كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

رؤى نقدية

 
 
 
 
 

خليل المزين:

الفقد هو سمة القضية الفلسطينية

حوار: تامر فتحي

 

خليل المزين يعد من أنشط السينمائيين وأكثرهم انخراطًا في الوسط الغزي. فلا توجد فاعلية - سواء كانت عرضًا سينمائيا أو ورشة فنية بصرية أو ورشة تصوير أو إخراج - إلا وتجد خليل حاضرًا سواء كان مشاركًا أو محاضرًا. له العديد من التجارب المميزة "ماشو ماتوك"، "منولوجات غزة"، "غزة 36 ملم"، وتجارب أخرى. شركة "لاما فيلم" التي يديرها المزين هي محطة انطلاق لابد وأن تمر عليها أي موهبة سينمائية تخرج من غزة. يبدو برأسه الحليق وكأنه حارس السر وكاهن المعبد. ومؤخرًا عُرض له في المركز الفرنسي بغزة أخر أفلامه، "خيال الحقل"، وهو فيلم كرتون مجسم (ثلاثي الأبعاد) مدته 35 دقيقة، ويعد أول فيلم رسوم مجسم فلسطيني. وعلى هامش العرض التقته الجزيرة الوثائقية وكان هذا الحوار.

·        ماهي القصة وراء خيال الحقل وكيف تمت صناعة الفيلم؟

الأمر يعود لأيام الصف الرابع حين كان مقرر علينا دراسة قصة خيال الحقل، ومنذ ذلك الحين والقصة عالقة معي. وفي صغري كانت غزة مليئة بالبيارات والحقول وكان خيال الحقل في كل مكان، تحسه في وقفته كأنه ملك ثابت، قوي، وقوته تخيف الطيور. وعندما طلبت مني شركة زيتون فكرة لتنفيذ فيلم كرتون صغير، حدثتهم عن قصة خيال الحقل

محور القصة الرئيسي يدور حول الفقد. والفقد هو سمة القضية الفلسطينية، منذ 1948، فقد الأرض، والأبناء، فالأسرة الفلسطينية تربي ابنها ليسقط شهيدًا دون أن يتجاوز العشرين من عمره. وفي الفيلم نرى البنت "ريم" الصغيرة التي تتعلق بخيال الحقل الذي يذكرها بوالدها والدتها اللذين ماتا في حادث لكن أحد الجنود يسطو عليه ليضعه مكانه في نوبة الحراسة كي يتسنى له النوم دون أن يلحظ قادته ذلك لنكتشف أن الاحتلال لم يسطوا فقط على الأرض بل على الخيال والأحلام أيضا.

الفيلم هو الثاني على المستوى العربي من حيث تنفيذه بتقنية الرسوم المجسمة أو ثلاثية الأبعاد، وهو الأول على مستوى فلسطين. والمشروع بالأساس بدأ كورشة عمل لتدريب 15 طالب على عمل فيلم كرتون قصير ثلاثي الأبعاد، لكن طموح المشاركين في الدورة قادنا إلى عمل فيلم طويل مدته 35 دقيقة، الكل عمل بأقصى طاقته لدرجة أن كل واحد كان يعمل 16 ساعة في اليوم مقابل 300 دولار في الشهر لمدة 4 شهور، وعلى الرغم من نفاذ الدعم المالي للمشروع لكننا واصلنا العمل دون رواتب، إلا أن عقبة كبيرة واجهتنا وهي عمل "Render" للرسوم التي نفذناها حيث لم تستوعب الأجهزة التي نعمل عليها سعة الضخمة للرسوم المجسمة. وعندما وجدنا إمكانية القيام بذلك في دبي وجدنا أن التكلفة ستصل إلى 40 ألف دولار، وحين خاطبنا البنك الدولي لاستكمال دعمه للمشروع، قوبل طلبنا بالرفض حيث أن المشروع بالأساس تنفيذ فيلم قصير وليس العكس

لذلك اضطرارنا إلى حذف رسومات كثيرة حتى تتم عملية "Rendering" ومع ذلك جاء تنفيذ الفيلم به العديد من المشاكل وهذا في حد ذاته إنجاز. إن تنفيذ 15 ثانية من الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد يلزمه أسبوع عمل، لذا كل خطوة يلزمها تركيز عالي ودقة شديدة، و"Storyboard" محكم لأن الخطأ الواحد يعني ضياع أسبوع كامل من العمل

لكنني سعيد بالتجربة، فالهدف هو تطوير قدراتي وقدرات المشاركين على تنفيذ فيلم من الرسوم المتحركة المجسمة، وهم أغلبهم من الشباب صغير السن، مازال وعيهم قاصرًا على إدراك عمق القصة ودلالة المشهد، لكنني  تغلبت على الأخطاء التي كانت تواجهنا بتقنيات فنية، مثل تقنية "Long Shot".

·        اذن هل يمكن القول أن العمل في غزة مع ندرة الموارد وقلة الإمكانيات يثقل من خبرة صانع الأفلام وتجعله يفكر في صنع بدائل من خلال ما هو متاح والموجود؟

- ضعف الإمكانيات في غزة تجعل من المخرج مصمم ديكور، والمصور مدير تصوير دون الاستعانة أحيانًا بمساعد واحد. أيضا نواجه مشكلة أكبر وهي قلة الممثلين وبخاصة الممثلات، ففي غزة يوجد ممثلتين أو ثلاثة، فكيف هو الحال لوكان الفيلم يحتاج إلى ست أو عشرة ممثلات. ومع ذلك لا نتوقف هنا في غزة عن عمل الأفلام، لكن خروج الفيلم هو المحك الحقيقي سواء كانت ميزانيته كبيرة أو صغيرة، فقلة الإمكانيات لا تغفر رداءة الفيلم

·        مؤخرًا شهدت السينما الفلسطينية تألقًا ملحوظًا على المستوى العالمي مع ترشح "خمس كاميرات مكسورة" وفيلم "عمر" لجوائز الأوسكار، فكيف تقيم تجربة السينما الفلسطينية؟

- أولًا السينما الفلسطينية هي عالميًا "سينما نخبة" – أي أنها سينما لا يعنى بها سوى المشغول بالهم الفلسطيني، أو بمعنى أخر المشاهد المطلع على الشأن الفلسطيني. هي سينما غير تجارية، لا تعنى بالإيرادات أو الجمهور بشكله العريض. ثانيا لا توجد سينما فلسطينية صرف لأن السينما تصنف حسب جهة الإنتاج، وأغلب الأفلام - إلا لم يكن كلها - التي صنعها مخرجون فلسطينيون هي انتاج أجنبي تام أو مشترك، اللهم إلا فيلم "عمر" فهو انتاج فلسطيني تمامًا. وهذه أمر مزعج لأن الفيلم الفلسطيني حين يكون انتاجه فلسطينيًا تماما فإن هذا يعني حرية أكبر لصانع الفيلم مما يعني تطوير أكبر على المستوى الفني، فالممول أحيانًا قد يفرض أجندته الخاصة بشكل مباشر أو غير مباشر مما يجعل السينما الفلسطينية حبيسة كليشيهات القضية الفلسطينية.

·        لكن الملاحظ أن بعض الأفلام تجنح إلى اختزال التفاصيل المتشابكة للقضية الفلسطينية والاختلافات الإيديولوجية بين الفصائل وذلك من أجل كسب مشاهد غير مطلع على الشأن الفلسطيني – أو بمعنى أخر كي لا يتوه المشاهد غير الفلسطيني؟

- لا يمكن لأي عمل فني أن يصل للعالمية – وأقصد بالعالمية أن يتواصل معه مشاهد مكسيكي، هولندي، أمريكي أو أي جنسية أخرى ولا أقصد الجوائز– إلا إذا كان عملًا إنسانيًا. إذا كان العمل قاصرًا على رؤية معينة أو محمل بأيديولوجيا مسبقة أو شعارات فجة فمصيره الموت والاندثار

اسرائيل انتبهت لهذا الأمر وخاطبت العالم كضحية. لذا لابد أن نتجه للعالم ونتحدث حديث الإنسان للإنسان وليس خطاب الفصيل السياسي.

·        وماهي مشاريعك الفنية الأخيرة؟

- أعمل على فيلم روائي طويل بعنوان "ساوند مان" وهو يدور حول الاضطهاد والعنف الذي تتعرض له المرأة الفلسطينية بشكل مستمر، وعن جرائم الشرف تحديدًا وذلك من خلال قصة حدثت بالفعل. هناك ظاهرة غريبة في مجتمعاتنا عموما وهي أن جرائم الشرف يتم التعتيم عليها، فمن حين لأخر تجد أن فلانة ماتت حرقًا وهي تعد الطعام أو أنها سقطت من سطح البيت وهي تنشر الغسيل. وهذه كلها امراض اجتماعية لابد من مواجهتها فنحن هنا في غزة نعيش تناقض كبير. فهو مجتمع منفتح على مستوى العالم الافتراضي لوسائل التواصل الاجتماعي، لكنه في الواقع مجتمع مغلق ويعاني من الكبت.

الجزيرة الوثائقية في

20.02.2014

 
 

"وداعا طنجة"

أحمد بوغابة / المغرب 

لم يفاجئني كل ما دار من نقاش ليلة الإعلان عن نتائج جوائز الدورة 15 للمهرجان الوطني للسينما المغربية المُنعقد بمدينة طنجة. فقد أشرت في نصوص سابقة، كما في السنوات الماضية، بأنني أنتظر دائما تلك الردود والشحنات الانفعالية التي أعتبرها ملح العرس. وأجد فيها، شخصيا، فرجة ممتعة في بهو قاعة السينما أو الساحة المقابلة لها بعد حفل الاختتام مباشرة. إن الاختلاف حول نتائج لجن التحكيم هو ليس شئنا مرتبطا بالمغرب بل هو عُرف دولي في جميع المهرجانات بكل الأقطار، حتى المتقدمة منها. يشارك الجميع في إبداء الرأي حول الجوائز ويريدونها أن تأتي مطابقة لرغباتهم.

والمثير هو أن يغضب مَنْ هو متأكد "سرا مع نفسه" أن فيلمه دون المستوى ورديء مقارنة مع الآخرين، ومع ذلك يعتبر نفسه أحق بالجوائز من غيره. لا يدركون بأن الأمر يتعلق بلجن تجتمع فيها حساسيات مختلفة، وتشاهد السينما والأفلام برؤية تنطلق من مرجعياتها الفكرية، واعتمادا على مصادر ثقافتها، فتفرض أحيانا توافقا بين الأعضاء الذين قد يتحمسون لفيلم بعينه. وتقول القاعدة: إذا غيرتَ أفراد اللجنة ستتغير بالضرورة نتائجها. ينبغي قبول قانون اللعبة لمن يشارك فيها مسبقا وليس بعد النتائج، وإلا لا داعي للمشاركة أصلا. أعتبر النقاش الذي يدور حول نتائج لجن التحكيم بمثابة قياس – بالنسبة لي – للوعي السينمائي أيضا. وأسعد به حتى ولو انزعجت من بعضه ومن المجاملات التي تتوزع مجانا تحت يافطة "التشجيع".

الجوائز: في الاختلاف رحمة

فمن بين 22 فيلما طويلا، ارتأت لجنة التحكيم، التي ترأسها الأستاذ عبد الله ساعف، بمنح جائزتها الكبرى لفيلم "الصوت الخفي" للمخرج والموسيقي كمال كمال (صاحب فيلم "السيمفونية المغربية" سنة 2005) الذي أراد أن يحكي جانب من التاريخ الجزائري المغربي المشترك حيث جمع فيه ممثلين مغاربة وجزائريين، وانتقل فيه بين عرض الأوبرا في المسرح وتهريب مجموعة من الجزائريين إلى المغرب، جلهم من الصم والبكم محكوم عليهم بالإعدام، لتكتمل الأوبرا في الهواء الطلق وتنتقل بينهما، من الداخل إلى الخارج والعكس أيضا في تقابل درامي بين الماضي العريق والحاضر المعاصر، بين الموت والحياة، بين الحب والانتقام، على أرض تخفي الموت في طيها ليكون الموت في النهاية في الأوبرا والحياة معا، بين من يملك قوة التعبير بالصوت الناعم ومن يفتقده إلا أنه موجود في وجدانه فيخرجه لمواجهة الموت التي لم ترحمه، فكان الموت أمام الجمهور – في المسرح – وفي صمت مطلق على صفاء الطبيعة كصفاء الفريق الهارب، ليتبين لنا بأنهم لم يكنوا سوى "طُعْمٌ" لتحقيق خطة عسكرية تفتح خطا لتمرير السلاح إلى المقاومة في الجزائر. يتضمن الفيلم أسئلة كثيرة: فنية وإنسانية وثقافية وسياسية وعسكرية.

أسئلة يجيب عنها المخرج بصراحة تارة من خلال الحوار المباشر، أو بالصوت الخارجي (voix-off). وأحيانا أخرى بالموسيقى الفردية والجماعية، وإحالتنا أيضا إلى ما تحمله الأوبرا من تشخيص درامي في قالب سينمائي كفلاش باك (flash bak) حيث فصل بينهما، في مختلف المستويات، بعدم توظيفه لنفس الممثلين فيهما معا ليعطي لفيلمه الأبعاد التي يريدها صاحب الفيلم (سنعود بالتأكيد لقراءة في الفيلم). وقد حصل الفيلم أيضا على جائزة الموسيقى باعتبارها شخصية أساسية التي وضعها المخرج نفسه، لكونه موسيقيا في الأصل، كما فاز بجائزة الصوت لسمير بنعبيد وهو أخ المخرج

جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فاز بها فيلم "أراي الظلمة" للمخرج أحمد بايدو، وهو أول فيلم مغربي يتحدث باللغة الحسانية. شبه إجماع بين الحضور على أن الفيلم لا يستحق هذه الجائزة، من منظور سينمائي بحث لأنه يعاني من خلل فني كبير، خاصة وأن المخرج نفسه لم يكن ينتظرها وعبر عنها عند تسلمه لها. كان بالإمكان الاكتفاء بالتنويه به حسب ما يراه البعض. عادة ما تكون جائزة لجنة التحكيم بمثابة "نبضة قلب" اجتمعت عليها اللجنة بما يتمتع من خصوصيات إبداعية واجتهادات فنية

جائزة السيناريو هي للمخرج جيلالي فرحاتي عن فيلمه "سرير الأسرار" المقتبس عن رواية للبشير الدامون بنفس العنوان. كما فاز أيضا بجائزة أفضل تصوير لكمال الدرقاوي. أما جائزة العمل الأول فكانت من نصيب المخرج محمد أمين بنعمراوي عن فيلمه "وداعا كارمن" الذي حصل أيضا على جائزة ثاني دور رجالي لممثله سعيد المرسي الذي كان جيدا فيه. وفي ما يخص جائزة المونتاج فقد ذهبت إلى محمد الكغاط والتونسية كاهنة عطية اللذين اجتمعا على فيلم "يما" للمخرج والممثل رشيد الوالي

فضلت لجنة التحكيم أن تكون جائزة أول دور نسائي جماعية فسلمتها للممثلات: مرجانة العلوي ولبنى أزبال ونادين لبكي عن دورهن في فيلم "روك القصبة" للمخرجة ليلى المراكشي. بينما سلمت جائزة لثاني دور نسائي للممثلة فاطمة الهراندي، المعروفة باسمها الفني "راوية"، عن دورها في فيلم "فورماطاج" للمخرج مراد الخوضي، لتبقى جائزة أفضل دور رجالي للممثل حسن بدبدة عن دوره في فيلم "هُمُ الكلاب"، وهذا الفيلم كان قد رشحه الكثيرون لجوائز أخرى نظرا لاجتهاداته الفنية في الصوت والصورة والمونتاج كما كان بالإمكان أن يكون هو الفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم إلا أنها وصلت إلى نتائجها التي نقلناها إليكم. وقد نوهت اللجنة بالطفلين: لإيمان نخاض في فيلم "سارة" لسعيد الناصري و"ديدي ميشون" في فيلم "حمى" لهشام عيوش.

ومن بين 21 فيلما قصيرا مشاركا في المسابقة الرسمية، فقد ارتأت لجنة التحكيم الخاصة بهذه الأفلام، والتي ترأسها المخرج المغربي المقيم في إيطاليا عبدو عشوبة، تتويج فيلم "ريكلاج" للمخرجين هشام الركراكي وإدريس الكايدي بالجائزة الكبرى بينما جائزة التحكيم ذهبت إلى فيلم "بطاقة بريدية" (كارت بوصطال) للمخرجة محاسن الحشادي. وأما جائزة السيناريو فقد حصل عليها فيلم "اليد الثالثة" للمخرج هشام اللاديقي. كما نوهت لجنة الفيلم القصير بفيلمين هما "خلاص" لعبد الإله زيرات و"كانيس" لرضا مصطفى.

جوائز: بصيغة أخرى

لا أتوقف عادة عند جوائز النقد لأنها معنوية بالدرجة الأولى (جوائز المهرجان الرسمية مالية) وتُسلم على هامش المهرجان في الوقت الميت. لكن، سأشير إليها هذه المرة نظرا لما خلقته من نقاش بين مختلف الفعاليات الحاضرة حيث حملت عدة رسائل، بين مؤيد ومعارض وساخط ومتفرج أو مستمع فقط لصدى ما يجري في الكواليس، (وما أكثر الكواليس في المهرجان الوطني، وهي جزء من مكوناته، وليست بالضرورة سلبية كما قد يعتقد البعض إذ عادة ما يحيل الكثيرون كلمة "الكواليس" إلى كل ما هو سيئ وسلبي وتطغى عليه النميمة بينما قد تكون مفيدة بنقاشات ومعلومات وأخبار في السينما وحولها، غنية في تداولها، ومفيدة بمعرفتها مثل ما هو خارج الإطار في السينما (hors champ) الذي يكون أهم مما هو منظور ومرئي بشرط توفر على شروط معرفتها وكيفية تداولها وتصريفها خاصة بالنسبة للصحفي المهني المحترف).
اقتصرت جائزة النقد، في هذه الدورة، على جمعية واحدة وهي "جمعية نقاد السينما بالمغرب" التي منحت جائزتها لفيلم "هُمُ الكلاب" للمخرج هشام العسري، ونوهت بفيلم "وداعا كارمن" لمحمد أمين بنعمراوي بينما حجبت جائزة الفيلم القصير وهو ما أثار ضجة وتأويلات تقول بعضها أن قرار لجنة النقد هو تصفية حساب مع رئيس لجنة الانتقاء للأفلام القصيرة الذي كان هذه السنة هو محمد باكريم لإثبات عدم كفاءته، وذهبت بعض الأقوال إلى حد اعتبار اختياره كان يُحابي فيه أصدقاءه، وأن هناك أفلام جيدة أقصاها من المسابقة. ويقول الكثيرون بأنه مهما كان، ومهما أخطأ، لا ينبغي أن يُواجَه بنفس الخطأ والسقوط فيه، ويكون ذلك على حساب بعض الأفلام القصيرة الجيدة والجميلة التي شاركت في المهرجان والتي تستحق جائزة النقد لموقعها المعنوي خاصة وأن "جمعية نقاد السينما بالمغرب" لا تُقدم إلا جائزة واحدة للفيلم القصير. لم يتقبل المخرجون الشباب هذا الموقف السلبي منهم، الذي حكم عليهم جميعا بوضعهم في قفة واحدة، خاصة المشاركون في المسابقة الرسمية. إلا أن البعض الآخر صفق لقرار لجنة النقد ووافقها في الشكل والمضمون بدون تحفظ وكأنها – أي الجمعية – أعادت لهم الاعتبار. وبسبب هذه التداعيات، حاول بعض المنتمين للجمعية (لا تنتمي إلى الجمعية إلا نسبة قليلة من ممارسي النقد) التخفيف من حدة الصراع بأنه لم يكن هناك تصفية حساب ما مع أية جهة، وأن القرار يتحمله أعضاء لجنة التحكيم النقد وحدهم ولا ينبغي تحميل الجمعة تبعاته حيث تم تداول رأي رئيس الجمعية الذي يعبر عن عدم اتفاقه على قرار لجنته ومؤكدا في ذات الوقت على حقها بالنتيجة التي وصلت إليها بحجب جائزة الفيلم القصير.

كان المهرجان، في دورتيْه الأخيرتين، قد سمح بتوزيع جوائز أخرى للنقد. ففضلا للجمعية السالفة الذكر، كانت هناك أيضا "الجمعية المغربية للدراسات السينمائية"، التي ماتت في المهد بسبب محمد باكريم، والتي قدمت جائزتها مرة واحدة فقط ليعود باكريم نفسه بلجنة أخرى في السنة الماضية تمثل "مجلة" صدر منها عدد واحد فقط عوض جمعية ما، وهذا الموضوع يتطلب نصا مفصلا سنرجع إليه قريبا لتوضيح معطيات تاريخية بالدليل والبرهان معززة بالوثائق والأقوال، خاصة وأن المهتمين بالشأن السينمائي المغربي - خارج حدود البلاد - لهم نظرة مختلفة عن الواقع بسبب ما روجه محمد باكريم نفسه. فربما كان سيعود هذه السنة بجمعيته الجديدة التي أسسها مؤخرا... وهكذا دواليك...

وبسبب ما وقع حول الفيلم القصير، سواء التداعيات التي أسفرتها لجنة انتقاء الأفلام القصيرة أو حجب جائزة النقد عن الفيلم القصير بالمهرجان الوطني للسينما المغربية، فقد عشنا ما سماه أحد الأصدقاء بالأشواط الإضافية إذ بعد يومين فقط من اختتام المهرجان فكر بعض المخرجين الذين لم يشاركوا فيه تنظيم عروض سينمائية بالرباط واستدعاء أكبر عدد ممكن من المهتمين، وخاصة الذين واكبوا المهرجان، بغرض تقييم أفلامهم ومقارنتها بما عُرض في طنجة وكأننا لم نخرج من الأجواء نفسها، بنفس الأحاديث والكلام والمجاملات والكواليس. وأكرر ما سبق أن كتبته مرارا بكون المهرجان الوطني للسينما المغربية يبقى الحدث السينمائي الأبرز على الإطلاق في الساحة المغربية ولا تضاهيه تظاهرة أخرى مهما حاولت لأنه يُكثف السينما المغربية في الزمن والمكان بين عائلة واحدة. وحين تجتمع الأضداد مع بعضها في مساحة محددة يحصل الاحتكاك فينتج عناصر جديدة قد لا تكون منتظرة في العلم نفسه.

"وداعا طنجة"

أعود إلى عنوان النص وهو "وداعا طنجة" الذي شغلني كثيرا ووضع أمامي مجموعة من التساؤلات. لقد تضمن العدد الأخير من نشرة المهرجان، في نهاية فعالياته، والتي نشرت لائحة الجوائز بالعربية والفرنسية - بتاريخ الأحد 16 فبراير 2014 - فقرة قصيرة بالفرنسية وبعنوان إسباني "Adios Tanger" بمعنى "وداعا طنجة" حيث لم تكن هناك إشارة إلى لقاء بها في السنة المقبلة بقدر ما بقيت الدعوة مفتوحة للدورة المقبلة وكأنها آخر دورة تعرفها المدينة السينمائية. وكاتب تلك الفقرة هو محمد باكريم رغم أنه لم يوقعها حتى يتحمل مسؤوليته فيها. فأنا أعرف أسلوبه من بين ملايين النصوص حتى ولو حُذف إسمه منها. إن الدعوة لترحيل المهرجان من طنجة لم تتوقف إلى غاية أمس، ومازال البعض يرددها. فالعنوان هو إحالة ضمنية لترحيله خاصة وأن كاتب الفقرة كان قد ردد مع البعض نفس الأسطوانة لكن ب"صوت خفي" لأنه لا يملك الشجاعة للتعبير عنها علنية كعادته.

فإذا كان قد استعار الصيغة من عنوان فيلم "وداعا كارمن" فتلك مصيبة أعظم لأن الوداع في كارمن كان نهائيا وقطعيا ولم يلتق بها الطفل في ما بعد أبدا بعد مغادرتها المغرب حسب ما سمعنا من الصوت الخارجي في نهاية الفيلم. لكن نحن سنلتقي بالمهرجان الوطني في طنجة، لذا نقول لتلك المدينة "إلى اللقاء"، نعم "إلى اللقاء" في السنة المقبلة والسنوات القادمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. والمهرجان الوطني للسينما المغربية هو حاليا جزء من مكون المدينة ويرفض الرحيل والترحال. وأريد تذكير البعض من الغافلين الذين هم عن تفاصيل مهمة ساهون بأنه ليس المرة الأولى التي أنتقد فيها ممارسات محمد باكريم. فقد انتقدت في السنة الماضية (في نهاية الدورة 14) عثرة المهرجان حين عرض ما سماه باكريم "فيلم وثائقي" (نكتبها تجاوزا) عن زيارة المفكر والفيلسوف إدغار موران إلى طنجة قبل سنتين. يمكنكم العودة إليه في موقع الجزيرة الوثائقية وفي مواقع أخرى

وستعرف الدورة المقبلة تحولا جذريا إيجابيا في محتويات المهرجان حيث ستخضع الأفلام الطويلة بدورها للانتقاء كالأفلام القصيرة  للمشاركة في المسابقة الرسمية، وهو ما أكده المدير العام للمركز السينمائي المغربي السيد نور الدين الصايل في ندوته السنوية حول الحصيلة السينمائية. وسيتم الاحتفاظ بالأفلام الأخرى ضمن عروض البانوراما ما دام الإنتاج يعرف تصاعدا سنويا قد يصل إلى 30 فيلما في السنة. وخلق أنشطة داعمة للترويج السينمائي مع تزايد عدد الضيوف الأجانب. وستعرف طنجة، في السنة الجارية، في شتمبر 2014، افتتاح المركب السينمائي "ميغاراما" بقاعاته المتعددة إذ يتضمن المركب الجديد 8 قاعات والتي ستتنفس فيها أفلام المهرجان بالتأكيد. وستعطي للساكنة، التي تشتكي من عدم إمكانها ولوج القاعات، إمكانية متابعة أفلام المهرجان

وبحكم علاقتي الوطيدة والحميمة مع سكان طنجة ومثقفيها الذين أعرفهم عن قُرب وأعايشهم خلال السنة كلها فقد جمعتُ كثير من ملاحظاتهم واقتراحاتهم ومؤاخذاتهم وهي في مجملها سديدة وبناءة التي سأعمل على صياغتها في نص يلخص أهمها حتى يرتبط المهرجان أكثر بمحيطه المحلي. إن بعض الموظفين يسيئون لسمعة المركز السينمائي المغربي بممارسات مجانية يمكن التغلب عليها ببساطة وبقليل من الذكاء.  

"إلى اللقاء طنجة" في الدورة المقبلة بزينة جديدة وأفق أجمل ورؤية مستقبلية متنورة التي ظهرت بوادرها هذه السنة بالتأقلم مع التطور الحديث للسينما متمثلا في الرقمنة عبرت عنه في محتوياته بدء بالملصق والكتيب والعروض في الخزانة السينمائية المُجهزة بأحدث آلات العرض.

الجزيرة الوثائقية في

20.02.2014

 
 

الفيلم الوثائقي "رائحة الثورة"

أمير العمري- برلين 

أول ما يسترعي الانتباه في هذا الفيلم الوثائقي الطويل (98 دقيقة) الذي عرض في مهرجان برلين السينمائي في دورته الرابعة والستين التي اختتمت مؤخرا، عنوانه الغريب باللغة العربية، وهو "أريج".. فالكلمة- أولا- غير متداولة كثيرا بين الناطقين العربية، وثانيا لا يعبر العنوان عن الفيلم ولا عن موضوعه، إذا افترضنا أن هناك موضوعا واحدا لهذا الفيلم. أما العنوان الذي اختارته مخرجة الفيلم: المصرية- الألمانية فيولا شفيق، وهو "رائحة الثورة" هو أيضا عنوان مفتعل، فالفيلم ليس عن الثورة المصرية التي انفجرت في 25 يناير 2011 أي أن العنوان مضلل للمتفرج الذي يؤهل نفسه- من البداية- لمشاهدة فيلم وثائقي جديد عن الثورة من زاوية مختلفة.

إن مشاهد الثورة في الفيلم لا تتجاوز نصف دقيقة، وهي لقطات مأخوذة مما عرضته بعض قنوات التليفزيون للمشهد الشهير للحشد الكبير فوق جسر قصر النيل. وبعد ذلك يأتينا صوت المخرجة نفسها من وراء الكاميرا في تعليق طويل، يظهر ويختفي ليظهر مجددا عبر الفيلم كله. ويقول التعليق في البداية إن المخرجة لم تكن تعتزم أن يكون هذا الذي سنشاهده هو موضوع فيلمها، بل كانت ستتخذ مسارا آخر لولا أن الثورة وقعت فغيرت شكل ومضمون فيلمها. هذا ما فهمناه من التعليق. أما ما لم نفهمه وبدا ملتبسا بدرجة كبيرة، فهو كيف يمكن أن يحمل فيلم ما عنوان "رائحة الثورة" في حين أنه لا علاقة له حتى بما يمكن أن نطلق عليه إرهاصات الثورة!؟
يفتقد فيلم "أريج" على نحو واضح، لما يعرف في الفن عموما، بـ"وحدة الموضوع"، أي أن من الصعب التحدث هنا عن "موضوع" ما، محدد المعالم يدور حوله البحث التوثيقي أو الوثائقي للمخرجة التي عرفت كباحثة جيدة، فالواضح أن هناك درجة كبيرة من التشتت الفكري، فهي تنتقل بين أربعة مواضيع وقضايا تراها هي- وهي فقط طبقا لقناعاتها الخاصة التي لا تتضح لنا- تعكس صورة لما بدا في الأفق أنه سيتحول من حالة غضب إلى ثورة عارمة، في حين أن ما تصوره كان يمكن أن نراه في فيلم تسجيلي قبل أو بعد الثورة، لا فرق!

الفكرة قد تكون جيدة من الناحية النظرية، أما في الحقيقة وعلى الشاشة فهناك تشتت واضح وانعدام لأي شكل من اشكال البناء السينمائي. ولكن ما هي القصة التي يرويها الفيلم؟ وأرجو أن يكون واضحا أن أي عمل تسجيلي يجب أن يتضمن "قصة ما" فما هي قصة فيلم "أريج"؟

هناك عدد من القصص المتنافرة التي لا علاقة لها ببعضها البعض، منها أولا القصة التي تتناول بوضوح وبشكل مؤثر، تدهور البنية المعمارية التراثية في مدينة الأقصر الأثرية الواقعة في جنوب مصر والتي تعتبر من اكثر المقاصد السياحية في العالم رواجا، أو كانت تعتبر كذلك، قبل أن تتعرض لعملية "إغتيال" منظمة من جانب السلطات كما تكشف فيولا شفيق في هذا الجزء الأول من فيلمها.

وتتمثل عملية الاغتيال كما يشرح بطل القصة الناشط القبطي الذي يظهر في الفيلم وكذلك رجل آخر قبطي هو صفوت سمعان، يمتلك مجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية التي تسجل مراحل تاريخ المدينة منذ بدأت زيارات الرحالة الأروبيين للأقصر في ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى اليوم.

في هذا الجزء الكثير من الحنين إلى الماضي، إلى ما قبل حركة ضباط الجيش في 1952، وخصوصا عندما يتطرق الحديث إلى أحد الباشاوات (ليس بالمصادفة أنه قبطي أيضا) كان يمتلك قصرا رائع التصميم والجمال يقع على النيل مباشرة، وكان يستضيف الأمراء والملوك وكبار الزائرين من بلدان العالم المختلفة (ملكة هولندا اليزابيث بشكل خاص) كما يستعرض الفيلم من خلال الصور الفوتوغرافية النادرة له مع تلك الشخصيات، إلا أن السلطات قامت أخيرا بازالة هذا القصر الذي يعد من التراث المعماري للمدينة، مع غيره من المنازل، أرغمت الكثير من الناس، خصوصا الفقراء على الخروج من منازلهم دون أن تدفع لهم التعويضات المناسبة، وهو ما يردده الكثير من سكان المدينة. والهدف: تمهيد المنطقة لاقامة مشروع سياحي يطلق عليه "مثلث الأقصر السياحي" أسندت السلطات اقامته إلى عدد من الاحتكارات الأجنبية، باعت لهم الأرض بأسعار منخفضة كثيرا عن سعرها الحقيقي، الأمر الذي يشي بوجود فساد واضح.
يحتج ناشط قبطي آخر هو فرانسيس محارب على وصفه بالقبطي ويصر على أنه يعتبر نفسه ناشطا من أبناء المدينة للدفاع عن حقوق السكان جميعا بغض النظر عن ديانتهم وانتماءاتهم.. وهو متقاعد كمهندس ولكنه يعمل الآن في مجال الدراسات الاجتماعية. لكن المشكلة أن الفيلم ينحرف هنا فجأة عن الموضوع الأولى لكي يتطرق إلى ما تعرض له عدد من الأقباط من حرق لمنازلهم أو كنائسهم في المدينة أو بعض المناطق المحيطة بها، وهو ما يخرج الفيلم عما بدأه وإن كان يبدو مبررا داخل ذلك الاطار "النظري" الذي تتبناه المخرجة فرضه، باعتبار أن ما نشاهده جزء من إرهاصات الثورة.

كان من الممكن أن يكون موضوع الفيلم هو ما يحدث في الأقصر من انحرافات وتدمير لطبيعة المدينة بما يضر بمصلحة البلاد (هناك الكثير من الاتهامات الموجهة هنا إلى المحافظ الأسبق للأقصر) إلا أن فيولا شفيق أرادت أن تمد فيلمها وتفتحه في اتجاه آخر فاختارت أن تتحول باهتمامها الى الكاتب علاء الديب، وهو أديب وقاص من جيل الستينيات، لكي يتحدث عن تجربته في العمل السياسي سواء في صفوف اليسار أو بعد ذلك عندما أصبح جزءا مما عرف بـ"التنظيم الاشتراكي الطليعي" في عهد جمال عبد الناصر. هنا يوجه الديب الكثير من النقد الذاتي له ولأبناء جيله دون أن يحرمهم من الحلم الذي كانوا يحلمون بتحقيقه من أجل رؤية مصر بلدا متقدما.

يتطرق علاء الديب إلى الثورة التي وقعت في يناير 2011، ويشيد بدور الشباب فيها، ويقدم نقدا لمسارها كما لدور الطبقة الوسطى.. وخلال هذا يمتزج الحديث بالسياسة بالحديث عن بعض أعماله الأدبية، وخصوصا الرواية القصيرة "زهر الليمون" التي تراها المخرجة معبرة أكثر عن رؤية كاتبها الناقدة للذات.. للطبقة الوسطى التي يصفها هو بأنها "صاحبة أكبر إنجازات وأفظع جرائم، صاحبة الحل و الربط وقليلة الحيلة، صاحبة المثل العليا والقيم المزيفة، الخائنة النبيلة، صانعة العدسات الوحيدة التي أرى بها الواقع والمصير".

لكن علاء الديب (75 سنة) لم يكن أفضل خيار أمام المخرجة، أولا لأنه في حالة صحية من الواضح أنها لا تجعله يقدر على الحديث بشكل طبيعي فيه من الطلاقة بقدر ما فيه من السلاسة، بل كثيرا ما يتلعثم ويتوقف حائرا، كما أن لقطات "الكلوز أب" أي اللقطات القريبة التي تحصر وجهه في الكاميرا، لم تكن مناسبة تماما. ولا نفهم بالضبط ما الذي تريد المخرجة اثباته من خلال حديث علاء الديب المتفرع في التاريخ والأدب والماضي والحاضر والثورة والطبقة الوسطى؟!

وكان يمكن أن يكون هذا الجزء في حد ذاته أساسا لفيلم من نوع "البورتريه" المعروف لشخصية من الشخصيات الفنية أو الأدبية التي أثرت حياتنا، أما أن يكون جزءا من فيلم يزعم أنه يتحدث عن "رائحة الثورة" فأمر يدعو للتساؤل: لماذا الديب وليس أي أديب او كاتب آخر مثلا!

ومن أغرب ما يمكن تخيله أن تتجه فيولا شفيق أيضا الى ادخال قصة رابعة تدور حول فتاة شابة في العشرينيات من عمرها، محجبة، تعمل مصممة جرافيك للكومبيوتر والانترنت، قامت بتصميم برنامج للترويج لمشروع يتولى تعريف العالم الخارجي بالإسلام وبتقاليد ومناسك الاسلام (الوضوء والصلاة والحج.. إلخ).. وتتوقف المخرجة طويلا أمام هذا النموذج التي ترى أنه لفتاة تتشبث بالدين والتراث، وفي الوقت نفسه تتعامل بشكل عصري مع التكنولوجيا الحديثة، وتصمم برنامجا آخر تطلق عليه "الحياة الثانية" وهو فضاء افتراضي يتيح للمستخدم الفرصة لأن يخلق عالما آخر موازيا لا علاقة له بعالمه الحقيقي. وقد بدا هذا الجزء من فيلم "أريج" الأكثر ضعفا بسبب تفرعه في أمور لا تهم المتفرج بل ولا تثير اهتمام أحد خصوصا أنه لا يتم ربطه بأي شكل، بفكرة "الثورة"!

تكمن المشكلة الأساسية في فيلم "أريج" في أن مخرجته تريد ان تصنع فيلما عن الثورة، لكنها لا ترغب في تكرار الحديث عن مكونات الثورة أو عناصرها وما حدث في ميدان التحرير، بل أرادت أن تقدم رؤية فلسفية لما يكمن وراء الثورة إلا أنها، انساقت من حيث لا تدري ربما، وراء البحث في قضايا أخرى قد تستحق تناولها في أفلام مستقلة تماما، فلم تنجح في إشباع موضوعها الأصلي، ولا في تحقيق التوازن بين الأجزاء المختلفة لفيلمها، خاصة وانها لجأت للانتقال من شخصية إلى أخرى في سياق مشتت أفقد الفيلم إيقاعه وجعله يبدو مترهلا مليئا بالثرثرة، فقيرا في الصورة بشكل واضح.

الجزيرة الوثائقية في

20.02.2014

 
 

أول مرة فى الأستديو..

حكاية لقطة طولها 30 ثانية!

محمود عبد الشكور 

أول مرة دخلت فيها استديو تصوير سينمائى لها حكاية.

كنا فى نهاية الثمانينات، وكنت وقتها صحفياً مبتدئأ، طلب مسؤول مكتب الصحيفة العربية التى أعمل بها حواراً مع النجم كمال الشناوى، كنت متخصصاً تقريباً فى السياسة، ولابأس من حوارات أدبية، ولكنى كنت معروفاً أيضاً بأننى من الذين ندهتهم نداهة الأفلام، أتحدث طوال الوقت عن الأفلام العربية والأجنبية، داخل وخارج العمل، ربما يكون ذلك سبب الترشيح، توقعت أن يرفض النجم الكبير، فقد كان مشغولا باستمرار، عاد من جديد ليكون بطلا فى أفلام سينمائية، تصدّر اسمه الأفيشات، بعد غياب طويل، ولكن كمال الشناوى وافق على الفور، جاءنى صوته المميز عبر التليفون: "طيب أنا دلوقتى باصوّر فيلم فى استديو الأهرام .. ممكن تجينى هناك الساعة خمسة النهاردة؟".

صوت هادئ وآسر فى تواضعه وشياكته، لم يكتف بذلك، ولكنه أخذ يصف لى بدقة مكان الأستديو، الذى لم أكن أعرف عنه سوى أنه فى شارع الهرم، فى الخامسة إلا ربعاً كنت أمام الباب، تلفّتّ خلفى، فوجدت كمال الشناوى نازلا من سيارته، مرتديا قميصا مزركشا بكل الألوان تقريبا، وبنطلونا أبيض، كان الهواء قد أطاح بشعره، فأخذ يعيد تسويته بأصابعه، ثم نزل خلفه مساعده يحمل جاكيت البدلة البيضاء، وبقية ملابسه.

صافحنى بابتسامته الشهيرة، وطلب أن يكون الحوار وسط الإستراحة، لكى أسأل براحتى، ويجيب هو بمزاج، واقترح أن أستغل الوقت فى مشاهدة التصوير، بينى وبينكم أنا لما دخلت الأستديو، نسيت الحوار أصلاً ، اعتبرتها فرصة عظيمة لكى أرى السينما فى البلاتوه، وليس فى قاعة العرض كما تعودت، دخل كمال الشناوى الى حجرة الماكياج، تركت معه زميلى المصور، وانطلقت مستكشفاً فى سعادة.

أتذكر جيداً أن أحد البلاتوهات كان مشغولاً بتصوير فيلم "حنفى الأبهة" لعادل إمام، ولكن يبدو أن حادثة ما أوقفت التصوير، كان المخرج محمد عبد العزيز يهرول خارجاً، وخلفه عسكرى يمسك بيده المصابه، ويحيط يالعسكرى اثنان من العساكر، سألت عن تفسير للمشهد الغريب، فأخبرنى  أحد العاملين، أن أحد الكومبارس جرح يده  جرحا بالغا أثناء التصوير، ربما بسبب كوب زجاجى، وأنهم سيُجرون له الإسعافات اللازمة، لم يكونوا عساكر، ولكنهم كومبارسات فى الزى الميرى.

فى بلاتوه الفيلم الذى كان يشارك فيه كمال الشناوى، كانت هناك عربة قطار كاملة الأوصاف، الفيلم بعنوان "موعد مع الرئيس"، ومن إخراج محمد راضى، أطفأوا الكشافات الضخمة انتظارا للممثلين، فجأة تم خلع أحد جوانب العربة بسهولة لكى يتمكن مدير التصوير ماهر راضى من مد القضبان أمامها، ظهرت فى الداخل كل تفاصيل عربة قطار الدرجة الأولى الفاخرة، كانت مجرد ديكور متقن الصنع وعملى أيضاً ليناسب حركة الكاميرا، تم وضع الكاميرا على عربة لتتحرك على القضبان، كان ماهر راضى يجرّب أكثر من مرة سهولة إنزلاق العربة التى يطلقون عليها اسم "الدوللى"، بعد قليل ظهر الممثل أسامة عباس أحد المشاركين فى المشهد، كان يتبادل الحوار مع السيد راضى الذى ظهر فى هيئة رثة، ومستندا على عكاز حسب الدور، كان قلقا بسبب الإنتظار الطويل.

بعد دقائق ظهر المخرج محمد راضى، أحببت له كثيرا فيلم "أبناء الصمت"،  عرفته بنفسى، كان شخصا ودوداً ولطيفا، وافق على أن يقوم المصور الفوتوغرافى للجريدة بالتقاط الصور أثناء البروفة، يفضل راضى أن يمارس عمله فى الأستديو بالبدلة الكاملة، ولكن بدون كرافتة، ظل يظهر ويختفى للإطئنان على جاهزية المشاركين فى المشهد الهام، وكانوا تقريبا معظم أبطال الفيلم.

- يللا يا جماعة .. سكوت .. اتفضل يا أستاذ كمال .. اتفضلوا يا أساتذة .. اطلعوا جوة العربية .. فين إلهام ؟ يا للا ياماما .. بروفة .. سكوت ..

كان ذلك صوت المخرج من جديد، أدهشتنى قوة نبراته، وهو الذى كان يهمس فى أذنى منذ قليل، ظهرت بطلة الفيلم إلهام شاهين، قالت وهى تبتسم : "جاهزة يا أستاذ"، تبادل محمد راضى كلمات هامسة مع مدير التصوير ماهر راضى،  أضيئت الكشافات داخل العربة، كان واضحاً أن المخرج  يطمئن  أيضاً على حركة الكاميرا المطلوبة، فورا بدأت أول بروفة، اللقطة بحوارها وبحركة الكاميرا ولكن دون تصوير فعلى.

كان المشهد يبدأ بحوار حاد بين الركاب، فجأة يخرج أحدهم مسدسا يهدد به، يزيد الجدل، فتنطلق رصاصة، يعقبها صراخ من الجميع، ثم يختبئون وراء المقاعد، "سكوت ..بروفة"، بدأ الحوار، قال كمال الشناوى جملته، ظهر المسدس، انطلقت الرصاصة، تحركت الكاميرا الى الأمام (دوللى إن سريع)، صرخ محمد راضى : "كويس أوى .. كمان مرة ".

عرفت فيما بعد أن راضى دقيق جدا فى عمله، يريد كل شئ كما أراده بالضبط، ولذلك تكررت البروفات بدون تصوير ست أو سبع مرات، فى إحدى المرات كان الممثلون يصرخون، ليس بسبب صوت الرصاص، ولكن بسبب الإجهاد من التكرار، بعضهم ذهب من جديد الى حجرة الماكياج، الكشافات تنشأ عنها حرارة رهيبة، أصر راضى على مواصلة البروفات بدون تصوير، ربما كان أفضل ما اكتشفته رغم ملل التكرار، أن كمال الشناوى كان يكرر عبارة واحدة، ولكنه قام بأدائها ست أو سبع مرات بطريقة مختلفة، فى كل مرة يضغط على كلمة معينة، أو يبتكر تقطيعا جديدا، كان راضى سعيدا بذلك، ولم يكن الشناوى متبرما أبدا بالإعادات، هناك رصيد هائل من الخبرة وراء هذا الأداء، قال لى فى أثناء الحوار معه ، إن عينه كانت دائما على الممثلين الأجانب، ذلك الأداء الهادئ الخالى من الإنفعالات والحركات المسرحية، لم يقلد أحدا، ولكنه قرر أن يكون أداءه سينمائيا، يعتمد على الإنفعال الداخلى، وعلى الصوت الهادئ المهموس.

قرر المخرج أخيرا أن تكون اللقطة القادمة للتصوير الفعلى، سمعته يقول لمدير التصوير: " ده التكوين اللى أنا عايزه .. الوشوش كتيرة .. بس كلها فى مكانها"،   وأضاف مخاطبا الممثلين:" بعد الرصاصة.. وبعد ما تستخبوا ورا المقاعد .. ماهر ح ياخد رياكشنات كلوزات ورا بعض .. رعب وفزع وصراخ" ، ثم هتف راضى من جديد: " يلا .. سكوت .. نوّر .. سكوت .. ح نصوّر  .. دوّر .. أكشن ".

بدأ التصوير، اجتهد الممثلون لكى ينتهوا من المشهد، بعد انتهاء اللقطة بالصراخ، انطلق المصور لأخذ لقطات رد الفعل  القريبة على الوجوه الخائفة من الرصاص ومن الإعادة معاً، لم ينقذهم إلا صوت محمد راضى :"استوب .. هايل".

انتهت اللقطة، أجريت الحوار الطويل الذى نشر على صفحة كاملة مع كمال الشناوى، وهو الحوار الوحيد لى مع نجم سينمائى، كان سعيدا بإنجاز اللقطة رغم إجهاده الشديد، عندما شاهدت الفيلم، اكتشفت أن زمن اللقطة العصيبة على الشاشة لم يزد على 30 ثانية فقط. كان يوما رائعاً بالنسبة لى داخل الأستديو  لأول مرة .. هنا مصنع الأفلام .. هنا مصنع الأحلام الشاقة.

عين على السينما في

20.02.2014

 
 

المخرجة نادين خان تغيب عن ندوة "هرج مرج" بسبب رحيل المخرج محمد رمضان

كتبت صفاء عبد الرازق 

بدأت ندوة فيلم "هرج ومرج" أمس الأربعاء، بقاعة سينما مركز الإبداع الفنى، بالوقوف دقيقة حدادا على رحيل المخرج محمد رمضان، وغابت عن العرض المخرجة نادين خان بسبب حزنها الشديد على الحادث الأليم.

ومن جانبها، قالت الناقدة السينمائية صفاء الليثى، إنه لأول مرة يكون الاختيار الأسهل فى فرز الأفلام التى يتم عرضها ضمن مهرجان جمعية الفيلم، قائلة: تحدثنا كثيراً عن الحارة المصرية إلى أن خرج علينا المخرج داود عبد السيد من سيطرة فكرة الحارة وأصبحت تتلاشى فى شكلها التقليدى، إلى أن جاءت نادين بفيلمه "هرج ومرج" بشكل جديد وحقيقى لشكل الحارة المصرية.
وأكدت أن المخرجة كانت حريصة على ظهور المجتمع فى تناول أزمة الأنابيب والمآكل والمشرب، وتسليط الضوء على العلاقات المتوترة بين الذكور والإناث، مشيرة إلى أن "هرج ومرج" كان حريص على ظهور المجتمع بشكل كامل متكامل من خلال حالات الفرح والحزن.

وأوضحت أن ما يميز "هرج ومرج" وجود الإذاعة المحلية فى العمل مثل وجود الأغانى ما بين المشهد والمشهد لعبر عن حالة مزاجية معينة، أو السؤال عن شىء مفقود من خلال شخص متوالى مسئولية الإذاعة.

وقال عصام على مهندس ديكور الفيلم فى البداية، "كانت نادين لديها فكرة وهى كيف نعمل على تبسيط العمل، والحمد الله نجحنا فى توصيل الفكرة من إنشاء ديكور خاص بالفيلم ووجود المجاميع فى موقع التصوير لمدة شهر"، مضيفا أن الفكرة كانت تندرج فى المأكل والمشرب وعدم وجود قوانين فى هذا المجتمع، مؤكداً أن أكثر شىء كان مؤثرا على نادين هى المخيمات الفلسطينية.
وقالت صفاء الليثى إن عبقرية المخرجة نادين خان كانت فى إمكانية تحريك المجاميع بشكل مذهل ورائع، موضحة أنه لأول مرة مخرجة فى بداية أعمالها تستطيع أن تتعامل مع المجاميع فى هذا الشكل، مشيرة إلى أن الفنانة آيتن عامر كانت مختلفة فى الدور، أيضا رمزى لينر كان مبدع فى الأداء من خلال شخصية "المسطول" المتاحة دائما فى بعض المناطق العشوائية، أما محمد فراج فلم يخرج من عباءة محمد فراج فى أعماله السابقة.

اليوم السابع المصرية في

20.02.2014

 
 

غياب التنسيق فى اجتماعات السينمائيين بالحكومة يبدد جهود حل أزمة السينما

كتبت - أسماء مأمون 

أدى غياب التنسيق بين غرفة صناعة السينما واتحاد النقابات الفنية، إلى تشتيت جهود الحكومة فى حل أزمة صناعة السينما، حيث كشف الاجتماع الوزارى الأخير برئاسة حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، مع ممثلى غرفة صناعة السينما من أجل دراسة المشاكل التى تواجه صناعة السينما فى مصر ومقترحات علاج تلك المشكلات وسبل تطويرها، عن غياب واضح للتنسيق بين الجهات المعنية.

وبرز ضعف التنسيق فى النتائج المشابهة التى خلص إليها اجتماع رئيس الوزراء مع غرفة الصناعة مؤخرا ونتائج الاجتماع الذى عقده هانى مهنى، رئيس اتحاد النقابات الفنية، مع وزير الثقافة محمد صابر عرب فى مطلع العام الجارى، حيث أسفر الاجتماعان عن الموافقة من حيث المبدأ على التعديل التشريعى للمادة 181 من قانون رقم 82 لسنة 2002 الخاص بحماية حقوق الملكية الفكرية تطبيقا للمادة 69 من الدستور المعدل.

نتيجة اجتماع اتحاد النقابات دخلت حيز التنفيذ قبل عقد اجتماع رئيس الوزراء بشهر ونصف الشهر تقريبا، حيث تم تشكيل لجنة برئاسة وزير الثقافة محمد صابر عرب، ومكونة من الدكتورخالد عبدالجليل مستشار وزير الثقافة، لمتابعة تنفيذ التطبيق العملى للمادة 69 من خلال تعديل القانون، وقام الدكتور حسام لطفى بالفعل بوضع مشروع لتنفيذ المادة وقدمه للجنة، ومن المقرر مناقشة مقترحاته قريبًا.

وقال منيب الشافعى، رئيس غرفة صناعة السينما، بهذا الصدد «إن الاجتماع الوزارى الذى عُقد مؤخرا برئاسة رئيس الوزراء جاء استمرارا للاجتماعات التى كان يعقدها الدكتور زياد بهاء الدين وزير التعاون الدولى- الذى قدم استقالته مؤخرا- مع وزير الثقافة محمد صابر عرب وممثلى غرفة صناعة السينما، لتأكيد أن هذه الاجتماعات ستستمر بعد استقالة الدكتور زياد، وأن الحكومة لن تتوانى عن حل مشكلة السينما التى تمثل أهم الأدوات الناعمة لمصر».

ومن جانبه، قال هانى مهنى، رئيس اتحاد النقابات الفنية «إن غياب التنسيق أمر غير صحيح، ولكننا وغرفة السينما نسعى وراء نفس الهدف، ولكن كلا بطريقته ولا نتصارع أو تحاول أى جهة سحب البساط من الجهة الأخرى».

اليوم السابع المصرية في

20.02.2014

 
 

أنا فرانكنشتاين:

الملائكة والشياطين نزلوا على الأرض

حنان شومان 

ذهبت شابة صغيرة فى الثامنة عشرة من عمرها فى رحلة مع مجموعة من أصدقائها وخلال الرحلة قرر الأصدقاء إجراء مسابقة للتسلية فيما بينهم فكان التسابق على أى منهم سيستطيع سرد القصة الأكثر رعبا، وراح كل منهم يحكى قصة يصورها له خياله وأتى الليل عليهم ولم يكن دورها قد جاء، فناموا على أن يكملوا المنافسة فى اليوم التالى، نامت الفتاة وهى تفكر كيف يمكن أن تفوز فى المنافسة فحلمت بحلم أقرب للكابوس وصحت فى الصباح لتحكيه لأقرانها وربما تكون قد فازت بالمنافسة، ولكن المؤكد أن هذه الفتاة قد عكفت على كتابة تلك القصة فى رواية نُشرت وهى فى العشرين من عمرها أى بعد عامين من رحلتها مع الأصدقاء، والمؤكد أيضا أنها تحولت منذ ذلك التاريخ إلى واحدة من أهم وأشهر الروايات فى العالم وتحول اسم بطلها إلى رمز للشر.. تلك هى القصة الحقيقية لمارى شيلى الكاتبة الصغيرة الإنجليزية التى كتبت رواية فرانكشتاين عام 1818.

ومنذ ذلك التاريخ ولم تحظ شخصية خيالية بالشهرة ولا باستغلالها فى صناعة أفلام ومسرحيات ومسلسلات وأعمال كارتون كما حظيت شخصية فرانكشتاين، فقد تم تقديمها لأول مرة على المسرح فى لندن عام 1826 وصُنع أول فيلم مأخوذ عن الرواية بنفس العنوان عام 1910 وقدمتها هوليوود وبرودواى فى عشرات الأعمال منذ ذلك الحين كما تم تقديمها فى مسلسلات كثيرة، واعتبرها كثير من النقاد الرواية الرائدة الأولى فى مجال الخيال العلمى، والمثير أن كثيرا من العامة وحتى المثقفين يخلطون بين اسم فيكتور فرانكشتاين العالم الذى استطاع أن يخلق مسخا وبين المسخ الذى خلقه رغم أن الكاتبة لم تمنحه اسما فى روايتها.

«أنا فرانكشتاين» الذى يُعرض حاليا هو أحدث الأعمال السينمائية المأخوذة عن رواية مارى شيلى أو بالتحديد عن شخصية المسخ الذى خلقه فرانكشتاين، ولكن الفيلم يبدأ من نهاية أحداث القصة الأصلية حين يقتل المسخ زوجة وحبيبة صانعه فرانكشتاين ثم يهرب إلى القطب الشمالى ويتبعه خالقه فى محاولة لتدميره ولكن يقتله المسخ، وتمر مئتا عام على هذا الحادث ويبقى المسخ حيا فهو لا يهرم ثم تبدأ أحداث الفيلم المصور بتقنية الأبعاد الثلاثية تحكى عن صراع الملائكة والشياطين على المسخ الذى تطلق على الأرواح الطيبة اسم آدم لأنه الأول من نوعه ويتصارع الشر مع الخير حول آدم إلى أن ينحاز آدم للخير وأهله ليحمى بنى البشر من الشياطين وكبيرهم الذى يموت فى النهاية.

الفيلم من إخراج ستورت بيتى المخرج الأسترالى الذى قدم من قبل قراصنة الكاريبى وبطولة آرون إيكهارت وميراندا أوتو وبيل نايتى، ومأخوذ عن رواية جرافيك كتب أحداثها كيفين جريفوا.

وبدأ عرضه فى أمريكا وعالميا فى نهاية شهر يناير وإن كان الفيلم لم يحظ بنجاح ساحق فى السوق الأمريكى فربما يعود، أقول ربما، لأن الجمهور الأمريكى اعتاد على مشاهدة مسخ فرانكشتاين إما فى أفلام الرعب أو فى أفلام كوميدية وهو ما لاحظته من تعليقات على الإنترنت من قِبل المشاهدين الأمريكيين ولكن «أنا فرانكشتاين» ليس بفيلم رعب ولا بفيلم كوميدى ولكنه فيلم مغامرات يحمل تقنية بصرية مبهرة، وقد يكون ما يبهرنا كمصريين لا يبهر المشاهد الأمريكى، وعلى كل فنحن أمام فيلم يبعث الحياة فى مسخ فرانكشتاين بأبعاده الثلاث لنرى عالم الملائكة والشياطين وكيف يعيشوا على الأرض.

جوهر الحياة وصراعها وبقاء الإنسان فيها وحتى حسابه كل هذا يعود إلى صراع بين الخير والشر، ينتصر الشر أحياناً فى الحياة ولو مؤقتاً وتريحنا السينما حين تنتصر للخير حتى لو أننا كمشاهدين على يقين أن من يجلس إلى جوارنا فى دار العرض يمثل الشر، لكنها السينما وفنها الذى مهما تقدم وجلسنا نشاهده بنظارة ثلاثية الأبعاد ومهما تعددت موضوعاتها فإنها شكل من أشكال هذا الصراع وفيلم أنا فرانكشتاين أثارنا ولكنه أراحنا ولو مؤقتا لأن الخير قد انتصر.

اليوم السابع المصرية في

20.02.2014

 
 

106 دقائق من المغامرات بميزانية (50) مليون دولار

«بدون توقف»: ليام نيسون.. يحبس الأنفاس!

عبدالستار ناجي 

يذهب بعيدا.. من جديد، هكذا هو النجم الإيرلندي الشمالي ليام نيسون، والذين يعرفون هذا النجم، يعلمون جيدا بأن بداياته، اقترفت بعدد من الأعمال ذات البعد السياسي، بالذات، تلك التي تتناول قضايا الشعب الايرلندي، ولكن كل شيء تغير بعد تجربته في فيلم «لائحة شيندلر»مع ستيفن سبيلبرغ. وقبل أن تذهب بعيدا في الحديث عن هذا النجم، نتوقف عن فيلمه الجديد «بدون توقف»وهو أحدث نتاجات ستديوهات يونيفرسال بيكتشرز.

الفيلم كتبه جون. دبليو ريتشاردسون القادم من عالم التلفزيون، ومعه في الكتابة كريستوفر روش الذي شكل ثنائيا مع جون ريتشاردسون في أعمالهم التلفزيونية السابقة.

أما الإخراج، فقد أسند إلى المخرج الكاتلوني خيمة كوليت سييرا، وكان خيمة قد تعاون مع ليام نيسون في فيلم «غير المعروف»2011، وله ايضا افلام «اليتيمة»2009 و«منزل الفاشل»2005.

وهو مخرج يجيد حرفته، ويمتلك لغة سينمائية عالية المستوى بالذات في مفردات الرؤيا البصرية، وتنفيذ مفردات المغامرة، والمقدرة على المحافظة على الايقاع، وبالتالي حبس الأنفاس.

(106) دقائق عامرة بكل مفردات المغامرات والكوارث وفك الألغاز والشفرات والإحساس بالخوف، في خلطة سينمائية، تجمع كل شيء، المغامرة.. والرعب.. والكوارث.. وايضا حضور النجوم الكبار، من نجوم الشباب، وفي مقدمتهم ليام نيسون.

المحور الدرامي، يعتمد على حكاية بيل ماركس (ليام نيسون) الذي يقوم بدور مارشال في القوات الجوية، يقوم برحلة دورية، بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفوق المحيط الأطلسي، تصله رسالة على هاتفه (ذي الدائرة المغلقة) بأن هناك من سيقوم بقتل مسافر كل (20) دقيقة خلال تلك الرحلة التي ستمتد لست ساعات، مشترطا أن يوضع في حسابه (150) مليون دولار.

وتبدأ المغامرات، مع الإعلان عن أول قتيل في الطائرة.. ولكن الأحداث تبدأ بالتصاعد، خصوصا، حينما يتم اكتشاف أن الحساب الذي أعطي لتحويل الأموال عليه، مسجل باسم (بيل ماركس) وهو ذات الضابط الذي تصله الرسائل.. ويقوم عملية البحث عن ذلك المجرم.

وتتصاعد الأحداث ايضا، مع اكتشاف قنبلة على متن الطائرة.. وايضا ارتفاع الطائرة الى حاجز (40) الف قدم حيث جميع الركاب بلا أمان.. في تلك اللحظات.. التي تجبس أنفاس الركاب.. والجمهور.

في هذا الفيلم، لايزال ليام نيسون يمارس هوايته في أفلام المغامرات، حيث القفز.. والجري.. والضرب رغم أنه تجاوز الستين بعامين، ولايزال يتمتع بلياقة عالية، وتعود الى بداياته حيث كان رياضيا وملاكما.

قبل «لائحة شيندلر»1993، قدَّم ليام كما من الأفلام ذات البعد السياسي ومنها «تحت الاشتباه»1991 و«تقاطع الطرق»1990 و«الأم الطيبة»1988.

ولكنه وبعد «لائحة شيندلر»شارك في سلسلة أفلام «حرب النجوم»وسلسلة افلام «باتمان»ثم سلسلة أفلام «تيكن»و«الفريق اي»وغيرها من الأفلام التي رسخت حضوره كنجم مغامرات من الطراز الرفيع.

بدأ تصوير الفيلم، كما يقول الملف الصحافي الذي وزع مع الفيلم من ستديوهات يونيفرسال في 1 نوفمبر 2012 في نيويورك في ستديوهات (ماسبش كوينز) في مدينة نيويورك، حيث تم بناء مجسم الطائرة، ثم انتقل التصوير الى المشاهد الخارجية في مطار جون كينيدي 7 ديسمبر 2012، ومنه الى مطار مكارثر لونغ ايلاند، حتى انتهاء التصوير 29 يناير 2013 وهذا يعني سبعة اسابيع من العمل المتواصل، بما فيها عطلة رأس السنة الميلادية.

في الفيلم ايضا النجمة الأميركية، جوليان مور، والتي تبدأ أحداث الفيلم من خلال حوارها مع ليام الجالس الى جوارها، وهناك ايضا كل من الصبية السمراء، لوبيتا نيونجو (المرشحة للأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة هذا العام عن فيلم (عبد) 12 عاما).

في الفيلم شخصية عربية، هو د. فهيم ناصر الذي يجسده الممثل (عمر متولي) وهو من مواليد أميركا من أب مصري وأم هولندية، وقد درس عمر التاريخ في جامعة كاليفورنيا، بعدها حصل على الماجستير في فنون التمثيل، ومن أبرز افلامه فيلم «ميونيخ»مع ستيفن سبيلبرغ، وله العديد من الأعمال التلفزيونية، وهو من الفنانين ذوي الأصول العربية النشيطين في السينما والتلفزيون الأميركي، وهي دعوة لمشاهدة هذا النجم بدور بارز في فيلم يغزو صالات العالم في نهاية فبراير الحالي.

يبقى أن نقول.. ان حبس الأنفاس.. واللهاث وراء فك شفرات الفيلم يأتيان لتضاف الى قيمة هذا الفيلم الذي سيتحول الى احدى الكلاسيكيات في أفلام المغامرات.. ليس لشيء.. إلا لان نجمه هو ليام نيسون.

النهار الكويتية في

20.02.2014

 
 

فيلم «لا مؤاخذة».. قراءة متجددة لقضية الدين 

يذهب الفيلم العربي المصري «لا مؤاخذة» بعيدا في تصديه لموضوع الدين، بما يمثل منتجربة عالية المستوى في تعامل السينما العربية على وجه الخصوص مع هذا الموضوع الحاضر دائما.

حيث يعد فيلم «لا مؤاخذة»من الأفلام التي ترصد قضية شائكة وهي قضية الدين، ولكنها بطريقة مختلفة عما تعرضت لها أفلام من قبل. التأليف والاخراج لعمرو سلامة وهو ثالث أفلامه، والبطولة لكندة علوش «الأم»وأحمد داش «الطفل هاني».

يأخذنا الفيلم الى شخصية هاني عبد الله بيتر وهو طفل تنقلب حياته رأسا على عقب بعد وفاة والده، واكتشاف والدته انه ترك ديونا كثيرة، فتضطر لنقل ابنها الى مدرسة حكومية بعد أن كان في مدرسة خاصة ليواجه مأزق الاختلاف الطبقي الشاسع بين المدرستين، ويزداد الموقف تعقيدا عندما يضطر لعدم الكشف عن ديانته المسيحية والاستسلام لفكرة زملائه ومدرسيه الذين لم يلاحظوا اسمه كاملا وظنوا أنه مسلم.

اختار المؤلف عنوان الفيلم «لامؤاخذة»بمعنى هذا هو الواقع ولكن الشعور بالاحراج، وزملاء هاني بالمدرسة الحكومية لقبوه بهذا الاسم لانه ينطبق عليه تماما، نظرا لأنه ينتمي لطبقة اجتماعية مرفهة وسط تلاميذ فقراء لا يفهم لغتهم فعندما سألهم المدرس في أول يوم الدراسة عن وظيفة آبائهم، فرد كل تلميذ قبل مهنة أبيه (لا مؤاخذة) وكرر الشيء نفسه هاني وقال: لا مؤاخذة أبي مدير بنك.

يمتاز الفيلم بالجمع بين السخرية والهزل مثل وجود وصف الأقباط «بالعصمة الزرقاء»وجمعهم في فصل واحد ومشهد آخر هزلي عندما تخيل ان هناك مياها سكبت على رأسه عندما قال مدرس الفصل «الحمد لله كلنا مسلمون».. استخدم المخرج اسلوب الراوي «الفنان أحمد حلمي»وكأنه يروي قصة للأطفال ولكن سرعان ما كان يتخلى عنها في المشاهد الواقعية وركز على التمييز الطبقي من خلال منظومة التعليم المتدنية داخل المدارس الحكومية التي تؤدي بالتالي لعدم احترام الأديان الأخرى.

فنجد التلاميذ متشردين أما المدرسون فهم أكثر شراسة، فمثلا منهم مدرس يهدد الأطفال باستخدام السلاح الأبيض في حالات الشغب، بالاضافة الى ضعف مستواهم في تدريس المواد، حتى الناظر ضعيف الشخصية وليس صاحب قرار... نتيجة لاضطهاد التلاميذ لهاني تولد في شخصيته العنف فتعلم لعبة الجودو حتى يحمي نفسه من قسوة زملائه عليه وهنا حاول المخرج ان يطلق انذارا وهو ان العنف يولد العنف ويخلق شخصية غير سوية. فنجد اننا أمام نوعين من التمييز بالفيلم النوع الأول طبقي والثاني ديني.

قدم الطفل أحمد داش دوره باقتدار أما كندة علوش فتعتبر (ضيفة شرف) لأنها لم تظهر على الشاشة الا في مشاهد قليلة وغير مؤثرة في الأحداث. بذل المخرج مجهودا لكي يجمع تلاميذ في وقت واحد، فتركيزهم في الوقت ذاته جميعا صعب.. أما الأغاني والموسيقى التي قدمها هاني عادل كانت متماشية مع تسلسل الأحداث الديكور جاء ملائما تماما. نحن أمام نوعية جديدة، فهي لا تمثل حياة المسيحيين مثل فيلم «بحب السينما»أو النهايات السعيدة بين المسلمين والمسيحيين وتعانق الهلال والصليب مثل «حسن ومرقص»لذا ترك المخرج النهاية مفتوحة من خلال نظرات الطفلين المسلم والمسيحي لبعضهما.

لا مؤاخذة يحقق ثلاثة ملايين جنيه في أسبوعين

حقق فيلم لا مؤاخذة ايرادات وصلت الى 3 ملايين جنيه بعد 17 يوما من اطلاقه في دور العرض ومازال العرض مستمرا بعد مد فترة اجازة نصف العام وزيادة مساحة عرضه الى 38 شاشة حيث تعد الاجازة ثاني أنشط المواسم السينمائية في مصر بعد الموسم الصيفي.

العرض العالمي الأول للفيلم اقيم في افتتاح مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية قبل 3 أيام من اطلاقه تجاريا في دور العرض من خلال 32 شاشة عرض في 8 محافظات.

وبعد نجاحه في أسبوع عرضه الأول الذي حقق فيه ايرادات فاقت المليون جنيه تم عرضه في 35 شاشة. حيث وصل اجمالي ايراداته في نهاية اسبوع العرض الثاني الى 2.5 مليون جنيه بمتوسط ايرادات 37313 جنيهاً في الشاشة الواحدة اسبوعيا. وتقرر زيادة عدد شاشات عرضه الى 38 شاشة.

الفيلم اخراج وتأليف عمرو سلامة ويشارك في بطولته كندة علوش وهاني عادل مع أحمد داش الذي يقوم بدور الطفل هاني عبد الله بيتر الذي تنقلب حياته رأساً على عقب بعد وفاة والده

النهار الكويتية في

20.02.2014

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)