حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مرزاق علواش:

السينما لا تصنع الثورات والرقابة صارت شيئاً مضحكاً

الدوحة - فيكي حبيب

رغم استقراره في باريس وانصرافه إلى العمل لمصلحة التلفزيون الفرنسي، لا تغيب الجزائر عن سينما مرزاق علواش، هو الذي لا يكاد يبتعد عنها قليلاً حتى يعود إليها مجدداً في فيلم لا يُمكن أن يمرّ مرور الكرام. ويقيناً أن علواش الذي يعدّ «أول سينمائي تجرأ على الحديث عن الواقع اليومي في الجزائر في فيلمه «عمر قتلته الرجولة»، استطاع لأكثر من 30 عاماً أن يعرّي المجتمع في بلاده من خلال أفلام تنبع من الهمّ الإنساني وتعبّر عن الواقع بكل ما يحمله من قسوة.

اليوم، وبعد سنتين على فيلمه المؤلم «حراقة» الذي صوّر فيه معاناة الشباب الجزائري لبلوغ «أرض الأحلام» الأوروبية، اختار علواش أن يعبّر عن الراهن، بلسان الشباب أنفسهم، فكان فيلم «نورمال» (طبيعي) الذي عرض أخيراً في مهرجان «الدوحة - تريبكا»، وفاز بجائزة أفضل فيلم عربي (مئة ألف دولار) لـ «مناقشته بشجاعة ما تشهده المنطقة من أحداث، وقمع الناس ومنعهم من حرية التعبير، وتصويره حالة الارتباك العامة، بأسلوب يتميز بالحرية والشجاعة والدفء»، كما قال رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في المهرجان، المخرج السوري محمد ملص.

«الحياة» التقت المخرج الجزائري في مهرجان الدوحة، وحاورته حول الفيلم وسبب اتجاهه ناحية الحراك السياسي في العالم العربي رغم أن تاريخ البدء في تصويره يعود إلى عام 2009.

·     من يشاهد فيلم «نورمال» يُلاحظ أن «حديث الثورة» طارئ عليه، وكأنك نسفت فكرة فيلمك الأساسية رغبة بأن يسير الشريط في ركب الحراك الشعبي في العالم العربي. فهل هذا الانطباع مبالغ فيه؟

- مرّ الفيلم بأكثر من مرحلة. وواضح أن الثورات لم تكن في بالي عند البدء في تنفيذه، خصوصاً أن انطلاقته تعود لعام 2009، إبان انعقاد مهرجان السينما الأفريقية في الجزائر. يومها فكّرت في أن أصنع فيلماً وثائقياً. ثم قلت لا. وسرعان ما بدأت الأسئلة حول مغزى الفيلم تتراءى أمامي، تماماً مثلما حاصرت الأسئلة شخصية المخرج الذي تجدينه في «نورمال». ولا أنكر أن هذه الشخصية هي انعكاس لشخصيتي، ولكن من طريق مخرج شاب. فجأة، حملت الكاميرا الصغيرة، وجمّعت عدداً من الممثلين الشباب، وقررت تصوير الفيلم. لم يكن لدي سيناريو، لكننا كنا نتقدم يوماً بعد يوم، وكنت مستمتعاً كثيراً بالتجربة، خصوصاً أنها تعبير عن السينما الحرة بكل تجلياتها. صوّرت لـ15 يوماً، ثم عدت أدراجي إلى فرنسا حيث أعيش، وعرضت اللقطات على المولّف الذي اشتغل على مونتاج فيلمي «حراقة»، ووجدنا أن لدي فيلماً كاملاً من ساعة ونصف الساعة. لكنّ نتيجة الفيلم لم تعجبني ولم أكن راضياً عنه إطلاقاً، فالسينمائي يشعر ما إذا كان فيلمه ناقصاً أو كاملاً، قبل أن يشعر به أي أحد آخر. كان هذا في نهاية عام 2009، وكانت لديّ مشاريع أخرى أهتم بها. من هنا وضعت الفيلم جانباً وانهمكت في العمل للتلفزيون الفرنسي.

الربيع قبل الربيع

·         هل نفهم من هذا أن الربيع العربي كان بمثابة «الباعث» الذي أعاد فيلمك إلى الحياة؟

- قبل الربيع العربي، دُعيت العام الماضي إلى الدورة الثانية من مهرجان الدوحة - تريبكا، وكان مبرمج الأفلام العربية في المهرجان شادي زين الدين سمع بالفيلم، فطلب مني أن أقدّم نسخة منه إلى صندوق دعم الأفلام. وبالفعل جئت مع فيلمي، وكان الجوّ غريباً في مكتب المنح، إذ لم أعرف مع من أتكلم أو من هو المسؤول، ومع هذا تركت نسخة من الفيلم، وقلت للموجودين: «سأترك هذه النسخة من أجل المنحة، ولكن لا تضيّعوها، فإن كنتم لا تريدون الفيلم أعيدوا النسخة إليّ». ثم ذهبت من دون ان أُعلّق آمالاً كبيرة، ونسيت الموضوع كلياً. وفي هذه الأثناء، انصرفت إلى أعمالي الأخرى، وصوّرت فيلمين للتلفزيون الفرنسي. الأول كوميدي خفيف، والثاني عن الحرب في الجزائر سيعرض العام المقبل. وفجأة، في أحد أيام تموز (يوليو) 2010، وردني اتصال من المهرجان، يُفيدني بأن «مؤسسة قطر للأفلام» ستمنحني مساعدة لإنهاء الفيلم. وهذا ما كنت طلبته بالضبط. بعد هذا الاتصال، أخذت «دي في دي» الفيلم، وشاهدته من جديد، وعلى الفور انتابني شعور بأنني أريد أن أرفض هذه المنحة، فعندما تكون القصة غير محبوكة جيداً، لا يسعك المضيّ قدماً في مشروعك. لكنّ منتجة الفيلم، كان لديها رأي آخر، وراحت تشجعني على ضرورة تنفيذه، معتبرة أن إجهاض الفيلم وعدم قبول مساعدة المهرجان، قد يقطعان الطريق أمام أي مساعدة أخرى لأفلامي في المستقبل. وبعد طول تفكير، طلبت منها التمهل، وعدم قبول المنحة على الفور، وقررت أن أتوجه إلى الجزائر، وأعرض الفيلم على الممثلين، لأتبين آراءهم فيه. وهكذا كان. عرضت الفيلم على الأبطال الذي لم يخفوا عدم رضاهم عنه. وعندها قررت أن أُعيد التصوير والانطلاق من الصفر. لكنّ أي إعادة لأحداث جرت في 2009، كانت ستُكبدنا مزيداً من الإنفاق، بما لا يمكن تحمّله. من هنا قررنا الانطلاق من الراهن، والنتيجة التي ترينها على الشاشة، ارتجلناها بفضل ذكاء الممثلين بعدما أعدت خلط الأوراق، إذ قررت أن أصوّر الصعوبات التي يواجهها السينمائي بعد إنجاز أفلامه من خلال شخصية رئيسة تلعب دوري كمخرج يجمع الممثلين معه ليعرف آراءهم في فيلم غير مكتمل. وهكذا وزّعت الأدوار. فهذا مخرج غير راضٍ عن فيلمه. وتلك كاتبة سيناريو تشاركه الحياة الزوجية من دون أن تتفق معه في آرائه العامة... إلخ.

كنا حينها في مطلع عام 2011، وكانت التظاهرات بدأت في الجزائر تزامناً مع ما كان يحدث في تونس ومصر. صوّرت المناقشات في جلسة واحدة من دون أن أدرك إلى أين سيأخذني الفيلم. وكان صعباً جداً على المصوّر أن يلاحق ذاك الذي يتكلم ويرصد في الوقت ذاته انطباعات الموجودين في الحلقة. وفي مكان ما، وجدت أن الممثلين لا يريدون أن يتكلموا عن الفيلم بمقدار ما يريدون التكلم عن الراهن وما يحدث من حولهم: الرقابة والانتماء الوطني ولماذا نخرج في تظاهرات ولماذا لا نخرج؟ وهكذا راح كل واحد من الممثلين يُدلي برأيه، وحتى الآن لا أدري ما إذا كان كل واحد منهم قال ما الذي يفكر فيه حقيقة أو أنه كان يمثل أمام الكاميرا؟ أنا تركتهم يتكلمون كما يريدون. وكانت النتيجة هذا الفيلم.

حوارات مرتجلة

·     إذاً، يمكن القول إن الحوارات في الجزء الذي يصوّر النقاشات بين الممثلين كانت مرتجلة، ولم توجهها إلى حيث تريد بالتركيز على خطاب سياسي وإهمال آخر؟

- كان الخط الرئيسي للفيلم يتمحور حول ممثلين يلتقون في حلقة نقاش للحديث عن فيلمهم: مساوئه وإيجابياته. عندما رحت أصوّر النقاش، وجدت أن الممثلين لا يريدون أن يتكلموا عن الفيلم. ومع هذا لم أقطع التصوير، حتى إنه يمكنك ملاحظة أن اثنين منهم لم يتكلما طوال دقائق الفيلم، وهذا دليل على أنني لم أوزع الأدوار بينهم لقول هذا الخطاب أو ذاك. تركتهم على سجيتهم، ولم أتدخل أو أوجه أسئلة محددة لأسمع الإجابات التي أريدها. فمثلاً، المرأة التي تلعب دور الرقيب في الفيلم الأساس، فاجأتني بحماستها السياسية. أما نبيل الذي يجسد دور بطل الفيلم، فكانت لديه مواقف أخرى، وعبّر عنها صراحة. منذ البداية كان هاجسي أن أترك لهم حرية التعبير. وهذا، لا يعني أن الفيلم لا يلزمني بشيء، بل على العكس، هو يلزمني، طالما أنني صوّرته، لكنّ المهم في الأمر كله، هو كونه ينفتح على تناقضات الناس، مؤكداً واقع أن الجميع لا يتفقون على رؤية واحدة. ومن دون أي تدخل مني، تحوّل الحديث ناحية التظاهرات، فالناس في الشارع، والعالم العربي يغلي. كان هناك جو يُنبئ بأن الأمور لن تعود إلى نصابها. وحاولت أن أصور كيف يفكر الناس بما يحدث من حولهم من حراك.

·     كيف تفسّر ميل الفيلم ناحية خطاب يرى أن التظاهرات في الجزائر لن تُفيد البلاد بشيء استناداً إلى تجارب قديمة، وتحديداً تظاهرات عام 1988؟

- ... ولكن هناك في الفيلم آراء أخرى، ويُمكن أن تلاحظي أن «ليلى»، مثلاً، تدافع بقوة عن حق النزول إلى الشارع. مرة أخرى أقول، لم أطلب من الممثلين أن يأخذوا هذا الموقف ويبتعدوا عن ذاك. الفكرة الأولى التي قادتني إلى هذا المشروع كانت الرقابة، فأنا كسينمائي ضقت ذرعاً بالرقابة بمختلف أشكالها. كل ما كان يجول في خاطري هو كيف أتكلم عن هذه الرقابة، وهذا أعترف به. أما الكلام في السياسة، فكنت أريد من خلاله أن أنقل تفكير عينة من المجتمع الجزائري. فمثلاً مشهد الشرفة حيث يلتقي الزوجان السينمائيان بشاب آتٍ من إحدى الحارات الشعبية، أردت منه أن يكشف ما الذي يدفع الشبان إلى التظاهر. كنت أعرف هذا الشاب جيداً، وهو ليس ممثلاً، من هنا سألته، هل أنت مستعد للوقوف أمام الكاميرا والإدلاء بما حدثتني عنه. وبالفعل استجاب، وهنا اخترعت هذا المشهد حيث يطرح عليه الثنائي الأسئلة وهو يخبرهما بمشاهداته وكيف كان الشبان يتجمعون ويخرجون للتظاهر. طلبت منهما أن يسألاه عن شارع القصبة الفقير، وهو بالمنـــاسبة شــارع تـــركي جميل جـــداً فـــي العاصمة، وعن رؤيته للاحتجاجات والديموقراطية ودور المرأة. كل ما قاله لم يكن مكتوباً، أو متفقاً عليه سلفاً. كما أن لا علاقة لي به. فما همّني في كلامه قوله إن التظاهرات السلمية التقليدية لم تعد تجذب الشارع الجزائري، وإن الاحتجاجات باتت تترجم في العنف. وهذا هو برأيي الخطر الأكبر في الجزائر. فنحن في مرحلة من العنف المباشر. كما أن الشبان وصلوا إلى طريق مسدود، وهناك شعور بأنهم فقدوا الأمل، خصوصاً أنهم ليسوا مسيّسين بل يتجهون أكثر فأكثر نحو الأصولية، ثم إن المشاكل تحاصرهم من كل حدب وصوب: مشاكل مخدرات، وعصابات يزداد عددها على طريقة الأفلام الأميركية. هناك حراك سلبي. لذا، أرى أن لكل بلد عربي خصوصيته، فما يحدث اليوم في سورية يختلف عما حدث في تونس أو مصر.

الخطوط الحمر

·         هل هذا ما أردت أن تقوله بالذات في فيلمك، أي أن الوضع في الجزائر لا يشبه ما يحدث في أي بلد عربي آخر؟

- كلا، هذا ما توصلت إليه، وأنا أصوّر الفيلم، علماً أنه لم يكن هدفي على الإطلاق. فمثلاً، لو أعطى أحد الممثلين في الفيلم البلدان العربية كمثال، لما كنت اقتطعت كلامه. فنحن، في الجزائر، ومنذ عام 1988 لدينا صحافة تتكلم في كل شيء. ويمكن القول إنها صحافة حرّة بين مزدوجين لأن هناك حتماً خطوطاً حمراً لا يجوز الدنو منها. ولكن في المقابل، بإمكان الصحافة أن تتناول التظاهرات أو أن تقف في صف القذافي أو ضده، وهذا يأتي في سياق الجدال الذي يحدث في العالم العربي. وهذا ما أردت أن أصوّره في الفيلم، خصوصاً أنني كنت في منتصف هذا النـــقاش عند التصوير، فلو لم تندلع الثورات والتظاهرات في العالم العربي أثناء تصــوير فيلمي، لكان النقاش اتجه إلى مكان آخر، خصوصاً إلى الرقابة ودورها في مجتمعنا.

·         إذاً، عندما أخذت المساعدة من مهرجان الدوحة، لم تكن الثورات المحرّك الذي قادك لنسف فيلمك الأول وتصوير فيلم داخل فيلم؟

- عندما أخذت المساعدة، قررت أنني سأصوّر شيئاً آخرَ، لأن الفيلم الأساس لم يعجبني. وبما أنه كذلك، فهذا يعني أنني سأقطع منه أجزاء كثيرة. وبما أنني لا أملك الإمكانات لإعادة تصوير أحداث جرت عام 2009، زمن الفيلم، قررت أن أتجه صوب فكرة تعبّر عن الراهن. ولو كنا في زمن مباريات كرة القدم، مثلاً، لكنت انجرفت إلى فكرة من وحي الأجواء. ولا أخفي أنني حين صعدت في الطائرة متوجهاً إلى الجزائر، لم أكن أدرك إلى أين سيذهب الفيلم. من هنا كان عملي استثنائياً. وقد أحببته كثيراً لأنه قادني إلى سنوات شبابي ومدرسة السينما والأسئلة حول كيفية صنع الأفلام. تعرفين، أنا عاصرت حقبة سينما الكاميرا المحمولة والسينمائيين التسجيليين الكنديين ومرحلة الأفلام الوثائقية وسينما الواقع وسينما القلم cinema stylo، لذا قلت في نفسي سأصنع فيلماً حراً من كل القيود.

·         ألا يخدم فيلمك في مكان ما الحكومة الجزائرية، خصوصاً في ما يتعلق بهامش الحرية الكبير الذي يكشف وجوده الفيلم؟

- لست في عقل الحكومة لأعرف كيف تفكر.

·         ولكن عندما يسمحون لكم بمعالجة هكذا مواضيع...

- لم يسمح لي أحد بمعالجة هذا الموضوع، فأنا صنعت الفيلم من دون أخذ موافقة أحد. هم كانوا يعرفون أنني سأقدمه في قطر، ولم يعترض أحد على ذلك. لذا أتمنى، وبفضل هذه الجائزة التي نلتها في المهرجان، أن نتمكن من عرض الفيلم في الجزائر. فما أتكلم عنه في الفيلم هو أننا وصلنا اليوم إلى مرحلة باتت فيها الرقابة مضحكة، إذ تجاوزها الزمن. فمثلاً، فيلم «حراقة» حاولنا جاهدين أن نعرضه ولو في صالتين في الجزائر، لكنه اليوم موجود في كل مكان من طريق الـ «دي في دي». حتى إن افلامي التي صوّرتها في فرنسا، ولم تعرض في الجزائر، تابعها الناس من طريق الفضائيات الفرنسية التي تصل إلى كل البيوت الجزائرية. في الواقع، لا يستطيع أحد بعد اليوم أن يوقف الصورة. لكنّ الخطر الأكبر هو مصادرة هذه الصورة من خلال الرقابة الذاتية.

في فيلمي لا أتكلم عن السياسة فحسب. هناك أيضاً المشاكل التي تواجه السينمائيين، ومنها مشكلة القبلة التي أضحت مثار جدل في السينما العربية. ولم يكن اختياري هذا الموضوع من قبيل الصدفة. فعندما كنت أصوّر فيلم «حراقة» رفض أحد الممثلين أن ينفذ مشهداً فيه قبلة. ثم خرج على شاشات التلفزيون وقال إنه ممثل ملتزم ولا يرضى بالتقبيل على الشاشة، ما أثار احتجاجات من حولي. هناك أيضاً هذه المشكلة في نمط التفكير، ويتجلى هذا في مشهد حلقة النقاش حين تنتفض زوجة الممثل على زوجها لأنه قبّل إحدى الممثلات في الفيلم الذي يناقشونه. كان هذا المشهد ارتجالياً، حتى إن المصور لم يستطع أن يتابع الممثلة ليصوّر رد فعلها كما يجب. وفي الحقيقة، جميع الممثلين كانوا جيدين. وقد استمتعنا في تصوير هذا الفيلم الصغير الذي يمكن أن يُنظر إليه كيفما كان، فالسينما لا تصنع الثورات.

·         السينما لا تصنع الثورات؟

- لا، قد تسير بموازاة الثورات لكنها لا تصنعها. وفي الواقع، كانت لي نقاشات كثيرة هنا في المهرجان، واكتشفت أن شباناً كثراً يحققون أفلاماً عن الواقع الراهن في المجتمعات العربية. ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد موجة أفلام حول الثورة. وهذا أمر جيد. فإن خرجنا من مرحلة أفلام ترتكز على البروباغندا إلى مرحلة أفلام بروباغندا معاكسة، سيكون هذا جيداً، إن أدى إلى نقاشات وأفكار مهمة.

·         ماذا يعني لك أن يكون فيلمك أول فيلم روائي طويل يُعرض في المهرجانات عن الحراك في العالم العربي؟

- لا أظن ذلك، أعتقد أن هناك أفلاماً أخرى سبقته.

·     على صعيد الأفلام الوثائقية، هناك أفلام كثيرة سبقت «نورمال»، أما في السينما الروائية الطويلة، (وإذا استثنينا فيلم «18 يوم»، بما أنه عبارة عن 10 أفلام روائية قصيرة، جمعت في فيلم واحد)، فإن فيلمك يصبح أول فيلم روائي طويل عُرض عن الثورة؟

- (يقول ضاحكاً) كان عليهم أن يسرعوا أكثر.

·         أين تصنف فيلمك بين السينما الروائية أو السينما الروائية - الوثائقية؟

- يبدو الفيلم أنه ينتمي إلى السينما الروائية - الوثائقية، لكنه ليس كذلك، لأن جميع المشتركين فيه يعرفون أنهم يمثلون أمام الكاميرا. هم ليسوا مارّة، تصادفينهم في الشارع، وتسألينهم آراءهم، حتى الشاب الذي جاء من خارج الفيلم، أعاد لقطته ثلاث مرات.

·         كيف تفسّر ميل أفلامك الروائية نحو الجانب الوثائقي؟

- أحب هذا النمط من الأفلام، كما أحب أن أصوّر من دون سيناريو أو إضاءة أو فريق عمل كبيراً. «نورمال» فيلم حر بكل ما للكلمة من معنى. حتى موازنته بسيطة جداً. ولا أبالغ إن قلت إننا أثناء تصويره كنا كمن يلعب في السينما.

الحياة اللندنية في

11/11/2011

 

أفلام العيد في فلسطين: كوميديا مصرية فقط

رام الله – بديعة زيدان 

كان الفلسـطينيون، على موعد مع فيلمين كوميدييــن مصريين في العيد، إذ استقبلت قاعات مسرح وسينما القصبة في رام الله، دار السينما الأبرز في فلسطين، فيلم «إكس لارج»، آخر أعمال نجم الكوميديا المصري أحمد حلمي الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الفــلسطينيين، وفيلم «أمن دولت» لنجم الغناء الشاب حمادة هلال، وكلاهما يندرجان في إطار الأفلام الكوميدية.

اقبال جماهيري

واللافت، وغير المفاجئ، في آن، أن فيلم حلمي حظي بإقبال جماهيري منقطع النظير، إذ احتشد الجمهور، وجله من الشباب، مع عدم غياب العائلات، في «طوابير» لحضور فيلمه، في حين لم يكن حضور فيلم «أمن دولت» سيئاً، بل كانت القاعات شبه ممتلئة، ولكن ربما كانت نجومية حلمي الطاغية، السبب في هذا الفارق، فهو الأول في فلسطين، وفق عدد من النقاد واستطلاعات الرأي على المواقع الإلكترونية الفلسطينية المنوعة.

وبعد النجاح الكبير الذي حققه حلمي، في عدد من أفلامه التي احتضنتها سينما القصبة في رام الله، ومن أبرزها «عسل إسود» و «كده رضا» و «زكي شان»، وغيرها، وبدرجة أقل «ألف مبروك»، و «بلبل حيران»، استطاع «إكس لارج»، الذي فاجأ به حلمي جمهوره الفلسطيني بطلّته غير المألوفة (قدم دور شخص بدين جداً) انتزاع إعجاب الجمهور الفلسطيني، خصوصاً أن رسالة الفيلم تنتصر للإرادة القوية، وأهمية التصالح مع الذات، إضافة إلى جرعة الكوميديا المبتكرة، والبعيدة من التهريج، والتي يتميز بها حلمي عن الكثير من كوميديي الألفية الثالثة في مصر والعالم العربي.

وهكذا، أبهر حلمي جمهور رام الله والمدن والبلدات المجاورة، بطلته المبتكرة، فكثيرون لم يميزوا في البداية، أن «مجدي» البدين هو أحمد حلمي ذاته، وهذا يعود لإتقان الماكياج، ليس فقط على صعيد الوجه، بل على صعيد الجسم بأكمله، فلم تبد أية عيوب فاضحة، كما في محاولات سابقة لفنانين آخرين.

والفيلم يتناول مشكلة البدانة المفرطة، وما يرافقها من مشاكل صحية، ومواقف اجتماعية محرجة، وكيف يتحول الأكل مع هؤلاء إلى نوع من الإدمان، فكما يقول «مجدي» أو حلمي، بات ارتداء الملابس وربط الحذاء وركوب السيارة وصعود الدرج، أمور في غاية الصعوبة، لكن الأكل هو الأمر الوحيد «السهل»، وأن العلاقة بينه وبين الطعام باتت علاقة حميمة، مشبهاً إياها بعلاقة المرء بزوجته التي يعشقها.

وكان لإيمي سمير غانم، التي شاركت شقيقتها دنيا، البطولة، مع حلمي، دور بارز، إذ أكدت أهميتها كفنانة كوميدية صاعدة، حتى إن بعضهم شبهها بالفنانة ياسمين عبدالعزيز، الأبرز بين الكوميديات في مصر.

أما نجم الغناء الشاب حمادة هلال، فقدم فيلماً يمكن وصفه بـ «الممتع»، فهو خلطة سينمائية تجمع ما بين الكوميديا ذات السطوة الطاغية، وبين الغناء والاستعراض، كما أنه لم يخلُ من رسائل سياسية، بخاصة عن تسلط جهاز «أمن الدولة» في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وعن «ثورة 25 يناير».

ويمكن القول إن فكرة فيلم «أمن دولت» تقوم على الدمج ما بين عدد من الأفلام المصرية الكوميدية، خصوصاً فيلم «الدادة دودي»، فـ «حسام»، وهو ضابط في «أمن الدولة»، يجد نفسه مسؤولاً عن رعاية خمسة أطفال، والدهم متوفى، ووالدتهم «دولت» (عزة بهاء الدين)، سفيرة في الأمم المتحدة، تلقت تهديدات من إسرائيل، لنيتها عرض تقرير في الهيئة الأممية، تكشف انتهاكات تقوم بها سلطات الاحتلال ضد حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيهب «حسام» لحماية الأسرة، وهنا تحصل مفارقات عدة، في حين تتقاطع شخصية الضابط «العبيط»، مع ما قدمه الفنان هاني رمزي في فيلمه «نيمس بوند»، و «أسد وأربع قطط»، ولكن برؤية مختلفة، وحبكة درامية مبتكرة.

انتصار الثورة

هلال الذي غنى لـ «25 يناير»، انتصر للثورة في فيلمه الأخير الذي ابتعد فيه من شخصية العاشق الولهان في شكلها التقليدي. كما قدم، أغنيتين بدأتا تنتشران في شكل كبير عبر «فايسبوك» و «يوتيوب»، ومن المتوقع انتشارهما جماهيرياً في الفترة المقبلة، بخاصة أن إحداهما تتعلق بحفلات الزفاف، والثانية بأعياد الميلاد.

الجمهور الفلسطيني، الذي كان على موعد في الأشهر الماضية، مع أفلام جادة، وذات قيمة عالية، قدمت في عدد من المهرجانات، مثل مهرجاني «إنسان»، و«قاوم» من تنظيم «الجمعية الفلسطينية للفنون السينمائية»، ومهرجان «سينما الشباب الدولي» من تنظيم جمعية المخرجين الشباب الفلسطينيين، لا يزال يهتم في شكل كبير بالعروض الكوميدية التي تحظى بإقبال جماهيري. وفي رأس القائمة تطل أفلام عادل إمام وأحمد حلمي، وبعض أفلام هاني رمزي ومحمد سعد الذي يعرفه الفلسطينيون باسم «اللمبي»، إضافة إلى أفلام «الآكشن»، وبخاصة أفلام أحمد السقا وأحمد عز وكريم عبدالعزيز، ولكن تبقى الغلبة لكوميديا عادل إمام وأحمد حلمي.

الحياة اللندنية في

11/11/2011

 

نوادٍ سينمائية لبنانية تُنشّط الصورة وتخلق جمهوراً وتحفظ الأرشيف

بيروت - محمد غندور 

بعد الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990)، واستقرار الوضع الأمني، لم تُول الدولة اهتماماً بالنشاط السينمائي، ولم تدعم المواهب الجديدة التي حاولت أن تُعبّر عن وجهة نظرها في الحرب. لذا كان مستحيلاً أن تُموّل وزارة الثقافة أي نشاط سينمائي، خصوصاً أنها من أفقر الوزارات في لبنان. بيد أن المواهب الشابة لم تيأس، فنجح بعضها في التواصل مع جمعيات أوروبية وتأمين الدعم المادي، فيما نجح البعض الآخر في إيجاد مصادر داخلية، لكنها لم تجد طريقها إلى صالات العرض اللبنانية، على اعتبار أن الفيلم اللبناني مهرجاني وليس جماهيرياً.

انطلاقاً من هنا حاول بعض المهتمين وبمبادرات فردية، إنشاء نواد سينمائية لاحتضان الأفلام الجديدة، وتعريف الجمهور على الأرشيف السينمائي الغني ما قبل الحرب وخلالها، ولاستضافة أعمال أجنبية وعربية في الوقت ذاته. استقطبت هذه المبادرات جمهوراً جديداً للسينما، خصوصاً الطلاب الذين وجدوا في هذه النشاطات ملاذاً لهم، كما نجحت بعض النوادي في تنظيم مهرجانات تطوّرت مع الوقت، وباتت موعداً سنوياً يترقبه النقاد والحضور.

تواصل مع الأجيال الجديدة

يقول مدير نادي لكل الناس نجا الأشقر: «ولدت فكرة النادي عام 1998، بعدما لاحظنا ضعف الحياة الثقافية في لبنان، وسيطرة الأزمة السياسية على عقول الشباب، لذا فضلنا التواصل عبر الثقافة مع الجيل الجديد، وفتح آفاق حوار أوسع من خلال السينما والصورة، خصوصاً أنك إذا أردت أن تتكلم عن تاريخ بلدك غير المكتوب، فالسينما أسهل الطرق».

ويضيف: «قصدنا الجامعات التي تُعنى بفن الصورة، وحاولنا مناقشة مواضيع تهم الطلاب، محاولين معرفة ميولهم وما يرغبون به، فكان أول الغيث، تنظيم مهرجان الطلاب الذي احتضن إنتاج طلاب السينما في الجامعة اللبنانية، ومن ثم شاركت الجامعات الخاصة في دورات تالية».

لم تتوقف نشاطات النادي عند إنتاج الطلاب، بل تعدت ذلك إلى تنظيم عروض وندوات وحوارات سينمائية مع أبرز المخرجين المحليين، وتكريم عدد منهم أيضاً، كمارون بغدادي وكريستيان غازي وجان شمعون ومي المصري ومحمد ملص.

لاقى المهرجان استحسان الجمهور وازداد عدد المشاركين فيه تدريجياً ورحب به النقاد، وبات موعده ثابتاً (آخر أيار/مايو من كل سنة)، ولم تعد تقتصر المشاركة على الأفلام المحلية، بل استضاف المهرجان عدداً من الأفلام العربية، إضافة إلى لجنة تحكيم وجوائز.

ومن نشاطات النادي أيضاً، عرض أفلام في مدن وقرى لبنانية لا تعرف شيئاً عن الإنتاج السينمائي اللبناني. ويوضح الأشقر أن النادي يواجه بعض المشاكل المادية، لعدم قدرته على تقديم النشاطات دائماً في المستوى ذاته، نظراً للمصاريف الكبيرة وقلة الدعم المادي، فالتمويل شبه ذاتي ولا يغطي التكاليف.

لذلك عمد النادي إلى مساعدة بعض المخرجين كبرهان علوية وكريستيان غازي وجان شمعون في توزيع أعمالهم ونشرها في لبنان والعالم، كما نقل أفلام هؤلاء المخرجين إلى أقراص مدمجة (DVD) ليتمكن الجمهور من شرائها، والمحافظة أيضاً على هذا الإرث السينمائي، على أن يكون له نسبة معينة من الإيرادات.

يعمل نادي لكل الناس على ثلاثة أجيال سينمائية مختلفة، الجيل السينمائي الجديد من خلال مهرجان الطلاب، وتكريم الجيل القديم، وتنظيم عروض شهرية لمخرجين جدد بالتعاون مع جمعية السبيل.

ومن أهم المشاريع التي يعمل عليها النادي، جمع أرشيف مارون بغدادي وإعادة إنتاجه وتوزيعه، وهو مشروع انطلق عام 2006 وسينجز نهاية الشهر الجاري.

يقول الأشقر: «جمعنا الأرشيف من وزارة الثقافة، ولكنه كان في حالة يرثى لها، وساعدنا في ذلك أصدقاء مارون وعائلته في باريس، ثمة أعمال لم يتسن لأحد الإطلاع عليها حتى الآن، وستكون جاهزة للتوزيع مع ترجمة، إضافة إلى فيلم قصير أعددناه مع فريق عمل كل فيلم».

ومن المشاريع البارزة أيضاً للنادي، إعادة طباعة وتنقيح كتاب «الحلم المعلق» عن سينما مارون للناقد إبراهيم العريس، أصدره عام 1994. وأضاف العريس بعض الفقرات على الكتاب، وسيكون هدية مع مجموعة بغدادي السينمائية الكاملة، إضافة إلى طبع سيناريو «زوايا» الذي أنجزه السينمائي اللبناني الراحل قبل وفاته، وقد يُصوّر قريباً في حال تأمّن الدعم المادي والمعنوي لذلك، على حد قول زوجة الراحل ثُريا.

كما وجّه مهرجان برلين السينمائي دعوة لنادي لكل النادي (يمثله نجا الأشقر) للمشاركة في أسبوع الفيلم اللبناني الذي يعرض خلاله بدءاً من الأسبوع الفائت أكثر من سبعة لبرهان علوية ومارون بغدادي، إضافة إلى عدد من الأفلام اللبنانية، ومشاركة لإبراهيم العريس في فعاليات الأسبوع خصوصاً أنه أرشف تاريخ السينما اللبنانية في كتابه الذي صدر أخيراً «الصورة الملتبسة».

إبداعات

واستكمالاً لما بدأه «نادي لكل الناس» ولكن من وجهة نظر مختلفة، تعمل جمعية ميتروبوليس التي تأسست عام 2006، على إبعاد الجمهور عن الأفلام التجارية، وتقديم ما ينتج خارج هوليوود، والتركيز على السينما البديلة أو المســـتقلة من أفلام عربية وعالمية.

وتقول مديرة الجمعية هانية مروّة إنها وفريق عملها يحاولان تعويد الجمهور على مشاهدة أفلام بسيطة من دون موازنات ضخمة، أو سيناريوات مكرّرة أو متوقعة، وإبعاد المشاهد عن الصورة النمطية للسينما. وتضيف: «نتوجه إلى جمهور تهمّه أفلام عربية بمواضيع شائكة، وإلى فئة تهتم باستكشاف الأرشيف اللبناني، أو لديها الحشرية للتعرف إلى إنتاجات أوروبا الشرقية».

وتتميز ميتروبوليس باستعادتها أبرز أعمال المخرجين الفرنسيين والإيطاليين والألمان، وتنظيمها «مهرجان الفيلم الوثائقي» والشراكة مع قناة arte الفرنسية لتزويدها بأفلام من إنتاجها، وشراكتها مع مهرجان «كان» السينمائي لعرض الأفلام التي تقدم خلال الدورات في بيروت أولاً، ومن ثم في باقي دول العالم.

ويُسجَّل للجمعية نشاطاتها الخاصة بالأطفال، إذ أبرمت اتفاقاً مع أكثر من 30 مدرسة لإرسال طلابها إلى قاعة العرض ثلاث مرات سنوياً، لمشاهدة أفلام والتعبير عن آرائهم فيها وانتقادها، بعد أن تكون إدارة السينما اتفقت مسبقاً مع الأساتذة على موضوع الأفلام ومدى إفادتها للأطفال. كما تتوجه الجمعية أيضاً إلى الأهالي، خصوصاً أنهم من يقررون ما سيشاهد أطفالهم.

وتوضح مروة أن برنامج «المصباح السحري» وهو ناد سينمائي خاص للأطفال بين عمر 8 و12 سنة، يستمر على مدار السنة بمعدل عرض شهرياً، وبدل مادي رمزي. ويُمنع الأهالي من دخول القاعة مع الأطفال الذين يناقشون مع مختصة كادرات التصوير وطريقة الإخراج والتقنيات التي استعملت في صناعة الفيلم. وتشير مروة إلى أنها تتفاجأ دوماً من قدرات الأطفال في تحليل الأحداث وفهم تفاصيل الفيلم، خصوصاً أن نادي «المصباح السحري» يعتبر الأطفال جمهوراً مهماً له رغباته ورؤيته النقدية، ودائماً مستعد لما هو عجيب.

أهل خارج الوطن

بعدما أنهى الشاب اللبناني بيار صراف دراسته الجامعية في الخارج، عاد إلى بيروت وكله أمل في تأســـيس نادي سينما، خصوصاً انه لاحظ مع عدد من أصدقائه انعدام النشاط السينمائي أواخر تسعينات القرن الماضي، فاجتمعوا مع مخرجين سينمائيين ونقاد، لتكوين فكرة عن واقع البلد الذي غابوا عنه لأكثر من 10 سنوات.

أسس صراف ورفاقه عام 2000، جمعية «نما في بيروت»، التي نظمت مهرجاناً حمل اسم الجمعية عام 2001، ولاقت الدورة الأولى نجاحاً وترحيباً من النقاد وإقبالاً من الجمهور، ما شجعه ورفاقه إلى المتابعة وتنظيم المشروع بطريقة احترافية لاحقاً، فأسسوا شركة إنتاج «نما في بيروت» وبات اسم المهرجان «مهرجان الفيلم اللبناني».

حاول صراف أن يقدم للجمهور ما هو جديد، وما لم يسبقه أحد إليه، فبحث عن مخرجين لبنانيين يعيشون خارج الوطن ليقدموا أعمالهم في بيروت، إضافة إلى العروض المحلية. ومن خلال البحث على شبكة الإنترنت، حظي بمخرجين يعيشون في فرنسا والسويد وأميركا وأستراليا والبرازيل، ونجح في استضافتهم وتعريف الجمهور على الإنتاج السينمائي اللبناني، إنما بعين بعيدة عن واقع الحياة اليومية. بعد نجاح هذه الخطوة، فتح المهرجان الباب أمام المخرجين العرب والأجانب الذين تناولوا لبنان في أعمالهم.

نُظم المهرجان بداية بأقل الإمكانات المتاحة، لذلك عانى من بعض المشاكل التنظيمية، بيد أن الشركة استطاعت لاحقاً تأمين الدعم من خلال شريكين في المهرجان، وبعض الرعاة الذين غطوا تكاليف المهرجان.

ومن النوادي التي ساهمت أيضاً في نهضة السينما في لبنان، جمعية بيروت «دي سي» التي تأسست عام 1999، لدعم ومساندة وإحاطة المخرجين والعاملين في حقل السينما العربية، والمـــساهمة في إنجـــاز أعمـــال مــبدعة وخلاقة نابعة من بيئتهم.

وتقول المسؤولة عن العلاقات العامة في الجمعية المخرجة زينة صفير أن الجمعية تعمل أيضاً على نشر الأعمال للجمهور العربي والعالمي من خلال شبكة علاقاتها المتفرعة عربياً ودولياً ومشاريعها المتعددة في حقل الإنتاج والترويج والتوزيع.

وتضيف: «نتوجه إلى محبي السينما وصانعيها عبر مشاريعنا الهادفة إلى تطوير السينما، لأن مشاريع «بيروت دي سي» مقسمة إلى ورش تدريب وعروض، إضافة إلى تنظيم مهرجان «أيام بيروت السينمائية» وإنتاج الأفلام، فلكل مهتم مكانه في أنشطتنا».

وثمة جهات خارجية تدعم نشاطات الجمعية، منها الاتحاد الأوروبي الذي يدعم مشروع «دوك ميد» لفترة 3 سنوات، وهو برنامج تدريبي قائم على أفكار مشاريع ويتناول الإنتاج الدولي المشترك للأفلام الوثائقية المستقلة. كما يتوجه البرنامج إلى المنتجين والمخرجين المنتجين في البلدان العربية المتوسطية الذين يطورون مشاريع طموحة على المستوى الدولي، لتمكينهم من العمل بطريقة مثلى في مجالات الأفلام الوثائقية والإبداع والتمويل.

وتوضح صــفير أنه من المهم تطوير فرص التواصل بين الدول العربية المعنية، وفتح فرص التعاون بينها والدول الأوروبية.

تتفق الجمعيات المذكورة أعلاه، على أن لا تنافس بينها، بل تعمل معاً على إنجاح مهرجاناتها وأنشطتها والتعاون في ما بينها، خصوصاً أن مبادرات كل جمعية واهتماماتها تختلف عن الثانية ولا تتعارض معها. ويتفق الجميع على غياب دور الدولة في دعم الأنشطة أو احتضانها، وأن غالبية المهرجانات التي تنظم هي بدعم من جهات أوروبية أو داخلية فردية.

الحياة اللندنية في

11/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)