حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

راندا البحيري:

أعطيت صوتي للإخوان ولا مانع من ارتدائي الحجاب

كتب نسرين علاء الدين - محمد شعبان

برحابة صدر غير معتادة في الوسط الفني استقبلت راندا البحيري خبر استحواذ التيار الإسلامي علي نسبة عالية من مقاعد برلمان الثورة بالترحاب الشديد مؤكدة أنها أعطتهم صوتها وأعلنت عن كامل استعدادها لارتداء الزي الإسلامي طالما سيصبح الزي الرسمي للدولة، كما اعتبرت الحديث عن مصير الفن والفنانين في هذا التوقيت نقطة في بحر التحول السياسي الذي تشهده مصر وليس له أي أهمية حاليًا، ورفعت شعار «الإسلام هو الحل» كما تحدثت معنا عن خبر طلاقها وتفاصيل أخري تعرفونها في هذا الحوار:

·         تردد خبر طلاقك مؤخرًا في وسائل الإعلام دون أن نسمع تعليقك؟

- بالفعل حدث انفصال لكنني أرفض التعليق أو الخوض في التفاصيل والأسباب لأي وسيلة إعلامية.

·         لماذا؟

- لأن هذه مسألة شخصية تخصني وحدي والجمهور والإعلام يتابع أعمالي الفنية فقط، وأرفض تدخل أحد في المسائل الشخصية خصوصًا موضوع الطلاق، لأن هناك عشرة ومودة بيني وبين زوجي وهناك طفل بيننا وأنا لست من الشخصيات التي تخلط بين الحياة الفنية المتاحة لجمهوري والحياة الشخصية بكل تفاصيلها صورها حتي أنني عندما تزوجت لم أعرض صور حفل زفافي في الصحف والمجلات.

·         بعيدًا عن حياتك الشخصية، كيف استقبلت راندا خبر اكتساح الإسلاميين لمقاعد المرحلة الأولي في انتخابات البرلمان؟

- كان لدي نسبة يقين عالية جدًا بأن هذا سيحدث علي الرغم من أن معظمنا كفنانين وإعلاميين ممن يسعون لمجتمع ليبرالي كانوا يعتقدون أنهم أغلبية لكن هذا غير واقعي علي الإطلاق خاصة بعد نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية حيث كانت الصورة أوضح كثيرًا وفي النهاية فهذه هي نتيجة الديمقراطية الحقيقية التي دعت لها الثورة ولابد أن نقبل بها.

·         ألا يقلقك ذلك علي مستقبل مصر؟

- لا أري أن الحديث عن صعود التيار الإسلامي يثير الخوف من المستقبل اطلاقاً وعلي ما أظن أنه لا يضايق أحدًا أن يتم تطبيق شريعة الله في الأرض ومن جانبي أؤمن جدًا أن الإسلام هو الحل ولا أنكر أن الدولة المدنية هي التي تعطي لنا حق المواطنة ولكن في الوقت ذاته ما المانع من تطبيق المدنية ذات المرجعية الدينية؟ لأن الله وضع قانون الأرض وكذلك القرآن الكريم فما المقلق في ذلك، ولابد أن ندرك أن الإخوان أصبحوا حزبًا يمارس السياسة الآن.

·         هل معني ذلك أنك تؤيدين الإخوان في الانتخابات البرلمانية؟

- بالفعل أعطيت صوتًا للإخوان وصوتًا آخر لمرشح مستقل وكنت أتمني نجاح جميلة إسماعيل وفوزها بمقعد ولكن للأسف لم يحدث ذلك.

·         هل ترشحين الإخوان لرئاسة الجمهورية؟

- ليس مجلس الشعب هو الذي سيحدد الرئيس القادم لمصر ولابد أن نكون واقعيين وإذا اختار الشعب الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل لابد أن نرحب لأن هذه هي الديمقراطية ولابد أن نتكيف معها.

·         وماذا لو فرض الحجاب علي كل المسلمات في مصر؟

- إذا أصبح الحجاب هو الزي الرسمي فلا يوجد مانع لدي ولكن هنا لابد أن نفصل بين ارتدائه كفرض ديني وبين ارتدائه كقانون.

·         هل تعتقدين أن الله سيتقبل الحجاب وصاحبته ترتديه عن عدم قناعة؟

- العلاقة بين العبد وربه خاصة والله يعلم كل خباياها وتفاصيلها وعلينا ألا نسطح الأمور ونرفض أن تأخذنا الفرعيات من الأساس وهو بناء دولة ديمقراطية قوية.

·         وماذا إذا قام الإخوان بوضع قواعد علي الأعمال الفنية والفنانين؟

- لم أقدم حاليًا اعمالا جريئة حتي اخاف من تطبيق ذلك ولكن ما أود قوله أنه لا يجب علينا أن نسبق الاحداث وفي النهاية الفن نقطة في بحر بالنسبة لمستقبل بلد باكمله فكيف نقارن مصير شعب كامل ومستقبله بحديث عن بنطلون وبادي وحجاب وهذا الكلام يضايق الإخوان أنفسهم لأن الحديث عن المستقبل السياسي هو الأهم حاليا.

·         وماذا لو قاموا بمنع عمل المرأة؟

- هذا كلام مخيف ولكنه لن يحدث لأن المرأة هي التي تدير العديد من المنازل في مصر ماديا وتساعد الزوج خاصة في الطبقة الكادحة فكيف يحدث ذلك؟ اعتقد أنه مجرد تهويل للأمور ليس أكثر .

·         قدمت أكثر من 3 أعمال ظهرت فيها بشخصية المحجبة فهل كنت تشعرين بما سيحدث؟

- اتهمني الكثيرون بأنني كررت من نفسي عندما قدمت دور فتاة محجبة في «كشف حساب» و«بدون رقابة» و«ماتيجي نرقص» ولكن حقيقة الموقف أن طبيعة الدور كانت مختلفة في كل عمل، ونسبة المحجبات في مصر حوالي 94% فكيف نعبر عنهم في عمل أو اتنين فقط، بجانب إني طالبة في جامعة القاهرة وتقريبا أنا الوحيدة غير المحجبة في دفعتي.

·         مارأيك في تجاوزات الدعاية الانتخابية للإخوان؟

- لا أري أي تجاوزات لأن الدعاية متاح فيها كل شيء حتي ولو كانت مساعدات مادية ولو المرشح سيظل علي مساعدته للفقراء فهذا شيء رائع ولا أتوقع أن هناك أحدًا سيخون أهل دائرته بعد نجاحه.

·         أري أن معظم آرائهم متفقة مع معتقداتك؟

- أحاديثهم توحي بالتفاؤل وحتي المخاوف لا مانع منها، فمثلاً حديثهم عن منع الخمور لا أري فيه مشكلة فماليزيا أعلي الدول السياحية في آسيا ممنوع منها الخمور نهائيا فما الأزمة هنا ولماذا نقوم بالاستسهال ونقول لا يوجد حل رغم أن كل شيء له حل، وحتي حازم صلاح أبو اسماعيل قال إن المسيحيين لهم حق المواطنة ولن يتعدي عليها أحد ومعني ذلك أن فكرة فرض الحجاب غير واردة لأنه ليس من المنتظر أن نجد من يوفقنا في الشارع ويسألنا عن ديانتنا لأن المسيحيين حوالي 12 مليونًا.

·         كيف ترين الرئيس القادم لمصر؟

- أريد حاكمًا وسطيا لا علمانيا ولا متشددًا، فهناك حمدين صباحي وكذلك تعجبني آراء أحمد شفيق، ولكن الفارس الذي يظن البعض أنه سيظهر علي الساحة لم يأت بعد، وكذلك مرشحو الرئاسة الذي تخاذلوا ورفضوا أن يلبوا طلب مصر بتولي مناصب في حكومة الانقاذ بدعوي أنهم لا يريدون حرق انفسهم فقدوا ثقة الشارع فيهم.

·         وما رأيك في المليونيات التي لا تزال مستمرة حتي الآن؟

- لقد خلق الله الدنيا في 6 أيام وليس في يوم واحد ولا أعرف سبب التعجل الذي جعلنا نخسر أحمد شفيق كرئيس وزراء وأدي بنا إلي ما نحن فيه ولابد أن نعطي الجنزوري فرصته ونصبر علي المجلس العسكري ستة أشهر، ومصر لن تكون إيران أبدا.

·         بالحديث عن عملك الفني هل بالفعل حدث تعاقد علي فيلم «الألماني»» مع محمد رمضان؟

- بيني وبين محمد رمضان كيمياء خاصة ولكن لم اتعاقد علي العمل بعد رغم كونه سيصبح ثالث عمل يجمعني برمضان لأن هناك فيلمًا آخر أتكتم الحديث عنه في الوقت الحالي غير «هي واحدة».

·         ولماذا رفضت التعاون مع شركة «صوت القاهرة»؟

- هذه الشائعة لا أساس لها من الصحة لأني تعاقدت بالفعل مع «صوت القاهرة» علي مسلسل كوميدي تأليف أحمد عطا واخراج عادل قطب ويعتبر جزءًا ثانيًا من «هاي سكول» ولكن بشكل جديد وأجسد خلاله دور مدرسة واستعد لعمل لوك جديد للدور، ويشاركنا البطولة جيهان فاضل.

روز اليوسف اليومية في

11/12/2011

 

تحية لجان شمعون في مرضه.. السيرة شفاء

محمد موسى  

تنقل الأخبار القادمة من بيروت، بأن المرض يُقْعِد منذ أشهر المخرج اللبناني جان شمعون في بيته، وأن "الرجل المهرجان"، كما أطلق عليه المخرج والناقد السينمائي الفلسطيني فجر يعقوب في كتاب خاص عن المخرج صدر قبل سنوات قليلة، متوقف عن أي نشاطات سينمائية، بما فيها المشروع المشترك مع شريكته في الحياة والسينما المخرجة الفلسطينية اللبنانية المعروفة مي المصري وبإشراف قناة الجزيرة الوثائقية، لتتبع الشخصيات التي مرت في أفلام المخرجين المشتركة وتلك التي أنجزوها بعد انفصالهم الفني، وتقديمها في سلسلة تسجيلية (أنجز منها للآن فيلمين هما: حنين الغوردل و مصابيح الذاكرة)، تسعى لرصد آثار الزمن والتحولات الاجتماعية والسياسية على حيواتهم، خاصة أن الأسئلة لم تتوقف أبدا عن مصائر تلك الشخصيات، التي خطفت القلوب في حضورها العابر المؤثر في أفلام، تعد اليوم وثائق صورية مكتنزة بالحنين والقسوة والحزن، وشهادات على سنوات عاصفة، مازالت آثارها متغلغلة حتى الساعة في النسيج الفكري والعاطفي لأبناء المنطقة.

يثير غياب جان شمعون القسري، والذي ندعو الله أن لا يطول كثيرا، الكثير من الأسى، فالمخرج اللبناني، بشخصيته الصاخبة، وتمسكه بمُثل لم يحد عنها في الحياة والسينما، ينتمي إلى تلك الطبقة من المثقفين الفعالين، الذين ربطوا حياتهم الخاصة بمشروعهم الثقافي، وقدموا التضحيات العديدة، من اجل أن يواصلوا العمل في ظروف صعبة للغاية أحيانا. وواجهوا الإهمال في بلدهم أحيانا، بسبب اصطفافهم إلى جانب القضايا الإنسانية التي انشغلت بها سينماهم، والتي ربطت أحيانا، وبسبب الظرف السياسي المعقد في لبنان، باتجاه حزبي أو فئوي.

سينمائيا، ورغم أن المخرج جان شمعون مقل كثيرا بأعماله التسجيلية ( فيلمان فقط خلال العشر سنوات الماضية)، إلا أن حضوره السينمائي لم يخفت أبدا، في السنوات العشر الأخيرة، وحتى وقت مرضه، كانت حافلة بالنشاطات السينمائية : من تكريمات في عدة مهرجانات سينمائية عربية ودولية، إلى مشاركات في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية، مع البحث الدؤوب عن مشاريع سينمائية شخصية، أو المساعدة كمنتج منفذ، في أفلام المخرجة مي المصري، بما فيها استعداداتها المستمرة منذ بضعة سنوات لانجاز فيلمها الروائي الأول، وبعد مسيرة حافلة لها هي الأخرى، قدمت فيها أفلاما تسجيلية حظيت بترحاب حول العالم، وعرضت في عشرات المهرجانات السينمائية.

ينتمي جان شمعون إلى جيل مخرجي الحرب، الذين بدؤوا نشاطهم الأول بعد اندلاع الحرب اللبنانية، والتي صبغت بسوداويتها، عنفها، تشاؤمها أفلامهم الأولى، وأحيانا المسيرة السينمائية الكاملة لبعضهم. ورغم عدد الأفلام القليلة التي أنجزها جان شمعون في العقدين الآخرين، إلا انه يعتبر أغرز أبناء جيله سينمائيا، فالرحيل المبكر لمارون البغدادي ورندة الشهال وتوقف برهان علوية شبة الكامل، عجل بنهاية مسيرة هذا الجيل. إضافة إلى ذلك، يعتبر جان شمعون الوحيد من أبناء جيل مخرجي الحرب، الذي واصل تقديم الأفلام بعد سنوات من انقضاء الحرب اللبنانية، وعبر في تلك الأفلام  عن ما يمكن أن يسمى قضايا ما بعد الحرب، ففيلمه (رهينة الانتظار، 1994) كان يسعى لمحاكمة ضمير المجتمع اللبناني بعد الحرب حيال قضايا شائكة مثل الوجود الفلسطيني في لبنان، رغم ما يحيط بهذه القضية بالذات من حساسية شديدة بسبب الخلافات الشهيرة التي أحاطت بهذا الوجود. ففي الفيلم المذكور يرافق المخرج طبيبة لبنانية شابة ومن أسرة ميسورة أثناء عملها في مخيمات الفلسطينيين في جنوب لبنان ، ليسلط الانتباه على المحنات الإنسانية هناك.

وإذا كانت السيرة الفيلمية لجان شمعون تضم فيلما طويلا واحدا ( طيف المدينة من عام 2000)، إلا أن إنجاز المخرج الأبرز هو تلك الأفلام التسجيلية الشديدة الأهمية التي بدأها منذ حوالي الثلاثين عاما، وخاصة الأفلام الأربع التي أنجزها مع المخرجة مي المصري، والفيلمان التسجيليان الآخران الذان حملا توقيع المخرج وحده، وبعد انفصاله الفني عن مي المصري.

تنجو الأفلام السياسية المبكرة الأولى لجان شمعون ومي المصري من الخطابية الدعائية الفجة، والتي سادت معظم النتاج التسجيلي الصوري في سنوات السبعينات في العالم العربي، وخاص ذلك الذي ارتبط بالصراع العربي الإسرائيلي وآثاره العميقة المتشعبة في بنى المجتمعات العربية. اختارت تلك الأفلام مقاربة مختلفة، ركزت فيها على قصص إنسانية خالصة، لأفراد وجدوا أنفسهم في منتصف ساحات حروب لا ترحم. لم يكن الأسلوب الذي سارت عليه سينما جان شمعون ومي المصري المبكرة، هو لإثارة التعاطف، فبعض نساء فيلم (زهرة القندول، 1986) اللبنانيات، كن محاربات شرسات، لكن الفيلم يركز أيضا على حياة هؤلاء النساء التي زلزلتها الحروب الإسرائيلية الصغيرة في جنوب لبنان والتي استمرت عقود طويلة ، والثمن الذي دفعنه هؤلاء النساء من حياتهن الشخصية.

هيمنت الحرب اللبنانية الأهلية والصراع الفلسطيني العربي، على مجمل نتاج المخرج جان شمعون. فالمخرج الذي درس السينما في فرنسا في مطلع السبعينات من القرن الماضي، ورجع قبل الحرب الأهلية اللبنانية، عاش الحرب اللبنانية بجميع فصولها وسنواتها الطويلة، وكما تحدث لبرنامج العدسة العربية والذي كان يعرض على قناة الجزيرة. هذه الحرب ستترك آثارها الكبيرة على المخرج. حتى أن فيلم المخرج الروائي الوحيد (طيف المدينة)، يبدأ زمنيا بعام فقط قبل بداية هذه الحرب، ويختتم بعد عام من نهايتها الرسمية، مقدما قصة يمكن أن توصف بأنها قريبة من تجربة المخرج في الحرب اللبنانية.

وشخصيات الفيلم الخيالية هي في الواقع صدى للبنانيين حقيقيين، فتحوا قلوبهم للمخرج في أفلامه التسجيلية التي سبقت انجاز فيلمه الروائي. كما أن هموم فيلم طيف المدينة، هي هموم المخرج نفسه، والتي تعرض لها في أفلامه التسجيلية: من قضية مخطوفي الحرب اللبنانية، إلى الطفولة البريئة التي تبلغ سن الرشد والقسوة باكرا تحت وقع القنابل، إلى وضع المثقف اللبناني، والخراب الذي لحق بمؤسسة الثقافة في لبنان. وكما عبر عنه واحد من أكثر مشاهد فيلم طيف المدينة تأثيرا، عندما يكتشف البطل أن المقهى الذي كان يعمل فيه عندما كان صبيا، وكان يرتاده مثقفون يساريون، تحول إلى ثكنة لإحدى مليشيات الأحزاب اللبنانية المتقاتلة.

يعترف جان شمعون ( في اللقاء نفسه الذي أجراه برنامج العدسة العربية)، بان النساء يلعبن الدور الأهم في حياته، وان أمه التي ربته وحدها بغياب الأب، تركت تأثيرا حاسما على معتقداته. لذلك ركزت معظم أفلام المخرج على الشخصيات النسائية العربية، وعن الحياة الشاقة والمعاناة التي يجابهنها في حياتهن. ففيلم  زهرة الأقحوان هو تحية لنساء قرى جنوب لبنان والصراع المسلح الذي خضن إياه ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي لقراهن. في حين كانت (وداد) السيدة المكلومة باختطاف الزوج، في فيلم ( أحلام معلقة) الشخصية الأكثر تأثيرا في الفيلم التسجيلي الذي عرض في عام 1992، والذي تناول آثار الحرب الأهلية اللبنانية المستمرة، رغم توقف المدافع. شخصية وداد الحقيقية، ستلهم المخرج،وكما كشف في لقاء صحفي، لتكون إحدى شخصيات فيلمه الروائي الطويل طيف المدينة. والتي تعيش المأساة ذاتها و تعيشها عشرات الآلف من عوائل المخطوفين اللبنانيين في الحرب الأهلية. كذلك سيخصص المخرج فيلمه التسجيلي (أرض النساء، 2004) للنساء الفلسطينيات هذه المرة، ويركز على ثلاث نساء فلسطينيات بتاريخ وتجارب شخصية مختلفة لكنهن يشتركن بيقينهم الثابت بقدرتهم على تحقيق كينونتهن الفعالة رغم العقبات الاجتماعية وتعقيدات الظرف السياسي.

وإذا كان مشروع الجزيرة الوثائقية، بانجاز أفلام تسجيلية جديدة عن شخصيات أفلام جان شمعون ومي المصري السابقة، يبدو في الظاهر، كمشروع يتكل على شهرة أفلام تسجيلية تأسيسية مهمة، إلا أن المقاربة التي قدمت في فيلمي (حنين الغوردل و مصابيح الذاكرة) تنطلق من الذكرى العاطفية للأفلام الأولى، لتكشف وتحاسب الظروف التي مازالت تعرقل حياة سوية لتلك الشخصيات. وهو الأمر الذي يعطي السلسلة "الشرعية" الكافية، بل ويمنحها أهمية استثنائية، كانجاز جديد في مسيرة جان شمعون ومي المصري، وهي المسيرة التي نتمنى أن تستمر لسنوات طويلة قادمة.

الجزيرة الوثائقية في

11/12/2011

 

عتبات البهحة"... فرحٌ يسبق الغيث

رانية حداد  

كانت البهجة بوصلة كتابه الذي أودع فيه كل الأمنيات بغدٍ سينمائي مشرق... البهجة؛ لأن المشوار قد ابتدأ، وكل الأمنيات؛ لأنه لم يتخطَ بعد العتبة الأولى، فثمة رحلة طويلة تنتظر، وجهد وجَد كبير يلزم بذله، قبل أن يتخطى الحلم السينمائي الأردني تلك العتبة.  

أذكر تماما كيف تسرب ذلك الفرح من مخطوط الكتاب إلى أصابع الزميل ناجح حسن، وهو يعرض لي محتويات مخطوطه، "سأسميه عتبات البهجة" قال هذا كنوع من الرد على رأي في وجوب عدم ترك المجال للرغبة بتشجيع صناع أفلام الحراك السينمائي الوليد في الأردن بأن تأخذنا بعيدا، فنتغاضى عن تناول سلبيات أعمالهم المقدمة، لما قد يفيد هذا النقد في تقدم الحراك، "ولكن لمَ علينا أن نحاسب أفلام شباب في بداية طريقهم، كما لو أنها أفلام لقامات سينمائية كبيرة، نريد أن ندفع بهؤلاء الشباب إلى الأمام" بهذه الروح وهذه الرؤية ختم الزميل حسن نقاشنا، وبهذا أسس لكتابه "عتبات البهجة" الصادر حديثا عن دار فضاءات بدعم من وزارة الثقافة، ويأتي كتابه هذا كجزء ثالث مكمل لكتابيه "السينما والثقافة السينمائية في الأردن"،  و" شاشات النور.. شاشات التعمة" الذي يتناول عبرهما السينما والشؤون السينمائية  في الأردن.

ملامح الحراك السينمائي

مع مطلع الألفية الثالثة، ومع ثورة الديجتال وسعة انتشار الكاميرا الفيديو الرقمية، شهد الأردن إنتاج عديد كبير من الأفلام السينمائية، والتي في أغلبها كانت قصيرة، وعدد كبير منها يندرج تحت عنوان "السينما المستقلة"، وشكلت هذه الانتاجات في مجملها ما يمكن أن نطلق عليه حراكا سينمائيا أردنيا، ساهم في إطلاقه عدد من الجهات السينمائية التي أُسست بذات الفترة، سواء أكانت تلك الجهات مستقلة ذات ميزانيات مالية محدودة أو شبه معدومة كـ؛ تعاونية عمان للأفلام، وأفلام من دون ميزانية... أو هيئة شبه حكومية، ذات استقلال مالي، كالهيئة الملكية للأفلام التي اضطلعت بالدور الأكبر في دعم هذا الحراك، دون التقليل من الدور الذي اخذته على عاتقها الجهات المستقلة الأخرى، أو بعض شركات الانتاج الخاص في هذا المجال، أو الجهود الفردية المحضة.

من خلال الدور الذي لعبته هذه الجهات، وشكل الدعم الذي قدمته، يرسم ناجح حسن في كتابه وبشكل سريع ملامح العتبة التي يقف عليها الحراك السينمائي الأردني اليوم.

كمّ على حساب الكيف

في "عتبات البهجة" يقدم الناقد حسن بعض الطاقات السينمائية الواعدة، ويبرز من خلال الأفلام التي تحدث عنها تنوعا في المواضيع والقضايا التي تناولتها، كذلك تنوعا في الأشكال والأساليب والأنواع فمنها؛ الطويل، والقصير، الروائي، والتسجيلي، والتحريك، لكن يمكن للقارئ -رغم احتفاء الناقد بالمخرجين وأفلامهم- إلا أنه يمكن ملاحظة أن ثمة غزارة في الكم تأتي في الغالب على حساب الكيف، حيث يفتقر الكثير من تلك الطاقات الشبابية إلى ثقافة سينمائية، وإلى الإطلاع على نماذج لقامات سينمائية عالمية، تساعدهم في صقل المواهب.  

أحد ما يميز الحراك السينمائي في الأردن، مساهمة النساء التي احتلت حيزا كبيرا ومهما فيه، وتنوعت المجالات التي انخرطت فيها، كالإخراج، والإنتاج، كتابة السيناريو، التصوير، والمونتاج... لذا خصص ناجح حسن فصلا خاصا للحديث عن بعض المخرجات وأفلامهن، حمل عنوان "سكوت إنهن يصورن" كنوع من الاحتفاء بما يقدمن.

كما أسلفت ثمة غزارة في الأفلام المنتجة، إلا أنها تبقى مقتصرة على الأفلام القصيرة، في مقابل إنتاج عدد متواضع للأفلام الطويلة؛ الروائية والتسجيلية، وهذا أمر مفهوم لمَ تتطلبه الأفلام الطويلة من امكانيات وميزانيات كبيرة نسبيا وهي غير متاحة غالبا، وهنا يقدم ناجح حسن بعض هذه الأفلام، إما بالحديث عنها أو من خلال الحوار مع صناعها.

حضور سينمائي

"عتبات البهجة" الذي يجمع بين دفتيه مجموعة مقالات ومتابعات سينمائية كتبت بشكل متفرق، يشكل احتفاء بالحراك السينمائي الأردني... كفرحٍ يسبق الغيث، إذ مازال الكثير أمام هذا الحراك الوليد كي ينضج ويشكل هويته الخاصة، لكنه رغم ذلك استطاع هذا الحراك السينمائي أن يؤسس بشكل او بآخر لحضور أردني في الساحة السينمائية العربية والعالمية، من خلال المشاركة في أكثر من مهرجان سينمائي عربي وعالمي، واحراز عدد من الجوائز.

"عتبات البهجة" مهم في إعطاء فكرة عامة للقارئ والمهتم عن حجم وشكل الحراك السينمائي الأردني خلال العشر سنوات الأخيرة، والتعرف على الجهات الداعمة له، والدور الذي لعبته كاميرا الديجيتال في تقديم طاقات سينمائية شابة، وإن كانت متفاوتة في موهبتها وثقافتها السينمائية، دون أن يغفل الناقد حسن تناول بعض ما يلزم لهذه السينما الشابة كي تتخطى عتبتها الأولى.

الجزيرة الوثائقية في

11/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)