حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أتوم إيجويان: مهموم بمأساة قومه الأرمن

أمير العمري

مرة أخرى يعود ملف مذابح الأرمن التي اتهم الأتراك بارتكابها عند نهاية الامبراطورية العثمانية إلى صدارة الأخبار في العالم.

فرنسا تسعى الى اصدار تشريع يعترف بما وقع من جانب الأتراك ضد الأرمن في أوائل القرن العشرين، وأنقرة تهدد فرنسا بعواقب وخيمة ستنعكس على العلاقات بين الدولتين في حالة صدور مثل هذا القرار.

ما الذي قدمته السينما حول هذه القضية الجدلية الشائكة؟

النقد السينمائي العربي لم يهتم كثيرا بتناول أعمال المخرج السينمائي الأرمني الأصل أتوم إيجويان Atom Egoyan الذي يمكن القول إنه يعد الإضافة الأرمينية الأهم على خريطة السينما العالمية.

هذا المخرج من مواليد القاهرة (مصر) في 19 يوليو 1960، وهو يحمل الجنسية المصرية، لكنه هاجر مع أسرته الأرمينية وهو لم يتجاوز مرحلة الطفولة بعد، إلى مدينة تورنتو في كندا، واستطاع أن يشق لنفسه طريقا حافلا في مجال الاخراج السينمائي، وأصبح بعد ذلك، المخرج الأكثر شهرة في العالم القادم من كندا الناطقة بالإنجليزية بعد ديفيد كروننبرج.

إيجويان نموذج للسينمائي صاحب الرؤية السينمائية بالمعنى الشامل للكلمة، أي بمعنى أننا نستطيع أن نرى في كل أعماله أنه يعبر عن عن رؤية خاصة للعالم، ونلمح بوضوح بصمة شخصية له ترتبط بالتجربة الذاتية وبالعالم الخاص للفنان، وهو بالتالي ليس مجرد مخرج سينمائي يصنع الأفلام حسب المقاييس التي تفرضها السوق السائدة، كما أنه نموذج للمخرج- المؤلف الذي يكتب سيناريوهات أفلامه بنفسه حتى لو كانت مستمدة من أعمال أدبية منشورة، يختارها بدقة ويصوغها صياغة تجعلها في المحصلة الأخيرة، تعبيرا عن تجربته وذاكرته الشخصية.

التقويم
فيلم "التقويم" Calender الذي أخرجه إيجويان عام 1993 يعد أفضل تعبير عن رؤية هذا السينمائي وأفكاره.
يقول إيجويان في البيان الذي أصدره وقت ظهور فيلمه "أردت العثور على قصة تتعامل مع المستويات الثلاثة للوعي الأرمني: الحس الوطني، والإحساس بالمنفى، والرغبة في التكيف. ولذا فإن الرجل الذي يعمل مرشدا سياحيا في الفيلم "أشود أداميان"، هو أرمني، لكنه ولد ونشأ في أرمينية وليس في المهجر. أما المترجمة فهي من الأرمن الذين ولدوا في المهجر، وأخيرا فإن المصور الفوتوغرافي أرمني من المندمجين تماما في محيط ثقافة بلد آخر.. أي في نطاق المهجر. الشخصيات الثلاث تغطي جانبا من الجوانب الثلاثة التي تتشكل منها شخصية إيجويان نفسه.

وهم الاندماج

يصور الفيلم كيف يقوم مصور فوتوغرافي أرمني الأصل، بالعودة إلى أرمينية، بلد أجداده، بغرض الزيارة لكي يلتقط 12 صورة يستخدمها في صنع التقويم السنوي الجديد. وهو يصطحب معه زوجته لكي تترجم له لغة بلاده التي لا يعرفها بحكم مولده ونشأته في الخارج، في كندا، ويستأجر مرشدا سياحيا لمصاحبته في جولته. وفي النهاية يلتقط المصور 12 صورة لكنائس أرمينية هي الصور التي يحتاجها في عمله لكنه يخسر زوجته التي ترتبط عاطفيا بالمرشد السياحي وتفضل البقاء في أرمينية!

ويتذكر الأماكن التي قام بصحبة زوجته بزيارتها، ويلتقي في موعد محدد كل شهر، بامرأة مختلفة من تلك الأقليات العرقية التي تقيم في كندا، يتناول معها العشاء ويتسامر. وبعد انتهاء العشاء تنهض كل امرأة لكي تجري مكالمة هاتفية مثيرة بلغة بلادها الأصلية مع رجل على الطرف الآخر، في حين ينهمك صاحبنا في كتابة رسالة طويلة الى زوجته، ويتذكر ما مر به من مشاهد خلال رحلته إلى أرمينية من خلال لقطات مصورة بالفيديو.

يتصل الرجل بابنته بالتبني يسألها ما إذا كانت زوجته قامت بزيارتها بصحبة رجل آخر، يطلب من المرأة التي ستزوره في شهر نوفمبر (حسب جدول لقاءاته الشهرية) أن تكف عن اجراء تلك المكالمة المثيرة العابثة وأن تتكلم بدلا من ذلك عن أصولها الأرمينية.

لا يكف الرجل عن التفكير لحظة واحدة في زوجته التي فضلت البقاء "هناك".. في "الوطن" الأصلي. وتصبح هي الوسيلة الدرامية التي تستدرجه للخروج ولو ذهنيا من حالة "المنفى" من خلال الذاكرة، كما تتحول الى مفجر لتمرده على حالة الهجرة الثقافية التي يعيش فيها في كندا أو تلك الحالة التي تسمى بـ "الاندماج". لكن أزمته في الحقيقة، تتسع ولا يبدو أنه سيعثر على حل سهل لها، فقد انقلبت حياته رأسا على عقب. لقد أصبح حائرا، عاجزا عن الاختيار.

من الناحية الفنية يحقق إيجويان مستوى متقدما بدءا من اختياره لشخصيات الفيلم الذي كتب له السيناريو بنفسه: المصور الذي يقضي قسما كبيرا من حياته داخل غرفة مظلمة هي غرفة التحميض، يرى العالم من خلال لقطات الفيديو أو الصورة الفوتوغرافية بعد أن أوهم نفسه أنه أصبح يمتلك العالم ويسطر على كل ما حوله في مهجره الدائم في كندا، في حين يشعر في قرارة نفسه، بأنه يفقد نفسه تدريجيا، وينعزل وتسيطر عليه فكرة "الوطن" سيطرة تجعله عاجزا عن إقامة أي علاقة سوية مع الآخرين (نلاحظ مثلا علاقته الغريبة بالمرأة، فقد أراد أن يجرد علاقته بالنساء، وأن يبعدهن عن التدخل في شؤون حياته لكن الآية انقلبت عليه، فقد ساهم هذا الاختيار الغريب في تعميق أزمته وتضخيم شعوره بالاغتراب.

هناك أيضا ذلك الاهتمام الكبير الذي يبديه إيجويان بالبناء الفني للفيلم الذي يتمحور حول فصول السنة الأربعة المختلفة، والأشهر المختلفة. إنه يتبع اسلوب تعاقب الفصول، فكلما توغلنا مثلا في الشتاء كلما تعمقت أزمة البطل وازداد احساسه بالغربة.

ويتلاعب إيجويان هنا بفكرة التقويم التي يستمد الفيلم اسمه منها، كما يكثف اغتراب بطله من خلال تركيزه على علاقته بالآخرين من خلال الرسائل التي يتركها له هؤلاء أو يتركها هو لهم على آلة التقاط الرسائل والمكالمات الهاتفية، أو من خلال التركيز على اعتماده على الوسائل التكنووجية التي تبعده عن البشر مثل: كاميرا الفيديو التي يعتمد عليها في التصوير السياحي أثناء رحلته، جهاز الفيديو والهاتف، الكاميرا الفوتوغرافية التي لا تريد أن ترى الناس والحقائق في الوطن الأصلي بل تكتفي بالتقاط مناظر أقرب إلى الأيقونات.

أبعاد النفس

من هذا الفيلم الذي يعد محطة مهمة في مسيرة إيجويان الفنية ينتقل بعد ذلك الى فيلمه الأكثر شهرة في العالم وهو فيلم "إكزوتيكا" (1994) هذا الفيلم الذي يوحي عنوانه بأنه من أفلام الإثارة هو في الحقيقة أبعد ما يكون عن ذلك. إنه يتعامل مع البعد السيكولوجي من خلال الإيروتيكية وليس الاثارة الرخيصة، وهو اتجاه مشروع في الفن. إنه يكشف من خلال مناظره الصادمة، وممارسات شخصياته الجريئة، ليس عن رغبة في تحقيق الاثارة للمشاهدين، بل عن المأساة الكامنة في أعماق هذه الشخصيات والأسى الذي يسيطر على مشاعرها. إنه بهذا المقياس، فيلم عن المشاعر وعن الحزن والصدمة والألم الإنساني.

إن الملهى الليلي الذي يدعى "إكزوتيكا"، وهو محور الأحداث في الفيلم، هو معادل للعالم كما يراه إيجويان. إنه محيط لعلاقات وسلوكيات فقدت براءتها، وغالى  اصحابها في الاستغراق فيها كلما ازداد شعورهم بفقدان الأمان.

لقد أصبح التركيز الأساسي لاهتمام الجميع يتركز حول فكرة المتعة واللذة العابرة والاثارة، وهي لذة لا ترتوي أبدا. إنها هنا المعادل الدرامي للجحيم، للتدهور الانساني. والمرأة التي يدور الصراع حولها في الفيلم هي راقصة تتعرى يوميا، أي تمتهن نفسها في الملهى. وهي تدعى كريستينا، إنها رمز للشقاء والراحة معا، فهي تقوم بعملها كما لو كانت تمارس نوعا من العلاج النفسي للزبائن، وهم يتصارعون حولها ولكنها تتخذ من المكان أداة للسيطرة عليهم كما لو كانت أما لجميع الرجال.

فيلم "إكزوتيكا" ليس فيلما من أفلام الإدانة، أي أن إيجويان لا يدين تلك الشخصيات التي نراها كما يحدث في الدراما الأرسطية، بل يتعاطف معها ويرثى لحالها ويفهم نقاط ضعفها، لكن من خلال أسلوب ديناميكي حافل لا يخفي ما فيه من متعة بصرية شبيهة بالمتعة التي تتحقق في أفلام المخرج الايطالي فيلليني.

عن الآخرة الحلوة

أما فيلم "الآخرة الحلوة" The Sweet Hereafter الذي أخرجه إيجويان عام 1997، فهو يعبر فيه عن احساسه الشخصي بالأسى والألم الذي يتماثل معه في كل أفلامه بحكم عوامل نشأته وتراثه الشخصي وثقافته الأرمينية المعذبة. الفيلم مقتبس من رواية تدور حول حادث تعرضت له حافلة كانت تقل عددا من تلاميذ المدارس مما أودى بحياة أربعة عشر منهم وجرح عدد آخر. كيف يمكن أن يتصدى محام لهذه القضية التي يوكله بها أقارب الضحايا، وكيف يواجه هو الآخر مشكلته الخاصة التي تتمثل في إدمان ابنته الصغيرة المخدرات؟

من هذه الكارثة الانسانية يصنع إيجويان عملا يشع بعشرات المعاني الانسانية ويعبر من خلال لغة السينما البليغة عن الخوف الكامن في داخلنا من فقدان من نحب. بل والخوف أيضا من أن نصبح ذات يوم، عاجزين عن انقاذ أبنائنا، وعن حقيقة الشعور بالوحدة والغربة في مجتمع لا يكف فيه الجميع عن التشدق بالحديث عما تحققه أجهزة الاتصال الحديثة من تقارب وتواصل في حين أنها ربما تعمق شعورنا بالغربة.

جدل حول "أرارات"

ولأن إيجويان كان دائما مهموما بما تحمله الذاكرة الجماعية للأرمن في المنفى فقد كان من المحتم أن يقدم على اخراج فيلم "أرارات" Ararat (2002).

وقد أثار هذا الفيلم تحديدا الكثير من الجدل والخلافات بسبب موضوعه الجريء المثير الذي يتناول بشكل مباشر ربما للمرة الأولى في السينما، ما ارتكبه الجيش التركي من مذابح جماعية للأرمن عام 1915، وهي أحداث موثقة تاريخيا وان كانت تقديرات أرقام الضحايا تتراوح بين 600 ألف إلى مليون ونصف مليون ضحية.

ولاشك أن تشبث تركيا برفض الاتهامات جملة وتفصيلا، واصرارها على النفي المتكرر يلعب دورا أيضا في الضغط على حكومات بعض الدول ودفعها للصمت ازاء هذا الملف، لأن الاعتراف بالهولوكوست الأرمني، ربما يجعل الحديث يخفت ولو قليلا في الغرب، عن الهولوكوست اليهودي!

إيجويان اختار أن يلتف قليلا حول الموضوع لكي يبتعد عن القالب التسجيلي المباشر، وجعله بدلا من ذلك فيلما حول الآثار النفسية المدمرة التي تسبب فيها التشويه التاريخي وذلك الإنكار المتواصل لما وقع حتى يومنا هذا حتى بين عدد من الأرمن المهاجرين.

إنه يستخدم أسلوب "الفيلم من داخل الفيلم" ويواجهنا ببطله، المخرج الشهير الأرمني الاصل إدوارد سارويان (يقوم بالدور شارل إزنافور) الذي يخرج فيلما روائيا تاريخيا عن المذبحة، يعتمد على مذكرات كتبها طبيب أمريكي يدعى كلارنس أوشر، أو بالأحرى، هي يومياته عن الحصار الذي فرضه الأتراك حول مدينة "فان".

يستعين المخرج (داخل الفيلم) بـ"آني"، وهي كاتبة السيرة الشخصية للرسام الأرمني الشهير أرشيل جوركي (الذي نراه في الفيلم من خلال مشاهد العودة للماضي) وكان يعيش في مدينة فان أثناء طفولته.

تشرح "آني" للمخرج لوحة من لوحات الرسام تصوره واقفا مع والدته، لكن العلاقة المحورية في الفيلم تدور بين آني وابنها (رافي) البالغ من العمر 18 عاما، والذي يعمل سائقا ضمن طاقم انتاج الفيلم الي يجري تصويره في كندا، وكان والده قد قتل بينما كان يحاول اغتيال دبلوماسي تركي.

ورغم أن الشاب يدرك حقيقة تراثه التاريخي والثقافي ويحتفظ بالكثير من الصور والأغاني القديمة الأرمينية، إلا أنه عاجز عن فهم الماضي والتماثل معه.

يحقق رجال الجمارك مع رافي الذي عاد لتوه من رحلة الى تركيا زار خلالها الموقع القديم للأرمن في شرق البلاد. وقد عاد ومعه علبة تحوي شريطا سينمائيا تسجيليا يقول إنه صوره لكي يستعين به المخرج في فيلمه هذا. إلا أنه يرفض أن يفتش رجال الجمارك العلبة. ويخضع رافي للتحقيق ويروي للمحققين تاريخ ما حدث أو يحاول تذكره من خلال الروايات الشفوية الممتدة من جيل الى جيل بين الأرمن. أي من خلال الذاكرة الجماعية.

يحاول أتوم إيجويان من خلال أسلوب الفيلم داخل الفيلم، أن يعيد تجسيد حصار مدينة فان وما انتهى اليه من مذابح، لكن هذا التداخل بين الفيلم والتاريخ والذاكرة، والانتقال بين الشخصيات، وبين الماضي والحاضر، من الوقائع القديمة التي يصاحبها التعليق الصوتي، إلى اللقطات الحديثة، يؤدي الى تشتيت رؤية المتفرج خاصة وأن الفيلم يقع كثيرا في الطابع المسرحي بايقاعه البطئ، مبتعدا عن الطابع الحداثي العام الذي يميز أفلام إيجويان.

ويحتوي الفيلم على الكثير من القصص المتداخلة، كما يمزج  ايجويان بين الفيلم الذي يجري تصويره عن المذبحة ويدعى "أرارات" (نسبة الى الجبل الشهير)، وبين الفيلم التسجيلي الذي عاد به رافي حديثا، ولاشك في بلاغة الكثير من مشاهد الفيلم وقوتها التعبيرية المدهشة.

ويحسب للفيلم في النهاية أنه فتح ملفا لم يكن أحد ليجرؤ على فتحه في السينما، كما أنه تعامل مع موضوعه برؤية فنية تعكس اهتمامه الشخصي بقضية تتعلق بقومه.

الجزيرة الوثائقية في

31/01/2012

 

صحافيون عراقيون يروون قصصا قاسية في افلام وثائقية

طاهر علوان 

تشكل حياة الصحافيين والعمل الصحافي في العراق بعد 2003 مادة خصبة للبحث وعرض الوقائع التي ترتبت على الأحتلال وتبلور شكل جديد من العلاقة بين الصحافي ومصادر الأخبار الأمر الذي شكل تحديا كبيرا في بيئة خطرة بشكل عام على حياة الصحافيين بدليل العشرات من الصحفيين العراقيين والعرب والأجانب الذين سقطوا وهم يؤدون هذه المهمة راكبين موجة الخطر في مهنة هي الأخطر  وفي بقعة هي الأكثر سخونة  .

ومما لاشك فيه ان قصص استهداف الصحافيين والظروف التي رافقتهم كانت وماتزال دافعا لكشف الحقيقة  ولتجسيد تلك القصص في افلام وثائقية تكشف عن التفاصيل  الكامنة وراء ذلك .
ويبرز هنا فيلمان وثائقيان من بين افلام اخرى اختار صانعاهما ان يذهبا بعيدا في استقصاء الظاهرة وتتبع ظروف عمل الصحافيين ومكابداتهم والظروف التي رافقت عملهم .عملان بذل صانعاهما جهدا مميزا في تسليط الضوء على المسكوت عنه من هذه القصص المأساوية التي كان ضحيتها اولئك الباحثين عن الحقيقة .

الفيلم الوثائقي تكلم كما تفكر : اخراج عماد محمد

يوميات الصحافية الشابة والنشيطة "كوثر" هي التي يقتتح بها الفيلم منذ المشهد الأول ولتكشف هذه الفتاة المثابرة عن مكابدات الصحافي بصفة عامة فكيف اذا كانت امرأة تتنقل بين حقول الألغام ؟

تمضي كوثر يومها متنقلة بين الندوات والمؤتمرات لتغطيتها ثم لنشاهدها عائدة لبيتها البسيط وهي تروي في كل حركة جانبا من معاناتها ، انها ببساطة تشعر بأنعدام الأمان وان لااحد يحميها ولا يدافع عنها ضد اي خطر كامن ، لكنها وهي تروي ماتشعر به تؤكد ان منطلقها هو حبها الكبير للعمل الصحافي لكنها تشعر بالتهديد الحقيقي دائما .

كوثر تختطف في كمين هي وزملاؤها وزميلاتها اثناء قيامهم بتغطية حدث صحفي ولكنهم سينجون بأعجوبة ثم ماتلبث ان تتلقى تهديدات بالقتل لينتهي بها المطاف الى الخروج من العراق مضطرة لكي تنجو بحياتها بعد ان تحول من يستهدفونها الى اشباح لاتعلم من هم والى اية فئة ينتمون .

بتواز في تقديم الصورة الوثائقية نتنقل  بين اكثر من مثال وحالة سنكون مع قصة الصحافي ابراهيم الكاتب  الذي يصدمك انه بسبب تلك المهنة واخلاصه لعمله الصحافي فقد تحول الى انسان مقعد وعاجز عن الحركة بسبب اصابته بالشلل لتواجده في مؤتمر للمصالحة في منطقة ابو غريب نظمته وزارة الداخلية وليطوق مكان انعقاد المؤتمر بجماعات مسلحة تجهز على الحاضرين لتقع مجزرة رهيبة ذهب ضحيتها العديد من الصحافيين وكان نصيب ابراهيم شظية في الدماغ بقي على اثرها فاقدا للوعي لشهور حتى انتهى به المطاف مصابا بشلل في الأطراف السفلى .

يروي ابراهيم وقائع محزنة لمكابدات عمله وان الصحافي يمكن ان يستهدف لأي سبب لاسيما بسبب عمله في وسيلة اعلامية قد لاترضي هذا الطرف او ذاك .

ومانلبث ان ننتقل الى منزل بسيط ، يدخل اليه المصور الصحافي ابراهيم جاسم فوتوغرافي الذي يروي قصته بعفوية انه اعتقل سنة 2008 عندما داهمت القوات الأمريكية بيته بأنزال جوي واعتقلوه ووضعوه في حجز انفرادي لمدة 21 يوما وما لبث ان امتد سجنه الى مدة  عام ونصف لم يعرف خلالها ماتهمته وليمضي ذلك الزمن في معتقل كروبر الأمريكي قرب مطار بغداد ولتنتهي رحلة الشقاء بكلمة sorry يقولها له الضابط الأمريكي .

الفيلم الوثائقي مهنة الموت : اخراج حسن قاسم

اما المخرج حسن قاسم فيقدم في ذات الموضوع قصصا اكثر ، بل انه يجري مسحا مؤثر لقصص استشهاد عشرات الصحافيين  العراقيين ليصدق وصفه لها انها مهنة الموت .

يبدأ الفيلم بلقطات للمراسل الصحافي مازن الطميزي الذي اغتيل قبل بضعة سنوات ولينتقل الى زميلته اسيل العبيدي (27 عاما) التي قتلت على ايدي القوات الأمريكية عن طريق الخطأ عندما كانت تغطي الأنتخابات النيابية في قلب بغداد .

اما الصحافي الشاب حيدر هاشم (27 عاما ) فيقدم الفيلم لقطات مؤثرة من حفل زواجه والذي مالبث ان فقد حياته في نفس الأنفجار الذي تسبب في شلل زميله ابراهيم الكاتب  وحيث قتل في ذلك الأنفجار 60 شخصا من بينهم 20 صحافيا .

وينتقل بنا الفيلم الى قصة مؤثرة لمقتل اب وابنه وكلاهما صحافيان ليتركا تلك الزوجة والأم الثكلى وهي تروي فجيعتها .يستخدم الفيلم تتابعا مؤثرا من خلال الكم الكثيف من الوثائق ومتابعته ذلك الواقع الصعب الذي عاشه الصحافيون في العراق ومازالو يعيشونه .

فالقصة تبدأ في الفيلم في النزول الى الميدان وهي التفاتة مهمة في توصيف الظاهرة ومعالجتها فيلميا وذلك ابتداءا من المشهد الأول حيث يقف المرسل ومن خلفه دبابة محترقة وهو ينقل الحدث وسط اشتعال النيران ، ان تكون في الميدان بصفتك صحافيا معناه انك في مواجهة ذلك القدر الذي لاتعلم كيف سيتشكل ولا كيف سيؤول الواقع .

وبموازاة ذلك يستخدم المخرج اسلوب المقابلات المباشرة والصوت الخارجي voice over  لملاحقة موضوعه ولملمة خيوطه المتشعبة بتشعب الأسباب التي تقف وراء استهداف الصحافيين في العراق لغرض اخفاء الحقيقة .

يتحدث عدد من الخبراء والمحللين الذين استضافهم الفيلم ليخرجوا بنتيجة واحدة مشتركة وهي  ان الصحافي وهو ينزل الى الميدان في العراق فأنه يضع روحه على كفه لأنه لايعلم في اية مهمة صحافية وتحت اي ظرف يمكن ان يفقد حياته .

صورة اخرى لمعاناة الصحافيين صادقة ومؤثرة وهي احتشاد عدد من الصحافيين امام مدخل احدى المؤسسات الحكومية لغرض الدخول لتغطية ندوة او مؤتمر لتقع احتكاكات عنيفة مع حراس المكان المدججين بالسلاح الذين يحاولون ازاحة الصحافيين جانبا والتخلص منهم ومنعهم من الدخول لسبب ما ، وفي واقع الأمر سنكون هنا امام سؤال عن مقدار الحماية والحصانة التي تمنحها الهوية الصحافية للصحافي والأعلامي وهل تجد لها من قيمة في اثناء عمل الصحافي واداءه لواجبه ؟

ينقل الفيلم صورة قاتمة تماما لنعوش تتلاحق وهي نعوش الصحافيين الذين قضوا في العراق واللذين زاد عددهم على 350 صحافيا قتلوا اما على يد القوات الأمريكية او على ايدي الجماعات المسلحة هذا ما عدا المخطوفين والمفقودين الذين مازال مصيرهم مجهولا تماما.

يذكر ان هذا الفيلم كان قد نال الجائزة الثانية في مسابقة صورة انسان وهي المسابقة الخاصة بأفلام حقوق الأنسان ضمن مهرجان بغداد السينمائي الدولي الثالث العام الماضي.

الجزيرة الوثائقية في

01/02/2012

 

الطيب والشرس والسياسى ، التحرير يصل السينما !

حسام يحيى – القاهرة  

خيمة صغيرة فى وسط " ميدان التحرير " رُفعت عليها لافتة كُتب عليها " توثيق صور وفيديوهات الثورة " استقبلت هذه الخيمة آلاف الصور والفيديوهات المميزة التى حَكتْ عن الثورة فى كل أيامها .

المنتج محمد حفظى فوجئ بكمية المشاهد التى وصلت إلى الخيمة ولم تُوثق فجاءت له الفكرة التى عرضها على المُخرج عمرو سلامة والتى تحمس لها وبدأت قصة فيلم " الطيب والشرس والسياسى ".

الطيب :

الفيلم الذى يطرح ثلاث وجهات للنظر لثلاث مُخرجين ، فالمُخرج تامر عزت يعرض وجهة نظر الثوار فى الجزء الأول من الفيلم " الطيب " الذى بدأ بهتافات الساعات الأولى يوم 25 يناير وبدأ يحكى على لسان فتاة من ضمن المشاركات فى اليوم الأول ، ثم أكمل القصة أحد الشباب الذى عرفَ نفسه أنه أحد شباب الإخوان الذى حكى كيف سار اليوم الأول معه ، وكيف أنه اعتلى المدرعة الأولى التى هاجمت أول المظاهرات وصولاً لميدان التحرير وكيف حصل على عدة رصاصات فى أنحاء متفرقة من جسده ، ثم يُكمل قصة " الطيب " مصور صحفى مصرى سافر خارج مصر فى منحة دراسية للدنمارك قبل الثورة بيومين لكن مع انطلاق الثورة لم يستطع النوم وعاد فى ذات اليوم إلى القاهرة لنقل قصص الثورة ويحكى كيف أنه نجا من الموت فى موقعة الجمل بسبب إنقاذ عدد من الثوار له من مرمى البلطجية وكيف أنهم عرضوا أنفسهم للخطر ، كي تُكمل الصورة قصتها .

الشرس :

ثم انتقل الفيلم إلى وجهة النظر الثانية وهى وجهة نظر " الشرس " للمخرجة آيتن أمين والذى يحكى القصة من وجهة نظرِ أخرى ، وجهة نظر الذى يضرب الرصاص والمطاطى وقنابل الغاز على المتظاهرين ، الذى يحكى فيه نقيب فى قوات الأمن المركزى عن السلبيات الكثيرة التى تُعانى منها قوات الأمن المركزى والتى أدت إلى كراهية الشعب الشديدة لجهاز الشرطة بالكامل ، ثم يستكمل رائد بقوات الأمن المركزى والذى رفض أن يظهر فى الفيلم بوجهه يستكمل القصة قائلاً بأنه فى " جمعة الغضب " استطاع أن يواجه 1000 متظاهر ب 500 جندى ، ويستطيع أن يواجه 10 آلاف متظاهر ب 500 جندى ، لكن لا يستطيع أن يواجه مئات الآلاف ب 500 جندى ، ولذلك عندما وقف فى وجه مظاهرات جمعة الغضب صمد قليلاً ثم يصف الوضع بأنه شعر بأن مصر كلها تتظاهر فانسحب سريعاً ، وفعل مثله قادة الأمن المركزى والشرطة فى جميع الجمهورية بعد الهزيمة أمام "قوات الشعب المصرى " وكيف أن نجاح المتظاهرين فى الوصول لميدان التحرير مثلَ له سقوط النظام والهزيمة الكبرى له ولقوات الأمن المركزى.

السياسى :

يذهب الفيلم بلقطات سريعة إلى مشهد للرئيس المخلوع حسنى مبارك فى بدايات حكمه وكيف أنه شهد اللحظات الأخيرة للسادات ، على لسان " الأمين العام للحزب الوطنى الحاكم سابقاً " حيث حكى حسام بدراوى تفاصيل اجتماعه الأخير بمبارك وكيف أنه حذره من مصير الرئيس الرومانى وكيف أن مبارك وعده بالتنحى يوم 10 فبراير ولم يُوفى بوعده فاستقال بدراوى لحظتها ، ثم يُكمل القصة بلال فضل الكاتب الصحفى المصرى والذى يروى كيف أن مبارك عاش عمره ديكتاتور ساهم فى صناعته الفنانون الذين نافقوه بأن غنوا له ، والجيش بجعله بطلاً قومياً يهتفون باسمه ويُشكلونه بأجسادهم ، ثم يتحدث علاء الأسوانى والدكتور البرادعى ومصطفى الفقى ومُصفف الشعر الخاص بمبارك ومُصوره الخاص عن نهاية القصة وكيف انتهى مبارك واللحظات الأخيرة التى يعيشها الديكتاتور كـ " النمر الجريح " حتى انتهت القصة بإعلان خطاب التنحى ومحاكمة مبارك بعد سقوطه ب 6 أشهر .

الفيلم من إخراج 3 مُخرجين ونال جوائز فى 3 مهرجانات دولية  ويُعرض فى دور السينما المصرية كأول فيلم وثائقى يُعرض تجارياً ، مما سيفتح الباب على مصراعيه للأفلام الوثائقية الجادة كى تنطلق فى السوق التجارى وتصل لجمهور جديد .

الجزيرة الوثائقية في

01/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)