حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الكتـاب السـينمائي متـى يغـدو حاجـة للناشـر والمُشـاهد أيضـاً؟

نديم جرجورة

لا تزال الأسئلة مطروحة، وإن كانت الإجابات معروفة، أو شبه معروفة: لماذا تنفضّ الغالبية الساحقة من دور النشر اللبنانية عن الكتاب السينمائي؟ لماذا تقلّ إصدارات الكتب السينمائية عن دور نشر تُقدم، أحياناً، على الخطوة هذه؟ من يتحمّل مسؤولية غياب الكتاب السينمائي المتخصّص عن المكتبة اللبنانية تحديداً، في مقابل وفرة كَمّية على الأقلّ من الكتب تلك في المكتبتين السورية والمصرية في الدرجة الأولى؟ هل تقع المسؤولية على عاتق أصحاب دور النشر، الذين يعتبرون الكتاب السينمائي «مغامرة» لا تؤدّي إلى كسب مالي، أو استرجاع ما لتكاليف الطباعة والتوزيع على الأقلّ؟ أم أن النقّاد والعاملين في الحقل السينمائي، فكرياً وثقافياً وأكاديمياً ونقدياً، لا يسعون للتأليف النقدي أو الأكاديمي؟

مسؤولية مشتركة

أميل إلى القول إن الطرفين مسؤولان: المؤلِّف ودار النشر، وإن بنسب متفاوتة. صحيحٌ أن الكتاب السينمائي «مغامرة» لا يُقدم عليها إلاّ من أحبّ السينما، وشعر بقدرة ذاتية على خوض التجربة إيماناً منه بالسينما، أفلاماً وقضايا وكتباً. صحيحٌ أن تكاليف طباعة الكتاب السينمائي وتوزيعه أكبر من أي مردود ماليّ، في بلد قيل إنه منارة ثقافية للشرق، وإنه الأكثر انفتاحاً وتعليماً وقراءة، قبل أن يتبدّى البلد نفسه عن أسوأ مظاهر الثقافة والعلم (قال الناقد محمد رضا إن لبنان «بلد فيه الكثير من الثقافات، وإنه يحتوي على مثقفين كثيرين من أجيال مختلفة، لكنه رسمياً ليس معنياً بالفعل الثقافي، لكونه يتبع نظاماً رأسمالياً من جهة أولى، ولكون السينما مُحارَبَة من قيادات وزعامات حزبية ومن جهات ومراجع دينية، وصولاً إلى الدولة ممثّلة بالرقابة، من جهة ثانية»). صحيحٌ أن النقّاد اللبنانيين، وهم قلّة، عاملون في صحف ومجلاّت لحاجتهم إلى مداخيل تقيهم شرّ الحياة وبشاعتها، فلا يعثرون على وقت كاف للتأليف النقدي المختلف عن الكتابة المهنية الصحافية ومفرداتها. صحيحٌ أن البلد هذا لا يملك مؤسّسات قادرة على تمويل مشاريع كهذه، في مقابل غياب مطلق للدولة في الشأن الثقافي العام، باستثناء رعاية ما تمنحها لهذا النشاط أو ذاك. صحيحٌ أن دور النشر، بغالبيتها المطلقة، لا تقدّم منحاً سنوية تتيح للناقد أو الباحث فرصة التفرّغ للتأليف السويّ. صحيحٌ أن الجامعات الخاصّة تتباهى فقط بتأسيس مدارس «سمعية بصرية»، باتت منتشرة في البلد كسرطان قاتل، من دون أدنى اهتمام بسلامة التدريس والتدريب أولاً، ناهيك عن انفضاضها عن مشاريع بحثية ونقدية يُفترض بها أن تتكامل وحراكاً إنتاجياً لبنانياً (مشتركاً وإنتاجات غربية وعربية متفرّقة) حاصلاً في البلد حالياً ثانياً. هذا كلّه صحيح. لكن الأصحّ منه أن مأزق الكتاب السينمائي جزءٌ من مأزق أكبر: الثقافة منعدمة. الوعي المعرفي المنفتح على شؤون الثقافة والفنون والعلوم كلّها غائبٌ. أكاد أقول إن المأزق أخطر من ذلك: البلد برمّته في مهبّ رياح العنف والخراب. البلد برمّته معقود على فساد السياسة والاقتصاد والإعلام والثقافة، وعلى فوضى العلم والمعرفة والتربية المدرسية والتدريس الجامعي والحياة اليومية. البلد برمّته مهزوم ومدمَّر، وثقافته مشوّهة، وناسه مقيمون في الجحيم، سواء رفضوا حالة كهذه أم وافقوا عليها.

غير أن واقعاً كهذا يُفترض به ألاّ يمنع إمكانية خوض تجربة تأليف كتب سينمائية وإصدارها عن دور نشر محلية. واقعٌ كهذا يجب ألاّ يكون حائلاً دون الاجتهاد في المجال السينمائي هذا، خصوصاً أن الفن السابع بات أكثر الفنون شعبية، هنا وهناك، سواء تكبّد المشاهدون عناء الانتقال إلى الصالة السينمائية، أم تمتّعوا بمشاهدة الأفلام بواسطة أشرطة «دي. في. دي.». هذه مفارقة أشار إليها نقّادٌ وعاملون في دور نشر: ارتفاع شعبية الفن السابع، في مقابل انخفاض (مرير وقاس من دون أدنى شكّ) المستوى الثقافي والنظريّ لدى الغالبية الساحقة من المشاهدين. المفارقة هذه تفيد أيضاً أن شعبية الفن السابع معقودة على التجاريّ الاستهلاكي البحت. أي على أفلام مسلّية، تشويقاً وحركة وعنفاً وقتلاً، أكثر بكثير من أي نوع آخر، بما في ذلك الرومانسية والكوميديا إلى حدّ ما. ربما لهذا كلّه لا يستسيغ أصحاب دور نشر لبنانية فكرة الانهماك في إصدار كتب سينمائية، لا يُقدِم على تأليفها نقّاد وباحثون ومهتمون لانشغالاتهم المهنية في الدرجة الأولى، ولا يرغب في اقتنائها أناسٌ يُفضِّلون المُشاهدة أولاً، ومشاهدة البسيط والسهل والمسلّي ثانياً. أصحاب دور نشر أو عاملون فيها قالوا مراراً إن «المغامرة» المطلوب منهم خوضها محفوفة بـ«مخاطر» مالية، موجودة (المخاطر نفسها) على مستوى الإصدارات الأخرى أصلاً. أصحاب دور نشر وعاملون فيها قالوا مراراً إن المأزق أشمل من أن يُحاصَر بغياب الكتاب السينمائي: «المثلان السوري والمصري مهمّان. لكن التمويل هناك مقبل على الكتاب السينمائي من مؤسّسات رسمية في معظم الأحيان. هذا من دون التوقّف عند مستوى النصّ المكتوب أو المترجَم». بالإضافة إلى أن الكتاب السينمائي يُعاني مأزقاً في الغرب أيضاً: «هناك، احتلّت كتب السينما الفخمة والملوّنة والضخمة مكان الكتب الثقافية البسيطة»، كما علّق الناقد إبراهيم العريس.

تجارب قديمة

التجربة التي خاضتها «دار الطليعة» مثلاً، في ثمانينيات القرن المنصرم، جديرة بالاهتمام والتذكّر: «تبنّى الراحل بشير الداعوق مشروعي المعنون بـ«المكتبة السينمائية» في خمس دقائق فقط»، كما قال العريس. أضاف: «كان يُحبّ السينما. لم يُخضِع قراره لحسابات مالية. كان يوافق على نشر كتب سينمائية قائلاً إنه سيعثر على قرّاء، كما عثر على كتب. لم يعد هذا النوع من التفكير موجوداً اليوم. اتّصل بي الراحل عبد الوهاب الكيالي ذات مرّة، طالباً منّي العمل على وضع موسوعة ضخمة حول الفن السينمائي، دافعاً لي مبلغ أربعة آلاف ليرة لبنانية مسبقاً، وهذا مبلغ كبير جداً بمقاييس الفترة تلك. بعد أسبوعين، جاء إلى بيروت حاملاً معه كتباً ومراجع سينمائية لم أطلبها منه. قال لي: لعلّها تُساعدك».

هذه تفاصيل ترسم صورة مصغّرة عن واقع عرفته بيروت قديماً. هذه تفاصيل تشير إلى حالة نادرة، مرتكزة على ثنائية الوعي الثقافي والعمل التجاريّ. صحيح أن واقعاً كهذا منعدم حالياً، لكنّ أصحاب دور نشر عديدين «منكبّون» على شؤون ثقافية وفكرية وأدبية وسياسية وغيرها، بجمعهم الثقافيّ بالتجاريّ، لكن بعيداً عن السينما: «السؤال الذي يُفترض بنا طرحه كامنٌ في البحث عمن يكتب، وعمّا يُكتب في الشأن السينمائي. أين هي المخطوطات الخاصّة بالسينما المعروضة علينا؟»، كما قالت رانيا المعلّم (دار الساقي)، التي اعتبرت أن الكتاب السينمائي «تقليدٌ غير معروف عربياً كما أظنّ». لكن المسألة بالنسبة إليها محصورة بأمر واحد: «سبب واحد فقط يحول دون إصدار «دار الساقي» كتباً سينمائية: عدم تقديم أي مخطوطة سينمائية بهدف إصدارها. هذا في مقابل الاعتراف بأن من واجب الدار ووظيفتها السعي لإصدار كتب سينمائية. هناك تقصير في الإطار هذا ربما». الزميل العريس بدا، في قراءته مسألة غياب المبادرة من قبل النقّاد مثلاً، كأنه يُساجل المعلّم: «ليُجرّب ناقدٌ. ليبادر أحدكم. جرّب أنت أن تنفق ستة أشهر على وضع كتاب جدّي حول السينما، وقدّمه إلى إحدى دور النشر، ولنرى بعد ذلك أية حجّة سيقولون بها». المسألة بالنسبة إليه كامنةٌ في أن دور النشر لا تبدي أدنى رغبة في خوض أية مغامرة: «كل كتاب يُطبع الآن، يجب أن يكون مضمون الدخل والمردود». قال إنه شخصياً يُنجز كتباً بسرعة وبكثرة: «كلّها تُنشر مدعومة من مؤسّسات أو وزارات. أنشر بدرجة رئيسة في «المؤسّسة العامة للسينما» في دمشق، التابعة لـ«وزارة الثقافة»، والمموَّلة منها. حالياً، إنها أفضل ناشر سينمائي في المنطقة كلّها». هذا أمر واقع: لدى المؤسّسة سلسلة بعنوان «الفن السابع»، صدر منها نحو مئتي كتاب بين مؤلَّف ومترجم، أجمع كثيرون على أن بعضها ضعيف، لكن بعضها الآخر مهمّ.

الاختصاص كافٍ

في المقابل، قالت المعلّم إن هناك مشروعين سينمائيين عُرضا على الدار مؤخّراً: كتاب عن المخرجة اللبنانية الراحلة رندة الشهّال، «يتضمّن أرشيفاً وصُوَراً ملوّنة ودراسات وغير ذلك، أردناه مرجعاً»، لكن الأمر معلّقٌ لدى عائلتها. كتاب ثان عن المخرج اللبناني الراحل مارون بغدادي، طُرح على الدار من قِبَل «نادٍ لكل الناس»، الذي يستعدّ لإصدار مجموعة أشرطة «دي. في. دي.» خاصّة بأفلام المخرج، إلى جانب الكتاب المذكور، وهو من تأليف الزميل العريس، الذي أصدره سابقاً عن «دار النهار للنشر» إثر الغياب الصادم للمخرج مطلع التسعينيات المنصرمة: «أبدينا حماستنا للمشروع هذا. لكن المسألة مرتبطة بقرار النادي». الزميل العريس أقرّ بالمشروع هذا، محيلاً الأمر إلى النشاط المتكامل للنادي، الخاصّ ببغدادي. العريس قال إن سؤال علاقة دور النشر اللبنانية بكتاب السينما طرح مشكلة أساسية متعلّقة بالرغبة في الثقافة السينمائية «ليس لدى دور النشر فقط، بل لدى الجمهور أيضاً. أكاد أقول لدى الجمهور خاصّة». استعاد ماضياً كان يُمكن للمرء أن يلتقي فيه ناشراً مهتمّاً بكتب السيــنما وبنشرها: «لا أقول إن الأمر صعبٌ اليوم، بل مستحيل. ربما لأن المشهد نفسه في أزمة: كتبٌ فنية وأدبية وثقافية كان يُطبــع منها ثلاثة آلاف نسخة لكل كتاب، بات يُطبع منها اليوم مئات قليلة من النسخ».

من جهته، اكتفى سيزار نمّور، المهموم بالفنون التشكيلية، بالقول إن «دار الفنون الجميلة» و«مكتبة ريستو فيرسو» معنيتان بأنواع الفنون التشكيلية، أي بالرسم والتصوير والتصميم والنحت: «إنه السبب الوحيد الدافع إلى عدم خوضنا تجربة الكتاب السينمائي، لابتعاد الدار والمكتبة عن الفنون الأدائية. أميل إلى التخصّص. أراه أقدر على إتاحة الفرصة للتعمّق في الموضوع الذي أتخصّص به. فضّلت البقاء في إطار الفنون التشكيلية، لأنها اختصاص قائم بحدّ ذاته، ومحتاج إلى جهد. اختصاص مفتوح على اشتغالات كثيرة أصلاً».

لا أعمِّم. الآراء القليلة المنشورة هنا صورة مختصرة جداً عن واقع حال يعاني أزمة ثقافية متكاملة ومفتوحة على الشؤون الحياتية أيضاً. الآراء هذه مُقدِّمة متواضعة لمشهد قاس بفراغه الثقافي الإبداعي، القادر على السجال والنقاش النقديين، والذاهب بهما إلى إنتاج ثقافي متكامل. الآراء هذه لا تختلف عمّا يقوله كثيرون في لقاءات متفرّقة، منذ أعوام عدّة. فالحاجة إلى كتب سينمائية لا تقلّ عن الحاجة إلى كتب إبداعية سجالية ومُنتِجة معرفة وعلماً ووعياً في شؤون أخرى أيضاً.

السفير اللبنانية في

03/12/2011

 

اختتام «مهرجان السينما الأوروبية الـ 18» باحتفال لبناني

كاميـرا الهـوامـش والتفـاصيـل القـادرة

نديم جرجورة 

اختيار فيلم بولندي بعنوان «الفائز» لفيسلاف سانيافسكي لافتتاح الدورة الثامنة عشرة لـ«مهرجان السينما الأوروبية» في بيروت، مفهومٌ. هذا عائدٌ إلى «قانون» مُتّفق عليه منذ البداية: فيلم الافتتاح يُفترض به أن ينتمي إلى البلد الذي يترأس الاتحاد الأوروبي، أثناء انعقاد الدورة الجديدة. المفارقة المختلفة، التي ميّزت دورة العام الجاري، كامنةٌ في الختام: غداً الأحد (السابعة والنصف مساء، في الصالة الأولى لسينما «متروبوليس» في «أمبير صوفيل» في الأشرفية)، تُختتم الدورة المذكورة باحتفال لبناني بامتياز، بدءاً من احتفاء تكريمي خاصّ بالفنان اللبناني الراحل محمود مبسوط (فهمان)، متمثّل بعرض مقتطفات من أفلامه السينمائية اللبنانية أولاً، وبعرض الفيلم الروائي القصير «بيروت بعد الحلاقة» (2005، 27 دقيقة) لهاني طمبا ثانياً، وقد أدّى الراحل فيه دور حلاّق يزور سيّد القصر (رفيق علي أحمد) المنزوي في عزلته القاتلة. يلي هذا كلّه إعلان نتائج المسابقة الخاصّة بالأفلام الطالبية (ثلاثة طلاّب يفوزون بثلاث جوائز فقط)، ثم العرض المحليّ الأول لـ«طيّب، خلص، يلاّ» (2010، 93 دقيقة)، أول روائيّ طويل لرانية عطية ودانيال غارسيا (التاسعة والنصف مساء).

شفافية الصورة

افتتاح بولندي لأيام حافلة بعناوين أوروبية شتّى. ختام لبناني غنيّ باختبارات مختلفة. الأفلام الطالبية اللبنانية حاضرة في دورات سابقة عدّة. جوائز مالية تحوّلت إلى التكفّل بدفع مصاريف السفر والإقامة لأيام معدودة لحضور مهرجانات معنيّة بالأفلام القصيرة، مُقامة في مدن أوروبية. هذا حسنٌ. أفلام لبنانية قديمة وحديثة الإنتاج عُرضت في دورات سابقة أيضاً: الأولى ضمن تعاون مع «مؤسّسة سينما لبنان» مرتكز على ترميم قامت به المؤسّسة، أو هكذا قيل، لأفلام لبنانية متنوّعة (عُرض بعضها بواسطة أشرطة «دي. في. دي.»). الثانية اختيرت بسبب مشاركة إنتاجية أوروبية في تحقيق الفيلم اللبناني. الدورة الثامنة عشرة أضافت عرضاً أول لفيلم لبناني فاز، في العام 2010، بجائزة «أفضل فيلم روائي لمخرج جديد» في مسابقة «آفاق جديدة»، في «مهرجان أبوظبي السينمائي الرابع».

بشفافية وسلاسة، قدّم هاني طمبا فيلماً متواضعاً وجميلاً وحسّاساً، أسماه «بيروت بعد الحلاقة» (جائزة «سيزار» الفرنسية في فئة أفضل فيلم قصير، 2006). بهدوء أخفى غضباً مُضمَراً وغلياناً داخلياً، صَوَّر طمبا لحظات العيش المنغلق على الوحدة والغياب شبه المطلق عن الواقع، من خلال عينيّ حلاّق. بهذه البساطة، يُختصر الفيلم. بهذه البساطة، يوصف الفيلم المفتوح على الجرح الذاتي والانزواء النفسي، اللذين ضربا جسد سيّد القصر وروحه، في لحظة انخطاف زوجته (جوليا قصّار)، الظاهرة أمام عينيه طيفاً راقصاً على الحافة القصوى للخراب والألم والجنون. سبع وعشرون دقيقة، جمع طمبا فيها بعض أقسى اللحظات الإنسانية، ببعض أجمل اللقطات الهادئة للعلاقة القائمة بين سيّد القصر وحلاّقه.

في المقابل، هناك العرض الأول لـ«طيّب خلص يلاّ»: فيلم لبناني موغل في محليّة اجتماعية واضحة المعالم، ومنفتح على مأزق الفرد في حياته اليومية. فيلم منشغل بمتابعة تفاصيل العيش على حافة الإحباط والتمزّق، أو على الحدّ الفاصل بين العزلة المطلقة والانسحاق أمام وطأة السلطة الأمومية. يُمكن القول إن الفيلم هذا أكّد مقولة مفادها أن الهوامش والتفاصيل تكون غالباً أهمّ من المتن. أو طريقاً إلى فهم المتن هذا، وحكاياته وفضاءاته المختلفة. الفيلم مفتوح على التفاصيل اليومية الدقيقة الخاصّة بشاب في مقتبل العمر، مقيم في منزله العائليّ مع والدته، قبل أن تغادر الوالدة إلى بيروت، من دون إعلامه بالأمر، فإذا به يواجه الدنيا وحيداً. التفاصيل مدخلٌ إلى فهم حالات وانفعالات خاصّة بالشاب ومحيطه، وبعلاقاته المختلفة بمحيطه أيضاً: الجيران. الرفاق. أهل المدينة. بالإضافة إلى لقائه خادمة أجنبية وعاهرة لبنانية، تعرّف عليهما صدفة. تعرّف على عالمهما للمرّة الأولى في حياته.

الفيلم محطة سينمائية لبنانية ذات قيمة درامية وركيزة جمالية مهمّتين. كاميراه متوغّلة في الذات البشرية والأمكنة والأزقّة والحكايات الصغيرة، رسمت ملامح عامّة لحالات نفسية أكثر من سرده قصّة درامية ذات بناء معتاد. كاميراه متحرّرة من مراقبة الحرب الأهلية اللبنانية وصخبها وآثارها المستمرّة في إثارة عدم الاستقرار النفسي والهدوء الروحي والسكينة العقلية. كاميراه جعلته مرآة مهمومة بتعرية نموذج شبابي لبناني في منطقة محدّدة جغرافياً واجتماعياً وسلوكياً (طرابلس)، بدا واضحاً أن اللبنانية رانيا عطية عرفت خفاياها وزواريبها الخلفية وعوالمها المختلفة، لولادتها فيها، ولارتباطها الجغرافي بها على الأقلّ. هذا نموذج، قد يبقى منفرداً بحدّ ذاته، من دون تعميم أو شمولية. بل يُفترض به ألاّ يُعمَّم، لأن الاهتمام البصريّ والاشتغال الدرامي منصبّان على الغوص في ثنايا الحالة الإنسانية، التي يجد المرء نفسه فيها فجأة، إثر وقوع حادثة بسيطة لم تكن في الحسبان. فالشاب هنا متورّط في المجتمع لوحده، بعد اعتياده العيش فيه بحماية أمه، التي ما إن غادرت المنزل والمدينة والبلدة والحيّ، حتى سقطت حصانته أمام المجتمع الصغير الساكن فيه، وبات مُطالباً بمواجهة التفاصيل كلّها. علاقاته بالآخرين (الجيران، الخادمة، العاهرة، الصديق) مرتبكة ومنقوصة وعاجزة عن استكمال مشروعها الطبيعي، لأنه لم يستطع التحرّر من سطوة التربية التي تلقّاها، فظلّ أسيرها (المشهد الأخير اختزال لحالته).

تماه وتلصّص

تقنياً، بدت كاميرا «أيتش دي كام»، المستخدمة في تصوير «طيّب، خلص، يلاّ»، أشبه بعين ثاقبة ومتلصّصة على بيئة ضيّقة لم يُغادرها الشاب، ولم يُفكّر في مغادرتها أصلاً. أشبه بعين حادّة لم تكتف بالمُشاهدة والمراقبة ونقل المنظور إليه والمُشَاهَد، بل تجاوزت المُعلَن والواضح مخترقة إياهما لبلوغ المبطّن والمستور. بالطريقة المعتَمَدة في التصوير (لقطات قريبة داخل المنزل والسيارة ومحل بيع الحلويات الخاص بالشاب والمقهى ومكتب الخادمات)، شكّلت الكاميرا منحى مختلفاً في تعرية الشاب، لفهم حالته النفسية. أقول الحالة النفسية، ولا أعني اضطراباً أو ارتباكاً (وإن مال السياق الدرامي إلى الإشارة إلى اضطراب نفسيّ ما للشاب)، بل الشكل والمضمون اللذين صنعا الشاب هذا، وكيفية التأثير به وقيادته في حياته اليومية. الكاميرا ليست مطالبة بتنفيذ مهمّة تقنية بحتة، على الرغم من أهمية المهمّة هذه. إنها مطالبة بالتماهي بالحالة النفسية والواقع الإنساني اللذين طاردا الشاب وجعلاه أسيراً لهما. باختصار، كشفت الكاميرا، القريبة جداً من الأشخاص وحالاتهم والعلاقات وصُوَرها واللقاءات وأبعادها والحكايات وخفاياها، البناء التربوي الذي صنع الشاب، ودفعه إلى اختبار تحدّيات لم تكن على باله ربما، بدليل غضبه الشديد من الـ«هروب» السرّي لأمّه من المنزل والمدينة. غضبٌ عكس هشاشة داخلية وخوفاً عميقاً من الوحدة والعزلة والعجز عن استكمال حياته بالطريقة المعتادة. الانعكاس هذا ظهر واضحاً بفضل التصوير (دانيال غارسيا)، المتوغّل في أعماق النفس البشرية والجغرافيا المعمارية والروحية معاً.

تقنياً أيضاً، أدخل الثنائي عطية وغارسيا مقاطع مصوَّرة بطريقة الريبورتاج على السياق الدرامي العام للفيلم: الأم والشاب وابن الجيران والخادمة الأثيوبية جلسوا أمام الكاميرا وتحدّثوا عن أمور تُشغل بالهم، أو تثير اهتمامهم.

بين الانغلاق في العالم الذي صنعته الوالدة لابنها، والتفلّت المرتبك والقاسي للابن منه إثر مغادرتها المنزل، وبين العيش في حصار الأم والانتقال منه إلى عزلة الذات في مواجهة المحيط الاجتماعي والبيئة الحاضنة، شكّل «طيّب، خلص، يلاّ» صورة سينمائية جميلة عن واقع إنساني قاس ومرتبك.

السفير اللبنانية في

03/12/2011

 

دراما «الذهب الأسود» وكوميديا «جاك وجيل » ورعب «التلاشي في شارع 7»

3 أفلام جديدة تثير الجمهور بميزانياتها وأحداثها

دبي ـ أسامة عسل 

تشهد صالات السينما المحلية هذا الأسبوع عرض 3 أفلام جديدة، تختلف في تصنيفاتها وميزانياتها، ونوعية أحداث موضوعاتها، ما بين الدراما التاريخية في فيلم الذهب الأسود، الذي يتناول حقبة ظهور النفط في بلاد العرب.

والكوميديا التي تعتمد على مواقف طريفة بين توأمين في فيلم جاك وجيل، والرعب في فيلم التلاشي في شارع 7، والذي تحتوي حبكته على غموض ذكي ولكن بلا دماء كثيرة، وفيما يلي استعراض سريع للأعمال الثلاثة.

صراع النفط

يعد فيلم الذهب الأسود أول إنتاج بمواصفات عالمية لمؤسسة الدوحة للأفلام، بالتعاون مع مؤسسة كوينتا للإنتاج لمالكها التونسي طارق بن عمار، وهو مقتبس عن رواية العطش الأسود، التي صدرت عام 1957 للكاتب السويدي هانز روس، ويأتي الشروع في عرضه تجارياً بعد أن افتتح الدورة الماضية من مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، خلال شهر أكتوبر الماضي.

حيث لقي تفاعلًا مع الجمهور الذي شاهده، ونجح في طرح قصة اكتشاف النفط والصراعات التي عاشتها شبه الجزيرة العربية، من خلال الصراع الدموي الذي دار بين ملكين من ملوكها، متمثلًا ذلك في شخص الملك عمار، الذي يحكم قلعة سالمة، والملك نسيب الذي يحكم قلعة حبيقه، حيث لجأ مخرجه الفرنسي جون جاك أنو الحائز على الأوسكار، إلى استعمال أحدث التقنيات السينمائية للسفر بالمشاهدين إلى ثلاثينيات القرن، وإبراز تضاريس وجغرافيا الجزيرة العربية خلال تلك الفترة.

وأجاد في استغلال الإمكانات التي توفرها الصحراء القطرية والتونسية لتصوير المعارك الشرسة التي دارت بين الملكين المتصارعين حول السلطة، قبل دخولهما في عهد جديد جمع بين أصالة المنطقة والعصرية التي سيفرضها اكتشاف النفط عليها، وبرع الفنانون المشاركون في الفيلم في تجسيد مختلف الأدوار بدءاً بالفنان العالمي أنطونيو بانديراس الذي جسد دور الملك نسيب.

ومارك سترونغ في دور الملك عمار، وطاهر رحيم في دور ابنه عودة، وفريدا بنتو في دور الأميرة ليلى، فضلا عن ما يزيد على 200 من الكومبارس، الذين شاركوا في أحداث الفيلم الذي يعرض حالياً في حوالي 6 آلاف دار سينما حول العالم.

مشاجرات التوأم

أما فيلم جاك وجيل، فهو كوميديا ممتعة للثنائي آدم ساندلر ودينس دوغان، الذي ظهر مع ساندلر في معظم أفلامه، بمشاركة النجمة الموهوبة كيتي هولمز وعدد من مشاهير هوليوود منهم آل باتشينو في أدوار ثانوية، وتدور أحداثه حول جاك آدم سندلر مدير مكتب إعلانات ناجح يعيش تقريباً حياة كاملة إلى جانب زوجته أرين كيتي هولمز وأولاده، ولديه كل ما يحتاج في حياته، لكن شيئاً واحداً يمكن أن يخرجه عن السيطرة، وهي أخته التوأم جيل يقوم بأدائها أيضاً آدم سندلر.

حيث يجب أن يتحملها مرة في السنة خلال الاحتفال بعيد الشكر، وفي كل مرة ينفد صبره بسرعة، لكن اللقاء الذي عادة يكون يومين، يطول هذه المرة ويصبح شهراً كاملًا، من المشاجرات والمشاحنات، فيضايقان بعضهما البعض ويتقاتلان مثل كل توأم، وعندما يفهم جاك أن جيل لا تريد الذهاب، يبدأ بالعمل لكي يعيدها إلى حيث أتت، بعد أن تكون قد تسببت في العديد من المشاكل والمتاعب.

فيلم جاك وجيل رغم الجهد المبذول فيه، لم يعجب النقاد ومنحوه نسبة متدنية 2.7 من 10 درجات، ولكن آراء النقاد لم تمنع الجمهور من مشاهدة العمل، الذي قفز للمرتبة الثانية في إيرادات شباك التذاكر، محققاً مبلغ 29.027 مليون دولار في أميركا الشمالية وحدها.

رعب وإثارة

وفي فيلم الرعب والغموض التلاشي في شارع 7 للمخرج براد أندرسون صاحب فيلمي الآلي، والفصل 5 ومسلسل فرنج، يستيقظ الناس ويجدون أن كل سكان مدينة ديترويت الكبيرة، قد اختفوا تماماً مخلفين ملابسهم، بعد انقطاع الكهرباء.

حيث تسمع همهمات من دون كلمات، وترى ظلالاً بلا وجوه، ما يدفع مجموعة من الناجين إلى الاحتماء بحانة مهجورة، للبحث عن مصدر للضوء من مولد قديم يجري العمل لتشغيله، في محاولة للبقاء على قيد الحياة، أحداث الفيلم مثيرة جداً، وتغري عشاق أفلام الرعب لمشاهدتها.

البيان الإماراتية في

03/12/2011

 

رؤية خاصة

»ساتياجراها«

رفيق الصبان 

ليست هذه هي المرة الأولي التي يضع فيها الموسيقار الامريكي المعاصر فيليب جلاس الموسيقي لاوبرا تستمد احداثها من حياة شخصية تاريخية حقيقية.. فقد سبق له منذ أعوام ان قدم أوبرا باسم (اخناتون) تحدث فيها عن مسيرة الملك الفرعوني الذي كان أول من نادي بالتوحيد.. ولم تحقق الاوبرا النجاح الذي كان يأمل »الموسيقار« ولكن رغم ذلك أقدم علي تلحين أوبرا ثابتة باسم (ساتياجراها) تتحدث هذه المرة عن حقيقة هامة من حياة الزعيم الهندي الشهير (غاندي).. وهي المرحلة الاولي التي عاشها في جنوب افريقيا وعاصر فيها ما يفعله التعصب الاوروبي والعنجهية الاستعمارية في المواطنين السود.. مما سيجعله فيما بعد.. يثور علي كل أنظمة التحكم الاستعماري والعنصري في بلده، ويقود أول ثورة سلمية تؤدي إلي زوال الاستعمار الانجليزي عن الهند، التي كانت تشكو جزء من الامبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس.

هذه المرة »حقق جلاسا« نجاحا مرموقا »وطور من موسيقاه« وحقق للاوبرا »سمة خاصة« اعتمدت بشكل اساسي.. علي حوار متجانس.. يدور في كل فصولها.. من (كورس) يمثل الجماعة.. وبه صوت واحد مسيطر.. هو صوت غاندي.. يساعده في ذلك مجموعة ثانوية من الشخصيات الرئيسية التي اثرت في حياته.

الاوبرا »انقسمت إلي ثلاثة اجزاء« يحمل كل منها اسم داعية ثوري  وروجي.. له تأثيره وشخصيته وموقعه في ضمير الثورة علي الظلم والتعسف، الجزء الاول يحمل اسم (تولستوي) المفكر والروائي الروسي العظيم صاحب (الحرب والسلام) وموقعه من الظلم الاقطاعي في بلدان روسيا.. وكيف أو حتي بشكل مباشر للتيارات الثورية بالوقوف متحدية الظلم والاضطهاد.. سواء كان مصدره الاقطاع.. أو الاستعمار.. أو التمييز العنصري.

أما الجزء الثاني فيحمل اسم شاعر الهند الاعظم (راب ندرانات طاغور) الذي نادي برسالة روحية سابقة.. تقترب من الصوفية تأثر بها غاندي أي تأثر وسلكت جزء أساسيا.. من برنامجه الثوري الاخلاص الذي اعتمد اكثر ما اعتمد علي المقاومة السلمية وقوة الروح وقدرتها علي الصمود امام قوة السلاح.

أما الجزء الثالث، فركز علي رسالة المناضل الاسود الكبير مارتن لوثركنج، والذي ذهب ضحية اغتيال غادر.. من قبل قوي متعصبة بشأن غاندي نفسه الذي سيلقي نفس المصير.. لذلك جمعهما المؤلف، في بوتقة مؤثرة واحدة انهي فيها (رسالته) الروحية التي جعل من الاوبرا جسرا لهما.

هذه الاوبرا التي نقلتها دار الاوبرا المصرية مباشرة من قاعة المتروبوليتان الامريكية كانت مفاجأة للكثيرين.. سواء من عرف موسيقي جلاس قبل ذلك أم من لم يعرفها.

لكن الدهشة الحقيقية لم نأت من الموسيقي، بقدر ما جاءت من الاخراج المبهر والصورة البصيرية الاخاذة، التي قدمها.. والسينما لم تكف لحظة عن اثارة الاعجاب الذي وصل في أحيان كثيرة إلي درجة الاعجاز، سواء في حركة المغنين والمغنيات. والكورس. سواء في الاضاءة الخارقة للعادة.. أو في استعمال الدمن العملاقة أو في تنوع الازياء وبراعتها.. أو في اللجوء إلي  (ابداعات) اخراجية لم يسبق لنا أن شاهدنا مثيلا لها.. في العروض الاوبرالية.. لدرجة ان قوة الاخراج وخرافته وجمالياته الخارقة.. قد طغت أحيانا كثيرة علي الموسيقي نفسها.. بحيث تاه المتفرج به ما تراه عينيه وما تسمعه أذنه.

(ساتياجراها) وهو اسم الكتاب الروحي الذي استمد منه غاندي أغلب تعاليمه والذي حملت اوبرا (فيليب جلاس) اسمه.. درس حقيقي في الاخراج الاوبرالي.. درس لامثيل له في جمالياته الخارقة.. وفي الامكانيات اللامحدودة التي يمكن ان يتوصل إليها الفن الاوبرالي سواء في اسلوبه أو في مضمونه أو في الرسالة الروحية والجمالية التي يقدمها.

أخبار النجوم المصرية في

03/12/2011

 

سينمائيات

منتصف الليل في باريس حلم جميل

مصطفي درويش 

هذا فيلم اعجوبة بين الأفلام التي شاهدتها خلال السنة التي علي وشك الرحيل صاحبه » وودي آلن « المخرج الامريكي ذائع الصيت.

افتتحت به عروض مهرجان كان الاخير، وسط ضجة كبري ، سببها ظهور «كارلا بروني» في دور  مرشدة سياحية بالفيلم.

ومعروف ان «بروني» هي زوجة الرئيس الفرنسي «نيكولاي ساركوزي» .

وارجح الظن ان قبولها اداء دور صغير في الفيلم ، انما يرجح الي انه، والحق يقال، تغريدة في حب باريس.

» وودي « في فيلمه الخامس والأربعين،لايتحدث إلا عن جمال مدينة النور، في الحاضر، وفي الماضي القريب والبعيد..

فهو يبدأه بصور لمعالمها، الشهيرة في وضح النهار وحتي مجيء الليل، وسقوط الأمطار، تتابع امام الاعين، فاتحة لشهية المشاهدين.

مقدمة مبهرة لفيلم يتيح لمشاهده ان يعيش حلما جميلا، مليئا بالشوق والحنين، لم  يستمر سوي أربع  وتسعين دقيقة من عمر الزمان.

ولاغرابة في ان يكون كذلك، وهو من ابداع مخرج، متعدد المواهب، افلامه وان كانت كلها من نوع الملهاة، إلا انها مكتوبة بقلم ساخر، القصد منها كشف النقاب عما في شخص صاحب الفيلم من تناقضات، وعما في المجتمع المعاصر من سلبيات، وبخاصة ما كان منها متصلا. بطريقة الحياة الامريكية، وما تنطوي عليه من  غلوي في عبادة الشهرة والمال، وانجذاب محموم الي اقتناء الاشياء.

والغريب انه يمارس الاخراج، والتمثيل، منذ ستينات القرن الماضي، وله رصيد من الأفلام كبير ورغم ذلك لم يتح لنا في مصر، ان نشاهد منها في دور السينما، سوي فيلمين.

احدهما »آني هول« الفائز بجوائز اوسكار افضل فيلم ومخرج، وكاتب سيناريو مبتكر، وممثلة رئيسية «ديانا كيتون».. (1978).

والآخر «زهرة القاهرة الارجونية» (1985) وبينه وبين «منتصف الليل في باريس» اوجه شبه ، تجعله اقرب اليه في الروح، من أي من افلام «وودبي» الاخري.

ففي كلا الفيلمين يسطح خيال «وودي» الي حد انه في «زهرة القاهرة».. قد دفع  ببطل الفيلم الي الخروج من الشاشة اثناء العرض، متوجها الي متفرجة، معجبة به، لاحظ اقبالها علي مشاهدة فيلمه يوميا.

وبدءا من هذا اللقاء الغريب كل الغرابة، تتوالي احداث فيلم، كل مافيه، وليد خيال، جامح، بلا حدود ولاشطآن.

اما خيال «وودي» في «منتصف الليل في باريس» فقد دفع ببطل الفيلم «جيل» -ويؤدي دوره النجم «اووين ويلسون». الي نوع آخر من المغامرة.

ان يجد نفسه، اثناء تسكعه ليلا في شوارع باريس التي يعشقها، وبخاصة ما كان منها متصلا بباريس عشرينات القرن العشرين، حيث عاش، وعربد ادباء امريكيون، وهم في سن الصبا والشباب ، مثل »ارنسن هيمنجواي« وسكوت فيتزجيرالد» و«جرتورد شتاين».

يجد نفسه ،  وقد انتقل بسحر ساحر، الي باريس ذلك الزمن القديم، يلتقي بهؤلاء الادباء، وغيرهم من فناني عقد العشرينات، مثل المخرج السيريالي «لوبس بونويل» والرسام الصاعد الواعد «بيكاسو» يحتسي معهم الخمر، ويتبادل اطراف الحديث، ويرقص مع نسائهم «اكونجا»، وغيرها من رقصات ذلك الزمان.

وكما عاش بطل الفيلم معهم مبهورا ، لايصدق مايري ومايسمع، عشت معه مبهورا، اتمني الا ينتهي الحلم ولكنه ذهب شأن كل الاحلام!!

أخبار النجوم المصرية في

03/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)