حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رانيا يوسف:

ريكلام غلطة سأظلّ نادمة عليها!

كتب: القاهرة - جمال عبد القادر

رفضت أن يراها البعض مجرد وجه جميل نجح في العبور إلى الفن عبر بوابة الجمال فحسب، فمكانتها على الخارطة التي اقتنصتها بدأب تشكلت بما تملكه من موهبة وقدرة على التلون بين مختلف الأنماط الفنية. إنها الفنانة رانيا يوسف التي تبحث دوماً عن أدوار تبقيها في ذاكرة الجمهور ووجدانه، ولا تمانع في تقديم أي شخصية ما دامت تؤمن بها وتتفاعل معها.

عن أدوارها الأخيرة وما أثير حولها من جدل كان اللقاء معها.

·         «واحد صحيح» أحدث أعمالك الفنية، كيف كانت تجربتك فيه؟

هذا هو أول تعاون لي مع فريق العمل تمثيلاً وإخراجاً لهذا كنت سعيدة جداً به، خصوصاً دوري في الفيلم الذي لم أقدمه سابقاً واحتاج مني جهداً كبيراً لأنه يعتمد على الانفعالات النفسية. الحمد لله، كان رد فعل الجمهور تجاه الدور والعمل كله جيداً.

·         ترشحت أكثر من فنانة لهذا العمل، ألم يزعجك أن تقبلي دوراً ترشحت له ممثلة غيرك؟

من الطبيعي جداً ترشيح فنانة لدور في فيلم ما ثم الاعتذارعنه. هذا أمر واقع، ولا يعيب أي فنانة سواء التي اعتذرت أم التي قبلت الدور بعده. بالنسبة إليَّ، كنت من البداية المرشحة الأولى والأخيرة للدور.

·         هل سيطرت الغيرة حقاً بين فريق العمل؟

كلام غير صحيح، ولا أعرف لماذا يروجه البعض. المؤكد أن العلاقة بيننا جميعاً كانت ودودة ولا مجال لأي غيرة لأن الفيلم بطولة جماعية لأربع بطلات بمساحة متساوية.

·         انتقد البعض كثرة المشاهد المثيرة في الفيلم وارتداءك لباس البحر، فما ردك؟

أولاً، لا يتضمن الفيلم مشاهد ساخنة كما يدعي البعض، لكنها مشاهد إيحائية في سياق الدراما ولها ما يبررها بعيداً عن العري. أما في ما يتعلق  بلباس البحر فقد أخذ أكبر من حجمه لأن الشخصية التي أجسدها تنتمي إلى أسرة ميسورة الحال ولديها حمام سباحة في منزلها، ومن الطبيعي عندما تسبح أن ترتدي لباس البحر، علماً أنني اخترت أكثر المايوهات حشمة وارتديته، ولا أجد عيباً في هذا اللباس ما دام يخدم الدور الذي أقدمه. ألم ترتدي نجمات السينما مثل هند رستم وسعاد حسني وسميرة أحمد وميرفت أمين وغيرهن المايوه خلال مشوارهن الفني؟

·         ألم يقلقك واقع أن «واحد صحيح» هو العمل الأول للمخرج هادي الباجوري؟

على الإطلاق، فهادي الباجوري مخرج متميز وقدم كلبيات متميزة حققت النجاح. عموماً، لا أتخوف أبداً من أي مخرج ما زال في بداياته لأننا نتناقش في البداية، ثم تتضح رؤيته التي إما تحمسني لخوض التجربة أو تبعدني عنها.

·         ما هي حقيقة خلافك مع مخرج فيلم «ريكلام» علي رجب؟

علي رجب «ضحك عليا». طلب مني مساندته بالتنازل عن نصف أجري لأنه مشارك في الإنتاج، وبعد ذلك اكتشفت أنه يكذب ولا علاقة له بالإنتاج، ومع عرض مقتطفات من الفيلم اكتشفت أنني أظهر من خلاله بشكل غير لائق كما لو كنت كومبارساً. تحدثت مع رجب، فأكد أنه لم يشاهد المقتطفات لأن تصميمها يكون عن طريق الشركة المنتجة، فسألت المنتج الذي أكد لي أن المخرج هو المسؤول. بعد ذلك اكتشفت حذف سبعة مشاهد رئيسة لي من الفيلم. بتعبير أدق ظهرت كما لو بلا دور واضح، ما جعلني أرفض الظهور على ملصق الفيلم، وقررت أن أطوي هذه الصفحة من حياتي وحذفت هذا العمل من تاريخي واعتبرته غلطة سأظل نادمة عليها. كذلك طالبت الشركة المنتجة بأن تتعامل معي كأني ضيفة شرف، وضيوف الشرف لا يظهرون على الملصق.

·         ألا ترين أنه يحق للمخرج أن يحذف ما يحلو له من مشاهد، خصوصاً لو تعارضت مع وجهة نظره؟

طبعاً يستطيع المخرج أن يستغني عن المشاهد التي يرى أنها لا تستحق العرض، لكن من دون تشويه في الشخصيات ومع الحفاظ على تسلسل الدراما. للأسف، لميتحقق هذا الأمر مع رجب، لذا لن أتعاون معه مجدداً ولا مع شركة الإنتاج.

·         عرض فيلمي «ريكلام» و{واحد صحيح» في توقيت واحد، هل يصب في صالحك؟

كل فيلم يناقش قضية تختلف عن قضية الفيلم الآخر تماماً، والشخصيتان اللتان أجسدهما أيضاً مغايرتان تماماً. من هنا لا مشكلة في عرض الفيلمين في توقيت واحد، إضافة إلى أن مسألة العرض لا دخل للفنان بها.

·         تم حصرك أخيراً في الأدوار الجريئة، فهل جاء ذلك بقرار منك أم من المخرجين؟

الجرأة مطلوبة في الحياة عموماً. أما إذا كنت تتحدث عن جرأة المشاهد فمثلاً «صرخة نملة» و{زهايمر» لا يتضمنان أي مشاهد جريئة. باختصار، أؤدي الشخصية حسب معطياتها وليس كما أريد… وأرفض المشاهد المثيرة، خصوصاً أن لدي بنات يتابعن أعمالي.

·         ما هي شروطك للموافقة على أي عمل سينمائي؟

النص هو العنصر الأهم بالنسبة إليَّ، وهو سيد العمل الفني. كذلك أشترط أن يكون العمل بأكمله موظفاً بطريقة جيدة  ولا أهتم بدوري فحسب بل بالفيلم ككل، وأركز على الشخصية التي تثير في داخلي الفضول وتجعلني أنجذب إليها حين أضع نفسي مكان المشاهد، ثم يأتي بعد ذلك الحديث عن مخرج العمل، ويليه الأجر.

·         معظم أعمالك بطولة جماعية، لماذا؟

كنت بطلة في أول أفلامي بعنوان «النيل» لذلك لا أسعى إلى البطولة المطلقة وأفضل البطولة الجماعية لأنها تظهر مواهب الفنان وتشكل فرصة للتنافس، ما ينعكس إيجاباً على السينما والممثلين أيضاً.

الجريدة الكويتية في

16/01/2012

 

واحد صحيح…

سينما كاتب قدير ومخرج مبشر

محمد بدر الدين 

يبرع الكاتب السينمائي تامر حبيب في ما يمكن أن نطلق عليه دراما المشاعر، المشاعر الجياشة أو المشاعر المتأججة، في إطار قصص وعلاقات شاملة لأنواع ودرجات، من العاطفة بين المرأة والرجل.

يجتهد حبيب ويجيد في نسج الأحداث ورسم الأشخاص، النساء والرجال على السواء، ويقدم  بمهارة مأزق أو أزمة كل حالة. رأينا ذلك في أفلامه: «سهر الليالي»، «حب البنات»، و{عن العشق والهوى» في السينما وفي دراما التلفزيون أيضاً، وها هو يجتهد مجدداً في فيلم «واحد صحيح».

يتواكب إخراج هادي الباجوري في فيلمه الأول مع روح نص حبيب السينمائي ورهافته. فيتسم إخراجه بوهج أو ألق سينمائي، والحفاظ على إيقاع متسق، وروح أسلوبية واحدة، وإدارة ناجحة للممثلين استكملت النجاح في اختيارهم. ساعدت على ذلك مواهب وقدرات مدير التصوير أحمد المرسي، والمونتير أحمد حافظ، ومصمم الديكور فراس أسعد، والموسيقى فهد، والممثلين هاني سلامة، وبسمة، وكندة علوش، ورانيا يوسف، والوجه الجديد  المبشر  ياسمين رئيس.

إيقاع الفيلم متدفق حي، ومعظم المشاهد لا يخلو من لمحات حداثة وجمال شكلي في خدمة الموضوع، وليس تحذلقاً أو خروجاً على المضمون. فقد جاء التصوير والمونتاج ومختلف العناصر الفنية بجمالياتها أو بلاغتها دعماً للمضمون بأحداثه وشخوصه المتباينة.

ينطلق السيناريو والإخراج من عالم النفس إلى عالم العاطفة، ابتداء من نفسية بطله «عبد الله» (هاني سلامة)، مصمم الديكور الشاب الناجح، الذي لا يشعر بأنه مكتمل أو (واحد صحيح) إلا بوجود نساء عدة في حياته، متباينات لكنهن أيضاً متكاملات في نظره، لا يستغني عن أي منهن، بل يشعر أحياناً بأنه يحبهن في آن، لكن يعلم أن الحب الحقيقي والأول (حب العمر كله كما يشير الحوار) هو لـ «أميرة» (كندة علوش)، ويقول عبد الله: إذا كانت هناك امرأة تجعلني استغني بها عن الجميع… فهي أميرة! لكن أين هي؟

اختفت لسنوات من حياته، ولم يجدها على رغم بحثه الطويل عنها وحبها العميق له، لكنها المسيحية التي لا تريد أن تكرر مشكلة حياتها هي وأسرتها، حينما تزوج والدها من مسلمة، فلم تتقبل الأسرة وأصبحت الصدمة كزلزال ظلت تعقبه توابع، وهي لا تريد أن تكرر الموقف القاسي.

لكنها حين تعود، يكون عبد الله مستغرقاً في حكاياته مع أخريات، وسرعان ما ينجذب بأعماقه مجدداً لحبه القديم المتجدد، ويقف إلى جانبها في ظروف وفاة أبيها، ويصور له هذا الاقتراب أنه قريب من حلم زواجهما، لكنها تحكم العقل وتفكر في تبعات مثل ذلك الزواج في الدين والأسرة، وحتى أسرتها الجديدة التي ستكون، وإذا ما أنجبا في المستقبل.. إلخ، فتقرر الاختفاء من حياته.

لكن لعبد الله قصصاً أخرى كاملة مع أخريات، خصوصاً «نادين» (بسمة) و{فريدة» (رانيا يوسف) و{مريم» (ياسمين رئيس). المهم أن لكل منهن سمات شخصية ونفسية، استطاع السيناريو والإخراج والأداء، أن يقدم تميز كل حالة منها بتوفيق، بين نادين التي تعتبر نفسها طول الوقت أختاً بل أماً! لكن إلى متى؟ وفريدة الباحثة عن تعويض عاطفي بعد عذاب طويل في زواج مصلحة من رجل ثري شاذ (زكي فطين عبد الوهاب)، ومريم المذيعة الرقيقة التي تدعم والدة عبد الله (زيزي البدراوي) فكرة زواجه منها التي تكاد تتم… وهكذا.

ليس مهماً ذكر التفاصيل هنا، لكن المهم أن التفاصيل في دراما الفيلم متناغمة وليست نشازاً، حتى لو أن الفيلم تأثر أو حتى اقتبس غير القليل من الفيلم الأميركي «9» إخراج روب مارشال، أو غيره من أفلام دراما حيرة الرجل بين أكثر من امرأة تتجاذبه. فليس الاستيحاء أو حتى الاقتباس مدعاة للهجوم على فيلم مصري، ما دام قد حقق سمات خاصة وإتقاناً وتماسكاً درامياً، وهو ما توافر في «واحد صحيح».

فكم من مرات بلا حصر اعتمدت فيها السينما المصرية على استلهام أو اقتباس من أعمال، لكن الأفلام التي اتقنت وتميزت بسمات جديدة خاصة لم تكن كثيرة! خصوصاً أيضاً أن هذا هو عالم تامر حبيب، أو «ملعبه الدرامي» في الأساس، الذي يجيد فيه ويتقن، وهو عالم المشاعر الجياشة أو المتأججة، وصور التعاطف والعواطف بين الرجل والمرأة. وقد دخل هادي الباجوري في فيلمه الأول إلى ذلك العالم متفهماً ومتناغماً، فأكد موهبة إخراج واضحة تجعلنا ننتظر منه أعمالاً سينمائية أنضج باستمرار.

الجريدة الكويتية في

16/01/2012

 

مبادرة للحفاظ على هوية السينما المصرية

كتب: فايزة هنداوي  

يسيطر القلق على المهتمين بالسينما المصرية بعد فوز التيارات الإسلامية بأغلبية ساحقة في انتخابات مجلس الشعب، وعلى رغم التطمينات التي قدمتها هذه التيارات إلا أن قلوب السينمائيين غير مطمئنة، لذا قرر عدد منهم المشاركة في مبادرة للحفاظ على هوية السينما المصرية.

شكل عدد من السينمائيين المصريين «لجنة الدفاع عن حرية الإبداع» بمشاركة المخرج داود عبد السيد وهو صاحب الفكرة، والمخرج خالد يوسف ورئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية د. سيد خطاب، ورئيس المركز القومي للسينما د. خالد عبد الجليل، ووزير الثقافة السابق عماد أبو غازي. كذلك شاركت في اللجنة ليلى علوي بصفتها منتجة وعضوة في غرفة صناعة السينما، والمنتج محمد العدل وإسعاد يونس والمنتج محمد حسن رمزي و رئيس الغرفة منيب شافعي… فما هي الأسباب التي دعت إلى تشكيل هذه اللجنة؟

قال منيب شافعي إن المرحلة المقبلة ستكون صعبة على الثقافة عموماً وعلى السينما المصرية خصوصاً، لذا لا بد برأيه من تهيئة الرأي العام لمواجهة الخطورة التي قد تتعرض لها الثقافة، مشيراً إلى أن السينما أحد أهم أسلحة القوى الناعمة التي تؤثر من خلالها مصر في المنطقة، ولا بد من الحفاظ عليها وعلى سماتها الرئيسة، مع الاستفادة من تجارب النهضة السينمائية في بعض البلاد الأخرى مثل إيران.

كذلك أشار شافعي إلى أنه لا يأمن نظرة التيارات التي ستحكم مصر في الفترة المقبلة إلى السينما، لذلك لا بد من تطوير جبهة فنية تؤكد على حرية الفن بعيداً عن أي قوى سياسية.

حول أسباب هذه الدعوة، قال المخرج داود عبد السيد إن ما دعاه إلى هذا الاقتراح هو أن التغيرات التي حدثت في مصر اختزلت مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية في أنشطة وقرارات وأعمال ضارة أكثر منها نافعة، فقد كان الهدف الحقيقي منها هو إخماد شعلة الثورة، وأن يرث الحزب الحاصل على غالبية الأصوات تركة الدولة السلطوية السابقة.

في السينما مثلاً، الدولة هي المسؤولة عن الثقافة السينمائية والأرشيف ودعم المهرجانات، بالإضافة إلى أنها تقدم دعماً على استحياء لعدد من الأفلام، ويتساءل عبد السيد: كيف سيكون شكل السينما مع وجود التيارات السلفية في سدة الحكم؟ هل ستسمح بوجود النساء مع الرجال على شاشة السينما؟ ويؤكد أن الديمقراطية ليست مجرد صندوق انتخاب، إنها أيضاً حرية الفكر والإبداع والتعبير، وهو ما يسعى السينمائيون إلى التأكيد عليه من خلال هذه المبادرة.

أما سيد خطاب، فيؤكد أن الفنانين سيعملون على أن تكون القوانين في المرحلة المقبلة قادرة على حماية الإبداع والمبدعين، مشيراً إلى أنهم عقدوا اجتماعات عدة، واتفقوا على ضم ممثلين عن النقابات الفنية للاستماع إلى مقترحاتهم ووضع صيغة لحماية السينما والثقافة المصرية عموماً.

قال عماد أبو غازي إن الهدف من هذه المبادرة هو ضمان حرية الإبداع والفكر في ظل التغيرات السياسية التي طرأت على المجتمع المصري. بدوره، ذكر المخرج خالد يوسف إن فكرة حماية حرية السينما والفن شغلت فنانين ومثقفين كثراً منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وطوال الاعتصام الذي دام 18 يوماً وقبل تنحي الرئيس المخلوع مبارك، مشيراً إلى أن الأحداث التي تلت التنحي لم تدع فرصة لمناقشة فكرة هذه الجهة الفنية وتنفيذها، إلا أن ما شهدته مصر على مدار عام من الثورة دعا المثقفين إلى توحيد صفوفهم.

أشار يوسف إلى أن المشاركين في تكوين الاتحاد ناقشوا الأفكار والخطوات التي سيتخذونها، بدءًا من الإعلان عن التأسيس وحتى الإضراب عن الطعام، مشدداً على أنه مثلما تمسك كثر بعدم تغيير المادة الثانية في الدستور، فإن مثقفي مصر ومبدعيها متمسكون بالباب الثالث وما يتعلق بحرية الفكر والإبداع، وأن هذا الباب يعد خطًا أحمر لن يقبل أبدًا بتغيره أو المساس بنصوصه.

أبدى المنتج محمد العدل تخوفه على السينما  المصرية، خصوصاً بعد تصريحات عدد من قيادات هذا التيار المسيئة لكبار المثقفين المصريين والفن المصري، وهو ما دفع عدداً من المثقفين والفنانين إلى تنظيم لقاءات متعددة لتشكيل جبهة المبدعين المصريين. كذلك أكد المنتج محمد حسن رمزي أنه غير متفائل بمستقبل السينما ويراه قاتماً بالمقاييس كافة، لأنها تمر بحالة من التردي منذ فترة طويلة، وحالتها رهن بالاستقرار، والأخير رهن بفكر جماعة الإخوان التي نجهل إن كانت ستحتضن السينما أم ستدير ظهرها للفن فتزداد حالة الكساد الفني والتراجع.

الجريدة الكويتية في

16/01/2012

 

وثيقة الأزهر…

هل تحدّ من دعاوى تحريم الفن؟  

هل يمكن أن تزيل وثيقة الأزهر، المعروفة بوثيقة الحريات، المخاوف التي طفت على السطح أخيراً في ما يتعلق بحرية الإبداع، أم سيتكرّر  مشهد اقتحام أحد المتشددين لحفلة غنائية، كما حدث مع الفنان هشام عباس، ولن تجدي معه أي وثائق؟

التحقيق التالي يلقي الضوء على رؤية أهل الفن لما يتعرض له الإبداع من قيود.

يرى المخرج جلال الشرقاوي أن ما يحدث ردة حضارية وعودة إلى الثمانينيات من القرن الماضي، عندما انتشرت جماعات إرهابية أو إسلامية متطرفة نادت بتكفير الفنانين وتحريم الفن. أمام هذه الهجمة ظهر دعاة معتدلون يشجبون هذا الرأي، ويفرقون بين الملاهي والفن الرفيع، وهو ما  تبلور في وثيقة الأزهر، حيث الحلال بين والحرام بين آخر.

يضيف الشرقاوي: «المجتمع المصري وسطي ومنفتح على الرؤى المختلفة والتوجهات، ويسمح بالتداول والجدال  للوصول إلى مجتمع أفضل، أما أسلوب القمع والرفض فهو غير حضاري، من الأفضل أن نتعلم كيف نجادل بدلا من العنف».

يوضح الشرقاوي: «الفن رسالة سامية ومهما كان نوع العمل، أغنية أو دراما، فهو يساوي مكانة الخطيب على منبره أو المدرّس في محاضرته إن لم يتفوّق عليهما، لأن الفنان يخاطب الجمهور بطريقة أكثر تأثيراً، ويدخل مباشرة إلى وجدانه وعقله ورؤيته المستقبلية، من هنا يجب ترك الفن والفنانين لأنهم روح المجتمع ووجدانه».

شريعة وقانون

تعزو الفنانة فردوس عبد الحميد ما يثار من تخوف وقلق حول الفن والفنانين إلى زيادة مساحة الحرية أمام المتشددين وامتلاكهم قنوات فضائية تروّج لأفكارهم، إلا أنها تؤمن بأن الشعب المصري وسطي ولن يقبل التطرف والتشدد، وبأن الفن الجيد والراقي يفرض نفسه في النهاية.

تشير عبد الحميد إلى أن وجود فن هابط دفع هؤلاء المتشددين إلى تحريم الفن، من هنا على كل فنان حقيقي مواجهة التشدد والانحلال متسلحاً بفن راقٍ وجيد.

بدوره يرى الفنان سامح الصريطي أن ثمة قانوناً وشريعة يحكمان التعامل بين أفراد المجتمع، «طالما ارتضينا بهذه الشريعة أو القانون علينا احترامهما، ولا يجوز لأي شخص أن يفرض وجهة نظره أو قانونه الخاص بالقوة أو يحرّم شيئاً أو يمنع شيئاً لم تمنعه الشريعة أو القانون».

ويستشهد الصريطي بزيارة الشيخ محمد متولي الشعراوي إلى المسرح القومي في مطلع التسعينيات، أثناء تفشّي ظاهرة الإرهاب والدعوة إلى تحريم الفن، ومشاهدته مسرحية «دماء على ستار الكعبة»، وبعد انتهاء العرض صعد إلى خشبة المسرح وصافح الفنانَين سميحة أيوب ويوسف شعبان، وارتجل خطبة طويلة عن دور الفن وأهميته في المجتمع.

ويتساءل الصريطي: «من يحرّم الفن اليوم هل هو أكثر علماً من الشيخ الشعراوي ومن العلماء الذين لم يحرّموا الفن؟ ومن أعطى لهؤلاء المتشددين الحق بتكفيره والقول إنه فسق وفجور؟»

نفق مظلم

يوضح الفنان عمرو واكد أن «ثمة خطة محكمة لإدخالنا في نفق مظلم من الجهل والتخلف، فالفن موجود منذ عشرات السنين ولم يحرّمه رجال الدين، باستثناء هذه الجماعات»، مؤكداً أنه ليس من حق أحد محاسبة الآخر.

أما الفنان مجدي كامل فيطالب مفتي الجمهورية بإعلان رأيه صراحة في ما إذا كان الفن حراماً أو حلالاً، مشيراً إلى أن الفن مهنة سامية ولها دور مهم في زيادة وعي المشاهد وثقافته، يقول: «إذا كنت تريد معرفة ثقافة وحضارة شعب فعليك متابعة الفن لديه».

من جهته يؤكد الفنان أحمد شاكر أنه لا يوجد عاقل يحرّم الفن، فالريادة المصرية وانتشار اللهجة المصرية في الوطن العربي تحققا عبر الأفلام السينمائية.

ويطالب شاكر القيمين على الفن بمراعاة الدين والأخلاق في ما يقدم من أعمال للجمهور، ليس خوفاً من هذه الجماعات، إنما احتراماً لقيم المجتمع وإيماناً برسالة الفن ودوره، مبدياً استغرابه من افتتاح إحدى الجماعات الإسلامية شركة للإنتاج السينمائي في وقت تحرّم جماعة أخرى الفن، مشيراً إلى أنه كان أولى أن تكفّر تلك التي قررت دخول مجال الفن.

من جهتها تؤكد الناقدة ماجدة خير الله ضرورة تكاتف الفنانين لتقديم فن يخدم المجتمع ويفضح الجهلة، موضحة أن الأحداث المثيرة للقلق يمكن اعتبارها فردية، من هنا  تتمنى ألا تتكرر حتى لا تشكل تياراً. {إن استمرار الفن  مرهون بموقف الجميع، سواء الفنانين أو الجمهور  من هذا التخلّف، فإما موقف محترم وحازم أو خوف وتراجع}.

الجريدة الكويتية في

16/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)