تجارب عربية وعالمية متنوعة تلتقي ابتداءً من هذا المساء في صالات دمشق
وحمص وطرطوس وحلب... على برنامج مهرجان «أيام سينما الواقع»، أفلام من
سوريا ولبنان والصين وأوروبا توثق حياة بشر فوق كوكب يهتزّ. الموعد السوري
السنوي مع الشريط التسجيلي، سيفتقد عمر أميرلاي، ويستقبل البريطانية
المعروفة كيم لونجينوتو
DOX BOX... دفاعاً عن السينما التسجيليّة
دمشق | تنطلق اليوم في «صالة الكندي» في دمشق، الدورة الرابعة من «أيام
سينما الواقع»
DOX BOX التي تستمر حتى العاشر من آذار (مارس) الجاري. بين دمشق، وحمص،
وطرطوس، وحلب، يقترح هذا المهرجان السنوي برنامجاً متنوعاً من 43 عملاً،
يحتفي بالسينما التسجيلية. المبادرة التي تقف وراءها شركة «بروآكشن»
المستقلة، وقد باتت موعداً سنوياً مع الفيلم التسجيلي العربي والعالمي،
ستفتقد هذه السنة وجهاً أليفاً ومحبوباً كان من رموزها، ألا وهو عمر
أميرلاي الذي خطفه الموت عنوةً، وقد كان أحد أبرز مبدعي هذه المدرسة
السينمائيّة عربيّاً، وشريكاً من العيار الثقيل في تأصيل الشريط الوثائقي.
لكن، هل سيُقبِل الجمهور على الأفلام المقترحة لهذه الدورة جرياً على عادته
في الدورات السابقة؟ أم سيبقى مسمّراً أمام الشاشات لمشاهدة بزوغ ثورات
عربية بالجملة، ومعانقة الواقع العربي الراهن الذي يتجاوز في ابتكاراته أي
عمل ابداعي؟... المؤكد في كل الأحوال أن ما يجري الآن في الشوارع والميادين
مشرقاً ومغرباً وخليجاً، من ثورات وانتفاضات، سيكون لسنوات طويلة مقبلة
منجماً لا ينضب لعدد كبير من السينمائيين المهتمّين بتوثيق هذا المنعطف
الاستثنائي في تاريخنا المعاصر...
مهما يكن، فإن أفلام هذه الدورة تعبّر ـــــ إلى حدٍ ما ـــــ عن تجارب
عالمية متنوعة، أراد أصحابها التوغل أكثر في تسجيل أدقّ تفاصيل الحياة
اليومية، لبشر يعيشون فوق كوكب مهتزّ، وجغرافيات منهوبة، وحالات أسى وفقدان
ومكاشفة. هكذا سنشاهد «ظلال» ماريان خوري ومصطفى الحسناوي (مصر/ فرنسا/
المغرب)، بمنظار مختلف. وسنجد اليوم تفسيراً معقولاً أكثر، لأوضاع أشخاص
عاشوا محناً قاسية، فانتهوا إلى أحد المصحّات العقلية في القاهرة.
لن نستغرب كذلك الصداع المزمن الذي يرافق رائد أنضوني في «صداع» (فلسطين/
فرنسا). جلسات تحليل نفسي لفلسطيني بذاكرة مشوّشة، تطارده أشباح غامضة،
وصور عائلية، ووجوه أصدقاء بعيدين. من جهته، يطلّ محمد علي الأتاسي، من
خلال شريطه «في انتظار أبو زيد»، مسلّطاً الضوء على حياة نصر حامد أبو زيد،
عبر محطات توثّق مواقف المفكر المصري الراحل في مواجهة التكفير، وسعيه إلى
استكمال مشروعه التنويري، متجاوزاً محنة المنفى.
وينبش عمر شرقاوي سيرة والده الذي نزح طفلاً من حيفا عام 1948، في «أبي من
حيفا» (فلسطين/ الدنمارك)... فيما تستعيد سؤدد كعدان في «سقف دمشق وحكايات
من الجنة»، تاريخ الحكاية الشعبية الدمشقية ببعدها الأسطوري، قبل اندثارها،
بشكل مواز لمصير البيوت الدمشقية القديمة التي طاولتها موجة التحديث
العمراني، كأن هذه الحكايات قد دُفنت مع ذلك الزمن السعيد. محمود قعبور
لديه حكاية مشابهة في شريطه «تيتا ألف مرة» (لبنان/ الإمارات)، إذ يرصد
عزلة جدته في بيت كان يوماً ما، مكتظاً بالأرواح. وها هي الجدة تسعى اليوم
من دون هوادة إلى استحضار روح عازف البيانو... زوجها الغائب، حتى لو كان
بصورة حفيدها الذي صار مخرجاً سينمائياً، وقد وجد هو الآخر في حياة «تيتا»
قصة تستحق أن تُروى. وفي «الشعراني» يختار حازم الحموي (سوريا)، سيرة
الخطاط السوري البارز منير الشعراني الذي قضى حقبة طويلة من حياته في أكثر
من منفى، قبل أن يعود أخيراً للاستقرار في دمشق.
اللافت في معظم هذه الأشرطة اهتمامها بمراقبة ما يحدث في الجوار. العدسة
هنا لا تبتعد كثيراً عمّا يشغلها في المحيط الضيّق. لكلٍ حكايته المعلنة.
يكفي أن تجد شخصاً ـــــ مهما كان هامشياً ومجهولاً ـــــ لديه الاستعداد
للتذكّر والحكي والاعتراف كي يتشكّل الشريط. في «العالم بحسب يون ب»
لألكسندر ناناو (رومانيا)، نتعرَّف على متشرّد في شوارع بوخارست، كان يحلم
في شبابه بأن يصبح مخرجاً سينمائياً. يكتفي الرجل بصناعة أفلام بدائية على
شكل كولاجات، من دون أن يجد مكاناً لعرضها، إلى أن يكتشفه صاحب صالة سينما،
فيتغيّر مسار حياته.
ويشترط أحد القتلة المأجورين في كارتل المخدرات المكسيكي ألا تظهر صورته في
شريط «إل سيكاريو ـــ الغرفة 164» للمخرج جيان فرانكو روسي (فرنسا/
إيطاليا)، كي يروي، طوال ثمانين دقيقة، سيرة حياته، وأسرار مهنته، متلفعاً
بخمار أسود يغطيه تماماً، ومتسلّحاً بدفتر رسم، وقلم تخطيط، يوضّح من
خلالهما «فنونه»، في تعذيب ضحاياه وقتلهم.
هناك أيضاً من اهتم بأرشفة سيرة الجموع. يفتتح الصيني ليكسين فان فيلمه
«القطار الأخير إلى المنزل» (فيلم الافتتاح)، على مشهد بانورامي أشبه بلوحة
تجريدية لآلاف الصينيين في محطة للقطار، في يوم استثنائي، هو عيد رأس السنة
الصينية. أما كلودين بورييه وباتريس شانيار فيتعقّبان في شريطهما
«الواصلون» (فرنسا)، مصائر عائلات مهاجرة من أذربيجان ومنغوليا والكونغو
والعراق والشيشان. بشر هاربون من جحيم بلدانهم، بجوازات سفر أو من دونها.
بحقائب، أو من دون حقائب. عيون مرهقة وتائهة، تتطلع بفزع إلى أمل غامض
ينتظرها في منافيها القسرية. فيلم الختام «تصبح على خير، يا لا أحد»
للسويسرية جاكلين زوند، فرصة لاكتشاف حالات من الأرق عبر تجارب أربع شخصيات
من أماكن مختلفة.
ضمن تظاهرة «أصوات من سوريا»، ستتنافس الأفلام السوريّة المشاركة على جائزة
«دوكس بوكس ــــ صورة» التي تمنحها «أيام سينما الواقع» بالتعاون مع شركة
«صورة للإنتاج الفني» (حاتم علي). كما يكرّس البرنامج مساحةً لأفلام حازت
العديد من الجوائز حول العالم، إضافةً إلى تكريسه مساحة جديدة مخصصة
لليافعين.
أحد المواعيد المرتقبة في المهرجان، لقاء مع ضيفته لهذا العام السينمائية
التسجيلية البريطانية المعروفة كيم لونجينوتو (راجع البورتريه إلى يسار
الصفحة) ضمن تظاهرة خاصة، سيعرض خلالها وبحضورها أربعة من أعمالها هي:
«أخوات في القانون»، «كبرياء المكان»، «الساري الوردي» و«ضُمّني، أفلتْني».
«أيّام سينما الواقع»: الافتتاح 5:30 مساء اليوم، يستمرّ حتّى 10 آذار
(مارس) الجاري ـــــ «سينما الكندي» و«سينما الزهراء» (دمشق)، إضافة إلى
عروض في حلب، وحمص وطرطوس.
www.dox-box.org
الأخبار اللبنانية في
02/03/2011
سعادة الفنّ، أو العتمة التي سيأتي منها نور
أسامة غنم
في نهاية فيلم «سلفادور الليندي» للتشيلي باتريسيو غوسمان... في نهاية هذا
البورتريه لشخص قتل قبل عقود، بعد مقابلات مع أناس عاصروا انقلاب بينوشيه
الأميركي وها هم الآن، آباء عائلات، إخوة فقدوا إخوة لهم، أبناؤهم يسمعون
عن خال أو عم.... في نهاية كل الوثائق والمقابلات المنجزة، يظهر فجأة شاعر
لا أعرفه. رجل من السبعينيات، بشارب كثيف، في صورة تلفزيونية بالأبيض
والأسود. رجل في هيئة متواضعة ونبيلة، يؤمن بالكلمات وبأننا يمكن أن نموت
من أجل أفكار. رجل لعلّه مات منذ تلك اللحظة في ذلك الاستديو التلفزيوني في
تشيلي، أو في منفى ما. رجل يعرفه أهل بلده لا ريب في ذلك ولا نعرفه نحن.
رجل لعل كثيرين يحفظون كلماته. لعل كثيرين شاهدوه على أشرطة «بيتا ماكس»
و«في أتش أس» في منافيهم، أو سراً في وطنهم تحت حكم الجنرال الشائب اللئيم.
رجل يقرأ بالإسبانية، بالأبيض والأسود، قصيدة.
في قصيدته، نتعرّف ـــ نحن مشاهدي فيلم غوسمان في «دوكس بوكس» ـــ على كلمة
«لامونيدا»، لأنّه اسم قصر الرئيس الشرعي المقصوف، فنطبّق ما تعلمناه
فوراً. يقول الشاعر إن الطلقات تخرج من الصدور، وتعود الى بنادقها. والجنود
(الذين رأيناهم يطلقون النار) يعودون الى ثكنهم، وشرفة القصر المنهارة
(التي رأيناها تسقط) تعود الى الواجهة، والغيوم ترجع الى البحر. ثم فجأة
يخرج الرئيس ذو الشارب الكثيف أيضاً الى الشرفة، يبتسم ويقول: سننتصر.
هذا الفيلم أحد الدروس البليغة لمعنى سعادة الفن. ليس أفضل أفلام غوسمان
ولا أشهرها. لكن «عادية» بنائه التوثيقي تتصعد في هذا الفعل الفني المتمثل
في قصيدة الشاعر التي ــــ بعد درس المعرفة ومهمة إيصال الحقيقة التي
ينجزها المخرج ـــ تغدو بمعجزة قصيدةً للجميع. تغدو قصيدة بالمعنى الكامل
والشرعي للكلمة لأنها تعني كل القابعين في عتمة صالة سينما في أي مدينة في
العالم يبحثون فيها عن سعادة الفن. «دوكس بوكس» في دورته الرابعة موعد مع
سعادة الفن هذه.
فيلم غوسمان الذي اكتشفناه في الدورة الأولى، عندما كانت دمشق عاصمة
الثقافة العربية، هو لحظة مرت في السنوات الثلاث السابقة، ونأمل أن تكون
لنا معها مواعيد جديدة هذا العام. الثقافة الجدية، ثقافة الأسئلة والنفَس
الطويل، رفض نجومية الروائي والمعتاد، والمراهنة على الشعر. بعد أسابيع على
رحيل عمر أميرلاي، تعود تلك الأفكار لتجعل الموعد مع المهرجان أكثر حرارةً.
تتلاقى صالات الملاكمة الأميركية مع أدغال بورصة لندن، كحوليو أرياف أوروبا
وتأمل مثقف برازيلي لخادم أبيه، شارع قبالة مصنع يصوّره فايدا، وكيشلوفسكي
مع رجل ذكي يعاند سوريا النصف الأول من القرن العشرين، لأنه يريد صناعة
سينما في استديو في باب توما.جمهور الشباب الذي يملأ صالة «الكندي» بطاقته
الملونة، ونهمه للفن، هو الدليل على أصالة السينما التسجيلية في مشهد
الثقافة العربية المعاصرة المستقلة، باعتبارها غاية وضرورة. «أيام سينما
الواقع» يرجعني الى كلمات شاعر آخر يتحدث عن الاحتراق. في عتمة صالة
السينما التي نعشقها، ترنّ كلمات ناظم حكمت: العتمة التي سيأتي منها النور.
* مسرحي سوري
الأخبار اللبنانية في
02/03/2011
عروة نيربيّة: الاستقلاليّة أوّلاً وأخيراً
مثقفون سوريون يقوّمون هذه التجربة المميّزة
وسام كنعان
يجمع المبدعون والنقّاد على أهمّية مهرجان «أيام سينما الواقع»، لكن بعضهم
يتحفّظ على حضور «المؤسسة العامة للسينما» التي تشارك هذا العام في دعم
التظاهرة
دمشق | ثلاث دقائق من الكلام تكفي لإطلاق دورة جديدة من
DOX BOX.
لا حاجة إلى الخطابات الرنانة، ولغة الاستعراضات التي تميز مهرجانات دمشق
الرسمية. هكذا، تأتي الدورة الرابعة من «مهرجان أيام سينما الواقع»، لتؤكد
أنّ المهرجان يصلح نموذجاً للمبادرات المستقلة. هذا العام، يقدّم إلينا «دوكس
بوكس» تجارب جديدة من أحدث ما أنتجته السينما التسجيلية العالمية، إضافةً
إلى تظاهرة «أصوات من سوريا» و«هذا عالمي»، وتظاهرتين عن الأفلام
الاجتماعية، أولاهما بعنوان «البحث عن حياة أفضل»، ثم تظاهرة أخرى بعنوان
«عن الرجال». وتحل السينمائية البريطانية المعروفة كيم لونجينوتو ضيفةً على
المهرجان. مع كل تلك الجهود المبذولة، يسلّط بعض المثقفين والسينمائيين
السوريين على التجربة، نظرة نقديّة، صحيّة في النهاية. هناك، كما لمسنا،
شبه إجماع على أنّ المهرجان يمثّل فرصة مهمّة لتعرّف الجمهور السوري إلى
الفيلم التسجيلي، ومنح هذا الفنّ المساحة التي يستحقّها، لكن بعضهم يبدي
مخاوفه من فقدان المهرجان استقلاليته بعدما صار مدعوماً من «المؤسسة العامة
للسينما». يقول السينمائي محمد ملص: «من الطبيعي في أجواء القحط والبؤس
السينمائي، أن تكون إقامة تظاهرة حرة كـ «دوكس بوكس» حدثاً مهماً، وخصوصاً
أنّها تظاهرة خاصة بالسينما الوثائقية»، لكنّه يبدي مخاوفه من تراجع روح
الاستقلالية في هذه الدورة، بسبب الدور الذي تحاول المؤسسة العامة للسينما
ممارسته. ويؤكّد ملص: «السينما الوثائقية لا تشاهَد، ولا تُصنَع، إلا في جو
ديموقراطي وحر ومستقل». مدير المهرجان عروة نيربية يردّ على هذه التحفّظات:
«علاقتنا مع المؤسسة واضحة. هي تقدّم تسهيلات مهمّة وتمنحنا صالات عرض،
لكنّ رقابة الأفلام لا تخص هذه المؤسسة أبداً».
ويذهب آخرون إلى اعتبارها تظاهرة تعمل وفقاً لمعايير الرقابة السياسية،
بتعبير محمد منصور. ويتساءل هذا الناقد السوري «لماذا لم يبادر «دوكس بوكس»
حتّى الآن إلى عرض أهم التجارب السورية التسجيلية، مثل أفلام الراحل عمر
أميرلاي، علماً بأن الأخير كان بمثابة عرّاب للتظاهرة؟ أليس السبب كونها
ممنوعة رقابياً؟». ننقل الانتقاد إلى نيربيّة، فيفاجئنا بأن الدورة الحالية
ستشهد عرض ثلاثة أفلام لأميرلاي: «دوكس بوكس كان أول من بادر إلى عرض أفلام
أميرلاي. والأخير كان أقرب الناس إلى هذه التظاهرة كمستشار وناصح وأستاذ».
وإلى جانب عرض بعض أعمال أميرلاي، سيعلن المهرجان قريباً صيغة لتكريم
السينمائي الراحل، وحفظ إرثه بطريقة تتواصل في المستقبل ولا تتوقف عند
تأبين عابر.
على الضفة المقابلة، يبدو الفنان فارس الحلو من أكثر المتفائلين بالتجربة:
«أنا أميل إلى أي حراك ثقافي ونشاط أهلي خاص بعيد عن المؤسسات الرسمية، لأن
نتائج ما تقدمه المؤسسات الرسمية ضعيفة جداً». أما الشاعر محمد عضيمة،
فيُعدّ من المتابعين الأوفياء للمهرجان. يرى أنه لو حصلت شراكة بين المؤسسة
العامة للسينما و«دوكس بوكس»، فإنّها فرصة لتنزع غطاء البطالة عن المؤسسة
الرسمية، إضافةً إلى أنّ التظاهرة بحد ذاتها إنجاز يستحق التقدير بما أنّها
فسحة للسينما التسجيلية الشابة في سوريا. وتبقى الكلمة الأخيرة للسينمائيين
الشباب. المخرج السوري نضال حسن، الذي شارك في الدورة الماضية من خلال
شريطه «جبال الصوان»، يؤكّد أنّ «دوكس بوكس» فرصة ممتازة، على اعتبار أن
ثقافة الفيلم التسجيلي محدودة في سوريا، لكنّه يشير إلى ضبابية المعايير في
منح الجوائز، واستبعاد أفلام جيدة عن المشاركة، وخصوصاً في الدورة الماضية.
بحركة يد يزيح عروة نيربية هذا النقاش: «لن نعود إلى الوراء الآن. لقد
استقطبنا لجنة تحكيم عالمية، ولا أحد يمكنه أن يشكك في قراراتها. كذلك لا
يمكن أن نتناقش في كل فيلم رُفض، فعدد الأفلام التي اعتذرنا عن عدم قبولها
640. وقد جاء الرفض لاعتبارات جماليّة وتقنيّة ليس إلا». ويؤكّد نيربيّة:
«تلك الأفلام عُرضت على لجنة الاختيار المستقلّة، ولم تخضع لأيّة رقابة».
أخيراً أردنا سماع رأي الجهة الرسمية في الانتقادات الموجّهة إليها، لكنّ
مدير المؤسسة العامة للسينما الناقد محمد الأحمد لم يُجب على اتصالاتنا.
ولدى إصرارنا على الوصول إليه، علمنا من مصادر موثوق بها بأنّ الأحمد يخضع
لتحقيقات عدة إلى جانب بعض موظفي المؤسسة، بعد اكتشاف ملفات فساد في سجلات
«مؤسسة السينما» و«مهرجان دمشق السينمائي».
الأخبار اللبنانية في
02/03/2011
كيم لونجينوتو: المرأة الكاميرا
فرح داغر
تستضيف «أيام سينما الواقع»، كلّ عام، أحد أبرز السينمائيين التسجيليين في
العالم. هكذا احتفت دمشق في السنوات الماضية بالمخرج التشيلي الشهير
باتريسيو غوسمان صاحب ثلاثية «معركة تشيلي»، وبالفرنسي نيكولا فيليبير صاحب
«أن أكون وأن أملك»، وبالأميركي د. أ. بينيبيكر رائد السينما المباشرة
وصاحب «لا تنظر إلى الخلف»...
في الدورة الرابعة، أعطيت صدارة البرنامج لواحدة من ألمع المخرجات
التسجيليات في العالم اليوم. إنّها البريطانية كيم لونجينوتو التي صنعت منذ
أواسط السبعينيات حتى اليوم أكثر 20 شريطاً. تصنف لونجينوتو كمخرجة
كلاسيكية، تصنع أفلامها بصبر طويل، وتجول العالم راسمةً لوحة إنسانية لواقع
لا يبدو إلا سيئاً. يعرض المهرجان أربعة من أفلام لونجينوتو التي تشتغل
باستمرار على مواضيع المرأة والطفل والتعليم. سيشاهد الجمهور باكورتها
«كبرياء المكان» (6/ 3 ــ 8:00)، حيث ندخل في مدرسة داخلية كاثوليكية
متزمّتة للبنات أواسط السبعينيات، درست فيها السينمائيّة البريطانيّة خلال
مراهقتها، قبل أن تهرب منها. وعادت إليها متخرّجة من معهد السينما، لتصنع
فيلماً بات مرجعاً في الحركة التسجيليّة، وكانت من نتائجه... إغلاق تلك
المدرسة. عن تلك التجربة، قالت لونجينوتو: «السينما التسجيلية أنقذت حياتي.
كانت فرصتي الوحيدة لكي أتصالح مع العالم». يعرض أيضاً فيلم لونجينوتو
الأخير «الساري الوردي» (8/ 3 ــ 7:30) الذي حظي بنجاح نقدي وجماهيري كبير.
تدور أحداث الفيلم في الهند حيث تعمل سامبات بال للدفاع عن حياة النساء في
منطقتها الريفية الفقيرة. يعتمد الشريط إلى درجة بعيدة على شخصية سامبات
الآسرة التي تضع المتفرج كذلك في مواجهة نفسه. إذ تقدم نفسها كشخصية مركّبة
تركيباً استثنائياً، ملغيةً ما هو معتاد من نمطية في التعامل مع القضايا
المطلبية. خلال العام المنصرم، كرّمت لونجينوتو في أكثر من عشرة بلدان، ومن
قبل مهرجانات كبرى مثل «شيفيلد» و«هوت دوكس» الكندي. وفي مئوية يوم المرأة
العالمي في الثامن من آذار (مارس)، ستقدم في دمشق محاضرة مفتوحة للجمهور...
فيما تعرض أفلامها في أكثر من ثلاثين بلداً في تلك الأمسية.
الساري الوردي: 8:30 مساء اليوم وغداً ضمن مهرجان «نساء في مجتمعات مهددة»
ــ «مسرح بابل» (بيروت). للإستعلام: 01/744033
من البرنامج
«صداع»
6/ 3 ــ 06:00
رائد أنضوني مصاب بصداع مزمن. بين التحليل النفسي ولقاءات متقطعة مع
العائلة ومع أشباح من الذاكرة، يأخذنا المخرج الفلسطيني في رحلة البحث عن
مصالحة داخلية، فيفتح أمامنا عالماً متمهلاً وساخراً هو فلسطين اليوم. عرض
الفيلم في مهرجان «ساندنس» الأميركي ومهرجانات أخرى.
«ارسم نفسك»
4/3 ــ 12:00
جولة من خلال نافذة العالم الزجاجية، وأطفال صغار يرسمون ببساطة صوراً
لأنفسهم. لغة سينمائية مفتوحة وممتعة. وحساسية إنسانية تمزج الضحك والبكاء
بالصمت والموسيقى. يعرض الفيلم في تظاهرة «إنّه عالمي» الخاصة باليافعين،
وهو من إخراج الفرنسي جيل بورت.
إلى عمر أميرلاي اليوم و7/ 3
يكرّم المهرجان السينمائي السوري الراحل، من خلال عرض ثلاثة من أبرز أعماله
أوّلها «نور وظلال» عند الثامنة والنصف مساء اليوم. كما يعرض شريط «الحب
الموؤود» (7/3 ــ 3:00) عن صورة المرأة في مصر، و«عن ثورة» (7/3 ــ 9:00)
حول ثورة اليمن الجنوبي.
«سقف دمشق وحكايات من الجنة»
3/ 3 ـــ 04:00
تنتقل القصص والأقاويل من الأجداد إلى الأحفاد في دمشق، صاحبة معها صور
غنية من اسماك تطير إلى صداقات مع الأفاعي. لكن كل ذلك قد طواه الزمان اثر
التحديث العمراني الذي تشهده «الشام القديمة». تنجز سؤدد كعدان شريطاً على
أمل ألا تضيع دمشق القديمة وسط هجمة الباطون.
«الآربر» 6/ 3 ــ 03:30
نشأت الكاتبة المسرحية أندريا دنبار في شارع «الآربر» (شمال إنكلترا) وسمّت
مسرحيتها الأولى باسمه، ثم رحلت تاركةً خلفها ثلاثة أطفال. تحوك المخرجة من
مقابلات صوتية مع عائلتها ومن تمثيل بعض مسرحياتها، فيلماً تسجيلياً يجاور
الروائي والمسرح ويفتح الحدود بين الثلاثة.
«نادي الملاكمة»
3/3 ــ 02:00
«نادي اللورد» نادٍ أسّسه ملاكم محترف سابق، يتدرب فيه أناس من كل الطبقات
والمهن والأعراق، يحاولون جميعاً تحسين لياقتهم وجرأتهم، بكل المعاني.
النادي بوتقة ينصهر فيها المجتمع الأميركي المعاصر. الشريط هو الفيلم
الأخير لمعلم السينما التسجيلية الأشهر الأميركي فريديريك وايزمن.
الأخبار اللبنانية في
02/03/2011
نجوم مصر الشعب يريد إعتذاراً صريحاً
محمد عبد الرحمن
القاهرة | بعد أيام على انطلاق «ثورة 25 يناير»، ظهرت «القوائم السوداء»
متضمِّنةً أسماء الفنانين والإعلاميين والسياسيين الذين حاولوا تشويه
الثورة. طبعاً لم يتوقّع هؤلاء النجوم أن تنقلب مواقفهم ضدّهم، بل على
العكس توقعوا فشل التحركات الشعبية، وبالتالي حصولهم على مكافآت من
«الريّس» المخلوع ومن نظامه. لكن هذه المرة انقلبت المقاييس، فنجحت الثورة،
وتحوّل هؤلاء إلى شخصيات خسرت «رئيسها المحبوب»، وخسرت معه جمهورها الكبير.
هكذا خرج نجوم النظام ليدافعوا عن أنفسهم طالبين السماح، لكن من دون تقديم
أي اعتذار قد يخفِّف من طوفان الغضب الذي أغرقهم جميعاً. إذاً لم يتراجع
نجوم «القائمة السوداء» عن مواقفهم، طيلة فترة الثورة، حتى عندما سمعوا
نجمة بحجم شيريهان تقول في ميدان التحرير إنها كانت ستتبرّع بدمها للجرحى
لو لم تكن مصابة بالسرطان، كما لم يتراجع هؤلاء بعدما شاهدوا عشرات
الممثلين والفنانين يقصدون ساحات الاعتصام يومياً. وهنا، لا بدّ من الإشارة
إلى أن الثوار يميزون جيداً بين الفنانين الذين دعموا النظام، وهؤلاء الذين
عمدوا إلى تشويه صورة الثورة، مستغلين جماهريتهم لدى بعض مشاهدي «التلفزيون
المصري». والمفارقة أنّ بعض مذيعي «ماسبيرو» لم يتحمّلوا الهجوم الذي شنّه
عدد من النجوم على الثوار. مثلاً، عندما طالبت سماح أنور بحرق المتظاهرين
في ميدان التحرير، رفض المذيع ما قالته وأنهى فوراً الاتصال معها، لكن أنور
عادت وأطلّت على شاشة «العربية» ضمن برنامج «مصر بعد مبارك» مع محمود
الورواري، فاعتذرت إلى المصريين، وتحمّلت هجوم زميلها أحمد عبد الوارث
عليها، إذ قال هذا الأخير إنه لو عرف أنها ستشارك في الحلقة لما قبل الظهور
معها. وفي إطار دفاعها عن نفسها، قالت الممثلة المصرية إنها تعرضت للتضليل
من التلفزيون الحكومي لأنها لم تكن تشاهد غيره.
أما طلعت زكريا، فقال خلال التظاهرات إن الميدان مليء بالمخدرات والجنس،
لكن بعد سقوط مبارك، عاد ليؤكد أنه نزل إلى الشارع متنكّراً وشاهد شباباً
يمارسون الجنس ويتعاطون المخدرات! وأضاف أنّ تصريحاته كانت تهدف إلى الحفاظ
«على نقاوة الثورة». ثمّ دافع عن موقفه تجاه الرئيس المخلوع قائلاً إن هذا
الأخير عالجه خلال أزمته الصحية، متناسياً دعوات الملايين من المصريين
لشفائه العاجل، وأن معالجته تمّت بأموال الشعب. والطريف أنه رد على
المطالبين بمقاطعة فيلمه المقبل «الفيل في المنديل» بالقول إن الجميع
سيشاهده على الإنترنت، كأن القرصنة بات مسموحاً بها لإنقاذه من تدنّي
جماهيريّته.
ولعلّ غادة عبد الرازق كانت أكثر الممثلات تعرضاً للهجوم. مع ذلك، لم
تتراجع عن موقفها بل أعلنت أن الذين يهاجمونها «لا يؤمنون بالديموقراطية»،
وأنها كانت خائفة على مصر. وأضافت «ليس عيباً أن أحب الرئيس مبارك». غير أن
النجمة المصرية لم توضح سبب هجومها على المتظاهرين، ولم تقل إن علاقاتها مع
مسؤولين مصريين كانت سبب مواقفها المنحازة إلى النظام، وهي الممثلة التي لم
تُدلِ سابقاً بأي موقف سياسي. وإلى القائمة السوداء، لا بد من إضافة حسن
يوسف الذي كان أول من أطلق شائعة حصول المتظاهرين على وجبات دجاج «كنتاكي»
وأموال. هكذا ركب الرجل موجة الاعتذار، مؤكداً أنّ أولاده نزلوا إلى ميدان
التحرير في الأيام الأخيرة (هل حصلوا هم أيضاً على وجبات دجاج مجانية؟).
أما زوجة يوسف، فساندته، مؤكدةً أنه لم يعد يشرّفها أن تكون مصرية بعد الذي
رأته في ميدان التحرير. ومع هذه التصريحات، لا شكّ في أنّ يوسف خسر ما بقي
من جماهريته التي بدأت بالتدهور إثر ظهوره في مسلسل «زهرة وأزواجها
الخمسة».
وفي السياق نفسه، استغربت يسرا وإلهام شاهين إدراجهما ضمن القائمة السوداء،
وطالبتا بالتفريق بين الذين هاجموا الثورة، وهؤلاء الذين اكتفوا بالدفاع عن
الرئيس المخلوع. وحتى الساعة، لم يظهر بعد التأثير الحقيقي لهذه القائمة
بسبب عدم عرض أيّ عمل فني جديد لكل نجوم النظام. لكن لا بد من الإشارة إلى
أن بعض المنتجين بدأوا يطالبون بخفض أجور هؤلاء الممثلين نظراً إلى تدني
شعبيّتهم. أما على الجبهة التلفزيونية، فكان مقدما برنامج «48 ساعة» سيّد
علي، وهناء السمري أول من دفع ثمن مواقفهما، بعدما توقّف البرنامج على شاشة
«المحور» بحجة تغيير الديكور، لكنّ الإعلاميَّين تبادلا الاتهامات سراً
وعلناً، فقال علي إنه لن يعود إلى البرنامج إلا منفرداً، وإن المصريين لم
ينسوا أن زميلته كانت مراسلة في القصر الرئاسي لأكثر من 14 سنة، إلى جانب
انتمائها إلى «الحزب الوطني». أما السمري، فلمّحت إلى أنها تفكّر في العودة
إلى «التلفزيون المصري». وقد يكون ذلك الخيار الأفضل، فمعظم وجوه «ماسبيرو»
مدرجة في القائمة السوداء، وبالتالي لن تشعر بالغربة هناك.
الأخبار اللبنانية في
02/03/2011 |