حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«حظ سعيد» ..وواقع لا يبشر بالخير

بقلم : د.وليد سيف

 

عزيزي القارئ، أعترف لك من البداية بأنني لن أستطيع أن أكون محايدا أو موضوعيا وأنا أتحدث عن فيلم لنجم خرج إلي مظاهرات التحرير منذ بدايتها ووقف في صفوف الجماهير يتلقي الضربات ويتعرض للسحل مثل أي مواطن غلبان، بل ويعرض كل ما حققه من نجاحات وخطوات في طريقه الفني للضياع في مواجهة دولة غاشمة وليست مجرد نظام فاشل يبطش بمن يعارضه.. دولة كان رئيسها يطلق عليه أتباعه المنافقين ومعارضيه الجبناء الخانعين أنه وحاشي لله أقوي من ربنا سبحانه وتعالي، كان أحمد عيد في قلب التحرير واحدا من الناس يقف وسط المواطنين الغلابة يهتف ضد القهر والظلم ويدعو للعيش والحرية والكرامة والعدالة. قائمة الشرفاء بالطبع لم يكن عيد وحده ولكن مع قائمة من الفنانين الشرفاء المحترمين الذين الذين لم يخرجوا لأداء أحد أدوارهم الفنية أو الحياتية التي رسمها كاتب سيناريو بتوجيه ضابط أمن دولة اومسئول لجنة سياسات. كانت الهتافات تنطلق من قلوب وحناجر الجماهير عفوية وطازجة وليست شعارات معدة ومكتوبة بخط قادة من صفوة غير شريف. لم يسع عيد إلي أي مصلحة هو وزملائه الذين تحركوا بحرارة وحماسة قلوبهم في مواجهة جحافل الأمن المركزي دون أي حماية من بودي جاردات أومستعينين بخدمات إنتاجية أو لبيس يحمل لهم زجاجة العطر أوالمياة المعدنية. كانت لحظات صادقة دون غرض أومصلحة لكن من المؤكد أن عيد اكتسب خلالها مصداقية مع ذاته قبل الآخرين، خاصة أن كل الأفلام التي قام ببطولتها تحمل هما سياسيا وكانت تتضمن نقدا لاذعا للواقع السياسي والاجتماعي للبلاد. الفن ثورة أثبت عيد عكس غيره أن مواقفه لا تنفصل عن فنه وأن جرأته في النقد علي الشاشة تعادلها جرأة حقيقية في النقد والمواجهة في الشارع. لست في سبيلي للدفاع عن عيد الذي لا أعرفه مطلقا علي المستوي الشخصي.. والذي لا أعتقد أن كلاما مثل هذا يهمه حتي، فقد فعل ما آمن به ولم يسع علي الإطلاق للمتاجرة به أو استثماره. ولكن المهم في رأيي أنه إذا كان هناك من انتفض غاضبا ومستنكرا لفكرة القوائم السوداء للنجوم والممثلين الذين حاربوا الثورة وبعضهم مازال، بينما تلون البعض الآخر لينافقها حين ظنها ستنجح، فإنه من حقنا علي الأقل أن نرفع قوائم بيضاء وأن نؤيد وندعم فنانين حقيقيين أدركوا المعني الحقيقي للفن في كونه ثورة.. ثورة علي التقاليد والقواعد والنظم البالية اجتماعية كانت أوفنية وذلك في سبيل سعيه لنقل رؤية صادقة وأمينة للعالم المحيط به وكشف الحقيقة كما يراها أو كما تبدوله وعن طريق المحاولة الدائبة لتطوير أدواته وفنه وفكره. في حظ سعيد نتابع أحداث الثورة من خلال شاب بسيط محدود الوعي والثقافة ومتوسط التعليم يعمل في نزلة السمان كبائع سريح لورق البردي المقلد. وسعيد هو أحد النماذج الحقيقية لشباب المستقبل في عهد مبارك الذي تربي في أحضان فكره وتحت رعاية لجانه ومؤسساته ومستلهما تجارب رجال أعماله اللصوص النهابين بأساليبهم الملتوية وأفكارهم الانتهازية، فهومن أجل بيع أوراقه المقلدة ينصب علي السائحين ويزيف تاريخ بلاده ولا يتواني عن فعل أي شيء مادام يصب في جيبه الفارغ دائما.. وفي محاولاته الدائبة لتدبير نفقات زواجه المعطل كثيرا بفعل الغلاء وظروف الفقر والبطالة. ومن المؤكد أن مواطنا مثل هذا يصبح مثل كثيرين غيره فريسة سهلة لعبده المخلوع وخدم نظامه وكلابه الذين مازالوا يعبثون في الارض تخريبا وفسادا. ديكور وموسيقي اختيار المكان في نزلة السمان له دلالته كموقع انطلقت منه موقعة الجمل. ولكن السيناريولا يسعي للكشف عن ملابسات هذه الواقعة بقدر ما يهدف إلي الكشف عن النفوس التي دمرها عهد المقصي وعن الأزمة التي يعيشها وطننا اليوم في مرحلة الالتفاف علي الثورة. ولكن المشكلة أن رؤية الفيلم تتوقف في تحليلها لأسباب فساد الواقع عند حدود هؤلاء الفقراء المعدمين محدودي الوعي وفاقدي الضمير.. دون أن تتعمق لتكشف بنفس الجدية والإهتمام عن تحالف القوي الرجعية التي تسعي لإفقار هؤلاء اكثر لإجبارهم علي التعاون معهم لخدمة النظام القديم وإعادته بمعظم رموزه السابقة. يستغل الفلول سعيد ويجعلونه يخطب في الجماهير دفاعا عن العهد البائد ويكلفونه بجمع التوقيعات من أجل إعادة نظامهم العقيم للحياة. ولكن ذهاب سعيد إلي التحرير بحثا عن شقيقته الثورية- لعبت دورها الوجه الجديد غرام- يجعله يتورط في العديد من المواقف الكوميدية والمفارقات الناجمة عن تعامل البعض مع شاب فلولي باعتباره ثورياً وتتوالي زياراته للتحرير واختلاطه بالجماهير حتي يقرر الانضمام الي الثوار.. ويمكنك بسهولة ودون بذل أي جهد أن تتوقع بقية الأحداث وتتعرف علي ما يمكن أن يحدث لسعيد إثر اختلاطه بالثوار واكتشافه لحقائق كثيرة كان يجهلها. ويحسب للمخرج طارق عبد المعطي في هذا المجال قدرته علي المزج بين المشاهد التسجيلية مع الدرامية التمثيلية. وهو جهد يحسب أيضا للمونتيرة سلافه نور الدين التي أمكنها أن تربط بين المشاهد واللقطات ببراعة فتوحي لك بصدق ما أنت متأكد من استحالة تحقيقه. وربما لم يساعدها السيناريو كثيرا في اداء عملها بترهل المشاهد واكتظاظها بالنكات والنمر الضاحكة التي مع الأسف لا تضحك إلا قليلا. ذاتية الفنان ربما يري البعض أن الأحداث التاريخية والسياسية تحتاج إلي مسافة زمنية قبل معالجتها فنيا حتي تتضح صورتها وتتبلور قيمتها ويتمكن الفنان من تحديد رؤيته تجاهها. ولكني لا أري هذا أمرا واجبا بالضرورة. فالتفاعل مع الموقف والحدث يختلف من فنان لآخر وأسلوب التعامل والمعالجة يختلف ايضا. والفنان ليس مطالبا بتقديم بحث منهجي تاريخي وتصور مكتمل للواقعة التاريخية التي قد تكون مجرد نقطة انطلاق أومصدر إلهام لافكاره. فالفنان لا يعمل علي توثيق الواقعة بقدر ما يعمل علي تقديم رؤيته الذاتية والتعبير عنها، بشرط ألا ينشغل بالسبق الفني أو الاستغلال التجاري للحدث. وبعيدا عن نوايا وأهداف صناع فيلم حظ سعيد فإن هناك الكثير من الجوانب التي لم تأخذ وقتها في التطوير والمراجعة وغلبت عليها الخشونة ومنها شخصية الشقيقة التي لعبتها غرام والتي بدت كنموذج كاريكاتيري للثائر من فرط مبالغتها وسطحيتها، وربما أثر أسلوب كتابة الشخصية علي أداء الوجه الجديد، فلم تفدها الفرصة كثيرا علي العكس تبدو مي كساب في دور الزوجة مع إيقاف التنفيذ. فقد تخلصت كثيرا من اكلشيهاتها ونمطيتها في تامر وشوقية. وهي تؤكد بهذا الدور فقط أن لديها استعدادا للتطور والتلون. تشابهت بعض مواقف الفيلم وأزماته مع أحداث فيلم تك تك بوم، وهي أمور كان علي السيناريو أن يتجنبها. كما كان عليه أن يتجنب مسألة تبرير اخطاء من اعتبرهم مغيبين تقودهم خطواتهم لمصطفي محمود أوينطلقون بهمجيتهم للمشاركة في موقعة الجمل. فهي جرائم لم يعد يدافع عنها أحد أويسعي لتبريرها حتي ابني مبارك نفسيهما.. والخلط بين الجهل والانتهازية وغياب الوعي هي أمور كان يجب أن يتعامل معها السيناريو بميزان ذهب لأن تداخل هذه الأمور من اهم أسباب الازمة التي تعيشها مصر اليوم. تشتت درامي وإذا كانت الدراما قد عانت بعض التشتت والالتباس فإن ديكورات سامح الخولي لعبت دورها بنجاح في إضفاء مصداقية علي الفيلم بتفاصيلها المعبرة عن حال الشخصيات وظروفها المادية والاجتماعية. كما كانت موسيقي مصطفي الحلواني قادرة علي التعبير عن المواقف بتنويعاتها المختلفة وارتباطها بالحالات الشعورية المختلفة للفيلم. لكن علي جانب آخر عانت الصورة قيود ضيق المنظور ومحدودية التكوين. واستسلم التشكيل البصري للفيلم بوجه عام للأسلوب التقليدي المعتاد للفيلم المصري بحدوده الضيقة وخياله الفقير. ونفس الامر ينطبق علي حركة الممثل التي إرتبطت ببناء المشهد الكلاسيكي والذي يمكنك من فرط تقليديته أن تتوقع أنه في اللحظة القادمة سيدخل ممثل جديد الكادر أوأن الكادر ذاته سيتسع دون أن يخذل الفيلم توقعاتك. وكلها أمور كفيلة بأن تصيبك بالفتور أوتفقدك الحماس لمتابعة الفيلم الذي تدور أحداثه حولك في الواقع بالفعل دون أي مفاجأة او تحوير أو تنوير. وهكذا فإن الفيلم الذي يتعاطف مع الثورة ويسعي إلي توعية الناس بها يمثل بروحه وأسلوبه وطبيعته استسلاما كاملا لتقاليد الفيلم المصري وأساليبه، بل إن النجم نفسه أحمد عيد يواصل في فيلمه الترسيخ لنظرية النجم الذي لا تتطور أوتتحور أي شخصية في الفيلم غير التي يؤديها، ولا تنشغل الدراما إلا به، ولا تصنع الإفيهات إلا من أجله. فهل أسقطنا مبارك عن عرشه ليعشش داخل عقولنا ونظل نمارس نفس أساليب السيطرة والطغيان؟ عزيزي القارئ حاولت أن أتخلي عن موضوعيتي ولكنها تغلبت علي فدفعتني لتوجيه انتقادات حادة لفيلم يلعب بطولته أحمد عيد كنجم حقيقي من نجوم الثورة. وهو بالتأكيد لم يطاوعه فنه كثيرا في التعبير عن روح الثورة التي آمن بها وشارك فيها بمختلف الوسائل. وربما يتذكر بعضنا أن حميته وغيرته علي الثورة، الموؤدة إلي حين، جعلتهاه يتصل ببرنامج تليفزيوني ويفضح المخطط القذر الذي رسمه أصحاب القناة لإلصاق تهم الخيانة والعمالة بشباب التحرير. اعتقد المذيع أن النجم أحمد عيد هو أحد خدم النظام المسبحين بعهده الذين نموا وترعرعوا وتنجموا في ظله ويتمنون له البقاء حيث لا ظل لهم غير ظله. ولكن عيد فاجأهم في المكالمة بتفنيد قوي لادعاءاتهم وفضح صريح لمزاعمهم مما ساعد سريعا علي كشف المؤامرة. وليت فن أحمد عيد يمتلك نفس القدرة علي البراعة والتفنيد والكشف والبلاغة والمفاجأة.

جريدة القاهرة في

10/04/2012

 

عمر الشريف يقود حرب تكسير العظام في مهرجان مسقط السينمائي

بقلم : محمد القصبي 

مساء السبت 31 مارس الماضي أسدل الستار علي المشهد الأخير لمهرجان مسقط السينمائي السابع.. وهذا في حد ذاته رسالة الي العالم أن المهرجان قد نجح.. ! وقد يتساءل بعض من تابعوا فعالياته : كيف يمكن أن نصدر الحكم بنجاح المهرجان وقد عاني من سوء التنظيم.. واعتذارات الكثير ممن وجهت الدعوة اليهم للحضور؟.. وهذا الضجر الذي انتشر كثاني أوكسيد الكربون في قاعة فندق قصر البستان خلال مشهد حفل الختام مع تلك الفقرات الطويلة والمملة والتي لاتخدم المهرجان لفنانين هنود ويابانيين وماليزيين.. وقاعات العرض شبه الخالية من الجمهور.. ! وتساؤلات هؤلاء تبدو منطقية تماما لمن لايدرون بعمليات تكسير العظام التي شهدتها العاصمة العمانية مسقط قبل أسابيع من تدشين المهرجان في الرابع والعشرين من مارس الماضي بهدف الغائه.. ! ولأنني قريب جدا من غرف صناعة القرارات المتعلقة بالمهرجان وعلي اطلاع بما يجري في كواليسه أدرك حجم المتاريس التي ظلت تلقي أمام منظميه وحتي المشهد الأخير.. لذا لاأبالغ ان قلت ان مجرد اقامة المهرجان في مثل هذه الأجواء المناوئة نجاح ليس للدورة السابعة وحدها.. بل للمهرجان بشكل عام.. ذلك أن هدف مناوئيه كان اقصاء المهرجان.. بل والسينما والفن من الذاكرة العمانية.. ولقد أدركت جمعية السينما العمانية ورئيسها المخرج الدكتورخالد الزدجالي مؤسس المهرجان وعرابه الخطر الذي يحيق به منذ البداية فكان المسعي الوصول بالدورة السابعة الي بر الأمان حتي لو بنصف بريق الدورات السابقة.. ذلك أن سقوط مهرجان هذا العام يعني أنه لن تقوم له قائمة بعد ذلك.. كانت حربا غابت تفاصيلها عن الكثير.. فقد عزفت الجماعات المناوئة علي وتر المشاعر الدينية.. وأمطرت العمانيين بالرسائل عبر أجهزة المحمول تطالبهم بمقاطعة المهرجان لأنه يعرض أفلاما تنشر الرذيلة والفسوق.. وحاولت ارهاب منظمي المهرجان باتهامهم بنشر الفسوق.. ! وكان نصب أعين الجميع مهرجان جدة السينمائي الذي صدر قرار الغائه عشية افتتاحه كما أخبرني المخرج السعودي ممدوح سالم.. فالكارهون للفن السابع في عمان كانوا يتطلعون بأمل في أن يكون هذا أيضا مصير مهرجان مسقط لو شددوا من حملتهم المناوئة للمهرجان ! والجمعية العمانية للسينما المنظمة للمهرجان وعلي رأسها خالد الزدجالي تلبسهم الفزع في أن ينهار المهرجان.. فان حدث ذلك فلن تقوم له قائمة خلال المستقبل المنظور.. تكسير العظام وبداية حرب تكسير العظام كانت حين أعلنت اللجنة المنظمة عن اقامة فعاليات المهرجان في جامعة السلطان قابوس.. وأن المطربة نانسي عجرم سوف تحيي حفل الافتتاح.. مما أثار غضب بعض شباب الجامعة من ذوي الاتجاهات المحافظة وبدأوا في التحريض علي منع اقامة المهرجان في الجامعة.. وكان من السهل استخدام ورقة "نانسي " لنسف المهرجان.. فكيف يسمح لامرأة مثلها تتعري وتتلوي في غنائها أن تلوث محراب الجامعة ب "فسقها".. ! ولقد بذل الزدجالي جهدا مضنيا لنشر فكرة أن السينما فن ذا تأثير خطير ويمكن أن تكون وسيلة جيدة في مجالات التنمية بل والدفاع عن قضايانا العربية.. وخلال كلمة الافتتاح استعان بنتائج دراسات البروفيسور جاك شاهين الأستاذ بجامعة جنوب ألينوي عن سينما هوليوود والتي نشرها في أربعة كتب آخرها كتاب " العرب السيئون " للتأكيد علي الدور الخطير الذي تلعبه السينما في تشكيل الرأي العام.. حيث نجحت هوليوود عبر ما يقرب من ألف فيلم عن تشكيل صورة نمطية للعرب في الوجدان الغربي لاعلاقة لها بالواقع.. فسوقت العربي في المخيلة الجمعية كبدوي متخلف.. مناوئ للحضارة الحديثة لايشغله سوي أن يغير علي الآخرين.. يسلب ويسبي النساء.. ! وفي كلمة حفل الختام واصل الزدجالي الحاحه علي أهمية السينما.. وهذه المرة استشهد ببريطانيين عظيمين.. الأول هو المؤرخ الشهير ستيفن وينسمان الذي أنصف العرب خلال كتابه تاريخ الحملات الصليبية.. مبينا كيف أن صلاح الدين الأيوبي حين دخل مدينة القدس منح الصليبيين الأمان وأعفي أسراهم غير القادرين من دفع فدية العتق.. وأن أخاه العادل أفدي من ماله الخاص 20 ألف أسير صليبي.. الا أن ما كتبه وينسمان كما قال الزدجالي لم يصل الا لعدد قليل في الغرب.. ولم يكن مؤثرا كما وكيفا مثلما فعل مواطنه المخرج البريطاني ريدلي سكوت خلال فيلمه " مملكة السماء " الذي عالج نفس القضية الحروب الصليبية وما أحيط بها من مغالطات حول وحشية العرب والمسلمين.. وحول الهدف من الحملات الصليبية.. وخلال مشهد جمع بين الحداد وصديقه القائد الصليبي في الفيلم قال الأخير : أخبروني في أوروبا أنهم يأتون الي هنا من أجل الرب.. لكنني حين أتيت اكتشفت أنهم جاءوا من أجل الثروة والأرض !.. ولأن الفيلم شاهده مئات الملايين عبر العالم من جميع الشرائح فقد كان تأثيره أقوي بكثير من تأثير كتب ستيفن وينسمان.. وماكان يلح عليه الزدجالي خلال مقارنته تلك وكل ما قاله في كلمتي الافتتاح والختام والمؤتمر الصحفي الذي شرفت بادارته واحتشد بأكثر من مئة اعلامي وسينمائي.. حتي أن بعضهم تابع فعالياته وقوفا.. إن السينما هي كتاب العصر الأكثر تأثيرا والتي ينبغي أن نستخدمها بفعالية سواء لنشر القيم الايجابية بما يخدم طموحنا التنموي أو مواجهة الميديا الغربية التي تحاول طمس الحقائق فيما يتعلق بقضايانا القومية.. حملة مضادة فهل نجح الزدجالي في حملته المضادة لإقناع المجتمع العماني بأهمية السينما ؟ نعم.. ورغم تمكن مناوئيه من الحصول علي فتوي دينية بتحريم ما يحدث.. الا أنه بدا مثل قبطان عانت سفينته من الأنواء والأعاصير التي أصابت السفينة ببعض الأضرار.. لكنه نجح في الوصول بها الي شاطئ الأمان.. وحفل الختام كان هو الشاطئ.. ولا أظن أن الزدجالي مهما كانت مهارته كان يمكن أن يصل الي شاطئ الأمان بمهرجانه لولا الموقف المستنير للمسئولين العمانيين وما منحوه من دعم أدبي ومادي للمهرجان.. وكان من السهل أن يصدر قراا من الجهات العليا بإلغائه.. لكنهم عالجوا الأمر بحكمة.. ورأوا نقله الي فندق قصر البستان.. صحيح أن ذلك ألحق بعض الخسائر بالشركة الراعية التي راهنت علي اتساع مسرح جامعة السلطان قابوس.. حيث نجحت في تسويق أكثر من ألفي تذكرة لحفل الافتتاح.. لكن نقل المهرجان الي فندق قصر البستان جعلها تعيد نصف التذاكر للجمهور نظرا لضيق مسرح الفندق.. الا أن تلك الخسائر يقينا أقل فداحة من الغاء المهرجان.. ولقد بذل المنظمون جهدا كبيرا لإقامة المهرجان في دار الأوبرا العمانية.. وهي صرح ثقافي يندر وجود مثله في العالم من حيث أناقته واتساعه والتجهيزات الفنية الملحقة به.. الا أن تلك الجهود لم توفق.. الأمر الذي دفع الزدجالي الي أن يقول بمرارة ردا علي سؤال حول هذا الأمر : الأوبرا ليست لنا.. ! وكان يعني أنها محجوزة ولشهور عديدة لحفلات يحضرها الأجانب من أوروبا وأمريكا ! الا أنه يبدو أن اشكالية المكان لن تكون عائقا أمام تنظيم المهرجان مستقبلا.. حيث يجري الآن وعلي نفقة الدولة تشييد مقر لجمعية السينما العمانية تضم قاعات ضخمة للعرض وأماكن لإقامة الضيوف.. المهم أن يدرك المناوؤن للسينما أنها فن جميل وايجابي.. يمكن أن يكون مؤثرا في تحديث المجتمع من خلال نشر القيم الايجابية.. فيكفوا عن حرب تكسير العظام التي أشعلوها ضد المهرجان والسينما العمانية الوليدة بشكل عام . حكاية عمر الشريف وليس هؤلاء الشباب الذين يرون في السينما طريقا مفروشا بالورود الي جهنم وحدهم الذي يمكن وصفهم بالغائب الحاضر والمؤثر في أحداث المهرجان الي حد التهديد بنسفه من الذاكرة العمانية.. كان هناك النجم العالمي عمر الشريف الذي اعتذر عن عدم المشاركة الا اذا حصل علي مئة ألف دولار.. وقيل 200 ألف.. وماكان عمر الشريف مطلوبا للمشاركة في أي شيء سوي الصعود الي خشبة المسرح لتكريمه.. ! فكيف يطالب بهذا الثمن الباهظ مقابل تكريمه.. ! وكيف لايضع في اعتباره أن فناني دولة عربية شقيقة يسعون الي التأسيس لصناعة سينما.. ويرون في حضوره دعما معنويا لطموحهم !! أسئلة كثيرة استنكارية تداولت بين السينمائيين العرب خلال المهرجان.. بالطبع كان هناك آخرون اعتذروا.. لكن بسبب ارتباطاتهم أو ظروف أخري قاهرة حالت دون حضورهم.. ولم يكن هروبا أو استخفافا.. مثل النجم الكبير نور الشريف وهو صديق شخصي لعراب مهرجان مسقط الدكتور خالد الزدجالي وساهم منذ البدء في اطلاق الدورات الأولي للمهرجان.. وقد أثني الزدجالي خلال المؤتمر الصحفي موقف نور وجهوده غياب وحضور وغاب صناع الفيلمين المصريين " الشوق " و " أسماء " لكن حضورهم كان نافذا من خلال الفيلمين اللذين حازا علي اعجاب السينمائيين والمشاهدين.. فالأول انتصر للمرأة المقهورة في ظل مجتمع تشيع فيه الثقافة الذكورية.. والثاني انتصر للانسان الذي يبنده المجتمع ضمن فئة المواطن المنقوص في صحته وأخلاقه لأنه مريض بالإيدز..لذلك ينبغي نبذه وحرمانه من حقه الفطري في أن يعالج.. ! وفيلم الشوق واحد من خمسة أفلام شاركت في المهرجان توحدت جميعها حول قضية واحدة.. قضية المرأة العربية.. وما تتعرض له من قهر في ظل هيمنة الثقافة الذكورية في عالمنا العربي.. والأمر لايخرج عن كونه مصادفة.. لكنها مصادفة حميدة.. حيث جذبت الأفلام الخمسة اهتمام الجمهور.. مما دفعني الي أن أقترح علي رئيس المهرجان تنظيم مؤتمر صحفي حول هذه الأفلام بشكل خاص والسينما والمرأة بشكل عام.. .. ولم يكن مؤتمرا واحدا.. بل مؤتمرين أسندت لي مهمة ادارتهما.. الأول مع النجمة نادية الجندي التي تم تكريمها في حفل الافتتاح.. والثاني مع الفنانة السورية واحة الراهب مخرجة فيلم " الهوي " وهو أحد الأفلام الخمسة.. ويعالج قضية المرأة المطلقة والتي يراها الذكور لحما رخيصا سهل افتراسه..وشاركت في المؤتمر الفنانة عبير صبري عضو لجنة التحكيم والفنانة السورية نيفين.. وقد تجاوز المؤتمر الثاني ماهو مخطط له في أن يكون مؤتمرا صحفيا ليتحول الي ندوة تفاعل فيها الاعلاميون خاصة مع الفنانة واحة الراهب ربما بسبب ما تتمتع به من مرجعية معرفية و رؤي عميقة لقضايا المرأة وربطها بالاشكاليات القومية.. حيث لم يكتف الاعلاميون بطرح الأسئلة.. بل شاركوا عبر مداخلاتهم بآرائهم الذي اتسم الكثير منها بوعي بأبعاد أزمة المرأة العربية.. لكن بالطبع تلك المؤتمرات الصحفية لم تكن أبدا بديلا عن المناقشات حول الأفلام المشاركة عقب الانتهاء من عرضها.. حيث لم يفتح باب النقاش حول أي من هذه الأفلام مثلما كان يحدث في مهرجان 2010وتلك احدي نواقص مهرجان 2012 والتي ينبغي تجنبها خلال الدورة المقبلة باذن الله .

جريدة القاهرة في

10/04/2012

 

«المرأة الحديدية».. أداء مذهل يستحق الأوسكار 

حليم زكري مليكة 

ينظر الكثيرون من النقاد السينمائيين بعين الاعتبار علي أن ميريل ستريب أعظم ممثلة سينمائية علي قيد الحياة، فقد قدمت في فيلم «المرأة الحديدية» أداء استثنائيا غير عادي لأنها عاشت فيه ولم تعبر عنه، ولذا فازت بجائزة الأوسكار لأحسن ممثلة في دور رئيسي عن جدارة وذلك للمرة الثالثة في حياتها حتي الآن. جسدت ستريب في هذا الفيلم شخصية «مارجريت تاتشر» رئيسة وزراء بريطانيا السابقة والتي كانت من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل، لقد خصصت ستريب علي نحو غريب ومخيف صوتها، وجهها وروحها في هذه الحدة المروعة «لمارجريت تاتشر» في هذا الأداء الرائع. إذا أردت أن تشاهد فيلما حول الحياة الشخصية والمهنية «لمارجريت تاتشر»، فإنك تضيع وقتك سدي، أما إذا أردت أن تشاهد سيدة مسنة وهي تصارع ضعف الذاكرة لمدة ساعتين من زمن الفيلم فهذا هو فيلمك، يصور الفيلم رحلة صعود تاتشر لتولي رئاسة الوزراء أو حتي حياتها الشخصية علي نحو هزيل، وبدلا من ذلك يركز الجانب الأكبر من الفيلم علي الحالة الصحية المضطربة «لمارجريت تاتشر»، الأمر الذي أثر علي أداء عملها السياسي المالوف وأنها غير قادرة علي إدارة حكومتها في سنواتها الأخيرة في الرئاسة. يستخدم كاتب السيناريو ابي مورجان والمخرجة فيليدا لويد خمسة ارتدادات الي الماضي متفرقة يستغرق كل منها خمس دقائق لالقاء الضوء علي حياة تاتشر ابتداء من شبابها كابنة لبائع خضار مرورا بسنواتها الأولي في حزب المحافظين ونهاية بتوليها السلطة كرئيسة وزراء وهي في خريف العمر إنه من المهين أنه بدلا من التأكيد علي انجازات تاتشر، اختارت هوليوود استثمار ذاكرتها الضعيفة وهي التي كانت تحمل مبادئ سامية رفيعة لا ترجع أو ترتد عنها علي نحو واضح ومحدد، وفي النهاية أدي كل ذلك إلي سقوطها، كان زوجها الراحل دينيس «اضطلع بدوره ببراعة جيم برود بنت» كان بمثابة دعامة وملاذ لها عندما دخلت البرلمان، وكان يحاول دائما أن يعيدها للواقع، وقدم نيكولاس فاريل أداء قويا كمستشار لها في حزب المحافظين البريطاني. في الواقع، يعد الفيلم عرضا لامرأة واحدة، نراه من وجهة نظرها، ولهذا لا يجب أن تتوقع أن يكون بالغ الكمال في كل تفاصيله من الوجهة التاريخية. مشاركة وجدانية لقد حولت ميريل ستريب رئيسة 10 داوينينج ستريت «مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا» إلي امرأة تستحق تعاطفنا ومشاركتنا الواجدنية وحزننا. تم ترشيح ميريل ستريب للجائزة الأكاديمية ل17 مرة مما يثير الدهشة، فازت بالجائزة المذكورة مرتين عن فيلميها «كرامر ضد كرامر» (1979)، «اختيار صوفي» (1982)، كتب سيناريو فيلم «كرامر ضد كرامر» وأخرجه روبيرت بينتون وقامت ببطولته ميريل ستريب أمام داستين هوفمان وتدور أحداثة حول ما يحدث عندما تترك الزوجة التعسة زوجها وطفلها الذي يبلغ من العمر ستة أعوام لكي تعود بعد مرور ثمانية عشر شهرا بعد ذلك لتحارب في طلب الوصاية علي الطفل. مشاعر شخصية يركز الفيلم بصفة خاصة علي مشاعر الشخصيات دون أي شيء آخر، حيث يعتمد في معظمه علي وجوه الممثلين والممثلات والعواطف المشبوبة وقدمت ستريب دورا مركبا أظهرت فيه أدق مشاعر وأحاسيس الأم جوانا. كتب آلان جي باكولا فيلم «اختيار صوفي» وأخرجه، وفيه تجسد ستريب علي نحو يوجع القلب دور أم بولندية نزيلة بأحد معسكرات التعذيب التابعة للنازي في اقتباس رواية ويليام ستايرون الأحسن مبيعا والتي تحمل نفس اسم الفيلم، جاء أداء ستريب في هذا الفيلم نموذجاً مغرياً للأداء المتماسك، فيبرر ماضي صوفيا سلوك ستريب المألوف: الابتسامة الحزينة المتعمدة، أصابع اليد العصبية الخائفة، بدايات ونهايات جمل الحوار حتي في لحظات ذروة التوتر بينما تنتشر البقع الحمراء في أماكن متفرقة من جسمها من اثار التعذيب. ولدت ماري لويز ستريب في 22 يونية 1949 في سوميت، نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، مازالت طموحات ميريل المبكرة ناحية الأوبرا، كانت تهتم بالتمثيل عندما كانت طالبة في مدرسة «فاسار»، وعندما تخرجت التحقت بمدرسة «ييل» للدراما، أثناء دراستها، اضطلعت بعدة أدوار في مسرحيات شهيرة مثل «حلم ليلة صيف» و«النهاية السعيدة»، بعد تخرجها من مدرسة «ييل» ظهرت في مسارح برود واي ثم انتقلت للتليفزيون، حيث لعبت دورا رئيسيا في مسلسل «الابادة» وفازت عنه بجائزة «إيمي» كأحسن ممثلة تليفزيونية، قدمت أداء مذهلا في فيلمها السينمائي الأول «جوليا» (1977)، وفي العام التالي رشحت لأول أوسكار لها عن دورها في فيلم «صائد الغزلان»، (1978) ثم حصلت علي جائزتي أوسكار عن أدائها في فيلمي «كرامر ضد كرامر» (1979)، «اختيار صوفي» (1982). مرتبة الكمال تبلغ ستريب مرتبة الكمال في حرفة التمثيل، شديدة التدقيق في التوافه والتفاصيل، تتسم بالمثابرة في بذل الجهد في إعدادها لأدوارها، كل هذه العوامل أنتجت في النهاية سلسلة من الأدوار لاقت نجاحا هائلا علي المستويين النقدي والتجاري عبر عشر سنوات لأفلام عظيمة مثل sillrwood (1983)، «خارج افريقيا» (1985)، «الأعشاب الحديدية» (1987) و«ملائكة أشرار» (1988). هبطت حياتها المهنية طفيفا في بواكير التسعينات نتيجة لعدم عثورها علي أدوار مناسبة ولكنها ارتفعت فجأة إلي القمة في عام 1995 فاضطلعت بدور امرأة متزوجة تقع في حب كلينت ايستوود في «جسور مقاطعة ماديسون» (1995)، وقدمت دور الابنة المسرفة في فيلم «حجرة مارفين» (1996). في عام 1998، قامت بمجازفتها الأولي في ميدان الإنتاج، حيث كانت المنتج المنفذ لأحد الأفلام التليفزيونية، واقعية عندما تتحدث عن سنواتها المستقبلية في الأفلام السينمائية، تعلق قائلة «مهما يحدث، فعملي سيظل دائما مستمرا». 

جريدة القاهرة في

10/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)