تنعقد أول دورة أفلام للسينما التركية الجديدة في بيروت (من 15 إلى 19
آذار/مارس في سينما متروبوليس) في الوقت الذي بات فيه الجمهور المحلي،
والعربي عموماً، مأخوذاً بشكل كامل بالدراما التركية المدبلجة، وصنّاع
التلفزيون في العالم العربي (من ممثلين ومنتجين ومخرجين) ذاهبون إلى تنصيب
الأخيرة المثل الذي يحتذى. وليس ذلك فحسب، بل إن بعض محطات التلفزة الفضائي
يبرمج منذ بعض الوقت أفلاماً تركية مدبلجة، وبعض صالات العرض العربي ينفتح
على إطلاق أفلام تركية حديثة الإنتاج. كذلك، جرى التداول قبل بضعة أشهر
بمشاركة أحد الممثلين الأتراك في مشروع سينمائي عربي. كل هذا للقول أن
المنتَج التركي، التلفزيوني والسينمائي، بات خاضعاً لتصور مسبق في أذهان
الجمهور العريض، بينما هو، أي المنتج التركي، وتحديداً السينمائي، متنوع
ودالّ على تحولات أعمق بكثير بطبيعة الحال من تلك الصورة العامة التي أسهم
التلفزيون في تحجيمها. لعلّ المفارقة هنا تكمن في أن انتشار التلفزيون في
تركيا بين أواخر الستينات ومنتصف السبعينات من القرن الماضي، كان أحد
الأسباب الرئيسية في تراجع الصناعة السينمائية، قبل أن تشهد السينما
التركية صحوة منذ منتصف التسعينات، مثمرة "السينما التركية الجديدة"، التي
تتّخذ "متروبوليس" و"مؤسسة إزمير سينما" منها موضوع الدورة السينمائية التي
تقومان بتنظيمها والمشار إليها سابقاً.
الأفلام السبعة المختارة ضمن البرنامج لا تعكس تنوّع المشهد السينمائي
التركي بشكل وافٍ. ذلك أن تعبير "السينما التركية الجديدة"، وبخلاف
مدلولاته في بلدان كثيرة حيث ينتفض فيه الجديد على القديم القائم، لا يشمل
فقط السينما الفنية التي حفرت مكانها على منصات المهرجانات العالمية
بحضورها وجوائزها خلال العقد الأخير، وإنما أيضاً السينما الشعبية،
الكوميدية بمعظمها، التي تستلهم نمطاً إنتاجياً كان سائداً في خمسينات
وستينات وأوائل سبعينات القرن الماضي: "يشلتشام" (Yesilçam) أو هوليوود التركية. الترجمة الحرفية للكلمة هي "الصنوبر الأخضر"
والتعبير مأخوذ من اسم شارع في اسطنبول، ضمّ معظم بيوت الإنتاج في تلك
المرحلة التي وصل إنتاج الأفلام في بعض سنواتها إلى أكثر من 200 فيلم في
السنة! وإذا كان الملمح الاساسي لإنتاجات تلك المرحلة تقليد الأفلام
الهوليوودية بإمكانيات شديدة التواضع، فإن بعض النقاد والمؤرخين الأتراك لا
يتوانى عن وصف ذلك بـ"ميزة يسيلتشام"، كما يفعل نزيه أردوغان واصفاً ذلك
التقليد بـ"البعيد من الإستلهام البريء". ولعلّ من مفارقات هذه المسألة أن
ولادة السينما التركية الجديدة بدأت بالفعل مع فيلم من هذا النوع هو "قطاع
الطرق" (Bandits،
1996)
ليافوز تورغول ولكن هذه المرة بإمكانيات إنتاجية كبيرة ومضمون ساخر من
أفكار البطولة والإنتقام. لعلّ ما يحتّم انضواء هذا النوع من الأفلام تحت
راية "السينما التركية الجديدة" سببين: الأول هو انقطاعها عن الجمهور لأكثر
من عقدين منذ منتصف السبعينات وحتى منتصف التسعينات (الإستنثناء الوحيد
لذلك الغياب كان بالطبع فوز يلماز غوناي في العام 1982 في مهرجان كان
السينمائي عن فيلمه "الطريق"
Yol)
والثاني نجاحها الجماهيري الكبير. ولكن ذلك لا يعني في أي حال من الأحوال
وقوفها في مكانة عصية على النقد، إذ يصفها أسومان سونر مؤلف كتاب "السينما
التركية الجديدة: الإنتماء، الهوية والذاكرة" بـ"أفلام النوستالجيا
الشعبية" التي تحنّ إلى تركيا ما قبل الليبرالية الجديدة والتحولات
الإجتماعية خلال الثمانيات والتسعينات من القرن العشرين.
بمحاذاة عودة السينما الشعبية الجماهيرية، بدأ يتشكّل خط سينمائي فني، لقي
الإعتراف والترحيب في المشهد السينمائي الدولي، من خلال المهرجانات
والنقاد، وبات اليوم، وبعد أكثر من عقد على انطلاقه، معروفاً بثلاثة أسماء:
نوري بيلج جيلان، فاتح أكين ومؤخراً سميح قبلان أوغلو. أنجز جيلان فيلمه
الروائي الأول "البلدة الصغيرة" (The
Small Town أو
Kasaba
بالتركية) عام 1997 وألحقه بـ"غيوم أيار" (Clouds
of May) عام 2000 الذي عرض في مهرجان بيروت السينمائي الدولي وحاز إحدى
جوائزه. ولكن الإعتراف الكبير بجيلان حدث فعلياً في العام 2002 مع فيلمه
الثالث "بعيد" (Distant
أو
Uzak
بالتركية، 17 آذار الثامنة مساءً) الذي حاز جائزتي لجنة التحكيم الكبرى
وأفضل ممثل (مناصفة بين بطليه مظفّر أوزدمير ومحمد أمين توبراك الذي توفي
بعد إنجاز الفيلم بوقت قصير). في "بعيد"، يصور جيلان رحلة معاكسة لتلك التي
استكشفها فيلمه الثاني "غيوم ايار". ففي حين ذهب في الاخير من المدينة الى
الريف لتصوير فيلم عن اهله، يقدم في هذا الفيلم شخصية شاب من القرية يأتي
المدينة بحثاً عن عمل، فيسكن في شقة قريبه المصور الفوتوغرافي. يقوم الفيلم
على العلاقة بين الرجلين، متناقضي الطبيعة والاهتمامات. في داخل ذلك البيت،
يشيد المخرج ببراعة عالمين مختلفين: عالم "محمود" المصور الفوتوغرافي
اليائس وفاقد الامل حتى من جدوى عمله مردداً باستمرار ان "الصورة ماتت"،
وعالم "يوسف" الشاب البسيط الذي يسعى الى العثور على عمل على متن باخرة. في
العمق، لا يختلف الرجلان كثيراً. كلاهما عاطل من العمل وكلاهما يعاني
كبتاً: "يوسف" بسبب نشأته في القرية وغربته في المدينة و"محمود" بسبب عزلته
وافتقاده الحب بعد طلاق زوجته. قد يكون الاخير اقدر على التحايل على قسوة
واقعه والتعاطي معه (الادمان على افلام البورنو والتلهي بالشرب) ولكن ذلك
افقده الكثير من انسانيته. الحب هو ما يفتقده الرجلان بالدرجة الاولى
والمخرج في تصويره يوميات الرجلين معاً في البيت وفي شوارع المدينة، ينقل
ذلك الاحساس العميق برتابة الحياة وبرودها وغربتها. فيلم جيلان الرابع "مناخات"
(Climates،
2006) أكمل مسيرة النجاح والإعتراف وكذلك الخامس "3 قرود" (Three Monkeys،
2008،
18 آذار الثامنة مساءً) الذي حاز جائزة الإخراج في مهرجان كان
السينمائي. والفيلم هو الأكثر حركة وانسياقاً خلف خط درامي، خاضع للمفاجآت.
تدور أحداثه حول رجل أعمال ثري، يتحضر لخوض الإنتخابات البرلمانية عندما
يصدم بسيارته رجلاً فيقتله. يعقد مع سائقه صفقة تقضي بحمل الأخير التهمة
بدلاً منه مقابل مبلغ من المال. ولكن الأحداث ستتلاحق بشكل غير متوقع وتفضي
إلى نهاية مأسوية.
أما سميح قبلان أوغلو فانطلقت مسيرته في العام 2001 بالفيلم الروائي الطويل
"بعيداً من المنزل" (Away from Home)
وأتبعه بفيلم "سقوط ملاك" (Angels
Fall) الذي عرض في العام 2006 في مهرجان برلين السينمائي. في نفس العام،
بدأ قبلان أوغلو الإشتغال على ثلاثية سينمائية، باتت تُعرف بـ"ثلاثية
يوسف"، خرج الجزء الأول فيها عام 2007 في عنوان "بيضة" (Egg)
ومن ثم "حليب" (Milk)
في العام التالي. ولكن شهرته الفعلية جاءت مع خاتمة الثلاثية "عسل" (Honey
أو
Bal بالتركية، 15 و19 آذار الثامنة مساءً) الذي حقّق فوزاً تاريخياً في
مهرجان برلين السينمائي عام 2010 كثاني فيلم تركي ينال جائزة الدب الذهب
بعد "صيف جاف" (Dry
Summer) عام 1964 من إخراج متين إركسان ودايفيد إي دورستن. ترصد الثلاثية
ثلاث مراحل من حياة "يوسف"، بترتيب زمني عكسي، بما يعني أن "عسل" يصور
"يوسف" الطفل الباحث عن والده في الغابة. بعيد فوزه بجائزة برلين، قال
قبلان أوغلو أن الثلاثية حاولت "اكتشاف الجانب الروحاني للحياة، الذي يبقى
غالباً خارج التداول في المجتمع التركي العلماني".
على صعيد آخر، يشكل فاتح أكين حالة مختلفة لكونه ألمانياً من اصل تركي.
ولكن أفلامه غالباً ما تتناول شخصيات تركية مهاجرة ويدور جزء من أحداثها في
اسطنبول، ما أسهم بشكل غير مباشر في وضع اسطنبول على خارطة السينما. أشهر
أفلامه "حافة الجنة" (The
Edge of
Heaven،
2007)
حائز جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان والذي عرضته سينما متروبوليس عام
2008 في بيروت. قبله، أنجز أكين الشريط الوثائقي "عبور الجسر: صوت اسطنبول"
(Crossing the Bridge: The Sound of Istanbul،
2005) الذي يصور عبر الموسيقى مخاض مدينة تعيد تصور هويتها ومصيرها. ويتصل
شريط أكين الوثائقي باتجاه سينمائي تركي داخلي، شاهد على يقظة الفيلم
الوثائقي وكذلك على جماهيريته كما أثبت شريط تولغا أورنيك "غاليبولي" (Gallipoli،
2005) الذي يقدم شهادات جنود حول معركة "غاليبولي" التي كانت نقطة تحوّل،
مهّدت لصعود نجم مصطفى كمال أتاتورك قائد المعركة وقتذاك ومؤسس الدولة
التركية بعد ثماني سنوات من المعركة. ولكن فيلم أورنيك يسلك اتجاهاً
نقدياً، مفككاً الخطاب الكمالي حول فكرة "الدولة العميقة" (deep nation)،
أو أساس فكرة الإنتماء لمجموعة.
لم تلقّ الأفلام الوثائقية التركية مجال عرض يذكر خارج حيّزها الجغرافي،
ولكن موضوعاتها تقودنا إلى نوع آخر من السينما الفنية الحاضرة في المشهد
التركي. فإذا كان جيلان وقبلان أوغلو ينتميان إلى سينما ذاتية تستكشف الروح
الإنسانية من دون أن تخلو من نبرة نقدية اجتماعية وسياسية وتاريخية، فإن
مجموعة أخرى من السينمائيين اشتغلت على الموضوع السياسي بشكل مباشر، لم يتم
التطرق له قبل ولادة ما يعرف بـ"السينما التركية الجديدة". هنا، يمكن ردّ
أسباب تلك اليقظة السينمائية إلى واقع سياسي، وجد نفسه منذ أوائل الألفية
الثالثة مجبراً على القيام بإصلاحات سياسية واجتماعية لتحقيق حلمه المعلّق
بالإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي. بنتيجة ذلك، فتح المجال قليلاً أمام
السينمائيين لمعالجة تيمات، كانت تعد "محرمة" في الماضي القريب. ولعبت
المهرجانات المحلية دوراً كبيراً في تسليط الضوء عليها من خلال عرضها
وأحياناً منحها الجوائز. تلك هي حال فيلم "قرعة" (Toss
Up،
2005) لأوغور يوسل عن الأكراد في تركيا، الذي سبقه إلى تناول الموضوع نفسه
"رحلة إلى الشمس" (A
Journey to the Sun،
1999) ليسيم أسطى أوغلو. وكرّت السبحة مع أفلام تناولت العلاقات
اليونانية-التركية كما فعل ديرفيس زعيم في "وحل" (Mud،
2003) واسطى أوغلو في "في انتظار الغيوم" (Waiting
for the Clouds،
2004).
إلى فيلمي نوري بيلج جيلان و"عسل" قبلان أوغلو، تقدّم دورة أفلام "السينما
التركية الجديدة"، أربعة أفلام أخرى، تتراوح سنوات إنتاجها بين 2006 و2009،
وتتناول حكايات اجتماعية، غير بعيدة من تناقضات العيش.
"تقوى" (
A Mans Fear of God،
2006،
16 آذار، الثامنة مساءً) الفيلم الأول لأوزر تشيزيلتان يتناول حكاية
"محرّم" الرجل المتديّن والبسيط الذي يجد نفسه أمام مغريات تهدّد بتلويث
إيمانه بعد تعيينه مساعداً إدارياً في الجامع. عرض الفيلم في العديد من
المهرجانات ونال جوائز كثيرة، ذهب معظمها إلى ممثله إرتشان جان الذي سيكون
حاضراً مع الفيلم في بيروت.
"بعيد الإحتمال" (Wrong
Rosary،
2009،
16 آذار العاشرة والربع ليلاً) لمحمود فاضل جوشكون يدور حول ثلاث شخصيات
تقيم في غالاتا، اطنبول: المؤذن "موسى" الذي وصل لتوه إلى المدينة، "كلارا"
اليتيمة التي تعيش في الكنيسة وتخطط لتصير راهبة و"يعقوب" بائع الكتب المسن
وابن المدينة.
"هدف حياتي" (The
Goal of my Life،
2008،
17 آذار العاشرة والربع ليلاً) لمراد تشيكر يرصد حكاية "أوغور" لاعب كرة
القدم الشغوف الذي يواجه مشكلة التوفيق بين مهنته وحياته العاطفية مع "بينار".
"أدم والشيطان" (Adam and the
Devil،
2007،
18 آذار العاشرة والربع ليلاً) لباريش بيرحسن يحكي قصة وصول اللإمام
الجديد وعائلته إلى قرية نائية في الأناضول في اليوم الأول من شهر رمضان.
ولكن تصرفاته الغريبة تجاه زوجته وابنته سرعان ما تتحول حديث أهل القرية.
المستقبل اللبنانية في
11/03/2011
"اثنان في الموجة" أو كيف تنتهي الصداقة بطلاق أبدي؟
جان-لوك غودار وفرانسوا تروفو "الطفلان الرهيبان" لـ "الموجة الفرنسية
الجديدة" هما موضوع الفيلم الوثائقي "اثنان في الموجة" (Two
in the Wave) لإيمانويل لوران. "ليس فيلماً عن الموجة الجديدة" يؤكد لوران،
شارحاً "إنه فيلم عن الصداقة التي جمعت غودار وتروفو وكيف انتهت."
ببناء قائم على مزيج من مقاطع الأفلام والمقابلات والصور وقصاصات الصحف
والمجلات، يقتفي الفيلم أثر تلك العلاقة التي جمعت السينمائيين الشهيرين
قبل أن ينتهيا عدوين لدودين في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وأحجما عن
التواصل بشكا تمام قبل عقد من وفاة تروفو في العام 1984 عن 52 عاماً بسبب
ورم دماغي.
في الخمسينات، أشعل تروفو وغودار النقاش السينمائي في مجلة "دفاتر
السينما"، مهاجمين السينما الفرنسية التقليدية وممتدحين مؤلفين سينمائيين
ذوي رؤية من أمثال ألفريد هيتشكوك وهاورد هوكس وجان رينوار وروبرتو
روسيلليني وإنغمار بيرغمن. قدّم كلاهما باكورة سينمائية مذهلة-
the 400 blows (1959)
وBreathless (1960)
تباعاً- أسهمتا في جذب الإنتباه إلى الموجة الجديدة. حتى أن تروفو كتب
المعالجة الأصلية لفيلم غودار (Breathless)
وساعده على تمويل فيلمه. وأثناء أحداث أيار 1968، واجها شرطة مكافحة الشغب
وأسهما في إلغاء مهرجان كان السينمائي.
بحلول العام 1973، انفرط عقد صداقتهما. غودار الماوي وقتذاك، بعث برسالة
حادة إلى تروفو اتهمه فيها بالتنازل عن نزاهته الفنية، ليرد عليه الأخير
بعشرين صفحة يتهمه فيها بالأنانية والزيف. بالنسبة إلى غودار، كان يتوجب
على الأفلام أن تخدم الثورة. أما تروفو، الإنساني الميول، فوجد في إخضاع
السينما للنضال السياسي لعنة ما بعدها لعنة.
نشأت فكرة "اثنان في الموجة" من رغبة لوران في التعاون مع أنتوان دو بايك
(كاتب الفيلم وراويه)، المحرر السابق في "دفاتر السينما" وصاحب كتاب عن
سيرة تروفو.
"لم يجد أحد منا فائدة في إنجاز فيلم آخر عن الوجة الجديدة" يقول لوران
ويتابع: "فكّرنا ان موضوع الصداقة التي تنتهي بطلاق ليس معروفاً بشكل وافٍ.
الناس لا يدركون كم كان غودار وتروفو قريبين في كيفية تبادل الأفكار وكم
كانا متصلين فنياً. فلنأخذ مثلاً جان-بيار ليو. كان الأنا المضادة لتروفو
في العديد من أفلامه من خلال شخصية أنتوان دوينل. ثم لعب غودار على تلك
الصورة في
Masculin, Feminin
وLa Chinoise
. لذلك ليو شخصية أساسية في فيلمنا: يظهر في المشهدين الإفتتاحي والختام
كأنه ممزّق بين هذي الأبوين."
من خلال الجمع بين مشاهد من أفلامهما، سعى لوران إلى إظهار "كم تحدث
واحدهما إلى الآخر من خلال السينما. فبعد
Jules et Jim،
صور غودار
Une Femme est une femme
مع جان مورو وجعل جان-بول بلموندو يسأله عن كيفية تصوير
Jules et Jim. وعندما قدم تروفو
La
Peau Douce عن الخيانة، أجاب غودار بـUne
Femme Mariée ."
منذ البداية، استبعد لوران وبايك خيار الإتكاء على مقابلات مع شخصيات عاصرت
الإثنين ولاتزال على قيد الحياة مثل الممثلين آنا كارينا وليو وبلموندو أو
مخرجين كجاك ريفيت وآلان رينيه وآنييس فاردا وغودار نفسه.
"أردنا أن نبقى في صيغة الحاضر. لم اشأ أن يتحدث أشخاص مسنون عن ماضيهم.
إنه أمر محزن. بالنسبة إلي، هو فيلم عن الصبا والشباب وكيف دخل هذا التيار
الشبابي المتدفق والموهوب والحيوي إلى السينما. غودار كان في التاسعة
والعشرين وتروفو في السابعة والعشرين عندما أنجزا باكورتيهما."
برؤية مختلفة، يقدم لوران وبايك الممثلة والمخرجة الفرنسية إيزيلد لو بيسكو
لتقوم بدور الجسر الصامت بين الماضي والحاضر، كأن تراجع نسخاً قديمة من
"دفاتر السينما" أو تقوم بزيارة معالم سينمائية مهمة في باريس. يعترف لوران
ان هذه الوسيلة "لم تنجح كما تمنيت. أردت أن أستخدمها في الفيلم لأن غودار
طلب منها الظهور في أحد أحدث أفلامه. شعرت انها يمكن أن تكون ممثلة لجيل
اليوم إذ ينظر إلى أحداث وقعت قبل نصف قرن. تروفو هو الذي قال أن جلّ ما
تحتاج إليه في فيلم هو إمراة ذات وجه جميل."
التحدي الذي يواجه هذا النوع من الأفلام هو الموازنة بين شخصيتيه. خلال
المونتاج، خاف لوران من أن يبدو الفيلم انه يميل إلى التعاطف مع غودار:
"الناس تميل إلى مساندة الثوري، الشخص الذي يكسر النظام، بسبب من سحره
ورومنسيته. غودار كان مثل بيكاسو، شخصاً يكسر كل القواعد. لذلك كنت سعيداً
بحصولي على الرسالة التي يمتدح تروفو فيها ماتيس. تروفو لم يرد تثوير
السينما، بل أراد أن يصنعها، وبشكل أفضل وأصدق."
في الفيلم مرجعيات كثيرة إلى الفن التشكيلي، يعللها لوران بإيمانه بوجود
صلات بارزة بين سينمائيي الموجة الجديدة والإنطباعيين: "في كلتا الحالتين،
تحرر الفنانون من مدرسة صارمة واختاروا أن يرسموا ويصنعوا أفلاماً وفقاً
لأساليبهم الخاصة. الطريقة التي تصورا الفن بها والطريقة التي أرادوا من
خلالها أن يظلوا على تماس مع المجتمع شديدة التشابه."
بعد الغوص على حياتيهما وأعمالهما وعلاقتهما، مازال لوران غير قادر على
الجزم في ما يخص قطيعتهما ولكنّه يقول: "شخصياً، أميل إلى أفلام تروفو
أكثر، لاسيما
LEnfant Sauvage وLArgent de Poche
اللذين أثّرا فيّ كثيراً عندما شاهدتهما في صباي. لاحقاً، تعلّمت أن أصنع
الأفلام من خلال المونتاج، وهنا جاء دور غودار في تفتيح ذهني. غودار يجعلني
أفكّر، ولكن تروفو يحرّكني."
(عن مجلة "سايت أند ساوند")
المستقبل اللبنانية في
11/03/2011
عروض الصالات المحلية خلال الفترة المقبلة:
في انتظار "رجال وآلهة" تلتهمنا "حرائق" ونشاهد "127 ساعة"
تعرض الصالات السينمائية في لبنان مجموعة من الأفلام، متفاوتة النوعية،
تتراوح بين الغرض الترفيهي البحت والجماهيري والفني. وسيشهد شهر آذار/مارس
الجاري وتاليه نيسان/أبريل إطلاق عدد إضافي من الأفلام المنتظرة.
على خارطة العروض المحلية، أفلام يستمر عرضها منذ أسبوعين أو أكثر وتستحق
المشاهدة، في مقدمها شريط دارن أرونوفسكي "البجعة السوداء"، الحائز جائزة
أوسكار لأفضل ممثلة (ناتالي بورتمن)، عن راقصة الباليه الصاعدة إذ تواجه
دور حياتها الذي سيتطلب منها الغوص على الجانب المظلم من شخصيتها. يقابل
بورتمن في أدائها المتميز، كولن فيرث الذي استحق ايضاً أوسكار أفضل ممثل عن
دوره في "خطاب الملك" لتوم هوبر، حيث يجسّد صراع الملك جورج السادس مع
التأتأة ومحاولاته اجتياز تلك العقبة التي تقف حجراً عثرة في مسارها الملكي
بمساعدة معالج النطق (جيوفري راش).
للسينما اللبنانية حصة بثلاثة أفلام: الروائيان "شتي يا دني" لبهيج حجيج مع
الممثلين حسان مراد وجوليا قصار وكارمن لبّس في حكاية تدور أحداثها في
بيروت الحاضر وتبدأ بعودة مخطوف إلى عائلته بعد اختفاء عشرين عاماً،
و"رصاصة طايشة" لجورج هاشم مع ندين لبكي وتقلا شمعون في حكاية حول تبعات
قرار شابة لبنانية بالغاء زواجها. الفيلم اللبناني الثالث هو الوثائقي
"شيوعيين كنا" لماهر أبي سمرا، راصداً التحوّلات التي أصابت مسارات رفاق
الحزب الشيوعي منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم. الجدير بالإشارة هنا أن عرض
شريط أبي سمرا يأتي في سياق تفسحه سينما "متروبوليس" منذ بعض الوقت للأفلام
اللبنانية غير الروائية والتي لا تجد منصة عرض في الغالب إلا من خلال
المهرجانات. هكذا يأتي عرض "شيوعيين كنا" بعد "1958" لغسان سلهب و"فيلم
الترحيب والوداعات" لكورين شاوي وسواهما، وسيعقبه ابتداءً من 14
نيسان/ابريل فيلم محمود قعبور الوثائقي "تيتا ألف مرة".
أما هواة السينما، فيختتمون تظاهرة "لوتشينو فيسكونتي" الإستعادية باستقبال
دورة أفلام "السينما التركية الجديدة"، يليها مهرجان "شاشات الواقع".
على صعيد العروض المقبلة، يتصدّر اللائحة فيلمان: "127 ساعة" و"حرائق".
الأول من إخراج داني بويل وتمثيل جايمس فرانكو، ويعتبر تحوّلاً جذرياً عن
آخر أفلام بويل "المشرّد المليونير" الذي شغل العالم قبل عامين، بحكاية
الحب الميلودرامية وأجواء الهند الإكزوتيكية. في جديده، يكتفي بويل بممثل
واحد، يعيد تجسيد حادثة واقعية لمتسلق جبال، تعلق ذراعه بين صخرتين أثناء
القيام بإحدى رحلاته. أما "حرائق" فشريط يعني الجمهور المحلي بشكل مباشر
وإن كانت محاولات مخرجه الكندي دوني فيلنوف لتمويه ملامح المكان والزمان،
لا تقول مباشرة أن لبنان هو مسرح الأحداث. عن مسرحية للبناني الكندي وجدي
معوض، اقتبس فيلنوف أحداث فيلمه الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان البندقية
السينمائي 2010. الحكاية تبدأ مع موت أم، تترك لولديها التوأم رسالتين تكشف
فيهما عن سرين: الأول هو أن والدهما ليس ميتاً كما اعتقدا والثاني أن لهما
أخاً لم يسمعا به من قبل. من هناك تبدأ رحلة الإثنين بحثاً عن الأب والأخ،
رحلة ستعيدهما إلى ماضي الحروب والقتل والعنف في "بلد شرق أوسطي"، كما يقول
الفيلم، لا يشبه سوى لبنان في المنطقة.
"مكتب التسوية" و"محامي لينكولن" فيلمان من طينة متشابهة، يدوران في أروقة
السياسة وكلاهما من توقيع مخرجين غير معروفين. أخرج الأول كاتب السيناريو
جورج نولفي والثاني براد فورمان. اما البطولة فلمات دايمن وإميلي بلانت في
الأول وماثيو ماكوناهي وماريسا توماي في الثاني. وهناك فيلم أوليفييه
أساياس "كارلوس" بنسخته السينمائية، بعد أن عرض مهرجان "أيام بيروت
السينمائية" في دورته الأخيرة النسخة التلفزيونية التي ترصد حياة الثوري
الذي تحول إرهابياً.
الأسبوع الأول من نيسان سيشهد إطلاق فيلم "رجال وآلهة" للفرنسي كزافييه
بوفوا بعد أكثر من تبديل طاول موعد إطلاقه، بعد عرضه الإفتتاحي في مهرجان
السينما الأوروبية في خواتيم العام 2010. شريط بوفوا الشعري والقاسي في آن
معاً، يستعيد المجزرة التي ارتكبت في حق رهبان فرنسيين في الجزائر أوائل
التسعينات. كذلك، ستعود المخرجة كاثرين هاردويك بجديدها "ذات الرداء
الأحمر" بعد
Twilight عام 2008 وThirteen باكورتها الإخراجية عام 2003. في فيلمها الجديد الذي أنتجه ليوناردو
ديكابريو، تقدم هاردويك تصوراً جديداً للخرافة المعروفة، حيث فتاة في
القرون الوسطى تقرر الهرب مع حبيبها الحطاب من زواج مدبر. ولكن خططهما
ستتغير بعد العثور على شقيقتها مقتولة على يد مستذئب.
هواة السلسلة السينمائية "صرخة"
Scream
على موعد في منتصف نيسان مع تتمة رابعة لسلسلة الرعب التي انطلقت عام 1996
وتوقفت عام 2000 بعد أن أحيت هذا النوع السينمائي من جديد. ويس كرايفن
يستعيد موقعه كمخرج وكذلك الممثلون نيف كامبل ودايفيد آركيت وكورتني كوكس.
في عالم الرعب والماورائيات، تبدأ أواخر نيسان عرض
The Rite
الإعادة لفيلم ويليام فريدكن الشهير "طارد الأرواح"
The Exorcist مع أنتوني هوبكنز في الدور الرئيسي.
المستقبل اللبنانية في
11/03/2011
المصرية في
10/03/2011
المصرية في
10/03/2011
المصرية في
10/03/2011
|