حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"أنا مرتزق أبيض" وأفلام خسرتها جوائز المهرجانات

رامي عبد الرازق

 

يقول الناقد سمير فريد إن هناك أفلام تحتاج إلى المهرجانات وأفلام أخرى تحتاج إليها المهرجانات كي تكتسب اهميتها, ونستطيع أن نضيف إن هناك افلاما تخسر الجوائز وافلاما اخرى تخسرها الجوائز حيث كما يشرف الفيلم بالجائزة تشرف الجائزة بأنها ممنوحة لفيلم جيد. ويمكن أن نلمس هذا في عدد من الأفلام الوثائقية التي عرضت ضمن فعاليات مهرجان الأسماعيلية في دورته الخامسة عشرة حيث ضم البرنامج أكثر من فيلم جيد كسب المهرجان بعرضه واعتبرت دورته مميزة بسببه ولكن خسرتهم جوائز المهرجان ولم يخسروها.

من هذه الأفلام الفيلم العراقي "أنا مرتزق أبيض" للمخرج طه كريمي, وفيلم"ايطاليا أحبها أو غادرها" للمخرجين"جوستاف هوفر" و"لوكا راجزا "وكلا الفيلمين عرضا ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة.

شندلر الكردي

"انا مرتزق أبيض" تجربة المخرج طه كريمي تنتمي إلى التسجيلية الشعرية رغم ظاهرها السياسي حيث يعتبر الفيلم من أنضج التجارب التي تناولت الهولوكوست الكردي الشهير المعروف بعملية الأنفال العسكرية التي قادها نظام صدام حسين عام 88 على اقليم كردستان وراح ضحيتها 182000 كردي.

نحن أمام محاكمة شعرية ذاتية يقوم بها أحد الجنرالات الأكراد "سعيد جاف" الذي تعاون مع نظام البعث خلال عملية الأنفال حيث أنه متهم بالاشتراك في القتل قبل ثلاثة وعشرين عاما ولا يزال يعاني إلى الأن من الآثار النفسية والذهنية المدمرة لهذا التعاون الذي لا ندري هل كان بإرادته أم أكره عليه.

التعبير المستخدم في العنوان"مرتزق أبيض" له دلالة شعرية هامة ويعني بها أنه وإن كان قد قام بالتعاون مع البعث لكنه لم يلطخ يده بالدم, كأن نقول"ثورة بيضاء", اي لم تسل دماء بسببها.

ان الجنرال الكردي يعترف بكونه مرتزق وهي مهنة دونية حيث لم يقل "جندي ابيض" أو جنرال على سبيل المثال ولكنه اعتبر نفسه اقرب للمرتزقة الذين يعملون من أجل المال وهو نوع من جلد الذات, لانه كما يعترف في الفيلم لم يقم بهذا من أجل المال ولكن في محاولة منه لإنقاذ بعض الأرواح من عنف ودموية الأنفال. وذهب في تشبيه نفسه بشخصية شندلر الألمانية الشهيرة التي قيل انها حمت بعض الأسر اليهودية من بطش النازي, فهو لم يقتل أحدا ومن هنا اعتبر نفسه (أبيض) اي ليس ملوثا بدماء قتلى الأنفال.

يقوم الفيلم على غياب التعليق الصوتي وكسر الأيهام الحاد بوجود بطل الفيلم راويا وشارحا ومستضيفا للشخصيات التي تُجرى معها اللقاءات وهم من الناجين من الأنفال والذين فقدوا أسرهم وأقاربهم قبل سنوات بل وساهم سعيد جاف نفسه في تهريبهم وفكرة كسر الإيهام هي جزء من دفاع سعيد عن نفسه فنحن نراه وهو يسأل الشخصيات عما فعله معهم وقت الحرب ولا نرى الشخصيات مباشرة تتحدث عما فعله أي يؤكد على فكرة المحاكمة والشهادة إخراجيا.

ولا يكتفي الفيلم بهذا الخط الأحادي للدفاع عن سعيد جاف ولكنه يقدم أيضا ممثل الادعاء أو الخصم دراميا والصوت المضاد للبطل وهو أحد الأشخاص الذين يتهمون سعيد جاف بأنه متواطئ مع نظام البعث ومذنب في عملية الانفال وأنه لم يكن ابيض في الاطلاق.

الموتى يحاكمون الأحياء

يقوم الجنرال الأبيض بعملية توثيق غريبة للشهداء وقتلى الانفال عن طريق جمع صورهم ووضعها في اطارت خشبية وكتابة عام الوفاة فوقها, والموتي في الفيلم اكثر حضورا من الاحياء بل وأكثر حركة منهم فثمة شعور بأن أحدا لم يبق في هذه القرية الكردية الفقيرة سوى بعض الناجين والخراف العجفاء والطيور البعيدة, إنها أشبه بقرية تعيش عقب نهاية العالم, ونحن نرى أهل القرى في اوضاع ثابتة امام الكاميرا يتحدثون لنا وينفون التهمة عن سعيد جاف بينما نرى الموتى يتحركون من خلال الصور الفوتغرافية المثبتة فوق الأطر الخشبية والتي يجوب بها الجنرال النادم أرض كردستان كأنه يستدعيهم أو يبعثهم ويشهدهم على الحاضر الجاف -المتمثل في واقع فقير وصحراوي كأنه لا يجد من يعمره- ويثبت للجميع أنه يحمل ذكراهم معه بل وشعوره بالذنب لأنه لم ينقذهم كما أنقذ غيرهم.

يقوم بعض الاشخاص بالفيلم بتلاوة أسماء الموتى من أقاربهم وذويهم وذلك في مشاهد تتقاطع بشكل سردي جيد مع المشاهد التي يلتقي فيها الجنرال مع أحد من الناجين ممن أنقذهم وكأن المخرج يريد أن يقول إنه في مقابل كل روح أنقذت ثمة عشرات الأرواح التي أزهقت.

ويتكرر هذا التقاطع السردي مع مشاهد الخصم الذي يتم الجنرال بالتواطئ وتسهيل عمليات القتل الجماعي حيث نرى الخصم في لقطة عامة واسعة وخلفه صفوف من شواهد القبور دلالة على أنه يمثل صوت الموتى أيضا واتهامهم للجنرال.

وتتكرر تيمة محاكمة الموتى للأحياء في المشاهد الأخيرة عندما يقف الجنرال في تكوين تخيلي خلف حواجز سور المقابر الحديدية كأنه في قفص اتهام وأمامه في الطرف الآخر يقف من أنقذهم ليشهدوا على براءته ولكن هذا المشهد "الكافكاوي" يصور بالكامل في المقابر حيث الموتى شهود وقضاة في نفس الوقت.

البكاء على الأطلال

وبتغييب صوت المعلق يعتمد المخرج في إطار التسجيلية الشعرية على الاستعارة والرمز فإلى جانب حركة صور الموتى فوق الموتوسيكل الخاص بالجنرال والذي يجوب به البلاد ثمة لقطات لأعشاش الطيور التي تسكن ابراج الكهرباء العالية والتي نراها ممتلئة دلالة السكون والسلام عند الحديث عن الوضع قبل الأنفال ثم خالية عند الوصول لرواية المذابح.

ويستعير المخرج تيمة البكاء على الأطلال وهي أحد أشهر تيمات الشعر العربي ليجعل الجنرال يقف كثيرا في تكوينات واضحة أمام وفوق أطلال القرى التي تحوي رفات من ذبحوا وقتلوا وهو في حالة من التحسر وجلد الذات, وفي نفس الوقت ومعبرا عن واقعه المعذب الذي يطارده ماض غامض واتهام خطير.

ويعتمد المخرج على الكاميرا الثابتة استلهاما لكادرات الصور الفوتغرافية التي نراها مجسدة في الصور التي يجمعها الجنرال للموتى, والصور الأخرى التي يحرص على التقاطها كتذكار مع الأحياء والناجين, والكادرات الثابتة في الفيلم هي نوع من اتساق الشكل مع المضمون فهو فيلم عن ألبومات الذكريات التي تحمل قسوة الماضي وذنوبه وعن واقع راكد وثابت وغير متطور.

ولا تتحرك الكاميرا تقريبا في الفيلم ولكن الكادر يتحرك, مثل المشاهد المصورة من فوق الدراجة البخارية الخاصة بالجنرال, ويحرص المخرج على صناعة تكوينات ذات عمق دلالي وشعوري تاركا الصورة تشرح وتعلق وتشير دون وجود ذلك الصوت العلوي اليقيني الذي يمثله التعليق الصوتي, او حتى صوت الجنرال من خارج الكادر, كي لا يؤثر على المتلقى ويظل متشككا في ماضيه.

بأي ذنب قتلوا؟

ويقتصد المخرج في استخدام الموسيقى كي لا يقع في جيب ميلودرامي فالغرض ليس البكاء على أرواح من ماتوا في الأنفال ولكن الفيلم يخرج من الخاص للعام عبر طرح السؤال الوجودي الأهم عن ضحايا الحروب والأنطمة القمعية(بأي ذنب قتلوا؟؟)

ولهذا يترك المخرج مساحة التأثير المطلوبة صوتيا للأصوات الطبيعية خاصة صوت الرياح التي تصفر فوق الأطلال الخربة (عودة للمخيلة الشعرية العربية), كما أنه يحافظ على وحدة الشخصية البصرية لفيلمه باستخدامه اللقطات الأرشيفية عبر شاشة التليفزيون الموجودة في منزل الجنرال سعيد جاف حيث نراه يشاهد لقطات أرشيفية لمجد صدام وجبروته وقت حملة الأنفال, وكأنه يعذب نفسه بالماضي او يبرر لذاته قبول التعاون او -وايضا- تصوير البيئة التاريخية للعملية العسكرية دون اللجوء للفلاش باك الصريح مونتاجيا حفاظا على الهوية الشعرية للفيلم ولا ننس أنه يشاهد هذه اللقطات اثناء عمليات تأطير صور الشهداء ودمغها بتاريخ الوفاة.

لقد استطاع المخرج عبر هذه الوحدة البصرية الخروج من حيز التجربة الخاصة والماضي الذاتي إلى افق العموم الانساني للتاكيد على كراهية الحرب ومدى فداحتها وقسوتها الغير مبررة في قتل البشر الأبرياء.

الجزيرة الوثائقية في

24/07/2012

 

''اسيلماير'' .. يكرم أصدقاء الثورة الجزائرية

ضـاويـة خـلـيفـة – الجـزائـر  

انتهى المخرج الفرنسي ''جان اسيلماير'' من جولته الفنية التي قادته إلى عدد من الولايات الجزائرية، لعرض فيلمه الوثائقي ''لقد التحقوا بالجبهة من أجل تحرير الجزائر''، فالانطلاقة التي كانت من سينماتيك الجزائر العاصمة شملت سيدي بلعباس، وهران، تلمسان و انتهت ببجاية، و هذا في إطار الذكرى الخمسين لعيدي الاستقلال و الشباب، فقد أراد ''اسيمليار'' أن يكرم أصدقاء الثورة الجزائرية ذوي الأصول الأوروبية من خلال هذه الالتفاتة التي استحسنها الكثيرون نظير التضحيات المقدمة من طرف أناس اجتمعوا لنصرة الشعب الأعزل، و رهنوا حريتهم باستقلال الجزائر، جاعلين ذلك تحديا كبيرا بل أكبر من الأساليب التي كانت تنتهجها فرنسا إبان احتلالها للجزائر، متعمدين نقل التعايش السلمي من مجرد فكرة إلى مشروع ناجح على أرض الواقع بامتياز.

''لقد التحقوا بالجبهة''، يقدم وبنسختين الأولى عربية والثانية فرنسية في 62 دقيقة يضم شهادات حية لأصدقاء الثورة الجزائرية الأوروبيين والأجانب الذين آمنوا بعدالة القضية والمطالب الشرعية للشعب الجزائري الباحث عن الاستقلال والحرية، فقد حاول المخرج إثراء الموضوع باستنطاق الذاكرة التاريخية وبالاعتماد على شهادات حية لأصدقاء الثورة، كما عمل على إظهار التضحيات التي قدمها هؤلاء ووقوفهم جنبا إلى جانب مع الجزائريين ضد جيوش فرنسا الاستعمارية تحت راية جبهة التحرير الوطني، معلنين بذلك تبنيهم مبادئ بيان الفاتح من نوفمبر 1954، و رفضهم كل أشكال العنف و القمع التي كان يمارسها الجيش الفرنسي ضد الشعب الجزائري الأعزل، كالمناضلة ''آني ستاينر'' التي كانت إحدى المحاور والركائز التي بنى المخرج عليها عمله، حيث أصرت صديقة الجزائر على حضور العرض الذي أُتبع بنقاش دام لساعتين.

وليقترب العمل أكثر من المشاهد ويلامس أحاسيسه ركز ''جان اسيميليار'' على العمليات التي كان يقوم بها الفدائيين المتعاطفين مع الثورة و المناضلين، مستنطقا و بنجاح الذاكرة التاريخية التي لا تزال تحتفظ بأدق التفاصيل، و هو ما أعطى للعمل قوة و مصداقية، تجعل المشاهد يفتخر بتاريخه وماضيه وبوجود أناس آمنوا بالثورة وعملوا على نصرتها إلى غاية الاستشهاد أو لحظة الاستقلال، فقد أيقظ المخرج من جديد مشاعر الجماهير لا سييما الأسرة الثورية التي استرجعت شريط الذكريات، وعادت بها خمسين سنة أو أكثر.

آني ستاينر، فليكس كويوزي، روبرتو مونيز، بيير شولي... نماذج و أمثلة حية لمناضلين أجانب شغفهم حب الحرية والاستقلال في جزائر الاستعمار، فما كان على المخرج إلا أن يتوقف عند كل واحد منهم، وبدورهم رصدوا كفاحهم بعد انضمامهم لجبهة التحرير الوطني آن ذاك، فكانت لكل واحد منه حكايته التي تختلف باختلاف المنطقة التي كان بها أيام الثورة التحريرية، لكنها في المقابل صورت قمة الشجاعة لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقوة الاضطهاد الذي لحق بهم على يد قوات الاحتلال، فما كان على الشعب الجزائري إلا أن يجعل منهم الجزء الذي لا يستأصل مهما حدث، وهو ما دفع بهؤلاء المستوطنين لاختيار الجزائر موطنهم الدائم إلى غاية يومنا هذا.

بكل صدق و بكثير من العفوية سردوا الكثير من الوقائع والأحداث التي تأثر لها الجمهور، حكايات ترجمت صور التلاحم مع أبناء الجزائر بإخلاص وبإيمان كبير بالقضية، ومن الشخصيات الثورية التي توقف عندها المخرج المناضلة الفرنسية ''آني ستاينز'' فمن خلال الشهادة التي قدمتها بدا تعلقها الكبير بالثورة التحريرية، و افتخارها بانتمائها في يوم من الأيام إلى هذه الثورة و إلى الأرض التي احتضنتها قائلة: ''اخترت البقاء إلى جانب الشعب الجزائري، لأني كنت دائما إلى جانب المحرومين''، كما استعرضت صديقة الجزائر مراحل كفاحها، وهي التي انخرطت في صفوف جبهة التجرير الوطني من ولاية سطيف، ولم يتعدى عمرها العشرين عاما، فقد تم توقيفها سنة 1956 و حكم عليها بالسجن 6 مرات، كان أولها سجن ''بربروس'' المسمى ''سركاجي'' حاليا، السجن الذي اعتقل وعذب فيه صناع و رجالات الثورة الجزائرية كشهيد المقصلة أحمد زبانة، و آخرون، فقد روت ''آني ستاينز'' كيف أنها عاشت الأمرين بسبب مواقفها الثابتة و الرافضة لكل أشكال الظلم التي كانت تمارس على الشعب الجزائري، الأمر الذي لم تهضمه فرنسا فزجت بها في سجونها.

لم تحصد الثورة الجزائرية تعاطف بعض الفرنسيين فحسب بل حصلت أيضا على تأييد من أبناء القارة الأمريكية، وهو حال المناضل الأرجنتيني ''روبرتو مونيز'' الذي بدأ يدافع عن القضية الجزائرية من موطنه الأصلي، من خلال التجمعات الطلابية التي كانت يشرف عليها بالأرجنتين، كما كان يزود ''مونيز'' المجاهدين بالأسلحة، و كان لالتحاقه بجبهة التحرير الوطني بالمغرب دفع كبير في صفوفها، كما تطرق ذات المتحدث إلى عمله الفدائي بعد التحاقه بالمصنع السرّي لصناعة الأسلحة و مقرّه المغرب حينها، ففي أحد المشاهد تحدث عن كيفية استعمال السلاح آن ذاك.

كما تضمن وثائقي ''لقد التحقوا بالجبهة'' شهادة المناضل الفرنسي ''بيار شولي'' صاحب كتاب ''اختيار الجزائر، صوتان و ذاكرة''، و الذي ساند بدوره الثورة الجزائرية من الناحية الإعلامية فقد كان من مؤسسي جريدة ''المجاهد'' لسان حال جبهة التحرير الوطني، فقد تحدث ''شولي'' عن اهتمامه المستمر بالجزائر قائلا أنه باندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954 شعر بالتحرر، معتبرا أن التضامن مع الشعب الجزائري و ثورته كان من منطلق الحق في الحرية و تطبيقا لمبدأ المساواة، فالحرية و المساواة حقان لا يجب أن يسلبا من صاحبهما، كما تخلل العمل أيضا شهادة ''فيليكس كولوزي'' النقابي الملتزم في الحركة التحرّرية، وذلك من خلال العودة إلى حي بلكور المسمى بلوزداد حاليا، الذي ترعرع فيه و تقاسم يومياته مع شهداء و معطوبي حرب التحرير.

العمل لم يقتصر على شهادات أصدقاء الثورة بل التفت كذلك إلى شهادات بعض المجاهدين الجزائريين كالمجاهد الطاهر حسين، عبد القادر قروج و زهير بسة و آخرين، كما التفت المخرج إلى بعض الأسماء الثورية خاصة الفرنسية منها و التي دخلت التاريخ من واسع أبوابه و كتبت اسمها في السجل الجزائري بأحرف من ذهب و التي لا تزال نضالاتها البطولية تروى حتى اليوم، كموريس أودان، الذي اختطف وعذّب حتى الموت من قبل رجال الجنرال ماسو، و هنري مايو الذي استشهد سنة 1957 بعد عملية قام بها بثكنة خميس مليانة، و كذا المناضل ''فرنان ايفتون'' الذي وضع قنبلة بمحطة الغار بالحامة بالعاصمة، والذي أضحى من رموز الثورة الجزائرية بعد إعدام السلطات الفرنسية له سنة 1956، ولا تزال الجزائر تحتفل بذكرى استشهاده سنويا، فمن العبارات التي قالها الرجل لحظات قبل استشهاده و التي تعبر عن شجاعته و تمسكه بحرية الوطن "سأموت ولكن الجزائر ستستقل"، فالملف الذي فتحه ''جان اسيمليار'' يتطلب حتما الوقوف على الأسماء الثورية البارزة التي لا يمكن تجاوزها.

وفي حديثه للجزيرة الوثائقية أكد ''اسيمليار'' أن اختيار هؤلاء المناضلين مثّل غالبية الأجانب الذين ساندوا الثورة و انخرطوا في صفوفها، فأصبحوا جزائريين، كما دعا إلى ضرورة توزيع هذه الانتاجات على المؤسسات التربوية و كذا القاعات السينمائية حتى يتسنى لكل الأجيال و لكل شرائح المجتمع معرفة الصدى الذي لقيته ثورة الجزائر في الداخل و الخارج، و لكي تساهم السينما في إظهار بطولات تستحق الذكر و الإشادة في كل حين و على حين غرة، فليس سهلا أن تتبنى ثورة غيرك لولا اقتناعك بعدالتها وأحقية شعبها في الاستقرار و الاستقلال، و في الأخير أكد المخرج الفرنسي ''جان اسيلماير'' أن هذا العمل الذي يضاف إلى سلسلة من الانتاجات كان قد بدأها منذ سنوات يعكس قناعاته ووجهة نظره من القضية.
وخطوة مثل هذه تحسب للمخرج الفرنسي ''جان اسيمليار'' الصديق للثورة الجزائرية، فيكفي أنه يحاول في كل مرة تسليط الضوء على الماضي المشرف لأبناء لم تنجبهم المحروسة فصاروا أبناءا لها و تعتز بهم أرض الجزائر.

جان اسيميليار في سطور:

مخرج فرنسي له العديد من الأفلام السينمائية و التوثيقية أبرزها :

1998معركة الإنتاج سنة

1999 بورتريه لرشيد قريشي

1999مسار الفنان روني فوتييه

2001هارولد بنتر

2002 نحن أيضا نحب حياة محمود درويش

2003ديسمبر 11

2003 نظرات مباشرة

2004 أوبرا الجزائر

2005 مسيرة جمال علام

2007قد اختاروا الجزائر

2012لقد التحقوا بالجبهة من أجل تحرير الجزائر

الجزيرة الوثائقية في

24/07/2012

 

احتلت مكانة بارزة في المشهد السينمائي الفرنسي والدولي

ماريون كوتيار.. شعرة بين التمثيل والتقليد

نديم جرجورة 

بُعيد احتفالها بفيلمها الأخير «عن الصدأ والعظم» للفرنسي جاك أوديار (المسابقة الرسمية لمهرجان «كانّ» السينمائي، أيّار 2012)، بدأت تصوير فيلم جديد لها بعنوان «حياة منخفضة» (ترجمة حرفية للعنوان الإنكليزي Low Life) للأميركي جيمس غراي. لم تكد تغادر «كانّ» حاملة معها كَمّاً هائلاً من الثناء والتقدير، بفضل دورها الفرنسي هذا (مُدرِّبة دلافين تتعرّض لحادث مأسوي قضى على ساقيها، قبل لقائها هامشيّاً مُعدماً يُصبح امتدادها الحياتي)، حتّى وجدت في «استديو كوفمان أستوريا» في نيويورك امتداداً حياتياً من نوع آخر: تثبيت حضور سينمائي لممثلة أتقنت فرادة التمايز عبر التماهي بالشخصية إلى حدود الامّحاء، من دون أن يُشكّل الامّحاء تغييباً لبراعة الأداء التمثيلي الاحترافي في صناعة الصورة المطلوبة منها عن الشخصية.

من «عن الصدأ والعظم» إلى «حياة منخفضة»، خطت الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار (مواليد باريس، 30 أيلول 1975) خطوة إضافية على طريق التمثيل الاحترافي. قبل جيمس غراي، اشتغلت كوتيار مع سينمائيين أميركيين كبار: تيم بورتون («سمكة كبيرة»، 2003)، مايكل مان («عدو الشعب»، 2009)، روب مارشال («تسعة»، 2009)، كريستوفر نولان («ابتداء»، 2010). غير أن مفارقات عديدة وسمت مسارها التمثيلي منذ بداياتها الفنية، المتمثّلة بأدوار تلفزيونية عابرة. مفارقات عدّة، جعلتها تحتلّ مكانة بارزة في المشهد السينمائي الفرنسي، والدولي لاحقاً. أول ظهور صادم لها كان بفضل شخصية تينا لومباردي في «يوم أحد طويل مليء بحالات الخطبة» (2004) لجان ـ بيار جوني. النتيجة: دور ساحر وأداء رفيع المستوى، منحاها جائزة «سيزار» الفرنسية في فئة أفضل ممثلة ثانية. صحيح أن مشاركتها في الأجزاء الثلاثة الأولى (1998، 2000، 2003) من سلسلة «تاكسي» للمنتج لوك بوسّون وضعتها في المشهد الأمامي، وأعطتها شعبية كبيرة، ومنحتها أول ترشيح لجائزة «سيزار» في فئة أفضل ممثلة عن دورها في الجزء الأول. صحيح أيضاً أن تربيتها التمثيلية والتأثيرات الإبداعية لوالديها الممثلين نسيما ثييو وجان ـ كلود كوتيار لعبت دوراً أساسياً في صقل موهبتها، ودفعتها في طريق الفن بشكل أسلم وأمتن. لكن عملها مع جوني شكّل المنعطف الأساسي الأول لها، قبل ثلاثة أعوام فقط على تأديتها شخصية إيديث بياف في «الصبيّة» (2007) لأوليفييه داهان: أحد أجمل أدوارها السينمائية، مخترقة بفضله شكل بياف وروحها إلى أقصى حدّ ممكن. قدّمت درساً في التمثيل، أفاد بأن الاندغام المطلق بالشخصية الحقيقية يجب ألاّ يُلغي حساسية الممثل في التقاط السمات الواقعية للشخصية نفسها، وفي فهم أبعادها والإحساس بنبضها. أفاد بأن تأدية دور متعلّق بشخصية حقيقية يعني السير على الحدّ القاسي بين التمثيل والتقليد، حيث يُمكن للممثل أن يقع سريعاً في فخّ التقليد، إن لم يُحصِّن نفسه بالاشتغال على قواعد التمثيل، وعلى التماهي بالشخصية الحقيقية إلى اللحظة التي تجعله يتحرّر منها عند وقوفه أمام الكاميرا: «في كل مرّة أوافق على التمثيل في فيلم ما، أغرق فيه كلّياً من بدايته حتى النهاية. أضع حياتي جانباً»، كما قالت كوتيار في حوار فسّرت فيه علاقتها التمثيلية بالفيلم الجديد «عن الصدأ والعظم». أضافت: «هنا (في فيلمها الأخير هذا) كان الأمر مستحيلاً. إذا كانت هذه المغامرة مؤلمة أحياناً وصعبة غالباً، فهي باتت في النهاية جديدة وأخّاذة بشكل كامل. سُحرتُ مباشرة بشخصية ستفاني (في فيلم أوديار). لكنّي شعرتُ بسرعة أيضاً أنها بعيدة جداً عنّي. كل اتصال مباشر بها بدا لي مستحيلاً. هذا شكّل جزءاً من رغبتي في الموافقة على المشروع: عندما أمثّل في فيلم، أحبّ أن أشعر بإمكانية عدم قدرتي على التمثيل فيه. هنا، لم أعرف ما إذا كنتُ سأنجح في فهم ستفاني (أم لا). لكنّي كنتُ مقتنعة بأن طريقي إليها ستكون، في وقت واحد، مثيرة ومُدوِّخة».

«الفتوّة في السينما المصرية» تنقلب الى بلطجة في الشارع

نديم جرجورة 

حدّدت الباحثة المصرية ناهد صلاح موضوع كتابها «الفتوّة في السينما المصرية» (سلسلة «كتاب اليوم»، القاهرة، العدد 571، حزيران 2012) بالقول إنه عن «الفتوّة»، وعن «كيف صنعه الواقع وعبّرت عنه السينما» (ص. 17). التحديد واضح المعالم. مستهلّ الكتاب مفتوح على أسئلة نابعة من هذا التحديد. الكتاب عبارة عن تحليل اجتماعي ثقافي نفسيّ لظاهرة الفتوّة. عن حضور هذه الظاهرة، بأبطالها الشعبيين الحقيقيين، في البيئة الاجتماعية، وفي الأدب أيضاً. هذا كلّه قبل التطرّق إلى السينما، من خلال أفلام معينة ارتكزت على ظاهرة «الفتوّة»، أو تناولت «الفتوّات» بتفاصيل عيشهم، وأساليب ممارستهم بطولة التصدّي للشرّ وناسه، والدفاع عن الخير وأصحابه.

انطلق البحث من الراهن المصري، المنبثق من «ثورة 25 يناير». أو بالأحرى، المنبثق من الحالة المصرية العامّة في الأعوام السابقة لهذه «الثورة»، والمتمثّلة بشيوع «البلطجية»، الذين شوّهوا الصورة النبيلة للفتوّات، بتغليب الشرّ في نفوسهم على النيّة الحسنة، وعلى الموقف الإنساني الخلاّق في الدفاع عن المقهور والفقير والمظلوم. المقارنة بين الظاهرتين نقدية ومعمّقة. المعلومات المُقدَّمة عن «البلطجية» مستندة إلى أرقام وأبحاث ودراسات. هذا جزءٌ أساسي من الكتاب. فعلى الرغم من إطالة اقتباسات داعمة لفكرة أو لوجهة نظر معيّنة، حافظ التحليل النقدي على مناخ علمي في مقاربة المسألة، اجتماعياً ووظيفياً. تكاثرت المراجع المتعلّقة بالفتوّة. أبرزها روايات نجيب محفوظ، المخزون الأدبي التاريخي لهذه الظاهرة. تكاثرت المصادر المتعلّقة بالبلطجية أيضاً. هذا سهّل الدخول إلى عالمي الأدب المحفوظيّ والسينما. سهّل قراءة التاريخ، وفهم الآنيّ أيضاً. التكاثر مفيد. الإطالة في الاقتباسات ساهمت في تبيان معالم الظاهرة. غير أن المشكلة كامنةٌ في التداخل «الشكليّ» بين الاقتباس والنصّ الأصلي للكتاب. هذا يعني حاجة النص الأصلي إلى تحرير لغوي. إلى تضمينه فواصل و«مزدوجات» وغيرها، لكي تستقيم القراءة.

«الفتوّة في السينما المصرية» سردٌ تأريخي وأدبي وسينمائي ممتع. الإحاطة بالموضوع متماسكة. التفسير اللغوي حاضرٌ بدوره، المتعلّق بالفتوّة والفتوّات، والخاصّ بالبلطجية والبلطجيين. تطرّقت ناهد صلاح إلى شؤون عدّة. بالإضافة إلى التأريخ والاجتماع واللغة والأدب، ارتكازاً على أقوال وتحاليل لباحثين وأدباء وسينمائيين، قدّمت صلاح صُوَراً مختَزَلة ومُكثّفة عن العلاقة القائمة بين السينما والأدب بالنسبة إلى الفتوّة: «عبّرت السينما المصرية عن نموذج الفتوّة كبطل شعبي في أغلب الأحيان، على أنه نموذج إيجابي يناصر المظلومين، وينفّذ قوانين العدالة بطريقته» (ص. 59). شدّدت على أن «أفلام الفتوّات» ملمح مميّز «تفرّدت به السينما المصرية» من دون سواها. استشهدت بما كتبه هاشم النحاس في «نجيب محفوظ على الشاشة»، إذ ذكر أن عدد هذه الأفلام تسعة أهمها فيلما «الشيطان يعظ» (1981) لأشرف فهمي و«الجوع» (1986) لعلي بدرخان. نقلت عن المخرج سمير سيف تأكيده أن «فتوّات الحسينية» (1954) لنيازي مصطفى «البذرة الأساسية لكل هذه الأعمال الأدبية والسينمائية» (ص. 64). رأت أن هناك أفلاماً شوّهت المعنى السامي للفتوّة، لأنها استخدمتها في أفلام حركة وتشويق لا علاقة لها بروح الفتوّة وفضائها الإنساني والأخلاقي والاجتماعي، متّخذة من «فتوّات بولاق» (1981) ليحيى العلمي نموذجاً. تحدّثت عن المرأة ودورها في حياة الفتوّات وسلوكهم. عن المرأة وواقعها في السينما أولاً، وفي أفلام الفتوّات ثانياً. سردت مضامين أفلام جعلتها أمثلة على تحليلها. اختصرت الحبكة، محلّلة مفاصل وتفاصيل وأبعاداً فيها. غذّت فصول الكتاب بأفلام معنيّة بالموضوع، وبلقاءات بالمخرج علي بدرخان والممثل نور الشريف وكاتبيّ سيناريوهات يسري الجندي ووحيد حامد.

كتاب ناهد صلاح محاولة جدّية لقراءة واقع وتاريخ. قراءة محتاجة إلى صوغ جديد للنص، لغوياً وشكلياً. لكنها قراءة ممتعة أيضاً، ربطت الأزمنة بالأمكنة، وبعض العلوم الإنسانية بالخلق الإبداعي، أدبياً وسينمائياً.

السفير اللبنانية في

24/07/2012

 

 

سوزان ساراندون:

الطلاق فرصة للارتقاء بالشخصية

الياس توما من براغ:  

اعتبرت الممثلة الأمريكية الشهيرة سوزان ساراندون الطلاق بأنه يمثل فرصة هائلة كي يتقدم الإنسان إلى الأمام ون يرتقي في شخصيته قليلا رغم أن تجربة الطلاق المريرة التي مرت بها جعلها تفقد كل الأحلام حول الحب والشراكة الزوجية.

تقول ساراندون الحاصلة في عام 1995 على جائزة الاوسكار بأنها شعرت بعد طلاقها من زوجها الممثل والمخرج تيم روبينز بعد 23 عاما من الزواج بأنها شعرت بأنها حجرة ملقى بها وبأنها فاقدة للمقدرة على فعل أي شيء.

وتضيف لقد اعتبرت الأمر بأنه خسارة وهزيمة لها لكنها أيقنت لاحقا بان الطلاق يمثل فرصة هائلة للتقدم نحو الأمام والارتقاء بالنفس قليلا معترفة أنها بعد الطلاق فقدت كل التصورات المثالية التي كانت قائمة لديها حول الحب والشراكة الزوجية.

واعترفت بأنها كانت تظن بان الحب قادر على التغلب على كل المصاعب غير أنها أعادت تقييم هذا التفكير لها بسرعة جدا مشيرة إلى أنها كانت سعيدة في حياتها مع توم لأنه كان يمنحها دائما الشعور بالاستثنائية وكان يثبت لها في كل مناسبة بأنها تتواجد في المقام الأول في حياته.

ورأت أن من الممكن أن حياتهما الزوجية قد طالت كل هذه الفترة كونهما لم يكونا يشاهدان بعضهما يوميا وان من الممكن أن ما يدمر الحياة الزوجية هو مشاهدة الزوجيين لبعضهما يوميا وبالتالي يبدأن بعد فترة من الوقت بالشعور بالملل.

حب أم شراكة

أتاحت فرصة افتتاح سوزان لنادي للعب البينغ بونغ بعد طلاقها من تيم ليس فقط تحقيق احد أحلامها وإملاء وقتها مع أصدقاء لها بممارسة لعبة تحبها وإنما أيضا التعرف بحب جديد وجدته في رجل يبلغ من العمر اليوم 43 عاما اسمه جوناثان بريكلين .

وتتجنب سوزان إلى اليوم اعتراف بأنها تعيش قصة حب معه رغم الفارق الواضح في العمر بينهما قائلة " لا أستطيع القول بأننا شريكان مباشران وإنما نتعاون في الكثير من المجالات ".

وقد حاولت صحيفة ذي تلغراف البريطانية أن تنقب أكثر في حياتها في هذا المجال ولذلك سألتها بصراحة فيما إذا كانت الشائعات التي تتحدث عن أن هذا الرجل هو عشيقها صحيحة أم لا فقالت لا تتحدثوا عن أننا عشاق أبدا فلدينا الكثير من المشاريع المشتركة وجوناثان هو رجل رائع غير أنني لا أطيق كلمة موعد غرامي.

ولم يستسلم محرر الصحيفة لهذا الجواب الغامض فمضى يسال بشكل مباشر " إذا كنتما لا تصاحبان بعضكما وإنما تتعاونان فقط فهل تنامان سوية " فأجابت ضاحكة ولكن لماذا لا تعجبكم كلمة تعاون.

متعددة الاهتمامات

تختلف سوزان عن غيرها من ممثلات هوليود في أنها تنشط في العديد من المجالات وتمتلك الجرأة لقول ما تريده بدون خوف الأمر الذي يسبب لها المشاكل أحيانا فعندما تحدثت مثلا أثناء حفل تسلم جوائز الاوسكار في عام 1993 عن اللاجئين من هاييتي وضع اسمها على اللائحة السوداء لدى منظمي مثل هذه الفعاليات وخلال مظاهرة ضد إطلاق النار على المهاجرين السود انتهى بها الأمر إلى دخول السجن كما تلقت تهديدات بسبب وقوفها ضد غزو العراق من قبل الأمريكيين وقد سبق ذلك بسنوات طويلة مشاركتها في مظاهرات ضد الحرب الأمريكية في فيتنام الأمر الذي سبب لها كسر بعض أسنانها.
ويأخذ عليها البعض قولها بعض العبارات الحادة في توصيف بعض الأشخاص والأشياء مثل وصفها لبابا الفاتيكان الحالي بأنه نازي وقولها عن الفرق بين المسرح وبين السينما بأنه مثل الفرق بين المضاجعة وبين ممارسة العادة السرية.

لا لعمليات التجميل

تعترف سوزان بأنها تمتلك خوفا كبيرا من حقن البوتوكس لأنها كممثلة تحتاج إلى استخدام وجهها في التعبير أثناء تصوير الأفلام ولذلك لا يمكن له التواجد أمام الكاميرات دائما بنفس تعابير الوجه غير أنها تسارع إلى التأكيد بأنها مع حق كل امرأة في التعامل مع جسدها حسب ما تراه مناسبا لها.

وتعيد سوزان سر احتفاظها بجمالها ورشاقتها حتى الآن إلى الجينات التي ورثتها والى التفكير الايجابي الذي تمتلكه والى قناعتها بان على الإنسان أن يبدأ يوما جديدا كل يوم حتى لو كان غارقا في الوحل في اليوم السابق وارتكب الأخطاء فيه.

إيلاف في

24/07/2012

 

«جيم أوفـــر»..

سينما علي طريقة السبكي

بقلم : آلاء لاشين 

أهم مايميز فن السينما هي قدرتها العجيبة علي رسم الدهشة علي وجوه المشاهدين سواء دهشة سلبية أوايجابية. ولكنها هنا دهشة سلبية،,وان كان اسم الفيلم قد تطابق مع محتواه فجاء معبرا جدا فجيم اوفر تُكتب عند الانتهاء من شيء بالخسارة وليس المكسب وهذا هو حال أبطال الفيلم. عندما علمت أن الفنانة «يسرا» تقدم فيلما مع السبكي ظننتها اشاعة ولم اصدقها ولكنني عندما شاهدت الفيلم بالفعل شعرت بان جزءا من تاريخ السينما قد انهار في لحظة تهور أقدمت عليها الفنانة يسرا بتقديمها تلك النوعية من الأفلام الهابطة. لقد سقطت يسرا في مستنقع السبكي ولم تستطع موهبتها انقاذها فكان هذا الفيلم جيم أوفر بالنسبة لمشوارها الفني. مذيعة متسلطة المذيعة المتسلطة «لقاء» يسرا التي تهتم بجمالها وعملها لكن يأتي اليوم الذي تستغني فيه القناة عن خدماتها فتتذكر كم ضحت من أجل هذا العمل وكيف أنها قصرت في تربية ابنها من أجله فتقرر أن تتفرغ له لكي تعوضه ولكنها تكتشف انه يعيش قصة حب مع فتاة تدعي ندي «مي عز الدين» التي تعمل في احد الفنادق عاملة نظافة في خدمة الغرف ويصر علي الزواج منها فتحاول الأم بشتي الطرق أن تتخلص منها اقتباس كعادة افلام السبكي الفيلم مقتبس عن الفيلم الأمريكي «مونستر أن لو» بطولة جينفر لوبيز وجين فوندا والمخرج روبرت لوكتيك لكن تم يتمصيره. وانا أقول إنه تم افساده وليس تمصيره وأساء الي القصة والعمل الأصلي حتي انني أشفق علي كاتب هذا السيناريو «محمد القواشطي» باجهاده لفكره لكي يضع حوارا لهذا الفيلم فالسيناريو مقحم بمشاهد ليس لها أهمية ولا تبرير درامي لكنها تحت مسمي الكوميديا فمثلا مشهد ارتداء يسرا لملابس الهنود الحمر ورقص مي عز الدين وتوارد الخواطر بين مي ومحمد نور عندما كان كل منهما يرسم الاخر فكانت بصمة السبكي واضحة في هذه المشاهد الكارتونية الساذجة. ورقص مي داخل المطعم ووضعها للميكروفون لكي تسمع حديث يسرا وعزت أبو عوف لا يحدث حتي في أفلام الخيال العلمي. فأفلام السبكي لا تحترم عقلية المشاهد بل تعمل علي تدميرها. أغنية «حقي برقبتي» أقحمت علي السيناريو للدعاية وليس أكثر من ذلك فالسبكي يهوي أغاني «التوك توك» أملا في جذب الجمهور. ومونتاج الأغنية كان سيئا ومفككا وأظهرها بشكل أسوأ مما كانت سوف تكون عليه. كما أن الحركات التي أدتها يسرا داخل الأغنية لا تناسبها شكلا وموضوعا. فقد أراد صناع العمل اضافة أشياء علي الفيلم الأمريكي فتحولت الي مأساة عرفت باسم «جيم أوفر». السؤال الصعب والسؤال هنا لماذا فعلت يسرا في نفسها وتاريخها هذا !!!! لقد هان عليها تشويه تاريخها ومشوارها الفني بقبولها هذا الفيلم فكم الاستظراف كان زائدا لحد الاشمئزاز من العمل ويكفي أغنية حقي برقبتي «مي عز الدين» استحلت البطولات المطلقة لكن للأسف جميعها لم تقدمها بشكل جديد ولا تضيف لها شيئاً.. بل تضعف من امكانياتها الفنية وتجعلها ظاهرة سوف تختفي في أقرب وقت فقد عملت مي علي تدمير نفسها بنفسها. فعليها أن تكف عن أدوار الكوميديا الهزلية التي تقدمها لأنها لن ولم تضحك الجمهور. الطفل «أوشة» ما هو الا وسيلة دعائية للفيلم وليس له أهمية. «محمد نور» ليس له أي علاقة بالتمثيل فهو يحتاج الي تدريبات كثيرة ومكثفة حتي يستطيع أن يقف أمام الكاميرا فكل ما كان يفعله داخل الفيلم هو القاء الكلام والسلام وهذه ليست مشكلته لأنها تقع علي عاتق المخرج لانه هو المسئول عن العمل. واتمني أن يركز في الغناء أفضل من التمثيل حتي لا يفقد جمهوره. «امل رزق» رغم صغر حجم دورها ولكنه كان مقبولا وتقريبا هي أحسن ما قدم دوره داخل الفيلم. «عزت أبو عوف» قال إنه نادم علي تجربة «أيظن» وبالنسبة لهذا الفيلم لم يشعر بالندم علي المشاركة فيه !!! ام هي مجاملة للفنانة يسرا. «ايمان السيد» اذا ظلت هكذا سوف تحترق سريعا فالآن أصبحت مشهورة وعليها تطوير ادائها. ولو كان الأمر بيدي لكنت طبقت قانون «العزل في السينما» وتركنا فيها المبدعين فقط الذين يقدمون أفلاما تحترم عقلية المشاهدين وتنهض بالمجتمعات. الموسيقي التصويرية التي وضعها محمود طلعت كانت تتحدث عن نفسها فالفيلم لم يكن به شيء جيد سوي موسيقاه. التصوير كان للدكتور محسن احمد الذي أضاء المشاهد بطريقة جيدة فهو متميز في الاضاءة و اختيار زوايا الكاميرا وتصوير الفيلم هو الحسنة الوحيدة التي جعلت المشاهد يستمر في المشاهدة حتي النهاية. المخرج «أحمد البدري» مخرج موهوب له تجارب جيدة لكنه ترك نفسه للسبكي يحركه كما يشاء مما أضعف من امكانياته الفنية اذا لم تكنقد الغيت من الاساس حتي انه قد أصابته عدوي ظهور السبكي في أفلامه فعليه أن يراجع نفسه لكي يستطيع انقاذ ما يمكن انقاذه بتقديم أعمال فنية جادة وتظل افلام السبكي عنوانا للسماجة والابتذال والاستظراف.

جريدة القاهرة في

24/07/2012

 

"غش الزوجية"..

خطيئة تمصير الفيلم الأمريكي ثم أمركته من جديد!

بقلم : أحمد شوقي 

رمضان في مصر هو شهر معاد للسينما بكل المقاييس. ربما للازدحام الطبيعي لجدول المواطن المصري خلال اليوم الرمضاني، أو لارتباط الشهر التاريخي بصناعة الدراما التليفزيونية التي تجعل الكتلة الأكبر من حجم التلقي الدرامي ـ المحدود بالأساس ـ تتجه تلقائيا إلي متابعة المسلسلات التليفزيونية. إذا أضفنا لذلك حقيقة كون هذا الموسم التليفزيوني موسما استثنائيا نظرا للعدد الكبير من نجوم الشباك السينمائيين الذين قرروا اللعب في المضمون والاتجاه للشاشة الصغيرة، وحقيقة أخري تتعلق بتغير أجندة اهتمامات المصريين بشكل عام لتنحو إلي السياسة أكثر بكثير مما كانت عليه من قبل، فالنتيجة النهائية هي أننا سنقضي شهرا كاملا خاليا من السينما سواء في القاعات التي يتعمد أصحابها عدم عرض أي أفلام جديدة خلال الشهر، أو في ساحات النقد والنقاش الفنية التي تدير ظهرها للشاشة الكبيرة مؤقتا حتي يحين موعد العودة مع انطلاق موسم عيد الفطر. الواقع السابق قد يكون عامل ظلم لبعض الأفلام التي بدأ عرضها التجاري قبل شهر رمضان بقليل، والتي وجد أصحابها أنفسهم مستبعدين من المنافسة سريعا مع بدء الشهر، وحتي عند عودة المنافسة فسينشغل الجمهور بأفلام موسم عيد الفطر الأحدث. هذه المعادلة ستظلم تحديدا فيلم "غش الزوجية" للمخرج أحمد البدري والمؤلف لؤي السيد، والذي كان مرشحا لو عرض في موسم طبيعي لتحقيق إيرادات أكبر مما حققها. تصنيف فبطل الفيلم رامز جلال لا يمكن وصفه بأنه نجم شباك من التصنيف الأول، واسمه وحده غير كاف لتحقيق إيرادات مرتفعة بشكل تلقائي، لكنه قادر دائما علي جمع الحد الأدني من الأرباح الذي يكفل له الحصول علي تمويل لفيلمه التالي. هذا الوضع كان قابلا بشدة للتغيير مع "عش الزوجية" الذي ينتمي لنوعية قليلا ما تتواجد في شباك التذاكر المصري، وهي الأفلام التي تجمع إيرادات متصاعدة أو شبه ثابتة بناء علي السمعة الطيبة التي تحققها بين الجمهور، في اختلاف كبير عن الصورة التقليدية لسلم الإيرادات التنازلي المعتمد علي جمع أكبر قدر ممكن من الأموال خلال أول أسبوعي عرض. وعلي مدار الثلاثة أسابيع الماضية كان أول تعليق يأتي من معظم مشاهدي الفيلم هو أنه عمل مضحك جدا، وهي سمعة كانت كفيلة بالطبع في ظل السوق السينمائية المصرية أن يحافظ الفيلم علي إيرادات أسبوعية شبه ثابتة تقدر بحوالي المليوني جنيه، وهو رقم جيد جدا بالنسبة لبطل الفيلم كان مرشحا للزيادة لولا بدء الشهر الكريم. لاحظ هنا أن التقييم "التجاري" للفيلم وحركته صعودا أو هبوطا في جداول الإيرادات لا علاقة لهما بالتقييم "الفني"، فآخر عنصر يمكن أن يؤثر في شباك التذاكر المصري هو مدي جودة العمل السينمائية أو التقديرات النقدية له، وتبقي السمعة المتعلقة بقدر التسلية والإضحاك مع اسم النجم البطل دائما هي المعايير الحقيقية للنجاح الجماهيري. وهي معايير يمكننا أن نقول بضمير مستريح إن فيلم "غش الزوجية" قد استوفي الكثير منها علي الرغم من المشكلات الفنية التي يعانيها. الإمتاع الأمريكي الفيلم يعتمد في سعيه لتحقيق الهدف الإمتاعي علي النموذج الأمريكي لفيلم الكوميديا الرومانسية، وهو النموذج الذي صار خلال الألفية الجديدة الأكثر شيوعا بين كتاب السينما المصريين المحبين لاستلهام النماذج الدرامية الغربية؛ ربما لمتطلبات إنتاجية تجعله الأصلح للنقل طبقا لحجم الإنفاق المتواضع علي الفيلم المصري بالمقارنة بنظيره الأمريكي، أو لسبب ثقافي هو وجود رابط مشترك بين شكل وطبيعة العلاقات الرومانسية في العالم كله بما يتيح تمصير بعض الحكايات الغربية إلي صورة قابلة للحدوث في إطار المجتمع المصري. ونموذج فيلم الكوميديا الرومانسية الأمريكي يعتمد في بنائه علي دراما تصاعدية من ثلاثة فصول، يدور فصلها الأول عادة حول طريقة التعارف بين رجل وامرأة يبدوان للوهلة الأولي أبعد ما يمكن عن التناغم أو الوقوع في حب بعضهما البعض لينتهي الفصل بما يجبرهما علي دخول علاقة تبدو فاشلة قبل أن تبدأ. ثم يأتي الفصل الثاني الذي نشاهد فيه التتابعات الكوميدية لهذه العلاقة المستحيلة لينتهي بتغير موقف البطلين من بعضهما داخليا بصورة تظل غير معلنة. قبل أن يبدأ الفصل الختامي والذي تتعرض فيه علاقتهما لمحنة أو اختبار حقيقي يضعها علي المحك ليكتشفا أنهما بالفعل يحتاجان لبعضهما؛ ليستنتجا ومعهما الجمهور قيمة ما تتعلق بالحب ويخرج الجميع سعداء بانتصار الحب وإعلاء قيمه. النموذج السابق ينتهجه صناع فيلم "غش الزوجية" بصورة شبه كاملة في الفصلين الأول والثاني من العمل. فنتعرف علي شخصية حازم (رامز جلال) ابن مدير الشركة الذي يحب تصوير الإعلانات ويستغل جاذبيته وذكاءه في إقامة علاقات نسائية تدعم أعمال شركته، والذي يجبره والده (حسن حسني) علي الزواج بسلمي (إيمي سمير غانم) لاعبة كرة القدم الكارهة للزواج من أجل الحصول علي موافقة والدها مدير البنك (يوسف فوزي) علي منح الوالد قرضا ينقذه من الإفلاس. التناقض الواضح للشخصيتين وصعوبة تصور نجاح زواجهما الذي قام علي الخداع من الطرفين يدفعان الحكاية نحو الفصل الثاني الأكثر إثارة للضحكات. عيوب مصرية أزلية وإذا تغاضينا عن الضعف المنطقي في الحدث المفجر للحكاية برمتها، والذي جاءت فيه موافقة الشاب فيه علي الزيجة بصورة أيسر من أن تحدث في الواقع بالنسبة لشاب مثله من المفترض طبقا لبناء شخصيته أنه قادر علي إيجاد حلول أخري لمشكلة والده المالية، وهي مشكلة تمصير أزلية يمكن التغاضي عنها باعتبارنا بصدد عمل كوميدي يعتمد بالأساس علي المبالغات وعدم الالتزام بالمنطقية الكاملة، فإن عيوب التمصير المعتادة تظهر بوضوح تام في فصل الفيلم الثاني قبل أن تبلغ ذروتها في الفصل الختامي. فالمنطق الدرامي يفرض علي كل من البطلين أن يحاول بقدر الإمكان الحفاظ علي نمط حياته الذي يرتاح إليه والذي أجبر علي تغييره رغما عن إرادته، وهو ما تقوم به سلمي بإصرارها علي عدم اقتراب زوجها منها بل وادعائها أمام والديها أنه عاجز جنسيا للتخلص منه. لكن علي النقيض تجد تصرفات حازم الذي يستسلم تماما لحياته الجديدة قاصرا طموحه علي إقناع زوجته بممارسة الجنس معه، وهو أمر سيصبح مقبولا في المستقبل عندما يكتشف حبه لها، لكنه يظل خارج نطاق المنطق تماما في المراحل الأولي للزواج، والتي ينسي صناع الفيلم فيها تماما علاقاته النسائية السابقة، قبل أن يعودون لتذكرها مع مطلع الفصل الأخير باستخراج شخصية لم تظهر سوي في مشهد وحيد ببداية الفيلم وإعطائها قيمة درامية مرتفعة بشكل مفاجئ باعتبارها عشيقة حازم التي تظهر لتهدد الوئام المتصاعد بينه وبين زوجته. الضربة الدرامية القاضية ويأتي الفصل الأخير للحكاية بمثابة الانهيار الكامل لأي سلامة منطقية للدراما، فيتحول الصراع بين البطلين إلي صراع بين شخصيتين لا علاقة لهما بمن شاهدناهما طوال أحداث الفيلم، وتنقلب أزمة الزوج فجأة لكونه فاشلا لم يحقق شيئا في حياته بالرغم من أننا شاهدناه في البداية عبقريا في مهنته، وهناك بالطبع فارق كبير بين الفشل وعدم الالتزام لم ينتبه المؤلف له. وتكتشف البطلة حبه المكتوم لها عبر صور تجدها علي هاتفه يفترض أنه قد صورها لها أثناء تسجيل هدف شاهدناه في الفيلم بينما كان حازم يحتفل به ولم يكن قط يلتقط هذه الصور! ولا يقتصر الأمر علي عيوب التمصير الدرامية، بل تتضاعف المشكلات عندما يقرر المؤلف لسبب ما أن يضيف انقلابا دراميا ختاميا علي طريقة أفلام التشويق الأمريكية يفترض أن أزمة القرض قد حُلت قبل الزواج بأيام وأن الوالد قد ترك اللعبة تكتمل ليصلح من أخلاق ابنه. علي الرغم من أن التفكير البسيط سيقود المشاهد للتأكد من استحالة حدوث كل هذه التبعات لو لم يكن البطل ووالده مؤمنين بضرورة إتمام الزيجة، بل إنه حتي لو افترضنا السلامة المنطقية فالأمر خارج بناء شخصية الأب الذي ظهر هو الآخر مستهترا فخورا بتصرفات ابنه لتكون النتيجة النهائية فيلما مسليا في نصفه الأول، الذي ظهر المخرج أحمد البدري فيه بصورة أفضل بكثير مما رأيناها منه في أعمال سابقة، فعلي الأقل قام بسرد حكاية مترابطة ومنطقية، قبل أن ينهار في النصف الثاني ليعاني كل عيوب التمصير ويزيد عليها صناع الفيلم خللا جديدا ناتجا عن إعادة "أمركة" العمل، وكأنهم قد رفضوا أن "يكملوا جميلهم" بصناعة فيلم مسل ومتماسك دراميا بما يوازي سمعته الجيدة بين مشاهديه.

جريدة القاهرة في

24/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)