حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينما فشلت في تقديم أفلام الأسرة..

محمود ياسين: جدّو حبيبي يستحق المشاهدة

كتب: القاهرة – هند موسى

نجم من زمن الفن الجميل، قدم أفلاماً كثيرة رسخت في أذهاننا وتعلقنا بها، يتميز بثقافة شديدة ودراية عالية، ويرى أن الفنان من دونهما لا يستحق هذا اللقب. على رغم مكانته، فإنه لا يجد حرجاً في المشاركة في أعمال نجومها من الشباب، إذ يعتبرهم القوة المحركة للسينما التي تعاني الانهيار منذ أعوام.

الفنان القدير محمود ياسين العائد بعد غياب عامين في فيلم «جدو حبيبي»، يتحدث في اللقاء التالي.

·         أخبرنا عن دورك في فيلم «جدو حبيبي»؟

أجسد شخصية رجل أعمال مسن يعيش وحيداً، يُصاب بمرض يدخل بسببه المستشفى. في هذا الوقت، يُفاجأ بعودة حفيدته الوحيدة من لندن بحثاً عن الميراث، وبمجرد أن يراها يشعر أنه شفي تماماً. هنا، يتضح أنه لم يكن مريضاً بقدر ما كان يعاني الوحدة التي أفقدته الرغبة في الحياة، وتدور المفارقات في الفيلم بسبب الفرق بين جيليهما.

·         على رغم أن دورك يبدو تراجيدياً إلا أنك قدمته بطريقة كوميدية، كيف تمكنت من ذلك؟

لم يتحقق ذلك بمجهودي وحدي، فالعمل متميز فعلاً ويتضمن إمكانات النجاح كافة، من سيناريو جيد وفكرة متميزة في إطار كوميدي، ذلك يعود إلى مؤلفته زينب عزيز فهي كاتبة متميزة ولديها أفلام تؤكد قدراتها وتمكنها من تحقيق حالة إبداعية في كتابة السيناريو السينمائي بلغة مبتكرة ورؤية حديثة.

·         كيف وجدت أول تعاون بينك وبين المخرج علي إدريس؟

إدريس ليس بمخرج بسيط، فهو متخرج في أكاديمية الفنون وقدم أعمالاً كثيرة شديدة الأهمية فحقق قفزة في الإبداع السينمائي، وشكَّل مع زوجته المؤلفة ثنائياً رائعاً خلف الكاميرا لما لديهما من لغة وتقنيات عالية حتى وصلا إلى نضوج ووعي فني. لذلك، عندما عُرض عليّ السيناريو وعرفت فريق العمل وافقت فوراً، وأظن أن روح التفاهم بيننا ظهرت على الشاشة.

·         هل يمكننا تصنيف الفيلم على أنه من نوعية أفلام الأسرة؟

على رغم أنه يعرض العلاقة بين جد وحفيدته، إلا أن الفيلم لا يمكن حصره في هذا الإطار، فلا يشترط وجود أفراد من عائلة واحدة في عمل واحد كي ندخلهم في هذا التصنيف، فضلاً عن أن أفلام الأسرة ليست تتعلق في تقديم أحداث بين أسرة معينة (أب وأم وأحفاد) فحسب، فقد تعرض توجهات فكرية في الحياة والسياسة والاقتصاد والاجتماع أو قضايا ومشاكل عامة تهم الجميع.

·         لماذا نفتقد لوجود مثل هذه النوعية من الأفلام؟

فشلت السينما في تقديمها، لكن لا يؤخذ عليها ذلك لأن هذا الفن حالة إبداعية لا يجب تقييدها بأفكار للأسرة وأخرى للشباب، بل يفضل البحث عن أفكار جديدة تحاكي المجتمع.

على رغم أنك والنجمة لبنى عبد العزيز من جيل واحد، إلا أنكما تعملان معا لأول مرة. كيف وجدت هذا اللقاء؟

لبنى فنانة قديرة لها رصيدها الكبير من الأعمال، ما جعلها صاحبة خبرات عظيمة تسكن في وجدان المصريين كلهم، وقد تشرفت بالعمل معها وهي أضافت روحاً هادئة مثل روحها إلى الفيلم.

·         ما رأيك في بشرى كمنتجة وممثلة؟

بشرى واحدة من فتيات مصر المبدعات، إذ تملك وعياً وقيماً ثقافية عالية. فنياً، أرى أنها مخلصة لعملها وحريصة على تطوير إمكاناتها وتسعى إلى الحصول على أفكار مبتكرة لبناء سيناريو جيد شديد التميز لتقديم سينما راقية.

·         أنت نجم كبير، ألم يقلقك العمل مع شركة إنتاج جديدة؟

لست حديث العمل في مجال الفن كي أحتار في الجهات التي أتعاقد معها، ولدي أدوات كثيرة تساعدني على اتخاذ القرارات، في مقدمها الفكرة الرئيسة التي يقوم عليها موضوع العمل والتي اختارتها شركة الإنتاج، إضافة إلى السيناريو الجيد. للحق، وفرت «نيوسينشري» كل ما يحتاجه الفيلم.

·         هل ترى أن توقيت عرض الفيلم مناسب؟

كلنا كنا نتمنى ألا يعرض الفيلم في هذا الوقت لينال ما يستحقه من استجابة جماهيرية، لكن الظروف العامة التي تمر بها البلاد العربية تكبت طموحات أي شخص يحاول تقديم فيلم وعرضه في هذه الأوقات. في المقابل، ليس خياراً صائباً تخزين الفيلم في العلب.

·     يلاحظ المتابع لأعمالك اهتمامك بالتواصل مع جيل الشباب. قدمت «الجزيرة» مع أحمد السقا و{عزبة آدم» مع فتحي عبد الوهاب و{الوعد» مع آسر ياسين، والآن «جدو حبيبي» مع بشرى. هل تحرص على ذلك؟

علينا أن نؤمن بأن «السينما فن شاب»، وبمتابعة التاريخ السينمائي لكل فنان، سواء كان كاتباً أو مخرجاً أو ممثلاً، نجد أن المرحلة العمرية التي تميز فيها وحقق أهم أعماله هي فترة الشباب. لكن هذا لا يعني أن الكبار لا أهمية لهم، بل لا بد من الاعتراف بأن السينما فن شاب ينمو ويزدهر في وجود هذه الفئة ولا يعيش إلا في حراك مع النجوم الكبار وأنا واحد منهم.

·         ما هي معايير قبولك للأدوار؟

أن تحمل رؤية الفيلم إضافات إلى احتياجاتنا المجتمعية السياسية والاقتصادية والإنسانية، وفي حال غيابها لا أشارك في العمل لأنه لا يستحق أن ألوث تاريخي به.

·         ما رأيك في حال السينما المصرية بعد ثورة 25 يناير؟

يغضبني هذا السؤال بشدة! مصر بلد رائد في صناعة السينما، وعلى رغم هذا نفتقد وجود سينما حقيقية منذ حوالى 11 عاماً، تحديداً منذ أن دخل إلينا الاقتصاد الحر الذي أوصلها إلى حد الانهيار التام وأصبحت «في الشارع» بلا راع.

·         كيف يمكن التخلص من هذه المشكلة؟

لا بد من أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في التسويق لأفلامنا، إذ يفترض أن تكون لنا أسواق على مستوى العالم العربي والقارات الخمس، لكن أين نحن من هذا كله؟

·         كيف ترى الإنتاج السينمائي في مصر؟

نحن في كارثة كبيرة. بعدما كنا نقدم 120 فيلماً، يتراوح عدد الأعمال التي نقدمها منذ سنوات بين خمسة وعشرة أفلام لصالح مجموعة من أكبر شركات الإنتاج أبرزها «الشركة العربية»، على رغم ما نملكه من أستوديوهات عظيمة هي «مصر» و{النحاس» و{الأهرام».

·         ماذا عن أعمالك الجديدة؟

لم أتعاقد بعد على أي عمل مقبل، واكتفي بمتابعة ردود فعل الجماهير والنقاد على فيلمي الأخير والحمد لله سعيد بجميعها.

الجريدة الكويتية في

17/02/2012

 

دريد لحام: لم أكن زوجا مثالياً

كتب: القاهرة - مصطفى ياسين  

هو طفل كبير، عاشق للتمرد، حالم حائر، زوج مسالم مشاغب من الطراز الأول، ساخر على الدرجة نفسها. بدأ من الصفر وأصبح فوق القمة، درس الكيمياء فحقق معادلة النجاح، وضع الوطن في قلبه وأزال الحدود.

صاحب مسلسلي «عقد اللؤلؤ» و{صح النوم» ومسرحيّة «شقائق النعمان»  الذي يعترف بأنه لم يكن زوجاً مثالياً. إنه دريد لحام مع حفظ الألقاب.

·         ما أبرز بيانات بطاقتك؟

اسمي الكامل دريد محمد حسن اللحام  من مواليد حي الأمين عام 1934، وهو أحد الأحياء القديمة في دمشق. كان والدي يعمل في محلّ للبقالة، ووالدتي مريم مرعي من بلدة مشغرة اللبنانية. حصلت على بكالوريوس العلوم في جامعة دمشق (تخصص فيزياء) ومتزوج من هالة بيطار، وأولادي ثائر وعبير ودينا، وأتشرف بأنني جد لثمانية أحفاد.

·         ما معنى دريد؟

شخص عديم الأسنان على رغم أن أسناني كاملة، ثم كان شاعر في العصر الجاهلي يدعى دريد الصمة، وهو أحد أشهر شعراء المعلقات.

·         كم عدد أخوتك؟

دزينة وترتيبي السابع بينهم.

·         هل كانت طفولتك سعيدة؟

بل تعيسة. تحملت المسؤولية مبكراً لأساعد في نفقات أسرتنا الكبيرة، فعملت في مهن وبعت أقلام رصاص وعلب كبريت، ثم عملت في محل للحدادة، واشتغلت «ترزياً» و{مكوجياً» وبائع أقمشة، وتعلمت أن الكفاح أول خطوة في طريق النجاح.

·         هل تذكر أول راتب حصلت عليه؟

خمسة قروش، حصلت عليها لقاء عملي مع أحد الحدادين وكان عمري ثماني سنوات. شعرت يومها بأنني أملك ثروة كبيرة، ربما تخفف من سهر والدتي وراء ماكينة الخياطة حتى مطلع الفجر، ذلك أن والدي كان يغلق دكانه في الشتاء ويشدّ رحاله ليأتي بحمل فحم يضيفه إلى بضائعه، قبل أن يبدأ لاحقاً في الاعتماد عليّ.

·         هل كنت متفوقاً في الدراسة؟

تخرجت في مدرسة الأمين الخيرية، وكنت أول من نال شهادة الإعدادية بين أخوتي، مع أنني كنت الأصغر بين الذكور.

·         هل ثمة صور محفورة في ذهنك عن تلك الفترة؟

بالطبع، لا سيما عندما اجتمعت العائلة وقررت التضحية من أجلي، فعمل أخوتي لأتابع أنا تعليمي. فعلاً، حصلت على البكالوريا وفزت بمنحة دراسية في الجامعة لحساب دار المعلمين العليا براتب 137 ليرة سورية، وعندما تقاضيت راتبي الأول اشتريت لوالدتي سخاناً للطعام يعمل على فتيل زيت بدلاً من وابور الغاز.

·         وفي الجامعة؟

لم أكن أتخلى عن ارتداء جاكيت قديم لأخفي رقع البنطلون، وتخرجت فيها عام 1958.

·         ماذا عن قصص القلب في تلك المرحلة؟

لم تكن لدي مؤهلات جمالية أو مادية تسمح بأن أقع في الغرام، فعشقت الفن، ووقفت على مسرح الجامعة للمرّة الأولى في دور فتاة استشهد والدها في فلسطين، لعدم وجود فتيات يوافقن على التمثيل.

·         بعد التخرج، أي ميدان طرقت؟

أصبحت مدرساً لمادة الكيمياء في الجامعة وفي المدارس الثانوية.

·         هل تذكر أول «علقة» في حياتك؟

كانت صورة جدي معلقة على حائط مرتفع إلى جانب «السندرة» التي تحوي أواني المربى، وفي يوم أحضرت عصا وصعدت على السلم وضربت صورته لأنبهه على وجودي، فانكسرت الأواني وتغير لون الحائط بعدما دهنه المربى من السقف حتى الأرض، فأخذت علقة ساخنة لن أنساها.

·         هل ضربت أولادك؟

مرة واحدة، عندما كذب عليّ ابني ثائر وستّرت عليه أخته عبير فضربت الثلاثة على رغم أن دينا لم تفعل شيئاً كي لا يشعروا بالتفرقة في هذه السن الصغيرة، ثم بدأت أشجعهم على الصراحة وعدم الكذب.

·         ما أكبر صدمة في حياتك؟

يوم وفاة أمي، كنت أعتقد أن الأم لا تموت.

·         ماذا تعلمت منها؟

الكفاح وعدم الحقد والحب. كانت تعلمنا، ببساطة مشاعرها، القيم الجميلة في الحياة.

·         والوالد؟

كانت هيبته واضحة وتمتع بحضور طاغ، وكنا نخاف منه حباً وليس خوفاً.

·         لو التقطنا صورة من ألبوم طفولتك، ماذا سنرى فيها؟

ستراني أنا وأخوتي نصحو أكثر من خمس مرات في الليل لنراقب أمي الساهرة في حياكة الملابس أو ترقيعها، وكيف كان بنطلون أخي الأكبر يتنقل إلى شقيق آخر، حتى يصلني في النهاية بعد محاولات أمي لتجديده، لأن ألوانه ضاعت مع الزمن.

·         كيف تزوجت؟

قبل أربعين عاماً، كنت مسؤولاً عن فرقة الفنون الشعبية في التلفزيون السوري فأعجبتني شخصية فتاة في الفرقة وتبادلنا نظرات الإعجاب من بعيد، واستمرت قصة الحب الصامتة لمدة عامين إلى أن تشجعت وطلبت هالة للزواج.

·         أيهما أهم في الزواج: العقل أم القلب؟

الحب طبعاً، لكن مع تحكيم العقل.

·         هل أنت «بيتوتي»؟

جداً.

·         ورومنسي؟

إلى أبعد الحدود.

·         هل تحمل زوجتك ملامح والدتك؟

لا يمكن لأحد أن يحلّ مكان الأم. زوجتي مثالية ويكفي أنها تحملت الكثير مني، لذلك أعترف بأنني لم أكن زوجاً مثالياً.

·         هل تذكر صورة لك وأنت أب؟

عندما كان أولادي في سنّ صغيرة، لم يكن دخلي يكفي لإطعامهم خبزاً، فكنا نشتري في العيد ثياباً قديمة من محلات الألبسة القديمة، وكان يكرمنا أصحابها بغلق أبوابها علينا ونحن في داخلها حتى لا نُحرج. لكن في إحدى المرات رأني أحد الأصدقاء وسألني: «شو غوار بتلبس من البالة؟»، فأجبته: «لا لكن تلزمني ثياب للتصوير».

·         بالمناسبة، كيف ابتكرت شخصية غوار؟

كنت مغرماً بالفن الإسباني (الفلامنكو) فأطلقت على نفسي اسم كارلوس بوند المشهور بقميصه المكشكش، إلا أن الجمهور لم يحبها لأنه كان يريد شخصية من تراثه، فتعمقت في التراث الشامي إلى أن اهتديت إلى  شخصية غوار بطربوشه وقبقابه وسرواله.

·         متى تلتقي أحفادك؟

في أي وقت، وثمة يوم معين يجتمع فيه شمل الأسرة.

·         من المرأة التي تجذبك؟

نصف الذكية ونصف الغبية.

·         هل تذكر أول مرة غنيت فيها؟

في مسلسل «صح النوم» (1973) وكانت أغنية «ست الحبايب يا أمي».

·         ما سر هدوء أعصابك ودبلوماسيتك؟

دبلوماسيتي نوع من الأدب في التعامل، أما الأعصاب فغضب داخلي ولا أحب أن ينفجر كي لا أجرح المحيطين بي، سواء في العمل أو في البيت، وأكتمه في أعماقي.

·         كم رصيدك في الفن وفي البنك؟

رصيدي الفني 25 فيلماً وست مسرحيات وتسعة مسلسلات، ورصيدي في البنك الستر.

·         ما ألوانك المفضلة؟

الأبيض والأزرق والأصفر.

·         هل تواجه المشاكل أم تهرب منها؟

أواجهها حتى آخر قطرة في عمري.

·         هل تجيد العزف على آلة موسيقية؟

تعلمت العزف على البيانو والدرامز في فرقة الجامعة السورية في الخمسينيات، وشاركت أكثر من مرة في أسبوع الجامعات في القاهرة، أثناء الوحدة بين مصر وسورية، ونلت الجائزة الأولى في العزف على الدرامز، وكان عمري 19 عاماً.

·         هل تهوى السهر؟

أعشق النوم باكراً عملا بالمثل القائل: «نام بكير وفيق بكير وشوف الصحة كيف تصير».

·         ما المشاهد التي تضحكك؟

المقالب لأنني أحبها.

·         ما أهم كلمة في قاموس شخصيتك؟

النظام واحترام الوقت.

·         ماذا تكره؟

السياسة.

·         هل لديك أصدقاء؟

قليلون، ويجعلني ضيق الوقت مقصراً معهم.

·         هل أنت غامض؟

أنا كتاب مفتوح.

·         ما الصفة التي تعتز بها في شخصيتك؟

العناد.

الجريدة الكويتية في

17/02/2012

 

بين الواقع والأفلام… نهايات الحكام!

محمد بدر الدين 

في لحظة مرور عام على خروج، أو خلع، حاكم مصر الأخير من المشهد السياسي، تحت وقع هتاف الجماهير الثائرة لمدة 18 يوماً: «ارحل»، نستطيع أن نتأمل كيف صورت السينما المصرية «نهايات الحكام»، وبينهم الذين أجبروا على المغادرة جبراً، بصورة أو أخرى.

شاهدنا نهايات حكام تجبروا وطغوا، لم يأتوا من قلب صفحات التاريخ المعروف، لكن كان السينمائيون يرمزون بهم إلى كل حاكم تجبر وطغى، كما في «لاشين»، وكان الرمز فيه واضحاً موجعاً إلى حد أن رقابة نظام العهد الملكي قبيل ثورة يوليو 1952 منعت عرضه، ولم تُكتشف قيمته الفكرية والسياسية والفنية إلا لاحقاً بعد سنوات طوال!

في فيلم آخر هو «وإسلاماه» من الإنتاج المصري، وإن كان لمخرج أجنبي، شاهدنا صفحات من صراع دولة المماليك، وفي الوقت ذاته جولات من الصراع الوطني ضد هجمات التتار.

في «وإسلاماه» المأخوذ عن نص للأديب علي أحمد باكثير، نشهد نهاية شجر الدر (تحية كاريوكا) على يد غريمتها، بقسوة وعنف، في الحمام، حتى الموت، ويذكر التاريخ دوراً وطنياً لها وإسهاماً حقيقياً في إدارة معارك البلاد ضد التتر، خصوصاً عندما أخفت نبأ موت زوجها حاكم مصر كي لا تتأثر معنويات الجند أثناء القتال، وتحملت هي موقف إدارة شؤون الحكم بجسارة واقتدار.

الملكة المصرية الأخرى التي تضارع شجر الدر في الشهرة هي «كليوباترا» التي كتب عنها الشاعر المصري الأكبر أحمد شوقي مسرحيته المعروفة، وقدمت عنها السينما الأجنبية أكثر من فيلم. لكن يبقى الألمع حتى الآن الفيلم الذي قامت ببطولته إليزابيث تيلور. أما في السينما المصرية فلم نرَ بعد اقتراباً من تلك الشخصية المثيرة لجدال دائم، بقصة حبها للقائد الروماني أنطونيو ونهاية عصور الإغريق في مصر بعدها، وأخيراً نهايتها الفاجعة بالانتحار بسم أفعى في موقف مأساوي لنهاية وهزيمة في قصة حب وقصة حرب.

من التاريخ القديم والوسيط إلى الحديث والمعاصر، نرى أفلاماً اقتربت من نهايات الحكام، أحياناً «بسينما متسرعة»، إن جاز التعبير، كما في «ألمظ وعبده الحامولي» للمخرج حلمي رفلة ومن بطولة المطربين وردة وعادل مأمون والقدير حسين رياض الذي أدى شخصية اسماعيل خديو مصر، ولم يكن الفيلم موفقاً ولا جاداً بما يستحقه التاريخ ولا حتى ما يستحقه مكانة هذا الخديو، الذي له من الإيجابيات الكثير مثلما له من الأخطاء الكثير، فهو الوحيد في أسرته الحاكمة الذي حاول النهوض بالبلاد نهضة شاملة، إلى جانب مؤسس الأسرة محمد علي وابنه ابراهيم باشا القائد العسكري الفذ، ولم ترد الدراما في مصر الاعتبار إلى إسماعيل إلا في ما بعد في دراما المسلسل التلفزيوني المرموق «بوابة الحلواني» (الثلاثي الناصر: المؤلف محفوظ عبد الرحمن والمخرج إبراهيم الصحن والبطل محمد وفيق)، فذكرت ما لهذا الحاكم من إنجاز إلى جانب ما عليه من مآخذ.

توقفت السينما المصرية بجدية أمام نهاية الملك فاروق، آخر حكام أسرة محمد علي، سواء بتصويرها الواضح كما في «الله معنا» عام 1954 للمخرج أحمد بدرخان والكاتب إحسان عبد القدوس وضمن أبطاله فاتن حمامة وعماد حمدي، أو بالاقتراب من تلك النهاية من دون تصويرها كما في أفلام «رد قلبي» للمخرج عز الدين ذو الفقار عن قصة يوسف السباعي، و{القاهرة 30» للمخرج صلاح أبو سيف عن قصة نجيب محفوظ، و{شروق وغروب» للمخرج كمال الشيخ عن قصة جمال حماد… وغيرها.

أما جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو التي أطاحت بذلك العهد الملكي، فالسينما المصرية لم تقدم رحيله المفاجئ عام 1970، وإن صوّرت لقطات حقيقية وثائقية من جنازته المهيبة التي وصفت بـ «جنازة القرن» كما في «عودة الابن الضال» (1976) الذي أخرجه يوسف شاهين وكتبه صلاح جاهين، وهو الفيلم الوحيد الذي مثلته المطربة الكبيرة ماجدة الرومي في مستهل مشوارها، إلى جانب محمود المليجي وشكري سرحان وهدى سلطان وغيرهم.

الفيلم الوحيد الذي قدمته السينما المصرية عن قائد ثورة يوليو هو «ناصر 56»، أخرجه محمد فاضل وكتبه محفوظ عبد الرحمن وقام ببطولته أحمد زكي، وقد اختار مبدعوه في تناولهم مائة يوم من سيرة قائد الثورة، كان يستعد فيها لإعلان قراره التاريخي بتأميم قناة السويس عام 1956، وتوجت بمقاومة الشعب المصري الباسلة تحت قيادة الثورة للعدوان الثلاثي الاستعماري، الذي دحر في 23 ديسمبر من العام نفسه.

لكن فيلماً آخر، غير مصري، هو «جمال عبد الناصر» للمخرج السوري أنور القوادري، صور نهاية الزعيم على فراشه وقدم لحظات الوداع برهافة، خصوصاً عبر الأداء الموفق الدقيق لعبلة كامل في دور زوجة القائد، وجاء هذا المشهد ناضجاً في فيلم تراوحت مشاهده كثيراً في مدى الاتقان.

كذلك قدمت السينما المصرية نهاية أنور السادات في الاستعراض العسكري و{موقف المنصة» المعروف في 6 أكتوبر 1981، حيث أودت نيران طلقات جند من الجيش المصري بحياة الرجل، في فيلم «أيام السادات» إخراج محمد خان وبطولة أحمد زكي، اعتراضاً بالعنف على مجمل سياساته، خصوصاً معاهدة الصلح المنفرد مع تل أبيب. ولم تخل السينما المصرية من تقديم نهاية حكام عرب غير مصريين، مثل نهاية الإمام أحمد حاكم اليمن الذي أطاحت به ثورة الشعب اليمني، في «ثورة اليمن» إخراج عاطف سالم، وقام بدور الحاكم الممثل المتميز المقتدر صلاح منصور.

سوف تشهد السينما المصرية بالتأكيد مزيداً من تصوير نهايات الحكام، خصوصاً نهاية مبارك في موقف صنعه الشعب وعاشه في 11 فبراير 2011، وهو موقف نادر إن لم يكن فريداً في التاريخ السياسي المصري، لذلك سيكون لافتاً متفرداً في مستقبل الفن السينمائي المصري.

الجريدة الكويتية في

17/02/2012

 

لعنة التأجيل تصيب الأفلام ونجومها

كتب: القاهرة – هبة الله يوسف  

يبدو أن لعنة التأجيل تصيب أفلاماً دون غيرها، وقد تطارد البعض لسنوات طويلة حتى تتحول إلى أفلام «منحوسة» بحسب التعبير الشعبي الشهير.

تأجل فيلم «ابراهيم الأبيض» لأحمد السقا ومحمود عبد العزيز وهند صبري لسنوات لأسباب إنتاجية، وشابته مشاكل بعد عرضه. كذلك تأجل «الديلر» للأسباب نفسها، وقبل العرض نشبت خلافات بين بطليه أحمد السقا وخالد النبوي كان نتيجتها تبرّوء الأول من الفيلم.

مع أن التجهيز له بدأ قبل الثورة، إلا أن فيلم السقا «المصلحة» توقف تصويره حوالى خمس مرات، لأن قصته تمجد وزارة الداخلية المصرية التي تشارك قياداتها في إنتاجه، ولأن نجومه الثلاثة (أحمد السقا وأحمد عز وزينة) أدرجوا على القائمة السوداء بعد معاداتهم للثورة في أعقاب 25 يناير. بعد ذلك، توقف التصوير لأسباب إنتاجية قبل أن يستأنف الأبطاله التصوير. لكن لا يعلم أحد حتى اليوم مصير الفيلم وإن كان سيجد شركة تتحمس لتوزيعه أم سيظل حبيس العلب، كما فعل الموزعون مع «ريكلام» عندما رفضوا توزيعه لأن بطلته غادة عبد الرازق على رأس القائمة السوداء أيضاً.

أسوار القمر

منذ ثلاث سنوات بدأ تصوير «أسوار القمر» من بطولة منى زكي وآسر ياسين وعمرو سعد، ولم ينته لغاية اليوم. يتردد أن السبب الحقيقي لتوقفه مرات عدة هو خلاف بين منتجه محمد حفظي وموزعه وليد صبري الذي هو شريك في الإنتاج أيضاً، بعدما بلغت موازنته 25 مليون دولار، وهو مبلغ رفضه صبري مطالباً حفظي، في حال إصراره على استكمال الصوير، بأن يتحمل جزءاً من النفقات المالية. هنا، تدخّل مخرج الفيلم طارق العريان لحل الأزمة، ليس باعتباره مخرجاً فحسب بل بوصفه شريكاً في الإنتاج، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، وتوقف الفيلم بعد الانتهاء من تصوير أكثر من 80 بالمئة من مشاهده.

كذلك يحضر في اللائحة نفسها «لحظة ضعف» لمصطفى قمر، فعلى رغم أن التجهيز له بدأ منذ عامين، إلا أن تصويره توقف مراراً بسبب مشاكل إنتاجية بين الشركة المنتجة وبطله الذي رفض تخفيض أجره، وبعد تجاوز هذه المشكلة بدأ التصوير ليتوقف مجدداً، ولا يعرف أحد ما إذا سيستكمل.

لا ننسى أيضاً «يوم للستات»، أحد الأفلام التي توقفت قبل التصوير على رغم الانتهاء من التجهيز لها. كان من المقرر أن تخرجه كاملة أبو ذكري وتؤدي بطولته إلهام شاهين وغادة عادل التي اعتذرت فاستبدلت بنيللي كريم.

تنتج الفيلم شاهين، ولغاية اليوم لم يبدأ تصويره لأسباب تتعلق بعدم حماستها لتجربة الإنتاج في ظل الظروف الراهنة.

كذلك طاول التأجيل المستمر «إشاعة حب» الذي كان سيشهد عودة عمر الشريف إلى السينما بعد «حسن ومرقص»، لكنه تأجل لأسباب إنتاجية أيضاً.

في هذا الإطار، يؤكد أحمد عز أن الممثل لا يتحكم في عجلة الإنتاج السينمائي، مضيفاً أنه لا يغضب بسبب التأجيل لأنه قد يكون خيراً. بدورها، ترى إلهام شاهين أن التأجيل قد يكون في صالح الأعمال لأنه يعطي الممثل والمخرج وصناع الفيلم فرصة لإجراء تعديلات والتجهيز بشكل جيد. وتوضح غادة عادل أن ثمة أعمالاً ينال منها الحظ السيئ، مع ذلك تؤكد أنها لا تتشاءم من التأجيل لأن العمل قد يخرج في النهاية أفضل من الأفلام التي تم الانتهاء منها بسرعة.

الجريدة الكويتية في

17/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)