حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حنان ترك:

اعتزلت التمثيل.. والفن ليس حراما

بقلم : مي سكرية

 

مفاجأة من العيار الثقيل فجرتها الفنانة حنان ترك علي الهواء مباشرة ومن خلال مداخلة مع برنامج " أنا والعسل " الذي يقدمه نيشان لقناة «الحياة» وهو الموقف الذي جعل النجمة سمية الخشاب ضيف الحلقة تتسمر في مكانها وتتجمد الدماء في عروقها حتي أعادت لها حنان الروح عندما نفت أن اعتزالها يرجع لتحريمها الفن . ومعها كان الحوار:

·        سمعنا خبر اعتزالك للفن فما حقيقته؟

>> لقد أعلنت ذلك بنفسي في مداخلة تليفوينة في برنامج «أنا والعسل» مع المذيع نيشان حيث أعلنت اعتزالي الفن نهائيا بعد مسلسل «الأخت تريز» ذلك لانني أخذت هذا القرار وأنا اؤدي العمرة وقررت ألا أمثل مرة أخري ليس لان الفن أو التمثيل حرام لكنني قررت ذلك وسأتفرغ لبيتي وأولادي الثلاثة فمازال محمد ابني صغيرا ويحتاجني بشدة وسأتقرب أكثر إلي ربنا في الاعتزال وعايزة اضيف مش معني انني اعتزلت انني ندمانة علي اعمالي اطلاقا بل سعيدة بكل عمل قدمته وخطوة الاعتزال ليس لها علاقة بالندم علي اللي فات اطلاقا حتي لا تنطلق الأقاويل والشائعات.

·        هل مسلسل الأخت تريز له دور في القرار في ظل الاجواء الصعبة التي تمر بها مصر ؟

>> «الاخت تريز» هي قصة عندي منذ ما يقرب من 6 سنين تقريبا كانت الفكرة باحضرها من زمان وباشتغل عليها وكنا بنفكر في الاول اننا نعملها فيلما سينمائيا لكن مع تأخيرالانتاج والظروف اللي كانت تمر بها السينما الفترة اللي فاتت لم تكن مشجعة، لكن إرادة الله ان نقدمها هذا العام في عمل درامي من تأليف بلال فضل.

·        ألم تخش من انتقاد الجمهور لك وانت تجسدين شخصية مكرسة مسيحية وأنت ممثلة محجبة؟

>> لا اطلاقا لم أخش من ذلك خاصة أن الجمهور يعي جيدا انني امثل ولقد سبقني ممثلات كثيرات في تقديم أدوار الراهبات كما أن دور الراهبة لم يكن بمشكلة بالنسبة لي لأن الراهبة أو المكرسة تغطي شعرها اي محجبة ايضا.. وهو ما يلائمني كممثلة محجبة لانها لا تخل بأداب الحجاب بالنسبة لي ... كما انني اقدم ايضا دور خديجة الفتاة المسلمة في نفس المسلسل. لا لم اخش ذلك لان في النهاية. لا يؤثر علي الحجاب وشخصية الممثل لا يهمه شيء طالما لا يخل بحجابه وبأخلاقه .

·        ما الصعوبات التي واجهتيها أثناء تصوير المسلسل؟

>> أكثر الصعوبات التي كانت تواجهنا هي كثرة التصوير الخارجي لان الورق فيه تصوير كثير خارجي في مناطق تواجد الأقباط وكنائسهم مثل الفيوم ووادي النطرون واسيوط كما اننا اضطرنا لتصوير في محطة مصر وغيرها وكنا احيانا نضطر للتصوير في الشمس والحر والتراب ساعات كتير جدا واحيانا كنا نسير في المناطق الزراعية لمسافات طويلة.

·        هل انتابك القلق من فكرة منع عرض المسلسل في ظل حكم الاخوان الآن؟

>> انا لا اقدم مسلسلا للاخوان انا اقدم مسلسل للمصريين بكل فئاته المسلمين والاقباط وليس لفئة معينة سواء تلك الفئة تسمي اخوان او سلفيين لكن في النهاية اقدم عمل للمصري سواء أكان المصري مسلما أو قبطيا فجنسيته في النهاية مصري فقط .

·     تردد أنك شاركت في إنتاج المسلسل مع شركة «راديو وان» وهي ليست المرة الاولي لك في الانتاج معهم؟

>> اطلاقا واستغرب جدا جدا من تلك الشائعة التي انطلقت منذ فترة بأنني اشارك في انتاج اعمالي مع شركة «راديو وان».. وانا اقول لم يحدث انني شاركت في انتاج مسلسلاتي والمنتج خالد حلمي واحمد نور ليسا بحاجة لي او لغيري لينتج مسلسلات كما انه شخصية محترمة وشركة انتاج محترمة توفر لنا كل احتياجاتنا وكل الامكانيات للمسلسلات ... وتعاونت معهم اكثر من اربع سنوات ونستمر معا لانهم يقدرون معني الفنان ويحترمونه ويحترمون معني العمل الفني ومن الممكن ان اتعاون مع شركة انتاج أخري غير «راديو وان» وبالتالي فلا أشارك معهم بالانتاج.

·     ما سر حماسك أيضا للمصور الفوتوغرافي الشهير محمود عبدالسلام للمشاركة في بطولة المسلسل؟

>> انا طول عمري كممثلة لا أعطي ترشيحات لاي ممثلين في اي عمل أقوم به بمعني ألا أفرض أحد علي المنتج أو المخرج لكني افتح الباب الخلفي للترشيحات يعني اعطي اسم فنان للمخرج وهو رؤيته يوافق عليه او لا فقد يراه مناسبا وقد لايراه وبالتالي فلكل مخرج رؤيته وانا احترمها ومن حكم خبرتي اعطيت حسام الجوهري ترشيحي لمحمود عبدالسلام لاني اري انه موهوب وتركت حرية الموافقة او الرفض لحسام الجوهري وكانت له رؤية ايضا بأن محمود يصلح للدور خاصة بعد ان خضع لكورسات تدريبية مكثفة واثبت نفسه في الدور وبالنسبة لاختياري للمخرج حسام الجوهري وهو لاول مرة يخرج دراما.. فهذه ليست المرة الاولي لي التي اعمل فيها مع مخرج أو مؤلف جديد بالعكس لقد اعتدت علي ذلك من باب تشجيع الشباب ومن باب التجديد كما ان حسام نجح كمخرج في السينما وعلي فكرة التجربة اثبتت ان محمود وحسام كانا علي قدر المسئولية .

·        لماذا جاءت مشاركتك في السينما متأخرة بعد ارتدائك للحجاب بفيلم «المصلحة»؟

>> شاركت في فيلم «المصلحة» من أجل وائل عبدالله وساندرا نشأت والتي تربطهما علاقة صداقة قوية بي وبالتالي فقد شاركت في «المصلحة» مجاملة للمنتج وائل عبداالله والمخرجة ساندرا نشأت فقط وانا متعودة أجامل اصحابي وزملائي في اي عمل يحتاجون الي فيه.

·        هل في رأيك السينما لا تتقبل الفنانات المحجبات؟

>> بالعكس السينما تتقبل اي فنان سواء بحجاب او بدون والسينما قبلت حلا عندما قامت ببطولة فيلم امام الفنان عامر منيب رحمه الله في فيلم «سحر العيون» نيللي كريم ظهرت كمحجبة في فيلم «واحد صفر» وغيرهمن هند صبري أيضا قدمت دور المحجبة في السينما وبالتالي فالسينما الحالية تتقبل الفنانة بالحجاب او تقدم اعمالا عن المحجبات كما قلت لك والامثلة واضحة.

·     ردد البعض أنك غير راضية عن مسلسلك «نونة المأذونة» الذي قدمتيه العام الماضي فهل هذا صحيح؟

>> بالعكس انا غير نادمة علي مسلسل «نونة المأذونة» لانني احب هذا المسلسل وعلي فكرة عمري ما قدمت عمل وندمت علي تقديمه بعد ذلك.. ونونة اجتهدنا جميعا في تقديمه بالشكل الذي يرضي الجمهور ويرضينا لكن الظروف التي خرج فيها المسلسل والتي كات تمر بها مصر بعد الثورة مباشرة ربما كانت السبب في ان المسلسل لم يكن كما توقعنا وكما توقع الجمهور لكن في النهاية المسلسل كفكرة جديدة اعجبتني ان تكون هناك مأذونة تنافس عمل الرجل وهي فكرة لايت كوميدي اجتهدت لتقديمها علي الشكل المطلوب وليس معني ان الجمهور انتقده ان هناك تقصيرا مني أو فريق العمل او من الشركة المنتجة بالعكس جميعا اجتهدنا لتقديمه بالشكل المطلوب .

·        أخيرا كيف تري مستقبل مصر ؟

>> بادعي لمصر من قلبي ان يخرجها من تلك الكبوة وان تعود بلد الامن والامان وان تشهد الاستقرار من جديد وان تعود فئات الشعب مجددا يد واحدة لافرق بين مسلم ومسيحي بادعي ربنا من قلبي لمصر بكل الخير وان يحفظها عالية وان يحفظ شعبها بكل طوائفه.

جريدة القاهرة في

14/08/2012

 

 

 

مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي أبواب مفتوحة للسينما الأفريقية

بقلم : فوزي سليمان 

< تكريم الفنان الزنجي الأمريكي بيلافوتي الذي دافع بالغناء والموسيقي عن الزنوج الفقراء قيل عنه إنه أكبر مهرجانات السينما الدولية الصغري وانه أصغر مهرجانات السينما الدولية الكبري..إلا أنه خاصة في السنوات الأخيرة أصبح من المهرجانات السينمائية الدوليةالكبري بحق. ذلك هو مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي وهي الدورةالخامسة والستون (65) أي نفس عمر مهرجان كان، فقد حقق المهرجان الذي يقام في القطاع الإيطالي من سويسرا قرب حدود إيطاليا - بما ضمه من برامج وأقسام انجازات تؤهله بما استحقه من شهرة بل إنه يستاثر بأكبر دار عرض مفتوحة، هي الساحة الكبري - بياتزا جراندي PIzza Grand قلب المهرجان والتي تضم 8000 مقعد، وأكبر شاشة سينما مزودة بآلات عرض حديثة، حفل رائع في مكان فريد، يستمتع بأفلام أكثرها عرض عالمي أول، والأكثر أو الأمتع هو لقاؤه بالمخرجين والممثلين عن قرب، تعكس صورتهم لهم شاشة كبري أعلي المنصة، وأكثر اللجان وعددها إحدي عشرة يشاهد فيلمين وإلي جانب الأفلام الحديثة (2012) عرض فيلم مهم قديم هو، صباح الخير أيها الحزن في إطار تكريم المخرج الكبير أوتو بريمنجر ott preminger بطولة ديوار كير ودافيد نيفين. عن رواية للكاتبة الفرنسية فرانسواز ساجان.. أي ذكريات قديمة عزيزة! وكل ليلة يستني الجمهور وتعلن جائزته في حفل الختام إلي جانب جائزة من مجلة فاريتي Variety الأمريكية. آلان ديلون أما هذا الجمهور العريض آلان ديلون كرم النجم الفرنسي آلان ديلونAlain Delon عن إنجازاته طوال حياته ووقف سعيدا وهو يحمل الفهد الذهبي ويقبله وقد رحب به مدير فني المهرجان أوليفيه بير Olivier pera - مشيدا بأدواره في أفلام مهمة مع مخرجين كبار مثل انتونيوني، وفيسكوني وجوزار ولوزي وملفيل، نتأمل صورته المكبرة علي الشاشة، وجهة يحمل غضون الزمن، وشعره الفضي، يذكرنا بنجمنا أحمد رمزي بين الماضي والحاضر، وفي حديثه علي أوليفيه بير رد علي سؤال كيف أدي أدوارا معقدة ومتنوعة، اجاب هذا يرجع للتفاهم الشخصي بين الممثل والمخرج، كما أنني أشعر دائما بألفة مع الكاميرا، انظر إلي العدسة كما لو أنني أنظر إلي المشاهد واتحدث إليه مباشرة، وتكريم آخر - عن اشهر انجازاتها - للمثلة البريطانية شارلدت رامبلنج Ram pling ، التي بدأت لفترة كموديل، وعاشت فترة في إيطاليا وقدمها المخرج الإيطالي فيسكوني في فيلم «الملعون 1969» وحققت شهرة عالمية في فرنسا وهوليوود وبقيادة مخرجين كبار مثل وودي آلين وكندا مع المخرج الياباني ناجيسا أويشما . الفنان الزنجي بيلافونتي وعن انجازاته في عالم السينما والموسيقي والسياسة نال الفنان الأمريكي الأسود هاري بيلافونتي Harry Bela Fonte فهو الاستحقاق وقد سئل في لقاء صحفي كيف تحول من المسرح إلي الشاشة، ومن الموسيقي إلي السياسة أجاب دائما يسألني الناس كيف تحولت من فنان إلي ناشط اجتماعي وسياسي، واجيب بأنني أساسا ناشط تحول إلي الفن، وقد ولدت في بيئة فقيرة ولمست كيف دمر الفقر المجتمع الذي كنت أعيش فيه وتأكدت رسالتي هي أن أحاول أن أغير هذا الوضع من خلال توجهي إلي المسرح الذي يخاطب الجمهور ويعبر عن مشاكله. وتأكدت أن كيف نجحت في اقناع الجهمور وفي نفس الوقت توجيهه وتقليده في نفس الوقت أجاب: انني أجد أن كل الفنون ممتعة متعة شكسبير وديستوفيسكي، وبيراندلر أمت5عونا لكنني أعتقد أن كل الفنون سياسية، شارلي شابلن مثلا أحد أبرز وجوه السينما، جعلني أضحك أثار اهتمامي ووعيي في نفس الوقت بقضايا الناس العاديين، وهذا الرجل صغير الحجم وجاهد ضد النظام بكل السبل. وحضر بيلافونتي عرض فيلم «كارمن جونسن» - الذي قدم في إطار البرنامج الاستعادي للمخرج أوتو بيريمنجر الذي قام هو نفسه ببطولته، وقد غير المخرج مكان أوبرا ينريد Bizet إلي بيئة أفريقية - أمريكية جاء بيلافونتي إلي قاعة العرض معتمدا علي عكاز ليحدثنا عن ذكرياته عن هذا الفيلم الذي يعود إلي العام 1954. أبواب مفتوحة أبواب مفتوحة قسم يستهدف ترويج سينما غير شائعة، عن طريق الدعم أو الإنتاج المشترك، بمساحة من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، سبق أن استضافت سينما وسط آسيا، وسينما الشرق الأوسط، وسينما أمريكا اللاتينية، وساهمت في دعم إنتاجها بعد المشاركة في ورش عمل، هذه الدورة تستضيف سينما افريقيا الفرنكوفانية جنوب الصحراء. وتعرض أفلام افريقية تعتبر علامات مثل «يلين» Yeelen الذي افتتح به البرنامج مشترك بين بوركينا فاسو ومالي وفرنسا عام 1987- إخراج وسيناريو سليمان سيسيه دراما أسطورية وحول ثقافات افريقية تكاد تباد، ومحاولة تحديث مجتمع يكاد ينهار علي تناول دور الأسطورة في المجتمعات البدائية، كان سيسيه أول مخرج افريقي يفوز بجائزة لجنة التحكيم لمهرجان كان فيلم توكي بوكي 1973 للمخرج السنغالي جبريل ديوب مابيتي الذي اعتبره من رواد الحركة التجريبية، واطلق عليه نقاد جودار الافريقي والمخرج ديكونجوي من الكاميرون اعتبر فيلمه بونا موكي قصة روميو وجولييت الافريقية نشاهد أيضا فيلم «باماكو» 2006 إخراج عبدالرحمن سياساكو 2006 من موريتانيا إنتاج مشترك مع فرنسا - الذي يقدم في فناء بيت تمثيلية محاكمة المجتمع المدني في موريتانيا للبنك الدولي فإنه السبب في مأساة الفقر في افريقيا، ويدعو إلي ضرورة نضال افريقيا من أجل البقاء. فيلم سياسي آخر هو جويما الطاغية إخراج شيخ عمر سيسوكوكو إنتاج مشترك بين مالي وبوركينا فاسو وألمانيا (1995) حول ثورة قري العبادين ضد الحاكم الطاغية تناولت أفلام المسابقة الرسمية قضايا اجتماعية وتسجيلية علمية ومشاكل اجتماعية. وقد تضمنت ثلاثة أفلام تسجيلية طويلة - من بين تسعة عشر (19) فيلما طويلا المفروض أنها تمثل سينما المؤلف، حيث يتنافس مخرجون واعدون مع مخرجين راسخين وكلها عرض عالمي أول. أقدم لك بداية الأفلام التسجيلية الطويلة فيلم توريد الصوت المتوحش إنتاج مشترك ألماني، بريطاني، نمساوي، إخراج وسيناريو بيتر ستريكلاند Peter strick land يقدم لنا دور الصوت في أفلام الرعب - وخاصة الإيطالية - التي كانت ذائعة في السبعينات من القرن الماضي، وصراخ وفزع. أما الفيلم السويسري مشكلة الصورة، لمخرجين كاتبي سيناريو في عملهما الأول، سيمون بادمان داندرياس بيفنر pfifner يقدمان رؤيتهما لوطنهما سويسرا، ولما لمساه خلال أحاديثهما مع أناس من سلبيات وإيجابيات سويسرا هي ستودع غسيل الأموال، وخاصة الألمانية هربا من الضرائب، وفي لقاء مع سيدة مسنة تقول أمام الكاميرا هؤلاء المهاجرون بقصد العمال الأتراك - أسوا من المهاجرين وهناك من ينتقد سياسة سويسرا الجادية، في نفس الوقت يقدم الفيلم الجوانب الإيجابية والجميلة، طبيعة سويسرا وجدية مواطنيها، وجانبهم من الجد واللهو. فيلم «نهاية الزمن» - سويسري - كندي - إخراج بيتر ميتر Peter Metter يتناول موضوعا علميا حساسا هو مقياس وحدود الزمن من خلال المقاييس العلمية داخل المعامل ودراسات العلماء العلمية وينتهي بمعني الزمن في الحضارة البوذية. جين مورو في فيلم «امرأة استونية في باريس» إنتاج مشترك بين فرنسا واستونيا وبلجيكا يسترعينا عودة نجمة كبيرة تتألق في دور السفيرة المسنة التي هاجرت إلي باريس وهي جين مورو jeanne Moreau التي جاءت إليها سيدة وطنها الأصلي، ترعاها مع ترحيب السيدة المسنة في البداية إلا أنها تكشف عن حبها للسيارة في نهرها لمواطنها حتي لتطردها ثم تقبل عودتها في استسلام. امرأة مسنة أخري في فيلم «ستارليست» أمريكي إخراج سيان بيكر، ترتبط معها فتاة بصداقة بعد شجار ومع تناول الفيلم لحياة فتاة وزميلاتها المتحررة واستغلالهن في عروض جنسية، إلا أن الصداقة بين الفتاة والسيدة المسنة وكليها العزيز وما يتخللها من تناقضات تظل عصب الفيلم. فيلم «السادة» أو أصحاب الأرض إيطالي إخراج إدوار جابريلليني، يقدم التناقض الطبقي بين شقيقين شابين يعملان بجهد في بناء وإعداد فيلا فخمة، لرجل فاحش الثراء، كان ذات يوم مطربا شهيرا، ثم تقاعد يحاول العودة من جديد إلي مجده القديم بإعداد حفل غنائي كبير، ولكنه يقابل بكراهية وحقد من الأهالي الفقراء الذين يرمونه بالطوب. تاريخ السينما إلي جانب الأفلام الأدبية للمهرجان: المسابقة الرسمية مسابقة مخرجي الحاضر مسابقة فهو القدوة للشباب، وبرنامج استعادي للمخرج أوتو بريمنجر (36 فيلما) يسترعي الانتباه برنامج خاص بعنوان تاريخ السينما تقدم فيه أفلام قديمة وحديثة لمخرجين كبار مثل جان - لدك جودار «سويسرا» كريستوف زانونسي «بولندا» وفيسكونتي «إيطاليا» والدريش «ألمانيا» وصمويل فوللر «أمريكا» وخمسة أفلام للمخرج الإيطالي دينو ريزي - عود إلي الأربعينات من القرن الماضي ساهمت في ترميم النسخ القديمة مراكز أرشيف 40 أكثر من بلد. بعيدا عن أفغانستان شاهدت فيلم «بعيدا عن أفغانستان» في قاعة الفيديو - 15 دقيقة من مركز المدينة بالماضي شدني عنوانه ومقارنته للفيلم الشهير «بعيدا عن فيتنام» الذي يعود إلي عام 1967، شارك في انجازه خمسة مخرجين أمريكيين ومجموعة الصحفيين الأفغان، جهد دولي مشترك لسينمائيين وفنيين ومصورين من، لمراجعة السياسة الأمريكية، ومحاولة إبعادها عن التدخل العسكري والسياسي، يسعي كل هؤلاء الفنيين والإعلاميين إلي تقديم صورة حقيقية عن غزو أفغانستان وما أصابها من تدمير وخراب، مادي وإنساني، والدعوة إلي العمل الإنساني والتنمية. في البداية تستعرض الكاميرا شارعا عاديا في مدينة فندهار محلات فيها عديد من نساء منتقبات ثم نقلة سريعة إلي بنك للدم ومصابين ومصابات، امرأة فقدت ساقها، وخراب وتدمير إثر غارة جوية أمريكية علي قرية ذي مونتاج متواز لأننا نشاهد محل كوافير فخما يرتاده نساء انيقات باديكبر بل نجد هل كوافير للعناية بالكلاب إلي جانب وتنتقل الكاميرا إلي رحلة ترفيهية علي نهر، ومرة أخري عودة إلي ضرب الطائرات الأمريكية لقرية أفغانية تدمير للبيوت وحرائق، لقاء مع فلاح مصاب فقد إحدي ساقيه، ويصحح بأنه فقد مصدر رزقه، في مركز طبي ولد يجري لعلاج ولد فقد ساقيه، يتألم والطيب يجري له جراحة دقيقة ويركب ويحضر له سيقان صناعية، مونتاج متوازن سريع طفلة رقص في ملابس زاهية، شرب وأكل وخير. في حديث مع رجل فقد ساقه يقول المصاب إنه فقدها أثناء الجهاد ضد الاحتلال الأجنبي لأفغانستان مظاهرة شباب وحرق العلم الأمريكي، ثم اعداد مونتاج الفيلم بمساحة من مؤسسة أحداث أفغانية التي تضم مجموعة من الإعلاميين في أفغانستان.

جريدة القاهرة في

14/08/2012

 

محمد نوح.. الذي مات برحيله الحماس

بقلم : أسامة عبدالفتاح 

كنت صبيا في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي حين كنت أحضر مباريات كرة القدم القومية المصيرية في ملعب القاهرة الدولي وأشاهد محمد نوح وهو يقود التشجيع ويلهب حماس الجماهير بالمدرجات بهتافاته وأغنياته، سواء "شدي حيلك يا بلد" أو غيرها.. وكنت أتعجب وأتساءل: من أين يأتي الرجل بكل هذا الحماس البادي - بكل الصدق - علي وجهه وفي خلجات صوته؟ لا يمكن أن تستمع إلي نوح دون أن تؤكد في كل مرة أنه يغني من قلبه، ولا تفسير لذلك سوي الصدق، فقد كان صادقا فيما يلحن وفيما يغني ومؤمنا بكل حرف اختار أن يلحنه أو يغنيه، وهو ما كان يفتقده الكثيرون من أصحاب "الصوت الحلو" الذي كان ينقصه هو باعترافه، حيث كان قوله المأثور الذي يردده دائما: "أنا مغن ولست مطربا". ولأنه صادق، فقد كان المتلقي يصدق كل حرف صادر عنه.. كما كان حماسه ينتقل بالعدوي لمستمعيه ومشاهديه فيتحمسون مثله، وهذا هو - في رأيي - سر النجاح المدوي لأغنيات مثل "شدي حيلك يا بلد" و"من صغر السن"، وسر نجاحه كممثل عندما وقف علي المسرح ليقدم مسرحيات غنائية مثل "سيد درويش"، وعندما وقف أمام كاميرات السينما ليقدم دور الفلاح الأصيل في فيلم "الزوجة الثانية"، أو دور الصياد ابن البلد في فيلم "السيد البلطي". محمد نوح (8 يناير 1937 - 5 أغسطس 2012) هو مرادف الحماس، وبرحيله قبل أيام متأثرا بآلام قلبه وبآلام الحزن علي ما تشهده مصر هذه الأيام، مات الحماس الصادق في الفن، وغاب الغناء الوطني الخالص لوجه الله والوطن من دون مزايدة ولا ادعاء ولا معان فجة سخيفة من نوع ما نُبتلي به في معظم أغنياتنا الوطنية الأخري، والذي يساهم - في رأيي - في تغييب المصريين عن قضاياهم الوطنية الحقيقية وليس تنبيههم إليها كما هو مفروض ومطلوب منها، بعكس دول أخري تحقق أهدافها وتحشد مواطنيها دون أغنيات وطنية سخيفة. الإسرائيليون مثلا لا يغنون لفلسطين، بل يلتهمونها فقط قطعة بعد الأخري، ولا للقدس، بل يحتلونها ويغيرون من هويتها الثقافية والديموجرافية، ولا للأقصي، ورغم ذلك يفعلون به ما يشاءون ويحفرون تحته من أجل هيكلهم المزعوم.. لم نسمع يوما إسرائيليين يقولون: "آخر كلام عندنا.. القدس دي أرضنا"، لأنهم يتعاملون معها علي أنها أرضهم من دون غناء.. نحن فقط الذين نغني ونقول، وكأن أحدا سيسمعنا أو يعيرنا اهتماما.. لنقل كما نشاء آخر كلام عندنا، فلا أحد يهتم بكلامنا أصلا آخره أو أوله، ولا أحد سيقيم لنا وزنا حتي لو ظللنا نغني ستين عاما أخري مثل سنوات الخيبة الستين السابقة.. ربما أكون مخطئا، ولو أن هناك من يعرف أغاني وطنية إسرائيلية من نوع: "إسرائيليتنا حماها الله"، أرجوه أن يبلغني ويصحح لي، ولو أن هناك من شاهد إسرائيلية تتثني وتغني: "إسرائيل هي أمي وبحيرة طبرية جوه دمي"، أطالبه بأن يرسل لي السي دي فورا. في حدود معلوماتي، لا يوجد شعب في العالم يغني لوطنه ليل نهار كما نفعل.. لا يوجد في فرنسا مثلا أغنية اسمها "ما شربتش من سينها" (نيل فرنسا هو السين)، ولا يوجد في الولايات المتحدة من ينشد "يا حبيبتي يا أمريكا"، ولا يوجد في روما من يردد: "أصله ما عداش علي إيطاليا".. كل البلاد تكتفي بنشيدها الوطني فقط، لا تنهمر سيول الأغاني الوطنية إلا عندنا، وأحيانا في لبنان، الذي ظلت فيروز تغني له حتي أصابها الاكتئاب وأصاب لبنان التمزق.. ومن يعرف أي فائدة للأغاني الوطنية التي أنشدتها فيروز، وكذلك ماجدة الرومي، عليه الاتصال بنا.. صحيح أنها جميلة، لكنها لم تمنع الحرب الأهلية ولا سلسلة الاغتيالات البشعة ولا الخلافات السياسية المستعصية علي أي تسوية. أما مطربونا نحن فما شاء الله.. لا يؤثر فيهم شيء، ولا يصابون بشيء، لا بالاكتئاب ولا حتي بالبرد، بل يظلون عشرات السنوات يرقعون بالموال علي رأي صلاح جاهين من دون أن يهتز لهم جفن، أو تبيض لهم شعرة، هم دائما علي أهبة الصبغة والماكياج والسشوار ليظهروا في أبهي "حلة" في ويمسكوا بالوطن وينزلوا فيه غناء بلا رحمة. ما يغيظ فعلا أن كل ذلك بلا جدوي، وأننا لا نقدم شيئا للوطن سوي الغناء.. ولو كانت بلادنا سويسرا أو ألمانيا لكان من حقنا أن نغني لها كما نشاء، لكن مصر تصرخ من الفساد والزبالة والدروس الخصوصية ونحن نخرج لها ألسنتنا ونقول لها: خذي ألحانا وكلمات تافهة بدلا من العمل والإنتاج.. أي باختصار: ضجيج بلا طحين، وحنان بلا ثدي. وقد عرف المطربون العرب، الساعون لدخول عالم الشهرة والنجومية من الباب المصري، كلمة سرنا ومفتاحنا، ولذلك غنوا جميعا لمصر حتي يحصلوا علي الرضا والجماهيرية.. وعن نفسي ظللت لسنوات طويلة أتساءل: لماذا تغني عليا التونسية لمصر وتقول: "مانقولش إيه إدتنا مصر ونقول هندي إيه لمصر".. ولماذا لا تشغل نفسها بما يمكن أن تقدمه لتونس؟ لكننا طيبون ونصدق، وقد صدقناها وصدقنا من غنوا علينا قبلها وغنوا علينا بعدها حتي جيل نانسي عجرم التي غنت "أنا مصري" قبل أن تغني أي شيء للبنان. وكثيرا ما تنتابني رغبة حقيقية في تحية ماهر عواد وشريف عرفة وبهاء جاهين ومودي الإمام، الذين كانوا أول من أدان تفاهة وابتذال أغانينا الوطنية، وقدموا سخرية نبيلة وجميلة منها في رائعتهم "سمع هس".. فلحن الأغنية في الفيلم مسروق من اثنين من عوالم الشوارع والأفراح الشعبية، والكلمات تدلع الوطن وتسميه "وطن طن"، وتقول إن "رجالته طول عمرها رجالة"، وكأن ذلك إنجاز، وكأنه من المفروض أن يتحول الرجل علي مر الأيام إلي شيء آخر.. وأؤكد أنه لو لم يكن الفيلم قد قدم الأغنية بشكل ساخر، لانضمت فورا إلي مكتبة القنوات الأرضية والفضائية لكي تصيب الناس بالزهق والصداع والضغط من فرط إذاعتها مئات المرات، خاصة قبل مباريات الكرة المصيرية، لكي تجهز علي الفريق المصري، بعكس الراحل محمد نوح الذي كان غناؤه الصادق كفيلا بتحريك الحجر. أعتقد أن نوح لم يغن إلا للوطن، حتي في أغنياته العاطفية أو أي نوعيات أخري قدمها، فقد كانت مصر دائما حاضرة في أعماله، لكنه كان "يخبئها" أحيانا وراء المحبوبة أو أي رمز آخر.. قدم لوطنه كل ما يملك: حماسه وموهبته ومشاعره وحنجرته.. كان مناضلا ثوريا حقيقيا من دون شعارات ولا ادعاءات، وبرحيله نفقد عاشقا مخلصا للوطن لم يفكر يوما في الحصول علي قطعة من الكعكة، ولا يعرف سوي لغة العطاء.

جريدة القاهرة في

14/08/2012

 

رجل شريف.. الغربان السود والتقاليد البالية

بقلم : د. رفيق الصبان 

لم يكن غريبا أن يفوز السيناريو الذي كتبه اللبناني «جان كلود قدسي» باسم «رجل شريف» بجائزة الدعم المادي من مهرجان الدوحة الخليجي.. ولم يكن غريبا أيضا أن يعرض هذا الفيلم بعد أن تم إخراجه وتنفيذه في إطار هذا المهرجان العام الفائت.. فيترك صدي واسعا وانقساما حادا بين مؤيد ورافض نظرا لما يحتويه الموضوع من إثارة ومواجهة. الفيلم يتكلم عن جرائم الشرف الشديدة الشيوع في منطقة الشرق الأوسط والتي تذهب ضحيتها دائما الأنثي العاشقة.. ويفلت المجرم الذكر من العقاب رغم اشتراكهما معا فيما يطلق عليه الآخرون اسم «جريمة الحب». فيلم جان كلود قدسي لا يطرح هذا الموضوع بشكل مباشر وإنما يلجأ إلي طريقة بوليسية شديدة الإثارة ناثرا في طريقه لنا قيما عدة يقود كل واحد منها إلي سراديب النفس البشرية قبل أن يزييل القناع عن وجه الأحداث في الدقائق الأخيرة من الفيلم، فتكتشف مذهولين ونحن علي حافة الرعب كل الصديد والعفن الذي يختفي وراء الواجهة المضيئة التي يطلقون عليها اسم «الدفاع عن الشرف». بطل الفيلم إبراهيم رجل في الخامسة والأربعين يعمل في تجارة السيارات، ويكتم في نفسه آثار جرح عميق تكشف عنه تعابير وجهه الحزين وصمته ووحدته الدائمة. يلتقي إبراهيم في طرقات عمان المزدحمة ومن خلال توقف السيارات في إشارة ضوئية بوجه نسائي في تاكسي مجاور وجه يثير في نفسه تساؤلات ودهشة تصل إلي حد الرعب ويلحق إبراهيم بهذا التاكسي المتجه إلي أحد فنادق المدينة وهناك يلتقي بالفتاة الشابة التي كانت تصاحب السيدة التي أثارت في نفسه كل هذا الرعب والشجن. يكتشف أنها إنجليزية الجنسية ولا تتكلم العربية، يخبرها أنه «قريبها» وأنه يعرف السيدة التي كانت معها جيدا، وتذهل الفتاة وتدعوه للجلوس معها مخبرة إياه أن هذه السيدة هي أمها ولا تكاد الأم أن تصل وتري إبراهيم حتي تصاب بإغماء من هول الصدمة، وسرعان ما نكتشف شيئا فشيئا أحداث الماضي وترتفع ستارة وراء أخري لتخبرنا بتفاصيل الأحداث المفزعة التي حصلت قبل عشرين عاما. لقد ظنت القرية كلها أن إبراهيم قد مات بطلا، بعد أن قتل ابن عمه «رياض» الذي كان مكلفًا بقتل شقيقته «ليلي» التي أحبت رجلا أجنبيا وأقامت معه علاقة خاصة. لقد جبن رياض عن قتل أخته عندما حانت اللحظة الفاصلة فقام إبراهيم بقتله إنقاذا لشرف العائلة ثم قتل «الزانية» بعده. وهكذا أصبح إبراهيم بطل القرية الشريف الشجاع.. ورياض الجبان المذعور الذي عجز عن تحقيق الهدف الأسمي، وهو الدفاع عن شرف أسرته المجروح. لكن إبراهيم لا يعود للقرية بعد أن ارتكب فعلته المجيدة.. بل يموت محترقا في سيارة شحن كان يقودها، وتدفن الجثة وفق مراسم مهيبة تكرم رجل الشرف وتمجده لما فعل.. بينما تتجاهل مراسم الدفن رياض الذي يدفن في مقابر الفقراء، لكن إبراهيم لم يمت حقا.. وإنما تظاهر بالموت هربا من المواجهة كذلك ليلي لم تقتل وإنما هربت مع حبيبها الإنجليزي إلي بريطانيا حيث تزوجته وأنجبت منه هذه الابنة التي نراها اليوم وقد أصبحت في السابعة عشرة من عمرها. ويلتقي إبراهيم بليلي الضحية التي أنقذها من الموت وأوهم الآخرين بموتها وموته معها تاركا زوجته أسماء وابنها وحيدين في هذا العالم الممزق. دائرة الوهم إنه يعود الآن مع مجيء ليلي مرة واحدة إلي ماضيه الذي صنعه بنفسه.. ويحاول الآن الخروج من دائرة الوهم التي عاش بها عشرين عاما، خصوصا بعد أن عرف أن زوجته تعاني مرضا خطيرا وأنها علي فراش الموت. إنه يعود إلي ماضيه ليري ابنه الذي أصبح ميكانيكي سيارات ثم يحاول رؤية زوجته التي تعاني سكرات الموت في مستشفي بسيط في إحدي نواحي القرية. وهنا يقدم لنا جان كلود قدسي مشهدا من أجمل المشاهد التي يمكن أن نراها في فيلم عربي.. إبراهيم يتقدم من سرير زوجته التي تعتقد أنها تعيش تهيؤات الموت إذ نري إبراهيم زوجها الراحل أمامها يمسك بيدها ويطلب غفرانها، وحينما تتأكد من هذه الحقيقة المرة تفارق الحياة تاركة إشارة استفهام كبيرة لدي ابنها الذي يطارد هذا الرجل الغريب الذي أتي إليهما من حيث لا يعرفان وكان سببا رئيسيا في موت أمه. يلاحقه ويضربه ضربا مبرحا ويتركه بين الحياة والموت دون أن يدرك أنه إنما يضرب أباه الذي رحل عنه قبل عشرين عاما. ويقرر إبراهيم عندئذ أن يصارح الجميع بما فعل معتقدا أن الأيام والسنوات العشرين قد أبعدت نهائيا كتلة الأحقاد والغضب والكراهية التي دفعته إلي ارتكاب ما فعل. ولكن هذا الاعتراف الذي قلب الموازين كلها يثير غضب والد العم رياض الذي حمل عار ابنه عشرين عاما.. رياض الذي اتهم ظلما بالجبن والتخاذل وأصبح حديث أهل القرية.. ومات ميتة الجبناء، ودفن في مقابر الفقراء. الأب المكلوم الآن يريد الثأر لابنه البريء، بأن يقتل إبراهيم الزائف.. مدعي البطولة خصوصا بعد أن ظهرت ليلي من جديد أمام أهل القرية مع ابنتها الشابة وزوجها الأجنبي. لا أريد أن استفيض بشرح تفاصيل مفاجآت هذا الفيلم البديع الذي اتخذ إطار الفيلم البوليسي ليمس قضية من أكثر القضايا سخونة والتي يعيشها المجتمع القروي في الشرق قضية الدفاع عن الشرف المثلوم الذي لا يعود لمعانه إلا إذا أريقت علي جوانبه الدماء. السر الرهيب ولا أريد أن أكشف السر الرهيب الذي دفع إبراهيم إلي قتل رياض وإنقاذ ليلي، لأن جان كلود قدسي في هذا الفيلم الذي يقدمه لنا علي طريقة العلب الروسية الشهيرة، حيث عندما تفتح علبة نخبة في بطنها علبة أصغر منها.. وهكذا دواليك. «رجل الشرف» يستخدم لعبة الدمن الروسية هذه، فيقدم لنا في كل ربع ساعة لنا مفاجأة تأخذنا إلي ميدان آخر لم نكن نتوقعه.. حتي نصل إلي القاع المذهل الذي يفاجئنا بما لم نكن ننتظره قط. رجل الشرف.. ارتكز علي سيناريو شديد البراعة.. وعلي إخراج متقن واع.. اعتمد علي إيقاع لاهث منفرد وعلي أداء شديد الدفء.. خصوصا في الأدوار النسائية كدور ليلي الضحية.. ودور أسماء الزوجة التي تعاني سكرات الموت. كما نجح في رسم الأجواء الريفية المتعصبة والأفكار الضيقة.. وعادات الثأر الدموية التي تدور في حلقة مفرغة. إلي جانب تركيزه علي مشاهد تشي بقدرته السينمائية ونظرته الشعرية كمشهد «غسيل الميتة» علي أنغام آهات حزينة متصاعدة.. ومشهد لقاء إبراهيم الأب.. مع ابنه الميكانيكي الذي لا يعرفه.. وموجة الحنين الطاغية التي عصفت بهذا الأب.. الذي عاش منفيا من نفسه ومن مجتمعه ومن أسرته لأنه أحب ودافع عمن يحب حتي ادعاء الموت. «رجل شريف» يؤكد صعود السينما اللبنانية وخصوصيتها فبعد أفلام نادين لبكي التي نجحت في إيجاد عروض عالمية لها وأفلام دانييل عربيد المثيرة والجريئة، ها هو جان كلود قدسي يقدم لنا صفحة جديدة من اتجاهات السينما اللبنانية المعاصرة قصة حارة تعالج داءً اجتماعيا مزمنا عن طريق سيناريو بوليسي مشوق يخفي وراءه تقلبات النفس البشرية وتناقضاتها وأسرارها الدفينة. قد يكون سيناريو «رجل شريف» هو الأبرز وضوحا في هذا الفيلم اللبناني الجيد الصنع.. لكن تكمن وراء هذا السيناريو الناجح عين سينمائية واعية وحس جمالي رهيف وتوصيف سينمائي مدهش لقضية كانت ولاتزال تشغل بال مجتمعاتنا التي تتمسك بتقاليدها البالية.. وتسعي إلي أن تكلل بالدم ورد الحب النضير.. تاركة الغربان السود.. تحلق فوق الجثث المتروكة بالعراء وناظرة بقلق إلي الطيور البيضاء الصغيرة التي تغادر مسرعة هذه السماء الواسعة التي التهبت بنار الحقد والكراهية.

جريدة القاهرة في

14/08/2012

 

"غش الزوجية" ..كوميديا تحترم العائلات

بقلم : آلاء لاشين 

كتب السيناريو لؤي السيد رغم أنه قدم فكرة تقليدية ومستهلكة من قبل في الأفلام الأبيض والأسود والأمريكية إلا أنه صاغ تلك الفكرة المقررة بشكل كوميدي شبابي مواكب للعصر ابتعد فيه عن الموضة السائدة وهي كوميديا الابتذال * قدم رامز دورمتزن إلي حد كبير بالنسبة لأدواره السابقة وشعرت أنه أصبح علي وشك فهمه معني النضوج الفني وأنه أصبح يستوعب أن الوقوف أمام الكاميرا لا يقتصر علي المقالب والمفرقعات التي يفعلها مع أصدقائه كنت أتوقع في فيلم ( غش الزوجية) أن أري كما من المشاهد التي تعتمد علي الرقص والعري كما في الأغنية الخاصة لدعاية الفيلم، ولكنني رأيت العكس, فقد شاهدت فيلما رقيا يسعي الي اسعاد الجمهور مما يترتب عليه النجاح الجماهيري، وهذا ما حققه الفيلم لأنه قدم كوميديا محترمة بلا اسفاف وهذا ما أصبحنا للأسف نفتقده في أفلامنا الكوميدية .فقد ارتبط مفهوم الكوميديا بالاسفاف ابتعد صناع الفيلم هنا عن هذا المنوال، وقدموا فيلما علي الطريقة الأمريكية " ضحك في البداية + موقف رومانسي + حدث يفسد هذه العلاقة + وفي النهاية يتصالح أبطال الفيلم وهي عملية كيميائية كوميدية لا تخدش الحياء و تستطيع أن تشاهدها مع عائلتك علي عكس أفلام أخري تسئ الي السينما والأسرة. غش الزوجية ينتمي الي نوعية الأفلام الخفيفة الصيفية فهو وجبة سينمائية ليست دسمة ولكنها ظريفة ملائمة للأجواء العامة التي نعيشها هذة الأيام ولو حتي لدقائق تفصل بها عن الواقع الذي نعيشه. علاقات نسائية (حازم) رامز جلال متعدد العلاقات النسائية، يتعرض والده (بدران كامل) الفنان حسن حسني رجل الأعمال لأزمة مالية تجعله يتفق مع ابنه للزواج من (سلمي) إيمي سمير غانم لاعبة كرة قدم وابنة مدير البنك الذين يريدون منه الحصول علي قرض سريع للخروج من الأزمة المالية. كتب السيناريو لؤي السيد رغم أنه قدم فكرة تقليدية ومستهلكة من قبل في الأفلام الأبيض والأسود والأمريكية الا انه صاغ تلك الفكرة المقررة بشكل كوميدي شبابي مواكب للعصر ابتعد فيه عن الموضة السائدة وهي كوميديا الابتذال وقدم كوميديا خفيفة غير مكلفة، كما انه قدم الشخصيات بطريقة متساوية فلم تمل عين المشاهد من كثرة ظهور شخص واحد علي الشاشة بل كان التوزيع جيدا للشخصيات كالأفلام الأمريكية الاجتماعية التي تعتمد علي شخصيات كثيرة ولا يتوه المشاهد معها وهذا ماحدث أيضا بهذا الفيلم . عندما نقوم بتقييم عمل فني، نقيمه بناء علي نوعيته وأنا أفضل ايضا بجانب هذا العودة لأعمال أبطاله السابقة وهذا الفيلم يأتي من أحسن أفلام رامز جلال التي قدمها علي الشاشة، فشبه منحرف، و«حد سامع حاجة» فيلمين من الأفضل الا يتذكرهم المشاهد، بينما «أحلام الفتي الطائش» كان مقبولا بالنسبة لهم . دور مختلف قدم رامز هنا دورا مقبولا ومتزنا الي حد كبير بالنسبة لأدواره السابقة وشعرت أنه أصبح علي وشك فهمه معني النضوج الفني وأنه أصبح يستوعب أن الوقوف أمام الكاميرا لا يقتصر علي المقالب والمفرقعات التي يفعلها مع أصدقائه، بل يستطيع أن يقدم من خلال فنه رسائل مهمة لأن الفن مرآة المجتمع وعليه أن يبدأ في تغيير جلده حتي لاينحصر في هذا القالب ويصبح يسير بالعكس بدلا من الهبوط للصعود الي الصعود للهبوط. (إيمي سمير غانم) قدمت دور سلمي الفتاة المسترجلة التي سبقت وقدمته من قبل شقيقتها الفنانة (دنيا) في فيلم «الفرح» فأجادت تقديمه واستطاعت ايمي أن تضع بصمة مميزة داخل الأحداث والسينما عموما لتثبت انها قادرة علي التنوع في الأدوار وانها موهوبة ومحترفة مثل شقيقتها وعائلتها. (ادوارد) تغير بشكل كبير في هذا الفيلم آداؤه المصطنع فقدم هنا أداء أقل اصطناعا وبه كوميديا. (حسن حسني) قدم دور والد حازم هي شخصية اعتدنا ان يقدمها كثيرا خاصة في أفلام رامز جلال، ولكن كان الدور هنا به كما من الكوميديا المضحكة فأغلب الافيهات الكوميدية كان يقولها و استحوذ بها فهذة المرة امتلك نصيب الأسد في اسعاد الجمهور ورسم البسمة علي شفاههم في هذة الظروف . (أغنية الخصام ممنوع) من كلمات الشاعر الغنائي ملاك عادل و ألحان محمد عبد المنعم، أغنية ظريفة أجاد رامز استحضار نبرة صوت المطرب (محمد فؤاد) لكي يؤدي بها الأغنية، ووضعت في الفيلم لتلخيص أحداث فيه فجاءت كلماتها غير مبتذلة علي عكس أغاني دعاية الأفلام التي تمتلئ بالاسفاف والألفاظ الجريئة، وكان من الأفضل أن هذه الأغنية تعرض لدعاية الفيلم بدلا من الأغنية التي نشاهدها علي الفضائيات التي يظهر فيها رامز مع عبد الباسط حمودة حتي تكتمل الصورة المحترمة التي قدم بها الفيلم . سينما تحترم المشاهد المخرج (أحمد البدري) اختلفت تماما هنا رؤيته الاخراجية عن فيلم ( جيم اوفر ) فقد كنت علي حق عندما قلت انه ترك نفسه للسبكي يحركه كما يشاء، فهنا اختلف تماما العمل فهو أيضا عمل كوميدي ولكنه ظهر بصورة محترمة بعيدة عن الابتذال وبشكل جيد يحترم الكثير من العائلات التي افتقدت هذة النوعية من الافلام الكوميدية بسبب الاسفاف والألفاظ الجريئة، فقد عدت من جديد في هذا الفيلم أحمد البدري الذي نعرفه من خلال أعماله الجيدة المحترمة، فالاخراج هنا كان جيد وادارة الممثلين كانت واضحة يكفي تقديم رامز بشكل جديد أقرب الي الاتزان والنضج .وقللت من الاصطناع الذي يقدمه ادوارد في ادواره ومواقع التصوير كانت مناسبة وجيدة . وأخيرا ففيلم (غش الزوجية) عملا مضحك كثيرا ينتمي لنوعية الافلام الخفيفة المحترمة العائلية .

جريدة القاهرة في

14/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)