حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الفيلم منحه مشاهدون 7 إلى 10 درجات

«مانوليتي».. في حلبات العشـــق والموت

علا الشيخ - دبي

تفاصيل تجمع بين العشق والموت، تتداخل في فيلم يجسد شخصية واحد من أشهر مصارعي الثيران في إسبانيا، ويحمل الفيلم الذي يعرض حالياً في دور السينما المحلية، لقب المصارع الشهير «مانوليتي»، وهو من بطولة بينولوبي كروز، وادريان برودي، ومن اخراج الهولندي مينا ماجيس.

جمهور «مانوليتي» انقسم بين متعاطف مع علاقة العشق التي جمعت بين البطل والبطلة، وآخر لم يتفاعل مع النهاية الحزينة الواقعية، مانحين الفيلم علامة راوحت بين سبع و10 درجات.

يحكي الفيلم الذي أنتج في عام،2007 وافرج عنه هذا العام، قصة مصارع ثيران عرفته حلبات اسبانيا، وعشاق هذا النوع من الرياضة، فمسألة مواجهة الموت في متعة تظهر في استعراضات جسده، ولمعات عيونه وهو ينظر الى الثور، كانت من أشد المشاهد تأثيرا لدى الجمهور، فالبطل يذهب ليموت، واذا عاش فلأن القدر أراد ذلك، وخلال بحث البطل عن الموت ظهرت شخصيته المحبة للحياة، من خلال قصة عشق بينه وبين لوب سين التي تترك عملها عاهرة، لتبقى الى جانبه طوال حياته، وقد صدقت، وبين حب مانوليتي للموت، وحبه لعشيقته تكمن الحكاية.

أسطورة تذبل

يبدأ الفيلم بإظهار حياة مانوليتي السابقة منذ كان طفلاً، إذ انحدر من عائلة فقيرة، وحرم من أبسط احتياجاته، كالحصول على حذاء جديد مثلاً، لتتطور الحكاية، ويتحول هذا الطفل الفقير الى اكثر الرجال شهرة في وسط النساء، لأنه بنظرهن الأشجع، فهو يقف أمام الموت المحقق دائما من قبل الثيران، من دون أن يرجف له جفن.

وصفت سميرة عمار (30 عاما) الفيلم بالـ«رائع، ففيه من الحب الكثير، مع أن النهاية كانت مؤلمة جدا»، مانحة اياه 10 درجات.

في المقابل، قالت منال ابراهيم (27 عاماً): «أنا لا احب هذه الرياضة، لكنني متيّمة بالشخصيات التي تركت اثرا في الذاكرة، ووالدي كان يقول مانوليتي دائما عندما يستشهد بتحدي الموت، لذلك جئت لمشاهدة الفيلم»، مضيفة أن قصة العشق فيه اهم من المواجهات الدموية في المبارزات بحلبات مصارعة الثيران، مانحة الفيلم ثماني درجات.

أما بالنسبة لريهام عزت (22 عاما) والتي ظهر على وجهها الحزن من نهاية الفيلم، فقالت إن «موت شاب بهذه الطريقة كان صدمة بالنسبة إلي، خصوصا أن حبا كان ينتظره»، مشيرة إلى أن المخرج أظهر البطل الاسطورة وكأنه يناجي الموت بأن يأخذه، وهذا مأخذها على الفيلم، وأعطت «مانوليتي» سبع درجات.

قصة الحياة والحب والموت بالنسبة لعائشة الظاهري «هي قصة حياتنا، وبما أن قصة الفيلم حقيقية فهي تتناول مشاعر كثيرين. الفيلم رائع جعلني أعيش لحظات متداخلة في عاطفتي تجاه كرهي لمبارزة الثيران، واعجابي بطريقة الحب التي جمعت بين العاشقين»، ومنحت الفيلم ثماني درجات.

شغف

خلال أحداث الفيلم يظهر مانوليتي وهو مأخوذ بنفسه، وكل النساء يطاردنه كي يحصلن على ابتسامة، فهو الذي يصرع الثيران، ويتحدى الموت كي ينتصر عليه، ولم يكن يتوقع أن يذوب في عشق امرأة لها تاريخ سيئ مع الرجال، انقلبت حياته تماماً، وأصبح متناقضاً في سلوكياته حتى اثناء مبارزته للثيران، فقد اصبح اكثر اقداما وتحديا واستفزازا، كي يحظى بتصفيق عشيقته التي تنظر اليه مزهوة.

لاحظت رولا بيطار (24 عاما) أن الفيلم يريد أن يقول إن المرأة سبب في كل المصائب «فمصارع الثيران يعني مصارع الموت، واذا نجا فهي المصادفة، وعندما صار عاشقا اصبح اكثر تحدياً، ليثبت لعيشقته قوته، لكنه بالاساس يمتهن هذا الشيء»، معتبرة أن البطل مات لحبه للمصارعة وليس بسبب حبه لعشيقته، مانحة الفيلم سبع درجات.

في المقابل، قال علي مصطفى (28 عاما) إن «الفيلم مملوء بالحب والشغف والرومانسية في ظل افلام الآكشن والثلاثية الابعاد، ولقد أحببت كل تفصيلة فيه، وعلى الرغم من النهاية وآلامها الا انه يعطي أملا في التضحية والحب»، مانحاً اياه 10 درجات.

وعبر عيسى نمر (23 عاما) عن كرهه اساسا لهذا النوع من المبارازت «ففيها الموت لأحد الطرفين، المبارز أو الثور، فالفكرة في الأساس مؤلمة، لكن حالة الحب التي جمعت البطل مع حبيبته، كانت مثل البلسم الذي يجعلنا نراقب هذا المبارز الذي ينتظر نظرة حب من عشيقته»، مانحاً الفيلم 10 درجات.

في الفيلم، حسب دانيال سعادة (39 عاما) يظهر الحب الدفين للموت من قبل مانوليتي، إذ يجهز نفسه كأنه يجهز كفنه بكل حب، مضيفاً «الفيلم معقد، وفكرة الموت المحتوم والمعروفة أسبابه مقابل الحياة التي تتمثل بعلاقة عشقه، تركيبة موجودة في كل شخص فينا، لكنها تختلف في التطبيق بين شخص وآخر». مانحاً الفيلم 10 درجات.

مآسي الحروب

تكمن تفاصيل الفيلم في مسألة هروب الناس من مآسي الحروب، والارتماء في حضن كل ما يبعث في صدورهم الراحة والسعادة، حتى لو كان ذلك عبر متابعة مبارزة الثيران، وأمل الناس في نهاية الحرب العالمية الثانية في مستقبل خالٍ من الدم، وتحدي الثيران كان جزءا من ردة الفعل عن غضب الانسان الذي يقتل الانسان. في الفيلم قصة موت وحياة وعشق، يموت مانوليتي، لكن الأهم أن حبيبته تصبح زوجته لدقيقة ربما، وهذا مكمن الحكاية، او تتويج علاقة الحب الدموية.

الحرب هي السبب في خلق الأساطير، هذا ما أشار إليه أبوباشق اليماني (55 عاماً) «فلولا الحرب ما كنا سمعنا عن مانوليتي، ولا عن حكاياته، كل الأمر أنه كان صغيرا عندما مات وكان عاشقا، ما جعل الناس يذهبون الى قصته كي ينسوا مرارة الحرب، ومنظر الدم في الشوارع وساحات الحروب»، مانحاً الفيلم 10 درجات.

يشار إلى أن مانويل ردريغاز سانشيز، الملقب بمانوليتي، توفي عن عمر يناهز الـ30 عام ،1947 في ذروة شهرته.

أبطال العمل

بينولوبي كروز

ممثلة اسبانية ولدت عام .1974 فازت بأوسكار أفضل ممثلة بدور مساعد في فيلم فيكي كريستينا برشلونة عام ،2008 ورُشحت لاثنتين أخريين عن فيلم تسعة عام ،2010 وفتاة أحلامك عام ،2006 وفازت بجائزة جويا كأفضل ممثلة عام 1998 عن فيلم فتاة أحلامك، وعام 2006 عن فيلم العودة.

أدريان برودي

ممثل أميركي ولد عام ،1973 فاز بجائزة اوسكار عام 2002 لأفضل ممثل عن فيلم «ذه بيناسيت»، وكان حينها أصغر ممثل يحصل على جائزة اوسكار، كما حصل على جائزة سيزر، في العام نفسه عن الدور نفسه، وحصل أيضا على جائزة غولدن غلوب كافضل ممثل عن الفيلم نفسه.

عالمان

كانت الصورة النمطية لإسبانيا التي شاعت حول العالم خلال عقد السبعينات من القرن الماضي تتمثل في مغنية فلامنكو أو مصارع ثيران، أو ممثلة ومصارع ثيران معاً. بيد أن الصورة تغيّرت قليلا حاليا وصارت أكثر حداثة. فهي راهناً مزيج بين مصارع ثيران وعارضة أزياء أو مذيعة تلفزيونية. الحقيقة أن أول من زاوج بين العالَمين ـ عالم مصارعة الثيران وعالم الفن ـ لويس ميغيل دومينغين، فقد ارتبط هذا «الماتادور» الشهير بعلاقات مع نجمات سينما عالميات، مثل ديبورا كير ولورين باكال أو رومي شنايدر. وكان دومينغين أحد مصارعي الثيران الذين أسهموا في خلق صورة «الذكورية الإسبانية المفرطة» التي شاعت في العالم خلال السنوات الـ50 الماضية. وكانت أبرز علاقات دومينغين النسائية تلك العلاقة العاطفية الحارة التي ربطته بالممثلة الأميركية العالمية آفا غاردنر، وملأت صفحات الجرائد والمجلات. أما صداقاته الرجالية العادية فكانت أشهرها صداقاته الوثيقة مع الرسامين الإسبانيين العالميين الشهيرين سالفادور دالي وبابلو بيكاسو، والروائي الأميركي إرنست همنغواي، والممثل والمخرج العالمي أورسون ويلز الذي توجد مقبرته في المنزل الريفي لعائلة مصارع الثيران الشهير بجنوب إسبانيا.

إنتاج تونسي

أنتج فيلم «مانوليتي» عام ،2008 وعرض للمرة الأولى في مهرجان تونينتو الدولي، وتم ايقاف توزيعه على دور السينما لخلاف بين المنتج وفريق العمل، ثم أعيد عرضه أخيراً في الصالات السينمائية العالمية.

ويتميز الفيلم الذي بلغت تكاليفه 20 مليون دولار، وهو من إنتاج التونسي طارق بن عمّار مع مساهمة من وزارة الثّقافة الإسبانيّة ومموّلين آخرين، باعتماده على أحدث التقنيات السينمائية. وجسد شخصياته نخبة من أفضل الممثلين في هوليوود. وبطل الفليم الممثل الأميركي أدريان برودي يعد أصغر ممثل ينال الأوسكار عن فيلمه (ذه بيناسيت) في سنة .2003 وأمكن للجمهور التونسي مشاهدة الشريط في الوقت نفسه الذي بدأ فيه عرضه في عدد من العواصم والمدن العالمية الأخرى.

قالوا عن الفيلم:

- «الفيلم يجعل من مصارع الثيران الرجل الصالح، حتى مع مشاهدتنا معاناة الثيران». خور دي مدير شركة كي إي إس لمكافحة مصارعة الثيران

- «الفيلم حول قصة حب، وليس هناك دم يظهر، وهناك مشهد واحد ينطوي على مصارعة الثيران، لكنه لا يظهر معاناة الحيوانات». منار تولا من «صنداي تلغراف»

- «مشاركة كروز وبرودي في الفيلم لا يعني أنهما يؤيدان مصارعة الثيران، فكروز قالت في الماضي إنها تعارض ذلك». أندريس فيسنتي غوميز المنتج المشارك في الفيلم

- «قصة عاطفية في غاية الروعة، ومؤلمة لأنها حقيقية، لكن الحوار كان ضعيفاً جداً». لوري هافوما من «أتلانتيك سيتي ويكلي»

- «فيلم يعتمد على الاستعراض أكثر منه على السيناريو، لذا القصة لم تكن محبوكة». أرون هيلز من «تايم آوت نيويورك»

الإمارات اليوم في

26/03/2012

 

في مهرجان مونز السينمائي الدولي لأفلام الحب الـ 28

حكايات المهاجرين العرب في (عـــــــدم الانـــدمــــــــاج)

نعمــــــة اللــه  

ما أضعف الإنسان .. وقلة حيلته لولا إيمانه الشديد وصبره علي مايبتلي به من محن.. ولعل أصعب المحن وأقساها هي المرض .. وهي حكاية شرحها يطول وقد خضت تجربة مرضية شديدة منذ شهور توقفت خلالها الحياة تماما إلا  من أنفاس معدودة. تجربة مرضية كان فيها الكثير من العظة.. تضاءلت أمامها كل الأمور، بعد أن عجز الأطباء عن علاجها هنا في مصر أو الخارج، باختصار شديد أعراضها ألم في الرأس وهو ليس بصداع، لكنه (صوت) قوي يشبه (الخشخشة) أو طرقعة الحديد يعلو صداه في كثير من الأحيان وفي أخري يخفت .. لكن هذا الصوت لايختفي أبدا. واليوم أحمد الله كثيرا أنني اعتدت عليه ولم أعد أخشاه كما شعرت به في البداية.. وأصبح في إمكاني التعامل معه والعودة للحياة والقلم الذي هجرته رغما عني فترة طويلة وهذه العودة هي في المقام الأول تعودلفضل الله.. ولفضل كل الأصدقاء.. والأهل والزملاء والناس البسطاء الذين أحاطوني بحبهم وعنايتهم. وقد أصبح في فرنسا وحدها (خمسون ألف معاق) بسبب هذا الصداع النادر.

منذ ثلاث سنوات علي وجه التحديد كانت صدمتي شديدة، عندما عرفت للمرة الأولي أن (ضغط العين) لحق بالضغط العادي.. وأصبح كلاهما يتنافسان في الارتفاع.. والضحية المسكينة هي (أنا).. وبعد أن كان خوفي الشديد من الضغط العالي وكل ما يمثله من مخاطر وراثية تعرض لها والدي رحمه الله وأكثر من عم لي.. كان علي مواجهة (الجلوكوما) أو العمي وفقدان الإبصار، بعد أن هددني أطباء الخارج قبل أطباء مصر خاصة أنني مريضة شديدة الإهمال.. ووجدت نفسي خائفة ومحاصرة من (العمي الحيثي) .. وضبطت نفسي أكثر من مرة وأنا أغلق عينّي علي صورة جميلة أو أي حاجة حلوة لأحتفظ بها وأحاول أن أسترجعها، كل ذلك وأنا أشكر الله وأحمده (قل لن يصيبنا إلا ماكتبه الله لنا).. وكان ضروريا عليّ أن أسايس أمراضي مع أني أكره السياسة ومن يمارسها أو يشارك فيها حتي ولو بالكتابة أو الرأي.. حيث بات الجميع (ثوارا) أو (زعماء) و(مصلحين) .. و(منظرين) ولأني لست ممن يدعون فقد وجدت الحل في المقاطعة حتي لو كان ذلك منتهي السلبية فذلك أفضل بكثير من المشاركة في الزفة الكذابة.

ومن منطلق (مسايسة) المرض.. وخوفا من العمي خضت للمرة الأولي تجربة إنسانية رائعة حيث حرصت علي حضور واحد من أجمل الأفلام الفرنسية (الذين لايمسون) للمخرجين (إريك نولاند و أوليفيه ناكاش) وبطولة كل من (فرانسوا كلوزيه) وعمر سي الذي حصل علي (سيزار) أحسن ممثل عن هذا الفيلم.

العرض كان خاصا (بالمكفوفين) وهو تقليد يحرص عليه مهرجان مونز السينمائي لأفلام الحب منذ سنوات.. حيث يخصص جزءا من برامجه لمكفوفي البصر.. وآخر للمعاقين.. والجدير بالذكر إنه توجد في بروكسل دار عرض مخصصة ومجهزة خصيصا لهم. والتجهيز خاص بأجهزة صوت يتم فيها شرح الصورة المعروضة علي الشاشة بالتفصيل الشديد دون أن يخل ذلك بالحوار الدائر أو الموسيفي حيث المساحات الخالية من الحوار مدروسة بدقة ليتم الشرح من خلالها. وفي هذه التجربة الإنسانية الرائعة كثيرا ماكنت أغمض عيناي.. لتضيء الصورة في ذهني.. وخرجت من الفيلم وأنا أخرج لساني للجلوكوما وبأني لم أعد أخاف منها.. وفي نفس الوقت شاكرة الله علي نعمة الإبصار التي مازلت أتمتع بها رغم كل التحذيرات بأن العصب البصري عندما يموت لن ينفع معه شيء.

وعودة مرة أخري للفيلم المأخوذ عن قصة واقعية أبطالها مازالوا أحياء فيليب ثري ارستقراطي يعيش في أحد القصور الفارهة.. لكنه معاق إثر حادث أليم أصيب بالشلل وأصبح لايتحرك سوي علي (كرسي).. يلتحق بالخدمة لديه (دريس) أحد شباب الضواحي.. أفريقي خرج من السجن، ليعاد تأهيله للمجتمع من جديد ولذلك عليه أن يجد عملا ويزكيه صاحب العمل.. أو يعطيه فقط شهادة بأنه لم يقبله للعمل عنده.. الغريب أن اللقاء الأول الذي جمع بين (فيليب) و(دريس) انتهي بقبول فيليب بأن يعمل الأخير لديه .. حيث لاحظ خفة ظله الشديدة.. والغريب أن (دريس) كان رافضا للعمل في البداية.. لكنه عندما شاهد كل مغريات الإقامة في القصر وافق.. خاصة أنه يعيش مع خالته وأبنائها في أحد الأحياء الخاصة بالسود شديدة الفقر في ضواحي باريس.

ومن خلال علاقة شديدة الإنسانية تنشأ ما بين »فيليب« و»دريس« خاصة أن هذا الأخير أدخل البهجة والسعادة علي قلبه.. كما منحه في النهاية الشجاعة علي لقاء المرأة التي أحبها عن طريق المراسلة، لكنه كان عاجزا عن مواجهتها بإعاقته.. خوفا من أن لا تتقبلها.. واليوم يعيش »فيليب« و»دريس« في المغرب وقد أصبحا أعز صديقين في الحياة ولكليهما أسرة وحياة سعيدة.. إنها الإنسانية التي لاتفرق بين غني وفقير .. فكلنا بشر.. وليس مهما من يمتلك المال.. بل من يمتلك القدرة علي العطاء.

❊❊❊

(فيليب فوكون) مخرج فرنسي متميز.. مهموم بالقضايا العربية والمهاجرين العرب.. ربما لأنه متزوج من تونسية تشاركه في إنتاج أفلامه التي تعد وثائق اجتماعية عن أحوال كل من يتحدث عنهم في أفلامه.. فهو يعيش واقع أبطاله قبل أن ينقلهم من الحياة إلي شاشة السينما ليعطيهم حياة ثانية يشاركهم فيها ملايين من المشاهدين.

وفي أحد أفلام فوكون (la desintegration) ومعناه الحرفي التفكيك أو التفتيت وإن كنت أفضل هنا أن أعطي الفيلم اسم عدم الاندماج لأن هذا الاسم تعبير أقرب إلي الواقع الذي يعيشه أبطاله الثلاثة (علي وناصر وحمزة) ثلاثة شباب من أبناء المهاجرين العرب والذين يعدون من الجيل الثالث ويعتبرون (فرنسيين) إلا أن أسماءهم وأشكالهم العربية تجعل هذا البلد الذي يرفع شعارات تنادي بالحرية والعدالة والإخاء مازال يمارس عنصرية معنوية عليهم لاتسمح لهم بالاندماج فيه وبالتالي يتولد لديهم إحساس عارم بالغضب والثورة.. إذا أضفنا لذلك بأن الضواحي ومدن الجنوب المكتظة بالعرب المهاجرين تعاني من عدم الاهتمام وتعيش معظم الأسر في شقق صغيرة ضيقة يطلق عليها (lacite) وعلي أبنائها أيضا.. وهو تعبير عن أن هؤلاء الأبناء مختلفون عن باقي الفرنسيين.

والحقيقة أن مشكلة هؤلاء الشباب مضاعفة لكل مشاكل الشباب الفرنسي الأصلي إن جاز التعبير.. فبالإضافة لمشاكل البطالة.. والتعليم علي وجه الخصوص. في هذه التجمعات كما أشرنا يصبح الغضب  سمة أساسية في الشخصية تتبعه بعد ذلك الثورة علي الأوضاع المحيطة بهم، ما يجعل استدراجهم عن طريق الدين لممارسة التطرف وبعد ذلك الإرهاب أحد الأمور السهلة باعتبارهم (صيدا) أحكم الصياد حصاره وأرهقه واتعبه مما يجعله يقع في الفخ.. وهذا ماحدث لهم عندما التقي الأصدقاء الثلاثة بجمال الذي يكبرهم بعشر سنوات.. وفي المقابل يعرض فوكون سماحة الإسلام الحقيقية وكيف أنه بعيد تماما عن العنف.. كما يركز علي احترامه للمرأة.. ويحسب لفوكون أن الشخصيات النسائية في الفيلم إيجابية سواء الأم التي تعمل كعاملة نظافة أم الابنة التي لا تفرط في حقوقها.

ويقول فوكون إن الفيلم كان من الممكن ألا يري النور بسبب فكرته وموضوعه شديد الحساسية لكن وعي الكثير من أبناء الجالية العربية المهاجرة المسلمة ساعده كثيرا.

الجدير بالذكر أن التي قامت بدور الأم  واسمها زهرة عيداوي لم تقف أمام الكاميرا من قبل وقد التقي بها فوكون بالصدفة البحتة. أما أبطال الفيلم رشيد ديبوز وهو الشقيق الأصغر للفنان المغربي الشهير جمال ديبوز فقد أثبت إنه يتمتع بموهبة كبيرة لاتقل عن أخيه.. كما شارك في بطولة الفيلم كل من ياسين عزوز ويامونول بيرست ومحمد نشأت وكلثوم الحنفي.

وقد تم تصوير معظم مشاهد الفيلم مابين مدينة (ليل ومارسيليا) وفي الضواحي العربية بها.
إن فيليب فوكون مخرج يستحق التحية لاقترابه الشديد بموضوعية ودراسة عميقة لمشاكل المهاجرين المسلمين العرب.

❊❊❊

في مهرجان مونز السينمائي الدولي لأفلام الحب.. كانت هناك قصص حب جميلة.. وأخري مشوهة تماما.. فالعاطفة البشرية لاتخضع لمنطق بل (الهوي) هو مايتحكم بها.. وفي الأفلام الجميلة التي عرضت وفاضت بمشاعر جياشة الفيلم الروسي البدو للمخرج ايجور فولوشين وبطولة سيرافيما ميجاي وأولجا سيمونوفا التي حصلت علي جائزة أحسن ممثلة كما حصل الفيلم علي جائزة لجنة التحكيم والتي يطلق عليها (coup du coiur) أو الفيلم الذي وقع في حبه لجنة التحكيم.

الفيلم يروي قصة سيدة لديها ابنة مريضة بسرطان الدم.. تأمل أن تجد لها علاجا .. وفي سبيل الحصول علي المال اللازم لعلاجها لديها الاستعداد لقبول أي شيء.. ولذلك تسافر إلي أوكرانيا لتحمل جنينا في رحمها لزوجين  من الشواذ بمقابل مبلغ كبير من المال.. ويصارحها الأطباء بأن الأمل ضعيف جدا في شفاء ابنتها.. لكنها عن طريق الصدفة تسمع أن في الصحراء الأردنية بدوا يعالجون سرطان الدم .. بلبن الناقة.. فتقرر أن تصطحب ابنتها الصغيرة المريضة إلي هناك.. لكن بعد وصولها تتعرض لعملية سرقة.. وذلك قبل أن تلتقي بالبدو الحقيقيين الذين يرعونها هي وابنتها التي تمضي ماتبقي لها من أيام العمر في سعادة غامرة.. وحرية وسط هؤلاء الناس البسطاء الكرماء الذين أحاطوهما بكل الحب والرعاية.. لتلقط الطفلة أنفاسها الأخيرة وهي تشعر بصفاء نفسي وسعادة كبري.. وفي نفس الوقت تضع الطفل الذي كانت تحمله في أحشائها بالإيجار.. وتقرر الاحتفاظ به عوضا عن ابنتها الراحلة.. وبحثا عن السلام والطمأنينة بداخلها.

(أولجا) استحقت بجدارة جائزة أحسن ممثلة نافستها بذلك بشدة  هند صبري في فيلم (أسماء) واعتقد أن هناك جدلا دار بشدة داخل لجنة التحكيم انتهي بحصول أولجا علي الجائزة.

❊❊❊

فيلم الختام كان بمثابة صدمة قوية للكثيرين حتي أنهم لم يستطيعوا صبرا علي إكماله حتي النهاية وهو (Perfect sense) أو العدوي وهو الذي  يلائم ويتواءم مع أحداث الفيلم وهو إنتاج مشترك بين كل من بريطانيا ـ ألمانيا ـ السويد ـ والدانمارك.. ومن إخراج دافيد ماكينزي وبطولة كل من أيوان ماكجروفر.. وإيفا جرين .. وكوني نيلسون.

وهو يروي قصة حب جمعت بين عالمة في الأحياء وكبير الطهاة بأحد المظاعم وهي التي أعطت من قبل حياتها للعلم فقط وتخلت عن كل شيء في سبيل البحث العلمي. وفي أحد الأيام يتم اكتشاف حالة مرضية تبدأ بفقدان حاسة الشم.. وبعدها السمع والإبصار.. وسرعان ما تتفشي العدوي بين الناس ليفقدوا جميع حواسهم إلا العواطف.. فهذه المشاعر الإنسانية قادرة علي أن يحتوي الإنسان كل مايواجهه من مشاكل حتي لو كانت عقلية.

الفيلم لاهو خيال علمي ولا خرافات ولا أي شيء مجرد تخمينات لأحداث غير منطقية لا رابط بينها جعله أقرب للزيف يشعر من يشاهده بالملل الشديد .. فكان طبيعيا أن ينسحب الجمهور من فيلم الختام.

آخر ساعة المصرية في

26/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)