حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيلم «هلأ لوين» يعرض لأهل الصحافة والإعلام في بيروت

نادين لبكي: نعم.. أثق بقدرة المرأة العربية على بناء الأوطان

بيروت: فيفيان حداد

لبى أهل الصحافة والإعلام دعوة المخرجة اللبنانية نادين لبكي لحضور العرض الأول لفيلمها الجديد «هلأ لوين»، الذي حصد جائزة «فرنسوا شاليه» في مهرجان كان السينمائي عن فئة «نظرة ما» كأفضل عمل روائي طريف لمؤلف أبدع في إبراز حقيقة عالمية.

استهلت حفلة العرض بكلمة ألقتها لبكي المشاركة كممثلة أيضا في الفيلم، شاكرة الحشد الإعلامي الذي حضر وقد أحاط بها فريق الممثلين المشاركين في الفيلم، فقدمتهم فردا فردا ليتعرف إليهم الحضور، لا سيما أن معظمهم يقف لأول مرة أمام الكاميرا، أمثال إيفون معلوف وأنطوانيت نفيلي وجوليان فرح وعلي حيدر وغيرهم، إضافة لممثلين آخرين معروفين، كعادل كرم وانجو ريحان وخليل بوخليل وفؤاد يمين. ورافق نادين زوجها خالد مزنر، الذي وضع موسيقى الفيلم، وشقيقتها كارولين التي تلعب دورا ثانويا فيه، إضافة لمساعدتها والمسؤولة الإعلامية في مكتبها، زينة صفير، ومن ثم بدأ عرض الفيلم الذي استغرق نحو الساعة وخمسين دقيقة تابعه الحضور بانسجام تام، وتفاعلوا مع أحداثه، فضحكوا لبعض المشاهد الطريفة وسقطت دموعهم لمشاهد أخرى مؤثرة لامست مشاعرهم بشدة وانتهى العرض بتصفيق كبير استمر لدقائق عبر فيه المدعوين عن مدى إعجابهم به.

وتجري أحداث «هلأ لوين» في بلد مزقته الحرب، فيروي قصة نساء عقدن العزم على حماية قريتهن المعزولة والمحاطة بالألغام من القوى الخارجية التي تتسلل إليها، وتبث فيها روح الفتنة فتهدد بتدمير مجتمعهن من داخله، الأمر الذي يدفع بهن للاتفاق على هدف واحد. وخلافا لكل التوقعات، فإن صداقتهن القوية تسمو بهن فوق الخلافات العقائدية، فيحكن خططا مبتدعة وغير تقليدية، غالبا ما تكون طريفة لصرف انتباه رجال القرية عن الحرب وتهدئة أي توتر جاهز للاشتعال بين أتباع الدينين؛ من مسيحيين ومسلمين. وتتوالى أحداث الفيلم لتضع براعة النساء على المحك في تفادي تبعات الحرب القديمة، ولتطرح السؤال: إلى أي مدى يمكن للنساء أن ينجحن في منع إراقة الدماء وإحلال الخراب عندما تضحي الأحداث مأساوية. ويأتي الجواب في نهاية الفيلم مفاجئا لأي توقع قد يخطر على بال المشاهد.

يُذكر أن نص الفيلم كتبته نادين نفسها، وقد شاركها في ذلك كل من جهاد حجيلي ورودني حداد وتوماس بيديجان، في حين اهتمت كارولين لبكي (شقيقة نادين) باختيار الملابس للممثلين، وهو من إنتاج مشترك ما بين لبنان وفرنسا ومصر وإيطاليا، وقد بلغت تكلفته 4 ملايين يورو.

جسدت نادين لبكي في الفيلم دور الفتاة (آمال) التي تغرم برجل ينتمي إلى دين آخر، فأدّت الشخصية بالعفوية التي عرفت بها كممثلة، واستطاعت في أحد المشاهد التي تطلبت منها أداءا مزدوجا فيه خليط من الثورة والحب أن تخطف انتباه المشاهد، الذي تسمرت عينيه على الشاشة الكبيرة لدقائق طويلة دون أن يرف له جفن متابعا لكل حركة وكلمة قامت بها متفاعلا معها، فشعر وكأنها تقف أمامه مباشرة وهو واحد من كومبارس الفيلم.

وفي حديث أجرته «الشرق الأوسط» مع نادين لبكي إثر انتهاء حفلة عرض الفيلم، أكدت أنها تثق بقدرة المرأة العربية على بناء الأوطان، وأن الفيلم هو ترجمة لقناعاتها في هذا الصدد، لافتة إلى أن الفكرة من الفيلم هي التأكيد على أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وأن ما تزرعه المرأة في إرادة أولادها ومن هم حولها لا بد أن تحصده عند الحاجة. وعن سبب اختيارها دائما لوجوه جديدة تشارك في تمثيل شخصيات أفلامها، ردت لبكي قائلة: «لأنني أحب اللعب مع الواقع فأضع أشخاصا واقعيين في مواقف واقعية وأدعهم يخلقون ضمنها واقعهم الخاص، وأعتقد أن اللجوء إلى ممثلين غير محترفين هو مغامرة فيها الكثير من المخاطرة والمتعة وتجعل المشاهد يشعر بأنهم يشبهونه وكأنهم جيرانه أو من معارفه»، وروت نادين كيف تم اختيار الممثلة التي أدت دور زوجة المختار في الفيلم، وهي في الواقع زوجة رجل في إحدى القرى التي صور فيها الفيلم، وأنها أثناء تفقدها لموقع التصوير قصدتهم (الزوجة) لترحب بهم في قريتها، فأقنعتها بأداء الدور وكانت النتيجة رائعة. وأشارت إلى أن طريقة اختيار هؤلاء الممثلين تجري على عدة مراحل، وأنها في النهاية تتبع إحساسها في أخذ القرار الأخير لاختيارها لهذا أو لذاك من بينهم. وعن أماكن تصوير الفيلم، أوضحت لبكي أنه جرى في ثلاث قرى لبنانية وهي: «الطيبة» وتقع في منطقة البقاع وتضم في الواقع مواطنين لبنانيين مسلمين ومسيحيين، ويتجاور فيها المسجد والكنيسة تماما كما تروي أحداث الفيلم، وأنها أرادت بذلك الالتزام بالواقع قدر الإمكان، إضافة إلى قريتي «دوما» و«مشمش» وتقعان في منطقة المتن. أما بالنسبة للديكور الذي صممته مع المسؤولة عنه في الفيلم سينتيا زهار فقد عملت على تقديم حقبة زمنية خاصة فيه يشمل مرور الزمن والفقر والعزلة من خلال استعمال مواد مختلفة من الجدران إلى الأخشاب والأقمشة إذ تجري أحداث الفيلم في قرية عانت من الحرب، ووجدت نفسها في عزلة عن العالم الخارجي بلا تلفزيون أو هاتف، ولا يربطها بالدولة سوى جسر مفخخ بالألغام ومدمر بفعل القذائف.

ومن المقرر أن يبدأ عرض الفيلم رسميا في الصالات اللبنانية في 22 من الشهر الحالي، وكذلك في فرنسا، وبعدها في باقي الدول الأوروبية التي اشترت حقوق عرض الفيلم، وبينها برلين وبروكسل.

والتقت «الشرق الأوسط» خالد مزنر (زوج نادين لبكي) واضع موسيقى الفيلم وأغانيه، الذي وصف موسيقى الفيلم بـ«رفيقة النص»، كونها تتنقل ما بين الحزن والفرح تماما كما مجرياته، موضحا أن الأغاني كتبتها تانيا صالح، وأن الأداء جاء أنثويا بامتياز، كونه يتأثر عادة بزوجته نادين التي تتمتع بنسبة عالية منها، فتكون الموسيقى رقيقة وناعمة شبيهة تماما بها.

إيفون معلوف من جهتها، التي مثلت دور زوجة المختار، رأت أنها محظوظة، لأن تجربتها السينمائية الأولى لها جاءت على يد نادين لبكي، واصفة إياها بـ«المخرجة التي لن تتكرر»، وأكدت أنها لم يسبق أن وقفت أمام الكاميرا سابقا وأن نادين جعلتها تتحرك بطبيعية قصوى مما جعل أداءها حقيقيا، ولم تصدق هي نفسها أنها أنجزته بكل هذه العفوية.

أما الممثلة انجو ريحان، فشددت على الرسالة التي يحملها الفيلم، الذي يبرز دور المرأة في مجتمعنا ويسلّط الضوء على أهمية نضالها فيه، داعية اللبنانيين لحضور الفيلم الذي هو صناعة لبنانية بامتياز.

وفي دردشة سريعة مع الوجهين الجديدين؛ أنطوانيت نفيلي وليلى حكيم، أكدتا لـ«الشرق الأوسط» أنهما تقدمتا لـ«الكاستينغ» عن طريق الإعلانات، وأنهما شاركتا في الفيلم دون أن تعرفا مسبقا طبيعة الشخصيتين اللتين ستجسدانها ووصفتا نادين لبكي بـ«المرأة الخارقة»، نظرا للإبداع الذي يسكنها وللعفوية المطلقة التي تدير بها عملها كي يأتي حقيقيا.   

افتتاح «ربيع السينما العربية» في باريس

مهرجان صغير بميزانية شحيحة ونيات شاسعة

باريس: «الشرق الأوسط»

بجهود شبه فردية من أعضاء جمعية السينما العربية الأوروبية، وبعمل متواصل ودؤوب من مجموعة تعد على أصابع اليدين من عشاق - وبالأحرى عاشقات - الفن السابع، بدأت في صالة «لا كليه» في باريس أمس عروض «ربيع السينما العربية». وتشمل هذه المبادرة التي تعتبر تحديا معنويا حقيقيا ومغامرة مالية بميزانية متواضعة، قائمة طويلة من الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة التي تتناول، بشكل مباشر أو موارب، الثورات والانتفاضات المطالبة بالحرية، منذ مطلع العام الحالي، في أكثر من بلد عربي.

وإذا كان عدد من هذه الأفلام قد وجد طريقه إلى المهرجانات السينمائية هنا وهناك، فإنها المرة الأولى التي تتضامن فيها صالة باريسية مع أحداث الربيع العربي، وتفتح أبوابها لجمهور عام من مختلف الفئات والانتماءات. كما نجحت المجموعة الراعية لهذه التظاهرة في الحصول على أفلام تعرض للمرة الأولى، لا سيما من النوع الوثائقي الذي اقتنص مخرجوه اللحظة العربية الفريدة وسجلوا غليان الشارع والتقطوا نبض الرجال والنساء الذين كتب كل منهم لافتته بخط يده ونزل بها إلى الميدان، مشاركا الجموع التي أرهقتها عقود من الفساد وتكميم الأفواه وتكسير الأقلام وحجب الكاميرات عن تصوير ما لا يرتضيه أهل الحكم، أو ما يشوه الملصق الزائف الذي تروج له دعايتهم.

«ربيع السينما العربية» في باريس، الذي يأتي مع إطلالة الخريف على العاصمة الفرنسية، يتميز بسهرتين استثنائيتين، الأولى مع حفل الافتتاح بفيلمين، الأول «حكاية ثورة» للمخرج المصري ناجي إسماعيل، والثاني «على ظهر السفينة» للمخرجة المغربية ليلى كيلاني. أما السهرة الثانية فستكون مع اختتام هذا المهرجان الصغير، مساء الأحد المقبل، الثامن عشر من الشهر الحالي، بعرض فيلم «هلق لوين؟» للمخرجة اللبنانية المتفوقة نادين لبكي. وستعقب العرض حفلة موسيقية غنائية للمغنية التونسية عبير النصراوي التي صدحت حنجرتها في أكثر من مناسبة، لتكون صوت ثورة الياسمين في باريس.

وكما سبق فإن الميزانية المتواضعة لهذا المهرجان، التي قدمها مركز السينما الفرنسي، لا تسمح بترف دعوة المخرجين للحضور إلى باريس والالتقاء بالجمهور. لكنّ عددا منهم سيكون حاضرا لأنه موجود هنا، لأسباب شخصية أو سياسية، مثل المخرجتين السوريتين هالة محمد وهالة عبد الله وزميلهما هيثم حقي، والمغربية ليلى كيلاني التي تقيم ما بين باريس وطنجة، والمصري ناجي إسماعيل، والإيطالي ستيفانو سافونا، واللبنانية كاتيا جرجورة. وفي ما يخص هذين المخرجين الأخيرين، فإن من الأفلام التي انتظر الجمهور مشاهدتها، الفيلم الوثائقي الطويل «تحرير» لسافونا، المخرج المولود في باليرمو والمقيم في فرنسا، وكذلك فيلم «باي باي مبارك» لجرجورة التي لاقت الويل وهي تتابع تصوير مشاهده في عز الثورة المصرية.

أكثر من 50 فيلما جمعها المنظمون لهذا الربيع العربي - الباريسي القصير الذي لن يدوم لأكثر من 4 أيام، لكنه سيكون مناسبة للحوار وللكثير من التساؤلات التي تشغل الناس، أهل هذه البلاد التي تقع على الضفة الشمالية للبلدان المنتفضة، حول مستقبل الثورات العربية وعن ألغاز الأفق الذي ينفتح عليه المشهد المقبل.

الشرق الأوسط في

17/09/2011

 

«أسبوع أفلام آر تي الثالث» في «متروبوليس»

عائلات مهدمة وصداقات معلقة وحياة يومية للأرستقراطية

نديم جرجوره 

لا تغيب السينما عن بيروت. سواء أكان الإنتاج لبنانياً أم غربياً، لا تزال المدينة فاتحة بعض صالاتها أمام المختلف. محتاجة هي إلى انفتاح على السينما المغاربية مثلاً. على نتاجات سوريا وفلسطين ومصر (غير التجارية المسطّحة). على نتائج الحراك الحاصل في دول خليجية عدّة. لكن السينما، مع هذا كلّه، لا تغيب عنها. لم تعد المسألة مرتبطة بالمهرجانات الرئيسة فقط. بعد إلغاء «مهرجان الفيلم اللبناني» في آب الفائت، وانتظار المهتمّين بالسينما العربية موعد الدورة الجديدة من «أيام بيروت السينمائية» في العام المقبل، والإبقاء على «مهرجان السينما الأوروبية» نافذة واسعة للإطّلاع على نسق أوروبي في التعامل مع الفن والحياة، من دون تناسي استمرار التخبّط العشوائيّ لـ«مهرجان بيروت السينمائي»، قبل هذا كلّه وبعده، يتابع المعنيّون بالفن السابع وقائع احتفال سينمائي غربيّ الإنتاج ودولي الصُنعة: النسخة اللبنانية الثالثة من «أسبوع أفلام آرتي». الثامنة مساء غد الأحد، يُفتَتح الأسبوع الثالث هذا بعرض «الشجرة» (فرنسا/ أوستراليا، 2010، مئة دقيقة، بالإنكليزية المرفقة بترجمة فرنسية) لجولي بيرتوتشيلّي. أسبوع حافل بعناوين غربية، أنتجتها المحطة الثقافية الفرنسية الألمانية هذه عامي 2010 و2011. الحدث الأبرز: تحية إلى المخرج الفرنسي التشيلي راوول رويز، المتوفّى في التاسع عشر من آب 2011، بعرض فيلمه الملحميّ البديع «أسرار ليشبونة» (البرتغال/ فرنسا/ البرازيل، 2010، 266 دقيقة، بالفرنسية والبرتغالية المرفقتين بترجمة إنكليزية)، السابعة والنصف مساء السبت المقبل.

تحدّيات

فيلم افتتاح «أسبوع أفلام آرتي»، الذي يُقام بالتعاون مع «جمعية متروبوليس» في صالة سينما «متروبوليس» في «أمبير صوفيل» (الأشرفية)، يتُوقّع إطلاق عرضه التجاري اللبناني قريباً، بفضل «لوغو شقرا/ شوتينغ ستارز». فيلم افتتاح «أسبوع آرتي» في بيروت، كان فيلم ختام الدورة الثالثة والستين (12 ـ 23 أيار 2010) لمهرجان «كانّ» السينمائي: عن الحياة والموت. عن الوهم والمتخيّل. عن معنى الصمود في مقارعة تحدّيات العيش اليومي. في أوستراليا، عاش الثنائي داون وبيتر بسعادة، مع أولادهما الأربعة. موت الأب، فتح باباً أمام الجميع لمعاينة مشقّة اختبار حالة عيش مختلفة. سيمون الصغيرة مقتنعة بأن والدها يعيش حالياً في الشجرة. داون تعاند القدر من أجلها، ومن أجل أولادها. تخرج من مأساتها. تقف على قدميها. لكن الشجرة عائقٌ أمام استعادة اللحمة العائلية. الشجرة طغت على المنزل والمقيمين فيه. يُفترض بداون اتّخاذ قرار ما.

التمزّق العائلي مادة درامية ارتكز عليها النصّ السينمائي للفيلم الثاني في برنامج الأسبوع البيروتي لـ«آرتي». العائلة، وإن تضاءل عدد أفرادها، مقيمة في الحدّ الفاصل بين رغبة الأم في استعادة شيء من حميمية العلاقة بالابنة، والابنة الخارجة على الأم وعالمها: «كوباكابانا» (فرنسا، 2010، 107 دقائق، بالفرنسية المرفقة بترجمة إنكليزية. الثامنة مساء بعد غد الاثنين) لمارك فيتوسّي، محاولة لتشريح البناء العائلي الداخلي. لتشريح العلاقة المتوترة بين طرفين نقيضين. بابو، متناقضة الأمزجة ومرحة في حياتها في آن واحد، من دون أن تكترث بنجاح اجتماعي ما. من دون أن تعمل لاكتساب نجاح اجتماعي ما. همّها، في اللحظة هذه، أن تستعيد «الطريق المستقيمة» لراحة في الذات والروح. الصدمة قاتلة: اكتشافها شعور ابنتها بالعار إزاء دعوتها إلى عرسها، أثار فيها قلقاً وارتباكاً وألماً وانكساراً. «التغيير ليس سهلاً»، كما جاء في التعريف بالفيلم. المرأة مُصرّة على الفوز مجدّداً بتقدير ابنتها لها. المعركة حامية. لكن الأمر يستحقّ تضحية. يستحقّ المحاولة، على الأقلّ.

هناك أيضاً مأساة داخل العائلة. مأساة من نوع آخر. الموت ظلٌّ قاتمٌ أرخى بشاعته على الناس. «الوقوف على القدمين» (ألمانيا/ فرنسا، 2011، 110 دقائق، بالألمانية المرفقة بترجمة إنكليزية. الثامنة مساء الثلاثاء) لأندرياس دريسن. لحظة واحدة تُبدّل مجرى الحياة. في «كوباكابانا»، شعرت الأم بأن هناك لحظة واحدة فقط لتبديل مجرى الحياة، وإن اتّجه التبديل إلى المأساة. في «الوقوف على القدمين» جاءت اللحظة: فرانك الأربعيني، المتمتّع بصحّة جيّدة، اكتشف فجأة أنه مُصاب بورم سرطاني في الدماغ يستحيل استئصاله. اكتشف أن أشهراً قليلة فقط تفصله عن الموت. اللحظة التي بدّلت مجرى حياته، هي نفسها اللحظة التي دفعت أفراد عائلته إلى ولوج مرحلة جديدة. هناك قرارات يُفترض بهم اتّخاذها. الوقوع في نزاعات داخلية، أو الذهاب إلى تخوم العلاقات الأمتن: «قصّة تروي طريقة احتفال الموت بالحياة».

صداقات معلّقة

العائلة أيضاً. إنها جزءٌ أساسي من الحكايات المنثورة هنا وهناك: «كوربو سيليست» (إيطاليا/ سويسرا/ فرنسا، 2011، مئة دقيقة، بالإيطالية المرفقة بترجمة إنكليزية. الثامنة مساء الأربعاء) لأليس رورواتشر. ابنة الأعوام الثلاثة عشرة مُطالبة بالتأقلم مع كل جديد، في المناخ الاجتماعي والبقعة الجغرافية والحيّز الثقافي، في جنوب إيطاليا. مع والدتها وشقيقتها، أقامت مارتا داخل مجتمع كاثوليكي وجدت نفسها في مواجهته. المواجهة أدّت إلى تغييرات. التغييرات منحت الصبيّة الصغيرة فرصة تشييد إطار خاص بها، وبحياتها.

احتلّت العائلة مسـاحة واسعة في الأفلام الأولى في البرنامج اللــبناني لـ«أسبوع أفلام آرتي». مع «نهر تومان» (كوريا الجنوبية/ فرنسا، 2010، تسعون دقيقة، بالكورية المرفقة بترجمة إنكليزية. الثامنة مساء الخميس المقبل) لزانغ لو، اختلف الأمر. هنا، علاقة صداقة بين مراهقَين صغيرين منتميين إلى بيئتين غير متوافقتين. عن صداقة وسط حقول الموت، وعن عالمين متناحرين. في الحدّ الجغرافي الفاصل بين الصين وكوريا الشمالية، هناك قرية صغيرة واقعة على ضفاف «نهر تومان». إلى أي مدى يُمكن لمراهقَين أن يتّحدا معاً في صداقة بديعة؟ أن يتحدّيا الخارج عنهما؟ شانغ هو (11 عاماً) صيـني يلتقي جونغ جين الكوري الشمالي اللاجئ إلى القرية. الصراعات حـادّة. الرغبة في تحطيم جدار الفصل حادة أيضاً.

الصداقة نفسها مادة أساسية في «توم بوي» (فرنسا، 2011، 84 دقيقة، بالفرنسية المرفقة بترجمة إنكليزية. الثامنة مساء الجمعة المقبل، في الثالث والعشرين من أيلول الجاري) لسيلين سيامّا. صداقة معقودة على التداخل بين وقائع وتفاصيل متناقضة. لور (10 أعوام) تُشبه مارتا في «كوربو سيليست»: عدم القدرة على التأقلم مع البيئة الجديدة. مارتا واجهت ثقافة عيش لم تسترح لها. لور واجهت الفراغ بالعزلة، في الحيّ الجديد الذي انتقلت إليه مؤخّراً. لكن، عندما التقت ليزا التي تعاملت معها على أنها «صبيّ»، تبدّلت أحوالها. لم تشأ لور إعلامها بالحقيقة. ولوج عالم الوهم طريقٌ إلى تمتين العلاقات الإنسانية بين الفتاتين. طريقٌ إلى فهم مفردات المراهقة والبحث عن متنفّس. الصداقة هنا لا تختلف عن صداقة المراهقَين الصيني والكوري الشمالي، وإن اختلفت التحدّيات.

حدثان

الفيلم الأخير موعدٌ منتظر. غالب الظنّ أن الذين شاهدوا فيلمها السابق، يرغبون في معاينة جديدها. قبل خمسة أعوام، أثارت مرجان ساترابي إعجاب كثيرين ودهشتهم. حرّضتهم على نقاش نقدي مرتكز على الشكل (تحريك) والمضمون (جزء من حكاية إيران). يومها، حمل فيلمها عنوان «بيرسيبوليس» (اسم عاصمة الامبراطورية الفارسية قبل خمسمئة عام على بداية التقويم الميلادي). الثامنة مساء الأحد في الخامس والعشرين من أيلول الجاري، يُعرض فيلمها الثاني «دجاجة بثمرة الخوخ» (فرنسا/ بلجيكا/ ألمانيا، 2011، 91 دقيقة، بالفرنسية المرفقة بترجمة إنكليزية). أنجزته مع فنسان بارونّو، كما حصل في الفيلم الأول. فيلمها الثاني عاد إلى طهران في العام 1958. الكمان المفضّل عند ناصر علي خان انكسر. عانى الرجل اكتئاباً. لا يوجد أي كمان آخر قادر على الحلول بديلاً منه. قرّر انتظار الموت. أثناء ذلك، غرق في أحلام عادت به إلى شبابه. عادت به إلى أيام منقضية وجميلة. قصّة حب بديعة غذّت عبقريته وموسيقاه.

قبل «دجاجة بثمرة الخوخ»، هناك احتفاء براوول رويز. «أسرار ليشبونة»، مأخوذ عن كتاب لكاميلو كاستيلو برانكو، أخذ مُشَاهده إلى حقل واسع من الاختبارات المتعلّقة بانفعاله وشغفه وجنونه وهوسه وتهويماته، وعراقيل الدنيا التي تحول دون بلوغه سكينة ما. فيلم روائي متخيّل عن واقع حادّ: الرواية المكتوبة في القرن التاسع عشر، الموصوفة بكونها «تُحفة الأدب البرتغالي»، مفتوحة على «الحياة اليومية للأرستقراطية البرتغالية». فيلم محبوك بعناية صائغ محنّك جعله هيامه بالصورة السينمائية قادراً على اجتراح «معجزات سينمائية شتّى»، حقّق توازناً مطلوباً وبديعاً بين تحليله السينمائي تفاصيل العالم الأرستقراطي هذا وفضاءه المعقود على التناقضات والعبث، والشكل المانح قوّة البلاغة الكتابية في إمكانية جنوحها إلى مغزى الصورة، ومنابعها الموروثة من الفكر والجماليات والتقنيات. بين مضمون صادم بإعادة رسمه ملامح هذه الطبقة وتلك المرحلة، وشكل معقود على سلاسة السرد والبوح والتوهان، بدا «أسرار ليشبونة» (الذي أعاد ربط المخرج بالنمط الأحبّ إليه والمفضّل عنده، أي إعادته إلى إحدى أبرز ميزاته المتمثّلة بكونه راو) نصّاً بصرياً «دمج قصص الناس بعضها بالبعض الآخر، وأعاد إحياء الموتى، والتقى نبلاء خائري القوى، ومغامرين عديمي الذمّة، وصبايا حاملات».

«أسبوع أفلام آرتي الثالث» حافلٌ بجماليات واشتغالات. حافلٌ بمتع بصرية كشفت بؤس الحياة وفداحة المواجهة الحتمية مع الموت. السينما هنا حاضرة. الجماليات أيضاً.

السفير اللبنانية في

17/09/2011

 

هل يدفع مهرجان دمشق للنجوم؟

علا الشافعى 

يقترب موعد انطلاق مهرجان دمشق السينمائى الدولى، وتزداد الأصوات المتعالية بضرورة مقاطعة المهرجان فى دورته الـ19 التى ستعقد فى الفترة من 20 نوفمبر المقبل، حتى 27 من الشهر نفسه، كنوع من الاحتجاج على ما تشهده الثورة السورية من مذابح دموية، وعنف واضح من قبل النظام السورى. لذلك تحركت بعض النقابات الفنية، ومنها نقابة السينمائيين المصرية، وأصدرت بيانا تدعو فيه لضرورة مقاطعة أعضائها من المخرجين والمنتجين والعاملين فى جميع التخصصات للمهرجان، وأكد بعض النجوم اعتذارهم الرسمى عن المشاركة، ومنهم النجمة سوسن بدر التى كان قد تم اختيارها كعضو لجنة تحكيم بالمهرجان. دمشق تصر على إقامة مهرجانها السنوى، لتؤكد للعالم أن لا شىء يحدث على أرضها، وأن كل الأمور مستقرة، وأن ما تبثه الشاشات العربية تزييف للواقع، وأن هؤلاء المحتجين بمثابة الخارجين على القانون، والذين يعملون ضد دولتهم، ورئيسهم بشار الأسد، ويواصل القائمون على المهرجان الضغوط والاتصالات بالنجوم فى محاولة لإقناعهم بضرورة الحضور والمشاركة، بدعوى أن الأمور هادئة فى دمشق، وأن كل شىء كما كان فى الأعوام الماضية، وهم كمن يطلبون من الحضور غض البصر عما تشهده باقى المحافظات السورية.

ولا أعرف فى حالة إصرار الكثير من النجوم على الرفض، هل سيلجأ القائمون على المهرجان إلى مغازلة النجوم بالأموال؟، وهو احتمال وارد جدا، قد يلجأ إليه النظام المتغطرس، والذى مازال يصر أنه الأقوى والأقدر رغم كل الظروف.

ولكننى أعتقد أن النجوم المصريين والعرب يجب أن يتعلموا الدرس ويقرأوا المشهد جيدا، لأن هناك الكثير من الفنانين المصريين ما يزالون يعانون من آثار بعض التصريحات التى أطلقوها وقت ثورة 25 يناير، فما بالك بثورة سورية تشهد مذابح وحشية، من قِبل نظام لم يتردد من ضرب شعبه جوا وبحرا وأرضا، والسؤال المهم: هل يقبل بعض النجوم بالكثير من الأموال مقابل فقدان نجوميتهم وشعبيتهم مثلا؟

هل يراهن بعضهم على أن ذاكرة العرب قصيرة، وأنهم قد يذهبون إلى دمشق لحضور مهرجانها، أو بالأدق لتأييد نظام الأسد، مهما كانت المغريات التى ستقدم لهم، أعتقد أن الفنانين المصريين والعرب يجب أن يحسبوها ألف مرة ويفكرون كثيرا.

فحالة المد الثورى والانفعال الجماهيرى بكل ما تشهده سوريا لن يغفر لأحد من النجوم مهما كان تاريخه، وهناك أيضا بعض الفنانين الذين سيحاولون إمساك العصا من المنتصف، بمعنى أن هناك من سيدعى أنه مريض، أو سيقوم بإجراء جراحة عاجلة لأحد من أهله، فى محاولة لعدم خسارة القائمين على المهرجان، وجمهوره فى نفس الوقت، ولكن هناك مواقف لا تعرف الميوعة، إما التأييد أو المعارضة، والفنان شخص مؤثر، لذلك فكل فنان يجب أن يحسب مواقفه وتصريحاته بدقة، فالظرف السياسى فى سوريا شديد الحساسية، وإذا كان بعض النجوم المصريين والعرب يستطيعون التملص من الحضور، فموقف النجوم والمخرجين السوريين أصعب بكثير، ومعظمهم فى أزمة حقيقية، ولكن لا أعرف هل سيخضعون ويستسلمون لوحشية النظام أم سيفاجئون العالم بموقف يحسب لهم وليس عليهم.

اليوم السابع المصرية في

17/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)