حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نادين لبكي... الحل في الحشيش!

بيار أبي صعب

السينمائيّة الشابة سحرها لا يقاوم، ممثلة ومخرجة ومواطنة من العالم (الثالث) تعرف كيف تخاطب الغرب، وتدغدغ مشاعر معاصريها. قراءة أولى في فيلمها «وهلأ لوين؟» القائم على تقنيّة الغواية، وعلى توظيف الجرح دراميّاً بدلاً من مواجهته

 (إلى عثمان تزغارت)

في فيلمها الثاني «وهلأ لوين؟» الذي انطلق بنجاح على الشاشات اللبنانيّة، تعاود نادين لبكي بإتقان أكبر ما بدأته مع باكورتها الروائيّة «سكّر بنات» (٢٠٠٧). تسلّط نظرتها الطوباويّة ـــ البراغماتيّة من وجهة نظر تسويقيّة ـــ على المجتمع اللبناني وصراعاته. تفعل ذلك بمهارة سينمائيّة (تصوير: كريستوف أوفنشتاين، مونتاج: فيرونيك لانج)، وبنفَس انتقادي تارة، وفولكلوري طوراً.

بأسلوب هو مزيج من الشاعريّة والسذاجة والإسراف الجمالي، بين الكوميديا والتراجيديا، بين الواقعيّة الجديدة والسينما الاستعراضيّة. يستحوذ الفيلم على اهتمام المشاهد الذي يتماهى مع الأحداث. يتطهّر من أوجاعه أو خوفه أو إحساسه بالذنب، ثم يخرج لاستئناف حياته.

ثكالى متّشحات بالسواد، حاملات صور موتاهنّ الذين حصدتهم حروب بعيدة، يتقدّمن في السهل الأجرد على وقع كوريغرافيا جنائزيّة، فيما صوت الراوية يطلق الحدّوتة. بهذا المشهد المؤسلب يبدأ الفيلم، عند مدافن الضيعة الموزّعة بين مسلمين ومسيحيين. الفيلم من بطولة تلك الضيعة المجازيّة، المختلطة دينيّاً، بمختارها (خليل بو خليل) وكاهنها (سمير عوّاد) وشيخها (زياد أبو عبسي) ومهبولها (منذر بعلبكي). قرية «رحبانيّة» مقطوعة عن العالم منذ الحرب السابقة. الجسر الذي يصلها بالخارج لم يُعَد بناؤه، والألغام تزنّرها من كل صوب، والبثّ التلفزيوني لا يمكن التقاطه إلا بأعجوبة، ليأتي حاملاً مخاطر الإباحيّة والتفرقة الأهليّة. وحدهما المراهقان روكز ونسيم، يغامران بالخروج عند الفجر على درّاجة ناريّة، يحملان منتج الضيعة، ويعودان بالحاجيات الأساسيّة.

وسط هذا الديكور الريفي، تبني نادين لبكي فيلمها تبعاً لإيقاع مشوّق (السيناريو كتبته بالاشتراك مع جهاد حجيلي ورودني الحدّاد). حركات الكاميرا وأحجام الكادرات والإضاءة وزوايا التصوير، وموسيقى خالد مزنّر، وكلمات الأغنيات ذات النفَس البريختي، بتوقيع تانيا صالح. إيقاع اللقطات والمشاهد التي تتكامل وتتحاور لتخلق سياقاً ديناميّاً، يغذيه الحوار المشغول بعناية. اللحظات الطريفة أو الجارحة التي يقوم عليها الفيلم، وأداء الممثلين الذين أدارتهم بمهارة، في خلطة موفّقة بين محترفين وهواة. نادين هي في الفيلم أمال المسيحيّة، صاحبة المقهى الذي تنعقد فيه الأحداث وصولاً إلى الذروة، حين يجتمع أهل القرية في حفلة مصالحة قسريّة، قوامها الحشيش والمسكّنات والأوكرانيّات. ربيع (جوليان فرح) معلّم البناء الذي يرمّم مقهى أمال، مسلم طبعاً، ما يغني السيناريو بقصّة حبّ مستحيلة، برسم الأغنيات والأحلام. في المقهى، ستنفجر نادين لبكي في مونولوغها المركزي، منتهرةً الشبان المهتاجين الذين تسلّلت إليهم سموم الفتنة. وهنا ستلتقي نساء القرية، روح الفيلم ودينامو الحبكة، للالتفاف على جنون الرجال «الحربجيّة». تبرع المخرجة في رسم الشخصيات النسائية: إيفون (إيفون معلوف) زوجة المختار، وعفاف (ليلى حكيم) الخفيفة الظل، وفاطمة (أنجو ريحان) بحجابها القاتم، وتقلا (كلود باز مصوبع)... تتجلّى الأخيرة في مشهد المواجهة مع تمثال السيّدة العذراء، بعد مقتل ابنها نسيم خارج القرية، ثم حين تطلق النار على قدم ابنها الآخر (ساسين كوزلي) لمنعه من حمل السلاح ثأراً.

«كحلون» نادين لبكي معرّضة لرياح الحرب الأهليّة التي «تأتي من الخارج» طبعاً، على طريقة «الغريب» في المسرح الرحباني. لذلك ستبدو أسباب الخلاف، والأحداث التي تستدرج الأهالي إلى الاقتتال، أشبه بظواهر غيبيّة ليس لها تفسير: كسر الصليب، تدنيس الجامع، كسر تمثال العذراء انتقاماً، الدم في جرن المياه المصلاة، إلخ. يلعب الفيلم على هذه المشاهد الخطيرة بشيء من الخفّة، «يستغلّها» لاكتساب قوّته التأثيريّة. نادين تكاد تبتزّنا وتلعب على مشاعرنا، تسرف في الغواية والكوميديا، وتبالغ في توظيف القسوة، لا لتحرّضنا وتدفعنا إلى الوعي (وإلا لعمّقت الطرح)، بل لبناء عمل سينمائي ناجح يحقق الإجماع. ترينا ما نحبّ رؤيته، تختبئ وراء الكليشهات والتعميمات لتتفادى الغوص في الجرح، وقول الأشياء الموجعة. إنّها جماليّة الغواية التي تأخذ هنا كل معناها...

لحماية القرية من جنون الرجال، تلجأ النسوة إلى الجنس (الأوكراني) وإلى المخدرات. تستيقظ القرية ذات صباح، وقد انقلب مسيحيّوها مسلمين ومسلموها مسيحيّين. الآن صار ممكناً دفن نسيم بسلام. لكن، هل تكفي الحلول السحريّة لتجاوز البنى القديمة؟ فيلم «وهلأ لوين؟» نفسه يشكّ في ذلك.

«وهلأ لوين؟»: في صالات «أمبير» (1269) و«بلانيت» (01/292192)

والآن إلى الأوسكار؟

بعد نجاح «سكّر بنات» مع آن دومينيك توسان، كان من السهل على نادين لبكي إنجاز مشروعها الثاني، بدعم من المنتجة الفرنسيّة المذكورة. السينمائيّة الشابة هي في كل مكان هذه الأيّام؛ في إعلان عن ماركة مستحضرات تجميل، في ندوة شاركت فيها في باريس يوم ١٢ أيلول (سبتمبر)، وبُثّت على النت، إلى جانب فرانسوا هولاند أحد مرشّحي الحزب الاشتراكي للرئاسة الفرنسية ٢٠١٢ وميشيل بيكولي وبيار لوسكور عن «أهميّة الثقافة كوسيلة انفتاح»، على الشاشة الصغيرة وعلى جدران المدن اللبنانيّة، في مناسبة انطلاق فيلمها الروائي الثاني «وهلأ لوين؟» (والآن إلى أين؟) على الشاشات اللبنانيّة. بعد مشاركته الربيع الماضي في «كان»، وفوزه أخيراً بـ«جائزة الجمهور» في «تورنتو»، رشّح لبنان الفيلم لجوائز الأوسكار الأميركيّة (أفضل فيلم أجنبي).

الأخبار اللبنانية في

26/09/2011

 

في العراق... «سينما متنقّلة» ضدّ العنف

حسام السراي 

بغداد | كيف يمكن أن نتلقّى خبر انطلاق «مهرجان السينما المتنقلة الثالث» في العراق؟ هل نفهم ذلك كإصرار على خلق طقس آخر للمشاهدة، ما دامت دور السينما غائبة عن بلاد الرافدين إلى أجل غير مسمى؟ أم أنّه محاولة جديدة لإشاعة حيوية أكبر في المشهد الثقافيّ والفنيّ؟ يمكن أن يكون المهرجان حاملاً لكلّ هذه الأهداف في آن واحد. المهرجان الذي تقيمه «منظّمة السينما المتنقلة» بالتعاون مع «دائرة العلاقات الثقافيّة» في وزارة الثقافة، انطلق الجمعة الماضي من مقاهي وساحات المناطق الشعبيّة في محافظة البصرة تحت شعار «بالحبّ والسلام ننبذ العنف».

رافق الافتتاح، معرض تشكيلي ضمّ لوحات لنخبة من التشكيليّين مثل طالب جبار، ونمير الكناني، وعبد سلمان، وصبري المالكي. بعد محطّته الأولى، توجّه المهرجان إلى محافظة الديوانية، ومنها إلى بابل لتقديم العروض السينمائيّة، ولفت أنظار الجمهور البعيد عن متابعة السينما، للإنتاجات الشبابيّة.

تجربة «السينما المتنقلة» ليست جديدة على العراق. شهدت خمسينيات القرن الماضي وستينياته محاولات مماثلة. كانت هناك سيارات خاصة تحمل شاشة العرض إلى الأحياء البعيدة عن دور العرض الرئيسيّة في العاصمة بغداد.

حينها، كان الهدف من تلك الشاشة الجوّالة، ربط الهامش بالمركز. أمّا اليوم، فالهدف محاولة لبعث الحياة في الفنّ السابع، بعدما راحت الصالات الشهيرة تختفي تدريجاً.

تتميز الدورة الثالثة من «مهرجان السينما المتنقلّة» بأنّها تحتفي بالفيلم الكردي؛ إذ عرض في البصرة ثلاثة أفلام هي «الحامل» لشيرزاد هدايت، و«خطوات الموت» لبيشرو نبرد، و«الشقوق» لأمير طه. على البرنامج أيضاً شريط «الرحيل» لحسين الرماحي، و«الوطن» لعبد الخالق جودت، و«طيور تحت أجحة الرحمة» لحميد الرماحي، و«الحلم» لطارق الرماحي. يختتم المهرجان الخميس المقبل بتكريم عدد من الفنّانين السينمائيّين العراقيّين في «قاعة المسرح الوطنيّ» في بغداد. مع العلم بأنّ الأفلام التي عرضت خلال أيامه السبعة، تشترك بتيمة واحدة، هي الدعوة إلى السلام ونبذ العنف، وهذا جلّ ما يحتاج إليه العراق الآن. يحسب للمهرجان تقديمه لتجارب جديدة شابة، لكن يؤخذ على المنظمين عدم توسيع دائرة المشاركة، وعرض أفلام لم يتح لكثيرين متابعتها، مثل فيلم «كرنتينا» لعدي رشيد.

«مهرجان السينما المتنقلة الثالث»: حتى 29 أيلول (سبتمبر) الحالي

الأخبار اللبنانية في

26/09/2011

 

لويس بونويل... «شبح الحريّة» يخيّم على بيروت

يزن الأشقر  

ما من مدينة يمكنها أن تفهم المعلّم السريالي مثل بيروت. وحسناً فعلت «متروبوليس» التي تستضيف مهرجاناً استعاديّاً لسينمائي الأحلام والرغبات الذي انتقد البورجوازيّة والدين والسلطة. الافتتاح الليلة بـ«كلب أندلسي»

أسبوع حافل ينتظر عشّاق الفن السابع في لبنان، وبداية قوية لـ«متروبوليس» التي اختارت بدء أول برامجها الاستعادية لهذا الموسم مع المعلّم الإسباني لويس بونويل (1900 ــــ 1983). تحت عنوان «أحلام ووقائع: استعادة لأعمال لويس بونويل»، ينطلق الليلة البرنامج التكريمي الذي نظّمته الجمعيّة اللبنانية، بالتعاون مع السفارتين الإسبانية والمكسيكية، ومعهد «ثرفانتس»، والمركز الثقافي الفرنسي في لبنان، احتفاء بالسينمائي الشهير المثير للجدل، وأحد سحرة الفن السابع.

11 فيلماً من أهم ما أنجزه السريالي المشاكس، ستعرضها صالة «متروبوليس أمبير صوفيل»، ما يمثّل فرصة ثمينة لجمهور الفن السابع في لبنان، لاكتشاف تلك الأعمال الكلاسيكيّة، أو اعادة اكتشافها في نسخ ٣٥ ملم مرمّمة. والانطلاقة بحد ذاتها تحمل الليلة بصمات لبنانيّة خاصة، مع الـ Ciné-concert الذي يتلقّف فيلمه «كلب أندلسي» بمرافقة عزف حيّ. كما نشير إلى محاضرة مهمّة يلقيها خافيير إيسبادا (29/9 ــــ س: 7:00)، المخرج الذي اشتغل على العديد من الأعمال التي تناولت بونويل.

بونويل الذي ولد في إسبانيا من أمّ كاثوليكية وأب ليبرالي، سار في درب الإلحاد بعد قراءته داروين. تابع دراساته الجامعية في مدريد، وتنقّل سينمائياً بين مدن عدة. محطته الأولى كانت مدريد بطبيعة الحال، حيث تعرّف إلى لوركا وسلفادور دالي. صداقته بالفنان السريالي شكّلت منعطفاً مهمّاً في حياته، رغم عدم استمرارها طويلاً.

انتقاله إلى باريس عام 1925 غيّر حياته. في عاصمة الأنوار خلال العشرينيات، ارتاد حلقات المثقفين والمفكّرين والمنظّرين، وخصوصاً السرياليين، وعمل مساعد مخرج في أفلام عدة، وكتب وأخرج مع سلفادور دالي الشريط الصامت «كلب أندلسي» (1929ــــ 17 د) الذي سيعرض في افتتاح التظاهرة اليوم مع مرافقة موسيقية حيّة لشريف صحناوي (غيتار) وستيفان ريفز (سوبرانو ساكسوفون). من هنا، انطلقت مسيرته السينمائية الحافلة التي وُصِفت بالـ«المخرّبة» للقيم والنظم السائدة. قرر دالي وبونويل صناعة الفيلم، بعدما أفصح كل منهما للآخر عن حلمه. دالي حلم بيده ملأى بالنمل، وبونويل حلم بشفرة تقطع عيناً. وفقاً لبونويل، كانت القاعدة أن يتكوّن الفيلم من صور لا يمكن تفسيرها بطريقة منطقية، أو أن تكون من الذاكرة أو ذات علاقة بثقافة ما. هكذا أخرج أحد أكثر الأفلام إثارة للجدل في تاريخ السينما، هو القائل: «بدلاً من تفسير الصور، حريّ بنا قبولها كما هي».

في فرنسا أيضاً، قدم بونويل شريطه الثاني «العصر الذهبي» (1930 ــــ 60 د ـــــ الليلة). الفيلم المقتبس جزئياً من رواية الماركيز دو ساد «120 يوماً في سادوم»، كان من المفترض أن يكون تعاوناً ثانياً مع دالي. كُتب الشريط بصيغة مشتركة قبل أن يختلف الاثنان، لشيوعية بونويل وإلحاده وفق ما جاء في مذكرات دالي. عَرض الفيلم السريالي لاحقته الفوضى، بل إنّ بونويل وضع حجارة في جيبه ليدافع عن نفسه من ردة فعل الجمهور. وقبل أن يمنع الفيلم من قبل محافظ باريس، هاجمت جماعة فاشية صالة العرض والجمهور.

هذه الفوضى والجدل لم يمنعا بونويل من الاستمرار. غادر باريس وعاد مرة أخرى إلى إسبانيا، وهناك أخرج شريطه شبه الوثائقي Las Hurdes (١٩٣٣ــــــ ٢٧ د ــــ ٢٧/٩). الفيلم الذي لم يسلم بدوره من المنع بداعي «تحقير وتشويه إسبانيا»، يتناول الفقر في إحدى البلدات الإسبانية الفقيرة بصورة سريالية. وقد اتخذه مؤرخو السينما أحد الأمثلة المبكرة على الفيلم الوثائقي الساخر mockumentary. بعد ذلك، عاد بونويل إلى فرنسا هرباً من فاشية فرانكو. ثم انتقل إلى الولايات المتحدة، وتنقّل بين هوليوود ونيويورك، قبل أن يتوجّه إلى المكسيك عام 1946، حيث حصل على جنسيتها متخلياً عن جنسيته الإسبانية. هناك أخرج إحدى روائعه Los Olvidados (١٩٥٠ـــ ٨٨ د ــــ ٢٧/٩). الشريط الذي أطلق اسم بونويل عالمياً، يتناول الفقر من خلال سرد واقعي اجتماعي وسريالي لقصة مجموعة من الأطفال الفقراء في مكسيكو سيتي. بعد الحفاوة النقدية التي لقيها شريطه، بقي بونويل في المكسيك التي كانت مركزه الرئيسي لبقية حياته. هناك، أخرج عشرين فيلماً آخر.

في عام 1960، تلقى دعوة من فرانكو للعودة إلى إسبانيا وإخراج فيلم هناك، فكانت النتيجة «فيريديانا» (١٩٦١ــــ ٩٠ د ــــ ٢٨/٩) الذي نال به السعفة الذهبية في «مهرجان كان السينمائي»، علماً بأنّ فرانكو حاول سحبه من المهرجان ومنعه من العرض. إذ إنّ الشريط الذي يحكي قصة راهبة تقع تحت إغواء قريبها، اتُّهم بالزندقة من قبل الفاتيكان، ومنع من العرض أيضاً في إسبانيا.

بعد سنة وإثر العودة إلى المكسيك، جاء فيلم «الملاك الفتاك» (١٩٨٢ــــ ٩٣ د ــــ ٢٩/٩)، كإحدى هوايات بونويل المفضلة في نقد البرجوازية بطريقة سريالية، من خلال قصة ضيوف مدعوّين إلى حفل عشاء وغير قادرين على المغادرة.

بعد ذلك، عاد لويس بونويل إلى العمل في فرنسا ليخرج العديد من أفلامه الهامة، بينها «جميلة النهار» (١٩٦٧ــــ ١٠١ د ــــ 30/9) عن زوجة بورجوازيّة (تؤدّي دورها كاترين دونوف) تقرر العمل كفتاة هوى لإرضاء نزواتها الجنسية، بعيداً عن زوجها الطبيب، و«تريستانا» (١٩٧٠ــــ ١٠١ د ـــ ١/١٠) وصولاً إلى «السحر الخفي للبورجوازية» (١٩٧٢ــــ ٩٧ د ـــ ٢/١٠). عندما سئل بونويل خلال إحدى المقابلات الصحافيّة، عن شخصياته المفضلة في «السحر الخفي للبورجوازية»، أجاب: «الصراصير». لا شك في أنّ كميّة الكره كان التي يبديها السريالي الساخر تجاه البورجوازية والسلطة هائلة وكبيرة. في تحفته تلك، يتلذذ السينمائي الكبير في توجيه نقده اللاذع لشخصياته المكروهة، ويواصل هجاءه للبرجوازية بأسلوبه السريالي الساحر، وهذه المرة من خلال مجموعة لا تتمكن من الجلوس لتناول عشائها بسبب وجود عائق ما كل مرة. والمفارقة أنّ الفيلم حاز أوسكار أفضل فيلم أجنبي.

أما «شبح الحرية» (١٩٧٤ــــ ١٠٤ د ـــ ٣/١٠)، شريط بونويل الشخصي وما قبل الأخير الذي فكر في الاعتزال بعده، فقد شكّل ذروة سرياليته في تحطيم البنية الروائية التقليدية من خلال سرده لمجموعة من القصص المختلفة التي تعتمد على المصادفة. ثم جاء فيلمه الأخير «ذلك الشيء الغامض للرغبة» (١٩٧٧ـــــ ١٠٣ـــــ ٤/١٠)، ليحكي قصة ثري فرنسي مهووس بكونشيتا في فيلم يغوص في الرغبة والسياسة. بعدها، اعتزل بونويل ليكتب مذكراته التي نشرها عام ١٩٨٢ تحت عنوان «تنهيدتي الأخيرة» قبل أن يرحل عام ١٩٨٣. مذهل هو الزخم الذي تميّزت به رحلة بونويل السينمائية والمتعددة. حياته الشخصية مثيرة كأفلامه أيضاً. سينمائي الأحلام والرغبات والنقد الدائم للثروة والدين والسلطة بأشكالها المتعددة، تشكّل استعادة أعماله في «متروبوليس» فرصةً ثمينة للاطلاع على نتاج هذا السينمائي العبقري.

«لويس بونويل: أحلام ووقائع»: الثامنة مساءً، ابتداءً من الليلة حتى 4 تشرين الأول (أكتوبر) ــــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية/ بيروت). للاستعلام: 01/204080

دفاعاً عن الإنسانية

النفاق والجشع والأنانيّة البورجوازية هي سهام النقد الحاضرة دوماً عند بونويل. نقده للبورجوازية، يجسّد كرهه للعلاقات السلطوية في المجتمع. السلطة تتجسد أيضاً في نظرة الرغبة التي تبديها شخصياته الذكورية نحو النساء. التمرد هو ما يهمّ بونويل بوصفه مشروعاً لرفض القمع. وفي هذا كلّه احتفاء ودفاع عن الإنسانية من الاضطهاد السلطوي الديني والسياسي والاجتماعي.

 

من البرنامج

«كلب أندلسي» (1929 ــــ 17 د)

الليلة < 8:00

في باكورته القصيرة، تعاون المبدع الإسباني مع أحد أكبر مجانين عصره، سلفادور دالي. كانت النتيجة شريطاً صامتاً، تكرّس كواحدة من درر الفن السابع، بفضل لقطته الشهيرة: شفرة تقصّ عين شابة. نشاهده الليلة في الافتتاح، على وقع موسيقى تصويرية لشريف صحناوي، وستيفان ريفز.

«العصر الذهبي» (١٩٣٠ ــــ ٦٠ د)

الليلة < 8:00

سيناريو سوريالي وغامض، يتمحور حول قصة حب منبوذة من العائلة والكنيسة والمجتمع البورجوازي... مكوّنات كافية لتتعاطى معه السلطة بتجلياتها المختلفة، على أنّه فضيحة. لكنّ المعلّم الإسباني جعل من شريطه الطويل الأول، أشبه بثورة حضارية، بقي صداها يتردد لسنوات.

«فيريديانا» (١٩٦١ ـــ ٩٠ د)

٢٨/ ٩ < 8:00

في الشريط الحائز سعفة «كان» الذهبية، أرسى المعلّم الإسباني مجموعة من عوالمه الأثيرة، أبرزها علاقة الشهوة بالدين. فيريديانا الجميلة، وجدت دعوتها في الترهّب... لكنّ عمّها دون جايم، رأى العكس. شريط استفز الكنيسة، وخصوصاً بالمشهد الذي يستلهم العشاء السريّ.

«جميلة النهار» (1967 ـــ 101 د)

٣٠/ ٩ < 8:00

أكبر نجاحات بونويل التجارية، حاز الأسد الذهبي. بين النقد الاجتماعي، والنظريات الفرويدية، ينسج السينمائي حبكة جعلت اسمه يرتبط بعوالم أحد المواخير الباريسية. كاترين دونوف تؤدي هنا دور زوجة طبيب، تقرّر إطلاق العنان لاستيهاماتها، من خلال «عمل جانبي».

«تريستانا» (1970 ـــ 101 د)

1/ 10 < 8:00

جعل بونويل من كاترين دونوف وفرويد ثنائياً رهيباً في شريط معقّد، يصفع من يشاهده بعنف. البطل، دون لوبّي، أرستوقراطي يحبّ النساء ويكره رجال الدين. والبطلة تريستانا يتيمة تحتمي في قصر ذلك الدون جوان، قبل أن تجعله عشيقها، ثمّ تهجره إلى أحضان رسام.

«ذلك الشيء الغامض...» (١٩٧٧ ــــ ١٠٣ د)

٤/ ١٠ < 8:00

الرغبة، الهوس، الشبق، الكبت الجنسي، الحلم، تيمات طبعت أعمال بونويل. تدور قصّة شريط الختام هذا، على قطار يعبر أوروبا. لكنّ الحبكة الحقيقية تحدث في ذهن الراوي، ماتيو المهووس بتتبع طيف معذّبته كونشيتا. المرأة موضوع الرغبة، صعبة المنال دوماً في فيلم يشرّح الشهوة بعمق.

الأخبار اللبنانية في

26/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)