حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

القربي في أولى تجاربه السينمائية ''أزهار تيويليت''

ضـاويـة خـلـيـفـة - الـجـزائـر

 

المخرج التونسي ''وسيم القربي''، القادم من عالم النقد السينمائي، الشاب الذي أراد أن يكون جزءا من الصورة السينمائية، أراد الانتقال من النقد كممارسة و رؤية فنية للعمل إلى عالم الإخراج كمتعة و كتجربة متميزة لأي مبدع، و لهذا اختار أن تكون أولى عناقيده الإخراجية بفيلم صامت، كان لنا الحظ و الانفراد في الحصول على نسخة منه، لنكون السباقين في متابعة أحداثه التي استنطقت جمال الصحراء، ببساطة الأسلوب و جاذبية الطرح، و قرب الموضوع من الواقع التي تتداوله الأيام بصراعاتها و بإخفاقاتها و لنا أن نتعرف على تفاصيل العمل في هذا الحوار الذي جمع الناقد و المخرج التونسي ''وسيم القربي'' بالجزيرة الوثائقية.

·        ''وسيم القربي'' العاشق للفن السابع يقترب اليوم من ملامسة حلمه و يدخل عالم الإخراج الذي جدبه منذ الصبا ب''أزهار تيويليت''، كيف كان ذلك؟

بالفعل الإخراج كان الحلم الذي عملت لأجله و حلمت به دائما، فمنذ الصغر كنت مولعا بالسينما بما أنّ المدينة التي ولدت فيها كانت تشهد سنويا مهرجان الفنون التشكيلية والمهرجان الدولي لسينما الهواة بقليبية، كنت أحضر رفقة والدي لهذه الفعاليات، و دون أن أعي فعليا تجدني أرسم بتلك الألوان ما تجود به قريحة الصغر، أما في المهرجان السنوي لسينما الهواة فقد كنت أشاهد كل الأفلام في مسرح الهواء الطلق بقليبية، لا أذكر في الحقيقة الأفلام ولا السينمائيين الحاضرين حينها... غير أنّ ولعي بالفنّ جعلي أختار الدراسة في المعهد العالي للفنون الجميلة بنابل أين التحقت بشعبة السمعي البصري، أنجزت فيلما قصيرا بعنوان "روبافيكيا" وشاركت به في مهرجان سينما الهواة بقليبية سنة 2004، هذه التجربة علمتني صناعة الصورة وصعوبة هذا الميدان و إيصال رسائل سامية بأفكار قليلة و أسلوب فني جميل، لازلت أتذكر كيف كان يناديني زملائي في الجامعة "النوري" نسبة إلى المخرج التونسي النوري بوزيد، لأني كنت معلق كثيرا بالسينما، المهمّ أني شهدت أولى خطوات التكوين الأكاديمي السينمائي في الجامعة في تونس وتدرّبنا بما أتيح لنا من إمكانيات، حيث كان التكوين في ما مضى يعتمد أساسا على الممارسة الميدانية والتخرّج كتقني من المدارس الخاصة أو دراسة السينما في أوروبا (فرنسا، إيطاليا، وبلدان أوروبا الشرقية).

رحلاتي إلى المغرب جعلتني أتعرّف إلى شخصين أعتز بهما كثيرا وهما من جعلاني بطريقة أو بأخرى أصبح عاشقا للسينما بامتياز، و هما الناقد السينمائي الملتزم ''حميد اتباتو'' الذي علمني أبجديات النقد السينمائي والبحث العلمي، وكذا السيناريست ''نور الدين وحيد'' الذي أصرّ بتواضعه أن يدعمني لأنجز أولى أفلامي و الموسوم ب "أزهار تيويليت" الذي تأتى بعد جلسات نقاش، وهكذا بنينا السيناريو في المغرب، وقمت بإعادة صياغته حسب مناخ التصوير في موريتانيا.

السيناريو كان جاهزا منذ سنة 2009 وقمت ببحث شاق عن منتج تونسي، لكن دون جدوى، كنت عازما على التصوير لكنني اصطدمت بواقع مرير حيث لم أجد من يساعدني على الإنتاج سوى المخرج التونسي ''رضا الباهي'' الذي شجعني، ويومها أدركت أنه في تونس كما في بلدان أخرى نعاني من غياب سياسة إنتاج حقيقية، والإنتاج السينمائي في بلادنا يتوقف فقط على دعم وزارة الثقافة التي تتطلب بدورها انتظارا غير مضمونا، كما أنّ هذا القسم تحكمه العلاقات الشخصية، فحصص الدعم تذهب على قياس الوجوه لا على أساس الأعمال الجدية والجيدة، فمثل هذه التعاملات اللامسؤولة تأثر طبعا على الإنتاج السينمائي وعلى السينمائي بالدرجة الأولى الذي يقع ضحية مثل هذه التعاملات، و لهذا قررت أن أعتمد على إمكانياتي الخاصة لرغبتي الكبيرة في إنجاز العمل، وفعلا رب صدفة خير من ألف ميعاد، بمهرجان وهران للفيلم العربي كانت لي فرصة لقاء الأشقاء العرب منهم الموريتانيين ''سالم داندو' و ''عبد الرحمان أحمد سالم'' وهناك عقدنا جلسات عمل على هامش المهرجان رفقة مدير التصوير السعودي ''عوض الهمزاني'' حددنا حينها فترة التصوير، فكانت أرض الجزائر موعدا للقاء من جديد وانطلاق المشروع، ولا يفوتني بالمناسبة أن أشكر الزميلة و الإعلامية الجزائرية نبيلة رزايق التي شجعتني و كذا المصور الجزائري حمزة بوحارة.

·        يتجه الكثير من السينمائيين اليوم إلى التعاون مع الأجانب بحثا عن دعم و توزيع أفضل لعلمهم رغم فرض هؤلاء شروط تنقص من مصداقية العمل، لما اخترت أن يكون عملك عربيا خالصا ؟

حرقة العشق السينمائي هي التي جعلتني أسعى لإنتاج عمل عربي مشترك يجسد وحدتنا كعرب، انطلاقا من قناعة راسخة و إيمان كبير بأننا اليوم لا بد أن نجسد فكرة التوحد كي نلحق بسينما الغرب، التي تجاوزتنا بأشواط كبيرة ولم نستطع خلق توجه سينمائي نمتاز به على غرار السينما الغربية أو سينما أوروبا الشرقية أو السينما الإيرانية، فللأسف ليست لدينا هوية سينمائية بل نحن صورة ضائعة مهجنة نظرا لارتباطاتنا الإنتاجية مع الغرب وأخص بالذكر هنا فرنسا، فالمنتج الأجنبي يفرض علينا غاياته الإيديولوجية الخفية، و الكثير يقع فريستها طبعا، ومن هنا انطلقت بفكر أننا لم نستطع التوحد سياسيا لما لا نجرب تجسيد المشروع فنيا لعله ينجح، لأن نسبة النجاح فيه تكون أكبر لاسيما أن الإنتاج العربي المشترك اقتصر في أغلب الأحيان على دولتين على الأكثر، فأتمنى أن أرى عملا عربيا ضخما وأتمنى أن تكون هناك سياسات إنتاجية فعلية بعيدا عن القرارات والقوانين والإنجازات الزائفة للسينما المشتركة المطمورة في أرشيف وزارات الثقافة العربية، أنا فخور بتجربتي وأسعدني التعامل مع دار السينمائيين الموريتانيين بالرغم من قلة الإمكانيات، فيكفي أني وجدت ما كنت أبحث عنه جمالية الصورة، رغم الصعوبات المالية وضيق الوقت غير أن ذلك لم ينقص من عزيمتنا، ولم ينل من رغبتنا في تجسيد المشروع و انجاز فيلم يمهد لتعاملات فنية أخرى في المستقبل ... هي تجربة تعلمت منها الكثير سواء نجح الفيلم أم لم ينجح، فالأهم بالنسبة لنا هو أننا رفعنا التحدّي أمام كل هذه الظروف وبالرغم من أني ناقم على السياسة السينمائية في وطني وعلى الفقر الفني فإني تعلمت أنّ صناعة الصورة صعبة جدا وبالرغم من أنّ المتعارف عليه أنّ المال الأجنبي والعلاقات القائمة على رحي الدقيق والوراثة السينمائية هي التي تصنع المخرج، إلا أني أبيت إلا أن أقترض أموالا طائلة للمساهمة في فيلمي المهمّ بالنسبة لي أن أرى فيلمي بإيجابياته وسلبياته على الشاشة الكبيرة، و أن يصل إلى أبعد نقطة ممكنة ويشاهده أكبر عدد من الناس و أرى انطباعاتهم بعد العرض لأتعلم أكثر، و لأتأكد أنني الأمس قضاياهم و همومهم، و طموحي في أن أكون سينمائيا ناجح له وجود في جغرافية القارة السينمائية.

·        ''أزهار تيويليت'' هل هي أزهار حقيقة أم أنها من نسج خيالك ؟

نعم أزهار تيويليت هي أزهار خيالية لا وجود لها في الواقع، نسبتها إلى منطقة تيويليت الواقعة بموريتانيا، فعندما زرت تلك القرية رأيت أزهارا وفي الحقيقة هي ليست كذلك، بل شبهتها في مخيلتي بأشواك الحياة التي تموت لتولد من جديد، و يمكنني أن أسقطها على العراقيل اللامتناهية التي يجد المرء في حياته، و التي يجب علينا أن نتعلم منها كيف نجعل من الأشواك أزهارا، فرغم قسوة الحياة ، فان الإنسان خلق ووجد ليعيش، للإشارة كلمة '' تيويليت '' في الأصل هي كلمة أمازيغية.

·        طيب ما هو الموضوع الذي قدمه فيلمك القصير "أزهار تيويليت"، و ماذا عن مراحل و أماكن التصوير والتركيبة النصية و الفنية للعمل ؟

"أزهار تيويليت" فيلم قصير يروي في 13 دقيقة حطام الحياة، من خلال قصة زوج يعيش عقدا نفسية داخل مجتمع عربي، يقرر الهروب بزوجته إلى المجهول، بعد رحلة الضياع والتوهان يجدان كوخا لا يحمل أي أثر للحياة وبئرا في مكان قاحل، يقرران الاستقرار هناك من جديد، لتوفر المكان على الراحة والطمأنينة للزوج، بعيدا عن ضغط المدينة، و هنا يتفطّن الزوج لجمال قرينته التي تناساه طيلة الرحلة، وسرعان ما يعود الوئام من جديد بينهما وتخرج من ذلك الكوخ بنت وليدة تلك الحياة، وتلك البنت بدورها ستشهد مصير أمها... وهنا أحاول أن ألمح إلى قدر المرأة في المجتمع العربي، حاولت من خلال هذا الفيلم الصامت الذي لا توجد فيه سوى أصوات الطبيعة، تسليط الضوء على وضع المرأة العربية وسط هيمنة ذكورية، في حين أن قطرة ماء واحدة تكفي لبناء عش زوجي و حياة سعيدة بعيدا عن المال ومتاهات الحياة، لأن السعادة الحقيقية هي الوئام، رغم تواصل الهيمنة الذكورية داخل حطام الحياة، ربما هي نظرة تشاؤمية لكن...، في الحقيقة هو موضوع يشمل الثقافة العربية ككل وحاولت إدراج علامات وسيميائيات تشير إلى خصوصيات العرب، اخترت الصمت لكي يكون الفيلم حاملا للغة عالمية والصمت في الآن ذاته حداد على الحياة.

أما على مستوى الأسلوب اخترت أن أنتهج حكاية بسيطة، كانت قد أثرت في العديد من الأفلام الغربية والإيرانية خاصة على مستوى المرجعيات، بعيدا عن المشاهد المألوفة للسينما التونسية ومواضيعها التي تتكرر، فأنا أبحث عن سينما فكرية وفلسفة سينمائية متفرّدة، قد أوفق و قد لا أوفق، لأن هذه انطلاقة في رحلة بحثية عن ذاتي السينمائية، فالمهم أن أكون جربت، بينما التصوير تمّ في قرية "تيويليت" على بعد 70 كلم من العاصمة نواقشط، لحسن الحظ وجدت الدعم من الأهالي هناك بالإضافة إلى الطالب ''ولد سيدي'' و ''عيشتو ومنى''، الفيلم الآن جاهز وسيفتتح مهرجان الفيلم القصير بنواقشط للأفلام القصيرة في الفترة الممتدة من 23 أكتوبر إلى 29 من نفس الشهر، كما أني سأشارك به في العديد من المهرجانات العربية والأوروبية للتعريف بالبيئة العربية و المغاربية على وجه الخصوص و إظهار للغير أن الإنتاج العربي المشترك ليس مجرد حبر على ورق و إنما واقع جسد ببعض الإمكانيات وبكثير من الإرادة و التحدي، و سأشارك به قبل ذلك في الأيام السينمائية المغاربية الأولى المزمع عقدها في الفترة الممتدة من 24 سبتمبر إلى 01 أكتوبر بمدينة وهران الجزائرية، و كذا في مهرجان الفيلم الأمازيغي بأغادير بالمغرب من 26 سبتمبر إلى 30 من نفس الشهر.

·        فكرة الفيلم تشكلت نواتها الأولى بوهران وها هو الفيلم يعود في عرضه الأول للباهية، ومن النقاط الأكثر ايجابية التي حققها هو ان جمع سينمائيين من قلب المغرب العربي إلى أقصى الخليج ...

صحيح، فالسينما لغة عالمية و عالم راقي يجمع دائما بين السينمائيين أينما كانوا وعلى اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم، تعلمين ما يثلج صدري هو الدروس التي تعلمتها كسينمائي شاب أكثر من الفيلم في حدّ ذاته، ففي فترة السبعينيات كان من السهل أن تتاح لك الفرصة، اليوم وفي ظلّ توفر التقنيات الرقمية لا بدّ أن تُتيح لنفسك الفرصة، وبالتالي اليوم المسافات لم تعد بعيدة و لا يوجد مبرر لعدم خلق تعاون عربي مشترك، سعيد جدّا بنصائح السيناريست المغربي ''نور الدين وحيد''، ولنقدي ما قبل النقد من طرف الدكتور ''حميد اتباتو''، وسعادتي تزداد بالقيمة التي أضافها صديقي السينمائي الموريتاني ''عبد الرحمان أحمد سالم'' الذي ساعدني في الإخراج، فهو يعد من السينمائيين الكبار بموريتانيا فقد سبق وعمل مساعد مخرج للسينمائي الكبير ''عبد الرحمان سيساكو''، فأشكر المتواضع و العاشق للفن السابع ''عبد الرحمان سالم''، كما أنّ مشاركة الممثل الموريتاني ''سالم داندو'' في هذا العمل كانت فخرا لي، و بالتالي أيام التصوير السبعة كانت دروسا في حدّ ذاتها لي و لكل الفريق الذي عمل معي و استفاد من مختلف الخبرات، كما أنّ قدوم مدير التصوير السعودي ''عوض الهمزاني'' خصيصا و''محمد بن رمضان'' من تونس كان بمثابة السند الكبير لي، كلّ هذا يؤكد أنّ السينما هي عمل جماعي لا يعترف بالحدود الجغرافية أو الانتماءات السياسية أو الثقافية، ولا يمكن اعتبارها علاقات مهنية بقدر ما هي عشق لسينما محترفة، لكن دون حسابات جشعة لمن يعتقدون أنّ السينما هي وسيلة للربح السريع، لأن السينما أولا و قبل كل شيء هي فن راقي يرتقي بدوقنا إلى عالم الإبداع بفضل حديث الصورة، أما مرحلة ما بعد الإنتاج فقد تكلف بها زميلي في تونس ''رؤوف بالصغير'' الذي يمتلك شركة إنتاج وهو منتج شاب وطموح.

·        كيف كانت الإنتقالة من الممارسة النقدية إلى مدرسة الإخراج السينمائي و إلى أي مدى استفدت من تكوينك كناقد ؟

في الحقيقة أرى أنه يجب على المخرج أن يتعلم النقد أولا، فأنا درست السمعي البصري في مدرسة الفنون الجميلة وكان لا بدّ أن أختار المجال الذي يمكن أن أعطي فيه أكثر، حينها اخترت السينما، اخترت النقد السينمائي كباب إضافي لمهنتي الأصلية وهي تدريس السمعي البصري والسينما بالجامعة التونسية، فكنت مواكبا من خلال تأطيري للطلبة للعمل الميداني، هكذا كنت أجمع بين النقد والممارسة السينمائي، تحضيري لأطروحة الدكتوراه في السمعي البصري والسينما وحضوري في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية وكتاباتي في المجلات العربية والصحف التونسية جعلتني ناقدا، تمعنت جيّدا في الصورة السينمائية وحاولت توظيف تلك المكتسبات كمخرج واليوم أنتظر بدوري النقد فبدون نقد لا توجد سينما وبدون سينما لا يوجد نقد، وفي الحقيقة قلة الإمكانيات وسبل الإنتاج لم تمكنني من أن أتبع الإخراج، لهذا اتجهت إلى الممارسة النقدية لأن النقد مدرسة حقيقة، فهذا الفيلم تجربة لنوعية معينة من السينما، ويبقى أملي أن تتغيّر السياسة السينمائية القائمة على المحاباة والتي تبقى الإداريات صيغا للتبرير والإقصاء، السينما هي مجال صعب جدا لكن يهمني هذا الطريق لأن الصورة السينمائية تمثل جزءا مني وما يجمعنا هو العشق السينمائي والسينما الصادقة بعيدا عن تجار السينما في أرصفة شوارع الفكر، تونس شهدت أولى خطوات السينما مع فريق الأخوين لوميير والبرت شمامة شيكلي، وشهدت أول مهرجان عربي وإفريقي وهو مهرجان قليبية للسينمائيين الهواة وفي ما بعد أيام قرطاج السينمائية، واليوم لا بدّ من تفكير جدّي في بناء مشروع فكري يهتمّ بالسينما ويقطع مع عادات الماضي والبؤس الإبداعي وإهدار الأموال في أعمال لا ترتقي إلى المستوى وأخرى عشوائية، و بالتالي لا بدّ من إعطاء الفرصة للجيل الجديد وتحوير كلي لذهنية المتلقي، وعقلية السينمائيين واستثمار الكفاءات الشابة.

الجزيرة الوثائقية في

30/08/2012

 

 

النقد والسينما (غير) الهادفة وتوني سكوت

محمد رُضا 

لن يتوقّف كثيرون في النقد والثقافة السينمائيتين في العالم العربي عند وفاة المخرج توني سكوت. هو ليس برغمان أو أنطونيوني او ستانلي كوبريك. في الحقيقة حتى حين مات هؤلاء، استحضر قليلون ما لديهم قوله في هؤلاء واندثر الإهتمام بعد ذلك سريعاً، فما البال بمخرج لم يلد أعمالاً من القيمة نفسها؟

لكن هل ذلك سبب كاف للنفي؟ هل النقد حالة إختيارية أم حرفة يتساوى فيها الإهتمام بكل ما هو سينما؟ إذا كانت حالة إختيارية فالناتج عنها هو أقرب إلى التعليق الموسمي، أما إذا كانت حرفة، كما يجب أن تكون، فإن توني سكوت يتساوى وترنس مالك ليس في قيمة أعمالهما بل في ضرورة طرحه للبحث او تناول أفلامه حين تدعو الحاجة، والحاجة دعت هذا الأسبوع حينما رمى المخرج سكوت نفسه من على جسر ولقي حتفه.

توني سكوت هو الأخ الأصغر (بسنوات قليلة) لريدلي سكوت. كلاهما وردا من بريطانيا وحطّـا في هوليوود في السبعينات وكلاهما اشتغل في حقل الإعلانات أولاً، الحقل الذي كان عدد آخر من السينمائيين البريطانيين اشتغل فيه قبل أن يستأثر بالإهتمام حين تحوّل إلى ممارسة الفيلم الروائي الطويل مثل المنتج ديفيد بوتنام والمخرج ألان باركر.

?بعد فيلم روائي واحد في بلده، حمل عنوان «ذكرى محببة» سنة 1971، اتجه توني إلى نيويورك وأخذ يعمل في مجال الإعلانات والإخراج التلفزيوني. في العام 1977 قام شقيقه ريدلي سكوت بتحقيق أول أفلامه الروائية الطويلة «المتبارزان» مع كيث كارادين وهارفي كايتل. وسنحت الفرصة لريدلي بتحقيق فيلمين آخرين قبل أن يشمّر توني عن ساعديه ويقرر معاودة الكرّة والتحوّل إلى مخرج روائي منضم لجيش هوليوود من المخرجين. فيلما ريدلي كانا «غريب» Alien سنة 1979 و«بلايد رَنر» سنة 1982 وكلاهما من نوع الخيال العلمي. توني أمّ السينما الروائية الأميركية (أي بعد تجربته المنفردة في الفيلم البريطاني السابق) بفيلم كان من المفترض به أن يكون مرعباً، عنوانه «الجوع» مع كاثرين دينوف وسوزان ساراندون المنجذبة إليها في أكثر من شكل، كون دينوف مصّـاصة دماء لا تزال شابّة بعد مئات السنين على ولادتها. الفيلم لم يكن مخيفاً، وفكرة توني للإخراج كانت الإكثار من المراوح الكهربائية لكي تعبث بالستائر الصفراوية والأرجوانية التي في قصر الدماء ذاك.?

ستمر بضع سنوات قبل أن يعيد توني الكرّة في فيلم أراده إعلاناً لإعادة ولادته سينمائياً، وكان له ذلك بالفعل.

الفيلم هو «توب غن» (1986) مع توم كروز في البطولة لجانب شلّة من الممثلين الصاعدين آنذاك أكثرهم موهبة (وأقلّهم حظاً) غاري إلويس و?ال كيلمر. الثلاثة طيّارون متدرّبون على بهلوانيات السلاح الجوّي وكثير من الفيلم يمضي وهم يناؤون بعضهم بعضاً وسط مخاطر محسوبة. حقيقة الأمر أن إثنان منهما (كيلمر وكروز) كانا واقعين في حب فتاة واحدة (كما كان الحال مع أول فيلم نال الأوسكار في التاريخ وهو «أجنحة» لوليام ولمان الذي كان حول طيّارين حربيين يحبّان المرأة ذاتها). لكن في الخفاء يمكن قراءة ما هو مختلف: ذكور الفيلم يحبّون بعضهم البعض من باب الصداقة التي ترضي، أيضاً، المثليين. ففي طي المواقف وعلى قراءة نفسية لا تتطلب فرويد للقيام بها، يمكن تلمّس أن المنافسة بين الإثنين ثم بين الجميع تدّخر نصيباً كبيراً من سعي الكل لبزّ الآخر في الجاذبية وفي الدلالة على رجولته العاطفية ومهارته القيادية وكلها رسائل موجهّـة للصديق الآخر وليس فقط للحبيبة الحائرة.

صنع ذلك الفيلم نجاح كروز وعاد إليه توني سكوت لاحقاً بعدما كان كروز أصبح نجماً محسوباً وذلك سنة 1990 حين قدّمه في «أيام الرعد» مع زوجة المستقبل (وإلى حين) نيكول كيدمان. هنا، سباق السيارات أصبح بديلاً لسباق الطائرات، لكن النتيجة الفنية لا زالت خفيفة تقف وراء نتيجة صناعية واصطناعية هدفها تسويق كل العاملين إلى جمهور لا زال يبحث عن الوجوه الجميلة ذكوراً وإناثاً.
بين الفيلمين خاض المخرج فيلمين أحدهما أكثر جدّية عنوانه «إنتقام» مع أنطوني كوين وكَفن كوستنر في البطولة. هو مأخوذ عن رواية للكاتب البوليسي جيم هاريسون كان المخرج الراحل جون هيوستون رغب في تحويلها إلى فيلم ولم يمهله العمر لتحقيق رغبته. المشروع آل إلى وولتر هيل بعد ذلك ولم يستطع ضمان التمويل. بصراحة كلاهما أفضل خبرة وإنجازاً من توني سكوت. في هذا الفيلم برز التناقض الصارخ بينه وبين شقيقه ريدلي: ريدلي يستطيع أن يقرأ بين الأسطر ويسلّط الضوء على ما نسمّـيه بـ "لب الموضوع". توني يرى القصّـة من زاوية عرض الأحداث بطريقة استعراضية.

الفيلم الآخر كان «بيفرلي هيلز كوب 2» (مع إيدي مورفي) وهو الفيلم الوحيد لتوني الذي هو استكمال لجزء سابق (ولو كان قبل موته أعلن عن أنه سيحقق "توب غن 2"). هذا بوليسي خفيف يمزج الكوميديا بالمواقف البوليسية لكن قيادته لمورفي الذي كان يستطيع- آنذاك- إقالة توني سكوت من موقعه لو أراد.

بينما مضت الثمانينات وتوني يلوّن الأحداث بفرشاة من الاستعراضات الوامضة، كان شقيقه ريدلي أكثر اهتماماً بالنقش من التلوين. العقد ذاته شهد قيامه بإخراج فانتازيا تاريخية في «أسطورة» (1985) وولوج الفيلم البوليسي في «أحدهم ليحرسني» Someone To Watch Over Me سنة 1987 ثم «المطر الأسود» (تم تصويره في اليابان بعد عامين)، قبل الانتقال في مطلع التسعينات إلى انتصار فني أسمه «تلما ولويز».

توني تبع «أيام الرعد» بفيلم بوليسي فاشل بعنوان «آخر صبي كشّـاف» سنة 1991 وانتقل منه إلى تشويق عنيف بعنوان «رومانس حقيقي» (1993) الذي كتبه له المخرج كوينتين تارانتينو. معظم المعجبين بالفيلم انطلقوا من هذه النقطة لإبداء أسباب إعجابهم أما إخراج توني فوجد القليل ممن مدحه او صنّـفه ناجحاً.

توني حاول في منتصف التسعينات معالجة موضوع جاد بعيداً عن البهرجة وألعاب النيران وذلك حين تصدّى لإخراج «تيار قرمزي» متناولاً محاولة نائب قائد غوّاصة نووية إنقاذ العالم من مخاطر إقدام قائده المصاب بالمتهيآت على إطلاق قذيفة نووية على سفينة روسية يعتقد أن نواياها مهاجمته. جين هاكمان في دور القائد ودنزل واشنطن في دور نائبه وكان ذلك التعاون الأول من بين خمس مرّات بين توني ودنزل كما سنرى. لا بأس بالفيلم من حيث توتّـر أحداثه، ورغبة توني الفعلية في الارتفاع لمستوى من لديه مضموناً جادّاً يعرضه. لكن حسنات هذا الفيلم تلاشت في العام التالي (1996) عندما قدّم واحداً من أقل أفلامه حظوة بأي شيء هو «المعجب» (وسلي سنايبس لاعب بايسبول وروبرت دي نيرو يريده شريكاً في جريمة ثم قتله). بعد ذلك فيلم أفضل عنوانه «عدو الدولة(1998) مع ول سميث متّهم بما لم يرتكبه ومطارد من قبل سياسيين فاسدين (بينهم جين هاكمان أيضاً).

استهل توني العقد الأول من القرن الجديد بفيلم جيّـد آخر هو «لعبة جاسوسية» مع روبرت ردفورد، موظّـف المخابرات الأميركية الذي يكتشف أن أحد رجاله في الميدان (براد بت) آيل إلى التضحية به في تسوية سياسية مع الصين، فيتدخل لحماية رجله. شقيقه ريدلي أقدم لاحقاً على تحقيق فيلم حول السي آي أيه عنوانه «كيان من الأكاذيب» (2008) ترك وقعاً أفضل لأنه، مرّة أخرى، كان أكثر تركيزاً على جوهر القضية المطروحة.

الفيلم التالي لتوني كان «رجل مشتعل» او Man On Fire الذي كان اللقاء الثاني بينه وبين دنزل واشنطن. هنا مارس توني جنوحه صوب التفجيرات الكبيرة مستمتعاً بما تضفيه من ألوان وتحدثه من رهجة. لكن الفيلم بحد ذاته ليس رديئاً كحال الفيلم اللاحق «دومينو» (2005) الذي جاء فوضى غير منظّـمة طرح فيها حكاية فريق من صيـادي الجوائز (Bounty Hunters) يعملون لصالح القانون، نظرياً، وضده تطبيقياً. خرجت من ذلك الفيلم وتوجّهت إلى مكتبتي وشاهدت فيلماً أبسط وأفضل منه بكثير كان المخرج التلفزيوني باز كوليك أنجزه سنة 1980 تحت عنوان «الصيّـاد» وكان آخر فيلم قام الممثل ستيف ماكوين ببطولته قبل وفاته في العام نفسه عن خمسين سنة.

دنزل واشنطن عاد إلى إدارة توني سكوت مرّة ثالثة في «إعادة كرّة» او Dèja Vu سنة 2006 : أفضل شأنا من سابقه لكنه منسي حال الخروج منه. «خطف بلهام 123» سنة 2009 كان الفيلم الرابع بينهما، ودار حول موظّـف قطارات يتدخل لتنفيذ خطّـة تخليص رهائن من إرهابي أميركي (جون ترافولتا) احتجزهم لقاء فدية.

في فيلم توني سكوت الأخير «غير قابل للتوقّـف» شاهدنا التعاون الخامس مع دنزل: هذه المرّة سينقذ بطله قطاراً جانحاً ينطلق بسرعة كبيرة. الفيلم جيّد وأحد الأفلام التي أنقذت توني سكوت وأعادت الثقة به.

كما لوحظ هنا، لم ينجز توني أفلاماً رائعة، بل تراوح بين المعتدل بشدّة والجيّد. لذا لم يكن غريباً أن اتخذ منه النقاد الغربيون موقفاً مناوئ. بالنسبة إليهم، وكما هو الواقع فعلاً، سيبقى توني الأخ الأقل تأثيراً في ركاب السينما من شقيقه ريدلي.

الجزيرة الوثائقية في

30/08/2012

 

 

«مهرجان القاهرة السينمائي»..

من يُنظّمه؟ وماذا يحدث إذا بقيت عبد القادر مديرته؟

نديم جرجورة 

لم يخرج «مهرجان الـقاهرة السيــنمائي» من أزمته الراهنة. إلغاء الدورة السابقة (2011) ناتجٌ من قيام «ثورة 25 يناير»، وما تلاها من ارتباكات سياسية وأمنية واقتــصادية وثقافية. لكن مهتمّين به سعوا جاهدين إلى تنظيم دورة جديدة له، قيل إنها ستُقام بين 27 تشــرين الثــاني و6 كانون الأول 2012. هؤلاء المهتمّون هم أناس «متورّطون»، إيجابياً، بالهمّ السينمائي، وبمشروع ثقافي متكامل للسينما المــصرية، ولمهرجــان دولي يُقام في القاهــرة سنـوياً. هم أناس اجتــهدوا، منذ نحو عام، في إيجاد بنية مركزية راسخة للمهرجان، من خـلال تهيئة نحو 70 بالمئة من المتطلّـبات اللازمة لإقامة دورة جديدة، بمبلغ 600 ألف جنيه مصري.

«جمعية مهرجان القاهرة»، التي تكفّلت بتنظيم الدورة الجديدة، تواجه مأزقاً: تمّ إنشاؤها بهدف ترتيب «البيت الداخلي» لمهرجان شكّل، منذ تأسيسه في العام 1976، مساحة ثقافية وفنية عربية داخل مصر، وفي قلب المشهد العربي، قبل انكساره أمام التسطيح والتفريغ واللامبالاة، ثقافياً وسينمائياً، منذ أعوام عديدة. لكن «عدم» تسجيل الجمعية قانونياً، ألّب أناساً ضدها، دافعين إياها إلى مواجهة القضاء المصري، فإذا بـ«محكمة القضاء الإداري» في مجلس الدولة تقضي بوقف تنفيذ قرار وزارة الثقافة المصرية، الذي أسند إدارة المهرجان إلى الجمعية، التي يترأسها الناقد يوسف شريف رزق الله.

ألزمت المحكمة نفسها وزارة الثقافة «بإعادة الإعلان عن إسناد إدارة المهرجان أمام الجـمعيات المتخصّصة وفقاً لشروط ومعايير شفّافة». المستشار محمد حسن، مدير المكتب الفني في المحكمة، قال إن هذه الأخيرة استنــدت، في إصدار الحكم، على أن الجمعـية التي يمـثّلها رزق الله لم تستوف الشروط التي وضعها مجلس إدارة «المركز القومي للسينما». قال إن الجمعية كانت، في ذلك الوقت، «جمعية تحت التأسيس» ولم تكن «مشهرة». قال إن وزارة الثقافة لم تُعلن عن تنظيم المهرجان بالوسائل التي تكفل علم الجمعيات والمؤسّسات المتخصّصة في هذا المجال، لتحقيق تكافؤ الفرص. قال إن هذا لو تمّ، لاستطاعت الجمعيات والمؤسّسات المعنية تقديم ملفاتها، على أن يتمّ اختيار الأفضل من بينها.

المأزق الذي يُعانيه المهرجان متنوّع الجوانب. «جمعية مهرجان القاهرة» تعاند من أجل استلام إدارته، لأنها «الأجدر» بتنظيم دورات تليق بالسينما، وبالمدينة التي تصنعها وتحضن مهرجاناً دولياً باسمها. الجمعية مكوّنة من شخصيات سينمائية معنية بالهمّ الإبداعي. لكن المأزق محتاج إلى معالجة جذرية. هناك، أولاً، المسعى الدؤوب لـ«جمعية كتّاب ونقّاد السينما»، برئاسة ممدوح الليثي، إلى «استعادة» المهرجان، على أساس أن «حقوق ملكية المهرجان تعود إليها». هناك، ثانياً، المسعى الدؤوب أيضاً لـ«فلول» النظام البائد إلى إبقاء سهير عبد القادر في منصب مديرة المهرجان.

المتابعون الجدّيون لواقع المهرجانات السينمائية في مصر يُدركون أن الليثي وجمعيته أخفقا إخفاقاً شديداً في تنظيم مهرجان سوي وسليم في الإسكندرية. يُدركون أيضاً أن أحد أبرز أسباب انهيار «مهرجان القاهرة السينمائي» كامنٌ في الإدارة السيئة لعبد القادر. يُدركون أيضاً أن «قيامة» المهرجان الأول في مصر معقودة على خيارات أهمّ وأفضل: «جمعية مهرجان القاهرة» تُشكّل أحد أبرز هذه الخيارات.

كلاكيت

أخطاء مقصودة

نديم جرجورة

وردت أخطاء متنوّعة في أعمال درامية رمضانية جديدة، متعلّقة بوقائع تاريخية، أو بطقوس دينية محدّدة. خلُص نقّاد مصريون إلى القول إن المخرج أو المخرج المنفّذ يتحمل كلاهما مسؤولية ذلك. ذكروا أن الممثلين والممثلات ليسوا منزّهين عن الوقوع في أخطاء كهذه. ذهب البعض إلى اعتبار «عامل الوقت» مسؤولاً، بمعنى أن تنفيذ المشاريع مرتبط بضرورة الانتهاء منها سريعاً قبل بداية شهر رمضان الماضي.

هناك أخطاء متعلّقة بتواريخ ومواقع جغرافية وديكورات واقعية، إلى جانب أخطاء مرتبطة بالزيّ والمأكل والمشرب، أي بنوعية الألبسة و«زمن» اختراعها، وبتناول الطعام والشراب في وقت الصيام. هذا كلّه يتنافى وأبسط قواعد التأليف والتنفيذ، المستندة إلى ضرورة التأكّد من الوقائع كلّها أثناء الكتابة والتنفيذ. المسؤولية الأولى واقعة على مؤلّف العمل. الكتابة أولاّ، ثم التنفيذ. التنفيذ محتاج إلى وعي وهدوء كبيرين، للتنبّه إلى التفاصيل كلّها من دون استثناء، ولملاءمتها مع المسار السرديّ، بأزمنته وأمكنته وعاداته وثقافته. قد تكون الأعمال التاريخية معرّضة للوقوع في أخطاء جمّة، أكثر من الأعمال الأخرى. هي تحتاج إلى يقظة كبيرة للتأكّد من معطيات تاريخية حصلت، ومن أمكنة وقوعها. لكن التزام الحدث التاريخي صعبٌ: كيف يقرأ مؤلّف العمل هذا التاريخ أو ذاك؟

[[[

ليست الأعمال الدرامية الرمضانية وحدها ما أُصيب بهذا الداء. أفلام مصرية عديدة لا ينتبه كاتبوها ومنفّذوها إلى أخطاء ترد هنا وهناك، لأن صناعة الفن العربي لا تعتمد أسلوب العمل الجماعي، بل تكتفي بالفرد الواحد، كاتباً أو مخرجاً أو منفِّذاً. هذا كلّه على نقيض صناعة السينما والتلفزيون في الغرب، حيث لا يُمكن للفرد الواحد القيام بمهمة تتطلّب جهوداً جماعية. فصنّاع العمل التاريخي يلجأون إلى مؤرّخين وباحثين وأكاديميين لسؤالهم عن هذه المعلومة أو تلك. وصنّاع العمل النفسي لا يتردّدون عن العمل مع معالجين أو أطباء نفسيين، لعدم الوقوع في التسطيح أو المبالغة. وصنّاع العمل البوليسي أو السياسي أو الأمني أو الاجتماعي يفعلون الأمر نفسه، بلجوئهم إلى متخصّصين أو عارفين لنجدتهم في كتابة منزّهة عن العيب، قدر الإمكان. شاهدوا الأفلام أو المسلسلات الأجنبية، التي تدور أحداثها في عالم المستشفيات مثلاً، أو التي لا بُدّ من وجود مستشفيات في مساراتها الدرامية: كل شيء يوحي بأن تصوير اللقطة أو المشهد يتمّ داخل أروقة المستشفى، بحضور أطباء حقيقيين، حتّى لو كانوا ممثلين. هل تتذكّرون جورج كلوني في E. R. مثلاً؟ ألم يكن طبيباً جرّاحاً في غرفة الطوارئ، وليس مجرّد ممثل يؤدّي دوراً؟.

صحيح أن هوليوود خالفت، مراراً، وقائع تاريخية لتمرير خطاب «وطني» ما يلائم أدواراً سياسية للإدارة الأميركية، لكن هناك دائماً من يقف لها بالمرصاد، حاملاً وثائق وأبحاثاً تدحض «خبثها» المقصود. أما في مصر والعالم العربي، فالكارثة كامنة في غياب الاستشارة والتدقيق، غالباً. كي لا أقول إنها كامنةٌ في غياب الإبداع، إجمالاً.

السفير اللبنانية في

30/08/2012

 

فيلمان عنه وعن كتاب «النبيّ»

جـبـران فـي الـسـيـنـمـا

نديم جرجورة 

أصدرت «لجنة جبران الوطنية» بياناً جاء فيه أن رئيسها طارق شدياق وقّع اتفاقاً قضى بمنح «حقّ حصريّ» للمنتج الأميركي ويليام نيكس وشركة Creative Projects Group، يرتكز على منح الجمعية «حصرية حقوق إنتاج فيلم روائي عن جبران خليل جبران» للمنتج ولشركته الإنتاجية. أضاف البيان أن المنتج نيكس وقّع اتفاقاً ثانياً مع كاتبي السيناريو غريس شلهوب يزبك وروي شلهوب، قضى بإلزامهما كتابة سيناريو الفيلم، الذي يُفترض به أن يروي قصّة حياة جبران منذ الطفولة حتى وفاته، بدءاً من بشري مسقط رأسه، وهجرة والدته وعائلته إلى الولايات المتحدّة الأميركية، وسيرته الحياتية والإبداعية في بوسطن ونيويورك وباريـس، وعلاقاته وتأثّراته بفنانــين وأدباء وأناس عاديين: «النصّ عبارة عن لمحة تاريخية ودراسة شخصية هذا الرجل، وفيه تركــيز على بروزه كاتباً عالمياً وفناناً وفيلسوفاً، وعلى التأثيرات الكبيرة التي كانت لأمّه وصديقته ماري هاسكل وناشره ألفرد أ. كنوبف عليه»، كما جاء في البيان المذكور.

إلى هذا، بدا واضحاً أن النصّ السينمائي يتضمّن أيضاً رحلة العودة إلى لبنان بعد وفاة الكاتب والرسّام جبران خليل جبران تنفيذاً لوصيته، وسرداً لحكاية إنشاء متحف باسمه في قريته، يحتوي على أكبر عدد ممكن من الأعمال الفــنية التي أنجزها. أضاف البيان الصادر عن «لجنة جبران الوطنية» أن جين جبران، التي شاركت في كتابة السيرة الذاتية الخاصّة بالمبدع اللبناني بعنوان «خليل جبران: حياته وأعماله» (1974) مع زوجها الراحل خليل ج. جبران، «ستعمل مع كاتبي السيناريو والمنتج كمستشارة خاصّة بالأمور كافة، المتعلّقة بالأعمال الفنية التي أنتجها جبران».

إلى ذلك، ووفقاً للبيان نفسه، زار المنتــج الأميركي ويليام نيكس لبنان مؤخّراً، بهدف عقد سلسلة اجتماعات مع غريس شلهوب يزبك «للبــحث في شتّى الأمور الفنية المتعــلّقة بالفيلم، ولاستطلاع المواقع المنـاسبة للتصوير». كما اجتمع نيكس ويزبك مع ممثـلين عن اللجنة المختصّة بجبران، ومع المستشارين القـانونيين وليد ناصر ولينا حيدر، كمرحلة أولى في عملية إنتاج الفيلم. ويُتوقّع تنظيم زيارات أخرى للاجتماع مع «مستثمرين ومُستشارين وغيرهم». وبحسب البيان، فقد «كوّن» المنتج وكاتبا السيناريو «علاقات وثيقة مع قادة عدد من الجمعيات اللبنانية والعربية ـ الأميركية في نيويورك ولوس أنجلوس وواشنــطن ومـدن أخرى، (بهدف) بناء الوعي والدعم (المطــلوب) لهذا الإنتـاج». ونقل البيان عن المنتــج نيكس قوله إنه «لــشرف عظيم أن تُمنح هذه الفــرصة من أجل نقل قصّة جبران خليل جيران إلى الشاشة»، وإنه يُقدّر «دعم اللــجنة لــهذا المشروع الرائـع». أضــاف نيكس وفقاً للبيان: «أتطلّع إلى استمـرار تعاوننا الوثيق».

من ناحية أخرى، قال طارق شدياق إن «لجنة جبران الوطنية» وقّعت مع ويليام نيكس «اتفاقية تمثيل أخرى لتطوير وإنتاج جولة فنية للوحات جبران في بلدان عدّة». وذلك بهدف «تعريف المجتمع الدولي على لوحات جبران ورسوماته الأقلّ شهرة من كتاباته»، بحسب البيان، على أن تتولّى دار النشر Skira Rizzoli Publications إصدار كتاب يجمع الأعمال الفنية لجبران بلغات متعدّدة، بالتزامن مع الجولة الفنية للوحات الكاتب والفنان اللبناني الأميركي.

وذكّر البيان بكتاب «النبي»، مُعتبراً أنه «أفضل عمل خيالي معروف لجبران»، وأن اقتباسه بات جاهزاً لعرضه على الشاشة الكبيرة في إنتاج سينمائي يوقّعه روجر ألّيرز «المسؤول عن الربط الروائي» بين فصول الكتاب، بالإضافة إلى المشاركة التمثيلية لسلمى حايك، والتعاون الإنتاجي مع كلارك بيترسن ورون سنوكوفسكي، على أن يتولّى إنجازَ هذا العمل (النبي) عددٌ من المخرجين، أمثال مرجان ساترابي وكريس لاندرث وتوم مور ونينا بالاي وآخرين.

السفير اللبنانية في

30/08/2012

 

مجدي أحمد علي يقدم كشف حساب عن "رئاسته للقومي للسينما"..

ويقيم الدورة الأولي لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية

كتب: رانيا يوسف 

قدم الدكتور مجدي احمد علي رئيس المركز القومي للسينما السابق كشف حساب عن عدد من أعماله التي أنجزها اثناء توليه منصب رئيس المركز ، وذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الاحد الماضي، وكشف مجدي عن عدة تقارير فنيه قدمها بعد انتهاء المهرجانات السينمائية التي عقدت خلال هذا العام ومنها مهرجان الاسماعيلية الذي يقوم المركز القومي للسينما بتنظيمه، والدورة السابقة من مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط.

كما عرض مجدي احمد علي تقرير فني خاص بتقييم ومتابعة فعاليات الدورة الأولي من مهرجان الاقصر للسينما الأفريقية الذي عقد في شهر فبراير الماضي،ذكر فيه عدد من الايجابيات وكثير من السلبيات التي أحاطت بتنظيم الجورة ابرزها كان قلة عدد الأفلام المشاركة بمسابقة الأفلام الطويلة ، حيث اشار مجدي احمد علي انها لا تتناسب مع حجم السينما في القارة الواسعة وخاصة مع انعدام الشروط القاسية كمسألة العرض الاول افريقيا او عالمياً.

كما انتقد قلة عدد لجنة التحكيم وانحصارها في 3 اعضاء غاب منهم المخرج عبد الرحمن سيساكو عن أغلب العروض ولم تكن هناك جلسات مناقشة كافيه بسبب سفره في رحلة ترفيهيه بعد وصوله متأخراً.

وأضاف علي "فيما يخص الملتقي والورش التي أقيمت علي هامش المهرجان وقبل بدايته لم تسفر عن نتائج محددة سواء بأفلام أو دراسات ولم يظهر علاقتها العضوية بالمهرجان سوي فيلم تحريك واحد مدته دقيقة واحده عرض خلال حفل الختام, بالاضافة الي افتقار البرامج الأخري مثل البانوراما والجنوب المصري ، وكانها مجرد مليء خانه بالاضافة الي عدم اتاحه دور عرض قريبة لمشاهدتها لجمهور المهرجان.

واستنكر علي عدم الحضور الفعال لجماهير مدينة الاقصر او للمثقفين اي من ا، وقد سبب ايضا عدم حضور انشطة المهرجان لفقر التغطية الاعلامية داخل المدينة من افيشات او ملصقات او مواد اخري للدعاية، واشار الي عدم وجود نشره يومية ترصد فعاليات ايام المهرجان، وقد سبب أيضا عدم حضور بعض الضيوف خسارة مادية رغم التكلفة الباهظة التي تكبلها المهرجان، بالاضافة الي وجود بعض الفوضي الادارية في ترتيبات حضور الضيوف ومغادرتهم.

واختتم مجدي أحمد علي قائلاً " هناك عنصر ايجابي يتمثل في استمرار أنشطة المهرجان بعد انتهاء دورته ، متمثلاً في عروض خارج الاقصر تطوف مدن الصعيد،وأوصي ادارة المهرجان بدعوة عدد من طلبة المعهد العالي للسينما ومعاهد اكاديمية الفنون لحضور الدورات القادمة للمهرجان حتي لو تحمل جزء من اقامتهم في مركز الشباب حتي تتاح لهم فرصه لمشاهده الانتاج الجديد للقارة السمراء وللتواصل مع مخرجي هذه الافلام

البديل المصرية في

30/08/2012

 

عمرو سلامة :

المخرجون العظماء بدأوا بإمكانيات محدودة والفكرة المميزة هي الأساس

كتب: مروة الطوخى 

فى إطار فعاليات مهرجان سيني موبايل لتصوير الأفلام القصيرة بإستخدام كاميرات الموبايل يقوم القائمين على المهرجان بعرض ورش صناعة الأفلام على موقع المهرجان عن طريق مقاطع فيديو لبعض العاملين المميزين فى صناعة الأفلام من بينهم المخرج عمرو سلامة

الذي بدأ كلامه لهواة الإخراج بأن معظم المخرجين العظماء الأن مثل كيفين سميث وكريستوفر نولين بدأوا حياتهم الفنية بتصوير أفلام بإمكانيات محدودة جدا ويستدل بذلك على أن أهم نصيحة لصانع الفيلم هو أن يحصل على فكرة مميزة ويبحث عن طريقة مناسبة لعرضها فى وجود تمثيل مقنع وأن أهم شىء أن يحس الناس بالفكرة يضيف أن الموبايل الذى يصور به هذه المادة أفضل بألف مرة من ما استخدمه فى تصوير أول ثلاث أفلام قصيرة أخرجها.

ومن أهم الأخطاء التى تعلمها التى لا يجب ان يقع فيها صانع الفيلم للإستعاضة عن نقص الإدوات المستخدمة فى تحريك الكاميرا عمل الزووم بالكاميرا اثناء تصوير المشاهد لأنها حركة تليفيزيونية وليست سينمائية وتعطى إحساس برخص الفيلم وعدم بدأ الفيلم بالبطل يستيقظ من النوم لأنها تكررت كثيرا.

ويأكد على أن معظم الأفلام القصيرة لا يتم تسجيل الصوت فيها بشكل جيد بسبب ضعف الإمكانيات وينصح بمحاولت شراء أو تأجير معدات صوت للتسجيل بشكل أفضل ويحذر من اللجوء لإستخدام مؤثرات وخدع لا تضيف شىء للفيلم لأن صانعه يجيد إستخدام المؤثر فهذا لا يضيف للموضوع اوفى حالة عدم وجود فكرة لا يلجاء صانع الفيلم لعمل فيلم عن تجربة مخرج لا يجد فكرة ينفذها ويحاول البحث عن فكرة جديدة لأنها فكرة تكررت كثيرا ولكنه يؤكد أن كل هذه القواعد ليست إلزامية ان كان المخرج يرى غير ذلك.

يتابع عمرو فى بعض أهم مشاكل الأفلام القصيرة ومن أهمها سوء إختيار الممثلين من حيث أداءهم أو ملاءمتهم للدور المطلوب وأنه لا يجب التعجل فى إختيار الممثل ويمكن الإستعانة ببعض صفحات الإنترنت فى البحث عن ممثل للدور مشكلة أخرى المخرج الذى يهتم بإختيار لقطات صعبة أو فنية زيادة عن المطلوب ليظهر إمكانياته لا يجب أن يحدث هذا بغير العادة والبعد عن الشخصية التى تعبر عن التفكير بتدخين سيجارة لأن هذا لا يضفى أى مظهر سينمائى مميز والبعد عن الإفتعال فى التمثيل أوالبطء فى الكلام أو ان يكون الفيلم بلا أحداث ولا يحدث تغير فى شخصية البطل أو تأثر بشىء وأن لا يكون الفيلم غير مناسب لكونه قصير أو يعتمد على فعل أو حدث صغير يمكن تلخيصه فى إعلان قصير ويختم بنصيحتين الأولى فى التأكيد على أن لا تأخد تترات الفيلم وقتا طويلا لأن هذه النوعية من الأفلام حين تعرض فى دور سينما يكون العرض لعدد كبير من الأفلام متتابعة فلا يجب أن تأخذ التترات وقت طويل فى العرض والثانية نصيحة باللجوء للأدب الملىء بالقصص والأحداث التى يمكن أن تصنع أفلام أو البحث فى الحياة الحقيقية عن قصص .فى حالة عدم توفر فكرة مناسبة.

البديل المصرية في

30/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)