حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

السينما المصرية قامت على أكتاف المرأة

كتب سمر فتحى

رغم أن البعض مازال يرى أن العمل السينمائى امتياز ذكورى يصعب على المرأة خوض أى عملية من عملياته سواء من إخراج أو تأليف أو إنتاج، إلا أن التاريخ يثبت أن ميلاد صناعة السينما المصرية، كان على يد امرأة قامت بالإخراج والتأليف والإنتاج، بل اعتبرت أول مخرجة سينمائية فى العالم، إنها «مفيدة محمود غنيمى» أو «عزيزة أمير» وهو الاسم الفنى الذى أطلقه عليها «يوسف وهبى» حين التحقت بالعمل معه فى مسرح رمسيس.

«عزيزة أمير» التى أطلقت على شركة إنتاجها اسم «إيزيس» تعتبر أول سيدة مصرية تجرأت على اقتحام ميدان الإنتاج السينمائى لتقوم بدورها الريادى من خلال الفيلم الصامت «ليلى» الذى يعتبر أول فيلم عربى يعرض فى السينما من خلال دار العرض التى عرضت «متروبول» فى السادس عشر من نوفمبر عام ,1927 وقامت فيه بتمثيل دور البطولة، نجاح «أمير» فى السينما فتح الطريق أمام غيرها لاقتحام هذا المجال الذى كان جديداً وغريباً وقتها على المرأة فدخلت إلى دائرة الإنتاج كل من «فاطمة رشدى» و«آسيا داغر».

الغريب أن فيلم «ليلى» الذى تم تصويره بين الهرم وسقارة وشوارع القاهرة، تم تحميضه وطبعه فى منزل «عزيزة أمير» الذى تحول بعد ذلك إلى استوديو كان مقره حى جاردن سيتى.

«بنت النيل» هو الفيلم الثانى لـ«عزيزة أمير» الذى تم عرضه فى الخامس والعشرين من أبريل عام1929 من إخراج «عمر وصفى» وبطولة كل من «عزيزة أمير» و«عباس فارس» و«أحمد علام» و«حسن البارودى».

وفى بداية الثلاثينيات قامت بإنتاج فيلمها الثالث بعنوان (كفرى عن خطيئتك) بطولة «توفيق المردنلى» و«زكى رستم» و«زينب صدقى» وتم عرضه فى الثالث والعشرين من مارس عام ,1933 والذى تكبدت فيه خسائر كبيرة ليس لشىء سوى أنه فيلم صامت تم عرضه بعد أن ملأ الفيلم الناطق شاشات العرض.

هذه الخسارة كانت سبباً وراء توقف «عزيزة أمير» عن الإنتاج لفترة ظلت فيها تراقب تطور الحركة السينمائية التى ولدت على يديها فى الوقت الذى ظهرت فيه كيانات سينمائية إنتاجية كثيرة.

وفى عام 1939عادت «عزيزة أمير» مرة أخرى إلى السينما من خلال إنتاج وتمثيل فيلم «بياعة التفاح» أول أفلامها الناطقة، عن قصة من تأليفها، وساعدها فى كتابة السيناريو المخرج «حسين فوزى» الذى أسندت إليه مهمة إخراج الفيلم، وكان الفيلم بداية الانطلاق لـ«محمود ذوالفقار» الذى قام أمامها بدور البطولة مع الفنان الراحل «أنور وجدى» وقد تزوجت «عزيزة أمير» هذا الوجه الجديد وأصبح شريكها فى الحياة والأفلام وهو ما يؤكد أنها لم تكن منتجة فقط بل كانت أيضاً مكتشفة للوجوه الجديدة وصانعة للنجوم.

واستمرت عزيزة أمير فى الإنتاج باسم شركتها «إيزيس فيلم»، فأنتجت خمسة وعشرين فيلما من ضمنها فيلم «الورشة» عام 1940 بطولة «محمود ذو الفقار» و«أنور وجدى» ثم فيلم «ابن البلد» عام 1942 بطولة «محمود ذو الفقار» و«محمود المليجى» وفى نفس العام أنتجت فيلم «ليلة الفرح» بطولة «زوزو شكيب» و«أنور وجدى» تلاه فيلم «وادى النجوم» مع «فردوس محمد» و«محسن سرحان» وختمت مشوارها الفنى بإنتاج فيلم (خدعنى أبى) عام 1951 بطولة «تحية كاريوكا» و«صباح» و«محمود شكوكو».

وكما اشتهرت «عزيزة أمير» بأنها رائدة السينما المصرية جاءت «ألماظه بطرس داغر» أو «آسيا داغر» لتكون رائدة الأفلام التاريخية فى مصر والوطن العربى، وتعد ثانى منتجة سينمائية بعد «عزيزة أمير» واستمرت فى الإنتاج لسنوات طويله خاصةً بعد توقف شركـات «إبراهيم وبدر لاما» و«عزيزة أمير»، ولذلك استحقت الفنانة «آسيا» لقب (عميدة المنتجين)، وأصبحت شركتها (لوتس فيلم) التى أسستها فى عام 1927 أقدم وأطول شركات الإنتاج السينمائى المصرى عمراً وتعد خامس شركة إنتاج فى تاريخ مصر.

أمضت «آسيا» حياتها وهى تعمل فى السينما كممثلة ومنتجة ولذلك تعتبر جزءاً من تاريخ وحاضر السينما التى أهدت لها ما يقرب من السبعين فيلماً.

كان فيلم (غادة الصحراء) عام 1929م هو أول بطولة لها بمشاركة كل من «هند يونس» و«مارى كوينى» كما أنه سابع فيلم فى تاريخ السينما المصرية.. وقد استعانت بالفنان التركى «وداد عرفى» لإخراج هذا الفيلم، وحصلت عام 1930 على أول جائزة تمنح لفيلم مصرى عن هذا الفيلم بالمعرض الصناعى بدمشق، ثم مع «إبراهيم لاما» لإخراج فيلم (وخز الضمير) عام 1931 بطولة «عبدالسلام النابلسى» و«أحمد جلال» بعدها تعرفت على السينمائى والروائى والصحفى «أحمد جلال»، فأخرج لها كل ما أنتجته من أفلام فى الفترة ما بين عامى 1933 و,1942 والتى قاربت العشرة أفلام، أهمها: (عيون ساحرة) عام 1934 بطولة «آسيا» و«مارى كوينى» و«أحمد جلال»، وفيلم (فتاة متمردة) عام 1940 بطولة «بشارة واكيم» و«بديعة مصابنى» و«ثريا فخرى». وقد حصلت على واحدة من أهم الجوائز المصرية وقتها منحتها لها لجنة مراقبة التمثيل بوزارة المعارف وكانت عن فيلم «عندما تحب المرأة» عام,1933 وتوالت أعمالها الإنتاجية بفيلم «القلب له واحد» 1945 وفيلم «ساعة لقلبك» 1950 .

اهتمت «آسيا» أيضاً بالأفلام التاريخية فقد أنتجت أول فيلم تاريخى مصرى وهو فيلم (شجرة الدر) فى بداية مشوارها الفنى عام 1935 ثم فيلم (أمير الانتقام) الذى أخرجه «هنرى بركات» عام 1950 إلا أنها توجت إنتاجاتها بفيلم (الناصر صلاح الدين) عام 1963م الذى تكلف إنتاجه مائتى ألف جنيه وهو رقم يعد ضخماً وباهظاً بمقاييس الأفلام التى أُنتجت فى تلك الفترة.

وقد استمر الإعداد للفيلم لمدة خمس سنوات، وكان من المفترض أن يخرجه «عز الدين ذو الفقار» لكنه مرض أثناء كتابة السيناريو بعد أن تعاقدت مع الممثلين فقررت تأجيل الفيلم إلا أن «ذو الفقار» نصحها بعد أن اشتد عليه المرض بالاستعانة بالمخرج «يوسف شاهين» الذى حصل على أعلى أجر وقتها (9 آلاف جنيه) فى أول تعامل بينهما ويعد أول فيلم سكوب مصرى بالألوان إلا أنها أعلنت إفلاسها بعد الفيلم لتنهى آسيا مشوارها السينمائى كممثلة ومنتجة بفيلم «يوميات نائب فى الأرياف» عام 1969 قصة «توفيق الحكيم».

كان للإسكندرية دور نسائى أيضاً فى صناعة السينما المصرية حيث أنجبت رائدتين من بناتها وهما «فاطمة رشدى» و«بهيجة حافظ».

على الرغم من أن رصيد «فاطمة رشدى» السينمائى لا يتعدى خمسة عشر فيلماً بدايتها كانت تمثيلاً فقط من خلال فيلم «فاجعة فوق الهرم» سنة 1928 وهو فيلم صامت من أفلام المغامرات للمخرج «إبراهيم لاما» وبطولتها مع «بدر لاما» و«وداد عرفى» وما إن انتهت من هذا الفيلم حتى قررت الدخول إلى مجال الإنتاج السينمائى فأنتجت أول فيلم لها بعنوان «تحت ضوء الشمس» من تأليف وإخراج «وداد عرفى» وحين عرض الفيلم عليها بعد انتهائه لم يعجبها فقامت بإحراقه عن آخره وأسقطته من عداد أفلامها.

وفى عام 1933 عادت «فاطمة رشدى» إلى السينما بعد غياب خمس سنوات، كمخرجة ومؤلفة بالإضافة إلى قيامها بالبطولة والإنتاج فى فيلم «الزواج» مع «محمود المليجى» وكان هذا الفيلم أكثر نجاحاً من فيلمها الأول «فاجعة فوق الهرم».

ورغم أن المسرح كان يأخذها دائماً إلا أنها لم تكن تستطيع أن تستغنى عن السينما فتعود إليها بين الحين والآخر ففى عام 1936 قدمت فيلم «الهارب» بطولتها مع «عبدالسلام النابلسى» وإخراج «إبراهيم لاما» وفيلم «ثمن السعادة» بطولتها مع «حسين صدقى» وإخراج «ألفيزى أورفانللى» أما آخر أفلامها السينمائية فكان عام 1956 بعنوان «دعونى أعيش» عن قصة «أمين يوسف غراب» وسيناريو «حسين حلمى المهندس» وإخراج «أحمد ضياء الدين» وشاركتها البطولة «ماجدة».

رحلة «بهيجة حافظ» فى السينما لا تتعدى خمسة أفلام، من إنتاجها منها فيلمان صامتان هما «زينب» لـ«محمد كريم» و«الضحايا» إخراج «إبراهيم لاما» الظريف أنها أيضاً هى صاحبة الموسيقى التصويرية للفيلم.

أما فيلمها الثالث فهو «الاتهام» من إخراج الإيطالى «ماريو فولبى» وبطولتها مع «زينب صدقى» و«زكى رستم».

يذكر لـ«بهيجة حافظ» فى مسيرتها السينمائية إجادتها لكل العناصر السينمائية فإلى جانب التمثيل والإنتاج والموسيقى التصويرية كانت بارعة فى تصميم الأزياء والإخراج الذى اتجهت إليه بعد اختلافها مع المخرج «ماريو فولبى» فأخرجت فيلم «ليلى بنت الصحراء» الذى يمثل حدثاً تاريخياً فى الأوساط السينمائية فى ذلك الوقت لما تضمنه من ديكورات ضخمة وأزياء شدت المتفرج وخاصة ملابس البطلة فضلاً عن الموضوع الذى كان جديداً على السينما المصرية والفيلم هو أول فيلم مصرى يستخدم اللغة العربية الفصحى بسهولة وسلاسة وشارك فى بطولة الفيلم «حسين رياض» و«زكى رستم» و«عبدالمجيد شكرى» و«راقية إبراهيم» وقد رشح هذا الفيلم للعرض فى مهرجان البندقية عام 1938 ولكنه منع فى آخر لحظة لصدور قرار بمنع عرضه داخلياً وخارجياً لما تضمنه من إساءة إلى تاريخ كسرى أنوشروان ملك الفرس وذلك بناء على شكوى واعتراض من الحكومة الإيرانية.

وعلى الرغم من مكانة هذا الفيلم فى تاريخ السينما المصرية إلا أنه كان السبب فى إفلاس شركة «فنار فيلم» واضطرت «بهيجة حافظ» للتوقف عن الإنتاج لمدة تصل إلى عشر سنوات لما تكبدته من خسائر نتيجة منع عرضه ومصادرته.

وبعد فترة الانقطاع عادت بفيلم «زهرة السوق» وهو قصتها وإنتاجها وبطولتها مع «علوية جميل» و«ثريا فخرى» و«عبدالعزيز خليل» وسيناريو «إبراهيم العقاد» وإخراج «حسين فوزى» و«كمال أبو العلا» وقام بالغناء فيه لأول مرة المطرب اللبنانى «وديع الصافى» وكان فشل هذا الفيلم سبباً فى احتجاب «بهيجة حافظ» عن الأضواء ولم تعد إلى السينما إلا فى مشهد صغير بالألوان من فيلم «القاهرة 30» لـ«صلاح أبوسيف».

«أمينة محمد على» جاءت تجربتها فى السينما بإنتاج فيلم واحد بعنوان (تيتاوونج) عام ,1937 ولم تكن تمتلك وقتها غير مبلغ قليل لا يزيد على سبعة عشر جنيهاً فقد أنتجت «أمينة» هذا الفيلم بطريقة المشاركة الفنية، فقد دخلت فيه شريكة بالمجهود الفنى إلى جانب جهود العاملين بالفيلم، ومشاركة مع المصور الفرنسى «ديفيد كورنيل» الذى تعهد بتقديم الفيلم الخام إضافة إلى التصوير.

وكانت «أمينة محمد» قد كونت شركة سينمائية باسم «أمينة فيلم»، واتخذت لها مكتباً فى نفس العمارة التى تم فيها التصوير ونشرت إعلاناً فى جريدة «الأهرام» تطلب فيه وجوهاً فنية جديدة لفيلمها الأول وتقدم إليها هواة السينما فى تلك الفترة، الذين اشتهروا فيما بعد كمخرجين، أمثال «كمال سليم» و«صلاح أبو سيف» و«سيد بدير» و«أحمد كامل مرسى» و«حلمى حليم» ومن الممثلين والممثلات «محسن سرحان» و«محمد الكحلاوى» و«نجمة إبراهيم» و«زوزو نبيل». ومن المعروف أن الإعلان الذى نشرته «أمينة محمد» فى جريدة «الأهرام» قد جذب إليها مجموعة كبيرة من الهواة الشباب، الذين لم يكن لهم نصيب فى الظهور على الشاشة، وكان من بينهم الرئيس السابق أنور السادات، الذى رفضته مع كثيرين.

الفيلم عند عرضه فى سينما «الأميركان كونوجراف» بالقاهرة، حقق نجاحاً كبيراً وإقبالاً جماهيرياً غير متوقع خاصة أن إمكانياته الإنتاجية ضئيلة جداً، مقارنة بأفلام أخرى عرضت فى نفس الموسم السينمائى، مثل فيلم (ليلى بنت الصحراء) لبهيجة حافظ، الذى تكلف إنتاجه ستين ألفاً من الجنيهات وكان ذلك ـ بالفعل ـ أكبر تحد للجيل الثانى من شباب السينما المصرية فى منتصف الثلاثينات.

وبعد إنتاجها لفيلم (تيتاوونج)، اعتزلت «أمينة محمد» الفن لعدم قدرتها على إدارة تكاليف الإنتاج الباهظة ولم تظهر إلا فى فيلم واحد عام ,1945 وذلك عندما اختارها المخرج «أحمد بدر خان» لتمثيل دور الأم فى فيلم (تاكسى حنطور) مع «محمد عبدالمطلب».

لايقل دور «مديحة يسرى» فى عالم الإنتاج عن دورها فى عالم التمثيل، حيث أنتجت 18 فيلماً سينمائياً من خلال الشركة الخاصة بها التى حملت اسم شركة «أفلام مديحة يسرى» ومن أبرز تلك الأفلام فيلم «الأفوكاتو مديحة» مع «يوسف وهبى» وفيلم «بنات حواء» مع «محمد فوزى» وفيلم «السيرك» عام 1968 لـ«سميرة أحمد» وفيلم «صغيرة على الحب» فى عام 1966 لـ«سعاد حسنى» وأخيراً بفيلم «دلال المصرية» عام1970 لـ«حسين فهمى».

كما أنتجت من قبل العديد من المسلسلات الدينية والتاريخية والاجتماعية، منها مسلسل «أبو سفيان الثورى» بطولة (حسن يوسف) يليه مسلسل «ذو النون المصرى» بطولة (سميحة أيوب) وأخيراً مسلسل «امرأة من الصعيد الجوانى» بطولة (معالى زايد).

فنانة اختارت الطريق الصعب حتى فى أدوارها، فمن لا يذكر فيلم المناضلة الجزائرية (جميلة بو حريد) الذى أنتجته عام 1958 للمخرج «يوسف شاهين» وبطولتها مع «أحمد مظهر» و«رشدى أباظة» وكان بحق مغامرة سينمائية.

«ماجدة الصباحى» التى ظهرت للمرة الأولى فى فيلم (الناصح) إخراج «سيف الدين شوكت» مع «إسماعيل يس» عام.1949

دخلت مجال الإنتاج السينمائى عام 1975 حين أسست شركة أفلام ماجدة للإنتاج السينمائى التى تعد إحدى أعرق المؤسسات وشركات الإنتاج السينمائى فى مصر والوطن العربى، فقدمت مجموعة مميزة من الأفلام الناجحة حيث أنتجت أكثر من (20) فيلما كانت علامات مضيئة فى تاريخ السينما المصرية والعربية والتى أثارت ضجة أيضاً لكونها تتناول المشكلات الاجتماعية والسياسية الهادفة ومنها (أنف وثلاث عيون) و(الرجل الذى فقد ظله) و(السراب) و(العمر لحظة) و(جميلة بو حريد) و(هجرة الرسول).

خاضت «ماجدة» مسيرة الإنتاج لتبث فكرة عن الأعمال الوطنية إلى جانب تحويل الروايات العظيمة لكبار الأدباء إلى أفلام سينمائية مؤكدة أن منتجى تلك الفترة كانوا يخشون المغامرة بإنتاج النوعين معا فبدأت رحلتها مع الإنتاج بفيلم (أين عمرى) عن قصة للكاتب الكبير (إحسان عبدالقدوس) مع (يحيى شاهين) و(زكى رستم) و(أحمد رمزى) وإخراج (أحمد ضياء الدين).

توقفت «ماجدة» عن الإنتاج السينمائى منذ عام 1985 .

فى حياة (نبيلة عبيد) احتل الإنتاج مكانة كبيرة فى مسيرتها الفنية إلى جانب التمثيل من خلال إنتاج بعض أفلامها التى تعاونت فيها روائياً مع الكاتب الكبير (إحسان عبدالقدوس) مثل (وسقطت فى بحر العسل)، و(لايزال التحقيق مستمراً)، (أيام فى الحلال)، (العذراء والشعر الأبيض)، (أرجوك أعطنى هذا الدواء) و(الراقصة والسياسى)، و(الراقصة والطبال) .

وأشارت «نبيلة» إلى أنها عندما فكرت فى الإنتاج كان الهدف هو التخلص من سيطرة المنتج والموزع الذى يتعامل مع السينما على أنها سلعة وتجارة ولو على حساب المستوى الفنى.

مجلة روز اليوسف في

24/12/2011

 

النضـال.. امــرأة

كتب حسام عبد الهادى 

ظلت المرأة عرضة للقمع والقهر المجتمعى لسنوات طويلة، رغم أنها شريك أساسى فى إدارة شئون المجتمع، إلا أن هذا الدور لم يكن أحد يريد الاعتراف به فى ظل وجود الحرب الذكورية ضدها، وهو ما جعلها تكشف عن أظافرها لتثبت للجميع أنها قادرة على المقاومة، ولن تسمح لأحد بالاقتراب من حقوقها الطبيعية، أو التعامل معها باستخفاف على أنها كيان مجهول إيمانها بحقوقها هو الذى دفعها للسعى للدفاع عنها والحصول عليها مثلها مثل الرجل تماما، ولتعلن أنها ليست أقل منه شأنا ولا مكانة ولا قدرة ولا دورا، سواء كان ذلك على مستوى النضال الوطنى أو السياسى أو المجتمعى، وهو ما أظهرته السينما لدعم موقف المرأة فيما تقوله وما تؤمن به وما تسعى إليه.

فعلى مستوى النضال الوطنى قدمت المرأة فى السينما أروع قصص البطولة وكانت رمزا للمقاومة والتضحية والفداء، وليكن فيلم «جميلة بو حريد» خير دليل على ذلك، هذا الفيلم الذى تخلت فيه المرأة- سواء كانت «جميلة» نفسها أو «ماجدة» التى جسدت دورها فى الفيلم -عن أنوثتها وارتدت ثوب النضال من أجل الدفاع عن حقوق الوطن وأبنائه المسلوبة والوقوف فى وجه ظلم وجبروت وقسوة الاحتلال الفرنسى واستنهاض روح الشعب الوطنية للدفاع عن الأرض والعرض هو أكبر دليل على أن المرأة قادرة على فعل المستحيل مهما كانت الصعاب، مادامت مؤمنة بقضيتها. الفيلم صور ملحمة «بوحريد» بطريقة تؤكد أن المرأة فى كثير من الأحيان تكون بإرادتها وعزيمتها وتحديها أفضل من كثير من الرجال، خاصة مشاهد التعذيب وظهور «ماجدة» حليقة الرأس وهو الشرط الذى اشترطه «يوسف شاهين» لقبوله إخراج الفيلم فوافقت عليه «ماجدة» بطلة ومنتجة الفيلم ولم تتردد للحظة واحدة.

فى فيلم «فتاة من فلسطين» كان نموذج آخر للفتاة الباسلة التى كان طريقها إلى المقاومة مسألة حياة أو موت وبقلب شجاع لا يعرف الرهبة أو الخوف.

«عزيزة أمير» التى قامت بدور الطبيبة الفلسطينية التى تطوعت فى صفوف الجيش الفلسطينى للدفاع عن أراضيه ضد العدو الصهيونى من خلال رعايتها للجرحى والمصابين لم يكن إلا بداية حلم للانضمام إلى المقاومة الفدائية، وليتحول منزلها إلى مركز تسليح الفدائيين الفلسطينيين، ورغم تعلق قلبها بالحب مع الطيار المصرى «محمود ذو الفقار» الذى سقط مصابا فى قريتها بعد شن غارة جوية عليه أصابت طائرته، فلم يشغلها قلبها بحبه بعد أن داوت جراحه بقدر ما كان يشغلها أيضا أن تداوى جراح قلبها بالنصر على العدو الصهيونى وكان سندها فى ذلك.

لم يحدث فى تاريخ السينما العالمية أو العربية أن تم عرض فيلم روائى عن إحدى الحروب القصيرة بعد نهايتها بسبعة أشهر فقط غير فيلم «بورسعيد» الذى عرض يوم 8 يوليو 1957 أى بعد نهاية العدوان الثلاثى وجلائهم عن البلد فى 23 ديسمبر .1956 الفيلم الذى اظهر بطولة المرأة سواء من خلال الأم «أمينة رزق» التى كانت تمثل الدافع المعنوى لأبطال المقاومة من أبناء بورسعيد أو من خلال الزوجة «هدى سلطان» فرغم أنها كانت كفيفة إلا أنها كانت الصورة المشرفة للمرأة العاجزة ببصرها لكنها القوية بإرادتها ووطنيتها وعزيمتها، فلم يمنعها العجز البصرى عن وجودها ضمن أفراد المقاومة الشعبية.

ولم تخش أن تعرض نفسها للخطر مادامت فى ذلك مصلحة للوطن. فيلم «بورسعيد» الذى تم تصوير أحداثه فى الأماكن الطبيعية بمدينة «بورسعيد» يكاد يكون هو الفيلم الوحيد فى تاريخ السينما المصرية الذى جاء بتكليف من رموز الدولة آنذاك بعد أن اجتمع كل من «جمال عبدالناصر» و«عبدالحكيم عامر» و«أنور السادات» بـ «فريد شوقى» للاتفاق عليه.

ما فعلته «هدى سلطان» فى بورسعيد» لا يقل وطنية ولا تأثيراً عما فعلته «فاتن حمامة» فى «لا وقت للحب» مع رشدى أباظة. روح التعاون والبسالة والمغامرة التى كشفت عنها «سلطان» هى نفسها التى ظهرت بها «فاتن» رغم رقة وأنوثة البطلتين، إلا أن المرأة فى مثل هذه المواقف الصعبة التى تتعارض مع حب الوطن تتخلى عن أنوثتها ورقتها لتنقلب إلى وحش كاسر.

من النضال الوطنى إلى النضال السياسى الذى يتجسد فى العديد من الأفلام التى ظهرت فيها المرأة وهى تلعب أدوارا سياسية مهمة ومؤثرة فنرى «سعاد حسنى» فى فيلم «الكرنك» وهى تساهم فى كشف فساد مراكز القوى لرفضها أن يكون الظلم وهتك الآدمية هو قاموس الحياة، لعل فيلم «كشف المستور» لـ «نبيلة عبيد» من أكثر الأفلام التى لعبت فيها «نبيلة» سياسة، وكان الفيلم عبارة عن ناقوس يدق لكشف رموز الفساد فى المجتمع، والذين سقط منهم الكثير مع انهيار النظام البائد الفاسد.

ومن النضال السياسى إلى النضال الاجتماعى قدمت السينما الكثير من القضايا التى تهم المرأة وكانت تمثل حجر الزاوية بالنسبة لحياتها، ففى الخمسينيات وحتى أوائل الستينيات كانت قضية التعليم وعمل المرأة هى الشغل الشاغل لصناع السينما، فسعوا لتقديم أفلام تنبه إلى تلك القضية فقدموا «الأستاذة فاطمة» لـ «فاتن حمامة» ومن قبلها تم تناول نفس القضية فى «الأفوكاتو مديحة» لـ «مديحة يسرى» والتى تراهن فيها تلك النوعية من الأفلام على توعية المجتمع وإيجاد حل لمأساة المرأة المتعلمة والصعوبات التى تحول بينها وبين حصولها على حقها الطبيعى فى إيجاد فرصة عمل باعتبار أنها أنثى مكان عملها الطبيعى هو البيت.

فى فترة الستينيات تمتعت السينما بالحس الواقعى والدخول فى معارك مجتمعية شرسة فتحت فيها الكثير من الملفات والموضوعات الجريئة التى تمس المجتمع الشرقى، وساعد فى ذلك اللجوء إلى تحويل الروايات الأدبية - الأكثر جرأة - إلى أعمال سينمائية، فشاهدنا «للرجال فقط» بطولة «سعاد حسنى» و«نادية لطفى» نموذج لإلقاء الضوء على قضية مساواة المرأة بالرجل من خلال اضطهاد المسئولين للمرأة وتفضيل الرجل عليها فى العمل، خاصة إذا ما كان مجال العمل صعبا كالمهن المرتبطة بالتواجد فى الصحراء لفترات طويلة مثل حفر آبار البترول، إلا أن الفيلم أثبت للجميع أن المرأة ليست أقل من الرجل قدرة أو كفاءة، بل على العكس من الممكن أن تكون أكثر منه تحملا وجلدا. فى فيلم «إمبراطورية ميم» ظهرت المرأة المكافحة والتى وصلت إلى أرفع المناصب ووقوفها فى وجه الظروف بصلابة من أجل الحفاظ على كيانها المجتمعى الصغير - أسرتها - والفيلم من النوعية التى أظهرت المرأة أكثر نضوجا وقوة وتأثيرا فى المجتمع بعيدا عن كونها أداة للمتعة عند الرجال مثلما أظهرتها بعض الأفلام.

المرأة المكافحة لم تكن بداية ظهورها فى «إمبراطورية ميم» بل سبقه الكثير من الأفلام لعل أبرزها «بائعة الخبز» لـ «أمينة رزق» الذى تعيش بطلته رحلة من الشقاء والمتاعب بعد رحيل زوجها ونزولها إلى العمل مهما كانت درجة تدنى هذا العمل، إلا أنه مادام شريفا فلا يهم، ورغم تطلعات الابنة - مثلها تماما مثل أبطال فيلم «إمبراطورية ميم» رغم اختلاف المستوى الاجتماعى بينهما، إلا أن الأم العاجزة فى «بائعة الخبز» رغم فقرها تحاول تقويم ابنتها وإثناءها عن طموحاتها غير المشروعة وحثها الدائم على الرضا والقناعة. رغم وجود أفلام كثيرة سبقت فيلم «أريد حلا» بطولة «فاتن حمامة» و«أمينة رزق» فى طرح قضية الطلاق ومدى المعاناة التى تعانيها المرأة أمام جبروت بعض الأزواج مثل فيلم «الحقيقة العارية» لـ «ماجدة» إلا أن «أريد حلا» كان هو النضال الحقيقى أمام تلك القضية، والذى كان بمثابة ناقوس الخطر الذى دق تنبيها لما يحدث داخل ردهات وكواليس المحاكم فى مثل هذه القضايا التى كانت تستغرق سنين طويلا حتى يتم النظر فيها، وقد يحسب لهذا الفيلم أنه كان أداة عون لتقليص المدة الزمنية فى النظر لمثل هذه القضايا وسرعة الحكم فيها مراعاة للظروف الأسرية، فى «الصبر فى الملاحات» تظهر «نبيلة عبيد» ولأول مرة فى السينما المصرية فى دور ضابط شرطة بعد أن تم قبول دفعات من الجامعيات فى كلية الشرطة للاستعانة بهن فى مجالات الشئون الاجتماعية والسجون والجوازات، وقدمت «نبيلة» دور ضابط فى أحد أقسام الشرطة تقف حائرة بين ضميرها وواجبها الوطنى وبين عاطفتها أمام شقيقها اللص الذى تساعده ليعيش حياة شريفة حتى لو كان على حساب سعادتها الزوجية.

مجلة روز اليوسف في

24/12/2011

 

النـاشـطة.. أسمــاء

كتب طارق مرسى 

احتكار النجوم للشاشة وإيرادات شباك التذاكر كان جزءاً من احتقار المرأة المصرية فى السينما واقتصاره فى فترات طويلة على دور « السنيدة» أو «الديكور» الجميل للبطل أما لقب سيدة الشاشة الأولى فهو مرفوع من السينما ربما على مذبحة سيدة مصر المخلوعة.

إن واقعة سحل د. غادة وتعريتها فى شارع قصر العينى فتحت أمامنا قضية دور المرأة وتهميشها فى الشريط السينمائى والأفيشات ويحمل فى الوقت نفسه رسالة جديدة ونحن على أعتاب دساتير سلفية وإخوانية ربما ترد اعتبارها مرة أخرى بعد فترات من التواطؤ السينمائى والانحياز لبطولة الرجل.

سالى زهران وإسراء عبد الفتاح وأسماء محفوظ وغادة كمال وغيرهن من نشطاء ثورة مصر اللائى تصدرن المشهد السياسى فتحن ملف بطولة المرأة فى السينما ولعل نضالهن كفيل بفتح صفحة جديدة لفنانات مصر فى الشريط السينمائى.

تظل « فاتن حمامة» هى النموذج الاستثنائى والفريد الذى لم يتكرر فى تاريخ السينما المصرية ، «للبطلة» ولفترة طويلة بدأت فى الأربعينيات واستمرت حتى أوائل السبعينيات ولم يتوقف عطاؤها الإبداعى حتى أوائل التسعينيات عندما قدمت آخر أفلامها فى عام 39 «أرض الأحلام». رغم إبداعات « ماجدة» ومناورات « نادية لطفى» ثم نجلاء فتحى وميرفت أمين ولعل عدم اقتراب أحد من المساس بلقبها الأبدى كسيدة الشاشة العربية يعكس هذا المعنى وهذه المأساة التى حلت على نجمات السينما المصرية عبر مراحلها وحتى الآن.

عرش البطولة النسائية ظل غائبا حتى جاءت سندريلا الشاشة «سعاد حسنى» لتقدم النموذج الاستثنائى للنجمة الشاملة فى فترة السبعينيات وأوائل الثمانينيات منذ أن قدمت رائعة «حسن ونعيمة» حتى «خللى بالك من زوزو» ومعهما حوالى 09 فيلما تمثل كلاسيكيات السينما المصرية.. وإذاكان «القدر» قد وقف أمام إكمال عطائها الإبداعى فإن خليفتها على عرش الاستعراش شريهان نالها نفس «القدر» وبنفس السيناريو وبعض التفاصيل «المرض والسياسة» ليحرم السينما من عطائهما.. وإن كانت ثورة مصر قد حملت بشرى جميلة بعودة «شريهان».. ونحن منتظرون لتواصل عطاءها الجميل.

تعددت صور مقاومة نجمات السينما للشاشة الذكورية ووصلت لقمتها فى فترة التسعينيات وتصدرت المشهد النجمتان نبيلة عبيد ونادية الجندى، رغم احتكار «عادل إمام» لشباك التذاكر منفردًا والأفيشات، ونشأت بين نبيلة ونادية منافسة من نوع خاص تخللتها حروب على الألقاب أو تحديدا لقب نجمة مصر الأولى، الصراع بين «نبيلة» و«نادية» استمر فترة طويلة، فبينما كانت «نبيلة» تحمل توكيل تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام سينمائية ظلت «نادية» تلعب على وتر أفلام المخدرات والجنس، فانحازت «نبيلة» إلى «الأدب»، كلاسيكات إحسان عبدالقدوس وتبنت مسئولية تقديمها على الشاشة فتفوقت فى أفلام «العذراء والشعر الأبيض» و«لايزال التحقيق مستمرا» و«الراقصة والسياسية» و«المرأة والساطور» و«الراقصة والطبال»، و«أرجوك أعطنى هذا الدواء»، فى حين قدمت «نادية» «الباطنية» و«وداد الغازية» و«الخادمة» و«وكالة البلح» و«رغبة متوحشة» و«بونو بونو»، والغريب أن النجمتين توقفتا عن الإبداع وأيضا الصراع معا تقريبا فى أوائل الألفية الثالثة، وإن عادت نبيلة لتؤكد قدرتها على العطاء عندما قدمت فيلمى «قصاقيص العشاق» ثم «مافيش غير كده»، بينما توقف عناد وإصرار «نادية» عند فيلم «الرغبة» منذ 01 سنوات.. قطار «نادية» و«نبيلة» لم تفلح فى اللحاق به «ليلى علوى» و«إلهام شاهين» وتمثلان الجيل التالى لهما ومعهما أيضا «يسرا» التى اكتفت بدور بطلة النجوم فى معظم الأحيان فى أفلام «عادل إمام» رغم النجاح الكبير الذى حققه الثلاثى يسرا وليلى وإلهام.

وعلى خلفية ثورة المضحكين برز الجيل الثانى من النجمات وانفرد محمد هنيدى فى تقديمهن فى الخمسة أفلام الأولى التى انفرد بها بعرش الكوميديا والنجومية، وفى مقدمتهن منى زكى فى فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» ومعها غادة عادل وأيضا «حنان ترك» فى فيلم «جاءنا البيان التالى»، ثم بدأت ياسمين عبدالعزيز فى الإعلان عن نفسها فى خط متواز معهن.. وإذا كانت غادة عادل قد سبقت الجميع فى فيلم «خليج نعمة» فإن مشوار منى وحنان تعثر لأسباب سينمائية وسوق العرض والطلب الذى لم ينظر إلى الكوميديا، وبروز الجيل الثالث من النجوم وفى مقدمتهم أحمد السقا ثم أحمد عز وكريم عبدالعزيز والثلاثى أعاد لقب فتى الشاشة للظهور فى حين تراجعت البطولة النسائية بشكل غريب وغامض لأسباب إنتاجية تارة وأسباب أخرى ترتبط بكسل وقلة طموح هؤلاء النجمات على مذبحة السيناريو المفقود وغياب كتاب السينما الذين يجيدون صناعة أفلام للنساء.

قبل ثورة مصر ظهر فى الأفق مشروع استنساخ نجمات جديدات على خلفية المجتمع الآيل للسقوط من خلال الإثارة ولتنجيب الجمهور عن قضايا الفساد، فظهرت غادة عبدالرازق وكانت كل العوامل مهيئة أمامها للانطلاق بعد الانتشار الواسع الذى حققته فى التليفزيون، وأيضا مع المخرج خالد يوسف الذى قدمها فى حين ميسرة ودكان شحاتة بعد أن صنفها موقع «اليوتيوب» بأنها تمثل الأنوثة الساخنة وكانت قاعدة انطلاقها تحمل العديد من المشروعات منها ما سوف تقدمه قريبا وهو فيلم «ريكلام» عن فتيات الليل لكن مصير الفيلم ونجاحه وحتى نجاحها يطارده شبح القائمة السوداء الذى تصدرته بعد العداء الغريب والمستفز لها لثورة مصر وشرفاء ميدان التحرير.

«هند صبرى» كسرت حاجز الصمت فى عام الثورة فى الشارع السينمائى عندما قدمت نفسها فى فيلم «أسماء» كبطلة بموضوع إنسانى حساس فى ظاهرة قضية اجتماعية مسكوت عنها فى المجتمعات الشرقية ولكنه يحمل بداخله رسالة وقضية أخطر وهى «الخوف».. الخوف من المواجهة والهروب من الحقيقة وهى المشكلة التى يعانى منها الجميع فى المجتمع إلى جانب مشكلة تقبل الآخر باختلافه وهى من أخطر المشاكل الاجتماعية المتأصلة فى المجتمع المصرى طوال الـ 03 عاماً الأخيرة.

«هند» وجهت أيضاً رسالة شديدة الذكاء لبنات جيلها وشجاعة كبيرة لفاقدات للطموح والمشاركة رغم الإمكانيات التى تحملها كل منهن فى مقدمتهن «منى زكى» «ومنة شلبى» و«ياسمين عبدالعزيز» و«نيلى كريم» وغيرهن.. ويلخص أزمة «منى» تعثر فيلمها أسوار القمر، على مدار الثلاث سنوات الأخيرة ما بين أسباب فنية أو إنتاجية.. منى استسلمت تماماً للمشاكل والعقبات وظلت فى انتظار الفرج لخروج أول تجربة بطولة مطلقة لها على الشاشة.. أما ياسمين عبدالعزيز فقد تقمصت دور النجمة الشجاعة عندما فاجأت الجميع منذ عامين بفيلم «الثلاثة يشتغلونها» ورغم نجاحه فى مجاراة نجوم الشباك فإنها توقفت لتحقيق طموح أسرى وظلت فى إجازة وضع طويلة.. ياسمين فى فيلم «الثلاثة يشتغلونها» قدمت موضوعاً جاداً فى قالب كوميدى حذرت فيه من خطورة تسلل الجماعة الإسلامية فى الحرم الجامعى، أما «حنان ترك» فقد جاءتها الفرصة على طبق من ذهب تحت حماية إخوانية وسلفية لتقديم موضوعات جادة قوية وهى بذكاء نجحت فى إثبات نفسها فى الدراما التليفزيونية بموضوعات تتسق وطبيعة توجهها الحالى.

أمام النجمات وكتاب السينما أيضاً فرص من ذهب لكتابة تاريخ جديد من قلب ميدان التحرير لإضافة إبداع فوق إبداع ثوار مصر يؤصل أجمل اللحظات فى تاريخ مصر.. احترق المجمع العلمى بتراثه الإنسانى والعلمى لكن بقى تراث «ميدان التحرير» الذى حمل ثقافة جديدة للمصريين ثقافة المواجهة وكسر حواجز الخوف.. وأبطال شرفاء من دم ولحم إلى جانب شهداء ضحوا بحياتهم من أجل المستقبل من سالى شاهين وقبلها والدة الشهيد خالد سعيد وحتى د. غادة كمال والشيخ عماد شهيد الأزهر.

مجلة روز اليوسف في

24/12/2011

 

اللى يتجوز أمهم يبقى عمهم!!

كتب طارق الشناوي 

«وليه لأ» سوف تستمع كثيراً إلى هذا التعبير.. «و ليه لأ» يتكرر دائماً على ألسنة العديد من الفنانين مؤكدين أنهم من الممكن أن يشاركوا فى أى عمل درامى ينتجه الإخوان المسلمون بعد أن بات مؤشر تفوقهم فى الانتخابات البرلمانية واضحا مؤكد أنهم سيصبحون أصحاب الكلمة الأعلى تأثيراً فى مختلف جوانب الحياة السياسية وأيضاً الفنية.

أغلب النجوم دائماً ما يراهنون على من يملك السلطة مرددين «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى» كان جوز أمهم هو مبارك والعائلة والدائرة القريبة منه الذين استباحوا مقدرات الوطن لصالحهم.. كانت بوصلة النجوم تتجه إلى من يوفر لهم الحماية ويضمن مكاسبهم ومن الواضح أن البوصلة الآن تشير نحو التوجه الإسلامى فلا بأس من أن يرددوا وا إسلاماه واه مغيثاه وا شحاتاه نسبة إلى الشحات صاحب فتوى الهجوم على نجيب محفوظ.

لم تعلمهم تجربة ثورة 25 يناير أن الرهان على الحاكم ليس دائماً هو الصحيح، لم يكن فقط «تامر حسنى» هو الذى توجه إلى مبارك عندما اعتقد أن بقاءه سيظل أبدياً وأعد له أغنية ردد كلماتها ونغماتها فى التليفزيون الرسمى وبعد سقوطه توجه للتحرير وباقى الحكاية معروف، فلقد كان هو صاحب النصيب الأكبر فى السخرية والنت لم يرحم عزيز قوم فل - من الفلول - فصارت فضيحته بجلاجل.. الأغلبية من الفنانين سوف تسارع بالمباركة للتيار الإسلامى وبدأ بعضهم بالفعل باتهام كل من يهاجم هذا التيار بأنه يحمل أجندات أجنبية للنيل من الإخوان تابعوا مثلا تصريحات أحمد السقا وأحمد عيد وحمادة هلال!!

هل كان الفنانون يقدمون لجمهورهم فناً ملتزماً من هذا النوع الذى أطلقوا عليه نظيف؟

أرجو ألا ننسى أغنية رددها «تامر حسنى» مع «زينة» وهو يقول «أحلى حاجة فيكى هى طيـ.. طيـ» وكانت نظرة عينيه وحركة الكاميرا فى كليب الأغنية تكمل الحروف الناقصة فى «طيـ...» إلا أنه فى اللحظة الأخيرة يكمل الحرفين ويقول «طيبة قلبك».

صعود التيار الإسلامى سياسياً ينبغى أن نرصده بكل مقوماته لأن تيار الإسلاميين الحاصل على الأغلبية لم يحقق هذه النسبة لقوته ولكن لغياب القوى الأخرى ولأن الناس لا تعرف الكثير عن الآخرين لاقت الأحزاب التقليدية الكرتونية مثل «الوفد» و«التجمع»التى كانت جزءا من ديكور الديمقراطية فى عهد مبارك الهزيمة التى تستحقها كما أن الأحزاب الوليدة التى تجمعت تحت مظلة «الكتلة المصرية» لم تحصل على الفرصة الكافية التى تؤهلها لكى تصل إلى الناس، ورغم ذلك فإن الرهان على أن القادم هو التيار الإسلامى بصورته التقليدية أظنها نظرة متعجلة جداً لن تصمد طويلاً أمام الحقيقة وهى أن هذا التيار سوف يتلقى ضربات من داخله.. إنها أشد الضربات قسوة لأنها تفضح التناقض حتى فى النظرة لفن التمثيل.. لو سألت الشيخ «يوسف البدرى» عن رأيه فى تقديم مسلسل «الحسن والحسين» الذى نرى فيه لأول مرة على الشاشة تجسيدا لشخصيتى حفيدى الرسول عليه الصلاة والسلام لن يقول لك إنه حرام شرعاً مثلما أعلن ذلك مجمع البحوث الإسلامية ولكنه سوف يعلنها صريحة مجلجلة وهى أن التمثيل كله حرام وما بنى على باطل فهو باطل.. ولو سألت الشيخ «يوسف القرضاوى» عن رأيه الفقهى فى تجسيد «الحسن والحسين» سوف تكتشف أنه يراه حلالاً بل كان هو على رأس قائمة الذين وافقوا شرعياً على عرض هذا المسلسل.. هذا هو التناقض الذى ستراه معلناً عن نفسه فى مجلس الشعب عندما تصبح كل أمور الحياة تنتظر فتوى شرعية.

النجوم الذين سارعوا بالارتماء فى أحضان التيار الإسلامى لن يستمر بهم الأمر طويلاً سوف يجدون أنفسهم مطالبين بتحديد أى فصيل يؤيدونه وسوف يغالى بعضهم فى الرهان على الأكثر تطرفا، ورغم ذلك فأنا لا أتصور أن التيار المتشدد سوف يرسم بمفرده ملامح الفن القادم فى مصر أتوقع أن نرى الفنانين أقصد قسطا وافر امنهم وهم يشاركون فى الأعمال الفنية طبقاً لما تريده شركات الإنتاج ذات التوجه الإسلامى إلا أن دائرة الفن سوف تتسع لتشمل كل الأطياف والأفكار ولا أتصور أن مصر من الممكن أن تشهد أعمالاً فنياً تقدم طبقاً للشريعة، وكأنها أحد الفروض الإسلامية مثل الصلاة والصيام المؤكد أن عددا من النجوم سيرحبون بالتعامل مع هذا التيار مرددين «وليه لأ»، ولكن الجمهور لن يحكم على العمل الفنى من خلال ارتداء بطلاته النقاب أو خلعه سيظل الفيصل هو قيمة الإبداع.. لا أشعر بالخوف من القادم ولكننا سنتابعه ونحن نرى كيف يتلون النجوم وهم يبايعون الأقوى لأن قناعاتهم لم تتغير منذ زمن مبارك وحتى الآن ومبدأهم الأثير «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى»!!

مجلة روز اليوسف في

24/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)