حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تؤكد أن نجاح "المواطن إكس" فاق توقعات فريقه

شيرين عادل: أخيراً تخلصت من الرومانسية

القاهرة - “الخليج

في فترة قصيرة استطاعات أن تصبح واحدة من النجمات الشابات المتميزات خاصة مع تنوع أدوارها في السينما والتلفزيون وملامحها البريئة التي تحاول مقاومتها بأدوار بعيدة عنها حتى لا تحصرها فقط في شخصية الفتاة الرومانسية الهادئة . . إنها الفنانة الشابة شيرين عادل أو كما يطلقون عليها “شيري” التي التقيناها، فتكلمت عن النقلة الفنية التي تحققت لها في مسلسل “المواطن إكس” وسر حماسها له، وحقيقة الغيرة بين نجومه الشباب والمنافسة مع بقية النجمات اللائي قدمن في التوقيت نفسه أيضاً دور الفتاة القبطية، كما تتكلم عن خطواتها السينمائية وعملها مع النجوم الكبار وشائعات الحب الكثيرة التي تطاردها، وغيرها من الاعترافات في حوارنا هذا معها .

·         هل كنت تتوقعين نجاح مسلسل “المواطن إكس”؟

رغم ثقتي بالعمل ونجومه، لكنني بصراحة كنت قلقة وخائفة جداً خاصة أنه يعد أول مسلسل يتناول بشكل كبير أحداث الثورة المصرية وهذه كانت مسؤولية ضخمة بالنسبة إلينا جميعاً، وزاد من خوفي أن هناك أعمالاً أخرى تعجلت الحديث عن الثورة خاصة في السينما ولم تحقق النجاح لكن الحمد لله المسلسل حظي بنسبة مشاهدة ضخمة ونال إعجاب الجمهور والنقاد .

·         العمل لم يعتمد على نجم تلفزيوني لكنه اعتمد على مجموعة من الفنانين الشباب ألم يقلقك هذا أيضاً؟

هي بالفعل كانت مغامرة إلى حد ما لكن نجاح الأعمال التلفزيونية لا يتوقف فقط على وجود نجم كبير، كما أن معظمنا كانت له تجارب ناجحة من قبل سواء في السينما أو التلفزيون والجمهور يعرفنا جيداً، فالفنان الأردني إياد نصار حقق نجاحاً كبيراً من قبل في مسلسل “الجماعة” ويوسف الشريف له بطولات سابقة ومحمود عبد المغني ممثل موهوب وله أدواره المميزة وبالمثل عمرو يوسف وأروى جودة وأمير كرارة، وكان معنا سيناريو متميز وإخراج ذكي، ورغم أننا في الغالب نعمل معاً للمرة الأولى إلا أنه كان بيننا تفاهم كبير ورغبة في النجاح الذي تحقق بشكل فاق توقعاتنا .

·         لكن بعض الأخبار خرجت من كواليس العمل أثناء التصوير لتؤكد أنه كانت بينكم غيرة كنجوم شباب فما ردك؟

هذا الكلام غير صحيح، وإنما كانت هناك منافسة لصالح العمل لأن كلاً منا كان يريد أن يكون في أفضل حالاته أمام الكاميرا، ورغم ذلك لم تمنعنا المنافسة من مساندة ومساعدة بعضنا بعضاً، لأننا كنا ندرك أن نجاح أي منا لن يتحقق إلا بنجاح العمل ككل، وعن نفسي خرجت بصداقات كثيرة جداً من هذا العمل .

·         أيهما أفضل بالنسبة لك، العمل مع نجوم كبار أم مع نجوم جيلك؟

لا أحسبها بهذا الشكل وإنما الفيصل بالنسبة لي هو تقديم دور جيد سواء مع نجوم كبار أو مع نجوم جيلي، فأنا بالتأكيد حققت نقلات مهمة عندما عملت مع نجوم كبار مثل يحيى الفخراني وعادل إمام وعمر الشريف، وحققت أيضاً نقلة مهمة عندما عملت مع نجوم كوميديا شباب مثل محمد هنيدي وأحمد حلمي، ثم نجحت مع نجوم جيلي في “المواطن إكس” الذي خلّصني أخيراً من حصار أدوار الفتاة الرومانسية .

·         ألم تخشي عدم تعاطف الجمهور معك بسب أدائك شخصية شديدة التشاؤم في المسلسل؟

بالعكس أنا تحمست جداً للدور، لأنه كان بعيداً تماماً عن نوعية أدوار الفتاة الرومانسية الهادئة التي اشتهرت بها، خاصة أن تشاؤم الشخصية التي قدمتها في المواطن إكس مبرر درامياً، لأنها ترى واقع المجتمع صعباً لدرجة أنها لا تريد أن تنجب طفلاً حتى لا يعاني الظلم والفساد، وهذا النموذج موجود في مجتعنا وهناك كثيرات متشائمات جداً ويرفضن الإنجاب لهذا السبب .

·         كيف تقولين إن تشاؤم الشخصية كان مبرراً درامياً رغم أنها شخصية ثرية؟

هذا الغموض الذي شعر به الجمهور تجاه تلك الشخصية بدأ يتراجع بمرور الأحداث، عندما أصبحت الشخصية واضحة أكثر، لأنه ليس شرطاً أن يكون المتشائمون هم الفقراء فقط، وإن كان هذا الغموض نفسه هو الذي جذب الناس للتركيز أكثر مع الشخصية والتعلق بها وانتظار كل تفصيلة في الأحداث يمكن أن تكشف أكثر عنها .

·         وهل أنت على المستوى الشخصي تميلين أكثر إلى  التفاؤل أم التشاؤم؟

أنا بطبيعتي شخصية متفائلة وبعد الثورة أصبحت أكثر تفاؤلاً لإحساسي بأن مصر ستتغير للأفضل، وأن الشباب تحديداً سيكون لهم دور أكبر فيها .

·         أكثر من فنانة قدمت دور الفتاة المسيحية على شاشة رمضان الماضي أبرزهن مي عز الدين في آدم، ألم تقلقك المنافسة؟

أنا قدمت دور المرأة المسيحية بشكل غير مباشر، حتى إن كثيرين لم يشعروا بذلك إلا من خلال تلميحات ومواقف بسيطة، وهذا كان مقصوداً حتى نؤكد أنه لا فرق بين المسلمين والأقباط، مثلاً لم يكن شرطاً أن ارتدي الصليب طوال الوقت وفي كل المشاهد، لأن الفتيات المسيحيات أنفسهن لا يفعلن ذلك دائماً وأنا لي صديقات مسيحيات ولا يرتدين الصليب بشكل دائم، أما المنافسة مع الفنانات اللائي قدمن أدوار مسيحيات هذا العام فلم تشغلني لأن شخصيتي في “المواطن إكس” لم تكن تقليدية وكانت مختلفة تماماً عما قدمته الأخريات .

·         ماذا تقولين عن الجدل الذي أثير حول حقيقة تناول المسلسل شخصية الشهيد خالد سعيد؟

العمل لم يقصد تناول قصة خالد سعيد، لكن ربما يكون المؤلف قد استوحى من تلك القصة بعض الأحداث خاصة ما يتعلق بشخصية أحمد قاسم التي لعبها يوسف الشريف في المسلسل، وما لا يعرفه كثيرون أن المسلسل مكتوب قبل الثورة وعندما قامت تم تأجيله ثم تعديله ليناسب الأحداث، وساعد على سهولة التعديلات أن فكرة العمل نفسها كانت تتناول الفساد الموجود والذي كان أحد أسباب قيام الثورة.

·         تعملين في السينما والدراما ألا ترين هذا تشتتاً قد يحرق نجوميتك؟

طالما أقدم أدواراً ناجحة ومتنوعة فإنني لا أخشى فكرة حرق النجومية، خاصة أنني لا أشارك في مسلسلات كثيرة، كما هو الحال بالنسبة لفنانات أخريات، أما السينما فهي بالنسبة لي عشقي الأكبر ولذلك أختار أدواري فيها بدقة .

·         هل تشعرين بالرضا عن خطواتك فيها؟

راضية جداً فأنا شاركت نجوماً كباراً في أفلام مهمة حيث عملت مع النجمين الكبيرين عادل إمام وعمر الشريف في فيلم “حسن ومرقص” وهي فرصة تتمناها أي نجمة من جيلي، وعملت مع محمد هنيدي في “أمير البحار” ومع أحمد حلمي في “بلبل حيران” وأشعر بأنني أسير بخطوات ثابتة في السينما .

·         هل تحلمين بأن تقودك تلك الخطوات إلى البطولة المطلقة؟

من حقي أن أحلم بالبطولة المطلقة، فهو حلم مشروع لأي فنانة لكنني لا أتعجل هذا الحلم لأنني مازلت في بداياتي .

·         لماذا طاردتك مؤخراً شائعات حب كثيرة ربطت بينك وبين نجوم داخل الوسط الفني خاصة محمد عادل إمام؟

لا أعرف سبب هذه الشائعات، لكن كل فنانة شابة لم تتزوج بعد ينالها نصيب من مثل هذه الشائعات، ولذلك لا تقلقني والحمد لله كل خطواتي وعلاقاتي واضحة وعندما تكون في حياتي قصة حب سأعلنها.

الخليج الإماراتية في

09/11/2011

 

شعارهم "الفن أولاً" والتفاهم يسود

سمير ودلال ودنيا وإيمي عائلة كوميدية جداً

القاهرة - المعتصم بالله حمدي:  

لاشك في أن الجينات الوراثية تلعب دوراً مهماً في تحديد ملامح وهوية كل إنسان، ولذلك لم يكن غريباً أن تلفت الفنانتان دنيا وإيمي الأنظار بشدة منذ دخولهما الوسط الفني، فوالدهما هو الفنان سمير غانم ووالدتهما هي الفنانة دلال عبدالعزيز .

وكانت عائلة سمير نموذجاً للتألق الفني، فموهبة كل فرد فيها لا يختلف عليها أحد، والفترة الأخيرة شهدت نجاح كل أفراد العائلة في مجالات عدة سواء في التمثيل أو تقديم البرامج، وكذلك الإعلانات التي تضمنت غناء واستعراضات .

اللافت أن النقاش مع عائلة سمير يغلب عليه طابع الكوميديا، كأنه الشعار الذي ترفعه، والتفاؤل إحدى السمات الأساسية لشخصيتهم الإنسانية، وهذا ما نتأكد منه من خلال الحوار التالي الذي يكشف كواليس حياتهم الفنية .

 “يا ماما المفروض أنت وميرفت تستضيفوا أحمد حلمي وأحمد مكي في البرنامج”، جاءت هذه الجملة من إيمي لوالدتها دلال في سياق الحديث عن البرنامج التلفزيوني “مساء الجمال مع ميرفت ودلال”، وبدا واضحاً أن إيمي متابعة جيدة للبرنامج فقد ناقشت والدتها في تفاصيل دقيقة تخص البرنامج .

وهنا كان سؤالي لأيمي: من الواضح أنك مذيعة ماهرة قد تتفوق على والدتها؟ وجاء الرد سريعاً: طبعاً أمي متميزة جداً فهي تتفوق على أوبرا وينفري، ولكني لابد أن أعرض لها سلبيات البرنامج قبل إيجابياته لأننا تعودنا على ذلك في كل الأعمال التي نقدمها، فنحن نستشير بعضنا بعضاً حول الأعمال التي نشارك فيها ونخاف كثيراً على أنفسنا واسمنا الفني .

وقالت دلال إنها عودت دنيا وإيمي على أن تتحدثا معها في كل أمور حياتهما، ومن المنطقي أن تستشيراها في الأعمال الفنية التي تعرض عليهما، كما أنهما تقصان عليها حكايات عدة لأخذ رأيها على اعتبار أن خبراتها أكبر .

إيمي قاطعت والدتها، وأوضحت أن والدهما سمير غانم أيضاً شريك أساسي في جلسات المنزل حول أعمال الأسرة الفنية، كما أنه يتناقش معهن قبل دخوله أي تجربة جديدة، حتى إنه قبل استضافته في البرامج التلفزيونية يأخذ آراءهن حول قبوله الظهور أم لا، وكان آخر هذه البرامج “رولا شو” الذي استضافته فيه رولا سعد على شاشة تلفزيون “الحياة” .

الفنان سمير غانم بدوره أكد أنه يتناقش مع دنيا وإيمي في الأدوار التي تقدمانها ولكنه لا يتدخل فيها، بمعنى أنه يثق بموهبتهما، ويدرك جيداً أنهما تعرفان جيداً مصلحتهما وخبرتهما الفنية ليست بقليلة خاصة أنهما عاشقتان للفن .

سمير لم يكن مندهشاً لتألق دنيا في التمثيل، فموهبتها لافتة منذ صغرها ولكنه فوجئ بتميز إيمي فهي لم تكن تنوي احتراف التمثيل، لأنها إنسانة خجولة للغاية وكانت تمثل في البيت فقط ببراعة شديدة وهي “كوميديانة”  قديرة .

وتوقع سمير أن تتفوق دنيا وإيمي على سمير ودلال، وهذا ليس مجاملة منه لهما ولكن الحقيقة تفرض نفسها والجمهور يتواصل معهما بشدة، لأنهما تقدمان أدواراً متنوعة، كما تدركان متطلبات الجيل الجديد، وهو شخصياً عندما يتابع أعمالهما الفنية يشعر باستمتاع شديد حتى إنه شاهد مسلسل “الكبير قوي” أكثر من مرة لتألق دنيا فيه .

دنيا قاطعت والدها قائلة: “لا يا سمورة أنت لا تقول الحقيقة، فالحلقة الأخيرة من “الكبير قوي” كانت أفضل حلقات العمل لأنك ظهرت كضيف شرف فيها وقدمت سيمفونية كوميدية، لاقت استحسان الناس”.

وأشارت دنيا إلى أن والدها يصنع جواً من البهجة في الأعمال التي يشارك فيها خاصة أن خفة دمه تسيطر على كواليس التصوير، وقبل ظهوره مع والدتها دلال وميرفت أمين في برنامجهما على تلفزيون “الحياة” أخبرها بأنه سيجعل دلال تندم على استضافته من خلال المواقف المضحكة التي سيفعلها .

إيمي أوضحت أنها لا يمكن أن تتفوق على سمير ودلال، “لأنهما بارعان في التمثيل ولكنني تفوقت عليهما في تدبير المقالب والمفاجآت الكوميدية داخل البيت”، حتى إن سمير أصبح لا يصدقها ولا يعرف إن كانت تمزح أو تتحدث بجدية .

دلال نظرت إلى دنيا وقالت: أنت تفوقت علينا جميعاً، ولابد أن تحافظي على موهبتك ولكن عليك أن تراجعي نفسك في كسلك الغنائي، لأن صوتك رائع ولم يصل إلى الناس بالشكل المناسب .

دنيا ردت وأوضحت لوالدتها أن المشكلة ليست فيها، ولكن في عدم وجود شركات إنتاج تدعمها نظراً لأن الخسائر المادية أوقفت نشاط العديد منها بسبب سرقة الألبومات وقرصنتها .

إيمي طالبت والدها سمير بأن يكون هو منتج ألبومات دنيا قائلة: “يا سمورة هذه هي فرصتك، دنيا نجاحها مضمون وهتكسب من صوتها الملايين” .

سمير رد عليها، مؤكداً أنه لا يصلح منتجاً فهو تاجر غير ماهر، ثم إن دلال هي الأولى بهذا المشروع، لأنها سيدة أعمال من الدرجة الأولى .

وعندما سألنا سمير عن توقعه بمدى نجاح فيلم “إكس لارج” الذي تشارك فيه دنيا وإيمي، وجدته يعرف كل شيء عن الفيلم وبالتحديد دورا ابنتيه، وأكد أنه يثق بتحقيقه إيرادات عالية .

دنيا أوضحت أن العائلة تتناقش في كل دور يعرض على أفرادها في شكل أشبه بورشة العمل، والرأي النهائي يكون جماعياً وليس فردياً، وهناك بعض الأدوار تم رفضها بأربعة أصوات لأنها على رأي والدها “أعمال من كوكب ثان” .

دلال قالت إن دنيا وإيمي “تأثرتا بوالدهما أكثر منها، ولذلك فإن أعمالهما الكوميدية هي الأكثر نجاحاً، كما أنهما ورثتا خفة الدم والصوت الجميل” .

إيمي رفعت يدها سريعاً وقالت لوالدتها: تقصدين دنيا فصوتها جميل أما أنا فأتحدث أصلاً بصعوبة .

دنيا تمنت “أن يكون هناك عمل فني مشترك يضم أفراد الأسرة، ويناقش العديد من أمور الحياة خاصة أن هذا المشروع دائماً ما يكون محور نقاش بيننا في المنزل، ولكنني متأكدة أنه سيأخذ وقتاً طويلاً في التصوير، فلا أحد سيستطيع مقاومة مقالب إيمي وكوميديا سمير” .

وهنا كان سؤالي: من منكم سيكون الأعلى أجراً في العمل المشترك؟

- دلال أجابت قائلة: بالتأكيد أنا وسمير ولا تنس أننا الخبرة .

وتمنت دلال في النهاية أن تحقق دنيا وإيمي المزيد من النجاحات وتقدمان أدواراً جيدة لم ينجح والدهما ووالدتهما في تقديمها لظروف ما، معتبرة نجاحهما بمثابة نجاح للأسرة كلها، كما أبدت سعادتها بالصداقة والتفاهم الجميل بين دنيا وإيمي، وأيضاً روح الديمقراطية التي تعيش فيها الأسرة جعلت هناك مناخاً فنياً رائعاً يساعد على الإبداع .

الخليج الإماراتية في

09/11/2011

 

ارتباك خيارات المخرج يفسد طموح 'المسافر'

كتب ـ محمود عبدالرحيم  

يبدو أن خوض ماهر تجربة الفيلم الروائي الطويل الأول بإمكانات ضخمة بعد عدة أفلام قصيرة ناجحة، أغرته بالشطط في التجريب.

فيلم "المسافر" للمخرج احمد ماهر واحد من الأفلام المثيرة للجدل، ليس فقط لرعاية وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني له دون غيره، ورصد ميزانية إنتاجية ضخمة له تكفي لإنتاج عدة أفلام، ولا التردد غير المبرر في عرضه داخل مصر، والتركيز فحسب على مشاركته في المهرجانات الدولية، وإنما كذلك في الاستقبال غير المرحب به من الجمهور المصري، ورفعه سريعا من دور العرض، ما يعني ببساطة أن صانعه تغاضى عن عنصر المشاهد المحلي في معادلة هذا العمل، والذائقة الفنية التى يمكنها استيعاب هذه التجربة، حتى لو لجأ المخرج إلى كسر المألوف في البناء الدرامي، فالعبرة في التلقي بالإطار الدلالي المشترك بين القائم بالاتصال والمتلقي، حتى يمكن التفاعل، وحتى تصل الرسالة وتحدث أثرها.

لكن يبدو أن خوض ماهر تجربة الفيلم الروائي الطويل الأول بإمكانات ضخمة بعد عدة أفلام قصيرة ناجحة، أغرته بالشطط في التجريب، ومحاولة صنع فيلم كبير يتجاوز قدراته وخبراته الفنية، وربما "هوس العالمية"، وصنع فيلم يمثل مصر في الخارج كان أحد مربكات هذا الفيلم المرتبك على المستوي الفني والفكري والممسوخ الهوية، رغم الإلحاح على استعراض مصر بشوارعها وسواحلها ومعالم حضارتها القديمة والحديثة وحقبات تاريخها المختلفة، لكن بعين سائح أو على نحو أقرب إلى الدعاية السياحية المستفزة، والتي أخذت مساحات على الشاشة بشكل مسرف، تماما مثلما تم الإسراف في شريط الصوت بشكل غير مبرر إلا من زاوية مغازلة جمهور المهرجانات، وإعطائهم فرصة للتعرف على الأغاني المصرية التراثية والحديثة التي يستمر بعضها عدة دقائق على الشاشة، ومقاطع من القرآن والتواشيح الدينية والآذان بشكل متتابع، دون توظيف جيد إلا قليلا، وفي أحيان كثيرة بشكل مبالغ فيه ومزعج للغاية، يقود إلى الملل وبطء الايقاع، والانفصال عن أجواء العمل.

ويبدو ارتباك "هوية الفيلم" مرتكزا أساسيا في تحليله، وتفسير اغترابه عن الجمهور، فمن الصعب الإمساك بالهوية المصرية في هذا العمل، رغم أن كاتبه ومخرجه مصري، ورغم أنه إنتاج مصري، وتدور أحداثه على أرض مصرية.

فالبطل حسن الذي قام بأداء دوره في الجزئين الأول والثاني خالد النبوي، وفي الجزء الثالث عمر الشريف، ويعد محور الأحداث، من الصعب تلمسه في الواقع في شخصية مصرية، ذلك الشخص الضعيف المتردد الذي يعمل موظفا ببريد بورسعيد، ويقوم بمغامرات تتجاوز طبيعة تركيبته النفسية والبدنية، إذ يركب حسن البحر ليلتقي بفتاة أرمنية لا يعرفها ليمارس معها الجنس بعنف على ظهر مركب يحفل بأجواء العالم المخملي لقصور الطبقة الاستقراطية، منتحلا شخصية حبيبها بالمراسلة فؤاد، الذي سرعان ما يظهر فتترك نورا المخادع العنيف لتتزوج بالآخر، ثم يقوم حسن بإحراق المركب ويختفي، لنراه في الجزء الثاني، وهو يلتقي بابنة الأرمنية التى يُحتمل كونها ابنته ليساعدها في دفن أخيها، ثم يختار لها عريسا معتوها، بعد أن يمارس معها الجنس، وسط تجاور الفرح والعزاء ذي الطابع الهزلي، ثم اشتعال النيران، وعدم معرفة ما إذا كانت العروس قد غرقت في بحر الاسكندرية أم لا؟

وفي الجزء الثالث يظهر في القاهرة وهو يبحث عن الشاب الذي لا نعرف هل هو حفيده أم ابنه؟! ليستعرضا معا حكايات الخال ومغامراته التي أودت بحياته، والتي يسعى حسن أن يقلد إحداها، ومنها مواجهة القطار القادم على جسر فوق النيل، والقفز للماء قبل أن يدهسه، رغم أنه عجوز تجاوز السبعين ولا تتناسب مثل هذه التجارب مع مرحلته العمرية.

وثمة ارتباك آخر نلمسه على المستوى الأسلوبي، فالمخرج لم يحسم أمره على ما يبدو في اختيار الأسلوب الذي يعالج به فكرته، هل الواقعية أم الفنتازيا؟ فكانت النتيجة منطقة وسط بين الواقعية غير المقنعة والفنتازيا غير المحكمة، وهذا سبب من أسباب إعاقة التلقي.

ويبدو أنه كان ينتوي استخدام تقنية "الفلاش باك" لإستعراض تاريخ البطل في اللحظة التي كان يواجه فيها الموت غرقا في نهاية الفيلم، ثم تراجع ليجعل الفيلم يأخذ خط التصاعد الدرامي التقليدي من الماضي إلى الحاضر، وهو ما لم ينسجم مع طبيعة بنية هذا الفيلم، الذي لو تعامل مع تفاصيل أحداثه كحالة حلم وتخيلات ومكبوتات العقل الباطن، لكنا إزاء عمل متسق ومتماسك، غير مترهل كما في حالته الراهنة التى لا تعدو كونها ثرثرة بصرية تبحث عن اطار دلالي.

وتأتي حالة الإرباك أيضا، من الإشارات الزمنية التي على ما يبدو أراد بها المخرج تحميل الفيلم بأبعاد سياسية لا وجود لها في سياق العمل وبنيته، مثل عنونة فصول الفيلم الثلاثة بأزمنة تحمل دلالات تاريخية كبري مثل حرب 1948، ثم حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، ثم أحداث تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

وكأن المخرج يريد متعمدا للجمهور والنقاد أن يُسقطوا أشياء على الفيلم تذهب به أبعد من اطاره، وتدخله منطقة جدلية، في حين أن الفيلم بنيته الرئيسة بسيطة للغاية، لا تتجاوز مغامرة جنسية أتاحتها الصدفة، تشبع الرغبة المحمومة لشاب يبدو محافظا وبلا تجارب، ثم إعادة التجربة مع ابنة الفتاة التى لم يستطع أن يحتفظ بها، كنوع من التعويض، خاصة وأنها تشبه أمها، وتستدعي إليه مذاق التجربة الأولى، إلى أن نراه يغازل الطبيبة الشابة ويتحسر على شبابه الضائع في الجزء الثالث، ونظرة الاشتهاء بعد إنقاذه من الغرق في المشهد الأخير لثدي المرأة المرضعة.

وهو الأمر الذي لا يستوجب اعطاء تلك التجربة أبعادا فلسفية مبالغا فيها، ودلالات متعددة لا أثر لها، وإن سعى مخرجه أن يضعه في دائرة الجدل المصطنع والتأويلات المتجاوزة لحجمه الفني المتواضع، باصطناع رموز على الهامش كانت عبئا على العمل، وليس ميزة، سواء بالعناوين التاريخية أو بتعدد الأمكنة والأزمنة، أو لقطات للمصلين في الشارع أو مشاهد مفتوحة أو متجاوزة للواقع كمشهد الخيول التي تقفز في المياه أو الحمام الذي يحلق في شقة حسن أو مشهد العروس في الماء، ومشهد حسن وهو يغرق في النيل متأملا، وبجواره جثة طفل رضيع، والحرائق المتعددة.

وحين نعلم بإعادة المونتاج أكثر من مرة وحذف أكثر من ساعة كاملة، وإمكانية حذف أخرى ندرك مدى الإرباك في هذا العمل وتواضع مستواه البنائي، مع ضعف أداء الممثلين المفتقدين للاقناع، خاصة خالد النبوي وعمرو واكد وسرين عبدالنور، وعدم تألق سوى عمر الشريف ومحمد شومان.

وإن كنا نلمس جماليات للصورة وحرفية في الاضاءة، فأخشى أن اقول إنها ربما تعود لمدير التصوير الايطالي، أكثر ما تحسب للمخرج المصري الذي كان طموحه الجارف، والاغراءات التي توافرت له، وراء كبوته الفنية وصنع "تجربة عبثية" مليئة بالافتعال والمبالغات، لا تعبر عن عبث الحياة أو اللامعقول فنيا.

محمود عبدالرحيم ـ كاتب صحفي وناقد مصري

mabelreheem@hotmail.com

ميدل إيست أنلاين في

09/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)