حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة تصدر بياناً تضامنيا مع صناع الفيلم

مخرج “فرش وغطا” بعد رفض الأوقاف تصوير مشاهد للفيلم في مسجد:

لست خائفا علي حرية الإبداع لأنها معركة جماعية

كتبت- سما أشرف:

طلب إحاطة ضد وزير الأوقاف لتوضيح القرار الذي اتخذه منفرداً بمنع تصوير الأعمال الفنية في المساجد

قال المخرج أحمد عبد الله في تصريح خاص لـ”البديل” إن القرار الذي اتخذه وزير الأوقاف برفض تصوير بعض من مشاهد فيلمه الجديد فرش وغطا داخل مسجد السيدة نفيسة ليس قضية شخصية يتعرض لها صناع الفيلم ولكنها قضية عامة تتطلب تكاتف كل القوي التي ناضلت من أجل الحصول علي حريتها، لذا قمت بطرح القضية للرأي العام وتضامنت معنا جهات عديدة منها لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة والمركز القومي للسينما وهو بصدد إصدار بيان بهذا الشأن. وأوضح أن من بين المتضامنين جبهة الإبداع المصري، وسمعنا أنباء عن أن لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب استنكرت القرار وأعلنت مساندتها حرية الإبداع.

وأضاف المخرج أحمد عبد الله أن النائب نصر الدين الزغبي تقدم بطلب إحاطة في البرلمان لوزير الأوقاف ولرئيس الوزراء لتوضيح القرار الذي اتخذه الوزير منفرداً بمنع تصوير الأعمال الفنية في المساجد، وأشار عبد الله أنه من المفترض وجود لائحه تنظيمية في وزارة الاوقاف كان يستند إليها جميع الفنانيين الذين قاموا بالتصوير في المساجد من قبل.

وأكد عبد الله أنه في السابق لم يكن التصريح بالتصوير داخل أي مسجد يستلزم موافقة وزير الأوقاف عليه وكان الطلب يمر فقط علي موظفي الإدارة بالوزارة أي أنها كانت عملية روتينية محددة المسار. وأوضح أن توقيع الوزير علي الطلب عملية مستحدثة بعد الثورة، وأضاف أن وثيقة الأزهر التي أصدرها منذ فترة تساند حرية الإبداع والمبدعين بل وتطالب باحترام فكرهم، فكيف يكون لهيئة مثل وزارة الأوقاف هذا الموقف.

وعبر عبد الله عن أمله في تضامن عدد من الجمعيات الحقوقية التي ترعي الحفاظ علي الحريات معه، وأضاف أنه حول القضية إلي قضية رأي عام وانه لا يخشي ممن يحاولون تكبيل حرية الإبداع، لأنها أصبحت قضية مجتمع سيناضل إن لزم الأمر من جديد ليستعيد حريته في كافة المجالات.

وأصدرت لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة اليوم بيانا تضامنيا مع صناع الفيلم يستنكرون فيه الإجراءات التعسفية تجاه التصوير السينمائي في مصر والتي كان آخرها إصدار مكتب وزير الأوقاف قراراً بمنع التصوير في المساجد بحُجة أنه أمر مخالف للشريعة الإسلامية، ونُسب القرار إلى السيد وزير الأوقاف كما ادعى مدير مكتبِه.

وأضاف البيان إن هذه المساجد الشامخة التي تعد من عيون الفن الإسلامي “ستُمنع من التصوير على يد كهنة جدد متطوعين وخارج نطاق مؤسسة الأزهر التي هي المؤسسة الدينية المرجعية الوحيدة في هذا الشأن، ونوع من المزايدة الرخيصة المتملقة في غير موضعها لتيار الإسلام السياسي في مصر”.

يذكر أن اللجنة تضم كل من المخرج محمد كامل القليوبي وأنسي أبو سيف والفنانة چيهان فاضل والناقدة خيرية البشلاوي والمخرج داوود عبد السيد والمخرج علي بدرخان ومنى ربيع والمخرجة هالة خليل هالة جلال فاروق الرشيدي منيب الشافعي رئيس غرفة صناعة السينما.

وطالب البيان أعضاء لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة وقف ما اسموه بالمهزلة، وأشاروا إلى أن مساجد مصر هي جزءاً عزيز من تراثها الحضاري والثقافي مثلها في ذلك مثل الآثار، ومنع تصويرها واستبدالها بديكورات لن تصل بأي حال إلى إظهار عظمتها وجلالها، سيسيء للجميع آثاراً وإبداعاً وعمارة إسلامية وفنّاً سينمائياً، وقبل ذلك كله إلى عقل ووجدان الشعب المصري.

البديل المصرية في

07/03/2012

 

"أندرومان من فحم ودم" ينال 4 جوائز بمهرجان طنجة

الفيلم يحكي قصة أب حول طفلته إلى ذكر صوناً لإرث العائلة.. ويستدعي الأسطورة لمعالجة حالات معاصرة

الدارالبيضاء - خديجة الفتحي 

من المرتقب أن يعرض بالقاعات السينمائية المغربية خلال شهر مارس الجاري فيلم "أندرومان من فحم ودم" الحائز مؤخرا بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة على 4 جوائز.

وكان مخرج الفيلم عز العرب العلوي ينوي تقديم عمله بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، غير أن أجندة العديد من المسؤولين في الحكومة المغربية الذين سيتشرفون بحضور العرض الأول حال دون ذلك.

وقال العلوي في تصريح خاص لـ"العربية.نت": "إن مجموعة من الوزراء والمسؤولين في حكومة عبدالإله بن كيران ستحضر العرض الأول للفيلم، ونظرا لتزامن تاريخ 8 مارس مع بعض الأنشطة السياسية لهذه الشخصيات، فإننا نعمل على اختيار موعد آخر يناسبهم"، مشيرا إلى أن موضوع الفيلم لا يتحدد بزمن باعتباره يتطرق لمظاهر مسخ الجوهر الإنساني واضطهاد الجسد والروح والأنثوية.

وأضاف أن عنوان فيلم "أندرومان" والذي يحيل على شجرة تسمى بالأمازيغية (génévrier thurifère) أطلقه كاسم على الشخصية الرئيسية التي تعيش بين القهر النفسي والجسدي وسلطة الأب "أوشن" الذي لبى رغباته النفسية بتحويلها إلى ذكر حرم من إنجابه.

وأفاد أن قصة الفيلم تتحدث عن أسرة قروية متواضعة تعيش من أشغال تجارة الفحم الخشبي بأقاصي قمم جبال الأطلس، وأن الأب أوشن في الأربعين من العمر، وهو رجل فظ متعجرف، يمارس مهنة فحام (معد للفحم الخشبي) ورثها عن أبيه، ويوصي بها كعمل لابنه، ولكن القدر يقضي للأسف بحرمانه من ابن قادر ناجح على تملك مهنته المفضلة، وفي أن يحافظ كذلك على أرض في ملكية الأسرة يمكن أن يحرموا منها في حالة عدم وجود طفل ذكر بين أفرادها

وبالتوازي مع هذه الأحداث، يقرر أوشن تغيير مسار حياة ابنته البكر التي ستتحول بمجرد أن توفيت والدتها إلى ابن أندرومان، ولكن حدث وعن طريق الصدفة أن اكتشف راعي غنم، والذي يمثله أمين الناجي، تضاريس الجسد الأنثوي لـ "أندرومان" حين سقوطها في نهر ينساب بين سهوب القرية، ليصاب بالدهشة والانبهار بجسد يختبئ قسرا في صفة رجل.

شخصية أندرومان تتحمل الثقل الأساسي

وصرحت الممثلة جليلة التلمسي التي جسدت دور "أندرومان": "إن فقدان الهوية كانت هي السمة الأساسية لمختلف شخصيات الفيلم، فرحلت للبحث عن الذات داخل فضاء يعمه الخوف والاضطراب النفسي وقسوة الطبيعة والإنسان، فإذا كانت "أندرومان" حسبها تعيش بين القهر النفسي والجسدي وسلطة الأب، فإن هذا الأخير الذي لبى رغباته النفسية بتحويل ابنته الي ذكر حرم من إنجابه، يعكس شخصية مرضية متأثرة بشكل كبير بأصداء المجتمع السلبية وكذا أصداء الماضي الذي ظل يرفض الخروج عنه".

واعتبرت التلمسي أن تجربتها فيلم "أندرومان من دم ولحم" وجائزة أحسن دور نسائي التي حصلت عليها من خلال الدور الذي أدته في الفيلم بمهرجان طنجة الوطني ساهما في أن تحتل وضعا أفضل تجاه المشاهد السينمائي، مشيرة إلى أن التحدي الأول الذي واجهته هو لعب دور شخصية ذكورية عليها أن تبرز من خلال نبرة الصوت والحركة وبالأخص على مستوى المشي والنظرات.

وبينت أن شخصية أندرومان ذات طبيعة مركبة وتتحمل الثقل الأساسي في الفيلم، مع أنها لم تكن تتحدث في مختلف أطوار الحكاية إلا 3 مرات، وأنها استطاعت الوصول به نحو النتيجة المرجوة، وقالت:"في كل مرة كنت أقرأ السيناريو أكتشف جوانب خفية في هذه الشخصية وأعيد التأمل في شكل التعامل معها، وكنت أقوم بمعية المخرج بتجارب عدة على الماكياج للوصول إلى النتيجة التي نطمح إليها".

وتوضح بأن استغناءها عن الشعر حد الصلع لم يكن مبادرة مجانية أو بحثا عن الإثارة الإعلامية، بل كان تعبيرا منها عن اختيار جمالي وفكري تستدعيه طبيعة الدور، مفيدة أن هذه المغامرة منحتها القدرة على الاندماج في الشخصية والإحساس بها بقوة وهو اختيار تقول أنها تحملت مسؤوليته دون أن تأخذ في الاعتبار ردود فعل المجتمع.

يُذكر أن "فيلم أندرومان" حصد 4 جوائز في المهرجان السينمائي الوطني في نسخته الأخيرة بطنجة، وهي جائزة النقد وأحسن دور نسائي وأحسن دور رجالي ثاني وأحسن موسيقى.

العربية نت في

07/03/2012

 

'على وحدة ونص' يقيم الصحافة المصرية ويقعدها

ميدل ايست أونلاين/ القاهرة 

فيلم تدور أحداثه حول تحول صحافية إلى راقصة في ملهى ليلي، يثير غضب الصحافيين في مصر بسبب مشاهد اعتبروها مهينة لهم.

أثارت وصلة إعلانية عن فيلم "على واحدة ونص" غضب الصحافيين في مصر بسبب عبارات ومشاهد اعتبروها مهينة لمهنة المتاعب.

وقد تقدم صحفيون ببلاغ إلى النائب العام ضد رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية ووزير الثقافة بصفتيهما٬ يطالبون فيه بالتحقيق معهما ووقف ما أسموه بـ "الفيلم المهزلة" الذي تدور فكرته حول تحول صحافية إلى العمل كراقصة في إحدى الملاهي الليلية.

وانطلقت عشرات الحملات ضد الفيلم على الجديد على مواقع التواصل الاجتماعي أغلبها من صحافيين وصحافيات اعتراضا على ما تضمنته الوصلة الإعلانية عن الفيلم من حوار لبطلته ومنتجته ومؤلفته المغنية سما المصري يشبه الصحافيات بالراقصات وينعت رئيسا للتحرير بأوصاف غير لائقة.

وحسب مصادر إعلامية فإن عددا من الصحافيات المصريات سيتوجهن لشيوخ الأزهر لمطالبتهم بإصدار فتوى بمنع عرض الفيلم على اعتبار أن المشاهد "الجريئة" لبطلته ومنتجته "تسيء لكل نساء مصر وليس الصحفيات فحسب".

وأكدت صحيفة "الوفد" أن عددا من الصحافيين يعتزمون التقدم بمذكرة لمجلس الشعب عن طريق نقابة الصحفيين يعلنون فيها رفضهم لإهانة صحافيي مصر ويطالبون بوقف عرض الفيلم ومقاضاة موزعه في حال أقدم على طرحه في قاعات السينما.

بل إن الصحافيين٬ حسب المصدر نفسه٬ سيطالبون مجلس الشعب بتقديم استجواب لوزير الثقافة بسبب موافقته على عرض الفيلم وباستجواب رئيس الحكومة بهذا الخصوص إن لزم الأمر.

ونقل موقع "البديل" عن الكاتب الصحافي محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين تأكيده بأن مجلس النقابة سيعقد اجتماعا لمناقشة الموضوع مؤكدا أن المجلس يدرس حاليا رفع دعوى قضائية ضد جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في حال عرض الفيلم .

في المقابل عبر سيد فتحي مدير عام غرفة صناعة السينما باتحاد الصناعات المصرية٬ عن اندهاشه ازاء اعتراض الصحفيين على عرض الفيلم وقال "لا أفهم وجهة نظرهم وسبب الاعتراض فكل مهنة بها الطيب والخبيث.. فهل يجب عدم التعرض لكل المهن"٬ مشيرا الى أنه يجب أولا مشاهدة الفيلم بشكل كامل والحكم عليه وعدم الاكتفاء بمشاهدة اللقطات الواردة بالإعلان الخاص به.

غير أنه حرص على التوضيح بأنه ليس للغرفة سلطة في تحديد محتوى أي عمل سينمائي بحيث تمنع أو تصرح بإنتاج فيلم "على واحدة ونص" مشيرا إلى أن الغرفة لم تتلق بعد أي شكاوى من أي جهة صحفية بخصوص الفيلم.

أما بطلة الفيلم سما المصري فقالت في تصريح صحافي إنها ضحية" حملة كبيرة تستهدفها هي والفيلم" مضيفة أن "هناك نماذج عديدة من مختلف المهن فاسدة وليس فقط في مهنة الصحافة وأنا أعرض نماذج حقيقية موجودة في الواقع".

ميدل إيست أنلاين في

07/03/2012

 

متربّص حزين على رصيف العالم

غسان سلهب يفتح لنا «كتاب الغرق»

روي ديب 

على طاولة خلف باب المقهى، يختار غسان سلهب الجلوس بعيداً عن الأنظار. «تلك الأماكن التي نرتادها يومياً، وبانتظام، ترى هل ستحتفظ بذكرى، أو بأثر منّا لاحقاً؟ يسأل نفسه». يقرأ في كتاب، أو يكتب على دفتره أو على كومبيوتره، واضعاً سماعات في أذنيه. نلتقيه في المقهى نفسه الذي سيوقّع فيه كتابه عند السادسة من مساء اليوم. إنّه أوّل كتاب يصدره، بعنوان «من كتاب الغرق» هو الذي لا يتوقّف عن الكتابة.

فيه يدوّن السينمائي اللبناني خواطره وأفكاره. كتبه باللغة الفرنسيّة، وترجمته ليلى الخطيب توما إلى العربيّة، وصدر أخيراً عن «دار آمار» Amers. «إنه لوسواس فريد من نوعه ذاك الذي يتحكّم بالناس الذين لم يعد لديهم ما يقولونه. وربما لم يكن لديهم في أي يوم من الأيّام ما يقولونه عن أي شيء، لكنهم يصرّون، يقول في نفسه».

«لديه هذه المتعة في الكتابة لأجل الكتابة، نوع من موعد شبه يومي يحدّده لنفسه». ينسى كلَّ شيء حوله، ويعود إلى الكتابة من جديد. خواطر يسجلها على دفتره الأسود، أو يستكمل تفاصيل مشهد سينمائيّ في فيلمه الجديد. يكتب صاحب «أطلال»: «لماذا الكلمات؟ يسأل نفسه. ألأنّ الكلمات هي أقلّ الأوجاع؟».

في جلسته المعتادة في ذلك المقهى، يرفع غسان رأسه لينادي النادلة، ومن دون أن تنتظر سماع طلبه، تأتيه به. ذاك المقهى البيروتي مقصود خلال النهار من عدد من الفنانين أو العاملين في مجال الفن، إلى درجة صار معظمهم من سكّانه. يلتقون من دون موعد، يتشاركون الأحاديث والهموم. «يقول في نفسه إنه سوف ينغلق على ذاته فلا يعود يرى أو يسمع أحداً، ينعزل». ينجز السينمائي اللبناني في «من كتاب الغرق» عملاً أقرب إلى مخطوطة غير منجزة. تجميع من دفاتر كتب عليها خواطر كثيرة، كتلك الشخصيّة السوداوية الوحيدة في شريطه الأخير «الجبل». نصّه شاعريّ، تماماً كأعماله السينمائيّة، كأنّه نشيد صخب داخلي، صبّ فيه صبره، وقلقه، وهواجسه الحياتيّة، ولحوار داخلي، نلاحظه عندما يكتب «يكرّر لنفسه»، و«يطمئن ذاته»، و«يدوّن أن»...

في ذلك المقهى البيروتي، يكتب، وينتظر. يعود فينظر إلى ساعته، ليتفقَّد الوقت، وينتظر عودة الكهرباء. «مع هذا يجد أنّ الأشياء تجري إما بكثير من البطء، وإما بكثير من السرعة، وأنّها أحياناً لا تعود تجري بتاتاً». يضع السماعات في أذنيه من جديد ويستمع إلى جون كايدج. بعيداً عن بيروت، قرّر أن يكتب فيلمه الجديد. «من المؤكد أنّ الحياة الحقيقية هي في مكان آخر، لكن: أين نحن إذاً؟ يسأل بقلق». كان قد سافر إلى مرسيليا أخيراً ليتفرّغ للكتابة. أراد أن يبتعد لفترة عن كلّ شيء، عن الناس، عن بيته، عن جسده في بيروت، وعن أفكاره. «عليه فقط أن يستعيد النغمة الداخليّة، لأنّ الموضوع بِرُمّته لا يتعدى ذلك، أي الإيقاع، يُطمئن نفسه».

الآن عادت الكهرباء، وأصبح بإمكانه العودة إلى البيت. يسكن هنا، قرب المقهى، على بعد أمتار. يحزم أمتعته ويمضي. «إلى السماء يرفع عينيه، إلى الأرض ينذر جلجلته، وبلا طائل يسلّم أمره إلى أخيه الإنسان، ويتمنع عنه». من نافذته يرقب المساحة وحيداً. الرطوبة في شقته تزعجه، وخصوصاً في الليل، فيعجز عن النوم. «حالة وعي دائمة، وعيٌ يعي نفسه بلا كلل. وعيٌ لم يعد يعرف ماذا يفعل بذاته». يحاول أن يغمض عينيه من دون جدوى. تعود الكلمات والصور والأفكار لتشغل باله. «ماذا؟ يسأل منتفضاً، هل سيكون الليل، الليل العميق والمؤرّق، رفيقي إلى الأبد؟ والأرق، عشقي الوحيد والدائم؟». ليل طويل، لن يغادره قبل أولى إشارات الصباح. ويبقى قلبه الضعيف سلاحه الوحيد. هناك رغم آلامه، يعلم أنّه ما زال يستطيع متابعة المراهنة على الحياة. «عندما نقع في الغرام (نحِبّ ونحَبّ)، نفكر أنّ ما من شيء خطر سوف يصيبنا، هكذا يفكّر». ثمّ يغمض عينيه...

الأخبار اللبنانية في

07/03/2012

 

من بوسطجي حسين كمال الى بوسطجي مايكل براتفورد

ابتسام يوسف الطاهر 

من الأفلام التي تركت انطباع رائع وإعجاب كبير بتكامل العمل، هو رائعة المخرج حسين كمال فيلم (البوسطجي) المنتج عام 1968 والمأخوذ عن رواية للكاتب يحيى حقي. فيعد هذا الفيلم إحدى أهم المحطات المميزة في السينما المصرية قصة واخراجا وتصوير وتمثيل، فيلم تتكامل فيه الرؤيا السينمائية الحديثة والواقعية، فيه جرأة الطرح وصدق نقل عالم يتوارى خلف أسوار الجهل والفقر والتخلف

يحكي الفيلم عن عباس البوسطﭽـي ( شكري سرحان ) الذي يُنقل حديثا من القاهرة الي قرية كوم النحل بأسيوط ليعمل ناظرا لمكتب البريد. قرية غارقة بالجهل واهلها منغلقون ينظرون لأي قادم من عوالم يجهلونها بريبة ورفض مبطن. فيعاني الغربة بسبب جهل أهالي القرية و تزمتهم و معاملتهم له بجفاء. ولعدم معرفته بكيفية مواجهة تلك العوالم، لم يقدر ان يتكيف أو يتعامل معهم بشكل معقول ليكسبهم. فبقي هو متعاليا عليهم متذمرا من كل شيء لاسيما من البيت الذي استأجره من العمدة، والذي كان مهجوراً.. فالبيت كان يشعره كما لو هو سجن لم تشفع سعته لتشعره بالارتياح فجدرانه متهدمة، ومشبع بالرطوبة، مما ساهم في إحساس البوسطجي بالكآبة، فينزوي في ركن صغير من البيت الكبير

لا الصور الإباحية التي لصقت على الجدران، ولا علاقته بالراقصة الغجرية (الغزية) استطاعت ان تخفف من حرمانه الاجتماعي والجنسي. فأهل القرية الذين يتربصون له ومنهم خادمه بالمكتب (حسن مصطفى) يهاجمون المنزل و يطردون الراقصة الغجرية و يفضحونه. وبالرغم من رفضهم لسلوكه، إلا أن أمنيتهم ان يفعلوا مثله. هنا يبين المخرج التناقض في شخصياتهم وازدواجيتهم بين المتعارف عليه من قيم وعادات وما يحتاجوه!

كذلك مكتب البريد (البوسطة)، بتكوينه وشباكه الحديدي الذي يخاطب من خلفه سكان القرية، يوحي هو الآخر كما لو ان البوسطجي سجيناً

وبسبب الملل الذي يعيشه ساعي البريد الغريب، وإحساسه بالمرارة من تعامل أهل القرية، وسخريته منهم من ان تكون رسائلهم ذات أهمية، يقرر فتح تلك الرسائل ومعرفة أسرارهم. فتلفت نظره رسالة من فتاة تدعي جميلة ( زيزي مصطفي ) الي حبيبها خليل ( سيف عبد الرحمن)ويقرر متابعه قصتهم التي يعرف منها ان الفتاه حامل منه وأنها تستنجد به ليأتي ليتزوجها. وبالفعل يتقدم خليل لوالدها (صلاح منصور) ليتزوج منها ولكنه يرفض لان الشاب رأي الفتاة وتعرف عليها عندما كانت تدرس بالمدرسة و هذا يتنافي مع التقاليد رغم ان الأب اغتصب خادمته و تسبب في قتلها.. عن طريق الخطأ يختم عباس احدى رسائل خليل فيضطر لإخفائها وعدم تسليمها للمرأة العجوز الوسيط التي تيأس ربما وتنقطع عن مكتب البريد.

وتصل رسالة لها من خليل لإنقاذها ولكن عباس لم يتمكن من تسليمه لها. حيث المرأة الوسيط التي كانت تستلم الرسائل تختفي، ويعجز البوسطجي من معرفة عنوانها أو أخبارها.

يعرف الأب ان ابنته حامل و يقرر قتلها فتهرب من البيت يطاردها الاب و يمسك بها و يقتلها ثم يحملها بين يديه سائرا في أنحاء القرية وسط صراخ والدتها وذهول أهل القرية. فيعرف عباس أنها الفتاة التي كان يبحث عنها لتسليمها خطابا جديدا من خليل ويدرك انه كان السبب في قتلها لعدم تسلميها الخطاب فينهار و يمزق الرسائل التي كانت معه وهو يعرف ان كل الرسائل لم يبق لها معنى أو جدوى مقابل الحب والبراءة والعواطف النبيلة الموءودة. ينتهي الفيلم بمشهد ساعي البريد يسير حزينا يائسا شاعرا بالذنب كما لو انه القاتل الحقيقي.

يتحدث حسين كمال عن أسلوبه السينمائي، فيقول: (...أسلوبي أستمده من العمل نفسه، آخذ المشهد وأذوب فيه، فالمشهد هو الذي يفرض عليّ الطريقة التي أنفذها به العمل المكتوب هو الذي يفرض ويحدد أسلوب المعالجة، حيث إنني أترك نفسي له تماما).

فحسين كمال، عندما أراد إخراج فيلم (البوسطجي)، سافر الى أسيوط وأقام ثلاثة أسابيع هناك، إضافة الى ذهابه الى قرية النحيلة، القريبة من أسيوط، يراقب ويتعايش مع جو الفيلم قبل البدء في الإخراج . فقد كان حسين كمال شديد الحرص على إظهار القرية بشكل واقعي صادق، ومختلف عن الشكل الذي ظهرت فيه فيما سبق من أفلام قدمتها السينما المصرية. كذلك استطاعت شخصيات الفيلم أن تقنعنا بمصداقيتها وأداء الممثلين الرائع لاسيما صلاح منصور.

بعد عقود من إنتاج ذلك الفيلم ومن عوالم أخرى تختلف تماما عن عوالمنا يظهر بوسطجي (ساعي بريد) آخر وفي قرية معزولة هي الأخرى تقريبا في جزيرة على شاطئ بحر في ايطاليا. يتحفنا الكاتب والممثل الرائع ماسيمو ترويسي (Massimo Troisi) بالتعاون مع المخرج البريطاني مايكل براتفورد بفيلم يشكل محطة للواقعية الشاعرية هو البوسطجي (Ilpostino) الذي تم انتاجه عام 1994.

كان ماسيمو ترويسي قد اطلع على مذكرات نيرودا والأيام التي قضاها في إحدى الجزر بعد ان نفته حكومة بينوشيت الدكتاتورية في السبعينات. فيكتب قصة البوسطجي ويتصل بالمخرج براتفورد ويطلب منه ان يطلع على القصة ويخرج الفيلم، بالرغم أن ماسيمو لا يقل ابداعا عنه كمخرج. فقد كان متميزا ككاتب وممثل ومخرج ايضا، لكنه كان يعاني من جلطة قلبية، مع ذلك صمم ان يلعب دور البطل الشاب الفقير العاطفي المعجب ببابلو نيرودا والذي يتأثر بأفكاره.

وبالرغم من تحذير الطبيب لماسيمو لكنه أصر على تأجيل العملية حتى ينتهي تصوير الفيلم، وكان له مااراد لكن المرض لم يمهله لير الفيلم حيث توفي بعد 12 ساعة من اتمام التصوير. عن عمر لا يتجاوز الـ41 في مسقط رأسه سان جورجيو في الجنوب الايطالي. وقد أطلق اسمه على أحدى ساحات المدينة التي ولد فيها.

تحكي قصة الفيلم عن صياد سمك (ماريو روبولو) لكنه يترك الصيد ليبحث عن وظيفة أخرى فلا يجد أمامه سوى وظيفة ساعي بريد "بوسطجي" فيتقدم للعمل وهنا تبدأ احداث الفيلم الذي أريد له أن يكون كوميديا تراجيديا شاعريا بنفس الوقت

في هذا التوقيت يكون الشاعر التشيلي الكبير (بابلو نيرودا) يكون قد وصل "إيطاليا" وبالتحديد إلى الجزيرة التي يعيش فيها ماريو الذي يتم تكليفه باستلام البريد من محبي بابلو نيرودا وتوصيله اليه. وهنا تبدأ العلاقة بين الشاعر والبوسطجي الفقير المحب للشعر

تم التصوير في مناطق خلابة رائعة الجمال على البحر بين الصخور والأشجار حتى الأحياء الفقيرة كانت أجوائها رائعة. زاد المشاهد جمالا أداء الممثلين العفوي لاسيما الممثل الرائع(Massimo Troisi) بتأدية دوره ببراعة تفوق الوصف بالرغم من الإجهاد الذي كان باد عليه، فقد لعب دور الشاب الفقير الخجول العاطفي، بعفوية جميله أشاد بها النقاد. كما قام الممثل البارع (Philippe Noiret) والذي ابدع من قبل في فيلم Cinema Paradiso . فقد قام بتأدية دور الشاعر(بابلو نيرودا) حيث يشبهه كثيراً، بدقة وتقمص رائع للشخصية.

الفيلم يطرح موضوع الصداقة والمحبة بين الشاعر المشهور وبين ساعي البريد، فيعامله بمودة واحترام، فيلجأ له ماريو ليكتب لحبيبته قصيدة عن لسانه، لكن الشاعر لم يسخر من طلبه بل يقدم له النصيحة وكراس ليكتب فيه ما يخطر بباله عن حبيبته. تلك العلاقة السامية التي تؤثر بساعي البريد ويتبنى أفكار الشاعر ويدافع عنها بل تمنحه الشجاعة ليقف بوجه مرشح المدينة ويقول له ببساطة انه سينتخب الشيوعيين. ويشارك بالمظاهرات التي ينظمها اليساريون ويستشهد في احدى المواجهات مع الشرطة. يزوره الشاعر نيرودا في زيارة للجزيرة بعد ان عاد لبلاده فيلتقي بزوجة البوسطجي باتريشا وابنه الصغير الذي سماه بابلو على اسم الشاعر.

هل للطبيعة الخلابة يد بجعل العامل البسيط متفهما محبا وشاعرا، وبجعل الناس هناك متعاطفين مع الشاعر المنفي لجزيرتهم ويقدمون له سبل الراحة.

أم أن القيم الحياتية والإنسانية تسمو بالإنسان حين تتوفر المعرفة والاستقرار الاقتصادي والسياسي ، وهذه لها يد بتطوير مداركنا وأفكارنا وتعاملنا مع المحيط!.

فمأساة عباس تقوده لفتح الرسائل فيدخل بمأساة اكبر ضحيتها تلك الفتاة البريئة الجميلة ليقتل معها الحب والأمل في القرية التي تصر على العزلة والتخلف

كنا نرى غرابة في موقفه، وقد اعتدنا على فتح رسائلنا لذا كنا نحرص على عدم ذكر أي إشارة أو رأي سياسي أو أدبي قد يفسر سياسيا، لئلا نوقع المرسل إليه بمشاكل هو في غنى عنها! لم نكن نعرف ان فتح الرسائل محرم في معظم بلدان العالم

بوسطجي حسين كمال كان أنانيا حين تجنب إيصال الرسالة التي طمغها خطأ بعد ان قرأها، خوف فضحه وقد يتسبب ذلك بفصله من الوظيفة! مع انه كان بالإمكان إيصالها دون أن ينتبه أحدا. لذا هو يمزق الرسائل الأخرى التي لم يكن لها أهمية بعد ان عجز عن توصيل أهم رسالة من ذلك الكم الذي يمزقه وينثره احتجاجا أو محاولة للتكفير عن ذنب يشعر انه شارك باقترافه. الفيلم على عمق الأوجاع فيه رأيت فيه احتجاجا على واقع اجتماعي متخلف ازدواجي حافل بالحرمانات، لكن إخراجه وتصويره والتمثيل العفوي الصادق جعلنا نريد أن نراه مرة أخرى حتى بعد مرور عقود على انتاجه ، كما لو هو إحدى الأغاني الكلثومية.

بينما بوسطجي مايكل براتفورد يشعر بفخر وزهو وهو يوصل أهم رسائل القرية، رسائل الشاعر العالمي نيرودا، تلك المشاعر تمنحه الثقة بالنفس والاعتزاز بالحياة ليكون صداقة مع الشاعر وليحب احدى جميلات القرية بل ليدخل معترك الحياة السياسية ويواجه انتهازي السلطة ويشارك بتظاهرات اليساريين. كل ذلك باطار كوميدي تراجيدي شاعري. فتخرج من الفيلم (الكوميدي الدراماتيكي) بقصائد ملونة مجسدة بشخوص الفيلم والمحيط البيئوي الجميل وابتسامة رضا كبيرة ترتسم على محياك وأنت تشعر انك تريد أن ترى الفيلم مرة أخرى كما لو هو أغنية عذبة بألحانها وكلماتها الفيروزية الرحبانية.

موقع "أدب فن" في

07/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)