كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

رحلة البحث عن رفاعة الطهطاوي"  تناقضات الحياة الثقافية بين التنوير و’التبوير’

شهادة للسينما التسجيلية.. إنتبهوا : أحفاد رفاعة مازالوا رسلا للتنوير

بقلم: كمال القاضي

 

القاهرة ـ ‘القدس العربي’: ستون دقيقة هي زمن الرحلة الدرامية التي قطعها المخرج والسيناريست صلاح هاشم في البحث عن العالم الجليل والمثقف والإنسان رفاعة الطهطاوي بين تفاصيل زمان أخر غير الذي نعيش فيه إبان القرن الثامن عشر.

كان العنوان الذي اختاره المخرج المصري المقيم في باريس ‘رحلة البحث عن رفاعة الطهطاوي’ موحيا بما يدور في رأسه عن المتبقي من عصر هذا العلامة الكبير فقد بدأت الأحداث من داخل قطار الصعيد المتجه إلى مسقط رأس البطل، وفي ذلك توافق في الدلالة والمعنى بين السفر والرحلة المستهدفة إذ يقطع القطار المسافات ويطوي الطريق بينما ينظر صلاح هاشم المتمثل شخصية الرحالة من النافذة متأملا البيوت وصفحة النيل والمساحات الخضراء بدهشة العائد من سفر طويل للوطن المترامية أطرافه والذي كان يوما مأوى لأجداده.

حالة من الشجن تتواصل مع الرغبة العارمة في الوصول إلى عمق المشوار الطويل حيث توجد مدينة طهطا بمحافظة سوهاج جنوب مصر وبيت العائلة التي ينتمي إليها القطب التنويري رفاعة وبالوصول الفعلي بعد مشقة الطريق وعناء الأسئلة المتتالية عن العنوان والرمز تبدأ الأحداث ويروي الأحفاد ومن يمت لشجرة العائلة وجذورها ما يعرفونه عن جدهم الذي نبت من نفس الأرض وصار من أعلام الفكر فيقول أحد هؤلاء إن رفاعة الطهطاوي كما يتصوره همزة الوصل بين حضارتين، الحضارة المصرية بكل شموخها وعمقها التاريخي وتراثها الإيماني والإنساني والحضارة الغربية بحداثتها وتجددها وما تنطوي عليه من تطور في العلوم والتكنولوجيا ولكنه يأخذ على جده الأكبر دعوته إلى خروج المرأة للحياة العملية ومساواتها بالرجل وهو ما يتحفظ عليه الحفيد كونه يقتطع من حق الرجل في الحصول على فرص كافية للعمل والإنفراد بحقوقه كعائل ينبغي ان تكون له الأولوية في التمييز الوظيفي بوصفه كفيلا للمرأة وليس العكس.

يبروز المخرج صلاح هاشم هذه الشهادة ويضعها في مواجهة شهادة أخرى لحفيد أخر يعمل قاضيا بإحدى المحاكم يرد لينفي مزاعم جور رفاعة على الرجل بإعطائه حق المرأة في الخروج للعمل، مؤكدا أن صلب قضية التنوير عنده كانت عدم التمييز بين الرجل والمرأة بما يضر أحدهما على أن يمثل الجوهر العدل في التخصص وإسناد المسؤوليات بما يتفق مع الطبيعة البشرية لكلا الطرفين.

ويسوق القاضي بعض الدلائل على هذه النظرية من واقع ما كتب وسطر رفاعة نفسه.

وفي موضوع ذي مغزى يشير كذلك إلى مدنية وتنويرية فكرة التقدم السابق لعصره وزمانه من خلال كتابه الأشهر ‘تخليص الإبريز في تلخيص باريس′ كمرجع لما اشتملت عليه الدراسة الوافية عن المجتمع الفرنسي وما يمكن الاستفادة منه في التطبيق العملي على الواقع المصري أنذاك.

وما بين الشهادتين يضع هاشم شهادة ثالثة يشوبها نقصان في الرؤية وفقر في المعلومة يسوقها على لسان مدير مكتب صحيفة حكومية كبرى بأسيوط تصور أن لديه جديدا يقوله عن الشخصية المحورية لفيلمه لكن شيئا مما أراده لم يتحقق وبالتالي فقد استعاض عنه بذاكرة واهنة لشيخ طاعن في السن روى ما تناقله السابقون عن حكايات رفاعة الطهطاوي وما أثره وبرغم أن ما ورد كان مجرد كلام مرسل لكنه كان ذا طعم ومذاق ربما لأنه يسرد حكايات تستمد أهميتها من أسماء نسبت إليهم عاشوا مع رفاعة ورأوه رأي العين بل وأكلوا وشربوا معه ومشوا معه في دروب بلدته وقضوا أياما وليالي في قاعة بيته القديم الذي تم تجديده على نفس التراث القديم فبقيت أشياء من ملامحه تشي به إلى الآن.

في النصف الثاني من فيلم المخرج صلاح هاشم يخرج عن النسق الواقعي ولا يلتزم مطلقا بالسيرة الذاتية لبطله بل يعمل أدواته الفنية في شتى الاتجاهات ليس بقصد التشتيت ولا تغييب الرمز وإنما لعقد المقارنات اللامنطقية بين زمانين مختلفين، زمن تتسم ملامحه بالحضارة والثقافة والعلم والأخلاق والتنوير ويعير أبطاله ورموزه عنه وتعرض بالطبع زمن الطهطاوي وزمن أخر مفضوح بجهله وتفاهته وضحالته وانحلاله وليس به من أمارات التحضر غير إطلال تاريخ ونذر يسير من بعض القابضين على جمر الأخلاق وهو ما يمثل نقدا ذاتيا لحياتنا المعاصرة وفق رؤية يشوبها التشاؤم والتشويش في بعض المشاهد لا كلها.

وفق ما انتهجه السيناريست والمخرج المولود في قلعة الكبش في حي السيدة زينب والمقيم في باريس منذ أربعين عاما تأتي نبرة السخرية من مآل ثقافتنا الأخير زاعقة ومقلقة فهو يقطع بأن ليس ثمة أشياء تذكر بقيت من عصر رفاعة الطهطاوي وميراثه التنويري والثقافي وهو مؤسس مدرسة الألسن ورائد الترجمة الحديثة وقائد مدرسة الحربية في جيش محمد علي وهي المعلومة الفارقة الواردة في سياق الرؤية السينمائية التسجيلية والموثقة حسب ما قدم لنا عبر الصورة الفنية والصور الضوئية لمستندات ووثائق أتى بها صاحب الفيلم للدعم والإيضاح والتأكيد.

نأتي إلى ما كان فعليا حشوا زائدا لا محل له من الإعراب في رحلة البحث عن رفاعة الطهطاوي ألا وهي المشاهد المتكررة في حي الحسين والأفراح البلدي وعبارات النيل ووصلات الرقص الشعبي فاختفت الصلة تماما بموضوع الفيلم ووحدته الفنية حيث كلها لا تعني غير أنها زوائد كانت واجبة الاستئصال من الشريط المصور لا سيما أنها جاءت مشوهة للصورة الكلية وغير ذات معنى.

وسواء كان الفيلم ملبيا لاحتياجات المشاهد الثقافية وكافيا لنقل الصورة المتخيلة عن رفاعة أم لا فإن التجربة في حد ذاتها تعد مغامرة شجاعة للمخرج والكاتب الذي أنفق من حر ماله على السيرة الذاتية للشخصية التي اختارها لتكون سفيرا دائما لدى مصر في مدينة الجن والملائكة باريس العاصمة الفرنسية التي قضى فيها رفاعة الطهطاوي ثلاث سنوات من حياته الدراسية وهي أيضا العاصمة التي شهدت أول عرض للفيلم قبل أن يعرض في القاهرة .

لقد تحدى صلاح هاشم العوائق الإنتاجية وأرسل رسالته إلى من يهمه الأمر انتبهوا نحن هنا أحفاد الطهطاوي ما زلنا رسل التنوير.

القدس العربي في

21.04.2014

 
 

النجوم الشباب {يسيطرون} على موسم الصيف السينمائي 

كتب الخبرهند موسى 

تتميز الأفلام المطروحة في دور العرض حالياً، وتلك التي من المقرر طرحها قريباً، بقواسم مشتركة أبرزها الاستعانة بجيل جديد من النجوم في السينما، ما يطرح علامات استفهام حول سبب تحوّل فناني الصف الثاني إلى نجوم الموسم السينمائي الراهن، وهل ترجع الاستعانة بهم إلى أسباب إنتاجية أم لانخفاض أجورهم، أم ساهم غياب نجوم الشباك في انتشارهم وسبب هذا الغياب.

يعزو البعض هذه الظاهرة إلى اختفاء نجوم شباك التذاكر بشكل متعمد من بينهم: هند صبري، منى زكي، أحمد السقا، أحمد عز، وانخفاض أجور نجوم الصف الثاني.

من أبرز الأفلام التي تعرض في موسم الصيف: {جيران السعد} تشارك في بطولته ميرنا المهندس، {حلاوة روح} لمحمد لطفي وباسم سمرة، {سالم أبو أخته} الذي تشارك في بطولته آيتن عامر وحورية فرغلي، {بنت من دار السلام} بطولة راندا البحيري ورحاب الجمل، {فتاة المصنع} بطولة ياسمين رئيس وهاني عادل.

عناصر محركة

يقول المنتج هاني وليم إن أجور النجوم وموازنة  الأعمال التي يؤدون بطولتها، أهم العناصر المحركة للمنتجين وصنّاع السينما في اختيارهم لأبطال أفلامهم.

يضيف: {عندما يتفق المنتج مع نجم كبير على تقديم فيلم، يشترط الأخير ألا تقلّ موازنته عن 20 مليون جنيه، وهي بالطبع خسارة وفقاً لأحوال السوق. شخصياً لا أدفع أجراً لنجم لن يعود إليّ، وإن كان أعقل هؤلاء غادة عبد الرازق، لأنها معتدلة في أجرها، إلا أنها صعبة في التنفيذ والتصوير، وقد تسافر فجأة أو تلتزم بمواعيد أخرى ما  يعطّل التصوير، ولا يعد  ذلك عملا احترافياً}.

يوضح أنه، بالنظر إلى بعض هؤلاء الفنانين، يتضح أن بعض الأبطال ما زالوا صغاراً في السن،  أمثال ميرنا المهندس التي تجسد دور البطولة في فيلم {جيران السعد} أمام سامح حسين. {يتبين بالبحث أن ميرنا نالت أجراً لا يزيد عن 300 ألف جنيه، وبالطبع إذا دخل الجمهور لمتابعته فسيكون لأجل سامح، ما يؤكد أن المتحكم في هذه الخيارات عملية إنتاجية بحتة}.

يتابع أن أهم الدواعي المتحكمة بهذه الظاهرة، عودة أفلام المقاولات التي يتم تصويرها في أسبوعين، بالاستعانة بنجوم شباب، ما يؤدي إلى تقييم الفيلم المصري عند بيعه بأنه دون المستوى، ورغم نبرات التحذير منها ومن محتواها، إلا أنها تحقق إيرادات هائلة مثل {حلاوة روح}.

بدوره يرى المنتج محمد حفظي أن الأفلام الضخمة تتطلب نجوماً كباراً وتستدعي أجوراً وموازنة  كبيرة، ما يعتبره الصنّاع مجازفة غير مستعدين لها، ويقول: {قرر نجوم الصف الأول أو شباك التذاكر، من تلقاء نفسهم، التخلي عن تقديم أعمال سينمائية قد لا تمنحهم أجورهم التي اعتادوا عليها، والتوجه إلى الدراما التلفزيونية، ما أفسح  في المجال أمام جيل جديد من النجوم في السينما ليقدموا أفلاماً ذات كلفة إنتاجية أقل، إلى جانب أجورهم القليلة}.

يضيف أنه نادراً ما تحقق هذه الأفلام إيرادات مرتفعة، لأن ذلك يعتمد على الموضوعات التي تناقش فيها، وهو ما حدث مع فيلمه الأخير {لامؤاخذة} الذي اعتمد على الطفل أحمد داش كبطل له، في ظل ظهور هاني عادل وكندة علوش كضيوف شرف.

حظ ونصيب

يعتبر الناقد رامي عبد الرازق هؤلاء النجوم بأنهم الجيل الجديد في السينما المصرية، {ومن الطبيعي أن يكون لهم حظ أو نصيب في الأفلام}، لافتاً إلى أن الجيل الأقدم من النجوم توقف عن العمل لأن عمله كان من أجل المال فحسب، وليس لأجل السينما أو الفن، بدليل أنه، بعد إصابة السينما المصرية بانتكاسة، تحولوا إلى التلفزيون الذي يدفع لهم  أجورهم}.

يضيف: {هذا التحول نابع من رغبتهم في استغلال قاعدتهم الجماهيرية ليس أكثر، ويتحججون بعدم توافر قصص جيدة، إذا أرادوا سيناريو جيداً، سيجدونه بالطبع في ظل كثرة المؤلفين الموهوبين والمخرجين العظماء، أمثال محمد خان، لكنهم في حقيقة الأمر لا يريدون العمل، ما يفسر الغياب على أنه اختياري وليس إجبارياً، ومسألة مادية بحتة، ولأن السينما صناعة تجارية لا تتوقف، تُكتب موضوعات وتُصاغ مشاريع على قدر نجوم الجيل الجديد}.

من جهتها تشير الناقدة خيرية البشلاوي إلى أن ثمة فنانين لم يكن متوقع لهم أن يصبحوا نجوم شباك تذاكر، ومع ذلك خالفوا التوقعات من بينهم: محمد رمضان الذي أصبح نجم كل موسم يُعرض له فيه فيلم، لافتة إلى أن المشكلة ليست في كون النجم صفاً أولا أو ثانياً، إنما في الموضوع الذي يستعرضه، والتوليفة المقدمة به، ومن يستطيع أن يقدمها.

تضيف: {ثمة وجهة نظر خاصة ألا يلتهم نجم كبير موازنة إنتاج الفيلم، بينما يمكن لنجم متوسط متواضع أو أقل طموحاً أداء الدور نفسه، ويعطي النتيجة نفسها، بمقابل مادي أقل، مثال على ذلك محمد لطفي الذي نال الدور المناسب له في فيلم {حلاوة روح}؛ إذ سبق أن قدمه في أعمال فنية، وكانت له تجليات تمثيلية عظيمة فيه، وهو البلطجي الشهواني الذي يقع في غرام جسد امرأة، لذا لا مانع من الاستعانة بنجم مثله في هذا الدور لأنه يتطلب تمرسا فنياً، وهو ما يتوافر لدى لطفي في ما يتعلق  بهذه النوعية من الأدوار}.

تضيف أن باسم سمرة أصبح نجماً بعد أدائه في مسلسل {ذات}، وهو مناسب لدوره أيضاً، {تكمن القضية كلها في الممثل المناسب في الدور المناسب والظروف المناسبة، والظروف المقصودة هنا هي ظروف الإنتاج السينمائي، إذ لا يريد المنتج إنفاق أموال في عمل قد لا يحقق نجاحاً، في ظل اضطراب سوق السينما، وبالتالي يصبح الفيلم المتوسط القيمة والتكلفة هو المطلوب في هذه المرحلة، كذلك الترفيه، إذ بناء عليه يدفع المشاهد 20 جنيها لمتابعة قصة هيفاء وهبي، أو ملهى ليلي}.

ترجع البشلاوي ذلك إلى أن جمهور السينما حالياً هو أقل وعياً وتعليماً، ويعتبر الفيلم بديل كباريه وملهى ليلي أو منزل دعارة، فيما الفيلم، كسلعة ثقافية تشغل التفكير، غير وارد سوى  ضمن الأعمال التي يطلق عليها سينما مستقلة.

الجريدة الكويتية في

21.04.2014

 
 

فجر يوم جديد: {كرة الثلج} !

كتب الخبرمجدي الطيب 

عقب اعتراضي على قرار مجلس الوزراء المصري، برئاسة المهندس إبراهيم محلب، بإيقاف عرض فيلم {حلاوة روح}،  وتشكيل لجنة رقابية جديدة لمشاهدته، والبت في أمره، باغتني صديق، كأنه يتهمني بالازدواجية: {كيف ترفض قرار مجلس الوزراء بعد التحفظات التي سجلتها على الفيلم؟} فما كان مني سوى أن ذكرته بالجملة الشهيرة: {قد أختلف معك في الرأي لكنني على استعداد أن أموت دفاعاً عن رأيك}!

أزمة الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار علي الجندي وأخرجه سامح عبد العزيز وأدت  بطولته هيفاء وهبي،  وصلت إلى ذروتها بالقرار المفاجئ لمجلس الوزراء، الذي أتُخذ، حسب المستشار الإعلامي للمجلس، بناء على تقرير المجلس القومي للطفولة والأمومة، الذي هاجم الفيلم بضراوة بالغة، بحجة أنه يسيء استغلال الطفل، ويمثل إهانة للمرأة، وفور إعلان القرار انقسم الرأي العام بين مؤيد لما جرى، بوصفه خطوة في سبيل الحفاظ على قيم المجتمع، ورافض يرى أن قراراً بهذا الشكل يمثل عودة إلى الوراء، وتهديداً سافراً لحرية الإبداع؛ خصوصاً أنه يكرس وضعاً غير مسبوق في تاريخ السينما المصرية،  كونها المرة الأولى التي يُتخذ فيها مثل هذا القرار، بواسطة رئيس الوزراء، لا سيما أن حسام القاويش، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أكد أن أحداً من أعضائه، بمن فيهم الرئيس نفسه، لم يشاهد الفيلم، وهو الوضع الذي انطبق على أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة وأعضائه!

اللافت أنه في الوقت الذي أكد فيه مسؤول بالمجلس القومي للطفولة والأمومة أن قرار المنع جاء {تفعيلاً للدستور}، فإن المادة (67) من الدستور تؤكد أن {حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة (..) ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة}، بينما نص القانون رقم 430 لسنة 1955 على أن الإدارة العامة للرقابة على المصنفات {هي المخولة، وحدها، برقابة الأعمال المتعلقة بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية، ومنحها تراخيص تصوير أو تسجيل أو أداء أو عرض أو إذاعة المصنفات في مكان عام، أو توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع أو تحويلها بقصد الاستغلال}، بما يعني أن قرار رئيس الوزراء باطل، ومطعون في شرعيته.

المثير أن ثمة من رأى، نتيجة غياب {ثقافة الاختلاف}، أن أزمة فيلم {حلاوة روح}، مفتعلة، وأن إثارتها في هذا التوقيت متعمد لصرف الأنظار عن أمر يُخطط له في الخفاء أو إلهاء الرأي العام إلى حين، فيما رأى فصيلٌ كبيرٌ من المثقفين والسينمائيين في القرار {تغولاً} من جانب السلطة التنفيذية، ورغبة في توسيع رقعة الجهات الرقابية، بحيث لا تقتصر على الإدارة العامة للرقابة على المصنفات فحسب، إنما تتجاوزها إلى {الحكومة}،  المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة)، الجهات الأمنية و{المجلس القومي للطفولة والأمومة}؛ فالأزمة الأخيرة كشفت أن الرقابة على المصنفات أرحم كثيراً من الجهات الأخرى التي لا تأخذها بالفن رحمة أو شفقة، وتراودها رغبة دفينة في العصف بالإبداع والتنكيل بالمبدعين!

الصدمة الناتجة عن قرار رئيس الوزراء ترجع، من ناحية أخرى، إلى خيبة أمل كثيرين، وإحساسهم بأن التغيير ما زال بعيد المنال، ما دامت العشوائية تحكم مصائرنا، وحياتنا،  وسط غياب مُخجل لقاعدة المعلومات بدرجة كانت سبباً في توريط رئيس الوزراء، ومجلسه، في اتخاذ قرار بناء على {وشاية}؛

الفضيحة اكتملت مع اكتشافنا أن الذين تورطوا في الإيقاع بالفيلم أو الهجوم عليه، وكذلك الذين تطوعوا للدفاع عنه، لم يكلفوا أنفسهم عناء مشاهدة {حلاوة روح}، بل هيأ خيالهم المريض لهم أن ثمة علاقة جنسية بين بطلة الفيلم الناضجة وأحد الأطفال، وبدلاً من أن يستوثقوا من المعلومة، التي استخلصوها من {البرومو} الدعائي للفيلم، ولا وجود لها ضمن الأحداث، أطلقوا صواريخهم التي استهدفت الفيلم، ونجحت في التحريض ضده ومصادرته !

كشفت الأزمة، في جانب منها، أن التربص بـ {حلاوة روح} بدأ قبل طرح نسخه في الصالات التجارية، تحديداً منذ نزول {البرومو} على شاشات الفضائيات؛ فبدأ الهجوم الشرس الذي تتحمل مسؤوليته الشركة المنتجة، كونها سخرت من اتهام الفيلم بأنه مأخوذ عن الفيلم الإيطالي {مالينا} فاقتبست، على طريقة {القص واللصق}، مشاهد من الفيلم الأجنبي،  واستبدلت الإيطالية بلوتشي باللبنانية هيفاء وهبي، ما أثار استياء كثيرين، وعندما طرحت {البرومو} الرسمي اختارت أكثر اللقطات إثارة، وربما ابتذالاً، وصنعت منها فيلماً موازياً صدقه الناس، وأحبوا مشاهدته، في السر، لكنهم أوهموا أنفسهم، في العلن، أنه  هابط ويحرض على الرذيلة، ومع مرور الأيام أصبحت الكذبة مثل كرة الثلج، كلما تدحرجت كبرت، وتضخم الشعور الذي ينبغي تصديره للمجتمع، أن {حلاوة روح} وصمة عار لا تُمحى،  وخطيئة عظيمة لا تُغتفر !

الجريدة الكويتية في

21.04.2014

 
 

«النهر» لبورزاغي:

حساسية أوروبية على ضفاف أميركية

ابراهيم العريس 

الى سنوات قليلة، كان هذا الفيلم يعتبر أشبه بأسطورة من اساطير هوليوود، ذلك ان كل نسخه كانت فقدت بعد سنوات قليلة من عرضه للمرة الاولى في العام 1928. ومن هنا ظل كل ما يُعرف عنه طوال عقود من الزمن، مجرد حكايات تتواتر، مضخّمة اياه حيناً، مقلّلة من شأنه في أحيان أخرى. وأخيراً حين عثر على نسخة (غير مكتملة) منه، تبيّن ان هذا الفيلم، كان حقاً من اهم وأقوى افلام زمنه. ثم تبين خصوصاً ان هذا الفيلم الذي حقق في آخر اعوام السينما الصامتة، يشكل صمته جزءاً اساسياً من سحره، وليس مجرد نقص تقني. الفيلم الذي نعنيه هنا هو «النهر» الذي عرف في اوروبا باسم «المرأة ذات الغراب». اما مخرج الفيلم فهو الاميركي ذو الاصل الايطالي فرانك بورزاغي، الذي بعدما نسيه تاريخ السينما طويلاً، عاد واكتشفه، بفضل «النهر» ولكن ايضاً بفضل حفنة من افلام اخرى، حققها الرجل خصوصاً خلال فترة ازدهاره السينمائي، أي حين اتيح له، وهو الآتي اصلاً من السينما التجارية، والعائد اليها بعد سنوات جادة في حياته السينمائية، أتيح له ان يحقق افلاماً كانت كفيلة بأن تدخله زمرة كبار الهوليووديين الى جانب جون فورد وهاورد هاوكس. والحقيقة ان اعادة اكتشاف «النهر» ستؤكد ان هذا الفيلم كان اروع افلامه. بل سيقول كثر انه اروع فيلم تحدث عن الحب، بمعناه الانساني العميق، خلال نصف القرن الاول من عمر السينما الأميركية.

> ذلك أن «النهر» هو، أولاً وأخيراً، فيلم عن الحب. وتحديداً عن الحب اذ ينتصر في نهاية الامر، ليس على المجتمع والآخرين الذين يحيطون بالحبيبين، بل على الحبيبين نفسيهما. فالعقبة في وجه الحب الصافي النهائي هنا، هما صاحبا العلاقة آلن جون وروزالي. وما زمن عرض الفيلم، سوى صورة للصراع الذي يخاض حيناً بينهما، وحيناً في داخل كل واحد منهما، حتى بعيداً من مجتمع ما كان له شأن كبير في ذلك الصراع المثلث. والحقيقة ان هذا البعد الاساسي في «النهر» هو الذي أدهش النقاد، والجمهور القليل العدد الذي شاهد الفيلم، إزاء عمل لم يكن يمتّ بأي صلة - ولن يمتّ دائماً بأي حال - الى الانماط الهوليوودية من الافلام الغرامية. بل إن النقاد تساءلوا دائماً عما مكّن مخرجاً ولد في سالت ليك سيتي، وعاش في الولايات المتحدة، وخاض باكراً لعبة السينما التجارية الهوليوودية، من ان ينظر الى العلاقات الإنسانية بكل تلك الشفافية. ما أبقى تلك النظرة لغزاً دائماً، حتى وإن كان بورزاغي نفسه حقق بعد «النهر» عدداً من أفلام جمعت، وفق الناقد الفرنسي جورج سادول «حسّ العلاقات الانسانية بالشرط الاجتماعي، وسط مناخ من الشاعرية». ومعظمها افلام يرى سادول نفسه انها عبّرت «خلال تلك الحقبة الصعبة من تاريخ اميركا عن كراهية الحرب والنزوع دائماً نحو الانسان».

> لنعد هنا الى «النهر»... فما الذي يحكيه لنا هذا الفيلم؟ انه يروي حكاية تبدأ على مركب يحمل حطاباً شاباً قوياً هو آلن جون، زاحفاً مع مجرى النهر، في آلاسكا، حتى البحر. ولكن عند نقطة يُبنى عليها سدّ، لا يعود في وسع المركب مواصلة طريقه فيتوقف في مكان كان حدث فيه لمهندس بناء السدّ ان أُودع السجن لأنه قتل عاملاً حاول التحرش بصديقته المدعوّة روزالي، والتي سنعرف لاحقاً انها فتاة متحررة كانت زارت بلداناً اوروبية عدة قبل ان تستقر هناك مع صديقها المهندس. اذاً، اذ يتوقف آلن جون في ذلك المكان ويتناهى اليه ما حدث، يبدأ بمراقبة روزالي من بعيد، ويزداد اهتمامه بها، ويتوق الى التعرف إليها اذ يجدها مختلفة حقاً عن كل النساء اللواتي سبق له التعرّف إليهن. وهكذا، وسط بقعة نائية، هجرها عمال بناء السدّ، لأن حبس المهندس اوقف العمل فيه، تبدأ علاقة غريبة ومتأرجحة، صامتة في معظم الاحيان، بين الحطاب الآتي من الغابات الضارية، والفاتنة التي عرفت الحياة الاوروبية، والتي تقبع الآن في انتظار خروج صديقها من سجنه لكي تستأنف معه حياتها. وإذ تمضي الايام، تزداد حدة رغبة آلن جون وروزالي تجاه بعضهما بعضاً. ولكن عبر نظرات العيون فقط. في البداية لا يقوم أي منهما بمبادرة واضحة تجاه الآخر. وبعد ذلك، حين تبادر هي، يبتعد هو غير مصدق. وحين يبادر هو تستنكف هي غير راغبة. وذات يوم يدفع بها كل هذا الموقف العبثي الى حال من الغضب شديدة، اذ تعتقد انه انما يعبث معها ويسخر منها، فتمسك سكيناً تطعنه بها في غفلة منه. وإزاء تلك الطعنة، يشعر آلن جون بأن جرحه مزدوج: جرح جسده، ولكن ايضاً وأكثر من هذا، جرح كرامته. ويشعر انه لم يعد امامه، متغلباً على رغبته التي باتت مجنونة، بهذه المرأة، إلا ان يبتعد... وهكذا يهيم في الغابات منتضياً فأسه ويروح في مشهد رائع، يحمل قوة الفيلم كله، ويحمل كل مغزى رغبته العارمة بروزالي، محطماً الاشجار واحدة بعد الاخرى كالمجنون صارخاً كالحيوانات الضارية. واذ يصل هنا الى ذروة صراخه، يقع على الارض وقد أضناه الصقيع. وعند الصباح يُعثر عليه ويُحمل الى كوخه حيث ما إن تشاهده روزالي حتى يصيبها رعب مدهش، كما تصيبها حال هيام به لم يسبق ان استشعرتها من قبل، وهكذا ترتمي فوقه محاولة ان تنقذه من الموت المحقّق، عبر نقل حرارة جسدها اليه، كترياق وحماية وكفعل حب في الوقت نفسه. وبالفعل يكون في هذا انقاذ له، اذ يستعيد حياته، وما إن يفيق، حتى يشعر الاثنان انه لم يعد ثمة مجال لأن يفترقا عن بعضهما بعضاً من الآن فصاعداً. وإذ يحل الربيع بعد ذلك، يكون العاشقان قد تخلصا من المهندس، وصعدا على متن مركب آلن جون الذي يمخر بهما النهر في اتجاه البحر...

> اذاً، نحن هنا امام عمل تلعب فيه العاطفة والرغبة دوراً كبيراً. لكننا ايضاً امام عمل داخلي من الواضح ان العنصر الخارجي (المناخ، الثلوج، المهندس... وما الى ذلك) حتى ولو كان موجوداً وحقيقياً، لا يشكل عنصراً اساسياً في تلك الحال من الجذب والنبذ، الابتعاد والدنو، التي تعتري كائنين كانا عرفا منذ التقت عيونهما للمرة الاولى، والتقت بهما عيون متفرجي الفيلم بالتالي، انهما لم يخلقا إلا لكي يلتقيا ويعيشا معاً، او يموتا معاً. ولئن اختار كاتب القصة ثم المخرج، عيشهما معاً، كنهاية سعيدة للفيلم، فإن الامر سيان، طالما ان ابتعادهما مع مجرى النهر، في اتجاه البحر، هو، في الوقت نفسه، ابتعاد نحو المجهول، وموت لماضي كل منهما.

> لقد تأخر اهل السينما والنقد كثيراً في اكتشاف هذا الفيلم. أما الذين اكتشفوه باكراً، حين عرض قبل ان يختفي، فقد انقسموا حياله قسمين: واحد ينظر اليه كحكاية حب نادرة، وقسم آخر اساء فهمه، على بساطة موضوعه. ومن هنا اعتبر «النهر» من الافلام الملعونة في تاريخ السينما، حتى وإن كانت عروضه الأوروبية اسبغت عليه نجاحاً كبيراً، واعتبرته صحافة اوروبا «واحداً من الافلام النادرة التي يحرك فيها عواطفنا الدفينة، الوجه الحقيقي للحب»، وفق تعبير «مجلة السينما» الفرنسية في ذلك الحين. ناهيك بأن احد كبار مؤرخي السينما السوريالية، اعتبره منتمياً الى هذه السينما ورأى فيه «توازناً غرامياً فريداً من نوعه» (آدو كيرو في كتابه «السوريالية في السينما»). اما مخرجه فرانك بورزاغي (1893-1961)، فإنه، كما اشرنا، بسبب اختفاء هذا الفيلم المبكر، وعدم تأقلمه تماماً مع المقاييس الهوليوودية، عاد لاحقاً الى السينما التجارية، بعدما حقق أعمالاً مهمة مثل «الرفاق الثلاثة» و «أهل المنطقة» و «الرغبة» خلال سنوات الثلاثين من القرن العشرين. وهو حين رحل عن عمر يناهز الثامنة والستين، خلّف وراءه سجلاً حافلاً بشتى انواع الافلام التي كان آخرها فيلمه غير المكتمل «الاطلانطيد» (1963) الذي مات من دون ان ينجزه.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

21.04.2014

 
 

من الشاشة إلى الكتاب:

مسيرة أفلام تحولت إلى روايات

العرب/ وليد سليمان  

شريط '2001: أوديسا الفضاء' للمخرج الأميركي ستانلي كوبريك اعتبر من أشهر الأعمال السينمائية التي تمّ تحويلها إلى رواية ونشرت سنة 1968.

رغم أن تاريخ السينما يزخر بعشرات، إن لم نقل بمئات الأفلام المنقولة عن أعمال أدبية، إلا أننا نادرا ما نجد في تاريخ الأدب قصصا أو روايات مأخوذة من أعمال سينمائية.

طبعا، نحن نتحدث هنا عن الأعمال الأدبية الجادة لكبار الكتّاب، وليس عن التقليد التجاري الشائع في الدول الغربية المتمثل في تحويل الأفلام إلى روايات (Novelization)، والذي تقوم به شركات الإنتاج السينمائي الضخمة بالاشتراك مع دور نشر متخصّصة لاستدرار أكثر ما يمكن من أرباح مادية من الأشرطة التي لاقت نجاحا جماهيريا.

الرجل الثالث

تضمّ قائمة الأفلام التي تمّ تحويلها إلى روايات أعمالا مهمّة لأدباء مرموقين. ولعلّ أوّل اسم يتبادر إلى أذهاننا في هذا الصدد، هو الروائي الأنكليزي الكبير غراهام غرين، صاحب عديد الروائع الأدبية، مثل: “صخرة برايتون” (1938) و”القوة والمجد” (1940) و”القنصل الفخري” (1973)، والذي كانت تربطه علاقة خاصة بالسينما منذ بداياته حين كان ناقدا سينمائيا في صحيفة “السبكتاتور” البريطانية.

في سنة 1948 كلّف المنتج ألكساندر كوردا غرين بكتابة سيناريو على أن يقوم بإخراجه كارول ريد. وكانت تلك نقطة البداية لشريط “الرجل الثالث” الذي عرض للجمهور لأول مرة سنة 1949، ولعب دور البطولة فيه جوزيف كوتن وأورسون ويلز وأليدا فالي.

وقد عرف الفيلم نجاحا كبيرا وتحصّل على عديد الجوائز المهمة مثل الجائزة الكبرى لمهرجان “كان” السينمائي سنة 1949، كما تصدر قائمة تضمّ أفضل مئة فيلم بريطاني وضعها “معهد الفيلم البريطاني”.

وبعد أشهر، قام غرين بتحويل الفيلم إلى رواية، أو إذا أردنا الدقة قام بكتابة رواية انطلاقا من القصة السينمائية التي أخذ منها الفيلم. وهكذا صدر عمل أدبيّ لغراهام غرين سنة 1950 يحمل أيضا عنوان “الرجل الثالث” ويعتمد على الشريط السينمائي الذي يعتبر من روائع السينما العالمية.

إذا كان غراهام غرين قد كتب روايته انطلاقا من فيلم قد تمّ إنتاجه فعلا، فإن هناك روائيين آخرين لم يحالفهم الحظ لأن تصل محاولاتهم في كتابة السيناريو إلى الشاشة. هنا يمكننا أن نذكر حالة الكاتب الأرجنتيني الكبير مانويل بويغ الذي وقع في حبّ السينما منذ طفولته المبكرة، عندما كانت أمه تأخذه معها كل يوم لمشاهدة فيلم في قاعات مدينة “خينيرال بييغاس” الأرجنتينية التي ولد فيها سنة 1932.

في سنة 1955، استطاع بويغ أن يحقق حلمه ويدرس السينما في روما على يد أسماء كبيرة مثل تشيزاري زافاتيني، وذلك بفضل منحة تحصّل عليها ومكّنته من السفر إلى إيطاليا والالتحاق بالمركز التجريبي للسينما.

بعد سنوات، وخلال رحلة بالطائرة، التقى بويغ صدفة بالممثلة الأميركية الشهيرة ريتا هايورث، واستطاع أن يقنعها بأن تسمح له باستعمال اسمها في مشروع سيناريو يحمل عنوان “خيانة ريتا هايورث”.

لكن لسوء الحظ، لم يجد بويغ منتجا يتبنى الشريط، فلم يكن أمامه إلّا إعادة كتابة السيناريو ليصدر في شكل رواية تحمل العنوان نفسه انتهى من تأليفها سنة 1965 وتحصل بها على جائزة “سيكس بارال”.

ولم تصدر رواية “خيانة ريتا هايورث” لمانويل بويغ التي يعتبرها النقّاد اليوم من أهم الأعمال الروائية الصادرة في أميركا اللاتينية، إلا سنة 1971 وذلك ضمن منشورات “سيكس بارال”. أما الروائي الأميركي الشهير رايموند تشاندلر والذي يعتبر من مؤسسي مدرسة الأسلوب الخشن في الكتابة السردية، فقد تعاقد سنة 1947 مع شركة “باراماونت” للإنتاج قصد كتابة سيناريو لشريط أصلي عنوانه “بلايباك” وبشروط ملائمة جدا، حيث ينصّ العقد على أن يتقاضى مبلغ 4 آلاف دولار في الأسبوع مع نسبة من الأرباح إذا نجح الفيلم.

غير أن مبالغة تشاندلر في تدقيق السيناريو وإعادة الكتابة جعلته يتجاوز التاريخ المحدّد لتسليم العمل مرتين، إلى أن وجدت شركة الإنتاج نفسها في ضائقة مالية بسبب أزمة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تسببت في خسائر كبيرة لقطاع السينما في أميركا، فألغت المشروع كليا وأدخلت أتعاب تشاندلر ضمن جدول خسائرها.

في سنة 1958 صدرت لشاندلر رواية تحمل العنوان نفسه مأخوذة من سيناريو الفيلم الذي لم ير النور، وقد كانت تلك آخر رواية صدرت للكاتب قبل سنة من وفاته. والطريف في الأمر هو أن هذه الرواية هي الوحيدة من بين أعمال تشاندلر التي لم تحوّل إلى شريط سينمائي.

أوديسا الفضاء

من أشهر الأعمال السينمائية التي تمّ تحويلها إلى رواية، يمكننا أن نذكر أيضا شريط “2001: أوديسا الفضاء” للمخرج الأميركي الشهير ستانلي كوبريك وهو من إنتاج أميركي-بريطاني وعرض في القاعات سنة 1968. وقد قام كاتب السيناريو أرثر س. كلارك بإعداد رواية تحمل العنوان نفسه انطلاقا من الفيلم وقد تمّ نشرها سنة 1968.

وطبعا قائمة الروايات التي تجد جذورها في السينما تطول، لكننا نشير إلى أن القصة أيضا لها نصيب في هذا المجال، فقد سبق مثلا للروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز كتابة قصص قصيرة بالاعتماد على سيناريوهات أعدّها للسينما، وضمّت مجموعته “اثنتا عشرة قصة مهاجرة”.

يقول ماركيز في مقدمة هذه المجموعة القصصية التي صدرت سنة 1992: “ما لم أدركه مسبقا هو أن العمل في الصحافة والسينما سيدخل بعض التغييرات على أفكاري حول القصة القصيرة، حتى أنني اضطررت وأنا أكتبها الآن في شكلها النهائي، إلى الانتباه كي أفصل بملقط صغير بين أفكاري والأفكار التي أضافها المخرجون عند كتابة السيناريوهات..”.

مما يعني أن مثل هذه الأعمال لا تخلو من تأثير الإخراج والديكور وحتى الإضاءة وعمل الممثلين، وكلّ ذلك يمكن أن يترك تأثيره في أي عمل أدبي كتب انطلاقا من شريط سينمائي.

العرب اللندنية في

21.04.2014

 
 

فاز بجائزة النقاد السينمائيين الدوليين في مهرجان «كان»

«الخراب الأزرق» محاولة لتبرير الانتقام؟

عبدالستار ناجي 

رغم ان الفيلم فاز بجائزة النقاد السينمائيين الدوليين، في مهرجان كان السينمائي 2013 حيث عرض فيلم الخراب الأزرق، في تظاهرة اسبوع المخرجين الا انني اعتقد وبعد المشاهدة الاولى في كان وايضا المشاهدة الثانية منذ ايام بأن الفيلم يقدم فيلماً يعتمد على موضوع الانتقام ولكنه يشتغل على حيثيات وتبريرات الانتقال. حتى يقول المشاهد خلصنا انتقم!

الفيلم كتبه واخرجه جيريمي سولينيه في مزيج يجمع بين الصيغة الفنية وايضا الاثارة والانتقام. حكاية رجل يعيش حياة هادئة يقرر الى منزل طفولته لتنفيذ مهمة مؤجلة، وهي الانتقام عبر معركة وحشية من اجل حماية عائلته.

عرف المخرج جيريمي سولينيه عبر افلام حزب القتل 2007 حيث المزج بين الجريمة والابعاد الفنية، في فلسفة مشاهد العنف.

وهنا نعود الى ذات النهج، عبر حكاية رجل يقرر ان يثأر لوالديه عبر ثأر مؤجل وأسرة لا نراها وابن عاش ايام بعيدا عن مكان طفولته، فاذا به يعود ليثأر في زمن وشر اعتقد الجميع بانه ذهب الى النسيان.

انها حكاية داويت ايفانز التي يتقمصها ماتون بلير المتشدد، الذي يقتات من حكايات النفايات والنوم في سيارته البونتياك الزرقاء المتهالكة.

بعد تلك السنوات، يقرر العودة الى بلدته الريفية في فرجينا حيث مسقط رأسه، ليعلم عن الافراج عن سجين قديم.. هو كل غايته وهو سبب انتظاره الطويل في هذه الحياة والمعيشة الرثة التي عاشها وصبر على ظروفها، كانت بسبب شيء واحد هو الثأر من هذا الرجل، الذي اخذ منه كل حياته، ومبررات العيش ونعني اسرته.

انسان لا يعرف كيف يواجه ذلك القاتل، حيث يذهب اليه بسكين صغيرة، تدل اصلاً على ان صاحبها جاء ليقتل او ليثأر.

انسان بسيط، لم يعش الا حلم الثأر، ولكنه لم يستعد له، لم يجهز نفسه بل سقط في قيعان الفوضى والفقر والعيش على الهامش، بل ابعد من كل ذلك الى حيث قاع المجتمع.

سنوات وهو لا يفكر بشيء سوى الثأر، لم سرق منه كل حياته وحبه واسرته ولكن للثأر والمواجهة لغتهما ومنطقهما وهو لم يعش هذا الامر لانه انسان بسيط.

وحينما تكون المواجهة يكتشف ان عليه ان يعيد حساباته لانه يواجه مجرم لم تردعه كل تلك السنوات ولم تعلمه العقوبة بل زادته اجراما وقسوة.

حوار بين البساطة المنتاهية والمفترس والفريسة.

فيلم يلعب بعواطفنا تارة الى الرعب، واخرى الى الترقب، وثالثة رفضنا الذهاب الى الجريمة، والثأر ورابعا بالصراخ انتقم.

الاحداث تتحرك في محورين الاول ما هو معاش والاخر ما هو مستدعى «فلاش باك»ولكننا لا نشعر بان هناك زمنين حيث يظل المشاهد يعتقد بأننا امام اسرة الرجل الحية، ولكن الحقيقة ان تلك الاسرة قتلت على يد ذلك المجرم الذي خرج لتوه من السجن، وجاء ذلك الابن لينتقم.

رحلة شديدة الحساسية، تم تصويرها باسلوب فني رفيع وكتابته بطريقة ذكية تجعلنا نبحث عن الرموز والدلالات لمعرفة الحيثيات التي تدعو ذلك الرجل للانتقام واسرته حية، ولكننا نكتشف لاحقا بان اسرته قد اغتيلت، وانه الوحيد المتبقي، وهو لا يفكر بشيء طيلة حياته الا الانتقام الذي يتصاعد ايقاعه حتى يجد المشاهد نفسه متورطا في اللعبة وكأنه يريد الانتقام.

في الفيلم كمية غير عادية من العنف، ولكن ذلك يأتي مبررا ومنطقيا لاننا امام سيناريو مكتوب بذكاء شديد يلعب على الزمن.

قام بتصوير الفيلم المخرج نفسه جيرمي سولينيه، الذي قام ايضا بكتابة السيناريو صانع الموسيقى التصويرية الأخوان بروك وويل بلير.

فيلم يمتاز بفطنة وذكاء وحرفية سوليتيه الذي وهو يذهب الى العنف فانه لا يقدم العنف او حتى الانتقام من اجل العنف والانتقام، بل ليقدم لنا فرجة سينمائية عن سقوط البراءة وقسوة الجريمة واثارها على الذات البشرية، وغياب الصلاح النفسي الذي يؤهل الاخر على استيعاب الجريمة وتجاوز الالم والفقدان.

سينما من نوع مختلف ولهذا فهو يحصد النجاح حتى وان ظل من وجهة نظري.. فيلم ينشغل بالحيثيات.. ليبرر الانتقام.

وجهة نظر

سينما

عبدالستار ناجي

نفرح كثيراً حينما نسمع بميلاد مهرجان سينمائي، هنا وهناك، بالذات على المستويات المحلية والخليجية والعربية.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. كيف سيتحرك هذا المهرجان، بدون آليات حقيقية للانتاج والدعم.

ولا مجال هنا للمقارنة، بين المهرجانات الكبرى مثل كان وبرلين وفينيسيا ومونديال وغيرها، وبين مهرجاناتنا السينمائية.

هنالك صناعة حقيقية، وأشير فقط الى ان اللجنة المنظمة لمهرجان كان السينمائي هذا العام، كانت قد شاهدت 2800 فيلما لاختيار 52 فيلما ضمن الاختيارات الرئيسية من بينها 18 فيلما في المسابقة الرسمية.

أما على الصعيد المحلي، وقبل الاعلان عن أي مهرجان، يجب ان تتوفر الورش للتدريب، وايضا صناديق ومبادرات دعم السيناريوهات، وبدون تلك المعطيات الحقيقية، فان الاستمرارية ستكون في غاية الصعوبة، قد تقام دورة ولكن الثانية صعبة، والثالثة اصعب دون وجود آليات للدعم، وحوافز للانتاج وايضا ورش لتطوير الكفاءات على مستوى كتابة السيناريو على وجه الخصوص.

السينما ليست مهرجانات، وجوائز، وبساط أحمر أو غيره من الألوان.

السينما انتاج ومن يقول غير ذلك، يبدو بعيدا عن فهم آليات ومهرجانات هذه الحرفة.

ما أحوجنا ونحن نجهز لأي مهرجان سينمائي للشباب او الكبار او حتى للسينما العالمية، علينا ان نتذكر قبل كل ذلك ما الوسائل لدعم الانتاج، لان ما يتم حاليا، هو جهود احادية بحتة، ومبادرات يتحملها جيل الشباب من مصروفه وميزانيته الخاصة.

فهل من يفهم.. وهل من يستوعب؟

وعلى المحبة نلتقي

النهار الكويتية في

22.04.2014

 
 

"شلاط تونس".. ذكورية وبيدها سكين

فراس خوري 

في صالة عرض "سينمادار" (تتسع لأكثر من 230 شخصاً) في العاصمة التونسية، أبحث جاهداً عن مقعدٍ واحد شاغر لأجلس عليه. لا، إنه ليس فيلماً هوليودياً جديداً مع ليوناردو ديكابريو، إنه فيلم تونسي محلي الصنع والجهد والإبداع. بل إنني علمت بأن الفيلم الهوليودي الآخر في العرض السابق (يضم ثلة من أبرز النجوم) كان شبه خالٍ. إنه لأمر مفرح بحق.

"شلاط تونس" فيلم من نوع الـ"دوكو- فيكشن" أو "موكيمنتاري" (دراما وثائقية). ويروي قصة تونسيٍ اعتاد أن يتجول راكباً دراجته النارية قبل 11 عاماً ليقوم بـ"تشليط" (شطب بالسكين) نساءٍ على أردافهن، ومن ثمّ يفرّ هارباً بدراجته.

في أجواء التعتيم الإعلامي للنظام السابق، أخذت هذه القصة منحى الأسطورة المحلية التي لا يمكن التحقق من مدى دقتها. وليس من السهل اليوم فتح تحقيق بشأنها بعد مضي كل هذا الوقت، لكن يإمكاننا أن "نفتح" شريطاً سينمائياً، يبحث في أبعاد القصة وتأثيرها على المجتمع التونسي. وقد عرفت المخرجة (كوثر بن هنية) كيف تصنع فيلماً لأبناء بلدها، حين خاضت في موضوع يثيرهم.

هناك بعض الشخصيات النسوية القوية والواعية في الشريط. لكن هل يمكن القول إن "شلاط تونس" (ثيمته المركزية هي "المرأة في المجتمع التونسي/العربي") هو فيلم نسوي؟

"عرفت كوثر بن هنية كيف تصنع فيلماً لأبناء بلدها، حين خاضت في موضوع يثيرهم"

يتبع الفيلم شخصية (من يُعتقد أنّه) "الشلاط"، حيث يبدو لنا بشكل عام شخصاً من عامة الشعب وذا مبادئ. ذاك الصديق ذو المروءة الذي سيحميك بجسده وقت المعركة. مقابل هذا الود والتعاطف معه، لا نجد فكرة معاكسة حقيقية لشخصه. وباستثناء سؤالين حول علاقاته القديمة ومفهومه للحب، فإنّ المخرجة لا تخوض بشكل جدي في التركيبة بالغة التشويه لهذا الشخص، والتي أوصلته إلى جرح أرداف النساء والفرار. هو، وما كان يقوم به، مجرد "نكتة" في هذا الشريط.

وبدلاً من أن تزيد الأبعاد الشوفينية التي تُضاف إلى شخصية "الشلاط" عبر الفيلم من امتعاضنا منه؛ ترانا نستقبل ذكوريته (مواظبته على فحص عذرية صديقته بجهاز الكتروني خاص) برحابة صدر.

ودعونا لا ننسى هنا أيضاً بأنّ جزءاً من الجمهور ـ لا محالة ـ سيتعامل مع القصة باعتبارها حقيقة/ وثائقية. فها هو هنا يجلس أمام "شلاط" يمكنه أن يتعاطف ويتماهى معه بسهولة.

يمكن القول إنّ المخرجة تتعامل مع "الذكورية المفرطة" من باب السخرية، لكنّها عندما تختار أن تنظر إلى الموضوع بنظرة "ما بعد حداثية" (في مجتمع لم ينجب حداثته كما يجب) فلا بدّ أن نتوقع أن تثير تلك النظرة سوء فهم.

هناك أمثلة عديدة في الفيلم نستحضر أحدها فقط لما فيه من تمثيل رمزي لطرح الفيلم بشكل عام:

يقول رجل مؤيد للشلاط: "المرأة التي تلبس ما تريد، جزاؤها أن "تتشلط"".

كوثر بن هنية (المخرجة): "ولكن لها الحق بأن تلبس ما تريد".

الرجل: "فإذاً لي الحق أن أغتصبها!".

تقرر بن هنية عدم الإجابة هنا، على نهج "دعه ينفث السم فيودي بنفسه"، أي أنّ مجرد تركه يقول ما يريد سيُظهر مدى قبحه وتشوهه.

"عندما نعالج السقمَ بأداوت ما بعد حداثية فلا بد أن يؤدي ذلك الى مضاعفات عوضاً عن العلاج"

في بداية الأمر وباعتباري إنساناً "نسوياً" يدعم فض غشاء البكارة في دماغ الأمة جمعاء، أعجبت بطريقة تعامل بن هنية مع هذه الأمور. لكن، وبعد أن سمعت بعض الآراء المغايرة، تذكرت نقاشاً أدرته في حانة صغيرة مع عشرة أشخاص حول قاضٍ في محكمة سأل امرأة مغتصبة: "ماذا كنت ترتدين عندما أغتصبت؟". كنت الوحيد الذي هاجم هذا السؤال (الحقير) حين أبدى الآخرون "تفهمهم" له بطريقة أو بأخرى. أي أنني تذكرت أين نعيش أنا وبن هنية.

بن هنية تعمل في فضاء ما بعد التحرر. فتراها تسمح للصمت أن يجيب مكانها في أمور مفهومة لها ضمناً، في حين أنه لا بد من وجود كم لا بأس به من رواد الفيلم الذين يعتبرون هذا الجدال (عدم أحقيّة المرأة بان ترتدي ما يحلو لها) هو جدل شرعي. ويفهمون صمت بن هنية على سؤال الرجل (ذو العقل السقيم) في الفيلم بأنه ليس أكثر من موافقة.

تعامُل العالم العربي مع المرأة تعاملٌ سقيم لا مجرد تخلّف. وعندما نعالج السقمَ بأداوت ما بعد حداثية فلا بد أن يؤدي ذلك الى مضاعفات عوضاً عن العلاج. إذا كان في داخلك أي تفهم لظاهرة يقوم بها رجل بشطب مؤخرة امرأة بسكين، بسبب ضيق سروالها؛ فهذا الفيلم لن يثبت لك العكس.

يحيرني فيلم "شلاط تونس" بالطريقة التي يطرح فيها مثل هذه المواضيع، في هذا العالم العربي المعولم، بأفراده المتنافرين حدَّ الإغتراب الذاتي أحياناً. عالم بات يجمع في ذات المقهى من يعتقد بأنّ على النساء أن تتنقب مع من يدعو جهاراً للحرية الجنسية للنساء.

كوثر بن هنية مخرجة ذات مهنية عالية، وحس درامي مرهف، وقدرتها على توجيه الممثلين مثيرة للاعجاب. كما يجذبك فيلم "شلاط تونس" بقصته وأسلوبه منذ المشهد الأول حتى الأخير.

بهذا الفيلم تضع بن هنية اسمها بجدارة في قائمة المخرجين العرب. وإذا لم يقتنع المشاهد بهذا من فيلم "شلاط تونس"؛ فما عليه إلا أن يشاهد فيلمها القصير "يد اللوح".

* سينمائي من فلسطين

العربي الجديد اللندنية في

22.04.2014

 
 

ليوناردو دي كابريو الاب الروحي لآبل سينمائيا

ميدل ايست أونلاين/ واشنطن 

فيلم من اخراج داني بويل يتناول سيرة الراحل ستيف جوبز مؤسس شركة آبل باعتباره من الرجال الأكثر ثورية في جميع العصور.

تجري شركة "سوني بيكتشرز" مفاوضات مع داني بويل مخرج فيلم "المليونير المتشرد" ليتولى إخراج فيلم يتناول حياة الاسطورة الراحل ستيف جوبز مؤسس شركة آبل.

وستيفن بول جوبز مخترع وأحد أقطاب الأعمال في الولايات المتحدة.

وعُرف جوبز بأنه المؤسس والمدير التنفيذي السابق ثم رئيس مجلس إدارة شركة أبل وهو أيضًا الرئيس التنفيذي لشركة بيكسار ثم عضوًا في مجلس إدارة شركة والت ديزني بعد ذلك وحتى وفاته، وأثناء إدارته للشركة استطاع أن يخرج للنور كلاً من جهاز الماكنتوش (ماك) بأنواعه وثلاثة من الأجهزة المحمولة وهم (آيبود) و(آيفون) و(آيباد).

وتوفي عبقري التكنولوجيا في عام 2011 بسبب إصابته بمرض السرطان.

وقال التقرير إن ليوناردو دي كابريو قد اقترب من تجسيد دور جوبز، لكن المفاوضات لا تزال في مراحلها المبكرة.

ويقوم الفيلم على سيرة جوبز الذاتية المعتمدة والتي كتبها الصحافي وولتر آيزاكسون.

ويقوم آرون سوركين كاتب فيلم "ذا سوشيال نيتوورك" (الشبكة الاجتماعية) عن موقع التواصل الاجتماع فيسبوك بكتابة الفيلم.

ومن المقرر أن يحول سوركين السيرة الذاتية لجوبز التي كتبها الصحافي والتر إيزاكسون لفيلم سينمائي.

وقالت إيمي باسكال، من المديرين في شركة "سوني بيكتشرز إنترتاينمت": "قصة ستيف جوبز نادرة، فقد كان أحد الرجال الأكثر ثورية وتأثيرا، ليس فقط في عصرنا ولكن في جميع العصور".

وقالت باسكال: "لا يوجد كاتب يعمل في هوليوود اليوم أكثر قدرة على تصوير هذه الحياة المتميزة أكثر من آرون سوركين".

ومن بين أعمال سوركين الناجحة فيلم "ماني بول" لبراد بيت، بالإضافة لفيلم "تشارلي ويلسوز وور" لجوليا روبرتس وتوم هانكس، كما أنه كاتب المسلسل التلفزيوني الدرامي السياسي "ذا ويست وينغ".

ويوصف الراحل ستيف جوبز، انه يقرأ المستقبل على لوحة قبل أن يكتشف الكمبيوتر اللوحي، وهو شخص رؤيوي لا يتنازل عن رؤيته، فعندما كانت مايكروسوفت ترفع شعارها "المعلومات عند أطراف الاصابع" كان جوبز يتحسس الزمن التكنولوجي بغير ذلك، يتحسسه بتطبيقات تزيغ الحواس، لذلك اجبرها على التحول نحو منظومات العمل بالنوافذ من خلال الماوس وان يكون البرنامج بسيطاً ومفهوماً وليس طلسما للمتخصصين.

وكان بيل غيتس مؤسس أكبر شركة معلوماتية عالمية افضى بمشاعره تجاه غريمه وصديقه الراحل ستيف جوبز، معبرا عن انبهاره بما أنجزه من تصاميم.

وأكد على إن التصميم يمكن ان يقودك إلى اتجاه ناجح... ومن ثم كم هائل من المنتجات التي خرجت إلى النور".

وعبر عن دهشته بقدرة مؤسس شركة أبل البديهية على تسويق المنتجات التي تبتكرها شركته.

وسبق وان وصفه رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ، بالنابغة وسوف يبقى في ذاكرتنا مثل اديسون واينشتاين، "نابغة ستحدد أفكاره شكل العالم لعدة اجيال.

وحتى امبراطور الاعلام روبيرت مردوخ رفع قبعته الى جوبز واعترف انه الاب الروحي لابل استطاع ان يغير قواعد اللعبة باكتشافه "آي باد".

ميدل إيست أونلاين في

22.04.2014

 
 

المنتجون الجدد في المغرب

محمد اشويكة 

في سياق التحولات العميقة والعابرة التي لحقت البنيات التحتية والفوقية للمجتمع المغربي، والتي شملت جل الميادين الاجتماعية والسياسية والدينية والثقافية.. برزت في المغرب فئاتٌ بدأت تقتحم ميادين من المعهود أنها تحصن ذاتها بذاتها بفعل الحد الأدنى من المعرفة والعلم التي يجب أن يتوفر في أصحابها.. فإذا كان المغاربة قد ألفوا، رغما عنهم، ظهور برلمانيين كانوا إلى حد قريب لا يمتلكون الشهادة الابتدائية، فاستأنسوا بذلك نتيجة امتدادات وتشابكات العلاقات القَبَلِيَّة والعائلية، والولاءات الحزبية غير الديمقراطية.. فإنه من اللافت، سوسيولوجيا ومهنيا، اقتحامُ أسماء لا تمتلك الحد الأدنى من المعرفة في مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني لتمر بعد ذلك إلى الإخراج مستغلة ثغرات القانون الذي يُساوي إدارةَ وامتلاكَ شركةٍ للإنتاج الفني مع مثيلاتها في أي مجال آخر لا يتطلب إلا خبرة بسيطة أو حدا أدنى من المعرفة كإدارة بعض المحلات التي تخص بعض القضايا البيولوجية الضرورية للإنسان كالمأكل والملبس والمشرب...

فهل الإنتاج عملية بسيطة لا تتطلب إلا خبرة ببلاتوهات التصوير ومعرفة بأثمنة كراء واقتناء المعدات وامتلاك مفكرة بأسماء المهنيين؟ ألا يستدعي أمر إنتاج فيلم أو وثيقة سمعية بصرية تكوينا على مستوى الدراسة الجامعية أو ما يعادلها؟ ألا يتعلق الأمر برسم ملامح الوجدان العام وإشاعة الحس الفني والثقافة الوطنية بين الناس؟ ألا ينتمي المنتج إلى النخبة التي تضطلع بإدارة إيديولوجيا الأمم والشعوب والوعي بالمنافسة القائمة على هذا المستوى؟

سقنا هذه الإشكالات للإشارة إلى الخطر المحدق بمجالنا السمعي البصري الذي بدأ الجمهور المغربي يجني ثماره المتعفنة منذ ما يزيد عن عقد من الزمن تقريبا، فقد أصبحنا أمام "شركات إنتاج" و"منتجين" لا يمتلكون الحد الأدنى من التكوين الذي يمنحهم الكفايات والقدرات المطلوبة لإدارة وتسيير مقاولة فنية تتأسس على قراءة واختيار المشاريع التي تتساوق وذوق المخرج، وتوجهاته الرامية إلى التأثير في الجمهور، ومسايرة طموحات البلاد إقليميا ودوليا.. فعلى المنتج أن يمتلك من المؤهلات التواصلية واللغوية ما يقوده لربط الصلات الاحترافية مع شبكات الداعمين والموزعين الدوليين، وأن يكون مطلعا على سياساتهم وتوجهاتهم الإيديولوجية، وارتباطاتهم السياسية.. كي يسهل عليه التفاوض والإقناع، وتطوير خطة إنتاجية وطنية وإقليمية ودولية مناسبة للمناخ الثقافي السائد في البلاد...

لا يُعْتَبَرُ المنتج مجردَ مُمَوِّلٍ للفيلم أو مُدَبِّرٍ لموازنته المالية، وإنما الضَّامنُ الفعليُّ لتحققه الفني، وذلك باستيعابه لفلسفة المنتوج قصد مساعدة المخرج على بلورة رؤاه الفنية، والتمكن من مواجهة مشاكل الإنجاز عبر التخطيط المحكم، والدخول في مناقشة العقود مع كافة الفاعلين الذين سيساهمون في إنجازه.. وبالتالي، تتطلب هذه المهنة من صاحبها مؤهلات فكرية وفنية ومالية وإدارية.. فهي ليست مجرد بطاقة مهنية، أو طابع (Cachet) يحمله صاحبه في محفظة جلدية، أو لباس وقبعة وسيجارة كوبية، أو عنوان وهمي (عندما ترغب التحقق منه تجده محلا للسكن)، أو صداقات وعلاقات ملتبسة تقوم على تبادل المنافع بين الفاعلين في القطاع السمعي البصري، أو انتماء إلى هيئة معينة.. إنها أم المهن السينمائية والتلفزيونية والفنية... 

من المفروض أن يكون المنتج صاحب حس تجريبي في الصناعة السينمائية، وألا يعكس عمله روحا تقشفية تؤثر على جودة الفيلم، وتحد من الخبرات المتراكمة لفريق العمل؛ إذ غالبا ما يشتكي الفنانون والتقنيون المغاربة من تصرفات بعض "المنتجين" المغاربة الذين يظهر جشعهم من خلال عدم توفير بعض الضروريات البسيطة داخل بلاتوهات التصوير كقنينات الماء المعدني مثلا، وضعف جودة الوجبات الغذائية، والتخلي عن بعض آليات التصوير، ولوازم الديكور والأكسسوارات، وعدم توفير الملابس الضرورية (جل الممثلين يصورون بملابسهم الخاصة!)، وبتر بعض المَشَاهِد المهمة من الفيلم، أو التلاعب بالفاتورات.. وذلك ما يسقط عنهم صفة المنتج الفعلي ويجعلهم مجرد مسترزقين، نستخسر وصفهم حتى بالـ"منفذين للإنتاج" مع العلم أن بعضهم لا يحسن تدبير ذلك التنفيذ ويحوله إلى مأساة حقيقية، والدليل على ذلك عدم استكمال التصوير، والاكتفاء بتوضيب ما تَمَّ إنجازه، ولائحة الأفلام غير المكتملة معروفة لدى المهنيين كما أن طرق التحايل في التنفيذ يعرفها الجميع، ويسكت عنها الجميع، وقد يثور الجميع ضد من ينبش في أسرارها الملتبسة! بل قد تحميها المؤسسات وتتستر عنها بطرق شتى!
ظهر في الآونة الأخيرة منتجون مستعدون للقيام بأدوار خالية من أي حس مهني، ولا تمت إلى أخلاقيات المهنة بصلة، ولا علاقة لها بالشفافية وحسن التدبير.. فهناك فئة من "المنتجين المنفذين" الذين ثبتت أميتهم (لا يجيدون القراءة والكتابة!)، قد أنجزوا لصالح بعض القنوات التلفزيونية المغربية "برامج" و"سلسلات فكاهية" و"درامية" بميزانيات مرتفعة لا تعكسها جودة المنتوجات حين نقوم بتحليل المَشَاهِد واللقطات من الناحية الإنتاجية: فحص العقود، كلفة الديكورات، إحصاء الإمكانيات التقنية، جرد عدد المِهَنِيين المشتغلين في إنجاز تلك الأعمال، عدد أيام التصوير، البنية التحتية لـ"الشركة" المُنَفِّذَة للإنتاج... فغالبا ما يلجأ هؤلاء إلى "نفخ" الموازنات، والتخلي عن جزء منها لصالح بعض الأطراف - "الظاهرة" و"الخفية"، "المعروفة" و"المجهولة" - ذات الصلة بعقد "صفقات الإنتاج". مثلا، كيف نفسر أن بعض المنتجين ينجزون "سلعا تلفزيونية" بلغات لا يفهمون سياقاتها الثقافية كأولئك الذين يسهرون على تدبير بعض البرامج الأمازيغية أو الفنية أو الترفيهية.. في ظروف تقع تحت الدرجة الصفر من الاحترافية؟

ساهم السباق غير المهني على الفوز بالصفقات، في تشتيت المجهودات، وتحويل "الغرف المهنية" إلى لوبيات ضاغطة للدفاع عن النصيب من الكعكة، فضلا عن استقواء بعض أرباب "الشركات" بفعل جسارة علاقاتهم مع المتحكمين المباشرين أو غير المباشرين في دواليب توزيع أموال الإنتاج التلفزيوني التي لم تكن تحتكم إلى المزايدات أو المناقصات أو طلبات العروض ولا تحترم بنود دفاتر التحملات القديمة (نأمل أن يتحقق ذلك مع الجديدة منها)؛ أما في السينما فالأمر يمر تحت يافطة القانون رغم أن لجان الدعم يصعب الحكم على موضوعية نتائجها نظرا لعدم انسجام أعضائها، والتحكم عن بعد في مداولاتها سيما وأن فحوى أشغالها تتسرب بالتفاصيل بعد كل اجتماع...

لذلك يستعصي إصلاح القطاع السمعي البصري في البلاد دون تفعيل المراقبة والحرص على تطبيق القانون لقطع الطرق على المتطفلين، وتفكيك لوبيات المتنفعين، ومواجهة المتهربين من دفع مستحقات التقنيين والممثلين وذوي الحقوق، وتطهير منابع الفساد في القطاع... وهي خطوات ضرورية للإصلاح خاصة وأن تنفيذ القوانين أمر صعب للغاية إذا لم يقترن بأفعال ملموسة على مستوى المراقبة والمحاسبة...

الجزيرة الوثائقية في

22.04.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)