كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

الفيلم والتأويل الايديولوجي

أمير العمري

 

يعتقد البعض، سواء من الكتاب أو من المهتمين بالسينما، أن الفيلم الجيد هو بالضرورة الفيلم صاحب التوجه السياسي الصحيح. و"الصحيح" تعني عندهم، التقدمي، الليبرالي، الذي ينتصر للخير على الشر، أو ينتقد الشر لحساب الخير، أو يدين ويشجب القهر والتخلف والعنصرية والاستعمار والإمبريالية وتدخلها في شؤون بلدان العالم الثالث مثلا، أي باختصار الفيلم صاحب الرسالة السياسية. ويطلق نقاد الغرب على هذه الرسالة the film politics أي الموقف السياسي للفيلم أو (سياساته) إذا شئنا الدقة الحرفية.

ويتوقف رفض الفيلم أو قبوله، في هذه الحالة، على ما يتخذه من "موقف" سياسي، فإذا كان الفيلم مثلا يدور حول العنصرية هنا ينحصر بحث نقاد (السياسات) على كل ما من شأنه أن يتفق مع نظرتهم التي تدين العنصرية وترفضها وتعريها وتفضحها. فإذا وجد هؤلاء أن بالفيلم بعض المشاهد أو الإشارات التي يمكنهم تفسيرها على أنها قد تصبح سلاحا ذا حدين، أي قد تحمل في طياتها أيضا نظرة عنصرية، يكون الموقف النقدي هنا رفض الفيلم واعتباره عملا فنيا رديئا لا قيمة له من الناحية السينمائية، بغض النظر عن جمالياته التي يمكن أن تكون ملهمة

عند هؤلاء، لا يكون هناك نقد سينمائي بدون هذا الموقف النقدي "السياسي أو الأيديولوجي" في الأساس، بل يصبح هذا النوع من النقد، في رأيهم، نقدا  في "الفراغ"، لا طائل من وراءه ولا فائدة، فكيف يمكن أن يكون هناك فيلم "جميل"، يدعم مثلا النظرة "البورجوازية" للصراع الطبقي، أو كيف يمكن أن نعتبر فيلما ما متقدما من الناحية الفنية، وهو لا يحتوي على ما يؤكد وجهة نظر أو حتى رؤية نقدية للمجتمع الأمريكي، خصوصا، وللمجتمع الغربي عموما: الاستهلاكي، السلعي، الاستغلالي، الفردي الأناني، العنصري..إلى آخر كل ما يمكنك وضعه من اتهامات وأوصاف تحمل صبغة الإدانة.   

يتساءل أصحاب هذا الموقف العقائدي المتشدد: "ما قيمة أي فيلم إن لم يكن له موقف ما، سياسي واجتماعي؟ وفي هذه الحالة يتم رفض ما يراه آخرون ممن لا يتبعون المنهج السياسي العقائدي في تصنيف وتقييم الأفلام، واعتبار نظرتهم للفيلم متخلفة أو قاصرة أو تروج لـ"العنصرية" او للإمبريالية أوحتى، للنازية. وهم قد يتساءلون مثلا: كيف يمكن القول إن فيلما مثل "لورنس العرب" عمل بديع فنيا؟ فهل المسألة مسألة صنعة؟ وما أهمية الصنعة وكل الافلام الأمريكية الضخمة أو حتى المتواضعة الامكانيات، أصبحت- كما يقول أصحاب هذه النظرية- متقدمة في الصنعة؟ الا يعكس هذا موقفا رجعيا متخلفا؟!

في هذه الحالة يكون تصوير شخصية رجل شرير في الفيلم مثل تاجر العبيد مثلا، بطريقة جذابة رغم ما في شخصيته من قسوة ووحشية يكشفها الفيلم أيضا،أمرا مرفوضا من جانب النقاد العقائديين. وعند هؤلاء تتشابه كل الأفلام من حيث جودة الصنعة (من إضاءة وتصوير ومونتاج واخراج.. الخ) وهي صنعة لا قيمة لها عندهم فالعبرة بالرسالة النهائية التي يمكن أن نستقيها من الفيلم، أو بمعنى أدق، يستخلصونها هم  من الفيلم محل النقد والتقويم والتقييم.

ليس بوسع هؤلاء الناقدين أن يستوعبوا معنى أن يكون الفيلم عملا فنيا بديعا، بعيدا عن جوانب الصنعة التي أشرنا إليها، وبعيدا أيضا عن الرسالة أو المضمون. فهم عادة يتساءلون بغضب: ما معنى فيلم جيد وعلى أي أساس يعتبر جيدا، فلابد أن تكون هناك معايير محددة، وإلا هل المسألة مسألة حرفة أي براعة في التصوير والمونتاج والتمثيل، وما قيمة هذه العناصر التي يمكن لأي سينمائي أن يتعلمها ثم يجيدها إن لم تكن مرتبطة بموقف سياسي واجتماعي متقدم.. وأليست المسألة، أي مسألة النقد- أكبر كثيرا من ذلك؟

سلاح الأيديولوجيا

لقد دارت الكثير من المعارك النقدية والسجال النقدي حول هذه المفاهيم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى نهاية الحرب الباردة. وخلال ذلك ظهر النقد العقائدي الأيديولوجي لدعم الأفكار التقدمية الإشتراكية تحديدا، وكان هدفه التنقيب والبحث في كل ما يأتي من ذلك المعسكر الآخر، الرأسمالي، من أفلام، بعضها كان بالتأكيد، موجها ومدفوعا من جانب الإدرة الأمريكية أو بعض الوكالات التي تمثلها في هوليوود، ومنها أيضا بعض الوكالات "الصهيونية"، لكن معظمها كان يظهر كمنتج إبداعي فردي، يمثل صاحبه، أي مؤلفه ومخرجه، ويعبر عن تطور الوعي السينمائي لديه. بل يمكن القول بثقة أيضا، إن معظم ما كان يظهر من أفلام توجه نقدا سياسيا شديدا للمجتمع الأمريكي وللسياسات الأمريكية، كان يأتي من الولايات المتحدة، وتحديدا، من هوليوود التي يميل الكثيرون ممن ينتمون للمنهج العقائدي، إلى الشطب عليها وإعتبارها قلعة من قلاع الترويج والدعاية للفكر الأمريكي والسياسة الأمريكية، كما لو كان "الفكر" الأمريكي شيئا واحدا مصمتا لا تنوع فيه ولا إختلاف، وكما لو كانت الأفلام تصن فقط طبقا لتوجهات السياسات الأمريكية.

في عام 1974 ظهر كتاب روسي في النقد الأيديولوجي هو كتاب "الفيلم والايديولوجية وشباك التذاكر" للكاتب أ كاراجانوف، نشرته وكالة نوفوستي السوفيتية. وكان يلخص حالة النقد الاشتراكي الأيديولوجي ونظرته المتوجسة تجاه الكثير من الأفلام الغربية التي كان البعض منها يعتبر من الأفلام "النقدية"، والبعض الآخر لاشك أنه كان يصنع بدفع وتخطيط من الوكالات الأمريكية المتخصصة في الدعاية المضادة مثل فيلم "القبعات الخضراء" The Green Berets مثلا الذي إشترك في إخراجه ثلاثة مخرجين وقام ببطولته نجم أفلام الويسترن الأمريكية الشهير جون واين، وبلغت تكاليف إنتاجه سبعة ملايين دولار، وهي ميزانية كبيرة بمقاييس الفترة. وكان الفيلم عملا مناهضا للشيوعية، يدافع عن ويبرر المجازر التي كانت ترتكبها القوات الخاصة الأمريكية في فيتنام خاصة مذبحة "لاي ماي" الشهيرة (مارس 1968) التي راح ضحيتها نحو خمسمائة مدني فيتنامي من المزارعين الفقراء بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، على أيدي فصيلة ذوي القبعات الخضراء.

وكان جون هوارد لوسن John Howard Lasson (1894- 1977)، رئيس شعبة الحزب الشيوعي الأمريكي في هوليوود لعدة سنوات، ثم أحد من أطلق عليهم "العشرة الكبار في هوليوود" ، قد نشر كتابه الشهير "الفيلم في معركة الأفكار" Film in the Battle of Ideas عام 1953 (ترجمه إلى العربية أسعد نديم وصدر عن دار الكاتب العربي بالقاهرة). وهو يعد اليوم كتابا كلاسيكيا في النقد العقائدي الاشتراكي الذي يفسر الأفلام بمعزل عن جمالياتها، مركزا فقط على الجانب السياسي والمفاهيم الضمنية التي تكمن داخل الفيلم، وما تحتويه من "أفكار" معادية للفكرة الإشتراكية أو تشوه القضايا النضالية مثلا. ولعل من أبرز الأفلام التي سلط عليها الضوء في هذا الكتاب فيلم "فيفا زاباتا" Viva Zapata الذي أخرجه المخرج الأمريكي إيليا كازان وعرض عام 1952 أي قبل صدور الكتاب. وكان كل من كازان ولوسن من الذين وقفوا أمام لجنة النشاط غير الامريكي (لجنة ماكارثي) وإتهم كازان وقتها بالشهادة ضد زملائه في الحزب الشيوعي. أما لوسن فقد وضع إسمه في "القائمة السوداء" الشهيرة. وهو لا يعترف قط في كتابه المشار إليه بأي قيمة جمالية أو فنية في فيلم "فيفا زاباتا" Viva Zapata بل يتوقف فقط أمام كل ما من شأنه التشكيك في نوايا صناع الفيلم، ولو بلوي عنق الأشياء بشكل ملحوظ، ويتهم الفيلم بتشويه شخصية زاباتا وثورته (قام بدور زاباتا مارلون براندو) إستنادا إلى أن الموقف السياسي لإيليا كازان لم يكن موقفا "ثوريا" سليما، وأتهم بالتخاذل بل بالخيانة.

وعلى حين يتجاهل لوسن في كتابه أي أبعاد جمالية أو فنية في فيلم "فيفا زاباتا" يتوقف أمام مضمونه الذي يراه منحرفا ليصدر الحكم التالي "إنه لتشويه كبير للتاريخ أن يتجاهل المرء حقيقة أن حركة الفلاحين بقيادة زاباتا كانت جزءا من انتفاضة قومية تتجه أساسا ضد السلطة الامبريالية للولايات المتحدة. لكن الفيلم يصور المكسيك بلدا للجنرالات والسياسيين الفاسدين، دون أن يلقي أي مسؤولية على أي دولة أجنبية بعينها. ويعالج مطالبة الهنود والمكسيكيين البائسين بالأرض كموضوع صراع منفصل ومنعزل، والفيلم يزكي المطلب من الناحية الإنسانية، لكنه يبين منذ البدء، أنه مطلب مكتوب عليه الفشل لأن الفلاحين من "الجهل" و"السذاجة" بحيث لا يستطيعون أن يمسكوا بزمام سلطة الدولة".

كان النقاش قد إتخذ منذ وقت مبكر، منذ السبعينيات تحديدا، منحى جديدا عندما بدأ نقاد كثيرون في الغرب يراجعون المواقف التقليدية القديمة مثلا من أفلام المخرجة الألمانية الشهيرة ليني ريفنشتال التي اتهمت بالتعاون مع النازية، وبصنع أفلامها للدعاية للفكر النازي والزعيم النازي أدولف هتلر. وكانت الكتابة بشكل إيجابي، إنطلاقا من منهج جمالي وليس أيديولوجيا، عن فيلم ريفنشتال "إنتصار الإرادة" (1937) Triumph of the Will مثلا، أمرا صادما للمعتقدات الراسخة حول ريفنشتال التي سجنت لمدة ثلاث سنوات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ورغم أنها حوكمت أربع مرات، إلا أن المحكمة لم تستطع إدانتها بالتعاون مع هتلر

كان من الصادم للكثيرين الاعتراف بالموهبة السينمائية الكبيرة التي كانت تتمتع بها ريفنشتال (1902- 2003).. وبالجماليات الواضحة في أفلامها وخاصة "إنتصار الإرادة"، وهو الطرح الذي ردت عليه الكاتبة سوزان سونتاج في مقالها الشهير بعنوان "جماليات الفاشية"! 

لا يستطيع كثيرون حتى يومنا هذا قبول فكرة أن الفيلم الجيد ليس هو دائما الفيلم الذي يتبنى موقفا سياسيا أو إجتماعيا متقدما بالضرورة، وليس هو الفيلم الذي قد تتميز فيه عوامل الصنعة على أهميتها، بل هو الفيلم الذي يعرف صاحبه أولا ما يريد التعبير عنه، ويعرف كيف يعبر عن أفكاره بطريقة سينمائية مبتكرة، خلاقة تتجاوز ما هو مطروق ومألوف وسائد.

الجزيرة الوثائقية في

08.05.2014

 
 

الفيلم اليوناني"نصيب" عن جغرافيا"الأنثى"

رامي عبد الرازق 

في ساعة واحدة او اقل (58 ق) استطاعت المخرجة اليونانية القبرصية الأصل نينا ماريا باساليدو ان تطرح رؤية مكثفة عن الواقع النفسي والاجتماعي للمرأة في العصر الحديث استغلالا لانعاكس ذاتها الانثوية عبر المسلسلات التركية التي غزت تليفزيونات العالم خلال العقد الأخير.

عقب عرضه الأول في اشهر مهرجانات الفيلم الوثائقي (IDFA) قدمت المخرجة فيلمها من خلال برنامج قصص تروى ضمت فعاليات الدورة السادسة عشر لمهرجان سالونيك الدولي لأفلام التسجيلية(14-23 مارس) واحدث الفيلم صدى واسع نظرا لطبيعة العلاقة الجدلية ما بين اليونان وتركيا التي كانت حتى قرن واحد فقط تستعمر اليونان قبل انهيار الخلافة العثمانية وتحرر اليونان.

حيث يتعرض الفيلم في احد فصوله إلى حركات الرفض التي شهدتها اليونان ضد شبكات التفلزة التي اشترت حقوق عرض المسلسلات التركية وقامت بإذاعتها على اعتبار أن ثمة اجيال يونانية تربت على كره الأتراك رغم مرور اكثر من مئة عام على الأستقلال.

على المستوى العربي تأتي اهمية هذه التجربة البسيطة شكلا والمتعمقة مضمونا في كونها تكشف لنا ان حالة الهوس المجتمعي على مستوى المشاهدة والتلقي التي شهدناها خلال السنوات الأخيرة لم تقتصر فقط على الدول العربية ولكنها تجاوزتها إلى اوروبا نفسها رغم الفارق الثقافي والفكري الكبير بين المتلقي الاوربي والمتلقي العربي.

لكن المخرجة لم تتوقف كثيرا أمام حالة الهوس السطحية تلك، ولكنها تجاوزتها إلى محاولة تقديم قراءة اوسع لوضع المرأة في العالمين الشرقي والغربي على المستوى النفسي والعاطفي والاجتماعي رغم الفروقات الثقافية وذلك عندما تنبهت إلى كون المسلسلات التركية يمكن أن تمنحها مدخلا لذلك دون افتعال أو لعولمة او حداثة.

الأنثى وجغرافيا المكان

رغم أنها اتخذت شكل الريبورتاج التليفزيوني المنمق والتقليدي إلا أن المخرجة كسرت هذه التقليدية من خلال انسحابها بشكل كامل من الكادر ومن شريط الصوت وكأنها تركت الكاميرا أمام الشخصيات النسائية الائي جلسن ليروين تجربتهن مع المسلسلات التركية ونقول تجربة وليست شهادة وثمة فارق كبير.

الشهادة هي اقرب لرأي أو وجهة نظر في المادة المعروضة عليه أما التجربة فهي تفاعل حي بين الشخص وبين المادة ادت إلى حدث ما في حياته او قرار اتخذ على على وشك أن يتخذ.

ربما ندرك هنا لماذا اتخذت المخرجة من شكل الريبورتاج العادي اطارا بصريا لها فالشكل عادة ما يتحول في الاعمال الجيدة والناضجة فكريا إلى المضمون ذاته بشكل ملزم وغير قابل للفصل، حيث افردت الكادر صوت وصورة إلى المادة المعروضة ونقصد بها المسلسلات التركية وكواليس تصويرها وصناعها من ناحية ومن ناحية أخرى اختارت نماذج نسائية في دول مختلفة ثقافيا واجتماعيا لتحكي تجربتها مع تلك المادة بشكل يحاول ان يرسم في النهاية ملامح لجغرافيا الانثى في العصر الحديث.

لا يوجد صوت فوقي-تعليق-يعلو على صوت النساء الائي يحكين تجربتهن، أما الانتقالات المكانية بين المدن والدول فتكتب ببساطة على الشاشة كمعلومة لكنها على المستوى الوجداني تبدو وكأنها تتماهى في عنصر الجغرافيا الانثوية بنعومة شديدة، تنتقل المخرجة بين القاهرة وابو ظبي واسطنبول وصوفيا وأثينا، بعض اسماء المدن تحمل اسماء انثوية بالفعل وبعضها الاخر يحمل صفات انثوية في اسمه، اما على مستوى الصورة فالكاميرا بمجرد الانتقال من مدينة إلى اخرى تتابع مباشرة النساء والفتيات في تلك المدن وكأنها تقدم لنا الأنثى المدينة أو المدينة عبر الانثى، المكان هنا ليس المدينة على مستوى الموقع الجغرافي البحت ولكنه الأنثى في المقام الأول، اي مشاعرها وافكارها وقرارتها وانفعالتها التي تنعكس من خلال تجربتها مع مشاهدة المسلسلات التركية التي استطاعت محاكاة حالات وجدانية حقيقية من واقع الحياة برغم من كل ما تتهم به من ميلودرامية ومط وتطويل وتشعب.

نشير هنا إلى ما يبدو من سياق الفيلم أن المخرجة أعتمدت على اللقاءات التي اجرتها مع انماط النساء المختلفة في الدول الخمس ثم استحضرت بصريا وتوثيقيا المواد الدرامية التي تحدثوا عنها والتي تصادف بشكل وثائقي ان كتابها من النساء ايضا.

ما نقصده بالصدفة الوثائقية هنا هو أن يفرز الموضوع عناصر تخص الفكرة الأساسية او المحور الرئيسي له دون ترتيب أو بحث او تنسيق مسبق، حيث تصادف وثائقيا أن اغلب الاعمال التي تحدثت عنها النساء في المدن الخمس هي من تأليف نساء ايضا وكأن الانثى تكتب عن نفسها او تكتب نفسها عبر هذه الدرامات متعددة الاوجه.

لا تعتبر المخرجة ان انتشار الدراما التركية بين جمهور غالبيته من النساء بسبب أن كتابها نساء ولا تتوقف امام هذا الامر كثيرا بل تستغل تلك الصدفة الوثائقية في استكمال الصورة التي بدأتها عن جغرافيا المرأة خاصة ان الحديث يأتي على لسان نساء-كاتبات-اكثر ثقافة وعمقا على المستوى الفكري والنفسي.

وما اشرنا إليه بخصوص كون اللقاءات هي تجارب وليست شهادات يتمثل في عثورها على نماذج صعبة من نساء اتخذن قرارات هامة في حياتهن نتيجة التفاعل الحي مع شخصيات وأحداث المسلسلات التركية مثل الزوجة الاماراتية التي قررت رفع دعوى طلاق ضد زوجها الذي طالما دأب على ضربها ومعاملتها بشكل سيئ وذلك اسوة بشخصية فاطمة في المسلسل الشهير والتي ترفع قضية ضد من اغتصبوها غير عابئة بمسألة الفضيحة أو تشويه السمعة ثم تربحها في النهاية ليتحول هذا الربح إلى دافع نابض في نفسية هذه الزوجة بشكل يجعلها تصر على الطلاق وتفوز به في النهاية.

هذه التجربة تتماثل بشكل كبير في السياق وتختلف في الشكل مع تجربة الناشطة السياسية المصرية التي كانت احدى الائي تعرضن لكشوف العذرية ابان فترة حكم المجلس العسكري في مصر في عام 2011 واستطاعت رغم مناوئة أهلها ورفضهم الأعلان عن الأمر ان ترفع قضية ضد المشير طنطاوي وعدد من قادة الجيش وتحويل الامر لقضية رأي عام صدر على اثرها حكم بعدم شرعية او جواز كشوف العذرية تماما مثلما تحولت قضية فاطمة إلى قضية رأي عام في المسلسل حتى أن صناع العمل طلبوا من بعض الجمعيات النسوية أن يشاركن في مشهد ذهب فاطمة إلى المحاكمة فإذ بهذا الطلب يتحول إلى مظاهرة نسائية ضخمة تعتبر فاطمة-الشخصية الدرامية- نموذجا للأنثى التي تحارب من اجل حقها.

تجدر هنا الأشارة إلى انه رغم تركيز المخرجة على فكرة جغرافيا الأنثى إلا أن الرؤية الوثائقية افرزت ايضا مستوى أخرى للفيلم وهو كيفية تحول الشخصية الدرامية إلى شخصية حقيقية خاصة عندما تبدو ملامحها الفنية اكثر واقعية وتحققا من ملامح الكثير من البشر ذوي اللحم والدم.

من الممكن تقديم قراءة اخرى لهذا الفيلم تتعلق بمدى تحقق الشخصيات الدرامية في الواقع الماعش انطلاقا من الواقع الدرامي الموازي والمتخيل-ولا نقول المؤلف.

تنجح المخرجة في صهر تجربة الزوجة الاماراتية مع تجربة الفتاة المصرية مع تجربة زوجة أخرى تركية دفعتها مشاهدة مسلسل"حياة"عن الفتاة الصغيرة التي تتزوج رجل يكبرها في السن دون رضاها وتعيش معه عذابات لا نهائية إلى طلب الطلاق من زوجها لأنها لم تعد تحتمل تلك الحياة، أنها لم تتخذ القرار بناء على تأثرها بقرار البطلة مثل الزوجة الأمارتية ولكن لان المسلسل وبطلته الصغيرة وما عانته اعاد إلى ساحات الذاكرة والشعور كل ما كابدته خلال سنوات زواجها الطويلة فتراكم لديها شعور بأنها لا تريد ان تكمل حياتها على هذا النحو بل شعرت بمنتهى التآسي على سنوات العمر التي ضاعت مع شريك هو في الحقيقة عدو وخصم.

نور 

قد يبدو تناول المخرجة لتجربة مشاهدة مسلسل"نور"كما يطلق عليه في العالم العربي أو"جوميز" بالتركية اقل تركيزا على فكرة عرض التجارب النسائية وأقرب للشهادات ولكننا إذا نظرنا إلى موقعه في التراكم الفيلمي سوف نجد أنها استهلت به الفيلم كأفتتاحية توثيقية على اعتبار أن هذا المسلسل كان رأس السهم التي انطلقت من اسطنبول إلى ما يقرب من 56 مليون مشاهد في العالم حسب بعض الاحصاءات والذي يعتبر عراب المسلسلات التركية التي جاءت بعده.

ولا يمكن اعتبار حديث المشاهدات المصريات عن مسلسل نور مجرد شهادة عن هذا العمل الذي حقق نسبة مشاهدة خارقة فقط ولكن المخرجة من خلال صورة مكثفة ومعبرة ذات دلالات ترتبط عضويا بحديث المشاهدات المصريات تقدم لنا لقطة جيدة حيث تجلس السيدات يتابعن نور بتمعن واندماج بينما فوق شاشة التليفزيون الحديثة تظهر صورة زوج احداهن ويبدو التناقض البصري بين وسامة"مهند" بطل نور ورمانسيته وبين شكل الزوج ذو النظارة والشنب التقليدي ثم تؤكد المخرجة على هذا التناقض من خلال حديث السيدات عن كونهن ارتبطن انفعاليا ووجدانيا بمسلسل نور لأنه قدم لهم وجبة المشاعر ومساحة الأحاسيس المفتقدة في واقعهن المعاش والتي جسدتها المخرج بصورة الزوج التي التقطاتها بذكاء وثائقي فوق الشاشة التي تعرض المسلسل.

إذن يمكن اعتبار أن المخرجة لم تتجاوز طبيعة العينات النسوية التي اختارتها ولم تتساهل في التعاطي مع نماذج تقليدية تحكي فقط عن المسلسلات التي تعجبها ولماذا.

ونلاحظ ان المخرجة تعيد استخدام هذا الأسلوب عند تصويرها في ابو ظبي مع الزوجة المطلقة حيث نراها بعد أن حصلت على طلاقها تتحدث عن الحرية التي حازتها اخيرا والكرامة التي اكتسبتها بينما في الخلفية اعلان كبير لفتاة جميلة امام مجموعة من السيارات وكأن الأنثى في المجتمع شئ يتم الاعلان عنه وبيعه وشراءه تماما مثل السيارة

أما الأنجاز النفسي والوجداني الأكثر نجاحا في هذه التجربة انها استطاعت ان تدمج كل التجارب النسائية المروية أمام الكاميرا على خلفية المسلسلات التركية بشكل ينحت الاختلافات ويجردها برقة وبساطة حتى يبدو في النهاية وكأننا امام امراة واحدة تعيش في كل الدنيا، لا اسم لها ولها كل الأسماء(على حد التعبير الشعري للبياتي).

فكما يبدو تأثر المشاهدات المصريات بمسلسل نور وافتقادهن للحب والمشاعر في مجتمع شرقي متحفظ بدا نفس الأفتقاد وتفاصيله الشعورية واضحا في مجتمع اكثر انفتاحا وتحررا مثل المجتمع البلغاري، فالحرية في النهاية هي حرية الروح قبل ان تكون حرية الجسد وحال المشاعر في صفتها العامة لا فوارق جنسية او دولية فيه وهو ما بلورة بشكل واضح اللقاء الذي تم مع احد السيدات البلغاريات التي تحكي تجربتها النفسية مع مسلسل"الف ليلة وليلة"وكيف أنه منحها املا كبيرا في انها سوف تعثر على الرجل المناسب وحب العمر ذات يوم بعد أن كانت قد يأست من كثرة الفشل والعلاقات الغير سوية، التجربة هنا نفسية باطنية على عكس التجارب الاجتماعية الأخرى ولكنها تغطى ايضا مساحة مهمة من جغرافية النفس الأنثوية التي تتحدث عنها المخرجة.

كذلك لا يمكن اغفال عنصر هام في رؤية المخرجة وهي شمولية الأعمار والأجيال والمستويات المادية التي انتقلت بينها للتأكيد على وحدة الأنثى وتجريدها البراق ففي مصر تنتمي السيدات الائي تحدثن عن تجربتهن مع مسلسل نور إلى مستوى اجتماعي ومادي يختلف عن الناشطة السياسية التي تتابع مسلسل فاطمة وتبدو اقل منهن وكذلك في اليونان يبدو الاختلاف واضح في التعاطي مع نساء من اعمار اكبر سنا من أغلب السيدات في اللقاءات الأخرى وكأنها تنتقل معهن إلى جيل إخر من النساء يكمل الصورة الذهنية والشعورية لجغرافيا الأنثى وهكذا.

لنرى أننا في النهاية أمام مستويات مادية وجيلية مختلفة تجتهد لتقديم بانوراما واسعة ومتعددة الزوايا.

يبقى فقط أن نشير إلى أن عنوان الفيلم يرتبط عضويا وروحيا بموضوعه مستوحيا أسماء المسلسلات التركية الميلودرامية والمؤثرة في نفس الوقت، فترجمة الكلمة التركية"قسمت"هي النصيب أو الحظ أو الفرصة او القدر وكلها صفات ترتبط بجغرافيا الانثى على كل المستويات الاجتماعية والنفسية والشعورية صحيح ان الترجمة الأقرب هي"النصيب" ولكن تعدد المرادفات يعكس خصوبة المستويات التأويلية للفيلم ومدى مساهمتها في رسم الخارطة الوجدانية للمرأة في عصرنا الحالي عبر انعاكساتها التي قدمتها ولا تزال الدراما التركية باقتدار وحميمية.

الجزيرة الوثائقية في

08.05.2014

 
 

فيلم بلادي الحلوة..

قصة رومانسية تتحدى القيم الاجتماعية

العرب/ عدنان حسين أحمد - لندن 

نفس تغريبي وسخرية سوداء ممنهجة يميل لها فيلم 'بلادي الحلوة' الذي يرصد تناقضات المجتمع الكردي بعد عشر سنوات من سقوط النظام السابق.

في رصيد المخرج العراقي الكردي هونر سليم تسعة أفلام مُنجزة فيما يضع لمساته الأخيرة على فيلمه العاشر “الطبول”، ولكل فيلم من أفلامه العشرة ثيمة رئيسة يتمحور حولها الفيلم، إضافة إلى عشرات الثيمات الثانوية التي تمنح الفيلم نكهة خاصة تدفعه باتجاه مسارات غير متوقعة.

آخر أفلام هونر سليم الذي عرف ترحيبا كبيرا من الجمهور والنقاد جاء تحت عنوان “بلادي الحلوة.. بلادي الحادّة” فيلم لم يحد عن قاعدة السخرية السوداء التي عوّد بها المخرج جمهوره.

يرتكز فيلم “بلادي الحلوة.. بلادي الحادّة” على قصة حبّ رومانسية تتأجج بين باران “كوركماز أرسلان” وغوفيند “كولشفته فراهاتي”، حيث تقع هذه الأخيرة في حبّه، وتتماهى مع شخصيته الإنسانية المتحضرة التي تبجل العلم والمعرفة، وتنتصر لحقوق المرأة خاصة، وتسعى إلى تكريس القانون، وتحقيق العدالة.

غير أن هذه القصة تتشظى إلى شذرات متناثرة تصعب الإحاطة بها جميعا، على الرغم من حدوثها جغرافيا في منطقة “قمريان” النائية التي تقع في قلب المثلث العراقي الإيراني التركي، تلك البقعة القصية التي تحاصرها الثلوج على مدى ستة أشهر في السنة الواحدة، آخذين بنظر الاعتبار أن الوسيلة الوحيدة للتنقّل في هذا المثلث الوعر هي الجياد التي تستطيع أن تتغلّب على مصاعب الحياة الشاقة في تلك المضارب المثلجة.

لا يخلو هذا الفيلم من النفس التهكمي مثل سائر أفلام سليم الأخرى التي تحاول أن تُطعِّم أحداثها ووقائعها بالسخرية السوداء حينا، وبالمواقف الطريفة حينا آخر، فهو، كما يبدو على قناعة تامة بأن حضور التراجيديا لا يغيّب الكوميديا بالضرورة، خصوصا إذا كان النفس الكوميدي هادفا ومعبرا وضاربا في الصميم. فلا غرابة أن تصبح السخرية السوداء جزءا من تقنيته الخاصة التي يعوّل عليها كثيرا، ويعتمدها في غالبية أفلامه الروائية المثيرة للجدل دائما.

لا يتكئ هونر سليم على المهيمنة الرئيسة في أي فيلم من أفلامه، وإنما يراهن على الثيمات الثانوية التي يبثها هنا وهناك. ففي هذا الفيلم تحديدا يمكن أن نلمس عشر ثيمات فرعية، وربما ضعف هذا العدد إذا ما تمعّنا في ثنايا هذا الفيلم جيدا وعلى رأسها: الخيانة، الشنق، التمرّد، التهريب، الهيمنة العشائرية، القمع، التعليم، الموسيقى، الويسترن الشرقي، العزلة الاجتماعية، الأحلام المجنّحة…

هذا إضافة إلى الحضور السلبي للسلطة المركزية وبعض أتباعها من الكرد الذين نالوا جزاءهم العادل. كما هو الحال مع المتهم أنور أحمد رؤوف الذي شُنق، لكنه لم يمت لأن حبل المشنقة انقطع، ولا يجوز إعدامه مرتين الأمر الذي شكّل فاتحة جيّدة للولوج إلى الكوميديا الهادفة التي أدخلنا إليها المخرج منذ بداية الفيلم.

لا يخلو الفيلم من التهكم كسائر أفلام سليم التي تحاول أن تطعم أحداثها بالسخرية السوداء، وبالمواقف الطريفة

يرصد هونر سليم تناقضات المجتمع الكردي بعد عشر سنوات من سقوط النظام السابق. فعلى الرغم من غياب السلطة المركزية إلاّ أن القانون لم يجد طريقه إلى غالبية المناطق الكردية النائية مثل قمريان وبقية القرى.

يميل الفيلم إلى التغريب بعض الشيء فالمشاهد لم يعهد مواطنا كرديا يضع القبّعة الأميركية، مثبتا المسدس في حزامه، وممتطيا جواده المطهّم وهو يجوب في المضارب القروية الكردية. لكننا رأينا ذلك لدى إحدى شخصيات الفيلم وهي التفاتة ذكية تنطوي على كثير من السخرية والتهكم الذي لمسناه في العديد من مقاطع الفيلم.

تحضر التراجيديا بقوة في هذا الفيلم حينما يدهم أزلام الآغا عزيز منزل باران وكولشيفته، حيث يرديهم “الحاكم الجديد” قتلى ثم يُطلق النار على الآغا نفسه في إشارة واضحة إلى هيمنة القانون وسيادته في خاتمة المطاف.

وحين يأتي أشقاء غوفيند (البطلة) مهددين إياها بغسل العار الذي ألحقته بهم، تتملص منهم لتنادي في خاتمة المطاف باران الذي يسمع صوتها المدوّي في الآفاق، فيركض صوبها إلى أن يلتقيا في منتصف المسافة في مشهد لا يخلو من الميوعة العاطفية التي ألفناها في بعض الأفلام المصرية والهندية.

ومع ذلك فإنها نهاية مقبولة في هذه القرى البعيدة التي تخضع لمنظومة القيم والتقاليد العشائرية، التي تحاول قدر المستطاع التصدّي لمظاهر الحداثة الجديدة التي تنتصر للقيم المدنية الحديثة.

بقي أن ننوّه بقدرة الممثلة الإيرانية كولشيفته فراهاتي التي سبق لها أن مثلت في خمسة أفلام باللغة الكردية، وهذا هو فيلمها الثاني مع هونر سليم وهي سعيدة جدا باشتراكها في هذا الفيلم لأنها معجبة بكل أفلامه، وتحب رؤيته الإخراجية.

أما الممثل التركي الكردي كوركماز أرسلان فقد تألق هو الآخر في تأدية دور حاكم المدينة والعاشق المتيّم بالمعلمة غوفيند، حيث خطف الأضواء بأدائه العاطفي المُميّز.

يمكن القول إن كولشيفته وكوركماز كانا السبب الرئيس وراء نجاح الفيلم الذي يحمل توقيع هونر سليم، المخرج الذي يمتلك دون شك رؤية إخراجية فذّة تضعه في مصاف المخرجين الكبار الذين يزاوجون بين ضراوة الواقع ورقة الخيال.

العرب اللندنية في

09.05.2014

 
 

المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور يطرح أسئلة المتوسط

العرب/ الناظور- (المغرب) 

مدير المهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة يؤكد أن مدينة الناظور أصبحت وفية لموعدها السنوي مع الفن السابع لتكون نقطة التقاء بين الفنانين.

تختتم غدا السبت 10 مايو بمدينة الناظور المغربية، فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة، بتكريم الفنانتين المغربيتين نعيمة المشرقي ولويزة بوسطاش، والفيلسوف الموريسي الفرنسي خال ترابلي.

تمّ خلال الجلسة الافتتاحية لهذا المهرجان، الذي ينظمه مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم إلى غاية يوم غد السبت 10 مايو الجاري، تحت شعار “أسئلة المتوسط”، الاحتفاء بهيئة الإنصاف والمصالحة، والراحل أدولفو سواريس أحد أبرز زعماء الانتقال الديمقراطي الأسباني.

وقال عبدالسلام الصديقي، رئيس الدورة الثالثة للمهرجان، إن الهدف من تنظيم هذه التظاهرة المساهمة ثقافيا في الديناميكية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المنطقة، ودعم المجتمع المدني الذي يشتغل في المجال الثقافي، معتبرا أنه حان الوقت للقيام بـ”نهضة ثقافية في مجتمعنا لننخرط بصفة تلقائية وجماعية في المجتمع الحداثي الديمقراطي الذي يرعاه الملك محمد السادس”.

وأضاف الصديقي، أن هذه الدورة ستكون مناسبة للعديد من المثقفين والفاعلين السياسيين والحقوقيين والناشطين في الجمعيات ببلدان حوض المتوسط لتسليط الضوء على المخاضات والإشكالات التي عرفتها ضفتا المتوسط في السنين الأخيرة. كما أن الأفلام التي ستعرض وعرضت على مدار أيام المهرجان ستحاول معالجة هذه الإشكالات بطريقة سينمائية.

من جانبه، قال عبدالسلام بوطيب، مدير المهرجان ورئيس مركز الذاكرة المشتركة، إن مدينة الناظور أصبحت وفية لموعد سنوي مع الثقافة، ومع الفن السابع الناطق بالصوت والصورة، كما أضحت نقطة التقاء بين الفنانين والمثقفين والفاعلين المدنيين الراغبين في “المساهمة في بناء الأوطان التي يستحقها الناس”.

وأضاف أن الناظور كانت على مدى أسبوع، قبلة للباحثين عن المشاركة في بناء الفضاء المتوسطي الذي يسمح “للناس بالتعبير عن أفكارهم دون خوف من الآخر مهما كانت التباينات والمسافات”، كما أنها ستتيح للمشاركين المساهمة في “التفكير العميق من أجل خلق المتوسط الذي يستحقه المتوسطيون”.

وشارك في هذه التظاهرة سينمائيون من مختلف البلدان المتوسطية: المغرب والجزائر وتونس ومصر ولبنان وفلسطين والأردن وسوريا وتركيا وكرواتيا وإيطاليا والبوسنة وأسبانيا وفرنسا والبرتغال ضيفة شرف الدورة.

وتضمن برنامج هذه الدورة، على الخصوص، ندوة دولية حول “أسئلة المتوسط”، التي أدارتها بنجاح المفكرة المغربية ليلى مزيان بالشمولية حيث انقسمت إلى أربعة محاور، ناقش أولها “الثورات بين الأمس واليوم: الاستمرارية، القطيعة والتحولات”، وسعى ثانيها إلى “رسم خريطة الثورات في البحر الأبيض المتوسط: أين، كيف ولماذا؟”، وبحث ثالثها عن إجابة لسؤال: “بعد ثلاث سنوات: هل حان الوقت للتقييم؟”، أما رابع المحاور فقدم رؤية لـ”ثورات البحر الأبيض المتوسط بعيون أجنبية”.

وأتى “الماستر كلاس” حول السينما والديمقراطية، بمشاركة مثقفين وباحثين مغاربة وأجانب، من بينهم محمد الأشعري، ونورالدين الصايل، وصلاح الوديع، وبلال مرميد، والفنان سامح الصريطي وكيل نقابة المهن التمثيلية بمصر، بالإضافة إلى مانويل روسادو وباولا كارول.

العرب اللندنية في

09.05.2014

 
 

'إمبراطورية م' تستقبل جمهور الزمن الجميل البحريني

العرب/ المنامة 

متحف موقع قلعة البحرين يعود بعشاق الفن السابع إلى فترة السبعينات بفيلم 'امبراطورية م' الذي مثل مرحلة انتقالية في مسيرة فاتن حمامة.

كعادته في استحضار روائع ما أنتجته السينما القديمة وليالي الزمن الجميل، يعقد متحف موقع قلعة البحرين أمسيته السينمائية لشهر مايو بعد غد الأحد 11 مايو، على الساعة السابعة مساء بموقع المتحف، حيث تشارك ليلة الأفلام العربية الكلاسيكية جمهورها هذه المرة بالفيلم المصري “إمبراطورية م”، الذي يعدّ أحد أجمل 100 فيلم أنتجته السينما المصرية.

الفيلم من بطولة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والفنان المصري الكبير أحمد مظهر. أما القصة والسيناريو فمن تأليف إحسان عبدالقدوس وإخراج حسين كمال. وتمّ إنتاجه سنة 1972 لشركة رمسيس نجيب.

وتدور أحداث الفيلم حول الأرملة منى التي تعمل في وزارة التربية والتعليم المصرية، وتعيش مع أولادها الستة الذين تبدأ أسماؤهم جميعا بحرف “الميم”. تتزاحم المسؤوليات المختلفة التي تؤثر في نمط حياتها، وتعايش مشاكل أولادها المختلفة حسب مراحلهم التعليمية وأعمارهم.

وفي هذا الإيقاع الحياتي تتعرف على رجل الأعمال الكبير أحمد الذي يعجب بها ويعرض عليها الزواج، ومن هنا تبدأ مسارات أخرى للحكاية.

يعتبر هذا الفيلم مرحلة انتقالية في مسيرة الفنانة فاتن حمامة التي ابتعدت عن لعب دور الأنثى العاجزة. ومن الجدير بالذكر أن فيلم “إمبراطورية ميم” شارك عام 1973 في مهرجان موسكو السينمائي الدولي الثامن.

العرب اللندنية في

09.05.2014

 
 

بطولة كولن فيرث وريز ويذرسبون

«عقدة الشيطان» فيلم عن الجريمة.. والبراءة!

عبدالستار ناجي 

منذ أيام تم الاعلان عن اختيار احدث افلام المخرج الارمني الكندي أتوم اوغايان، للمسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته المقبلة 14 - 29 مايو - آيار الحالي.

وهذه الايام يعرض في الاسواق العالمية، لأتوم اوغايان فيلم «عقدة الشيطان» ويبدو ان اوغايان بدا يكرر حضوره عبر الافلام التي تذهب الى موضوع الجريمة والاشتغال عليها بمضامين فكريةتجعل المشاهد يعيش دائرة من الاتهامات، نظرا لغياب الادلة في من اسندت اليه الاتهامات، وتلقى الحكم.

في فيلم «عقدة الشيطان» نتابع التفاصيل الدقيقة لجريمة قتل ثلاثة من الصبية الصغار من قبل ثلاثة مراهقين وجهت اليهم تهمة القتل مع عدم اعترافهم بالذنب، وعدم وجود ادلة قاطعة بحقهم.

هكذا هو المحور الاساسي، الذي بنى عليه ادغايان فيلمه الذي كتبه السيناريست بول هاربس بوردمان الذي تخصص في كتابة افلام الرعب، وشاركه في الكتابة ايضا السيناريست والمخرج سكوت داريرتسون، الذي يشتغل هو الاخر على موضوعات افلام الرعب.

وقبل ان نذهب الى الفيلم، نتوقف عند اسم المخرج اتوم ادغايان، الذي يعتبر اهم مخرج ارمني، وقد ولد في مصر وعاش في كندا، وله العديد من الاعمال السينمائية المهمة ومنها ارادات عمل عن المجزرة التي تعرض لها الارمن على يد العثمانيين» ومن افلامه ايضا حيث الحقيقة تكذب 2005 و «ايكز وتيكا 1994 وغيرها.

الفيلم يعتمد على قصة حقيقية جرت في مامفيس في الولايات المتحدة، حيث المجتمع الديني المحافظ.

هناك، يختفي ثلاثة اطفال، وبعد بحث يتم العثور عليهم موتى، وقد تعرضوا لاصناف من التعذيب، اعتقد معه الجميع ان من قام بقتلهم عناصر من عبدة الشيطان.

جريمة من غرب مامفيس، تتحول الى قضية المجتمع الأميركي، حين تضغط المؤسسات الدينية من اجل الحكم ضد المراهقين الثلاثة الذين تدور حولهم الاتهامات، لا شيء الا لانهم يحبون الموسيقى الصاخبة ويتصرفون بشكل عدائي. الفيلم يتم روايته من خلال «بام» ريز ويذرسبون احدى الامهات المفجوعات باغتيال طفلها، وايضا وجهة نظر المحقق الشخصي رون «كولن فيرث» الذي يبدأ في البحث والتحليل فك كافة الخيوط والاتهامات من اجل بلوغ الهدف الحقيقي.

الفيلم يتوقف طويلا امام الام وعلاقتها الزوجية وكأنه يشير الى شيء من الاتهام، ولكنه لا يقول ذلك صراحة، كما هو الامر مع المحققين الرسميين، الذين يريدون اغلاق الملف، امام هجوم اجهزة الاعلام، والمؤسسة الدينية التي تسعى الى السلام ونبذ الجريمة.

كل مشاهد التحقيقات، وكل الاجهزة التي استخدمت لكشف الكذب، اكدت البراءة ولكن على القضاء ان يحسم الامر، ويأتي الحكم بالمؤبد رغم عدم اثبات الادلة.

وهنا اهمية هذا الفيلم، الذي يظل يوجه الاتهامات للجميع، لان المجرم الحقيقي يظل طليقا، خصوصا مع الافراج الذي تم بشأن المجرمين المحكومين بعد عشرة اعوام من الحكم.

فيلم يعري العيوب في التحقيقات، وحالة الاستعجال وايضا الوصايا التي تقوم بها الكنيسة، والمؤسسة الدينية في هذا الجانب ضد بعض الممارسات السلبية للشباب، ولكن هذه الممارسات، لا يعني التورط بالجريمة، بقدر ما هم امام اتهام قابل للتحقيق.

ونشير هنا الى ان اهمية هذا الفيلم ايضا، تأتي من خلال حضور اثنين من النجوم وهما كولن فيرث وريز ويذرسبون وكلاهما حاصل على الاوسكار كأفضل ممثل وممثلة.

وكان قد صدر كتاب بنفس العنوان، يتناول هذه الجريمة كتبه مارا لايفريت وتم الاعتماد عليه في صياغة احداثيات هذا العمل، الذي يجعلك تعتقد بان الجميع متهم، الام والاب وحتى الشرطة والمؤسسة الدينية والشباب وغيرهم.

وهو يذهب الى ذلك الجانب، من اجل تعرية الجميع النظام الاجتماعي والنظام الامني، والمؤسسة الدينية وغيرها.

في الفيلم عدد متميز من النجوم الشباب، الذين يؤدون شخصياتهم باقتدار سينمائي عالي المستوى ومنهم كيفين ايهان.

فيلم «عقدة الشيطان» فيلم عن الجريمة والبراءة، وموقف المجتمع والعدالة وغياب الحقيقة، حيث نخرج من الفيلم معتقدين بان المجرم الحقيقي لايزال هاربا وقد يضرب من جديد، وفي اي مكان وزمان.

النهار الكويتية في

09.05.2014

 
 

بين الفكر والفن في أفلام توفيق صالح

القاهرة - سعيد ياسين 

حصل الباحث والمؤلف أسامة فهمي على درجة الماجستير من المعهد العالي للنقد الفني أخيراً عن رسالة عنوانها «خصائص العلاقة بين الطرح الفكري والشكل الفني في أفلام المخرج توفيق صالح»، وهدفت الرسالة التي تكونت لجنة مناقشتها من الدكاترة: يحيي عزمي ويوسف الملاخ وعادل يحيى، إلى البحث في سينما صالح، الذي توفي في 18 آب (أغسطس) الماضي، سواء من ناحية المضمون أو الشكل والعلاقة بينهما، علماً بأن المكتبة والدراسات السينمائية تفتقر إلى دراسة علمية وافية لسينما صالح التي تميزت بخصوصية شديدة، وحملت قيماً إيجابية كثيرة جعلتها من كلاسيكيات السينما المصرية وهي «درب المهابيل» لشكري سرحان وبرلنتي عبدالحميد عام 1955، و«صراع الأبطال» لشكري سرحان وسميرة أحمد 1962، و«المتمردون» لشكري سرحان وزيـــزي مصــــطفي 1966، و«السيد البلطي» لعزت العلايلي ومحمد نوح وسهـــير المرشدي 1967، و«يوميات نائب في الأريــاف» لأحمد عبدالحليم وراوية عـــاشور 1968، و«المخـــدوعون» من إنتـــاج ســـوري عن نصّ لغسان كنفاني 1972، و«الأيام الطويلة» من إنتاج عراقي 1980.

عالم غنيّ

ويقول أسامة فهمي لـ «الحياة» إن دوافعه من وراء رسالته إيمانه بأن توفيق صالح من أهم المخرجين المصريين: «هو مخرج متفرد سواء على مستوى الموضوعات التي طرحها في أفلامه، أو على المستوى الفني الرفيع لتلك الأفلام والتي تصلح مادة للدراسة واستبصار العديد من الجماليات الخاصة بهذا المخرج، وهو لم يخرج في تناول أفلامه عن المنهج الواقعي، حيث قدم واقعية شديدة الخصوصية، محرضة، صارخة، توقظ الوعي وتنحاز للبسطاء على الدوام، ولذلك يمكن أن نعتبره ملتزماً بالمعني اليساري، ولقد أثبت من خلال أفلامه تمكنه السينمائي في التعبير عن رؤيته وأفكاره»

ويضيف فهمي: «عالم صالح السينمائي رحب ممتلئ بغنى وثراء القضايا المهمة التي كان يموج بها الواقع المصري في شكل خاص والواقع العربي في شكل عام في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، والذي يعكس رؤية متقدمة لهذا الواقع باستخدام منهج علمي في التحليل يستند إلى فهم هذا الواقع وتناقضاته، كما يعكس عالمه رؤيته كمثقف على نحو له سماته الخاصة في تلك الفترة المتميزة من تاريخنا المصري والعربي المتوتر».

ويرى فهمي أن الشكل الفني للمخرج هو انعكاس لرؤيته وفكره فهو الطريقة التي يفصح بها عن شخصيته المميزة من خلال عناصر اللغة السينمائية، ويقول: «المخرج ليس مسؤولاً فقط عن إدارة وتوجيه فريق التمثيل، وفريق العمل، بل أيضاً عن توجيه انتباه الجمهور وتشكيل رد الفعل عنده، فالقرارات الفنية التي يتخذها من شأنها أن تحدث اختلافاً في طريقة فهم الجمهور للعمل وكيفية تفاعله معه، فالمخرج يدفع الجمهور لملاحظة أشياء معينة تمسه لها علاقة ما بالواقع من حوله، فالمضمون هو الذي يوجد الشكل، والشكل هو الذي يحدد المضمون، وإذا كان المضمون في السينما يعني مجمل الفكر الذي يريد المخرج أن يوصله للمشاهد فعليه أن يبحث عن شكل سينمائي مناسب له، يستطيع من خلاله توصيل ذلك».

وأشار إلى أن الدراسة احتوت على ثلاثة فصول، درس في الأول منها «الطرح الفكري في أفلام توفيق صالح» وفيه بحث حول طبيعة الموضوعات التي تناولتها أفلامه، مع التركيز على دراسة خصائص المنهج الواقعي الذي اتــــبعه، ودراسة نهايات أفلامه حيث البطل عنده يقع في النهاية أمام ثلاثة اختيارات: إما الانسحاب من الواقع، أو الرضوخ له، أو التمرد عليه، وبحث هذا الفصل في القضايا الفكرية الرئيسية في أفلامه كالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

ودرس الثاني «الشكل الفني في أفلام توفيق صالح» ليبحث خصائص الشكل الفني عنده من خلال السيناريو، والمكان، والأسلوب المرئي من حيث التكوين والإضاءة وحركة الكاميرا والرموز والاستعارات، والأداء التمثيلي من خلال اختياره لممثلي أفلامه وأسلوب قيادته وتوجيهه للممثل، وهل كان يتحكم في أداء الممثل أم يتركه يعتمد على قدراته الذاتية ؟ والتوليف، والصوت وكيفية توظيف عناصر الحوار، والموسيقي، والمؤثرات، والصمت، وانتهاءً بالإيقاع العام للفيلم.

أما الفصل الثالث فتناول «خصائص العلاقة بين الطرح الفكري والشكل الفني في أفلام توفيق صالح» مستخلصاً ثمرة البحث في الفصلين الأول والثاني وخرج منهما بخصائص العلاقة بين الطرح الفكري، والشكل الفني في سينما صالح وهل نجح في ربط الشكل بالمضمون في معظم أفلامه أم لا؟ وما هي مواضع النجاح أو عدمها في أعماله السينمائية.

وخلصت الدراسة إلى أن السينما لدى صالح أداة ادراك معرفي للواقع وتناقضاته الإنسانية أكثر منها أداة إدراك جمالي، وأن أحد سماته طريقة السرد التقليدية، مقارنة بالكثير من المخرجين المهتمين بالإبهار الذي كان يعتبره هو معطلاً للعقل، وكان يبحث عن وظيفة الصورة وليس جمالها، وكانت أهمية الحوار لديه بنفس مستوى أهمية الصورة، ولكن أهم من الاثنين الفعل والحــــركة، وأن الشخصيات الرئيسة في أفلامه لعبت دوراً في عمليتي التقدم والإصــــلاح، وكان يعتبر ذلك واجباً وطنياً وعبئاً كبيراً يقع على السينمائي نفسه تجاه وطنه، وأن جودة الفيلم الفنية ورداءته ليست متعلقة بشكل سينمائي ما أو باستعراضات تقنية مبهرة، بقدر ما هي مرتبطة بمقدار قدرة المخرج على توصيل ما يريد قوله للجماهير أو عدم قدرته على ذلك، وأن الفيلم إذا استطاع توصيل مضمونه للمتلقي بوضوح، فذلك يعني أن هذا الفيلم قد وجد شكله السينمائي المناسب والمثالي لتقديم هذا المضمون.

الحياة اللندنية في

09.05.2014

 
 

أفلام مغاربية تتألق في مهرجان السينما الأفريقية بمونتريال

مونتريال - «الحياة» 

في اطار الدورة الثلاثين لمهرجان «رؤى افريقيا - Vues d,Afrique» الذي يقام في مدينة مونتريال ، حصلت افلام مغاربية عدة شاركت في المنافسات العالمية على جوائز عدة. اتى في طليعتها الفيلم المغربي «هم الكلاب-C,est Eux les Chiens» الذي حصد ثلاث جوائز: واحدة لأفضل عمل روائي طويل، وأخرى لأفضل ممثل (بطل الفيلم) وأخيرة لحقوق الإنسان. وقد عزتها لجنة الحكام الى «جرأة التعبير وطريقة استخدام الكاميرا وشجاعة السيناريو الذي وضع احتجاجات العرب امام مفصل تاريخي».

«هم كلاب» فيلم كوميدي تراجيدي. مدته 85 دقيقة. وناطق بالعربية مع ترجمة الى الفرنسية. ومخرجه هشام العسري وبطله الممثل المسرحي حسن بديدا. ويتمحور الفيلم حول قصة مواطن مغربي («المجهول») تعرّض للاعتقال في الدار البيضاء ابان «انتفاضة الخبز» عام 1981. وأفرج عنه بعد 30 سنة. وتزامن خروجه من السجن مع انتفاضات الربيع العربي وحركة 20 فبراير المغربية التي طالبت بإصلاحات سياسية ودستورية واجتماعية واقتصادية من خلال تظاهرات احتجاجية عارمة لم تخل من اعتقالات تعسفية. وأثناء تلك التظاهرات التي كان يغطيها فريق تلفزيوني مغربي، استرعى انتباهه رجل وسط الجماهير تبدو على ملامحه وتصرفاته علائم الحيرة والاضطراب والارتباك، فيقررالفريق تتبعه ويصر على استدراجه بالهزل تارة والجد تارة اخرى ظناً انه يختزن معلومات قد تشكل مادة اعلامية مثيرة.

وبفضل الفريق التلفزيوني يستذكر «المجهول» حقبة من حياته النضالية ومشاركته في «ثورة الخبز» التي اودع بسببها آلاف المعتقلين مثله في السجون. الا انه لم يستوعب مدى ما حصل من تغيرات غابت عنه ثلاثين سنة. فعاش حالة من العبث والضياع حائراً مشرداً بلا هوية ولا عائلة ولا ابناء. فالجميع لا يعرفون عنه شيئاً. وإن من كان على دراية به قد ظن انه مات. اما هو فأصبح مجرد انسان تائه مجهول دون اسم او نسب او اصحاب او جيران ما خلا رقم الزانزانه الذي لم يفارقه. ويستمر على مثل هذه الحال من الضياع وسط تعقيدات اجتماعية وسياسية للواقع المغربي يسلط عليها المخرج اكثر من اضاءة . فهو يقارب بين حدثين او انتفاضتين جماهيرتين، احداهما مطلبية ذات ابعاد اجتماعية معيشية اجهضت حينها لأنها، كما يوحي الفيلم، قد حوصرت في مكانها ولم تنطلق الى العلن ولم تصل ابعادها الحقيقية الى عامة الناس ولا اصداؤها الى خارج البلاد. اما الثانية انتفاضة 20 فبراير (شباط) 2011، التي ولدت من رحم انتفاضة الخبز وإن باعد بينهما الزمن. ويبدو ان الفيلم قد نجح في مقاربته الإعلامية بين تلك الحقبتين: حقبة الإعلام التقليدي، اعلام النظام المناهض لكل تغيير او اصلاح والمستخدم كوسيلة لتخدير الناس، والإعلام الحر المتنوع الذي بلغ سن الرشد وخرج عن سيطرة السلطة الحاكمة في ظل تنامي شبكات التواصل الاجتماعي ودورها البارز في استنهاض ثورات الربيع العربي وتجرؤ المحكومين على حكامهم والإطاحة بهم.

في هذا السياق ينتهي الفيلم بمشهد معبر يجري داخل استديو التلفزيون وفيه الرجل «المجهول» الذي خشي التعريف عن نفسه او ذكر اسمه، رغم طمأنته وتشجيعه على التحدث والتعبير بحرية عما يشاء. هذه الوقفة هي اشارة صريحة ربما الى ان البطل الذي خرج من السجن بعد 30 عاماً لم يجد في عالم «الحرية» ما يطمئن او ان شيئاً مهماً قد تغير. فالبلد من الخارج يبدو في حالة ستاتيكو وفي الداخل يغلي ويضج بالتناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسة.

وفي المقلب الجزائري قدّر لثلاثة افلام ان تفوز بجوائز مختلفة. ابرزها فيلم « قبل ايام» Les Jours d,Avant للمخرج كريم موسوي. وهو من انتاج جزائري فرنسي مشترك ( 47 دقيقة ). ويتحدث عن حياة مراهقين عاشا في فترة ما يسمى «العشرية السوداء» اي الحرب التي اندلعت في اوئل التسعينات بين النظام الجزائري وجبهة الإنقاذ الإسلامية. ويحاول الشابان ياسمينة وجابر (سهيلة معلم ومهدي رمضاني) ان يوفقا بين طموحاتهما المتحررة وثقل التقاليد والقواعد الاجتماعية المحافظة. الا ان المناخ العام في البلاد لم يكن يسمح لجيل التسعينات بناء علاقات عاطفية او اي تواصل بين الجنسين.

اما فيلم «عودة الى مونت لوك» وهي احدى ضواحي مدينة ليون الفرنسية، فقد تلقى افضل جائزة عن فئة حقوق الإنسان لقوة تأثيره وموضوعه الذي لم يطرح من قبل. مدة الفيلم 50 دقيقة. وهو من اخراج فرنسي جزائري. ويروي قصة مناضل جزائري حكم بالإعدام ابان حرب التحرير. وبعد 50 عاماً على انتهاءعقوبته، عاد بطل الفيلم (مصطفى بودينا) الى «مونت لوك». مسترجعاً ذكرياته في سجن تلك المنطقة وحرمانه من حقوقه بما فيها حق المقاومة.

وتنتهي العروض الجزائرية بفيلم «المنفى في القبائل» - Iminig ومدته 15 دقيقة. ويروي قصة شاب (موسى) كان يعيش مع امه في المنفى، ويوفر لها كامل ما تحتاجه من خدمات بعد اصابتها، اثر اغتيال زوجها على يد الإسلاميين، بالشلل وجلوسها الدائم على كرسي متحرك. وينتهي الفيلم بمشهد مؤثر حيث يقف الإثنان امام البحر، ويتساءلان عن عواقب المنفى وما تبقى لهما من احلام.

الحياة اللندنية في

09.05.2014

 
 

تنافس في دورته الخامسة 125 عملاً من 18 دولة

«وأطير» أفضل أفلام مهرجان جامعة زايد..

وفاطمة الغانم «المخرج الطموح»

(أبوظبي - الاتحاد) 

منح مهرجان جامعة زايد السينمائي للشرق الأوسط أمس الأول، خمس جوائز لخمسة أفلام تجريبية أنجزها طلاب وطالبات في الإمارات ولبنان وفلسطين وألمانيا، وفازوا بها في المرحلة النهائية من المنافسة، بعد أن صعد 16 فيلماً إلى القائمة القصيرة من بين 125 فيلماً تَقَدم بها صانعوها إلى المهرجان، كانت ثلثها تقريباً من دولة الإمارات.

وذهبت جائزة المهرجان في فئة «الأفضل بين أفضل الأفلام» إلى الفيلم الناطق بالفرنسية «Et je vole»، أو «... وأطير»، الذي أخرجته مَنون نمّور الطالبة بجامعة «نوتر دام» في لبنان، وهو يصور حياة طفلة صغيرة ومواقفها المسلية والموحية، وهي تتعامل مع والدتها المريضة إلى حد الاحتضار، بينما فاز فيلم «رُطَب» الوثائقي للطالبة الإماراتية فاطمة الغانم بجامعة زايد بالجائزة المشتركة من المهرجان وجامعة نيويورك للأفلام بأبوظبي عن فئة «المخرج الطموح»، ويستعرض الفيلم مسيرة امرأة عصامية احترفت فن السيراميك، بعد أن ورثته عن والدتها، وتملكت أدواته، وأصبحت تمارسه بحِرفية عالية رغم أنها حصلت على قدر يسير من التعليم.

أفضل فيلم روائي

وحصد فيلم «Memex» الذي أنجزته جايل ساسين، الطالبة بجامعة نوتردام اللبنانية أيضاً، جائزة «أفضل فيلم روائي»، وهو يصور مغامرة تشارلز، الذي قرر منذ وقت بعيد أن يجمع كل الكتب الموجودة في العالم، ويضعها في مكان واحد، وتطور المشروع حتى أصبح هذا المكان- الذي أُطلِق عليه اسم Memex أكبر مركز للأبحاث في العالم.

فيما ذهبت جائزة «أفضل فيلم رسوم متحركة» إلى فيلم «البيت - The House»، الذي أنجزه أحمد صالح الطالب في جامعة الفنون بمدينة بريمين بألمانيا، وهو يناقش أفكار القهر والعنف والكراهية، ويلمح بشكل غير مباشر إلى مكابدات عديدة دون أن يرمي إلى واحدة منها على وجه التخصيص.

وأخيراً، فاز فيلم «برهان كاشور» الذي أنجزه محمد الفاتح، الطالب بجامعة «دار الكلمة» في فلسطين بجائزة «أفضل فيلم وثائقي»، وهو يجسد قصة مغني راب شاب في مدينة القدس، يعاني الكثير من الضغوط في عمله بسبب سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وبلغ مجموع الجوائز 25 ألف درهم، بواقع خمسة آلاف لكل فائز في إحدى فئاتها الخمس: جائزة النخبة أفضل فيلم في المسابقة بجميع فروعها، أفضل فيلم روائي، أفضل فيلم رسوم متحركة، أفضل فيلم وثائقي، بالإضافة إلى جائزة مقدمة من أكاديمية نيويورك للأفلام للمخرج الواعد.

اتساع المشاركة

وحظيت الدورة الخامسة من المهرجان بمشاركة أوسع من تلك التي شهدتها الدورات الأربع السابقة، حيث اتسعت رقعة المشاركة إلى أبعد من منطقة الشرق الأوسط، لتشمل طلاباً وطالبات شرق أوسطيين في 18 دولة يدرسون في جامعات المنطقة وجامعات في أوروبا وأميركا وكندا، وذلك مقارنة بالأعداد المشاركة في الدورات السابقة، والتي تراوحت بين 6 و12 بلداً.

وعبرت الدكتور ماريلين روبرتس عميد كلية الاتصال وعلوم الإعلام في كلمة قصيرة ألقتها في الحفل عن اعتزازها بالتطور الذي حققه المهرجان عبر دوراته الخمس منذ أطلقته طالبتان بالكلية كمشروع تخرج لهما عام 2010 تحت شعار «من الطلاب إلى الطلاب»، وتقتصر المشاركة فيه على الطلبة والطالبات من جميع الجامعات والمعاهد العليا بالدول التي ينتمون إليها، أياً تكن تخصصاتهم الدراسية، حيث يعد الحدث الوحيد من نوعه المخصص لعرض تجارب سينمائية من إبداع الطلبة.

الإتحاد الإماراتية في

09.05.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)