حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سكورسيزي الطفولة والأبعاد الثلاثة

«هيوغو».. السينما عـلى دقّات الساعات

زياد عبدالله - دبي

أذهب لمشاهد فيلم مارتن سكورسيزي Hugo «هيوغو» المعروض حالياً في دور العرض المحلية، وأنا أفكر ما الذي سيفعله هذا المعلم الكبير في هكذا فيلم؟ هل يمكن لتجربة ثلاثية الأبعاد أن تكون معبراً إلى انعطافة ما في تجربة صاحب «سائق التاكسي»؟ وهـل يمكـن لتلك التصنيفات اللاسينمائية المتمثلة بوضع الفيلم في مرتبة الصالح لجميع أفراد العائلة أن يكون أمراً جديداً؟ أسئلة لا امتلك إجابات عنها قبل المشاهدة، لكنها محمّلة بالترقب!

من اللقطة الأولى ومع مطلع باريس الثلاثينيات، كما شكّلها الفيلم، سأقول: «فعلها اللعين!»، ومن ثم سيكون الفيلم فعل تعقب جمالي خالص، وستكون الحركة في دهاليز الساعات وتلك البندولات والمسننات وهي تتعشق وتطلق لنا الوقت، والذي سيجيء متناغماً مع كل ما في الفيلم. وهنا يصحو الشعور بأن الأبعاد الثلاثة فعل مستقبلي مهيمن على سينما اليوم لن يكون مع سكورسيزي إلا فعل حنين، وشيئاً ينتمي في الوقت نفسه إلى ما يصنعه من أفلام وثائقية عن «الرولينغ ستونز»، أو عن ايليا كازان، وهو يصفي حساباته مع من شكلوا إلهاماً لما صنعه من أفلام طوال مسيرته السينمائية المترامية والمتواصلة، ولنكون في النهاية مع «هيوغو» أمام تاريخ السينما متعشقاً كما مسننات الساعات مع قصة للأطفال، فهناك قطار الأخوين لوميير والناس تتدافع أمام الشاشة حين رأوا لأول مرة صورة متحركة عام ،1885 مروراً بطلقة المسدس الشهيرة التي خرجت في نهاية فيلم «سرقة القطار العظيمة» 1903 وقد بدأ الجمهور حينها بالهرب والتدافع خوفاً من أن تصيبهم رصاصة ذلك السارق، وصولاً إلى جورج ميليس، الذي شكّل بدايات السينما بخياله المدهش ونحن نتعقب بشكل رئيس فيلمه الشهير والمفصلي في تاريخ السينما «رحلة إلى القمر» 1902 من بين 80 فيلماً سيقال في نهاية الفيلم إنه تم انتشالها واستعادتها لساحر السينما ميليس.

السؤال هنا: كيف لما تقدم أن يأتي في سياق فيلم لنا أن نصطحب معنا أولادنا لنا مشاهدته، والإجابة في الفيلم تتحلى بكل الصفات السحرية المستقاة من ميليس، لكن على يدي ساحر سينمائي معاصر هو سكورسيزي نفسه، حيث سيبدأ الفيلم مع هيوغو (آسا بترفيلد) وهو فتى في الـ12 من عمره، يتيم يعيش في محطة قطارات باريس، إنه يمتلك موهوبة إصلاح كل شيء، ويمضي حياته في دهاليز الساعات ويضبطها ويصونها ومن ثم يقوم بسرقة ما يسد رمقه من أكل.

مع شخصية هيوغو الآثرة ستحضر شخصية بائع الألعاب (بن كينغسلي)، والذي سنكتشف مع تتابع الأحداث من سيكون، ومعه حفيدته، إضافة لمفتش الشرطة (ساشا كوهين)، الذي يكون على الدوام بالمرصاد للأطفال المشردين، وهيوغو يرتعد خوفاً منه.

ضمن تلك الشخصيات والبناء البصري المدهش لباريس الثلاثينات، سنتعرف إلى عوالم هيوغو، حيث أمه الغائبة عنه من البداية، ووالده (جود لو) المتوفى في حـريق، والذي كان أباً وأماً لهيوغو، ويعمـل في صناعة وصيانة الساعة، والذي يترك له قبل وفاته رجلاً آلياً ينتشله من المتحف سيكون اللغز والمعبر في الوقت نفسـه إلى حياة بائع الألعاب الذي لن يكون إلا جورج ميليس نفسه. وصول هيوغو إلى حقيقة من يكون جورج ميليس والكيفية التي يتم بها ذلك سيكون بحد ذاته عبوراً مدهشاً، بين قصة هيوغو وقصة ميليس وبالتالي تاريخ السينما، فذلك الرجل الآلي وحين يتمكن هيوغو من تشغيله من خلال المفتاح الذي تحمله حفيدة ميليس، سيقوم برسم وجه القمر كما لو أنه مصنوع من الكريمة وقد انغرست به الكبسولة الفضائية التي أطلقت بواسطة مدفع ضخم من الأرض، ولمن لا يعرف هذه الصورة، فهي من أشهر اللقطات في تاريخ السينما، وهي من فيلم «رحلة إلى القمر»، وليكون ذلك أولى خطوات هيوغو في مقاربة عوالم جورج ميليس، الذي لن يكون إلا بائع الألعاب الذي يأخـذ مـن هيوغو الدفتر الذي يحتوي رسوماً تفصيلية للرجل الآلي.

فيلم «هيوغو» المأخوذ عن كتاب مصور لبراين سيلزنيك محفوف بالجمال من كل جانب، ويمكن تتبعه على ثلاثة مستويات: الأولى قصة الفتى هيوغو وهوسه بإصلاح الأشياء، وفي المتسوى الثاني هناك تاريخ السينما، وفي الثالث ربط هيوغو الصغير بميليس الهرم واليائس، لا بل إن هيوغو سيجده مثل الرجل الآلي الذي سيكون ميليس صانعه، فهو فاقد للهدف وبالتالي فهو معطل، ومن ثم فتح عوالم هذا المخرج على مصراعيها والكيفية التي قارب بها الفن السابع وذلك الاستديو الزجاجي الذي بناه، وانتقاله من ساحر على خشبة المسرح إلى ساحر على سطح الشاشة. يمكن في الوقت نفسه إضافة مستوى ثالث على ما تقدم متعلق بسكورسيزي نفسه، وعلى شيء من «الأتوبيوغرافية»، وهو يروي ويسرد بصريا ما نراه كما لو أنه يروي قصة عشقه للسينما عبر قصة هيوغو، الذي يرى فيه ميليس نفسه حين كان يافعاً، فميليس أيضاً تقني مهوس بالآلات، وحين بدأ تصوير أفلامه لم يساعده الأخوان لوميير، بل قام بتصنيع كاميرته بنفسه، وهو مخرج أفلامه ومنتجها ويلعب فيها البطولة إلى جانب زوجته.

فيلم «هيوغو» لا يشبه أياً من أفلام سكورسيزي، ولا يمكن له إلا أن يكون بمثابة مفاجأة جديدة يجترحها ساحر سينمائي لا يصنع شيئاً إلا ويكون محكماً، ولعل «هيوغو» الذي يأتي بعد «جزيرة شاتر» لن يكون إلا صندوقاً سحرياً و«تحفة فنية»، كما وصفه جيمس كاميرون لدى مشاهدته، إنه فيلم يحتفي بالسينما والسحر والكتب والطفولة والمغامرة والحب.

الإمارات اليوم في

05/01/2012

 

«تاتسومي».. مملكة الغرافيك الدرامية

زياد عبدالله 

لا يمكن للرسوم حين تطفو على الشاشة إلا أن تفرض نفسها بقوة ساحرة، خصوصاً حين تأتي من رسام بعينه، أسلوبه باد بقوة، ولا مجال للشك بقوة الخطوط المتناغمة تماماً مع قوة الدراما التي يقدمها. البدء هكذا لن يكون إلا انطباعاً أولياً سرعان ما سيتعزز بقوة لدى مشاهدة فيلم السنغافوري اريك كوو Tatsumi«تاتسومي»، الفائز بجائزة المهر الآسيوي الإفريقي في الدورة الثامنة من مهرجان دبي السينمائي، إنه فيلم يتزواج فيه الرسم مع الفن السابع، وفي تتبع لخصوصية ذلك الرسم وحضوره الطاغي في الثقافة اليابانية، ولعله فرضة أيضاً لوضع «الكوميك» الأميركي والأوروبي جانباً والتنعم بـ«الميجا» اليابانية.

يقول الرواي في «تاتسومي» مع بداية الفيلم: «مطر أسود انهمر من السماء، استقر هذا المطر في قلبي» ، هذا المطر الأسود لن يجد من مدينة ليهطل عليها إلا هيروشيما، وهذا ما حدث في الثامن من أغسطس عام 1945 بعد إلقاء القنبلة الذرية الأميركية على تلك المدينة، ونحن نشاهد ذلك أمامنا على الشاشـة مرسوماً بخطوط مدهشـة، وبما يدفع للاعتقاد أننا أمام فيلم «أنيماشن» عن هيروشيما، لكن مهلاً! ليس هـذا إلا قسماً صغيراً من الفيلم، تذكـروا عنوان الفيلم، إنه الاسم الثاني للرسام الياباني يوشيهيرو تاتسومي.

سأكمل قصة هيروشيما أولاً، ومن ثم أتحدث عن مجمل الفيلم، فهذا الذي أصبح قلبه مبللاً بمطر أسود لن يفارقه طوال حياته، ليس إلا مصوراً عسكرياً طلب منه بعد الدمار المروع الذي حل بهيروشيما أن يوثقه بالصور، وهذا ما فعله بينما ينهمر المطر الأسود، ستكون الرسوم بالأبيض والأسود، والميل أكثر للسواد وتدرجات الظل التي تعطينا انطباعاً كابوسياً، سيلتقط المصور الكثير من الصور، ستتزاحم الدموع في عينيه، لكن أكثر ما يدميه سيكون عثوره على صورة ظل لأمرأة وابنها مطبوعة على جدار، يقوم فيها الابن بتدليك الأم، فمن شدة القنبلة فإن ما تبقى من الضحايا ليس إلا ظلالها.

تلك الصورة التي سينشرها بعد خمس سنوات ستهز العالم، ستجعل من مصورها شخصية عامة معروفة حول العالم، لا بل إنه سيتولى من وراء تلك الصورة رئاسة جمعية تسعى إلى منع استخدام السلاح النووي تتولى نشر ثقافة مناهضة لتلك الأسلحة حول العالم، وسيجري تجسيد تلك الصورة في نصب تذكاري ، لكن سرعان ما سيظهر الابن الذي يفترض أنه قتل بينما كان يقوم بتدليك أمه، إنه حي يرزق، والصورة ليست إلا صورة صديقه وهو يحاول خنق أمه بالتواطؤ مع ذلك الابن.

عنوان هذه القصة «جحيم» وهي واحدة من خمس قصص غرافيكية ستحضر في سياق الفيلم، وهي: «قردي الحبيب»، و«رجل بمفرده»، و«مشغول»، و«وداعاً» والتي ستمضي جنباً إلى جنب مع سيرة يوشيهيرو تاتسومي وتنقلاته في رسم «الميجا»، والتي علينا أن نوضحها بالمعادل الياباني لـ«الكوميك»، ومن ثم انعطافته في اكتشاف «جيكيجا» أي الرسوم الدرامية الغرافيتية التي تخص الكبار، وعلى شيء يجعل من تلك القصص الخمس نماذج عما يصنعه تاتسومي، وعليه نشاهد قصة من تلك القصص ونتابع مع مسار حياة تاتسومي وتغيراته الفنية، ولنكون في النهاية أمام فيلم «أنيماشن» رائع، لكل قصة من القصص أن تحمل أصالة على صعيد الرسم والدراما التي تقدمها، بينما تأتينا حياة تاتسومي برسوم ملونة ومساحة لضبط الرسام متلبساً وهو يصنع ما نراه، إنها عوالم ورسوم تاتسومي كما يحركها إريك كوو.

الإمارات اليوم في

05/01/2012

 

(كلاب القش) بين سام بيكنبا ورود لوري

نجاح الجبيلي 

من ضمن ما اقتنيته من الأفلام الجديدة الصادرة في نهاية عام 2011 فيلم  بعنوان "Straw Dogs" كلاب القش، فتساءلتُ في نفسي قبل أن أراه هل هو نسخة  جديدة remake لفيلم "كلاب القش" للمخرج الأمريكي سام بيكنبا (1925-1984)  الذي عرف بأفلام الوسترن المليئة بالإثارة والعنف مثل فيلم "المجموعة  الوحشية Wild Bunch" الذي رسخ مكانته كأحد صناع الأفلام المبدعين في  هوليود؟ 

إن فيلم كلاب القش لبيكانبا الذي أطلق عام 1971 هو دراما مثيرة مليئة بالعنف من اغتصاب وقتل ويدور الفيلم حول "ديفيد سمنر" (أدى الدور داستين هوفمان) وهو أستاذ في الرياضيات يترك الفوضى التي عمت الكلية بسبب احتجاجات ضد الحرب ويعيش مع زوجته الشابة "آمي" (أدت الدور سوزان جورج) في بيتها في "ويكلي" وهي قرية خيالية بمقاطعة كورنويل بإنكلترا.

يستأجر "ديفيد" مجموعة من شباب القرية لترميم بيتهما الريفي وبضمنهم "شارلي" ، وهو عشيق سابق لـ"آمي" الذي يبدي حقداً تجاه "ديفيد" ويضايقه مع مجموعته كثيراً.

يعثر "ديفيد" على قطتهما وقد شنقت في خزانة الملابس وتتهم "آمي" العاملين وتحث "ديفيد" على مواجهتهم إلا أنه لا يفعل كسباً لصداقتهم.

وفي اليوم التالي يدعونه إلى رحلة صيد ثم يتركونه هناك ويذهب "شارلي" إلى البيت ويقوم باغتصاب "آمي" ثم يتسلل آخر يدعى "سكت" ويغتصبها أيضاً. بعد عدة ساعات يدرك "ديفيد" أنه قد جرى تضليله وخداعه ويعود إلى البيت ليجد "آمي" في حالة فوضى وتشوش. لم تخبره بفعل الاغتصاب.

في اليوم اللاحق يقوم بطرد العمال. وأثناء رجوعه من حضور قداس في الكنيسة يصدم رجلاً معتوهاً من القرية يدعى "هنري نايلز" ويأخذانه إلى بيتهما. يتصل ديفيد للإخبار عن الحادث. وكان "نايلز" في ذلك المساء قد قام بخنق فتاة عن طريق الخطأ إذ أنها تعشقه ومتعلقة به جداً وعند اختفائها يبحث عنها أبوها السكير مع العمال. وبعد أن يعلم أن قاتلها هو "نايلز" في بيت "ديفيد" يذهب إلى بيت "سمنر" هو والعمال ويقومون بكسر النوافذ وإطلاق النار وحرق الستائر وقتل الشريف الذي يأتي لاحقاً وتدور معركة عنيفة بينهم تنتهي بمقتل المجموعة على يد "ديفيد" الذي لا يصدق ذلك.

أثار فيلم بيكانبا جدلاً حامياً حين عرضه عام 1971 بسبب مشهد الاغتصاب الطويل في مركز الفيلم وقد اتهم النقاد المخرج بيكانبا بتجميل أو تعظيم الاغتصاب والسادية ضد النساء. وبالأخص أن المشهد كان غامضاً إذ أن البطلة "آمي" بعد أن تقاوم مغتصبها "شارلي" تبدي تعاطفاً معه بعد ذلك فتقوم بتقبيله. كما أن هناك نقداً يرى الفيلم كتجيير للعنف كونه خلاصاً وأنه احتفال فاشي بالعنف ودافع المخرج عن نفسه واصفاً الفيلم كونه تحرياً وليس تجييراً للعنف.

اعتمدت النسخة الجديدة من فيلم "كلاب القش" الذي عرض في عام 2011 على نفس السيناريو الذي كتبه "سام بيكنباه" و" ديفيد زيلاغ غودمان" والمعتمد أساساً على رواية بعنوان " حصار حقل ترنشر" لغوردون ويليامز. وقد أخرجه رود لوري وهو مخرج وكاتب سيناريو أميركي ومثله جيمس ماردسن (ديفيد سمنر) و "كيت بوزورث" (آني سمنر) والكسندر سكارسغارد ( شارلي) .

يروي الفيلم الجديد القصة نفسها عدا أنه غيّر موقع الأحداث من إنكلترا إلى المسيسيبي في أميركا وغير مهنة البطل من أستاذ رياضيات إلى كاتب سيناريو. ولم يرتق الفيلم الجديد إلى مستوى الأصل سواء بإخراجه أم تمثيله، وكانت ردود الأفعال النقدية سلبية تجاهه، إذ أحرز نسبة 42 % في موقع "روتن توميتوز" من خلال آراء 142 ناقداً مع إجماع أن الفيلم الجديد "كان صادقاً للأصل إلا أنه كان احتفالاً بالعنف".

المدى العراقية في

05/01/2012

 

حرية بناهي

سعد ناجي علوان 

تنشد السينما وهي أحد المفاهيم العليا للإنسانية ،في خضم صراعها مع السلطة  ،التأكيد على أصالة الذاكرة وألقها ،فالصراع مع السلطة كما ينبئ الرائع  (ميلان كونديرا) هو صراع الذاكرة مع النسيان.

ولطالما تمثل الأمر بالتصدي المباشر من قبل مخرجين باتوا علامة فارقة في  سماء الفن السابع، ويعتبر المخرج الإيراني (جعفر بناهي) أحد المصاديق  المهمة لهذا الصراع منذ أن افتتح بفيلمه ( البالون الأبيض) مهرجان سراييفو  الأول ،حتى مشاركته في التظاهرات والاحتجاجات عقب الانتخابات (2009) في  إيران،

وإخراجه لفيلم حولها ومرورا بأفلامه المهمة (الدائرة – أوف سايد) ولم يمنع غيابه نتيجة اعتقاله من قبل السلطات الإيرانية والحكم عليه بالسجن سبع سنوات بعد ذلك ومنعه من السفر والعمل لمدة عشرين عاما، أن يستمر حضوره الباذخ في العديد من المهرجانات العالمية (كان –البندقية- برلين سراييفو... وغيرها) حيث شكل تكريمه والتضامن معه جزءا مهما من فعالياتها، إضافة إلى الإيعاز بترك مقعد شاغر مطرزا باسم (جعفر بناهي) سواءً كجزء من لجنة التحكيم أو بين الحضور الفني.

وضمن المسار ذاته وتكريما لشجاعته وريادته الكبيرتين ،نظم منتدى صحبة السينما في الديوانية بالاشتراك مع قصر الثقافة والفنون أمسية احتفاءً وتضامنا مع المخرج (بناهي)، ومثلما حصل في كل محفل فني ترك المقعد الأول مطرزا باسمه وسط حضور مميز للاحتفائية، وقد تحدث الشاعر سعد ناجي سكرتير المنتدى بداية عن أن الأمسية تمثل إدانة لجميع أنواع القمع الثقافي والفني والإنسان أينما وجد ،وإن بدت بأدواتنا البسيطة لكن صوتنا مستقيم حين يعلن ذلك ،ثم أتم حديثه عن مكانة بناهي المتميزة كأحد أسماء الموجة الجديدة للسينما الإيرانية.

ليعقبه الناقد (فراس الشاروط) مدير المنتدى بالحديث عن أهم مسارات (جعفر بناهي) الفنية ومجموعة أفلامه المخصصة دائما بالاعتناء بهموم الإنسان الإيراني وآماله وخاصة شريحة النساء منه، وتتجلى أهمية ما يطرحه من نقد ظل يسخر دائما من الأبعاد السلطوية لمختلف بنى المجتمع ومقاربتها التي تجعل الفرد يعيش إشكالية معقدة نتيجة لعدم التوائم بين هذه الرؤى والواقع اليومي المعاش، كما فيلم (الدائرة) الذي عرض في الاحتفائية الديوانية، حيث عمد إلى رسم ما يريد بأناة وجهد كبيرين وكأنه يمنحنا لوحة تعبيرية وتفصيلية لأغلب شرائح مجتمعه، ليظهر لنا مراكز الضعف والهشاشة والألم والتجاوزات الإنسانية التي أحالت مكونا مهما كالمرأة إلى دائرة مغلقة من التهميش والصلف والشعارات الكاذبة لدرجة الصعوبة البالغة في استعادة المكانة التقليدية والمحترمة للمرأة كي تمارس دورها كركيزة أساسية لنمو الحياة وتصاعد بهجتها، وهذا ما يعول عليه الجميع كيلا يعلو الهامش ويصبح فعلا عاديا وأساسيا في المجتمع، آملا (الشاروط) أن يستمر التضامن ضد أية سلطة قمعية للإنسان وإبداعه.

المدى العراقية في

05/01/2012

 

هل كان شكسبير محتالاً؟!

عادل العامل

لقد قيل الكثير عن كيف أن فيلم "مجهول الاسم Anonymous" القادم سيعيد إشعال  النقاش بشأن ما إذا كان شكسبير قد كتب بالفعل أم لم يكتب الأعمال المنسوبة  إليه، كما يقول كاميرون كوناوَي في نقده هذا.

والواقع أن الفيلم يضع بالأحرى هذا السؤال أمام جمهور رواد السينما وخارج جدران الأكاديمية.

و موجز الفيلم : تحدث القصة في إنكلترا الأليزابثية، يتأمل فيلم "مجهول الاسم" قضيةً قد خدعت لقرونٍ أكاديميين وعقولاً لامعة، من مارك توين  وتشارلس ديكينز إلى هنري جيمس وسيغموند فرويد، وأعني : مَن كان مؤلف المسرحيات المنسوبة لوليام شكسبير؟ ولقد ناقش الخبراء، و كُتبت الكتب، وكرّس الباحثون حيواتهم للحفاظ على النظريات المحيطة بتأليف معظم الأعمال المعروفة في الأدب الانكليزي، أو الكشف عن حقيقة هذه النظريات.

يطرح الفيلم جواباً واحداً ممكناً، مركزاً على الوقت الذي كُشفت فيه خديعة العباءة والخنجر السياسية، والرومانسيات المحظورة في البلاط الملكي، ومخططات النبلاء الجشعين المتعطشين إلى سلطة العرش، وذلك في أكثر الأماكن بعداً عن الاحتمال : مسرح لندن.

إنني بروفيسور متخصص بشكسبير في جامعة أوتاوا، مع هذا أقر بأن من المستحيل بالنسبة لرجلٍ واحد، كما يبدو، أن يكون قد كتب هذا العدد الكبير جداً من الأعمال السرمدية على نحوٍ غير قابل للتصديق. لكن عقلية "أن رجلاً واحداً قد فعل ذلك بالكامل" ما تزال الفكرة البديلة الأكثر شعبيةً والفكرة المثبتة على ما يُزعم في هذا الفيلم. ويعتقد أناس كثيرون بأن الأعمال المنسوبة إلى شكسبير قد كتبها في الواقع إدوارد دي فير، أيرل أوكسفورد السابع عشر ( 12 نيسان 1550 ــ 24 حزيران 1604). وفي النهاية، وكما تكشف عنه سيرة حياة شكسبير لبيل برايسون، فإننا نعرف القليل جداً عن شكسبير وذلك لا يمكننا أن نتخذ أحكاماً بأية حال. هل كان محتالاً؟ ربما. لكنه أمر يماثل في احتماله أن يكون مشاركاً رئيساً وحتى منتحلاً ــ وهي حال كتّاب كثيرين آنذاك. كما يُحتمل أن يكون واحداً من أولئك الأشخاص المتألقين الذين يظهرون كل عدة مئات من السنين. وعلى كل حال، فإن ذلك كله لا يهم ــ فما نعرفه عن شكسبير لم يتغير كثيراً في سنوات وسنوات. وما يهم هو أن الأعمال المعتمدة الآن باسم شكسبير قد غيرت كلياً نظرتنا العالمية، أضافت طبقات من التعلم لملايين الناس في مختلف أنحاء العالم، وألهمت الكتّاب وغير الكتّاب على حد سواء. ما يهم ليس الرجل، وإنما الأعمال.

أما موقع فيلم Anonymous   على الشبكة، فيقول التالي عن وليام شكسبير : [ بالرغم من كونه معروفاً بكتابة 37 مسرحية، و 154 سونيتة وقصائد ملحمية عديدة وكونه الكاتب المسرحي الأكثر إنجازاً، فلس هناك من توثيق يثبت أن شكسبير قد كتب كلمة واحدة من ذلك ].

وفي الوقت الذي أفهم فيه الأساس لهذا الفيلم وسأشاهده من دون شك وسأشجع كثيراً كل مَن أعرفهم على مشاهدته، يجب عليّ القول أنني منحاز لأمرٍ آخر. فمع تراجع الأدب الحقيقي الآن، كان من الأهم والأجدى إنفاق المال على إنتاج فيلم يتناول الطرق المتنوعة التي أدت بها الأعمال المنسوبة لشكسبير إلى تغيير حيوات الناس نحو الأفضل. وكجزء من أولمبياد 2012 الثقافي، على سبيل المثال، سيقدم مسرح غلوب  Globe كل مسرحيات شكسبير بلغة مختلفة ــ 38 على وجه الدقة. وذلك فاتن، ومدهش، وجدير بفيلمٍ يتهافت عليه الجمهور.

عن: The Economist 

المدى العراقية في

05/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)