حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

لقاء مع مدير مهرجان الفيلم الأمازيغي في الجزائر

مهرجان الفيلم الأمازيغي مكسب للسينما الوطنية و فضاء للتكوين السينمائي 

ضاويـة خليـفة – الجزائر

بعد أن ارتحل مهرجان الفيلم الأمازيغي بين سطيف، تملسان، سيدي بلعباس وولايات جزائرية أخرى، تقرر الإبقاء على الفعالية السينمائية التي تحتفي بالإنتاج الناطق بالأمازيغية بولاية تيزي وزو التي تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 105 كلم، و تعد أكبر منطقة يستقر فيها القبائل البربر لذلك تدعى منطقة القبائل الكبرى.

مهرجان الفيلم الأمازيغي منذ طبعاته الأولى شهد مشاركة قياسية لوجوه وشخصيات سينمائية دولية لها باع طويل ورصيد سينمائي كبير، تداول على استضافة عدة بلدان من مختلف قارات العالم من إيران وصولا إلى سويسرا، حاز المهرجان على تقدير، ثناء وإعجاب الوافدين عليه، سيما أنه ولد في مرحلة صعبة من تاريخ الجزائر غير أن إرادة القائمين على التظاهرة كانت أقوى من تلك الظروف رغم صعوبتها وخطورة المهام التي اتخذها فريق جاد على عاتقه طيلة 12 سنة، وجهد تكلل بترسيم المهرجان سنة 2005، واليوم تستعد ولاية تيزي وزو لاحتضان الدورة الجديدة من مهرجان الفيلم الأمازيغي الذي سيتوج بدوره أفضل الأعمال السينمائية ب''الزيتونة الذهبية'' الجائزة الكبرى للمهرجان.

و خلال هذا الحوار الذي جمع الجزيرة الوثائقية بالسيد محافظ الفيلم الأمازيغي حاولنا أن نتعرّف على هذه التظاهرة السينمائية و ما حققته بعد مرور أزيد من عشر سنوات على عمر المهرجان و ملامح الدورة الجديدة وتفاصيل أخرى سيكشف عنها الهاشمي عصاد في نص هذا الحوار .

·         هل لك في البداية السيد الهاشمي عصاد أن تقدم لنا نبذة عن مهرجان الفيلم الأمازيغي الذي يحتفي هذا العام بدورته 12 ؟

في الحقيقة مهرجان الفيلم الأمازيغي هو مكسب لترقية اللغة والثقافة الأمازيغية وكذلك السينما الوطنية، والملاحظ أن السينما الأمازيغية تحسنت ليس فقط من ناحية المواضيع المعالجة أو اللغة بل من الجانب الفني، السردي و الجمالي، و هذا مهم جدا لأنّ هناك عملا جادا يقوم به محترفو السينما، كون السينما الأمازيغية انطلقت في الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي بأعمال سينمائية لمحترفي جيل الاستقلال الذين كرسوا أنفسهم ووقتهم لإبراز بعد آخر من أبعاد الفن السابع الجزائري والمتمثل في البعد الأمازيغي وهذا مهم جدا وهنا يمكن أن أذكر ''شريف عفون''، ''عبد المالك بوقرموح'' وأسماء أخرى رسخت ملامح السينما الأمازيغية بقوة.

مهرجان الفيلم الأمازيغي تأسس سنة 2005 وهو أول مهرجان سينمائي بالجزائر رسّم من قبل وزارة الثقافة الجزائرية ليصبح اليوم مكسبا لترقية السينما الوطنية ببعدها الأمازيغي، و من أهم الأهداف التي يسعى المهرجان لبلوغها، ترقية السينما الجزائرية الناطقة بالأمازيغية، وإعطاء فرصة للمبدعين للتعارف وتبادل الخبرات في هذا المجال، نحن اليوم في الدورة 12 وعمل سنوات طوال والحمد لله أعطى ثماره و جعل من المهرجان فضاء سنويا يلتقي فيه المبدعون والمخرجون من محترفين وهواة.

اليوم نستعد لإطلاق الدورة 12 من المهرجان المرتقب عقدها في الفترة الممتدة من 24 مارس إلى 28 من نفس الشهر بولاية تيزي وزو وبعض المدن المجاورة لها كالأربعاء ناثي ايراثن، ذراع الميزان و عزازقة و بلديات أخرى تابعة لتيزي وزو، فقد بدأنا منذ مدة في تحديد شروط المشاركة، وقد أشرفت لجنة الاختيار على التصفية الأولى للمشاركين، في حين ستكون التصفية الثانية طيلة أيام المهرجان من قبل لجنة تحكيم تضم سينمائيين كبار  أكاديميين.

·     لجنة التحكيم العام الماضي استقبلت 37 فيلما من مجموع 60 عملا وصل إليها، فهل وصلتكم مشاركات أكبر هذه السنة، وهل ارتسمت لديكم ملامح الدورة 12 من المهرجان ؟

لحد الآن استقبلنا أكثر من 40 فيلما قمنا بالتصفية الأولى، و الآن نقوم ببرمجة الأفلام و توزيع النشاطات، ستكون معنا في الدورة 12 من مهرجان الفيلم الأمازيغي أفلام طويلة، و قصيرة من إنتاج جزائريين مقيمين بالخارج، سعيد أنا كون هناك وثبة نوعية في الأفلام القصيرة و الأفلام ثلاثية الأبعاد، فضلا عن العروض السينمائية هناك أنشطة سينمائية ستقام على هامش المهرجان من بينها يوم دراسي حول ''الدبلجة''، و اختيارنا لهذا الموضوع جاء بناء على ما نراه في الميدان، ففي السنوات الأخيرة شهدت منطقة القبائل حركية كبيرة و طلب متزايد على الأفلام المدبلجة، إذن أردنا أن نواكب هذه الديناميكية بتنظيم يوم دراسي وإعطاء الفرصة لأهل الاختصاص وممن لديهم اهتمام بالدبلجة لتكوين أنفسهم أكثر والتزود بمعارف جديدة في هذا الميدان، و لأجل كل هذا أبرمنا عقد شراكة مع معهد كندي مختص ليعطي خبرته في المجال، أيضا تزامنا واحتفال الجزائر هذه السنة بالذكرى الخمسين لعيدي الاستقلال والشباب سنبرمج أيضا ملتقى هاما جدا حول ''علاقة السينما بالثورة الجزائرية'' بالإضافة إلى إقامة بعض الورشات التكوينية و أنشطة أخرى ستقام على هامش المهرجان، سيكشف عنها أيام قليلة قبل انطلاق فعاليات الدورة 12 من مهرجان الفيلم الأمازيغي.

·     المهرجان في عديد الطبعات بما فيها طبعة العام الماضي سجل ''غياب'' إن صح القول للأفلام الطويلة عن المنافسة مما دفع لجنة التحكيم إلى حجب الجائزة الكبرى ''الزيتونة الذهبية'' و لعل السبب الرئيسي حسب تصريح ورد على لسانكم هو نقص التمويل ما تعليقكم على ذلك ؟

صحيح فالأفلام الطويلة تتطلب دعما ماليا كبيرا، نحن استقبلنا هذا العام فيلمين مدعومين من قبل وزارة الثقافة، وفي ذلك دلالة على أن العمل الجاد بدأ في السنوات الأخيرة، لكن حبذا لو تحدث مفاجأة الدورة الثامنة التي أقيمت بولاية ''سطيف'' أين تم ولأول مرة في تاريخ السينما الجزائرية مشاركة خمسة أفلام طويلة مدعمة من قبل الدولة فكانت دورة سطيف من أنجح دورات المهرجان.

هذا العام لدينا أمل في استقبال ثلاثة أفلام طويلة وهنا يجب أن لا نهمل مشاركة الأفلام القصيرة أو ننقص من دورها لأن هناك أناس مختصون في هذا المجال ومواهب تستحق الدعم والتشجيع، هناك أيضا أفلام الورشات، على فكرة أنا منبهر من أداء و كفاءة الشباب الذين أنجزوا أعمالا قيّمة خلال ورشات الفيلم الأمازيغي في طبعاته السابقة أو في فضاءات أخرى في عديد المهرجانات السينمائية عبر الوطن كتاغيت، بجاية و غيرها من التظاهرات السينمائية التي تقام في مختلف ربوع الوطن، فنحن من واجبنا طبعا أن نعطي أهمية لهؤلاء الشباب خلال أيام المهرجان.

·     من العوامل التي تؤمن بها محافظة المهرجان ضرورة تنشيط النوادي السينمائية التي تعمل من جهتها على إعادة الجمهور لقاعات السينما فإلى أين وصلتم بهذا المشروع ؟

استقطاب الجمهور إلى قاعات السينما هو عمل يتطلب تكاثف الجهود والتعمق في الوضع، صحيح هي من مهام المهرجان لكن هي في نفس الوقت مهمة مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالمدرسة، دور الشباب و المراكز الثقافية وكذلك دور السينمائيين، فمن جهتنا قمنا بعدة مبادرات لتفعيل نوادي السينما لأن تفعيل السينما الوطنية يتم في القاعدة من طرف نوادي السينما التي تجلب الجمهور إلى صالات العرض، ولهذا تبنينا سنة 2009 مبادرة هادفة، أسسنا خلالها أول ملتقى وطني لنوادي السينما لكل الولايات، و نقوم بمتابعة مستمرة له وكل عام يحضر عدد كبير في إطار المهرجان وحينها يجري تقييم العمل السنوي فبين 2009 إلى 2012 تم تأسيس 24 ناديا سينمائيا فعالا يقوم بنشاطات سينمائية في القرى والمدن ومختلف ولايات الوطن، شخصيا أظن أن نوادي السينما هي القاعدة الأساسية لتفعيل المشهد السينمائي واستقطاب الجمهور إلى  قاعات السينما.

كانت لنا مبادرة في المجال أين نظمنا في وقت سبق تظاهرة أسبوعية في سينماتيك الجزائر العاصمة وأسميناها ''سبت الأفلام'' موعد دوري أسبوعي يلتقي فيه السينمائيون لكن للأسف النشاط دام شهرين و من بعد توقف لعدم توفر القاعة بشكل مستمر، لكننا رغم كل ذلك سنضاعف المجهود والنشاط معا، هناك كذلك مجهود مؤسسات الدولة، وزارة الثقافة لترميم الصالات واسترجاع القاعات الغير مستغلة وفي هذه الحالة يمكن الحديث عن دور نوادي السينما في تنشيط وتفعيل صالات العرض.

·     في الطبعة العاشرة خرجتم بجملة من التوصيات، أبرزها إعداد مشروع خاص باعتماد ''شهادة ماستر'' في السينما الأمازيغية فهل توصلتم اليوم لتحقيق جزء من هذا الطموح؟

نعم صحيح هذه كانت من بين أهم التوصيات التي تم صياغتها، فقد أردنا تحسيس المحيط الجامعي لمدينة تيزي وزو بإمكانية إدراج و تلقين الفن السابع في الجامعة، تجربة كانت قد بدأت في جامعة الجزائر بتوأمة مع جامعة '' مونبلييه'' الفرنسية، وأنا شخصيا استفدت من هذه التجربة وتأطير سينمائيين محترفين من الجزائر وفرنسا، أظن أننا نستطيع إعادتها في كل الأقطاب الجامعية كجامعة تيزي وزو، مستغانم، عنابة وغيرها من الجامعات الجزائرية، لأن الظروف ملائمة كون الجانب التكويني لم يأخذ حقه والاهتمام الكامل في الجامعة الجزائرية والتربية الوطنية، فنحن نؤمن من منطلق تجربتنا بمكانة الصوت والصورة في المدرسة و الجامعة وفي قطاع التكوين المهني، و هذا هو العمل الجاد الذي نبحث عنه لندعمه ونسعى للتحسيس بأهميته، بالتعاون مع الشركاء لأن المهمة ليست مسؤولية قطاع الثقافة وحده، فإنعاش السينما يجب أن يكون بتحسيس كل المحيط لكي نعود للواجهة كما كنا سنوات السبعينيات، فالانتعاش السينمائي يكون وفقا لقاعدة أساسية وهي تكريس فضاءات التكوين خدمة للفن، وهذا ما نفتقده وما ينقصنا حتى الآن فبالجزائر وفي سنة 2012 لا توجد معاهد تلبي رغبة الشباب السينمائي وتضمن له تكوينا سينمائيا سليما، عدا معهد فنون العرض و السمعي البصري ببرج الكيفان ومعاهد أخرى قليلة، فتجد هواة السينما يبحثون عن فرص التكوين بعواصم أخرى كتونس، المغرب، وباريس، ففي هذه الحالة يجدر بنا أن نشتغل أكثر على جانب التحسيس لتجسيد هذا المشروع المتمثل في التكوين.

الجزيرة الوثائقية في

23/02/2012

 

عذابات سجن ابو غريب

الأذلال ايقونة العصر العولمي الجديد

طاهر علوان 

"اريد ان اظهر الحقيقة المرعبة الكامنة خلف ظاهر الأشياء " بهذه الكلمات يتحدث المخرج الكبير "ايرول موريس " عن مغامرته في اخراج هذا الفيلم والوقت الطويل الذي استغرقه في انتاجه ووقوف شركة عملاقة هي شركة سوني وراء انتاجه على اعتباره  انتاجا ضخما يخرجه الفائز بأوسكار احسن فيلم وثائقي عام 2003 عن فيلمه "ضباب الحرب" ...كلماته تجد صداها في شكل فيلمي مختلف لقضية اشكالية هزت الرأي العام الأمريكي والعالمي ومازالت صور ابو غريب وقد تحولت الى ايقونات شاهدة على عصر عولمي جديد من الهيمينة قائم على الأذلال الذي عبرت عنه فضائع السجن والأنتهاكات الفاضحة التي ارتكبت فيه من وجهة نظر القانون الجنائي ولوائح وقوانين حقوق الأنسان .

يتعامل موريس مع "الحقيقة" في فيلمه الذي نحن بصدده الآن والذي يختصر بالحروف S.O.P  او "Standard Operating Procedure  " وهو مصطلح يستخدم في تنفيذ العمليات النفسية والحربية وحتى الجنائية التي تخضع لقانون خاص وتفويض خاص ، يتعامل موريس مع الحقيقة على انها فكرة للبحث واعادة القراءة واعادة التحليل والنظر ، فهو غير معني باستخدام الوثيقة الفيلمية اداة لأختلاف سياسي او التشهير بجهة دون اخرى ، الفيلم بشكل عام وهو  يمتد زمنا الى قرابة الساعتين وطاف العديد من المهرجانات العالمية وعرض على نطاق واسع في الولايات المتحدة ومازال موضع درس ونقاش ، هذا الفيلم ينحو منحى مختلفا عما عرض من تفاصيل تلك الوقائع ، فأدانة الجريمة امر محسوم وعلى فرض ان الأدارة الأمريكية اتخذت اجراءاتها في محاكمة المتهمين بارتكاب تلك الفضائع الا ان  القصة تتعدى ذلك الى البحث الموازي واستجلاب الحقائق من زوايا ومنطلقات اخرى تحاكم الظاهرة .

هذه الخلفية والأطار العام للفيلم هو الذي يؤسس لوثيقة فيلمية مختلفة ليس مهما ان تعيد او تكرر المسلمات بقدر اهمية ان تخرج ب" رؤية ما" مختلفة تجعل الفيلم جديرا بالأهمية والمشاهدة .

وفي واقع الأمر ان المسألة لدى موريس تذهب بعيدا في انجاز المعالجة الفيلمية الى مستويات وتنويعات متعددة فمن جهة هنالك الخلفية الأعلامية الدعائية التي رافقت تلك الفضيحة التي تفجرت بانتشار اكثر من عشرة الاف صورة عن عمليات التعذيب والترويع والقتل في محيط سجن ابو غريب الواقع على بعد 30 كيلومترا غرب بغداد والذي كان بالأمس السجن المركزي للحكومة العراقية تحت نظام صدام حيث كان يعج بآلاف السجناء الجنائيين والسياسيين على السواء وكانت تتم فيه ايضا عمليات الأعدام .

والحاصل ان ظهور اسمه الى الواجهة كان صدمة بالنسبة للعراقيين بسبب الذكرى المريرة والمحزنة التي علقت في اذهانهم عن ذلك السجن الرهيب  لتأتي الولايات المتحدة فتنفق ملايين الدولارات من اجل تأهيله وممارسة الفعاليات التي كان يمارسها النظام الذي اتت لتخليص العراقيين منه بحسب ماتقول .

ولعل "العذاب والتعذيب " بمعطاه السيكولوجي لوحده ستكون له تلك المساحة الواسعة والأنعكاسات على طريقة  المعالجة الفيلمية للموضوع وطريقة تناوله بسبب ارتباطه عضويا بالوجود البشري وكونه علامة السقوط التي وصمت كثيرا من مراكز القوى والسلطة والحكومات والممالك والأمبراطوريات ففعل الأيذاء في منحاه السيكولوجي الفيزيائي هو مقترب بالغ الحساسية في المعالجة: من يعذب ولماذا وكيف وتحت اية ظروف ومن هم الضحايا ؟ هذه القصص في المعالجة الفيلمية هي التي تحقق التوازن في الرؤية وهو توازن لم يتحقق حتى الساعة في اي فيلم عن وقائع سجن ابو غريب بسبب غياب افادات الطرف الثاني وهم الضحايا وهو مايتداركه موريس في معالجته لأنه يستنطق القائمين على التعذيب ويمضي سنوات في تتبعهم ومحاولات اقناعهنم وقد اغراهم بالمال ودفع لهم  لكي ينقلوا حقيقة ماجرى على الأرض من  فضائع.

يركز موريس على مايمكن ان اسميه " سايكولوجيا الأذلال " ، الأذلال الممنهج ولكنه كما ظهر في الفيلم اذلال عبثي وافعال غرائبية سمجة تنضح بها افادات كثير من المتورطين فيها فهم تائهون في تلك الدوامة مابين واقع وجدوا انفسهم ازاءه واوامر صارمة بانتزاع الأعترافات وهو الذي يظهر من خلال كم المقابلات مع المجموعة التي ظهرت في واجهة الفضيحة وهم كل من : لندلي انغلاند – الوجه الأشهر في القصة مع صديقها وعشيقها غارنر الذي حملت منه وهي في داخل السجن ، جافال ديفيس ، جيرمي سيفيتيس، ميغان غارنر، سابرينا هيرمان ، جانيس كربنسكي.هذا يالأضافة الى تشارليس غارنر الذي منع من الظهور في اية مقابلة تلفزيونية وهو الذي كان يقود حفلات  التعذيب واشكال الأذلال وصولا الى التسبب في موت سجناء تحت التعذيب . يظهر الفيلم ان اول من فضح ماجرى في سجن ابو غريب هو الرقيب "سام بروفانس " من الأستخبارات العسكرية والذي عمل في السجن للمدة من سبتمبر ايلول 2003 وحتى شباط فبراير 2004 وهو الذي كسر حاجز الصمت وفضح ماجرى وتحدث بجرأة الى الصحافة وقد شكلت المعلومات التي ادلى بها والصور التي نشرها صدمة للجميع مما حدا بالسلطات الأمريكية الى ابعاده ومعاقبته .

لكن الملفت للنظر هي تلك القراءة المختلفة لبروفانس لهذا الفيلم اذ يقول في احدى المقابلات الصحافية:" لقد اصبت بخيبة امل من هذا الفيلم لأنه ببساطة لم يمض الى الغوص في قاع الحقيقة الآسن بل لامس الظاهر فقط وقصص الجنود والحراس وصغار الرتب من الذين سقطوا في الأخطاء المتتالية بسبب جهلهم والنقص في تدريبهم وضعف خبراتهم ".

هذه الأسئلة والجدل حول الفيلم وانتقادات بروفانس للفيلم لم تكن بعيدة عن ذهن المخرج الذي يقول ببساطة: " لقد قمت في هذا الفيلم بأكبر عملية تحري طوال حياتي واردت ان اصنع فيلم رعب ولكن فيلم رعب غير درامي".

ويضيف موريس :" انا حالي حال اولئك ذوي الرتب الصغيرة لكنني من موقعي كمخرج اريد ان اظهر الحقيقة المرعبة الكامنة خلف ظاهر الأشياء".

في كل الأحوال تبدو قصة العذابات في سجن ابو غريب لاتسعها مساحة فيلمية امدها ساعتان ولا كل القرائن اوالأدلة التي اراد بروفانس اظهارها لأنها متشعبة ومعقدة وكثيرة وتتشابك فيها الأسئلة حول المجريات والوقائع ومن الذي وقف وراءها وهي اسئلة اراد موريس ملامستها والأجابة عنها بهذه الدرجة او تلك .

مذكرات سابرينا : تنويع على القلق والرعب

من العناصر الفيلمية التي لفتت نظري هي عرض افادات  القائمة القصيرة من الضالعين في التعذيب لكن مذكرات المجندة الشابة في الشرطة العسكرية "سابرينا هيرمان " هي اكثر ما يلفت النظر في طريقة المعالجة فطريقة الكتابة (نوع الخط) الذي كتبت به سابرينا اشبه بخط تلاميذ المدارس وحتى الرسوم التي رافقت صفحات المذكرات التي تشبه رسوم الأطفال ، وحتى ملامح تلك المجندة التي تبدو في بعض احاديثها شبه مغفلة او مستغفلة وكأنها تروي عن لعبة ماشاركت هي فيها اذ تعجز عن الوصول الى اي انفعال يذكر على عكس آخرين ممن شاركوها تلك الحفلات السادية .

هذا مقطع  من مذكراتها التي ظهرت على الشاشة  :" للمرة الأولى يلفت نظري رجل عار تماما وملابسه الداخلية وضعت فوق رأسه وذراعاه اعيدتا الى الخلف وربطتا بالشباك وكان ذلك هو السبب الذي دعاني لألتقاط اول صورة فوتوغرافية ".

من على صفحات سابرينا ينقلنا المخرج الى معادلات صورية لعملية تفجير مروحية فوق السجن ، لوقائع وصول سابرينا  وانغماسها مباشرة من الآخرين في حفلات التعذيب والترويع ، لمشاهد دخول الكلاب البوليسية الى حفلات الرعب ونهشها اجساد السجناء ، لغرفة المقصلة والشنق ، كل ذلك ترويه سابرينا في صفحات مذكراتها التي تظهر بخط يدها وهي تكتب لنفسها ولزوجها واسرتها .

عاملوهم كما تعاملون الكلاب

لعل رمي الأتهامات يمينا وشمالا والنأي عن المسؤولية المباشرة هو مقترب آخر عمد  موريس الى تسليط الضوء عليه ولعل الرقيبة " جينس كربنسكي" كانت من اكثر الوجوه التي ارتبط ت بها فضائع سجن ابو غريب باعتبارها كانت المسؤولة الأدارية التنفيذية في السجن وتشعر في النهاية انها كانت تنفذ الأوامر فحسب ومن ينبغي ان يحاسب على تلك الفضائع هو من اصدر الأوامر فهي تروي مثلا وقائع زيارة وزير الدفاع السابق رامسفيلد الى السجن مباشرة بعد مقتل نجلي الرئيس العراقي السابق عدي وقصي والبرنامج الذي نظم له للتجوال في اقسام السجن وصولا الى غرفة تنفيذ احكام الأعدام لكنه يفاجئ الجميع بقطع جولته ومغادرة المكان سريعا مخلفا وراءه الجنرال ميللر الذي جاء بأمر من رامسفيلد مصحوبا بحشد من الخبراء في التعذيب وادارة السجون في افغانستان وغوانتانامو وقال بشكل واضح كما تروي كبرينسكي:

" يجب عليكم ان تعاملوا هؤلاء السجناء كما تعاملون الكلاب " حتى تحول السجن الى اكبر مركز للأستجواب والتحري في العراق .

ويروي مجند آخر قائلا :" لقد تم اعدادنا نفسيا على اننا امام اعداء شرسين يريدون قتلنا ويجب معاملتهم بكل الأساليب التي تتناسب مع اوضاعهم كمجرمين ..وكان من بين اولئك سجين جيء به وعومل بالطريقة القاسية نفسها دون ان نعرف تحديدا ماهي جريمته ثم ليتضح فيما بعد انه مجرد سجين عادي كان ثملا وتكلم بعبارات ما وجيء به الى السجن بالصدفة ولقي مالقيه زملاؤه من تعذيب اضافة الى اعتقال ابناء المطلوبين من الأطفال لأجبار آبائهم على تسليم انفسهم".

تتحول الصور الفوتوغرافية في هذا الفيلم الى فاعل مؤثر يحتل جل المساحة البصرية اذ يعوم الخطاب الفيلمي في بحيرة  من الصور وكأنه شعور من البلبلة والحيرة مفاده : من اين نبدأ ، من اي مفصل من مفاصل العملية الحربية – النفسية – البوليسيةالسادية ، فكل منها يستحق وقفات مع غزارة المادة الفيلمية التي توصل اليها موريس والتي عمقتها المقابلات مع جميع المتورطين .

الصور الفوتوغرافية وجدها موريس مخرجا من التورط بعيدا في عملية انتاج خطاب سياسي يدين اشخاصا بعينهم ولهذا كان حذرا بما فيه الكفاية لكن المخرج و في احاديث صحفية عبر عن هدفه من الفيلم اذ كان قد قال مرار انه يسعى الى ان يتوصل الجميع الى الحقيقة وان يدان الجميع بصرف النظر عن رتبهم العالية وليس فقط التضحية بأصحاب الرتب العسكرية الدنيا .

الصورة الفوتوغرافية واين ومتى وكيف التقطت ومن التقطها ظلت لعبة من الفانطازيا الفيلمية التي لجأ اليها موريس وهو يقول:" انه نوع جديد من الأدوات الأتصاليه هو هذه الكاميرات الرقمية التي تلعب هذا الدور للمرة الأولى ، هذا لم يحصل من قبل ، والأمر ليس متعلقا بالفوتوغراف  بل بالحقيقة ، فالصور نعم هي  جلبت العار لأمريكا الا انها افضل من ان تجلب العار للحقيقة ، كل شيء مخفي وانت لاترى ولا تعلم شيئا لولا تلك الصور الفوتوغرافية".

في هذه الدائرة التي تتحول فيها الوثيقة الصورية الى اللاعب الرئيس يتوقف المخرج عند محطات اخرى موازية للصور الفوتوغرافية وهي صور الفيديو التي تجري معالجتها على انها احداث ترى وقائعها من ثقب الباب كتلك الروايات التي جاءت بها المجندة انجلاند التي لعبت دورا مهما في حفلات التعذيب وكانت تدفع السجناء للأستمناء وتكوين هرم وهم عراة وسحبهم على الأرض وتنفيذ عمليات الأيحاء بالغرق فيما كان عشيقها مولع بتوجيه اللكمات القاسية الى وجوه السجناء في اثناء تعريتهم والتبول عليهم .

العودة الى اشكال بدائية من الأذلال هي الخلاصة في صنع تلك الأيقونة البصرية المسماة "عذابات في سجن ابو غريب " فكرة الأذلال هي التي يؤكد عليها موريس مرارا عند تعليقه على فيلمه هذا وخاصة في حديثه  الى مجلة "دير شبيغل الألمانية " في ربيع العام 2008 وابان العرض الأول للفيلم في مهرجان برلين السينمائي اذ قال  : " اذا كانت الحرب على العراق هي حرب للأذلال وهو ماانا مقتنع به تماما ، انها حرب اذلال فعلا واننا كسبنا الحرب بأذلال العراقيين واستخدمنا الجنديات الأمريكيات للقيام بهذا العمل فأن الحقيقة هي ان ماتم القيام به هو اذلال للحكومة الأمريكية نفسها واذلال للشعب الأمريكي لأنهم مارسوا الأذلال على الرتب الصغيرة عندما عاقبوهم اوالقوا بهم في السجن".

الجزيرة الوثائقية في

23/02/2012

 

يرصد الظاهرة التي تسببت في توتر الأوضاع عقب ثورة يناير

فيلم مصري يدافع عن "البلطجية".. ويعتبرهم ضحايا

القاهرة - عمر عبدالجواد  

فرض الانفلات الأمني بمصر وانتشار ظاهرة البلطجة نفسها على الدراما المصرية، ويتنافس المنتجون لتنفيذ أفلام سينمائية تعكس الوضع الحالي بمصر، لكن لم يقدم أحد المنتجين على تلك التجربة التي خاضتها مجموعة من الهواة بفيلم روائي قصير مدته 7 دقائق بعنوان "البلطجية" من تأليف وإنتاج وإخراج أسامة بركات، وتولى فريق العمل كتابة السيناريو.

ويرصد الفيلم ظاهرة البلطجة داخل المجتمع المصري، التي أسهمت بشكل فاعل في توتر الأوضاع بمصر عقب نجاح ثورة يناير. ويتبنى موقفاً وهو أن البلطجي هو ضحية الظروف التي دفعته إلى هذا الطريق.

والتقت "العربية.نت" بطل الفيلم محمد سليمان، الذي شرح أن الفيلم يرصد عالم البلطجية وظروف نشأتهم والدوافع النفسية التي تؤثر فيهم، وغيرها من التفاصيل.

ويجسّد سليمان في الفيلم شخصية الدكتور كريم الشاب الذي يعود من عمله مع زوجته التي تقوم بدورها الفنانة نجلاء، ويشاهد على إحدى الطرق السريعة شخصاً ملقى على الطريق وغارقاً في دمائه، فيتوقف لعلاجه رغبة منه في إنقاذ حياته، ثم يفاجأ بمجموعة من البلطجية يخرجون عليه، ويقومون بمحاولات للاستيلاء على ممتلكاته هو وزوجته، فيبدأ بالتحاور معهم لإقناعهم بأن مصر تغيرت، وأن عليهم أن يتغيروا كي يحصلوا على حقوقهم.

وأشار سليمان الى أن الفيلم يعد الأول في سلسلة الأفلام التي يعدون لها حالياً، وتتعلق بالظواهر التي استجدت على المجتمع المصري نتيجة الحراك الثقافي والاجتماعي والثوري.

وقال: "هناك عمل آخر نقوم بالإعداد له حالياً يتناول وهم الفتنة الطائفية، من خلال رصد العلاقة القوية التي تربط بين الأقباط والمسلمين".

وتؤكد الفنانة نجلاء أن مشاركتها في فيلم "البلطجية" أسهم في إشباع رغبتها الفنية، مشيرة إلى أن "هناك ظروفاً تقف وراء تحول البعض إلى عالم البلطجة".

وناشد أبطال العمل الجهات المسؤولة عن الإنتاج السينمائي بضرورة الاهتمام بالأفلام التسجيلية القصيرة وبثها على شبكة الإنترنت.

وشارك في بطولة الفيلم محمد نصر، ويحيى أحمد، والطفل الصغير نجل المخرج أسامة بركات.

العربية نت في

23/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)