاقبة سبعة اشخاص كل واحد منهم يمثل واحدة من تلك الخطايا.

وقد كتبت النيويورك تايمز ان وجود مورجان زعيم السجناء في فيلم «Shawshank Redemption  ـ اصلاحية شوشانك» هو ما أعطى الفيلم عمقاً وتأثيراً حيث أبدع في كل كلمة قالها ويعتبر هذا العمل من أفضل الأفلام فى تاريخ السينما الأمريكية. ولايزال الكثيرون حتى الان يرددون بعض جمل مورجان بطريقة ادائه المبهرة والتى كانت الأفضل فى كل ألامه.

والمتابع لأفلام فريمان يجده يتميز فى أداور المحقق. فأداؤه كالعادة واثق، وهادئ ووقور، وقوي بصوته المميز العميق القادر على أن يسلب المشاهد حواسه ويجبره على التركيز في كل مشهد يظهر به وأن يعجب به لا إرادياً.

وفريمان ملائم جداً لهذا النوعية من الأدوار، فهو يعشق تلك الشخصيات القوية المسيطرة الحكيمة الهادئة ويعرف كيف يقدمها في كل فيلم بوجه مختلف عن الآخر. وقد قدمها بعدة أشكال سابقاً، فمن قائد عسكري في جلوري إلى سائق متفان في قيادة السيدة ديزي الى الفارس العربي في روبين هود أمير اللصوص.

كما استطاع مورجان فريمان أن يخطف الأضواء عند تجسيده لشخصية الزعيم الإفريقى الراحل«نيلسون مانديلا» فى فيلم «Invictus».

فلا يمكن لأحد أن ينسى أداء النجم الاسمر مورجان الصوتي والحركي الرائع كمدرب ملاكمة في فيلم «Million Dollar Baby ـ فتاة المليون دولار» 2004، من إخراج وبطولة كلينت إيستوود، والذي تدور أحداثه حول مدرب الملاكمة كبير السن الذى  يحاول مساعدة فتاة ملاكمة هاوية لتصبح محترفة. وقد فاز الفيلم بأربع جوائز أكاديمية من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وجائزة أفضل ممثلة لهيلاري سوانك وأفضل مخرج لكلينت إيستوودو وأفضل ممثل مساعد لمورجان فريمان.

وقد قام مورجان فى عام 1993 بإخراج الفيلم الدرامى «بوبها» الذى تقع أحداثه فى جنوب أفريقيا أثناء مرحلة الفصل العنصرى وحقق الفيلم نجاحاً فنياً كبيراً، وضم مجموعة من الممثلين الأمريكيين السود المهمين، وفى مقدمتهم دنزل واشنطن ودانى جلوفر وألفرى وودارد، وهو الفيلم الوحيد الذى أخرجه فريمان حتى الآن.

وعن حياته، يقول مورجان فريمان «انا اؤمن بأن هناك لحظات في حياتنا تحتم علينا تغيير الطريق، نحن لدينا الحرية لنختار الطريق الذي نريد أن نسلكه ولكن الطريق الواحد دائماً ينقسم ويتفرع لعدة طرق. في اللحظة التي تختار فيها طريقك إعلم أن العناية الالهية ستكون هي مرشدك».

ويحافظ فريمان دائما على أناقة شعره الفضي اللون والذقن الصغيرة المميزة، كما أن كما لو كان يسير يوميا على السجادة الحمراء.

20 فبراير المهرجان الوطني للفيلم المغربي

أكثر من 20 فيلما جديدا تتنافس على 15 جائزة بقيمة 540 ألف درهم في الدورة السادسة عشرة

طنجة ـ خاص «سينماتوغراف»

أعلن المركز السينمائي المغربي أن الدورة السادسة عشرة للمهرجان الوطني للفيلم ستنظم بمدينة طنجة بين 20 و28 فبراير المقبل، بمشاركة عدد مهم من الأفلام المغربية الروائية الطويلة والقصيرة الجديدة، وأن آخر موعد لتقديم طلبات المشاركة في المسابقتين الرسميتين للمهرجان «الطويلة والقصيرة» هو 16 يناير 2015.

ويتضمن برنامج هذه الدورة، بالإضافة إلى عروض مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة، ندوات صحفية، ومائدة مستديرة، تناقش موضوعا يتعلق بالقطاع السينمائي الوطني، وتقديم الحصيلة السنوية لسنة 2014، قبل حفل توزيع جوائز المهرجان، البالغ عددها 15 جائزة بقيمة 540 ألف درهم.

 كما سيشهد المهرجان تنظيم أنشطة موازية، سيجري خلالها تكريم وجوه سينمائية مغربية، واستحضار أخرى رحلت هذه السنة، من أبرزها محمد البسطاوي، صاحب الأدوار المتميزة في السينما المغربية.

ومن المنتظر أن تشهد المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة عرض أكثر من 20 فيلما طويلا، من بينها الأشرطة المغربية، التي عرضت بمهرجان مراكش الدولي، سواء في المسابقة الرسمية أو في فقرة «خفقة قلب»، ويتعلق الأمر بأفلام «جوق العميين»، لمحمد مفتكر، و«نصف سماء»لعبد القادر لقطع، و«رهان مثير» لمحمد الكغاط، و«كاريان بوليوود» لياسين فنان، و«إطار الليل» للمخرجة المغربية العراقية تالا حديد، إضافة إلى فيلم «الحمالة» لسعيد الناصري، الذي عرض على هامش المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.

كما ستعرض الدورة العديد من الأفلام المغربية الجديدة، مثل «البحر من ورائكم» لهشام العسري، الذي مثل المغرب في مهرجان دبي السينمائي، و«الأوراق الميتة»، ليونس الركاب، الذي عرض لأول مرة في مهرجان سلا لفيلم المرأة، و«الوشاح الأحمر»، لمحمد اليونسي، و«أفراح صغيرة»، لمحمد الشريف الطريبق، و«عايدة» لإدريس المريني، و«الشعيبية» ليوسف بريطل، و«دموع إبليس» لهشام الجباري، و«أوركسترا منتصف الليل» لجيروم كوهين أوليفير، و«مستر دلاس» لمحمد علي مجبود، و«ليلى» لأحمد بولان، و«المتمردة» لجواد غالب.

سينماتوغراف في

08.01.2015

 
 

فيلم "جدار الصمت" ومحاولة النفاذ إلى المحظور في السينما المغربية

بلال بلحسين *

نادرة هي الإنتاجات الفنية التي تسحبك إلى عوالم التأمل، ترغمك على إعمال التفكير وتحليل الخطاب بعيدا عن كل الأحكام الجاهزة و الصور النمطية في التعاطي مع المواضيع.

الفيلم الوثائقي "جدار الصمت" لمخرجه محمد سعيد الدردابي، وعلى امتداد حيز زمني يناهز 55 دقيقة، يعبر بنا الفيلم ليكشف ولأول مرة في تاريخ السينما المغربية ، وفي عمل إبداعي متناسق الأركان، مفهوم التابو أو المحظور في الإنتاج السينمائي المغربي، وتعاطي هذا الأخير مع الموضوعات ذات الحساسية المفرطة، في أفلام تتناول الجنس كمادة قابلة لتحرير الجسد أمام عدسات الكاميرا، أو أفلام تسلط الضوء على حقبة سياسية مظلمة في تاريخ المغرب المعاصر تميزت بقمع الحريات وإخراس الألسن المعارضة (سنوات الرصاص)، أو في مشهد ثالث الأفلام التي تعاطت مع المقدس الديني كمادة فيلمية يمكن من خلالها مسائلة هذا المقدس عن دوره في حياتنا اليومية بأفراحها و آلامها.

وبين هذا الموضوع وذاك، تبرز آراء الفاعلين في الحقل السينمائي المغربي، من مخرجين ومنتجين ونقاد وباحثين أكاديميين، بين من يدافع عن اختياراته الفكرية وتصوره الإخراجي، وأسباب تعاطيه مع الطابو(الجنس- الدين- السياسة) كمادة فيلمية، وبين من يضرب في مثل هذا التعاطي الذي لا يعده سوى معالجة سطحية لهذه المواضيع بغاية تحقيق العوائد المادية أو إثارة المجتمع ومعه وسائل الإعلام للرفع من أسهم الفيلم السينمائي أولا ثم مخرجه ثانيا في بورصة التداول المجتمعي.

وبين كل هذا وذاك، تبرز القيمة الجمالية للفيلم الوثائقي "جدار الصمت" لمخرجه محمد سعيد الدردابي، الذي توفق إلى حد كبير في التوفيق بين الواقفَيْن على طرفي نقيض، وفي التوفيق أيضا في التنقل السلس بين الموضوعات الثلاثة، قلما تجمعت في عمل إبداعي واحد متكامل الأركان، يجمع بين روعة الصورة المنتقاة بعناية من مختلف الأفلام المغربية التي تعاطت مع هذه الموضوعات ، وبين قوة الحضور وغناه لمختلف المتدخلين أغلبهم ممن أسهموا بشكل مباشر في نقاش السينما المغربية حول مفهوم "التابو" وحدوده، فاعلون أمثال: جيلالي فرحاتي، حسن بنجلون، حسن زينون، عبد السلام الكلاعي، محمد الشريف الطريبق، سعد الشرايبي، أحمد بولان، محمد إسماعيل، عزيز السالمي، جمال السويسي، خليل الدامون، علي الصافي، محمد بنسودة، محمد شويكة،  محمد الخيتر وعز الدين الوافي، أسماء أثْرت بشهاداتها هذا العمل التوثيقي كاشفة عن حقائق بعضها لأول مرة يتم البوح به كظروف تصوير بعض الاعمال و دوافعها أو حتى نيات اصحاب هذه الاعمال تجاه المتلقي بحد ذاته.

إن فيلم "جدار الصمت"، لا يعدو كونه فيلما وثائقيا وفقط، أو رسالة تخرج من سلك ماستر سينما الوثائقي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل التابعة لجامعة عبد المالك السعدي وحسب، إن الفيلم هو محاولة لإحداث منفذ إلى تابوهات السينما المغربية ، لطرح الأسئلة العميقة حول مدى تجاوب هذه السينما مع الموضوعات ومدى تحليلها للوقائع بعيدا عن الملامسة السطحية للجدار دون إحداث أي شرخ فيه، يمَكِن المجتمع من رؤية نفسه في السينما التي مازالت في بلدنا تقتات من أموال دافعي الضرائب وبالتالي تتحول منتوجاتها الفيلمية إلى موضوع للمسائلة المجتمعية .                        

* باحث في النقد الفني من المغرب

عين على السينما في

08.01.2015

 
 

"ساحرة الجنوب" تحاول فك تعويذة "نجمة العرب"

سوسن بدر: أمتلك رفاهية الاختيار .. والواقع أكثر قسوة من خيال المبدعين

حوار - دينا دياب

من لا يعشق صعود الجبال.. يعيش أبد الدهر بين الحفر.. هذا هو منهج الفنانة الكبيرة «سوسن بدر» في عملها.. فهى لا تبحث عن الأدوار السهلة ولا تريد أن تملأ أرشيفها بأعمال فنية «سريعة الهضم» ومن يتأمل مشوارها الفني يكتشف أنها حريصة على الاختلاف ولم تقدم تنازلات تخرجها من حسابات الجمهور.

تراهن «سوسن بدر» على الكوميديا في فيلمها الجديد «قط وفأر» وتبيع الشر في مسلسل «ساحرة الجنوب» وتبحث عن التجديد في برنامج «نجمة العرب»، التقت الوفد بالفنانة الكبيرة وحول مشروعاتها الفنية ومعايير الاختيار دار هذا الحوار.

·        ما المغري في برنامج «نجمة العرب» بالنسبة للفنانة الكبيرة سوسن بدر؟

- لم أفكر يوما في المشاركة في برامج اكتشاف المواهب لأنها تحتاج الى وقت وسفر وعادة أكون مشغولة في تصوير أعمالي ولكن عندما عرض على برنامج «نجمة العرب» وجدتها فرصة جيدة لاكتشاف المواهب خاصة أنه بمصاحبة صديقة عمري نبيلة عبيد وشعرت أن البرنامج جاد في اكتشاف مواهب حقيقية تعطي فرصة لاكتشاف نجوم جديدة وتجديد مواهب السينما والدراما لأن الوجوه الجديدة هي روح الفن.

·        ولكن البرنامج باسم نبيلة عبيد ويبحث عن ممثلة شبيهة لها؟

- اختيار متسابقة تملك كل المواهب التمثيلية القوية، هو الهدف الوحيد لاكتشاف نجمة العرب ولم نعتمد على اختيار ممثلة مشابهة لنبيلة عبيد لأنها واحدة فقط في العالم العربي ولا يمكن تكرارها لكن البرنامج يعتمد على اختيار نجمة تتوافر فيها قدرات الرقص والغناء والتمثيل بشكل متكامل بحيث يتم انتاج مسلسل وفيلم لها وتقوم قنوات روتانا بتقديمها كنجمة والبرنامج تم تصويره في عدد كبير من الدول العربية واكتشفنا نجوماً كثيرة قادرة متميزة ولكننا نختار نجماً متكاملاً وأعتقد أن فكرة اكتشاف ممثل أصعب بكثير من اختيار المطربين أو الراقصين لأن التمثيل أصعب مهنة يمكن الاختيار فيما بينها.

·        هناك اتهام يحاصر برامج اكتشاف الوجوه الجديدة بأن الهدف منها جمع الأموال وليس فتح طريق للمواهب الجديدة.. ما تعليقك؟

- لا أستطيع الحديث عن كافة برامج اكتشاف النجوم، ولكن ما يهمني أكثر الحديث عن برنامجي، فقد ضمنت أن يكون كل المشاركين في البرنامج لهم حقوقهم وسيكون الاختيار الأفضل للنجمة الأهم والأقوى على مستوى المسابقة وما يهمنا في الأساس احترام الموهبة الفنية لأن مصداقية البرنامج يكون باسم لجنة التحكيم الموجودة فيه ولم نكن سنشارك لو علمنا انه برنامج هدفه ربحي فقط ولكن هدفنا الأساسي اكتشاف دماء جديدة ووجوه مختلفة.

·        كيف ترين مستوى المشاركين في برنامج «نجمة العرب»؟

- كل النجوم المشاركين مبدعون ومواهب حقيقية ومشاركتهم في البرنامج دعم لهم وبداية حقيقية لمشاركتهم في أعمال مختلفة، ورغم أن الأعمال الدرامية هي أكبر مدرسة وانطلاقة حقيقية لكل الوجوه الجديدة لكن البرنامج له طبيعة خاصة وهو اكتشاف نجم له فرصة في البطولة المطلقة، وإتاحة فرصة اكبر لاكتشاف نجوم لا تنسى لهم فرصة الظهور في بلادهم.

·        تشاركين في رمضان القادم بـ «ساحرة الجنوب» ماذا جذبك للسيناريو؟

- أميل للأعمال الغريبة التي تتناول موضوعات جديدة وجريئة لا أسعى أبداً للأعمال التقليدية ووصلت لمرحلة من النجومية تجعل اختيار السيناريو أهم عندي من أي شىء لا أجد عيباً في أن أظهر في مشهد واحد أو في عمل كامل ولكن اهتمامي بالعمل يكون لأن السيناريو قوي وهذا هو الغموض الذي يطرحه مسلسل «ساحرة الجنوب» الذي أظهر فيه كشخصية شريرة تعرض إحدى الفتيات لموقف يجعل قدراتها غير عادية ومخيفة.

·        تسعين للأدوار المركبة وهذا ما حدث في آخر أفلامك «شوق» ومسلسلك «السبع وصايا».. حديثنا عن معايير الاختيار؟

- أسعى دائما أن يكون المشهد الواحد الذي أقدمه به «خبطة» أو علامة تجبر الجمهور أن يبحث عن تلك الشخصية، فأنا عندما يعرض على عمل أبحث عن «الماستر سين» قبل البحث عن أي شىء آخر ولا أهتم بمجرد التواجد يكفيني فقط نجاحي أمام نفسي، عندما قدمت فيلم «شوق» كنت أعرف أنه سيحصل على جائزة لأن الشخصية ليست فقط مجرد أم لكنها مركبة ومعقدة، ومسلسل «السبع وصايا» أيضاً لعبت فيه على الشخصية المركبة الصعبة التي يسعى الجمهور لها ما يهمني أن تظل بصمتى موجودة في أعمالي حتى بعد مرور السنين، لذلك عندما أقدم عملاً يجب أن يكون عملا يليق باسمي كممثلة، عندما قدمت فيلم «سلام يا صاحبي» لم أقدم بعده أعمالاً سينمائية لفترة طويلة، ومع ذلك أصبح علامة كلما رآني الجمهور تذكرني فيه.

·        كيف ترين موجة للكبار فقط التي أصبحت سمة أساسية في كل الأعمال الفنية الآن سواء في الدراما أو السينما؟

- ليس كل عمل فني يسمح بعرضه للأطفال والإبداع أصبح أكثر حرية الآن فالشاشة تتحمل كل شىء لأن الواقع أصبح أكثر جرأة ايضاً مما نتخيل والسينما والدراما هي نقل لهذا الواقع ولا يمكن التحفظ على الشاشة في الوقت الذي يسمح فيه بكل شىء في الواقع، كلمة للكبار فقط معروفة في العالم كله ومسموح بها لأن عقلية الجمهور أساساً تغيرت وأعتقد أن المبدع إذا فكر في كل عمل أن يقدمه للكبار أو الصغار فلن يقدم أي ابداع ولذلك أرى أن للكبار فقط وسيلة لإتاحة الفرصة للمبدعين ليخرجوا ما يبحثون عنه خاصة أننا شعب لديه وازع ديني أساسي في حياتنا.

·        تشاركين في موسم نصف العام بفيلم.. «قط وفأر» كيف ترين التعامل مع المؤلف وحيد حامد؟

- وحيد حامد أستاذ وليست المرة الأولى التي أقدم عملاً من تأليفه وأعتقد أن المحظوظين فقط هم من لديهم الفرصة في تجسيد أعماله، «حامد» أستاذ في الشعور بالناس ونقل مشاعرهم على الورق وفيلم «قط وفار» أعتقد أنه سيكون نقلة لي ولكل المشاركين فيه ويعيدني للعمل محمد حميدة «غول التمثيل» والعمل يرصد واقعاً اجتماعياً صعباً يعيشه الناس ويرصد خلاله أبرز ما حدث في مصر ولكن بشكل كوميدي، وسيشاهدني الجمهور ككوميديانة للمرة الأولى.

·        كيف ترين عرض مسلسل «الوسواس» خارج الماراثون الرمضاني؟

- العمل الجيد يفرض نفسه في أي وقت وليس مقصوداً بعرض الأعمال في موسم رمضان أنه الموسم الوحيد الذي يعرض فيه الأعمال بل على العكس أعتقد أن عرضه خارج رمضان سيضمن له نجاحاً أكبر خاصة أنه تم تصويره في فترة طويلة ولم نكن متعجلين وقت التصوير ولذلك خرج العمل بشكل هادئ، وشخصيتي خلال العمل أعتقد أنها مفاجأة للجمهور فأنا شخصية تتخطى الثمانين أتحدث باللهجة الصعيدية طوال الاحداث وأجسد الخط الشرير الذي يكرهه جميع الموجودين في الفيلم، ورغم أنها المرة الثانية التي أجسد دور الشخصية الصعيدية بعد مسلسل «الرحايا» لكني أراهن على نجاح العمل لأنه يتناول الصعيد من وجهة نظر مختلفة تماماً.

·        متى نرى سوسن بدر على خشبة المسرح؟

- المسرح حياتي وهو وسيلة التجاوب الأقوى بين الجمهور والممثل، والفنان لا يشعر بنفسه إلا إذا سمع تصفيق الجمهور وكلامه له وثناؤه على دوره، ولذلك المسرح حياتي وأتمنى لو تتاح لي الفرصة أن أقدم عرضاً مسرحياً يجوب كل المحافظات ويكون الهدف منه نشر الثقافة في كل مكان فهذه وظيفة المسرح والدولة عليها أن تتخذ موقفاً محدداً تجاه المسرح لأن الشعوب تقاس حضارتها بمدى نجاح المسرح فيها.

الوفد المصرية في

08.01.2015

 
 

أسماء البكري.. رحيل مبدعة

عبدالستار ناجي

نعت الاوساط السينمائية في العالم العربي المخرجة المصرية اسماء البكري التي تعتبر واحدة من اهم صناع السينما في العالم العربي. والتي ظلت تشتغل لعقود طويلة على قضايا محورية اساسية، في مقدمتها العمل على تصحيح الصورة الخاطئة للاسلام في ذاكرة المشاهد في العالم. عبر نتاجات ثرية بالقضايا عامرة بالحرفة والتجليات السينمائية التي تمثل امتدادا لجيل الكبار الذين عملت معهم وفي مقدمتهم الراحل الكبير يوسف شاهين . وجاءت وفاة المخرجة المصرية أسماء البكري، بعد معاناتها خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة من عمرها حيث مرت بأزمة صحية لازمتها فترة ليست بالقليلة وأجبرتها على التزام فراشها في مسقط رأسها دهشور/ جنوب القاهرة ووسط أقاربها وذويها. ولدت اسماء البكري في 28 أكتوبر عام 1947، لم تبدع فقط في مجال الاخراج بل ساهمت أيضا في كتابة وانتاج العديد من الأعمال الفنية، كما اشتهرت بكونها صاحبة حلم تصحيح النظرة للاسلام من خلال ابداعاتها. بل انها نذرت النسبة الأكبر من اعمالها لتلك القضية وذلك المحور الخصب والثري. تخرجت البكري في قسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب، لتبدأ مشوارها الفني بالعمل كمساعدة مخرج للعديد من مبدعي السينما المصرية أمثال يوسف شاهين وخيري بشارة. الا أنها قدمت تجربتها الاخراجية الأولى في الفيلم القصير «قطرة ماء» و«دهشة»، ثم توالت أعمالها بعد ذلك وقدمت ثلاثة أفلام روائية طويلة، هي «كونشرتو درب سعادة، وشحاذون ونبلاء» عن رواية لألبير قصيري الكاتب الفرنسي الذي أمضى حياته في باريس وكتب أعماله باللغة الفرنسية، كما أخرجت فيلم «العنف والسخرية» في 2003، عن رواية لقصيري أيضاً. وكانت المخرجة الراحلة قد أكدت في تصريحات اعلامية لها عام 2012 أنها بصدد اخراج فيلم يتناول علاقة المسلمين بالمسيحيين في مصر، من خلال معالجة لرواية للكاتب المصري البارز بهاء طاهر «خالتي صفية والدير» التي حظيت بحفاوة واهتمام نقدي وجماهيري حين صدرت في بدايات التسعينيات، وتحولت الى مسلسل تلفزيوني وعرض مسرحي.

«انفجار» السينما اليونانية بشكل مختلف !

يأخذنا الفيلم اليوناني الجديد انفجار الى حكاية سيدة يونانية شابة تكافح من أجل العيش، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها بلادها، الأمر الذي يضعها على حافة الانفجار، يشكل هذا التعبير اختصاراً لجملة الأحداث التي تدور حولها قصة الفيلم اليوناني انفجار (ABlast) للمخرج الشاب سيلاس تزوميركاس. حيث صنف الفيلم بحسب النقاد على أنه أفضل فيلم يوناني هذا العام، لا سيما أنه تمكن من الاستحواذ على ثناء النقاد بعد عرضه الأول، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان لوكارنو السينمائي الذي عقد في أغسطس الماضي.

المخرج سيلاس تزوميركاس، الذي ينتمي الى جيل جديد من صناع السينما اليونانية، الذين يطرحون في أفلامهم الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد، قال في تعليق له على الفيلم: انها قصة امرأة تقرر تغيير حياتها جذرياً فتحارب كل الناس الذين تحبهم حتى عائلتها.. لماذا تفعل ذلك؟.

لأنها تستيقظ في يوم من الأيام وفي خضم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها اليونان فلا تتعرف على نفسها فتبحث عن طريقة تستعيد من خلالها احترامها لذاتها

وأضاف تزوميركاس: الفيلم لا يستند الى قصة حقيقية لشخص يعيش بيننا، ويمكن القول انه نابع من تجارب جيل كامل، هذا الجيل الذي تضرر كثيراً جراء الأزمة المالية التي تعصف باليونان في السنوات الأخيرة.

النقاد أشادوا في قراءتهم للفيلم بأداء الممثلة اليونانية الشابة أنجيليكي بابولينا، وقالوا انها أبدعت في تقمص دور البطلة ماريا، وهي المرأة التي تتحمل جميع أعباء عائلتها، ولكنها تنهار في نهاية الأمر فتدمر كل شيء حولها.

وحول هذه الممثلة قال تزوميركاس: أنجيليكي بابولينا ممثلة رائعة، وبتقديري أنها الأفضل والأكثر روعة بين بنات جيلها من الممثلات، وشعرت أنها شجاعة جداً في كل شيء تفعله. وهذا أمر نادر، وشخصيتها مشابهة تماما لشخصية ماريا.

النهار الكويتية في

08.01.2015

 
 

روتانا سينما... قول للزمان ارجع يا زمان

العربي الجديد

احتفلت قناة روتانا سينما منذ أيام قليلة بالذكرى العاشرة على انطلاقها كقناة سبّاقة بتقديم إنتاجات السينما المصرية والعربية، وحصدت خلال سنوات قليلة نسب مشاهدة كبيرة، بحسب البيان الذي وزّعه إعلام روتانا، يوضّح فيه أنّ روتانا سينما قدّمت أحدث إصدارات الشاشة الذهبية بشكل مجاني وغير مشفّر.

لكن هل ما زالت روتانا سينما محطة لا تغمض العين عنها كما كان يقول شعارها "مش ح تقدر تغمض عينيك"؟ لماذا خفتَ نجُمها قليلاً بعد سنوات؟ وهل أثّر ابتعاد "قائدتها" الإعلامية المصرية، هالة سرحان، عليها، أم كان لتولي صديقتها المخرجة، إيناس الدغيدي، التي لم تحضر احتفالية سرحان بعدما تولت إدارة المحطة بعد خروج سرحان منها عام 2007 إثر فضيحة حلقة "بنات الليل"؟

دون شك، فإنّ المحطة شهدت تحديّات كثيرة لجهة الإنتاج أو توزيع وعرض الأفلام العربية، وبالتالي شكّل دخولها سوق الإنتاج المصري تقدماً ملحوظاً ظلّ إلى حدّ ما محصوراً حتى الآن بطريقة التعاطي المصري مع منتج خليجي يريد استثمار السينما المصرية. روتانا سينما، التي كانت من أوائل القنوات التي انطلقت أوائل القرن الجديد، حصدت عدداً هائلاً من المتابعين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، هي جزء من منظومة إنتاجية ضخمة، وسلسلة تمتد إلى روتانا "ستوديوز" مدعومة بأكبر مكتبة فنية عربية.

وبالعودة إلى احتفالها العاشر، أعادت القناة إحدى أهم الوجوه الإعلامية المصرية إلى الشاشة بعد غيابها عنها، وهي الإعلامية هالة سرحان، لتقديم هذه الأمسية. وتعتبر سرحان من مؤسسي روتانا سينما. استقبلت عدداً من فناني العصر الذهبي كعادل إمام، ونور الشريف، وسمير صبري، وإلهام شاهين، ونبيلة عبيد، وأهم الممثلين الذين أطلقتهم القناة، منهم، أحمد حلمي، ومحمد هنيدي ومحمد رمضان.

سرحان، التي حاولت صديقتها إيناس الدغيدي أخذ مكانها في إدارة المحطة، كرّمت الجميع وحاولت العودة من خلال هذا الاحتفال إلى تلميع صورتها أمام المشاهد. لكن هل تكسب الرهان مجدداً أمام عدد كبير من القنوات المنافسة بإنجازاتها السابقة في وقت يسيطر فيه الركود على الانتاجات السينمائية؟

وبالتالي، هل تكفي احتفالية السنة العاشرة مع سرحان، للقول إنّ المحطة ما زالت قوية أمام "غول الإنترنت" والثورة التقنية التي تقدّم الأفلام أيضاً مجاناً، في وقت يقال فيه إنّ المحطة حصّنت نفسها مصرياً، وتعوّل على ما تملك من مكتبة أفلام عربية، حيث تحتوي على أكثر من 2000 فيلم، أي ما يفوق 60% من حصة السوق؟

في الوقت نفسه، تحدّثت المعلومات عن أنّ القناة تتحضّر لدورة برامج جديدة، بعدما كانت السباقة في برامج حاكت تخصصها في عالم السينما، وبرامج اجتماعية أثارت جدلاً واسعاً قدّمتها هالة سرحان مثل “هالة شو"، و"الهوا هوانا"، و"جانا الهوا"، و"السينما والناس"، فهل ستنقذ عودة سرحان المحطة من جديد لتعود إلى نجاحها الذي حققته بعد سنوات من الركود؟

رينيه فوتييه.. تلويحة جزائرية للمخرج الشجاع

الجزائر ــ عبد الرزاق بوكبة

بعد أسابيعَ قليلة من تكريمه في الجزائر، بمناسبة ستينية اندلاع ثورة التحرير، وسنتين بعد الاحتفاء الذي حظي به في مهرجان وهران للسينما العربية، لوحت الجزائر لأحد أبنائها بالاختيار المخرج الفرنسي رينيه فوتييه، صديق الثورة الجزائرية ونصير استقلال البلد. 

افتتن رينيه مبكّراً بالفن السابع، الأمر الذي قاده إلى التعمّق في أبجدياته من خلال معهد الدراسات السينمائية. وقد التفت إلى المعاناة التي يحياها الإنسان في المستعمَرات المختلفة، ومنها الجزائر التي كانت بلاده قد احتلتها عام 1830، وحوّلتها إلى جحيم منسي، ساهم حتى الفنانون في التعتيم عليه، خصوصاً المشتغلين منهم في ميدان السينما الصامتة، مثل جاك فيدر وجان رينوار.

تعرّض فوتييه للكثير من المضايقات الأمنية حين ظهر شريطه "الجزائر تحترق"، في السنوات الأولى من ثورة التحرير التي انطلقت عام 1954. وقد ألحقه بفيلم "الجزائر أمة"، ضارباً عرض الحائط اعتبار فرنسا الرسمية الجزائر شطراً من أراضيها؛ ما جرّه إلى المحاكم بتهمة المساس بالأمن القومي الفرنسي.

"ساند جيلاً من السينمائيين الجزائريين الذين تجاوزوا فخاخ السينما الكولونيالية"

وحين اقترفت فرنسا مجزرتها في ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية، في الثامن من شباط/ فبراير 1958، ظنّت أنها ستمرّ في صمت، لكن رينيه فوتييه أنجز شريط "ساقية سيدي يوسف" بالاشتراك مع ألبير آليمون، بطلب من فرانز فانون وعبان رمضان أحد قياديي جبهة التحرير.

الفيلم أثار انتباه الرأي العام العالمي إلى الجرائم الفرنسية في الجزائر، وكان عرضه مدعاة إلى مظاهرات تنديد حدثت داخل فرنسا نفسها؛ ما عزّز الشراكة بين فوتييه وآليمون، فأنجزا معاً شريطاً وثائقياً أسمياه "جيش التحرير الوطني في القتال".

لم يترك رينيه فوتييه التزامه الجزائري، بعد الاستقلال الوطني عام 1962، إذ أقدم على إنشاء "المركز السمعي البصري" في الجزائر ووضع خبرته الفنية والتقنية، تحت تصرّف الشباب الجزائريين الراغبين في ممارسة فن السينما، فكان ذلك نواة لتشكّل جيل من السينمائيين الجزائريين الذين تجاوزوا فخاخ السينما الكولونيالية.

عام 1966 غادر صديق السينما الجزائرية إلى فرنسا، ليجد نفسه محاصراً في المشهد الفرنسي، بالنظر إلى سوابقه في الوقوف إلى جانب الجزائريين، ومن ثمار هذا الحصار منع عرض أفلامه التي حصدت جوائز مهمة فيما بعد، مثل الجائزة الدولية للنقد في مهرجان "كان" عام 1972، والذي فضح من خلاله نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا.

رحيل فوتييه ترك أثره في الجزائر سيما بين السينمائيين والمثقفين. وكان واضحاً في الصحافة الجزائرية التقدير الذي تكنّه البلد لفنان شجاع قطع مع الاستعمار وعرف قدر الجزائر فعرفت قدره.

العربي الجديد اللندنية في

08.01.2015

 
 

«حومة باب الواد» للجزائري مرزاق علواش:

محاولة «باهتة» لرصد الصراع بين الحركات الإسلامية والسلطة

آية الخوالدة - عمان ـ «لقدس العربي:

نقل فيلم «حومة باب الواد» الذي عُرض في مؤسسة عبد الحميد شومان في العاصمة الأردنية عمان، الحضور إلى كلاسيكيات السينما الجزائرية مع مرزاق علواش عام 1994. 

بدأت الحكاية عام 1989 في «باب الواد» – حي شهير في الجزائر العاصمة- بعد بضعة أشهر من الاضطرابات. بو عليم الذي يعمل ليلا في أحد المخابز، يسرق مكبرا للصوت منصوبا فوق سطح منزله كان يبث خطبة لأحد الأئمةـ لأنه كان يمنعه من النوم. تستخدم هذه الحماقة كذريعة من قبل الأصوليين من أجل السيطرة على الحي ،حيث يستفز هذا الحدث الشبان المتدينين في الحي وتصبح قضية مكبر الصوت الشغل الشاغل لزعيمهم. يريد أن يعرف من ارتكب تلك الجريمة وأين أخفى المكبر. وفي نهاية الفيلم يُحضر الشبان المتدينون مكبرا آخر ويرفعونه فوق المكان نفسه.

بين هذين الحدثين يقدم الفيلم نموذجا للحياة اليومية في الجزائر عبر الوقائع والأحداث اليومية التي تحدث بين أناس عاديين. غير أن المفصل الأهم في الفيلم هو نظرته إلى الحركات الأصولية مجسدة بشبان الحي والعلاقات الخفية التي يلمح لها الفيلم بين هذه الحركات وبين أطراف في السلطة نفسها، أو على الأقل بين أوساط متنفذة في الحزب الحاكم. وفي هذا اتهام للسلطة نفسها بالتواطؤ مع خصمها، فزعيم الشبان الأصوليين يلتقي باستمرار مع أشخاص يركبون سيارة فارهة ويرتدون ملابس عصرية فاخرة، يلتقي بهم خفية وفي أماكن متفرقة ويتلقى منهم التعليمات. وفي مرحلة لاحقة يستلم منهم أسلحة. لا يشير الفيلم صراحة إلى هوية أولئك الأشخاص ولكن التلميح لا يخفى على أي مشاهد لبيب، خاصة أن مجمل الأحداث والعلاقات التي تربط بين زعيم الحي الأصولي وممثلي السلطة المفترضين يتم عرضها في الفيلم بطريقة تستمد شكلها من نموذج أفلام المافيا.

الفيلم الذي يعود إلى بداية صعود التيار الإسلامي، ونهاية حلم الدولة الديمقراطية، من خلال شخصية حسان، الخباز الفقير الذي يقف في مواجهة الإسلاميين. يدخل علواش حيّ باب الواد الشهير، أكبر الأحياء الشعبية في الجزائر، ويحكي نهاية عقد «الحريات الفردية» ودخول البلاد جحيم الجماعات الدينية، وسيطرتها على الحياة الاجتماعية والسياسية، وتنصيب نفسها حكماً على ممارسات وسلوكيات الآخرين. سنوات التسعينيات مثّلت جرحاً في قلب الرجل، فآثر الردّ على قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالصفح عن الجماعات الإرهابية.

يروي الفيلم قصة الوضع الاجتماعي الخانق في هذا الحي العريق من خلال نظرة بعض الرجال السلبية إلى النساء وتناول الفيلم ما يجري في الجزائر من داخل بيوت يتسلل إليها المخرج، عبر تقديم طريقتهم في الحياة وفي التعاطي مع المستقبل، بين إصلاحي ومتفتح للحوار، وآخر منغلق لا يتورع «نبذ الآخرين» واتهامهم بالكفر لمجرد الاختلاف في الرأي.

ويلعب الصوت في فيلم «حومة باب الواد» للمخرج الجزائري مرزاق علواش دورا محفزا للحبكة ويشكل بداية للحديث عن الواقع السياسي الراهن في الجزائر والمشكلة الأساس التي تعاني منها الجزائر، ألا وهي الصراع بين الحركات الإسلامية والسلطة.

من الناحية الأسلوبية تبدو معالجة فيلم «حومة باب الواد» امتدادا لفيلمه الأول «عمر قتلته الرجولة»، حيث المعالجة هنا واقعية نثرية، إنما وبعكس الفيلم الأول بدون روح السخرية التي كانت فيه. ومن ناحية المضمون فالفيلم الجديد أقل عمقا بكثير من الفيلم الأول. ففي فيلم «حومة باب الواد» محاولة للقول السياسي هي أقرب إلى التلميح منها إلى التصريح، إنما بدون جرأة كافية، والتلميح لا يكفي لجعل العمل الفني عملا سياسيا بالمعنى الدقيق لمصطلح العمل الفني السياسي.

كريمان مهدي: أؤدي الكوميديا تلقائيا

من محمد عاطف: القاهرة – «القدس العربي»

بدأت الفنانة الشابة كريمان مهدي في الدراما التلفزيونية، ثم انتقلت إلى السينما منذ فيلم «أوعى وشك»، وحفظ الجمهور جملتها بالعمل «أنا مستعجلة» وتتردد لها في كل تواجد.

قدمت مجموعة كبيرة من الأفلام مثل: «حصل خير»؛ «على جنب يا أسطى»؛ «حمادة يلعب»؛ «واحد من الناس»؛ «شبه منحرف»؛ «طباخ الريس» وغيرها.

درست كريمان الباليه واستفادت منه في محاضرات التأمل ولغة الجسد في التمثيل من خلال «الرقص الحديث» ولم تدرس التمثيل.. وجاء بعد ندوة قدمتها عن الشاعر محمود تيمور، وأول خطوة كانت مع المخرج خالد بهجت في مسلسل «ملفات سرية» .. وقرأت كيفية إعداد الممثل.

وعن الأداء الكوميدي وتميزها فيه، تقول:

الأداء الكوميدي يخرج مني تلقائيا، ولا أقصد الضحك، ولذا تخرج الافيهات الكوميدية عفوية.. وأستخدم طريقة للكلام وللنظرة تكون مختلفة.. فأنا أعشق الكوميديا.

وتضيف: لكنني غيرت من الأداء الكوميدي مثل دوري في مسلسل «رقم مجهول» في الفتاة التي تلعب مع العصابة على الفنان يوسف الشريف، وتمثل عليه أنه قتلها.. وتلعب على الإطار أكثر ليصدقها الناس.. لكن الدور الكوميدي غني دراميا، وأصعب في الأداء، خاصة أنني أقدم الكوميديا للشعب المصري المعروف عنه خفة الظل الشديدة وهؤلاء يضحكون بصعوبة.

وترى كريمان مهدي أنها محظوظة للعمل مع النجوم الشباب، مثل أحمد رزق وأحمد حلمي وكريم عبد العزيز، وعملت براحة نفسية معهم بعد ما مرت بتجربة خوف من العمل أمام النجم محمود حميدة في فيلم «ملك وكتابة» عندما لم استطع النطق أمامه في أول يوم تصوير في دور الشغالة التي تعمل عند الفنان لطفي لبيب لكنه طمأنني وجعلني أنطلق في الكلام بعد ذلك.

وأشارت إلى عملها مع المخرج أحمد نادر جلال وشعرت بالراحة واستفادت منه كثيرا وهو يعطي الاطمئنان للممثل ويوفر له المناخ المريح.

ومن المخرجين الذين تتمنى العمل معهم تقول: نفسي أعمل مع المخرج شريف عرفة ومروان حامد وكاملة أبو ذكرى وأحمد نادر وسعيد حامد في مرات أخرى.

وأكدت الفنانة الشابة كريمان مهدي أنها غيرت أدوارها في فيلم «المواطن برص» الذي عرض في عيد الأضحى الأخير من خلال حرامية.. وعملها في أول تجربة إخرج للممثل رامي غيط.. وأول مرة تغني في هذا الفيلم.

وأعربت عن سعادتها بالمشاركة في الفيلم لأنه كوميديا جيدة أعجب الجمهور وهو «كوميدي خفيف» ومحترم .. ويظهر انتماء الشباب لبلدهم كثيرا وهذا يؤدي إلى تحقيق طموح الجميع.. وتختم: أسعدني ظهور موهبة رامي غيط في الإخراج وسيظهر أكثر وأكثر في أعماله المقبلة.

القدس العربي اللندنية في

08.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)