حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أخرجت فيلم «الشرس» عن سلوك رجال الأمن في الثورة المصرية

آيتن أمين: صَدَّقوا أنهم يحمون البلد وأننا نحن الفوضى

نديم جرجورة

إثر قيام «ثورة الخامس والعشرين من يناير» في مصر، شاركت المخرجة المصرية الشابّة آيتن أمين في تحقيق فيلم وثائقي منبثق من واقع الحال، المتمثّل بحراك شعبيّ عفوي أفضى، بعد ثمانية عشر يوماً، إلى تنحّي الرئيس حسني مبارك. التقت أمين المخرجين تامر عزّت وعمرو سلامة (عملت مع الأخير «مساعدة مخرج» أثناء تحقيقه فيلمه الروائي الطويل الأول «زيّ النهارده» في العام 2008)، فأنجزوا معاً «تحرير 2011: الطيّب، الشرس والسياسي»، الذي التقط ملامح الواقع الراهن، وتفاصيل العيش في ظلّ النظام القامع. اختارت آيتن أمين الجزء الثاني «الشرس». أرادت الاقتراب قدر المستطاع من شخصية رجل الشرطة، أثناء مواجهته أناساً أرادوا التغيير سلمياً، فخاضت تجربة إنسانية مرتبطة بسؤال: كيف يُمكن فهم آلية العمل الأمني، بحسب نظرة رجل الشرطة نفسه؟

قبل هذا، اشتغلت آيتن أمين في شؤون سينمائية متفرّقة، إثر تخرّجها من «الجامعة الأميركية في القاهرة» بإنجازها فيلماً روائياً قصيراً بعنوان «راجلها» في العام 2007. درست التجارة سابقاً. لم تُنجز أفلاماً وثائقية قبل «الشرس» (عن رجال الأمن والشرطة). في زيارتها بيروت قبل أسابيع قليلة، رفقة فيلمها المشارك في المسابقة الرسمية للدورة العاشرة (15 ـ 20 كانون الأول 2011) لـ«مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية»، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم طويل، أجريتُ معها الحوار التالي:

·         أودّ أن أبدأ من سؤال شخصي بحت: أين كنت يوم الخامس والعشرين من كانون الثاني 2011؟

^ لم أشأ النزول إلى الشارع صباح ذاك اليوم. شعرتُ أن ما سيحصل مجرّد تظاهرة كمثيلات لها حدثت سابقاً، لم أشارك فيها أيضاً. لكن، بعد الظهر، بدأت أمور عدّة تتبدّل. قرّرت التوجّه وحدي إلى ميدان التحرير، سيراً على القدمين. لم يوقفني رجال الأمن. بعد الظهر، تبدّلت الأمور فعلاً. بدأت مرحلة جديدة. بداية، تخيّلتُ أنها مجرّد تظاهرة بألفي شخص لا أكثر. تظاهرة عابرة. صديق لي لم يُشارك هو أيضاً في تظاهرات سابقة، قرّر النزول إلى الشارع هذه المرّة. طلب منّي المُشاركة. صديقي المخرج عمرو سلامة كان حاضراً أيضاً. كان من أوائل الذين تعرّضوا للضرب على أيدي رجال الأمن والشرطة. فور معرفتي بهذا كلّه، اتّخذت قرار المشاركة.

الكاميرا لاحقاً

·         هل حملت الكاميرا معك حينها؟

^ كلا. وجدتُ في الحدث الآنيّ ما هو أقوى من تصويره. شعرتُ أن تصوير الحدث أثناء وقوعه يصنع مسافة بيني وبينه. مرّ وقتٌ قبل لجوئي إلى الكاميرا. قبل مشاركتي في الحراك الشعبي بالصورة. ألمّ بي شعور بأن الكاميرا تجعلني أحسّ بالابتعاد عما يجري. أردتُ أن أكون داخل ما يجري. لم أشأ أن أصوِّر. مخرجون عديدون أعرفهم لم يُصوِّروا أثناء الحدث. الذين صَوَّروا هم أناس عاديون بواسطة أجهزة الهواتف الخلوية الخاصّة بهم.

·         إذاً، متى حضرت الكاميرا؟ كيف تمّ العمل على «تحرير 2011» بعناوينه الثلاثة؟

^ بعد مرور ثمانية عشر يوماً على بدايـة الثورة، أي يوم تنحّى حسني مبـارك، التقــيت عمرو سلامــة، الذي أخبرني برغبته في إنجاز فيلم وثائقــي. كان هناك المخرج أحمد عبد الله والمنتج محمد حفظي أيضاً. ارتكز حوارنا على مسألة واحدة: توثيق الحدث الآن. تردّدتُ، لشعوري أن الأحداث تتغـيّر يوميـاً. في النهاية، اقتنعت بضرورة التصوير. هناك أحداث أخرى ستقع. الإحساس بالحدث الآن لن يكون موجوداً لاحقاً. لن يكون هو نفسه. هذا سليم جداً. بدأت التصوير (في آذار ونيسان 2011). تامر عزّت وعمرو سلامة أيضاً. الموضوع اختلف لاحقاً، فعلاً. لو صوّرتُ الضبّاط الآن، لما وافقوا. يومها، أرادوا الدفاع عن أنفسهم. اليوم مثلاً لن يوافقوا على التصوير. وإذا وافقوا، فلن يقولوا ما قالوه سابقاً.

·         هل اخترتِ أنت موضوع «الشرس»؟ لماذا؟

^ منذ البداية، اخترت «الشرس». لا علاقــة لي بالضبّاط ورجال الشرطة أبداً. لا قبل 25 كانون الثاني، ولا في الأيام الثمانية عشر. لم أتعامل معهم أبداً. ببساطة شديدة، أقول لك ما جرى: في 25 كانــون الثاني ليلاً، عندما هوجمنا، كنت واثقة ـ من دون معــرفة من أين جاءتني الثقة هذه ـ بأن رجال الشرطة لن يضربونا. بأنهم سيخيفوننا فقط (ما حدث كان نقيض الثقة تلك). أتذكّر جيداً أني أثناء الركض هرباً منهم، شاهدتُ عسكريّاً ينهال بالضرب المبرح على صبي. المنظر مُذهل لشدّة سلبيته، بالنسـبة إليّ: صبيّ لا يحمل شيئاً معه، يُضرَبُ هكذا. لم أفهم سيــكولوجية شخص يضرب أحداً آخر بهذه الطريقة. لماذا؟ لغاية الآن، أتذكّر المنظر. أعتقد أني بسـببه اخترت «الشرس». أردتُ أن أطرح أسئلة لا أستطيع طرحها في جزء آخر.

رحلة

·         كيف تعاملت مع رجال الأمن والشرطة إذاً، وهم حينها منحازون ضد الناس؟

^ لم يكن سهلاً عليّ إقناع رجل أمـن أو شــرطيّ بالكلام. كل واحد من هؤلاء الضباط الخمسة عـشر الذين التقيتهم احتاج إلى لقاء تراوحت مدّته بين أربع وخمس ساعات. أردتُ الاستماع إلى وجهة نظـر كل واحد منهم. في البداية، راحوا يُردّدون كلاماً رسمياً يعرفه الجميع لكثرة تكراره على شاشــات التلــفزيون. صوّرت هذا كلّه من أجل عشر دقائق فقط. الساعة الأولى لا نفع لها. «أي كلام». هيثم دبّور، باحث شاب عمل معي أثناء تحضير الفيلم وتصـويره، نصحني بضرورة عدم التحدّث معهم بـ«عقلية ثائر»، بل بمنطقهم هم. هذا مفيد جداً. المواجهة تجعلهم يقولون أجوبة منافقة. الكلام معهم بشكل عادي، من دون أحكام مسبقة، أطلق ألسنتهم، وجعلهم يقولون كلاماً مفيداً.

مع هذا، أقول لك إن حواراتي مع الضباط جميعهم أسهل من عملية التوليف. في غرفة المونتاج، طال الأمر. أولاً، هناك سبب فني: كيفية إخراج فيلم من حوارات فقط. أكثر من ذلك: عندما تُنجز فيلماً وثائقياً مع أناس آخرين أو عنهم، تدخل حياتهم مثلاً. تتعرّف إليهم أكثر. مع الضبّاط، لا يُمكن اتباع الأمر نفسه. الضابط حاضرٌ أمامك لفترة محدّدة. إما أن توافق، أو لا. لا وقت لديه. مسألة أخرى: يسرد الضبّاط الوقائع سردا تاريخيا. ما حصل هذا اليوم أو ذاك: اقتحامات. صدامات. تفاصيل. إلخ. لم أشأ فيلماً شخصياً، بل انعكاساً لتجربتي في الكلام معهم. في الاقتراب منهم. بعد هذا، أدعو الناس المشاهدين إلى الحكم على أقوالهم: هل يُصدّقون ما سمعوه، أم لا. هناك أشياء عدّة لم أصدّقها، ومع هذا تركتها في الفيلم. قلتُ رأيي. لم أفرض شيئاً على الناس. ببساطة، الأمر متعلّق بالناس هؤلاء: هل صدّقوا رجل الأمن، أم لا. هل رجل الأمن صادق، أم لا. أردتُ إيجاد مساحة.

أخلاقياً، الموضوع ملتبس. متّفقون جميعنا على أن رجـال الشـرطة مُدانـون بسبب ممــارساتهم في أحداث الثورة. وفي ما يحـدث لغـاية الآن أيـضاً. لم أهتمّ بمسألة إدانتهم أو عدم إدانتهم. حاولت أن أجمع ما يُقرّبني منهم. التعامل معهم على مستوى إنساني طريقةٌ لبلوغـهم. هم صدّقـوا فعلاً واقتنــعوا تمـاماً بأن ما فعلوه كان «حماية للبلد». صدّقوا واقتنــعوا بأننا «نحـن الفوضى». هذا ما أردتُ كشفه. لا علاقة للأمر بالتشكّك. رجال شرطــة وأمن كثــيرون «جيّدون» إنسانياً، لكنهم اعتــادوا التــعامل بتــشكّك وتعالٍ مع الناس. هذا ما شعرتُ به. الفكرة أصلاً كانت رحلة اكتشاف. أردتُ أن يكون الناس معي أثناءها.

السفير اللبنانية في

16/01/2012

 

زوم

السينما تحمل القضايا الكبرى إلى شاشات العالم

محمد حجازي


منذ يوم أمس بدأت بازارات الجوائز بضخ هداياها السنوية، مع الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الغولدن غلوب من بين المرشّحين الذين أُعلن عن دخولهم المنافسة أمام تقدير وتقييم الصحافة الأجنبية في لوس أنجلوس، وخلال عشرة أيام (في 26 الجاري) تُعلّق الترشيحات الرسمية للأوسكار، وعلى اللوائح فرصتان لفيلمين لبنانيين: «وهلأ لوين؟!» لـ نادين لبكي، و«الشوق» لـ خالد الحجر من إنتاج اللبناني محمد ياسين، يراهنان على أوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية.

سوق كبير من المراقبين واللاعبين يترقّبون ما ستسفر عنه السباقات المُعلنة من جوائز تحدِّد ماهية ما ستكون عليه السينما في المرحلة المقبلة ومن هم النجوم الذين سيتم التركيز على حضورهم في أضخم الأفلام للفترة التي تتحدّد بالنصف الأول من العام الجديد والجاري انسجاماً مع فوزهم بتقديرات وجوائز عديدة يتم خلالها ضرب الحديد وهو حامٍ.

وتحصل حملات على هامش المسابقات تتناول الأفلام من أكثر من ناحية، مثلاً شريط «المرأة الحديدية»، الذي يتناول سيرة السيدة مارغريت تاتشر في تجسيد مدهش لـ ميريل ستريب، وكثرة الكلام عن انزعاج بعض النقّاد من تركيز الفيلم على الزهايمر الذي تُعاني منه حالياً رئيسة الحكومة السابقة في بريطانيا، التي قيل بأنّها أقوى من ترأس الحكومة منذ عهد تشرشل، وبالتالي فقد كانت تصريحات عديدة أشادت بقوة الفيلم وجماليته لكن الملاحظات انصبت على الحُقب التي تناولها من حياتها، حيث كان هناك رأيان حول الشريط جعلا الجمهور يتدافع بكثافة لحضور الفيلم.

كما أثار فيلم «الأحقاد»، عاصفة من الآراء، حول دور جورج كلوني كممثل ووضعوا أمامه بطله في شريط: «منتصف آذار» الممثل الرائع رايان غوسلنغ، كمنافس وهو يبدو فعلياً واثقاً من فوزه كأفضل ممثل شاب، في وقت أُعطيت واحدة من اثنتين ستريب، أو جودي فوستر في «مذبحة» (لـ بولانسكي) أفضلية الفوز كأفضل ممثلة، بينما ابتعد إسم تيراتس ماليك وفيلمه: شجرة الحياة، عن كل التوقّعات بأي فوز لكليهما، وحطَّ الرهان على المخرج الفرنسي ميشال هازانافيسيوس وفيلمه: «الفنان» في الصدارة، مع جانب من المنافسة مع شريط سكورسيزي (هوغو) وهو يدور في الحقبة إياها، وهي بدايات السينما في أميركا وفرنسا على السواء.

وإذ تنطلق فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي الشهر المقبل ألمحت مصادر مختلفة إلى أنّ هذه الدورة ستكون ساخنة جداً، بالتظاهرات والتكريمات والقضايا ونوع النجوم الحاضرين، خصوصاً بعد إعلان مدير المهرجان ديشتر كوسليك عن دعوته للمخرجين الإيرانيين: جعفر بناهي، محمد رسولوف، ومهدي بورفوسي ليكونوا ضيوف شرف المهرجان، بينما كانت منظّمة العفو الدولية اعتبرتهم سجناء رأي.

يحصل كل هذا، ولم يمر على عام 2012، سوى أسبوعين بالتمام، وهو ما يعني أنّ مهرجان «كان» السينمائي الدولي المقبل في أيار/ مايو لن يكون أكثر هدوءاً من المهرجانات التي تسبقه أو تأتي بعده، خصوصاً أنّ الإعلان عن جوائز الأوسكار سيولّد حالة من فوضى العمل والدعاية والنجوم على مدى أشهر، خصوصاً في مجال بارومتر أسعار النجوم، وعدد الأفلام التي تُسند الأدوار فيها اليهم.

بالمقابل، فإنّ الفيلم القنبلة الذي صوّرته أنجلينا جولي كمخرجة لأول مرة متناولة قصة حب تربط بين شاب من صربيا، وفتاة مسلمة من سراييفو إبّان حرب الإبادة العنصرية التي خاضها الصرب على مرأى من العالم، وقد أصرّت أنجلينا على قيمة فيلمها، رغم كل الحملات الانتقادية التي خاضتها نساء من البوسنة متّهمات النجمة الكبيرة بأنها لا تعرف شيئاً عمّا جرى في بلادهم ومع مئات النساء، وطالبنا بإعادة الاعتبار إليهن ورفض عرض الفيلم حين إنجازه لأنّه يروّج لمسامحة المعتدين والقتلة ولا يعاقبهم.

المخرجة مايوين أمضت شهراً مع فريق بوليس لكي تعايش المشاكل

Polisse: إعتداء الأهل على أبنائهم وأحفادهم جنسياً

محمد حجازي

في شريط رقيق مؤثِّر مباشر.. يستدعي وقفة تأمّل وتقدير شعرنا بأنّ الـ 127 دقيقة من الوقت لا تكفي للمخرجة الفرنسية الجزائرية مايوين كي تعالج موضوع الاعتداءات التي يتعرّض لها الأحداث في منازلهم من أبويهما، ومن الجد أيضاً، ما يشكّل نوعاً من قرع أجراس الخطر اجتماعياً لوقف الجرائم المرتكبة بحق الصغار في منازل ذويهم من الكبار.

Polisse إنّه الشريط الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان كان السينمائي الدولي الأخير، محدثاً نوعاً من الأرق في حياة الفرنسيين الذين فاجأتهم المخرجة الشابة (36 عاماً) بكل هذا الدفق النموذجي من المشاعر والحيثيات حول الموضوع، الذي عاشت من أجله شهراً كاملاً مع فرقة خاصة بالأحداث تابعة للشرطة الفرنسية، حيث أخذت إذناً بذلك من قيادة الشرطة، وإذا بها تضع فيلماً حيّاً جميلاً لا مجال معه للاعتقاد بأنّنا في صالة، بل في الحياة نفسها.

هالتنا فعلياً كثرة الحالات التي استعرضتها مايوين لحالات الاعتداء واغتصاب الصغار، وهناك حالة غريبة قدّمت أمّاً تمارس فعل الاغتصاب مع ابنها الصغير، وهي تعترف بذلك دون تردّد أو خجل، تماماً مثل اعتراف أب بأنّه يغتصب ابنته الصغيرة جداً، ولم يرف له جفن، فيما عناصر الفرقة لا يطيقون صبراً عليه فيعاجله أحدهم بعدد من اللكمات، هذا إضافة الى افتتاح هذا المناخ بعجوز اعترف بأنّه لا يتردّد في مداعبة الأعضاء الحميمة  لحفيده، الذي تحدّى جدّه، فيما قال هذا الجد لرجال البوليس بأنّه لم يتراجع ولا مرة عن فعلته، حتى وهو يرى عدداً من أفراد الأسرة قريباً منه في غرف ملحقة بالمنزل.

ولأنّ فريد (جوي ستار) الضابط في المجموعة، من أصول عربية افريقية، كان متشرّداً في طفولته، تأثّر كثيراً بحالة الطفل عثمان الذي جاءت به والدته إلى فريق البوليس باحثة له عن مرقد دافئ وعن لقمة يتناولها في أحد مراكز الرعاية عن طريق البوليس، وعندما لم يتحمّس مسؤول الفريق للاتصال وتأمين مساعدة الطفل، ثار «فريد» وقلب الطاولة المسؤول وخرج غاضباً، ثم أخذ عثمان من أمه وهو يحتضنه كأنّما له معه قرابة أو معرفة سابقة، بينما كل القضية تتلخّص في كون «فريد» لم يرد للطفل ما كان عاشه هو نفسه.

هذا المناخ قرّب «فريد» إنسانياً وعاطفياً من ميليسا (المخرجة نفسها مايوين) التي رافقت الفريق على مدى شهر للتعرّف على حيثيات ما يواجهونه وما يعالجونه من مشاكل تواجههم، خصوصاً أنّ هناك شرطية من أصل عربي تواجه رجلاً متدّيناً تم جلبه إلى المخفر لمساءلته حول موضوع إجباره ابنته على الزواج من رجل يريده هو ولا تريده هي، وإذا بالرجل يوجّه كلامه إلى الشرطية، داعياً إياها لأن تكون امرأة حقيقية وتعود إلى منزلها لأنّ مكانها هناك وليس العمل وسط الرجال، عندها صرخت في وجهه وتناولت عن رف قريب نسخة من القرآن الكريم، وراحت تقلّب صفحاته أمام الرجل قائلة له: هات لي آية واحدة، عبارة واحدة، كلمة واحدة تقول بأنّ العمل للمرأة حرام وسأعود عندها إلى منزلي فعلاً.

كذلك يرصد الفيلم مواجهة بين الزميلتين في الفريق نادين (كارين فيارد) وإيريس (مارينا فويس) خصوصاً أنّ لهما مع بعضهما البعض أسراراً خاصة ومميّزة وحميمة وراحت كل منهما تدني الأخرى وتبلّغها بأنّ حياتها قد تعطّلت بسببها، وفي أول تشكيلات تم استبعاد إيريس إلى قسم آخر بعيد، وإذا بها بوجود جميع زملائها من حولها تعتذر منهم لفتح النافذة وإذا بها تفتحها وتقفز منها إلى ساحة المخفر لتستقر جثة هامدة على الأرض.

إذاً الدراما موجودة عند كلا طرفي الموضوع.

الأهل وأولادهم.. والأحفاد.

رجال البوليس، والنساء من الشرطيات.. كلهم في حال واحدة من الخضوع لمنطق الضغط الاجتماعي المرهق، لكن حالة الشذوذ عند العائلات هي التي تؤرّق وتزعج وأحياناً تكون مرعبة حين تقع مع حوادث لا تخطر في بال وتدل على وحشية الكبار في تعاملهم مع الصغار.

مايوين كتبت السيناريو مع إيمانويل باركو التي تلعب شخصية سو آلن في الشريط، كما إنّ المنتج آلان تمتال يظهر في دور مارك، إلى جانب نيكولا ديفوشيل، كارول روشيه، فريديريك بيارو، آرنو نرييت، نايدرا عيادي، وجيريمي القيّم، ريكاردو سكامارسيو وتولّى المؤثرات المشهدية جويل بنيتو.

عرض

أميركيان يقودان سكان موسكو لمواجهة غزو فضائي

The Darkest Hour: أهل الأرض يربحون

محمد حجازي

برمجة العروض لم تتراجع بعد إجازة الأعياد، وها هي اللائحة تطول، وقد اخترنا منها ما وجدناه الأكثر إلحاحاً، وبما ينسجم مع السماحة المعطاة لصفحتنا.

وقد شهدت شاشة مسرح المدينة عرضاً للشريط القصير (20 دقيقة): «واحد متلي» للمخرج فيليب بجّالي يُدير الشابين عمر وعلاء، وهما فلسطيني ولبناني تصادقا وباتا معاً على الدوام وقبِل الثاني دعوة الأول لزيارة أحد المخيّمات الفلسطينية للاطلاع على صورته وأوضاعه، وكانت فرصة للفيلم كي يقدّم مجموعة من اللقطات التي عرفناها من تقارير تلفزيونية كثيرة سابقة عن المباني والأزقّة والكثافة السكانية، أضاف عليها بجّالي بعض المواقف للبنانيين أخذت آراوهم من الشارع، فإذا المسيحيون لا يريدون أي تعديل في صورة وجود الفلسطينيين، بينما المسلمون وتحديداً من أهل بيروت، وهو ما بدا واضحاً من اللهجة وأسلوب الحديث، يريدون ما يتناسب ووضع لبنان.

الأونروا، والاتحاد الأوروبي أنتجا الشريط الذي لا يقترب من السينما بقدر ما يظهر تقريراً إخبارياً فحسب.

The Darkest Hour

للمخرج كريس كوراك عن نص لـ جون سباتس عن قصة لـ ليسلي بوهيم، م. ت آهيرم، وجون سباتس، مع مؤثرات خاصة ومشهدية رئيسية في الشريط تولاها وقاد فريقيها بتناغم وتواصل: برايان كوكس، وماناسي آشيش، عن لقاء يحصل في موسكو بين شباب من أميركا وآخرين من روسيا، فيقاتلون معاً عدواً فضائياً واحداً.

شون (إميل هيرش) وبن (ماكس مانغيلا) يصلان من أميركا إلى موسكو، في محاولة لفتح سوق جديدة لعملهما، لكنهما يفاجآن بأن التحضيرات التي وُعِدَا بها ليست واقعية ولا حقيقية إطلاقاً، وقد جرى استبعاد معظم الترتيبات، ويحصل هذا تزامناً مع حادث مفاجئ تشهده البلاد، حيث الجميع يفاجأون بهطول ضوئي، لما يشبه المشاعل الصغيرة، وسرعان ما تتحوّل حين ارتطامها بالأرض الى طاقة قوية جداً، سريعة، ومدمِّرة لما يقف في طريقها، وتبدأ عملية مواجهة واسعة بعد سقوط الكثير من الضحايا، ويستنفر الشابان الأميركيان ويقرّران الدفاع عن نفسيهما في خضم هذه الفوضى العارمة في البلاد، وتكون مواجهات لا تتوقّف ولا تهدأ، ففي كل ضوء يظهر مخلوق فضائي صغير يتحرّك برشاقة وديناميكية، لكن حين باشر الناس في استعمال الأسلحة للدفاع عن أنفسهم ظهر أنّ هذه المخلوقات عندما تصاب بأي طلق تتفتت وتصبح كومة تراب، وهذا يعني ان الكومات بدت كثيرة ومتداخلة لكثرة ما سقط أو ما تفتت من هذه النماذج الفضائية.

الشريط الذي تكلّف ثلاثين مليون دولار صوّر في أكاديمية العلوم بلازا في موسكو وجاءت النسخة في 89 دقيقة، مكثّفة، فاعلة، ومؤثرة خصوصاً في المواجهات التي تحصل، وبعض التمريرات التي يعرفها الحوار مثل قول قائد الشباب الروس لـ شون وبن الأميركيين: «أشكركما لأنّني تعلمت من خلالكما كيف أقاتل بشكل صحيح» .. يقول له هذا بينما الأميركيان لا علاقة لهما بالقتال أصلاً.

وتتواصل المواجهات وتحاول المخلوقات الحصول على الطاقة من الأرض؛ لكنها لا تطيق حصول أي مواجهة أو تحد من أحد، لذا كانت المواجهة حاسمة ولا مجال فيها لأي تكامل، وتفتّت معظم الوافدين من الكواكب وباتوا أقرب إلى ذكرى بعدما انتشرت في شوارع موسكو الحرائق وأعمدة الدخان، وتنفّس الجميع الصعداء حين قُضِيَ على أي أثر لهم في كل موسكو.

شون وصديقه لم يستطيعا أخذ راحتهما في التعرّف على المدينة وعيش فترة شبابية عاطفية مميّزة وهما سمعا الكثير عن الفُرص المتاحة قبل مجيئهما وهو ما لم يرياه بفعل ما طرأ على الوضع فجأة من الغزو المحدود.

هذا يعني أنّ أميركا وأبناءها يقومون بحماية حتى الروس من أي عدوان يطالهم من خارج الكواكب، وبالتالي أينما وُجِدَ هؤلاء يقومون بحماية الناس والدفاع عن حياتهم، لا بل إنّهم يضحّون بأرواحهم كرمى للآخرين.

الشريط تبرز فيه المؤثرات المشهدية أكثر من غيرها ولا يعلق في الذهن أي وجه من الممثلين المعتمدين في كلّيتهم وهم مزيج من ممثلين أميركيين وروس.

اللواء اللبنانية في

16/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)