يرقب الناقد والباحث السينمائي بشار إبراهيم الساحة السينمائية العربية
وقضاياها عن كثب، الأمر الذي مكنه من بلورة رؤية خاصة حول ما تتطلع إليه
حاضرها ومستقبلها، تجلت في متابعاته والعديد من بحوثه ومؤلفاته التي منها
"رؤى ومواقف في السينما السورية" و"نظرة على السينما الفلسطينية في القرن
العشرين"، و"عبد الناصر والسينما"، و"السينما الفلسطينية في القرن
العشرين"، و"ألوان السينما السورية"، و" فلسطين في السينما العربية"
وغيرها.
في هذا الحوار مع بشار إبراهيم نتعرف على رؤيته للخطوط العريضة لما جرى
ويجرى على الساحة السينمائية وكيف يقيم ذلك كله.
·
بماذا تفسر الصعود المتميز
للسينما العراقية واللبنانية والتركية والإيرانية والتونسية فيما تتراجع،
أو على أقصى تقدير، تقف محلك سر في مثل مصر وسوريا؟
** أعتقد أنه ينبغي علينا أن نميز بين ثلاثة مستويات، في الإجابة على هذا
السؤال الكبير، إذ أن كلاً من السينما التركية والسينما الإيرانية شهدت
صعوداً ملحوظاً منذ عقود من الزمن، قد يكون بالنسبة للسينما التركية، يرجع
إلى ما يقارب الأربعين عاماً، منذ أن فرض المخرج الكبير "يلماز غوني"، اسمه
عالياً في سماء السينما بأفلامه المتميزة، والباقية، بعد سنوات طويلة من
رحيله، وكذلك بفضل أجيال متتالية من الخرجين السينمائيين الأتراك، الذين
استطاع الكثيرون منهم التألق على نحو عالمي، من أمثال: نوري بيليج جيلان،
وسميح كابلان أوغلو.
وكذلك الأمر بالنسبة للسينما الإيرانية، التي كانت من الواضح أنها كانت
تتهيأ لانطلاقه كبرى، منذ مطلع سبعينيات القرن العشرين، وكان لها أن تستمر
على أيدي نخبة من كبار السينمائيين الإيرانيين، الذين استطاعوا التكيف،
بشكل أو بآخر، مع التغييرات الحادة التي جرت في بلادهم، على إيقاع انتصار
الثورة الإسلامية 1979، فأمكن لهم، على الرغم من ذلك، تقديم أفلام متميزة
بمضامينها الإنسانية، وبراعتها الفنية، فرضت حضورها موقعة بأسماء مخرجين
كبار أمثال محسن مخملباف، وعباس كياروستامي، ومجيد مجيدي، وجعفر بناهي..
وأمثالهم كثر.
في المستوى الثاني، نعتقد أن السينما التونسية كانت قد شهدت صعودها الباهر
في ثمانينيات القرن العشرين، مع مخرجين صاعدين أمثال: نوري بوزيد، ورضا
الباهي، وناصر خمير، وفريد بوغدير، وطائفة من المخرجين أمثالهم، أولئك
الذين أمكن لهم جذب الاهتمام للسينما التونسية، متناغمة مع صعود موجة
«سينما المؤلف»، التي كانت تتكئ بشكل أساس على «الذاكرة الطفلية».
أما بالنسبة للسينما اللبنانية، فقد شهدت مرحلتين أساسيتين على طريق
الصعود، كانت أولاهما عبر ما يمكن تسميته «سينما الحرب»، التي كان رائدها
المخرج مارون بغدادي، وبرهان علويه، وجان شمعون.. وثانيهما بما نسميه الآن
«سينما مابعد الحرب»، التي يتولى القيام بها جيلان، على الأقل، من المخرجين
اللبنانيين، سواء ممن عايشوا الحرب، أو ممن عاش على إيقاع ذاكرتها، وجمرها
المتوقد تحت رماد سلم مُتوَّهم. هذا الخيط الذي يكاد ينظم نتاجات السينما
اللبنانية، ما بين زياد دويري، وغسان سلهب، وسمير حبشي، وبهيج حجيج، وصولاً
إلى ميشيل كمون، وجان الهبر، ونادين لبكي، وجورج الهاشم.
ومن جهتها، استغرقت السينما العراقية وقتاً لازماً حتى تستوعب حقيقة ما جرى
في العراق عام 2003، وتنطلق بأفلامها التي اهتمَّت بشكل أساس في قراءة ما
حدث، باحثة عن أجوبة: لماذا، وكيف، جرى؟.. متطلعة في الوقت نفسه ليس فقط
نحو إجراء محاسبة ونقد للماضي القريب، بكل ما اعتمل في داخله من خراب وموت
ودمار، بل أولاً وأساساً النظر إلى مستقبل خال من أمراض الماضي، ومشكلاته
التي بدت في وهلة من الزمن مستعصية على الحل.
صحيح أن غالبية الأفلام العراقية الجديدة تنظر إلى الخلف بغضب. وصحيح أنه
لا يمكن وضعها تحت عنوان "سينما الحرب"، ولا تحت عنوان "نقد الذات"، على
اعتبار أنها تجد ضالتها في إلقاء اللوم كله على "الديكتاتورية". ولكن
الصحيح، في الوقت نفسه، أن هذه السينما سرعان ما سعت إلى التفلّت من حالة
"الغضب العارم"، والمضي باتجاه التأمل فيما جرى، اتكاء على قصص إنسانية،
وتفاصيل صغيرة، منسوجة بتقنيات ومهارات فنية لافتة.
بالاعتقاد أن المضامين الإنسانية الرفيعة، والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة أو
الصغيرة، ومحاشاة الصراخ، وتجنّب التلطّي وراء القضايا الكبيرة، والابتعاد
عن الإدعاء والتحريض، كما عن السطحية والمباشرة.. هي بمجموعها عوامل أهلت
وساعدت في تقدم هذه السينمات على طريق التقدم والصعود، إلى مستوى مناسب.
في الوقت نفسه، ومنذ قرابة عقدين من الزمن تعاني السينما السورية والمصرية،
كل من ناحيتها، من إشكاليات عددية، تتبدى على الصعيد السينمائي السوري من
ناحية ضعف تواتر الإنتاج، وتراجعه، أولاً، كما من ناحية توقف جيل
السبعينيات والثمانينيات عن تقديم أي منجز سينمائي، في حين لا تتقدم أسماء
جديدة، ولا أجيال لاحقة، لاستلام الراية السينمائية، إلا بأشكال خجولة،
ومحدودة، تماماً. بينما تفتقد السينما المصرية لما عهدناه من أفلام
سينمائية متألقة حققها جيل السبعينيات والثمانينيات، ممن انطلقوا على إيقاع
"جماعة السينما الجديدة"، إثر النكسة الحزيرانية، ذاك الجيل الذي برز من
أعلامه: عاطف الطيب وداود عبد السيد ومحمد خان وخيري بشارة ورضوان الكاشف..
وغيرهم.
صحيح أننا بدأنا نشهد بروز أسماء سينمائيين مصريين وسوريين جدد، يحاولون
تقديم سينما مختلفة، على الأقل كما شهدنا خلال العامين الأخيرين، ولكن هذا
لم يتحول إلى تيار سينمائي واضح الملامح، وما زال الأمر يتوقف على أسماء
متناثرة، تظهر بين الحين والآخر، وتقدم فيلماً أو اثنين، تكاد تكون صرخات
في وادٍ، لا تتردد أصداؤه بشكل فاعل. وفي كل حال، نأمل أن تتحول فعلاً إلى
تيار سينمائي واضح.
·
أيضاً يلاحظ أن أغلب الأعمال
المتميزة الآن عربياً يعيش مخرجوها في أوروبا. هل من علاقة بين ذلك وتميز
رؤية هؤلاء المخرجين، مثال ذلك إيليا سليمان المخرج الفلسطيني، ومحمد
الدراجي العراقي، وغيرهما؟
** ربما لا أتفق معك تماماً في هذا الجانب. صحيح أن الدعم الأوروبي من
الناحية المادية له دور في ظهور الكثير من الأفلام العربية المتميزة. وصحيح
تماماً أن الاطلاع على مدارس السينما العالمية؛ الأوروبية منها، تحديداً،
ومشاهدة منجزاتها، وتراثها السينمائي الغني، هو أحد العوامل في إرساء
الثقافة السينمائية، لدى كثير من المخرجين العرب، ولكن العيش هنا أو هناك،
هو أمر آخر. فضلاً عن حقيقة أن هذه الأفلام إنما يتم تصويرها في البلدان
العربية.
صحيح أن المخرج الفلسطيني «ميشيل خليفي»، الذي أسّس للسينما الفلسطينية
الجديدة، وأطلقها عالمياً، يعيش منذ قرابة أربعين سنة في بلجيكا. ولكن
الصحيح أيضاً أن محمد ملص ونبيل المالح وعمر أميرلاي، وعاطف الطيب ورضوان
الكاشف وداود عبد السيد ومحمد خان.. وغالبية المخرجين العرب المتميزين
عاشوا، ويعيشون هنا. في بلدانهم.
استجلاب الدعم الأوروبي، والاستفادة من الثقافة السينمائية الأوروبية، لا
يستدعي العيش في أوروبا. كثير من المخرجين المتميزين ذهبوا هناك للدراسة في
الخارج، وعادوا. المثال الأبرز، في هذا المجال، هو المخرج يوسف شاهين.
قلّة هي الفئة من المخرجين التي بقيت تعيش هناك، إما لأن بلداهم ضاقت
عليهم، أو لأسباب أخرى، خاصة بهم. عموماً أنا أخشى على المخرجين العرب،
الذين يعيشون في الخارج، أن يحصل لهم إنخلاع عن ثقافتهم العربية، وقضايا
أمتهم، وهموم شعوبهم. ويكونون أكثر ممالئة للغرب الذي يعيشون فيه!..
·
هل تعتقد أن التمويل وحده قادر
على صناعة سينما متميزة، حيث أرى أن جلّ المخرجين والممثلين والنقاد
أحياناً يعلقون أمر تردي أوضاع صناعة السينما العربية على التمويل؟
** "التمويل" هو الأساس في بناء صناعة السينما كلها؛ متميزة أو غير متميزة.
إنه الركن المادي الذي تقوم عليه السينما. مع أهمية إدراك أن "التمويل" ليس
عاملاً نقدياً، يميز السينما الجيدة عن السينما التافهة. بل إن "التمويل"
هو العنصر المادي، الذي يؤمن للسينما احتياجاتها كصناعة، بدءاً من المعدّات
إلى التكاليف، وانتهاء بالأجور.
لا تقوم السينما دونما "تمويل"، أبداً، سواء أكان هذا التمويل محلياً، أي
عبر الدولة؛ من خلال مؤسساتها، أو وزاراتها، أو بنوكها، أو قطاعها العام،
أو كان هذا التمويل عبر القطاع الخاص، من خلال المستثمرين، أو رجال
الأعمال، أو البنوك الخاصة، أو أي من المؤسسات الأهلية، أو كان عبر التمويل
الذاتي، عندما يقوم المخرج، أو الممثل نفسه، بإنتاج فيلمه، وعلى حسابه
الخاص، بالتشارك أو المساهمة. وسواء أكان هذا عبر التمويل الأجنبي.
·
وما قولك في قضية التمويل
الأجنبي للأفلام العربية، وتأثير ذلك على الرؤية الموضوعية والإخراجية
للأفلام، ولا أريد ضرب أمثلة فالأفلام الممولة أجنبياً كثيرة جداً؟
** التمويل الأجنبي، مسألة موضوعية. أعتقد أنها نشأت لأسباب خارجة عن إرادة
السينمائيين أنفسهم. ثمة عوامل موضوعية أسَّست لظاهرة التمويل الأجنبي.
أهمها هو انفتاح العالم، وعبور "رأس المال" للحواجز السياسية والثقافية
والجغرافية. إضافة إلى تحول السينما إلى واحدة من أكبر الصناعات في العالم،
ربما تنافس صناعة الأسلحة، والنفط، وغيرهما من الصناعات. لك أن تتخيل حجم
"رأس المال"، الذي يدور في سوق السينما، لتعرف أن السينما باتت فعلاً من
طراز الصناعات الثقيلة.
وفضلاً عن الجوانب المادية الاستثمارية هذه، لابد من الانتباه أيضاً إلى أن
السينما هي واحدة من أهم وسائل الاتصال الجماهيري، خاصة في هذا الزمن، الذي
من أبرز صفاته أنه "زمن ثقافة الصورة". إذ يدرك الجميع أهمية الصورة، وقوة
تأثيرها، وقدرتها على خلق رأي عام، تجاه قضية ما، وتحويل الرأي العام نفسه،
من جانب إلى آخر. ولعل هذا ما دفع كثير من الدول الأوروبية لإنشاء صناديق
دعم وتمويل السينمات، في البلدان التي سبق لها أن كانت مستعمرات لديها،
أشهرها "صندوق دعم سينما الجنوب".
أعتقد أن فكرة التمويل نشأت من تزاوج هذين العاملين معاً، والذي يمكن أن
ألخصه بأنه موضوع استثماري من ناحية أولى، وموضوع ثقافي من ناحية ثانية.
وهو في النهاية يعبر عن شعور الدول الداعمة، والمموّلة، بالمسؤولية
الأخلاقية تجاه الدول التي عاشت عقود الاحتلال والنهب والاستنزاف.. ليس
الأمر تكفيراً عن الذنب، الذي ارتكبه الأسلاف "أسلافهم" فقط، بل ربما يكون
شكلاً من النزوع نحو استمرار العلاقة بأشكال مختلفة، تنضوي جميعها على
التنضيد ذاته: مركز وأطراف.
صحيح أن الأمر، في النهاية يتضمن شكلاً من أشكال الهيمنة الثقافية، هذه
المرة. ولكنها هنا هيمنة ناتجة، موضوعياً، عن وجود تفاوت ثقافي، وتقني، بل
وحضاري، فضلاً عن التفاوت المادي، المُعبَّر عنه ليس بتوفر سيولة مادية
هنا، وافتقارها هناك، بل بإدراك كيفية توظيفها، وجني مردودها، على المستوى
المادي والثقافي اللغوي على الأقل.
أما عن مسألة "تأثير التمويل على الرؤية الموضوعية والإخراجية للأفلام"،
فهو أمر ذاتي بحت، وليس موضوعياً أبداً. بمعنى أكثر وضوحاً إن التمويل لن
يستطيع فرض رؤيته، إلا إذا كان المخرج من تلك الطينة اللينة، التي تتشكل
وفق طوع بنان المموّل الأجنبي. وهو في الحقيقة أمر لا يختلف عن ذاك المخرج
الذي يكون طوع بنان المموّل المحلي، سواء أكان الممول هو الدولة، حتى لو
كانت ديكتاتورية فاقعة، أو المنتج الخاص، حتى لو كان "تاجر غنم".
من المؤسف أن بعض المخرجين العرب يعتقدون أنهم بمقدار ما يتنازلون، وبمقدار
يمالئون الممول، ستكون فرصتهم بنيل التمويل أكثر إتاحة. وهذا ليس صحيحاً
بالضرورة. ومن المؤسف أن بعض المخرجين العرب يقدمون للمول الأجنبي أكثر مما
يطلب، وأكثر مما يتمنى، سعياً لنيل رضاه، والحصول على توقيعه بالصرف.
من الغريب أن البعض من المخرجين العرب، الذين يعلون صوت المعارضة في
بلدانهم، يتحولون إلى ما يشبه "أُجراء"، لدى الممول الأجنبي. متناسين، أو
جاهلين أن السينما الحقيقية هي تلك السينما المخلصة لفنها، ولقضاياها،
ولهمومها، ولناسها.. وليست السينما المتعيّشة على المال، حتى لو كان هذا
المال على حساب الموضوعية والتوازن.
في السينما، يلذّ لي أن أشبه المخرج السينمائي بصفة "الفدائي"، ولا يليق
بالفدائي أن ينحني، أو يتنازل، أو يساوم، أو يتواطأ.. وإلا سوف يفقد أهم
وأسمى ما فيه.
يبقى الملاحظة الأهم، والتي لابد من الانتباه إليها، وهي أن مسألة التمويل
الأجنبي، إنما تشير إلى انتهاء ذاك الزمن الذي كان الغرب هو من يصنع
أفلاماً عن الشرق والجنوب، ومن ضمنه العالم العربي، وبالتالي جاء زمن بات
أبناء الشرق والجنوب، ومن ضمنهم العرب، هم من ينصعون أفلاماً عن أنفسهم.
ولا أنكر أن الطامّة الكبرى، هنا، تتجسَّد عندما يصنع بعض مخرجينا أفلاماً
أكثر سوءاً، مما كان يفعل الغرب، عندما كان هو يقوم بصناعة أفلام تتناولنا.
·
وكيف ترى مسئولية الدول في دعم
ومساندة صناعة السينما؟
** أؤمن أن السينما، دائماً وأبداً، تحتاج لدعم الدولة. وأوضح هنا للتأكيد:
السينما تحتاج لدعم الدولة، لا لهيمنة الدولة، ولا لاحتكار الدولة. وثمة
فرق شاسع بين هذا وذاك. أن تقوم الدولة بدعم السينما، فهذا يعني من جهة
أولى أن تتولى الدولة بنفسها، وعبر مؤسساتها، إنتاج الأفلام، تلك الأفلام
التي اعتدنا تسميتها "سينما القطاع العام"، والتي تتوافق، بشكل أو بآخر، مع
طبيعة الدولة، وأطروحاتها، وتوجهاتها، وسياساتها، واقتصادها.. وهي غالباً
ما تكون أفلاماً موجهة، تنموية، وحتى دعائية.. وهذا أمر لا ضير فيه أبداً.
ولكن في الوقت نفسه، ليس من مهام الدولة أن تحتكر السينما لنفسها، ولا أنت
تسيطر عليها. إذ لابد من إتاحة الفرصة للقطاعات الأخرى، في البلد، من أجل
ممارسة العملية السينمائية، كل بطريقته. بدءاً من القطاع الخاص، الذي عادة
ما يتجه إلى صناعة الأفلام التجارية، الترفيهية، الشبابية.. سينما الضحك،
والحب، والحركة، والإثارة، والرعب.. وليس انتهاء بالمراكز الثقافية
والمؤسسات المستقلة؛ غير الحكومية، والجمعيات الأهلية، ومؤسسات المجتمع
المدني، التي من المنتظر أن تهتم بصناعة الأفلام الجادة، المسؤولة،
الناقدة.
دعم الدولة للسينما، كما نرى، وفضلاً عن إنتاج أفلام القطاع العام، وتمويل
بعض الأفلام الخاصة، التي تريد، يتمثل أيضاً في أن يكون دورها إتاحة السبل
كافة لقيام صناعة سينمائية. بدءاً من إصدار التشريعات والقوانين والقرارات،
مروراً باتخاذ الإجراءات التي تسهل عمل السينمائيين وحركتهم، وتصون حقوقهم
المادية والمعنوية، وأولاً وتالياً في ضمان حرية التعبير، والتوزيع،
والتسويق، والعرض، التي لا تنضج السينما، ولا تتطور، دون توفرها.
·
يرى البعض أن السينما
الاستهلاكية في مصر ممثلة في سينما: محمد هنيدي، ومحمد سعد، ومحمد حلمي،
وغيرهم من الشباب الذين ظهروا خلال السنوات العشر الأخيرة، أزاحت السينما
الجادة، تلك التي تحمل مضموناً أو رسالة في إطار معالجة فنية. وأن الذوق
العام انساق وراء الاستهلاك، وأن أي محاولات جادة سيكون مصيرها الفشل
جماهيرياً.. هل هذا صحيح؟..
** قد أفاجئك إذا قلت لك إنني ممن يرون أن سينما هنيدي، وسعد، وحلمي،
وغيرهم من الشباب، أو مما تسميه أنت "سينما استهلاكية"، هي سينما ضرورية.
لست ممن يطالبون بان تكون السينما كلها جادة. لابد من وجود سينما ترفيه، أو
"سينما استهلاكية"، أو سينما تجارية. هذه من سمات الطبيعة أن تقوم على
التنوع والتعدد. وهو ما يعطي الحياة غناها أصلاً. لا يمكن المطالبة ببيئة
خالية من أي شائبة. وإن كان لهذا المطلب أن يكون فسوف يبقى حلماً بعيد
المنال. وطبعاً لا يمكّن التوقف عن التنفس، بحجة أن الهواء ملوّث.
وعلى الرغم من أنني أميّز "سينما حلمي"، كما أسميتها أنت، بل وأرفعه عما
يقدِّمه كثير من الكوميديين الشباب والكهول على السواء "بما فيهم عادل
إمام"، إلا أنني أؤكد أن من سمات الحياة، وكذلك الإبداع، حتماً، أن يتدرج
في طبقات: أعلاها الجاد والمحترم، وقاعها التافه والمنحط. ولعل من ميزات
هذا الواقع أن الشيء يُعرف بضده. أو كما قال الشاعر: "الضدّ يُظهر حُسنه
الضدّ". ففي مواجهة السينما الهابطة، ندرك بشكل أوضح، وبإلحاح أكثر، أهمية
وضرورة السينما الجادة الراقية والمحترمة.
لا يمكن، لأي إمرئ، أن يعزو سبب قصور السينما الجادة، ومحدودية وجودها، فقط
بسبب انتشار السينما الاستهلاكية. ليس هذا صحيح أبداً. بل من المنطقي
الانتباه إلى أنه حتى في أفضل بلدان العالم، وأكثرها تقديماً لسينما جادة
وراقية ومحترمة، ستجد الكثير جداً من الأفلام التجارية، والاستهلاكية،
والتافهة.
صحيح أن الأفلام التجارية، والاستهلاكية، والتافهة، تعمل على إفساد ذائقة
الجمهور، وحرفه عن سياقه، وإشاعة فهم خاطئ يتوهَّم الجمهور عبره أن هذه هي
السينما، وأن هذا هو المطلوب. ولكن الصحيح أيضاً أن من قدر السينما الجادة
هو العمل الدؤوب على الارتقاء بذائقة الجمهور، وتطويرها، وإنضاجها. ودعنا
نتفق أن أفضل حالات النضالات، وأكثرها نبلاً وجدارة، إنما عندما تكون في
مواجهة أخصام عنيدين، وفي الظروف الصعبة.
عندما يفشل فيلم جاد، علينا البحث عن أسباب الفشل، وليس عن مبررات هذا
الفشل. كثير من الأفلام الجادة فشلت لأسبابها الذاتية والموضوعية، كأن تأتي
غير قادرة على جذب الجمهور، ولا ملامسة وجدانه ومشاعره، أو كأن تكتفي
بخطابها. وكثير من الأفلام الجادة التي فشلت في لحظة زمنية ما، تمّ إعادة
الاعتبار إليها. ومنها ما دخل تاريخ السينما من أوسع أبوابه.
من طبيعة الأشياء، أن يكون الجاد أقل انتشاراً من التجاري. انظر كيف يفيض
مطرب واحد، ولو من الدرجة العاشرة، عما يحققه عشرات المفكرين والعلماء
وكبار المثقفين!..
·
وسط كل هذا ألا ترى أن هناك
غياباً للدولة في دعم صناعة السينما، وأنها الآن تكتفي بدعم المسلسلات،
والتوك شو، وغير ذلك، مما لا يصنع دوراً ولا ثقافة ولا حضوراً لمصر؟
** حضور الدولة يحتاج إلى تخطيط استراتيجي، يسمو فوق الرغبات، ويعلو على
النظرات القصيرة، التي لا ترى إلا الراهن. كان خطأ باعتقادي تصفية "القطاع
العام" في صناعة السينما المصرية، إذ أن تجربة "القطاع العام" للسينما
المصرية أنجب الكثير من الأفلام التي بقيت علامات في تاريخ السينما
العربية، عموماً. وإذا كانت تجربة "القطاع العام" على النحو الذي تمّت عليه
قد شابها الكثير من الأخطاء، فإن الحل باعتقادي كان يكمن في تصحيح الأخطاء،
وتلافي السلبيات، والتخطيط الاستراتيجي، وهذا ما لم يحصل.
أرى أن الدولة غائبة. ليس عن مجالات دعم صناعة السينما، فقط، بل عن مجالات
دعم الثقافة الحقيقية، عموماً. والكثير مما نراه من أفعال الدولة،
وممارساتها، لا يعدو أن يكون من باب "سد الذرائع"، أو "رفع العتب". تحتاج
الدولة لتخطيط استراتيجي واعٍ ومدرك لمهماتها، وغاياتها. وهو ما لا يتوفر
في زمن الارتجال، وملاحقة المزاج لهذا الوزير، أو ذاك المدير.
·
البعض يتحدث عن "سينما مستقلة"،
والتي تعمل بعيدا عن لغة السوق، ما رأيك في مسألة "السينما المستقلة"؟..
** من حيث المبدأ، أنا من مناصري "السينما المستقلة"، بل وأعتقد أن
"السينما المستقلة" قد تكون هي المخرج الحقيقي من أزمة السينما العربية،
التي وصل قديمها إلى حالة التكلّس، ويتلكأ جديدها على بوابة الحداثة.
وبالتالي فإن الحلّ سيأتي من بوابة السينما المختلفة؛ "السينما المستقلة"
عمّا تعارفت عليه السينما العربية، طيلة عقود مضت، من أنماط تفكير، وآليات
عمل، ووسائل واتجاهات ومآلات.
"السينما المستقلة" بهذا الفهم، هي تلك السينما الباحثة عن خيار آخر، غير
كل ما هو موجود في سوق السينمائي العربية الرائجة، حتى الآن. هي تلك
السينما التي تبحث عن خيارات فكرية مغايرة، وخيارات بصرية مختلفة، تحفر
عميقاً في الإنسان والحياة، ولا تنشغل بالحكايات العابرة.
وعلى الرغم من أن مصطلح "السينما المستقلة"، ليس من اختراعنا، إذ أنه مصطلح
قيد التداول في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أوروبا الغربية، منذ نيف
وأربعين سنة، على الأقل. إلا أن من الجدير بالانتباه إلى مفهوم "السينما
المستقلة" ذاته، يتغير بانتقاله من مكان إلى آخر، بحكم اختلاف الظروف، ما
بين هنا وهناك.
وبعيداً عن الاستفاضة في الحديث عن "السينما المستقلة"، ومفهومها،
وتاريخها، ومنجزاتها، وتراثها.. إلا أن من المهم القول إن مصطلح "سينما
مستقلة"، ليس مصطلحاً نقدياً، بمعنى أنه ليس من الضرورة أن يكون كل فيلم
مستقل، هو بالضرورة فيلم جيد. نعم.. من الممكن أن يكون الفيلم مستقلاً،
ورديئاً. وبالتالي فإن الطموح يبقى في أن يكون الفيلم مستقلاً وجيداً، في
آن، مما يعني تحقيق طرفي المعادلة، التي هي ليست مستحيلة أبداً.
·
ما رأيك في المعالجات التي طرحت
قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، والحرب الأهلية، والنزاعات، سواء كانت هذه
المعالجات من خلال أفلام عربية أو أجنبية وغيرها؟
سؤالك هذا يفتح الباب واسعاً أمام موضوع كبير، لا يمكن الإحاطة به إلا عبر
كتب ودراسات. إنه يفتح الباب أمام مصطلحات من طراز: السينما السياسية،
السينما الوطنية، سينما الحرب، سينما الصراع، سينما القضية.. وما ينتمي إلى
هذا الطراز من التصنيفات. ويمكن بسهولة القول إن انتباه السينما لمسائل
الحروب والصراعات والنزاعات، بدأ منذ لحظاتها الأولى. على الأقل منذ فيلمي
"مولد أمة" عام 1915، و"التعصب" 1916، بإخراج غريفث، وربما قبل ذلك، خاصة
إذا نظرنا لفيلم "درايفوس"، للمخرج جورج ميليه عام 1900، والذي يمكن
اعتباره نقطة بدء قيام الحركة الصهيونية باستثمار السينما لدعم أطروحاتها
السياسية، وخططها العملية، لإنشاء "وطن قومي لليهود على أرض فلسطين".
الآن، يمكن القول إن البون شاسع فيما بين فعلته الحركة الصهيونية، استفادة
من السينما وتوظيفها، عما فعله العرب جميعهم. لقد أحسن الصهاينة استثمار
السينما، فيما تقاعس العرب عقوداً طويلة من الزمن، اكتفوا خلالها بإغماض
العينين عن صورتهم، التي أمعن الصهاينة، والغرب الاستعماري، وأصحاب الرؤية
الإستشراقية، برسمها على أسوأ ما يكون.
وليس من المبالغة، في شيء، القول إن نكبة فلسطين وقعت عام 1948، ولم ينتبه
أياً من الأفلام العربية للقضية الفلسطينية، من قريب أو بعيد. بل إنه عندما
بادرت أفلام مصرية نحو ذلك، نهاية الأربعينيات ومطلع الخمسينيات من القرن
العشرين، فقد جاءت أفلام تجارية، متهافتة، لا يمكن الاعتداد، ولا الاحتفاء،
بها، باستثناءات لا تتجاوز عدد أصابع اليدين، لم تظهر إلا بعد العدوان
الثلاثي عام 1956، وما أشاعه من شعور قومي عارم.
أستطيع القول إن عموم المنتوج السينمائي العربي قصّر تقصيراً فظيعاً تجاه
الصراع العربي الصهيوني، والقضية الفلسطينية. وعندي إن أفضل ما قدمته
السينما من أفلام إنما جاء من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا،
ومثيلاتها في كل من لبنان والعراق. وبقي هذا التقصير شائعاً حتى أطلّت
السينما الفلسطينية الجديدة، على يدي المخرج ميشيل خليفي بأفلامها، بدءاً
من عام 1980، فتولّت السينما الفلسطينية، منذ ذاك الوقت، مهمة التعاطي مع
القضية الفلسطينية بنفسها، وعلى أيدي مخرجين فلسطينيين.
كانت السينما اللبنانية، هي الأسبق، تاريخياً، في مهارة التعامل مع موضوع
الحرب، خاصة وأن لبنان ابتلي بدوامة قاسية من الحرب الأهلية التي دامت
قرابة عقدين من الزمن (1975 – 1986)، وباحتلال إسرائيلي، لا تزال جيوبه
مستمرة حتى اليوم.
الملاحظة التي يمكن الانتباه إليها أن عموم السينما العربية، تعاملت، وما
تزال تتعامل، مع القضية الفلسطينية باعتبارها شأناً خاصاً بالفلسطينيين،
ربما يستدعي التعاطف، أو التضامن، والتأييد. ولم يصل الأمر إلى مستوى
اعتبارها قضية تمسّ وجود الجميع، ومستقبلهم، ومصيرهم.
كان ذلك حال السينما العربية تجاه القضية الفلسطينية، في زمن كانت فيه
القضية محل إجماع عربي، ولو على مستوى الخطاب، والوجدان. فما بالك اليوم،
وقد باتت القضية الفلسطينية ذاتها محلّ تنازع، واختلاف في الرؤية، على
المستوى الفلسطيني، كما على المستوى العربي؟!..
يبقى من الجدير القول إن السينما الفلسطينية، وكذلك السينما العراقية،
تتقدمان بخطوات واثقة على طريق النضج والتبلور. إنهما نابعتان من قلب
المعاناة، وخارجتان من رحم الوجع، وتهيأ لهما، لحسن الحظ ربما، جيل من
الشباب المبدع القادر على تحقيق أفضل الأفلام السينمائية، التي تتوفر فيها
جودة المضامين، وعمق الرؤية، وحُسن الصنعة، وجمال البناء الفني.
·
وبشكل عام من خلال متابعتك
للسينما العربية، هل لك أن تقيم لنا حالها؟
** دعني أكون متفائلاً وأقول إن الأمل قائم، والمستقبل قادم، حتماً. ثمة
مخاض تشهده السينما العربية، على العديد من المستويات، وفي الكثير من
البلدان العربية، وأولها تلك البلدان العريقة، أو الشهيرة، في مجال
السينما. وسيمتد هذه إلى مساقات مدهشة، حتى أننا مؤخراً بدأنا نشهد نمو
بذور جنينية لولادة سينما في بلدان عربية لم تعرف السينما فعلاً من قبل.
من مصر، الدولة الرائدة على صعيد السينما العربية، ومن لبنان والمغرب
وسوريا، فضلاً عن فلسطين والعراق، وصولاً إلى مملكة البحرين، أو قطر، أو
سلطنة عُمان، مروراً بدولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، بدأنا نشهد
أشكالاً متنوعة، ومتفاوتة، طبعاً، من المنتوج السينمائي. وعلى الرغم من أن
الكثير منها لا يؤخذ اليوم على محمل وطيد، تماماً، ولا يندغم في تيار واضح
الملامح، أو التخوم، ويأخذ صيغة المحاولات أو المغامرات الفردية، إلا أنها
عموماً يمكن أن تكون بشائر ذاك المستقبل المنتظر.
لن يفوتني هنا الإشارة إلى حقيقة ما تقوم بها المهرجانات السينمائية
العربية، خاصة الجديدة منها، التي بدأت بإرساء تقاليد، أخذت تنتقل إلى
المهرجانات السينمائية العربية العريقة. أقصد هنا اهتمام هذه المهرجانات
الجديدة بأولوية دعم السينما، بدءاً من الفكرة، والسيناريو، وصولاً إلى، ما
بعد الإنتاج، ومهمات التوزيع والتسويق. ذاك ما كنا نراه في مهرجان دبي
السينمائي الدولي، ومهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي، بشكل أساس، ومن ثم
مهرجان الدوحة ترايبيكا، ووجدنا مؤخراً أن مهرجانات عريقة، مثل مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي، ينضم إلى الركب ذاته، خاصة مع إطلاق "ملتقى
القاهرة السينمائي"، على غرار ما هو في دبي، وأبو ظبي، والدوحة.
أمر إيجابي فعلاً هو اهتمام المهرجانات السينمائية بمسألة دعم السينما
وتمويلها، خاصة سينما الشباب. وأمر يستحق التنويه إنشاء العديد من صناديق
الدعم، بدءاً من الصندوق العربي في عمان، إلى منحة "سند" في مهرجان أبو
ظبي، و"إنجاز" في مهرجان دبي، و"تمكين" في مهرجان سينما الواقع "Dox
Box"، في سوريا، وصولاً إلى المنح التي تقدمها جمعية "بيروت دي سي" في
لبنان، ومؤسسة "شاشات" في رام الله.. دون أن ننسى ما تقدمه المهرجانات
المغاربية، في بيئتها السينمائية الخاصة. ولا أتردد في القول إن هذه
المساهمات بمجموعها، وتعددها، ساهمت في تحقيق الكثير من المشاريع
السينمائية الجديرة بالاحترام والتقدير.
أعتقد أن السينما العربية، بعمومها، تقف على مفترق طرق. ومن المؤكد أنه
بالمزيد من التدريب والوعي والمهنية الحرفية، وبالمزيد من الحرية، والمزيد
من الدعم المادي، يمكن للسينما العربية أن تمضي على الطريق المنشود، معبرة
عن طموحات الجميع، ممن يريدون الخير للسينما العربية، على الأقل باعتبارها
إحدى أهم أدوات التعبير والإبداع في عالمنا اليوم، وفي المستقبل المنظور،
والقريب. هناك حيث توجد السينما العربية القادرة على تقديم صورتنا بالشكل
اللائق.
إيلاف في
08/02/2011
نجمات يعتزلن الفن: حالة طبيعية أم 'فرقعة
إعلامية'؟
ميدل ايست أونلاين/ القاهرة
اعتزال نجمات الفن والغناء يثير صدمة لدى المعجبين، والبعض يرى أن
الاعتزال هو قرار حكيم لكل فنان يستنفد طاقاته.
نجمات مستاءات من الوسط الفني، وأخريات يبحثن عن "الفرقعة الإعلامية" يقررن
الاعتزال فجأة وببساطة من الفن، بعضهن يعدن للفن مجددا بعد سنوات والبعض
الآخر يقررن الاستمرار بحياتهن الطبيعية بعيدا عن الضوء.
ويثير قرار اعتزال بعض نجمات الفن والغناء صدمة لدى المعجبين، فيما يرى
البعض أن هذا القرار حكيم لحفاظ النجم على مكانته الفنية وعدم لجوئه إلى
"أعمال هابطة أو متدنية المستوى لا تليق بمسيرته الفنية الطويلة".
وتقول الفنانة المصرية منة فضالي صاحبة أحدث قرارات الاعتزال إنها مستاءة
من الوسط الفني بسبب الشائعات والحروب التي تتعرض لها.
وتضيف لصحيفة "الخليج" الإماراتية "اعتزالي ليس فرقعة إعلامية لأنني لا
أحتاج إليها فأنا موجودة دائماً تحت الأضواء وأحياناً أحتاج إلى أن ابتعد
قليلاً، لكن الأضواء هي التي تطاردني حتى في مناسباتي الخاصة".
وتقول إنها تنوي الاعتزال بالفعل بعد أن تنتهي من ارتباطاتها الفنية
الحالية "لأنني لم اعد احتمل الشائعات والانتقادات والحروب التي تطاردني
دائماً، ورغم أنني أتعرض لضغوط من كل المقربين مني للتراجع عن هذا القرار
لكنني مازلت عند قراري بالاعتزال والتفرغ لحياتي الخاصة، ولا علاقة بين
خطبتي مؤخراً وقراري هذا لأن خطيبي لم يطلب مني الاعتزال".
وترى صحيفة "الدستور" الأردنية أن الاعتزال "قَدَر كل موهبة غنائية تستنفد
نفسها، وتصل الى نهاياتها، وقدر الفنانين الذين يمنعهم التقدم في العمر من
متابعة عملهم.
وتضيف "هناك من المطربين من ينسحبون وهم في أوج عطائهم، فهل يرى المطربون
ان هناك سًنّاً معينة للاعتزال"؟
وتنقل عن الفنانة السورية ميادة الحناوي قولها "الجمهور صاحب الكلمة
الفاصلة في اعتزال أي فنان سواء كان مطربا أو غير مطرب، لأن المطرب لا يغني
لنفسه وإنما يغني لجمهوره".
وتضيف الحناوي "طيلة حياتي كان الجمهور وحب الناس هما السببان الأساسيان
وراء استمراري ، وحتى عندما فكرت في أن أعود عُدت بعد فترة اعتبرها
استراحة، ولو لم أشعر بأن الجمهور يشتاق إلي كما أشتاق اليه لما كنت أفكر
في الغناء الآن".
وترى الحناوي أن الفنان الذي يريد أن يستمر لابد له أن يُطور نفسه، وأن
يغني وفق روح العصر الجديد، "وهذا الفرق بين من يُكمل مسيرته حتى النهاية
ومن يُضطر إلى الاعتزال. ولنا في أم كلثوم مثال واضح فهي كانت دائمة
التطور، وعملت على الاستعانة بالشباب والأفكار الجديدة الأمر الذي مدّها
بعناصر النجاح والتفرد طوال مسيرتها".
وكانت الفنانة المصرية الشابة إيمان العاصي اتخذت قرار الاعتزال مرتين
الأولى فجأة عندما قررت ارتداء الحجاب رغم تألقها في مسلسل "حضرة المتهم
أبي" مع نور الشريف.
ووقتها أبدى البعض دهشتهم من قرار إيمان خاصة وأنها كانت في بداية المشوار
وأشاد بها الكثيرون لكنها بعدها بفترة عادت من جديد وشاركت في فيلم "مسجون
ترانزيت" مع أحمد عز ونور الشريف ثم مسلسل "الأدهم" مع عز أيضاً لتتخذ بعده
قرارها بالاعتزال مجدداً، لكن هذه المرة كان هناك سبب معلن وهو زواجها من
رجل الأعمال نبيل زانوسي ورغبة زوجها في أن تتوقف عن التمثيل .
ولم تمر فترة طويلة حتى انتهى هذا الزواج بعد خلافات ومشاكل كثيرة لتعلن
إيمان أنها ستعود للفن من جديد وتؤكد العاصي لصحيفة "الخليج" أنها في كل
مرة اتخذت فيها قرار الاعتزال لم تكن تبحث عن فرقعة أو دعاية وإنما كان
قراراً مناسباً لها وقت اتخاذه مثلما كان قرار عودتها مناسباً أيضاً، وتقول
إنها لم تسبب ضرراً لأحد عندما قررت الاعتزال أو التوقف عن التمثيل لأنها
كانت انتهت تماماً من كل ارتباطاتها الفنية.
وتشير صحيفة "البشاير" إلى أن "غياب أخبار نجمات الأغاني الهابطة تماما عن
الساحة الفنية رسم علامات استفهام كثيرة حول أسباب كسوف نجوميتهن بين ليلة
وضحاها من ناحية، وسرعة التخلص منهن من جانب من تعاون معهن من ناحية
ثانية".
وتضيف "هكذا أصبحت كل من نانا ودانا وسالي وماريا ومروى وغيرهن فنانات
معتزلات حتى إشعار آخر".
وتنقل عن جاد صوايا، وهو أحد المخرجين الذين تعاطوا عن كثب مع هذه الفئة من
الفنانات، من خلال إدارة أعمالهن أو تصوير أغانيهن، أنه ابتعد اليوم تماما
عن هذا العمل وبات في الجانب الثاني منه، بحيث يهتم بإدارة مجلة خاصة به.
ويؤكد صوايا أنه ليس نادما على العمل مع مغنيات من الفئة المذكورة، ويضيف
"نحن الذين سلطنا الأضواء عليهن، ونحن الذين أطفأناها. فلكل بداية نهاية".
ميدل إيست أنلاين في
09/02/2011 |