حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عادت إلى السينما مع مغامرات "هولي موتورز"

كيلي مينوغ: أنا محظوظة بشفائي من السرطان

إعداد: محمد هاني عطوي

 

كيلي مينوغ فنانة استرالية تشتهر بموسيقا البوب الراقصة وتعد من أهم رموز هذا الفن في العالم، خصوصاً في المملكة المتحدة واستراليا . أصدرت كيلي خلال مسيرتها عدداً من الألبومات بدءاً من العام 1998 “ألبوم كيلي” وقد تصدر حينها المركز الأول في المملكة المتحدة، التي احتضنت الفنانة ورحبت بأغنياتها “آي شود بي سولكي” . بعد ذلك توالت الإصدارات الغنائية واحتفظت كيلي ببريقها حتى صدور ألبومها “فيفر” في العام 2001 وهو أنجح ألبوماتها على الإطلاق، بل هو الذي دفعها دفعة قوية نحو المجد وقمة موسيقا البوب لاحتوائه بشكل خاص على الأغنية الشهيرة “كانت غيت يو آوت أوف ماي هيد” .

حاولت مينوغ أن تقدم عملاً يضاهي “فيفر” بالمعايير نفسها فأصدرت “بودي لانفويغ” في العام 2003 مع أغنية “سلو” ولكن لم يصل الألبوم الجديد حينها إلى القمة التي حققها ألبوم “فيفر” . وفي العام 2005 شرعت مينوغ بجولة غنائية جديدة، لكن إصابتها بمرض سرطان الثدي أوقفها عن العمل، ثم عاودت الغناء بجولة جديدة في العام 2006 بعد شفائها من المرض .

أصدرت مينوغ منذ ذلك الحين ألبومين: الأول عنوانه “إكس” 2007 والثاني “أفرودياتي” ،2010 ورغم أن نجاح هذين الألبومين كان عادياً إلا أنها عوضت ذلك بجولات فنية عالية التكلفة في العامين 2008 و،2011 ومنحت في العام 2008 وسام وزارة الثقافة الفرنسية، إضافة إلى رتبة الإمبراطورية البريطانية في العام نفسه، وقد قدمه لها حينها ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز .

بعد بلوغ مينونغ 43 عاماً وبلوغها قمة المجد ببيعها أكثر من 100 مليون ألبوم، لم تعد هذه الفنانة تريد العودة إلى مرحلة المرض، بل أرادت أن تجرب حظها في عالم السينما في فيلم “هو لي موتورز” من إخراج الفرنسي ليوس كاراكس الذي عرض في مهرجان “كان” باعتباره أحد الأفلام المنافسة . ولكن كيلي عرفت سابقاً طعم النجاح في عالم السينما من خلال ظهورها في فيلم “نيبرز” أي “الجيران” الذي كان من الأفلام المهمة حينها لأن كيلي كانت تلعب فيه دور شابة تدير مرآباً للسيارات وقد أدته بإتقان وخفة دم وجاذبية لفتت إليها الأنظار في عالم السينما .

وبمناسبة حضورها مهرجان “كان” وخطفها للأضواء بفيلمها “هولي” كان لمجلة “باري ماتش” معها هذا اللقاء:

·        تحتفلين بمرور 25 سنة على حياتك المهنية، فكيف تفعلين لإعادة التجدد باستمرار؟

- بمجرد أن يتولد لدي الانطباع بأنني أصبحت أعلم كل شيء، فعندها أتوقف عن التقدم . وعندما كنت طفلة كنت أغني (Grease) وأنا أحمل فرشاة الأسنان وكأنني أمسك في يدي ميكروفوناً وكنت أشعر مع مرور الوقت أنني ربما سأصبح نجمة لأنني اعتقدت دائماً أن الغناء والتمثيل يجريان في عروقي وربما في حمضي النووي .

·        ماذا تتذكرين من سن المراهقة؟

- أتذكر بالتحديد حب المغامرة أو المخاطرة . وعندما علمت أن المخرج ليوس كاراكس اختارني لفيلم “هولي موتورز” كدت أطير فرحاً لكنني في الوقت نفسه شعرت بالرهبة والخوف لأنني سأتحول من العمل مع أشخاص يحيطون بي كما كان الحال أثناء جولاتي الغنائية إلي العمل بمفردي أمام الكاميرا، ولذا اعتبرت هذا نوعاً من التحرر، لكنه كان مصدراً كبيراً للقلق أيضاً .

·        كيف تفعلين للتحكم بمشاعر عدم الأمان والخوف المصاحبة لهذه المهنة؟

- بالطبع أقول لنفسي إن هذه المشاعر هي واحدة عند كل الناس، ولولا الإطراء والمجاملات لكانت الحياة صامتة للغاية . أما عن حياتي المهنية فأفضل أن أعرف نفسي على أنني فنانة بدلاً من نجمة بوب.

·        هل يمكن للإنسان أن يكون نجماً لامعاً وشخصاً عادياً مثل كل الناس؟

- لاشك أن الإنسان يجب أن يتواضع مهما بلغ من مجد وشهرة، ومن دون التواضع يهبط المرء إلى حالة السفه والحقارة، ولولا ذلك، لما نظر إليّ أحد في الشارع .

·        إنك تلعبين البوب بخفة تميزك عن مادونا التي تؤديه بشيء من العنف وربما العدوانية؟

- هناك حسبما أعتقد طرق عدة لبلوغ المراد . ومادونا غنت في “السوبر بول” وهي تلبس سترة رومانية وتقف بين العربات القديمة التي تذكرنا بذلك العهد، وقبل سنة فعلت مثلها وقال لي البعض إنني أقلدها فرددت عليهم بالقول: “هذا إطراء لي” .

·     في العام 2005 تحدثت عن مرضك بسرطان الثدي علناً ، فهل أنت نادمة على ذلك عندما تعيدين الأمر في رأسك بين حين وآخر؟

- لم يكن لدي الخيار، وقد كان الأمر بالنسبة لي بمثابة الصدمة وبعد ثلاثة أيام كان هذا المرض مثار حديث عام وكان عليّ أن أقدم توضيحات للجمهور وأن أقول الحقيقة بصوت عالٍ لأنني لم أكن أصدق ما حدث لي . وفي تلك الفترة كنت بباريس حيث كنت أتلقى العلاج وكانت حالتي يرثى لها خاصة أنني لم أكن أعلم كيف ستسير الأمور . والحقيقة أنني شعرت بحب الناس وتضامنهم معي، حيث كانوا يأتون بين الحين والآخر يحملون الورود كنوع من التشجيع والتمنيات بحظ سعيد وشفاء سريع . وأعتقد أن هذه الفترة كانت رهيبة على الصعيد النفسي، لأنني اكتشفت فيها الصديق من العدو وربما اكتشف الناس أيضاً أنني إنسانة تعاني وتتألم ولست مجرد دمية تبتسم .

·        ألا تخشين من أن يحصرك الناس يوماً ضمن “خانة” المريضة بالسرطان رغم ما بلغته من مجد؟

- مع مرور الوقت، يميل الناس إلى النسيان، لكنني لن أنسى ما مررت به إذ لا يكاد يمر عليّ يوم إلا وأنظر بالمرآة وأشاهد الجراح النفسية، وكذلك الجسدية التي ربما لم أزل ألحظها على جسدي أكثر من أي شخص آخر، بل تمر عليّ أيام أشعر فيها بغضب شديد وأيام أخرى أقول فيها لنفسي رغم كل المآسي كنت محظوظة بشفائي من السرطان .

·        هل كشفت لك هذه التجربة صفة في شخصيتك لم تكوني تلمحينها من قبل؟

- احاول دائماً أن أعطي عن نفسي صورة المتفائلة ولذا يبدو عليّ للوهلة الأولى أنني منفتحة جداً، ولكن في العمق أنا متحفظة بعض الشيء، والحقيقة أنني كنت أعلم أنني قوية ومحظوظة لأنني محاطة بأشخاص يحبونني حقاً ولذا أشعر أنني كالقطة، أعيش بسبع أرواح كما يقولون . وفي حياتي المهنية اتخذت قرارات سيئة كما حدث في حياتي الشخصية وفي النهاية لم يكن خروجي من الأزمات سيئاً للغاية .

·     تقولين دوماً أنك قدرية في مسألة الحب مع العلم أنه من السهل قول ذلك، ولكن هل عيش هذه الحالة سهل بالنسبة لك أيضاً؟

- الحب يحتاج إلى جهد كي يستمر بالنجاح وأنا لم أعتقد أبداً أن الزواج هو تتويج لهذا الحب . وثمة أناس يعتقدون أن قصص الحب الجميلة يجب أن تدوم للأبد وأنا أقول إن قصص الحب الحقيقية تدوم كما هو مقدر لها ولذا لا أشعر بخيبة الأمل عند انتهائها لأن الحياة يجب أن تستمر .

- مع التقدم في العمر أشعر أنني غدوت أكثر هدوءاً وحكمة ورزانة من ذي قبل، ولذا أحس أنني أكثر تسامحاً وأقل تطلباً . واليوم أنا سعيدة جداً لأن أندريس يحترم تماماً كل أوضاعي سواء ظهرت على المسرح متألقة وجميلة أو صحوت من النوم كثة الشعر ومن دون مكياج . فالمشاعر بالنسبة له واحدة، وعندما أمر بحالة نفسية صعبة نوعاً ما لسبب أو لأخر أجده إلى جانبي وهذا أمر غاية في الروعة .

·        تبدو على وجهك علامات الراحة النفسية فهل أنت كذلك بالفعل؟

- نعم أنا شفيت من مرضي وسعيدة جداً، وهذا أمر يحسن المزاج ويظهر ذلك على ملامح الوجه، فضلاً عن ذلك، أندريس شخص جميل ولطيف وسهل المعشر ولذا لا أشعر معه أنني على وشك بلوغ الرابعة والأربعين أعتني بنفسي وأؤكد لك أنني لم ألجأ إلى الجراحات التجميلية أبداً .

·        هل ثمة شيء ينقصك في الحياة؟

- نعم، لكنني لا أعرف ما هو، ولو كان هذا الأمر “طفلاً” لقلت لك، ولكنني ما زلت أبحث عن ذلك الشيء الذي افتقده.

الخليج الإماراتية في

04/07/2012

 

تريد أن تصبح ناقداً سينمائياً..؟ فكّـر جيدا

محمد رضا 

من حين لآخر يسألني بعض القراء المتابعين النصيحة في مسألة العمل كناقد سينمائي. أي التحوّل من وجهة إلى أخرى. أو اللجوء إلى هذه الوجهة بدلاً من لا وجهة محددة على الإطلاق. وآخر هذه الرسائل من قارئ من مصر سأختصر ما ورد فيها لما يتعلّق بهذا الموضوع تحديداً. يقول:

"ثانياً، لا أجاملك إذا قلت لك أنت الوحيد الذي أداوم على قراءته. ولا أريد أن أشرح الأسباب التي تدعوني لذلك، لكن يكفي أن أقول أن الجيل الذي تمثّـله أنت توقّـف عن تأدية الرسالة والجيل الحالي ليس هناك من يحملها بنفس الهمّـة حتى أني افكر في أن أكتب النقد السينمائي بنفسي وبالطريقة التي تكتب بها. يا ريت تخبرني رأيك في هذا الانحسار ورأيك في مهنة النقد السينمائي ككل وبالنسبة لي إذا ما توكلت على الله وبدأت أكتب".

إنها ليست الرسالة الوحيدة ولكنها الأخيرة وذلك بمعدل رسالة كل شهر أو شهرين. ما يدفع مثلي للتساؤل ما الذي يتبدّى للآخرين من مزايا تجعلهم يفكّرون في العمل كنقاد مع ملاحظة أن هؤلاء هم من يتوجّهون بالسؤال إلى النقاد الممارسين طالبين منهم النصيحة في هذا المجال. هناك آخرون قد يفكّرون في انتهاج هذا الطريق لكنهم يعدلون عنها سريعاً، ثم هناك من لا يسأل بل يقفز إلى قلب المعمعة كاتباً عن أفلام معروضة أمامه مستعيراً آراء الآخرين ليكتب مقالتين او ثلاثة لأجل أن يحمل ذلك الاسم الساحر.

النقد هو حفر في الحياة وليس فقط في السينما. بل هو حفر في حياتين: الحياة التي يعيش والحياة التي في السينما. ليس نقداً إذا لم يكن على إطلاق عمودي وأفقي على كل شؤون الحياتين. في السينما عليه أن يعرف التاريخ والحاضر وأن يلم بالتكنولوجيات ليحكم على أفلام باتت تستند إلى التكنولوجيا أكثر من اعتمادها على الإبداع المستقل، وبشؤون وعناصر العمل الفيلمي من الكتابة إلى المونتاج مروراً بالتصوير. أجد أن عليه واجباً أن يعرف إذا ما تم تصوير الفيلم بكاميرا سينمائية او كاميرا دجيتال، وخصائص كل كاميرا مع كثرة المصنوع منها، خصوصاً كدجيتال.

ومن جانب آخر، عليه أن يكون مطلعاً. فيلم يتناول معركة بولندية- روسية خلال عشرينات القرن الماضي، إن لم يكن يعرف عنها شيئاً لا بأس، لكن أن يكتب نقده وهو لا يزال لا يعرف عنها شيئاً فهذا خطأ. وإذا ما تعرّض لفيلم من نوع «مجهول» لرولاند إيميريش الذي حاول تجريد وليام شكسبير من مؤلّفاته ونسبها إلى دوق أكسفورد عليه أن يعرف بنفسه الحقيقة ولو اقتضى ذلك أن يمضي أياماً في المشروع لكي يكتب سطراً او اثنين يفند بهما هذه المزاعم ولماذا هي ليست صحيحة.

لو أضفنا إلى ذلك ما على الناقد أن يتمتّع به من صلابة وإدراك لمسؤولياته حيال نفسه والقارئ فإن المهمّة شاقة. هذه المسؤوليات تشبه ماء البحيرة إذا ما رميت في وسطه حصى، تنتشر كدوائر صغيرة فأكبر. قريبة فأبعد. تبدأ بالناقد وتنتهي بالإنسانية على نحو غير بعيد من الفلسفة الصينية التي تعتبر أن كل شيء مرتبط ببعضه : إخفاق جناحي الفراشة هو فعل ولابد له من ردّة فعل وردّة الفعل يوازيها آخر أكبر منه وهكذا.

ثم هناك مسألة الوسائط التي يعمل الناقد من خلالها. وسائط تقنية موجّهة إلى المستهلك العام من دون تخصص. المستهلك المثقّف الذي يؤمن بأن الفكر هو طريق التقدّم الوطني والاجتماعي لا صوت له ولا وسيطاً جيّداً ذا انتشار مواز لبعض انتشار ما هو عام أو ضحل. ولولا أن بعض الصحف والمواقع تفتح صفحاتها، كهذا الموقع، للكتابة السينمائية الجادّة، لما كان هناك نقد بقي على سطح الأرض. على الأقل ليس في هذا الجزء من العالم.

المسألة بأسرها هي عكس ما كان منتشراً من حضور للناقد في الستينات. آنذاك، كانت مجالات الكتابة أفضل وأكثر شيوعاً وجمهور القراء أكبر بكثير مما هو عليه اليوم. حين يحط فيلم لمخرج كبير، لنقل فدريكو فيلليني او فرنشسكو روزي او جان-لوك غودار أو هوارد هوكس فإن ذلك بمثابة حدث فعلي وليس مجرد عرض فيلم جيّد. والتظاهرات السينمائية كانت احتفالات حقيقية أين منها احتفالات الأوبرا أو الأولمبياد.

لكن كان هناك سبب وجيه لذلك هو أن الحياة كلّها، بعد الحرب العالمية الثانية، كانت تغيّرت نحو معادلات ثقافية فنية مؤدية إلى عملية متكاملة من الإيمان بأهمية السينما ثقافياً وإبداعياً وفنيّـاً تشمل كل مكوّنات العمل من التمويل إلى التوزيع مروراً بكل العناصر الأخرى. هذا كان له رديفان: جماهيري ونقدي كون الحالة الثقافية الخالصة من أمّـية المعرفة منتشرة بين المشاهدين وكان لابد لها أن تؤدي إلى عصر النقد الذهبي في الستينات والسبعينات.

والمسألة مثل حلقات سلسلة حديدية يصعب فصلها.

نقد اليوم الأكثر انتشارا، في الغرب على الأخص، هو نقد المواقع حيث النسبة الغالبة هي التي تتميّـز بثلاث خصائص:

أولاً: قلّـة الاطلاع على تاريخ مضى.

ثانياً: الكتابة بصفة الأنا على طريقة «أعجبني» و«لم يعجبني».

ثالثاً: التوجه إلى الجمهور الشاري للتذاكر وليس للباحثين عن السينما الفنية.

لهذا السبب نجد تمجيداً لأفلام هي في ذاتها ركيكة الصنع مثل «آيرون مان» في حين أن فيلماً من نفس النوع التجاري لكنه مصنوع على نسق سينمائي جيّد مثل «الغراب» يتم تجاهله خصاله والحكم عليه من باب إذا ما كان مسليّاً أم لا.

آخر الملاحظات الممكن إضافتها هنا في رصد هذا الوضع هو عربي المعايشة. لقد عوّدنا النقد السينمائي منذ فورة الستينات أن نحفظ الأسماء الكبيرة وحدها و"نصنّـم" أصحابها. فالكتابة السائدة كانت التي تحتفي ببازوليني وغودار وفيلليني وبرغمان وأمثالهم (ربما لما تتيحه من اجتهادات يتحوّل بعضها إلى ثرثرة افتراضية) بينما تجاهل النقد السابق مئات الأسماء الجيّدة الأخرى إما لأن الحصول على أفلامهم لم يكن متاحاً او لأن الحديث عنها كان سيجر إلى تناول صياغات مرفوضة كونها هوليوودية. لذلك اعتبر ألفرد هيتشكوك مخرج أفلام رعب.. (!) واكتفى الكتّاب بديفيد وورك غريفيث كـ "مؤسس للسينما الأميركية" وسيسيل ب.يميل كـ "المخرج الملحمي" ولاحقاً ستيفن سبيلبرغ كـ "المخرج الكبير" وذلك من جملة عدد محدود آخر. أما هوارد هوكس، هنري هاثاواي، باري شير، جورج شيرمان، جون فورد، بيلي وايلدر، روبرت وايز، جون هيوستون، وليام وايلر، سام فولر، راوول وولش والعشرات سواهم فمرّوا من تحت الرادار العربي في الغالبية الكاسحة من الأحيان. هم ومعظم باني السينما اليابانية ومعظم أبناء الصف الثاني من السينما الإيطالية او الفرنسية. أما من سكندنافيا فاكتفينا بواحد فقط هو إنغمار برغمن. هذا العبث يمكن إصلاحه الآن مع توفّر منجم من الأفلام الرائعة التي تعود لمختلف الحقب التاريخية…. لكن هل هناك من يكترث؟

الجزيرة الوثائقية في

04/07/2012

 

"أخي هو الشيطان"..

الهامشيون يصنعون احلامهم

طاهر علوان 

من سندانس الى برلين وأخيرا الى مهرجان بروكسل الدولي يتنقل هذا الفيلم من نجاح الى نجاح في عروضه الأولى عالميا بين هذه المهرجانات الثلاث المهمة عالميا لافتا الأنظار إلى مخرجة واعدة تقدم فيلمها الروائي الطويل الأول فتحصد نجاحا واهتماما ملحوظا، انها المخرجة سالي الحسيني وهي نصف مصرية –نصف انجليزية وفيلمها "اخي هو الشيطان" من انتاج بريطاني.

سنبحث في وسط ذلك المجتمع المنسي عن حياة متوارية خلف بيئة لسنا نعرف عنها الكثير لأن ابطالها هامشيون ومنسيون، منشغلون بأهوائهم وصنع وجودهم وهم يعيشون صراعا مع الذات ومع البيئة الاجتماعية التي نشؤوا فيها ..تعجبك فيهم إرادتهم الثابتة في صنع خياراتهم ويعجبك أكثر أنك لن تنبهر بأداء ممثلين تعلم مسبقا أنهم ليسوا نجوما كبارا يقترن ظهورهم بالسجاد الأحمر وحياة الترف، تشعر انهم ممثلون طبيعيون، اقرب الى طبيعة الحياة، يؤدون ادوارهم وكأنهم شخصيات حقيقية بالفعل يمارسون حياتهم اليومية بعفوية وصدق ولهذا فإن هوامش النجومية المليئة بالضجيج تتضاءل امام سينما الحقيقية التي تثري الحياة.

لعلي لا أبالغ اذا اطلقت صفة سينما الحقيقة على هذا الفيلم في اخلاصه للمشكلة التي يطرحها والشخصيات التي يقدمها بهدوء وبلا ضجيج ولا مبالغات. العالم المنسي يقع في ضواحي غرب لندن وبالذات في منطقة هاكنج التي تغص بالمهاجرين وهناك ستنتقي المخرجة ابطالها، وهي التي عاشت عقدا من الزمن وسط تلك الضواحي وادركت جيدا تفاعلات الحياة في مجتمع يصنع شخصياته وأحلامه بصمت ولكنه يبرز الذكورية – الفردية كقيمة أساسية مع انها قد تتراوح ما بين الجنوح الشخصي على مستوى السلوك الشخصي – الجنسي او خرق قانون المجتمع باتجاه الجريمة وهو ما يغوص فيه هذا الفيلم عميقا .

تقول سالي الحسيني في مقابلة معها " لقد أمضيت وقتا كافيا مع اولئك الفتيان الذين كان ابرز ما يقلقهم ويسيطر عليهم هو ان يكونوا رجالا" ولهذا فإنهم يضعون كثيرا من الضغوط على أنفسهم للوصول إلى هذا الهدف، المهم أن تكون رجلا، الذكورية المقلقة هي التي تسيطر عليهم".

تتمحور قصة الفيلم الذي كتبته المخرجة نفسها حول شابين شقيقين هما راشد (جيمس فلويد ) ومحمد او مو (فادي السيد )، راشد هو المثل الأعلى لشقيقه في كل شيء وهما يعيشان في كنف اسرة من اصول مصرية تعيش في تلك الضواحي الإنجليزية وحيث الأم من نمط النساء الشرقيات اللائي يغدقن الحنان على أبنائهن وما يشغلهن هو اطعامهم ورعايتهم واحتضانهم من دون الذهاب بعيدا الى تخوم عالمهم المجهول وكذلك هو حال الأب .

لكن راشد سيجد نفسه في دوامة العنف امام عصابة للأفارقة يطلق عليها "ديمون" نسبة الى زعيمها، لينتهي بها المطاف بقتل أعز أصدقاء راشد الذي بدوره سيصبح طرفا في الصراع والانتقام باقتناء مسدس والاستعداد للمواجهة، وبسبب الحاجة المادية يبحث راشد عن عمل فيجد فرصته مساعدا لمصور مغربي قادم من فرنسا هو سعيد (سعيد دغماوي) لكنه يفاجأ بأن له ميولا مثلية شاذة لتتطور الأحداث بتلصص "مو "على شقيقه راشد ليجده في موقف صادم مع سعيد وهو ما يدفعه قدما الى الارتماء في احضان موزعي المخدرات في مقابل المال فيما تلاحقه صورة تهشم مثله الأعلى من خلال ذلك السلوك .

وسط هذا ستتشكل تركيبة اجتماعية في ذلك الحي هي ما يطلق عليها اختصارا DMG وهي الحروف الأولى للكلمات (المخدرات – المال – السلاح) وهي تختصر حقا بيئة اولئك الشباب الذين يمضون ليلهم ونهارهم في هذه الدوامة فمشاغلهم لا تتعدى فصول الصراع بين (مافيات) مراهقين وشباب يحاولون إيجاد طريق لهم في ذلك الهامش الاجتماعي والإنساني .

حوارات عن الذات والدين والجنس والمستقبل يحتشد بها الفيلم تبث الشخصيات أفكارها بلا كثير من الضجيج والصخب ولكنها تناقش وجودها وهويتها ولهذا يقترب محمد من الفتاة المراهقة المحجبة عايشة (لاتيا رايت) وتصبح على بساطتها ملاذا هامشيا له مع صديق آخر لهما، صداقة بريئة لا تتعدى تلك الحوارات اليومية العادية بين ثلة من المراهقين بينما تكبر خلال ذلك شخصية مو وتتعزز ويجد نفسه في صراعه الشرس مع واقعه، إنه واقع خليط من العنف والدم والمخدرات والجنس الذي يتمثل أمامه في صورتين هما صورة علاقة شقيقه راشد مع فتاته الأفريقية التي تتسلل اليه في الليل وأوقات اخرى وصورة انحراف راشد في علاقته بسعيد، وكلا العلاقتين لا توفران لمو إجابات محددة عن تلك العلاقات ولماذا وكيف ؟ واما تحوله الى العمل مع عصابة المخدرات فلأنه يريد ان يفعل كما كان يفعل راشد، أن يدس المال بصمت وهدوء في حافظة نقود الأم لتغطية مصاريف المنزل ولكن ذلك الفعل هو الذي يوقظ راشد ويدفعه الى تقصي حقيقة المال الذي يحصل عليه شقيقه حتى يجد نفسه في مواجهة مع عصابة الإتجار بالمخدرات لينتهي الأمر بتلقي مو رصاصة في صدره يرقد على اثرها في المستشفى ناجيا بأعجوبة من الموت .

عوالم مشوشة تضطرب فيها الذات والمخرجة تنقلنا يوميا وبلا هوادة بين صباحات ومساءات ذلك الحي الذي يغص بالمهاجرين من العديد من الأصول العربية والأفريقية وغيرها، سؤال الهجرة والمهاجرين ومجتمعهما الخاص يطرح بقوة في هذا الفيلم ولكن ليس في صيغة محاكمة الظاهرة أو تقويمها أو نقدها أو غير ذلك، بل إن مجتمع المهاجرين سيكون الإطار المرئي لصورة تنبض بالحياة، هي حقيقة خارجية تحف بالشخصيات دون ان تشكل عنصرا منفصلا عن الإشكاليات التي تواجهها ولهذا اختلطت الأهواء والرغبات والدوافع وتحولت الجريمة والدين والعنف الى مفردات وموضوعات تستحوذ على وعي الشخصيات واهتماماتها .

ولعل من الملفت للنظر في هذا الفيلم انه من تلك الأفلام التي تنبش في الواقع المعاش وتحافظ على طبيعته ومكوناته فالتصوير تم غالبا في أماكن حقيقية وكانت الشوارع والساحات والمباني السكنية هي الأماكن التي جرت فيها وقائع الفيلم وبذلك عكست شكلا واقعيا وحتى مع تكرار الأماكن التي وقعت فيها الأحداث فلا يمكنك ان تشعر بالرتابة في ذلك التتابع اليومي للمكان .

ومن الملفت للنظر ايضا بالإضافة الى الأداء المتميز والمتوازن لعموم الشخصيات اتجاه المخرجة الى انتقاء احدى الشخصيات التي يقع عليها العبء الأكبر وثقل الموقف وتداعيات الأحداث ولهذا كان مو هو ذلك المثال وقد تألق في تجسيد الصراع القاتل الذي كان يعيشه وخاصة في مشهد انهياره ولجوئه الى استنشاق المخدر وسط بكائه على سلوك راشد وشعوره بالعزلة والوحدة فيما كان راشد بمثابة توأمه الروحي، وهو ما يدفع المشاهد الى إحساس بالتعاطف والتفاعل مع تلك الأخوة الجميلة .

عالم "سالي الحسيني" هو عالم الغرباء والهامشيين الذين أجادت هي جمعهم في دائرة الزمان والمكان في فيلمها الأول الذي أطلق مخرجة متميزة وواعدة بالمزيد، من دون شك ولهذا كانت تعليقات النقاد والصحافة السينمائية خاصة إبان عرض الفيلم في مهرجاني سندانس وبروكسل تصب في مسار الإشادة بهذه التجربة المتميزة التي خاضتها المخرجة في هذا الفيلم وهي التي أمضت 5 سنين عددا في التحضير له .

الجزيرة الوثائقية في

04/07/2012

 

المنتج الفرنسي لفيلم "بعد الموقعة" يرد‏..‏ ونحن نعقب بالوثائق

أحمد عاطف :  

تعليقا علي ما نشرناه عن فيلم‏(‏ بعد الموقعة‏)‏ الذي تم عرضه في الدورة الاخيرة لمهرجان كان السينمائي‏,‏ أرسل لنا جورج مارك بنامو المنتج الفرنسي المشارك في انتاج الفيلم ردا, ننشره هنا اعمالا بحق الرد :

بخصوص الموضوع الذي نشره مراسلكم بمهرجان كان الأستاذ أحمد عاطف يوم23 مايو.2012 لن أتناول الجوانب الجدلية. فإذا كان للكاتب الحق في ألا يحب فيلم يسري نصرالله, كان لابد أن يعطي علي الأقل معلومات موثوقة عن الفيلم. لذا فإنني أحب أن أوضح بعض الأخطاء وهي:

يتساءل كاتب الموضوع عن العلاقة بين شركتي الانتاج نيوسنشري بالقاهرة وسياكل للانتاج بفرنسا, لابد أن يعرف القراء بوجود اتفاق للتعاون بين مصر وفرنسا منذ عام1983 هدفه تطوير التعاون الثقافي بين البلدين, وأفلام يسري نصرالله تم انتاجها كإنتاج مشترك مع فرنسا من خلال تلك الشراكة.

- الكاتب يؤكد لقرائه أننا بعنا حقوق العرض التليفزيوني لفيلمنا باسرائيل.. هل فحص الكاتب تلك المعلومة معنا أو مع استوديو37 وام كي2 أو حتي مع المخرج, اذا فعل لكان قد عرف ان شركة الانتاج الفرنسية المشاركة لا تمتلك أي حقوق عرض للفيلم بالشرق الأوسط وهو ماتمتلكه الشركة المصرية فقط.

- لابد أن أصحح بعض المزاعم, لأنها مستندة علي حجج لا أساس لها من الصحة.فليس صحيحا أنني أملك جريدة( ليزيكو)وليست لي علاقة اطلاقا مع مجموعة ليزيكو الصحفية ولا أي علاقة بمشتريها مستر أرنو.

- وهل لابد وأن أصحح هذا الهجوم والذي يشير إلي كهمزة الوصل بين الرؤساء الفرنسيين واللوبي الصهيوني.أنا فرنسي والصهيونية ليست لها علاقة بهذه الحالة. أنا منتج فرنسي يحب سينما يسري نصرالله.

- آخر نقطة أود أن أشير إليها أن الكاتب اقتبس فقط بعض الموضوعات الصحفية التي هاجمت الفيلم, بينما كانت بعض المقالات الأخري مليئة بالمدح من ضمنها ما كتبته وسائل الاعلام ومنها:

أهم فيلم سياسي بالمهرجان لوبوان. لكي تستطيع أن تتفهم التاريخ.لابد ان تكون حكاء قصص كبيرا, يسري نصرالله أثبت ذلك مرة أخري لوموند.سخي, قلق ويمر عبر الاف الأسئلة يسري نصرالله صنع فيلما قويا لا كروا.

ونحن نعقب علي ماجاء في الرد بالآتي:

- لم نكن نحن الذين قلنا إن السيد جورج مارك بنامو توجهه صهيوني يسقط اي حقوق للشعب الفلسطيني بل قالت ذلك عشرات المواقع الفرنسية التي كتبها فرنسيون ومنها الروابط التالية:

- دورنا كان التأكد من أن هذه المواقع وغيرها ليست مواقع كاذبة أو غير مهنية أو هدفها التشويه, وبالبحث والتمحيص والمقارنة بين الوقائع وتتبع المعلومات وعمل مايسمي بالدابل والتريبل ريسورسينج, تأكدنا أن المعلومات التي بنت عليها تلك المواقع رأيها صحيحة. وهناك تأكيدات غيرها بالصوت والصورة مثل الحوار الذي تقابل فيه السيد بنامو مع المفكر الاسلامي الذي يعيش بأوروبا( طارق رمضان) ورفض بنامو في الحوار أي حقوق للشعب الفلسطيني حتي لوكانت أن يعيش الفلسطينيون مع الاسرائيليين في دولة واحدة. والغريب أن من ضمن من قالوا عن بنامو إنه صهيوني يهود لكنهم غير صهاينة مثل جريجوري ريزبسكي في مقال له بموقع أكريميد( مرصد الاعلام الفرنسي), وهو نفسه الذي ساق بالمقال قصة مجلة( ليزيكو),وأفرد مساحات ليؤكد علاقة بنامو بالرئيسين الفرنسيين السابقين فرنسوا ميتران ونيكولا ساكوزي, وصنفه ريزبسكي مع اخرين بأنه كان يمثل همزة الوصل بين الرئيسين وبين المنظمات الصهيونية بفرنسا.هل كل تلك المقالات مزاعم؟ ولماذا لم يرد السيد بنامو في الاعلام الفرنسي علي هؤلاء وهو الصحفي المرموق ومالك أكثر من مجلة مثل جلوب.ولماذا تجاهل ما نشرناه في موضوعنا الأول عن صداقته وعلاقة الفكرية الممتدة مع الفيلسوف الصهيوني برنار هنري ليفي, الذي يعبث بالثورات العربية تلك الأيام وقال مؤخرا إن الجيش الاسرائيلي أكثر جيش انساني في التاريخ المعاصر. ولماذا لم ينفي( بنامو) في رده علي الأهرام الان إنه صهيوني أو أنه مثلا مع حقوق الشعب الفلسطيني. كل ما قاله إن الصهيونية ليست لها علاقة بهذه الحالة(!!) ويتساءل بنامو ما الذي دعانا للتساؤل عن انتاجه لهذا الفيلم رغم وجود اتفاقية للانتاج المشترك بين مصر وفرنسا منذ عام.1983 بالتأكيد كل المعلومات المنشورة عنه دفعتنا للتساؤل والكثير غيرها. لماذا كتب بنامو في مقدمة الكتاب الرسمي لفيلم بعد الموقعة كلمة قبل كلمة المخرج عنوانها لماذا الثورات العربية في السينما, يفند فيها الثورة المصرية واخواتها العربية ويعد بتبني تقديمها في السينما.كأن السينما أو الثورات العربية تنتظر السيد بناموللتعبير عنها. ثم إن السيد بنامو صحفي ولم ينتج أي فيلم روائي طويل من قبل وفيلم نصرالله هو أول فيلم ينتجه, لماذا؟ ولماذا تم وضع صورة وحيدة تجمع بين بنامو والمخرج في الكتاب الرسمي للفيلم رغم وجود اثنين من المنتجين الفرنسيين الاخرين شريكيه في الشركة الفرنسية؟ ألا يدعونا كل ذلك للبحث؟ أما بخصوص عرض فيلم بعد الموقعة بإسرائيل, فنحن نقلنا ما صرح به الموزع الاسرائيلي أوديد هوروفيتز لصحيفة يديعوت احرونوت بأن شركته أورلاندو فيلم اشترت حقوق الفيلم باسرائيل. ولدينا أكثر من تأكيد. ربما لم يدرك السيد بنامو أن الموقع الرسمي لسوق مهرجان كان( سيناندو دوت كوم) قد نشر في صفحة شركة أورلاندو فيلم الاسرائيلية انها اشترت في ابريل2012 قبل مهرجان كان حقوق عرض فيلم( بعد الموقعة) للعرض في اسرائيل من شركة أم كا2 الموزع الدولي لفيلم بعد الموقعة. ولقد ارسلت ايميل لهذه الشركة الأخيرة ولم ترد ثم قمت بارسال ايميل لروني ماهاداف مدير التوزيع بالشركة الاسرائيلية نصه: أنا صحفي مصري. قرأت بجريدة احرونوت أن شركتكم اشترت حقوق الفيلم المصري( بعد الموقعة) باسرائيل.سيكون جيدا للقراء معرفة هل ستعرضون الفيلم فعلا؟ و ممن تحديدا اشتريتم حقوق عرض الفيلم باسرائيل؟ وجاء رد ماهاداف بتاريخ29 مايو: لقد اشترينا الفيلم المصري بالفعل من شركة أم كي2 الفرنسية التي نعمل معها بانتظام. وكان هدفنا أن نعرض الفيلم في اثنين من دور العرض باسرائيل ثم نبيعه للعرض التليفزيوني. لكن منذ بضعة أيام أخطرتنا الشركة الفرنسية أن في عقدها مع المنتج المصري بندا يمنع البيع لاسرائيل. لذا يبدو أننا سنمتنع للاسف عن تقديم الفيلم في دور العرض هنا. ونحن لا نكذب قول( بنامو) وجود بند في عقد الانتاج المشترك يعطي للشركة المصرية حقوق بيع الفيلم بالشرق الاوسط ومنها اسرائيل, لكن موقع سوق مهرجان كان ورد الشركة الإسرائيلية يقول إن البيع تم بالفعل ثم تم التراجع عنه أي أن هناك خرقا للعقد. وعلي المتضرر من الأطراف الأخري أن يقاضي من خرق العقد اذا كان معترضا علي البيع لاسرائيل.أما كون هناك مقالات أشادت بفيلم بعد الموقعة, فالفيلم موضع جدل. وكان لافتا للنظر أنه وقت كتابة الرسالة الصحفية من كان كانت أغلب الجرائد العالمية التي ظهرت حينها تنتقد الفيلم, بالاضافة للمجلتين اليوميتين وماقدمته كل منهما من آراء حوالي25 ناقدا عالميا أغلبهم رأوا أن بعد الموقعة غير جيد وأعطوه حتي نهاية المهرجان أقل درجات تقييم بين أفلام المسابقة. ومن حقي كناقد أن أري أن الفيلم متواضع وضعيف فنيا, بالاضافة إلي أنه علي المستوي الفكري كارثة حقيقية. فالفيلم يدافع ببساطة عن أحد بلطجية معركة الجمل ويحاول أن يقنعنا بأنه فعل ذلك من تلقاء نفسه دفاعا عن السياحة وكأنه ساذج ليرتكب فعل القتل مستندا علي فكرة وهمية, ماذا اذن عن القضية التي تتداولها المحاكم المتهم بها شخصيات من النظام السابق استخدموا هؤلاء الرجال من منطقة نزلة السمان بالجيزة لقتل المصريين المتواجدين بالتحرير.وبعد أن أجهد المخرج نفسه ليقدم لنا بطله باعتباره شخصية طيبة, نراه يبحث عن اقتناء مسدس لقتل شخص ولا نعرف السبب, ثم يستغني فجأة عن المسدس!! صحيح أن فن السينما يتسع لكل الرؤي حتي لو كانت البحث في دوافع القاتل أو الشرير,لكن عندما يدافع بعد الموقعة عن بلطجية موقعة الجمل يصبح بالقطع فيلما ضد الثورة المصرية. لذا نواجهه نقديا بكل قوة.

وأخيرا نكشف أن السيد بنامو قال في تصريحات لوكالة الانباء الفرنسية تداولتها وسائل الاعلام: الموضوع المنشورهو دعوة للاغتيال المعنوي تأتي في سياق المرحلة الاولي للانتخابات الرئاسية المصرية من جريدة عرفت بحملاتها ضد د.محمد البرادعي ويوسف شاهين. الأهرام قريب من السلطة والجيش والتيارات الاسلامية. طبعا الأهرام أكبر من التعليق علي ذلك, لكن نذكر السيد بنامو أن الأهرام هي الجريدة الوحيدة التي أقامت احتفالا بمناسبة مرور80 عاما علي ميلاد يوسف شاهين وذلك في احدي قاعاتها الكبري حضره بنفسه قبل وفاته رحمه الله.

الأهرام اليومي في

04/07/2012

 

"سنوهوايت والصياد"و"روك في الغابة" : فيلمان جديدان

هند هيثم 

مرت فترة طويلة مُذ شاهدتُ فيلماً في دور العرض. آخر فيلم شاهدته في دار سينماكان “ذا بِست إكزوتِك ماريغولد هوتيل”، وسبقه “صيد السلمُون في اليمن”، ومن ثم تلاشت رغبتي في العودة إلى مشاهدة الأفلام - لأسبابٍ واضحة.

لحُسن الحظ، تضافرت عدة عوامل - لا داعي للحديث عنها - دفعتني إلى الذهاب إلى دار السينما الضخمة الواقعة في المدينة فوق الجبل، والتنقل بين قاعات العرض فيها لمشاهدة ماراثون مُكون من ثلاثة أفلام: “شُجاعة”، “سنووايت والصياد، و”روك العصور”.

لم أكن أنوي مشاهدة “شُجاعة”. صحيح أنني أترقب صدوره مُذ شاهدت التيزر الخاص به لأول مرة قبل نحو عشرة أشهر، لكنني قد وعدتُ بعض من أعرف بأن نذهب لمشاهدة الفيلم جماعة حين يصدر، وقد اتفقت الجماعة على أن يكون الموعدالأسبوع القادم. هكذا، ذهبتُ بنية مُشاهدة “سنووايت والصياد”، غير أن تضارباً في المواعيد جعلني أصل وقد بدأ عرض الفيلم، وكذلك كان الأمر معروك العصور”، فلم يبق إلا أن ألحق بعرض “شُجاعة” - الذي يُعرض بغير انقطاع. فعلت، وكان هذا من حُسن حظي. سأنتظر حتى أشاهد الفيلم ثانية، وأكتبعنه - بإذن الله. كُل ما يُمكنني قوله الليلة: لا تُضيعّن - أبداً- الفُرصة لمشاهدة “شُجاعة”!

فيلم “شُجاعة” مُهدى إلى مؤسس شركة آبل ورئيسها التنفيذي الراحل ستيفجوبز، الذي أسس - كذلك - إستوديو بِكسار. لا أعرف ما قد يكون رأي ستيف جوبزفيه، لكنني كُنت لأشعر بالسعادة لو أهدى أحدٌ إلّي عملاً على هذا القدر منالجودة بعد وفاتي. لا أظنني سأعرف إن حدث هذا، إلا أن إلهام الآخرين إنتاجأعمالٍ جميلة خير ما يفعله المرء حياً وميتا.

وإذن، فقد كان فيلم “سنووايت والصياد” المقصود بهذه الرحلة. لم يكُن الفيلممُخيباً للآمال كُلية، بل كان أقرب إلى فُرصة ضائعة، مثل شخصٍ يُعطى له المسرح ليتلو مونولوغ مكبِث بعد أن علِم بنبأ موت زوجته، فيختار أن يُغني إعلان بيتزا. ليس بطريقة فيلم “المجهول” (2011) الذي يحتاج إلى إصلاح بعضمفاصله ليتسق، لكنّه يظل يحتفظ بمواطن قوة وأصالة، وإنما بطريقة الفيلمالذي يملك شخصياتٍ مُمتازة، فيُقرر المُخرج والمُنتج ومُدير التصويروالمونتير ورئيس فريق المؤثرات الخاصة أن يحولوه إلى لُعبة مؤثرات بصريةرخيصة، ويقتلوا فيه إمكانية أن يتحول إلى فيلم يُغير قواعد لُعبة الفانتازيا في هوليوود. بيتر جاكسُن - “سيد الخواتم” - يستطيع أن يُغيرقواعد الفانتازيا ويصير سيد هذا النوع الفيلمي في هوليوود كما يشاء، أمّاروبرت ساندرز فيُريد أن يصنع فيلماً خفيفاً ومسلياً ويكون الجميع سُعداءفيه، سواء العاملين عليه أم مُشاهديه، من دون أي صدامات.

تشارليز ثيرون تلعب دوراً يعلق في الذاكرة: الملكة ريفينا، أفضل مُعالجة لشخصية الملكة الشريرة مُنذ شخصية ماليفسنت في فيلم “الجميلة النائمة لديزني (1954)، وتحمل الفيلم على كتفيها. إنها الشرير الذي يتساءل الجمهورعنه حين يغيب عن الشاشة.

كريستِن ستيوارت تلعب دور سنووايت، وكان تغييراًرائعاً رؤيتها تقفز في الماء من علٍ لتنجو بحياتها، بدلاً عن القفز لأجل أنتجذب انتباه مصاص دماء (يلالي). وكرِس هِمزوورث يلعب دور الصياد السكيرالذي تُرسله الملكة ريفينا ليأتي لها بسنووايت. كريستِن ستيوارت وكرِسهِمز وورث يبذلان جُهداً طيباً في الفيلم، ويبدو أن كليهما راغبٌ في تجاوزإطار الوجه الجميل الذي حُصرا فيه، وإثبات نفسيهما كممثلين. في النهاية، تشارليز ثيرون تكسب - بالطبع - لكنها ليست ممثلة عادية، وليس من السهل منافستها.

شخصية أخي الملكة مثيرة للاهتمام كذلك، بقدر الملكة نفسها، لكن الممثل الذي يلعب الدور، سام سبرويل، يُفسد الشخصية، ويحولها إلى شخصية ثانوية لقائد حرس معتوهٍ بعض الشيء. إيان مكشين يلعب دور واحدٍ من الأقزام، لكن موهبته غير مُستغلة في الفيلم، فدور الأقزام ثانوي في الحبكة، والفيلم يُصورهم بطريقة توحي بأن روبرت ساندرز قد مر على بيتر جاكسُن في موقع تصوير فيلم الهوبِت” وسأله: “هل لك في أن تقرضني بعض الأقزام على أن أردهم لك في نهاية الأسبوع؟

كذلك، في الفيلم لمحات مثيرة للاهتمام، مثل النساء اللائي يعشن وراء الغابة المُظلمة، وقد شوهن وجوههن بأيديهن لئلا تطالهن سطوة الملكة التي تعيش علىامتصاص جمال نساء المملكة وشبابهن. هؤلاء النسوة - اللائي أكلت حروبالملكة رجالهن - كُن سيكُن أوقع تأثيراً لو كان الفيلم قد استعرض خراب المملكة بالفعل - وقد جيء بهن في الحبكة للتدليل على تخريب الملكة للمملكة، لكن المُخرِج لم يوفق في تقديم فكرة عن مدى تغلغل الخراب الذي حاقب المملكة. مشهد الشارع الوحيد لا يكفي للتدليل على ذلك. (يبدو لي أنّه نفسه شارع لندن الوحيد في فيلم “المجهول”، لكن هذا قد يكون خداع بصر.

قصة الفيلم: زوجة الملك تُنجب سنووايت ذات البشرة البيضاء بياض الثلج،الشفتين الحمراوين حمرة الدم، والشعر الأسود كالليل الحالك. (يُذكِر هذاالوصف بأغنية “بينما تخطر برقة” من فيلم “بيوولف” (2007) - مع فرق جودة التشبيه: “شفتان ناضجتان كالتوت في يونيو. حمراءٌ الوردة./ بشرة شاحبة كنورالقمر، بينما تخطر برقة./عينان زرقاوان كالبحر والسماء. الماء ينساب./قلبٌ يضطرم كالنار في الليل، بينما تخطر برقة”.) وتموت الأم وسنووايت أجمل طفلة في المملكة.

يحزن الملك، ومن حُزن الملك ينبعث جيش ظلامٍ غامض على حدود المملكة الشرقية، فيضطر الملك إلى الزحف برجاله لمواجهته. الجيش الذي يأتيمن حُزن الملك ملمحٌ أصيل في هذا التناول لقصة الأخوين غرِم، يجعل المرءيأسف أكثر على الفُرص التي ضيعها هذا الفيلم. يتضح أن الجيش ليس إلا رجالاً من شظايا الزجاج، لكنهم يجدون أسيرة سلبت لُب الملك وأنسته حُزنه. يأتيبها الملك إلى عاصمته، ويتزوجها من فوره، ويكون هذا آخر عملٍ في حياته. لقد جاءت ريفينا لتبقى وتحكم، بالغلبة وحدها. إلى أن تُذكرها المرآة بأسيرتها سنووايت، التي بلغت سن الرشد، وصارت أجمل الجميلات، والوارثة الشرعية للعرش.

تهرب سنووايت من أخي الملكة، ويطاردها رجاله حتى حدود الغابة المظلمة، ثميتراجعون خوفاً، فتطلب الملكة شخصاً قد ارتاد الغابة المُظلمة ليأتي بهاء ويقع الاختيار على الصياد السكير إرِك الذي دخل الغابة وخرج منها حياً. عندما يشيع خبر هروب الأميرة، يلحق ويليام، نجل أحد أبرز النُبلاء في بلاط أبيها، وصديق طفولتها إلى الفرقة التي يقودها أخو الملكة لاصطياد سنووايت- والصياد، الذي ينضم إليها، بطبيعة الحال. ويُساعدها الأقزام، كما قدساعدتها النساء اللائي يُقمن وراء الغابة، في سعيها لقتل الملكة ريفينا واستعادة عرش أبيها.

ثمة مسائل يُلمِح لها الفيلم، لكنّه لا يعود إليها ليتوسع فيها، تقول الملكة ريفينا إنها “[ستمنح] هذا العالم الخَرِب الملكة الذي يستحقها، ويقول الفيلم إن مملكة أبي سنووايت ليست أول مملكة تستولي عليها - ولا آخرمملكة، لكنّه لا يوضح لِمَ اتخذت من هذه المملكة بالذات قاعدة لها، ولا كيف لم توسِع رُقعة حُكمها. كذلك، لا يعرض الفيلم خراب المملكة المُفترض بوضوح، ولا يكاد المرء يرى فرقاً بين قصر الملك وبين قصر الملكة (الشريرة) - باستثناء نفي البلاط، الذي يُلمِح الفيلم لحدوثه بطريقة ذكية، إذ أنريفينا تُدرك يوم زفافها أن عيون البلاط كُلها على سنووايت، لا عليها. الغابة المُظلمة تقع خارج سُلطة ريفينا، ولا يُمكِن القول بإنها هي من جعلها كذلك. الأمرُ غريب وفقاً لما يحاول صُناع الفيلم الترويج له من أن الأرض كانت بخير قبل أن تحل ريفينا فيها.

بينما - وفقاً لمنطق الشخصية - فإن العالم خربٌ أساساً. ريفينا لم تزده خراباً، بل إنها تعتقد أنها ملكة أكثر رحمة ممن سبقوها، وهي تتذكر مع أخيها أنهما كانا يستجديان اللقمة على الأبواب، مما يبعث على الإنزعاج. الأفلام الرديئة أفلامٌ رديئة، فحسب. لكن الأفلام الرديئة التي تمتلك ملامح أصيلةتبعث على الغيظ والحسرة. الغيظ من تفويت الفُرصة لصناعة فيلم ممتاز، والحسرة على ضياع فيلمٍ عظيم كان يُمكِن أن يكون. ثمة - أيضاً - التلميحإلى أن ريفينا قد انتُزِعت من حُضن أمها وهي بعدُ طفلة، وانتزعها ملك- غالباً بيدوفيلي - بعد أن ربطتها أمها بتعويذة سحرية تحفظ شبابها - بمقابلٍ رهيب - لأن الشباب والجمال السلاحان الوحيدان للنساء.

سنووايت أكثر شباباً وجمالاً، لذلك تُهدد عرش ريفينا، وتنتزعه منها في النهاية - ليس من دون أن تستحقه. لكن المسألة لم تعد مُتعلقة بالجمال، فحسب، وإنما بالسُلطة - ورفيقها الأثير، الخلود. كُل الملوك يريدون قهرالموت. محاولات ريفينا المتكررة للحفاظ على شبابها محاولاتٌ لقهر الموت فيالأساس، لكنها لا تستطيع - في النهاية - الوقوف أمام الحياة التي تتفجر فيعروق سنووايت. سنووايت أكثر شباباً وصحة وعزماً وجمالاً، وهي ستنتزع العرشمن ملكة عظيمة - ليس بأعمالها الخيرة، وإنما بإيمانها بأن العالم الخَرِبيستحق ما تُعطيه، لا أكثر ولا أقل - وستنتزعه لأنها تحمل أملاً بأن العالم سيكون أفضل.

يتحدث الفيلم عن حروبٍ للملكة ريفينا، لكنّه لا يعرض أي مشهدٍ لهذه الحروبالمزعومة، ولو في فلاش باك. تفسير هذا واحدٌ من أمرين: أنهم أرادوا التوفيرفي الميزانية، فلم يصوروا هذه المشاهد. أو أنهم صوروها، ووضوعها في النسخة النهائية، لكن دار السينما التي شاهدت الفيلم فيها قد قررت أن تقص هذه المشاهد لأقضي وقت مشاهدة الفيلم وأنا أتململ: “أين مشاهد حروب الملكة؟ كيفحارب الصياد في حروبها ثم صار لا يُبالي بها؟ هل كانت تُخضِع الشعب للتجنيد الإجباري؟ من أين جاءت بجيشها الجرار؟ مَن كانت تُحارِب؟ لماذا حاربتهم؟ هل صارت أقوى من أن تخدع الملوك بحيلها؟ أم أنهم صاروا يعرفونها؟

كُل هذا غير مُهِم، فالمُراهِقون يُريدون فيلماً فيه معارك بغير دماء وجروح مُقززة، وبعض الوحوش، وغابة مُحرمة، وملك شرير، وفتاة جميلة يُنقذها مُغامِر. مَلِك؟ حسناً، بالرغم من أن الفيلم يصلح نموذجاً في فن “عمل كُلما يلزم لتسخيف فيلم عظيم”، فإنّه يحتفظ بميزة أساسية: أنّه فيلم شُباك تذاكر هوليوودي فيه نساء يتصارعن على العرش. وسنووايت - فيه - تحمل السيفوتزحف بجحفلها على قلعة أبيها لتستعيد عرشها، بينما تقاتل الملكة ريفينا حتى آخر لحظة بقدراتها السحرية الفائقة، بعد أن هزم جيش سنووايت جيشها. الصراع المحموم بين سنووايت وريفينا، الصراع على السُلطة، يتحدى الحكاية التقليدية التي تجعل مقالب الملكة في سنووايت مُجرد غيرة (نسوان). (لطالما تساءلت: إذا كانت مُشكلة الملكة مع (جمال) سنووايت - فحسب، لا شخصها، فلماذا لا تُرسل من يشق وجهها بمدية وتكفي نفسها القلق وانشغال البال؟) كماأن حمل سنووايت للسيف، يتحدى الخطاب التقليدي لسنووايت المُستسلمة.

سنووايت تضطر إلى قتل ريفينا بيديها، لأنّه لا يستعيد العرش إلا صاحبه.

شخصية الصياد جاءت إضافة للقصة، فالصياد ليس الأمير الفاتِن الذي يأتي بحثاً عن حبيبة، وإنما رجلاً فقد زوجته، وأخذ اليأس منه كُل مأخذ. وهوالشخص الوحيد في الفيلم الذي ليس مُتأثراً بجمال سنووايت، أو بموقعها بوصفها صاحبة الحق الشرعي في العرش، الشخص الوحيد الذي يراها لما هي عليه، من دون أن يغبش رؤيته عامل خارجي، ويجعل هذا حُبه لها يائساً، وخالياً من أي خيالات.

بشكلٍ عام، لا جديد في الفيلم بصرياً. المونتاج عادي، المؤثرات الخاصة عادية، التصوير عادي. والموسيقى تبدأ عادية، غير أن أغنية “نَفَس حياة ممتازة. التمثيل في الفيلم جيد، وكان يُمكن أن يكون ممتازاً. الفيلم كان يُمكِن أن يكون تُحفة، لكنّ ما جاد به المُخرج وإستوديوهات يونيفرسال- التي تحتفل بقرنها الأول هي وبارامونت - مقبول المستوى.

غير أنّ فيلم “روك العصور” فيلم رديء في كُل الأحوال والظروف. هذا ليس فيلماً كان يُمكِن أن يكون جيداً ثم صار رديئاً. هذا فيلم رديء طوال الوقت، مع استثناءات طفيفة لا تستحق الذكر. الفيلم مُزدحم بالنجوم: كاثرِن زيتا جونز، إلِك بولدوين، بول جياماتي، وتوم كروز. ثمة نجوم آخرون في الفيلم الذي يحكي قصصاً متوازية تدور حول حانة وملهى بوربون في لوس أنجيليس الذي بدأت فيه العديد من فِرَق الروك الشهيرة. يبدو هذا مُثيراً للاهتمام. لهذهالأسباب دخلتُ الفيلم: كاثرِن زيتا جونز، الروك آند رول، وكونه “ميوزِكَل مأخوذاً من مسرحية “ميوزكل”.

روك العصور” عبارة عن تجميع للعديد من الأغاني المعروفة، من دون أن يكون فيه أي نغمةٍ أصيلة. وقصته عبارة عن مجموعة من الكليشيهات، وشخصياته كذلك. يظهر أن الغرض من إنتاجه كان أن يُعبر المُخرج آدم شانكمان عن مدى بغضه للروك آند رول - وبالمرة كراهيته للفرق الصبيانية التي شاعت في الثمانينيات من القرن الفائت. الفيلم بكُله يدور في جو رخيص للغاية، لدرجة أن المرء يحتار، أي جزء في الفيلم كان الأرخص؟ علاقة زوجة العمدة بستيسي جاكس؟ طريقة عرض (شر) مدير الأعمال؟ (المُنقذة) التي تُحوِل شيري إلى راقصة تعرٍ؟ جاكسو الصحفية؟ العمدة وسكرتيرته؟

الثُنائي الذي يُدير ملهى بوربون من الأشياء القليلة المُسلية، والأغنية التي يُعبر فيها كُلٍ منهما عن حُبه للآخر معقولة. عدا عن الثُنائي - الذي ليس ممتازاً بحد ذاته - فإن الفيلم يسقط تماماً، فليس فيه شيء مُثيرٌ للاهتمام، أو مُسلٍ. لا يوجد شخصية كانت لتكون أفضل، فالشخصيات مكتوبة لتكون كليشيهات، ولا يوجد أي حدثٍ مركزي، أو مجموعة أحداث، باستثناء وصول شيري إلى لوس آنجلِس.

رغم أن الفيلم عبارة عن قصصٍ متوازية، لا فضل فيه لقصةٍ على قصة، إلا أنّعنوان الفيلم كان ينبغي أن يكون: “كيف مر ستيسي جاكس بفترة ركود، ومن ثمعاد وقد وجد الإلهام والحب ومغنيي روك شابين ليُغنيا بشكلٍ ثانوي في فرقته”. المفروض أن حُلم شيري أن تكون مُغنية - غالباً مُغنية روك - وأن يكون حلم درو أن يكون مُغنياً، ثم تتراجع شيري لتصير مُغنية ثانوية مع درو، ويتراجع درو ليصير مُغنياً ثانوياً مع جاكس.

في تاريخ الروك، لطالما طلب تفِرَق الروك المجد لنفسها، لكن ما يفعله درو وشيري بنفسيهما لا يختلف كثيراً عما فعله مدير الأعمال الشرير بدرو وجاكس حين عطل موهبتيهما، وحولهما إلى شيء ثانوي. غير أن الفيلم سخيف بحيث يصير صعباً تحليله بشكلٍ معقول، ويصير ادعاؤه أن الروك “قد بنى لوس آنجِلِس” زعماً باطلاً.

هذا الفيلم جيد لهواة أيٍ من الممثلين الكبار في طاقمه، ولمُحبي النوعالغنائي - رغم أنّه ليس جيداً من هذه الناحية - ولمن يرغبون في مشاهدة فيلم مليء بالكليشيهات عن الروك آند رول. الحق يُقال، في الفيلم مناطق قد تُغري البعض باعتباره صرخة تمرد، وكل هذه الكلمات الطنانة، التي لا سند واقعياًلها. الفيلم مثل كمية كبيرة من حلوى غزل البنات، تُغري بالأكل في البداية، لكن قيمتها الغذائية مُنعدمة، وأكلها كُلها يورِث الغثيان. لحُسن الحظ، كان لدّي “شُجاعة” و”سنووايت والصياد” للتخفيف من تأثير رداءة هذا الفيلم.

عين على السينما في

04/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)