حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"دجاج بالخوخ":

السينما كما ينبغي أن تكون!

أمير العمري

كان من أجمل المفاجآت التي كشفت عنها مسابقة مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي عرض الفيلم الفرنسي "دجاح بالخوخ" Poulet aux prunes  لماذا؟ لأنه أولا، جاء من طرف مخرج ومخرجة، هما ماريان سوترابي وفنسنت بارونو، اللذان يعملان بالتآلف معا،فقد سبق لهما أن أدهشا جمهور السينما في العالم بفيلمهما "برسيبوليس" Persepolis الذي عرض في مهرجان كان للمرة الأولى قبل ثلاث سنوات. والفيلم الجديد "دجاج بالخوخ" هو في الحقيقة أول فيلم روائي طويل تمثيلي للثنائي الموهوب، يظهر فيه ممثلون من لحم ودم.

الجانب الثاني أن الفيلم يكشف عن الطاقات السينمائية التي كانت كامنة داخل خيال هذين المخرجين وهما يخرجان فيلما روائيا تمثيليا، ولكنها طاقة مشبعة بالخيال المستمد من الرسوم، كونهما من الرسامين.

الجانب الثالث: رغم أن ماريان سوترابي قدمت في الفيلم السابق قصتها الشخصية في بلدها  الأصلي إيران في الفترة التي سبقت ثورة الخميني عام 1979 أي قبل أن تفر هي إلى فرنسا، إلا أنها هنا في هذا الفيلم، تعتمد على رواية مصورة أصدرتها عام 2004 في فرنسا، لكنها تبتعد عن تجربة حياتها الشخصية المباشرة لكي تروي قصة، صحيح أنها ترتبط بشقيق جدها (والد أمها).. بما سمعته عنه واستطاعت أن تجمعه من هنا ومن هناك، إلا أنها تعرض شخصيته بعد أن تضيف إليها من الكثير من خيالها الخاص عن تلك الفترة التي عاشها في ايران الثلاثينيات والأربعينيات، وبما يجعل الفيلم مقبلولا من جانب الجمهور في كل مكان، لأنه يقترب بالشخصية من كل واحد منا.

السينما السحرية

ينتمي فيلم "دجاج بالخوخ" إلى تلك السينما التي يمكننا أن نطلق عليها "السينما السحرية".. تلك السينما التي تقوم، ليس على سيناريو يخضع للتتابع المنطقي والحبكة الدرامية القوية التي تقبض على بنيان الفيلم، بل على بناء يعتمد أكثر، على التداعيات، على القفز بين الأزمنة، من الماضي الى الحاضر أو إلى المستقبل، والعودة الى الماضي، في سياق سردي متداخل، وليس صاعدا باستمرار نحو الذروة.

من حيث الخيال يقترب الفيلم من الواقعية السحرية التي تميز الكثير من الأعمال في سينما وأدب أمريكا اللاتينية، وهو قريب من عالم فيلليني، خاصة في "أماركورد"، ومن عالم حكايات الجدة التي ترويها عادة للأطفال في القصص القديمة الخرافية، يختلط فيه التأمل الشعري، بالسخرية والمرح، بالتطلع في "نوستالجيا" مبرحة، الى الماضي، بالتعاطف المؤثر مع شحصية المبدع الفنان، ومع أزمته، وكيف يمكن أن يصبح الحب مدمرا في حياته بعد أن يعجز عن التحقق من خلاله لسبب أو لآخر، وهنا يأتي موضوع الموت: الموت كشبح قائم طوال الوقت إلى جوار الحياة، نتذكره وننساه يوميا، نهمله، لكنه لا ينسانا، نخافه، لكننا قد نسخر منه.

إن الصور الموجودة في خيالنا عن شبح الموت: "عزرائيل" (واسمه هكذا في الفيلم اتساقا مع الثقافة الاسلامية التي تنتمي اليها ساترابي) يتجسد في هذا الفيلم ويأتينا كشخص غامض، لكنه يمتلك حكمة راسخة والكثير من القصص والحكايات ذات المغزى، التي يروي منها لبطلنا أيضا ما يسليه ويدخل السكينة على نفسه، وكلها قصص مليئة بالحكمة التي استمدها من استمراره في عمق الزمن. وعزرائيل ليس عجوزا مفرا مخيفا بل كائن له شكل مميز حقا، لكنه ليس مروعا

والرواي في هذا الفيلم هو عزرائيل نفسه، ويبدأ الفيلم بصوته وهو يروي لنا قصة ناصر علي خان- الذي كان فنانا موسيقيا تفوق على أقرانه في العزف على الكمان في بلاد فارس. هذا الرجل الذي نراه الآن بعد أن تقدم به العمر وهو يعود الى طهران، يسير في شوارعها فيلتقي امرأة عليها مسحة من جمال لم يزول بعد، يوقفها ويناديها باسمها وهو "إيران" ويسألها إن كانت تتذكره، وعندما تنفي معرفتها به يبدو وقد تحطم قلبه الى الأبد.

نحن في طهران عام 1958، حيث يغشى ناصر محلات بيع الآلات الموسيقية بحثا عن آلة كمان يعوض بها آلته التي خسرها بعد أن انكسرت لأسباب سيكشف لنا الفيلم عنها فيما بعد، أي بعد مرور زمن طويل من الأحداث، لكنه لا يعثر على الآلة المنشودة بل يتعرض للاحتيال من طرف بائع جشع يعود ليلقنه درسا، ثم يتردد على أماكن تدخين الأفيون ربما لكي ينسى محنته التي تتمثل في عجزه كفنان عن الاستمرار في العزف وتأليف المقطوعات الموسيقية الخلابة، وعذابه كإنسان فشل في الزواج من الفتاة التي أحبها.

وفي فلاش باك طويل يعود الفيلم الى بدايات علاقة ناصر علي خان بالفتاة، وهي ابنة ساعاتي في طهران، وكيف رفضه أبوها بسبب مهنته، ويروي لنا الفيلم أيضا تفاصيل تتعلق بالتناقضات داخل أسرته، كأسرة من الطبقة الوسطى الايرانية، الأم متسلطة، والشقيق يلقى معاملة خاصة بسبب تفوقه في الدراسة، في حين لا ينجح ناصر سوى في الموسيقى، في الابداع الموسيقي ويلقى تقديرا كبيرا في أوساط هواة الفن في طهران، لكنه يفشل في اقناع الساعاتي بتزويجه ابنته الفاتنة التي تبادل ناصر الحب.

الهرب من الحياة

يقرر ناصر الانتحار فيغلق على نفسه باب غرفته، ويرقد على الفراش طالبا الموت أن يأتيه. ولكن عندما يحضر عزرائيل مجسدا بالفعل، يشعر ناصر بالهلع منه، لكن عزرائيل يطمئنه بأن دوره لم يأت بعد. إن عزرائيل هنا يبدو رجلا مكلفا بمهمة، يحسب الأمور بدقة شديدة، ولا يبدو متعجلا أو شرسا في القيام بدوره، بل إنه يبدي الكثير من التعاطف مع ضحاياه.

غير أن القصص تتداخل، ومن داخل الفلاش باك ندخل في فلاش باك آخر، ومن قصة صغيرة الى قصة أخرى، ومن تفصيلة داخل تلك القصة الأخرى، ننسحب الى قصة جديدة، لكن دون اصطراب، ولا تضارب، ودون أن يفلت الايقاع ولا مرة واحدة، فالفيلم بأكمله مصنوع بدقة الساعة السويسرية. والصور التي تظهر في حجم السينما سكوب (الأكثر مناسبة لموضوع الفيلم دون أدنى شك على العكس تماما من ذلك الحجم الصندوقي في فيلم "فاوست" الروسي الفائز عن دون حق، بالأسد الذهبي في فينيسيا) هي صور تغلب عليها مسحة لونية خاصة تضفي جمالا وسحرا على المشاهد واللقطات، بل إن المخرجين يستخدمان أيضا، ذات مرة، الرسوم المتحركة التي يعشقانها باعتبارها الفن الذي ينتميان إليه، لكي يعكسا من خلالها القصة التي يرويها عزرائيل لناصر.

سر العرض

ناصر له زوجة تزوجها فقط ارضاء لوالدته لكنه لم يحبها أبدا. وهي لا تفهمه ولا تبدي أي اهتمام بموهبته الموسيقية. له منها طفلتان. يصطحب واحدة منهما ذات يوم الى عرض من عروض الماريونيت أو العرائس في الشارع.. والطفلة الجميلة تصدق أن العرائس أشخاص حقيقيون لكنه يأخذها الى خلف المنصة لكي ترى بنفسها كيف تتم الخدعة.

ناصر أيضا يهوى تناول الدجاج بالخوخ. كانت أمه تطهيه له في الماضي. وتطهيه زوجته أيضا دون نجاح يذكر. ورغم كونها تتفانى من أجله إلا أنه يرفضها، وعندما تلح عليه أن يترك الكمان لكي ينضم للأسرة عند تناول الطعام، يرفض أن يستجيب فما يكون منها، خاصة بعد أن يصارحها بنفوره منها، سوى أن تختطف الكمان منه وتحطمه، فيتحطم قلبه معه!

كون عزرائيل هو الذي يروي لنا قصة ناصر، يكفي لأن نعرف أنه سينتهي بموت البطل. لكن النهاية ليست هي المهمة، فالأحداث والمشاهد تكمل بعضها البعض بحيث يمكن أن يكون الموت، استمرارا لحياة أخرى أفضل، فالفيلم ليس من تلك الأفلام المأساوية، بل يتميز بطابعه المرح، وفلسفته العميقة التي تقدم لنا من خلال قصة تبدوة كقصص الأطفال.

يتحدث ناصر من صديقه في الفيلم عن السينما، عن الأفلام التي يعشقانها فيأتي ذكر الممثلة الفاتنة صوفيا لورين، وفي مشهد آخر فيما بعد، يتخيل ناصر أنه يدفن نفسه وسط صدر صوفيا الكبير بحيث لا يمكنك سوى أن تتذكر نساء فيلليني في أفلامه الشهيرة.

كمال فني

يبدو كل شيء مكتملا في هذا الفيلم وفي موضعه تماما: الديكورات الرائعة التي تعيد لنا طابع الحياة في طهران الخمسينيات من القرن الماضي، سواء في الشوارع أو داخل منازل الطبقة الوسطى، وقد صور الفيلم في ستديوهات بابلسبيرج في برلين، وهي تلك الاستديوهات التاريخية.

الموسيقى البديعة التي ألفها أوليفييه برنيه، وهي تناسب أجواء "الحكاية" السحرية وتضفي عليها المزيد من السحر والرونق والجمال.

المونتاج الدقيق الذي يضبط الانتقال بين الماضي والحاضر والمستقبل والعودة الى الحاضر الروائي ببراعة ودقة، ودون أن يشعر المتفرد بأنه قد ضل طريقه، بل يتمنى أيضا أن يستمر الفيلم الى مالا نهاية.

وتستعين ساترابي بمجموعة من الممثلين والممثلات مناسبة تماما للشخصيات، ويتميز بينها بوجه خاص، الممثل الفرنسي الكبير ماتيو أمالريك، بطل فيلم آلان رينيه "العشب البري" Wild Grass وهو يؤدي دور ناصر علي خان بعبقريته الخاصة في الأداء.. بعينيه المندهشتين.. وايماءاته التي تقترب من فن البانتوميم (التمثيل الصامت)أحيانا، ومبالغات في الحركة التي تضفي بعدا غير واقعي على الأداء عموما.

هذا البعد اللاواقعي والمبالغة في الحركة، هو عنصر مشترك بين معظم الممثلين مثل إدوار باييه (عزرائيل) وماريا دي ماديروس (فارينجيس، زوجة ناصر، وهي ممثلة برتغالية)، وجولشفته فرحاني (الحسناء ايران)، وكيارا ماستروياني، (ليلي ابنة ناصر بعد أن تكبر)، وايزابيلا روسيلليني (والدة ناصر)، وجمال دبوز الذي قام بدورين هامشيين في الفيلم.

إن "دجاج بالخوخ" هو فيلم ينتمي لجوهر السينما التي نعرفها، كفن رواية القصص ببراعة وابتكار، ويجعلنا نجلس لنشاهده وكأننا نشاهد السينما للمة الأولى. وذلك هو سر عظمته.

الجزيرة الوثائقية في

06/10/2011

 

الأوسكار والعرب: 2

التجربة الصعبة للسينما المصرية

محمّد رُضــا 

هناك نفحة خاصّة للسينما اللبنانية أوصلتها  لا إلى الأوسكار فحسب بل إلى المهرجانات والأسواق التجارية الأوروبية والأميركية. إنها ذات النفحة التي تمتّع بها المخرج الراحل يوسف شاهين: شبابية اللغة السينمائية المستخدمة للتعبير عما يريد المخرج إيصاله. إذا ما قارنّا بين أفلام شاهين وأفلام أترابه من جيله ومن أجيال لاحقة (او حتى سابقة) لاحظنا تفرّده. هذا وحده لا يعني أنه أفضل من صلاح أبوسيف او عاطف سالم او كمال الشيخ او الآخرين، لكنه بالتأكيد يعني أنه يعرف كيف يتواصل مع ذاته الفنية،  ويستخرج منها تلك الملامح التي تُثير اهتمام المجتمع الغربي (كما العربي عموماً).

الجمهور الأجنبي أثبت مراراً وتكراراً أنه يهتم بالشكل وبحداثة اللغة وجمالية الأسلوب وهو يبدّيها على المضمون الا في حالة إذا ما كان المضمون نابعاً من وضع يريد الغرب معرفة المزيد عنه ويتوخّى من ذلك المخرج أن يوفّر له هذه المعرفة.

هذا هو السبب الذي من أجله التمّ هواة السينما والمثقفون في الغرب حول تجربة المخرج العراقي محمد الدرّاجي «إبن بابل» لكن هل حكاية الصبي، في «إبن بابل«،  الذي جاء يبحث عن أبيه بصحبة جدّته أفضل صُنعاً ورهافة وإجادة في السرد وفي اللغة من حكاية الصبي الذي يكتشف مساويء الحروب ويجد أمامه تحدّيات أكبر من سنواته الصغيرة في «طفولة إي?ان» لأندريه تاركوفسكي؟ بالطبع لا. لكن هناك الرغبة المشروعة في مشاهدة شهادة حول زمن ما بعد حكم صدّام حسين وما فعله الرئيس الراحل بشعبه. محمد الدرّاجي تولّى فتح ذلك الموضوع المهم ونجح في مهمّة الإجابة على تلك الرغبة.

لكن ذلك لم يدخله الترشيح الرسمي للأوسكار حينها (2010)  ولا أستطيع، او سواي، الفتوى في الدوافع والمسببات التي من أجلها أخفق الفيلم في ولوج التصفية النهائية الا من باب مقارنته بالأفلام التي ربحت ذلك الترشيح الرسمي وهي «حرائق» لدنيس فيلانيوف (كندا ودار عن الحرب الأهلية في بلد "مثل لبنان")،  "خارج عن القانون" لرشيد بوشارب (الجزائر)، "سن كلب" ليورغوس لانتيموس (اليونان) "في عالم أفضل" لسوزان باير (دنمارك وهو الفيلم الذي ربح الأوسكار) و"بيوتيفول" لأليخاندرو غونزاليس أناريتو.

السينما العراقية بدأت بإرسال ترشيحاتها إلى الأوسكار من العام 2005 حين اختارت الفيلم الناطق بالكردية "تحية للثلج" لجميل رستامي. تبعته في العام التالي بفيلم محمد الدرّاجي "أحلام" ثم بفيلم جميل رستامي الآخر "جاني غال" سنة 2007 ليليه الدرّاجي مجدداً بفيلم "إبن بابل" وغني عن القول أن هذه المحاولات حتى الآن لم تخترق الجدار الخارجي، لكن ذلك ليس أمراً فريداً او ناشزاً: معظم الدول التي شاركت منذ عشرات السنين لم تصل إلى الترشيحات الرسمية الأخيرة.... و.... من بينها مصر.

إذا كانت التجربة العراقية في الأوسكار لم تتعد بعد أربعة أفلام، فإن مصر بعثت من العام 1958 بسبعة وعشرين فيلماً لم يجد المحكّمون في أكاديمية العلوم والفنون السينمائية سبباً لقبول واحد منها. سآتي على السبب الأكثر ترجيحاً بعد قليل، لكن الملاحظ أن أفلاماً ليوسف شاهين، هنري بركات، كمال الشيخ، صلاح أبوسيف، سعيد مرزوق، على بدرخان، داوود عبد السيد، محمد خان كانت من بين تلك الأفلام التي لم تتخط العتبة الأولى لجانب أفلام لحسين كمال وشريف عرفة ومجدي أحمد علي.

المحاولة الأولى كانت ليوسف شاهين حين تقدّمت مصر بفيلمه "باب الحديد" لتلك الترشيحات. وبعد ذلك تم إرسال فيلمين آخرين له هما "الإسكندرية ... ليه؟" و"المصير"، لكنهما وجدا الصد نفسه.

في هذا الإطار فإن السبب أوسع من أن يتم تحديده بأوضاع ثابتة. هناك حقيقة أساسية تُعد عاملاً فاعلاً  وإن كان ليس العامل الوحيد، وهو أن الثقافة التي تنتج أفلاماً مثل "القاهرة 30" و«المستحيل» و"زوجتي والكلب" و"على من نطلق الرصاص" و"المصير" هي مختلفة عن ثقافة أعضاء الأكاديمية الذين من واجبهم النظر إلى فنيّة الفيلم وليس ثقافته وبالتالي مصدره. الجانب الملاصق لهذا السبب هو أن مصر لم تكن محبوبة من العام 1958 الى الستينات التي تم فيها ترشيح تسعة أفلام. الهيمنة الصهيونية كانت من القوّة حينها بحيث لم يكن من الممكن أن يخترق فيلم عربي الحصار خصوصاً إذا ما انتمى لمصر جمال عبد الناصر وحرب السويس والعدوان الثلاثي والموقف السياسي الثابت حيال إسرائيل.

المسألة الثقافية هي أيضاً مسألة اختيار مفردات التعبير اللغوية التي يتحدّث فيها فيلم للعالم. في سنة  2006 قدّم المخرج مروان حامد باكورة أعماله «عمارة يعقوبيان» وسواء أعجب الناقد العربي بذلك الفيلم، وهو بالتأكيد يحمل ما يدعو للإعجاب، او لم يعجب، فإن المسألة هي أنه بثقل طروحاته وبأسلوب عمله الكلاسيكي لم يكن ليستطيع مخاطبة الغير. تماماً كما كان الحال عندما قدّم علي بدرخان «أهل القمّة»  (1981) وحسين كمال »إمبراطورية ميم» (1973) او سعيد مرزوق «أريد حلاً» (1975). بل أن الأكاديمية استبعدت الفيلم الذي كان حاز على إعجاب الأوروبيين كما لم يفعل فيلم مصري من قبل وهو «المومياء» (1970)،

في المقابل، استطاعت إسرائيل دخول الترشيحات الرسمية تسع مرّات من أصل 43 مرّة قدّمت فيها أفلاماً لمسابقة أفضل فيلم أجنبي. أول مرّة قدّمت فيه فيلماً للأوسكار كانت سنة 1964 عبر فيلم بعنوان «صلاح» لإفرام كيشون  وتم إدخاله الترشيحات. في الأعوام 1971 و 1972 و1973 وصلت إسرائيل الى الترشيحات الرسمية. بعد ذلك دخلت الترشيحات خمس مرّات أخرى آخرها عبر فيلم »عجمي» الذي هو من تمويلها ومن إخراج فلسطيني هو اسكندر قبطي وإسرائيلي هو يارون شاني.

لم تنل إسرائيل أي أوسكار إلى الآن، لكنها من الدول الموجودة دوماً كما نرى. في العام 1977 بلغ التزلّف حدّاً دفع بالأكاديمية لقبول فيلم مناحيم غولان «غارة على إنتابي«، أحد أكثر أفلام ذلك العام رداءة في الإخراج والتمثيل ومن أكثرها تنميطاً وبعداً عن التحليل السياسي.

هل كان ذلك الفيلم أفضل من «على من نطلق الرصاص؟» لكمال الشيخ الذي رُشح قبله بعام، او من «الإسكندرية ... ليه؟» الذي رشّح بعده بعام؟ (لم يتم ترشيح فيلم مصري في العام ذاته).

الحصيلة تحتاج إلى صفحات أكثر بكثير وربما إلى كتاب. المسألة هي أن المساهمات العربية التي حملت جديداً في الطرح وخفّة في أسلوب النقاش (كتلك اللبنانية) وتلك التي تمتّعت بأسلوب وعناصر إنتاج فرنسية (لنقل أفلام الجزائري رشيد بوشارب) نجحت أكثر من أفلام سواها من الدول العربية في دخول الترشيحات الرسمية بما فيها المصرية.

هل سينجح فيلم عربي ما في نيل الأوسكار يوماً؟ ربما. لا ننسى أنه في مقابل كل فيلم عربي جيّد، هناك عشرات جيّدة أخرى وأنه مقابل كل فيلم عربي دخل الترشيحات الرسمية كانت هناك دوماً أفلام أفضل وبعضها أكثر قرباً من الثقافة المريحة للأجنبي.

السؤال الثاني هنا هو: وهل الأوسكار فعلاً مهم للسينما العربية؟ قبل الإجابة على هذا السؤال: هل هو مهم للسينما أساساً. بكلمة واحدة نعم، لكن ليست الأهمية الفنية بالضرورة، بل الإعلامية والتجارية والإنتاجية والذاتية. لذلك سيبقى حلم بعض السينمائيين العرب الحصول على الأوسكار مشروعاً، لكنه يجب أن لا يكون الحلم الوحيد.

الجزيرة الوثائقية في

06/10/2011

 

أول مهرجان بعد ثورة 25 يناير

افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي

أحمد عبد الحافظ-الإسكندرية 

انطلقت فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمهرجان الإسكندرية السينمائي بمشاركة ثلاثين فيلما تمثل 16 دولة متوسطية وحضور عدد من نجوم ونقاد السينما في مصر والعالم.

وتنظم المهرجانَ الجمعية المصرية لكتاب السينما ونقادها الذي يستمر لمدة خمسة أيام ويهدي دورته هذا العام إلى أرواح شهداء الثورة المصرية التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك. 

تكريم

بدأ حفل الافتتاح باستعراض مسرحي وأداء تمثيلي بمشاركة فرقة إسكندريلا من إخراج عادل عبده، تضمن لقطات سينمائية لأفلام تحكي ثورات مصر عبر العصور، منها "بين القصرين" و"مصطفى كامل" و"سيد درويش" و"شيء من الخوف" و"في بيتنا رجل" و"الفاجومي".

وكرم المهرجان بعض كبار نجوم وصنّاع السينما المصرية لما قدموه من أعمال مهمة، وهم الفنان يحيى الفخراني والفنانة زهرة العلا والمخرج سمير سيف والمؤلف بشير الديك، إلى جانب الفنانة اللبنانية كارمن لبس ومصمم الديكور الإيطالي أوزفالدو ديزيديري.

وافتتح فيلم "كف القمر" الذي يشارك في المسابقة الرسمية عروض اليوم الأول خلال حفل الافتتاح، وهو من تأليف ناصر عبد الرحمن وإخراج خالد يوسف وبطولة خالد صالح وغادة عبد الرازق ووفاء عامر وجمانة مراد وحسن الرداد.

ويتنافس في المسابقة الرسمية تسعة أفلام من ست دول أوروبية هي "سوناتا الصمت" من سلوفينيا، و"اليأس الكبير" من تركيا، و"سن الرشد" من فرنسا، و"سيرك كولومبيا" من البوسنة، و"حياتنا"من إيطاليا، و"خطط للغد" من إسبانيا،

إضافة إلى ثلاثة أفلام عربية هي "دمشق مع حبي" للسوري محمد عبد العزيز، و"النخيل الجريح" للتونسي عبد اللطيف بن عمار ،وفيلم افتتاح المهرجان "كف القمر".

أحداث الثورة

وتضم لجنة التحكيم الدولية مجموعة من الشخصيات المتميزة في فروع العمل السينمائي برئاسة المخرجة وكاتبة السيناريو الإسبانية هيلينا تايرنا، وعضوية الممثل والممثلة المصريين خالد الصاوي وجيهان فاضل.

كما تضم اللجنة مصمم الديكور الإيطالي ديزيديري واليونانية كاترينا ديداسكالو ومدير مهرجان دوريس بألبانيا أنيلا فارفي والمخرج الكرواتي وجنيين سفيليتشي، بينما يرأس المخرج محمد كامل القليوبي لجنة تحكيم مسابقة الديجيتال التي تضم في عضويتها الناقدة ماجدة موريس والمخرج عمرو سلامة.

ويحتفي المهرجان بمرور مائة عام على مولد الروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988 بعرض فيلمي "السمان والخريف" و"ميرامار"، كما ينظم ندوة بعنوان "نجيب محفوظ والإسكندرية".

وتحت عنوان "أفلام 25 يناير" يعرض المهرجان 11 فيلما قصيرا تستعرض جوانب مختلفة من أحداث الثورة، خاصة في ميداني القائد إبراهيم بالإسكندرية والتحرير بالقاهرة، وهي أفلام "ميدان التحرير" و"مصر تولد من جديد" و"إيد واحدة" و"الطريق إلى التحرير" و"برد يناير" و"نافذة على التحرير" و"نفس الحرية بكام؟" و"أنا".

السينما التركية

رئيس المهرجان السيناريست نادر عدلي قال للجزيرة نت إنه تقرر اختيار السينما التركية ضيف شرف "نظرا للمكانة الكبيرة التي أصبحت تشغلها على الساحة الدولية في السنوات الأخيرة، ومواقف تركيا الإيجابية والفعالة في مناصرة الشعوب العربية ومساندتها سياسيا واقتصاديا وإنسانيا، إضافة إلى ما تشهده من نهضة فنية على صعيد الدراما التلفزيونية والسينما".

وأضاف "سيتم تنظيم قسم خاص للسينما التركية تُعرض من خلاله خمسة أفلام تركية حديثة هي: العبور، وورقة، ونقطة مرور، ويأسنا الكبير، وخطايا صغيرة من إخراج ريزا كيراش، وستقام ندوة مع بطلته النجمة التركية إسراء روزان".

وقال رئيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما ممدوح الليثي إن المهرجان يحتوي على عدة جوائز، منها مسابقة أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة وأفضل مخرج وأفضل كاتب سيناريو.

والمسابقة الرسمية للمهرجان تقتصر فقط على الأفلام الروائية الطويلة لدول البحر المتوسط، في حين تشارك دول عالمية مختلفة في نشاطات خارج المسابقة الرسمية.

وأشار الليثي إلى تقديم عدد من عروض المهرجان بقاعات عرض في العديد من المناطق بمدينة الإسكندرية، إلى جانب عدد من الندوات عن السينما وردود الأفعال على الثورات، يشارك فيها شباب السينما المستقلة.

يشار إلى أن مهرجان الإسكندرية أول مهرجان يعقد بعد ثورة 25 يناير، وافتتح للمرة الأولى عام 1979 من قبل الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما وترعاه وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع محافظة الإسكندرية.

المصدر: الجزيرة

الجزيرة نت في

06/10/2011

 

مشاركة واسعة بمهرجان بغداد السينمائي

علاء يوسف-بغداد 

تشهد فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان بغداد السينمائي الدولي مشاركة واسعة، ويراها المتابعون نقطة تحول في تاريخ السينما العراقية، وفرصة لحماية ما تبقى من الإرث السينمائي وإعادة العراق إلى الخريطة السينمائية الإقليمية والدولية، وهي التي عرفت السينما أوائل القرن الماضي.

وتشارك أكثر من ثلاثين دولة في المهرجان، وتعكس الأفلام المشاركة تجارب سينمائية لأجيال مختلفة وألوان سينمائية متعددة، ويمنح المهرجان جوائز لأفضل فيلم روائي طويل وأفضل فيلم قصير وأفضل فيلم وثائقي.

وقال رئيس المهرجان طاهر علوان إن هذه الدورة نقطة تحول في تاريخ السينما العراقية، مشيرا إلى أنها الأضخم والأوسع من ناحية عدد الدول والأفلام المشاركة وتنوع برامج المهرجان منذ عام 2003.

الخريطة الدولية

وأضاف أن الأفلام المشاركة ستتوزع على مسابقات المهرجان الثلاث للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية، وتشمل مشاركات من العراق ومن دول عربية وأجنبية.

ويرى رئيس منظمة سينمائيون عراقيون بلا حدود، في حديث للجزيرة نت، أن المشاركة الكبيرة للأفلام والدول في مهرجان بغداد السينمائي الثالث، ستدفع المهرجان إلى خريطة المهرجانات الدولية.

وأشار الدكتور عمار العرداوي إلى مشاركة عدد من الدول منها ألمانيا والولايات المتحدة والدانمارك وهولندا وتركيا والصين وإيران والمكسيك وبيرو، إضافة إلى دول من الخليج العربي والمغرب وفلسطين ودول أخرى.

ويؤكد أن هناك 150 فيلما داخل المسابقة وخمسين خارج المسابقة، يتم عرضها في ثلاث قاعات، أولها المسرح الوطني في الكرادة ومسرح الطليعة في الوزيرية ونادي الصيد في المنصور.

تطور كبير

وبرأي معاون مدير عام السينما والمسرح بوزارة الثقافة العراقية، فإن الدورة الثالثة للمهرجان تشهد تطورا كبيرا من خلال المشاركة الكبيرة للأفلام والدول، وهو ما يحفز لجعل المهرجان سنويا.

وتكشف الدكتورة عواطف نعيم عن إطلاق مهرجان بغداد السينمائي مبادرة مخرجات عربيات لعرض أفلام 24 مخرجة سينمائية من أنحاء العالم العربي، وتقول إن المبادرة تهدف إلى دعم المرأة المخرجة بكل الطرق والوسائل المتاحة بغض النظر عن العمر والخبرة ، وتشير إلى أن الحاجة تقضي أن تلعب المخرجات السينمائيات العربيات أدوارا أوسع في المشهد السينمائي الإقليمي والعالمي.

يُذكر أن انطلاقة المهرجان بدورته الأولى كانت عام 2005 ومن ثم أقيمت دورته الثانية عام 2007، وعرفت مشاركة محدودة نظرا للأوضاع الأمنية التي كانت تشهدها البلاد آنذاك.

وعانت السينما في العراق خلال السنوات الماضية من اندثار حقيقي نتيجة غياب صالات العرض، وغياب الاهتمام بالفن الذي عرفته البلاد منذ 1909، وفتحت أول دار عرض في بغداد عام 1911.

المصدر: الجزيرة

الجزيرة نت في

06/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)