يعد خالد أبوالنجا أحد أبرز المعارضين للنظام السابق، كما أنه أحد
المساهمين فى تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير، التى يرأسها الدكتور محمد
البرادعى، وقد تسبب موقفه المعارض فى وضعه على القوائم السوداء للنظام، وقد
تم منعه من الظهور على القنوات الرسمية بشكل غير معلن.
ومع بداية ثورة ٢٥ يناير، كان أبوالنجا من أوائل الفنانين، الذين أيدوا
الثورة، ولم يغادر الميدان حتى تنحى الرئيس، ورغم ذلك لم تنته طلباته، فهو
يطالب الفنانين الذين أخطأوا فى حق الثورة بالاعتذار قبل فوات الأوان.
■ ما أهم مطالب المرحلة المقبلة، التى لا تزال قيد
المفاوضات؟
- هناك عدة مطالب أبرزها رحيل حكومة شفيق، لأنها أحد رموز النظام السابق،
وكلما كان أسرع كان أفضل. ثانيا: لابد من الإفراج عن جميع المعتقلين
السياسين، الذين تم القبض عليهم منذ ٢٥ يناير، ولا أعرف سبب وجودهم فى
المعتقلات حتى الآن وأعتقد أن وجودهم يؤكد أن النظام الحالى لا يزال يفكر
بنفس طريقة التفكير القديم، وهو أن يمتلك ورقة ضغط دائمة أمامنا. ثالثا:
لابد من إقصاء أى عضو من الحزب الوطنى فى المرحلة المقبلة، لأن الحزب فسد
من رأسه، خاصة بعد أن استقال معظم أعضائه، بالإضافة إلى أنه أحد رموز
الفساد،
أما بخصوص الدستور فأرى أن أى كلام فيه يعد مضيعة للوقت، لأننا من الممكن
أن نقدم دستوراً مؤقتاً من أربعة وخمسة بنود فقط كما يحدث فى جميع الثورات،
حتى ننتهى من المرحلة المؤقتة، كذلك التصويت على المادة الثانية فى الدستور
بخصوص الشريعة الإسلامية، فهذا أيضا مضيعة للوقت، ورغم ذلك لا أنكر أننى
متفائل بشكل كبير، لأن ضغط الشارع موجود، والناس لن تترك مساحة لأى شخص أو
مؤسسة أن تضللها مرة أخرى، حتى الإعلام نفسه، وهذا أكثر ما يطمئننى وأعتقد
أن عودة هذه الروح هى أهم إنجاز للثورة، وليس إسقاط مبارك.
■ وما رأيك فيما يحدث الآن من عصيان مدنى فى بعض
المؤسسات؟
- أعتقد أن ذلك شىء طبيعى، لأن العمال الذين لم يشاركوا فى الثورة، ووجدوا
أن الاتحاد والترابط قد يسقط النظام، أصبحت لديهم الثقة فى سقوط أى فساد
يعيشونه، وهؤلاء العمال عاشوا سنوات عديدة ذاقوا فيها المر، ولم يحصلوا على
الحد الأدنى من الكرامة أو حتى حقوقهم من معاشات وتثبيت العقود والأجور،
وأرى أنه من الخطأ أن نمنعهم، لأن ذلك حق أساسى لهم، ولكن ما أستطيع أن
أقوله لهم ألا يتسبب ضغطهم فى وقف عجلة الإنتاج وتعطيل سير العمل.
■ هل تتفق على عمليات التطهير التى بدأت تحدث فى
النقابات الفنية؟
- هذا أيضاً شىء طبيعى، لأن هذه النقابات كانت تقمع طوال الوقت، وكانت تجبر
على أن تكون قراراتها مع النظام، وهذا ما نعرفه جميعا، وأعترف بأن موقف
أشرف زكى من الثورة كان غريبا، خاصة أن معظم الفنانين كان لديهم رأى مؤيد
للثورة، وهذا لا يعنى أننى ضد رأيه أو موقفه، ولكن عليه ألا يتحدث باسم
النقابة، كما أنه لا يجوز أن يخون من كان مع الثورة، وأن يتم إعداد قوائم
سوداء لمن كانوا ضد النظام، وأن يرسل لهم رسائل بأن موقفهم قد يقابله شطب
العضوية من النقابة، وقد وصلت بالفعل هذه الرسائل لبعض الزملاء، وكان ذلك
بهدف الترهيب، وأعتقد أنه كلام فارغ ومنذ زمن كان يحاول من خلال بقاياه
البائسة أن يحقق وجوده.
■ إذن أنت تتفق مع زملائك على استبعاد أشرف زكى
وتغيير مجلس النقابة؟
- بالتأكيد، وهذا ليس موقفاً شخصياً من أشرف زكى، ولكن لأننى لا أقبل أن
تسير النقابة فى اتجاه سياسى محدد، وتتحدث باسمى، رغم أننى ومعظم زملائى
نسير فى اتجاه آخر، لأن ذلك تزييف وتزوير لإرادة مجموعة كبيرة من الفنانين
مثلما كان يفعل النظام المصرى فى خطف إرادة مصر كلها من خلال إعلام مزيف
وترهيب من وزارة الداخلية.
■ ما رأيك فى الفنانين الذين هاجموا الثورة ؟
- على كل هذه الأصوات أن تعتذر الآن، وأعلم أن الناس قد تحتاج إلى وقت
لتقبل هذه الاعتذارات، خاصة من بعض الشخصيات التى خونت الثوار ووصفتهم
بأنهم عملاء، وبهذا الاعتذار نبدأ صفحة جديدة، لأنه لا يوجد أحد من وجهة
نظرى يكره مصر فبعضهم كان مضللاً أو خائفاً أو مش فاهم .
■ إذن أنت ترفض القوائم التى خرجت مؤخرا والتى وصفت
بقوائم العار؟
- بالتأكيد، وأرى أن الاعتذار هو الحل، خاصة بعد أن ظهرت الحقيقة، وحتى
الإعلام لابد أن يعتذر لأنه كان مضللا وساهم فى تشويه أشخاص عديدة منهم
الدكتور البرادعى وبعض الفنانين.
■ ما رأيك فى الاتهامات التى نالها محمد البرادعى
بأنه يحمل أجندة أمريكية ويتقلد منصباً فى الحكومة الأمريكية؟
- كلام فارغ، هذا كان نوعاً من التضليل، وإذا قلنا هذا الكلام فى أى مكان
بالعالم سيضحكون علينا، فهذا الرجل حصل على جائزة نوبل للسلام لأنه الوحيد
الذى وقف ضد احتلال أمريكا للعراق، ولكن نحن للأسف، وقعنا تحت تأثير إعلام
مضلل يجب أن يعتذر ويرد لهذا المصرى الشريف اعتباره بغض النظر إذا كان
سيرشح نفسه للرئاسة أم لا.
■ ولكنك تعرضت لبعض الاتهامات بسبب وجودك بجانب
البرادعى؟
- قريبا ستسمع عن «بلاوى»، وما يحدث الآن جزء منها، فهناك اختراق كامل الآن
لجميع وسائل الإعلام حتى التى تقف ضد الحكومة، حتى يصدق الشعب كل ما ينشر
فيها بعد ذلك، وأرى أنها تهم رخيصة وسخيفة تم إطلاقها بهدف النيل ممن كانوا
ضد النظام سواء أنا أو عمرو واكد أو وائل غنيم.
■ من الذى وراء ذلك؟
- بالتأكيد أقصد أمن الدولة وأعترف بأنه قد يكون ارتبك الآن ولكنه موجود.
■ ما رأيك فى تراجع البرادعى عن الترشح لمنصب رئيس
الجمهورية؟
- أعتقد أن هذا القرار جاء بسبب الظلم الذى تعرض له مؤخراً، فهذا الرجل
عندما جاء كان همه التغيير، وكان له بعض المطالب، ولم يكن هدفه إطلاقا أن
يكون رئيسا، وأؤكد أنه لم يكن يفرق معى مسألة من هو الرئيس المقبل، فكل همى
أن الشعب المصرى يكون لديه الوعى فى الاختيار.
■ هل ترى أن التغيير قد يطرأ على السينما أيضا؟
- بالتأكيد سيتحول كل شىء للأفضل لأن بلدنا كان مخنوقا برباط يسحبه إلى
التخلف، والآن نجحنا فى قطع هذا الرباط لنسير مع عجلة التقدم وأعتقد أن أهم
إنجاز لنا فى هذه الثورة أننا لن نسمح مرة أخرى لأى شخص يسحبنا إلى الخلف .
المصرية في
26/02/2011
'الولاءات
العائلية الضيقة' تُعيد دريد لحام إلى
الكوميديا
دمشق – من راشد
عيسى
الفنان السوري الكبير يؤدي شخصية انفعالية غيورة على مصلحة العائلة
في مسلسل كوميدي جديد يحمل عنوان 'الخربة'.
يدخل الممثل السوري دريد لحام قريبا في تصوير مسلسل تلفزيوني كوميدي
جديد من بطولته يحمل عنوان "الخربة"، نص الكاتب السوري ممدوح حمادة وإخراج
الليث حجو، اللذين أنجزا معا من قبل المسلسل الكوميدي ذائع الصيت "ضيعة
ضايعة".
ولا يبدو أن العمل الجديد سيبتعد عن أجواء "ضيعة ضايعة"، كما تشي
حكاية العمل على ما أوجزها الكاتب ، "فالخربة قرية شبه مهجورة مشاكلها تكاد
تنحصر في بعض المناكفات بين سكانها الذين ينتمون لعائلتين متخاصمتين بدون
سبب واضح منذ قديم الازل، وربما يكون هذا الخصام هو مصدر تسليتهم الوحيد.
يتزعم كل عائلة رجل مسن هو عميد العائلة، وهما آل أبو مالحة وآل أبو قعقور".
واضاف الكاتب "بسبب الأزمة الاقتصادية يبدأ السكان المهاجرون بالعودة
بعضهم من المدينة وبعضهم من المهجر، حيث تشرب كل منهم عادات وثقافة جديدة،
فتبدأ بالظهور علاقات جديدة مضادة للحمة المبنية على أساس عائلي، ونرى
تمردات على كبيري العائلتين اللذين كانت لهما الكلمة في ما مضى".
وتابع "في النهاية يتم تنحية الكبار وتسود علاقات جديدة بسلبياتها
وإيجابياتها".
وأكد الكاتب "أن العمل يتحدث بشكل ما عن موضوع الولاء الضيق، وهو
الولاء للعائلة، والذي يرمز لبقية الولاءات الضيقة، فخلافات العائلتين ليس
لها سبب، وهو ما نراه في الكثير من المجتمعات القروية، فالهم الأساسي لكل
عائلة إثبات أحقيتها بالمقدمة، ثم يأتي من المدينة آخرون اتسعت ولاءاتهم
لتكون أيديولوجية، أو حتى إنسانية أو فنية أو غير ذلك، فلم تعد هذه
الولاءات تقنعهم، كما أن القرية نفسها تولد نوعا جديدا متعلما يحاول الخروح
من هذا الإطار".
وردا على سؤال حول ما إذا كان المكان عنده بطلا وموضوعا، كما في "ضيعة
ضايعة" قال حمادة "هذا العمل هو الثاني من ثلاثة أعمال كنت قد وضعتها في
خططي المستقبلية، والتي تعتمد المكان، أولها ضيعة ضايعة، وكان يفترض أن
يكون من جزء واحد، ثم جاء الجزء الثاني تلبية لرغبات الناس، ثم جاء هذا
العمل".
واضاف "أما الثالث، وهو ليس قريبا فهو ينطق بلهجة حوران (جنوب) وسيحمل
اسم الأوركسترا، فالمكان، القرية موجود في الأعمال الثلاثة".
وقال الكاتب عن المكان، الذي يشكل هذه المرة البيئة التي ولد وعاش
فيها الكاتب نفسه، أي قرى السويداء، جنوب سوريا "إن المكان سيتيح هنا
المفارقة بين الجديد العائد من المدينة والقديم المتأصل في القرية".
واستدرك "لكنني لا أنظر إلى القرية كمجتمع مثالي أو نقي بحت، فهو وإن
كان يحمل البساطة فيه الكثير من الرث، وفي الوقت نفسه فإنني لا أنظر إلى
المدينة كمصدر للفساد والإفساد ففيها التحديث والتطور كما فيها من الزيف".
أما عن دور دريد لحام في المسلسل الذي "يحتوي على شرائح مختلفة من
راعي الغنم إلى المايسترو الموسيقي، مرورا بمستويات أخرى" بحسب الكاتب، فهو
"كبير إحدى العائلتين والأكثر تعصبا لعائلته بينهما".
واضاف الكاتب "هو شخصية انفعالية غيورة على مصلحة العائلة (من وجهة
نظره)، هدفه الأسمى في الحياة إثبات تفوق عائلته على العائلة الأخرى، ولا
يترك مناسبة إلا ويستغلها في سبيل ذلك".
ويصف الكاتب الشخصية التي سيؤديها دريد لحام قائلا "له شاربان كبيران
يعتد بهما ويعتني بهما، ويمكن له اختلاق أي شيء لإثبات تفوق عائلته وتفوقه
على خصمه زعيم العائلة الأخرى، الذي لا يختلف عنه كثيرا، كما أنه يجد صعوبة
في التعامل مع التقنيات الحديثة وخاصة الموبايل، ولكن كل مشاريعه تنتهي
بفضيحة كبيرة، ويخرج منها محرجا".
ميدل إيست أنلاين في
26/02/2011
إسقاط "نظام النجوم" في السينما العربية
السينما في
خدمة الثورة
صلاح سرميني ـ باريس
نحنُ نتحدثُ هنا من هذه المنصة عن التضامن مع
الطلاب، والعمال، وأنتم تتحدثون عن حركة الكاميرا، واللقطة الكبيرة(1).
جان لوك
غودار
كان على الشعب التونسيّ، المصريّ، الليبيّ،
والقائمة مستمرّة.. الانتظار عقوداً من الزمن كي يُفجروا ثوراتهم التي
تتطاير
شظاياها في كلّ مكانٍ مثل ألعابٍ نارية ترتعدّ منها الأنظمة الطاغية.
وقد حان
الوقت أيضاً بأن تحدثَ ثورة في السينما العربية، ويُعلن العاملون الشرفاء
في هذه
الصناعة عن مطالبهم الحالية، والمُستقبليّة بهدف تغييّرٍ
جذريٍّ، إنتاجاً، توزيعاً،
وثقافةً سينمائية.
لقد كانت السينما، المصرية تحديداً، ومازالت، وسيلة جذبٍ
شعبية كبرى، ولكن، من المؤسف بأنها اُختطفت بمُساعدة السلطات
السياسية، واُستثمرت
في تغيّيب الجمهور، تخديره، تفريغ غضبه، تمييّع مشاغله، وتسطيح قضاياه.
وقد وصلت
السينما العربية (المصرية خاصةً) إلى أوضاع مُهينة من الناحية العددية،
والنوعيّة،
حقيقة لا لا يستطيع أحدٌ إنكارها من الفاعلين الجادّين في الصناعة
السينمائية،
التجار المُستهترين، أو الجمهور نفسه، المصريّ، والعربيّ.
كنتُ أعتقد بأن الأوان
قد فات، بعد أن حفر الكثير من صُناع السينما العربية قبرها بأيديهم، ولكنّ
الثورات
الحالية، والمُتتالية، أعادت لي (لنا) بعض الأمل، أو كله في إمكانية
انطلاقة "ثورة
سينمائية" حقيقية تقضي على الفساد السينمائيّ في كلّ جوانبه الإنتاجيّ،
التوزيعيّ،
والثقافيّ، وتبدأ مرحلةً جديدةً تتوافق مع رغبة الملايين بالتغييّر.
من أجل هذا
الغرض، ومساهمةً في نشر وتعميم، وترويج ثقافة سينمائية نضالية، وثورية،
سبقها
الكتابة عن سينما تجريبيّة، مُغايرة، بديلة تُجسد تاريخاً
متواصلاً من تمردّ
السينمائيين، وثورتهم أحياناً على السينما التقليدية، ثقافتها، وآليات
إنتاجها،
وتوزيعها،...
سوف ألفتُ الانتباه إلى أفلامٍ منسيّة، أو مجهولة كي يبحث القارئ
عنها، يشاهدها، يُروج لها، ويوزعها بطريقةٍ شرعية بعيدة عن
القرصنة، أو على الأقلّ،
إن لم يتمكن من الحصول عليها، يقرأ عنها، يستوحي منها، ويقارن بين ما حدث
البارحة،
وما يحدث اليوم .
أفلامٌ، الشعب فيها هو البطل، تُذكرنا بأحداثٍ، وثوراتٍ تتقاطع
فيها الأسباب، الآليّات، النتائج، الآمال، الاحباطات، التنظيم،
الفوضى، الآلة
الأمنية القمعيّة، الشرطة، الفساد، السيارات المحروقة، القنابل المسيلة
للدموع،
الرصاص الحقيقي، والمطاطي، التظاهرات، التجمّعات، الإضرابات، المتاريس،
أحجار
الشوارع،... مواقف الدول العظمى (الولايات المتحدة خاصةً)،
وحتى هروب الرؤساء،
وعائلاتهم خارج البلاد، وتهريب ثرواتهم.
مهرجان كان 68
في فيلمٍ تسجيليّ قصير بعنوان "كان 68"، يلتقطُ
الناقد، والمُؤرخ السينمائيّ الفرنسيّ "سليم ساسون" 22 دقيقة من الأحداث
المُضطربة
التي هزّت الدورة الـ 21 لمهرجان كان، والتي توافق انعقادها مع اندلاع
الانتفاضة
الطلابية، والعمالية في مايو من عام 1968، لقد بدأت "الشرارة السينمائية"
من الصالة
الصغيرة "جان كوكتو"، حيث اجتمع فيها عددٌ كبيرّ من العاملين في الصناعة
السينمائية
الفرنسية، والأجنبية من ضيوف تلك الدورة :
جان لوك غودار، ماشا ميريل، كلود
بيري، فرانسوا تروفو، رومان بولانسكي، ميلوش فورمان، ريتشارد ليستر، جان
لوي بوري،
ميشيل كورنو، ...والذين شكلوا فيما بينهم هيئةً للدفاع عن السينماتيك
الفرنسية،
وتحوّل الاجتماع إلى حثّ لجنة تحكيم المهرجان على الاستقالة،
ومُطالبة المُنظمين
بإيقاف العروض تضامناً مع الطلاب، والعمال، تُقدم تلك الوثيقة لحظاتٍ
مُكثفة،
وقصيرة، لم يكن الاجتماع هادئاً، ولم تمرّ المُطالبات بهدوءٍ، فقد تعالى
السباب،
واللعنات، وحتى التشاحن بالأيدي، ولحسن الحظ، كانت كاميرا
"سليم ساسون" هناك تُسجل
ذاك الارتباك، ومنذ تلك اللحظات، التحقت السينما بالثورة.
يحدثُ انقسامٌ في
آليّات التضامن، ويتحوّل المشهد من الشاشات الكبيرة إلى تلك الصالة
الصغيرة، وحتى
في شوارع، ومقاهي المدينة، وأروقة قصر المهرجان .
في هذا الفيلم/الوثيقة (مهرجان كان 68) الجديرة بالمُشاهدة،
التأمل، والتفكير، يعلقُ "ميشيل كورنو" (مخرج
فيلم
Les Gauloises bleues)
تعليقاً دالاً، حان الوقت بدورنا أن نُعلنه،
نتبناه،
ونطالب به :
"مهرجان
كان ليس مهرجان السينما، ولكن، بعض الأشخاص فقط من العاملين
في السينما، المخرجين، والممثلين بالتحديد،.....".
يُضيف "ميشيل كورنو"، بأنه طلب من مدير
المهرجان بأن يحضر معه بعض العاملين من فريق عمل فيلمه، ولكنّه رفض.
رُبما نسيت،
أو تناست المهرجانات السينمائية العربية بأنّ الفيلم "عملٌ جماعيّ"،
ولكنها، بهدف
الدعاية، والمُحفزّات التجارية، تدعو دائماً المخرج (وهنا لا أنكرُ حقه،
وأولويته
في متابعة فيلمه)، وممثلي الأدوار الرئيسية (ولا أنتقص من حقهم
أيضاً).
ولكن،
هناك دائماً تساؤلات علنية، ومُضمرة، تصل إلى درجة السخط، عن فائدة حضورهم
غير
استقطاب الأضواء بتواطىءٍ مشتركٍ مع المُنظمّين .
ويعرف الجميع كيف يقضي معظم
هؤلاء النجوم أوقاتهم "الثمينة جداً" في مهرجانٍ ما، وماعدا اللحظات
الاستعراضية
أمام كاميرات التلفزيون، ومؤتمراتهم الصحفية الخفيفة، وتصريحاتهم الباهتة،
المُكررة، وعديمة الفائدة، فإنّ هؤلاء لا يشاهدون الأفلام، ولا
يشاركون في أيّ حدثٍ
جادّ، ومفيد، ويقضون أوقاتهم في الترويج لأنفسهم، ودعم نجوميتهم، وهي جزءٌ
من
منظومةٍ تجارية مخططة تجعل من السينما سلعةً فقط، وتنفي عنها كلّ الجوانب
الأخرى،
وفي مقدمتها الثقافية، والتثقيفية.
هم واجهة العمل السينمائيّ بالتأكيد، ولكن،
يتحتمّ على المهرجانات السينمائية العربية، وتماشياً مع الزحف الثوريّ
المطلوب، بأن
تُغيّر من نظرتها الترويجية، وتكريس مفهوم الفيلم/سلعة، والتفكير بجميع
العاملين في
الفيلم، وإعادة حقوقهم المعنوية التي سلبتها الأضواء، وتقاليد السجادة
الحمراء.
هل الممثل، أو الممثلة أهمّ من كاتب السيناريو، مدير التصوير، فنان
الديكور، مهندس الصوت، أو المونتير؟...
علينا بأن نتصور حجم الفائدة التي
يقدمها هؤلاء المنسييّن، والمغيّبين عندما يتحدثون عن تجربتهم في فيلمٍ ما،
أو
مسيرتهم السينمائية عموماً، وديناميكية تبادل الخبرات، والتجارب مع الضيوف
من
تخصصاتٍ أخرى.
لقد حان الوقت للبدء بإسقاط "نظام النجوم" نفسه الذي يُحول
الصناعة السينمائية العربية إلى "ديكتاتورياتٍ" تصول، وتجول
كما يحلو لها، وتؤثر
سلباً برغباتها، نزواتها، وأجورها الخيالية، وتفرض أنماطاً محددة من
الأفكار،
الموضوعات، والأداء، بدون أن تُساهم في تطوير السينما، وحتى إفساد ذوق
الجمهور، وهو
وحده، راضياً، أو مُرغماً، الضحية.
في نفس الوثيقة/الفيلم، يتساءل "ميشيل كورنو"
عن إمكانية انعقاد الدورة القادمة لمهرجان كان، وانحيازها إلى الجانب
التجاريّ، أو
الفكريّ ؟
لقد كان السؤال في عام 1968، وكما نعرف، يتواصل المهرجان حتى اليوم،
ويجمع بين الجانبيّن، ولكن، من الواضح بأنّ المُنظمّين عبر
تاريخه لم يُصغوا كثيراً
إلى استهجان "ميشيل كورنو" من إقصاء المهن السينمائية الأخرى عن هذا الحدث،
وبقي
المهرجان ينحاز إلى المخرجين، والنجوم فقط.
ولكن، بالمُقابل، لا يوجد
مهرجانٌ واحدٌ يحتكرُ الأفلام، والأذواق،... حيث تحتفي فرنسا وحدها بأكثر
من 600
مهرجان سينمائيّ صغيرٍ، وكبير، محليّ، ودوليّ، كلّ واحدٍ منها
يُحقق خطةً برمجية
خاصة،
ولكنّ المُشكلة الكبرى التي تعيشها المهرجانات السينمائية العربية، بأن
معظم منظمّيها يعتبرون مهرجان كان (وبعض المهرجانات الأخرى) نموذجاً،
ويتغافلون عن
الاستفادة من المهرجانات الدولية الصغيرة، والكبيرة المُتخصصة.
عندما يُنتج بلدٌ
عربيّ 350 فيلماً في العام، وينعقدُ فوق أراضيه أكثر من 600 مهرجان
سينمائيّ، سوف
نفهم تطلعاته، وماعدا ذلك، فهو اقتناعٌ مرضيّ بالأوهام.
من حقّ المهرجانات
السينمائية العربية بأن تكون كبيرة، ولكن، وُفق تطلعاتٍ جديدة، ومُجددة
دائماً،
وأولها، بأن يهتمّ بلد المهرجان بإنتاجه الوطنيّ، وتتوقف عن
المُزايدات على السينما
العربية، وأكثر من ذلك، تتعامل مع الفيلم بصفته عملاً جماعياً.
هل تمتلك
المهرجانات السينمائية العربية إمكانية صنع سينمائيّ عربيّ جيد، وسينما
عربية جيدة
؟ أم أنّ السينمائيّ الجيد نفسه، والسينما
العربية الجيدة نفسها هي التي تصنعُ
مهرجاناً سينمائياً جيداً ؟
لقد حان الوقت أيضاَ بأن تتوقف المهرجانات العربية
عن نسخ بعضها، وأن يُحقق كلّ واحدٍ منها خطةً برمجيّة خلاقة بدون إدعاءٍ،
وهياج.
المهرجانات السينمائية في مصر، وتونس، والقائمة مستمرّة... قادمةٌ قريباً،
فهل
تستفيد من ثوراتها ؟
هامش :
(1)
ـ هذه العبارة رددها "جان لوك غودار" في 18 مايو عام 1968 خلال
انعقاد الدورة الـ 21 لمهرجان كان أثناء الاجتماع العاصف في صالة "جان
كوكتو"، وعلى
أثره، أعلنت لجنة التحكيم عن استقالتها، وتوقفت العروض، وفعاليات المهرجان،
والتحق
السينمائيّون بالمظاهرات الطلابية، والعمالية في مدينتيّ كان، ونيس القريبة
منها.
الجزيرة الوثائقية في
26/02/2011 |