حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

برايس دالاس هوارد: حياتي عائلتي والتمثيل

باريس - نبيل مسعد

نزل إلى الصالات السينمائية العالمية فيلم «الخدم» الأميركي من إخراج تيت تايلور وإنتاج شركة إيميجنيشون أبو ظبي، والفيلم مأخوذ عن الرواية الناجحة التي تحمل العنوان نفسه والتي كتبتها كاثرين ستوكيت حول الوضع الذي عاشه زنوج أميركا حتى ستينات القرن العشرين، خصوصاً في الجنوب حيث لم يتمتعوا بأي حقوق سوى العمل كخدم في بيوت العائلات الثرية لقاء أجر زهيد ومعاملة سيئة في معظم الأحيان.

الفيلم من بطولة نخبة من الممثلات الرائدات بينهن برايس دالاس هوارد (30 سنة) القادمة أصلاً من عالم المسرح الكلاسيكي حيث أدت، منذ طفولتها، أجمل الأدوار في أعمال لشكسبير وموليير وبيرانديللو، قبل أن تهتم بها السينما على يد المخرج الأميركي الهندي الجذور نايت شيامالان الذي اكتشفها فوق الخشبة فمنحها بطولة فيلمه «القرية» إلى جوار النجمة سيغورني ويفر، ثم عيّنها من جديد في فيلم «الفتاة والماء». كما أن هوارد حلت مكان نيكول كيدمان في الجزء الثاني من فيلم «دوغفيل» وعنوانه «ماندرلاي» للسينمائي الدنماركي لارس فون تراير، متولية بعد ذلك البطولة النسائية في فيلمي «سبايدرمان 3» و «ترمينيتور الإنقاذ». وهي في «الخدم» تؤدي شخصية إمرأة شريرة لا ترحم من يعملون في خدمتها، بل تفعل كل ما في وسعها لإلحاق الأذى بهم. وفي فيلمها المقبل «نصف نصف» الذي سيعرض قريباً، تمثل هوارد أيضاً دور إمرأة خائنة لا تتردد في ارتكاب حماقات في حق أقرب الناس إليها. والجدير ذكره أن برايس دالاس هوارد هي إبنة السينمائي الهوليوودي المعروف رون هوارد مخرج فيلم «دا فينشي كود» وأعمال أخرى.

وفي باريس حيث جاءت هوارد لتحضر العرض الافتتاحي أمام الإعلام لفيلم «الخدم»، التقتها «الحياة» وحاورتها.

·     تؤدين في كل من فيلمي «الخدم» و «نصف نصف» دوراً يعتمد إلى حد كبير على السلبية والشر وثقل الظل، ألا تنوين تغيير هذه العادة، علماً أن العدد الأكبر من أدوارك، خصوصاً في الفترة الأخيرة، اعتمد على العنصر ذاته؟

أنا أقبل ما هو معروض علي، صحيح أن الفنان الذي يثبت قدرته على أداء شخصية من نوع ما، غالباً ما لا يتلقى من بعدها إلا العروض الشبيهة لها. أعترف بأن الأمر مؤسف وهو يدل على انعدام الخيال الذي يتميز به أهل السينما من منتجين ومخرجين، لكنني كممثلة عاجزة عن تغيير الأوضاع، فأنا في حاجة إلى أن أعمل، لذلك لا أرى أي فائدة من وراء الرفض. لكن دعني ألفت انتباهك إلى نقطة مهمة في مشواري الفني وهي أنني فعلاً أمثل شخصيات شريرة في بعض الأحيان، وإنما دائماً قوية وتتطلب قدرة فنية ليست سهلة. وفي ما يخص «الخدم» و «نصف نصف» لا أشكو من أي شيء اطلاقاً لأن دوري في كل منهما من أجمل ما تسنى لي تقديمه فوق الشاشة حتى الآن.

·     ولكن هل أنت واعية بكونك ربما لا تحصلين بالمرة على أي لون مختلف من العروض طالما أنك تقبلين هذه الأدوار في شكل مستمر؟

أنا واعية بأن الموضوع يشبه الحلقة المفرغة، بمعنى انني إذا وافقت على الأدوار المطروحة أمامي فسأتخصص أكثر وأكثر في نوع محدد على حساب غيره ومن ناحية ثانية إذا رفضت العمل لن يفيدني موقفي في أي شيء.

·         وما الحل في رأيك على المدى الطويل؟

أنا في الحقيقة بدأت أغير في نوعية أدواري على رغم ان الجمهور العريض لا يلاحظ هذا التعديل بعد ويركز انتباهه على الناحية السلبية في الشخصيات التي أؤديها وحسب. والذي حدث هو انني بعدما كنت أمثل الأدوار الجادة المبنية على المزج بين جاذبيتي وشراستي مثل ما فعلته في «ماندرلاي» وأيضاً إلى حد ما في «الفتاة والماء»، أصبحت الآن أشارك في أفلام لا يزيد فيها موضوع المزج الذي ذكرته عن كونه نقطة واحدة من النقاط الكثيرة التي تشكل شخصية البطلة. وهذا هو الحال في «الخدم» وفي «نصف نصف». وما أفكر فيه وأتمناه لنفسي في المستقبل هو لفت الانتباه إلى قدراتي التمثيلية الفكاهية مثلاً من خلال أدوار لا علاقة لها بما فعلته حتى الآن.

·         قبل تخصصك في أدوار الشر، مثلت دور فتاة ضريرة في فيلم «القرية». فأين كمنت الصعوبة في هذا الصدد؟

إن الصعوبة الأساسية بالنسبة إلي أتت من التصرف مثل الضريرة في مواجهة الكاميرا، علماً أنها تلتقط أدق تعبيرات وجهي، وهذا شيء أخافني بالنسبة الى ما يحدث في المسرح حيث يجلس المتفرج على مسافة مهما كانت قريبة، لا تسمح له بمراقبة كل حركة طفيفة وحتى إذا حمل معه إلى المسرح منظاراً مكبراً. فالكاميرا تضخم الملامح عشرات المرات فوق الشاشة، ما يتطلب من الممثل التزام الحيطة بطريقة دقيقة جداً. أنا أخذت وجود الكاميرا في الاعتبار في البداية ويبدو أن المخرج شيامالان لاحظ مدى ارتباكي فقرر تصويري عن مسافة بعيدة بعدسة مكبرة حتى أشعر وكأنني أمثل من دون أي مراقبة. وأنا الآن أشكره على ما فعله وأعترف بأنه تصرف بذكاء لمصلحة الفيلم ومن أجل راحتي الشخصية.

·     المسرح هو أول من فتح أمامك باب الشهرة، فهل تنوين الاستمرار فيه أم أن السينما حلت مكانه جدياً ونهائياً في حياتك المهنية؟

لقد اشتهرت فعلاً فوق الخشبة وفي مسرحيات كلاسيكية لكبار المؤلفين، وشاركت أيضاً في أعمال فكاهية اجتماعية قبل أن تستدعيني السينما وتقدم لي فرصة الظهور في أفلام جيدة من الصعب عليّ أن أرفضها. وحالياً أقول إن الشاشة الكبيرة تستهويني أكثر وأكثر... وطالما أنني أعثر على إمكانات لإشباع رغباتي السينمائية لا أفكر بالمرة في معاودة أي نشاط مسرحي آني. وربما أنني سأغير رأيي إذا وقعت على نص جديد لمؤلف طريف يغريني ويتضمن الحسنات التي تحلم بها أي ممثلة من حيث جمال القصة وقوة الدور المطروح. وفائدة السينما أنها تجلب الشهرة على المستوى الدولي في الوقت الذي تظل السمعة المسرحية محصورة في الإطار المحلي.

·         هل تنوين العمل في أحد أفلام والدك المخرج السينمائي رون هوارد؟

نعم، خصوصاً أنني ظهرت في أفلام أبي وذلك في أدوار صغيرة جداً وأنا بعد صبية، وكثيراً ما أتحدث معه عن هذه الإمكانية، وهو يشاركني رغبتي في أن نعمل معاً، إلا أن الفرصة لم تتقدم بعد. لكن المشروع قائم ولا بد من أن يتبلور في المستقبل.

النوم والجمال

·         أنت تديرين رؤوس المتفرجين السينمائيين، فما سر حفاظك على هذا الجمال الصارخ؟

لا أدري إذا كنت فعلاً أتمتع بجمال صارخ، لكنني أحافظ على ما أملكه من هذه الناحية بطريقة سهلة تتلخص في النوم ثماني ساعات في كل ليلة والتقليل من السهرات خارج المنزل وعدم أكل اللحوم بكل أنواعها وخوض حياة هادئة إلى حد ما، وهذا كل ما في الأمر.

·         هل يعني كلامك أنك تحرمين نفسك من التمتع بملذات الحياة لمجرد أن تحافظي على جمالك؟

أنا بطبيعتي لا أميل إلى الحياة الصاخبة وبالتالي لا أعتبر نفسي أضحّي بشيء مهم حتى أبقى على ما أنا عليه من حيث المظهر. ومن ناحية ثانية لست محرومة من كل شيء، فأنا أرى محيطي العائلي وأصدقائي وهذا يكفيني. كما أنني أهوى السهرات المنزلية أمام شاشة التلفزيون في صحبة زوجي وولدنا الصغير. وأنا أعتذر إذا بدا كلامي أكثر من غريب بالنسبة الى ممثلة سينمائية صاعدة من المفروض أن تقضي وقتها خارج بيتها.

·         ما هي الصفات التي تفضلينها عند الرجل؟

من أهم الصفات التي تعجبني لدى الرجل روح الفكاهة والبساطة، ثم الشجاعة وقدرته على فرض نفسه إذا كان في صحبة مجموعة من الأشخاص مثلاً.

·         وفي مناسبة الكلام عن الرجل، خصوصاً بعد مشاهدة فيلمك «نصف نصف»، فهل أنت مخلصة؟

نعم أنا مثل أي إمرأة شابة أتمتع بدرجة لا بأس بها من الرومانسية ومخلصة جداً في الحب وأيضاً في الصداقة. وأذكرك بأنني إمرأة متزوجة. أما التصرفات التي تميز شخصيتي في فيلم «نصف نصف» والمبنية على خيانة الطرف الآخر وعدم الوقوف إلى جانبه في المحنة والمرض، فهي مثيرة سينمائياً وروائياً في شكل عام ولكنها بغيضة في الحقيقة في طبيعة الحال. أنا لا أشبه المرأة التي أديت شخصيتها في هذا العمل ولا تلك التي مثلتها في «الخدم»، فلست إمرأة سلبية أو عنصرية في حياتي اليومية.

·         ألا تعتقدين بأن صورتك الفنية تلعب ضدك في ما يخص كلامك هذا؟

طبعاً ولذلك كان لا بد لي من أن ألتقي الرجل الذي لا يتوقف عند الصورة أو المظاهر أو كلام الجرائد والمجلات ويعطيني من وقته ما هو ضروري حتى أثبت له من أنا في الحقيقة. وهنا كمُنت الصعوبة لكنني عثرت عليه وتزوجته.

·         هل أنت مقتنعة بأن المرأة المعاصرة رومانسية وتحلم بالفارس الشجاع؟

نعم وأنا متأكدة كلياً من كلامي، لكن الذي يحدث هو أن المرأة تجد نفسها في موقع يجبرها إذا أرادت أن تقتحم ميدان العمل إلى جوار الرجل على أن تتجاهل رومانسيتها وتتقمص شخصية غير شخصيتها حتى تبدو شجاعة ومقاتلة إلى حد ما، وإلا وجدت الطريق مسـدوداً أمامها. صدقني إذا قلت لك إن الرجل هو المسؤول الأول عن فقدان المرأة جوهر هويتها في هذا الزمن لأنه لا يؤمن اطلاقاً بقوة الرومانسية وينظر إلى أي إمرأة تبرز مثل هذه الصفة على أنها ضعيفة ويمكن سحقها بسهولة.

الحياة اللندنية في

21/10/2011

 

«...وهلّأ لوين؟»: البراءة المفترضة في تعارضها مع الواقع

رندة الرهونجي  

أفضل الأفلام هي تلك التي تخرج منها وتجد صعوبة في سردها لاحقاً... هذه حقيقة تترسخ أكثر فأكثر بعد كل مشاهدة لعمل سينمائي يبرع في اشتغاله البصري لتكثيف وتعميق الفكر والجمال والإحساس، ما يجعلك عاجزاً عن إعادة صوغه لفظياً. تتجدد هذه القناعة بالمقابل في كل مرة يواجهك فيلم يجعلك تحنّ إلى ذلك العجز عن سرده ببساطة، فترى نفسك قادراً على اختصاره بسهولة تحاكي ذلك التبسيط الكبير الذي اعتمده صانعه في طرحه، مبتعداً بالسينما عن غايتها وغوايتها في التأثير والتحريض على التأمل والتفكير.

هذه هي حال فيلم «وهلأ لوين؟» العمل الروائي الثاني للسينمائية اللبنانية نادين لبكي، التي سبق لها أن أثبتت في تجربتها السينمائية السابقة «سكّر بنات» تملّكها صنعة السرد الحكائي البصري الذي لا يخلو من مضمون جادّ في بحثه داخل شخصيات نسجتها بذكاء وأبعاد، جعلتها قادرة على طرح مشكلاتها في التأقلم مع ذاتها ومحيطها، فعكست واقع مجتمع يعيش أزماته المختلفة. عرفت لبكي حينها كيف تدير أدواتها الإبداعية البصرية والدرامية لتصوغ مضموناً جعل المشاهد يلامس إلى حد ما ذلك الإحساس بأن استعادة الفيلم بعد مشاهدته ليست سوى بداية لفتح مساحات التأمل والبحث وليست نهايتها.

فرح من الخارج

في تجربتها السينمائية الثانية «وهلأ لوين؟» تبدأ علاقتك مع الفيلم بداية بإحساس بالفرح يأتي من خارجه عندما ترى مدى الإقبال الجماهيري الكبير عليه. تفرح بالطبع لأنك أمام فيلم لبناني يحقق هذا الحضور في بلده أولاً مبرزاً حالة تدخل ضمن الاستثناءات في علاقة المشاهد اللبناني مع إنتاجات بلده. وتأتي ثاني أسباب هذا الفرح كونه فيلماً يحمل توقيع سينمائية لبنانية استطاعت أن تضع للنساء موضع قدم على خريطة السينما العربية وصلت بها إلى منابر عالمية كبرى، فاتحة بذلك أبواب التوزيع العالمي في اعتراف ابداعي تحتاجه المبدعات العربيات خصوصاً والسينما العربية عموماً.

لكن السؤال الذي سرعان ما سيلح عليك حال خروجك من صالة العرض هو الآتي: هل هذا هو حقاً الفيلم الذي كان عليّ أن أشاهده؟ وهل عليّ أن أقبل هذه الرؤية الرومانسية المفرطة في تبسيطها للقضية المركزية الأكثر قسوة وتعقيداً في تاريخ لبنان؟ وهل التحييد الكامل لجوهر أسباب الحرب اللبنانية الطويلة يعتبر إنجازاً إبداعياً انتصرت فيه مخرجة العمل للحياة والمستقبل والأمل؟ وهل طرح القضية في إطار كوميدي داخل واقع متخيّل وحوادث افتراضية يجنّب العمل المساءلة النقدية؟ وتتوالى الأسئلة لنصل إلى السؤال المشروع عما إذا كان نضج الحرفية الإبداعية الشكلية قادر على أن يشفع لمضمون ومعالجة قاصرين؟

يصعب حقاً قبول أن تختزل سينمائية شابة - تنتمي إلى جيل لا يتوقف عن الحديث عن ذلك الإرث الثقيل الذي حمّلته إياه حرب دمّرت ثقته بماضيه وحاضره وغده -، واقعاً ملتبساً تطرحه على شكل سكيتش كوميدي طويل، وخلق «كراكتيرات» وليس شخصيات فتتجنب بذلك ضرورة رسم خط درامي لكل منها لا يكتمل دون الذهاب عميقاً في البحث داخل مأزقها الذاتي والخارجي.

ليس سهلاً على المشاهد أن يقبل من سينمائية حصلت على مساحتها الكافية للتعبير الإبداعي، أن تحوّل حرباً أهلية شائكة، لم توفر طائفة وديناً وفريقاً سياسياً، إلى مجرد حرب مذهبية بين مسلمين ومسيحيين. وليس سهلاً أيضاً أن تُختصر أسبابها في شر قدِم في لحظة عبثية من خارجٍ مجهول أحمق، جاء فعبث بداخل طهراني نقي، فيتم وفق هذا الطرح تجريد المكان والزمان والإنسان من أي انتماء لسياقات تاريخية لم تكن الحرب الأخيرة هي أولى تجاربها فيها مع شروره الداخلية قبل الخارجية.

جميل طبعاً أن تنحاز سينمائية للمرأة، وأن تجعل لصنيعها الإبداعي نبرة تمجّد الأنثى وتذكّر بخصوصيتها في التعاطي مع محيطها وواقعها، أمّا أن تذهب في هذا الاشتغال إلى جعل النساء أيقونات تعلو بسموها الإنساني ونضجها الأخلاقي فتلقّن الجميع بسلوكية مسطّحة دروساً في الوعي الاجتماعي والتعايش السلمي، فأمر يجب إعادة النظر فيه حتى من المدافعين بشراسة عن قضايا المرأة أنفسهم.

والدين... هذا الفخ الرقابي الدائم، كيف ننقذه من رغبات المنتج الغربي؟ متى نتوقف نحن العرب عن المزاودة على المنتج الغربي بلائحة وجبته المفضلة التي يحب أن يراها على طبقه الإكزوتيكي؟ متى نقف ونجبره على الاستماع إلى روايتنا كما نراها نحن وكما حصلت حقاً، من دون أن نسمعه ما يحب أن يسمعه ونريه ما يرضي عينيه؟ هل يكفي أن نمسك برموز دينية ونهشمها في سياق كوميدي مخاتل من دون أن يكون وراء هذا الإنجاز الرقابي المهم أرضية إبداعية تؤسس مرحلة أكثر نضجاً في التحليل والبحث في المحرمات؟

لا لم تكن الحرب الأهلية اللبنانية حرباً بين مسلمين ومسيحيين فقط، ولم تكن القرى معزولة عما يحصل خارجها من ذبح وقتل وخطف، ولم تكن النساء مترفعات عن الاقتتال الداخلي ومنحازات إلى التسامح والقبول بالآخر حتى ولو قُتل أبناؤهن. وإن احتاج المناخ الافتراضي تبرير ذلك ببعده الحدثي الفانتازي المسموح إبداعياً، فلهذا شروطه أيضاً، وقد بدا فيلم لبكي بعيداً عن تحقيقها. فالمزج بين نبرات متعددة في الفيلم السينمائي لا يخدم بالضرورة الفكرة المطروحة؛ هذا التداخل بين الكوميديا والميلودراما والتراجيديا، وبين الواقعية الصارمة في الموضوع والفانتازية المفرطة في الحلول جعلت «وهلق لوين؟» يحيد عن الهدف المرجو عادة من مزج الأنواع السينمائية في الفيلم الواحد لجعله وسيلة تخلق متنفساً يخفف من جدّية الموضوع وتراجيديا المواقف. فما غاية هذا التأرجح بين النبرات إن لم يوظّف لبلوغ هدفه في الوصول إلى المتلقي بسلاسة تبعده عن ثقل الوعظ؟ ذلك أن فيلم لبكي غارق في الوعظ المباشر من دون أن يصل ليقول ما يفترض له أن يقول.

لم يكن سهلاً قبل سنوات قبول ما أقدمت عليه مبدعة لبنانية أخرى هي الراحلة لاحقاً رندة الشهال في فيلمها «طيارة من ورق»، عندما لفّقت مكاناً محدد الانتماء الجغرافي والطائفي، وأضفت على البيئة والعلاقات والشخصيات نبرة كوميدية بدت نافرة عن حقيقة وطبيعة وسلوكات البشر المنتمين إلى هذا المذهب وتلك الجغرافية، فقط لتمرر رؤيتها الخاصة عن الحرب والحب والعدوّ. كذلك فعلت نادين لبكي في فيلمها الجديد «وهلأ لوين؟» الذي نسجت فيه ببراعة مناخاً كوميدياً لطيفاً لكنها حيّدت داخله المكان والزمان والحدث فأفرغت الدراما فيه من مضمونها وابتعدت بالسينما عن مساحتها المرجوة في التأثير العميق.

عندما تسمع نادين لبكي تتحدث عن رؤيتها لعملها السينمائي الأخير قائلة إنها لا تحب أن تقترب من السياسة لأنها تميل إلى الزاويا الإنسانية في موضوعاتها وإنها أرادت أن تتناول موضوع النزاع المتأزم والمستمر في بلدها بعين طفل بريء تتصوّر على الفور ما يجب أن تكون عليه الحياة وليس حقيقة، وتجد ربما أخيراً تفسيراً لهذا الابتعاد عن التأمل الناضج.

المعرفة تقتل البراءة... هذه حقيقة ليست جديدة... لكن فيلم «وهلأ لوين؟» يأتي ليذكّر بها في شكل مغاير. فتلك الصورة المطروحة عن هذه البلدة اللبنانية الخارجة من أحدى أجمل حكايا الأطفال، والتي يسكنها مسلمون ومسيحيون عاشوا حياتهم كلها بحب وتعايش، بدت البراءة فيها من الشكلانية بمكان جعلت المتلقي يتلمس فيها نظرة لا تخلو من طائفية ضمنية داخل هذه القسمة العادلة لكل تفاصيل حياة البشر فيها.

فعندما يتوالى رجل الدين المسلم ونظيره المسيحي على المنبر ليذكرا أبناء طائفتهما بالتسامح والتعايش كما لو أنهما بريئان تاريخياً من إشعال أي فتنة مذهبية، وعندما تتوالى لقطات تقسم الكادر السينمائي بتساو بصري بين جامع وكنيسة وشيخ مسلم وخوري رعيّة ومقبرة للمسلمين تقابلها مقبرة للمسيحين، وبتوظيف لوني وإضاءة لا تخلو من رومانسية، فإنك من دون أن تدري أو ربما تدري تعود للتذكير بالمقولة الشهيرة: «منفصلون لكن متساوون» التي سادت الولايات المتحدة الأميركية حتى مطلع الستينات في تبرير للتفرقة العنصرية، تلك التفرقة التي قسمت بين البيض والسود في المطاعم والمراحيض العامة ووسائل النقل وكل المرافق العامة إلى قسمة عادلة «غير بريئة».

تحضرك هذه المقولة الشهيرة لدى مشاهدة «وهلأ لوين؟» وأنت تفكر في هذه الجرأة المفترض أنها جميلة ومطلوبة في المساءلة القاسية الساخرة للرموز المقدسة التي تنتمي إليها مخرجة العمل، وفي ذلك الوقوف بالمقابل على حذر شديد في التناول الساخر لمرجعيات ورموز المذهب الآخر. ذلك أنها بكل بساطة لا تعرفها ولهذا فإنها تحذر ما تجهل. 

عروض بيروتية لأفلام هشام الجردي

بيروت - «الحياة»

كان قد عرف لحظة مجد سينمائي ذات عام من اواخر ثمانينات القرن العشرين، حين حقق وعرض الفيلم الوثائقي «حياة النحل» الذي صوّر فيه بعض ملامح الحياة الدرزية، ولا سيما حياة مشايخ طائفة الموحدين - وهو الاسم الذي يفضّل الدروز أن يعرفوا به.

وكان هذا جديداً في ذلك الحين حيث كان ندر للسينما - او التلفزة - أن تحدثت عنهم من الداخل، ما عزز من الطابع الغامض لما يتعلق بهم على رغم الأدوار المهمة التي يلعبونها في حاضر - ما لعبوها في ماض - ما لا يقلّ عن ثلاثة بلدان شرق أوسطية: لبنان وسورية وفلسطين. بهذا الفيلم، إذاً، وربما انطلاقاً من فضول معرفي كان نجاح الفيلم استجابة له، جعل هشام الجردي لنفسه مكانة محددة في مسار السينما اللبنانية والعربية عموماً.

غير ان هذا، بدلاً من ان يدفعه الى الأمام ليحقق مزيداً من الأعمال، دفع حركته السينمائية الى تباطؤ وضعه في ما يشبه الهامش فيما كانت السينما اللبنانية، في شكل عام تسير بخطى حثيثة الى الأمام. ومن هنا تناسته الدراسات المتحدثة عن هذه السينما... وتناست افلامه وصرامة مواضيعها وانتماءه الى الجيل الذي صنع للسينما اللبنانية مكانتها منذ الحرب الأهلية وحتى ولادة اجيال سينمائية لبنانية اكثر شباباً. ومن هنا بالتحديد تأتي اهمية هذه الاستعادة البيروتية لسينما هشام الجردي. وهي استعادة نظمها ورعاها نادي «لكلّ الناس» في لبنان وتشمل بدءاً من يوم اول امس الأربعاء وحتى مساء اليوم، الجمعة، عرض ثلاثة من الأفلام التسعة التي حققها الجردي طوال ما يقرب من ربع قرن بدءاً من «حياة النحل» (1987) وصولاً الى «جراح الفوضى» (2007).

اما الأفلام التي يشملها هذا التكريم لواحد من اكثر المخرجين اللبنانيين صمتاً، فهي «حياة النحل - اشارات من الموحّدين الدروز» و «أربع نساء من شاتيلا»، وهذان عرضا خلال اليومين السابقين، و «ugo» الذي يعرض في الثامنة من مساء اليوم في صالة مسرح بيروت - عين المريسة.

الحياة اللندنية في

21/10/2011

 

جعفر بناهي:

سنوات في السجن ... وعقود خارج السينما

باريس - ندى الأزهري 

آذار (مارس) 2011

نهار رمادي في طهران، بناياتها تناطح السحاب وتزيد من الاحساس بالانغلاق. يقف جعفر بناهي على الشرفة، يدخن، يسقي الزهور، يصور بهاتفه المحمول... أمامه يوم آخر، يوم انتظار يجب أن يمر...

بناهي كان في بيته ينتظر قرار محكمة الاستئناف، هو ممنوع من تحقيق الأفلام، من السفر، ومن المقابلات الصحافية لمدة عشرين عاماً. ليس هذا فقط، عليه أيضاً قضاء ست سنوات في السجن. فماذا يفعل بأيام الانتظار تلك؟ ماذا يمكن مخرجاً سينمائياً أن يقوم به وهو حبيس الجدران الواسعة... يصنع فيلماً بالتأكيد. هكذا قرر، تصوير يومه الطويل، تصوير المنع الذي يحظر عليه تحقيق ذاته، إرساله إلى مهرجان «كان» ليطلع العالم على حاله وحال السينما الإيرانية معه.

يحاول في البداية تركيز الكاميرا في مكان ثابت لترصد تحركاته اليومية. لكنه مخرج متميز ومشهور وأحكامه صائبة، سيدرك بعد دقائق، كما المشاهد المتمرس، أن النتيجة تبدو زائفة. يقرر الاستعانة بزميل (المخرج مجتبى ميرتهماسب الذي أوقف هو الآخر من أيام قليلة لاتهامه بالتعامل مع «بي بي سي» الفارسية، يرغب بقراءة، تمثيل مقطع من سيناريو له رفضته الرقابة، كأنه بهذا يحققه غيابياً. قرار المنع يطاول إنجاز الافلام وليس قراءة السيناريو أو التمثيل كما استنتج من نص الحكم عليه. يحضّر مسرح المشهد، ويقرأ حواراً، فجأة يتوقف، يطرق الرأس ويقول بحزن «لو كان في الإمكان سرد فيلم، فما الفائدة من تحقيقه إذاً؟».

يعود إلى مشروع آخر منع من تحقيقه، فيلم عن اليوم الأخير من الحرب العراقية-الإيرانية وعودة الجنود من مواقعهم. يتذكر أفلاماً له، مشاهد بعينها أثرت فيه. في فيلم «دماء وذهب»، فاجأه الممثل غير المحترف بأدائه في لقطة معينة «لم يكن لي دور في الموقف الذي أدّاه، اختار بنفسه رد فعله» كان مدهشاً ورائعاً. يعبر على مشاهد أخرى من سينماه، يعلق عليها ثم يعود إلى مهمات يومية، تلقّي المكالمات الهاتفية، غسل الخضار والفواكه، سقاية نباتات الشرفة وإطعام حيوانه العجيب الزاحف، عظَاية ضخمة. تدخل الجارة على الخط وكذلك ناطور البناية... يلجأ إلى الشاشة الصغيرة، يتابع الأخبار وتسونامي فوكوشيما، وعلى وقع عيد النار في آخر يوم أربعاء من السنة الفارسية الذي يضيء شوارع طهران بالمفرقعات وسمائها بالألعاب النارية، ينتهي يومه وفيلمه.

بناهي يتواصل بذكاء مع العالم، من مكانه، من إقامته الإجبارية. من الدائرة المغلقة حوله يدير فيلماً بسيطاً يعبر عن حالة إنسان قهره المنع، عن سينما مهددة وسينمائيين يخشون الأسوأ، ومن خلال ذلك ترشح عبارات عن الوضع في إيران: لا حديث عن امور حساسة على الهاتف، «تعال وسأخبرك ولكن ليس على الهاتف» يقول لميرتهماسب، عن الحذر والخشية من الآخرين اللذين يعتادهما الإنسان «لا تقل لأحد انك ستأتي لعندي»، عن المواقع المحجوبة وخطوط الهاتف السيئة بسبب الضغط على الشبكة،...

ليس على الهاتف

بناهي لا يرغب في الانصياع، في الانتظار بهدوء، يتحدى المنع وهو يثير التضامن معه عالمياً على نحو يثير حفيظة المحافظين. في اتصال هاتفي تخبره محاميته أن الضغوط قد تنفع «الأمر متعلق بقرارات سياسية تعتمد على الوضع الداخلي والضغط الداخلي والخارجي»، وأن الحكم الذي سيصدر عن محكمة الاستئناف قد يؤكد الحكم الأولي أو يخففه ولكن لن يلغيه. وها هو حكم الاستئناف قد صدر...

تشرين الأول (أكتوبر)2011

محامية بناهي أعلنت يوم الأحد الماضي أن محكمة الاستئناف قد أكدت حكم المحكمة الأولي بسجن بناهي ست سنوات وبمنعه من العمل والسفر وإجراء المقابلات عشرين عاماً. وتعلن المحامية أنها ستقدم استئنافاً إلى المحكمة العليا، مضيفة أن الحكم الأولي لم يطبق وبناهي كان ينتظر حكم الاستئناف في بيته. وكما نشر في صحيفة «طهران تايمز»، صرحت المحامية أنها «لم تتلق الخبر حول حكم الاستئناف كما أنه لم يؤكد رسمياً بل تداولته وسائل الإعلام الإيرانية».

وقالت إنه يمكن «تعليق» حكم الاستئناف أو تسويته بدفع غرامة. وكانت محكمة الاستئناف قد خففت الحكم الأولي على المخرج محمد رسولوف من سنتين إلى سنة ورفعت عنه قرار منع المغادرة في ايار( مايو) الماضي.

وكان بناهي قد أوقف مع رسولوف في آذار (مارس) من العام المنصرم ثلاثة أشهر لاتهامه «بالمشاركة في تجمعات مناهضة للنظام والدعاية ضده» إثر أحداث ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وصدر الحكم عليه في نهاية العام.

ويذكر أنه كان محل خلاف بين السلطة التنفيذية والقضائية، فقد صرح اسفنديار رحيم مشائي مدير مكتب الرئيس الإيراني في 18 كانون الثاني (يناير) بعد صدور الحكم على بناهي بأنه «لا يقاسم قضاء بلده الرأي فـي منع بناهي من العمل لمدة طويلة» وأكد أن لرئيـس الـجـمـهوريـة المـوقف نـفسـه «الـسـيد بناهي أوقف من جانب السلطة القضائية ولم يكن هذا بتعليمات من رئيس الجمهورية ولا الحكومة». وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية على موقعها يوم الأحد (16/10) أن في مـقـدور بـناهي بعد تنفيذ الحكم السفر الى الخارج، فقط إذا تعلق الأمر «بأسـباب صـحـية» أو «لأداء فـريـضـة الحج» في مكة.

الحياة اللندنية في

21/10/2011

 

3 أيام للراحة قبل افتتاح مهرجان «الدوحة»

الدوحة - «الحياة» 

هكذا هي الحال منذ سنوات، أي منذ بدأت النشاطات السينمائية في المدن الخليجية الثلاث (دبي وأبو ظبي والدوحة)، تتخذ سمات عالمية: فما ان ينتهي المهرجان الأول حتى يبدأ الثاني، وما ان تنتهي استراحة اسابيع بعد الثاني، حتى يبدأ الثالث... وعلى هذا الأساس يتسم الخليج العربي طوال اسابيع فصل الخريف، بسمات سينمائية حقيقية، وتتوالى فيه عروض أحدث الأفلام العربية...

غداً إذاً، يختتم مهرجان أبو ظبي دورته الخامسة... وخلال الأيام المقبلة (الثلثاء) يفتتح مهرجان الدوحة دورته الثالثة. ولئن تميزت دورة أبو ظبي لهذا العام بحضور طاغ للسينما المغربية، فإن دورة الدوحة تتميز أكثر ببعض أحدث الإنتاجات العالمية، ولاسيما النتاجات الأحدث للمخرجين الأكثر حضوراً وقوة في السينما الفرنسية المعاصرة: جان جاك أنو (صاحب «اسم الوردة») الذي يعود بفيلم «ذهب أسود» الذي يقدم في الافتتاح في عرض عالمي أول، وهو الفيلم الذي طغى الحديث عنه طوال العام على الحديث عن أي فيلم آخر، ولوك بيسون (صاحب «ليون» والعنصر الخامس») الذي يعود مع فيلمه الجديد «الليدي».

ومنذ الآن، يمكن القول ان مهرجان الدوحة الذي ولد -في عملية قيصرية بالتأكيد- انطلاقاً من مهرجان تريبيكا، الذي كان روبرت دي نيرو أسسه في نيويورك، ردّاً على العمليات الإرهابية فيها، عرف هذا العام كيف يقيم توازناً لافتاً بين السينما العالمية والسينما العربية، كما بين الأنواع السينمائية المختلفة. فمن ستيفن سبيلبرغ وبيتر جاكسون في إعادتهما مغامرات «تان تان» الى الحياة بشكل ثلاثي الأبعاد يدنو كثيراً من الرسوم المتحركة وينتظره مئات الملايين من هواة تان تان في العالم أجمع، الى جديد سينما الشباب العرب... ومن الأعمال الروائية للجمهور العريض، الى الأفلام شبه النخبوية، تتوزع عروض ايام المهرجان، متقاطعة مع عدد لا بأس به من نشاطات فنية اخرى يدور معظمها من حول السينما، ويبدو قادراً على استهداف مشاهدين من كل الأعمار.

ولا شك في ان من يتصفح برمجة المهرجان، يقفز الى ذهنه على الفور سؤال حول السبب الذي يجعل فيلم نادين لبكي الروائي الطويل الثاني «وهلأ لوين؟» يعرض في سياق عروض الأفلام الأجنبية، بينما ثمة برنامج مميز يهتم بعرض السينما اللبنانية، التي تعتبر لبكي من أبرز صانعيها اليوم؟ وفي هذا السياق سيشهد مهرجان الدوحة عرض الفيلم الثاني (خلال عقدين من الزمن) للمخرج اللبناني جان كلود قدسي وعنوانه «إنسان شريف»، وكذلك فيلم «أقلام من عسقلان» لليلى حطيط سالاس، و «اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» لرانية اسطفان، ناهيك بعدد من الأفلام القصيرة والتسجيلية. وهذا البرنامج اللبناني اللافت (والذي لم نر ما يوازيه في اي مهرجان أقيم في لبنان في الآونة الأخيرة) يأتي ضمن سياق العروض العربية لأفلام آتية من بلدان عربية عدة، تشارك في المسابقة الخاصة بالأفلام العربية، التي يرأس لجنة تحكيمها المخرج السوري محمد ملص، الذي يعوّض اهتمام المهرجان وبياناته به، النقص اللافت في حضور السينما السورية. وهو نقص كان يمكن ان ينسحب الى السينما المصرية أيضاً لولا ان المهرجان يعرض فيلم خالد الحجر «شوق» (الذي سبق ان أشبع عرضاً منذ فوزه العام الفائت بجائزة في مهرجان القاهرة). كما يعرض جديد المخرج الشاب شريف البنداري «في الطريق لوسط البلد».

في المجموع، ثمة 14 فيلماً روائياً ووثائقياً تتنافس على الجوائز الخاصة بها. أما بالنسبة الى السينما العالمية، وإضافة الى فيلم الافتتاح «ذهب أسود»، وفيلم الختام «الليدي»، فيقدم المهرجان عدداً من الأفلام الأوروبية والأميركية التي سبق ان عرضت في مناسبات ومهرجانات أخرى، مثل «الفنان» للفرنسي ميشال هازانافشيوس، و «إعلان حرب» لفاليري دونزيلي، و «الصياد» لدانيال نتهايم، و «المانيا» لياسمين سامدريلي، و «ماما أفريكا» لميكا كوريسماكي... بين أعمال أخرى.

الحياة اللندنية في

21/10/2011

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)