كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

أكد لـ'المغربية' مشاركته في بطولة 'دموع إبليس' لهشام جباري

رشيد الوالي: السينما المغربية تعيش طفرة كبيرة على مستوى الكم والكيف

أجرى الحوار: عبد الكريم ياسين | المغربية

 

قال الممثل والمخرج، المغربي رشيد الوالي، إن السينما المغربية تعيش طفرة كبيرة على مستوى الكم والكيف، مشيرا إلى أن هناك تنوعا كبيرا في المواضيع التي تعالجها الأفلام السينمائية المغربية.

وأضاف الوالي الذي التقته "المغربية" في مدينة زاكورة خلال تصويره الشريط السينمائي "دموع إبليس"، أنه رغم التطور الذي حققته السينما المغربية، إلا أنها مازالت تعاني قلة القاعات السينمائية، بسبب استفحال ظاهرة القرصنة، التي تعتبر من الآفات التي تقف حجر عثرة أمام تقدم السينما المغربية.

·        ما السر في وجودك بزاكورة؟

وجودي بمدينة زاكورة، يدخل في إطار تصوير الفيلم الطويل "دموع إبليس"، من إخراج هشام جباري، الذي ألعب فيه دور البطولة إلى جانب الممثلة أمال عيوش، ويونس ميكري.

·        هل يمكنك أن تحدثنا عن قصة الفيلم؟

أجسد في الفيلم الذي جرى تصوير لقطات منه بكل من مدينة الدارالبيضاء، وخنيفرة، وإملشيل، وتنغير، شخصية حسن، الذي يقضي حوالي 18 سنة خلف القضبان، وبعد خروجه من السجن، يقرر الانتقام من الشخص الذي دمر حياته.

·        كيف تنظر إلى واقع السينما المغربية؟

بصراحة السينما المغربية تعيش طفرة كبيرة على مستوى الكم والكيف، فلابد أن نعي جيدا أن أزيد من 20 فيلما روائيا طويلا، يجري إنتاجها سنويا، رقم جيد وقابل للتطور مستقبلا، فالمغرب يعد ثاني دولة تنتج الأفلام السينمائية بعد مصر في العالم العربي والإفريقي، ومن خلال هذا الكم هناك تنوع كبير في المواضيع التي تعالجها الأفلام المغربية، والدليل على ما أقوله هو عندما يجري عرض فيلم مغربي لأول مرة في القاعات السينمائية يعرف إقبالا كبيرا من طرف الجمهور عشاق الفن السابع، لأن المتلقي يحتاج لمشاهدة صورته في عمل إبداعي، في المقابل وبقليل من الموضوعية يجب الاعتراف بأن هناك مشاكل عديدة ما تزال تؤثر في السينما المغربية، أبرزها مشاكل التوزيع، إذ لا نستطيع الحديث عن سينما وطنية وأغلب الأفلام لا تعرض في المغرب العميق، كما أن ظاهرة القرصنة تعتبر من الآفات التي تقف حجر عثرة أمام أي تقدم للسينما المغربية.

·        إذن هل يمكن الحديث عن صناعة سينمائية في المغرب؟

لا، لأن الصناعة تتطلب سلسلة متكاملة من العمليات لكي يكتمل إنجاز الفيلم كليا بالمغرب، سواء على مستوى الإعداد والتصوير والتمويل والتحميض والتسويق وما دون ذلك، أو على مستوى تمويل الفيلم المغربي من طرف الخواص والتخلي عن دعم الدولة، حينما تكون هذه الركائز جاهزة يمكن الحديث عن صناعة سينمائية في المغرب، لكن ما هو متحقق الآن، هو لبنات أساسية لتطوير السينما المغربية، يمكن أن تمهد لدورة صناعية متكاملة في أفق معين.

·        وكيف تفسر إغلاق عدد من القاعات السينمائية؟

السينما المغربية تسير في اتجاهها الصحيح، بالنسبة لي فالمشكل الأول المطروح في الساحة السينمائية، هو مشكل القاعات السينمائية، التي انقرضت بشكل مثير، ما يدعو إلى إيجاد حل لدعم المستثمرين، سواء المغاربة والأجانب الذين يودون الاستثمار وخلق قاعات سينمائية جديدة، فدعم القاعات السينمائية هو ضروري ومكمل لدعم الإنتاج السينمائي.

الصحراء المغربية في

10.05.2014

 
 

قال إن انسجاما فنيا يجمعه بسناء موزيان

لطيف لحلو ينتظر حكم الجمهور على عيد الميلاد

وداد طه | المغربية 

في انتظار أن تشرع القاعات السينمائية المغربية في عرض أحدث أفلامه السينمائية "عيد الميلاد"، ابتداء من الأربعاء المقبل، ينكب المخرج المخضرم لطيف لحلو على التحضير لجديده في عالم الفن السابع.

وقبل أن يعبر لحلو، في حديث لـ"المغربية"، عن توقعاته للإقبال الجماهيري المنتظر أن يحققه "عيد الميلاد"، قال إن في جعبته أيضا فيلمان اثنان مازالا في مرحلة الكتابة، يحمل الأول اسم "ساعات السعادة"، كعنوان مبدئي، فيما يضم الثاني جزءا من ذكريات عاشها المخرج لطيف لحلو وأصدقاؤه، في مرحلة الثمانينيات من القرن المنصرم.

أما في "عيد الميلاد"، فقد اختار لطيف لحلو، الحديث عن الطبقة البرجوازية، التي تحتل مرتبة خاصة في المجتمع المغربي، والتطرق إلى علاقاتها الاجتماعية في ما بينها، وبين شرائح أخرى من المجتمع.

وعن سبب تسليطه الضوء على هذه الطبقة دون سواها، قال لحلو إن أفرادها يكونون غالبا من أصحاب القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد.

وأضاف "بعد العمل على أفلام تناولت طبقات اجتماعية مختلفة، أتوقف الآن عند الطبقة البرجوازية، وربما يكون الفيلم طريقة لنقد سلوكيات بعض أفرادها".

وتدور أحداث الفيلم حول أسبوع من التحضيرات لحفلة عيد ميلاد، تتيح للمخرج فرصة تحليل تصرفات طبقة متميزة متورطة في صراعات تغذيها مصالحها الأنانية المتضاربة.

ويحكي قصة مجتمع مصغر، حيث الرجال والنساء يركبون السيارات الفخمة، والأبناء يدرسون في المدارس الخاصة، والنساء يحترن بين رعاية البيت والأطفال أو ممارسة مهنة مهمة.

وفي السياق نفسه، أشار المخرج إلى أن الفيلم "يغوص بالمتلقي في الحياة اليومية لعائلة المزني، ومن خلالها يحكي قصة أربعة أزواج يتحدرون من النخبة، لكن رغم الامتيازات وحياة الرفاهية ينشغلون دائما بالبحث عن السعادة التي تهرب منهم".

وبالتالي فعيد الميلاد لا يدخل في نطاق القصص الخرافية، بل هو واقع نخبة تبحث عن نفسها من خلال أشياء بسيطة يمكن أن تقودها نحو السعادة.

ويرصد العمل السينمائي، الذي صور في 6 أسابيع بين مدينتي الدار البيضاء وباريس، واقع حال المهندس سعيد المزني (يونس ميكري)، مناضل يساري سابق، ينظم عيد الميلاد مرغما، ويريد أن يقنع نفسه أنه مايزال ذلك المهندس المعماري المناضل، أما زوجته غيتة (أمال عيوش)، فتجد في هذه المناسبة الاجتماعية فرصة لإعادة الاعتبار لأنوثتها وحياتها الاجتماعية مع الحفاظ على توازن أسرتها.

وفي الجهة المقابلة، تعمل شخصية جميلة بكل الوسائل لتنسيق عملية اتصالات كبرى من أجل تعزيز الصعود السياسي لزوجها أحمد، في حين تعمل أديبة قصارى جهدها لملء الفراغ الناتج عن الرغبة في الأبوة، التي يعاني منه أنوار، أما ثورية فهي دائما تكافح من أجل أن تقنع نفسها والآخرين بأن الزواج ليس أمرا حتميا.

أما في خلفية المشهد، فيقدم الفيلم، الذي كتبه محمد العروسي وجيرالددين بيوكين (وساهم فيه لطيف الحلو)، صورة مأساوية للمصير الذي يسقط فيه عدد من أبناء هذه الأوساط التي تبني "سعادتها" على الرفاه المادي وهاجس النجاح الفردي، متجاهلة تعهد أبنائها بالرعاية والتوجيه اللازمين، وأشار لطيف لحلو إلى ذلك من خلال حادثة السير، التي ذهب ضحيتها شاب مفرط في الرعونة، وموت آخر على عتبة المراهقة، تحت تأثير جرعة مخدرات زائدة.

وتعامل لحلو في الفيلم مع العديد من الوجوه السينمائية المعروفة، على رأسها أمال عيوش، حميد باسكيط، يونس ميكري، سناء موزيان، وآخرون.

وعن تعامل مع النجمة موزيان في أكثر من عمل، قال لحلو إن تناغما فنيا قويا يجمع بينهما، وأضاف "سناء بمثابة ابنتي، وهناك انسجام كبير بيننا أثناء التصوير، إذ تستطيع أن تترجم أفكاري وتعبر عنها بسهولة تمثيليا"، أما الشخصيات الأخرى في الفيلم، فيؤكد لحلو أنها تناسب بشكل كبير الأسماء الفنية التي اختار التعاون معها.

إلى ذلك، عبر المخرج لطيف لحلو، عن متمنياته بأن يحظى الفيلم بالإقبال الجماهيري الكبير، واستطرد قائلا، "لا نستطيع أن نجزم برد فعل الجمهور على فيلم معين، إذ لا يمكن أن يحكم أحد على رأيه، ومن الصعب أن يتحكم في ذوقه أي شخص".

وخلص لحلو إلى أن الجمهور يعبر عن مكنوناته ودواخله في مشروع إبداعي معين، ليبقى للجمهور كافة الصلاحيات للحكم على ذلك المنتوج بالسلب أو الإيجاب، انطلاقا من خلفياته الخاصة.

الجدير بالذكر أن لطيف لحلو ينتمي لجيل رواد السينما المغربية، وساهم في إغناء الريبرتوار السينمائي، من خلال أعمال مازالت عالقة في أذهان عشاق الفن السابع، منها فيلمه الروائي الأول شمس الربيع (1969). وظهر اهتمامه بالمجتمع في أفلامه "غراميات" (1986)، و"الدار الكبيرة" (2009)، و"سميرة في الضيعة" (2011).

الصحراء المغربية في

10.05.2014

 
 

«تخوم غابة الرب» لسمبان عثمان:

المرأة الأفريقية تخوض الصراع

ابراهيم العريس 

كان واحداً من أكبر السينمائيين في أفريقيا، عربية كانت أو سوداء، بل هو إلى حد كبير مؤسس السينما في الجزء الجنوبي والغربي من القارة السوداء، بحيث بات يعرف بأنه عميد السينما الأفريقية. أفلامه كثيرة وكلها تغوص في شكل أو في آخر في عمق القضايا الاجتماعية والتي يزيدها تعقيداً، في بلده السنغال، تشابك الأديان والطوائف والأعراق، وبالتالي تراكم القضايا فوق بعضها بعضاً. ومع هذا، غالباً ما كان هو يركّز اهتمامه على قضايا المرأة، في بلاده، وفي أفريقيا عموماً، وعلى الظلم المتراكم على الأنثى بصفتها أقلية الأقليات في مجتمع لا مكان فيه، أصلاً، للأقليات العادية. وآخر أفلامه «مولادي» الذي عرض في «كان» وفي غيره من المهرجانات. والذي كان قد أنجزه قبل شهور من رحيله، كانت المساهمة الأخيرة له في هذا المجال... وفيه دنا من واحدة من أخطر القضايا التي تجابه المرأة الأفريقية، والأفريقية المسلمة على وجه الخصوص: قضية الختان الأنثوي. ويقيناً أن دنوه من المشكلة أعاد الحياة إلى أصوات المعترضين، وأحيا السجال من جديد، في أوروبا... ولكن بخاصة في أفريقيا وفي المجتمعات المعنية بالموضوع.

> هو عثمان سمبان، الذي بات خلال الثلث الأخير من القرن العشرين، أشهر من أن يُعرّف كسينمائي. لكن سمبان لم يكن سينمائياً فقط، بل كان معروفاً، ولكن لدى نخبة تقل عدداً وانتشاراً عن جمهوره السينمائي، بكونه روائياً أيضاً. وهو كان روائياً منذ زمن بعيد، أي منذ ما قبل تفكيره أوائل سنوات الستين وإثر عودته من فرنسا إلى بلاده، بأن يعبّر عن نفسه أيضاً من طريق السينما. ومن هنا فإن عثمان سمبان ظل طوال حياته ينهل مواضيع أفلامه من روايات سبق له أن كتبها ونشرها. وفي بعض الأحيان حدث له أن حول فيلماً كتبه إلى رواية. ومن هنا دائماً ما تضافر الفنان لديه، لتقديم عمل إبداعي من ناحية ولكن من ناحية أخرى لإيصال رسالة فكرية واجتماعية.

> وإذا كان اشتهر من أعمال سمبان عثمان (ويقال أيضاً عثمان سمبان علماً أنه هو نفسه لم يكن في إمكانه أن يقرر أياً من الاسمين يأتي قبل الآخر)، روايات حولها أفلاماً اشتهرت حين ظهورها مثل «الحوالة» و «خالا»... فإن من أقدم رواياته وأهمها، واحدة كان نشرها في سنوات إبداعه الأولى، لتصدر في طبعة نهائية في فرنسا في عام 1960. وهي روايته الأكثر التزاماً وقوة ونزوعاً إلى الواقع في الوقت نفسه الذي عمد فيه إلى تحميلها الكثير من المواضيع والأفكار التي ظلت تلح عليه دائماً. الرواية التي نتحدث عنها هنا هي «تخوم غابة الرب» التي كانت من أولى مساهمات سمبان الإبداعية بعد عودته من فرنسا، وتركه الحزب الشيوعي الفرنسي الذي كان قبل ذلك عضواً فاعلاً فيه. واللافت في «تخوم غابة الرب» أن للمرأة فيها دوراً أساسياً، حتى وإن كانت الرواية عملاً جماعياً سياسياً من طراز رفيع، ما يكشف عن ذلك التضافر الأكيد في عمل سمبان الإبداعي - السينمائي والروائي معا - بين نظرته إلى المرأة وأوضاعها ونظرته إلى السياسة وأحوال المجتمع في شكل عام.

> تتحدث «تخوم غابة الرب» عن أحداث صاخبة عرفتها داكار في شتاء موسم 1947 - 1948، وتحديداً حول العمل في خط سكة حديد داكار - النيجر، في زمن كانت المنطقة كلها والمسماة السودان الفرنسي تابعة للاستعمار الفرنسي. وكان ذلك غداة الحرب العالمية الثانية حين استفاق عمال السكك الحديد السنغاليون على انتصار الحلفاء ومن بينهم فرنسا، في تلك الحرب، ليجدوا أن ثمة قرارات لها صفات اجتماعية واشتراكية كانت قد اتخذت في فرنسا لمصلحة العمال أيام حكم الجبهة الشعبية اليسارية في باريس بدءاً من عام 1936. وإذ اكتشف عمال السنغال هذه الحقيقة الجديدة لم يكن في وسعهم إلا أن يتساءلوا وقد تبين لهم أنها من أفضل المكتسبات وأهمها التي حازها العمال وطبقتهم في أي بلد أوروبي أين هم من هذا كله. فبما أن السنغال كانت تابعة لفرنسا، وشركة سكة الحديد شركة فرنسية، والعمال يعتبرون «فرنسيين»، تساءل هؤلاء: ولماذا لا نحصل نحن على المكتسبات نفسها التي تحققت للفرنسيين، بمن فيهم السود، داخل فرنسا نفسها؟ لماذا يلحق بنا نحن كل هذا الظلم؟ واندلع الإضراب الذي قامت به جماعات من العمال أرادت الحصول على حقها من المساعدات العائلية والضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة. بيد أن الإدارة الخاضعة للسيطرة الفرنسية لم تكن في وارد الاستجابة للمطالب العمالية. وتوقفت جزئياً حركة السفر إلا بالنسبة إلى العمال والإدارة والجنود والموظفين، أما أحداث الرواية وشخوصها فباتوا يتجولون بين المدن الثلاث المعنية: داكار وباماكو (في النيجر الحالية) بخاصة في تبيس، حيث مركز الإضراب، إذ فيها مقر إدارة الشركة ومستودعات صيانة القطارات... أي الثقل الحقيقي لطرفي الصراع، العمال والإدارة.

> كل هذا تصوره الرواية... ولكن من الواضح أنه لا يشكل بالنسبة إلى سمبان عثمان سوى الخلفية السياسية والاجتماعية لروايته. أما مركز الأساس هنا، في طول الرواية وعرضها، فهو المرأة. وذلك تبعاً لخط سير المؤلف المعتاد واهتمامه بالمرأة في بلاده أكثر من اهتمامه بأي شيء آخر. هكذا، إذ تحتل الأحداث والإضراب وما يتبعه من قمع ومحاولات تجويع حقيقية تقوم بها الإدارة وأزلامها في حق المضربين، ميدان الحدث، سرعان ما يزيح الكاتب اهتماماته، حتى يركز على أنواع عدة من نساء يرصد أفعالهن وردود أفعالهن خلال الإضراب وتجاهه. وينتج من هذا في نهاية الأمر تأكيد سمبان لنا أنه لولا تدخل النساء وتضامنهن في ذلك الصراع إلى جانب العمال المضربين، لكان الإضراب فشل منذ أيامه الأولى. والكاتب يرمز هنا إلى هؤلاء النساء من خلال نماذج محددة، من المؤكد أن صورتهن فرادى وجماعات، تكشف الكثير عن قدرته على رصد الحياة الاجتماعية الأفريقية ككل. من هنا، يبدو واضحاً أن سمبان لم يختر أياً من النماذج الرئيسية عشوائياً. فهناك أولاً نداي التي تبدو لنا منذ البداية مفتونة بالحضارة الغربية، مستعدة في كل لحظة للدفاع عن النساء الأجنبيات، وعن الأجانب عموماً على اعتبار أنهم «قوم متحضرون»... وتظل حالها هكذا، حتى تكون صدمتها الكبيرة الجذرية سبباً في تلك الانعطافة الأساسية التي ستطاول شخصيتها: على ضوء الإضراب، وعلى ضوء رد فعل الأجانب عليه، وقد تجردوا من أية إنسانية في مواجهة تجويع السود، انكشف الأجانب، في نظر نداي على حقيقتهم.

> وبعد نداي تأتي بندا التي تعيش حياتها كما يحلو لها، إلى درجة أنها تعامَل من جانب جماعتها كمومس. ولكن حين تحق الحقيقة، وتزداد الأمور سوءاً، ستكون بندا هي التي تقود مسيرة النساء من تيبسي إلى داكار، مستدعية صحافة العالم وأنظار الليبراليين ليشاهدوا ما يحدث. وأخيراً، هناك ميمونة المغنية الضريرة التي لا تريد أن تخبر أحداً باسم والد - أو والدي - أطفالها. لكنها على رغم حالها تنخرط في النضال منشدة للعمال أغاني تحرضهم. وإلى هذه الشخصيات هناك إناث أخريات متنوعات منهن الصغيرة أدجيبيد التي تكتسب وعيها اجتماعاً بعد اجتماع، ومصيبة بعد مصيبة.

> إن سمبان عثمان الذي ولد في عام 1923، اشتغل على هذه النماذج ليرسم خطوط روايته... لتكون أول عمل حقيقي كبير له، هو العصامي الذي نعرف أنه لم يتعلم الأدب ولا تعلم السينما، على رغم أنه برع فيهما. فهو إذ هاجر باكراً من السنغال إلى فرنسا، خاض شتى الأعمال الميكانيكية وعمل حمالاً في ميناء مرسيليا، قبل أن يغرم بالأدب والسينما ويتجذّر وعيه من خلال انخراطه في النضال الطبقي والسياسي في فرنسا. من هنا، حين عاد إلى أفريقيا، كان جاهزاً بكل ثقة لخوض لعبة الإبداع سينما وأدباً (ومسرحاً ورسماً أيضاً)... وتحول بسرعة إلى معلم أساسي من معالم الثقافة الأفريقية.

 alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

10.05.2014

 
 

نقابة المهن السينمائية:

محمد سامي يسئ للنقابة ولم يستدل عليه في الجامعة التي زعم التخرج منها

كتب : هشام أمين 

صرح المستشار الاعلامى لنقابة المهن السينمائية فى بيان اعلامي ان نقابة المهن السينمائية لن تدخل فى سجال مع التصريحات المستمرة التى تصدر من احد اعضاءها وهو المخرج محمد سامى، والتى تسىء للنقابة العريقة واعضاءها ومجلس ادارتها، كما نؤكد ان القضية برمتها تم تحويلها للنائب العام بعدما تلقت النقابة شكوى من احد الاشخاص تتهم سامى بالتزوير وقامت النقابة اثر هذا بمراسلة احدى الهيئات التعليمية التى ادعى محمد سامى انه حصل على مؤهل منها عن بعد، وجاء الرد بأنه – اى محمد سامى – لم يستدل على اسمه ضمن سجلات طلابها.. لذا نرفق لكل الاعلاميين خطاب النقابة باللغة الانجليزية ورد الجامعة وذلك انطلاقا بايماننا الكامل بمبدأ الشفافية فى التعامل مع الجميع وخاصة المؤسسات الصحفية وصنوف المنابر الاعلامية المختلفة، وذلك فى ظل مجاملات صارخة من البعض للمخرج محمد سامى على حساب القضية واشاعة تلفيقات دون الرجوع والتحقق مما ينشر لأيا من اعضاء المجلس او المتحدث الاعلامى لنقابة السينمائيين .

كما تؤكد النقابة انها لم ولن تسعى يوما لاختصام احد اعضاءها لذا فكان من العجب ان يختصمنا ابن من ابناءنا بل و يطالب بتعويض وهو المخرج محمد سامى والذى حاولنا احتواءه وازمته باستدعاءه عدة مرات للتحقق فيما نسب اليه من وقائع تزوير لمؤهله الدراسى واعطاءه فرصا عدة لتوضيح الامر الا انه كان يضرب بتلك الاستدعاءات والفرص عرض الحائط وتعامل بما لا يليق مع نقابته التى كانت اكثر حرصا عليه من نفسه ، بل انه واجه ذلك بتصريحات وتوصيفات غير لائقة لنقابة السينمائيين لذا فإن هذا التوضيح ما بين ايديكم سيكون الاخير فى هذا الشأن وسنعود بالقانون وكافة سبله على المدعو محمد سامى حال نشره اى تصريحات تسىء للنقابة ومجلسها واعضاءها ولن نتوانى فى هذا او فى الدفاع عن كرامة او سمعة نقابة عريقة فى حجم نقابة المهن السينمائية ، خاصة فى ظل تحقيق النيابة العامة فى وقائع تزوير منسوبة له.

كما نوضح كذب وضلال ما يروجه محمد سامى عن مجاملة نقابة السينمائيين للفنانة غادة عبد الرازق على حسابه فنحن نطالبه امام الجميع بإثبات ما يردده ويشيعه وما هو نوع هذه المجاملة لغادة عبد الرازق من قبل النقابة التى لا تملك غادة عضويتها اصلا.

اما بخصوص الاساءت المتكررة للنقابة على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة من اشخاص بأسماء وهمية فإن النقابة لن تلتفت لتلك التصرفات الصبيانية التى سيكون محل البت فيها مباحث مكافحة جرائم الانترنت والنائب العام.

الوطن المصرية في

10.05.2014

 
 

«إيما» ملهمة «وودى آلان» الجديدة

كتبت: شيماء سليم 

النجمة «إيماستون» هى النسخة الجديدة من «سكارليت جوهانسن» هكذا علقت وسائل الإعلام الأمريكية عن أحدث أخبار «إيما ستون».. بعد مشاركتها فى بطولة الفيلم الجديد للمخرج «وودى آلان»، ولم يتم الإعلان عن تفاصيله ويشارك فى بطولته «خواكين فونيكس».. يعد هذا الفيلم هو ثانى تعاون بين «ستون» والمخرج «وودى آلان» بعد مشاركتها فى أحدث أفلامه - والذى لم يعرض بعد - «السحر فى ضوء القمر» وهو فيلم رومانسى كوميدى.

الصحافة الأمريكية وصفت «ستون» بأنها الملهمة «الجديدة» لوودى آلان، والمعروف بالتصاقه ببطلات أفلامه والعمل معهن كثر من مرة مثل «ميا فارو»، «ديان كيتون» ومؤخرا «سكارليت جوهانسن».

«إيما ستون» - 25 عاما - وقد بدأت العمل بالتمثيل منذ عام 2005 وبدأت التمثيل منذ كانت طفلة واشتهرت فى سنوات المراهقة بعدد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية أهمها حلقات مسلسل «أنا كارلى».. ومن أشهر أعمالها السينمائية دورها فى سلسلة «الرجل العنكبوت المذهل» بجزأيه الأول والثانى الذى بدأ عرضه مؤخرا بنجاح.. أيضا من أهم أعمالها أفلام «المساعدة» و«الألف السهلة» الذى رشحت عنه لجائزة الجولدن جلوب كأفضل ممثلة عام .2011

مجلة روز اليوسف في

10.05.2014

 
 

"مراتي وزوجتي"..

فيلم كوميدي تجاري.. قابل للتطور!!

يحرره: خيرية البشلاوى 

الرسوم في خلفية العناوين مع بداية الفيلم عطلت الانطباع السلبي الذي أثاره العنوان قبل دخول الفرجة علي "مراتي وزوجتي".

العناوين التجارية الغريبة مثل هذا العنوان ومثل "سالم أبو أخته" وغيره دليل علي إفلاس ملكة الخيال. فليس بالتراكيب اللفظية الغريبة غير المألوفة تنجح في شد المتفرج.

علي أي حال أعترف بأنني دخلت للفرجة علي فيلم "مراتي وزوجتي" بالصدفة عندما لم أجد الفيلم الذي كنت اتوق للفرجة عليه.

وكان من الممكن بعد الوصول الي الصالة وتوالي أحداث الفيلم أن أسعد بهذا العمل الكوميدي الخفيف الخالي من المطرب الزاعق شديد الوقع والمطربة الثقيلة فاتنةے الرجال.. الاستعراضات السوقية المفروضة فرضا علي مسار احداث معظم الافلام التجارية إفرازات رديئة تحظي بالجماهيرية في حين ان الحفل السينمائي هذا الموسم شهد اعمالا جيدة لم يكن نصيبها من الشباك والناس ـ جمهور السينما ـ والدعاية ما تستحقه.

المخرجات الشابات يعدن للسينما المصرية مجدها الذي كان.. الخطاب الفني الانساني الصادق يعيد دور المرأة في مجال الابداع البصري ولغة الصورة تكتسب ابعادا جمالية لافتة.. واذكر علي سبيل التحية ايتن أمين ونادين خان.

ماجي يورهان. وسام سليمان.. والبقية تنتظم كالعقد الثمين كان من الممكن ان اسعد بفيلم "مراتي وزوجتي" لانه اضحك الجمهور بافيهات لفظية خشنة أحيانا ومواقف كوميدية جيدة ومتفجرة بالفكاهة أحيانا أخري. وقدم في مجمله جرعات قليلة من الابتذال اللفظي. وكبيرة من الضحك الصافي غير المشوب بقلة الادب وبالانحطاط القيمي والاخلاقي.

فما زلت رغم ما يقال أولي أهمية معتبرة للجانب الاخلاقي في العمل الفني واحتفي بالجمال الرائق بصريا وموضوعيا ولا اولي أدني التفاتة الي المباشرة او الفجاجة حتي اذا انطوت علي عظة أو رساله اخلاقية فالعناصر الفنية يمكنها ان تسمو بالرسالة الاخلاقية دون الاخلال بالفن.

"مراتي وزوجتي" يعالج العلاقة الزوجية من منظور تقليدي لايفسد "للحداثة" ولا النزعة "المودرن" قضية والمرأة لها وظائف اساسية علي رأسها رعاية الزوج واثراء الاسرة بعوامل صحتها النفسية وبتقديمها الانجاب وشئون المطبخ ليست بعيدة عن تحقيق الاستقرار العائلي.. والعمل العام اذا ما جار علي العلاقة الزوجية أضر بالمجتمع لانه يضر بالاسرة التي هي نواة المجتمع.

لا أقول عظات ولكن الفيلم هو الذي يقولها دون مواربة ومن خلال علاقات زوجية محددة كاملة الاركان الا ركن "السعادة"!! ويقوم صناعه بمعالجة هذا بأسلوب مرح وخفيف وساخر وبأداء تمثيلي كوميدي ظريف من الممثلين رامز جلال وادوارد وحسن حسني ورجاء الجداوي وشيري التي تلعب دور "فريدة" الزوجة التي ترضخ بالكامل لطموحات أمها "رجاء الجداوي" وتعتقد مثلها ان الوصول الي رئاسة مجلس ادارة جمعية "الاسرة السعيدة" أهم من صناعة اسرة سعيدة فعلا.. النفاق الاجتماعي و"الاكلشيهات" التي تلوكها المرأة في الخطاب النسوي منطق لتسليط الضوء بالنسبة للسيناريست لؤي السيد والمخرج معتز التوني.

الفيلم اذن هادف والكلمة لاينبغي ان تستفز الساعين "لحرية الابداع" فالحرية بدون هدف فوضي.

وأحب ان أسجل ان هذا الفيلم الهادف الذي شاهدته مصادفة ولم اعجب بالعنوان ولولا ان الموظف داخل السينما أكد لي أنه عمل دمه خفيف ولن أندم لأجلت الفرجة عليه لان مزاجي لم يكن خالياً من العكننة. اللهم دمر أدغة من يمثلون مصادر للعكننة في هذا البلد.

أسجل أن جمهور الصالة كان يضحك. فقد استجاب علي نحو واضح للقفشات والنكات والمواقف وحركات الممثلين .. رامز وادوارد .. ورددوا افعالهم الصاخبة خصوصا ازاء المواطنين من جنوب افريقيا الذين ظهروا في الفيلم.

جانب من الاحداث تم تصويره في هذا البلد الافريقي حسب ما جاء في العناوين واستعان الفيلم بجانب من الممثلين الافارقة. وواحدة منهم لعبت دور "الزوجة" المحلل. وأعني "بالمحلل" إنها مثلت "الصدمة" التي أفاقت الزوجة الاصلية. اذ مثلت دور النقيض في الحياه الاسرية المرأة التي ترعي الزوج وتسمع كلامه وتحقق له رغباته واشواقه إلي "اسرة سعيدة".

وعلي عكس ضحكات الجمهور علي هذا الجزء المرتبط بالافارقة السمر جاء إنزعاجي الشديد من هذا الجزء تحديدا وانزعاجي منبعه غياب وعي صناع الفيلم. فنحن حاليا نسعي الي علاقة سوية مع الاشقاء الافارقة. ومشكلة سد النهضة ماثلة واسبابها يعرفها الضالعون في الشئون الافريقية وفي العلاقة مع مصر.

"طرزان" بأفلامه المشبعة بالتميز العنصري والحط من قدر الافارقة الذين عانوا مثلنا من الاستعمار الماضي والاتي سبه في انتاج السينما الهوليودية "الهادفة" التي سخرت من الافارقة والعرب والاسيويين وجميع الحضارات القديمة.. الخ.. فلسنا سوي أفارقة أيضا دور السينما في دعم العلاقات بين مصر وباقي بلدان افريقيا السمراء من الاشياء المهمة وقد كان امام الفيلم فرصة طيبة للقيام بهذا الدور دون الاخلال بتوجهه الكوميدي لولا استسلامه الفج لاشكال التخلف والسخرية صوت وصورة منها باستخدام التشخيص وعلي أكثر من مستوي إنساني وثقافي وحضاري.

صحيح انه جاء بممثلة سمراء جميلة من نفس المكان واسند اليها دور الزوجة ـ الصدمة.. التي عدلت من وضع الاسرة الصغيرة المصرية وأعادت إليها أسباب السعادة بكرم ونبل شديدين ولكن اشار في الحوار الي انها الوحيدة في القبيلة التي نالت تعليما جامعيا. والوحيدة التي رأيناها حسنة المظهر وتسلك سلوكا حضاريا مثيرا للاعجاب وعندما وعت الدور الذي عليها ان تقوم به لانقاذ العلاقة الزوجية لعبته باقتدار.

ولا أريد ان اتهم بالحذلقة وانا أشير الي أهمية الوعي السياسي لصانع الفيلم ولظروف المرحلة التي يتم فيها انتاج الاعمال الفنية. ان للسينما دورا هاما جدا في ايصال رسائل ايجابية في علاقتنا مع من تربطنا بهم احكام الجغرافيا والتاريخ والهموم الحياتية ـ الوجودية المشتركة.

الوعي السياسي

وبقليل من الوعي والحس المرهف والذوق الفني كان من الممكن ان يصبح هذا الفيلم نفسه البسيط والمقبول علي مستوي النوع الكوميدي. رسالة وبداية للتوجه الايجابي بعد مرحلة تعرضت فيها العلاقات المصرية ـ الافريقية للضعف بسبب جماعة النظام ومن كانوا علي قمته.

جنوب افريقيا بلد نلسون مانديلا عانت وتجاوزت معاناتها ولديهم سينما تفوز في المهرجانات الدولية بالجوائز.

"مراتي وزوجتي" عمل كوميدي تجاري يمكن ان يتطور ويرتقي لولا هذه الملحوظات.. إنه عمل تقليدي إيجابي في نظراته لدور المرأة والاسرة السعيدة من منظور "رجالي" ليس مرفوضا.

ويعيدا عن "النسوية" وخطابها التحرري الغربي بالنسبة للمرأة يقدم مضمونا مقبولا جدا ويتوجه لنماذج من نوعية "شيري" ورجاء الجداوي كما قدماها في الفيلم أما "مجيدة" الافريقية فهي تكسب اكثر.

رنـات

صورة الصحفي كمتسول

خيرية البشلاوى

أول أمس الجمعة عرض علي شاشة التليفزيون في وقت واحد تقريبا فيلمان مصريان "لعبة الست" للمخرج ولي الدين سامح و"يوم من عمري" للمخرج عاطف سالم.. 

الفارق بين العملين 15 عاما.. الأول من انتاج عام 1946 والثاني عام ..1961 
وللمرة الألف ربما أعيد النظر في الصورة البائسة جدا لشخصية المحرر الصحفي التي تعكس بالضرورة النظرة المتدنية لقيمته الأدبية ودوره الاجتماعي والمفهوم الشائع وقتئذ عن مكانة "الجورنالجي" كما كانوا يطلقون عليه

قيمة المهنة لم تحظ بالاحترام إلا مع تطور المجتمع نفسه ونظرته للدور الذي يلعبه. أعمال نادرة جدا هي التي التفتت إلي هذا الدور وأهمها "الرجل الذي فقد ظله" و"اللص والكلاب". 

في "لعبة الست" ظهر المحرر الفني في حالة رثة "شخصية هزؤ" وطريقة أدائه المهني ظلت مادة للسخرية حتي الآن.. أسئلته الساذجة للراقصة "صافيناز" من نوع "أين ترعرعت سيدتي؟" "وأين ولدت سيدتي؟" ظلت مثالا علي الانحطاط الثقافي والضعة الاجتماعية!! 

يظهر هنا المحرر الفني في لقطة واحدة ولكنها غنية الدلالة داخل الملهي تعمل فيه الراقصة التي لمع نجمها وأصبحت فنانة مشهورة تحمل اسما تركيا يوحي بالفخامة بدلا من اسمها الحقيقي "لعبة" ومع المكانة والاسم المصطنع حيكت الأساطير وتداول زبائن الملهي الحكايات الخرافية حول نشأتها وأصلها وفصلها.. إلخ

المحرر الفني التعيس العايش في أوهام من نسج الشائعات يتعامل مع الراقصة باحترام مبالغ فيه "سيدتي" والمتفرج يعرف انها جاءت من قاع السلم الاجتماعي فأمها "سنية جنح" ماري منيب وأبوها "نفخو" عبدالفتاح القصري وابن خالتها "بلاليكا" عزيز عثمان.. الحكاية مليئة بالادعاء والنفاق الاجتماعي والضلال والأكاذيب وبأسلوب ساخر طريف وممتع

والصحفي الفني أحد أدوات هذه الصورة التي رسمها بديع خيري مع نجيب الريحاني في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي

في "يوم من عمري" يلعب عبدالحليم حافظ وعبدالسلام النابلسي دور المحرر الصحفي وزميله المصور.. الاثنان يعملان في مؤسسة أخبار اليوم!! والفيلم نفسه يأتي بعد تسع سنوات من قيام ثورة يوليه .1952 

"صلاح" وزميله "يونس" يكلفان من قبل رئيس التحرير بتغطية حدث وصول ابنة مليونير "زبيدة ثروت" إلي أرض الوطن بعد غياب طويل.. إلخ الحدوتة التي نعرفها جميعا

واللافت هنا أيضا الحالة الاقتصادية البائسة للاثنين. الافلاس المهين. فالاثنان لا يملكان ما يكفي لدفع ثمن المشروبات في مقهي متواضع ولا قيمة طعام الافطار وينتظران يوميا ما ترسله خطيبة يونس "سهير البابلي" عبر النافذة والاثنان مهددان بالطرد من قبل صاحب الشقة التي يسكنان فيها ويتحايلان للهروب منه بطريقة أو أخري

الصورة الكاريكاتورية البائسة للمحرر الفني في الأربعينيات ابان سنوات الحرب العالمية الثانية ومع بداية هجرة اليهود المصريين خارج البلاد ومع الغلاء الفاحش الذي طال الاحتياجات اليومية للانسان البسيط.. إلخ هذه التفاصيل التي احتواها الفيلم علي هامش الحكاية الرئيسية التي تتابع قصة الحب بين "لعبة" و"حسن أبو طبق" أو "حسن وابور الجاز". 

أقول هذه الصورة ـ جوهرياً ـ لم تتغير في الفيلم الذي تم بعد مرور تسع سنوات علي الثورة أعني تحديدا الواقع المادي والاقتصادي

في الفيلم الثاني احتل هذا الواقع مساحة أكبر واضيف اليه شكل العلاقة مع رئيس التحرير الطاغية والتافه في حقيقة الأمر المشغول بالفضائح كإحدي وسائل الترويج للصحيفة التي يرأس تحريرها.. هل تغير الأمر الآن؟؟ أكيد جزئياً

وما هو جدير بالملاحظة أكثر ذلك الجانب الأخلاقي عند المحرر "صلاح" عبدالحليم حافظ الذي حافظ علي آداب المهنة وحرص علي عدم نشر الفضيحة الضارة بسمعة حبيبته ووالدها فكان زواجه منها مكافأة علي هذا الموقف.. وأيضا انقاذا للبؤس المادي ومعها عملية حراك اجتماعي حتمية.. أما "يونس" فالبؤس الذي يعاني منه سيجد حلا بالضرورة بعد زواجه من خطيبته ابنة صاحب البيت

الحل الرومانسي الساذج يعتبر وسيلة ناجحة لحلول اقتصادية يعاني منها أبناء مهنة البحث عن المتاعب..! وهكذا تلجأ اليه السينما أحيانا في معالجتها للصراع الاقتصادي والطبقي والمهني!!

المساء المصرية في

11.05.2014

 
 

صلاح الدين من "إِسلاميّ" إلى "إِرهابِيَ"

محمد موسى 

عَرَضت القناة الثالثة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل أيام، الفيلم التسجيلي "أخي الإِرهابِيَ"، والذي يُعَّد الجزء الثاني او التكملة لفيلم "أخي الإِسلاميّ"، (عُرِض قبل أربعة أعوام تقريباً) وأثار وقتها جدلاً كبيراً في بريطانيا، خاصة بعد أن وجد، وبعد عرضه التلفزيوني، حياة جديدة على مواقع الإنترنت الإِسلاميّة أو المُعادية  للإسلام، والتي عثرت في الفيلم على ذرائع للإشارة إلى مظلومياتها أو الى تطرف الجهات الأخرى، كذلك أثار الفيلم أسئلة حول موضوعات جدليّة مُثيرة كالإسلام في أوربا، واعتناق أوربيين  للدين الإِسلاميّ والتشدد بين مسلمين جدد أو من الجيل الثاني والثالث لمسلمين مهاجرين.

يقدم "أخي الإِسلاميّ" الرحلة التي قطعها المخرج البريطاني روب ليتش، لمحاولة  فهم التشدد الذي بلغه أخوه غير الشقيق ريتشارد دارت بعد اعتتناقه الدين الإِسلاميّ. يرافق المخرج أخاه (الذي اتخذ اسما جديدا هو "صلاح الدين")، في حياته الجديدة، والتي يهمن عليها النشاط الدعوي. فصلاح الدين لم يكتف بتغيير دينه، هو تحول إلى داعية، وجد في الإسلام المنصة التي يريد من عليها أن يغير بريطانيا والعالم. ينتمي صلاح الدين إلى تيار مُتشدد لا يعبأ بالعرف الاجتماعي، فجماعته نظمت تظاهرات عدة كانت تشتم الجنود البريطانيين الذين قتلوا في أفغانستان، بعضها تم أثناء استقبال وحدات عسكرية بريطانية خاضت الحرب هناك، وستحرق مجموعة صلاح الدين العلم الأمريكي على بعد أمتار من السفارة الأمريكية  في لندن، في اليوم الذي كانت تحتفل فيه السفارة والبلد بذكرى اعتداءات الحادي عشر من سبتمر في عام 2001.

يفشل المخرج في النفاذ عبر الجدار المتين الذي شيده صلاح الدين حول نفسه. كما لا تؤدي أي من الحوارات بين الأخوين إلى وجهات نافعة، سوى كشفها عن تشدد الأخ، الذي سيصل إلى حدود الإهانة القاسية للآخرين، برفض صلاح الدين مثلاً مصافحة المخرج باليد اليمنى لأنه من دين آخر (وفقا لروايات إسلامية  غير معلوم مدى صحتها). هذا الأمر سيصل بالفيلم إلى لحظته العاطفية الأكثر تأثيراً، عندما يواجه المخرج أخاه، في طريق هذا الأخير للسعودية لأداء العمرة. الفيلم ينتهي بصلاح الدين، بلحيته الشقراء الكثة ولباسه، والذي يشبه ما يلبسه مسلمون من الشرق الأوسط، وهو يغيب وسط زحام المطار البريطاني، فيما كان الأخ المخرج، يجلس في قاعة الانتظار، محاولاً استعياب ما حدث للتو.

سيكون لقاء المطار ذاك، هو اللقاء الأخير بين الأخوين، فبعد عامين سيتم القبض ومحاكمة صلاح الدين بتهمة التحضير لعمليات إرهابية (استندت المحكمة على وثائق تثبت أن صلاح الدين كان في طريقه إلى باكستان للتدريب في معسكرات حركة القاعدة)، وسيصدر قرار  في العام المنصرم بحبسة لست سنوات. هذا التطور هو الذي يقف وراء مشروع الفيلم الثاني، والذي سيكون أكثر جرأة في التعامل مع الواقع، بدءاً من العنوان، فبدل "أخي الإِسلاميّ"، عنوان الفيلم الأول، سيحل "أخي الإِرهابِيَ". ووصف "الإرهاب"، والذي تردد الفيلم السابق والمؤسسة البريطانية الإعلامية العملاقة في استعماله، سيطلق في الفيلم الجديد بدون محافظة على الأخ المحبوس وعلى رفاق له.

يضع رفض صلاح الدين الحديث للفيلم الجديد، هذا الأخير في أزمة، فالشخصية الرئيسية ستغيب هذه المرة عن الوثيقة التسجيلية، ولا يمكنها، وكما كان الحال في الفيلم الأول، الدفاع عن نفسها، وتبرير أهداف المجموعة وأحلامها لبريطانيا. رفض صلاح الدين في المشاركة من سجنه  في الفيلم الجديد، سيجبر المخرج على مُقاربة مُختلفة، تحاول في مجملها أن تحلل الظروف التي قادت أخاه وآخرين لاعتناق الأفكار المُتشددة التي يدعون لها، والتي قادت لسجن مجموعة منهم، وأيضاً لجريمة هزت بريطانيا كلها في العام المنصرم، فمن المجموعة نفسها، خرج مايكل أديبولاجو، والذي قام مع رفيق له بقتل جندي بريطاني في وضح النهار في أحد الشوارع المزدحمة في لندن في شهر مايو من عام 2013. يعرض الفيلم في هذا السياق، مشاهد أرشيفية صُورت لفيلم "أخي الإِسلاميّ"، وفيها يظهر مايكل أديبولاجو في مظاهرة مع صلاح الدين نفسه.

إمام مُعتدل وآخر مُتشدد

يُحاول الفيلم الجديد أن ينفذ إلى جوهر وخلفيات الأفكار المتشدد لجماعة صلاح الدين، عن طريق حوارات سيجريها، مع الأمام أنجم شودري، والذي يعتبره كثيرون الزعيم  الروحي للحركات الإِسلاميّة المُتشددة  في بريطانيا. هذا المحامي السابق هو شخصية جدليّة كثيراً، إلى الحد الذي جعل بعض الصحف البريطانية  تصفه  بأنه أكثر الشخصيات مكروهة في بريطانيا. لا يتورع أنجم شودري عن الحديث في أكثر المواضيع إثارة لغضب البريطانيين، عندما يهجو جيشهم مثلاً ودوره في حروب الشرق الأوسط الأخيرة. يُحب أنجم شودري الظهور التلفزيوني، ويلبي أكثر الدعوات التي تصله، ولا يدير ظهره عن أي مُجادلة. رغم ذلك بقى بعيداً عن المشكلات او الملاحقات الحكومية، ربما، وبسبب خلفياته في العمل القضائي، يعرف جيداً الحدود القانونية ولا يتجاوزها، كما أن شجبه للعنف المسلح في بريطانيا، جعله بمنأى عما يحدث من أعمال عنف في بريطانيا.

لكن الحوارين اللذين أجراهما الفيلم مع أنجم شودري، لن يحملا الكثير من الإثارة أو الكشف، ربما بسبب تهذيب المخرج، وضعف تحضيراته أو ثقافته في الحركات الإِسلاميّة. في المقابل سيعرف الفيلم بإمام آخر مُعتدل اسمه إلياس كرماني ، والذي يعمل، إضافة إلى إمامته لجامع في بريطانيا، كمُحلل نفسي. سيفسر إلياس كرماني انجذاب شباب كثيرين إلى الأفكار المُتشددة التي تبشر بها جماعات إسلامية في بريطانيا، بأنه يعود لانعزالهم عن مجتمعاتهم ووحدتهم، لتشكل الأفكار المُتشددة التي تدعو اليها الحركات المُتطرفة وبما تُبشر به من تغييرات جذرية، عالم طوبائي  لطالما حلموا به. سيركزالإمام إلياس كرماني أيضاً على أحداث العالم والظلم وغياب العدالة الذي يعيشه كثير من المسلمين وتأثيره على مسلمين يعيشون في بريطانيا وأوربا. لكن تجربته الصغيرة، بعرض مشاهد قاسية كثيراً عن ما يلاقيه مسلمين في مناطق من العالم لمجموعة من الشباب البريطانيين غير المسلمين، لن تكون ناجحة  في تغيير نظرة هؤلاء إلى عنف الحركات الإِسلاميّة المُتطرفة أو تفهمها وتبريرها.

صلاح الدين خلف السُور العالي

يكشف روب ليتش في بدايه  فيلمه الجديد بأنه لا يرغب في الحديث لسياسيين أو شخصيات عامة، لأنه، وكما وصف، لا يرغب بالكلام المُعلب والجاهز لاستعمالات وسائل الإعلام. هو يريد أن يبقى تعاطيه مع الموضوع قريباً إلى الحياة الواقعية، ليفهم أكثر، وكذا مشاهديه .. لماذا يتطرف البعض في أفكارهم، أو يحملون كل هذا الكره للآخر. هذا لن يكون في صالح الفيلمين، فجزء من قوة مشروع الحركات المُتطرفة هي لجوؤها للنص الديني، وكان يمكن للفيلم أن يواجهها بتفسيرات عقلانية مُضادة من النصوص الدينية ذاتها .

ومثل الفيلم الأول، يصل "أخي الإِرهابِيَ" إلى خاتمة عاطفية تعكس الفقد الشخصي للمخرج، فأخوه يبدو اليوم أشد بعداً عن الحياة الطبيعية عما كان عليه قبل ثلاث سنوات. ترافق الكاميرا المخرج وهو يتمشى بموازاة السور العالي للسجن الذي يقضي فيه صلاح الدين عقوبته اليوم. لازال الأخ الأكبر لا يفهم كيف يمكن أن تنتهي الأمور على هذا النحو. وكيف يمكن لأخيه، الخجول والهاديء في طفولته، أن يتصدر الأخبار في بلده وأن يُلقى في السجن لنشاطه "الإِرهابِيَ".

الجزيرة الوثائقية في

11.05.2014

 
 

عرضه ستديو الأربعاء

«الفنان».. عندما تتحدث السينما عن نفسها

شريف صالح 

في أمسيته الأسبوعية عرض ستديو الأربعاء الفيلم الفرنسي «الفنان»الحائز على أكثر من مائة جائزة عالمية من بينها خمس جوائز أوسكار. مدة الفيلم 100 دقيقة، وحقق إيرادات تزيد عن 250 مليون دولار، وهو في كلمة واحدة «تحفة فنية».

قد لا يروق للبعض أنه يفتقد إلى «الحوار»المعتاد في الأفلام، كما يفتقد إلى الألوان. وأيضاً قد لا يروق للبعض أنه لا يتحدث عن قصة بعينها، يعذبنا ويثير فضولنا - نحن المشاهدين - لاكتشاف نهايتها. ثلاثة عناصر، غُيبت عن الفيلم - عمداً - لأن مؤلفه ومخرجه الحائز على الأوسكار ميشيل هازنافيسيوس أراد أن يقدم «تحية للسينما»بطريقته. فما أكثر ما روت لنا السينما من قصص دوختنا، وأبكتنا، وأضحكتنا، والآن من حقها أن تحكي - هي - قصتها. ثم من قال إنه لكي تكون هناك سينما لابد من «حوار»منطوق، وثرثرة، وألوان مبهرة، وتصوير ثلاثي الأبعاد، وغير ذلك من تقنيات استحدثت تباعاً، فهو، هنا، يراهن بشدة على التفريق الحاسم ما بين «جماليات السينما»كفن خالص، كلغة لا مثيل لها.. وبين التقنيات والتطور التكنولوجي، الذي قد يكون لأسباب تجارية ليس إلا. ليس معنى ذلك أن المخرج لا يعي أهمية السينما ك «

صناعة وتجارة»، أو يسقط ذلك من حسابه، بالعكس، ثمة منذ البداية مشاهد كثيرة تشير إلى الحيل والاختراعات الصناعية والتجارية، وكذلك دور المنتجين، ووسائل الإعلام في التطور الهائل لهذا الفن، فهو لا ينكر ذلك الجانب لكنه يساءله. فطيلة الفيلم نحن إزاء خطين متوازيين، خط شفيف يتناول جماليات هذا الفن، ومعاناة «الفنان»، مقابل خط يظهر طبيعة المنتجين، وجشعهم ربما، ودور وسائل الإعلام، وحتى علاقة الجمهور بهذا الفن.

وما بين الخطين ثمة صراع متجدد، تجلى في موقف «الفنان»من ظهور الفيلم الناطق عام 1927 هو الذي بنى مجده ونجاحه على مرحلة الفيلم «الصامت». ولذلك عندما يحاول المنتج إقناعه بأن «المستقبل»لهذا التجديد، يرفض ويقول له «هذا المستقبل لك»، أي للتاجر وليس للمبدع. يمكن تأويل موقف «الفنان»، المستعار من موقف شبيه للفنان العظيم تشارلي شابلن، بأنه نوع من الجمود ضد التطور، الذي هو سنة الحياة، ومن ثم كان من الطبيعي أن يأفل نجمه وينتهي إلى الفقر والسكر والنسيان. كما يمكن تأويله ـ أيضاً ـ بأنه حدس المبدع، بخطورة التطور التكنولوجي والتجاري، على روح الفنان وعظمة إبداعه وتجلي موهبته، فلاشك أن الإبداع الصامت يتطلب جهداً مضاعفاً عما إذا كان متكلماً. وهو هاجس متجدد، نراه في سينما «الأفاتار»و«الخيال العلمي»التي أدت إلى انحسار أداء الممثل إلى الظل، إلى حد كبير. تلك الأزمة الكاشفة، تجعل من العبث قراءة الفيلم باعتباره فقط توثيقاً لمرحلة انتقالية مهمة في تاريخ السينما، فهو أكثر رحابة من ذلك. كذلك وصفه بأنه «فيلم صامت»به الكثير من التجوز، لأنه في حقيقة الأمر ليس صامتاً بالمطلق، فنحن طيلة الوقت نسمع الموسيقى، ونقرأ خلاصة الحوارات على لوحات إرشادية، عدا عن النهاية «الناطقة».

لكن تغييب عنصر «الحوار»بشكله التقليدي، ليس فقط مجرد تحية للسينما في مرحلتها الأولى، بل أيضاً تأكيد على أن «الكلام»ليس هو نفسه لغة السينما، بل مجرد عنصر من عناصرها المركبة، قد يكون ثانوياً جداً، فالسينما هي «فن الصورة الدرامية المتحركة». هي لغة في حد ذاتها، تفوق في تأثيرها لغة الكلام، فإذا كان رجل إنكليزي لا يستطيع التفاهم مع امرأة إفريقية ـ طالما لا أحد فيهما يعرف لغة الآخر ـ فإن السينما خلقت لغة تمكنهما من التفاهم والحب والسعادة. خلقت لغة يعرفها ويعشقها العالم كله، أياً كانت لغة الممثلين. تلك اللغة السينمائية هي خلاصة تجارب صناعية، وحيل الهواة، وإرث المسرح، والفن التشكيلي من رسم ونحت وإضاءة وظل، وفوتوغرافيا وموسيقى.

هي ليست فقط الفن السابع، بل الفن الذي هضم كل الفنون ونسج منها لغته. وفي كثير من المشاهد كان ثمة احتفاء بكل العناصر التي تغذي شريط السينما، رأينا كاميرا الفوتوغرافيا، والميكرفون، وأغلفة المجلات، ولوحات الرسامين، وقطع النحت، وخشبة المسرح. وإن كان العنصر الأكثر تجلياً في الفيلم والذي يتطلب تحليلاً خاصاً هو «الموسيقى»، والتي سمعنها بتنويعتين: موسيقى مرحة شعبية قريبة من أجواء «الجاز»تناسب أفلام تلك الفترة، والحركة الكاريكاتورية للممثلين، وموسيقى كلاسيكية تتسم بالفخامة والرصانة وتعبر عن تأثيرات فنون المسرح والباليه والأوركسترا في تلك الحقبة، ونظراً لغياب الحوار المنطوق، استمر شريط الموسيقى بلا انقطاع تقريباً لتعويض هذا الغياب، وتجسيد وتوكيد الحالات الانفعالية المختلفة. كذلك لم يقتصر الاحتفاء بلغة السينما، على إثراء الفيلم بكل الفنون التي توهجت على الشاشة الكبيرة، بل ايضا كان هناك احتفاء إخراجي عال المستوى ببناء كادرات تحفز ذاكرتنا وذكرياتنا، لتشابهها مع أفلام علامات، ونجوم عظام، فما أسهل أن يشعر المتفرج العاشق بأن هذه اللقطة تذكره مثلا بفيلم «الرقص تحت المطر»أو «ذهب مع الريح»، أو يجد نفسه يستحضر ممثلة عظيمة مثل بيتي ديفيز في ملامح وأداء بطلة الفيلم برينس بيجو، أو يذكره الممثل البطل جان ديجردان، بنجمه المحبوب سواء أكان جوريجري بيك أو عمر الشريف. يضاف إلى ذلك ـ كاحتفاء ثالث ـ استحضار كل أنواع الفيلم السينمائي ومدارسه، فرأينا مثلا في الختام مشهداً راقصاً يحيل إلى الفيلم الغنائي والاستعراض، ومشاهد تحيل إلى أفلام الأكشن، وأخرى إلى الميلودراما العاطفية على طريقة «غادة الكاميليا». أما الاحتفاء الرابع بـ «لغة السينما»فخصصه المخرج للثيمات الدرامية التي تركت بصمتها عالمياً، وهنا نقرأ خمس ثيمات أساسية تواترت في عشرات الأفلام، أولها قصة «الانحدار: من القمة إلى القاع» وجسدتها شخصية الفنان الذي ظهر في البداية على القمة وانحدر تباعاً، وعكسها قصة الصعود: من القمة إلى القاع، والتي نراها في عشرات الأفلام العربية لعادل إمام وأحمد زكي ـ على سبيل المثال ـ وهي هنا مجسدة في شخصية الممثلة الهاوية التي أخذ النجم بيدها لكنها تطورت ـ مع السينما الناطقة ـ وتجاوزت نجاحه وشهرته.

الثيمة الدرامية الثالثة هي الدراما العاطفية، ونراها في تقلبات قصة الحب بينهما، الحب الملتبس بالإعجاب والكبرياء والشفقة، بالقوة والضعف، لكنه يبقى حبا نبيلاً بعيداً عن الشهوانية والابتذال، وتمثل المشاهد العاطفية ـ هنا ـ خلاصة ما رأيناه في عشرات الأفلام الرومانسية. نأتي إلى الثيمة الرابعة وتتعلق بوفاء الحيوان للإنسان، وأنسنة الحيوان، وتتجسد في علاقة «الفنان»بكلبه الوفي الذي أنقذ حياته، وظل مخلصاً له، رغم كل تقلبات ظروفه. وأخيراً ثيمة الفيلم ذي الطابع السيكولوجي، المعتم نوعاً ما، وتظهر في التركيز على الصراع الداخلي للبطل، وتحولاته شخصيته من المرح والابتسام والشهرة والنجاح والمعجبات، إلى العزلة والوحدة والكآبة والسكر، وهي التحولات التي أداها بطل الفيلم، ببراعة ـ دون الحاجة إلى الكلام ـ واستحق عنها جائزة أوسكار أفضل ممثل.

إذن في فيلم «الفنان»رأينا السينما وهي تتحدث عن نفسها، عن بداياتها الصعبة، تتحدث بحرارة وصدق عن كل تفاصيلها، لوحة «الكلاكيت»و«البلاتوه»و«الكواليس»وشباك التذاكر والبوسترات. كل ذرة تسهم في هذا الفن، كانت حاضرة وتحدثنا عن نفسها.. كل أنواع الأفلام، كل المشاهد العظيمة، كل النجوم الكبار كانوا مثل خيالات تمر في خلفية المشاهد، وكل الثيمات الدرامية، وكل الفنون التي ذابت في عملية خلق لغة السينما. وهكذا فإن «الفنان» فيلم عن تاريخ السينما، ونجومها، وأفلامها، وجمالياتها، وقصصها، ولغتها، مثل عطر مركز لا يمكن أن ينساه عاشق لهذا الفن.

النهار الكويتية في

11.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)