يسألني البعض عن المعايير التي تتحكم في الناقد، فإذا بالفيلم الواحد محط
اختلاف كبير في وجهات النظر.. هذا يمنحه أعلى قدر من الإعجاب، والثاني
يكتفي باستحسانه، بينما يذهب الثالث إلى مهاجمته أو اعتباره واحدا من أسوأ
ما شاهده من أفلام. وأحد الأصدقاء يسأل: كيف يستطيع القارئ والحال كذلك أن
يثق في النقاد؟
والحقيقة أن معظم الأفلام تشهد تفاوتا في الآراء. قليل منها يشهد إجماعا،
وهذا القليل إما أن يحظى بإعجاب الغالبية أو بازدرائها. أما سبب التفاوت
فطبيعي: لكل عيناه!.. فما يراه روجر إيبرت غير ما يراه ديفيد دنبي، وكلاهما
ناقد جيد، وليست هناك اعتبارات تجارية تحكم العلاقة بين الناقد والشركة
المنتجة، لأن ذات الناقد سيهاجم فيلما من ذات الشركة في أي وقت، والنقاد
كثر، ولا أحد مستعدا لرشوة أي ناقد. في الحقيقة، لا تنظر معظم الشركات إلى
النقاد إلا من خلال رؤيتها إلى الضيف الثقيل: ربما كان وجوده ضروريا في بعض
الحالات، لكنه عصي في الإجمال وغير قابل للترويض.
والحال كذلك، فإنه من غير الضروري أن يعتبر القارئ أن كل النقاد سواسية.
يجب أن يقرأ لعشرة ثم يختار خمسة وبعد ذلك يستقر على اثنين يلتقي معهما في
الأسلوب والنظرة إلى الأمور وبعض ما يستطيعان توفيره من زوايا طرح جديدة
تثير الاهتمام.
بعد مرور سنة وشهر على المقابلة الأخيرة مع الممثل الأميركي مات دامون ها
هو يجلس أمامنا بنفس الابتسامة الفطنة التي لا تفارقه. إنه يبدو كما لو أنه
انتهى من أول بطولة له في فيلم والدنيا لا تسعه من الفرح، أو ربح «أوسكار»
ثانية فوق أوسكاره المشتركة مع صديقه بن أفليك قبل أربعة عشر سنة. تلك
المقابلة السابقة تمت في مهرجان فينيسيا العام الماضي بسبب عرض فيلمه
الجديد (آنذاك) «المخبر»، وفيه لعب شخصية مدير لقسم المبيعات في إحدى شركات
الأطعمة يشي برؤسائه على أساس أنهم يتلاعبون بالأسعار ويقومون بصفقات غير
شرعية، بينما كان يمارس الأمر نفسه سواء بسواء. منذ ذلك الحين، أي في غضون
عام واحد، أنجز آخر لقطات «إنفيكتوس» لكلينت ايستوود، ودخل تصوير «المنطقة
الخضراء» لبول غرينغراس، وتبعه على الفور بفيلم «من الآن» لايستوود أيضا،
وفي الأسبوع التالي لانتهاء تصوير فيلم ايستوود دخل تصوير فيلم الأخوين
كوون الجديد «عزم حقيقي»، وهو الآن في الأسبوع الرابع من تصوير فيلمه
الجديد «مكتب التنظيم»، وهو دراما عاطفية على خلفية سياسية.
·
كيف تفعل ذلك.. أعلم أنك مطلوب،
لكن هل هناك صعوبة في الدخول والخروج من شخصية إلى أخرى؟
- حين اتصل بي كلينت ايستوود ليعرض علي بطولة «من الآن» فكرت أولا في
برنامج عملي المزدحم، وأنا أعلم أنه مزدحم جدا. قلت له: هل نستطيع أن نؤخر
التصوير من الشهر الثامن إلى مطلع السنة؟ قال «لا». قلت: ماذا لو أجلناه
ولو شهرا واحدا؟ قال «أنا جاهز لأبدأ التصوير في أغسطس (آب) ولا أستطيع
التأجيل». فكرت: سيناريو من بيتر مورغان، وإخراج من كلينت ايستوود.. كيف لي
أن أتلكأ؟ من حسن الحظ أن الأفلام الأخرى لم تكن قد حجزت وحددت تواريخها،
مما مكنني من القيام بهذا الفيلم ولو محشورا بين أفلام أخرى. الحقيقة مثلت
بعض المشاهد في خريف السنة الماضية، ثم مثلت مشاهد من فيلم آخر في الأشهر
الأخيرة من السنة، ثم التحقت به من جديد في مطلع العام الحالي. ما مكنني من
ذلك أن السيناريو لم يتطلب وجودي من مطلع الفيلم لآخره.
·
ماذا لو تطلب وجودك الدائم.. هل
كنت ستلغي أعمالك الأخرى؟
- كنت سأحاول تدبير الأمر بأي وسيلة.. لا تستطيع أن تقول لا لفيلم مع مثل
هذه المواهب التي فيه.
·
لكن ماذا عن ذلك التنويع الدائم
في الشخصية، ودائما بنتائج فنية جيدة؟
- سأعتبر ذلك مديحا. في اعتقادي أن الممثل عليه أن يكون قادرا على الانتقال
بين الشخصيات المختلفة.. هذا عمله. وإذا كان الممثل قادرا على قراءة
السيناريو جيدا وفهم الشخصية التي سيؤديها جيدا فلا مشكلة لديه، لأن كل
شخصية هي بالضرورة مكتوبة بنحو مختلف عن الأخرى. كل كاتب لديه شخصيته، لذلك
لا خوف من التكرار أو من عدم القدرة على إيجاد زاوية تعامل مختلفة مع كل
شخصية. إلى ذلك أنا أحب هذا النوع من العمل. أنا هنا لأمثل، وهناك الكثير
من المشاريع الجيدة التي تستهويني.
·
بعد هذا الفيلم انتقلت من الحياة
العصرية إلى زمن الغرب الأميركي في «عزم حقيقي».. أليس كذلك؟
- نعم. الحقيقة كان لدي شهر بين الفيلمين أمضيته في التمرين على اللكنة
التي سأمثّل بها شخصيتي في فيلم الأخوين كوون. لدي مدرب لهجات اسمه توم
مونيش كان معي حين كنت أصور «من الآن»، وبدأت تدريبي معه قبل نهاية فترة
التصوير ثم خلال ذلك الشهر الفاصل.
·
ماذا تستطيع أن تخبرنا عن «True
Grit».. إنه مأخوذ عن فيلم من بطولة جون واين؟
- نعم. لكني أعتقد أن معالجة الأخوين كوون للقصة مختلفة جدا وإلا لما أقدما
على إعادة تحقيقه.
·
أنت لا تلعب الدور الذي لعبه جون
واين..
- لا. جيف بريدجز يفعل، وهو رائع فعلا.
·
لكن الفيلم بأسره لا بد أن يكون
مختلفا عن نسخة السبعينات من النواحي السياسية أيضا.
- صحيح. كما ذكرت المعالجة ستكون مختلفة تماما، وأقصد أنها ستكون مختلفة في
كل شيء.
·
واحد من الأسماء المتكررة في «من
الآن» تشارلز ديكنز، فحسب شخصيتك تحب رواياته الفيكتورية، وبسببها قررت
زيارة لندن. ماذا تقرأ في أوقات فراغك؟
- سأخيب ظنك. القراءة عليها أن تتبع وقت الراحة، ووقت الراحة الوحيد هو
ليلا حين أخلد للنوم مع زوجتي بعد أن نتأكد من أن الأولاد خلدوا للنوم
أيضا. للأسف لا أقوم بالكثير من القراءة هذه الأيام. لكن تشارلز ديكنز وأنا
نعود إلى سنوات سابقة، كان لدي فيها وقت فراغ أكبر. لن أدعي أنني خبير فيه
كما شخصية جورج في «من الآن»، لكني أعرف أدبه وعالمه.
·
لماذا كان مهما لديك التمثيل في
«من الآن».. هل جذبك السيناريو أو العمل مرة ثانية مع كلينت ايستوود؟
- سأقول الاثنين، وأنا أعني ذلك. سيناريو بيتر مورغان رائع، وأنا لا أتحدث
عن ثلث الفيلم الذي أظهر فيه، بل عن السيناريو بأكمله، وإخراج ايستوود،
وطريقته في العمل، والراحة التي يجلبها معه، والثقة الكبيرة التي يعمل من
خلالها، ومن ثم مكانته الكبيرة.. كلها عوامل مهمة.
·
هل تعتقد أن كل هذا الكم من
الأفلام التي مثلتها يمنحك الثقة على إبداء وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر
المخرج إذا تطلب الحال؟
- كل المخرجين الكبار الذين عملت معهم يشتركون في مسألة مهمة معينة: إنهم
يستمعون لممثليهم. إذن هي ليست قضية ثقة بل قضية المخرج والممثل في التعامل
على نحو متساو. هذا يتطلب ثقة متعادلة من قبل الفريقين. كلينت يستمع لا إلى
الممثلين فقط، بل إلى فريق التصوير أيضا. أذكر مرة أنني كنت ضيفا في تصوير
فيلم معين، وكان هناك مشهد يتطلب حيلة فاقترحت شيئا.. نظر إليّ الجميع
باستنكار لتدخلي، لكن بعد حين فكر المخرج، وعمل بما اقترحت.
·
إنها فعلا مسألة تتعلق بالمخرج،
وكونك كنت ضيفا وليس عضوا بين العاملين يعني أن المخرج واثق من نفسه.. هل
شكرك بمنحك دورا ما في فيلمه؟
- (يضحك) شكرني المنتج، لكني ما زلت بانتظار شكر المخرج. حين كنت أصور
«إنفيكتوس» مع كلينت كان هناك مشهد بيني وبين مورغان فريمان. اللقطة الأولي
كانت عامة للمكان الذي نحن فيه.
·
المكتب؟
نعم ذلك المشهد، ثم لقطة قريبة مباشرة على وجهي من الأمام. استوقفت المخرج
لأشرح لماذا أعتقد أنه من الأفضل أن تكون اللقطة جانبية. قبل أن أنهي
كلامي، هز برأسه متفهما وأمر بتغيير موضع الكاميرا.
·
بعد أن عملت مع بعض أفضل
المخرجين الحاليين، هل فكرت في أن تقوم بتحقيق فيلم من إخراجك.. هل هذا
التفكير طبيعي؟
- نعم أعتقد أنه طبيعي. في الحقيقة أريد أن أخرج. الإخراج هو مشكلة رائعة،
وأنا مستعد لها الآن أكثر من السابق. لكن مع هذه العروض التي أتسلمها
للتمثيل مع مخرجين كنت دائما ما أريد العمل معهم، لن أوقف مسيرتي أو
أعرقلها. لا أشعر بأن علي القيام بهذه الخطوة الآن.
·
ما رأيك في قيام صديقك بن أفليك
بالإخراج؟
- أعتقد أنه فيلم رائع. هناك شعور عميق بالرضا بأنك تقف وراء الكاميرا ولو
من باب التغيير فقط.
الشرق الأوسط في
05/11/2010
تغييرات محدودة لشغل
منصبي شعلان وأشرف زگي
فاروق حسني : قرار عودة السينما للثقافة علي مگتب رئيس
الوزراء
حوار : انتصار
دردير
في لقائه بنجوم الفن الشهر الماضي أعطي الرئيس مبارك تعليماته بعودة
السينما لوزارة الثقافة بعد ان تحدث الفنان محمود يس عن التدهور الذي لحق
بها وبعد ان ظلت تابعة لعدة سنوات لقطاع الأعمال ثم لوزارة الاستثمار..
كما وافق الرئيس علي عودة الاحتفال بعيد الفن في يناير القادم لتكريم رموز
الفنانين.. ما هي آليات تنفيذ ذلك؟ وهل تضع وزارة الثقافة رؤية مقبله
لانقاذ صناعة السينما؟وهل يتدخل الوزير في اختيار المكرمين في عيد الفن؟
وزير الثقافة يوضح ذلك وقضايا أخري في حواره مع
»ملحق الفنون «..
قلت للوزير:
·
ما الخطوات التي تمت للتستعيد
وزارة الثقافة مسئوليتها عن فن وصناعة السينما؟
-
قال:
توجيهات السيد الرئيس أرسلت بشأنها مذكرة
للدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الذي يدرس الموضوع الان لاتخاذ القرار
المناسب بشأن ذلك..
·
هل عودة السينما تمثل عبئاً
علي الوزارة؟ وهل لديكم رؤية أو تصور لسبل انقاذ صناعة السينما المصرية
وتطويرها؟
هي عبء جديد دون شك..
يحتاج لجهد كبير لاجراء عملية تطوير وتحديث
بشكل كامل..
تحتاج لنظرة جديدة وشاملة ومفاجئه لدراسة كل ما
يتصل بالسينما كصناعة وتجارة وفن لان السينما المصرية لم تعد كما كانت وقد
تفوقت عليها السينما الهندية والتركية والايرانية..
وكل هذا يتطلب تكاتفا من كل العاملين فيها ونحن لدينا تصور كامل لهذه
الصناعة الثقافية العريقة لكنها تتطلب جهداً كبيراً.
·
لكن الفترة التي كانت السينما
تابعة لوزارة الثقافة انتقد السينمائيون قصور التعامل معها أيضاً؟
يبدو أن ذاكرة البعض ضعيفة تجاه ما قدمناه للسينما من انشاء معامل
جديدة وتطوير دور العرض ورفع سعر تذكرة السينما..
ودعم مهرجان القاهرة السينمائي واقامة المهرجان القومي ومهرجان الأفلام
التسجيلية ووزارة الثقافة هي التي تدعم الانتاج السينمائي سواء في الافلام
الروائية الطويلة أو أفلام الديجيتال الرقمية لأن السينما كفن يتبعنا
ثقافياً.. ونحن ندرك ذلك لكن ماذا يريدون من وزير الثقافة هل عليّ ان أمثل
وأخرج بدلاً منهم؟
·
لكن مهرجان القاهرة السينمائي
الذي تدعمه الوزارة يعاني من ضعف التمويل في مواجهة المهرجانات العربية
الجديدة؟
نحن نقيم مهرجاناً مشرفاً
ولا نستطيع ان ندعمه بأكثر مما يتم وإلا يصبح الامر عبثاً..
ويكفي أنه نجح في تحقيق هدفه فهو تظاهرة سينمائيه دولية تتيح للسينمائيين
متابعة ما يجري في ساحة السينما العالمية وهو المهرجان الدولي الوحيد في
المنطقة..
·
بمناسبة دعم الافلام..
لماذا وضعتم فيلم »المسافر«
أول انتاج للوزارة في ثلاجة التأجيلات؟
-
كانت هناك مشكلة تتعلق بنزاع بين اثنين من موزعي الفيلم في
أوربا وتحولت الي قضية وهو ما حال دون عرضه لكنه سيعرض قريباً
في مصر وأوروبا وتوزعه الشركة العربية بعد تعاقدنا مع الفنانة اسعاد يونس.
·
هل شاهدت الفيلم؟ وما رأيك فيه!
-
أراه من الافلام الرائعه.. فكرته جميلة وتنفيذه أيضا قد يكون بطيئا في
أحداثه بعض الشئ انما الجزء الثالث منه الذي أداه الفنان العالمي عمر
الشريف كان سريعاً
بشكل أكبر ونحن ندعم الافلام لتحقيق انتاج سينمائي متميز يتيح لنا تواجدا
في المهرجانات الدولية ويكفي ان »المسافر«
أعاد مصر لمسابقة مهرجان فينسيا أحد أهم
المهرجانات في العالم..
·
ومتي يعلن الدعم الجديد للأفلام
؟وماذا يضمن موضوعية الاختيار بين المشروعات المقدمة؟
-اللجنة تعمل حاليا لاختيار المشروعات المتميزة سواء التي ستحصل علي
دعم جزئي أو نقوم بإنتاجها بالكامل وهي لجنة محايدة تتسم بالأمانه بدليل ان
اختياراتها السابقة كانت لأفضل الأفلام التي أنتجت العام الماضي..
·
قمتم بعقد اجتماع مع أعضاء مجالس النقابات الفنية
من اجل الاعداد لعودة عيد الفن..
فهل تتدخل في اختيار المكرمين فيه؟
-عيد الفن سيصبح عيداً للمبدعين حيث يشهد تكريم الرئيس لرموز الفن
وتوزيع جوائز مبارك للمبدعين من الأدباء..
واختيار المكرمين مهمة أعضاء مجالس النقابات الفنية وليس لي ان أتدخل فيها
فأنا فرد والنقابة مجلس كامل.. لكن هناك أسماء لفنانين كبار لا يجب تجاهل
عطائها واذا لم أجدها قد أتدخل »بالنصيحة« أما جوائز الأدباء فقد حصلوا
عليها بالتصويت من أعضاء المجلس الأعلي للثقافة..
·
بعد الدورة الماضية لمهرجان
المسرح التجريبي طالب بعض المسرحيين بإعادة النظر في اقامته مؤكدين انه لم
يضف كثيراً للحركة المسرحية..
فلماذا تتمسك بإقامته؟
-
المهرجان يتمسك به جمهوره لأنه تحول الي بوتقة تجمع كل الاطياف
الابداعية في المسرح من مختلف الدول وقد أتاح فرصاً
لشباب المسرحيين من فرق الاقاليم والهواة وهم أملنا أما المتجمدون عند
سنوات محددة فقد »فاتهم القطار « لكن أسألوا شباب المسرحيين كيف أدي هذا
المهرجان لتفجير طاقات ابداعية لديهم..
·
بعد اعتصام أعضاء فرق الموسيقي
العربية في الأوبرا هل سيعاد النظر في اللوائح المالية لبعض قطاعات وزارة
الثقافة؟
-
نحن ندرس ونقيم الامر لتحسين وضع كل الفنانين والعاملين ولكن
كل يأخذ مستحقاته علي قدر وظيفته..
وأعضاء فرق الموسيقي العربية يطالبون
بمساواتهم بفرق الأوركسترا السيمفوني دون النظر الي انهم لديهم سوق للعمل
خارج الأوبرا في حفلات ومناسبات عديدة أما الأوركسترا السيمفوني فحفلاته
محدودة وعازفوه لا يعملون خارج الأوبرا..
ومع ذلك فبعد دراسة الوضع سنقوم بتعديل بعض
اللوائح المالية.
·
هل تشهد بعض قطاعات الثقافة
تغييرا في قياداتها خلال الفترة المقبلة؟
-
أسعي لاختيار رئيس جدير لقطاع الفنون التشكيلية وأخر لقطاع
الانتاج الثقافي بعد ان طلب وزير الاعلام أنسي الفقي الاستعانة بخبرة د.
أشرف زكي في أحد قطاعات الاعلام..
·
ولماذا تأخذ عملية الاختيار
وقتاً
طويلاً؟ هل لندرة الكفاءات؟
-
لأنني لا أختار مهندساً
ولا طبيباً وإنما رجل ثقافة وهي عملية محيرة تجعلني اسأل كثيراً قبل
الاختيار وقد تكون هناك كفاءات كثيرة لكنها ليست أمامي..
وأنا يسعدني تغيير دماء الوزارة.
أخبار اليوم المصرية في
05/11/2010
الفيلمان البريطاني
«الغرب
هو الغرب» والهندي «بان سينغ تومار»
العنصري ضد لونه وضد
جلدته
زياد
الخزاعي
لا تكترث بوليوود الهند
بالنقد. ذلك أن امبراطوريتها على قدر هائل من الشعبية، التي لا
تدعها تلتفت إلى
التقريض أو الشتيمة. إنها ماضية إلى أقصى النجاح والتطوّر. غيرتها على
الصناعة
المتضخّمة جعلتها قمينة بانقلابات تقنية، لا تشهد السينمات الآسيوية مثيلاً
لها.
أهل مومباي تجّار، صنعهم التاريخ والاستعمارات والبحر. تيقنوا أن الكاري
ليس الحل
الأمثل لتصدير سمعة الهند، بل السينما وصُوَرها وأُبّهتها الدرامية. خلقوا
الصنديد
الهندي الذي يتلف أعداءه بالقوّة نفسها التي يُسقط الحسّان من حوله. البطل
الراقص
الذي لا توقف الجاذبية الأرضية «نطّاته». إنه الجذل السينمائي
في أقصى لا عقلانيته.
الحلُمية في أبعد خيالاتها. يقولون إنها سينما تجارية، وأنا أراها سينما
تآخي
الطبقات. يشتمونها بأموال أرباحها، وأنا أصفها بفن الثروة الشعبية.
من نافل
القول أن لا سينما عالمية (حتى هوليوود الأميركية) قادرة على المزاحمة أو
الغلبة.
بوليوود سيّدة السينما المزوَقة، الفوَّارة
بالحركة والحياة. صانعة اللامنطق
والافتراض. ملفِّقة العوالم. كاذبة الرؤى. خالقة البطل الأوحد الوسيم
الجبّار، صاحب
العواطف الجيّاشة والعناد المرّ، والمنتقم على طول الخط الدرامي. إن
تحوّلاته، في
زمن القفزة الذهبية لبوليوود، أبقته أسير العشق وأنذاله، العائلة
واستحقاقات
تمدينها، الطلَّة الشخصية وتقمّصاتها المتأوربة، والعدو الأول
للبؤس من دون
مقارعته. المحبوب الدائم الذي يقع بالحبائل من دون أن نشكّ بفطنته. المعبود
الذي لا
يقارب السؤال الشائك حول أسبقية الديانات أم السياسات. في تلك الحقبة، بقيت
المرأة
تابعاً له. تدور في فلك رجولي كاسح. لا ترتفع كثيراً عن كونها
أداة إغواء ونكاية
وكيد، ولا تنخفض قيمتها أقل من إشارة جنسية، بدءاً من البطن والخصر
الحاسرين، إلى
غمزات العيون ذات الارتباط الوثيق بموروث الـ«كاما سوترا». هنا، تبقى
الثنائيات
مستمرّة: نرجس ـ ريخا، وحيدة الرحمن ـ شارميلا تاغور، شابانا عزمي ـ
مادهوري ديكسي
وغيرهن. ذكر وأنثى: المعادلة الأبدية منذ أميتاب باتشان
وعائلته، راج كابور
وعائلته، ديف أناند وغريمه ديليب كومار، حتى ضياء رومانسيات الشباب الجدد
شروخ خان
وأمير خان وهيرثك روشان، المتفاخرون بفتل عضلاتهم وطلاّتهم الأوروبية.
سينما
موازية
لكن، مهلاً. ليس هؤلاء بوليوود كلها. ففي رحم مجاور، وُلدت «السينما
الموازية» بأقلياتها، تلك التي ترجع أبوّتها الراسخة إلى ساتياجيت راي
وريتوك غاتاك
ومرينال سن وغوتام غوش، ولاحقاً إلى أدور غوبلاكريشنان وفيجايا مهتا. هنا،
ذهبت
السينما إلى المحارم السياسية والحزبية والطبقية، ونزعت نحو
الواقعية الصادمة على
شاكلة «نهر يدعى تيتاس» (1973) لغاتاك، والشعرية «ثلاثية آبو» (1955) لراي
والالتزامية «مقاتل حرب العصابات» (1973) لسن، قبل أن يجد جيل جديد عوالم
أوسع
جغرافياً، يُوَلِّد أفلاماً بدعم من عواصم غربية، تربّى على
منوالها الليبرالي.
تحصي تلك النصوص تحوّلات الآسيوي، وتتندر على أحواله. هنا، نُصدم بـ«سلام
بومباي» (1988)
للوافدة ميرا نائير، و«ثلاثية العناصر» (1996 ـ 2005) للمخرجة المقيمة في
كندا ديبا ميهتا، و«بهجي عند الشاطئ» (1993) لغورندير تشادا،
الفيلم الذي أطلق
نكاته على الآسيوي المتبرطِن (من بريطانيا)، والذي نجد صداه في فكاهة
«الشرق هو
الشرق» (1999) للإيرلندي دميان أودنيل، ولاحقاً في تكملته «الغرب هو
الغرب»، التي
أنجزها آندي دي أيموني هذا العام، وعُرضت بالتوازي في مهرجاني
لندن وأبوظبي
السينمائيين. هذا التداخل (حكاية آسيوية بعين أوروبية) لا يتوافر إلاّ في
الملف
الهندي وصناعة فيلمه، الذي لا يعدم أي إغراء للدخول في مغامرة ما. هذه
الأخيرة
(المغامرة)
هي التي فجّرت طاقة الموهوب شيخار كابور، الذي أسّس فحولة «اللابطل» في
السينما الموازية، منذ عمله السجالي «ملكة قطاع الطرق» (1994)، حول أشهر
مجرمة في
تاريخ الهند، التي صفَّت عشرات الرجال انتقاماً لاغتصابها. قبل
أن «يتبرطن» هو
الآخر ليُنجز «إليزابيث» (1998) و«الريشات الأربع» (2002) حول مآثر الجيش
الإمبراطوري البريطاني في الهند، و«إليزابيث: العصر الذهبي»
(2007)، الذي تفاخر
بقوّة بلاط السيّدة القوية. فيلمه الأول يتناسخ في الفيلم الجديد لمواطنه
تيغمانشو
دوليا «بان سينغ تومار»، الذي يُعلي صرخة الفلاّح الشاب الذي أراد أن يكون
جندياً
مثالياً، وانتهى متربّعاً على كرسي البطولة الآسيوية للجري،
قبل أن يُقتل كأشهر
قاطع طريق في التاريخ المعاصر للهند.
في «الغرب هو الغرب» (2010)، يعود جورج
خان (أداء متألّق لأوم بوري) إلى باكستانه من منفاه البريطاني
في سالفورد مانشستر
الشمالية، مصطحباً آخر عنقوده الخلاسي ساجد (عاقيب خان)، من أجل تنظيف عرقه
وإعادة
تأهيله وامتحان آسيويته. هذا الفتى الذي لا يفهم ما يدور حوله، ويصرّ على
لكنة أهل
الشمال البريطاني حين يخاطب أقرانه من الفلاّحين، يكون عليه
الانتظار قليلاّ، مع
عدد لا يُستهان به من القفشات، كي يعي أن لا مكان لكيانه الأوروبي في هذه
الأرض
الفقيرة، تماماً مثل والده الذي يصل إلى القناعة الحاسمة، بأن غربته جعلته
وصمة عار
أكثر منه علامة استثمار، هو الذي يتبجّح بصرفه الأموال والهدايا. عام 1999،
كان
جورج أباً مفعماً بالحماسة (لأنه أصبح من أهل الجزيرة) والغبطة
(لأن زوجته البيضاء
وقفت ضد عنصرية أهلها واقترنت بالـ«باكي» (الشتيمة للباكستانيين) وأنجبت له
أطفالاً
بسُحَن نطفته الآسيوية). بيد أن عزمه على تنشئتهم على طريقة عرقه لا تفلح
مع هذا
الجيل الجديد الذي يتعجّل الأوربة، مستحياً من لون سحنته
الرمادية قبل كل شيء. في
العملين، يكون جورج نموذجاً لقطاع هائل من المهاجرين، الذين وجدوا الفرصة
سانحة
للثراء، لكن ليس على حساب أعرافهم وتقاليدهم. المشكلة انه ليس له مكوّنات
البطل،
كما أنه ليس كياناً مهاجراً، بمعنى تكوينه جغرافية خاصة بعائلة
ذات خصال آسيوية
بحتة. ذلك أن زوجته آيلا (ليندا باسيت) لم تتخلّ أيضاً عن غربيتها. هنا،
بقي جورج
الباكستاني شرقياً في أرض الغرب، فيما يجد في المقابل (في الفيلم الجديد)
أن أهل
قريته الفقيرة يصرّون على اعتباره غربياً، لا يمتّ إلى
شرقيّتهم. ما يزيد الطين
بلَّة، أن آيلا وشقيقتها تحلاّن، من دون سابق إنذار، وسط الفلاّحين
لاستعادة
الوليد. وما يحدث بين الأطراف لاحقاً، لا يمكن عدّه ضمن خانة صدام
الحضارات، بل
بالتهكّم على أحوال العنصرية التي يحملها الآسيوي ضد ابن
جلدته. يتوضّح أن جورج
الخائن لدم أجداده ليس سوى عنصري متأورب، يظنّ أن مال مطعمه لأكلات «التندوري»
يسهّل له شراء الذمم، بما فيها زوجته
الأولى التي ترفض عودته نهائياً، بل تبرهن على
سماحتها بتقبّل ضرَّتها البيضاء، كونها ضحية أخرى له.
منفى
صنع المنفى
الخارجي جورج خان، ففسدت عروقه. في حين أن مأساة قرينه تومار (عرفان خان)
شكّلتها
ظروف العصيان التي أرغمته على المنفى الداخلي. فبعد سجلّ رياضي لم يُحطَّم
على مدى
عشرة أعوام، يجد الشاب الحماسي أن أرضه وغلّتها سُرقتا من قِبَل أقاربه.
ومع مقتل
والدته المسنة وهروب عائلته، يتحوّل الجندي السابق إلى قاطع
طريق ومجرم مجازر.
مُطَارَداً من قِبَل الجيش الذي كان أحد أبطاله، جائلاً مع عصابته في كل
مكان،
منتقماً بلا هوادة من الأطراف كلّها: الحكومة. القرى. الوشاة. الرفاق.
دمويته
تحوّله إلى رعب جماهيري ونجم إعلامي (سرد المخرج دوليا حكاية
تومار بصيغة اللقاء
الصحافي، تحايلاً على أسلوبية الـ«فلاش باك»)، لكنه لن يكون بطلاً على
الإطلاق.
وكما أن السياسة مغمطة في «الغرب هو
الغرب»، فضّل المخرج دوليا أن يكون اللابطل
عنواناً مخاتلا للسياسي الذي خان كرامات الرياضي تومار،
وأهداها إلى التاريخ الرسمي
الهندي (بطولاته الأولمبية التي لن تشفع له دفع رصاصات تصفيته)، وهي الثيمة
التي
تتألّق في عمل مواطنه ماني راتنام «رافانا» (137 دقيقة)، حيث يتقابل
العسكري
العصابي أمام قاطع طريق يسرق زوجة الأول (الحسناء إيشواريا راي)،
التي تتنازعها
لاحقاً نزعات ملكية البعل لها، وشبقها للمجرم الوسيم، وحرية خياراتها. إنه
المثلّث
الأزلي المتمثّل بالسلطوي والمناؤي والمُغري. وتومار يختزل الثلاثة في
شخصيته، التي
تكتسح الشاشة على مدى 126 دقيقة، حيث أنه العسكري الذي يتحوّل إلى إيقونة
سياسية مع
فوزه بالميداليات، ومن ثم هو الطريدة التي تكشف فساد القانون الحكم وعدم
إنصافه،
وأخيراً تمثّله مع الضمير الشعبي الذي وجد في مأساته وخساراته
عنواناً عريضاً
لتحوّلات الآسيوي من المجد الحكومي إلى الحضيض الشعبي.
إن تومار مثل جورج خان
كلاهما عنصريان. فالأوّل وجد أن العمق الفلاحي لا يكون سوى ستار لأزلامه،
معتبراً
إياهم خونة لا يستحقّون سوى القتل، في ما يرى بطل «الغرب هو الغرب» أن
اندماجه
الكاذب مع البريطانيين يُسوِّل له أن يفرض على ابنه اليافع،
الأكثر غربية منه، أن
ينزع جلده الأبيض، ويتخلّى عن رطانة لسانه، ويعيد اندماجه مع شلّة آسيوية
يغلب
عليها الغباء والقذارة والعته.
)لندن(
السفير اللبنانية في
05/11/2010 |