حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كل دراما خالية من الصراع تقابل بالتثاؤب

حين ينزع قنـاع الحضـارة ويحل «العمى الأبيض»

زياد عبدالله

من اللامكان إلى أمكنة كثيرة، ومن «العمى» إلى إبصار أنوار كثيرة مضاءة بالحب، ولعل البداية بتوصيفات كهذه من دون مقدمات، لها أن تدفعنا للقول أولاً أن نتكلم بداية عن المخرج البرازيلي فرناندو ميراليس وجديده «360» الذي سيفتتح به مهرجان لندن السينمائي هذا الشهر، والذي ينقل هذا المخرج إلى ما له أن يكون ابحاراً في الحب، المتعدد الأوجه والأمكنة والأعراق، عبر فيلم لا يكتفي بالأمكنة الكثيرة التي يتحرك في مجالها، بل بعدد الشخصيات التي يراد من خلالها تسليط أكبر قدر ممكن من الضوء على تنوع وتعدد الحب الذي يقود إلى تنويعات كثيرة أخرى ذات أبعاد اجتماعية ونفسية واقتصادية وغيرها.

آخر فيلم كان لميراليس قبل «360» هو ٌindness «عمى» المأخوذ عن رواية خوسيه ساراماغوا، صاحب نوبل للآداب ،1998 والذي كانت مشاهدته بحثاً مضنياً عن الخيط الفاصل بين الخيال العلمي الهوليوودي الذي كان يتخوف منه ساراماغوا أن تتحول روايته إليه حين تحويلها إلى فيلم، والخيال ذي المجازات الذي حملته الرواية، ولعل الأمر كان ناجحاً بالنسبة لميراليس وما قدمه ونحن نرى العالم وقد تحول إلى البياض، فكما هو معروف أن شخصيات «عمى» لا تصاب بالعمى وترى كل شيء أسود بل تراه أبيض، ولعل مشاهدة فيلم ميراليس أصابنا بعدوى هذا العمى من الأبيض الذي هيمن عليه، ونحن نرى ما تراه الشخصيات من بياض.

الكاميرا الذاتية تتكلم هنا، ولعل هذا الفعل السينمائي كان ومازال آسراً، بمعنى أن تتولى الكاميرا نقل العالم الذي أمامنا كما تراه الشخصية، غير تلك الكاميرا التي تعرف بالموضوعية والتي تصور ما يجري أمامنا من وجهة نظر المخرج، ولعل ميراليس وفي خصوص هذا «العمى» يضعنا أمام خيال ساراماغوا الذي قال لنا إن هذا العمى الذي سيحل بالبشرية سيكون بالأبيض، ولنكون ايضاً حيال ما يمكن أن تكون عليه البشرية ما لم تكن تبصر، ولعل ذلك هو محور ما قدمه الفيلم، دون أن تكون الإثارة صراعاً مع قوى شريرة، بقدر ما يكون الأمر قدرة هؤلاء البشر على أن يتأقلموا مع هذه الحياة، ومعها تلك المناطق المعزولة التي يوضعون فيها بحيث يمسي الصراع عودة للإنسانية إلى بدائيتها، فتحضر على الفور الملكية، ومعها الصراع على البقاء وهيمنة الأقوى، وعلى شيء يضع البشر الذين أودوعوا تلك المناطق العازلة في طبقات، كما لو أننا أمام الخطوات الأولى للحضارة.

طبعأً أفترض في ما تقدم مشاهدة القارئ للفيلم، حيث الحديث عن تمرد العميان سيكون بقيادة تلك المرأة الوحيدة التي بقيت مبصرة ولم تصب بوباء «العمى الأبيض» أي الشخصية التي جسدتها جوليان مور، وقد مضت إلى المنطقة العازلة لتكون إلى جانب زوجها، ولعل ذلك يحيلنا إلى أفلام كثيرة لها أن تمضي خلف النوازع البدائية للإنسان، مثلما هو الحال فيلم لم يمض على عرضه في دور العرض المحلية أكثر من شهرين، وقد كان بعنوان The Experiment «التجربة»، الذي يضع مجموعة من الرجال في تجربة تقتضي حبسهم في ما يشبه السجن وتقسيهم إلى سجناء وسجانين ولينتهي الأمر باضطهاد السجانين للسجناء وتمرد السجناء وهم يعرفون جميعاً أن الأمر ليس أكثر من تجربة وأن كل ما يفعلونه تتم مراقبته بواسطة كاميرات مزروعة في كل مكان. ما تقدم يعيدني مباشرة إلى رائعة ستانلي كوبريك «أوديسة الفضاء: 2001»، والذي يبدأ من القرود المعادل للإنسان البدائي، حيث سنقع على مجموعة منهم يعيشون حول بركة صغيرة راكدة من الماء، وسرعان ما تخرج عليهم قرود أقوى وتطردهم منها، ومن ينسى تلك العظمة التي ترمى عالياً لتتحول إلى مركبة فضائية ولنمضي بعد ذلك مع الاكتشافات الفضائية وصولاً إلى رحلة المشتري، حيث يكون التمرد من شكل آخر، إنه تمرد الآلة على الإنسان، إنه ذلك الكمبيوتر فائق الذكاء الذي يقتل رواد الفضاء، ولينجو من ذلك دايف الذي يعود وينتقم من الكمبيوتر الذي يغني أغنيته الأخيرة بينما ديف يضع حداً لحياته.

الكلمة للصراع دائماً، ضع البشر في ظروف بدائية وسيبدأون بالتصارع وستعود سيرة البشرية الأولى من جديد، ذلك أنها حاضرة يومياً في حياتنا العادية، لكن تحت أقنعة ومسميات كثيرة لا تجعل هذا الصراع يبدو فجاً وبدائياً كما سيبدو عليه لو تمت إعادة الزمن أو تشكيل ظروف خالية من غطاء الحضارة، ولعل أهمية الصراع في الدراما متأتية من هنا، وربما بما يدفع للقول، إننا بنى صراعية، لنا أن نهتم فقط بما يحمل هذا الصراع، ولعل خلو أية مادة درامية من صراع سيفقدها صفة الدرامية وسيدفع البشر إلى التثاؤب والملل.

الإمارات اليوم في

02/10/2011

 

 

فيلم"هذه صورتي عندما كنت ميتا" في مهرجان بيروت الدولي

رزق الغرابلي - القدس  

أعلن مهرجان بيروت السينمائي الدولي عن مشاركة فيلم "هذه صورتي عندما كنت ميتا" للمخرج الفلسطيني الأردني المقيم في هولندا محمود المساد (42 عاما)، ضمن فعاليات المهرجان عن فئة الأفلام الشرق أوسطية الوثائقية القصيرة.

يحكي الفيلم قصة الطفل بشير مريش (في الرابعة من عمره)، والذي كان في أحضان والده عندما تم اغتياله في اليونان، ومن خلالها يطل على تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، لتنتهي بما آلت إليه الأمور بين "الإخوة الأعداء" في فلسطين.

وعرض الفيلم للمرة الأولى خلال الدورة الماضية لمهرجان الفيلم الوثائقي العالمي في أمستردام IDFA وهي الدورة الثالثة والعشرون التي انطلقت في السابع عشر من نوفمبر 2010. وتم ترشيح الفيلم لجائزتين هما جائزة أفضل فيلم وثائقي هولندي، وجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل في المهرجان المعروف عالميا.

وخلال الفيلم يستذكر بشير أحداث "موته" من خلال صورة قديمة، يبحث من خلالها عن ماضيه، ليتعرف على الحياة التي كان ليعيشها، وليشهد حلم قيام دولة فلسطين، الذي ضحى والده بحياته من أجله يتلاشى.

وقال المساد في تصريحات سابقة له: "إنه في هذا الفيلم يرسم صورة عن الصراع ويطرح القضية المعقدة من منطلق شخصي وبدون تحيز إلى جهة أو أخرى، الرسالة الأخيرة التي يحاول إيصالها للمشاهد هو ضرورة النظرة النقدية على الذات الفلسطينية وما آلات إليه الأمور بعد عقود من الثورة والنضال".

وأضاف: "للأسف فإن حلم الأب مريش الذي صارع من أجله لم يصل إلى النتيجة المطلوبة".. لكن الفيلم يترك المشاهد بشيء من الرضا، لأن بشير الذي كان غاضبا على والده في أول دقائق الفيلم يجد السكينة والغفران في داخله ويتفهم في المشاهد الأخيرة حلم والده الذي تركه من أجله.

وقد تم تصوير الفيلم الوثائقي الثالث للمخرج المساد "هذه صورتي عندما كنت ميتا" في الأردن عام 2009.

فارييتي العربية في

03/10/2011

 

 

وقفة في مضمون مهرجان المرأة بسلا

أحمد بوغابة 

يمكن القول بأن مهرجان سينما المرأة بمدينة سلا هو الذي افتتح الموسم السينمائي الجديد بالمغرب. فهو أول تظاهرة تم تنظيمها بعد انتهاء العطلة السنوية الصيفية، وبعد رمضان الكريم، ومع بداية السنة الدراسية الجديدة التي هي المحدد الأساسي – منذ زمان - لبداية الموسم في المجتمع الحضري ومعه عادت الصحف والمجلات الأسبوعية للقاء بقرائها.

وعليه، فمهرجان المرأة هو الذي "سيلد" عدد كبير من المهرجانات والتظاهرات واللقاءات السينمائية طيلة الموسم، منها من هي دولية ومنها من لها صبغة وطنية وأخرى محلية بحتة أو محورية. وطبعا تختلف هذه المهرجانات والتظاهرات في مستواها السينمائي والتنظيمي. بعضها تلغي دوراتها في آخر لحظة وأخرى تعتمد على الإشعاع الإعلامي الذي لا يعكس مستواها الحقيقي إلا بنسبة قليلة منها التي تتمتع بالمشروعية السينمائية في داخل المغرب وخارجه.

تحتضن مدينة سلا مهرجان سينما المرأة وأحداثه. وتتقاسم هذه المدينة مع العاصمة الرباط نهر أبي رقراق حيث تقع على ضفته الشمالية. وقد سبق أن عرفنا بالمهرجان وبتاريخه في نصوص سابقة بموقع الجزيرة الوثائقية التي يمكن الاطلاع عليها حتى يكون القراء الجدد في صورته ومحتوياته. والغريب في الأمر أن الرباط تنظم مهرجانها في بداية فصل الصيف بينما سلا في نهايته وكأنهما في منافسة ما، تمتد في عمق التاريخ.

• لا جديد عند المرأة؟؟؟

ماذا حملت من جديد الدورة الخامسة لمهرجان سينما المرأة بسلا الذي صبغ نفسه بالدولية؟ لا شيء على الإطلاق. كأننا لم نغادر الدورة السابقة بنفس الروتينية. لم تجد هذه التظاهرة عناصر التي تمكنها من إيجاد - في كل دورة - نقطة محورية تضيف الجديد وفي ذات الوقت تحتفظ بخطها التحريري الذي جعل من المرأة موضوعا سينمائيا، خاصة وأنه أصبح سنويا منذ دورته الثالثة، وإلا سيتضاعف الروتين الذي سيقتله في المهد أو يحوله إلى لقاء غير جذاب لمن يهمه الأمر.

وهذا المهرجان يستنسخ بدوره نفس التشكيلة للبرامج، بمعنى يضم فقرة لأفلام المسابقة وأخرى خارجها وكذا تكريم سينما بلد ما حيث شملت هذه السنة السينما الإفريقية السوداء بجنوب الصحراء وضمنها تكريم خاص جدا بسينما بوركينا فاصو. كما برمج المهرجان، هو أيضا، كباقي المهرجانات، ورشات التكوين حول السيناريو. فقد أصبحت هذه الورشة قائمة في جميع المهرجانات بالمغرب إلى حد أننا نتصور أن المغاربة كلهم تحولوا إلى كتاب للسيناريو وخلق الوهم عند كثير من الشباب أنهم بإمكانهم أن يصبحوا كتابا للسيناريو في "ثلاثة أيام"!!!! وهذه الممارسة خطيرة في ذاتها عكس ما يعتقد المنظمون. لها انعكاسات سلبية على المدى القريب والبعيد إذ أن نتائجها تظهر جليا على شاشات التلفزيون حاليا.

من الطبيعي جدا تكريم بعض الأسماء النسائية المشتغلة في الحقل السينمائي خاصة العاملة وراء الكاميرا. هذه إلتفاتة جيدة وميمونة كما هو الحال مع السيدة فاطمة العلوي بلحسن، وهي في الأصل فنانة تشكيلية مغربية تشتغل أيضا في السينما كمصممة للديكور والملابس (رغم أن تصميم الديكور يختلف كثيرا عن تصميم الملابس فهما عالمين مختلفين لكل منهما فلسفته الفنية واختصاصه البصري).

• تكريم ممثل انتهت صلاحيته

وكرم المهرجان وجوها نسائية سينمائية طبعا من خارج المغرب كالسيدتين حليمة كونور من تركيا (مؤسسة مهرجان سينما المرأة بأنقرة) وناكي سي سافاني من الكوت ديفوار المقيمة بفرنسا وهي رئيسة مهرجان السينمات الإفريقية بمرسيليا (جنوب فرنسا). وبذلك خرج المهرجان من دائرة تكريم الممثلات فقط. لكن، وهذه هي الطامة الكبرى ونكتة المهرجان التي جعلت البعض يستغرب لتكريم الممثل المصري حسين فهمي. إن سياق وجود هذا الممثل في حد ذاته إشكالية منهجية في فلسفة المهرجان وفكر منظميه. لا معنى لوجوده أصلا. وهو ما أثار النقاش في كواليس المهرجان ووسائل الإعلام المختلفة قبل وأثناء انعقاده. ممثل انتهت صلاحيته (بالفرنسية périmé) فقد انتهى سينمائيا وتلفزيونيا منذ زمان، ولم ينتج أفلاما كممثل يستحق عليها التكريم والإشادة بقدر ما كانت بعض أفلامه ضد المرأة نفسها. لم يكن مُقنعا - سينمائيا وتلفزيونيا - كممثل فنان ولا هم يحزنون. حاول بعض المنظمين الدفاع عن هذا الاختيار لكنهم ضاعفوا في أخطائهم، فلم يكن هروبهم إلى الأمام إلا حفرة أخرى سقطوا فيها نظرا لغياب المعرفة الحقيقية بالصورة السينمائية في الأقطار العربية. لقد برروا اختيارهم بكونهم أرادوا من خلاله تكريم "الثورة المصرية" (يا سلام، الجميع بدأ يهتم بالثورات والتضامن مع شعوبها وهي موضة جديدة للالتفاف عليها بشكل انتهازي). الجهل السينمائي أنساهم أن الممثل حسين فهمي هو نتاج نظام السادات ضمن سياسة قتل السينما المصرية في عهده التي أطلق عليها المصريون أنفسهم "سينما المقاولات"، كما كان جزء من النظام البائد. يتم تكريمه بالمغرب في هذه الظروف الخاصة بينما لفظه شعبه قبل أن يلفظ رئيسه. ويبدو أنه حصل عكس ما كان ينتظره منه المنظمون، جلب الجمهور و"إثارة الجنس اللطيف" إلا أنه مر بدون إشعاع إلا من لدن الإعلام الذي أضاءه بإضاءة اصطناعية زائفة. لم يكن الاختيار على الممثل حسين فهمي موفقا على الإطلاق بل إسقاط على المهرجان فسقطه وأسقطه وسقط الجميع. علما أن هناك أسماء فنية مصرية كانت بإمكانها أن تعطي لمهرجان سينما المرأة بسلا نكهة جديدة وربما صورة مغايرة لمعنى السينما في الربيع العربي المتنور.

ويا ليته وقفت إدارة المهرجان عند هذه "العثرة" بل تمادت فيها بتعيين الممثلة المصرية هالة صدقي في لجنة التحكيم، ومعلوم أنها من الأسماء التي كانت في البداية ضد شباب ميدان التحرير، ثم عدلت موقفها بالقول أنها ليست "مع" أو "ضد" بل هي مع "مصلحة مصر" ؟!؟!؟ وهذه الممثلة نفسها هي في حالة "التقاعد الفني" بسبب محدودية مستواها وغير مؤهلة للتطوير.

إن هذه الاختيارات تؤكد وجود خلل ما في الجهة المنظمة للمهرجان التي لا تأخذ مأخذ الجد أهمية الشخصيات التي يمكنها أن تحمل على كتفيها سمعة التظاهرة وتنيرها وتعطيها المصداقية بمختلف أبعادها. فبقدر ما يتم التفكير في اختيار الأفلام التي ستشارك في المسابقة وتوفير شروط جيدة لها في العرض السينمائي، وكذا اللجنة التي ستحاكمها، ينبغي أيضا التفكير بعمق في الشخصيات المُكرمة لأنها تشكل تشكيلة واحدة إذا حصل انحراف في إحداها تداعت الأخرى معها لأنها هي الأعمدة التي تقف عليها التظاهرة. والتنظيم ليس عملية شكلية إنها أيضا فنية وفكرية، وبدون مبالغة أو اللعب على الكلمات هي بنفس القدر ذات أهمية اجتماعية وسياسية. اسألوا أهل العلم فيهما إذا لم تصدقوا.

• أفلام أمام حُكم المرأة

اختار مهرجان فيلم المرأة بمدينة سلا (المغرب) منذ انطلاقه أن تكون الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية تتأسس فقط على موضوع المرأة نفسها. بمعنى التي تعالج الإشكاليات الإنسانية والفنية والتاريخية للمرأة ككائن إنساني في الكون كله، سواء تمت معالجتها من لدن المرأة نفسها أو الرجل أو هما معا (ويتمنى أحد المنظمين الأساسيين للمهرجان، حسب ما صرح لي به في نقاش معه، أن يصل إلى المرحلة التي تكون جميع الأفلام المشاركة من توقيع المرأة فقط) رغم أن هذا الاختيار ليس جديدا أو اكتشاف خاص بسلا بل هو موجود في عدد من المهرجانات التي تتمحور حول المرأة.

واختيار آخر للمهرجان، يتجسد في أن تتشكل لجنة التحكيم من النساء فقط أيضا، وهو ما التزم به إلى حد الآن، وهذا الفعل يتضمن إيجابيات بالتأكيد ومعها بعض السلبيات بحيث يقطع النقاش بين الجنسين ولا يغنيه في تلك اللجان ويكرس القوقعة والغيتو بين عناصر الحياة التي تشكلها المرأة مع الرجل. وبالتالي، فهو اختيار ضد الطبيعة لكن التجربة تستحق الاهتمام من باب الفضول الاجتماعي، يمكن بعد سنوات من التراكم أن يتم تقييم نظرة المرأة في حكمها على الأفلام التي يُقال عنها نسائية أو حول النساء من خلال الاطلاع على أفلام المسابقة في جميع الدوارات والأفلام الفائزة فيها ولجن التحكيم التي حكمتها وتقاريرها حول أعمالها إذا كانت تصيغها حقا.

تعرض المهرجان قبل أن يبدأ لنقد لاذع من لدن كثير من الجهات النقدية والإعلامية (هناك طبعا من يصفق ويبارك ويبايع من أجل الحصول على غرفة في فندق ووجبة الأكل مكتفيا بتوقيع البرنامج بدون قراءة له مستفيضة ومفيدة لأصحاب المهرجان حتى يتطورون مستقبلا). وما أثار النقاش كثيرا هو فيلم الافتتاح "عين النساء" (إنتاج متعدد الجنسيات من بينها المغرب)، فهناك من رأى فيه إساءة للمرأة المغربية ومن اعتبره فيلما عاديا أو رديئا أو من يرفض حمله لجزء من الهوية المغربية.

"عين النساء" هو فيلم أخرجه الفرنسي من أصل روماني: رادو مهايلينو. تم تصويره بالكامل في المغرب، وساهمت فيه إحدى الشركات المغربية في إنتاجه فأخذ بالتالي الجنسية المغربية وساهم في تمثيل المغرب بمهرجان "كان" الفرنسي الأخير. جميع الممثلات المغربيات، باستثناء أمال الأطرش إلى حد ما، كن مجرد كومبارس لم ينطقن بكلمة واحدة بينما احتلت البطولة فيه ممثلات من الجزائر وتونس يعشن كلهن في باريس وينطقن بلكنة لا علاقتها بلهجات المغرب ليبرر مخرجه أنه يتحدث عن وضع المرأة في شمال إفريقيا!!!؟؟؟

فيلم غني بالأخطاء التقنية البديهية التي لن يرتكبها مبتدئ في السينما، وقصة ركيكة بسيناريو مفكك في المعنى والتصور. إنه باختصار ممل لن يقنع أحد كمنتوج سينمائي حتى يدافع عنه. إن الفكرة وحدها، مهما كانت جيدة واستثنائية، لن تنتج سيناريو مقبولا ولا فيلما جميلا يبهج العين إذا لم يتم الاشتغال على مختلف مكونات فنون السينما.

• التنشيط ممارسة فنية وأخلاقية

من عثرات المهرجان الفادحة أيضا، التي تتكرر للسنة الثانية على التوالي، هو "تنشيط" أفلام المسابقة في النقاشات الصباحية حيث استاء منها الحضور وهرب منها المشاركون وقاطعها النقاد والصحفيون لأن "المنشط" الذي انتهت هو بدوره صلاحيته أيضا ولم يخرج من الكهف في الوقت المناسب ليجد نفسه في منصة لا يعلم كيف يتعامل معها إذ يتحدث لمدة أطول من كل المتدخلين مجتمعين، ويحتكر الكلمة لدقائق كثيرة مُبالغ فيها وينزعها من الحضور ويجيب على القاعة عوض المخرجين والممثلين بل لا يعطيها للمعنيين بالأمر للإجابة على تساؤلات المشاهدين لتتحول تلك الندوات حول الأفلام إلى حوار الصم بين "المنشط" و"ذاته". لقد اشتكت لي إحدى الممثلات الأجنبيات في نقاش هامشي معها من "تضخم الذات" وغياب منهجية للتنشيط السليم. فما كان علي إلا أن أنصحها بالتعبير عن ملاحظتها لدى المنظمين لأنها كانت ترغب في المناقشة مع المغاربة خاصة وأنها قطعت مسافة طويلة آتية من قارة أخرى. لقد ضاعت فرصة اللقاء بين السينمائيات والممثلات مع الجمهور لمعرفة نبضه خاصة وأن الأجانب يهتمون كثيرا بما يقوله الجمهور والمهتمين من الأقطار التي يزورونها.

لم تكن بداية الموسم السينمائي المغربي في مستوى طموحنا مع مهرجان سينما المرأة في مدينة سلا فننتظر مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة هذا الأسبوع لعله يعيد لنا بصيص الأمل.

الجزيرة الوثائقية في

02/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)