كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

«المريض الإنجليزي» راف فاينز.. متعدد المواهب التمثيلية ومخرج وكاتب موسيقي

يقول عن «ذا غراند بودابست هوتيل»:

لم يكن مطلوبا مني أن أمثل كوميديا.. لكن الفيلم كوميدي

لوس أنجليس: محمد رُضا

 

راف فاينز ليس الممثل الذي تستطيع أن تنسى ما يقدّمه من أعمال بمجرد مرور الوقت عليها أو تبعا لكثرة مشاهداتك. فهو ممثل متعدد المواهب، يختار أدواره بعناية، ومخرج حقق للآن أربعة أفلام، وكاتب موسيقي أكثر من مرّة، وأنتج فيلمين في تاريخه السينمائي.

عرفه معظمنا في دور الضابط النازي في فيلم ستيفن سبيلبرغ «قائمة شلندر» (1993)، لكن راف تجاوز ذلك الدور أكثر من مرّة لاعبا العديد من الأدوار القوية بدءا من «أيام غريبة» ومرورا بـ«المريض الإنجليزي» و«صنشاين» و«اللص الطيّب» و«الحدائقي المثابر» و«القارئ»، وصولا إلى آخر أعماله «امرأتان» و«ذا غراند بودابست هوتيل» الذي تم ترشيحه لـ«غولدن غلوب» أفضل ممثل كوميدي عنه. فيه مثّل دور صاحب الفندق القائم في منطقة جبلية أوروبية محايدة في زمن يتوسط الحربين الأولى والثانية.

·        اعتدنا عليك ممثلا دراميا.. هل كان من الصعب القيام بأداء دور يعتبر كوميديا؟

- عبارة «يعتبر كوميديا» صائبة، فكما يعرف من شاهد الفيلم دوري ليس كوميديا، لكن الظروف ساخرة، والفيلم كوميدي الحكاية وعالمه غير واقعي. لكن ما ساعدني هو أن السيناريو كان رائعا. كانت قراءته مثيرة للمتعة وواضحة. اكتشفت أن المخرج ويس أندرسون لديه أسلوب فريد في الكتابة. الأسئلة التي حملها السيناريو إليّ تنتمي إلى الكيفية الصحيحة التي يجب لعب شخصية غوستاف بها. هذه شخصية تستطيع أن تلعبها على أكثر من وجه وأحد هذه الوجوه كوميدي صرف. لكني سعدت بأن أندرسون أرادني أن أمثل أقل وبعيدا عن أي استعراض.

·        هل صحيح أنه كتب السيناريو وأنت في البال؟

- نعم، وهذه كانت مسؤولية جسيمة أخرى بقدر ما كانت سببا لتقديري.

·        هل وجدت النبرة الصحيحة للدور سريعا إذن؟

- ليس سريعا. لقد عمدنا إلى مداولات كثيرة، وحين بدأنا التصوير أعدنا الكثير من اللقطات. أعتقد أن ما كان في بال أندرسون أيضا هو إنجاز فيلم كوميدي كتلك التي كانت منتشرة في هوليوود في الثلاثينات. أفلام بيلي وايلدر وفرانك كابرا مثلا.

·        لكن بعيدا عن علاقة العمل ومنواله بينك وبين المخرج، هل تعتبر أن هذا الدور يشكل تغييرا ما على مستوى مهنتك كممثل؟

- بالتأكيد. الاختلاف بين التمثيل في الدراما والتمثيل في الكوميديا ليس شاملا. هو محدد بالمصدر الروحي الذي في داخل الدور. في الدراما أنت مؤهل لأن تحمل المزيد من المشقة في سبيل إنجاز الشخصية التي لا بد من معالجتها معالجة جادّة. التمثيل للكوميديا خفيف كما توحي الكلمة ذاتها، لكنه ليس أقل صعوبة في نواح معينة. هذه مصاعب لم تواجهني لأنه لم يكن مطلوبا مني إثارة الضحك بل التمثيل في فيلم ذي نكهة كوميدية كما أشرت.

·        الفارق هو تلك الرؤية التي يعالج المخرج فيلمه من خلالها.. أليس كذلك؟

- إلى حد بعيد نعم. في الأفلام الكوميدية المباشرة على الممثل أن يتقدّم بصياغته للدور وهو يعلم أن مهمته إثارة الضحك. هذا لم يكن مطلوبا مني لأن شخصية غوستاف هي شخصية مختلفة، والفيلم مكتوب على نحو مختلف تماما عن الكوميديا عما هو متداول - طبعا أنت تعرف ذلك. وكما ذكرت لم يكن مطلوبا مني أن أتصرّف على نحو كوميدي. المرح والسخرية في الفيلم كانا كافيين.

·        ويس أندرسون نوع من المخرجين الذين يبنون كل تفاصيل الفيلم كما يبني الواحد ديكور منزله..

- بالتأكيد وإياك أن تتدخل لتغير أي شيء في منظومته. إنه بالفعل مخرج التفاصيل وأسلوبه في العمل ينعكس على الفيلم المعروض. لا تستطيع إلا أن تجد بصمته في كل شيء. في أصغر التفاصيل.

·        قبل ترشيحات جوائز «غولدن غلوبس» استقبل النقاد في أميركا وبريطانيا الفيلم وتمثيلك فيه بترحاب شديد.. هل تعتقد أن هذا مؤشر إيجابي؟.. هل تعتقد أن النقد يترك انطباعا في نفوس أعضاء الجمعية أو أعضاء الأكاديمية الموزّعة للأوسكار؟

- ليس لدي هنا سوى التكهن. أعتقد نعم. الكل يقرأ هذه الأيام ومن الممكن لي أن أعتقد أن الطريقة التي يستقبل بها النقاد الفيلم، أي فيلم، تؤثر على منهجه في الأيام التالية. لقد التقينا في برلين كما أعتقد وأنت تعلم كيف استقبل جيّدا هناك أيضا. نعم يمكنني تصوّر ذلك، لكن هذا لا يعني أن كل ناقد على حق سواء أحب فيلما معيّنا أم لا.

·        تقرأ النقد؟

- لا أقرأ كل شيء. لقد شعرت بأن الفيلم نال قبولا نقديا شاملا، لكني أعلم أن هناك من لم يعجبه الفيلم.

·        أيعجبك أن تكون مرشّحا لجائزة «غولدن غلوبس»؟

- أتمزح؟.. بالطبع (يضحك) كنت أتمنى أن يتم ترشيح سواي في هذا العمل. لكن عليك أن تكون واقعيا للأسف (يضحك).

·        هل شاهدت أفلام الآخرين.. كانت سنة صعبة؟

- صحيح. ولا أعتقد أن المنافسة ستكون سهلة لا هنا ولا في الأوسكار. وأنا لم أعد أتحدّث عن هذا الفيلم أو عن نفسي. في العموم كانت سنة 2014 جيدة على مستوى الأفلام والمواهب التي قامت بها.

·        هل من بين ما قرأته من نقد ما يبدو لك بعيدا عن الصواب.. نقد تراه غير صحيح؟

- ليس من شأني التعليق على ما يكتب، لكن أعلم أن هناك من يريد من الشخصيات أن تكون أكثر وضوحا. يريدون الشخصيات أن تكون ملوّنة العواطف. مفتوحة وظاهرة. هذا ليس ما أريده. ولم يكن ما أراده المخرج أيضا.

·        المرحلة المقبلة تشهد قيامك بتمثيل ثلاثة أو أربعة أفلام متتابعة. لن يترك لك ذلك الوقت لكي تقدم على إخراج فيلم جديد؟

- نعم، لكن لديّ مشاريع أريد تنفيذها. ربما عام 2015 سيكون عام قيامي بالتمثيل وحده، لكن لدي مشروعين على الأقل كمخرج في العام التالي.

الشرق الأوسط في

07.01.2015

 
 

إلهام شاهين خدعت المشاهد

محمد عبد الرحمن

القاهرةبداية غير موفّقة لبرنامج "ET بالعربي" الذي إنطلق أخيراً على قناة mbc4 (من الأحد إلى الخميس 17:00). العمل الذي يواكب أخبار الفنّ والنجوم أورد أنّ الممثلة المصرية إلهام شاهين (الصورة) حلقت شعرها بالكامل من أجل دور جديد، قبل أن يتّضح أن الأمر خدعة سينمائية. سواء تعمّدت نجمة مسلسل "نظرية الجوافة" (كتابة وإخراج مدحت السباعي) شيوع الخبر غير الصحيح أو لا قبل إطلاق النفي، فإنّ العتب يقع على "ET بالعربي" الذي ربط في تقرير بين شاهين والممثلة السورية سوزان سكاف والكويتية زهرة الخرجي على إعتبار أن الثلاث قد تخلّين سابقاً عن شعرهن بالكامل.

رغم أن سكاف فعلت ذلك في لقطات مصوّرة خلال تأديتها لدور في مسلسل "حائرات" (تأليف اسامة كوكش وإخراج سمير حسين)، بينما الخرجي كانت مصابة بالسرطان فعلاً، إلا أنّ لقطات شاهين جاءت ثابتة، أيّ فوتوغرافية في كواليس التحضير لشخصية سيدة مصابة بالسرطان في فيلم "ريجاتا" (تأليف معتز فتيحة، وإخراج محمد سامي) مع محمود حميدة وفتحي عبد الوهاب. الأمر الذي دفع عشرات المواقع الإخبارية المصرية والعربية لنقل الخبر عن mbc4، وتداوله على نطاق واسع من دون تصريح من الممثلة المصرية التي خرجت عن صمتها في تصريح لموقع "العربية نت". وقالت نجمة "أحلام لا تنام" (كتابة سماح الحريري وإخراج مجدي أبو عميرة) إن "المكياج المتميّز للفيلم هو الذي أدّى إلى الفهم الخاطئ لحقيقة الصور"، وأنها لم تحلق شعرها بالكامل خصوصاً أنها مرتبطة بأفلام أخرى أهمها "هز وسط البلد" و"يوم للستات". بالتالي كان من المستحيل حتى في حال إقتناعها بأهمية حلاقة الشعر، أن تسبّب الضرر لمشاريع أخرى كانت ستؤجّل تصوير مشاهدها فيها لأشهر كي تستعيد شعرها. وأكّدت شاهين سعادتها بأنّ "الصور خدعت البعض، وستكون مقنعة لجمهور "ريجاتا" عند عرضه قريباً في الصالات". يذكر أن الجزء الذي تظهر فيه الممثلة في "ريجاتا" حليقة الرأس صغير، خصوصاً أن الشخصية التي تقدّمها في العمل السينمائي تشعر بالحرج من ظهورها كذلك، وهو ما يجعلها تغطّي رأسها.

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترMhmdAbdelRahman@

سعيد الماروق لن يُخرج "24 قيراط"

زكية الديراني

لم يُكتب "النصيب" للمخرج سعيد الماروق (الصورة) في إنجاز أوّل مسلسل تلفزيوني يحمل إسم "24 قيراط" (للكاتبة السورية ريم حنا وإنتاج شركة "إيغل فيلم" للمنتج جمال سنان)، وكان من المتوقع أن يُعرض في رمضان المقبل (الأخبار 16/10/2014) وتلعب بطولته سيرين عبد النور وعابد فهد وماغي بو غصن. ورغم الإعلان عن المشروع في مؤتمر صحافي أقيم قبل شهرين بحضور المخرج وأبطال العمل، إلا أن الماروق أعلن قبل قليل على صفحته على الفايسبوك فسخ العقد بينه وبين "إيغل فيلم" على إخراج المسلسل. ولفت في حديث لـ "الأخبار" إلى أن "عدم الاتفاق مع "إيغل فيلم" سببه الإختلاف في وجهات النظر الفنية فقط، الأمر الذي أدّى إلى فسخ العقد". ويضيف "للاسف لم نتفق فنياً على تفاصيل مسلسل "24 قيراط"، وأنا كنت سأُحاسب على إخراج المسلسل بكل تفاصيله، كما تجري العادة، وعندما لم نتوصل إلى اتفاق يرضي طرفي العمل، فضّلت الانسحاب، تاركاً المشروع لغيري". مع فضّ العقد بين "إيغل فيلم" والماروق، بدأت الشركة التفاوض مع أربعة مخرجين بينهم لبنانيين وسوريين على أن يتمّ قريباً التوصّل إلى إتفاق لبدء تصوير المسلسل. وكان من المفترض أن تدور كاميرات "24 قيراط" بداية الشهر المقبل (شباط - فبراير)، لكن إنسحاب المخرج اللبناني لن يعرقل ذلك التاريخ بل سينطلق المشروع في وقته المحدّد مع اسم آخر. فمن سيوقع العمل الدرامي بدل سعيد الماروق؟ وهل يتجّه الاخير إلى إخراج مسلسل آخر؟

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترzakiaDirani@

الأخبار اللبنانية في

07.01.2015

 
 

نادى السينما

تكتبه هذا الاسبوع : صفاء الليثى

رحلة إلي طهران

جاءني نداء كالنداهة. أن تجد نفسك مدفوعاً إلي تلبية نداء يلح عليك إلحاحاً مستمراًَ بأن تقدم علي خطوة ما.. النداهة دعتني إلي زيارة إيران فعزمت أمري وتوكلت علي الله.. وصلت مطار طهران وخرجت إلي الطريق. الانطباع الأول اتساع الشوارع وقلة السيارات بها وارتفاع السماء بعض الشيء عن سماء القاهرة. تذكرت التعبير الأدبي عن "سماء أخري" أحن إلي الذهاب إليها. 
للحظات شعرت كأنني في كوكب آخر خاصة بعد ظهور جبال تحيط بالطريق المتسع. ولكن الكتابات بحروف عربية أعادتني إلي جغرافية المكان. لست في كوكب آخر بل في بلد إسلامي نظيف كأوروبا مختلف بمساجد كلها من السيراميك الملون بدرجات يغلب عليها اللون الأزرق وصور لآيات الله تحتها كلمات بالعربية.

بعد حوالي 45 دقيقة كنت قريبة من محطة للمترو ومول كبير مكتوب عليه بحروف عربية "كردون" ثم لافتة للشارع الرئيسي "نواب صفوي" حيث حي راق وبنايات متوسطة الارتفاع تحت بناية سكن الأصدقاء جراج للسيارات والحارس نظيف وأنيق اسمه "فيروز" عبر مصعد وصلنا. وكان علي خلع الحذاء أمام باب الشقة فالبيوت مفروشة تماماً بالسجاد. ولا تطأ الأقدام عليها بأحذية محملة بتراب الشارع. ستجد مداساً آخر للاستعمال الداخلي وستجد ترحاباً دافئاً دون مبالغة من سيدة المنزل التي تعد علي الفور شاي الصباح والتمر.

تناولت افطاراً خفيفاً ثم اصطحبني الصديق إلي لقاء السيد رضا فاروق نجاد مدير القناة الثانية بالتليفزيون الإيراني. أخبرته عن احترامنا للسينما الإيرانية ودهشتنا للتباعد بين البلدين رغم روابط ثقافية تجمعنا من حضارة عريقة لكل بلد. وصناعة سينما وطنية أيضاً لكل من مصر وإيران. عرضت أن نقيم أسبوعاً ثقافياً للسينما الإيرانية ونبادله بأسبوع مماثل للسينما المصرية. بالطبع بعد أن أعرض الأمر علي زملائي بمجلس إدارة جمعية نقاد السينما المصريين. وجاءني السؤال: وهل تسمح السلطات المصرية للإيرانيين بالدخول إلي أرضيها أم سيمنعونا ويسمحون فقط بأفلامنا؟ أسقط في يدي وأنا أراجع ما حدث بمهرجان القاهرة الأخير. وكيف لم يكن هناك من يتسلم جائزة الهرم الذهبي التي منحتها لجنة التحكيم الدولية للفيلم الإيراني "ملبورن" ردد الوزير المثقف كلمات عن سماحة الفن وعدم انصياعه للخلافات السياسية.

ما المشكلة بيننا وبين إيران؟ هل نخشي تصدير الثورة الإسلامية لنا؟ هل نخشي من محاولات نشر التشيع؟ هل نخشي من تدخلهم في الشئون المصرية؟ أسئلة لم أجد إجابة لها عند سفير مصر في إيران الذي استقبلني بالترحاب وأثني علي محاولتي "التطبيع مع إيران" كما وصفت أنا خطوتي تجاههم. عزمت أمري علي استمرار المحاولة ليس من أجل إيران ولا السينما التي أحبها. ولكن ممارسة لحريتي وحريتنا كنقاد سينما في اختيار الأفلام والتوجيهات الفنية التي نحبها بصرف النظر عن الخلافات السياسية.

قابلت سيدة استمرت في الحديث معي بالفارسية بإصرار عجيب علي التواصل معي وجاريتها وأظن أنني نجحت بالإشارة تارة وبتدخل من الصديق الذي يترجم بيننا. قهوة وشاي وتمر ومكسرات فاكهة وحلوي. تحية الضيف التي لا تنتهي. أجواء ستينية عجزت السينما الإيرانية التي تصلنا عن التعبير عنها. وبقي أن أبحث أنا لأصل إلي سينما شعبية تنقل هذه الصورة بنجاح. دون أن يكون توجهها إلي الآخر في الغرب. سينما إيرانية تشبه أفلام الواقعية المصرية في أوجها. تشبه أفلام عاطف الطيب. وسمير سيف. وسينما شعبية للناس العاديين التي وجدتها مختلفة تماماً عن الصورة التي تصلنا عبر أفلام فنية أكيد ولكنها تنقل جانباً واحداً من الصورة المتنوعة لبلد غني شديد التنوع ومتعدد الثقافات.

دعونا نتفاعل معا بقوتنا الناعمة التي قد تنجح فيما فشلت فيه السياسة. دعونا نتجه إلي الشرق الذي يشبهنا ونشبهه أكثر مما نتصور. وافتحوا لنا الأبواب كصيحة فاتن حمامة في فيلم هنري بركات عن رواية لطيفة الزيات "الباب المفتوح". سلمت مصر وعاشت حرة غير منصاعة لأوامر أو توجهات تحاول التدخل في شئونها .

الجمهورية المصرية في

07.01.2015

 
 

راسل كرو يستكشف عالم الشرق في «عرّاف المياه»

دبي - زينب الحاج (مدرسة الحياة)

لطالما لمّح راسل كرو، الممثل الأسترالي الحائز جائزة أوسكار، إلى رغبته في الإبحار من عالم التمثيل الذي برع فيه إلى عالم الإخراج. ومن بين النصوص السينمائية التي عُرضت عليه جميعها، اختار أن تكون تجربته الإخراجية الأولى عبر الدراما التاريخية «عرّاف المياه»، من إعداد أندرو نايت وأندرو أناستاسيوس، وأدى دور البطولة بنفسه، إلى جانب نجوم كبار مثل أولغا كوريلنكو ويلماز أردوغان وجاي كورتني.

يروي الفيلم قصة مزارع أسترالي يدعى جوشوا كونور (راسل كرو) في رحلته إلى تركيا للبحث عن أبنائه الثلاثة بعد فقدهم في معركة «غاليبولي» عام 1915، وهي معركة تضامنت فيها دول الحلفاء لمحاولة احتلال عاصمة الدولة العثمانية اسطنبول. لكن المحاولة باءت بالفشل ونتج عنها عدد كبير من الضحايا.

يواجه كونور الكثير من العقبات المتمثلة في البيروقراطية البريطانية والحواجز الديبلوماسية، لكنه يتمكن من اجتيازها ليصل إلى القسطنطينية حيث يقيم في فندق تملكه عائشة (أولغا كوريلنكو)، وهي أرملة تركية فقدت زوجها في المعركة. وعلى رغم امتعاضها في بادئ الأمر من إقامة «العدو» في فندقها، فإنها تغيّر موقفها العدائي تجاه كونور بعد أن تكتشف سبب قدومه إلى تركيا، بل تساعده في الذهاب إلى حيث يريد.

يصل كونور إلى ساحل غاليبولي ليلتقي الضابط الأسترالي هيو (جاي كورتني) الموكل مهمة استخراج جثث الجنود الأستراليين من أرض المعركة وتكريمهم بدفن لائق. يرفض هيو مساعدة كونور، لكنه يغيّر رأيه بتأثير من الرائد حسن (يلماز أردوغان)، الضابط العسكري التركي المتعاطف مع كونور، كونه ليس الوالد الوحيد الذي فقد أبناءه في الحرب، لكنه «الأب الوحيد الذي جاء يبحث عنهم».

ركز الفيلم على إبراز طبيعة تركيا الخلابة وغناها الثقافي، لكنه وقع في فخ المبالغة والانسياق وراء فكر الغرب الاستشراقي عن عالم الشرق «الساحر». ويتجلى ذلك في مشاهد كثيرة، مثل سؤال كونور أبنائه عن الكلمة السرية التي تجعل «البساط السحري» يطير وحمله كتاب «ألف ليلة وليلة» معه في كل مكان، بالإضافة إلى الرقص الشعبي في الفندق.

لكن في المقابل، ابتعد الفيلم بذكاء عن تمثيل المرأة الشرقية في دور الضحية المُعتاد في الأفلام الغربية. ففي أحد المشاهد، يأتي كونور مسرعاً لإنقاذ عائشة من اعتداء عثمان، شقيق زوجها الراحل الذي يريد الزواج بها اتباعاً للتقاليد التركية، لكن عائشة ترفض مساعدته وتصفه ساخرة بـ«المنقذ الغربي»، مذكرة إياه بأن غزو بلاده تركيا هو أصل معاناتها التي يحاول الآن بكل بطولة تخليصها منها.

وفي نهاية الفيلم، يعود كونور إلى الفندق ليلتقي بعائشة، التي تختار تقليداً تركيا للبوح بحبها له، في احترام للعادات والتقاليد التي ترغب هي أن تتمثل بها.

ولا يمكن أيضاً تجاهل الأداء القوي للممثل التركي أردوغان في دور الرائد حسن الذي تبتعد شخصيته عن الصورة النمطية العدائية للرجل الشرقي الرجعي، ليتمتع عوضاً عن ذلك بصفات النبل والشجاعة والوفاء.

وعلى غير عادة الأفلام الغربية التي تتناول الحرب ضد الشرق موضوعاً أساسياً، لا يرجّح «عراف المياه» كفة الميزان إلى البطل الأسترالي العظيم، بل تقوم شخصيات عدة في الفيلم بتذكير كونور بأنه هو من أرسل أبناءه إلى القتال في حرب لا تعود عليهم بأي فائدة، وأن الخسائر البشرية أصابت كلا الطرفين، لأن الحرب لا تعفي طرفاً دون الآخر.

وعلى رغم أن المُشاهد قد ينغمس في مزيج من مشاعر الحزن والأمل، خصوصاً أثناء لقطات الحرب المؤلمة التي يعود إليها الفيلم بين حين وآخر، فإنه من الصعب التغاضي في بعض الأحيان عن تسلسل الأحداث المفتعل الذي يعتمد على الصدف الغريبة، مثل اكتشاف كونور غير المفسر مكان جثث أبنائه بمجرد الوقوف فوقه. لكن ذلك لا يعني أن الفيلم لم ينجح في توصيل رؤية المخرج بكل وضوح، وهي أن الحرب لا تؤدي إلا إلى دمار الجميع، وخسارتهم، وأنه لا يمكن العيش إلا بالتسامح والغفران.

الحياة اللندنية في

07.01.2015

 
 

عمّان: أفلام قصيرة لا تكسر القاعدة

عمّان - نضال برقان

يواجه قوسٌ واسع من الأفلام الأردنية القصيرة مشاكل فنية عدة، أبرزها الخطابية والمباشرة، وغلبة الكلمة المنطوقة على حساب الصورة. مراجعة هذه الإنتاجات القصيرة، روائيةً كانت أم وثائقية، تكفي للخروج بخلاصة كهذه. ولعلّ العرض الذي نظمته "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" في مسرح "الرينبو" في عمّان، أول أمس، لمجموعة من الأفلام الأردنية القصيرة، يقدم أمثلةً تتقاطع مع هذه الخلاصة.

"بدي ألقي كلمة بناسا" كان أول تلك الأفلام، وهو وثائقي مدته 37 دقيقة، لسهى إسماعيل، نتعرّف فيه على خالد، وهو طفل موهوب عمره ثلاث عشرة سنة، مولع بالفلك، ويحلم بأن يشتغل في "ناسا". وعلى الرغم من الدعم الذي يحصل عليه من أهله، الذين وفرّوا له تلسكوباً، ومن المدرسة، التي أقامت من أجله مسابقة لحلّ "مكعب الذكاء"، إلا أن "سماء وطنه لا تتسع لحلمه الكبير"؛ فلا الجامعات توفّر دراسة متخصصة في علم الفلك، ولا هناك من يدعم مراصد فلكية محترفة، ليظلّ الخيار الذي يدور في فلكه هو "ناسا"، البعيدة.

أما "فرصة مريم"، لهنادي عليان، فهو روائي قصير حاول كسر عزلة مريم، العزباء والخجولة، التي تعيش بمفردها، حيث تجد باقة من الزهور داخل منزلها، في أحد الأيام، من معجب سري. وفي اليوم التالي، تجد على الباب دعوة للقاء. وبين مشاعر مختلطة من خوف وحماس وسعادة وتردّد، تقرّر الذهاب لموعدها.

عند وصولها تجد ذلك المعجب حاملاً باقة من الزهور شبيهة بتلك التي كان وضعها أمام منزلها، فتقترب منه، ثم يتدخل رجلان من الأمن، فيقبضان على الشاب، ويتركان مريم وحيدة. ولكن ما سبب دخول رجلي الأمن في المشهد؟ وما مبرر اعتقالهما للشاب؟ سؤالان لا إجابة واضحة عليهما حتى لدى المخرجة نفسها كما يبدو.

ويقدّم المخرجان زيد بقاعين وميس سلمان، عبر "أوتيل الزعتري"، وهو وثائقي مدته ست عشرة دقيقة، لمحة عن حياة وواقع أربعة لاجئين سوريين يعيشون في مخيم الزعتري، من دون أن يتضمن حبكة واضحة. هي حالات إنسانية لا تتحدث؛ حيث الراوي يسرد نصاً يتأمل جوهرهم، ويحاول أن يفتح نافذة لأحلامهم، بوصفها بديلاً عن حيواتهم الضائعة.

وفي فضاء إمكانية نجاح مشروع إنتاجي صغير، في ظلّ هيمنة كبار التجار على الأسواق المحلية، يتحرك فيلم "هيدروبونيك سلطان"، لفراس صويلح وأحمد عقيل، وهو وثائقي مدته 12 دقيقة. فشل أسامة، الذي يعمل رئيس قسم في شركة كبرى، في إنجاح مشروع زراعي صغير، بسبب تغوّل السوق، يؤكد أن لا أمل في نجاح أي مشروع إنتاجي على صعيد الأفراد في الأردن، ولكن ما هي مصداقية ذلك التغوّل على أرض الواقع؟ وما بديل الأفراد حِياله؟ سؤالان لا يقدم المخرج إجابة عليهما، مكتفياً بالإشارة من بعيد.

أربعة أفلام، إذاً، قدّمت صوراً، من بعيد، لنماذج في المجتمع، حملت في طيّاتها إدانة للذات، وتكريساً لفكرة الآخر المتفوق. صور ليست حقيقية تماماً، وليست محض خيال تماماً، بيد أنها وجدت استحساناً من قبل الجمهور، الذي كان جلّه من جاليات أجنبية.

العربي الجديد في

07.01.2015

 
 

روسيا تنفي الضغط على جريناواي لاستبعاد موضوع شذوذ أيزنشتاين

نفت روسيا أن تكون قد رفضت تقديم دعم مالي للفيلم الجديد الذي يعتزم أن يخرجه المخرج البريطاني بيتر جرينازاي عن المخرج الروسي الشهير سيرجي ايزنشتاين، ما لم يتم استبعاد اي إشارة إلى ميوله الجنسية الشاذة من سيناريو الفيلم.

وقال نيكولاي بورداشيف، مدير صندوق دعم السينما الحكومي "جوسفيلم" Gosfilmofond نشر في موقع القسم الروسي من بي بي سي يوم الثلاثاء، إن هناك بعض الملاحظات حول فيلم "مصافحات أيزنشتاين" The Eisenstein Handshakes، إلا أنه نفى أن يكون قد طلب من جريناواي استبعاد أي شيء يتعلق بالميول الجنسية للمخرج الشهير.

وأوضح أن هناك أيضا بعض الملاحظات السلبية على طريقة جريناواي فيما يتعلق بتصوير فيلم "المدمرة بوتمكين" قائلا إنه لم يحب الطريقة التي يفسر بها جريناواي الموضوع.

وأشار بورداشيف الى وجود بعض الضغوط من جانب بعض الأوساط من اجل استبعاد مشاهد من الفيلم تظهر الميول الجنسية الشاذة لايزنشتاين، لكنه رغم ذلك، استبعد أن يكون لها أي تأثير على الفيلم "حتى لو كانوا يملكون الكثير من المال وحتى لو كانوا في مواقع مسؤولة" حسب قوله.

وكانت وكالة الأنباء الروسية ازفيتسيا قد اشارت يوم الأحد الماضي إلى أن صندوق الدعم الحكومي قال إنه لن يشارك في مشروع فيلم جريناواي ما لم تستبعد مشاهد تشير الى "العلاقات غير التقليدية لأيزنشتاين" من السيناريو. وأوردت صحيفة "موسكو تايمز" فيما بعد نقلا عن بورداشيف قوله "لا أريد الحديث حول هذا الموضوع (الشذوذ) لكنها تيمة في السيناريو لا تناسبنا" مضيفا حسب الصحيفة، أن "الفيلم ينبغي بالدرجة الأولى، أن يكون مناسبا لمشاهدينا".

ولم يتطرق الرجل الى التشريع الذي صدر في روسيا حديثا، بتجريم أي دعاية للعلاقات الجنسية الشاذة، تكون موجهة للنشيء".

وسيكون الفيلم الجديد لجريناواي هو فيلمه الثاني عن المخرج الروسي الكبير صاحب الأفلام الصامتة المعروفة مثل "الاضراب" و"المدمرة بوتمكين" و"أكتوبر" و"الكسندر نيفسكي"، فمن المقرر أن يعرض جريناواي فيلمه الأول عن ايزنشتاين، الجديد في مسابقة الدورة القادمة من مهرجان برلين السينمائي وهو فيلم "ايزنشتاين في غواناجواتو"Eisenestein in Guanajuato. ويركز الفيلم على نظرة  أيزنشتاين تجاه الجنس والموت خلال تصويره فيلم "تحيا المكسيك" عام 1931.

ويرى بعض المؤرخين أن أفلام ايزنشتاين تضمنت لقطات تشي بميوله الجنسية الشاذة مثل تركيزه على مناظر البحارة بصدورهم العارية وأجسادهم الممشوقة في فيلم "بوتمكين".

وتردد أيضا ان منتج فيلم "تحيا المكسيك"، الأمريكي أبتون سنكلير، أوقف تصوير الفيلم بعد ان لاحظ أن أيزنشتاين أقام بعض العلاقات العاطفية مع عدد من الشباب المكسيكيين أثناء التصوير.

وتسبب ما أثير حول هذا الأمر، ثم الخطاب الذي أرسله ستالين الى ايزنشتاين يطالبه بالعودة على الفور والا اعتبر منشقا، في وقف تصوير الفيلم وعودة أيزنشتاين الى روسيا دون أن يكون معه نيجاتيف الفيلم، وعدم قدرته على استكماله فيما بعد.

 (عن صحيفة الجارديان البريطانية بتاريخ 7 يناير 2014)

عين على السينما في

07.01.2015

 
 

الوثائقي «روشيما» لسليم أبو جبل:

يوميات عائلة فلسطينية تقاوم الزمن والفقر

سليم البيك - باريس ـ «القدس العربي:

يوثّق المخرج سليم أبو جبل، ابن الجولان السوري المحتل، في فيلمه الطويل الأوّل، الأشهُرَ الأخيرة من حياة زوجيْن هما يوسف أبو العبد وشريكته آمنة، وقد تمّ توثيق حياتهما على عدّة مراحل من قبل المخرج الإسرائيلي، المؤيد للعديد من الحقوق الفلسطينية، عاموس جيتاي.

فيلم أبو جبل الحائز جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دبي السينمائي في دورته الأخيرة، حيث كانت العروض الأولى للفيلم، مكتمل في ذاته ولا يستلزم الرجوع لأفلام جيتاي، ولا إشارة فيه إليها أساساً، إلا أن موضوع «روشيما»، أبو العبد وزوجته، يصبّ في الفيلم مستكملاً، لمُشاهد أفلام جيتاي، ما صوّره الأخير في ثلاثة أفلام وثائقيّة بعنوان رئيسي هو «الوادي»، صُوّرت تباعاً في 1981 و 1991 و 2001.

في أفلام عاموس جيتاي الثلاثة شاهدنا يوسف أبو العبد ضمن يوميّات وُثّقت في الأزمنة المتباعدة الثلاثة، تصوّر الشقاء الذي يعيشه أبو العبد كساكن لبرّاكية، وهو بيت من الصفيح، لا تصله لا الماء ولا الكهرباء ولا خطوط الهاتف، ولا تعترف به بلديّة حيفا، المدينة التي تقع البرّاكية على أطرافها، يعيش متنقّلاً من عمل لآخر، يمارس أعمالا متباعدة عن بعضها بعضا هي الأخرى، من صيد السمك إلى الفلاحة إلى البناء وغيره.

نسمعه يقول في الفيلم الذي صُوّر في 1981 إن بلديّة حيفا تحاول إخلاء البيت، وهو ما يدور حوله فيلم أبو جبل الذي صُوّر بعد ما يقارب 33 عاماً، أي محاولة بلديّة الاحتلال في حيفا إخلاء البيت، وتشبّث أبو العبد به، وهو برّاكية بدائية، سقوفها، نراها في جميع الأفلام على امتدادها زمنياً، كما هي، مثبّتة بدواليب سيارات وقطع خشب وحجارة باطون. ونسمع أبو العبد يقول في الفيلم المصوّر عام 1991 إنّه يعيش هناك منذ عام 1956، ونراه في «روشيما» عام 2014 يعيش كما عاش دائماً، لا ماء ولا كهرباء، وحيداً مع زوجته بلا ابناء، حتّى أقاربه تشتّتوا بين الدول العربية وأوروبا وأمريكا، ولا جيران كذلك، فبيته يقع في واد تحوّطه الأشجار والصخور وضجيج الشاحنات والجرّافات وغبارها نهاراً، والنباح والعواء ليلاً، وذلك بعدما هجر أهالي الوادي المكانَ منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي.

كغيره من اللاجئين، تشرّد أبو العبد بعد عام النكبة ولجأ من قرية الطيرة إلى عدّة مناطق في فلسطين لينتهي أخيراً على أطراف مدينة حيفا في بيته في قاع وادي روشيما (كلمة آرامية تعني رأس النبع). أخيراً، تحاول بلديّة حيفا إخلاء البيت لتشقّ نفقاً يمرّ من هناك، يرفض أبو العبد ويقاوم إلى أن يعجز أمام قرارات السلطة. يوسف أبو العبد الذي شاهدناه مقاوماً الزمن والعوز في أفلام جيتاي الثلاثة، رجل صلب وطيّب، فقير مكافح بالمعنى النموذجي والمثالي للكلمة، نراه في فيلم أبو جبل وقد بلغ الثمانين عاماً، الأعوام الظاهرة قسوتها على وجهه من دون أن تحني ظهره، نراه واقفاً عند صخرة تطلّ على ما كان بيته، يبكي ويصرخ داعياً الله أن يهدّهم (الجرّافات، وسلطات الاحتلال بالمعنى الأعمّ) كما يهدمون بيته المبني من الصفيح والخشب وبعض الاسمنت.

الموضوع الواحد الذي يربط «ثلاثيّة» عاموس جيتاي بـ «روشيما» سليم أبو جبل، وهو أبو العبد وزوجته، والخاتمة التي سينتهي عليها الفيلم الأخير، سيجعل من «روشيما» رابع هذه «الثلاثيّة» وخاتمتها، رابع لا بدّ منه لمُشاهد أفلام جيتاي الثلاثة، المتسائل عن حال العائلة المعزولة والفقيرة بعد أكثر من عقد على الفيلم الثالث منها. إنّما الجديد في «روشيما» أنّه لم يكتف بتصوير يوميّات الفقر المدقع التي يعيشها أبو العبد وآمنة، إنّما نقل القلق الذي نزل على هذه الأسرة البائسة بفعل إجبارهم من قبل سلطات الاحتلال على إخلاء البيت، وإن بمقابل ماديّ رفضاه إلى أن اضطرّا للقبول به كونهما في كل الحالات سيُخليان البرّاكية التي لم يستغرق هدمها غير دقائق قليلة، فنقل الفيلم إضافة إلى الفقر والشقاء المتشبّثين بالزّوجين طوال حياتهما، الغبنَ والقهرَ اللذين نزلا عليهما في شيخوختهما.

في أفلام الـ 1981 و 1991 و 2001 و 2014 جميعها، نرى أبو العبد المصاب في رقبته من معارك عام النكبة حيث قاتل، والمعتقل بعد ذلك بعام حيث عُذّب من دون أن يشير إلى غيره من الثوّار، نراه في الأفلام الأربعة يلمّ الخشب الجاف ليتدفأ عليه، يأكل مما يزرع وما يتكرّم به الناس عليه، في «روشيما»، أو مما يجنيه، في الأفلام الأولى، حيث عمل حتى سنّ متقدّمة. 

يقول في أحد أفلام جيتاي بأنّ المهاجرين الجورجيّين اليهود خطفوا الشغل من العمّال العرب كونهم أيادي عاملة رخيصة، يقول كذلك إن الاحتلال الذي طرده من بيته عام النكبة يلاحقة على هذه البرّاكية وهي كل ما يملك، لكنّنا نسمعه يقول كذلك بأنّه ما إن يخرج من بيته هذا حتى يموت بعد يوم أو اثنين. أخيراً، ينتهي الفيلم، ونقرأ إهداءً لروحيْهما، يوسف أبو العبد وزوجته آمنة.

المغرب يرفع المنع عن فيلم «خروج ..آلهة وملوك» بعد حذف مقاطع تجسيد الذات الإلهية

الرباط – سارة آيت خرصة:

سمحت السلطات المغربية بعرض الفيلم الأمريكي المثير للجدل «الخروج..آلهة وملوك» للمخرج ريدلي سكوت، بعد إلغائها لمقطعين يجسدان الذات الإلهية في الفيلم، فيما كانت قد أعلنت عن منعها عرضه في الصالات السينمائية في وقت سابق.

وقال بيان صادر عن المركز السينمائي المغربي، (الهيئة الوطنية المكلفة بتنظيم قطاع السينما في المغرب)، إنه أجرى اتصالات وصفها بـ»الودية» و»المهنية» مع الشركة المنتجة للفيلم» فوكس» ومخرجه، تمت الموافقة على إدخال تعديلات على الشريط السينمائي، عبر «حذف مقطعين صوتيين يحيلان إلى تجسيد الذات الإلهية».

وأشار البيان الى أن مسؤولي الشركة المنتجة للفيلم شددوا على «عدم وجود نية للمس بمشاعر وقيم المغاربة والمسلمين»، واعتبر المركز قرار الشركة المنتجة للفيلم «دليل احترام وتقدير من قبل الشركة المنتجة»، منوها بضرورة «الكف عن محاكمة النوايا إزاء لجنة النظر في صلاحية الأشرطة السينمائية وأعضائها».

وقدم المركز السينمائي الفيلم بعد التعديلات التي أدخلت عليه إلى لجنة النظر في صلاحية الأشرطة السينمائية، التي وافقت عليه ومنحته التأشيرة للعرض في الصلات السينمائية في المغرب.

وأوضح المركز السينمائي في البيان، أن احترام «حرية الإبداع»، لا يعني المس بمشاعر المواطنين لا سيما الدينية منها»، حسب البيان.

وأثار قرار منع عرض الفيلم، الذي جسد من خلاله المخرج ريدلي سكوت، قصة نبي الله موسى، في مصر والمغرب، موجة من الجدل في أوساط المثقفين، مؤخرا.

وقال المركز السينمائي المغربي (الهيئة الوطنية لتدبير قطاع السينما)، في بيان سابق له، إن قرار منع عرض الفيلم، يرجع «لتجسيده الباطل للذات الإلهية».

ونشرت بعض دور السينما في المغرب على مواقع التواصل الإجتماعي، أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تفيد بإلغائها عرض الفيلم، دون صدور قرار رسمي عن المركز السينمائي المغربي بسحبه من القاعات، إلا أن دور العرض قالت إنها تلقت تعليمات بمنع عرضه.

وتتمحور قصة الفيلم حول خروج النبي موسى من مصر، وتركز الأحداث على تسليط الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم على فرعون وقومه.

ووضع سيناريو»الخروج ..آلهة و ملوك» ثلاثة كتاب هم: «ستيف زيلين، وآدم كوبر، وبيل كولاج»، وقام ببطولته كريستيان بيل الذى يجسد دور النبي موسى وأندريا فالما في دور زوجة سيدنا موسى، ويشارك في الفيلم السوري غسان مسعود، حيث يجسد دور أحد مستشاري الملك سيتي الأول.

وكان الأزهرالشريف قد طلب في مارس/ آذار الماضي منع عرض الفيلم الأمريكي «نوح» كونه يتضمن تجسيداً لشخصية رسول الله نوح، وهو أمر محرم شرعاً ويمثل انتهاكاً صريحاً لمبادئ الشريعة الإسلامية حسب فتوى علماء الأزهر، وبالفعل تم منع عرض الفيلم لكن وزير الثقافة المصري كان له رأي مخالف داعما لفيلم «نوح».

حياة «مصطفى كمال أتاتورك» كما يرويها رفيقه صالح بوزوك

من أحمد جمال المجايدة: دبي- «القدس العربي»

من قلب التاريخ وزمن الحروب، تنطلق حكاية الفيلم السينمائي التركي «أتاتورك»، الذي يقدِّم سيرة «مصطفى كمال أتاتورك»، مؤسِّس الجمهورية التركية، وأول رئيس لها، ويُعرَض في جزئيْن، على «أم بي سي 1». لا يروي الفيلم قصة حياة الرجل بصيغة كلاسيكية، بل يستحضرها من خلال مذكرات «صالح بوزوك»، صديق الطفولة الذي رافق «أتاتورك» طيلة حياته، وفي أصعب الظروف وأكثرها قساوة، وحتى اللحظات الأخيرة، حين قرّر أن يضع حداً لحياته، وعلم «بوزوك» بخبر وفاته في قصر «دولمه باهتشه» عام 1938. دخل «بوزوك» مكتبه الخاص، وأطلق الرصاص على نفسه لشدة تعلّقه بـ «أتاتورك» وحبّه له، غير أن الطلقة لم تصبه في مقتل، ثم توفي بعد ذلك بنحو ثلاث سنوات عام 1941. هذا الرجل هو نفسه «صالح بوزوك»، الذي ما كان لأحد أن يعرف «مصطفى كمال» بقدر ما عرفه هو. وهذا ما جعل كتابه جديراً بأن يتحوّل إلى فيلم سينمائي، أُنتج عام 2010، وأخرجه «زلفو ليفانيلي»، وحقّق إقبالاً كثيفاً.
سياسياً، لقّب «مصطفى كمال» بـ «أتاتورك» وذلك بسبب البصمة القوية التي تركها في تاريخ الدولة، ونشأة النظام الجمهوري في تركيا، وخلال الحرب العالمية الأولى.

لم يكتفِ العمل الدرامي بعرض سيرة «أتاتورك» في المجال السياسي، بل كشف أيضاً عن مفاصل مهمة من حياته الخاصة، منذ كان طفلاً، ثم وصوله إلى إحدى المدن التركية عام 1887، حتى رحيله عام 1938 في قصر «دولمه باهتشه». 

تغوص القصة في جذور العائلة وانتقال أفرادها إبّان الغزو التركي إلى البلقان، وتعرّف على أسرته المؤلّفة من والده ووالدته وشقيقته الوحيدة، مروراً بانضمامه إلى مدرسة دينية، حفظ فيها القرآن الكريم. ثُم تنتقل القصة إلى مرحلة أخرى، لا تقل أهمية إثر وفاة والد «مصطفى كمال»، إذ فَرضت عليه الظروف أن ينتقل مع والدته وشقيقته إلى قرية مجاورة، والتحاقه بالمدرسة العسكرية الإعدادية فيها. وهناك، تم الكشف عن الشخصية التي كان لها الأثر الأكبر في بناء الدولة التركية ومستقبلها، شخصية رسمت تاريخاً مختلفاً للدول المجاورة والمنطقة بأسرها.

الأفلام المستقلة تتصدر قائمة ترشيحات نقابة المنتجين الأمريكية

من حسام عاصي: هوليوود – «القدس العربي»

أعلنت نقابة المنتجين الأمريكية عن ترشيحات جائزة داريل زوناك لأفضل فيلم. وضمت هذه الترشيحات عشرة أفلام وهي: «القناص الامريكي»، «الرجل الطائر»، «صائد الذئاب»، «فتاة مختفية»، «فندق بودابست الكبير»، «زاحف ليلي»، «نظرية كل شيء»، و»سوط».

كل الافلام المذكورة أعلاها، ما عدا «زحف ليلي»، تم ترشيحها لجوائز اخرى سالفا، ولهذا كان ظهورها في هذه القائمة متوقعا.أفلام أخرى تستحق ولكن فشلت في تحقيق ترشيحات هي: بريء، انبروكين، في الغابة، اكثر الأعوام عنفا، وسلما.

وتعتبر ترشيحات نقابة المنتجين الامريكية مؤشرا قويا لترشيحات جائزة الاوسكار لافضل فيلم، وذلك لان أعضاءها يشكلون 8 ٪ من عضوية أكاديمية الفنون والعلوم الامريكية. ففي الـ 25 سنة السابقة، نجح 18 فائزا بجائزة نقابة المنتجين الأمريكية باقتناص الأوسكار لأفضل فيلم ومن ضمنها: «12 سنة عبدا»، «الفنان»، «ارغو»، «خطاب الملك»، «خزانة الألم»، «المتشرد المليونير»، و «لا وطن للمسنين».

أما ترشيحات أفضل فيلم رسوم متحركة، فضمت 5 أفلام وهي: «بطل كبير «6، «كتاب الحياة»، «الباكسترول»، «كيف تدرب التنين 2»، و»فيلم الليغو». ويذكر أن فيلم «مجمد» كان فائز هذه الجائزة العام الماضي.

وسوف يُعلن عن فائزي جوائز نقابة المنتجين الامريكية الـ26 في 24 يناير/كانون الثاني الجاري في حفل يُعقد في فندق «حياة ريجينسي» في لوس أنجليس.

القدس العربي اللندنية في

07.01.2015

 
 

حملة على مواقع التواصل تطالب بعودته

الغموض يلف مهرجان الخليج السينمائي

دبي ـ غسان خروب

حالة من الغموض والضبابية تلف وضع مهرجان الخليج السينمائي، الذي دخل مرحلة السبات بعد تأجيل دورته السابعة التي كانت مقررة في أبريل الماضي، ورغم دخولنا أروقة 2015، فلا مؤشرات تلوح في الأفق حول المهرجان الذي لم يعرف إذا كان سيرى النور مجدداً أم لا، ما حدا بصناع السينما الخليجية إلى المبادرة بإطلاق حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عنوانها «عودة الخليج السينمائي»، في محاولة لتوضيح أهمية المهرجان وإنجازاته وخصوصيته بالنسبة للسينما الخليجية، معتبرين أنه يشكل حاضناً أساسياً لهم، ونافذة أمل للسينما الخليجية، ومنصة تطوير لها.

«إقامة «الخليج السينمائي» تمت بالتأكيد وفق رؤية استراتيجية وبهدف خلق منصة للفيلم الإماراتي والخليجي»، بهذا القول عبر سعيد النابودة المدير العام بالإنابة في هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة) الداعم للمهرجان، عن رأيه في هذه الحملة، وقال: «أعتقد أن المهرجان حقق الهدف المرجو منه، ومكن أفلام السينما الخليجية من الوصول لمنصات عرض عالمية، وهو ما لاحظناه من خلال مهرجان دبي السينمائي الذي شهد تزايداً في عدد الأفلام الخليجية المعروضة فيه»، وأشار النابودة إلى أن استمرار المهرجان من عدمه أمر عائد إلى إدارة المهرجان فقط، وأن «دبي للثقافة» جهة داعمة له فقط، مشيراً إلى وجوب مراعاة الكثير من الأمور اللوجستية التي يقوم عليها المهرجان، منوهاً إلى ضرورة العمل حالياً على توجيه الفيلم الخليجي للتواجد في المهرجانات الدولية والحصول على الجوائز، داعياً صناع السينما الخليجية للعمل على تحقيق هذا الهدف.

وقال: «يجب علينا العمل على خلق مكان للفيلم الخليجي في المهرجانات الدولية وصالات العرض التجارية، لأن الفيلم في النهاية للجمهور العام»، مثمناً مبادرة «برنامج دبي للتوزيع» التي قال إن تباشيرها بدأت تلوح مع تواجد الفيلم الإماراتي والخليجي في صالات السينما، داعياً صناع السينما الخليجية إلى ضرورة التواجد بكثافة في مهرجان دبي السينمائي، لكونه يشكل منصة دولية أوسع تتيح لهم التفاعل مع مخرجين وصناع السينما العالمية.

تدريب مناسب

المخرجة نجوم الغانم، اعتبرت أن «الخليج السينمائي» واحداً من أهم مكاسب السينما في الإمارات والخليج، وأحد منجزات دبي المهمة، وقالت صاحبة فيلم «سماء قريبة» الفائز بجائزة أفضل فيلم غير روائي في دورة «دبي السينمائي» الأخيرة: «استفدت من تعدد المهرجانات بالدولة، وتحديداً «الخليج السينمائي»، الذي فتح المجال أمامنا للمنافسة والحصول على التدريب المناسب على يد مخرجين معروفين، عبر ورش تدريبية عقدها المهرجان في مجالات الإخراج وكتابة السيناريو».

نجوم أشارت إلى أن أول فيلم طويل انتجته تزامن عرضه مع أول دورة للمهرجان، ومن خلال الجوائز التي حصدها تمكنت من إنتاج أفلام طويلة أخرى وفي وقت قياسي.

وأكدت أن هذا المهرجان يعتبر إضافة مختلفة للسينما الخليجية، وأن أهميته تأتي في تخصصه واتساع ساحته التي تشمل كل صناع السينما الخليجية، وقالت: «نرفع أصواتنا بمحبة ونشكر المنظمين وجميع الذين ساهموا في المهرجان طوال السنوات الماضية، وإدارة المهرجان على ما بذلوه من جهد وحرص على تطوير صناعة السينما الخليجية، ودعمهم لها للوصول إلى المهرجانات العالمية».

تجمع إيجابي

في حين وصف وليد الشحي «الخليج السينمائي» بالمختلف، وقال إنه يتميز عن بقية المهرجانات بـ «الحميمية والتجمع الإيجابي الفعلي بين السينمائيين الخليجيين»، مضيفاً: «أهمية المهرجان تكمن في كونه منصة انطلاقة للعديد من صناع السينما الخليجية سواء أكانوا طلاباً أم محترفين، فقد وفر المهرجان لنا الفرصة للتفاعل مع الآخر»، وذكر الشحي أن هدف الحملة يكمن في التذكير بأهميته، وقال: «للمهرجان ضرورة كبيرة ويجب ألا يموت».

 من جهتها ترى نائلة الخاجة أهمية المهرجان من حيث قدرته على تسليط الضوء على السينمائيين الخليجيين، وقالت: «المهرجان يشكل ساحة لإظهار المواهب السينمائية الخليجية وإبداعاتهم، وبالتالي فمن الخسارة أن توصد الأبواب في وجهه كونه يمثل ملتقى لنا جميعاً، لمناقشة الأفكار والورش التدريبية ومعرفة المستوى الذي وصلنا له». وتابعت: «إذا كان لا بد من إيقاف المهرجان، اقترح أن يتم توجيه ميزانيته لدعم الأفلام الخليجية الطويلة، لأن ذلك سيساهم بالتأكيد في زيادة عددها ويطور من مستواها الفني».

حراك وإثراء

لم تقتصر الحملة على صناع السينما الإماراتية، وإنما شملت أقرانهم من الخليج، والذين اتفقوا معهم على أهمية المهرجان الذي ساهم منذ انطلاقته في 2008 بحماية أفلامهم من البقاء حبيسة الأدراج، حيث وصف السعودي بدر الحمود أهمية المهرجان بالقول: «إلغاؤه خسارة كبيرة لكل صناع السينما في الخليج»، وأكد محمد الشاهين أنه «لا حياة للسينما في الخليج إذا أغلقت هذه المنافذ»، أما الناقد رجا ساير المطيري فوصف المهرجان بأنه «الرئة التي يتنفس بها السينمائيون الشباب، وتوقفها يعني موت السينما الخليجية»، فيما اعتبر المخرج علي الشويفعي «الخليج السينمائي» من «المهرجانات المهمة والداعم لصناع الأفلام لما فيه من حراك وإثراء فني مميز».

البيان الإماراتية في

07.01.2015

 
 

بطولات الماضي.. ملاذ يكسر فيه بطل آخر أفلامها سكونه لعشرات السنين

«ساكن»: الفيلم الذي يضمر حركته الديناميكية

أمستردام: بهيج وردة

رغم أن عنوان الفيلم يتحدث عن السكون باعتباره اسماً، إلا أن الفيلم يأخذك إلى النقيض، حيث يحمل من ديناميكية الحركة والفعل الدرامي الكثير. وهو وإن كان «ساكن» إلا أنه –في الغالب- ينجح في تحريك الساكن داخلك، وينبش نقطة عميقة من خلال تناوله القضية الفلسطينية من منظور إنساني لطالما غاب عنها. البطل مقاتل سابق، إلا أن عبثية الحرب، والنيران الصديقة -أصيب قبيل الاجتياح الاسرائيلي للبنان بأربع أشهر- أدت لإصابته بشلل أقعده في السرير طيلة أعوام. وهنا تكمن الحكاية التي نبشتها المخرجة ساندرا ماضي عندما التقت به صدفة خلال تصوير فيلمها الأسبق، إلا أنها قررت أن لهذه الحكاية مساحة وخصوصية لابد من تناولها لوحدها، وهذا ما حصل بعد سنوات عندما عادت إلى الأردن لاستكمال التصوير مع «إبراهيم» المقاتل السابق في منظمة التحرير الفلسطينية، وشريكه وليد القادم إلى الأردن بحثاً عن فرصة عمل حين التقى إبراهيم للمرة الأولى، ولم يفارقه منذ تلك اللحظة

إلا أن بطل فيلم «ساكن» التسجيلي اختار نهايته. أول سؤال خطر في بالي بعد الاستفاقة من صدمة النهاية هو: ماذا خططت المخرجة ليكون المشهد الختامي؟. الفيلم كان في عرضه العالمي الأول خلال مهرجان أمستردام للأفلام الوثائقية، وكان هذا الحوار مع «أرى» بعد عرض الفيلم على درج مسرح توشنسكي

·        سأنطلق معك من البداية وكيف بدأت فكرة الفيلم؟

عام 2008 كنت أصنع فيلم «ذاكرة مثقوبة» الذي تناولت فيه المقاتلين القدامى بمنظمة التحرير الفلسطينية والتقيت إبراهيم. عندها قررت أن أصنع شيئاً عن إبراهيم وأن يكون فيلماً لوحده، لكن الموضوع أخذ وقتاً حتى نضج. لم أكن قد قررت ماذا سأفعل عند تصوير الفيلم، خصوصاً أن مكان التصوير محدود، فأن تصور في غرفة وأحد نائم أغلب الوقت لأمر ليس بهذه السهولة، فكنت أبحث عن الطريقة وكيفية العمل، وعندما استقرت الفكرة أنها ليست عن إبراهيم وشلله، تناولت الموضوع

·        شاهدنا التقاطعات بين حياة إبراهيم والتحولات التي مرت بها القضية الفلسطينية.

في الواقع هي تجربة حياة بين اثنين في ظرف غير عادي، وهذه الفرضية فرضية الحياة، وحكاية إصابة مقاتل سابق، وحكاية إصابته وأنه قاتل واستبسل وأصيب في اشتباك لتأمين موكب عرفات، وعن العبث واللاجدوى والحرب الأهلية، والتناقضات السياسية وكل الجنون واللامنطق الذي أحضرته الحرب. في حقيقة الأمر لا يوجد حرب غير سوية. فمثلاً أصيب «إبراهيم» عندما كان يؤمن الطريق للقائد، وفي النهاية يقرر المسؤول عن حماية الموكب أن يمر الموكب من طريق بديل، وهذا يعني أنه كان لديهم الخيار أساساً لطريق أخرى

وتقاطع الرسائل في هذا العمل لم أكن من اخترعه، إنما هو مليء بالترميز والتصريح، فعندما قرر «عرفات» تغيير الطريق إلى طريق ثان، من الكفاح المسلح إلى المفاوضات، أما الزمن فهو تاريخ خروج المقاومة من لبنان إلى الدياسبورا الجديدة في تونس والجزائر واليمن ثم أوسلو، وهو الطريق البديل، ومن عنده دراية بإمكانه التقاط هذا الترميز

·        هل اختلف تخطيطك لصناعة هذا الوثائقي عن غيره من أفلامك الأسبق؟

نعم جدا. أعتبر هذا الفيلم راديكالياً أكثر من ناحية طريقة العمل، وأعتبرها متطرفة أكثر تجاه السينما التسجيلية المراقبة والتي أجد نفسي فيها أكثر، وبالنسبة لي كانت الفكرة والشغل تجربة مفتوحة على الاكتشاف، وهذا ليست شعاراً أو شيئاً أقوله. بالنسبة لي كان الشكل غير منفصل عما يحدث، وإلى أين أريد الوصول أكثر. هو عنه؟، أم هو عن القضية؟. لا. هو عن إنساني بين الاثنين. لحظة الضعف بالنسبة لي هي قوة

عندما يستطيع الإنسان التعبير عن داخله، وفي الوقت نفسه هو متماسك وعنيد وصبور وإيجابي، هو قمة القوة. لذا هناك الكثير من المعاني التي كانت بمثابة اكتشافات بالنسبة لي. خصوصاً العلاقة التبادلية بين القوة والضعف في علاقة وليد وإبراهيم. وليد يزعل من إبراهيم فينزل السكر لدى الأخير، ونجد وليد يقدم له البيبسي ويطعمه البسكويت لرفع السكر لكن دون أن يتصالحا

·        لكن إبراهيم كان مستقرا في بيت أهله ولكنه جاء زيارة إلى المشفى التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأردن واختار أن يستقر فيه لماذا؟

لا أريد أن أجيبك عن كل الأسئلة. لست أنا شخصياً، لكن الفيلم. عندما تسأل إبراهيم يقول: "هنا اريحلي، وليد يتسلى هنا"، لكن هذا غير دقيق. هو يريد أن يكون في مكان فيه عسكر، وأناس تزوره ببدلة عسكرية، ومن الشباك يسأل وليد ماذا يفعل الجنود اليوم، فيجيبه لا شيء، فيما المشهد يأخذك إلى الجندي الحامل لبندقيته بسأم وكأنه يكاد أن ينتحر، لكن إبراهيم مصر على الانتماء للفكرة نفسها

·        شعرت بإيجابية «إبراهيم» وكم حياته مرتبطة بمنظمة التحرير وفوجئت بموته حين خرج من المشفى، ودلالة ارتباطه العميق بالقضية الفلسطينية وحرصه على الحياة داخل المكان الذي يوحي له بوجوده فيها، وموته حين خرج. هل كان موته نتيجة عارض صحي؟

في النهاية كما سألتني بعد العرض عن كيفية معالجة النهاية مع موت البطل أثناء العمل دون ان يتوقع أحد هذا. في الحقيقة إبراهيم لم يتوف لسبب صحي، وهذا حقيقي. في الواقع هو لم يكن يعاني من أي مرض، صحيح لديه قصور كلوي والسكر غير مستقر أحيانا لكنه صحته مستقرة. ربما أراد أن يفرج عن وليد بعد كل الشد والرخي وكأنه تعب، حيث يقول له: "خلص خليني ريحك من همي وانت أجاك ولد"، بمعنى ما اطلق سراحه. هذا هو الهدف، وهو قدم نهاية الفيلم بيده. موته لم يكن موتاً عادياً، لكن موته ليس نهاية للفكرة

لم يكن سهلاً علي أن أقول إن موت إبراهيم والتصريح عنه هو إعلان موت، لأن إبراهيم فكرة لا تموت. أنا لا أصنع مرثية عنه، إنما محفز وربطت الموت كنهاية بالرسالة الكبيرة وهي أن أي شخص ثوري حتى لو كان في مشفى "مهرهر" –الله يرحمك يا عمر أميرلاي (أستاذي). كان يعرف عن الفيلم قبل أن يموت وكان ع طول يقول: «لا تصوري شي بيهرهر». حتى فكرة مستشفى وأن كل المعالجين فيه هم من الجيش وهم كوادر قوات بدر في جيش التحرير الفلسطيني وهو غير فاعل على الأرض، ماذا يفعل جيش تحرير فلسطيني في الأردن؟؟!!. رغم ذلك إبراهيم اختار البقاء في المشفى.

·        تقنيا عندما بدأت الفيلم هل كنت قد وضعت نهاية وهل كان عندك تقدير كيف ستكون النهاية؟

استغرق التصوير أكثر من سنتين بقليل، وعندما بدأت لم أكن أتصور النهاية أبداً. التصوير كان بأوقات متفرقة. كنا نصور ونغيب قليلا. نحاول اللحاق بالأحداث حتى استقر الشكل. كنت أريد الدخول في ديناميكة العلاقة بين الاثنين، فأنت تدخل في زعلهم اليومي كأي ثنائي، وتقترب من الإنساني بطريقة تصير حشرية في بعض الأوقات

·        تخلص ساندرا ماضي للقضية الفلسطينية و تتناولها في أفلامها كلها لكن ألا ترين في هذا حدوداً إبداعية؟ 

هذا ينطلق من البداية، ويبدأ من كوني منتمية لفكرة وقضية، وأحس أنها مادة دسمة وغنية وأجد نفسي فيها، فلماذا سأصنع شيئاً عن غيري، فيما الناس تأتي للانتماء إلى فلسطين. ليس لأن لدينا دراما أو مصائب لكني أجدها مادة إنسانية غنية ولم نتناولها كما يجب، ونتعامل معها بردات الفعل أو الكليشيه ولم نقترب من الجانب الأكثر انسانية. القضية مقدسة لكنها تكتسب بعداً أهم، من خلال أناس في الظل. بالنسبة لي إبراهيم هو لي بطل خارق. عمره الثوري سنة ونصف، وثلاثون عاماً من الشلل. ما يستفزني هم ناس في الظل وليسوا في الصدارة.

·        لو كان إبراهيم لا يزال حياً وكنت مستمرة بالتصوير، متى كنت لتتوقفي وتصوري مشهد النهاية؟ 

بصدق أكيد كان عندي إحساس أني في لحظة سأصنع القرار بالنهاية التي أنتظرها، أو ستخرج في لحظة سحرية. هناك أشياء مصنوعة لكن بهذا لم يكن عندي هذه الأريحية والترف لأقول سأصور الفكرة الفلانية، أو سأصور كذا وبعدها النهاية. كان للعمل سرديته الخاصة والناهية مرتبطة بأين يصل الفيلم. فعندما سافر وليد إلى مصر كنا نتنظر هل سيعود أم لا؟. هو قال إنه سيعود لكننا كنا نتساءل إذا شاهد ابنه هل سيغير رأيه؟.

·        في التريلر الخاص بالفيلم كان هناك مشهد حوار بين وليد وزوجته، لم نشاهده في الفيلم ما سبب حذفه؟

كان الهدف بالبداية أن يكون الفيلم من خلال معالجة مختلفة، من قبيل الخروج إلى حياة وليد وقريته الساحرة لكني قررت عدم الخروج من الغرقة حتى لو كان هذا "مملاً". وهكذا كان في الغرفة وكانت حياتهم وإيقاعهم. لكني فيلمي القادم سيكون عن قرية أبو شاهين في منطقة كفر الشيخ وسيكون التالي وسيكون أكثر شعرية، وأعتبره فترة راحة بعد عن ما يحصل في محيطنا العربي

·        في الفيلم لقطات إبداعية سحرية بدت كأنها مرسومة كادراً تلو الآخر وكأنك كنت تصنعين فيلماً روائياً وهذه ميزة لا تتاح كثيراً لدى صانعي الأفلام الوثائقية حيث يقود الفيلم عادة المخرج إلى مطارحه الخاصة، متى صورتها قبل المشاهد التسجيلية أم بعدها أم أثناء التصوير؟ 

كل اللقطات تم تصويرها أثناء العمل، وفي النهاية كل كادر هو قرار. ما لعب دوراً في صناعة كوادر كالتي أحببتها هو أننا كنا مرتاحين، وفي مكان يحمل من الإيجابية الكثير، كما أننا لا نلحق البطل بكاميرا محمولة، وأكثر من 80% كوادري كانت في غرفة واحدة، والكادر محدد وزوايا الكاميرا المتغيرة محددة أيضاً، وهذا ما أعطاني هامشاً من الراحة أو سمح لي أن أقرر كيف أصور

في هذا العمل فعلا كنا نجلس 3 أو 4 ساعات بصمت، وأحياناً يتطلب تغيير الزاوية قليلاً ثم أغير العدسة إلى عدسة عريضة، وما سمح للعمل أن يكون بهذا الجمال هو الفريق المبدع الذي عمل معي من مدير التصوير علي السعدي، وكما لاحظت كانت الموسيقى حاضرة فقط في مشهد الطائرات الورقية وكانت من تأليف عازف التشيللو المصري خالد داغر، فيما موسيقى النهاية كانت لكتيبة 5 وهو رابر فلسطيني، والمونتاج لرائد زينو، والمنتجة مجد حجاوي.

مجلة أرى الإماراتية في

07.01.2015

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)