حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

اعتزال الفنان…

حرص على صورته المتألقة أم استجابة لسنوات العمر؟

كتب: القاهرة - فايزة هنداوي

هل يُفترض بالفنان أن يعتزل بعد بلوغه سناً معينة حفاظاً على صورته المشرقة لدى جمهوره كما فعلت ليلى مراد وهند رستم وغيرهما، أم عليه أن يستمر في العطاء ما دامت قدراته الفكرية والذهنية تسمح بذلك، كما فعلت أمينة رزق التي اعتلت المسرح وهي في التسعين من عمرها وفريد شوقي الذي استمر في التألق بعد سن الثمانين؟

السطور التالية تلقي الضوء على الأسباب التي تدفع الفنان إلى الاعتزال، وقد تكون اجتماعية مثل الزواج ولا تقتصر على العمر.

أعلن النجم الأميركي براد بيت أنه قرر اعتزال التمثيل بعد ثلاث سنوات، أي عند بلوغه الخمسين من عمره، لأنه يدرك أن لكل شخص طاقة، وأن طاقته في التمثيل قاربت على النفاد. كذلك أعلنت أنجلينا جولي نيتها اعتزال التمثيل عند بلوغها سن الأربعين.

في مصر، اعتزلت آثار الحكيم التمثيل، فيما صرّحت غادة عبد الرازق بأنها ستعتزل عندما تصل إلى سن الخمسين، وهو ما أكده المطرب تامر حسني أيضاً.

قدرة على العطاء

تربط بوسي بقاء الفنان على الساحة الفنية بقدرته على العطاء مؤكدة ألا علاقة للسنّ بذلك، تقول: «ليس الفنان موظفاً حكومياً يمكن أن نحدّد له وقتاً لإحالته إلى المعاش»، فيما أعلنت نجلاء فتحي أنها قررت الاعتزال لأن الزمن تغير واختلفت قوانين المناخ السينمائي الذي نشأت في ظله وتألقت، وظهر جيل جديد وسادت موجة كوميديا عاتية هدفها تحقيق الملايين، أما الفن الحقيقي فانزوى وتراجع، وأحجم جمهوره عن ارتياد دور العرض».

طالما رددت هند رستم أن أي نجمة تحترم نفسها وتاريخها وجمهورها لا بد من أن تنسحب في لحظة ما كي لا تفقد مكانتها ويتحوّل الإعجاب والاحترام إلى شفقة ورثاء كما حدث مع كثيرات.

بدوره، يؤكد زكي فطين عبد الوهاب، ابن المطربة ليلى مراد، أن والدته فضّلت أن تظل صورتها الجميلة المشرقة عالقة في أذهان عشاق فنها، ولم تحبذ أن تتغير أو تتأثر بتقدم سنها، وآمنت بمبدأ توارث الأجيال وبأنها لن تأخذ زمنها وزمن غيرها من الشباب.

عمر النجومية قصير

يشير محمود ياسين إلى أن السينما تحديداً لها وضع خاص، وعمر نجمها قصير، ووهجها محدود وترتبط بفترة الشباب. أما نادية لطفي فلا تميل إلى الاعتزال الكامل والانزواء التام، وعلى الفنان، برأيها، أن يستغلّ شهرته ومكانته وتقدير الجمهور له في مشاريع خيرية وأعمال إنسانية تعود بالنفع على المجتمع.

في المقابل، ترفض الشحرورة صباح الاعتزال أو التوقف عن الغناء، وعلى رغم ابتعادها عن إحياء حفلات غنائية في الأعياد والمناسبات، إلا أنها لا تفوّت مناسبة إلا وتغني فيها لتؤكد حضورها على الساحة، وطلما رددت أنها بعيداً عن الفن تشعر بالاختناق وأن جمهورها سبب استمرارها في الحياة.

بدورها، ترى نبيلة عبيد أن العطاء الفني لا يرتبط بزمن أو بسنوات، والدليل أن فنانة مثل أمينة رزق ظلت تقف على خشبة المسرح حتى بعدما تجاوزت التسعين.

ليس الفنان مطالباً بالاعتزال، برأي إلهام شاهين، فبقدر ما يتقدم به العمر يكتسب خبرة ونضجاً، بالتالي يكون أكثر إفادة، لكنه مطالب باحترام هذه السن وهذه المسيرة الطويلة والشاقة، لأن الصعود إلى القمة أمر صعب لكن السقوط سهل.

الفنانة اللبنانية نور على استعداد لاعتزال الفن في أي لحظة ترى فيها أن ثمة تناقضاً بين فنها وبين اهتمامها بأبنها وزوجها، فيما أعلنت منة فضالي أنها تعيش قصة حب مع شخص من خارج الوسط الفني وهي على استعداد لاعتزال الفن إذا طلب منها ذلك.

احترام السن

يرى الناقد رفيق الصبان أن الاعتزال لا يرتبط بالسن إنما بالقدرة على العطاء والتوجه الصحيح واختيار أدوار مناسبة لعمر الفنان لا تقلل من مكانته، يقول: «تحفل السينما بفنانين ظل عطاؤهم متوهجاً حتى آخر لحظة في حياتهم، لأنهم يتأقلمون مع كلّ مرحلة ويعطون كل ذي حق حقه لتبقى أعمالهم خالدة. الدليل على ذلك فريد شوقي، فتألقه لم يخفت حتى في سن الثمانين وحافظ على نجوميته».

يضيف الصبان: «ثمة شروط لاستمرار الفنان منها القدرة الذهنية والتحكّم في التصرفات، ومن لا يستطيع تطبيقها فليعتزل حتى لا يفقد مكانته ولا يحوّل الزمن الإعجاب والاحترام إلى إشفاق ورثاء واستهجان… قد يفقد التعلق «المرضي» بالأضواء الفنان السيطرة على تصرفاته ويضطره إلى الإدلاء بتصريحات تنسف صورته الجميلة».

يوضح الصبان أن ثمة فنانين يفضلون الاعتزال وهم في قمة عطائهم ومجدهم، مثل ليلى مراد وهند رستم ونجلاء فتحي، وهو يحترم موقفهم بشدة، لأن لديهم وجهة نظر وهي أن تظل صورتهم في عيون معجبيهم كما هي ولا تتأثر بعوامل الزمن.

الجريدة الكويتية في

07/11/2011

 

المخرج ألكسندر باين… نحو النجومية بخطى واثقة  

ليس ألكسندر باين أحد أكثر المخرجين غزارة في صناعة الأفلام، لكن لا شك في أنه مؤرّخ متيقظ لنقاط ضعف البشر، ويعرف حتماً كيف يلامس مواضيع حساسة تثير في نفس المشاهد جملةً من العواطف. The Descendants هو الفيلم السينمائي الخامس في مسيرته المهنية الممتدة على 15 عاماً.

في فيلم Citizen Ruth الصادر عام 1996، حوّل المخرج ألكسندر باين مسألة الإجهاض إلى موضوع مضحك بمحاولته تغيير رأي كل من معارضي الإجهاض ومؤيديه. وفي فيلم Election الصادر عام 1999، أوجد نموذج المرأة الطموحة إلى أقصى الحدود الذي جسّدته ريز ويزرسبون بدور ترايسي فليك، الطالبة في الثانوية العامة ذات الطبع المنفِّر والتواق دوماً إلى النجاح والتألق. منذ صدور الفيلم في دور السينما، لم تنفك الصحافة تشبّه سارة بايلن وهيلاري كلينتون بالشخصية التي أدّتها وزرسبون. أما في
i(2002) About Schmidt، فطلب باين من الممثل جاك نيكولسون التخلّي عن طباعه الحادة وأداء دور رجل غريب الأطوار.

كان باين (50 عاماً) يشع سعادةً لكثرة الأصداء الإيجابية التي حصدها فيلمه الخامس المنخفض الميزانية خلال «مهرجان تورونتو السينمائي». حول سعادته هذه ذكر مستشهداً بقول لأحد الكوميديين القدامى: «قال جو. إي لويس ذات مرّة «المال لا يشتري السعادة إنما يهدّئ الأعصاب». هذا ما أشعر به تماماً عندما أجد أن الجمهور يحبّ أفلامي ويثني عليها». المثير للاهتمام أن خرّيج جامعة ستانفورد هذا وابن مدينة أوماها يشبه كثيراً الأساتذة الجامعيين عندما يبدأ باستعمال كلماته الغريبة ويتحدث عن عالم السينما بجدية كبيرة. تابع قائلاً: «لم يغيّر المال حياتي ولم يحقق لي السعادة المطلقة، إلا أنه هدأ من روعي».

سجل مهني

ينتهج باين في حياته فلسفة واحدة لا تنازل عنها، تقول: «لا تمض وقتك في القلق بشأن أمور لا تستطيع تحقيقها، إنما ابحث عن الطرق لتحقيقها». إذا نظرنا إلى سجّله المهني، لوجدنا أنه لدى فيلم The Descendants حظوظاً وفيرة  لتحقيق نجاح كبير وحصد جوائز في أهم المهرجانات. وصفه بعض المواقع الإلكترونية مثل Gold Derby بأحد الأفلام الأكثر ترشّحاً للدخول في سباق الفوز بجائزة «أوسكار» عن فئة أفضل تصوير، علماً بأنه بعد نجاح فيلم Sideways الذي دارت أحداثه في مدينة سانتا باربارا، برهن باين أنه مخرج فريد من نوعه يستطيع جذب الجمهور المحبّ للفن العريق والجمهور الأقل جدية في آن. كذلك رُِشّح Sideways لخمس جوائز أوسكار، وجلب لباين ولجيم تايلور (يتعاون معه باين غالباً في كتابة نصوص أفلامه) جائزة أفضل سيناريو، وحقّق في شباك التذاكر العالمية نسبة مبيعات بلغت المئة مليون دولار.

استفاد فيلم The Descendants من تحدث كثر عن أنه تضمن أفضل أداء قدّمه الممثل جورج كلوني خلال مسيرته المهنية، وقد يُعزى ذلك جزئياً إلى أن المخرج وجد طريقة كفيلة بمنع هذا الممثل من المزاح وإضاعة الوقت، فحرص على إبقائه منشغلاً. في هذا الإطار، قال كلوني: «لم يترك لي أي مجال للقيام بأي أمور سخيفة أو تافهة. تطلّب دوري الكثير من العمل». لا يعني ذلك أن كلوني لم يستغل بعض الفرص لإطلاق دعابات على باين، لا سيما أنهما أصبحا اليوم صديقين مقرّبين.

دور الأب

ركّز كلوني على كيفية أداء دور الأب الأول في مسيرته المهنية، فقد جسّد في الفيلم دور محام تعيس في حياته ومنغمس في عمله حتى النخاع تنقلب حياته رأساً على عقب عندما تدخل زوجته التي كانت تخونه في غيبوبة بعد تعرّضها لحادث على متن زورق. في نهاية المطاف، تتوفى الزوجة ويجد هذا الوالد «الاحتياطي» نفسه مسؤولاً عن الاهتمام بابنتيه الصغيرتين الثرثارتين والمختلفتين في الطباع.

استفاد معظم الممثلين من تعاونهم مع باين، إما بالنجاح في تحويل مسيرتهم المهنية إلى عالم الكوميديا مثلما فعلت ويزسبون، أو بالحصول على الترشيح لجائزة الأوسكار في عمر الخامسة والستين مثلما حدث مع الممثل جاك نيكلسون. بالنسبة إلى كلوني، يقول باين إنه لم ينبهر كثيراً بوجود نجم هوليوودي كبير مثل كلوني في موقع التصوير: «عندما أصوّر، لا أهتم لهوية النجم، فأنا أعتبر أنه لدي ممثل يؤدي دوراً، وأن مهمّتي تقضي بخدمة نص الفيلم لا مسيرة الممثل. آمل في أن ينسى الجمهور، بعد 20 دقيقة من بدء الفيلم، أن الممثل الذي يؤدي الشخصية هو جورج كلوني ويركز أكثر على الشخصية».

يُذكر أن كلوني الذي قبل بتخفيض أجره كي يتناسب مع ميزانية الفيلم التي لم تتجاوز الـ25 مليون دولار، كان يتحرّق شوقاً للتعاون مع باين بعد مشاهدته فيلم Election، وقال: «لقد وجدت هذا الرجل عبقرياً». ما زال على رأيه، علماً بأن الأخير كان قد أعرب، في أول لقاء جمعه بكلوني، عن رفضه مشاركته في فيلمه، إذ لم يجد آنذاك أن شخصية كلوني مناسبة لأداء دور الشاب الذي يستعدّ للزواج والذي وقع الاختيار لأدائه على توماس هايدن تشرش. لكن لم يأت رفض باين علنياً وقاطعاً، فقد قال كلوني: «قال لي أليكس إنه علينا في المستقبل أن نعمل على فيلم سوياً. بعد عامين، اتصل بي وقال لي إن لديه نص فيلم. فأجبته: سأقوم بالدور. قد يدل تصرّفي هذا على أنني أثق بهذا الرجل ثقة عمياء، إلا أنني مستعدّ للقيام بكل ما يطلبه مني باين إلى أن يأتي ذلك اليوم الذي يقدّم فيه فيلماً سيئاً».

وصل خضوع كلوني لأوامر باين إلى حد موافقته على التخلي عن مظهره الأنيق لأداء دور مات كينغ الذي يتفاخر بكونه يعيش بإمكانات متواضعة علماً بأنه يتحدر من عائلة من البارونات الأغنياء في هونولولو، وقد تتطلّب المظهر الجديد من كلوني الحصول على تسريحة شعر رخيصة، وارتداء قميص يشتهر به سكان جزر الهاواي قصير الأكمام وبنطلون كاكي مجعّد مع حزام ضيّق للغاية من ماركة Dad. هكذا حوّلت هذه التغييرات في الشكل كلوني إلى موظف شركة ذكي يشبه سكان هاواي في لبسه وحركاته.

ذكر هذا النجم أنه في المرة الأولى التي خرج فيها من غرفة تبديل الملابس مرتدياً ثياب شخصية الفيلم، قال: «أنا أكيد من أن هذا الزي سيقضي على مسيرتي المهنية. في حين أن أليكس راح يضحك». في الواقع، لدى باين رواية أخرى عن رد فعل كلوني الأول: «نظر إليّ كلوني وقال إنه لن يسلّم نفسه مجدداً لأي كان».

The Descendants، الذي يصفه كلوني بفيلم ناضج بالنسبة إلى شخص في سن الخمسين، كشف عن جانب آخر لهذا الممثل، كذلك أظهر أن باين نضج على الصعيد المهني، ما قد يسعد النقاد الذين اتّهموا المخرج بالإساءة إلى شخصياته وبالتالي إلى جمهوره. في هذا الإطار، تجد المؤلفة كاوي هارت هيمّينغز، التي فرحت كثيراً عندما عرفت أن باين ينوي إخراج فيلم مقتبس من أول رواية لها، أن The Descendants يتميّز عن سائر أفلامه، وقالت: «كانت غالبية أفلام باين تهكمية وجافة علماً بأنها مليئة بالمشاعر والعواطف. الطريقة التي يستخدم بها باين مهارة المراقبة لإظهار حقيقة الناس، مثل طريقة لبسهم وكلامهم، تظهر الحس الإنساني الحقيقي لديهم». بدوره، لا ينكر باين، الذي يميل إلى مراقبة صغار الأمور، أن نظرته إلى الأمور قد نضجت: «أصبحت في الخمسين من العمر، فإن لم أنضج الآن؟ متى سأفعل ذلك؟».

قد تعزى مقاربته العميقة هذه إلى ابتعاده عن عالم الأضواء والشهرة لمدة سبعة أعوام. خلال فترة الغياب هذه، خاض باين طلاقاً في عام 2006 بعد ثلاثة أعوام من الزواج بالممثلة ساندرا أوو التي برزت للمرّة الأولى في فيلم Sideways، وقامت من بعده بأداء دور في مسلسل Grey’s Anatomy.

الجريدة الكويتية في

07/11/2011

 

ميشال ويليامز… الأسطورة مارلين مونرو  

تجسِّد الممثلة ميشال ويليامز شخصية النجمة مارلين مونرو في فيلم My Week With Marilyn الذي يُعرض قريباً في دور السينما.

ماذا قالت عن هذه الشخصيَّة، وإلى أي حد نجحت في «تقمصها»؟

كانت عيناها تجولان في مختلف أنحاء فندق Beverly Hills وتلقيان، بين الحين والآخر، نظرة خاطفة على نبات البوغنفيلية المزروع أمام مبانٍ سقفها من الطين.

قالت ميشال وهي تتأمل منزلاً كان على الأرجح لمارلين مونرو: «لطالما تساءلت: أي من هذه المنازل كان منزلها؟» المثير للاهتمام أن الأسطورة مونرو، التي جسّدت ويليامز شخصيتها في فيلم My Week With Marilyn، أقامت في هذا الفندق في أواخر الخمسينيات خلال تصويرها فيلم Let’s Make Love.

بعد صمت مقتضب، قالت ويليامز، فجأة، كأنها شعرت بوجود شقراء هوليوود في الغرفة: «إن أخبرتك أنني أشعر بوجود رابط بيني وبين مونرو، هل ستجدين كلامي مبالغاً فيه؟ فكلما أمضيت معها وقتاً أطول، شعرت بقربي منها أكثر».

نقاط مشتركة

ظاهرياً، لا يبدو أن ثمة نقاطاً مشتركة كثيرة بين ويليامز والنجمة التي انتهت حياتها بطريقة مأساوية. كانت مارلين امرأة مثيرة ببشرتها الناعمة، في حين أن ويليامز امرأة عادية تشبه الأقزام نوعاً ما، وقد ظهر ذلك، بوضوح، عندما ارتدت في إحدى ليالي فصل الخريف بنطلوناً أسود وسترة بياقة تشبه ياقة بيتر بان.

كانت شخصية مارلين مونرو غير منظمة فكرهها نقاد كثر ولم ترشّح لجائزة «أوسكار». أما ويليامز، فرُشّحت مرّتين لنيل هذه الجائزة، وهي تعشق الأديبين غوستاف فلوبير ووالت وايتمان. كانت الممثلة الراحلة تحرص على تصوير أفلام لأهم شركات الإنتاج، في حين أن ويليامز تفضّل المشاركة في أفلام مستقلة غير تجارية مثل الفيلم القصير  Meek’s Cutoff أو الفيلم العاطفي  Blue Valentine.

على رغم ذلك، شعرت ويليامز في موقع تصوير فيلم My Week With Marilyn بترابط غير مبرّر مع مونرو، واكتشفت معنى كبيراً لأمور سخيفة، لا سيّما بعد قراءة مقالة نشرت في مجلةNational Enquirer. أوضحت ويليامز: «تحدّث هذا المقال عن عالِم روحاني يتواصل مع الأموات، وقد تواصل مع مارلين التي أخبرته أنها موافقة على ما أقوم به. عنى لي هذا الأمر الكثير، في الواقع، شعرت بأنني كنت مفرطة الإحساس خلال عملي في هذا الفيلم، ربمّا لأنني جسّدت شخصية مارلين مونرو، وأحتاج إلى أن يتعامل الآخرون معي برقة وحنان، فكانت أي مجاملة صغيرة يبديها لي مصوّر ما كفيلة بإسعادي أسبوعين وإنعاش روحي ومدّي بالطاقة وإخراجي من السرير».

اقتبس فيلم My Week With Marilyn من كتابَي مذكرات كتبهما كولين كلارك الذي عمل حاجباً في موقع تصوير فيلم The Prince and the Showgirl. آنذاك، كانت مونرو تمرّ بفترة عصيبة. مهنياً، كانت تتلقى توبيخاً من بطل الفيلم ومخرجه سير لورنس أوليفيه. أما عاطفياً، فكان زواجها من أرثر ميلر ينهار شيئاً فشيئاً، فحاولت الهروب من واقعها المرّ من خلال خوض علاقة شبه غرامية مع كلارك الذي كان يصغرها بعشر سنوات.

اشتهرت مونرو بهشاشتها وضعفها أمام المصاعب، في حين تميّزت ويليامز بقوتها وقدرتها على تخطي التحدّيات والصعوبات، علماً بأنها واجهت في حياتها مواقف بصعوبة تلك التي اختبرتها مونرو. ففي الخامسة عشرة من عمرها، قرّرت ابنة ولاية مونتانا الاستقلال عن أهلها فغادرت منزل العائلة وتوجّهت إلى لوس أنجليس لتشقّ طريقها في عالم التمثيل. في الخامسة والعشرين من عمرها، أصبحت مع هيث ليدجر، النجم الذي شاركها بطولة فيلم Brokeback Mountain والدين لطفلة، إلا أن ليدجر توفّي فجأة، بعد ثلاثة أعوام، نتيجة إفراطه في تناول الأدوية، تاركاً ويليامز أماً عازبة مسؤولة عن تربية طفلتها ماتيلدا.

بعد وفاة ليدجر، وجدت ويليامز صعوبة في شقّ طريقها في عالم هوليوود، فقرّرت أخذ استراحة لمدّة عام لأنها لم تكن متأكدة من طريقة عودتها إلى عالم التمثيل، أو مما إذا كانت ترغب في العودة إليه. بعدما بدأت تخرج تدريجاً من حالة الحداد، استعادت رباطة جأشها وقرّرت اعتماد مقاربة أكثر شجاعة للعودة إلى التمثيل. في هذا الإطار، قالت ويليامز: «قرأت ذات مرّة قولاً لفلوبير أعجبني كثيراً مفاده: «أريد أن أحيا الحياة الهادئة التي يحياها البورجوازي لأستطيع أن أكون عنيفاً وغير مقيّد في عملي». أعجبني هذا القول، فأنا أحب أن أعيش حياة بسيطة لأدخّر طاقاتي الإضافية وأوظّفها في عملي».

انجذاب وقلق

عندما قرأت ويليامز نص فيلم My Week With Marilyn الذي أحدث فيه أدريان هودجز بعض التعديلات ليناسب فيلم سينما، شعرت فوراً بأنها مجبرة على أداء هذا الفيلم. فخلال مراهقتها، كانت صور مارلين مونرو تملأ جدران غرفتها، واحتفظت بعلبة فيها صور اقتطعتها من الصحف والمجلات تظهر فيها مارلين وهي تركض في حقل فاتحة يديها بفرح وسعادة.

قالت ويليامز، التي ولدت بعد وفاة مونرو بـ18 عاماً: «أتذكر أنني كنت أقول لنفسي آنذاك: إذا كانت امرأة بجمال مونرو تواجه صعوبات في حياتها وتعاني اضطرابات وهواجس نفسية، فلا عجب في أن سائر النساء سيشعرن بالأمر نفسه».

عندما زار المخرج سايمون كورتيس ويليامز في نيويورك قبل عامين ليتحدّث معها بشأن الدور قبل أن توافق عليه رسمياً، ترك لها صورة لمونرو تحت الهاتف، قالت ويليامز: «بقيت أحدّق في وجهها في مطبخي متسائلة في قرارة نفسي عمَّا إذا كنت قادرة فعلاً على تجسيد هذه الشحصية. في الواقع، لا أعرف تحديداً سبب قلقي هذا، لكني بالتأكيد شعرت بما يجذبني نحو هذا الفيلم».

بغية اكتشاف حقيقة مونرو، أمضت ويليامز قبل البدء بتصوير الفيلم، ساعات وهي تتمرّن في منزلها على تقليد صوت هذ النجمة الراحلة، وتتجوّل في أنحاء منزلها بالكعب العالي رابطة ركبتيها بحزام لاكتشاف سرّ مشية مونرو المترنّحة.

في هذا السياق، أشارت ويليامز إلى أنها اكتشفت، أثناء قراءة مذكرات مونرو واطلاعها على أقوال المصوّرة إيف أرنولد، السرّ الأكبر المتعلّق بمونرو، وهو أن حياتها كانت تمثيلاً بتمثيل. «حاولتُ أن أغوص في تفاصيل حياة مونرو، ولم أتوقف يوماً عن البحث عن معلومات إضافية في هذا المجال. كنت أستغلّ كل دقيقة، حتى فترات الاستراحة الممتدة على عشر دقائق بين مشاهد التصوير، لتأمّل صور مارلين مونرو أو مشاهدة أحد الأفلام التي صوّرتها. أصبحت مهووسة بها وكنت أبحث عن أمر معيّن وأحصل على إجابات وتلميحات وأشعر بأن ثمة لغزاً  عليّ حلّه».

إتقان الدور

أعجب هارفي وينشتاين، الذي أنتجت شركته الفيلم، بمدى استعداد ويليامز لأداء هذا الدور وبقدرتها على اقتباس أقوال وردت في سيرة مونرو التي كتبها موريس زولوتوي. أوضح في رسالة إلكترونية: «لم أصادف في حياتي شخصاً يدرس شخصياته مثلما تفعل ميشال، فقد اطلعت على أفلام وصور وقرأت كتباً متعلّقة بمونرو… حتى وصلت إلى درجة تستطيع فيها تقليد مشية مارلين وطريقة رفّة عينيها واقتباس جملها المفضّلة».

قرّر المخرج كورتس تصوير فيلم  My Week With Marilyn في استوديوهات Pinewood التي صوّر فيها فيلم The Prince and the Showgirl قبل خمسين عاماً. تكمن المفارقة في أن كلتا الممثلتين كانتا في الثلاثين من العمر عندما صوّرتا فيلماً خارج لندن.

وقال كورتس إنه لاحظ خلال عملية التصوير أن ويليامز تتمتّع برقة عالية، لذا منحها مزيداً من الوقت والمجال لأداء دورها.

وقال المخرج الذي اضطرّ أحياناً إلى تصوير 12 لقطة لمشهد واحد: «أردت أن أمنحها أكبر قدر ممكن من المحاولات لأنني وجدت سحراً في أدائها وشعرت بأن روح مارلين يمكن أن تتقمّص، في أي لحظة، جسد الممثلة ويليامز، لذا تستحقّ دعماً وآمل في أن تحصل على هذا الدعم بخلاف مارلين».

فعلاً، جاء أداء ويليامز مميّزاً وتناقلت الصحافة أخباراًَ عن إمكان ترشيحها لجائزة «أوسكار» عن دورها في هذا الفيلم. سبق لويليامز أن رُشحت لجائزة أوسكار عن دورها المساند في فيلم Brokeback Mountain، وعن دورها الرئيس في فيلم Blue Valentine.

هفوات مارلين

على صعيد آخر، قال الممثل دون موراي، الذي شارك مونرو بطولة فيلم  Bus Stop(صوّرته مباشرة قبل بدء تصوير فيلم The Prince and the Showgirl) إنه لم يجد خطأ واحداً في طريقة أداء ويليامز لدور الممثلة – الأسطورة. قال موراي (82 عاماً): «الذين عملوا مع مارلين يعتقدون أن  Bus Stop هو أكثر فيلم بدت فيه مونرو منضبطة وحسنة السلوك، إلا أنها كانت تتأخر عن موعد التصوير ساعتين أو ثلاث ساعات ولم تكن تحفظ دورها على نحو جيّد. كانت مارلين سريعة الانفعال وقليلة التركيز. لقد ذُهلتُ لدقة ميشال وقدرتها على ملاحظة هذه التفاصيل، فجسّدت شخصية مونرو المرتبكة والمضطربة عاطفياً والقلقة أفضل تجسيد».

كشفت ويليامز خلال حضورها فيلماً تمهيدياً لفيلم Wizard of Oz إخراج سام رايمي، أن  My Week With Marilyn أكسبها نضوجاً وشكل تحدّياً لأنه ساعدها على تقبّل نفسها، وأضافت بهدوء: «لطالما كنت أخشى من نفسي بطريقة معيّنة. شعرت، لفترة طويلة، بأنني أمارس مهنة ليس بوسعي فهمها أو الإبداع فيها، لكنّ اليوم وبعد مضى ستّة أعوام على أمومتي وفي وقت معيّن من العام الماضي قلت: لا بد من أن أتغير وألا أقسو على نفسي كثيراً».

الجريدة الكويتية في

07/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)