حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مجدي أحمد علي:

غياب الخيال وراء أزمة السينما

بقلم : الأميرأباظة

 

لم يكن المخرج السينمائي مجدي أحمد علي يعرف وهو يقدم استقالته من عضوية مجلس ادارة المركز القومي للسينما مع صديقه المخرج يسري نصر الله احتجاجا علي ممارسات حكومة عصام شرف ضد الثوار في شارع محمد محمود أنه يمكن أن يعود بعد أسابيع قليلة رئيسا للمركز ومخططا لسياساته في مرحلة من أهم مراحل التحول الديمقراطي في مصر مجدي أحمد علي المخرج السينمائي صاحب الانجازات الكبيرة والأفلام المهمة التي حصدت رضا الجماهير والنقاد كما حصدت الجوائز في المهرجانات السينمائية مؤلفا في " ضحك ولعب وجد وحب " ومخرجا في " يا دنيا ياغرامي "و" البطل " و"أسرار البنات "و"خلطة فوزية" و"عصافير النيل " وكما انه فنان محترف فهو ثائر ومقاتل محترف أيضا لا يهرب من مواجهة، مستعد دائما للقتال من أجل أن يدافع عن وجهة نظره أو عما يقتنع به دعما للفن السينمائي الذي يعشقه وينتمي إليه كاتبا ومخرجا قبل أن يكون رئيسا للمركز القومي للسينما.. ومعه كان هذا الحوار:

§         قلت: لماذا كانت الاستقالة من عضوية مجلس إدارة المركز القومي للسينما ولماذا عدت له رئيسا بعد ذلك بأسابيع؟

- انا ويسري وأحمد عبدالله قدمنا استقالاتنا في نفس الوقت. استقلنا بناء علي موقف الحكومة من أحداث شارع محمد محمود واستقلت بصفتي الشخصية أما عن رئاسة المركز القومي للسينما فهذه ترقية وظيفية فأنا أصلا موظف في المركز وقد تمت ترقيتي رئيسا للمركز.

مجلس إدارة

§         أنا أتحدث عن الآلية التي كانت متبعة فقد كان هناك مجلس إدارة يدير المركز مع الوزير السابق؟

- ومازال موجودا وهناك اثنان آخران أحلا مكان المستقيلين وهما كريم جمال الدين ومحمد العدل ومجلس الإدارة الآن يواصل عمله.

§         من هم أعضاء المجلس؟

- كريم جمال الدين ومحمد العدل بدلا من المستقيلين فقد اكتمل العدد 9 أعضاء منهم ممثلا للغرفة (شريف مندور) وممثلا عن النقابة وممثلا عن المركز وهناك خمسة أعضاء آخرين منهم المخرج عمر عبدالعزيز والناقد مجدي الطيب ...

§         الملاحظ انه في الفترة الاخيرة معظم القرارات يأخذها رئيس المجلس؟

- غير صحيح فكل القرارات يوافق عليها مجلس الإدارة .

مهرجانات الوزارة

§         كان هناك قرار للمركز بأن ترفع الوزارة يدها عن تنظيم المهرجانات السينمائية إلا أنكم تراجعتم عن ذلك؟

- لم يحدث.. والمهرجانات التي كانت تدعمها وزارة الثقافة سوف تكتفي بدعم الجمعيات الأهلية ومهرجان الإسماعيلية هو الوحيد الذي تنفذه الدولة باعتبار أن المهتمين بالسينما القصيرة والتسجيلية قليلون ولأن المهرجان يرغب في دعم المبدعين والمواهب الجديدة وسيتم تغيير اسم المهرجان القومي ليصبح المسابقة القومية وفكرته أن تكافئ الدولة المبدعين - وباقي المهرجانات جميعا بما فيها مهرجانات (القاهرة والاسكندرية والأقصر الأول والثاني وأي مهرجانات سوف تستجد) فإذا سمحت الميزانية فسوف تدعمهم الوزارة.

§         لماذا إقامة مهرجانين في الأقصر بالتحديد؟

- المهرجانان قدما أوراق اعتمادهما في وقت متقارب ومهرجان السينما الافريقية أخذ الموافقة منذ فترة طويلة ثم جاء المهرجان الثاني وقالوا إن الأولي بالسينما الأوروبية هي مدينة الأقصر لأنها محط أنظار أوروبا.

§         شرم الشيخ أيضا والغردقة محط أنظار أوروبا، فلماذا مهرجانان سينمائيان في الأقصر بالتحديد؟

- أشك أن تتم الدورة الأولي هذا العام ولو أن الأقصر تستوعب أكثر من مهرجان.

§         ولكن هناك مدنا أخري تحتاج هذا المهرجان؟

- ولكن البنية التحتية للأقصر وإمكاناتها اللوجستية والسياحية تستوعب.

§         وماذا عن شرم الشيخ والغردقة وبورسعيد فكلها بها دور للعرض وتحتاج لمثل تلك الأنشطة وغيرها؟

- أتفق معك وتم إعادة النظر مع الجمعية المذكورة وتمت الموافقة مبدئيا علي إقامة المهرجان لها ولا أخفيك سرا بأن الأموال موجودة هذا العام ولكن لا توجد خطة في الوزارة للتمويل الدائم .. ربنا يستر فالتمويل الدائم هذا موجود لمهرجانات القاهرة والاسكندرية والإسماعيلية فقط.

إشراف ورقابة

§         بالنظر لخريطة المهرجانات فاللجنة العليا للمهرجانات كان لها دور الإشراف علي تلك المهرجانات؟

-مجلس إدارة المركز عندما كنت عضوا فيه أخذنا قرارا بإلغاء اللجنة العليا للمهرجانات لأننا وجدنا أنها غير مجدية، فالمهرجانات هي التي تطلب الأفلام ولم يعد هناك من يرشح الأفلام للمهرجانات حيث إن المركز هو الذي أسند إليه وزير الثقافة مسئولية الإشراف علي المهرجانات فرأينا أنه لا توجد ضرورة لهذه اللجنة ونحاول إعطاء منظمات الدفاع المدني فرصة لتكون مسئولة عن تلك المهرجانات ولا نريد تدخلات حكومية - والمركز يري مواصفات معينة مثلا ككراسة شروط وأي جهة تطلب الدعم فالدولة تري في حدود الشروط كأن يكون المهرجان محترما وذا سمعة طيبة فتمنحه الدعم من عدمه.

§         المشكلة الحقيقية للمهرجانات في الدعم؟

- الناس كلها عاوزة تاخد دعم ومتعملش حاجة يعني مهرجان الاسكندرية كان المفروض ياخد نصف الميزانية فقط فأخذ الميزانية كلها بالكامل وعمل مهرجانا مختصرا جدا وعدد الضيوف قليل. لو نظرنا لنقطة المهرجانات التي يحق لها أخذ الدعم الكامل من الدولة القاهرة والاسكندرية والإسماعيلية ...

- (مقاطعا) .. حتي الآن فقط

§         وبالنسبة لمهرجان الأقصر الذي أقيم مؤخرا هل تري أنه حقق الطموحات والأهداف المأمولة منه؟

- كدورة أولي نعم فهي ناجحة هناك طبعا أخطاء البدايات ولكنه عمل تأثيرا مهما جدا وأنا تابعت علي الإنترنت أن هناك أكثر من خمسمائة ألف شخص شاهدوا الموقع وعلي المستوي التنظيمي كان جيدا كأول دورة وأعتقد أنه حقق نجاحا يستحق الاستمرار وكان فيه مكان جميل جدا بالنسبة للأفارقة وجلست مع بعضهم وكانوا مبهورين بوجودهم في هذه المدينة وبالتنظيم طبعا فيه إمكانات لوجستية قليلة نرجو أن تزيد وفيه تعاون مع المحافظة نرجو أن يزيد وفيه ضيوف مهمين معرفوش ييجوا ولازم يزيد العدد وكمان الضيوف الأفارقة والاتصال بالسينما الأفريقية - فيه تأثير كان لازم يحصل علي الناس العادية لكن أعتقد انها دورة ناجحة جدا.

§     بالنسبة لدور الثقافة الجماهيرية في المهرجانات وخاصة أنها تقام في المحافظات يعني محافظة زي الأقصر مثلا أو الاسكندرية أو حتي القاهرة ما دور الثقافة الجماهيرية في تلك الحالة؟

- المفروض يكون للوزارة دور في التنسيق مع الأجهزة المختلفة التابعة لها. وأحد قصور الثقافة كان مشاركا في مهرجان الأقصر.

§         في إحدي دورات مهرجان الاسكندرية أخذنا قصرين للثقافة وعرضنا فيهما أفلام المهرجان ؟

- أذكر هذا وكان أحدهما به دار العرض معطلة وتم إصلاحها خصيصا لهذا الغرض أي أنه تم تنشيط ذلك ولكن المطلوب أن يتم تنشيطه أكثر.

أزمة مالية

§         ولكن مهرجان الإسماعيلية يمر بظروف مالية صعبة ومتعثرة؟

- الناقد أمير العمري يدير المهرجان بشكل احترافي وإحنا مزنوقين في الوقت والظروف التقنية ومش عارف أقابل محافظ الإسماعيلية بسبب ظروف العمل لكن أعتقد أن هذا حدث مهم وأرغب في تغيير الموعد ليصبح دائما في شهر يونية وربما تتاح الفرصة لذلك في العام القادم.

§     رئيس المركز القومي للسينما هو رئيس المهرجان بحكم منصبه ودي اللائحة الجديدة، ما الفيصل بين عمل رئيس المهرجان ومدير المهرجان؟

- المدير العام له صلاحياته كاملة ورئيس المركز ستكون له مهمة إشرافية فقط وسيساعده في حل المشاكل المالية والإدارية ونحن عىّنا مديرا محترفا لكي يكون له سلطات مطلقة لإدارة المهرجان.

§         تراجع الإنتاج السينمائي في المركز الذي كان يقدم عددا من الأفلام سنويا من إنتاجه؟

- نتيجة للظروف الحالية فالافلام أقل قليلا من المعتاد وأعتقد أنه علي نهاية السنة المالية سيكون لدينا تقريبا 20 فيلما وهذا جيد في ظل الظروف التي مررنا بها.

§         وماذا عن مطبوعات المهرجان ؟

- هناك تعاون مع الهيئة العامة للكتاب وهي مشاركة معنا في المهرجان وستطبع لنا الكتب والنشرات. وسنصدر كتابين أو ثلاثة و...

§         لا أتحدث عن المركز تحديدا أو المهرجان ولكن بشكل عام؟

- أحاول عمل سايت (موقع) للمركز وسايت للمهرجان يكون مستمرا بشكل دائم ويكون له دور في الترويج لأفلام المركز.

§         لديك مشكلة في التسويق؟

- لهذا أقول لك سأنشئ موقعا علي النت سأضع عليه نماذج من الأفلام لتسهيل تسويقها.

§         وماذا عن دعم الأفلام ؟

- وضعنا قواعد في مجلس الإدارة وقد جاء الوقت لتنفيذها ولأول مرة الدولة تدعم 36 فيلما وإذا تم تنفيذها لكان ذلك بمثابة ثورة

§         ما العلاقة بين لجنة السينما في المجلس الأعلي والمركز القومي؟

- لا توجد علاقة ولكني موجود فيها بحكم منصبي وبصفتي الرسمية ولكن مشاكل المجلس الأعلي أن لا أحد يضع له اختصاصات تنفيذية فهو جهة إشرافية فقط تقول كلاما فقط ... ورأيي إلي الآن أنه يوضع في الأدراج وسيظل المجلس الأعلي جهة إشرافية .

مستقبل السينما

§         أنت مخرج كبير وسيناريست قدمت عددا من الأفلام الناجحة ورئيس المركز القومي للسينما - فكيف تري السينما المصرية الآن؟

- طبعا في كل وقت الجميع يتحدثون عن أزمة السينما لكني أري أننا في هذه الأيام في موقف شديد الصعوبة نتيجة أن الثورة قامت بطموحات كبري لتغيير مصر إلي دولة مدنية حديثة لكن أنا أقول انني كثير القلق وان الثورة علي وشك أن تختطف إن لم تكن قد اختطفت بالفعل، أتعجب كيف أسفرت الثورة عن مجلسي شعب وشوري كهذين وكيف تستمر وزارة الداخلية بهذا الشكل والأجواء مازالت نفس الأجواء والعكس غول التطرف أطلق علينا أكثر من الأول نحن في موقف صعب جدا وعلي كل المدافعين عن حرية الإبداع أن يقفوا يدا واحدة فهذه هي الفرصة الأخيرة وانظروا إلي إيران عندما كانت دولة حديثة وكيف تحولت إلي أن يسجن فيما المخرجون والمبدعون ويمنعوا من العمل وتُقمع حرية الإبداع ولا يقول أحد لي أن إيران تكسب الجوائز.

§         معظم هذه الأفلام أنتج خارج إيران؟

- نعم صحيح ونحن معرضون لقمع أكثر من هذا النوع فالأسبوع الماضي كان المخرج أحمد عبدالله يصور فيلما ومنعته وزارة الأوقاف من التصوير داخل المساجد وقبله طردت كاملة أبو ذكري التي كانت تصور مسلسل «ذات» نحن في أزمة حقيقية شديدة وأزمة أمنية أيضا نتيجة انسحاب وزارة الداخلية من الشارع المصري مما يرعب المنتجين وأصحاب دور العرض علي رءوس أموالهم.

§         ورأس المال جبان؟

- نعم ونحن امام كل هذه العناصر بالإضافة إلي أن المتحكم في السينما شركتان احتكاريتان والاقتصاد منهار وآليات الصناعة لا يرغب أحد في تجديدها كآليات التوزيع ودور العرض وغيرها الناس كلها محدش عنده خيال يفكر في حلول مبتكرة للأزمة ونحن نحاول، السينما تحتاج إعادة هيكلة كبيرة والأزمة كبيرة جدا وأعتقد أن مصر لم تواجهها قبل ذلك علي الإطلاق.

§         الإنتاج السينمائي قل كثيرا فلم نستطع تخطي العشرين فيلما؟!

- والمشكلة أن أغلب تلك الأفلام منتج خارج الإطار الرسمي ومنها المستقل لكن لو استمر الحال هكذا احتمال ألا تكون هناك أفلام علي الإطلاق.

§         كان الأمل في جهاز السينما والمؤسسات مثل مدينة الإنتاج الإعلامي؟

- انس ... إن الدولة بعقليتها تلك لا يمكنها أن تنقذ صناع السينما كان غيرها أشطر فإذا كانت وزارة الثقافة لم تقدر أن تفعل شيئا وهي لديها قدر من التحرر .

§         هل تسعي وزارة الثقافة الآن إلي استعادة الأصول التي سلبت منها؟

- من رأيي بلاش الكلام الكبير، هناك معارك كبري وأنا داخل فيها بكل ثقلي وما حدث من استيلاء وزارة الاستثمار علي الأصول السينمائية المصرية كارثة حقيقية وبعد مرور أكثر من عشر سنوات الآن فلا فائدة تعود علي الدولة من ذلك ولا علي الثقافة وآن الأوان لتعود الأصول للوزارة ولو استعدنا الأموال المغتصبة تلك فلن نحتاج أي فلوس من الدولة ولكن لأن المسئول الحالي لا يشعر بأهمية الصناعة فهو يؤجر الاستوديوهات كاستوديو نحاس مثلا ويتركها بلا تطوير فتتحول إلي خرابات وفي الآخر تتسلمها الدولة منهارة.

§         والأفلام التي تملكها شركة مصر؟

- كانت 159 فيلما أخذوها بمليون و800 ألف باعتبارها مجرد بضاعة وباعوها بالعلب وتعاملوا مع الثقافة باحتقار وعلي أنها بطاطس.

§         كيف تكون ثورة يناير بداية إنقاذ السينما؟

- في الحقيقة أنه في دولاب الدولة لا توجد ثورة وأغلب البيروقراطية تعتمد علي القديم وفكرة التغيير صعبة ولا توجد أفكار عن التغيير ولا آليات محددة نحتاج قرارات ثورية حاسمة وأفكارا بديلة لتزيح القديم بتخلفه وجبروته وتحل مكانه الجديد فما بالك أيضا بأن القادمين إظلاميون يرغبون السطو علي الثقافة والتعليم وغيرهما فللأسف أنت لا تستطيع الفرحة بالثورة لأن كل التغييرات التي حدثت في الوطن كلها تغييرات سلبية وليست إيجابية ووصول تيار الثوار إلي التغيير الحقيقي سيأخذ وقتا طويلا .

جريدة القاهرة في

10/04/2012

 

في «رد فعل».. لا تتعاطف مع القتيل ولا القاتل!

بقلم : ماجدة خيرالله 

السينما المصرية مصابة بنوع من تصلب الشرايين، وعدم القدرة علي التجديد، وتزداد حالتها سوءاً مع الأيام حتي تكاد تعتقد ان قدرتها علي الابتكار والتجديد قد توقفت نهائياً، بحيث لم تعد تنتج من الألوان المتنوعة من فنون الدراما إلا الكوميدي والأكشن فقط!وفيلم "رد فعل" الذي أخرجه حسام الجوهري يخرج من هذا الإطار، وتشعر من الوهلة الأولي أنك أمام فيلم مُختلف، ينتمي إلي السينما البوليسية بما تحمله من إثارة وتشويق، لكن كلما أوغلنا في تفاصيل الأحداث زادت الصدمة، وارتفع معدل الإحباط، وانتابك شعورا بأن أصحاب الفيلم ضحكوا عليك، وأن ما تراه علي الشاشة هو شغل مراهقة فنية لا علاقة له بالاحتراف والكلام اللي بجد. درجة ثالثة ويبدو أن كاتبي السيناريو وائل أبوالسعود، وإيهاب فتحي من محترفي مشاهدة أفلام الدرجة الثالثة الأمريكية، التي تدور حول الجرائم المتسلسلةserial killer أي تلك الجرائم التي يقوم بها شخص واحد، لسبب ما لا بدون أن يكون منطقياً، حتي لو كان القاتل يعاني مرضا نفسيا، أو يسيطر عليه هوس ما إما أن يكون جنسياً، أو رغبة في تحقيق عدالة غائبة، أو انتقام من أشخاص تسببوا في ظلمه أو إيذائه! المهم أن يكون الدافع للقتل منطقيا، ولو بدي الأمر كله غير منطقي! ولا أري أي مانع من سرقة البعض للأفلام الأمريكية أو الهندية أو من اي سينما اخري، بشرط أن تكون السرقة او الاقتباس متقنة، ولكن الحقيقة أن فيلم "رد فعل" هو نموذج لحالة من البلادة الفنية والاستسهال التام، ولا يهمنا هنا نوايا صناع الفيلم بقدر ما يهمنا ما تابعناه من مُنتج سينمائي شديد الضعف!وكان الأحري بكاتبي السيناريو ومعهما المخرج بذل بعض الجهد في مشاهدة عدد من كلاسيكيات السينما العالمية أو حتي المصرية المقتبسة من افلام أمريكية مثل تلك التي كان يقدمها مخرجنا الراحل كمال الشيخ، مثل «الليلة الأخيرة» أو" لن أعترف"، "الخائنة"، "من أجل إمرأة"، أو قراءة بعض الروايات البوليسية لأجاثا كريستي، التي تضم عشرات من جرائم القتل التي يشيب لها شعر الولدان، وتقوم في نفس الوقت علي منطق ما، بحيث لا يبدو القاتل وكأنه شخص أهبل بيقتل وخلاص، فلكل قاتل مبرراته مهما كانت ضعيفة! ومن أهم الافلام التي قدمتها السينما الأمريكية في هذا المجال فيلم سايكو للعبقري "الفريد هيتشكوك" وهو النموذج المثالي للقاتل المُرتبك نفسياً، الذي يقضي علي ضحاياه الواحد تلو الآخر بدم بارد وأعصاب فولاذية! أو فيلم "الخطايا السبعة "الذي لعب بطولته براد بيت، مع مورجان فريمان وكان القاتل في هذا الفيلم هو كيفين سباسي المهووس دينياً الذي ينتقي ضحاياه ممن ارتكبوا "من وجهة نظره"واحدة من الخطايا السبع المعروفة! بمعني أن الافلام البوليسية تحتاج الي ثقافة ومعرفة بخبايا النفس البشرية، وتحتاج أيضا إلي مهارة خاصة في فن كتابة السيناريو، لكن ما الذي قدمه صناع فيلم "رد فعل"! مجرد جرائم متكررة يقوم بها شخص واحد،لاسباب بالغة الضعف والركاكة! مع استمتاع طفولي بإثارة خوف المشاهد وكأنك تختبئ في الظلام ثم تظهر فجأة لتقول لواحد "بخ " وترفص الضحك لأنك أوصلته لحالة من الذعر!بس طبعا ده مالوش علاقة بمعني السينما البوليسية! التشريح تبدأ أحداث فيلم "رد فعل" بجريمة تذهب ضحيتها سيدة عجوز، كانت يوماً ما نجمة سينمائية، حيث يباغتها القاتل ويخنقها بسلك، حتي تلفظ أنفاسها، ثم ينتقل السيناريو الي محمود عبد المغني وهو طبيب تشريح، يقود سيارته متجهاً الي المطار، لاستقبال ابنة خالته "حورية فرغلي" التي تعيش في امريكا، وحضرت خصيصاً الي القاهرة لتكمل رسالة دكتوراه عن أسباب الجريمة العائلية في مصرومقارنتها بجرائم المجتمع الامريكي. وفي الطريق للمطار يقدم المخرج بعض مشاهد "فلاش باك" سريعة، عن طفولة محمود عبدالمغني، التي يبدو أنها كانت تعسة، حيث توفي والده في حفل حضره مجموعة من الأشخاص، ويتكرر هذا المشهد أكثر من مرة، ولكنه لا يحمل اي مبررات تجعل الطفل الصغير"محمود عبدالمغني" يشعر بالعذاب والقهر لوفاة والده، فعدد لابأس به من الأطفال مات عنهم والدهم دون أن يترك هذا الحدث غصة في نفوسهم عندما يكبرون، إلا إذا جاءت الوفاة نتيجة حادث مقصود أو نتيجة الاعتداء عليه من أشخاص بعينهم، ولكن هذا لم يحدث في حالة محمود عبد المغني، الذي تحول الي قاتل مهووس، يترصد سكان عمارة سكنية تقع في مصر الجديدة، ويبدأ بقتلهم الواحد تلو الآخر، بلا أي مناسبة! فلا هو يعرفهم ولا هم يعرفونه، لكن "أهي رذالة والسلام"! حقيقي أن معظم القتلي من أصحاب السلوك السيئ،المفسدون في الأرض، لكن القاتل لم يكن يعنيه هذا الجانب من شخصياتهم، بمعني انه لا يتحرك برغبة في الإصلاح أو لأسباب مُتعلقة بالعدالة أو التخلص من الفساد، ولكنه قتل عشوائي، بلا مبررات منطقية، ثم إنها شخصيات كاريكاتيرية مثل الصحفية المرتشية،"انتصار" والجواهرجي ولم افهم ما هي علته بالضبط انه رجل يبيع قطعا من الألماس لمن يطلبها، ولا يمكن ان نعتبره فاسدا لمجرد ان المشتري فاسد، أو الممثلة الشابة التي تتاجر بجسدها، أو رجل الأعمال والسياسي المنحرف، أو المحامي "محمود الجندي" انها شخصيات لا تحزن عليها، ولا تتعاطف معها مُطلقا، وفي نفس الوقت أنت لا تتعاطف مع القاتل ولا تجد مُبررا لفعلته، ولا تجد سببا مقنعا لأن يقرر واحد مخبول ان يقتل كل سكان عمارة محددة؟ أما الحديث عن المبررات النفسية وكيفية اكتشاف ان محمود عبدالمغني هو القاتل فهو التهريج بعينه، وقد كانت تلك المشاهد تثير ضحكات جمهور السينما بدلا من ان تثير قلقه أو اضطرابه أو توتره! قلة ثقافة قلة الثقافة هي مشكلة صناع فيلم "رد فعل"،فيبدو أن النية كانت مبيتة لصناعة فيلم علي طريقة عمارة يعقوبيان الذي تدور أحداثه حول سكان عمارة بعينها تقع وسط البلد، لكن فاتهم أن مفيش مكان واحد يضم كل ألوان الفساد اللي في الدنيا، فاختلاف طبائع البشر أمر حتمي في المكان الواحد،فجاء رد فعل مثل الجنين المشوه الذي لاتعرف لها ملامح أو تفاصيل فهل هو فيلم بوليسي وأم فيلم رعب أم فيلم سياسي واجتماعي انه خليط غير متجانس تنقصه الحرفة والصنعة! وإذا كان الفيلم محاولة لتصعيد محمود عبدالمغني وتحويله الي نجم شباك، فللأسف المحاولة باءت بالفشل، أما حورية فرغلي فقد خسرت كثيرا ما سبق لها أن حققته في مسلسلي "دوران شبرا"، والشوارع الخلفية، فشخصية "رضوي" التي قدمتها ينقصها المنطق، ونفس الحال ينطبق علي شخصية ضابط المباحث التي أداها بشكل نمطي "عمرو يوسف"! ويكاد يكون مونتاج"منار حسني" هو العنصر الفني الوحيد الذي يمتاز بالجودة بين كل هذا الهراء الفني! وانتظرت بعد نهاية الفيلم أن أجد سبباً منطقياً لمقتل النجمة العجوز في بداية الأحداث فلم أصل الي نتيجة كما لم أستوعب مبرراً لمشاركة هالة صدقي في لقطة فلاش باك لا تودي ولا تجيب! أما اللغز المحير اللي لسة بدور له علي إجابة هم عملوا الفيلم ده ليه بالظبط؟

جريدة القاهرة في

10/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)