حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

إكس

فنانو الثورة: لاتراجع

بقلم : فايزة هنداوي

 

عام كامل مر منذ اندلاع شرارة الثورة المصرية في 25 يناير2011، التي شارك فيها عدد كبير من الفنانين، بعضهم شارك منذ اليوم الاول وبعضهم انضم للثوار بعد ذلك، شهد هذا العام تطورات كثيرة علي الساحة المصرية كما شهد ايضا تطورات في مواقف هؤلاء الفنانين، فكيف مر عليهم هذا العام ومدي تأثرهم بما حدث وما موقفهم في ذكري 25 يناير؟ مخاطر الفساد كان عمرو واكد من أوائل الفنانين الذين شاركوا في الثورة، وقد بدأ بعد الثورة في تأسيس جبهة سياسية جديدة للم شمل من شاركوا في ثورة ''25 يناير'' الذين ليست لديهم ميول حزبية، وأطلق علي هذه الجبهة اسم ''الجبهة القومية للعدالة والديمقراطية''، مرجحاً احتمالية تحولها إلي كيانين، حزب سياسي وجمعية أهلية. وقال واكد: إن ''الجبهة'' تشكلت لتحقيق أهدافها ومواجهة مخاطر القوي السياسية الفاسدة وانها تضم أطيافا مختلفة من الشعب المصري، وستتقبل أية أيديولوجيات طالما لا يتبني أصحابها العنف أو التخوين أو التكفير أو رفض الآخر وأضاف أنه والعديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين قرروا تشكيل هذه الجبهة بعدما شعروا بوجود مخاطر علي ثورة ''25 يناير''، حيث تسعي العديد من القوي إلي توظيف الزخم الثوري بما يتعارض مع مبادئ الثورة وطموحات الثوار. ونوه إلي أن الجبهة تضم العديد من الشخصيات العامة والقضاة والمحامين والحقوقيين والمهندسين والسياسيين والبسطاء، فضلا عن أصحاب توجهات أيديولوجية مختلفة مثل اليسار والليبراليين والوسط والتيار الديني. وكان عمرو واكد حاضرا بقوة في كل الفعاليات بعد ثورة 25 يناير وكانت له عدة مواقف منها موقفه بخصوص عرض فيلم «18 يوم» في مهرجان كان وهو الفيلم الذي شارك واكد في بطولته بعد ثورة 25 يناير وهو عبارة عن عشرة افلام لعشرة مخرجين تؤرخ للثورة . حيث قرر عمرو عدم حضور فعاليات الاحتفالية الخاصة بثورة مصر في مهرجان كان. بعد ان تعرض الفيلم لعدد كبير من الانتقادات بسبب مشاركة عدد من الفنانين المعروفين بموالاتهم للنظام السابق، واقترح سحب الفيلم من العرض في احتفال مهرجان كان بهذا الشكل، وعدم عرضه في المهرجانات في أية أطر تخرج عن المسابقات الرسمية، حتي تخرج مشاركته في هذه المهرجانات علي أساس إمكانياته الفنية وليس علي أساس استثماره للثورة. كما رفض عمرو واكد المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، مؤكدا ان الثورة لم تكتمل بعد، وان هذه الانتخابات هي خطوة في سبيل القضاء علي الثورة. وعن خطواته الفنية قال واكد انه انتهي من تصوير دوره في فيلم فرنسي جديد بعنوان «الطيور المهاجرة» الذي تم تصوير معظم مشاهده بجنوب افريقيا وفرنسا. كما استقر واكد أخيرًا علي اسم لفيلمه الجديد الذي كان قد انتهي من تصويره مع المخرج إبراهيم البطوط حيث اختار له اسم «الشتا اللي فات» بعد أن كان قد صور جميع مشاهده بدون الاستقرار علي اسم مناسب له. وأوضح واكد أن البطوط يعكف حاليا علي مونتاج الفيلم استعدادًا لعرضه في أقرب وقت. يستعد عمرو واكد كذلك لمهرجان الاقصر الدولي للسينما الافريقية، حيث وقع الاختيار عليه ليكون عضوا بلجنة تحكيم الافلام القصيرة. مشاركات سياسية خالد ابو النجا ايضا كان علي رأس الفنانين المشاركين في احداث الثورة منذ بدايتها، وخالد معروف بمشاركاته السياسية قبل 25 يناير، حيث كان من اكثر داعمي البرادعي في مطالبه بالتغيير، وما زل ابو النجا يشارك في كل فعاليات الثورة من تظاهرات واعتصامات حتي الان، وقد اكد ان الثورة ما زالت مستمرة. ورفض خالد تخوف البعض من صعود التيار السياسي الإسلامي في المجتمع المصري، مؤكدا أن مصر لن تماثل النموذج التركي ولا الإيراني، بل ستكون نموذجا مصريا، وكان خالد يعلن موقفه بشكل واضح من جميع الاحداث علي الساحة وخلال هذا العام كان خالد يعلن مواقفه بوضوح من كل ما يحدث، حيث اذاع علي مدونته مقطع فيديو يساند فيه العمال المصريين ويدعمهم في وقفتهم السلمية امام مبني مجلس الشعب، عقب حصولهم علي حكم محكمة بالحد الأدني للأجور. كذلك طلب الزواج بالفتاة التي سحلت في ميدان التحرير وقال ابو النجا: إن طلبه للزواج بالفتاة المسحولة علي موقع التواصل الاجتماعي تويتر لا يزيد علي كونه موقفا سياسيا تعبيرا عن رفضه لتعريتها من قبل قوات الشرطة العسكرية وأكد أبو النجا أنه سيشارك في يوم 25 يناير لنصرة الثورة المصرية ورفع الظلم عن شباب الثورة ومحاكمة مبارك وحسين طنطاوي وسامي عنان وبقية أعضاء المجلس العسكري، وقيادات الجيش والداخلية المتورطة في قتل أو جرح أو إرهاب المصريين. يذكر أن آخر ما قدم الفنان خالد ابو النجا كان فيلم ''ميكروفون''، وشاركته في البطولة الفنانة منة شلبي، ومن إخراج احمد عبد الله. مواقف واضحة خالد الصاوي ايضا كان من الفنانين أصحاب المواقف الواضحة ، وقد شارك في ثورة 25 يناير بقوة ابتداء من جمعة الغضب حيث كان يهتف علي كوبري قصر النيل مطالبا بسقوط النظام وتعرض للرصاص والغاز والقنابل المسيلة للدموع وشارك المعتصمين في الميدان، وحول ذكري 25 يناير، قال الصاوي: إن هناك من سيحتفل بذكري اول اعياد الكرامة المصرية ومشيرا الي انه يطالب باستكمال الثورة وتحقيق جميع اهدافها كما يعلن الصاوي احتجاجه علي البطء في تحقيق العدل. خالد الذي يصف نفسه بـ «الاشتراكي الثوري»، شارك بعد الثورة في تأسيس حزب التحالف الشعبي «الثورة مستمرة». أما قبل الثورة، فكان عضواً في مركز الدراسات الاشتراكية في «تيار التجديد الاشتراكي» الذي شارك في تأسيس أحزاب يسارية، وبعضها ليبرالي، «لأنهم اختاروا طريقاً يحقق التوازن بين الصلابة الثورية والمرونة العملية» بحسب الصاوي الذي يرفض تحقيق كسب مادي من وراء العمل السياسي المنظم، فاهتمامه بالشأن العام يقتصر-كما يقول- علي التطوع في العمل السياسي، «لأنه واجب وطني»، ولا يخشي تأثير السياسة علي فنّه لأنه يفصل بينهما. اختيار شعبي وتعليقا علي الانتخابات البرلمانية الأخيرة قال الصاوي: إن الشعب من حقه أن يختار، وإن كانت اختيارات خاطئة أو مضلَّلة، هذه ليست نهاية الكون، بل هي خطوة علي الطريق، وعن تمدّد الإسلاميين علي مسرح الأحداث، يري أن السبب هو تصوّر الشعب الذي عاش في ظل الديكتاتورية، أن من يرفع راية الدّين هو الجسر الحقيقي إلي الخلاص والإصلاح، علي رغم أن الشعب يضم أطيافاً وألواناً مختلفة، وكذلك النخبة والجيش. لكنه ضد فكرة تأسيس الأحزاب علي المظاهر الدينية أو العلمانية، حتي لا يضلَّل الناس، وتُقتل الحرية والديمقراطية لا يتخوف الصاوي من صعود «الإخوان المسلمين» إلي رأس السلطة ما دام ذلك نتيجة انتخابات نزيهة تعكس إرادة الشعب. لكنه ينتقد فكر الإسلاميين في إدارة شئون البلاد بشعارات دينية، ويدافع عن قيام دولة مدنية وفصل الدين عن السياسة، أياً كانت القوي الحاكمة. وبخصوص تصاعد الأحداث في ميدان التحرير وإصرار الشعب علي الاعتصامات، يرفض التصدّي لإرادة الشعب ورغبته في ملاحقة الفساد، معتبراً أنها «تجسيد اجتماعي وسياسي للثورة، وأي تنكر لها يعد خيانة للوطن». خالد الصاوي لم يكن الفنان الوحيد الذي قرر المشاركة في الحياة السياسية المصرية بشكل مباشر ، حيث خاض عدد من الفنانين الانتخابات البرلمانية الاخيرة مثل الفنانة تيسير فهمي التي اسست حزب "المساواة والتنمية " وخاضت به النتخابات البرلمانية الا انها خسرت في مفاجأة غير متوقعة حيث كانت من أوائل الفنانين الذين نزلوا للميدان وطالبوا مبارك بالتنحي السريع من رئاسة الجمهورية ولم تغادر الميدان إلا بعد التنحي، كما عادت للميدان مرة أخري اخيراً في مليونيات الإنقاذ ومعركتي شارع محمد محمود ومجلس الوزراء. استياء وأعربت تيسير فهمي عن استيائها مما شهدته الانتخابات هذا العام مما وصفته بـ «تجاوزات قام بها مرشحو التيارات الإسلامية من دعاية أمام اللجان وتوجيه للناخبين باستخدام الشعارات الدينية»، واعتبرت «أن هذا مخالف للقانون بجانب العديد من المخالفات التي تم ارتكابها ولم يتم التحقيق فيها». ولا تختلف كثيرا حالة الفنانة هند عاكف التي أعلنت أن العمل السياسي كان وسيظل حلم حياتها الذي سعت له كثيرا وكانت تتمني أن تنتقل مصر لمرحلة من الديمقراطية الحقيقية وأكدت انها شاركت في ثورة 25 يناير ورافقت الثوار في ميدان التحرير في الأيام الأولي والأصعب لثورة 25 يناير وهذا ماشجعها علي الانضمام لحزب مصر القومي الذي كان يرأسه طلعت السادات الذي رحل قبل الانتخابات بأيام قليلة وذكرت أنها خاضت في دائرة جنوب القاهرة تجربة صعبة في هذه الانتخابات، حيث واجهت إهمالا كبيرا من الحزب وفوجئت باضطهاد كثيرين لها وتعمد مجهولين إزالة البوسترات الدعائية لها في منطقة المقطم التي ترشحت عنها. ولكنها عادت لتؤكد أنها سوف تكمل المسيرة، وسوف تخوض التجربة من جديد في انتخابات مجلس الشوري المرتقبة أما الفنانة بسمة فقد أكدت انها ستشارك في يوم 25 يناير للمطالبة باستكمال الثورة لتحقيق جميع اهدافها . موقف واضح وكانت بسمة من داعمي البرادعي ، وقد اعلنت موقفها اكثر من مرة قبل الثورة ، وكان من ابرز ما تعرضت له بسمة خلال العام الماضي هو اعتراف الناشط السياسي عمرو حمزاوي بحبه لها في مقال شهير كتب في شهر أغسطس الماضي حمل اسم "اشك" وذلك بعد تعرض الثنائي لحادثة سطو مسلح خلال توجههما لحضور سحور رمضاني مع اعضاء الحزب الذي يباشر حمزاوي إجراءات تأسيسه، ومن ذلك الوقت التزم كل من حمزاوي وبسمة الصمت علي الرغم من ظهورهما سويا في أكثر من مكان. ضغوط عصبية المخرج احمد ماهر الذي كان ضمن المشاركين في الثورة اصيب مؤخرا بجلطة في قدمه اليسري، وقال إن السبب هو الضغوط العصبية التي يتعرض لها مؤخرا بسبب ما تتعرض له الثورة المصرية من محاولات للتشويه مؤكدا ان الثورة ستظل مستمرة، وعلي الصعيد الفني كان «ماهر» قد عرض له فيلم «المسافر» بطولة عمر الشريف وسيرين عبد النور، بعد ثلاث سنوات من اخراجه، وقال ماهر إن السبب في هذه التأجيلات وفي الحملة التي تعرض لها الفيلم هو معاداته للنظام السابق ودعمه للبرادعي، وقد شارك ماهر مؤخرا في جبهة الابداع المصري، وكان لماهر راي في مسالة وصول الإخوان للحكم حيث اكد انه لا داعي للذعر الشديد الذي ينتاب الفنانين، مؤكدا ان الفن ينتصر علي جميع المعوقات والدليل برأيه النهضة التي حدثت في السينما الإيرانية رغم الحكم الاسلامي. بدورها أكدت جيهان فاضل أنها شاركت في يوم 25 يناير ليس احتفالا بذكري الثورة ولكنها شاركت لان الثورة لم تكتمل، وكانت جيهان قد تعرضت لاتهام بالتحريض علي التخريب في احداث محمد محمود، وعلي الصعيد الفني أبدت جيهان سخريتها الشديدة من قلة الأعمال المعروضة عليها وعلي زملائها الفنانين الذين شاركوا في الثورة المصرية في 25 يناير 2011، حيث قالت: "يبدو أن المنتجين يعتبروننا ثواراً ولسنا ممثلين، حيث تنهال العروض علي الفلول وأعضاء حزب الكنبة، بينما نجلس نحن في البيت" وأضافت فاضل بلهجة ساخرة قائلة: "يبدو أنهم صدقوا أننا نتلقي تمويلاً خارجياً بالفعل" يذكر أن آخر أعمال جيهان فاضل سينمائياً كان فيلم الفاجومي مع خالد الصاوي، وتليفزيونيا مسلسل الشوارع الخلفية في رمضان الماضي. تظاهرات وفاعليات خالد النبوي ايضا لم يغب عن الحياة السياسية طيلة السنة الماضية، حيث شارك في جميع التظاهرات والفعاليات، وانتقد مؤخرا تعيين د. كمال الجنزوري رئيسا للوزراء، مؤكدا انه من المطالبين باستمرار الثورة واستكمال اهدافها. يلقي الفنان آسر ياسين باللوم علي وسائل الإعلام في اتهام المتظاهرين وتشويه صورتهم، وجعل شريحة كبيرة من الشعب المصري ضدهم، وقال آسر إنه يرفض هذه الاتهامات، فالثوار أمامهم هدف واحد هو نقل السلطة إلي مدنيين، واستعادة دور مصر الذي فقدته خلال النظام السابق، مشيرا إلي أن كل هذا يحدث في الوقت الذي يتحدث فيه المجلس العسكري عن أياد خفية تعبث بمصر عقب كل أزمة مثل أحداث ماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها وكان آسر قد عرض بشكل جديد وبطريقة أقرب لتليفزيون الواقع مقطع فيديو يطالب فيه بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، أو تطبيقه علي الجميع بمن فيهم الرئيس المخلوع حسني مبارك وظهر ياسين في الفيديو أثناء عمل التجهيزات قبل دخوله للتصوير مباشرة، في شكل كأنه يتكلم بعفوية دون تجهيز. وتعليقا علي انسحاب د. محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من سباق الترشح، قال آسر الذي كان من كبار مؤيدي البرادعي في حملته الرئاسية من الفنانين «مصر غنية بأبنائها الأكفاء». يذكر أن ياسين يستعد للعودة للدراما التليفزيونية، عندما يجتمع مع السورية كندة علوش لمساعدته لتجسيد دور "البلطجي" في مسلسل يحمل الاسم نفسه. استكمال المسيرة مني هلا تعد من اكثر الفنانين تمسكا باستكمال الثورة، وتحقيق اهدافها، وكانت مني قد تعرضت قبل الثورة لبلاغ من مجموعة امناء شرطة للنائب العام ضدها هي ورئيس قناة "ميلودي دراما"، مطالبين بوقف عرض برنامج "ربع مشكل"، وتوجيه تهمة السب والقذف لهم وذلك بعد أن قامت مني. بعرض حلقة باسم "أم مشمش"، قامت فيها بإهانة أمناء الشرطة واتهامهم بالرشوة حيث ذكرت في حلقة البرنامج وهي تستقل "توك توك"، أن هذا التوك توك لو كان مخالفا ويمشي في مصر ماكنش حصل شيء، لأن صاحبه سوف يعطي أمين الشرطة 5 جنيهات ويعدي. وبعد الثورة قامت مني بتقديم برنامج علي شبكة "الانترنت" بعنوان " مني توف"، تعرضت فيه بالنقد لعدد كبير من النجوم والمشاهير. وقال أحمد عيد إنه نزل الي ميدان التحرير بعد صدور أحكام البراءة بحق عدد من الوزراء السابقين، مشيرا إلي ضرورة محاكمتهم علي اعتبار أنهم لم يتركوا مناصبهم الا بعد الثورة الشعبية التي خرج فيها للتعبير عن غضبه ضدهم بعد استمرارهم في مناصبهم لسنوات لم يقوموا فيها سوي بالفساد، وأكد عيد استغرابه من كون المحاكمات حتي الان تخلي سبيل القيادات السابقة وتبرئتها. شهدت الفترة التي تلت اندلاع الثورة تاسيس " ائتلاف فناني الثورة"، وقال عمرو القاضي أمين عام الائتلاف، إن الفكرة نشأت بعد الخروج من ميدان التحرير في 11 فبراير، لان الفنان لابد أن يكون له دور واضح في مشاركة الناس في العمل بشكل عام علي مستوي الحراك الاجتماعي والسياسي فالفنان من النخبة المثقفة الواعية وله صوت مسموع وبالتالي بدأ تأسيس فكرة ائتلاف فناني الثورة ويشارك بشكل كبير حتي تكتمل الثورة وتؤتي ثمارها. كانت الثورة سببا في عودة بعض الفنانين الي الساحة ومنهم عايدة الايوبي التي اعتزلت الغناء منذ فترة طويلة، حيث عادت لتقديم عدة اغان عن الثورة منها أغنية" يا الميدان" التي شاركها فيها فريق كاريوكي. كذلك ظهرت الفنانة شريهان مرة اخري معلنة دعمها للثورة وقررت العودة للحياة الفنية من خلال مسلسل للمؤلف محمد الحناوي. كما أدلت الفنانة شادية بعدد من التصريحات وشاركت في بيان جبهة الابداع المصري التي تأسست مؤخرا للدفاع عن حرية الفن.

جريدة القاهرة في

07/02/2012

 

(التحرير 2011).. ثمار الاستقلال

بقلم : د.وليد سيف

 

في منتصف الثمانينات من القرن الماضي كانت بداية انضمامي إلي عالم السينما من خلال ما كان يطلق عليها أفلام الهواة التي كان يصور معظمها بكاميرا سينما الثمانية مللي رخيصة السعر قليلة التكلفة. قبل أن أنضم للحركة لم يكن معروفا من صناعها سوي إسماعيل مراد وزكريا عبدالحميد. وأصبحنا ثلاثة نصنع أفلامنا بسعي نحو الاقتراب من الأسلوب الفني وبهدف تقديم عروضنا في المواقع الثقافية والمشاركة في مهرجانات غير المحترفين العربية والدولية. حققنا نجاحا كبيرا ووحصدنا العديد من الجوائز. حصلت أنا علي جائزة مهرجان قليبية بتونس بعد غياب لأكثر من عقد ونصف العقد وفي زمن كان من الصعب علي فيلم مصري أن ينال جائزة من بلاد المغرب العربي. وتوج إسماعيل مراد جوائزه قبل أن ينتقل إلي سينما المحترفين بتقدير كبير بحصوله علي مفتاح مدينة بروكسل عن مجمل أعماله. وكتبت مقالات تحليلية عن أفلام زكريا عبدالحميد لتفسير منحاه التجريبي وأسلوبيته الخاصة. وفجأة صدر قرار غريب بحظر استيراد الأفلام الخام الثمانية مللي سوبر باعتبارها سلعا ترفيهية، مع انها كانت في غاية الرخص والسبيل الوحيد لصناعة السينما بأقل تكلفة للفقراء من أمثالنا. كان البديل الوحيد هوتصوير أفلامنا بكاميرا الفيديو، ولكننا كنا نعتبر هذا تنازلا كبيرا.. وأن زهونا بكوننا فنانين سينمائيين سوف نفتقده عندما نستخدم كاميرات الفيديوالتي تصور بها الأفراح والإعلانات. سيطر علينا الغرور وقصر النظر بينما كانت كاميرات الفيديوتتطور وتنتقل من مرحلة الأنالوج إلي الديجيتال لتحقق تقدما مذهلا في مستوي الصورة والإمكانيات. كائنات منقرضة وكان من الطبيعي أن ننقرض مثل أي كائن محدود العقل، وأن يظهر جيل جديد بعد عشر سنوات تقريبا ومع قرب نهاية القرن الماضي، ظهر فنانون يصنعون أفلاما بكاميرات الديجيتال من إنتاج الورش أومن جيبوبهم الخاصة أوعبر شركات جديدة صغيرة لا تنتج سوي هذا النوع من الأفلام. ولكن في كل الأحوال بعيدا عن الدولة وعن الأشكال التقليدية للإنتاج والجمعيات والكيانات القديمة التي اعتادت أن تنتج في الماضي.. بل وعن جيل من النقاد والفنانين والمثقفين والمسئولين عن الأنشطة والجمعيات السينمائية القدامي أمثالي بأفكارهم الرجعية ومحدودية سقف طموحهم وإبداعهم وحريتهم. كنت أتابع ما تحققه بعض روائع من هذه الأفلام في إعجاب. ولكني لم أدرك القيمة الحقيقية لهذه الحركة ولا لنتاجها المتميز إلا عندما سافرت لإلقاء محاضرات عن السينما المصرية في ليبيا في شهر مايو2010 كان الفنانون السينمائيون هناك يحدثونني عن أزمة الإنتاج لديهم وعن صعوبة الحصول علي تمويل لأفلامهم. وكنت أفاجأ بأنهم لا يعلمون شيئا عن مسألة الأفلام المستقلة أوعن التصوير بالكاميرا الرقمية. وكانوا يتساءلون عن الجدوي من صنعها مادامت ليست هناك وسيلة لعرضها. فأفاجأ بأنهم أيضا ليس لديهم مواقع ثقافية مستقلة ولا حتي اشتراكات كثيرة علي الفيس بوك ولا يوجد عندهم من يتابع مواقع الأفلام علي النت. في تلك الرحلة أدركت النقلة الحضارية الكبيرة التي حققها شبابنا والإنجاز الرائع الذي عبرت عنه أفلامهم في مقاومة دولة قمعية رجعية بعرض أفكارهم الجريئة وفنهم المتقدم علي نطاق ظل يتسع ويتزايد حتي بدأت أفلامهم تغزوالمهرجانات الدولية قبل أن تقتحم دور العرض التجارية كما تحقق بالفعل علي يد إبراهيم البطوط في «عين شمس» و«حاوي» وأحمدعبدالله في «هليوبوليس» و«ميكروفون» وأحمد رشوان في «بصرة». رموز فلولية مع بدء قيام ثورة التحرير المستمرة حتي النصر منذ يناير 2011 كان صناع الأفلام المستقلة ينتشرون في مختلف ميادين التحرير يوثقون ويبدعون بمختلف الأساليب التسجيلية والدرامية والحداثية ومابعدها. ويعبرون عن روآهم الناضجة عن روح الثورة وكفاحها النضالي ضد كل قوي الرجعية والتخلف والغباء وعناد الحاضر ومقاومة المستقبل. وتوالت التجارب التي أمكنني أن أشهد كما كبيرا منها ضمن الأفلام التي وردت للمشاركة في مهرجان الغردقة. إختلف الكثيرون وأنا منهم حول «فيلم 18 يوم» وما ضمه من شخصيات ورموز فلولية علي الشاشة وخلف الكاميرا. وتزايد الاعتراض عندما نجح بعض من هؤلاء الفلول في السير علي السجادة الحمراء والصعود علي مسرح الاحتفال بمهرجان «كان» ممثلين للسينما والثورة المصرية وهم مجرد ركاب لها يصعدون علي متن أي موجة للبقاء علي عرش النجومية وكنماذج مباشرة للتوريث صدرها لنا فنانون تشبعوا بروح مبارك وفكره. علي الجانب الآخر جاء فيلم "يناير 2011 الطيب والشرس والسياسي " الذي عرض في فينيسيا ليلقي كل احترام وتقدير بإجماع الآراء، كعمل مشرف للسينما وللثورة بمضمونه وأسماء صناعه. ويأتي تقديم هذا الفيلم لاحقا بشاشات السينما في عرض أساسي كحدث نادر وإنجاز جديد للسينما المستقلة في مصر. وإذا كانت الأفلام الوثائقية الطويلة قد ارتبطت في أذهان المشاهد العادي بأنها طاردة للجمهور ومثيرة للملل، فإن تجربة «يناير 2011» تأتي علي النقيض تماما في حيويتها وجاذبيتها وإيقاعها بصورة جاذبة لقطاعات عريضة من المشاهدين، فضلا عما تحمله من مضمون ناضج وما تكشف عنه من تمكن حرفي وتكامل أسلوبي وفكري بين صناع ثلاثية «الطيب والشرس والسياسي» تحت عنوان واحد: (التحرير 2011). هذا هوالجانب الثاني المميز للفيلم كحدث نادر في تقديم ثلاثة أفلام قصيرة ضمن عرض طويل واحد. وهي مسألة لم تعرفها دور العرض المصرية إلا مع الأفلام الروائية القصيرة في نهاية الستينات وبداية السبعينات مثل ثلاثية صور ممنوعة والبنات والصيف . ولكن الجميل في فيلم (التحرير 2011) في هذا التواصل والتكامل الفكري حول موضوع واحد من خلال ثلاث محاور . في الفيلم الأول يقدم تامر عزت بمهارة مونتير متمكن صورة في غاية الحيوية وتوثيق بليغ لأحداث الثمانية عشر يوما التي انتهت بتنحي غير المبارك. مختارات التحرير ويتخير تامر عزت أهم المواقف والأحداث والمشاهد من التحرير بنفس مهارته في اختيار ضيوفه كممثلين معبرين عن الثورة في أحلي تجلياتها. وحيث تتحدد ملامح كل ما هوأصيل وجوهري وحقيقي في حكاية الثورة، بعيدا عن كل ما ألصق بها من اتهامات وأكاذيب. وحيث نصل مع نهاية فيلمه إلي صعود دولة التحرير السلمية المتحضرة التقدمية، مع سقوط مبارك كرمز لنظام في طريقه للانهيار إن آجلا أو عاجلا، في مواجهة شباب واع ومصر علي تحقيق أحلامه ووعوده لزملائه الشهداء والمصابين. هذا هوالوجه الطيب الجميل لمصر الذي أصر علي الاحتفاظ بطيبته ضد كل ما واجهه من عنف وشراسة. تواجه آيتن أمين مصاعب أكثر في تحقيق الفيلم أوالجزء الخاص بها تحت اسم الشرس. تسعي للتصوير مع رجال آلة الأمن أوالعنف والشراسة الجبارة. بالطبع من الصعب أن يتحدثوا ومن الأصعب أن يذكروا الحقيقة. وعلي طريقة قالوا للحرامي احلف يدافع القتلة عن أنفسهم ويزعمون أنهم لم يستخدموا العنف. ولكن صورة آيتن المصاحبة لحديثهم تكشفهم وتفضح أكاذيبهم. وتتجلي أيضا قدرتها علي الاختزال والاختيار من بين المادة المصورة فتعلم جيدا متي تبدأ وكيف تنتهي . وحيث تصبح لحظات الارتباك والصمت والتأتأة أكثر بلاغة في التعبير عن الحقيقة من أكاذيبهم الملفقة. وحيث يبدوتجنبهم للظهور والكاميرا تصورهم من الخلف أومن جانبهم أقرب للقطات التي تصور مع المجرمين، أومع كل من يخشي المواجهة خوفا من الفضيحة وكشفا عن شعوره بالذنب والخجل مما إقترفه من جرائم لن يمحوها الزمن ولن يطويها النسيان وإنما ستظل عالقة في الرقاب حتي يأتي القصاص كنتيجة لحكم عادل لم يتحقق بعد. دولة كارتون في الجزء الأخير ينطلق عمروسلامة بجرأة أكبر مازجا بين الإنساني والكارتوني وحيث تتخلل الحوارات والمشاهد الأرشيفية لقطات كارتونية تبرز المعني وتعلق عليه. بل وتمنح الفيلم صبغة ساخرة من واقع كاذب ومزيف كنا نعيشه بالفعل مع أنه أقرب لأفلام الكارتون. يتخير عمروأيضا رواته وشهاده . وحيث تنجلي من خلال حكاياتهم صورة متكاملة للطاغية، كيف أصبح كذلك ومتي بالتحديد بدأت تظهر عليه أعراض مرض احتقار شعبه. وما الأعراض التي التقطها بمهارة مفكرون وروائيون وأطباء نفسيون. مع الجزء الثالث تتكامل لديك الصورة التي تشكلت بدايتها من نقطة النهاية مع سقوط المخلوع. ثم تنتقل إلي رجال أمنه الذين باعوا مهنيتهم وأصبحوا لا ينشغلون إلا بتأمين هذا الرجل ودولته المتآكلة. ولتتأكد أن الأمن الشرطي هوآخر سلاح يمكن أن يلجأ إليه سياسي حقيقي لحماية نظامه. ثم تكتشف بالفعل أن هذا الرجل لم يكن له علاقة بالسياسة علي الإطلاق. وإنما مجرد حاكم لا يدرك مسئولياته وأعماه الغرور والغطرسة وانشغل بمخطط للتوريث وأبعد عنه كل مستشار صادق. ولم يقترب منه سوي التافهون والمنافقون والمؤيدون لفكره الهزيل ونظرته القاصرة والمحدودة. هل يكفي هذا القدر لكي تدرك هذا التكامل في الرؤي وهذا الاتساق الإبداعي بين ثلاثة أفلام صنعها ثلاث مخرجين لكل منهم أسلوبه وموضوعه؟ الإجابة لا.. فأجمل ما يقدمه هذا العمل الرائع تلك الرؤية الاستشرافية الناضجة التي تعكسها نهايته مع جملة الثورة مستمرة. نعم إنها مستمرة وستظل مستمرة ويجب أن تبقي إلي الأبد. فالشعب الطيب يجب ألا تصل طيبته إلي حد الغفلة.. والشرس يجب أن يدرك أنه لا قوة تعلوا فوق إرادة شعب يقظ مهما كانت طيبته. أما غير السياسي فيجب ان يذهب إلي غير رجعة وأن يترك مقعده لمن يقدر بالفعل علي إدارة شئون البلاد باحترام كامل لقوي شعب وبإدراك حقيقي أن الأمن الحقيقي لا تصنعه الشرطة مهما كانت قوتها وشراستها.

جريدة القاهرة في

07/02/2012

 

واحد صحيح.. إلا ربع

بقلم : آلاء لاشين

 

قدم تامر حبيب من خلال الرومانسية والتعمق داخل الذات الإنسانية فيلم واحد صحيح الذي رسم شخصياته متعددة الأبعاد ولكنه استنسخ نفسه من جديد. فقدم من قبل العلاقات الإنسانية العاطفية في سهر الليالي الذي لقي نجاحا وضجة كبيرة، واستمرت أعماله علي هذا المنوال إلا أن هذه المرة قد جانبه الصواب في حق هذا السيناريو - الذي تخلله بعض الثغرات التي كان علي المخرج تفاديها - ولم يتبق هذه المرة سوي الضجة ! دونجوان عبد الله «هاني سلامة» مهندس ديكور دونجوان ناجح في عمله ذو شخصية قوية تربطه علاقة بأربع نساء ولكنه يحب منهم أميرة المسيحية المتدينة «كندة علوش» التي ترفض تماما زواجه بها لانه مسلم و حتي لا تكرر قصة ابيها الذي اسلم ليتزوج بمسلمة وترك اسرته وسبب جرحا عميقا في قلب والدتها.. فيوافق علي الزواج بمريم «ياسمين رئيس» لكونها أفضل الفتيات التي تناسبه كزوجة ثم فجأة يترك الفرح ويمشي دون سابق انذار . وقد نجح الفيلم في تشتيت من يريد أن يتحدث أو يكتب عنه و في الحقيقة قد ترددت كثيرا في الكتابة عن هذا الفيلم لما شعرت به من حيرة في رؤيتي للفيلم . فهو يعرض علاقات وأوضاعا نضطر أن نقبلها حتي نحافظ علي من نحب ولكن ينقصه الحبكة الجيدة في تقديم هذه الفكرة فقدم بعض الشخصيات بشكل غير مكتمل وأهمل الجوانب المهمة بها برغم أن القصة مليئة بالأبعاد الإنسانية والشحنات العاطفية . فالسيناريو هو هيكل العمل وعموده الفقاري، و قد استخدم الكاتب اسلوب الحكاية المركبة التي تتفرع إلي حكايات بسيطة أصغر يربط بينها رابط عضوي هو بطل القصة. كما استخدم أسلوب السرد الذاتي بوجود سارد داخلي وهو الشخصية الفاعلة في القصة من خلال دور هاني سلامة وبسمة الذي قدم كل منهما وجهة نظره فيسرد علاقته بالآخر . مرأة المجتمع واذا كانت السينما مرآة المجتمع و تعكس كل مافيه الا أن الإنسان دائما لا يريد أن يري عيوبه ولا يريد أن يواجهه أحد بها وقد رأينا هذا من خلال الحوارالفج في بعض المشاهد واستخدام ألفاظ لم نعتد سماعها من قبل في محاولة منه لتقديم الواقع الذي جاء بمثابة مفاجأة للجمهور فهو حوار واقعي يدور بين الأصدقاء فعلا ولكن الجمهور لم يتقبله، وكان علي المخرج تفاديه ومع ذلك فالقصة جيدة ولكن ظلمها طريقة سردها! «هاني سلامة» أداؤه جيد في هذه الشخصية ولكنه اعتاد تقديم هذا الشكل من الشخصيات فقد سبق وقدم في العديد من اعماله دور الدونجوان فهذا الفيلم بالنسبة له ما هو الا نسخة جديدة ومعالجة بطريقة مختلفة من فيلم «السلم والثعبان» . «رانيا يوسف» وضعت نفسها في هذا القالب فهي تجيد تقديم هذه الأدوار فسبق وقدمته في مسلسل أهل كايرو ولم يضف لها هذا الدور اي جديد، وشخصية فريدة التي قدمتها من الشخصيات التي اهملها السيناريو ولم يقدمها بطريقة أشمل وأعمق . «كندة علوش» قدمت احاسيس المرارة والحيرة في الاختيار ما بين دينها وحبيبها، فقد كان أداؤها أقرب للجمود وهي أيضا ظلمت في السيناريو من خلال عرض شخصيتها , ولكنها أوصلت المعاناة والقلق الذي كانت تعاني منه للمشاهد من خلال أحاسيسها المعبرة عما هي فيه من مأزق . «بسمة» جسدت دور نادين الصديقة الحميمة التي تخفي حبها لصديق عمرها حتي لا تفقده إذا عرف ما تكنه له من مشاعر فجسدت هذا النموذج بصدق وبأسلوب جيد جعلها تتميز عن باقي بطلات الفيلم . «ياسمين رئيس» تعلن عن ميلاد فنانة موهوبة فوجهها البريء كان ملائما لهذا الدور، فهي تجسد مريم المذيعة البسيطة التي تقع في غرام عبدالله وساعدتها ملامحها في تقديم هذه الشخصية . الإخراج اهتم المخرج «هادي الباجوري» في أول اعماله السينمائية بالتكوين الفني ومزج العناصر داخل الكادر فكانت الصورة جيدة ومبهرة والديكور جاذبا للعين ويرجع ذلك لكونه مخرج «إعلانات و كليبات» حيث إنه اهتم بجمال الصورة أكثر وهذا ما فعله من قبل المخرج سعيد الماروق في اول اعماله السينمائية «365» يوم سعادة، كما استطاع ادارة الممثلين مع كونها التجربة الأولي له في عالم السينما. نهاية غير متوقعة كانت النهاية مخالفة تماما لتوقعات المشاهد فمهما بلغت قمة الاستهتار فليس من المعقول أن يترك الفرح دون أي مبرر ويقرر أن يذهب إلي نادين وابنتها بمجرد علمه أنها تحبه، ويكون رد فعل والدته الدهشة دون أخذ أي موقف وتتركه يعبر وكأن شيئا لم يكن وهي قابعة في مكانها. فقد كانت النهاية مخيبة للآمال ومشوهة وأخلت بأحداث الفيلم فكان من الممكن أن تقلب الفيلم رأسا علي عقب إذا كانت غير ذلك. فواحد صحيح فيلم يثير الإحباط وفشل أن يكون صحيحا فهو حدوتة جيدة ظلمها الحبكة والإخراج .

جريدة القاهرة في

07/02/2012

 

«حياة أفضل».. التشابه مع «سارق الدراجة»

بقلم : ماجدة خيرالله

 

تتشابه المدن، ولكن يبقي لكل منها ما يميزها ويعطيها طابعها الخاص، وكذلك قد تتشابه الأفلام في بعض الخطوط العامة، أو الأفكار ولكن يبقي أن لكل فيلم خصوصيته حتي لو كانت تجمعه بأفلام أخري نفس الفكرة أو القصة! وعندما قدم المخرج الإيطالي فيتوريو دي سيكا فيلمه الرائع"سارق الدراجة" في عام 1948، اعتبره النقاد أهم فيلم في تاريخ السينما في ذاك الوقت، بل إن البعض يعتبره كذلك حتي الآن، رغم مرور ما يزيد علي نصف قرن علي إنتاجه، وقصة «سارق الدراجة» تتشابه إلي حد كبير مع قصة فيلم "حياة أفضل" للمخرج "كريس ويتس" ولكن المدهش أن كلا منهما يختلف في مكان الحدث وزمانه، وكثير من التفاصيل التي تجعل كلا من الفيلمين حالة فنية شديدة الخصوصيه! ومناسبة الحديث عن فيلم "حياة افضل" إن الممثل المكسيكي "ديميان بشير"أختير ضمن خمسة ممثلين مرشحين لجائزة أوسكار أفضل ممثل، التي سوف تعلن نتائجها في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي! حدود فاصلة يعيش كارلوس في الجزء الشرقي من مدينة لوس انجلوس، منذ ما يزيد علي خمسة عشر عاماً، دون اوراق رسمية، فقد تسلل منذ سنوات، بين الحدود الفاصلة بين الولايات المتحدة والمكسيك، وتزوج وأنجب ابنه الوحيد "لويس ، ثم هجرته زوجته، بعد أن ضاقت بحياته المرتبكة، وتركت له إبنهما طفلا رضيعا، قام كارلوس برعايته وتنشئته، واضطر من اجل ذلك أن يعمل في مهن وضيعه، حتي يوفر لابنه حياة افضل، ولكن لويس الابن المراهق نشأ في اجواء مختلفة عن موطنه الاصلي، وصار مواطنا امريكيا، لا يتحدث اللغة الاسبانيه"لغة المكسيك" ولا يعرف تقاليد بلاده، ولا ثقافتها، انه شديد التأثر بكل ماهو امريكي، ونظراً لحداثة سنه، فهو يجهل قيمة عطاء والده ودأبه الدائم ليوفر له حياة كريمة دون أن يتورط في جريمة مثل معظم المهاجرين غير الشرعيين، وبقي الصبي الي حد كبير يقاوم سيطرة رفاقه ومحاولتهم ضمه الي صفوف الخارجين علي القانون، "لويس " لم يكن يوماً مبهوراً بوالده فهو يراه مستسلم لقدره، يمشي جنب الحائط ويتجنب المشاكل وينأي بنفسه عن أي خلافات، ويعرض حياته للمخاطر أثناء عمله في صعود اشجار النخيل لتقليمها، أو العمل في زراعة وتهذيب حدائق الاغنياء، وتتبدل حياة "كارلوس" عندما يعرض عليه أحد رفاقه، شراء شاحنة يمتلكها، بعد أن حقق الرجل ما يريده من امريكا واستطاع أن يدخر بعض المال يعود به الي وطنه ليبدأ حياة جديدة. ويضطر كارلوس أن يستدين من شقيقته كل ما كانت تدخره من مال، كي يشتري الشاحنة، ليحقق لابنه الوحيد، حياة افضل من تلك التي حققها طوال خمسة عشر عاما، وعندما يشتري الشاحنة يشعر أن الحياة قد ابتسمت له اخيرا، ويأخذ ابنه لويس في جولة بها، ويعده أن يسمح له بقيادتها بعد أن يبلغ السن القانونية ويستخرج رخصة قيادة، رغم أنه لم يحصل عليها، لأنه في نظر القانون ليس له وجود مطلقا، لأنه لم يدخل البلاد بطريقة شرعية ويعمل بعيدا عن اعين رجال الشرطة، ويحدث ما لم يكن في الحسبان، حيث يسرق احدهم الشاحنة، اثناء انشغال كارلوس بتسلق إحدي شجرات النخيل، ويفشل في اللحاق به، ويعود الي ابنه في نهاية اليوم محبطا يائسا ويخبره بما حدث، ويقررا معا البحث عن السارق، لان الاب لايستطيع أن يلجأ للشرطة، وفي رحلة البحث عن الشاحنة المسروقة. يستعرض الفيلم العالم السفلي للجريمة في لوس انجلوس، الذي تتحكم فيه عصابات منظمة من المهاجرين غير الشرعيين، وعندما يصل كارلوس الي السارق، يكتشف أنه باع الشاحنة وارسل نقودها لاهله في المكسيك، ويمنع ابنه الصبي من الانتقام من الرجل لأنه ضحية مثله! وينزعج لويس من مثالية والده التي يفسرها بالضعف والاستكانة، فيهجره ليقيم عند احد اصدقائه، ولكن الاب يقرر البحث عن الشاحنة في بطريقته، ويطلب مساعدة ابنه الذي يوافق علي مرافقة والده، ويذهبان الي جراج ضخم لبيع السيارات المسروقة وبعد مغامرات ومخاطر يتمكنان من سرقة الشاحنة، ويفاجأ الصبي بقدرة والده وشجاعته في تحمل المخاطر لاسترجاع حقه، ولكن الأمور تسوء عندما يعترض طريقهما ضابط شرطة ويطلب من الأب اظهار رخصة القيادة! أحياء الجريمة في أمريكا أحياء كاملة تعيش علي الجريمة، ومع ذلك فإن القوانين الصارمة تحمي المجتمع منها، بحبث لا تؤثر علي حركة الحياة، ولا تساهل مطلقا مع من يقع تحت طائة القانون، سواء كان ظالما او مظلوما، وعليه فإن الاب كارلوس يتم القبض عليه، وتسحب منه الشاحنة التي امتلكها بأوراق غير موثقة، ويتم ترحيله خارج البلاد، أما الابن الصبي فهو يحمل الجنسية الامريكية حيث يتلقي تعليمه في إحدي مدارسها وينال عناية الحكومة وكأنه أحد رعاياها، ويحرص الابن علي لقاء والده قبل ترحيله ويطلب منه بإلحاح الا يتركه وحيدا ويعده الاب أن يعود للوطن في اقرب فرصة، والوطن هنا هو أمريكا بلد الاحلام التي تتحول الي كوابيس ومع ذلك هي افضل حالا من غيرها، ويعيش الابن الصبي في انتظار عودة والده، ويلتحق بأحد أندية كرة القدم ويحقق بعض النجاح نأما الاب كارلوس فهو ينجح بعد عدة اشهر في العودة لامريكا كما جاء في المرة الاولي متسللاً عبر الحدود! الممثل المكسيكي دميان بشير المرشح لجائزة اوسكار يقدم أداء شديد التميز، وأجده منافسا قويا لكل من جورج كلوني، والفرنسي جان ديجاردان، فقد عبر عن المواقف المتباينة للأب الذي يبدو في عين ابنه ضعيفا مستكينا رغم ما يحمله من قوة وقدرة علي تحمل الصعاب ، وفي مشهد "ماستر سين" يجيب ابنه عن سؤاله الدائم عن السبب الذي يجعل رجلا فقيرا مثله يحرص علي انجاب طفل ، لايستطيع حمايته من قسوة الظروف، لقد حرصت علي وجودك حتي تكون لحياتي معني، فأنت السبب الوحيد لبقائي علي قيد الحياة، من أجلك تحملت المصاعب والمخاطر، كي أمنحك حياة أفضل، وهذا سبب وجيه يكفي أن اعيش من أجله، قالها الاب في اللقاء الاخير بينه وبين ابنه الصبي الذي بدأ يتكشف بعض ما كان يجهله عن والده، الممثل المكسيكي ديميان بشير -49 سنه- من نجوم السينما في المكسيك، شارك في فيلم عن حياة جيفارا للمخرج ستيفن سوديلبرج ولعب شخصية فيدل كاسترو، كما قدم شخصية الثائر المكسيكي "زباتا". أما " كريس ويتس" مخرج فيلم حياة افضل فقد سبق له تقديم الكعكة الامريكية، والقمر الجديد من الجزء الثاني من سلسلة أفلام الرعب الشهيرة، بالإضافة لفيلم البوصلة الذهبية، وفيلم الرسوم المتحركة "النمل " اشتهر كريس ويتس بأنه لا يقدم مشاهد الحركات الخطرة إلا بعد أن يجربها شخصيا، وفي فيلمه حياة افضل تدرب بنفسه علي صعود النخيل الذي يبلغ ارتفاعه ما يزيد علي عشرين مترا، قبل أن يستعين بدوبلير خاص، وذلك حتي يعيش التجربة ويدرك مكمن الخطورة في الحركة فيعبر عنها بالكاميرا وأداء الممثل!

جريدة القاهرة في

07/02/2012

 

 

دافيد فينشر.. من «مادونا» إلي «الفتاة ذات وشم التنين»

بقلم : يوسف هشام

 

ربما لا يمتلك الكثيرون من مخرجي هوليوود المكانة الخاصة أو الامتيازات التي يتمتع بها المخرج الأمريكي الشهير «دافيد فينشر»، فمعظم مخرجي هوليوود الذين يعملون مع الاستوديوهات الكبيرة «مثل وارنر وفوكس» تفرض عليهم وجهة نظر الاستوديو حول الشكل النهائي الذي يخرج به الفيلم، بينما يفضل آخرون العمل بميزانيات محدودة أو بشكل مستقل حتي يتمتعوا بهذه الحرية. ربما تجد علي مدار التاريخ بعض المخرجين الذين استطاعوا اقتناص حريتهم والعمل مع الاستوديوهات الضخمة كستانلي كوبريك وستيفن سبيلبرج، ومؤخرا كريستوفر نولان «صاحب سلسلة باتمان الأخيرة». ونستطيع أن نجزم أن فينشر له اسهامات أساسية فيما يعرف بالـ pop culture أو الثقافة الشعبية، سواء من خلال أفلامه أو الأغاني المصورة والإعلانات التي بدأ بها مشواره. ثقافة شعبية اكتشف فينشر ولعه بالفن السابع قبل أن يتم عامه التاسع عندما أتاه والده بكاميرا 8 مم ليبدأ فينشر من خلالها اكتشاف هذا العالم وليصنع بها تجارب صغيرة لتكون هذه نواة أعمال مخرج كبير. لذا لم يكن من الغريب أن يعمل في سن مبكرة في صناعة السينما كمساعد مصور في أفلام ضخمة مثل حرب الكواكب وانديانا جونز، ليخرج بعد ذلك أول أفلامه التسجيلية الذي يتناول مخاطر التدخين والسرطان. تحول فينشر بعد ذلك لاخراج الإعلانات للعديد من الماركات الشهيرة «بيبسي ونايكي وسوني». بدأ فينشر في الثمانينات الاتجاه لعالم الموسيقي المصورة Music videos ليعمل مع أشهر مطربي العالم آنذاك «مادونا، مايكل جاكسون، جورج مايكل، بولا آبدول ورولينج ستونز» وأخرج مع مادونا تحديدا اثنين من أشهر الأغاني المصورة علي الإطلاق vogue وexpress yourself عبر عن نفسك» وهما من أشهر إسهاماته في "الثقافة الشعبية" ليس هذا فحسب، فإذا تأملت هذه الأغاني لاكتشفت عشق فينشر للسينما وأيقوناتها، ففي «عبر عن نفسك» توجد تحية واضحة لرائعة «فريتز لانج» «ميتروبوليس» وهذا يبدو جليا في الديكور والملابس وفي الكلمة الأخيرة المكتوبة علي الشاشة المقتبسة من الفيلم، بل ان مادونا ارتدت في إحدي اللقطات نظارة لانج الشهيرة، أما في vogue فالتحية هنا لعصر السينما الذهبية في هوليوود. لذا فلم يكن من الغريب أن يستعين به «مايكل جاكسون» في أغنية Who is itمن هو» المصورة علي طريقة جاكسون المفضلة آنذاك من تحويل أغانيه لأفلام قصيرة، الذي أخرج له من قبل كبار المخرجين كستيفن سبيلبرج ومارتن سكورسيزي. وحش الفضاء في عام 1992 أخرج فينشر أول أعماله الروائية الطويلة Alien 3 «وحش الفضاء 3» من بطولة سيجورني ويفر. الفيلم كان الجزء الثالث لسلسلة أفلام تنتمي لنوعية الخيال العلمي الممزوج بالرعب، ويأتي جزء فينشر بعد جزئين من اخراج ريدلي سكوت وجيمس كاميرون. لكن لم يكن فينشر وقتها مخرجا كبيرا بعد ولم يستطع مقاومة تدخل الاستوديو في عمله الأمر الذي جعله يترك الفيلم قبل دخوله مرحلة المونتاج وإعلان سخطه عليه، و كانت النتيجة أن الفيلم لم يلق قبولا واسعا في أوساط النقاد حتي وان حقق ايرادات مرتفعة في وقته، لكن الآن وبفضل الدي في دي تستطيع أن تشاهد نسخة الفيلم كما أرادها فينشر. ولكن أهمية دافيد فينشر كمخرج صاحب رؤية وتوجه ظهرت في عام 1995 من خلال فيلمه الشهيرSeven سبعة خطايا» وهو أحد أهم وأشهر أفلام التسعينات، وقام ببطولته كل من براد بيت، مورجان فريمان، جوينيث بالترو وكيفن سبايسي. الفيلم تناول العلاقة بين مفتش شرطة في أيامه الأخيرة قبل التقاعد ومفتش شرطة أتي حديثا لنيويورك مع زوجته، ليجدا نفسيهما أمام سلسلة من الجرائم الغامضة والمروعة التي يرتكبها قاتل غامض كعقاب لضحاياه، فكل ضحية تقتل بسبب ارتكابها أحد الخطايا السبع المذكورة في الانجيل «الشره، الطمع، البطء، الغرور، الشهوة، والحقد والغضب». يصعب تلخيص هذا الفيلم في كونه فيلم تشويق فالفيلم به اسقاط اجتماعي وأخلاقي كبير علي المجتمع الأمريكي ويمتلئ بالعديد من المشاهد القاسية، مما دفع الاستدوديو ليطلب من فينشر تغيير النهاية الأمر الذي عارضه بشدة ووقف في صفه كل من فريمان وبيت ليخرج في النهاية كما أراده مخرجه ويحقق نجاحا كبيرا ويصبح أحد كلاسيكيات السينما. اللعبة في عام 1997 أخرج فينشر ثالث أفلامه The game «اللعبة» والذي قام ببطولته مايكل دوجلاس بمشاركة شون بين، وهو ينتمي لأفلام السايكودراما التشويقية، فالبطل يشترك في لعبة غير مفهومة ليجد نفسه أمام مواقف غريبة ومخيفة ومتلاحقة، ويتوحد هنا المتفرج مع البطل الذي لا يستطيع فهم أو تفسير ما يحدث إلي أن نصل للمفاجأة في نهاية الأحداث. وبرغم إيقاع الفيلم السريع ونجاحه في خلق حالة التشويق والترقب إلا أنه لم يحقق نفس نجاح فيلمه السابق «سبعة خطايا» أو أهمية فيلمه التالي. ففي عام 1999 نجح فينشر في أن يقنع شركة فوكس أنه الأنسب لإخراج فيلم Fight Club «نادي القتال»، وكانت الشركة قد اشترت حقوق رواية تشاك بولونيك التي تحمل نفس الاسم ورشح لهذا العمل أربعة مخرجين ليفوز فينشر في النهاية لحماسه الشديد للرواية، وبالفعل يخرج الفيلم ويقوم ببطولته براد بيت، ادوارد نورتون وهيلينا بوناهم كارتر. تدور أحداث الفيلم حول موظف في إحدي الشركات الكبري يصاب بالأرق ويحاول البحث عن تجديد لحياته فيتعرف علي فتاة عابثة وصديق جديد له وجهة نظر مختلفة للحياة، وينشئ مع صديقهالجديد ناديا للقتال. الفيلم لم يحقق نجاحا يذكر عند بداية عرضه في شباك التذاكر ولم يلق قبولا نقديا واسعا نظرا لشدة قسوة مشاهد العنف به، ولكن بعد وقت قليل انتبه النقاد لهذا الفيلم ليضعوه في كل قوائم أفضل الأفلام، بل وستجده في العديد من قوائم أفضل مائة فيلم علي الإطلاق ليتحول الي ما يسمي بـcult film وتحقق مبيعاته علي الدي في دي إيرادات رائعة. الفيلم انتقد بشكل صارخ الرأسمالية والعالم الحديث وأمريكا بل اعتبره البعض من الأفلام المستبصرة، فبعد أحداث 11 سبتمبر، ربط الكثير بين مشهد سقوط البرجين وبين مشهد الفيلم الأخير الذي تنهار فيه المؤسسات التجارية الكبري. الجدير بالذكر ان عام 1999 شهد أفلاما علي أشكال مختلفة تتنبأ بانهيار الحلم الأمريكي وتغيير نظام العالم مثل الجمال الأمريكي وThe Matrim وبرغم من الأهمية التي حققها «نادي القتال» اختار فينشر غرفة الفزع في عام 2002 حاول أن يكون مشروعه الجديد آنذاك فيلما تجاريا بالمقام الاول دون أي قيمة فكرية تذكر، وكان هذا الفيلم هو Panic Room «غرفة الفزع» وقامت ببطلوته جودي فوستر، وهو فيلم إثارة وتشويق حول أم وابنتها يعيشان بمفردهما ويتعرضان لعملية سطو مسلح مما يضطرهما الي الاختباء في غرفة خاصة بالمنزل ومواجهة اللصوص من خلال هذه الغرفة وامكانياتها. الفيلم وصفه فينشر نفسه بأنه فيلم تجاري ممتع لكن جيد الصنع وهو لم يكذب في ذلك. توقف بعدها فينشر خمس سنوات ليعود في 2007 بفيلمهZodiac «قاتل الزودياك» وهو عن قصة حقيقية شهيرة حول قاتل متسلسل ظهر في الستينات سمي بقاتل الزودياك ولم يكشف عن هويته حتي اليوم. الفيلم كان مأخوذا عن كتاب من تأليف «روبرت جراي سميث» رسام الكاريكاتير الذي كرث مجهوده لمحاولة كشف هوية القاتل دون جدوي وقام بهذا الدور الممثل جيك جيلينهال بمشاركة روبرت داوني ومارك رافلو. الجدير بالذكر ان هذا الفيلم يعد اول فيلم يصوره فينشر بالكامل بتقنية الديجيتال، وشارك به في مسابقة مهرجان كان كأول مشاركة له في مهرجان دولي مهم وان كانت الاخيرة حتي الآن. وفي العام التالي أخرج فينشر الملحمة الانسانية The Curious case of Benjamin Button حالة بنجامين بوتوم المدهشة» التي تتناول حياة بنجامين الذي ولد بجسم كهل ومات بجسم طفل رضيع، وقد قام ببطولة هذا الفيم براد بيت «للمرة الثالثة مع فينشر» وكيت بلانشيت. ويختلف هذا الفيلم عن كل ماسبق من أفلام فينشر فلا يوجد تشويق أو عنف أو قاتل مهووس، بل ملحمة انسانية مثيرة للشجن والدموع. وفي هذا الفيلم استخدمت التقنيات الحديثة والجرافيكس لتغيير المراحل العمرية للممثلين بدلا من الماكياج التقليدي وكانت النتيجة مدهشة بلا خلاف. وكما كان متوقع ترشح الفيلم لـ13 جائزة أوسكار حصل علي 3 منها فقط بعد أن اقتنس فيلم داني بويل «المليونير المتشرد» معظم الجوائز المهمة. ويعود فينشر في العام التالي بتجربة هي أيضا مختلفة وهو فيلم The Social Network «الشبكة الاجتماعية» وهو يتناول حياة المليونير الشاب «مارك زوكربيرج» أثناء انشائه موقع التواصل الاجتماعي الشهير Facebook «فيسبوك» والقضايا التي رفعت عليه بعد انشاء هذا الموقع. والفيلم بالفعل حالة فريدة في أفلام فينشر، فلا تشعر أنك تشاهد فيلما ضخما كبقية أفلامه، بل إن البعض اتهم الفيلم بأنه أشبه بحلقة تليفزيونية، ولكن جودة بناء السيناريو والتمثيل كانت كفيلة ليرشح الفيلم لـ8 جوائز أوسكار ويحصل علي 3 منها تضمن جائزة السيناريو ليخسر جوائز أفضل فيلم وإخراج الفيلم The king's speech «خطاب الملك». وشم التنين يعود فينشر هذا العام بفيلم The Girl with the dragon Tattoo «الفتاة ذات وشم التنين» المأخوذ عن سلسلة روايات سويدية ناجحة من تأليف ستيج لارسون وسبق تقديمها في سلسلة أفلام سويدية عام 2009 بنفس الاسم. والفيلم، كحال الرواية، ينتمي لأفلام التشويق والمغامرات والاثارة. تدور أحداث الفيلم حول صحفي تعرض لحملة تشويه، يطلب منه كشف لغز اختفاء فتاة من 40 عاما بمقابل مادي مغر وتساعده في مهمته فتاة غريبة الأطوار تحترف قرصنة الكمبيوتر. ولكن الخطين لا يلتقيان سوي بعد ساعة وربع الساعة من بداية الفيلم التي اقتربت مدة عرضه من الثلاث ساعات إلا ربع الساعة، وهي في رأيي كانت أكثر مما يحتمل الفيلم. لكن في هذا الفيلم يعود فينشر إلي فرد عضلاته الإخراجية من خلال الصورة المبهرة والمشاهد الحابسة للأنفاس، فربما تتذكر هنا «نادي القتال»، خصوصا أنه نجح بشدة في فرض حالة عامة لا تنقطع طوال الفيلم وفي أسلوب ربما أعطي للقصة ثقلا أكثر مما هي عليه. وساعد في بناء هذه الحالة موسيقي ترينت رازور وأيتكوس روس اللذان وضعا موسيقي فيلمه السابق «الشبكة الاجتماعية» وحصلا بسببه علي جائزة الأوسكار. كما لا يجب أن نغفل التصوير الرائع لجيف كررونينويث المرشح للأوسكار عن هذا الفيلم، والذي كان من أقوي عناصر العمل. الفيلم مرشح لخمس جوائز أوسكار، منها جائزة التصوير، وجائزة التمثيل لروني مارا الذي أدهش النقاد والجماهير بأدائه خصوصا أنه كان من المقترح أن تقوم ببطولة الفيلم بطلة الفيلم السويدي، ولكنها اعتذرت. الفيلم مرشح أيضا لجوائز الصوت والمونتاج، وهو أمر متوقع لفيلم تجاري عال الجودة كهذا، لأن الأفلام التجارية والتشويق تحديدا، لا ترشح عادة لجوائز أفضل فيلم أو إخراج. ربما يكون هذا الفيلم اضافة للسينما الأمريكية التجارية «التي هبط مستواها بشدة مؤخرًا» أكثر مما هو اضافة لمخرجه دافيد فينشر، فالفيلم ليس به عمق حقيقي ولا يترك أثرا واضحا، اللهم إلا بعض المشاهد. الطريف أن دعاية الفيلم وصلت لدور العرض المصرية تمهيدا لعرضه، وإن كنت أري صعوبة شديدة في عرضه بمصر لوجود مشاهد جنسية واغتصاب قاسية جدا، لأن رقابتنا الحميدة لا تحذف أيا من مشاهد العنف لكن تسن مقصاتها علي أي مشهد عري أو حميم. هناك مخرجون صنعوا لأنفسهم بصمة وشكلا محددا، وهناك آخرون يصنعون أسلوبا مختلفا في كل فيلم، ودافيد فينشر بنتمي للنوع الثاني، لذا فليس غريبا أن يكون فيلمه القادم مقتبسا عن «20 ألف فرسخ تحت الماء» وإن كنا لا نستطيع تخمين كيف سيظهر الفيلم، لكن نستطيع أن نتوقع عملا مميزا آخر متكامل العناصر يحقق متعة المشاهدة وربما يثير التفكير.

جريدة القاهرة في

07/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)