حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«بيبي لي موكو» لجوليان دوفيفييه:

مدن وأشباح وعصابات

إبراهيم العريس

ما الذي يفتن المتفرجين وبالتالي السينمائيين أكثر في فيلم «بيبي لي موكو» للسينمائي الفرنسي جوليان دوفيفييه، مناخ القصبة الجزائرية التي تدور فيها أحداث الفيلم، أم شخصية جان غابان، الذي يلعب دور زعيم العصابة «بيبي»، أو فكرة الإخفاق التي تسيطر على الفيلم كله، وتكاد تكون ترجمة بصرية لتلك المزاجية العامة التي كانت تهيمن في ذلك الحين على الشبيبة الأوروبية كلها، مع استتباب الأمر للنازية واليقين بأن الحرب العالمية المدمرة لا ريب آتية؟

> يقيناً أن هذا كله هو الذي صنع، معاً، قيمة هذا الفيلم الذي ما أراد في البداية أن يكون سوى فيلم عصابات بوليسي يسير على نمط ذلك النوع الذي كان استشرى في السينما الأميركية عهد ذاك، وأراد عدد من عتاة السينمائيين الفرنسيين محاكاته. و «بيبي لي موكو» بالتحديد، يحاكي في شكل واضح فيلم «سكارفيس» للأميركي هوارد هاوكس. غير انه سرعان ما انفصل عنه في مناخاته ودلالاته، ما أعطاه ذلك السحر الذي نعرف. السحر الذي جعل حكاية الفيلم نفسه تستعاد مرات عدة، بحذافيرها، في أفلام أميركية ما زالت تنتج حتى يومنا هذا، على رغم انقضاء نحو ثلاثة أرباع القرن على تحقيق «بيبي لي موكو»، كما جعلها - أي حكايته - تقلد في شكل ساخر في غير فيلم ايطالي.

> ومع هذا كله لا بد من القول منذ الآن ان القصبة (أي المدينة العتيقة) في الجزائر، لم تصور كما هي، بل ان ما نراه في الفيلم هو ديكور للقصبة بُني في الاستديو. وأن الحكاية نفسها تبدو شديدة البعد عن التصديق، ناهيك بأن كثراً رأوا في أداء جان غابان في الفيلم أداء تقليدياً رتيباً، بخاصة ان هذا الفنان نفسه سرعان ما أغرق في النوع ذاته من الأدوار في أكثر من نصف دزينة من أفلام مشابهة حققت لاحقاً، ومن أبرزها «... ويبزغ الفجر» و «رصيف الضباب» و «الحيوان البشري»، وهي كلها أفلام بجّلت ما عرف لاحقاً بـ «البطل المضاد». غير ان هذا كله لم ينقص من قيمة «بيبي لي موكو» أو من قيمة مخرجه جوليان دوفيفييه، قيد أنملة. وبالتحديد لأن هذا الفيلم كرّس، في فرنسا خصوصاً وفي العالم الأوروبي عموماً، عشية الحرب «ذهان الإخفاق» الذي سيستشري في الفنون الأوروبية، جاعلاً من جان غابان الناطق باسم جيل الألم، ومن القصبة الجزائرية حيّز الحلم والكابوس في آن معاً. فإذا أضفنا الى هذا ما كتبه الناقد الفرنسي جاك سيكلييه من أن «هذا الفيلم انما سجّل التثبيت الرسمي في السينما الفرنسية الطليعية، لرومانسية الكائنات الهامشية، ولأسطورية الإخفاق «نجد أنفسنا أمام عمل ينتمي الى نوع من الشاعرية الشعبية عالمها عالم الفتيان الفاسدين، وبنات الهوى والخمر والحنين الى البعيد. و «بيبي لي موكو» يحمل هذا كله في شكله كما في مضمونه.

> ودلالات هذا الفيلم كلها تنطلق، من حكاية بسيطة تستند الى واحدة من مغامرات تحر شعبي كان له بعض مكانة لدى قراء الروايات البوليسية في فرنسا ذلك الحين: «التحري اشيلبي». وهنري جانسون، الكاتب الفرنسي الذي عرف بحواراته المتميزة وباستيعابه الكبير للغة السينمائية، كان هو الذي اقتبس تلك المغامرة، محوّلاً اياها الى عمل يحمل الكثير من الأبعاد.

> تدور أحداث الفيلم، إذاً، في القصبة الجزائرية في سنوات الثلاثين، أي في زمن كانت فيه فرنسا تعيش ذروة احتلالها الجزائر وعاصمتها، إذ ان الجزائر كانت في نظر الفرنسيين في ذلك الحين، تشكل امتداداً لفرنسا، ويكاد أهلها ألا يكونوا سوى كومبارس واكسسوارات تملأ الشوارع، من دون وجود حقيقي. والطريف ان المخرج، حين شاء أن يجعل التحري في الفيلم رجلاً من سكان البلاد الأصليين (سليمان) أسند الدور الى ممثل فرنسي! المهم ان هذه القصبة تبدو في الفيلم مرتعاً للعصابات وأهل السوء، لا تجرؤ السلطات على الدنو منها. ومن هنا حين تشاء هذه السلطات أن تقبض على واحد من اخطر زعماء العصابات هناك وهو بيبي، تستنكف عن السعي اليه داخل المنطقة التي تضم متاهة من الأزقة والفخاخ، فيستحيل التوغل فيها، بل تقرر أن تجتذبه الى خارجها. ويبدأ التحري سليمان، المولج انجاز هذه المهمة، في رسم خطته التي يتعين عليها أن تعوّض عجز رجال الشرطة. والخطة تكون في نهاية الأمر بسيطة وتقوم، كما أشرنا، على جرّ بيبي الى الخارج. أما الوسيلة فهي المرأة. إذ يحدث أن بيبي يقع ذات يوم في هوى سائحة تدعى غابي، ما يستثير غيرة عشيقته الأولى آنياس. وهكذا ترتسم ملامح الأحداث: إن بيبي يجد نفسه ذات يوم تواقاً الى الخروج بعيداً من ذلك المكان. انه يحن الى باريس، وحياة الانطلاق، ويجد انه لم يعد لديه شيء كثير يفعله في القصبة. وها هو الحب يناديه الى البعيد. وهو لكي يصل الى ذلك البعيد، ليس عليه سوى أن ينزل من القصبة مباشرة الى الميناء الذي تطلّ القصبة عليه، والذي سيوصل صاحبنا الى بر الأمان. غير ان ما لم يكن بيبي يعرفه، كان ان كل ذلك مبني بإحكام من حول فخ نصب له... وهكذا، إذ يتوجه الى الميناء راغباً في الوصول الى السفينة، يطبق الفخ عليه، ولا يجد أمامه سوى أن ينتحر وأين؟ عند سياج الميناء نفسه... أي على قيد خطوات من انعتاقه وانطلاقه نحو البعيد.

> والحقيقة ان التوازن الذي أقامه مخرج الفيلم، بين توتر الأحداث وتفاعل بيبي معها، كان هو محرك فعل السحر في هذا الفيلم... وهو ما أعطى شخصية غابان طابعها التراجيدي المرتبط مباشرة بمفهوم المصير في الأعمال اليونانية القديمة: بيبي هنا هو أشبه بأوديب معاصر، يعرف تماماً أن مواصلة تحركه نحو هدفه انما هو توجّه مباشر نحو مصيره، ذلك المصير الذي كان مرسوماً له سلفاً ولا ريب فيه. ومع هذا ها هو يواصل حتى لحظة النهاية... لأنه لم يعد قادراً على التراجع. وفي هذا الإطار يبدو بيبي أباً شرعياً لكل تلك الشخصيات التي ستعود السينما، سواء أكانت طليعية فرنسية («على آخر رمق» لغودار) أم حديثة أميركية (بوني وكلايد» لآرثر بن) أو غيرها، الى تقديمها: الشخصيات التي لا تفعل سوى اللحاق بمصيرها وصولاً حتى اللحظة النهائية.

> وفي الطريق الى ذلك المصير، يعرف المخرج كيف يرسم الأحداث وعلاقات الشخصيات، تاركاً لذاكرة السينما بعض اللحظات التي لا يمكن أن تنسى: مثل تلك اللحظة التي يصار فيها الى «تنفيذ حكم الإعدام من جانب العصابة في الواشي»، فيقع هذا فوق بيانو ميكانيكي وتعزف الموسيقى مشكّلة خلفية مدهشة للحظة الإعدام. أو المشهد الآخر حينما يتوجه بيبي الى البحر وهو ينطلق كمن يقول لحاله: الموت أو الحرية...

> حينما حقق جوليان دوفيفييه هذا الفيلم، كان في أوج شهرته وقوته كسينمائي مستقل ذي لغة مميزة. ودوفيفييه الذي سيحقق أول أفلامه عام 1919 وآخرها عام 1967، أي قبل أسابيع من موته في حادث سيارة، كان ولد عام 1896 في مدينة ليل في الشمال الفرنسي ودرس فيها ثم في باريس. وهو بدأ حياته السينمائية عاملاً ثم مساعداً لعدد من المخرجين قبل أن يتحول الى الإخراج، ليحقق طوال ما يصل الى نصف قرن بعض أشهر الأفلام الفرنسية في زمنه مثل «بوال دي كاروت» و «ماريا شابدالينا» و «الفريق الرائع» و «العربة - الشبح» كما حقق أفلاماً في الولايات المتحدة وبريطانيا. وكان «محسوبكم بكل شيطنة» آخر أفلامه.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

10/01/2012

 

«السينما الإيرانية الراهنة» لندى الأزهري

أرشفـة اللحظـة مـن خـلال صانعيهـا

نديم جرجورة 

بتقديمها كتابها هذا بنصّ مُختَصَر ومُكثّف، أزاحت الزميلة ندى الأزهري عن كاهلها مسؤولية انعدام الرؤية الشاملة والمعمّقة للسينما الإيرانية الحالية. فعلى الرغم من أن «السينما الإيرانية الراهنة» («دار المدى»، دمشق/ بيروت، الطبعة الأولى، 2012) واضحٌ تماماً إزاء مبتغاه النقديّ، مضيفاً على النتاجات السينمائية ما سمته الزميلة «إضاءة على المجتمع الإيرانيّ»، إلاّ أن الشمولية مغيّبة لمصلحة شذرات متفرّقة، أتاحت للقارئ المهتمّ فرصة الاطّلاع على بعض الجديد السينمائي هناك، إنتاجاً وتصويراً وتوزيعاً، وأيضاً على مستوى العلاقة بالمهرجان والجمهور والسلطة، في فترة زمنية محدّدة.

أبغض أنواع الكتب السينمائية، بالنسبة إليّ، كامنٌ في تلك المعقودة على تجميع مواد صحافية منشورة سابقاً. المادة الصحافية مهمّة. لكنها تبقى «ابنة ساعتها»، لأنها مولودة في لحظتها. إنها، استناداً إلى بعض «التحريف» لما قاله ألبير كامو، «تأريخ اللحظة»، وهو تأريخ مهمّ، لكنه يُفضَّل إبقاءه في إطاره هذا. «السينما الإيرانية الراهنة» للأزهريّ منتم إلى الفئة تلك: مقالات وحوارات مشغولة «في النصف الثاني من العقد الأول لهذا القرن»، أي في الفترة التي أمضتها في طهران رفقَةَ زوجها الدبلوماسي الفرنسي. مقالات وحوارات منشورة في الزميلة «الحياة»، انتقلت بمفرداتها وصياغاتها الصحافية إلى كتاب يُراد منه إلقاء ضوء على المجتمع الإيرانيّ أيضاً.

لكن، في مقابل هذا كلّه، هناك من يرى في نقل مقالات وحوارات صحافية إلى كتاب مستقلّ أشبه بأرشفة مطلوبة لتسليط ضوء على اللحظة تلك. بهذا المعنى، رسم كتاب الأزهري (تقديم الزميل إبراهيم العريس، بالإضافة إلى كلمة للزميل بندر عبد الحميد منشورة على الغلاف الأخير) صورة وافية إلى حدّ ما عن واقع صناعة السينما في إيران، في الفترة المذكورة أعلاه: «هذا الكتاب صدى لهذه التجربة»، كتبت الأزهري في مقدّمة كتابها. أضافت أن الأخير هذا «لا يدّعي الشمولية حول وضع السينما الإيرانية وتاريخها». لأنه، ببساطة، «يقترح فقط تسليط الضوء عليها في فترة محدّدة من تاريخها، من خلال مجموعة مقالات وحوارات ولقاءات مع شخصيات سينمائية في إيران». كتبت أن القارئ يتعرّف على سينمائيين غادروا بلدهم أو بقوا فيه. على مخرجات وممثلات «من أجيال مختلفة طبعن سينما بلدهنّ بطابع خاص». هناك أيضاً نقاد ومسؤولو مؤسّسات إيرانية مختلفة. باختصار، هناك نظرة عامّة، تجعل القراءة مدخلاً إلى «مقدّمات» لواقع سينمائي آنيّ في بلد منذور لنزاعات شتّى، تكاد لا تنتهي. تجعل القراءة سبباً للبحث عن أفلام شكّلت منعطفاً في التاريخ المعاصر للسينما الإيرانية. عن أفلام أدّى مخرجوها ومخرجاتها وممثلوها وممثلاتها تحديداً دوراً فاعلاً في تطوير فضاءاتها الإبداعية، وفي دلالات مضامينها، وفي آليات اشتغالاتها: عباس كياروستامي، أمير نادري، رخشان بني اعتماد، تهمينة ميلاني، نيكي كريمي، ليلى حاتمي، فاطمة معتمد آريا، مانيا أكبري، جعفر بناهي، أبو الفضل جليلي، أصغر فرهادي، رفيع بيتز، فريدون جيراني وأميد روحاني. بالإضافة إلى هؤلاء الموزّعين على فصول متفرّقة، هناك فصل خاصّ بـ«أفلام علامات» (المطرودون، كتاب قانون، باسيج)، وفصل أخير متعلّق بالسينما الإيرانية و«المتغيّرات الاجتماعية والسياسية» و«مؤسّساتها والمسؤولون عنها» و«الرقابة»، إلى مهرجان «فجر».

البساطة والسلاسة طَبَعا كتاب الأزهري، من دون أن يكونا عائقاً أمام محاولة رسم صورة عن واقع سينمائي، مرتبط بواقع حياتي. الأسئلة (بعضها متشابه، وهذا يعني إلقاء نظرات عدّة على مسألة واحدة، ما يُغني «النصوص»، إلى حدّ ما، ويمنحها قدرة على أن تكون مرآة شفّافة لغليان البيئة كلّها) منطلقة من عمل أو لحظة أو موقف، فإذا بالأجوبة تتماهى مع الانفعاليّ والنظريّ والآنيّ. وعلى الرغم من أن الأسئلة محصورة باللحظة الآنيّة فقط (أي إنها لم تذهب بعيداً في مناقشة السيرتين الحياتية والمهنية للمخرج أو الممثلة أو الناقد)، إلاّ أنها تمنح الكتاب مهمّة إضافية: أرشفة اللحظة، من خلال صانعيها.

السفير اللبنانية في

10/01/2012

 

«البرزخ»: فيلم تسجيلي مضاد للرصاص

سامر محمد اسماعيل 

« كانت الكاميرا تلاحق هالة عندما صوّب جنود العدوّ الإسرائيلي أسلحتهم نحونا ونحن نقطّع الأسلاك الشائكة بأيدينا، لم يكن هناك سوى أصواتنا وأجسادنا الشابة تنهمر باتجاه مجدل شمس المحتلة» يقول مخرج وكاتب سيناريو فيلم «البرزخ» المهند كلثوم لـ«السفير».. ويتابع «لم أكن أنوي وقتها سوى توثيق ما يحدث، عشرات الشبان السوريين والفلسطينيين يتقاطرون زاحفين باتجاه فلسطين في يوم ذكرى النكبة في 15 أيار الماضي، فيما الرصاص يحفُّ بنا من كل حدبٍ وصوب». هناك تتبع كلثوم خريج أكاديمية «خاركوف» السينمائية في أوكرانيا، حكاية الفتاة الفلسطينية هالة فياض عبر لقطات قريبة لوجهها العشريني؛ لتسرد ابنة مدينة حيفا رغبتها بتحقيق حلم والديها أمام كاميرا الذكريات. قالت: «عشت حياة المخيم ولم أسمع يوماً سوى حديث أبي عن ذكرياته في حيفا وكلام أمي عن بيت جدي في غزة؛ ولذلك لم أتوقف عن الركض حتى وصلت إلى مشارف صفد مليئةً بأمل العودة إلى البلاد». تصل مدة الفيلم إلى أربعين دقيقة، لا تتوقف فيها الحكاية عند مواجهات عابرة بين الرصاصة والكاميرا، بل تتعداها إلى داخل الأراضي المحتلة، حيث تنجح بطلة الفيلم بتخطي حواجز سلطة العدو الإسرائيلي برفقة شاب فلسطيني يقضي على تراب وطنه.

وتتابع الفتاة وحدها رحلتها الجريئة؛ راميةً جواز سفرها كلاجئة، فرحةً بقدميها تتسابقان على أرض الأجداد. إلى أن تتمكن دورية للعدوّ من إلقاء القبض عليها واحتجازها لمدة ثلاثة أيام قبل أن تتم إعادتها عبر الصليب الأحمر إلى سوريا: «لم أشعر بالخوف مطلقاً، على العكس لقد كنتُ أواجه المحقق الإسرائيلي بكل جرأة فيما هو يصر على أنني ارتكبت حماقة لا أعرف مدى خطورتها، إلا أنني قلتُ له بالفم الملآن..

هذه أرضنا وسيأتي يوم تخرجون منها». يدمج الفيلم بين لقطات من مواجهات حقيقية في ذكرى 1948 وصور درامية لطفلة تقود دراجتها نحو فلسطين، مفصلاً مشاهده بلقطات متسارعة يتخللها سرد ذكريات هالة عن رفاقها الذين واجهوا الرصاص بصدورٍ عارية. ودمج مخرج الفيلم بين لغة وثائقية وأخرى درامية بالأبيض والأسود، تاركاً الصورة بين مقطعين من حياة يعيد إليها سبب تسمية الفيلم: «البرزخ هو الجولان العربي السوري الذي يفصلنا عن أرضنا، عن أهلنا في مسعدة وبقعاتا ومجدل شمس وفلسطين وكان لا بد للسينما أن تعبره بكاميرا مضادة للرصاص، كاميرا لا تتلصص على مشهد شبان وشابات يعبرون وادي الصراخ، بل تصر على توثيق الجريمة، راصدةً همجية الإسرائيلي وعنصريته».

استطاع كلثوم أن يسجل قرابة ثلاث ساعات من رحلته نحو «البرزخ» بإنتاج من «المؤسسة العامة للسينما» و«مجلس الشباب السوري»، ليعيد بعدها صياغة مشاهده بلغة شعرية يطمح من خلالها إلى تحقيق سينما تسجيلية معاصرة، تنظر إلى قضية الأرض على أنها قضية جوهرية في وعي الإنسان العربي تستأهل مستوى فنياً راقياً. ولذلك ركز في فيلمه الذي عُرض مؤخراً في صالة «كندي دمشق» على نبرة جديدة في محاكاة قضية الجولان، وذلك من دون تورية وبشجاعة فنية تكلمت عن جـيل كامل من أبناء يريدون تحقيق حلم آبائهم بالعودة ولو في السير نياماً نحو بحر حيفا.

السفير اللبنانية في

11/01/2012

 

تامر حسني... ولا أقولك بلاش ثورة!

محمد عبد الرحمن / القاهرة 

وسط اشغال وسائل الإعلام بأحوال الشارع الذي يغلي أكثر من ذي قبل، أطلق «نجم الجيل» دويتو Smile الذي جمعه بشاغي، ثم تلاه بطرح فيلمه الجديد في الصالات المصرية

الإعلان المفاجئ عن العرض التجاري لفيلم «عمر وسلمى 3» جاء ليؤكد أنّ تامر حسني لم يعد مهتماً بالصدى الشعبي تجاه أعماله. المهم بالنسبة إلى «نجم الجيل» هو الحضور المستمر مهما كانت ظروف الشارع المصري. قبل أسابيع، أطلق المغني دويتو مع المطرب العالمي شاغي بعنوان smile صُوِّر في الولايات المتحدة، وعرضه على يوتيوب. هكذا من دون مقدمات، رأى حسني أنّ الوصول إلى العالمية ممكن كما فعل قبله نجوم آخرون، حتى لو كانت مصر لا تزال في الثورة والشارع يغلي أكثر من السابق.

لقد قرّر تامر تجاهل المناخ السياسي بعدما تعلّم الدرس الذي تلقّنه في ميدان التحرير عندما ظن أنّه قادر على إرضاء النظام والثورة في وقت واحد. ومنذ ذلك الوقت، لم يتكلم في السياسة بعدما خرج من الميدان مضروباً بسبب مهاجمته الثورة على الشاشة الرسمية، ثم انضمّ إلى الثوّار متأخراً. لكن المفارقة أنّ تامر حسني يتعامل مع ظروف السوق الفنية كأنّها هي الأخرى غير متأثرة بالسخونة السياسية. فإذا به يطرح دويتو مع شاغي في توقيت عصيب جعل الاهتمام به يتراجع إلا من الجماهير المخلصة لصاحب «يا بنت الإيه». أما وسائل الإعلام والجمهور بمعناه الواسع، فلم يعلموا أصلاً بأن هناك دويتو بين مطرب مصري وفنان عالمي، رغم أنّ حدثاً مماثلاً كان لينال الكثير من الاهتمام قبل سقوط مبارك. وجاء طرح الفيلم الجديد لتامر حسني في الصالات من دون مقدمات، ليشكّل مفاجأة لكثيرين لأنّ حسني اعتاد الترويج لأفلامه قبل شهر على الأقل من عرضها. لكن يبدو أنّ المنتج محمد السبكي وجد في افتتاح صالة ضخمة في منطقة مجاورة لمطار القاهرة فرصةً لطرح الفيلم قبل أيام من الاحتفال بذكرى الثورة المصرية بدلاً من الانتظار لموعد أفضل قد لا يأتي. هكذا اضطر تامر حسني إلى التعاطي مع الأمر الواقع كي يضمن تحقيق الحد الأدنى من الإيرادات. لكنّ صاحب «انتي حياتي» لن يواجه فقط هذه المرة الظروف السياسية التي تمنع الجمهور من التدفق بالحماسة السابقة نفسها إلى دور العرض. بل إنّ المقدمة الإعلانية للشريط تدل على أنّ العمل لا يختلف كثيراً عن أفلام حسني التي تجمع بين المواقف الهزلية والغناء الخفيف والإيحاءات الجنسية. في الجزء الثالث من «عمر وسلمى»، يفاجئ عمر زوجته بتحوّله إلى مطرب شعبي وراب في الوقت نفسه، فترد بأنها ستعمل راقصة. وهنا، تبدأ سلسلة جديدة من المعاناة للزوجة التي تجسدها مي عز الدين بسبب استهتار زوجها وعلاقاته الجديدة مع الجميلات اللواتي تمثّلهن هنا لاميتا فرنجية. وبالطبع، ستتواصل المواجهات طوال الأحداث حتى يعود عمر إلى زوجته، على أمل تقديم جزء رابع من الفيلم إذا استمرت سياسة الإنتاج المكثف لتامر مهما كانت ردود فعل الجمهور على ما يقدمه للسينما والموسيقى والتلفزيون.

الأخبار اللبنانية في

11/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)