حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ندمت على بعض أعمالي السينمائية ..

أميرة فتحي: أتمنى العمل مع العبقري شريف عرفة

كتب: القاهرة - مصطفى ياسين

 

تحلم بتجسيد شخصيات تمنحها إحساساً بالتفوق، وتتمنى ألا تخذلها إمكاناتها، أدّت أدواراً ناجحة وأخرى دون المستوى ندمت على تقديمها كما تعترف، يدغدغها حلم الغناء بعدما خاضت تجربة التمثيل… إنها أميرة فتحي التي تشارك في دراما شهر رمضان في مسلسل «ابن النظام».
حول جديدها ومجمل تجربتها الفنية كانت الدردشة التالية معها.

§         أخبرينا عن مسلسل «ابن النظام».

سعيدة به لأنه أتاح لي العودة إلى التلفزيون بعد غياب ثلاث سنوات، إضافة إلى أنه مكتوب بشكل جيد ويجمعني بهاني رمزي في ثاني لقاء بيننا بعد فيلم «ظاظا»، فهو مثال للفنان الملتزم ويضيف إلى كل من يعمل معه.

§         يتردد أن المسلسل يفضح خبايا النظام السابق مع أنه كوميدي، ما صحة ذلك؟

بعيداً عن الخوض في التفاصيل، أنا فرحة به لأنه ينتمي إلى الكوميديا التي أتحمس دوماً لها، فقد ملّ الناس السياسة والمسلسل مختلف لأنه يقدم كواليس الفساد بشكل ساخر.

§         ما علاقتك بالسياسة؟

لا علاقة لي بها ولا أفهم فيها بل أكرهها، فثمة أشخاص يفعلون أي شيء لأجل «الكرسي» للأسف.

§         هل صحيح أن هاني رمزي عانى لإقناعك ببطولة المسلسل؟

هاني صديق مقرب مني، وفي سهرة على العشاء جمعتني به مع أصدقاء صارحني بأنه يختار بين عملين أحدهما «ابن النظام»، ثم قال لي: «نفسي نشتغل تاني مع بعض»، بعد ذلك عرض المخرج أشرف سالم السيناريو عليّ  فوافقت على الفور.

§         ما الذي جعلك تفكرين في الغناء؟

بعد مشاركتي في بطولة فيلم «بنات وبس» الذي أديت فيه أغنية نالت الاستحسان، استضافني الفنان مدحت صالح في برنامجه وغنيت فيه «عاشقة وغلبانة» لصباح، فأعجب بصوتي ضيوف البرنامج من بينهم الفنان أحمد السقا، بعدها فوجئت بخبراء في الموسيقى يقولون إنني أتمتع  بخامة مميزة وبحة خاصة تؤهلني أن أكون «مؤدية شاطرة»، فبدأت أتلقى دروساً في الغناء مع الدكتور رامي رضا، أستاذ في كلية التربية الموسيقية.

§         لكن كانت لك تجربة غناء سابقة.

صحيح، مع الفنان سمير غانم الذي لم يحذف صوتي من الاستعراضات والأغاني التي كنت أؤديها أثناء مشاركتي في مسرحيته «دو ري مي فاصوليا»، على رغم عدم استكمالي للدور واستعانته بأكثر من ممثلة بعدي.

§         هل أنت راضية عن كليبك «عقبال كل البنات»؟

طبعاً، لأني اخترت الكلمات واللحن بشكل جيد وكانت ردود الفعل تجاهه  ممتازة.

§         ماذا عن ألبومك الغنائي الأول؟

ما زال في مرحلة التجهيز وأنا منشغلة راهناً بتصوير «ابن النظام».

§         كيف تواجهين إشاعات طلاقك من زوجك المنتج وائل حب؟

كثرة هذه الإشاعات جعلتني أشكّ بأن ثمة شخصاً وراءها لأنها غريبة، وردّي عليها هو وجود زوجي معي في كل مكان أذهب إليه.

§         ألا تفكرين في مولود ثانٍ بعدما كبرت ابنتك الوحيدة؟

ابنتي جويريا هي كل حياتنا راهناً.

§         هل صحيح أن اسم ابنتك سبب خلافاً بينك وبين الفنان محمد هنيدي؟

ليس خلافاً بالمعنى المفهوم، لكن عندما أردت اختيار اسم لابنتي بحثت على الإنترنت وعثرت على جويريا وهو لإحدى زوجات الرسول (عليه الصلاة والسلام)، وعندما أخبرت هنيدي عارضني بشدة، لكنه أثناء زيارته لمسجد السيدة نفيسة رأى الاسم مكتوباً في لوحة أمهات المؤمنين فصدقني.

§         هل لدى ابنتك مواهب فنية؟

ترقص وتغني طوال الوقت وتتعامل بوصفها خليفة سعاد حسني. كذلك تفاجئني بحركات فنية، وتجد متعة في متابعة أفلام سينمائية.

§         كيف تقيّمين تجربتك السينمائية؟

ندمت على المشاركة في أفلام كثيرة من بينها: «الفرقة 16 إجرام» و{ابقى قابلني» لأنهما أسوأ شيء حدث لي في حياتي.

§         لماذا؟

عندما عرض عليّ سيناريو «ابقى قابلني» تحمست له لأنه أتاح لي العمل وسط نجوم أقدرهم مثل سعد الصغير وحسن حسني ومحمد لطفي، وأعجبت بدوري إلا أنني طلبت من المؤلف هيثم وحيد إجراء تعديلات معينة فوعدني خيراً، لكن بعد يومين من التصوير اكتشفت أنه لم يفِ بوعده فاعتذرت عن الاستمرار في العمل.

حرصاً على استكمال التصوير زارني  فريق العمل في منزلي ووعدني بتنفيذ طلباتي، فاستأنفت التصوير إلا أنني سرعان ما أكتشف أن الحال بقيت كما هي، والمصيبة أن الفيلم عرض مع أنني لم أصور إلا ستة  أيام من دوري.

§         ما كانت ردّة فعلك؟

قدمت شكوى إلى نقابة الممثلين حفاظاً على حقي الأدبي، إذ أظهرني الفيلم بشكل مضحك لأنني لم أكمل الدور، كذلك تقدمت بشكوى أخرى لعدم حصولي على أجري المتفق عليه.

§         ماذا عن فيلم «الفرقة 16 إجرام»؟

هو بحق إجرام في حق السينما وتاريخها، وأنا أخطأت في حق نفسي عندما وافقت عليه.

§         هل فكرت في خوض تجربة تقديم البرامج؟

عرض علي مشروع في هذا الصدد منذ فترة ورفضته لأن فكرته  ضعيفة، لكني أتمنى خوض هذه التجربة قريباً.

§         من أكثر فنان أعجبك كمقدم برامج؟

أحمد آدم لأنه اختار مجالا مختلفاً، تحديداً «الفانتزيا والكوميديا الساخرة»، ويقدم المعلومة، سواء الدينية أو السياسية، بطريقة مبسطة وخفيفة كونه مثقفاً ويحب القراءة.

§         هل ستكتفين بأدوارك كضيفة شرف في الأفلام في الفترة المقبلة؟

لا يقلّ دور ضيف الشرف أهمية عن دور البطولة بل هو أصعب، لأنه محوري في الأحداث.

§         هل صحيح أن المخرج خالد يوسف عرض عليك الدور الذي أدته غادة عبد الرازق؟

نعم، إلا أنني اخترت دور ضيفة الشرف الثاني الذي قدمته لأنه لمسني إنسانياً واقتنع خالد باختياري.

§         من المخرج الذي تتمنين العمل معه؟

العبقري شريف عرفة والمتميز وائل إحسان وأيضاً كاملة أبو ذكري.

§         هل يمكن أن تعودي إلى تقديم الإعلانات؟

صحيح أن الإعلانات تطورت إلا أن لدي تحفظاً عليها، وأرفض استغلالي للضحك على الناس.

§         والكليبات؟

إذا عرض عليّ المشاركة في كليب لمطرب أحبه سأوافق، لا سيما أن  الكليبات اليوم عبارة عن فيلم سينمائي قصير رفيع المستوى.

المصرية في

10/04/2012

 

 

بانوراما سينمات المغرب، والشرق الأوسط

صلاح سرميني ـ سان دوني(فرنسا) 

خلال الفترة من 9 وحتى 13 مايو 2012 تحتفي بعض الصالات الباريسية، والمنطقة الإدارية "سين سان دوني" المُحاذية للعاصمة، الدورة السابعة لـ "بانوراما سينمات المغرب، والشرق الأوسط"، وهي تظاهرةٌ سنويةُ بدون جوائز.

سوف يكون الافتتاح مصرياً مع فيلم 678 (نساء الأوتوبيس) لمخرجه "محمد دياب" المُزمع عرضه تجارياً في فرنسا بدءاً من 30 مايو .

يتطرّق الفيلم إلى ظاهرة التحرّش الجنسي الذي تتعرض له النساء في الأماكن العامة، ويحكي عن ثلاثةٍ كلّ واحدةٍ منهن تعيش حياةً مختلفةً عن الأخرى، ومع ذلك يتشاركن في المعاناة، ويجتمعن للتصدي لهذا العنف الجسديّ، والمعنويّ بأيّ طريقةٍ ممكنة.

ويتضمّن برنامج 2012 حوالي 30 فيلماً طويلاً، وقصيراً، روائياً، وتسجيلياً تُعرض للمرة الأولى في فرنسا.

وتشمل "البانوراما" نشاطاتٍ أخرى :

ـ طاولة مستديرة أولى تناقش موضوعاً بعنوان "حرب الجزائر، ذاكرة، وسينما"، وتُنشطها "سعدية صايغي" بحضور كلٍّ من رينيه فوتييّه، فاروق بلوفة، مالك بن إسماعيل، ألكسندرا دولز، وفي هذه المناسبة، تعرض "البانوراما" فيلم "أن يكون عمرك عشرون عاماً في الأوراس"، و"الجزائر الملتهبة" للمخرج "رينيه فوتييّه"، "حروب سرية لجبهة التحرير الشعبية" لمخرجه "مالك بن إسماعيل"، "وقائع سنوات الجمر" لمخرجه "محمد الأخضر حامينا"، و"مجاهدات" لمخرجته "ألكسندرا دولز".

ـ طاولة مستديرة ثانية تهتمّ بتونس بعد الثورة، وهي دعوةُ من جمعية المخرجين الفرنسيين (SRF) لبعض زملائهم التونسيين للشهادة على يومياتهم كمواطنين سينمائيين، يُنشطها "بوريس سبير"ـ مدير الصالة التي تستقبل البانوراما ـ بمُشاركة كلٍّ من مراد بن شيخ، فتحي دوغري، الأسعد وسلاتي، شانتال ريشار، سيريل سيسو، وتعرض البانوراما "لا خوف بعد اليوم" لمراد بن شيخ، و"نحن هنا" لعبد الله يحيى.

ـ برنامج خاصّ بالجمعية الجزائرية "كاينا سينما"، وآخرٌ تقترحه "سينماتك طنجة".

ـ تكريم المخرج المصري "يوسف شاهين".

ـ عروض للشباب، الأطفال، العائلات، وتلامذة المدارس، وتُقدم لهم البانوراما فيلم "قديش تحبني" لمخرجته "فاطمة الزهراء زموم"، و"حرامي بغداد" لمخرجه "ميشيل بوويل".

ـ لقاءاتٌ إحترافية.

ـ حفلات موسيقية، وجلساتٌ أدبية.

وبمُناسبة هذه الدورة، تستقطب التظاهرة أماكن عرض جديدة، وبينما كانت العروض تنحصر في صالةٍ واحدة لمدينة "سن دوني"، سوف تستقبلها بعض الصالات الباريسية، والمنطقة الإدارية "سين سان دوني".

كما تُوسّع من جغرافيّتها السينمائية، وتبدأ باستقبال أفلاماً عربية قادمة من الشرق الأوسط، وهي، سينمائياً، خطوةٌ إيجابيةٌ لصالح السينما، والسينمائييّن، ولكنها، سياسياً، تُثير التساؤلات، وتجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأنها تتضمّن أجندةً خفيةً/ظاهرةً تحققها، بقصدٍ، أو بدونه، بعض المهرجانات السينمائية الأوروبية المُهتمّة بالسينما العربية بهدف تكريس مفاهيم جغرافية، وسياسية تتوافق بدايةً مع أفكار المُنشطين أنفسهم، ورغباتهم، والأهمّ، مع الخطط الغربية البعيدة المدى لزعزعة المنطقة... سينمائياً، ولاحقاً، تدمير العناصر المُشتركة التي تجمع السينمات العربية سعياً إلى تحقيق مشروع خبيث يهدف إلى تشظية هذه المساحة الجغرافية الشاسعة التي نعيش فيها، ونُسميها افتخارا "وطناً عربياً"، وتحويلها إلى دويلاتٍ، وكياناتٍ تستورد خلافاتٍ مفتعلة، وتناضل من أجلها، وما يحدث حالياً ليس بعيداً عن هذا الاعتقاد

يمكن فهم الاعتبارات الاحترافية التي كان يُعلنها "كمال المحوطي" ـ المدير الفني للبانوراما ـ، عندما بدأ بالسينمات المغاربية تيمةً أولى، وعلاقته الثقافية مع البلد الذي جاء منه إلى فرنسا، ولكن، إذا اعتبرنا الدورات السابقة تمهيدية لتوسيع الجغرافيا السينمائية، وهذا من حقه، فإنه من حقنا أيضاً التساؤل عن هذا الفصل الحادّ، والمُثير للريبة بين سينماتٍ من المُفترض بأنها "عربية"، وينطق القليل منها بلغاتٍ أخرى، وتحديدها في جغرافيا غريبة (مغرب، وشرق أوسط) .

إذا كان المقصود بالسينمات المغاربية كلٍّ من : المغرب، موريتانيا، الجزائر، تونس، ليبيا، أتمنى بأن نتعرّف على معنى محدد لسينمات الشرق الأوسط.

من خلال المُتابعة الفعلية، والنظرية لمثل هذه التظاهرات، والمهرجانات، نستشعر دائماً رغبةً، حاليةً، أو مؤجلة، بإشراك إسرائيل في البرمجة عن طريق أفلامٍ يُقال عنها مناصرة للقضية الفلسطينية (شخصياً، لم أقتنع بعد بسينمائيٍّ إسرائيليّ يعيش في وسط أرضٍ مغتصبة، ويدّعي بأنه يقدم أفلاماً تُناصر حقوق الفلسطينيين).

عادةً، تنطلق هذه الرغبات من "نوايا حسنة" تسعى إلى التقارب، المُصالحة، والسلام بين الأطراف المتصارعة، وفي مثل هذه الحالات، لا تجد المؤسّسات الأوروبية الداعمة أفضل من منشطين عرب، أو من أصولٍ عربية (وغير عربية) لتنفيذ هذه المبادرات السينمائية المُحشوّة بأجنداتٍ سياسية تتخطى طموحاتهم المُعلنة، والدراسة المُتفحصة لمسيرة بعضها تؤكد هذه التوجهات، والمثال الأكثر خبثاً، عبثاً، وخطورةً، عرض فيلم إسرائيليّ في مسابقة إحدى الدورات السابقة لمهرجان السينما العربية في فاميك/فرنسا، والأطراف، حصوله على جائزة الصحافة المحلية).

وقد عرفت أوروبا دزينةً من المبادرات السينمائية اهتمت حصراً بسينمات المغرب، وهي بهذا التوّجه، تؤسّس، بوعيٍّ، أو بدونه، قطيعةً مع سينمات المشرق العربي.

وهو جوهر الخلاف الذي تتوقف عنده السياسة الغربية، تُغذيه، وتستغله في تحقيق مشاريعها، هي التي، كما نعرف، تسعى إلى جذب بلدانٍ أخرى كي تنضم إلى "المجموعة الأوروبية" على الرغم من اختلاف اللغات، والديانات، بينما، بدورنا، لم نفهم بعد إيجابيات التعايش المُشترك، وتلاقي ثقافاتنا المتقاربة، وهنا، لا أفهم أن يتفاخر أحدنا بجنسيةٍ مزدوجة، عربية، وفرنسية مثلاً، ويمتعض من نفس الفكرة في بلدٍ عربيّ

من جهةٍ أخرى، كان المنشطون المشرقيون أكثر تواضعاً، حيث لم نسمع حتى اليوم عن مبادرةٍ سينمائية "مشرقية"  خالصة، ولا حتى "شرق أوسطية" انعقدت في أوروبا (هناك المهرجان الدولي للفيلم الشرقي في جنيف بإدارة الجزائري "الطاهر حوشي").

وفي حالة "بانوراما سينمات المغرب، والشرق الأوسط"، ماهي سينمات الشرق الأوسط ؟

هل المقصود بها تلك الأفلام التي تُنتجها : مصر، سورية، لبنان، السودان، العراق، الأردن، اليمن، دول الخليج،..؟ 

وفي هذه الحالة، لماذا لم تتخير "البانوراما" عنواناً جامعاً، وتصبح "بانوراما السينما العربية"، ولماذا تنزع التظاهرة عن هذه السينمات "عروبتها"، أو "عربيّتها" ؟

إلاّ إذا كان المقصود الآنيّ، والمستقبليّ كلّ "سينمات الشرق الأوسط" بما فيها إسرائيل، إيران، تركيا، ويمكن أن تمتدّ إلى بلدانٍ أخرى،....

هل تخيّرت "البانوراما" فصلاً بين المغرب، والمشرق، وتحاشت جمعها في إطار "السينما العربية" كي تمنح الاعتبار للسينما الأمازيغية ؟

والسؤال الآن :

ـ هل هناك "سينما أمازيغية" حقاً، أم أفلاماً مغربية، وجزائرية ناطقة بالأمازيغية، أو لهجاتٍ محلية أخرى؟ 

ويمكن أن نطرح نفس السؤال بطريقة مختلفة أكثر جدليةً :

ـ هل هناك "سينما كردية"، أم أفلاماً عراقية، تركية، إيرانية، سورية ناطقة باللغة الكردية ؟

وأدعي، بأنّ التأكيد على وجود "سينما كردية" يتضمّن خطورةً مستقبلية على المنطقة بأكملها تتوافق تماماً مع مفهوم الشرق الأوسط،.. والكبير أيضاً.

ويبدو بأننا نقسو كثيراً على أنفسنا إلى حدّ الخصام، والاقتتال، وننسى بأنّ سينمات بلدانٍ أخرى تتقاطع فيها اللغات، والثقافات المختلفة بمنطق التعايش الإيجابي بدون الإحساس بالنقص من الأقلية، أو العظمة من الأكثرية، وأفضل مثالٍ السينما في بلجيكا، سويسرا، والمملكة المتحدة، والمثال الأعظم الذي يجب أن لا ننساه، هو السينما الهندية المُنتجة بعشرات اللغات المحلية، ومع ذلك، لم أسمع في حياتي مبادرة واحدة تفصل بينها على الرغم من الاختلافات الواضحة بين أفلام ولاية، وأخرى.

الجزيرة الوثائقية في

02/05/2012

 

الشاي أم الكهرباء.. كيف استقبل الفقراء الكهرباء

حسن مرزوقي 

"كان المشهد في غاية التناقض .. عالمان متعاكسان .. عالم الظلمة والعمل اليدوي وثقل الماضي والتقاليد.. وعالم  الحاضر والنور والآلة والسرعة والعولمة.. ما أردت تصويره هو دخول الكهرباء إلى هذه القرية الصغيرة المعزولة في جبال الأطلس.."

هكذا علق المخرج البلجيكي جيروم لومار على فيلمه الجديد "الشاي أو الكهرباء". وهو فيلم وثائقي طويل يحكي قصة قرية مغربية تقع في قمم جبال الأطلس لم تصلها الكهرباء إلا حديثا. فمنذ ثلاث سنوات بدأ مشروع لتوصيل النور الكهربائي إلى أرياف الأطلس النائية. وخلال هذه السنوات الثلاثة تابع جيروم عملية دخول الكهرباء وتقبله من قبل السكان.

لقد تم اكتشاف الكهرباء منذ قرن ونصف ثم دخلت البيوت منذ قرن وغيّرت حياة البشر . ولكن مازالت أصقاع من الأرض لم تر النور بعد. في فيلمنا وخلال الثلاث سنوات كان المخرج يتابع انتشار النور فوق الأسطح ثم انتشار الأطباق فوق المنازل لالتقاط الفضائيات. أخيرا قرية "إيفري" تسلك طريقها نحو الحداثة.  هذه القرية التي تضم 35 منزلا لـ 35 عائلة تقع في سفح جبلي لا تغادره الثلوج إلا قليلا

اختياره للقرية هو اختيار جمالي يعطي للكاميرا حرية التجول في المشهد وولكن لسبب حضاري أياض متعلق ببيئة القرية وثقافتها. فدخول الكهرباء إلى القرية سيخلط أوراق شكل التوازنات داخل هذه المجموعة البشرية الصغيرة وسيصنع فرزا اجتماعيا جديدا. فهناك مجموعات تقاسمت الهيمنة على مصالح السكان لزمن طويل.  فهناك من بيده الماء والسقاية  وهناك من بيده تأمين الطريق وكل ذلك بمقابل. الكهرباء كوافد حيوي جديد سينتج مهيمنين جددا على هذا العنصر الحياتي الذي لن يقل قيمة على الماء والطريق. علما وأن جزءا من تكاليف إدخال الكهرباء تتحمله العائلات (2500 درهم أي حوالي  300 دولار) هذا علاوة على شراء التلفزيون و"الدش" والتوصيلات. مما سيجعل من الأثرياء فقط قادرين على الانفتاح على العالم قبل غيرهم.

من جهة الشخصيات  أحسن المخرج اختيار شخصياته حيث لم يدخر جهدا في التقرب لسكان القرية كي يكسب ثقتهم. فركز مثلا على عائلة بن حدو باعتبارها الأفقر وعائلة مسعودي باعتبارها الأغنى. هذا إضافة إلى الجدل الذي حصل رفضا وقبولا للكهرباء. فحضرت شخصية  "الشيباني" أو الشيخ العجوز الرافض قطعيا للكهرباء وشخصية مؤدب الصبيان الذي دخل في الجدل وكانت مشكلته مع ما يُبث على الشاشة. من ناحية أخرى التقنيون العاملون على التوصيل. وهذا ما صنع جدلا بين الشخصيات وخاصة في مستوى الانتظارات ما قبل وصول الكهرباء ثم أثناء تقبلها وما بعد توصيلها.

أما عنوان الفيلم فوراءه حكاية طريفة من حكايات القرية. مفادها أن أحد العجائز متعود على شرب الشاي في بيت جاره وفي يوم من الأيام وبعد غياب طويل للعجوز عن مجلس الشاي. وبمجرد طرق الباب ليدخل  بادره جاره بسؤال غريب : هل تريد الشاي ام الكهرباء ؟؟ فتعجب العجوز. فكرر له السؤال. فقال : الكهرباء.. فضغط جاره على مفتاح النور فأضاء المصباح الغرفة. حينها أصيب العجوز بالذهول وغادر فورا فلم يشرب الشاي ولم يفهم الكهرباء.

 لقد عمقت إقامة المخرج في القرية  رؤيته الفنية والفكرية للفيلم حيث أقامه على ثنائية النور والظلمة والماضي والحاضر والتقليد والحداثة. مما جعل من الفيلم سؤالا ثقافيا وفكريا مفتوحا على عدة إإشكاليات تعيشها دول العالم الثالث في عصر العولمة. فهل بإمكان الكهرباء التي أدخلت التلفزيون والآلات الحديثة والاتصال والفضائيات إلى هذه القرية .. هل بإمكانها أن تسرّع وتيرة تطور هذا المجتمع القروي وتجعله جزءا من عالم معولم ؟؟؟ هذا إضافة إلى سؤال التنمية في المجتمعات النامية وتأخرها لعقود..؟؟

تحصل هذا الفيلم أخيرا على الجائزة الكبرى وجائزة الجمهور في مهرجان أغادير  الوثائقي FIDADOC ويشارك الآن في عدة مهرجانات عربية ودولية.

الجزيرة الوثائقية في

02/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)