حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

قاسم حول:

ليست لديّ وصفة جاهزة لصورة الديكتاتور في السينما

حاوره فجر يعقوب

كالعادة بدأ المخرج السينمائي العراقي المخضرم قاسم حول، جولة فيلمه الأخير حتى الآن على المهرجانات التي تقدم في اماكن عدة حول العالم، القليل الجيّد الذي لا يزال انتاجه ممكناً في هذا الجزء من العالم العربي او ذاك. الفيلم هو «المغنّي» الذي عاد به حول ليقف وراء الكاميرا بعد غيبة طويلة. يروي الفيلم قصة مغنٍ عراقي يستعد للتوجه من بيته نحو قصر الطاغية المستبد ليغني في حفل عيد ميلاده. لكن الأقدار تشاء أن تتعطل سيارته في الطريق، ما يجعله يتأخر، فيتعرض للضرب بغلظة على يد أعوان الطاغية، الذي يأمر بمنعه من الغناء في التلفزيون، والاكتفاء بتقديم صوته عبر المذياع فقط عقاباً له على تأخره. ثم يأمره بحركة هزلية بأن يغني ووجهه الى الحائط، في الوقت الذي يجهز فيه الأعوان على معظم ضيوف الحفل، فيما يتصاعد صوت المغني البصري الشجي والجميل حتى الصباح، حين يكتشف أنه بقي وحيداً يغني بين حلم ويقظة والدموع تجلل وجنتيه، وكأن ما حدث له في هذه الليلة ليس سوى كابوس مخيف.

هنا حوار مع المخرج حول فيلمه في لحظة بين مهرجان يشارك فيه وآخر:

·         لماذا أردت أن تكون للديكتاتور صورة مختلفة عن تلك التي ترسخت في الأذهان عنه؟

- لا أعتقد أن مهمة الفنان أو المثقف أن يقوم بتصفية الحسابات الشخصية مع شخص أو كائن أو فرد مهما بلغ عسفه وتجنّيه على بقية أفراد المجتمع، اذ يجب ألا تكون ردود فعله شخصية. أما اذا حصل شيء، واستطاع الفنان من خلاله أن يقتنص فكرة تمكّنه من معالجة شاملة لفيلمه أو موضوعه، فإنه يجب ألا يكون محدود التفكير والآفاق. وأنا أثناء قراءتي لمقدمة ابن خلدون وجدت عنده ما يكثف الحالة العراقية بأدق تعبير حين يقول: «العسف يفسد النوع، ويؤدي إلى تهديم بنية المجتمع». وإذا أخـــذت حقبة تاريخية من منطــــقتنا عموماً، ستجد أن الظلم الواقع فيها يغيّر من طبيعة الانسان نحو الأسوأ، اذ يتكون هنا مجتمع فاسد على كل الصعد يشوّه ويفسد النوع والذات الانسانية.

أنا مع انني عراقيّ لم تكن لديّ وصفة جاهزة لصورة الديكتاتور، على رغم سهولة تناول الصورة التقليدية عنه، وعلى رغم معرفتي بمئات القصص الخرافية عن أشخاص دخلوا «بيوت الأشباح مدة ساعتين وخرجوا وهم يكلمون أنفسهم ويهذرون بما لا يصدق»، وكانت وظيفة هذه البيوت أن ترسّخ وهم الخوف في عقول العراقيين، ومع هذا لم أنحو نحو تصفية حسابات شخصية مع عهده بقدر حرصي على تناول مفهوم الديكتاتورية في كل مكان، وليس في العراق وحده.

حسابات من نوع مختلف

·     ومع ذلك تبدو المحاولة وكأنها تصفية حسابات من نوع مختلف. فقط تحضرني هنا تجربة بيدرو آلمودفار مع الديكتاتور الاسباني الجنرال فرنكو، حين قال إنه يرفض تناول سيرته في أفلامه، لأنه «أتفه» من أن يظهر فيها؟

- لا... ليست هنــاك تصــفية حساب مع شخص بعينه. الديكتاتور في فيلمي لا يشـــبه صــدام حســين، وحتى ابنه في الفيلم لا يشبه أياً من ابنــيه. لقد قمت بعمل حالة غرائبـــية عن ديكتـــاتور وســـلطة، ولم يفكر كثر ممن شــاهدوا الفيلم في مهرجانات عدة أنني استحضر صدام حسين أو عائلته فيه.

·         لماذا عومل الفيلم بجفاء في بعض المهرجانات العربية؟

- لم يعامل بجفاء. وإذا كنت تقصد مهرجان دبي بسؤالك، فإن الجمهور هناك رحّب وأعجب به، ولكن حصل ما يشبه المشادّة مع شخصين لهما علاقة بالنظام السابق، إذ اعتبرا أنني أسأت إلى زعيمهما، وأنا طلبت إليهما ألا يجرّا النقاش إلى موضوع سياسي، وما عدا ذلك، فإن جمهور المهرجان من العرب والاماراتيين والأجانب رحبوا به. أما في ما يخص الجوائز، وخروجه من هناك بلا أية جائزة، فإن هذا لا يضير فيلمي بشيء. فأنا نفسي ترأست لجان تحكيم وشاركت في الكثير منها كعضو، وأعرف التحكيم وخفاياه.

وما حدث مع فيلمي مثلاً في مهرجان الخليج السينمائي في دورته الأخيرة، فإن العلاقات الشخصية لعبت دوراً في إقصائه عن الجوائز، وإسقاط موضوعية التحكيم ونزاهته. وأعتقد أن المطلوب من المهرجانات العربية التي أخذ يشتد عود بعضها أن ترتقي بأعضاء لجان التحكيم فيها. فثمة كثر يتسربون إلى هذه اللجان عن غير كفاءة، أو عن افلاس مزمن لحق بأصحابه مع التقدم في العمر.

·     الخيط الدرامي الذي يملك الفيلم هو خيط المغني بشار البصري، لكنه لم يكن يملك (الحدوتة) كاملة، فأنت مثلاً انصرفت إلى تفاصيل حفلة عيد ميلاد «السيد الرئيس» وجعلتها محور الفيلم؟

المغني لم يكن متملكاً الحدوتة، لأنه هو الخط الذي لا يظهر على الشاشة، ولكننا نترقب ذلك في كل لحظة. أنا كمشاهد كنت أذهب إليه، وأتابع رحلته في طريقه نحو قصر الديكتاتور ليتوّج الحفل بصوته وغنائه الشجي، فيما الجمهور ينتظر معرفة ما الذي سيحل به. لقد تعمدت طغيان هذه التفاصيل على رحلته، لأنني أردت أن أكشف للجمهور عبر القصر الرئاسي المعادل البصري والفني لما لحق بالمجتمع العراقي من مآس وتخريب ممنهج يفوق كل تصور.

·         قد يؤخذ على الفيلم تقديمه هذه الشخصيات بهذه الطريقة في القصر كونه حظي بتمويل من «آرتي»!

- ليس هناك تمـــويل بريء، وحتى المنتج العادي لديه شروط خاصة به، و «آرتي» بطبيعة الحال لديها شروطها، ومسألة تمويـــل الأفلام هي ســـياسة ثقــافية غير بريئة، وأكاد أجــزم بأنني لو طلبت ثانية تمويل «آرتي» لما تمكـــنت من الحصول على شيء، لأنني لم أخضع للشروط. فقد أخذت التمويل وصنعت الفيلم كما أردته. عموماً هذا يقودني إلى طرح سؤال حول المال العربي وامكانية أن يتحول إلى بديل من التمويل الغربي وبشروط أكثر عدالة منه، مع أنني أرى أن التمويل العربي تكاد شروطه أن تكون تعجيزية.

صعوبات التمويل

·         هل هذا «الخرق» الانتاجي الذي أحدثته بفيلمك على الجبهة العراقية يمكن أن ينسحب على تمويل انتاجات عراقية أخرى؟

- لن يكون من السهل الحصول على تمويل أفلام عراقية. وبالنسبة الى ما سمّــــيته خرقاً في حالة فيلمي، فإن المخرجة الراحلة رندة الشهال هي من قامت بتأمين التمويل اللازم لـ «المغني»، فقد كانت شخصية مؤثرة في «آرتي»، وهي من قدمت السيناريو الى المدير التنفيذي فيها.

·         ما هي مشاريعك المستقبلية؟

- عندي مشروع جديد عن قصة حب حقيقية أكشف من خلالها عن المشاعر الانسانية وفلسفة الوجود، وتدور أحداثه في مدينة طنجة المغربية. لقد تعبت من الأفلام ذات العيار الثقيل التي تطرح الهموم والمشاكل المستعصية، وأريد الآن أن أصوّر فيلماً يغوص في الأعماق الانسانية، وأعتقد أن قصة الحب في مشروعي الجديد تستحق التأمل، وهذا أقصى ما يمكن أن أبوح به الآن.

الحياة اللندنية في

07/10/2011

 

«المسافر»... الصورة الفنية تجاور مضموناً مفكّكاً

شريف حتاتة * 

أخيراً بعد سنتين من الانتظار، والكثير من اللغو حول ظروف إنتاجه وملابساته استطعنا أن نُشاهد فيلم «المسافر» في صالاتنا. «المسافر» في الفيلم رجل اسمه «حسن» نراه في ثلاث مراحل من حياته، لكن في كل مرة لمدة لا تزيد عن يوم واحد. المرة الأولى وهو لا يزال شاباً. المرة الثانية بعد أن أصبح كهلاً، والمرة الثالثة تحول فيها إلى رجل مُسن يقترب من نهاية حياته.

في المرة الأولى تجري أحداث الفيلم عام 1948، أي أيام حرب فلسطين. جاء «حسن» إلى مدينة «بورسعـــيد» ليتسلم عمله كمدير لمكتب التلغراف. نراه شاباً نحيلاً، وخجولاً يتردد في الكلام والإقدام. يقع بيـــن يديه تلغراف أرسلته فتاة أرمينـــية اسمها «نورا» إلى حبيبها «فؤاد سليم» تُخبره فيه بأنها ستصل إلى المدينة على ظهر الباخرة «أطلانتيك». يستولي على التلغراف ويذهب للقائها بدلاً من «فؤاد». يقع في غرامها وتنشأ بينهما علاقة عابرة. يعتدي عليها جنسياً، فتنفر منه، وتبتعد عنه لتتزوج من حبيبها.

في عام العبور

أحداث الجزء الثاني من الفيلم تقع عام 1973 في «الإسكندرية أي في سنة عبور الجيش المصري إلى «سيناء». تظهر فتاة اسمها «نادية» يتضح أنها ابنة «نورا» التي تُوفيت قبل ست سنوات. كان لـ «نورا» أخ توأم يعشق القيام بمغامرات خطيرة، فمات غرقاً في البحر بعد أن هبط في بئر صخري على شاطئ «سيدي بشر» يدعى «بئر مسعود»، وذلك بحثاً عن الأشياء التي يتخلص منها الناس بإلقائها فيه. أصبحت «نادية» في حالة من اليأس، وحيدة، لكن تصادفها صورة بين الصور التي كانت تحتفظ بها أمها، صورة يقف فيها «حسن» إلى جوار أمها، فتتذكره وتستنجد به. الآن أصبح كهلاً، له شارب كث، ويضع على عينيه نظارات. يصطحبها في زيارة إلى المشرحة للتعرف على جثة «علي»، وقبل أن يتركها عائداً من حيث جاء يضغط عليها لدواع يصعب فهمها لتتزوج من «جابر» صديق «علي»، بدلاً من شاب وسيم تقدم لها، رغم أن «جابر» رجل جاهل، وأبله، ومأفون.

الجزء الثالث من الفيلم يدور في مدينة «القاهرة» عام 2001، وهي السنة التي حدث فيها الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي في مدينة «نيويورك». ابن «نادية» شاب اسمه «علي» مثل خاله. يعمل في محطة لإطفاء الحرائق، ومشغول بالبحث عن جده المزعوم «حسن»، فيهتدي إليه عن طريق مكتب للبريد كان «حسن» يتردد عليه. عندما يلتقيان يسعى الجد العجوز إلى تقمص دور الرجل المقدام، المغامر ليُعجب به «علي» المفتون بسيرة خاله. يُلاحظ «حسن» أن أنف حفيده مقوس مثل أنف غريمه القديم «فؤاد سليم». يُقلقه هذا فيصطحب «علي» إلى المستشفى ليُجري له عملية تجميل في الأنف حتى يقترب الشبه بينهما، لكنه في آخر لحظة يتراجع، ويهرب به من المستشفى إلى الشارع.

قرب نهاية الفيلم يقف «حسن» على خط قطار الصعيد فوق كوبري «إمبابة». يكاد يدهسه القطار، لكن في آخر لحظة يُلقي بنفسه في النيل مُقلداً حركة كان يقوم بها الخال «علي». وهو غارق في مياه النيل تمر صور الماضي في خياله لكن بعدها تُوضِّح مشاهد الفيلم أنه تم إنقاذه فنراه وقد استأنف حياته.

نوازع الذكورة

اختار المخرج أحمد ماهر أن يتتبع حياة رجل واحد في شبابه وكهولته ثم عندما يصبح عجوزاً قارب نهاية أيامه، وليُحقق هذا الغرض اختار أن يُصور لنا ما جرى له ليوم واحد في كل مرحلة من المراحل. في الفيلم أراد أن يُصور قسمات الشخصية وتطوراتها، أن يتعرض لنوازع الذكورة فيه، ورغبته في الإحساس بالاستمرار عن طريق ابنته «نادية» وحفيده «علي» الذي يظن أنهما نتاج علاقته العابرة بـ «نورا». تعرض أيضاً لمشكلة الأنساب والشك فيها، لتأثير العزلة وعدم التحقق على شخصية «حسن»، وكيف يُحاول التعويض عنهما ببطولات وادعاءات زائفة، لمقاومة إحساسه بالنهاية. صوّر لنا ضعف الإنسان العادي والضياع الذي يُعاني منه، والتعاسة التي يعيشها في عالم بارد وقاس. ثم يختم الفيلم بمشهد يجرى فيه حوار بين «حسن» وبين امرأة حامل تُرضع طفلها وهما جالسان في معدية تنقل سكان المدينة من ضفة إلى ضفة في النيل، مشهد يُوحي لنا بخصوبة الحياة واستمرارها.

لا شك في ان الفكرة التي اختارها «أحمد ماهر» ليُحولها إلى فيلم فكرة ذكية، وغنية بالاحتمالات. مع ذلك فإن الفيلم لم يبد مترابطاً فنياً. جاء مفككاً، وشابه الافتعال، والتناول السطحي للأحداث ما أفقده القدرة على إقناع المشاهد، على حمله للانغماس في أحداثه. تحوّل الفيلم في كثير من مراحله إلى سلسلة من الصور الممتعة فنياً دون مضمون حقيقي. أما أداء سيرين عبد النور في دور «نورا» ثم في دور «نادية» فكان ضعيفاً، وكذلك تمثيل «خالد النبوي» في دور «حسن» أثناء الشباب والكهولة.

في المقابل جاء الجزء الثالث من الفيلم أفضل نسبياً فقد تميز بدرجة من الحيوية كانت مفتقدة قبل ذلك، ربما تعود إلى بعض الأحداث، وإلى قيام «عمر الشريف» بدور الجد. المناسبات التاريخية التي تم اختيارها في المراحل الثلاث رغم أهميتها لم تُضف إلى الفيلم شيئاً ذا بال لأنها كانت مفصولة عنه، لا شيء يربط بينها وبين الأحداث، فبدت مقحمة وخارجة عن إطاره.

الجانب البارز في الفيلم هو التصوير الذي قام به الإيطالي «ماركو أونوراتو». لقد أتى استخدامه للضوء والظلال، وللون الرمادي الخانق، متقناً في تجسيد الجو الرابض على المدينة. ونجح في تصوير القهر والكآبة التي يعيشها الناس. كذلك صنعت مقدرته على التقاط تشكيلات المباني، وكتلتها الصماء إحساساً مضاعفاً بالجو القاهر، وكان اختيار مواقع التصوير جيداً، ساعد على تحقيق كل هذا.

فيلم «المسافر» محاولة طموحة ربما جاءت من السنين التي قضاها المخرج «أحمد ماهر» في إيطاليا، ومشاهدته لأفلام مخرجين آخرين مثل «فيلليني» تخصصوا في إخراج أفلام ذات أبعاد انطباعية، ونفسية. لكن إتقان مثل هذا النوع من الأفلام مهمة صعبة. وتصوير هذه الجوانب في حياة الإنسان يحتاج إلى خلق نسيج وثيق بين مختلف عناصر الفيلم حتى تصنع سيمفونية تتسلل إلى عقل المشاهد، وتُحرك وجدانه.

* روائي مصري

الحياة اللندنية في

07/10/2011

 

سينما «الإخوان المسلمين» قريباً في دور العرض

القاهرة – ريهام بكير 

سينما الإخوان!... لا تتعجب من هذا المصطلح الذي قد يمكن اعتباره من نتائج ثورة 25 يناير. فالاعتراف بعد الثورة بجماعة «الإخوان المسلمين» وتكوينها حزب «الحرية والعدالة» يكمن في خلفية ظهور هذا المصطلح الجديد «سينما الإخوان» وهذا يذكر الكثير بمصطلحات تعني أن السينما الموصوفة هنا تخاطب فئة محددة. لأنها تطرح فكراً محدداً لفئة بعينها ولا تستطيع جذب كل الفئات حتى لو حاولت ذلك. الغريب هنا هو أن صناع السينما الإخوانية يعتقدون أن إنتاجاتهم ستخاطب شتى الفئات على رغم أنهم سيقدمون أعمالاً من اتجاه واحد في المجتمع من دون طرح الاتجاهات الأخرى ومن البديهيّ أن أي مجتمع يتوزع على اتجاهات عدة فكيف يتصورون إمكانية جذب الجميع، وهم يعبرون عن فكر ورأي واحد؟ وكيف سيستمر هذا النوع وينجح كما يأملون، في الوقت الذي يحقق فيلم «شارع الهرم» أعلى الإيرادات؟ إن سينما الإخوان في مصر ستكون أشبه بالسينما الرسمية الإيرانية فهل لمصر هوليوود الشرق أن تقدم هذا النوع الذي يطرح القضايا المحجبة الإبداع والفكر والتطوير؟

على هذا السؤال يجيب منسق الإنتاج والمسوؤل عن صناعة السينما في جماعة «الإخوان المسلمين» محسن راضي: «إن هدف سينما الإخوان تقديم القيم النبيلة، والترفيه البعيد من الانحلال؛ في رأينا أن سينما العهد السابق فاشلة. أما نحن فسنأتي بفكر جديد ومختلف بعيد من التشبه بالسينما الإيرانية، كما أن نتاج أعمالنا لن يتقيد بنوعية الأفلام بل بالمضمون.

وأول إنتاج سيكون لفيلمين هما «حسن البنا» و«ثورة 25 يناير». وهناك عدد من الأفلام الاجتماعية والسياسية والتاريخية ضمن خطة الإنتاج شرطها الأول الابتعاد عن أيّ ابتذال وإسفاف. وأوكد أننا كلجنة فنية ننفصل عن الإخوان مادياً وفكرياً... ونعتمد على بعض شركات الإنتاج».

أما مسؤول اللجنة الفنية في «الجماعة» الشاعر والكاتب سيد درويش، فيكمل حديث راضي، مؤكداً انفصالهم المادي عن الجماعة، وأن إنتاج فيلم «حسن البنا» سيكون لشركة المها الكويتية.

ويؤكد درويش أن سينما الإخوان ستكون مكملة للسينما الأخرى. أما عن نوعية الفن الذي سيُقَدَّم، فيقول: «الفن الذي سيقدِّمه الإخوان هو الفن المنضبط بمعايير وقيم المجتمع المصري».

الانحراف بالإشارة

وعن كيفية تقديم مشاهد قد تحتاج إلى التعبير عن النموذج المنحرف في الأعمال التي سيقدمها الإخوان، قال: «المشاهد التي تمثل الانحرافات المجتمعية سيعبر عنها بالإيحاء والإشارة إليها من دون تجسيدها، بخاصة المرأة المنحرفة، وسنترك للسينمات الأخرى هذه المشاهد المبتذلة؛ لأن أفلامنا مرجعيتها الفتوى الإسلامية».

وكان لا بد من سؤال مبدعين وصناع السينما المصرية عن هذه الظاهرة، وهكذا يقول الكاتب تامر حبيب: «إن ما يتحدث عنه الإخوان يقف عادة ضد حرية التعبير الفني، وما يقدم في أعمالهم هو فكر موجه يخاطب فئه بعينها، وليس المجتمع بأكمله. فالإخوان يريدون فرض الكثير من القيود في الوقت الذي ينادي صناع السينما بإلغاء الرقابة».

وأعرب الكاتب وحيد حامد عن عدم قلقه من سينما الإخوان قائلاً إنها لن تؤثر في المجتمع المصري؛ لأن المصريين يتذوقون الفن وينبذون التعصب الفكري والديني، والفن لا يمكن أن يقدم بمعايير دينية وأخلاقية. والحكم سيكون شباك تذاكر السينما أي الحكم للجمهور.

ويتفق المخرج خالد يوسف مع حامد ضمنياً، حيث قال: «سينما الإخوان لن تضر ولن تنفع، ولكن هي ظاهرة طبيعية ناتجة من الأحداث السابقة. ومن حق كل فرد التعبير عن رأيه واتجاهه، ولكن استمرارية سينما الإخوان ستتوقف على الإبداع؛ فإذا لم يوجد إبداع لن يكون هناك استمرار بخاصة إذا لم تتطور أدواتهم وأفكارهم».

ويجد المنتج محمد العدل أن «جماعة الإخوان تريد أن تكون دولة داخل دولة لها سياستها وفريقها الرياضي وفنها... لكن أهم عوامل نجاح السينما هو محاكاة الواقع فكيف يحصلون على النجاح وهم سيقدمون فناً من دون المرأة التي هي نصف المجتمع، أم إنهم سيكتفون بتمثيل المرأة المحجبة فقط؟! وكأن غير المحجبات لسن من المجتمع المصري. وأعتقد أن سينما الإخوان غير مكتملة العناصر... أي هي سينما ناقصة سينما».

الحياة اللندنية في

07/10/2011

 

«إنسان» ... أول مهرجان سينمائي في مخيم للاجئين في الضفة

رام الله - بديعة زيدان 

بعد النجاح الكبير الذي حققه مهرجان «إنسان» السينمائي في رام الله، ونظمته الجمعية الفلسطينية للفنون السينمائية، نهاية حزيران (يونيو) الماضي، حط المهرجان رحاله في مخيم بلاطة للاجئين قرب نابلس. وانتظمت فعاليات المهرجان في حديقة الفينيق بالمخيم، والتي انطلقت بفيلم «لأن الجذور لا تموت» أو «تل الزعتر» للمخرجة نبيهة لطفي، بحضور الفنانة سميرة الناطور، التي روت فصولاً من شهادتها الحية عن يوميات المجزرة التي عاشتها بكل مآسيها وفظائعها.

بدأ حفل الافتتاح، بكلمة لتيسير نصر الله، رئيس مجلس إدارة نادي يافا الثقافي في مخيم بلاطة، والذي ينظم المهرجان بالتعاون مع الجمعية الفلسطينية للفنون السينمائية، أكد فيها أهمية الفنون كعمل مقاوم، وكعامل لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وفتح النوافذ له أمام العالم، مشدداً على الدور الكبير الذي يلعبه الفن والفنانون بالتضافر مع بقية فئات الشعب الفلسطيني لإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية.

وعبّر مدير المهرجان يوسف الشايب عن سعادته لتنظيم المهرجان الأول من نوعه في مخيم بلاطة، بل في مخيم للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، والذي جاء نتيجة تضافر الجهود ما بين مركز يافا الثقافي والجمعية، مشددة على أن اختيار اسم «إنسان» كعنوان للمهرجان، لم يأت اعتباطاً، بل جاء لرغبة أعضاء الجمعية في أن يكون «إنسان» هو اللقب الذي يرافق الفلسطيني، الذي لطالما وصف في الإعلام المنحاز إعلامياً بالمتخلف، والإرهابي، والحقود، وترسخت صورته في غالبية أذهان المحيطين بنا، وربما جزء ليس بالبسيط منا بالضحايا، مؤكدة على أن رسالة المهرجان تقوم على التأكيد بأن الفلسطينيين بشر كسائر شعوب الأرض، بعيداً عن ثنائية الإرهابي أو البطل الأسطوري وثنائية المتخلف أو الضحية، وبأن المعاناة الفلسطينية هي جزء من معاناة شعوب الأرض قاطبة، وإن كانت المعاناة الفلسطينية مركبة بفعل الاحتلال وسياساته العنصرية وجرائمه المتواصلة.

بكاء صاحبة الشهادة

وقبل عرض الفيلم الذي يعدّ وثيقة تاريخية نادرة وغاية في الأهمية، قدمت الفنانة سميرة الناطور، شهادة حية، بكت وهي تسردها، كما أبكت غالبية الحاضرين، وكانوا بالمئات، لتسرد عديد الحكايات المؤثرة، خلال المجزرة التي ارتكبتها قوات «الكتائب الفاشية اللبنانية»، بغطاء ودعم من النظام السوري آنذاك.

ومن بين هذه الحكايات، التي سردتها الناطور، بعد أن قدمت صورة عامة للأوضاع خلال المجازر التي تواصلت على «تل زعتر» لأكثر من عام ونصف العام، من آذار 1975 وحتى آب 1976، حكاية عدم إمكانية دفن الشهداء في مقابر، حيث كان أهالي المخيم يدفنون شهداءهم داخل المنازل، «كنا نقص خزائن الملابس، وندفن الشهيد داخل أرض الغرف التي نعيش فيها، بعد تحويلها إلى ما يشبه التابوت، على أمل بأن نتمكن ذات يوم من دفنه في المقبرة».

وأكدت الناطور، أن القوى اليمينية اللبنانية، وبمشاركة القوات السورية، أجبرت النازحين من مخيم تل الزعتر، على الصف في طابور محاط بـ «العساكر الفاشيين» من كلا الجانبين، وهناك لم ينج أي طفل فاق عمره الاثنتي عشر عاماً .. كانوا يعدمونهم، بل إن بعض غير الآدميين أعدموا أطفالاً لم يبلغوا العام أو العامين ... أتذكر مشهداً انتزع فيه أحد المقاتلين اليمينيين طفلاً في اليوم الثاني من عمره من حضن والدته، ثم ألقاه إلى علو مرتفع للغاية، فسقط قتيلاً، وأتذكر الممرض أبو ياسين، الذي كان يحتضن زوجته الجريحة، وكيف قتلوه بطريقة بشعة، حيث ربطوا كل قدم من قدميه في سيارة، وانطلقت كل سيارة في اتجاه معاكس للسيارة الأخرى.

إلى أميركا

وكان الجمهور في اليوم الثاني من المهرجان على موعد مع الفيلم الهندي «اسمي خان»، الذي سبق وحقق حضوراً عالمياً لافتاً لمناقشته قضايا مهمة مثل العلاقة بين الهندوس والمسلمين والمعاناة التي يعيشها المسلمون في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، أما فيلم «بنتين من مصر» للمخرج محمد أمين، وكان فيلم الختام، فناقش مشكلة العنوسة التي باتت ظاهرة تزداد معدلاتها في المجتمع المصري بشكل خاص والعربي عموماً، في سبقه عرض الإيراني الأميركي «رجم الثريا» للمخرج الإيراني كيروس نورستيه، والمأخوذ عن قصة حقيقية عن رواية للصحافي الفرنسي فريدوني صاهبغام، يرصد تفاصيل حكاية رجم امرأة إيرانية حتى الموت العام 1980 في إحدى القرى الإيرانية بتهمة الزنا، وهو ما وصفه القائمون على المهرجان بالمؤثر، مشددين على أهمية التجربة الأولى من نوعها في مخيم للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

الحياة اللندنية في

07/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)